تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : && سلسلة أمم أمثالكم && 01 - أمّة النّحل نموذجا &&


أمير جزائري حر
2020-02-14, 11:51
/
تحية طيبة لأهل الكوكب / :)



هذا مقال كتبته وأحببت مشاركتكم به ولعل الله ييسر لي أن أسترسل لأكتب عن أمم أخرى من المخلوقات .. / وهي أُممٌ كما سماها القرآن



//


هي أمّة أو مملكة كما يحلو للبشر أن يسمّوها، أمّة تقوم على [نظام] دقيق، صارم، لا يختلّ؛ تؤدي [دورها في هذا الوجود] على أكمل وجه، وتنفع غيرها من الكائنات. لا تتمرّد ولا تتململ ولا تُضربُ عن العمل أو تتطلّع إلى تغيير النظام أو خرق ناموسٍ فطرها الله عليه.
في هذه الأمّة ثلاثة [كينونات] للفرد أو [المُواطن] – إن صحّ التعبير- ولا رابع لها :rolleyes:؛ إما أن تكون نحلة عاملة أو ذكر نحل أو ملكة.
الملكة هي أنثى [ماكثة] في الخلية ويأتيها رزقها رغدا من كل أزهار الأرض؛ جاهزا مُصفّى. أما العاملة فتخرج إلى النّور، تتجوّل في الحقول من زهرة إلى زهرة؛ تمتصّ وتجمع ما لذّ وطاب، وتطير في الفضاء الواسع بحرية وانطلاق من بزوغ الفجر إلى غروب الشّمس. أمّا الذكور فلهم نطاق نشاط محدود ومصير محتوم سنأتي على ذكره.
وأتوجه بالسؤال لإناث البشر: ماذا لو كنتِ نحلةً، ماذا ستختارين؟ الملكة أو العاملة؟ ولذكور البشر: هل كنت لترضى بدور ذكر نحل؟ أم أنّك ستتمنى لو أنّك كنت نحلة عاملة كخيار أفضل! ولا تستعجلوا الإجابة قبل الانتهاء من قراءة هذا الموضوع.
القيمة الأساسية لهذه الأمّة هي [العمل]، من يعمل له مكانته :19::cool:، ومُرحّب به :mh92:؛ يحظى بالغذاء والأمن والمسكن، ومن لا يعمل أو لم يعد قادرا على العمل يُستبعد ويُطرد ويُوكل إلى نفسه، وقد يُقتل.:o
قد تبدو معايير هذه [الأمّة] قاسية بالنسبة لنا نحن البشر، فبين ظهرانينا يعيش الكُسالى والطّفيليون واللّصوص :sdf:، وحتّى المجرمون:o:mad:.

تلك المعايير ضمنت لأمّة النّحل الاستمرار والبقاء، ولا تزال منذ خلقها الله وأودع فيها تلك السلوكيات. وقد حدث وأن رأيت بأمّ عيني خلية من النّحل تتخلّص من العاملات المصابات بتآكل في أجنحتهن بسبب طُفيليّ يُهاجم النحل، ويلتهمُ أجنحته. كان مشهدا مؤلماً، لكن أمّة النّحل كانت تُضحّي بالبعض لضمان سلامة الكلّ.
ومن عجائب أمّة النّحل أنّها أمّة أنثوية بامتياز؛ أسراب من الإناثٌ يُشكّلن العاملات؛ بعضهن يضطلعن بمهام تحصيل الرّحيق وحبوب الطّلع وغيرها من المواد، والحراسة وتهوية الخليّة، وأخريات يتكفّلن برعاية البيوض واليرقات وصغار النّحل وتغذية الملكة والقيام بشؤونها. كما أنّ بعض العاملات تتكفّل بدور الجُنديّة وحراسة ثغور الخليّة ولها سلاح وحيد هو إبرتها التي لا يمكن استعمالها إلا لمرّة وحيدة وفيها هلاكها المحتّم ! أمر عجيب وغريب ! سبحان الله وكم له في خلقه من شؤون، [فكأنّ استعمال القوّة القصوى ممنوع محظور بشكل غير مباشر. كأنّ لسان الحال يقول: استعمل القوّة وستموت أنت أيضا ! ]

تلك [النّحلة الأم] لا أراها أحسن حظّا من العاملات، فهي تقوم بدور واحد/ ألا وهو [التبييض]. لا تتوقف عنه؛ تضع ألاف البيوض. عمل شاق مرهق ربما لا ينتهي إلا بهلاكها، لذلك فهي تحتاج إلى غذاء خاص وهو [الغذاء الملكي]. ولا أحبّذ تسميتها بمصطلح [الملكة] وأفضّل تسميتها بـ [النحلة الأم] أو [النّحلة الوالدة]، فلا مجال للمقارنة بينها وبين ملكات بني البشر.
بقي أن نتحدّث عن [الذّكور]، ما دورهم؟ وهل موجودون؟ والجواب نعم؛ يوجد عدد قليل منهم في كل خلية ويمكن لأي مربّي نحل أن يتعرفّ عليهم وخاصّة عندما يتم الرّمي بهم ليلاقوا حتفهم بعد أن يتمّ الاستغناء عن خدماتهم. يُعرف ذكر النّحل بحجمه الضّخم مقارنة بالنّحلة العاملة ويسميه عامّة النّاس [حمار النّحل]. ومن عجيب خلق الله أن الذّكر لا يمتلك [الإبرة] أو [الشّوكة] التي تمتلكها النّحلة العاملة لتدافع عن نفسها. فسبحان من أتقن خلق كل شيء؛ لحكمة يعلمها جرّده من [السّلاح] الوحيد الذي تمتلكه إناث النّحل من العاملات !
أولئك الذّكور لا عمل لهم سوى تلقيح [النّحلة الوالدة (الملكة)]، وبعد أن يُنهوا مهمّتهم يتمّ الرّمي بهم إلى خارج الخليّة، وإن أصرّوا على الدّخول لينعموا بالعيش المجاني والتسكّع في أرجاء المملكة فيتمّ قتلهم دون تردّد من طرف العاملات الحارسات للخليّة !
تلك أمّة النّحل، وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى بأنّ كل المخلوقات إنّما هي أمم أمثالنا ! وممّا لا شكّ فيه بأنّ في ذلك لفتة وحكمة وعبرة...
لكم الخطّ...
//

أمير جزائري حر
2020-03-01, 23:56
*

سلام و تحية عطرة لأستاذنا الأمير الحر :) .

و شكرا على هذا المقال الهادف الجميل الثري بالفوائد و العبر
التي أخذتنا إلى عقولنا لكي نتدبّر في بديع صنع الله .

أعجبني هذا المقال لكونك قد ربطت فيه بين كلّ فرد من أمة النّحل
بوظيفته التي ينفرد بها عن غيره و المقدّر له أداؤها ..

و حتى من يبدو لنا أن لا مهمة له يلزمه دور ما يؤديه ثم يرحل
فلا شيء يخلق عبثا ..

بغض النظر عن إن كان هذا الدور صحيا أو لا
خطأ كان أم صوابا ..
شرا أم خيرا ..

و لعل كثيرا ما لا يستطيع الإنسان إدراك الحكمة الكامنة في بعض المظاهر
إن كانت تحمل خيرا خالصا أو شرا خالصا ..

برأيي أخي أمير
أن هناك كثير من الخلل في عالم البشر بعيدا عن أمم النحل

ما دام إسقاط جدوى الأمور
تحصل وفق القيّم التي تستبعد وجود الشاذ
و إستبعاد الأشياء التي لا تخدم المنطق السّوي

و من هنا يظهر الشّر كرد فعل سلبي إنتقامي مضاد و بفلسفة مغايرة عن الفلسفة الأم السوية
كونها فلسفة تحمل في جوفها قواعد خاصة و رغبة دفينة في تحقيق العدل دون إستبعاد أي شيء

و من تراه قد يصدّق أن بعض الشّر قد نشب و تشذّر في أصله عن نوايا طيبة ..
لكن عدم فهم البشر لهذا الوجود وفق [ الرؤية الكلية الكاملة ] التي لا تستبعد جدوى الأشياء
هو ما يكون بوابة العبور نحو عالم الشر و الإنتقام و الرغبة في التّمرد عن القواعد ..

فلكل شيء حكمة
و فلسفات الوجود متّعددة و مترابطة .


و عذرا لكوني ربما غصت نوعا ما في بعض الأشياء
التي قد لا تتصل بالغرض من هذا الموضوع .


و في ترقب مقالات هادفة مشابهة للقلم الأميري المبدع ;) .
و جزاك الله أستاذنا من كل خير و نفع بك في الدارين


/
حياك الله نارشيك .. / :)

بوركت على [وضع النقاط على الحروف]

وتسليط الضوء وتركيزه على بعض الجزئيات ..


والجوهر هو ما تفضلت به بقولك:
---------------------------------------------------------------
لكن عدم فهم البشر لهذا الوجود وفق [ الرؤية الكلية الكاملة ]

التي لا تستبعد جدوى الأشياء...
هو ما يكون بوابة العبور نحو عالم الشر..
و الإنتقام و الرغبة في التّمرد عن القواعد ..
فلكل شيء حكمة :19:
و فلسفات الوجود متّعددة و مترابطة .
----------------------------------------------------------------



لن أجد أحسن من تعليقك هذا ..


...


وعطفا على ما تفضلت به من [زبدة] القول ..
أشير إلى أنّ بعض [قاصري] الفكر يجعلون من أنفسهم مركزا [ للوجود] ..
ويفسرون الأشياء وفق ذلك .
فيضرّون ويتضرّرون...
ويشقون..
وقد يشقى بهم من دار قريبا من فلكهم



//


تحياتي لك .. :cool:

ناصر بلادي
2020-03-02, 00:24
تلك أمّة النّحل، وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى بأنّ كل المخلوقات إنّما هي أمم أمثالنا ! وممّا لا شكّ فيه بأنّ في ذلك لفتة وحكمة وعبرة...
ـــــــــــــــــــــ
الاستاذ القدير الجزائري الحر .
موضوعك مع معناه المثري ايضا نأخذ منه كدرس ببعض تفاصيل حياة النحل . وكانت التفاصيل المهمة جدا .
ـــــــــــــــــــــ
استاذنا المبجل .
انك في اثناء السرد الجميل .توقفت واخترت من على فطرتك .على أن لاتساوي ملكة النحل بملكة البشر وهذة وقفة فلسفية طويلة .واختصرتها بكلمتين .
وانا من هذا الموقف منك فأقول .اذا كان يحق لي .؟
فلا اساوي امة النحل بنا .
كما تعرف . وترى كيف هي حالنا .خاصتا نحن امة العرب .
الامير الموقر .
اصابتك دائما بالصميم
تحياتي لك

أمير جزائري حر
2020-03-02, 17:51
تلك أمّة النّحل، وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى بأنّ كل المخلوقات إنّما هي أمم أمثالنا ! وممّا لا شكّ فيه بأنّ في ذلك لفتة وحكمة وعبرة...
ـــــــــــــــــــــ
الاستاذ القدير الجزائري الحر .
موضوعك مع معناه المثري ايضا نأخذ منه كدرس ببعض تفاصيل حياة النحل . وكانت التفاصيل المهمة جدا .
ـــــــــــــــــــــ
استاذنا المبجل .
انك في اثناء السرد الجميل .توقفت واخترت من على فطرتك .على أن لاتساوي ملكة النحل بملكة البشر وهذة وقفة فلسفية طويلة .واختصرتها بكلمتين .
وانا من هذا الموقف منك فأقول .اذا كان يحق لي .؟
فلا اساوي امة النحل بنا .
كما تعرف . وترى كيف هي حالنا .خاصتا نحن امة العرب .
الامير الموقر .
اصابتك دائما بالصميم





حياك الله أخي ومن كل خير أعطاك ..


كل الشكر على التفاعل الطيب ..


نعم يحقّ لك ونسعدُ بما تدلي به من رأي ..


...


كُنِ بخير ..
ولتعلم أن لكل أجل كتاب ..
وميعاد لن يُخلفه ..
فالكون يسير وفق سنن لا تتخلّف..