المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحذاء....قصة رائعة


عبد الحفيظ 26
2009-12-05, 20:14
من مذكرات طبيب
http://www13.0zz0.com/2009/12/05/19/185159344.gif


الحذاء

لطالما احترمت الحذاء، و لكنني في ذلك اليوم احترمته أكثر ، كنت في العيادة عندما سمعت
طفلاً يبكي ، و أمه تحاول إسكاته ، دخلا العيادة ، فحصته ، كتبت الوصفة ، لم يكن المرض
يبكيه، كان هناك سبب آخر ، سألت الأم ، أجابتني : لا شيء يا دكتور ، الأولاد هكذا ، أنت
تعرف ، شعرت أن كرامة نفسها منعتها من الإفصاح عن الحقيقة ، مددت يدي إلى تفاحة
كبيرة و ناولته إياها ، فاجأني بقوله : أريد حذاءً أبيض ، خجلت الأم و حاولت نهره ،
ابتسمتُ ، و قلت لها : يا أم ماجد أنا مثل أخوكم ، و ماجد مثل ابني ، قالت : يا دكتور
أنت تعرف العين بصيرة و اليد قصيرة ، قلت لها : لا تكملي يا أم ماجد ، تعالي يا فاطمة
- ناديت على ممرضتي - ، و قلت لها : اليوم بعد نهاية الدوام ستأخذين ماجداً إلى بائع
الأحذية و تشترين له الحذاء الذي يريد ، سكت الطفل على وعدي ، و حاولت أمه شكري ،
و لكنني سارعت لتغيير الحديث فسألتها عن أبي ماجد و عـن صحته ، و دعتني و قلبها
يزيِّن أركان عيادتي بدعاء مستجاب .

http://www10.0zz0.com/2009/12/05/19/135673119.gif

لقد كانت عائلة أم ماجد تعيش فقراً لم يستطع أن يقضم إباءها ، كان ماجد يحلم بحذاء كان
يراه على واجهة محل قريب ، كان يتكلم خلال نومه قائـــــلاً : " بوط " جديد يا ماما …
اليوم عيد يا بابا ، كانت أمه تتألم و تبكي عندما تسمع الحلم ينساب من بين الشفتين
الرقيقتين ، أما الأب فكان يقول : لا حول و لا قوة إلا بالله ، كانت أمه تعِدُه بشراء الحذاء
العيـــد القادم ، و كانت صادقة النية ، و لكن ما إن تجمع بعض النقود حتى يبدّدها جديد
الأيام ، و يبقى بعيداً عيد الصغير .
في المساء ذهبت الممرضة إلى بيت الطين و الأسقف الخشبية و استأذنت سيدة دامعة
العينين بأخذ ماجد ، كانت ربة البيت تقول : " يا خجـلتنا منكم ، أتعبناكم معنا ، روح الله
يوفقك يا دكتور ، الله يستر عليك يا بنتي و يعطيـــــك ابن الحلال " .

http://www10.0zz0.com/2009/12/05/19/135673119.gif

ذهبت فاطمة و ماجد إلى المحل ، و صُدم الصغير عندما لم يرَ الحذاء المقصود على
الواجهة ، دخلا المحل ، ركض ماجد باتجاه حذاء مركون في الزاوية يبدو أن أحد الزبائن قد
جرّبه ، حمله بلهفة ، ضمه إلى صدره ، انتعله ، و صار يمشي كمن يطير ، نسي مرضه
و آلامه ، حاول أن يسابق الريح لولا أن الممرضة أمسكته من يده خوفاً عليه من سيارات
الطريق .

http://www10.0zz0.com/2009/12/05/19/135673119.gif

لقد كنت أعلم أن الحذاء عزيز على قلوب الأطفال ، و كنت أرى كيف أن أطفالي ينتعلون
أحذيتي و أحذية أمهم و يمشون بها بسعادة لا توصف بكلام و بخيلاء طفولية يصمت أمامها
البيان، كنت أعرف أن خزانة الأحذية الصغيرة قرب الباب كانت بيت الألعاب المحبب لابنتي
الصغيرة، حتى أن جدار عيادتي كان يفتخر بصورة معلقة على صدره ، لقد كانت صورةَ طفلةٍ
تنتعل حذاء أمها و هي ترفع ثوبها قليلاً لترى الحذاء و السرور يرسم محياها ، لكنني حقيقة
لم أكن أعلم أن الحذاء قد يصبح حلماً يحتضن ما سواه .

http://www10.0zz0.com/2009/12/05/19/135673119.gif

وصل ماجد بيت أهله ، و هناك جُنَّ جنونه ، صار يرقص بالحذاء كما البلابل ، و من ثم
يخلعه ليمسحه و ينظفه ، ثم يأخذه و يضعه بأناة في خزانة الملابس الخشبية اليتيمة ، و
بعد ذلك يفتح الباب الذي لا يقفل ليأخذ الأمير الأبيض و يجعله يعتلي الكرسي كي يحلو له
تأمله ، ثم يذهب إلى أمام باب الدار ليراه أطفال الحي ، و لا يلبث أن يعود ليجلس على
سرير تكسّرت نوابضه و يمد ساقين نحيلتين يبتسم الحذاء عليهما ، و بقي على تلك الحالة
حتى ساعة متأخرة من الليل ، لقد كان يوم عيد عنده و عند أهــل آخر العنقود .

http://www10.0zz0.com/2009/12/05/19/135673119.gif

لم يحاول النوم إلا بعد أن تعب حقاً ، و لكن ما إن وضع رأسه على وسادة بدون غطاء
حتى نهض مسرعاً نحو الباب ذي الشقوق ، بحث عن الحذاء في الظلمة حتى وجده ، تفقّد
، و وضعه في زاوية من البيت اختارها لغاية في نفسه البريئة ، و عاد لينام ، لكنه نهض
ثانية و لمس الحبيب ، و من ثم غطّاه بجريدة كانت تلعب بأوراقها رياح مندسّة عبر النافذة
المخلوعة ، و عاد لينام ، أعاد الكرّة، و أمسك بالحذاء و أدناه من السرير و نام قرب
الحافة و رأسه يتحرك لخارجها من حين لآخر ليدع العينين تطمئنان.

http://www10.0zz0.com/2009/12/05/19/135673119.gif

لم تعد الأم تتمالك نفسها من الضحك ، و اختلط سعال الأب بضحكاته ، و قال : الله يعطيك
يا دكتور من عطاياه ، حمل الصغير الحذاء و أودعه تحت الوسادة ، و كان يجلس مراراً
ليرى الحذاء ينعم بالدفء ، و من ثم وجد أنه من الأنسب أن يحتضن الحلم و ينام ، و
لكنها لم تكن إلا لحظات حتى نهض و انتعل الحذاء الأبيض ، و جمع جسده الهزيل ، و مد
يده لتلامس الحذاء و أخلد إلى النـوم .

*الدكتور عبد المطلب بن أحمد السح
استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة

sousou24
2009-12-09, 11:22
بارك الله في_________---------------------------------------_________ك

عبد الحفيظ 26
2009-12-21, 22:25
وفيك بارك الله، مشكورة على الرد، أرجو أن تكون أعجبتك القصة

العواد
2009-12-21, 23:09
للبراءة طموحات بحجم براءتها .............
أشكرك على القصة الرائعة ..تقبل تحياتي

عبد الحفيظ 26
2009-12-24, 21:08
لا شكرا على واجب أخي بارك الله فيك

الفايق
2009-12-25, 15:29
صحييييييت صحييييييت

عبد الحفيظ 26
2009-12-27, 19:01
يعطيك الصحة

sousou24
2009-12-28, 09:28
Merciiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii iiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii

عبد الحفيظ 26
2009-12-28, 23:18
Merci beaucoup

غريب غريب
2009-12-29, 13:03
ممتعة القصة وعذب سلس الاسلوب فيها بارك الله في الدكتور الأديب

ناصح
2009-12-29, 19:02
بارك الله فيك أخــــــــــــي

علال 123
2009-12-31, 01:19
شوقتنا ياخ مشكور

عبد الحفيظ 26
2010-01-01, 22:29
شكرا لكم وبارك لله فيكم، حقيقة عالم لبراءة عالم آخر
هذه القصة تذكرني بالطفولة وكم كنا نحب الملابس والأشياء الجديدة وووو..