لقمان الحكيم.
2009-12-06, 01:35
عندما أخبرني ابني الصغير في ليلة الخميس 12 نوفمبر 2009 بخبر الاعتداء على الفريق الوطني الجزائري لكرة القدم من طرف بعض مناصري الفريق الوطني المصري أثناء توجه منتخبنا إلى الفندق في حافلة سياحية مصرية، كان ردي عليه في منتهى النرفزة والشدة، إذ اتهمته بأنه ممن يروجون للشائعات المسممة للأجواء الرياضية بين الأشقاء الجزائريين والمصريين، وطلبت منه ألا يصدق كل ما تصدره وسائل الدعاية التي تريد بث الفرقة والشقاق وتوتير الأجواء قبل موعد المباراة الحاسمة والتي تبقى -رغم ذلك- مجرد لقاء كروي لا أكثر!
صدم ابني تماما من ردة فعلي، وقال لي بأنه سمع الخبر في النشرة العربية لقناة "فرنسا 24" وأن أغلب الناس في الحي يتحدثون عن هذه الواقعة المؤسفة والمفاجئة.
حقيقة لم أصدق نبأ الاعتداء، وظللت متمسكا بوهم السلوك المتحضر للأنصار المصريين وآملا في تجسيد دعوة الكابتن أحمد شوبير المعلق الرياضي المصري المشهور، بتقديم وردة لكل لاعب جزائري عند وصولهم إلى مطار القاهرة، للتأكيد على وعي المناصرين المصريين بأهداف الحرب الإعلامية، وتحريش المواقع الإلكترونية والصحف الغربية للشباب المصري والجزائري ضد بعضهم البعض.
نزل علي خبر تأكيد وزير الشباب والرياضة الهاشمي جيار من القاهرة للنبأ، ووجود عدد من الجرحى بين صفوف اللاعبين الجزائريين كالصاعقة، ثم أعقب ذلك الخبر بيان وزارة الخارجية الجزائرية التي استدعت السفير المصري بالجزائر لتبليغه استياء الجزائر من تصرف المناصرين المصريين، ومطالبة السلطات المصرية بتوفير الحماية للفريق الوطني والمناصرين الجزائريين، كما تقتضي ذلك الأعراف والواجبات من البلد المستقبل.
ثم اختلطت الدهشة بالألم والغضب عندما بدأت صور الجرحى تنشر على مواقع الانترنت وتظهر وجوه بعض أعضاء المنتخب الوطني مخضبة بالدماء وكأنهم وقعوا في كمين حربي أو حاجز مزيف من حواجز الإرهاب خلال العشرية الحمراء.!
استعذت بالله وحوقلت واسترجعت من هول الخبر، ثم جلست أمام شاشة التلفزيون باحثا عن القنوات المصرية الفضائية، راجيا أن أجد عقلاء المصريين من نخبة الصحفيين والمعلقين ينددون بهذا العمل الجبان الوحشي، ويبينون للشباب المصري وعموم المشاهدين مدى فظاعة الحدث وخطورته وعواقبه الضارة على سمعة مصر، وصورة المناصرين، واحتمال توتير جدي للعلاقات بين الأشقاء الجزائريين والمصريين، بسبب تصرف فئة طائشة ومتعصبة، ولكنها محدودة من المناصرين المصريين.
ولكن ما وجدت في تلك الفضائيات المصرية كان أدهي وأنكى من كل ما سبق، وجدت إعلاميين مصريين يحاولون قلب الحقائق المنقولة بالصوت والصور، ويتهمون أفراد الفريق الوطني الجزائري بأنهم هم من كسروا الحافلة التي تنقلهم وخربوها، وأن التحقيقات أظهرت أن زجاج النوافذ كسر من الداخل وليس من الخارج، ومنهم من راح يلوم الجزائريين على نرفزتهم، وينتقد مزاجهم العصبي، ومنهم من يسخر ببلادة يحسده عليها هبنقة (أمير الحمقى) من تصرف المنتخب الوطني ومسؤوليه بإحضار ما يلزمهم من أكل وشرب معهم، إلى من يغمز إلى إمكانية إحضار الفريق الجزائري حتى للحجارة التي جرحوا بها أنفسهم!
مصر أم الدنيا، بلد العقاد، وطه حسين، ومصطفى صادق الرافعي، والشيخ رشيد رضا، وحسن البنا، والشيخ الشعراوي، والشيخ محمد الغزالي –عليهم رحمة الله- بلد عبد الناصر، والفريق الشاذلي، بطل حرب أكتوبر، بلد محمد حسنين هيكل، والشيخ يوسف القرضاوي، أحمد الزويل، بلد النهضة والتنوير، والدكتور محمد البرادعي، والدكتور أسامة الباز، وصل فيه الإعلام وخصوصا الإعلام الفضائي إلى هذا الدرك المنحط من التضليل والإسفاف والتجرد من المسؤولية والمصداقية.
إعلام شحن الجماهير المصرية بالحقد والشوفينية منذ خسارة المنتخب المصري في ملعب البليدة يوم 07 جوان 2009 بثلاثة أهداف نظيفة رائعة، مقابل هدف اللاعب المثالي المصري محمد أبو تريكة، ولم تجد ما تفسر به الهزيمة غير المنتظرة سوى الأكذوبة الساقطة عن تسميم لاعبي المنتخب المصري، واختراع تسمية "انفلونزا الكسكسي" كسخرية سمجة ساقطة من عادات الجزائريين في الأكل، أو حكاية مبالغة أنصار المنتخب الجزائري في استخدام الألعاب النارية التي يسمونها "الشماريخ" والاعتداء على اللاعبين المصريين بها.
حملات من التضليل والبهتان، والشحن العاطفي، لملايين الأنصار تجسدت في أعمال ذميمة وصلت إلى حد قذف أشقائهم بالحجارة بدل استقبالهم بالورود.
الإعلام المصري كعادته منذ نكسة جوان 1967 برع في التضليل والكذب والإصرار على تبرير الخطأ وتزيين المنكر لفاعليه، ألا ساء ما يفعلون!
لقد خانتني الشجاعة في الاعتذار إلى ابني بسبب غضبي منه واتهامي له بترويج الإشاعات، وما زلت أعتقد أن الشعب المصري لا يمكن أن يؤاخذ بتصرفات فئة قليلة وبعض الإعلاميين الذين يريدون البقاء تحت أضواء الشهرة حتى ولو فقدوا ورقة التوت التي تعري تعصبهم وقلة مهنيتهم!
صدم ابني تماما من ردة فعلي، وقال لي بأنه سمع الخبر في النشرة العربية لقناة "فرنسا 24" وأن أغلب الناس في الحي يتحدثون عن هذه الواقعة المؤسفة والمفاجئة.
حقيقة لم أصدق نبأ الاعتداء، وظللت متمسكا بوهم السلوك المتحضر للأنصار المصريين وآملا في تجسيد دعوة الكابتن أحمد شوبير المعلق الرياضي المصري المشهور، بتقديم وردة لكل لاعب جزائري عند وصولهم إلى مطار القاهرة، للتأكيد على وعي المناصرين المصريين بأهداف الحرب الإعلامية، وتحريش المواقع الإلكترونية والصحف الغربية للشباب المصري والجزائري ضد بعضهم البعض.
نزل علي خبر تأكيد وزير الشباب والرياضة الهاشمي جيار من القاهرة للنبأ، ووجود عدد من الجرحى بين صفوف اللاعبين الجزائريين كالصاعقة، ثم أعقب ذلك الخبر بيان وزارة الخارجية الجزائرية التي استدعت السفير المصري بالجزائر لتبليغه استياء الجزائر من تصرف المناصرين المصريين، ومطالبة السلطات المصرية بتوفير الحماية للفريق الوطني والمناصرين الجزائريين، كما تقتضي ذلك الأعراف والواجبات من البلد المستقبل.
ثم اختلطت الدهشة بالألم والغضب عندما بدأت صور الجرحى تنشر على مواقع الانترنت وتظهر وجوه بعض أعضاء المنتخب الوطني مخضبة بالدماء وكأنهم وقعوا في كمين حربي أو حاجز مزيف من حواجز الإرهاب خلال العشرية الحمراء.!
استعذت بالله وحوقلت واسترجعت من هول الخبر، ثم جلست أمام شاشة التلفزيون باحثا عن القنوات المصرية الفضائية، راجيا أن أجد عقلاء المصريين من نخبة الصحفيين والمعلقين ينددون بهذا العمل الجبان الوحشي، ويبينون للشباب المصري وعموم المشاهدين مدى فظاعة الحدث وخطورته وعواقبه الضارة على سمعة مصر، وصورة المناصرين، واحتمال توتير جدي للعلاقات بين الأشقاء الجزائريين والمصريين، بسبب تصرف فئة طائشة ومتعصبة، ولكنها محدودة من المناصرين المصريين.
ولكن ما وجدت في تلك الفضائيات المصرية كان أدهي وأنكى من كل ما سبق، وجدت إعلاميين مصريين يحاولون قلب الحقائق المنقولة بالصوت والصور، ويتهمون أفراد الفريق الوطني الجزائري بأنهم هم من كسروا الحافلة التي تنقلهم وخربوها، وأن التحقيقات أظهرت أن زجاج النوافذ كسر من الداخل وليس من الخارج، ومنهم من راح يلوم الجزائريين على نرفزتهم، وينتقد مزاجهم العصبي، ومنهم من يسخر ببلادة يحسده عليها هبنقة (أمير الحمقى) من تصرف المنتخب الوطني ومسؤوليه بإحضار ما يلزمهم من أكل وشرب معهم، إلى من يغمز إلى إمكانية إحضار الفريق الجزائري حتى للحجارة التي جرحوا بها أنفسهم!
مصر أم الدنيا، بلد العقاد، وطه حسين، ومصطفى صادق الرافعي، والشيخ رشيد رضا، وحسن البنا، والشيخ الشعراوي، والشيخ محمد الغزالي –عليهم رحمة الله- بلد عبد الناصر، والفريق الشاذلي، بطل حرب أكتوبر، بلد محمد حسنين هيكل، والشيخ يوسف القرضاوي، أحمد الزويل، بلد النهضة والتنوير، والدكتور محمد البرادعي، والدكتور أسامة الباز، وصل فيه الإعلام وخصوصا الإعلام الفضائي إلى هذا الدرك المنحط من التضليل والإسفاف والتجرد من المسؤولية والمصداقية.
إعلام شحن الجماهير المصرية بالحقد والشوفينية منذ خسارة المنتخب المصري في ملعب البليدة يوم 07 جوان 2009 بثلاثة أهداف نظيفة رائعة، مقابل هدف اللاعب المثالي المصري محمد أبو تريكة، ولم تجد ما تفسر به الهزيمة غير المنتظرة سوى الأكذوبة الساقطة عن تسميم لاعبي المنتخب المصري، واختراع تسمية "انفلونزا الكسكسي" كسخرية سمجة ساقطة من عادات الجزائريين في الأكل، أو حكاية مبالغة أنصار المنتخب الجزائري في استخدام الألعاب النارية التي يسمونها "الشماريخ" والاعتداء على اللاعبين المصريين بها.
حملات من التضليل والبهتان، والشحن العاطفي، لملايين الأنصار تجسدت في أعمال ذميمة وصلت إلى حد قذف أشقائهم بالحجارة بدل استقبالهم بالورود.
الإعلام المصري كعادته منذ نكسة جوان 1967 برع في التضليل والكذب والإصرار على تبرير الخطأ وتزيين المنكر لفاعليه، ألا ساء ما يفعلون!
لقد خانتني الشجاعة في الاعتذار إلى ابني بسبب غضبي منه واتهامي له بترويج الإشاعات، وما زلت أعتقد أن الشعب المصري لا يمكن أن يؤاخذ بتصرفات فئة قليلة وبعض الإعلاميين الذين يريدون البقاء تحت أضواء الشهرة حتى ولو فقدوا ورقة التوت التي تعري تعصبهم وقلة مهنيتهم!