تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ميراث الإخوة كنيدي


الأمازيغي
2009-11-30, 22:54
في 27 أوت 2009 رحل السيناتور السيد إدوارد مور كنيدي. الصخرة الصلبة التي كان يحتمي بها ويجتمع حولها أفراد عائلة كنيدي الكبيرة اختفت إلى الأبد. بسطاء أمريكا والعالم هم من افتقدوا رجل اليسار الديمقراطي في مجلس الشيوخ الأمريكي، وقد حان الوقت لنتحدث عن ميراث الإخوة كنيدي برحيل آخرهم.

انقسم الكثيرون بين مؤيد ومعارض للإخوة كنيدي، وعلى وجه الخصوص الرئيس المغتال السيد جون كنيدي، تعامل البعض بمثالية مع الإخوة والبعض الآخر عاين فقط مساوئهم، أما نحن فنؤثر الطريقة العقلانية الموضوعية، فجوزيف الابن، جون روبرت وإدوارد كنيدي، بشر قبل كل شيء، فهم يصيبون ويخطئون، لهم عيوبهم وأخطاؤهم، ولهم مآثرهم، لكن ميراث الإخوة في السياسة الأمريكية والدولية أراه جديرا بأن يعرض ويناقش، وسأحاول تقديم، عبر نموذج مختصر، أحد المواقف السياسية لدى الإخوة كنيدي لتبيان الخط الذي دشنوه آملين إعطاء دفع جديد لبلدهم ولم لا للعالم؟
نقل روبرت في تسجيل صوتي له تفاصيل جلسة مصغرة عقدها لأهم مستشاري أخيه بعد نشوب أزمة صورايخ كوبا:" وقد رسم المجتمعون ستة اقتراحات كحلول للأزمة. أولا: لا نفعل شيئا، ثانيا: نرسل مبعوثا للرئيس كروتشوف نطالبه بالانسحاب من كوبا، ثالثا: استدعاء كوبا والإتحاد السوفياتي أمام الهيئة العامة للأمم المتحدة، وهذا الاقتراح وقع رفضه، لأن السوفيات كانوا آنذاك يترأسون مجلس الأمن ولهم حق الفيتو، الاقتراح الرابع: إعلان الحصار على كوبا، خامسا: هجوم جوي، وسادسا: غزو كوبا. اعترضت على الهجوم الجوي قائلا: لماذا ينبغي على أخي أن يتحول إلى "توجو" الستينيات؟ لم يحتمل دين أشيزون وزير الخارجية السابق المقارنة بين الوضع الحالي وبيرل هاربور إلا أنني ذكرته بالجانب الأخلاقي: لماذا علينا أن نزهق أرواح آلاف الأبرياء؟ لم تعجب أشيزون مقاربتي الأخلاقية مدعيا أن مجلس الشيوخ أعطى الرئيس الحق في وقف أي عملية تسلح بكل الوسائل بما فيها القوة العسكرية، إلا أن أخي الرئيس فضل الحل الدبلوماسي على أن يغامر مرة أخرى عسكريا" وفي حرب الفيتنام عبر الرئيس كنيدي عن موقفه في مقابلة تلفزيونية في 2 سبتمبر 1963 مع والتر كرونكيت:" إنها حربهم
(أي الفيتناميين) عليهم هم أن يربحوا الحرب أو أن يخسروها. نستطيع أن نرسل لهم مستشارين ولكن في نهاية المطاف على الشعب الفيتنامي وحكومته أن يكسبوا أو يخسروا المعارك. كل ما نقدر عليه مساعدتهم من بعيد. فصراحة أنا معني بالتحديات المطروحة داخليا، وأما خارجيا فلنا هدفان رئيسيان: نهج سياسة التهدئة والتوازن مع الإتحاد السوفياتي وتشجيع سياسة نزع الأسلحة النووية وعدم انتشارها".
إذن نرى الخطوط العريضة في السياسة الخارجية للرئيس كنيدي، وهذا ما أكده روبرت كنيدي بعد اغتيال أخيه حينما ألقى خطابا في إحدى الحفلات الرسمية:" ينام بعض الأمريكيين في الشوارع والأنفاق وأموالنا نضيعها في الفيتنام" نلاحظ أن فلسفة الإخوة كنيدي قريبة من اليسار الديمقراطي الأمريكي، فمنطق الحرب الذي يرفعه البنتاغون ولوبيات اليمين المتطرف بما فيها الصهيونية كان يعارضه الرئيس كنيدي، وكان ينظر إلى العالم من زاوية الشراكة وليس التفرد بالزعامة، ثم كان يعتبر نفسه أمينا على أموال وأبناء شعبه، وكان ممن يتعلم من أخطائه. فقد وقع تغييب الجانب الأخلاقي وجنح الجميع إلى استباحة دماء الأبرياء باعتبارهم غير أمريكيين أو إسرائيليين، والنتيجة بحسب تعبير الوزير الأول الروسي بوتين صار العالم فوضى حقيقية، تحكمه قوانين الغاب، وقد سادت الهمجية والكراهية والقتل العشوائي بفعل صناع السلاح في أمريكا الذين يريدون تسويقها والسيطرة على ثروات العالم، وتكريس الهيمنة الصهيونية الصليبية.
للإخوة كنيدي ميراث يستحق أن يدرس وأن يعود إليه الساسة في واشنطن.