تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المقامة العيدية .


علي قسورة الإبراهيمي
2009-11-26, 19:30
بسم الله الرحمن الرحيم .
حكى قسورة ، قال :
لحق بي العيد ، وأنا عن أهلي بعيد ..هذا بعد أن أخذتني عادة الأسفار، و التغرب عن الديار ، و بُعدالمزار ..
و لأجلِ عملي ، فلطالما تغرّبتُ ، و شرّقتُ و غرّبت ُ ، و زرتُ مرابعَ بدوٍ وديارَ حضرٍ ، و كم قطعت من بر و من بحرٍ .كأن الشاعر يعْنِيـني :
المرءُ في كورته ضـائع**** و الليث في غيضته جائع.
فانهض تـــــرى الدنيا****و الموت لا يدفعه دافـع
و مع هذا ، فقد خنقتني العبرة ، و أخذتني الزفرة . حين تمثلت بقول الشاعر :
إذا ما ذكرتُ الدارَ فاضت مدامعي **** و صارفؤادي نهبـــة للهماهمِ.
حنينًا إلى أرضٍ بها إخضرّ شاربـي **** و حلّت بهاعني عقود التمــائم .
و انتابني الوجومُ و الدهولُ ، حتى صرت ُ لا أعي ما أقول ...
فإذا بشخصٍ صريح يتقدم مني ، و بلسان فصيح يحييني ...فوقفتُ مما أسمع ذاهلاً، وصار سحبانُ بياني باقلاً ..
لأنني قد أخترت من الكلام الصوم ، بعد أن ألفتُ القوم ، و عن لسانهم كنت بينهم كإبن الحمير ، لولا مخاطبتهم بلغة شكسبير ..
فابتدرني صاحبي بالسلام، بعد أن تكلم بأحسن الكلام ..و قال لي : أنا غريب مثلك ، و حالي كحالك .
ثم بادرني مجاملاً و أنشدني قائلا :
أجارتنا إنا غريبان ههنا **** وكل غريب للغريب نسيب
ثم سرّني بعذب الكلامِ من النثرِ و اتبعه بمعسولِ الشعرِ ...فكفكف مدامعي و التقط مجامعي ، حين ردد على مسامعي:
عيدٌ بأية حال عدت يا عيدُ**** بما مضى أم لأمر فيك تجديد؟
و بعد هذا ، بسط عنان الخطاب،و عن العيد مدّ أطناب الإطناب، وطلب الأمد في الإسهاب...حيث قال : إن في العيدِ يطرح فيها المسلمون همومهم، وينسون غمومهم، فتفرحُ قلوبهم، وتصفو نفوسهم، وتنشرح صدورهم، وتتهلّل وجوههم، وتنطلق ألسنتهم بأعذب الكلمات ، وتخرج من أفواههم ألطف العبارات، وأرق التحيات، فيتغافرون، ويتعانقون..
فعندما حان الأنتهاء ، تنفس صاحبي الصعداء . و قال :
لكنْ، أَينَ نحن مسلمي هذا الزمان من هذه المعاني النبيلة ، والذكريات الجليلة؟.. إننا ـ إلا من تداركه رحمة من ربه ـ أكثر الناس تنكّرًا وإعراضًا عن هذه الذكريات، وأبعد الناس عن هذه المعاني و هذه الصفات .
لذلك صرنا نعيش معيشة الحيوان البهيم، ونحيا حياة الذيل غير الكريم.
فقلتُ : أبيت اللعن ! ليتني أعرف ما بخاطرك يجول ، علّني أفهم ما تقول .
فنظر إليّ و عبس ، حتى ما نبس ..
و بعد هنيهة ، زمجر و صاح : ما الذي يمنعنا أن نكونَ كأوائلنا أعزة على الكافرين، أذلة على المؤمنين؟..
ما الذي يمنعنا أن نكونَ كأسلافنا أشداء على الكفار، رحماء بالأبرار؟..
آهٍ ! يمنعنا من ذلك ، أننا فرّطنا في حبل الله المتين ،وابتعادنا عن الدين ، واستبدالنا الذي هو أدنى بالذي هو خير و أعم ، وخيانتنا لله وللرسول ولآماناتنا ونحن نعلم.
أما الحديث عن العالم الإسلامي فحدث عن البحر ولاحرج ، فتجد نفسك أحفظ من حمادٍ وأجمع من أبي الفرج .
يا صاح ! ارنو ببصرك في الأوطان و الدوّلِ ؛ يرجع إليك البصر خاسئـــًا من الاول ، لأنك لن ترى ما يسرّ. حتى يصيبك العمى والعور.
ففي المغربِ هوىً متبعٌ .. والجزائر وتونس لا يزالان كما قال الشاعر:
بتونس أمة ُ الإسلام ظُلمت**** و في الجزائر دين الله يهتضم
وليبيا تعاني من "معمرها" أكثر مما عانته من مخرّبها و مستعمرها..
ومصر استخفّ قومها شخصٌ رجع بها القهقرى ،وقال كأخيه، ما أريكم إلا ما أرى.. و طفق في أرض الكنانة بالفساد يعيث ، ليجعلَ من ابنه " الأمير " للحكم الوريث .
وفلسطين عدوّها صار يُقبّل، وابنها بابنِها يُقتل..والأردنُ قطعة أنكرها التاريخ ، وأثبتتها الجغرافيا، لتكونَ شوكة ً دامية في الرجل السّاعية..
والعراق لا يزالُ كما وُصف بلد الشقاق.. وعاد إلى ما وصّفه به ابنه الرصافي:
وإن تسأل عمــا**** هو في بغداد كائن
فحكم مشرقي الضرْ**** ع،غربي المـلابن
وطنـي الإسم لكن**** انجليزي الشناشن.
ولبنانُ مسرح ٌ يمثل فيها الفُجّار ، ما يـُمليه عليهمُ الكبار.
وتركيا رفضت أن تكون رأسًا أولاً، وفضلت أن تصيرَ ذيلاً..
وسوريا يـُلبس فيها الحق بالباطل، فلا هي سالمت و لا هي تقاتل .
وإيران..
إيران ، لها وجهان، تحارب أمريكا في لبنان، وتُهادِنها في بغدان ، وتستأسد في الخليج على العربان.
والسودانُ كم مزّقه الطغيان، وأوهنه العصيان ؟ !.
واليمن..فإنّ بلقيسها أرشد من ذي يزن..
والسعودية ُ تُظهر الإسلام ، و"تستقسم بالأزلام"، تحذر القريب، وتأمن الغريب، تزخرف البيت، و "تصب على النار الزيت ".. و باقي الخليج منظره يهيج، وأمره مريج، ألهاه التكاثر في الأموال، وأنساه ما ينتظره من الأهوال..
أما باكستان،ومعناها أرض الأطهارِ، ركنتْ إلى الأشرارِ، وطاردت و نكّلت بالأخيار، و سلّمت الكثير من الأحرار.. وأفغانستان أرجعها سوء الإنسان إلى بداية الأزمان ..
أما أندونيسيا فقد خلقهاالله جنةً للإنسان، فصارت ملعبــًا للشيطان...
و بعد حيرة ، قال صاحبي في حسرة : وليس لنا من العيد إلا مظاهر تتمثل في خرافٍ تذبح، و أطفال ٍتمرح .
ثم ودعني على أمل اللقاء ، إن كان في العمر بقاء

ملاحظة : أرجو من الذي يريد الردّ ..فليرد ، مع الإتيان بالدليل و البرهان .. كما أنني لا أردّ على المداخلات التي تأتي بأنتقائية ، أو الدفاع عن دولة دون أخرى ..
تحياتي

حسان منصور
2009-11-26, 19:52
عيد باية حال عدت يا عيد بما مضى ام لامر فيك تجديد
ذكرتنا اخي بزمن الشموخ وامجاد العربية
فلا توقفت مقاماتك اللطيفة انت تستحق ان نهنئك/تحياتي

علي قسورة الإبراهيمي
2009-11-27, 09:44
عيد باية حال عدت يا عيد بما مضى ام لامر فيك تجديد
ذكرتنا اخي بزمن الشموخ وامجاد العربية
فلا توقفت مقاماتك اللطيفة انت تستحق ان نهنئك/تحياتي


حسان منصور.
أيها الجزائري الحر.
هذا هو حال هذه الأمة ..إن في العين لعبرة ، و في الفؤاد لحسرة ، و في النفس لزفرة ..
على ما آل إليه العرب .
و لكن دعنا لا نفقد الأمل .. فبعد الضيق سيأتي الفرج ..
أيها الفاضل ..أ لم يقل الشاعر العربي الفحل :
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها**** فرجت وكنت أظنها لا تفرج .
و لا يسعني إلاّ أن اقول :
عيد سعيد ، لك و لأهلك .
تحياتي .

souadi
2009-11-27, 11:33
عيد سعيد مبارك إن شاء اللهالي أمة محمد عليه أفضل السلام: والله يا أخي أثلجت صدري الذي كان يغلي الي ما صار فنحليلك للأمة المسلمة تحليل رائع فأنا أيضا هكذا أوأكثر فالندع بالسلم والسلام لبلد المسلمين والإسلام دامت مقاماتك للتشريح والتحليل .

علي قسورة الإبراهيمي
2009-11-27, 17:19
عيد سعيد مبارك إن شاء اللهالي أمة محمد عليه أفضل السلام: والله يا أخي أثلجت صدري الذي كان يغلي الي ما صار فنحليلك للأمة المسلمة تحليل رائع فأنا أيضا هكذا أوأكثر فالندع بالسلم والسلام لبلد المسلمين والإسلام دامت مقاماتك للتشريح والتحليل .

souadi
أيتها المفعمة بالفضل، و يا ذات الأصل .
عاودتكِ السعودُ ما عاد عيدٌ و أخضرّ عود.
نعم.. يا كريمة الجزائر .. إنّ هذه الأمة قد أدلهمّتها الخطوب ، و بعض الأنظمة و ابواقها بانتِ العيوب .
ألا تعلمين يا اختاه .. أن عن أمتنا قيل : إنها أمة تحاربُ في اللعب .. وتلعب في الحرب ..! و ما الأحداث الأخيرة لا تزال عالقة بالأذهان ، يا ذات الجنان ..
تقولين .." تحليل رائع " ..
إن الروعة في مروركِ و حضورك.
دمتِ كما تحبين أن تكوني .
لك الورد و الرياحين .

هبة الله الرحمن
2009-11-27, 17:35
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أخى...ويعطيك ألف عافية على هذه المقامة...الرائعة فى كلامها ومعانيها....كم هو جميل أن يترجم قلمك ما يحدث فى الحياة الي كلمات جميلة وراقية.....جزاك الله كل خير....وعيد مبارك لك ولكل المسلمين....

تحياتي الأخوية المعطرة بأفضل الصلاة والسلام على خير من مشى على بساطه..

علي قسورة الإبراهيمي
2009-11-27, 19:56
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أخى...ويعطيك ألف عافية على هذه المقامة...الرائعة فى كلامها ومعانيها....كم هو جميل أن يترجم قلمك ما يحدث فى الحياة الي كلمات جميلة وراقية.....جزاك الله كل خير....وعيد مبارك لك ولكل المسلمين....

تحياتي الأخوية المعطرة بأفضل الصلاة والسلام على خير من مشى على بساطه..





الهيبة من الله
أيتها المفعمة بالطُهر و الفضل .
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته .
نعم ..فقد رأيتُ و أرى ما يحزنني ، ما يحدث لهذه الأمة ، فكمدتُ تلك الثورة التي في اعماقي ، حتى كِدتُ أن انفجر .. و أخيراً صدحت بها في هذه المحاولة ..و لكن هي لا ترقى أن تكون مقامة ً..و أين و فن المقامات ؟.. و لذلك لنقص باعي .
أيتها الفاضلة .
أهلا بكِ ..و ليفسح لكِ في المجلس لتتربعين صدارته
و لكن ..أين هي الروعة التي تتكلـّمين عنها ...ألا ترين أنني اتعلم منكِ ألق البيان ..
فقد تلاشت في صدري أجمل الكلمات...ثم قادتني إليكِ عبارات الشكر.
شكراً على المرور و التعليق .
زادكِ الله من فضله و نعيمه .
و عيد سعيد لكِ و لأهلكِ باليمن و اليسر .
تحياتي.