المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إنها مقامة وكفى.


علي قسورة الإبراهيمي
2019-10-18, 20:08
بسم الله الرحمن الرحيم.
حدثنا مرّةً قسورة قال:
بينما أنا جالسٌ في داري، اقدحُ زنادَ أفكاري، وقد عاشرني من الجيرانِ ما نغّص عليّ عيشتِي، وزاد في تذمّري وحيراتِي.
فدائمًا هُم في خصام، وشجارٍ على الدوام.
ولكن هذه المرة حمى بين الرجل والمرأة الوطيس، إذ دخل بينهما إبليس.
فتعالى الصراخُ والصياحُ، وارتفع العويلُ والنواحُ
فنهرت الزوجةُ زوجها وصاحت، حين قالت:
ظننتَكَ بطويلِ النجادِ والعمادِ، ولكنّك منبعُ ومرتعُ الفسادِ، ولا أنتَ بِوريِّ الزنادِ.
فيك من صفات الهَوج والخُرق، والعوج والحُمق.
اغرب عن وجهي؛ ما أنت سوى أنكَ تريد أن توقعني في شِراكِك وحِبالِك، لتعلمَ أن لن يكون لك ذلِك، ولو حسرتني وحشرتني بِنِبالِك.
وأنّك لم تكن للتفضّل ظِلالاً ولا ظُلولا، لأنّك لن تخرقَ الأرض ولن تبلغَ الجبالَ طُولا.
أمَا علمتَ أنّ الرجالَ يتفاضلون بالقِيمة لا بالقامِة، ويتفاخرون بالهمّة لا الهامة، يا وجه البومِ، ودليل الشؤمِ.
ثم اسمع أنك بين الأقران لستَ بالجَرسَبِ، ولا كنتَ مع الصّحابِ بالخِنّابِ أو السَّلهَبِ ، وما أنتَ في الكلام إلاّ تَعتَع، وفي الرأي إلاّ تُبّع، وفي الطولِ شُمحوط خيلاء في السَنْطلِ، بل أنت ضبعُ عليانِ ونِياف لا بالفتى الشّمَردَلِ.
أ عليّ أيها الصلهبُ ولستَ بالسَرعَرع، لا تقوى إلاّ في المِخنِ والشّمَقِ والسّمَرْطولِ الأشفَعِ.
ألا بُعدًا منك فما كنت لي بشَرْعبٍ، نالني منك كل شَوقْبِ، لا في بُعدٍ ولا في صقَبٍ، ولا قصر قامة ولا في صَقعَبٍ.
ابيع عمري لا تقربني فما أنت إلاّ كما قال ذلك الشاعر:
لا خير في ود امريءٍ متملق ** حلو اللسان وقلبه يتلهب
يعطيك من طرف اللسان حلاوة ** ويروغ منك كما يروغ الثعلب
عندئذٍ عرفتك إنْ أنتَ إلاّ سَرَومَطٌ كبيرٌ وشَمْحوط، وشِرْواطُ طاطٍ وطوطٌ.
وإن أردت حقيقة أزيدك، لأظهر لك أنه لا يخيفني وعيدك ولا تهديدك.
لتعرف مقامك ومكانك، يا عتلّ وزنيم زمانك.
وانظر في المرآة لتجد نفسك لستَ بالشَمَقمَقِ ولا في الشِّناقِ، و فيك من العَوهَقِ والقُوقِ والقاقِ.
ثم تأكد أنك لستَ بفرس رهان، ولا بفارس ميدان، ولا خير فيك ياسُعسُعي ، ويا صادع رأسي ومصدّعي.
ثم سكتت في غضبٍ، بعد ما قلته في تعبٍ
عندها أخذ الزوج زمام الكلام، وأظهر الغيظ مع الخصام.
وقال:
واهًا! منكِ.
أهكذا أنت؟
وأنا الذي ظننتكِ حبَرْقَصة جِعِظارَة عِنْكَلة، دَحْداحَة عِنْفِص لا قُرْزُحة ولا عِلْكِد ولا قُذَعْمِلة.
كما كنت أحسبكِ بَلْتَعة فإذا بكِ صَيْدَانة، وفي اللؤم عُنْظُوانَة، وفي الحديث بَلْهَق فيكِ عَجْرفَة وَرْهاء، ولكِ من الحُمقِ خِرْمل بَلْخاء، خِذْعل لا خَوْثاء، جَيْحَل يا سَوْلاء، خدعوني بكِ يا جُراضِمَة في الأكل ثَجْلاء.
يا خراب داري فيكِ من هَبْقَعة عَصْلاء، ثم ما أنتِ إلاّ سَلْفَعة، و حُرَنْقِفة ضَلْفَعة ، أجد نفسي قد وقعت معكِ في الرقم الرقماء، والداهية الدهياء، والداء والعياء، مع جهد البلاء.
فلا معك الصفاء، ولا عرفتُ منكِ الوفاء.
وحالي معكِ كذلك الذي صال وجال، حين أنشد وقال:
دع ذكرهن فليس لهن وفاء ** ريح الصبا وعهودهن سواء
يكسرن قلبك ولا يجبرنه ** ولا تأخذ منهن دواء
نعم أنتِ كذلك، وهذا الشعر مثالك،
يا أم حَبَوْكَرَى والدالة المحتالة، وكأنك الدلالة.
يا شر نفسي، وخيبتي ووكسي، فقد وقعتُ في أم أدراص، فلا مفر ولا من خلاص.
فلا رأيتُ فيكِ إلاّ قبحًا، والعيش معكِ أصبح شَقْحاً.
ومعكِ ما رأيتُ شيئًا أروى لغلتي، أو أحنّ وأشفق لعلتي.
ألاَ فالفراقُ منكِ إلى الطلاقِ، الذي هو طيب المذاقِ، والتسريح والسراح، الذي هو يجلب لي بعدكِ المرح والافراح.
واستعنتُ بالجليل، حتى لا أقترب منكِ لا في كثير ولا قليل، وحسبي الله فيكِ ونعم الوكيل.
وسكت كل شيء.
وما هي إلاّ خواطر مقامة فقط.