المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة الخضر أساس الخطاب الصوفي


أبوإبراهيــم
2019-06-04, 15:49
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
تقوم بعض الاتجاهات الصوفية الغالية إلى إحداث مصدر للتلقي خارج إطار الكتاب والسنة، يتمثل بالإلهام أو الكشف، أو ما يُسمى بالعلم اللدني، بحيث يمكن إحداث معارف أو حتى تشريعات لم يأت بها الوحي عن طريق الإلهام، ولذلك تبحث بعض التوجهات الغالية عن سند لشرعية مصدر الإلهام، وكونه مصدراً للمعارف أو للتشريعات، وتتداول قصة الخضر كما جاءت في القرآن في الخطاب الصوفي على أنها تشريع للإلهام وللكشف وللعلوم اللدنية، بما أن أعمال الخضر تكمن أهميتها في معانيها الباطنة، وإن كانت ظواهرها قد لا تحضى بالقبول، وهذا التفريق بين الظاهر والباطن في الخطاب الصوفي يكاد يتخذ من قصة الخضر البناء الأساس، فيمكن للصوفي الغالي -على هذا الاعتبار- أن يفهم من النصوص الشرعية غير ظاهرها، ويعمل به إذا كان الإلهام قاده إلى ذلك، ولا يكون في هذا مخالفة دينية، حيث إن المعوّل عليه على الباطن وليس على الظاهر، وأن العلوم التي تنزل على الأولياء هي من جنس علوم الخضر، ويستدل على هذا الأصل بقصة الخضر كما جاء في القرآن.
إن قصة الخضر كما جاءت في القرآن وفي السنة كما في حديث ابن عباس الطويل في صحيح البخاري؛ غاب فهمه العلمي عند بعض متناولي الحادثة في الخطاب الصوفي الغالي، حيث إن الخضر لم يفعل ما فعله عن إلهام، وإنما عن علم علمه الله إياه، كما قال سبحانه وتعالى: "فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (": وفي حديث ابن عباس في صحيح البخاري في قصة الخضر: "قال الخضر لموسى: أنت على علم من علم الله علمكه لا أعلمه، وأنا على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه" فنسب الخضر العلم إلى الله ولم ينسبه إلى نفسه، أو إلهام أو كشف أو غيره.
والعلم الذي علمه الله للخضر إنما كان عن وحي من الله، ولا يلزم بذلك أن يكون هذا الوحي مثل وحي الأنبياء، بل قد يكون هذا الوحي مثل الإيحاء إلى أم موسى كما جاء في سورة القصص، مع العلم أن الوحي بكل صوره انقطع بموت النبي صلى اله عليه وسلم، فليس لأحد أن يدعي أن تلقى وحياً من عند الله. ولذلك قام الخضر بما يقتضي هذا العلم عن يقين كقتل الغلام، ولا يجوز قتل النفس لمجرد الظن، بل لا بد من اليقين، وهو ما تحققه الخضر من علم الله، مع العلم أن الأعمال التي قام بها الخضر والتي يدعي بعض غالية المتصوفة أنه يخالف ظاهرها باطنها لا يسلم عند التحقيق، فإن جميع ما فعله الخضر مآله لا يخالف شريعة موسى ولا غيره، فمثلاً جواز إتلاف بعض المال للإبقاء على البعض الآخر، ومثل ذلك قتل الغلام فهو بمثابة قتل المعتدي الصائل، ولذلك موسى عليه السلام لم يستنكر ما فعله الخضر لما بان له مآلات أفعاله.
مع أنه من المهم التنبيه على أن الخضر لم يكن يتبع شريعة موسى عليه السلام، وهذا سائغ في الأمم السابقة، حيث كان النبي يبعث إلى قومه خاصة، أما في حال الشريعة المحمدية فإنها للناس كافة كما صحت بذلك النصوص الشرعية. وأيضاً فإن الخضر لا يمكن بقاؤه حياْ طوال هذه السنين كما يدعي بعض الخطاب الصوفي الغالي أنه لا زال حياً، وأنه يمكن الاجتماع به.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

مختار45
2019-06-04, 20:31
بارك الله فيك*

أبوإبراهيــم
2019-06-04, 21:30
وفيك باراك الله أخي الكريم*

نهاد سوسن
2019-06-21, 12:22
بوركت على الطرح

houari022
2019-06-27, 11:47
جزاك الله خيرا

houari022
2019-06-27, 11:47
جزاك الله خيرا اخي