المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل إلقاء المحبة في قوله : ( وألقيت عليك محبة مني ) خاص بموسى عليه السلام ؟


*عبدالرحمن*
2020-01-23, 15:46
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)يا صفوة الطيبين https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)جعلكم ربي من المكرمينhttps://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدينhttps://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
.

هل إلقاء المحبة في قوله :

( وألقيت عليك محبة مني )

خاص بموسى عليه السلام ؟

السؤال

في قوله تعالى : (وألقيتُ عليك محبة مني ولتُصنع على عيني) هل موسى عليه السلام الوحيد الذي حظيَ بهذا الشرف ؟

أم أن غيره من الخلق لهم أن يُلقيَ الله عليهم محبةً منه ويُصنعون على عينه؟

وكيف يستطيع المرء أن يصل إلى هذا المقام؟

الجواب

الحمد لله

أولًا :

قوله تعالى عن نبيه موسى : وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي طه/ 29 .

أي : " وأَنزلت عليك محبة مني

إذ أَحببتك، وجعلت من يرونك يحبُّونك

فأَحبك فرعون وأنزلك منه منزلة الولد

وأَحبك أَهله وحاشيته

وفعلْتُ ذلك لكي تربَّى وتنشأَ لديه

وفي منزله في رعايتي وحفظي "

انتهى من "التفسير الوسيط" (6/ 1022).

قال "السعدي"

: " ( وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي ) فكل من رآه أحبه ( وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ) ولتتربى على نظري وفي حفظي وكلاءتي ، وأي نظر وكفالة أجلّ وأكمل

من ولاية البر الرحيم ، القادر على إيصال مصالح عبده ، ودفع المضار عنه؟! فلا ينتقل من حالة إلى حالة ، إلا والله تعالى هو الذي دبّر ذلك لمصلحة موسى ، ومن حسن تدبيره

أن موسى لما وقع في يد عدوه ، قلقت أمه قلقا شديدا ، وأصبح فؤادها فارغا ، وكادت تخبر به ، لولا أن الله ثبتها وربط على قلبها ، ففي هذه الحالة

حرم الله على موسى المراضع ، فلا يقبل ثدي امرأة قط ، ليكون مآله إلى أمه فترضعه ، ويكون عندها ، مطمئنة ساكنة ، قريرة العين ، فجعلوا يعرضون عليه المراضع ، فلا يقبل ثديًا.

فجاءت أخت موسى ، فقالت لهم: ( هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون ) ( فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ ) "

انتهى من "التفسير" (504).

ثانيًا :

وهذه المقامات ليست خاصة بموسى عليه السلام ، من حيث أصلها، وإن كان لموسى عليه السلام

وأنبياء الله الكرام، من ذلك المقام، ما لا يشاركهم فيه أحد ، لاختصاص الله جل جلاله أنبياءه بالاصطفاء والتقريب، ورفع المكانة، وتفضيلهم على العالمين.

وقد قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا مريم/96

" قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: سيجعل لهم الرحمن ودا قال: حبا.

وقال مجاهد،

عنه: سيجعل لهم الرحمن ودا قال: محبة في الناس في الدنيا.

وقال سعيد بن جبير

عنه: يحبهم ويحببهم، يعني: إلى خلقه المؤمنين. كما قال مجاهد أيضا، والضحاك وغيرهم.

وقال العوفي،

عن ابن عباس أيضا: الود من المسلمين في الدنيا، والرزق الحسن، واللسان الصادق.

وقال قتادة:

إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا إي والله، في قلوب أهل الإيمان

ذكر لنا أن هرم بن حيان كان يقول: ما أقبل عبد بقلبه إلى الله إلا أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه، حتى يرزقه مودتهم ورحمتهم.

وقال قتادة

: وكان عثمان بن عفان، رضي الله عنه، يقول: ما من عبد يعمل خيرا، أو شرا، إلا كساه الله، عز وجل، رداء عمله."

انتهى، من "تفسير ابن كثير" (5/269).

وروى الإمام "مسلم" في "صحيحه" (2637) :

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ : إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ

قَالَ : فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ، ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ فَيَقُولُ : إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ

قَالَ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ ، وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَيَقُولُ : إِنِّي أُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضْهُ ، قَالَ فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ ، ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللهَ يُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضُوهُ

قَالَ : فَيُبْغِضُونَهُ ، ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الْأَرْضِ .

والطريق الموصل لهذه المحبة ، وتلك المعية ، موجود في القرآن المجيد ، وهو : العمل بما يحبه الله ، وترك ما يبغضه الله ، قال "ابن القيم" : " وَالْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ مَمْلُوءَانِ بِذِكْرِ مَنْ يُحِبُّهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ .

وَذِكْرِ مَا يُحِبُّهُ مِنْ أَعْمَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ وَأَخْلَاقِهِمْ .

كَقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ )

( وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )

( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ )

( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ )

( فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) .

وَقَوْلِهِ فِي ضِدِّ ذَلِكَ ( وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ )

( وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ )

( وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ )

( إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ) .

وَكَمْ فِي السُّنَّةِ ( أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ كَذَا وَكَذَا )

وَ ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ كَذَا وَكَذَا ) ... "

انتهى من "المدارج" (2/ 26 - 27) .

والله أعلم.