أبو خالد سيف الدين
2009-12-03, 10:58
السلام عليكم و رحمة الله
الأزمة الأخيرة بين الجزائر و مصر جعلتني أبحث و أفتش في مواقع الصحافة المصرية علني أجد صوتاً مصرياً حراً عاقلاً يصدع بالحق و لا يخاف لومة لائم و يحلل الأحداث بلغة المنطق لا بعبارات المجاملة و المصلحة
و أخيراً تيقنت أنه يوجد في مصر صحفيين على قدر من المسؤلية و يحترمون المهنة و يقولون رأيهم بكل جرأة
جريدة المصري اليوم (http://www.almasry-alyoum.com/default.aspx?CurrentIssue=true&l=ar) كانت محطتي اليوم, إستوقفتني فيها هذه المقالات لتقول لي و لكل جزائري: مصر لا زالت بخير ..
فأنا أدعوكم للقراءة
ما هو أبعد من مباراة كرة
بقلم د.عمرو الشوبكي
هدأت عاصفة مصر والجزائر، وبدأ الكثيرون يفيقون بعد أن سمعوا صراخا وعويلا وشتائم على مدار شهر كامل دون معرفة أسبابها الحقيقية.
وإذا كان البعض اعتبر أن هناك موقفاً جزائرياً يتحسس بشدة من مصر، وكارهاً ومعادياً لها، وأنه ينعكس دائما فى كل المنافسات الرياضية التى تجرى بين البلدين، كما ذكر واحد من أكثر الصحفيين الرياضيين فى مصر احتراما وثقافة وهو حسن المستكاوى، فماذا فعل المسؤولون المصريون للتعامل مع «مباراة أزمة»، وكيف حمينا أنفسنا ومشجعينا، وكيف واجهنا أخطاء جسيمة ارتكبها الجانب الجزائرى بحق مصر والمصريين؟
وإذا كان أول خروج على قواعد «العراك الكروى» الذى يجرى أحيانا فى الملاعب بين مشجعى الفريقين كان من الإعلام الرياضى المصرى، فإن الجماهير الجزائرية نقلته إلى مستوى أسوأ حين اعتدى بعضها على مصريين أبرياء مقيمين فى الجزائر، وقاموا بتحطيم مبنى مصر للطيران وبعض مقار شركة «جيزى» للهواتف النقالة المملوكة لأوراسكوم المصرية.
وبما أننا كما ذكر علاء صادق «لم نكن فاعلين ولو فى الضرب»، ولم نكسر السفارة أو الخطوط الجوية الجزائرية (وهو أمر محمود)، فكان يجب علينا أن نكون فاعلين فى السلم، أى الإدارة الرياضية والإعلامية والسياسية، ولكننا فشلنا فيها جميعا بامتياز، وبدلا من محاسبة الحكومة الجزائرية وفضح القلة المتعصبة التى نقلت الصراع من الملعب إلى الشارع واعتدت على مصريين أبرياء، قمنا بحملة ردح عشوائية وغير مسبوقة اتسمت بالفوضى واستهدفت كل الشعب الجزائرى وخرج بعض أشباه الفنانين فى حملة ردح مسيئة لكرامة مصر قبل أن تكون لكرامة الجزائر.
وفشلت كتائب الشتائم المصرية فى تحديد خصم محدد، كالقول مثلا إنه الإعلام الجزائرى أو صحيفة الشروق البذيئة لمواجهتها، ولا هدف واضحا يتم العمل من أجل تحقيقه كإيقاف اعتداءات بعض الجزائريين على المصريين فى الجزائر، بدلا من شتم كل الجزائريين، وعجزنا عن أن نكون فاعلين ونمنع استقبال رئيس تحرير صحيفة الشروق الجزائرية الذى دخل مصر منذ أسبوعين وأقام ندوة كبيرة (عادى جدا) فى حين اكتفت الحكومة المصرية بفتح مزاد للطم الخدود والردح.
ولأن مصر ليس بها عقل سياسى ولا خطوط عريضة يحددها النظام لعمل مؤسسات الدولة وإعلامها، فترك كل واحد يقول أى حاجة وبأى لغة طالما ظل بعيدا عن رأس الحكم، وأصبح كل شىء مباحاً فى الفضائيات الخاصة من شتائم وهتك أعراض وخوض فى محرمات أى دولة حتى وصلت إلى إهانة شهداء الجزائر الذين يمثلون مصدر فخر لأى عربى بل وكل إنسان حر يرفض الاحتلال وغياب العدالة.
وبالتالى، فإن ما يجرى فى مصر بشكل يومى من عراك وشتائم عشوائية على توافه الأمور صدرناه للخارج فى مباراة كرة القدم، وصدم العرب وكثير من المصريين من هذا المستوى المتدنى من أداء بعض «الإعلاميين» المصريين، وبدا الأمر وكأنه مطلوب عدم وضع أى قواعد مهنية وأخلاقية، حتى يتطاحن الناس ضد بعضهم أو ضد الجزائر، وتبقى الأوضاع السياسية فى مصر على حالها.
أما الجانب الثانى فيتعلق «بمباراة الخرطوم»، وهنا نشير إلى ما ذكره الكاتب الصحفى السودانى الكبير، كمال حامد، على صفحات «المصرى اليوم» حين قال: إن مصر خسرت المباراة إداريا قبل أن تبدأ، وأشار إلى واقعة فى غاية الأهمية والدلالة كيف أن نائب رئيس اتحاد الكرة الجزائرية ذهب إلى الخرطوم قبل مباراة القاهرة لمعاينة كل شىء هناك على الطبيعة بعد أن عرف أن هناك احتمالاً أن تلعب مباراة فاصلة فى الخرطوم، فى حين أن الجانب المصرى لم يعمل أى شىء قبل المباراة ولا بعدها، رغم تحذيرات السفير المصرى فى السودان للحكومة المصرية النائمة التى كانت مهتمة بنقل محاسيب وقيادات الحزب الوطنى والفنانين والفنانات وبعض الإعلاميين، على اعتبار أن الأمر يحتاج إلى «زفة» إعلامية وسياسية (لأننا اعتبرنا الفوز فى الجيب)، يحتفل فيها قيادات الحزب الحاكم الذين ذهبوا إلى الخرطوم مع «نجوم المجتمع» من مشاهدى كرة القدم بالنصر الذى لم يأت.
ولم يكتف «كباتن الكرة» بشتم الشعب الجزائرى، إنما امتد الأمر إلى التطاول على السودان بصورة فيها من الاستعلاء والجهل الكثير حتى وصل الأمر بأحد «الكباتن الكبار» إلى أن يقول على ملعب استاد المريخ: «بأنه صغير وضيق حتى إن الكرات التى يلعبها عصام الحضرى تذهب مباشرة لحارس الجزائر، وأن الركلات الركنية كانت تخرج بعيدًا عن منطقة الجزاء»، هل هناك جهل أكثر من ذلك على ملعب أقيمت عليه آلاف المباريات الدولية وعاين كل شبر فيه ممثل الاتحاد الدولى، إلا كوننا أمام عشوائية إعلام مفلس وجاهل نتاج إفلاس أكبر تعيشه البلاد، أذى ولو عن غير قصد السودان، بلد الكرم والأصالة.
وجاء أخيرا قرار مصر برفض تنظيم كأس العالم لكرة اليد نتيجة مشاركة الجزائر متسرعا ولا معنى له، وكان بإمكاننا اللعب بالقاهرة وحماية الفريق الجزائرى بكل صرامة، ورفض استقبال مشجعين جزائريين بسبب الأحداث السابقة، أما الذهاب إلى المغرب خوفا من مجىء الجزائر على أرضنا أو نتيجة مقاطعة بلهاء لها، فهو تصرف مراهق وغير مسؤول وسندفع ثمنه غاليا.
وأخيرا، جاء حرق ما بين سبعة إلى عشرة محامين العلم الجزائرى (من بين ما يقرب من ٣٠٠ ألف محام مصرى) فى قلب نقابة المحامين، ليمثل وصمة عار حقيقية، فمن الوارد أن يحرق المشجعون المتعصبون أعلام منافسيهم الرياضيين فى البلدان المتخلفة، ولكن هل يعقل أن يقدم ولو هذا العدد الهزيل على حرق علم بلد عربى نتيجة مباراة كرة قدم، وفى بلد اختار العرب بشكل تلقائى نقيب المحامين المصريين لكى يصبح رئيسا لاتحاد المحامين العرب، فكوفئوا بحرق علم أحد بلدانهم، وهل النقيب الجديد يعرف معنى وقيمة أن يكون أميناً لاتحاد المحامين العرب، وهو أمر يجعلنا بلا شك نتحسر على خسارة سامح عاشور لانتخابات نقابة المحامين.
لقد عبئ بسطاء الناس فى مصر والجزائر حول «مباراة كرة قدم»، والمفارقة أن المباراة مرت بين اللاعبين فى القاهرة والخرطوم بسلام، صحيح حدثت بعض الاعتداءات فى القاهرة والخرطوم، ولكنها بدت عادية ومتكررة فى كثير من مباريات الكرة فى العالم كله. أما المعركة الحقيقية التى دارت بين البلدين فكانت أكبر بكثير من الحدث نفسه، حين أصرا على التمسك بالتخلف والكراهية حتى آخر لحظة، فهل سنراجع أنفسنا قبل فوات الأوان.
الزلنطحية قادمون
بقلم أسامة غريب
هناك نوعية من الأسئلة يقف أمامها المرء محتاراً لا يدرى ماذا يقول.. كمثال السؤال فى النكتة الشهيرة التى يسأل فيها الطفل أباه: هل البيضة لها رجلين؟
يوازى هذا السؤال المحير سؤال سمعته هذا الأسبوع بعد هوجة مباراة مصر والجزائر هو: هل يمكن أن يحصل طالب العلم على الدكتوراه بعد الإعدادية؟ قبل أن أشرع فى الإجابة متهكماً على السائل نصحنى أحد الأصدقاء بأن أتأنى فى الإجابة، لأنه فى مصر يمكن لراسب الإعدادية أن يكون دكتوراً قد الدنيا يملأ الشاشة لغواً وهجصاً وسفالة، ليس هذا فقط بل ويمكن له أن يكون وزيراً يحضر جلسات مجلس الوزراء ويستمتع بالناس يخاطبونه قائلين: معاليك، ويسعد بكشك الحراسة أمام منزله أو منزلها ويحظى بموكب الموتوسيكلات يبشر بقدومه أو قدومها.
قال صديقى ليدلل على صدق كلامه: هل تعلم أنه من بين الواغش الإعلامى الذى لطخ وجه مصر بالعار على مدى الأسبوعين الماضيين كنا نشاهد بالتليفزيون مذيعاً فتح مشتمة على شعب الجزائر.. هذا المذيع ظل أصدقاؤه يخاطبونه فى الاستوديو قائلين: يا دكتور، هل تعلم أن هذا الدكتور قد فشل فى الحصول على الإعدادية، وأن آخر شهادة علمية حصل عليها هى ثانية إعدادى.. هل تعلم أن هذا الدكتور الذى بالكاد يفك الخط قد وصف شعب الجزائر بالحقير وطالب أهل الجزائر بأن يلموا بناتهم العاهرات من الشانزليزيه!.
قلت لصديقى مستنكراً: وهل يقبل هذا الزلنطحى أن يتحدث الجزائريون هكذا عن بناته ويطلبوا منه أن يراقب سلوكهن؟ إن ما يؤلمنى فى الأمر أن هذا الواغش قد ألحق الأذى بكل مصرى ومصرية، سواء بوعى أو دون وعى، لأن الإعلاميين من سقط المتاع على الجانب الجزائرى قد وجدوا بسهولة ما يعيروننا به ونحن الشعب الأبى الكريم، إذ إنه لولاه وأمثاله ما استطاع أحد أن يتطاول على المصريين، بالضبط مثلما فعل السفهاء فى الجزائر، عندما تحدثوا عن مصر التى تحالفت مع إسرائيل فى عدوانها ضد الفلسطينيين وتخلت عن أهل غزة فأغلقت المعبر فى وجوههم ومنعت عنهم الغذاء والدواء، وقد أدمى قلوبنا أن نستمع إلى هذه الاتهامات، وكانت مأساتنا الحقيقية أننا لا نستطيع أن ننفيها لأنها بكل أسف صحيحة، على الرغم من أن شعب مصر برىء منها ولم يقبلها أبداً أو يشارك فيها. أرأيتم كيف يمكن أن يلحق العار بنا لأننا تركنا قيادنا فى أيدى الدكتور ساقط الإعدادية ونظرائه فى السياسة والاقتصاد والصناعة والزراعة والصحة والتعليم.
قال صديقى: طول عمرنا نحسد إسرائيل لأنها تجيد تقسيم الأدوار بين حمائم وصقور وتلاعبنا بهم بمهارة.. وأضاف: هل رأيت وسمعت ما قاله وزير الإعلام فى مجلس الشعب عن أنه لجأ إلى الإعلام الخاص والقنوات الخاصة لتفتح النار على الجزائر حتى يحتفظ للإعلام الرسمى بوقاره!..
المرة الوحيدة التى حاولنا فيها أن نلعب بأوراقنا ونستخدمها بمهارة كانت فى المعركة الخطأ وضد شقيق وليس عدواً واستخدمناها على أحط وألعن نحو، فأتينا بالدكتور أوتكر وأمثاله من المتدنين فكرياً، وجعلناهم يقودون الرأى العام، فكانت النتيجة أن حضرة الدكتور نعت أهلنا وأشقاءنا وسندنا وعزوتنا فى الجزائر ببلد المليون لقيط.. فأى تدن وأى انحراف فكرى!.
إن الجاهل الغشوم لا يعرف أننا فقدنا معظم الحلفاء فى العالم وأسلمناهم بأيدينا إلى إسرائيل.. فقدنا الهند والصين وبلاد أفريقيا وآسيا ومعها إسبانيا واليونان وكل دول أوروبا الشرقية وكلها كانت تعادى إسرائيل من أجلنا، ومن بعدها فقدنا ليبيا وأيدنا حصارها الظالم وتركنا السودان يتفتت وخاصمنا سوريا وقطر وأضعنا العراق والصومال واليمن واكتفينا بعلاقات باهتة مع الخليج.. فمن يتبقى لنا يا قوم عندما نجرح شعب الجزائر المجاهد الصلب.. من يساندنا فى الكوارث القادمة وهى آتية لا ريب؟ وهل ينفعنا ساعتها خبراء الاستوديو التحليلى من الغوغاء والسوقة؟.
للأسف كل المتابعين المحايدين أصابهم القرف والاشمئزاز من أدائنا الإعلامى وشعر من يحبون مصر بالرثاء لدولة كانت كبيرة وأصبحت عليلة مستخذية على يد الدكتور بتاع ثانية إعدادى وأصدقائه. وحتى الصحفيون الذين حاولوا أن يتصرفوا كبشر مثل رئيس التحرير الذى نشر فى مجلته تهنئة للجزائر بالفوز، سرعان ما تراجع واعتذر عن موقفه النبيل بعد أن شاهد السيخ المحمى يقترب من صرصور ودنه!.
إننا لم نعد نعرف من أين تأتى الضربة.. كل يوم نتلقى اللكمات فى وجوهنا من الذين يتصدرون المشهد، سواء فى السياسة أو الإعلام أو الرياضة أو غيرها.. والمأساة أننا لا نستطيع أن نحلم بعالم سعيد، لأنه خلف كل قيصر يموت يوجد قيصر وليد، وكلما أملنا فى أن يفارقنا من أسأمونا وأضجرونا وملأوا نفوسنا بالكآبة نجد أبناءهم قد جلسوا مكانهم، سواء فى التليفزيون أو الإذاعة والصحافة والأحزاب والوزارات وقصور الحكم.
ولما كان «اللى خلّف مامتش» فليس لنا أن نحلم بعالم سعيد.. لنا فقط أن نحلم بأن يقطع الله خلفهم!
الأزمة الأخيرة بين الجزائر و مصر جعلتني أبحث و أفتش في مواقع الصحافة المصرية علني أجد صوتاً مصرياً حراً عاقلاً يصدع بالحق و لا يخاف لومة لائم و يحلل الأحداث بلغة المنطق لا بعبارات المجاملة و المصلحة
و أخيراً تيقنت أنه يوجد في مصر صحفيين على قدر من المسؤلية و يحترمون المهنة و يقولون رأيهم بكل جرأة
جريدة المصري اليوم (http://www.almasry-alyoum.com/default.aspx?CurrentIssue=true&l=ar) كانت محطتي اليوم, إستوقفتني فيها هذه المقالات لتقول لي و لكل جزائري: مصر لا زالت بخير ..
فأنا أدعوكم للقراءة
ما هو أبعد من مباراة كرة
بقلم د.عمرو الشوبكي
هدأت عاصفة مصر والجزائر، وبدأ الكثيرون يفيقون بعد أن سمعوا صراخا وعويلا وشتائم على مدار شهر كامل دون معرفة أسبابها الحقيقية.
وإذا كان البعض اعتبر أن هناك موقفاً جزائرياً يتحسس بشدة من مصر، وكارهاً ومعادياً لها، وأنه ينعكس دائما فى كل المنافسات الرياضية التى تجرى بين البلدين، كما ذكر واحد من أكثر الصحفيين الرياضيين فى مصر احتراما وثقافة وهو حسن المستكاوى، فماذا فعل المسؤولون المصريون للتعامل مع «مباراة أزمة»، وكيف حمينا أنفسنا ومشجعينا، وكيف واجهنا أخطاء جسيمة ارتكبها الجانب الجزائرى بحق مصر والمصريين؟
وإذا كان أول خروج على قواعد «العراك الكروى» الذى يجرى أحيانا فى الملاعب بين مشجعى الفريقين كان من الإعلام الرياضى المصرى، فإن الجماهير الجزائرية نقلته إلى مستوى أسوأ حين اعتدى بعضها على مصريين أبرياء مقيمين فى الجزائر، وقاموا بتحطيم مبنى مصر للطيران وبعض مقار شركة «جيزى» للهواتف النقالة المملوكة لأوراسكوم المصرية.
وبما أننا كما ذكر علاء صادق «لم نكن فاعلين ولو فى الضرب»، ولم نكسر السفارة أو الخطوط الجوية الجزائرية (وهو أمر محمود)، فكان يجب علينا أن نكون فاعلين فى السلم، أى الإدارة الرياضية والإعلامية والسياسية، ولكننا فشلنا فيها جميعا بامتياز، وبدلا من محاسبة الحكومة الجزائرية وفضح القلة المتعصبة التى نقلت الصراع من الملعب إلى الشارع واعتدت على مصريين أبرياء، قمنا بحملة ردح عشوائية وغير مسبوقة اتسمت بالفوضى واستهدفت كل الشعب الجزائرى وخرج بعض أشباه الفنانين فى حملة ردح مسيئة لكرامة مصر قبل أن تكون لكرامة الجزائر.
وفشلت كتائب الشتائم المصرية فى تحديد خصم محدد، كالقول مثلا إنه الإعلام الجزائرى أو صحيفة الشروق البذيئة لمواجهتها، ولا هدف واضحا يتم العمل من أجل تحقيقه كإيقاف اعتداءات بعض الجزائريين على المصريين فى الجزائر، بدلا من شتم كل الجزائريين، وعجزنا عن أن نكون فاعلين ونمنع استقبال رئيس تحرير صحيفة الشروق الجزائرية الذى دخل مصر منذ أسبوعين وأقام ندوة كبيرة (عادى جدا) فى حين اكتفت الحكومة المصرية بفتح مزاد للطم الخدود والردح.
ولأن مصر ليس بها عقل سياسى ولا خطوط عريضة يحددها النظام لعمل مؤسسات الدولة وإعلامها، فترك كل واحد يقول أى حاجة وبأى لغة طالما ظل بعيدا عن رأس الحكم، وأصبح كل شىء مباحاً فى الفضائيات الخاصة من شتائم وهتك أعراض وخوض فى محرمات أى دولة حتى وصلت إلى إهانة شهداء الجزائر الذين يمثلون مصدر فخر لأى عربى بل وكل إنسان حر يرفض الاحتلال وغياب العدالة.
وبالتالى، فإن ما يجرى فى مصر بشكل يومى من عراك وشتائم عشوائية على توافه الأمور صدرناه للخارج فى مباراة كرة القدم، وصدم العرب وكثير من المصريين من هذا المستوى المتدنى من أداء بعض «الإعلاميين» المصريين، وبدا الأمر وكأنه مطلوب عدم وضع أى قواعد مهنية وأخلاقية، حتى يتطاحن الناس ضد بعضهم أو ضد الجزائر، وتبقى الأوضاع السياسية فى مصر على حالها.
أما الجانب الثانى فيتعلق «بمباراة الخرطوم»، وهنا نشير إلى ما ذكره الكاتب الصحفى السودانى الكبير، كمال حامد، على صفحات «المصرى اليوم» حين قال: إن مصر خسرت المباراة إداريا قبل أن تبدأ، وأشار إلى واقعة فى غاية الأهمية والدلالة كيف أن نائب رئيس اتحاد الكرة الجزائرية ذهب إلى الخرطوم قبل مباراة القاهرة لمعاينة كل شىء هناك على الطبيعة بعد أن عرف أن هناك احتمالاً أن تلعب مباراة فاصلة فى الخرطوم، فى حين أن الجانب المصرى لم يعمل أى شىء قبل المباراة ولا بعدها، رغم تحذيرات السفير المصرى فى السودان للحكومة المصرية النائمة التى كانت مهتمة بنقل محاسيب وقيادات الحزب الوطنى والفنانين والفنانات وبعض الإعلاميين، على اعتبار أن الأمر يحتاج إلى «زفة» إعلامية وسياسية (لأننا اعتبرنا الفوز فى الجيب)، يحتفل فيها قيادات الحزب الحاكم الذين ذهبوا إلى الخرطوم مع «نجوم المجتمع» من مشاهدى كرة القدم بالنصر الذى لم يأت.
ولم يكتف «كباتن الكرة» بشتم الشعب الجزائرى، إنما امتد الأمر إلى التطاول على السودان بصورة فيها من الاستعلاء والجهل الكثير حتى وصل الأمر بأحد «الكباتن الكبار» إلى أن يقول على ملعب استاد المريخ: «بأنه صغير وضيق حتى إن الكرات التى يلعبها عصام الحضرى تذهب مباشرة لحارس الجزائر، وأن الركلات الركنية كانت تخرج بعيدًا عن منطقة الجزاء»، هل هناك جهل أكثر من ذلك على ملعب أقيمت عليه آلاف المباريات الدولية وعاين كل شبر فيه ممثل الاتحاد الدولى، إلا كوننا أمام عشوائية إعلام مفلس وجاهل نتاج إفلاس أكبر تعيشه البلاد، أذى ولو عن غير قصد السودان، بلد الكرم والأصالة.
وجاء أخيرا قرار مصر برفض تنظيم كأس العالم لكرة اليد نتيجة مشاركة الجزائر متسرعا ولا معنى له، وكان بإمكاننا اللعب بالقاهرة وحماية الفريق الجزائرى بكل صرامة، ورفض استقبال مشجعين جزائريين بسبب الأحداث السابقة، أما الذهاب إلى المغرب خوفا من مجىء الجزائر على أرضنا أو نتيجة مقاطعة بلهاء لها، فهو تصرف مراهق وغير مسؤول وسندفع ثمنه غاليا.
وأخيرا، جاء حرق ما بين سبعة إلى عشرة محامين العلم الجزائرى (من بين ما يقرب من ٣٠٠ ألف محام مصرى) فى قلب نقابة المحامين، ليمثل وصمة عار حقيقية، فمن الوارد أن يحرق المشجعون المتعصبون أعلام منافسيهم الرياضيين فى البلدان المتخلفة، ولكن هل يعقل أن يقدم ولو هذا العدد الهزيل على حرق علم بلد عربى نتيجة مباراة كرة قدم، وفى بلد اختار العرب بشكل تلقائى نقيب المحامين المصريين لكى يصبح رئيسا لاتحاد المحامين العرب، فكوفئوا بحرق علم أحد بلدانهم، وهل النقيب الجديد يعرف معنى وقيمة أن يكون أميناً لاتحاد المحامين العرب، وهو أمر يجعلنا بلا شك نتحسر على خسارة سامح عاشور لانتخابات نقابة المحامين.
لقد عبئ بسطاء الناس فى مصر والجزائر حول «مباراة كرة قدم»، والمفارقة أن المباراة مرت بين اللاعبين فى القاهرة والخرطوم بسلام، صحيح حدثت بعض الاعتداءات فى القاهرة والخرطوم، ولكنها بدت عادية ومتكررة فى كثير من مباريات الكرة فى العالم كله. أما المعركة الحقيقية التى دارت بين البلدين فكانت أكبر بكثير من الحدث نفسه، حين أصرا على التمسك بالتخلف والكراهية حتى آخر لحظة، فهل سنراجع أنفسنا قبل فوات الأوان.
الزلنطحية قادمون
بقلم أسامة غريب
هناك نوعية من الأسئلة يقف أمامها المرء محتاراً لا يدرى ماذا يقول.. كمثال السؤال فى النكتة الشهيرة التى يسأل فيها الطفل أباه: هل البيضة لها رجلين؟
يوازى هذا السؤال المحير سؤال سمعته هذا الأسبوع بعد هوجة مباراة مصر والجزائر هو: هل يمكن أن يحصل طالب العلم على الدكتوراه بعد الإعدادية؟ قبل أن أشرع فى الإجابة متهكماً على السائل نصحنى أحد الأصدقاء بأن أتأنى فى الإجابة، لأنه فى مصر يمكن لراسب الإعدادية أن يكون دكتوراً قد الدنيا يملأ الشاشة لغواً وهجصاً وسفالة، ليس هذا فقط بل ويمكن له أن يكون وزيراً يحضر جلسات مجلس الوزراء ويستمتع بالناس يخاطبونه قائلين: معاليك، ويسعد بكشك الحراسة أمام منزله أو منزلها ويحظى بموكب الموتوسيكلات يبشر بقدومه أو قدومها.
قال صديقى ليدلل على صدق كلامه: هل تعلم أنه من بين الواغش الإعلامى الذى لطخ وجه مصر بالعار على مدى الأسبوعين الماضيين كنا نشاهد بالتليفزيون مذيعاً فتح مشتمة على شعب الجزائر.. هذا المذيع ظل أصدقاؤه يخاطبونه فى الاستوديو قائلين: يا دكتور، هل تعلم أن هذا الدكتور قد فشل فى الحصول على الإعدادية، وأن آخر شهادة علمية حصل عليها هى ثانية إعدادى.. هل تعلم أن هذا الدكتور الذى بالكاد يفك الخط قد وصف شعب الجزائر بالحقير وطالب أهل الجزائر بأن يلموا بناتهم العاهرات من الشانزليزيه!.
قلت لصديقى مستنكراً: وهل يقبل هذا الزلنطحى أن يتحدث الجزائريون هكذا عن بناته ويطلبوا منه أن يراقب سلوكهن؟ إن ما يؤلمنى فى الأمر أن هذا الواغش قد ألحق الأذى بكل مصرى ومصرية، سواء بوعى أو دون وعى، لأن الإعلاميين من سقط المتاع على الجانب الجزائرى قد وجدوا بسهولة ما يعيروننا به ونحن الشعب الأبى الكريم، إذ إنه لولاه وأمثاله ما استطاع أحد أن يتطاول على المصريين، بالضبط مثلما فعل السفهاء فى الجزائر، عندما تحدثوا عن مصر التى تحالفت مع إسرائيل فى عدوانها ضد الفلسطينيين وتخلت عن أهل غزة فأغلقت المعبر فى وجوههم ومنعت عنهم الغذاء والدواء، وقد أدمى قلوبنا أن نستمع إلى هذه الاتهامات، وكانت مأساتنا الحقيقية أننا لا نستطيع أن ننفيها لأنها بكل أسف صحيحة، على الرغم من أن شعب مصر برىء منها ولم يقبلها أبداً أو يشارك فيها. أرأيتم كيف يمكن أن يلحق العار بنا لأننا تركنا قيادنا فى أيدى الدكتور ساقط الإعدادية ونظرائه فى السياسة والاقتصاد والصناعة والزراعة والصحة والتعليم.
قال صديقى: طول عمرنا نحسد إسرائيل لأنها تجيد تقسيم الأدوار بين حمائم وصقور وتلاعبنا بهم بمهارة.. وأضاف: هل رأيت وسمعت ما قاله وزير الإعلام فى مجلس الشعب عن أنه لجأ إلى الإعلام الخاص والقنوات الخاصة لتفتح النار على الجزائر حتى يحتفظ للإعلام الرسمى بوقاره!..
المرة الوحيدة التى حاولنا فيها أن نلعب بأوراقنا ونستخدمها بمهارة كانت فى المعركة الخطأ وضد شقيق وليس عدواً واستخدمناها على أحط وألعن نحو، فأتينا بالدكتور أوتكر وأمثاله من المتدنين فكرياً، وجعلناهم يقودون الرأى العام، فكانت النتيجة أن حضرة الدكتور نعت أهلنا وأشقاءنا وسندنا وعزوتنا فى الجزائر ببلد المليون لقيط.. فأى تدن وأى انحراف فكرى!.
إن الجاهل الغشوم لا يعرف أننا فقدنا معظم الحلفاء فى العالم وأسلمناهم بأيدينا إلى إسرائيل.. فقدنا الهند والصين وبلاد أفريقيا وآسيا ومعها إسبانيا واليونان وكل دول أوروبا الشرقية وكلها كانت تعادى إسرائيل من أجلنا، ومن بعدها فقدنا ليبيا وأيدنا حصارها الظالم وتركنا السودان يتفتت وخاصمنا سوريا وقطر وأضعنا العراق والصومال واليمن واكتفينا بعلاقات باهتة مع الخليج.. فمن يتبقى لنا يا قوم عندما نجرح شعب الجزائر المجاهد الصلب.. من يساندنا فى الكوارث القادمة وهى آتية لا ريب؟ وهل ينفعنا ساعتها خبراء الاستوديو التحليلى من الغوغاء والسوقة؟.
للأسف كل المتابعين المحايدين أصابهم القرف والاشمئزاز من أدائنا الإعلامى وشعر من يحبون مصر بالرثاء لدولة كانت كبيرة وأصبحت عليلة مستخذية على يد الدكتور بتاع ثانية إعدادى وأصدقائه. وحتى الصحفيون الذين حاولوا أن يتصرفوا كبشر مثل رئيس التحرير الذى نشر فى مجلته تهنئة للجزائر بالفوز، سرعان ما تراجع واعتذر عن موقفه النبيل بعد أن شاهد السيخ المحمى يقترب من صرصور ودنه!.
إننا لم نعد نعرف من أين تأتى الضربة.. كل يوم نتلقى اللكمات فى وجوهنا من الذين يتصدرون المشهد، سواء فى السياسة أو الإعلام أو الرياضة أو غيرها.. والمأساة أننا لا نستطيع أن نحلم بعالم سعيد، لأنه خلف كل قيصر يموت يوجد قيصر وليد، وكلما أملنا فى أن يفارقنا من أسأمونا وأضجرونا وملأوا نفوسنا بالكآبة نجد أبناءهم قد جلسوا مكانهم، سواء فى التليفزيون أو الإذاعة والصحافة والأحزاب والوزارات وقصور الحكم.
ولما كان «اللى خلّف مامتش» فليس لنا أن نحلم بعالم سعيد.. لنا فقط أن نحلم بأن يقطع الله خلفهم!