abbes8
2009-12-04, 20:28
بحث بعنوان
" الحماية الدولية للشعب الفلسطيني "
إعداد الأستاذ / أنور حمدان الشاعر
مقدم إلى مجلة الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية
تزايد في عصر القانون الدولي الحالي الاهتمام بحماية الشعوب التي تقع ضحية النزاعات الدولية المسلحة وخصوصاً بعد تبلور مجموعة من القواعد الدولية التي أصبحت تشكل في مجموعها ما عرف بالقانون الدولي الإنساني، وهو القانون الذي يعنى بحماية حقوق الإنسان في النزاعات المسلحة.
ومع تزايد الدعوات لتحريم الحرب في العلاقات الدولية وتكريس هذه الدعوات في اتفاقيات دولية جماعية، وضعت قواعد دولية آمرة تحرم اللجوء إلى القوة في العلاقات الدولية إلا في حالة الدفاع الشرعي عن النفس، ومن هذا المضمار نشأت مجموعة من القواعد الدولية تتعلق بحماية حقوق الشعب الفلسطيني، وهي القواعد الخاصة بحماية الحقوق الفلسطينية الثابتة وغير القابلة للتصرف، وهذا ما سنتناوله ضمن المطالب التالية:
المطلب الأول
مفهوم الحماية الدولية للفلسطينيين
يعرف القانون الدولي المعاصر الحماية الدولية عن طريق ما يعرف بنظام الأمن الجماعي، ويعرف هذا النظام بأنه: "النظام الذي تتحمل في الجماعة الدولية المنظمة مسؤولية حماية كل عضو من أعضائها والسهر على أمنه من الاعتداء".
وهذا يعني أن الأمن الجماعي يتضمن تحريم الاستعمال التعسفي والعدوان للقوة في العلاقات الدولية، وبمعنى آخر كبح الإجراءات العسكرية أو أية تدابير من أي نوع تتضمن احتمال القيام بعمل عسكري مشترك في أية أزمة من قبل دولتين أو أكثر، بما يفيد أنه يقوم على حظر استخدام القوة أو التهديد بها في العلاقات الدولية.
ويعني الأمن الجماعي في اصطلاح الأمم المتحدة التزاماً عالمياً بالسلم والأمن الدوليين يضطلع به باعتباره التزاماً قانونياً لجميع الدول.
وقد تضمن القانون الدولي العديد من القواعد القانونية الآمرة التي تتضمن إلزام المجتمع الدولي بتوفير الحماية للناس، سواء منهم المشتركون في القتال، أو المدنيون أثناء النزاعات المسلحة ويمكن تلخيص أهم القواعد الأساسية التي تضمنها القانون الدولي والتي تطبق وقت النزاعات المسلحة تلك الواردة في اتفاقيات جنيف الأربع واتفاقيات لاهاي بالإضافة إلى ميثاق الأمم المتحدة، وهي:
1.للأشخاص العاجزين عن القتال، وغير المشتركين بشكل مباشر في الأعمال العدائية حق احترام حياتهم وسلامتهم البدنية والروحية، ويحمى هؤلاء الأشخاص ويعاملون معاملة إنسانية في جميع الأحوال دون أي تمييز مجحف.
2.يحظر قتل أو جرح عدو يستسلم أو يصبح عاجزاً عن القتال.
3.يجمع الجرحى والمرضى ويعتنى بهم بوساطة طرف النزاع الذي يخضعون لسلطته وتشمل الحماية كذلك أفراد الخدمات الطبية والمنشآت الطبية ووسائط النقل الطبي والمهمات الطبية.
4.للمقاتلين المأسورين والمدنيين الذي يقعون تحت سيطرة الطرف الخصم احترام حياتهم وكرامتهم وحقوقهم الشخصية ومعتقداتهم، ويلزم حمايتهم من أي عمل من أعمال العنف أو الأعمال الانتقامية.
5.يتمتع جميع الأشخاص بالضمانات القضائية الأساسية، ولا يعد أي شخص مسؤولاً عن عمل لم يقترفه، ولا يعرض أحد للتعذيب البدني أو العقلي أو العقوبات البدنية أو المعاملة الفظة أو المهينة.
6.يتعين على أطراف النزاع في جميع الأوقات التمييز بين السكان المدنيين والأعيان المدنية، ولا يجوز أن يكون السكان المدنيون بوصفهم هذا، وكذا الأشخاص المدنيون، محلاً للهجوم وتقتصر الهجمات على الأهداف العسكرية فحسب.
المطلب الثاني
الحماية الدولية للفلسطينيين في القانون الدولي
تنطبق على الشعب الفلسطيني مجموعة من القواعد الخاصة بحماية الشعوب والحفاظ على حقوقها من الانتهاك والاعتداء عليها من قبل الدول الأخرى، وبذلك يتمثل جانب من جوانب الحماية الدولية للفلسطينيين في هذه القواعد المتضمنة في مجموعة من المعاهدات والأعراف الدولية، ومن أهم القواعد الخاصة بحماية الشعب الفلسطيني، القواعد الخاصة بحق الشعوب في تقرير مصيرها وحقها في الاستقلال وتكوين دولة مستقلة ومنها كذلك حق الشعب الفلسطيني الثابت في العودة إلى دياره وممتلكاته، وتعويضه عما فقد من هذه الممتلكات وعما قاساه من سنين الآلام والتشرد بسبب الاحتلال.
هذا من الناحية النظرية المتعلقة بالقواعد الدولية، أما من الناحية العملية فهناك القوات الدولية لحفظ السلام التي تبعثها الأمم المتحدة عند حدوث نزاع دولي بين دولتين أو أكثر، إلا أن التجربة أثبتت أن هذه القوات لم يكن لها في النزاع العربي – الإسرائيلي إلا دور شكلي، لأنها لا تتدخل ضد الطرف المعتدي، وإنما تقتصر وظيفتها على مراقبة وقف إطلاق النار بين الجانبين كما أنها تتعامل مع الجانبين، على أنهما ندان ومتساويان في القوة أو في الحق على الأقل، ومن الحالات التي استخدمت فيها الأمم المتحدة القوات الدولية بهدف حفظ السلم والأمن الدوليين حالة حرب عام 1973م بين الدول العربية وإسرائيل إذ أصدر مجلس الأمن القرار رقم (340) الذي أكر قراري مجلس الأمن (338، 339) وقرر تشكيل قوات طوارئ دولية أوكل إليها مهمة الحفاظ على وقف إطلاق النار ومنع تجدد أعمال القتال، وفي أعقاب احتلال إسرائيل لجنوب لبنان سنة 1978م، أرسل مجلس الأمن قوات دولية لمنطقة النزاع مهمتها الإشراف على تنفيذ قرار سابق لها كان يقضي بانسحاب إسرائيل من الجنوب اللبناني بموجب القرار رقم (425) ومنع نشوب أعمال عنف في منطقة الحدود.
وفي ظل التطور الكيفي لعمليات حفظ السلام ومن خلال المهام الجديدة التي ألقيت على عاتق قوات السلام الدولية وفق الجيل الثاني من عمليات حفظ السلام الدولية، نجد أن من صور تلك المهام الجديدة تعزيز وتقوية السلام وقد وجدت كلاً من مشكلة كمبوديا التي كانت محتلة من قبل فيتنام عام 1978م، وإعادة الديمقراطية نتيجة الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المنتخب جان برتان آريستد عام 1991م، تطبيقاً عملياً لهذه المهام، حيث انتهت في كل منها إلى فرض السلام وتعزيزه من خلال التدخل الأممي وذلك بموجب عمليات حفظ السلام الدولية، إذ تم عقد مؤتمر مصالحة كمبودية في باريس أسفر عن التوقيع عن عدة اتفاقيات لإحلال السلام في كمبوديا، وتم إنهاء الحكم العسكري في هاتين بموجب تدخل أممي في 23/آذار/1995م([1] (http://www.iugaza.edu.ps/emp/admin/addpage.asp#_ftn1)).
كذلك نجد أن من المهام الجديدة التي أوكلت إلى عمليات حفظ السلام الدولية مهمة فرض السلام، وبمقتضى هذه المهمة ونظراً لأن من أهم أهداف منظمة الأمم المتحدة الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، فعلى مجلس الأمن أن يستخدم القوة لغرض السلام في حال فشل الوسائط السلمية لحل الخلافات([2] (http://www.iugaza.edu.ps/emp/admin/addpage.asp#_ftn2)) واقترح الأمين العام آنذاك بطرس غالي تشكيل وحدات فرض السلام، تحدد مهامها بشكل مسبق من قبل مجلس الأمن، وكانت الصومال مسرحاً لهذه المهمة الجديدة، وكان التدخل الأمم ينتجه لوصف مجلس الأمن للأوضاع المأساوية في الصومال بأنها تهدد السلام العالمي وقرر فرض حصار على تصدير السلاح إلى الصومال ووضع برنامج دولي شامل لتدفق الأغذية والمساعدات الإنسانية ونشر قوات دولية تحت قيادة أمريكية بهدف تأمين الغذاء والدواء للشعب الصومالي([3] (http://www.iugaza.edu.ps/emp/admin/addpage.asp#_ftn3)).
كذلك كان التدخل الإنساني من المهام أو العمليات التي تتعلق بالجيل الثاني من عمليات حفظ السلام الدولية وكان للتدخل الإنساني صوره أشرنا إليها فيما سبق، نحيل عليها القارئ منعاً للتكرار.
لذلك فوفق المعطيات السابقة وهذا الدور الشكلي لقوات الحماية الدولية ضمن الجيل الأول، وهذه الازدواجية في التطبيق في الجيل الثاني، فإن الحماية الدولية تظهر أكثر عدالة في القواعد الدولية التي تحمي الحقوق الثابتة وغير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، وتتمثل هذه القواعد بالقرارات الدولية التي حددت حقوق الشعب الفلسطيني بأصولها وفروعها ومنها الحق في تقرير المصير، والحق في الاستقلال والسيادة الوطنية، والحق في عودة الفلسطينيين إلى ديارهم، والحق في التعويض، ونجد هذه الحقوق التي أقرها القانون الدولي واهتم بها من خلال قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (3236 [د-29]) في 22/11/1974م، فقد حدد هذا القرار أهم الحقوق الفلسطينية التي اهتم القانون الدولي بحمايتها والتي أشرنا إليها فيما سبق، ولسنا هنا في معرض تبيانها وتناولها بشكل تفصيلي نظراً لتفرد الكثير من المؤلفات والدراسات والأبحاث لهذه الحقوق بشكل دقيق ومفصل.
وعلى الرغم من الانتهاك الصارخة لحقوق الإنسان التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، والتي تصاعدت وتيرتها على نحو خطير منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر 2000م، بحيث وجدت أعمال من قبيل قتل المدنيين العزل، ومن بينهم شيوخ وأطفال ونساء، أو لزج بهم في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، وهدم المنازل وتجريف الأراضي الزراعية، وحظر التجوال والحيولة بين الناس والذهاب إلى أعمالهم وقضاء مصالحهم، وغيرها أعمال يومية تكاد لا تخلو منها مدينة أو قرية أو حتى شارع داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، فقد فشلت جهود السلطة الفلسطينية تدعمها في هذا بعض الجهود العربية والإسلامية والدولية خلال الأشهر الستة الأولى من اندلاع الانتفاضة مرتين في الحصول على موافقة مجلس الأمن الدولي على إرسال مراقبين دوليين تابعين له يكونون بمثابة قوة (غير مسلحة) لتعمل على حماية الفلسطينيين ومراقبة الأوضاع والظروف في الأراضي الفلسطينية المحتلة([4] (http://www.iugaza.edu.ps/emp/admin/addpage.asp#_ftn4)).
وقد جاء هذا الفشل نتيجة مباشرة لاستخدام الولايات المتحدة الأمريكية حقها في الاعتراض المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، والمعروف بحق النقض (الفيتو) للحيولة دون إصدار مجلس الأمن قراراً بهذا الصدد، وكانت آخر التجارب (ضمن المدة المحددة لإجراء هذه الدراسة، وهي عامين من اندلاع انتفاضة الأقصى) إرجاء المجلس في السابع عشر من مايو 2001م التصويت على طلب جديد بهذا المعنى من الجانب العربي تحت وطأة التهديد الأمريكي باستخدام الفيتو _للمرة الثالثة_، للحيولة دون استصدار قرار من المجلس في هذا الصدد)، تحت دعوى أن صدور قرار من هذا القبيل يمثل عقبة في طريقة "عملية السلام" التي تدعي الولايات المتحدة رعايتها في المنطقة.
وفي إطار حديثنا حول الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، يكون لزاماً علينا التطرق إلى الالتزامات الواجبة على قوات الاحتلال في هذا الصدد، فنرى أن قواعد القانون الدولي المعاصر استقرت على اعتبار أن الاحتلال لا ينقل السيادة على الأقليم المحتل بمجرد حدوثه، وإنما تظل السيادة لدولة الأصل صاحبة الإقليم المحتل، ويقتصر إثر حالة الاحتلال على منع هذه الدولة صاحبة السيادة على الأقاليم من ممارسة سيادتها عليه، فالاحتلال ما هو إلا حالة فعلية مؤقتة، وهو _وإن قطع مباشرة حقوق السيادة إليها_، وإنما تظل هذه الحقوق محفوظة للدولة الأصل حتى تنتهي حالة الاحتلال([5] (http://www.iugaza.edu.ps/emp/admin/addpage.asp#_ftn5)).
" الحماية الدولية للشعب الفلسطيني "
إعداد الأستاذ / أنور حمدان الشاعر
مقدم إلى مجلة الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية
تزايد في عصر القانون الدولي الحالي الاهتمام بحماية الشعوب التي تقع ضحية النزاعات الدولية المسلحة وخصوصاً بعد تبلور مجموعة من القواعد الدولية التي أصبحت تشكل في مجموعها ما عرف بالقانون الدولي الإنساني، وهو القانون الذي يعنى بحماية حقوق الإنسان في النزاعات المسلحة.
ومع تزايد الدعوات لتحريم الحرب في العلاقات الدولية وتكريس هذه الدعوات في اتفاقيات دولية جماعية، وضعت قواعد دولية آمرة تحرم اللجوء إلى القوة في العلاقات الدولية إلا في حالة الدفاع الشرعي عن النفس، ومن هذا المضمار نشأت مجموعة من القواعد الدولية تتعلق بحماية حقوق الشعب الفلسطيني، وهي القواعد الخاصة بحماية الحقوق الفلسطينية الثابتة وغير القابلة للتصرف، وهذا ما سنتناوله ضمن المطالب التالية:
المطلب الأول
مفهوم الحماية الدولية للفلسطينيين
يعرف القانون الدولي المعاصر الحماية الدولية عن طريق ما يعرف بنظام الأمن الجماعي، ويعرف هذا النظام بأنه: "النظام الذي تتحمل في الجماعة الدولية المنظمة مسؤولية حماية كل عضو من أعضائها والسهر على أمنه من الاعتداء".
وهذا يعني أن الأمن الجماعي يتضمن تحريم الاستعمال التعسفي والعدوان للقوة في العلاقات الدولية، وبمعنى آخر كبح الإجراءات العسكرية أو أية تدابير من أي نوع تتضمن احتمال القيام بعمل عسكري مشترك في أية أزمة من قبل دولتين أو أكثر، بما يفيد أنه يقوم على حظر استخدام القوة أو التهديد بها في العلاقات الدولية.
ويعني الأمن الجماعي في اصطلاح الأمم المتحدة التزاماً عالمياً بالسلم والأمن الدوليين يضطلع به باعتباره التزاماً قانونياً لجميع الدول.
وقد تضمن القانون الدولي العديد من القواعد القانونية الآمرة التي تتضمن إلزام المجتمع الدولي بتوفير الحماية للناس، سواء منهم المشتركون في القتال، أو المدنيون أثناء النزاعات المسلحة ويمكن تلخيص أهم القواعد الأساسية التي تضمنها القانون الدولي والتي تطبق وقت النزاعات المسلحة تلك الواردة في اتفاقيات جنيف الأربع واتفاقيات لاهاي بالإضافة إلى ميثاق الأمم المتحدة، وهي:
1.للأشخاص العاجزين عن القتال، وغير المشتركين بشكل مباشر في الأعمال العدائية حق احترام حياتهم وسلامتهم البدنية والروحية، ويحمى هؤلاء الأشخاص ويعاملون معاملة إنسانية في جميع الأحوال دون أي تمييز مجحف.
2.يحظر قتل أو جرح عدو يستسلم أو يصبح عاجزاً عن القتال.
3.يجمع الجرحى والمرضى ويعتنى بهم بوساطة طرف النزاع الذي يخضعون لسلطته وتشمل الحماية كذلك أفراد الخدمات الطبية والمنشآت الطبية ووسائط النقل الطبي والمهمات الطبية.
4.للمقاتلين المأسورين والمدنيين الذي يقعون تحت سيطرة الطرف الخصم احترام حياتهم وكرامتهم وحقوقهم الشخصية ومعتقداتهم، ويلزم حمايتهم من أي عمل من أعمال العنف أو الأعمال الانتقامية.
5.يتمتع جميع الأشخاص بالضمانات القضائية الأساسية، ولا يعد أي شخص مسؤولاً عن عمل لم يقترفه، ولا يعرض أحد للتعذيب البدني أو العقلي أو العقوبات البدنية أو المعاملة الفظة أو المهينة.
6.يتعين على أطراف النزاع في جميع الأوقات التمييز بين السكان المدنيين والأعيان المدنية، ولا يجوز أن يكون السكان المدنيون بوصفهم هذا، وكذا الأشخاص المدنيون، محلاً للهجوم وتقتصر الهجمات على الأهداف العسكرية فحسب.
المطلب الثاني
الحماية الدولية للفلسطينيين في القانون الدولي
تنطبق على الشعب الفلسطيني مجموعة من القواعد الخاصة بحماية الشعوب والحفاظ على حقوقها من الانتهاك والاعتداء عليها من قبل الدول الأخرى، وبذلك يتمثل جانب من جوانب الحماية الدولية للفلسطينيين في هذه القواعد المتضمنة في مجموعة من المعاهدات والأعراف الدولية، ومن أهم القواعد الخاصة بحماية الشعب الفلسطيني، القواعد الخاصة بحق الشعوب في تقرير مصيرها وحقها في الاستقلال وتكوين دولة مستقلة ومنها كذلك حق الشعب الفلسطيني الثابت في العودة إلى دياره وممتلكاته، وتعويضه عما فقد من هذه الممتلكات وعما قاساه من سنين الآلام والتشرد بسبب الاحتلال.
هذا من الناحية النظرية المتعلقة بالقواعد الدولية، أما من الناحية العملية فهناك القوات الدولية لحفظ السلام التي تبعثها الأمم المتحدة عند حدوث نزاع دولي بين دولتين أو أكثر، إلا أن التجربة أثبتت أن هذه القوات لم يكن لها في النزاع العربي – الإسرائيلي إلا دور شكلي، لأنها لا تتدخل ضد الطرف المعتدي، وإنما تقتصر وظيفتها على مراقبة وقف إطلاق النار بين الجانبين كما أنها تتعامل مع الجانبين، على أنهما ندان ومتساويان في القوة أو في الحق على الأقل، ومن الحالات التي استخدمت فيها الأمم المتحدة القوات الدولية بهدف حفظ السلم والأمن الدوليين حالة حرب عام 1973م بين الدول العربية وإسرائيل إذ أصدر مجلس الأمن القرار رقم (340) الذي أكر قراري مجلس الأمن (338، 339) وقرر تشكيل قوات طوارئ دولية أوكل إليها مهمة الحفاظ على وقف إطلاق النار ومنع تجدد أعمال القتال، وفي أعقاب احتلال إسرائيل لجنوب لبنان سنة 1978م، أرسل مجلس الأمن قوات دولية لمنطقة النزاع مهمتها الإشراف على تنفيذ قرار سابق لها كان يقضي بانسحاب إسرائيل من الجنوب اللبناني بموجب القرار رقم (425) ومنع نشوب أعمال عنف في منطقة الحدود.
وفي ظل التطور الكيفي لعمليات حفظ السلام ومن خلال المهام الجديدة التي ألقيت على عاتق قوات السلام الدولية وفق الجيل الثاني من عمليات حفظ السلام الدولية، نجد أن من صور تلك المهام الجديدة تعزيز وتقوية السلام وقد وجدت كلاً من مشكلة كمبوديا التي كانت محتلة من قبل فيتنام عام 1978م، وإعادة الديمقراطية نتيجة الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المنتخب جان برتان آريستد عام 1991م، تطبيقاً عملياً لهذه المهام، حيث انتهت في كل منها إلى فرض السلام وتعزيزه من خلال التدخل الأممي وذلك بموجب عمليات حفظ السلام الدولية، إذ تم عقد مؤتمر مصالحة كمبودية في باريس أسفر عن التوقيع عن عدة اتفاقيات لإحلال السلام في كمبوديا، وتم إنهاء الحكم العسكري في هاتين بموجب تدخل أممي في 23/آذار/1995م([1] (http://www.iugaza.edu.ps/emp/admin/addpage.asp#_ftn1)).
كذلك نجد أن من المهام الجديدة التي أوكلت إلى عمليات حفظ السلام الدولية مهمة فرض السلام، وبمقتضى هذه المهمة ونظراً لأن من أهم أهداف منظمة الأمم المتحدة الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، فعلى مجلس الأمن أن يستخدم القوة لغرض السلام في حال فشل الوسائط السلمية لحل الخلافات([2] (http://www.iugaza.edu.ps/emp/admin/addpage.asp#_ftn2)) واقترح الأمين العام آنذاك بطرس غالي تشكيل وحدات فرض السلام، تحدد مهامها بشكل مسبق من قبل مجلس الأمن، وكانت الصومال مسرحاً لهذه المهمة الجديدة، وكان التدخل الأمم ينتجه لوصف مجلس الأمن للأوضاع المأساوية في الصومال بأنها تهدد السلام العالمي وقرر فرض حصار على تصدير السلاح إلى الصومال ووضع برنامج دولي شامل لتدفق الأغذية والمساعدات الإنسانية ونشر قوات دولية تحت قيادة أمريكية بهدف تأمين الغذاء والدواء للشعب الصومالي([3] (http://www.iugaza.edu.ps/emp/admin/addpage.asp#_ftn3)).
كذلك كان التدخل الإنساني من المهام أو العمليات التي تتعلق بالجيل الثاني من عمليات حفظ السلام الدولية وكان للتدخل الإنساني صوره أشرنا إليها فيما سبق، نحيل عليها القارئ منعاً للتكرار.
لذلك فوفق المعطيات السابقة وهذا الدور الشكلي لقوات الحماية الدولية ضمن الجيل الأول، وهذه الازدواجية في التطبيق في الجيل الثاني، فإن الحماية الدولية تظهر أكثر عدالة في القواعد الدولية التي تحمي الحقوق الثابتة وغير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، وتتمثل هذه القواعد بالقرارات الدولية التي حددت حقوق الشعب الفلسطيني بأصولها وفروعها ومنها الحق في تقرير المصير، والحق في الاستقلال والسيادة الوطنية، والحق في عودة الفلسطينيين إلى ديارهم، والحق في التعويض، ونجد هذه الحقوق التي أقرها القانون الدولي واهتم بها من خلال قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (3236 [د-29]) في 22/11/1974م، فقد حدد هذا القرار أهم الحقوق الفلسطينية التي اهتم القانون الدولي بحمايتها والتي أشرنا إليها فيما سبق، ولسنا هنا في معرض تبيانها وتناولها بشكل تفصيلي نظراً لتفرد الكثير من المؤلفات والدراسات والأبحاث لهذه الحقوق بشكل دقيق ومفصل.
وعلى الرغم من الانتهاك الصارخة لحقوق الإنسان التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، والتي تصاعدت وتيرتها على نحو خطير منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر 2000م، بحيث وجدت أعمال من قبيل قتل المدنيين العزل، ومن بينهم شيوخ وأطفال ونساء، أو لزج بهم في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، وهدم المنازل وتجريف الأراضي الزراعية، وحظر التجوال والحيولة بين الناس والذهاب إلى أعمالهم وقضاء مصالحهم، وغيرها أعمال يومية تكاد لا تخلو منها مدينة أو قرية أو حتى شارع داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، فقد فشلت جهود السلطة الفلسطينية تدعمها في هذا بعض الجهود العربية والإسلامية والدولية خلال الأشهر الستة الأولى من اندلاع الانتفاضة مرتين في الحصول على موافقة مجلس الأمن الدولي على إرسال مراقبين دوليين تابعين له يكونون بمثابة قوة (غير مسلحة) لتعمل على حماية الفلسطينيين ومراقبة الأوضاع والظروف في الأراضي الفلسطينية المحتلة([4] (http://www.iugaza.edu.ps/emp/admin/addpage.asp#_ftn4)).
وقد جاء هذا الفشل نتيجة مباشرة لاستخدام الولايات المتحدة الأمريكية حقها في الاعتراض المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، والمعروف بحق النقض (الفيتو) للحيولة دون إصدار مجلس الأمن قراراً بهذا الصدد، وكانت آخر التجارب (ضمن المدة المحددة لإجراء هذه الدراسة، وهي عامين من اندلاع انتفاضة الأقصى) إرجاء المجلس في السابع عشر من مايو 2001م التصويت على طلب جديد بهذا المعنى من الجانب العربي تحت وطأة التهديد الأمريكي باستخدام الفيتو _للمرة الثالثة_، للحيولة دون استصدار قرار من المجلس في هذا الصدد)، تحت دعوى أن صدور قرار من هذا القبيل يمثل عقبة في طريقة "عملية السلام" التي تدعي الولايات المتحدة رعايتها في المنطقة.
وفي إطار حديثنا حول الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، يكون لزاماً علينا التطرق إلى الالتزامات الواجبة على قوات الاحتلال في هذا الصدد، فنرى أن قواعد القانون الدولي المعاصر استقرت على اعتبار أن الاحتلال لا ينقل السيادة على الأقليم المحتل بمجرد حدوثه، وإنما تظل السيادة لدولة الأصل صاحبة الإقليم المحتل، ويقتصر إثر حالة الاحتلال على منع هذه الدولة صاحبة السيادة على الأقاليم من ممارسة سيادتها عليه، فالاحتلال ما هو إلا حالة فعلية مؤقتة، وهو _وإن قطع مباشرة حقوق السيادة إليها_، وإنما تظل هذه الحقوق محفوظة للدولة الأصل حتى تنتهي حالة الاحتلال([5] (http://www.iugaza.edu.ps/emp/admin/addpage.asp#_ftn5)).