الرويسي
2009-11-26, 13:54
الشاي .. حكاية طويلة
تقول الاسطورة الصينية إن إله الزرع كان يمضغ على الدوام اوراق النباتات وسيقانها وجذورها المختلفة ليكتشف الطيّبة منها، وأثناء ذلك كان يحدث ان يستهلك بعض النباتات السامّة فيقوم بمعالجة نفسه منها بأوراق الشاي الأخضر التي من شأنها إزالة آثار السمّ.
لكن الأسطورة الأقرب الى التخيّل هي أن الامبراطور شين نونغ shen nung الذي تميّز بحسّه الابداعي وحكمته ورغبته الدائمة في اكتشاف كل جديد، كان معتاداً على غلي الماء ومن ثم شربه، وذلك كطريقة ناجعة للحفاظ على الصحّة.
وفي أحد الايام خَرَج كعادته للتنزّه والتأمّل في الطبيعة مع بعض حاشيته، واثناء جلوسه للراحة تحت ظلّ شجرة، بدأ خدمه يعدّون الماء المغلي. وعندما سَخَن الماء – وبالصدفة – سَقَطَت بعض الوريقات من إحدى الاشجار القصيرة في الوعاء، فبدأ الماء فيه يتلوّن ويميل الى الإصفرار، إذ كانت تلك الاوراق من شجرة تدعى «الشاي». وعندما رأى الامبراطور هذا السائل الجديد الذي أصبح بلون بني فاتح واستنشق رحيقه وشذى عطره، انجذب اليه فتذوّقه فوجد طعمه لذيذا، وتأثيره جيداً على مزاجه العام. كان ذلك منذ خمسة آلاف عام، حيث اكتشف شراب «الشاي» للمرة الاولى.
وفي رواية اخرى للبوذيين تقول إن بوذا هو أول من اكتشف «الشاي».
وكلمة «تشاي» هي في الاصل مشتقّة من اسم نبتة «شا» في اللغة الصينية القديمة، وأطلق على تلك الشجرة التي لا يرتفع طولها الى أكثر من متر واحد عن الارض.
من الصين إلى أوروبا
منذ حوالي الألفي عام بَدَأت زراعة الشاي البرّي وتقديمه للزائرين كمشروب، وذلك لإبقائهم يقظين ولكسب أطول وقت ممكن للتأمل. هكذا، وضمن هذا المناخ من السكينة والهدوء، ولدت طقوس شرب الشاي البوذية.
ومن مدينة زيجيانغ التي تمرّ عبرها «طريق الحرير» وصل الشاي في العام 1650 الى اوروبا ومن ثم الى القارة الاميركية، وذلك عن طريق تجار البحر الالمان. وفي العام 1699، بدأت «الشركة الهندية الغربية» بإحضار اوراق الشاي الاخضر الى انكلترا، ثم عملت على احتكار استيراد جميع أنواعه الى الامبراطورية البريطانية، وكانت أسعاره في البداية، مرتفعة ولا يشربه سوى النخبة من الناس.
في القرن الثامن عشر صَدَر كتاب «تقاليد الشاي» للكاهن البوذي لويو الذي تضمّن حكاية الشاي وتأثيره على الجسد والروح. وفي الثلث الاخير من القرن التاسع عشر استطاع خبير الاعشاب روبرت نورتون ولقبه «سارق الشاي» من تعريف العالم على حقيقة سرّ الشاي، وذلك بعد أن تنكّر بلباس مواطن منشوري منتدباً من «شركة الهند» للحصول، مهما كلّف الأمر، على بذور الشاي لنقلها الى اوروبا.
انتهاكات بربرية
وزرعت المساحات الواسعة في سيلان، وهي سريلانكا اليوم، حيث بذل البريطانيون جهوداً كبيرة للمحافظة على الاحتكار وبشتى الاساليب اللاإنسانية، فنقلوا قسماً من سكان الهند الى مخيمات العمل في سيلان، واحتجزوهم هناك تحت وطأة ظروف قاسية، حيث تعرّض هؤلاء لانتهاكات بربرية بشعة، ومجازر جماعية. وأخضعت «الامبراطورية» التي لا تغيب عن أراضيها الشمس – بعد ذلك - لسلطتها جميع منتجي الشاي الصينيين.
أنواعه
أما أنواع الشاي فهي:
الأسود او الاحمر: وهو الاشهر بين انواع الشاي التي نعرفها وهو المخمّر بشكل كامل.
الاخضر: وهو الشاي البكر الذي لم يمر على عملية التخمّر. ويستخدم أيضا في مستحضرات التجميل كصابون الاستحمام وكريمات الترطيب ومعطرات الجسم.
الأولونج: وهي كلمة صينية ومعناها «التنين الاسود»، ويطلقون على هذا النوع في الصين «الشاي الازرق» وهو شاي تعرّض لعملية تخمّر وَسَط ما بين خصائص الشاي الأسود والشاي الاخضر.
الابيض او الاصفر: ويتمّ الحصول عليه من البراعم البيضاء، وهو أندر الانواع وأغلاها ثمناً.
شاي الساعة الخامسة عند الإنكليز
تعود هذه العادة الى قصة طريفة تفيد أن امرأة بريطانية أغاظها افراط الرجال في احتساء القهوة، فما كان منها إلا أن قدمت كتيبا عام 1674 باسم «دعوى النساء ضد القهوة» تسلّط الضوء فيه على أضرارها صحياً على الرجال وعلى أُسرهم ايضاً، ولم تكتف
بالكتيب بل قامت بتقديم البديل وهو «الشاي».
أما كونه يُتناول في موعد ثابت هو الساعة الخامسة، فيعود الى زمن الملكة فيكتوريا التي حكمت بريطانيا في القرن التاسع عشر، والتي رسخت عادة تناول الشاي في الساعة الخامسة من عصر كل يوم كأحد التقاليد للشعب الانكليزي.
مدارس يابانية في شربه
أخذ اليابانيون الشاي عن الصينيين ورفعوه بطقوسه الى مصاف المذاهب الجمالية الراقية. وعلى الرغم من نشأته في الصين فقد تطوّر وتشكّلت مدارسه في اليابان حتى أصبح اسمه مرادفاً لاسم اليابان نفسها.
ويقال ان الفتاة اليابانية لا تعتبر راشدة وناضجة ما لم تتقن: تقنية ارتداء ثوب «الكيمونو» التقليدي، وفن تحضير الشاي.
هناك قول صيني مأثور: يمكن المسامحة على جريمة قتل، ولكن الخطأ خلال جلسة «شاي» لا يُغتفر.
منقول للفائدة
تقول الاسطورة الصينية إن إله الزرع كان يمضغ على الدوام اوراق النباتات وسيقانها وجذورها المختلفة ليكتشف الطيّبة منها، وأثناء ذلك كان يحدث ان يستهلك بعض النباتات السامّة فيقوم بمعالجة نفسه منها بأوراق الشاي الأخضر التي من شأنها إزالة آثار السمّ.
لكن الأسطورة الأقرب الى التخيّل هي أن الامبراطور شين نونغ shen nung الذي تميّز بحسّه الابداعي وحكمته ورغبته الدائمة في اكتشاف كل جديد، كان معتاداً على غلي الماء ومن ثم شربه، وذلك كطريقة ناجعة للحفاظ على الصحّة.
وفي أحد الايام خَرَج كعادته للتنزّه والتأمّل في الطبيعة مع بعض حاشيته، واثناء جلوسه للراحة تحت ظلّ شجرة، بدأ خدمه يعدّون الماء المغلي. وعندما سَخَن الماء – وبالصدفة – سَقَطَت بعض الوريقات من إحدى الاشجار القصيرة في الوعاء، فبدأ الماء فيه يتلوّن ويميل الى الإصفرار، إذ كانت تلك الاوراق من شجرة تدعى «الشاي». وعندما رأى الامبراطور هذا السائل الجديد الذي أصبح بلون بني فاتح واستنشق رحيقه وشذى عطره، انجذب اليه فتذوّقه فوجد طعمه لذيذا، وتأثيره جيداً على مزاجه العام. كان ذلك منذ خمسة آلاف عام، حيث اكتشف شراب «الشاي» للمرة الاولى.
وفي رواية اخرى للبوذيين تقول إن بوذا هو أول من اكتشف «الشاي».
وكلمة «تشاي» هي في الاصل مشتقّة من اسم نبتة «شا» في اللغة الصينية القديمة، وأطلق على تلك الشجرة التي لا يرتفع طولها الى أكثر من متر واحد عن الارض.
من الصين إلى أوروبا
منذ حوالي الألفي عام بَدَأت زراعة الشاي البرّي وتقديمه للزائرين كمشروب، وذلك لإبقائهم يقظين ولكسب أطول وقت ممكن للتأمل. هكذا، وضمن هذا المناخ من السكينة والهدوء، ولدت طقوس شرب الشاي البوذية.
ومن مدينة زيجيانغ التي تمرّ عبرها «طريق الحرير» وصل الشاي في العام 1650 الى اوروبا ومن ثم الى القارة الاميركية، وذلك عن طريق تجار البحر الالمان. وفي العام 1699، بدأت «الشركة الهندية الغربية» بإحضار اوراق الشاي الاخضر الى انكلترا، ثم عملت على احتكار استيراد جميع أنواعه الى الامبراطورية البريطانية، وكانت أسعاره في البداية، مرتفعة ولا يشربه سوى النخبة من الناس.
في القرن الثامن عشر صَدَر كتاب «تقاليد الشاي» للكاهن البوذي لويو الذي تضمّن حكاية الشاي وتأثيره على الجسد والروح. وفي الثلث الاخير من القرن التاسع عشر استطاع خبير الاعشاب روبرت نورتون ولقبه «سارق الشاي» من تعريف العالم على حقيقة سرّ الشاي، وذلك بعد أن تنكّر بلباس مواطن منشوري منتدباً من «شركة الهند» للحصول، مهما كلّف الأمر، على بذور الشاي لنقلها الى اوروبا.
انتهاكات بربرية
وزرعت المساحات الواسعة في سيلان، وهي سريلانكا اليوم، حيث بذل البريطانيون جهوداً كبيرة للمحافظة على الاحتكار وبشتى الاساليب اللاإنسانية، فنقلوا قسماً من سكان الهند الى مخيمات العمل في سيلان، واحتجزوهم هناك تحت وطأة ظروف قاسية، حيث تعرّض هؤلاء لانتهاكات بربرية بشعة، ومجازر جماعية. وأخضعت «الامبراطورية» التي لا تغيب عن أراضيها الشمس – بعد ذلك - لسلطتها جميع منتجي الشاي الصينيين.
أنواعه
أما أنواع الشاي فهي:
الأسود او الاحمر: وهو الاشهر بين انواع الشاي التي نعرفها وهو المخمّر بشكل كامل.
الاخضر: وهو الشاي البكر الذي لم يمر على عملية التخمّر. ويستخدم أيضا في مستحضرات التجميل كصابون الاستحمام وكريمات الترطيب ومعطرات الجسم.
الأولونج: وهي كلمة صينية ومعناها «التنين الاسود»، ويطلقون على هذا النوع في الصين «الشاي الازرق» وهو شاي تعرّض لعملية تخمّر وَسَط ما بين خصائص الشاي الأسود والشاي الاخضر.
الابيض او الاصفر: ويتمّ الحصول عليه من البراعم البيضاء، وهو أندر الانواع وأغلاها ثمناً.
شاي الساعة الخامسة عند الإنكليز
تعود هذه العادة الى قصة طريفة تفيد أن امرأة بريطانية أغاظها افراط الرجال في احتساء القهوة، فما كان منها إلا أن قدمت كتيبا عام 1674 باسم «دعوى النساء ضد القهوة» تسلّط الضوء فيه على أضرارها صحياً على الرجال وعلى أُسرهم ايضاً، ولم تكتف
بالكتيب بل قامت بتقديم البديل وهو «الشاي».
أما كونه يُتناول في موعد ثابت هو الساعة الخامسة، فيعود الى زمن الملكة فيكتوريا التي حكمت بريطانيا في القرن التاسع عشر، والتي رسخت عادة تناول الشاي في الساعة الخامسة من عصر كل يوم كأحد التقاليد للشعب الانكليزي.
مدارس يابانية في شربه
أخذ اليابانيون الشاي عن الصينيين ورفعوه بطقوسه الى مصاف المذاهب الجمالية الراقية. وعلى الرغم من نشأته في الصين فقد تطوّر وتشكّلت مدارسه في اليابان حتى أصبح اسمه مرادفاً لاسم اليابان نفسها.
ويقال ان الفتاة اليابانية لا تعتبر راشدة وناضجة ما لم تتقن: تقنية ارتداء ثوب «الكيمونو» التقليدي، وفن تحضير الشاي.
هناك قول صيني مأثور: يمكن المسامحة على جريمة قتل، ولكن الخطأ خلال جلسة «شاي» لا يُغتفر.
منقول للفائدة