اسماعيل 03
2020-03-12, 00:00
قال الرافعي على لسان كبش العيد ليلة ذبحه:
" أما إذا حسب الحي أنه شيء في الحياة، وقد أعطِيَها على شرطه هو، من توهُّم الطمع في البقاء والنعيم، فكل شقاء الحي في وهمه ذاك, وفي عمله على هذا الوهم, إذ لا تكون النهاية حينئذ في مجيئها إلا كالعقوبة أنزلت بالعمر كله، وتجيء هادمة منغّصة، ويبلغ من تنكيدها أن تسبقها آلامها؛ فتؤلم قبل أن تجيء، شرًّا مما تؤلم حين تجيء!
لقد كان جدي والله حكيمًا يوم قال لي: إن الذي يعيش مترقبًا النهاية يعيش معدًّا لها؛ فإن كان معدًّا لها عاش راضيًا بها، فإن عاش راضيًا بها كان عمره في حاضر مستمر، كأنه في ساعة واحدة يشهد أولها ويحس آخرها، فلا يستطيع الزمن أن ينغص عليه ما دام ينقاد معه وينسجم فيه، غير محاول في الليل أن يبعد الصبح، ولا في الصبح أن يبعد الليل. قال لي جدي: والإنسان وحده هو التعس الذي يحاول طرد نهايته, فيشقى شقاء الكبش الأخرق الذي يريد أن يطرد الليل, فيبيت ينطح الظلمة المتدجية على الأرض، وهو لحمقه يظن أنه ينطح الليل بقرنيه ويزحزحه!
وحي القلم ( 1-61)
" أما إذا حسب الحي أنه شيء في الحياة، وقد أعطِيَها على شرطه هو، من توهُّم الطمع في البقاء والنعيم، فكل شقاء الحي في وهمه ذاك, وفي عمله على هذا الوهم, إذ لا تكون النهاية حينئذ في مجيئها إلا كالعقوبة أنزلت بالعمر كله، وتجيء هادمة منغّصة، ويبلغ من تنكيدها أن تسبقها آلامها؛ فتؤلم قبل أن تجيء، شرًّا مما تؤلم حين تجيء!
لقد كان جدي والله حكيمًا يوم قال لي: إن الذي يعيش مترقبًا النهاية يعيش معدًّا لها؛ فإن كان معدًّا لها عاش راضيًا بها، فإن عاش راضيًا بها كان عمره في حاضر مستمر، كأنه في ساعة واحدة يشهد أولها ويحس آخرها، فلا يستطيع الزمن أن ينغص عليه ما دام ينقاد معه وينسجم فيه، غير محاول في الليل أن يبعد الصبح، ولا في الصبح أن يبعد الليل. قال لي جدي: والإنسان وحده هو التعس الذي يحاول طرد نهايته, فيشقى شقاء الكبش الأخرق الذي يريد أن يطرد الليل, فيبيت ينطح الظلمة المتدجية على الأرض، وهو لحمقه يظن أنه ينطح الليل بقرنيه ويزحزحه!
وحي القلم ( 1-61)