المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موضوع مميز خطاب الشيخ محمد البشير الإبراهيمي للشعب الجزائري بما حلّ به من مصيبة


أَحمــد
2020-03-31, 21:58
أيها الجزائريون :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حيّاكم الله وأحياكم، وأحيا بكم الجزائر، وجعل منكم نورا يمشي من بين يديها ومن خلفها، يعزّ علي أن أكون غائبا عنكم بشخصي ويسليني أن أشارككم ... فأعجبوا للغائب الحاضر وأعجبوا للعلم الذي قرّب البعيد ، وأتى بالعجيب ... أما روحي فهي حاضرة معكم في كل حين ... مرهف دائما لتلقف أخباركم حتى كأني معكم أرى وأسمع .

أقف أمامكم في هذه اللحظات، ولا يحلو لي إلاّ أن أخاطبكم بوصف الأخوة الذي منذ فقدناه لم نجد أنفسنا، وكأننا حبّات انقطع سلكها فانتثرت، فأصبحت كل حبّة منها في كف لاقط.

أحييكم باسم جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

أيها الجزائريون:

إن العالم اليوم مريض وإنه يلتمس الشفاء، وإن الأقوياء لم تغن عنهم قوتهم شيئا، وباتت الإنسانية تلك الأم الرؤوم، معذبة بالويلات والمحن، فمن ويلات الحروب التي أتلفت الملايين، إلى ويلات الأمراض والطواعين، إلى ويلات الزلازل والبراكين ... وهي الآن تستغيث ولا ندري متى تغاث .

أيها الجزائريون :

إن ما حلّ بنا لمصيبة يجب علينا أن ننتبه إلى خطرها، ونبادرها بالعلاج، وأن دواءها الوحيد هو تثقيف أبنائنا "بأن أحيوا قرآنكم تحيوا به، حقِّقوه يتحقق وجودكم به، أفيضوا من أسراره على سرائركم، ومن آدابه على نفوسكم، ومن حكمه على قولكم، تكونوا به أطباء، ويكن بكم دواء".

وبأنه إذا أصيبت الأمة بكارثة من كوارث الزمان ووجد فيها من يتألم لتلك الكارثة ويهتزّ لها فذلك دليل قوي على حيوية الأمة ورشدها .

ولنؤمن بأنه ما كان للمسلم أن يخاف الموت، وهو يعلم أنها كتاب مؤجل، وما كان للمسلم أن يبخل بماله أو بمهجته، والــواجب أن نهتّـــــــــز لهذا الحادث ونتكتل حوله ونعيره جانبا كبيرا من الأهمية فنســـــــرع بتشكيل اللجان ، وفتـــــــــح اكتتـــــــاب ( جمع الأموال) في أهم مدن القطر وقراه لإسعاف من نكبوا بهذه الكارثة الجسيمة وتخفيف الوطأة عنهم وذلك من أول مظاهر وجود الأمة.

واجبنا في مثل هذه المواقف أن نضرب المثل الأعلى للإحساس المشترك ، والشعور الإنساني والقيام بما يقتضيه منا الواجب الديني والوطني وبذلك نضرب الرقم القياسي للأجيال الآتية بأننا أناس نشعر بالمسؤولية ونتحمل أعباءها مهما عظمت .

أيها الجزائريون:

إن إسعاف هؤلاء المنكوبين أمر أكيد يقتضيه منا الدّين وحقوق المواطن على مواطنيه فلا يليق بأمة تحترم نفسها وتحرص على أن يحترمها غيرها أن تغض الطرف عن قيامها بالواجب في مثل هذه المآسي التي يلين لها الجماد .

وما دمتم مؤمنون بالقرآن الكريم فتذكروا قول الله تعالى: ""إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ "" سورة الحديد، الآية:18 ، وقوله تعالى:"" مَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ، وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ، إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "" سورة المزمل، الآية:20 .

وما دمتم تؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا فتذكروا قوله النبي محمد صلى الله عليه وسلم:"مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى." رواه مسلم ، وقوله عليه الصلاة والسلام :"من فرج عن أخيه المؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر على مسلم ستر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله تعالى في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" رواه مسلم.

إنكم إذا قمتم بواجبكم في أمثال هذه المآسي تكونون قد أرضيتم الله ورسوله وبرهنتم على أنكم جديرون بما تطمحون إليه من عزّة وسيادة .

أيها الجزائريون:

إنكم كتبتم البسملة بالدماء، في صفحة الجهاد الطويلة العريضة، فاملئوها بآيات البطولة التي هي شعاركم في التاريخ، وهي ارث الإسلام والعروبة فيكم.

وإنني متفائل بأن هذه ستكون فاتحة لعهد جديد، واتحاد عتيد ونور من الرحمة والإخاء ينتظم، إنني متفائل بما يتفاءل به السارون المدلجون من ابلاج الفجر، وإنا لنرجو أن تكون قلوبنا غدا غير قلوبنا بالأمس، وأن نفيء إلى الحق الذي أمر الله بالفيأة إليه، وإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

أيها الجزائريون:

يجب أن لا نقضي وقتنا في التلاوم ، وأن لا نكون كمن قال فيهم القرآن في قوله تعالى: (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىظ° بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ) سورة القلم ، الآية:30 ، وإذا تلاومنا فليكن ذلك زجرا عن الشرّ، وردعا عن الخلاف، ثم رجوعا سريعا إلى الحق، ولندع اللوم والعتاب جانبا، ولنفعل ما يفعله الصاحي حين يستيقظ من النوم من حزم وتشمير وجدّ، فبذلك يلحق القوافل المبكرة، لا بالتباطؤ والإخلاد ولعن الشيطان ومعاودة النوم، ولنلذ بكعبة الوحدة نطوف بها ونلتزم أركانها ولنكن كما قال الشاعر:

وكونوا حائطا لا صدع فيه *** وصفّا لا يرقع بالكسالى

أيها الجزائريون :

إن الكلام لطويل ، وإن الوقت لقصير ، فليكن آخر ما نتواصى به : الحق والصبر والاتحاد.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسمة ღ
2020-04-01, 11:21
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

رحم الله شيخنا الكبير و أديبنا الألمعي محمد البشير الإبراهيمي ...

كل خِطاباته تَهُز النفس هزًا ، مُشَبعة بالحِكم و النصح و الإرشاد لهذا الأمة لما هو أصلح و أقوم :)

نسأل الله أن يَرُدنا ردًا جميلا :o

جزاك الله خيرا أستاذنا الطيب أحــمــد

صـالـح
2020-04-10, 23:13
جزاك الله خيرا أستاذ أحمد
ورحم الله شيخنا العلامة اللغوي الفقيه الأديب محمد البشير الإبراهيمي وجزاه عن الأمة خير جزاء

غصن البآن
2020-04-15, 20:26
رحمة الله على روح شيخنا العلامة محمد البشير الإبراهيمي .علم الجزائر ..
وبارك الله فيك على هذا النقل القيم ..
تقديري ...

سليم المبتسم
2020-04-17, 13:09
السلام عليكم

نعم خطاب يقشعر له الابدان

خطاب البشير الابراهيمي ذو قوامة وكلمات كالسيف الذي يخرج من الغمد

نورا الله قلبك وشكرا