تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : علاقة تقوى الله والعمل الصالح بالرزق والحياة الطيبة في الدنيا


*عبدالرحمن*
2019-07-09, 04:47
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


علاقة تقوى الله والعمل الصالح بالرزق والحياة الطيبة في الدنيا

قال الله تعالى : (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النحل/ 97 .

والمقصود بالحياة الطيبة التي يحياها المؤمن في دنياه : حياة قلبه بالإيمان ، وانشراح صدره ، وسعادته بإيمانه بربه .
كما أنها تشمل الرزق الطيب الواسع الحلال

ولكن سعة الرزق ليست شرطا لحصول الحياة الطيبة ، فقد يكون العبد فقيرا ويرزقه الله القناعة والرضى بما هو فيه ، ويبارك له في القليل

فيكون قد أحياه الله حياة طيبة وانتفع برزقه أكثر من انتفاع كثير من الأغنياء بأموالهم .

وتقوى الله – على سبيل العموم – سبب من أسباب الرزق .

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى :

" هَذَا وَعْدٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِمَنْ عَمِلَ صَالِحًا ، وَهُوَ الْعَمَلُ المتابع لكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم

مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى ، مِنْ بَنِي آدَمَ ، وَقَلْبُهُ مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِه بِأَنْ يُحْيِيَهُ اللَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً فِي الدُّنْيَا، وَأَنْ يَجْزِيَهُ بِأَحْسَنِ مَا عَمِلَهُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ .

وَالْحَيَاةُ الطَّيِّبَةُ تَشْمَلُ وُجُوهَ الرَّاحَةِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ .

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٍ أَنَّهُمْ فَسَّرُوهَا بِالرِّزْقِ الْحَلَالِ الطَّيِّبِ .

وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ فَسَّرَهَا بِالْقَنَاعَةِ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَوَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ .

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عباس: أنها هي السَّعَادَةُ.

وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هِيَ الرِّزْقُ الْحَلَالُ ، وَالْعِبَادَةُ فِي الدُّنْيَا .

وَقَالَ الضَّحَّاكُ أَيْضًا: هِيَ الْعَمَلُ بِالطَّاعَةِ ، وَالِانْشِرَاحُ بِهَا .

وَالصَّحِيحُ : أَنَّ الْحَيَاةَ الطَّيِّبَةَ تَشْمَلُ هَذَا كُلَّهُ "

انتهى من " تفسير ابن كثير " (4/ 516) .

وهذه الآية الكريمة علاقتها بالرزق واضحة ، وهي أن تقوى الله

والعمل الصالح : سبب في حصول نعيم الدنيا والآخرة ، ومنه الرزق الطيب الواسع

كما قال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) الطلاق/ 2،3 .

قَالَ عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ الصَّدَفِيُّ : " وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ ، فَيَقِفُ عِنْدَ حُدُودِهِ ، وَيَجْتَنِبُ مَعَاصِيَهُ : يُخْرِجْهُ مِنَ الْحَرَامِ إِلَى الْحَلَالِ ، وَمِنَ الضِّيقِ إِلَى السَّعَةِ ، وَمِنَ النَّارِ إِلَى الْجَنَّةِ.

وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ : مِنْ حَيْثُ لَا يَرْجُو.

وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: " هُوَ الْبَرَكَةُ فِي الرِّزْقِ " .

" تفسير القرطبي " (18/ 160) .

وقال السعدي رحمه الله :

" أي: يسوق الله الرزق للمتقي ، من وجه لا يحتسبه ، ولا يشعر به "
.
انتهى من " تفسير السعدي " (ص 870) .

وهذا كقوله تعالى عن أهل الكتاب : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) المائدة/ 66 .

وكقوله عز وجل : ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ) الأعراف/ 96 .

والمسلم بتمام توكله ويقينه ، وحسن ظنه بالله : يسعد في الدارين ، ويكون له فيهما الحياة الطيبة ، فيرزق الرزق الواسع ، ويهنأ عيشه ، وتطيب أيامه

وذلك أن التوكل واليقين وحسن الظن بالله، من أهم أعمال القلوب التي تطهر القلب ، وتملؤه إيمانا .

فإذا صلح القلب صلح الجسد كله ، وإذا فسد فسد الجسد كله

كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ )

رواه البخاري (52) ، ومسلم (1599) .

فيأخذ المسلم بالأسباب التي يحصل بها الرزق ، ويكون معتمدا على الله واثقا بأن الله سيأتيه برزقه ، فإنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها ، كما تستوفي أجلها .

فيورثه ذلك مزيدا من الطمأنينة والقناعة والرضى ، ويبذل ماله في مرضات الله تعالى ، غير خائف من الفقر ولا من قلة الرزق ، بل يوقن أن ذلك من أسباب الرزق

كما قال الله تعالى : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ) ابراهيم/7 .

وكما قال الله تعالى في الحديث القدسي : ( يَا ابْنَ آدَمَ ، أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ )

رواه البخاري (4684) ، ومسلم (993) .

ثانيا :

أما الآية الثانية ، وهي قوله تعالى : (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) الرحمن/ 46 .

فالمعنى : أن من خاف مقامه بين يدي الله يوم القيامة ، وأحسن الاستعداد لذلك اليوم ؛ فأدى فرائض الله ، واجتنب محارمه : فله يوم القيامة عند ربه جنتان .

قال السعدي رحمه الله :

" أي : وللذي خاف ربه وقيامه عليه ، فترك ما نهى عنه ، وفعل ما أمره به، له جنتان من ذهب ، آنيتهما وحليتهما وبنيانهما وما فيهما، إحدى الجنتين جزاء على ترك المنهيات ، والأخرى على فعل الطاعات "

انتهى من " تفسير السعدي " (ص 831) .

وانظر: "تفسير الطبري" (23/ 55) .

وهذه الآية الكريمة لا علاقة لها بالرزق في الدنيا ، إلا من جهة أن من رزقه الله الجنتين في الآخرة ، فهو ممن أحياه في الدنيا حياة طيبة ، وقد تقدم أن الحياة الطيبة في الدنيا تشمل حياة القلب وسعة الرزق .

وقد قيل : إن المقصود بالجنتين : جنة في الدنيا ، وجنة في الآخرة . وهذا خلاف المشهور من تفسير الآية .

والله أعلم

اسماعيل 03
2021-05-21, 15:47
رحم الله العلامة السعدي وجزاك خيراورزقنا العمل الصالح والحياة الطيبة

*عبدالرحمن*
2021-05-22, 15:51
رحم الله العلامة السعدي وجزاك خيراورزقنا العمل الصالح والحياة الطيبة

اسعدني حضورك الطيب مثلك

بارك الله فيك

salim2022
2021-05-28, 15:50
بارك الله فيك

الزمزوم
2024-12-03, 14:55
بارك الله فيك