المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فقه الجنايات


*عبدالرحمن*
2018-12-22, 17:31
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


تقدم

الحدود والتعزيرات الإسلامية (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?p=3997690318#post3997690318)

حد الرده (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2165819)

حد القذف (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2165442)

عفا أولياء الدم عن أخيه القاتل مقابل مال فهل يأثم إذا أعانه على دفع هذا المال وأنقذه من القصاص

السؤال

قاتل حكم عليه بالإعدام ، وعفا عنه أولياء الدم مقابل مبلغ من المال ، وأحد اخوته مقتدر ، ويستطيع سداد هذا المبلغ ولكن هل يلحقه أي إثم في فكاكه من الإعدام ؟

الجواب

الحمد لله

أولا:

القتل العمد العدوان، فيه القصاص، إلا أن يعفو أولياء القتيل على مال، أو مجانا؛

لقوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ

وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة/178، 179

ولقوله صلى الله عليه وسلم: (وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِمَّا يُودَى وَإِمَّا يُقَادُ) رواه البخاري (6881) ، ومسلم (1355).

وفي "الموسوعة الفقهية" (12/ 276): "القتل العمد العدوان : موجَبه القصاص، ويجب لذلك توافر شروط، أهمها: كون القاتل قد تعمد تعمدا محضا ليس فيه شبهة، وكونه مختارا، ومباشرا للقتل، وألا يكون المقتول جزء القاتل

وأن يكون معصوم الدم مطلقا. وفضلا عن ذلك يجب للقصاص: أن يطلب من ولي الدم.

فإذا اختل شرط من هذه الشروط امتنع القصاص، وفيه التعزير. وفي ذلك خلاف وتفصيل" انتهى.

ثانيا:

إذا عفا أولياء الدم عن القصاص، فذلك خير مرغب فيه، سواء عفوا إلى الدية، أو أكثر أو أقل.

ولا حرج في إعانة القاتل على هذا المال، إذا كان قد تاب إلى الله تعالى، ولم يكن في إعانته تشجيع له على الاستمرار في العدوان .

وجوز بعض أهل العلم أن يعان على ذلك من مال الزكاة.

أما من كان شأنه الفساد والعدوان ، والاستهانة بالدماء : فإنه لا يعان على ذلك .

قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله فيمن بقي عليه بعض الدية وهو معسر: "

فإن الباقي من المبلغ : دين في ذمته، ويجب إنظاره فيه إلى ميسرة؛ لقوله تعالى: (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) إلا أنه يستحق أن يدفع له من الزكاة ما بقي بدينه

لأنه من الغارمين الذين هم أحد أصناف مصارف الزكاة"

انتهى من "فتاوى الشيخ" (11/ 323).

ومنع من ذلك آخرون.

واشترط بعضهم لجواز إعطائه من الزكاة شروطا، ونرى أن هذه الشروط لابد منها حتى في إعانته من غير الزكاة:

"1 - ألا يكون القاتل معروفاً بالفساد، والشر، وإيذاء العباد.

2 - ظهور توبة القاتل بظهور أمارات الصلاح عليه، وشدة ندمه.

3 - ألا يكون قد تكرر منه القتل العمد، فإن تكرر منه فلا يعطى.

4 - ألا يكون له مال يفي بالصلح، فإن كان له ما يفي ببعضه ، أعطي ما يفي بالباقي فقط.

5 - ألا يكون الصلح مبالغاً فيه مبالغة تخرج به عن الحد المعقول؛ لأن من شأن صرف الزكاة في ذلك، أن يكون ذريعة للتساهل في القتل؛ اعتماداً على إغراء الأولياء بالأموال الطائلة للتنازل

عن القصاص، ومن ثم أخذها من أموال الزكاة، وهذا ما لا يشك فقيه بعدم جوازه" انتهى من:

https://platform.almanhal.com/Files/2/93332

وعليه :

فينظر في حال هذا القاتل، فإن لم يكن معروفا بالإجرام، وظهرت توبته وندمه، فينبغي لأخيه أن يعينه ، ويفك رقبته.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-12-22, 17:34
هل يجوز أن ينقذ غيره من غرق أو مخمصة بهلاك نفسه؟

السؤال

هل يجوز للمسلم على سبيل المثال أن يفدي الكافر بنفسه ؟

مثلا لو قدر أنه لا يمكن إنقاذ الكافر إلا بذهاب نفس المسلم فهل يحوز أن ينقذه ؟

الجواب

الحمد لله

أولا:

يجب إنقاذ المعصوم من الهلكة لمن قدر على ذلك، ويأثم بتركه.

والمعصوم: هو المسلم والكافر الذمي والمعاهد والمستأمن. فخرج بذلك الكافر المحارب، والمرتد، والزاني المحصن، ونحوهم ، فهؤلاء غير معصومين.

قال في "كشاف القناع" (1/ 380):

"(ويجب رد كافر معصوم) بذمة أو هدنة أو أمان (عن بئر ونحوه) كحية تقصده (ك) رد (مسلم) عن ذلك ، بجامع العصمة .

(و) يجب (إنقاذ غريق ونحوه) كحريق (فيقطع الصلاة لذلك) ، فرضا كانت أو نفلا .

وظاهره: ولو ضاق وقتها، لأنه يمكن تداركها بالقضاء، بخلاف الغريق ونحوه ؛ (فإن أبى قطعها) ، أي الصلاة لإنقاذ الغريق ونحوه : أثم" انتهى.

وفي "الموسوعة الفقهية" (31/ 183):

" إغاثة الغريق والعمل على إنجائه من الغرق : واجب على كل مسلم ، متى استطاع ذلك .

يقول الفقهاء : يجب قطع الصلاة لإغاثة غريق إذا قدر على ذلك، سواء أكانت الصلاة فرضا أم نفلا ، وسواء استغاث الغريق بالمصلي ، أو لم يعيّن أحدا في استغاثته

حتى ولو ضاق وقت الصلاة ؛ لأن الصلاة يمكن تداركها بالقضاء ، بخلاف الغريق" انتهى.

وينظر للفائدة: جواب السؤال القادم

ثانيا:

هذا الإنقاذ مقيد بالقدرة والتمكن ، كغيره من الواجبات الشرعية ؛ فإذا كان الإنسان عاجزا عن إنقاذ غيره لم يلزمه ذلك .

قال في "كشاف القناع" (2/ 314): "(ولو وجد آدميا معصوما في هلكة ، كغريق : لزمه - مع القدرة - إنقاذه) من الهلكة" انتهى.

وإذا غلب على الظن أنه يهلك إذا حاول إنقاذ غيره : حرم عليه ذلك؛ لما فيه من إلقاء النفس إلى التهلكة، كأن يكون الإنسان لا يحسن السباحة، فيحاول إنقاذ غريق.

ومن كان يحسن السباحة وأراد إنقاذ الغريق فتشبث به، وخشي على نفسه الهلاك، فإن له أن يدفعه عن نفسه

وأن يتركه، ولو أدى ذلك لهلاكه، حفاظا على نفسه، سواء كان الغريق مسلما أو كافرا، بل الظاهر أنه يجب أن ينقذ نفسه؛ لقوله تعالى: وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ البقرة/ 195 .

قال الشوكاني رحمه الله:

" لا شك أن إنقاذ الغريق من أهم الواجبات على كل قادر على إنقاذه ، فإذا أخذ في إنقاذه ، فتعلق به حتى خشي على نفسه أن يغرق مثله : فليس عليه في هذه الحالة وجوب ، لا شرعا

ولا عقلا، فيخلص نفسه منه ، ويدعه، سواء كان قد أشرف على النجاة أم لا، بل ظاهر قوله تعالى: ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) [البقرة: 195]، أنه يجب عليه تخليص نفسه.

والآية هذه ، وإن كانت واردة على سبب خاص ، كما في سنن أبي داود وغيرهما ؛ فالاعتبار بعموم اللفظ ، لا بخصوص السبب ، كما تقرر في الأصول ، وهو الحق" انتهى من "السيل الجرار"، ص892 .

ثالثا:

ليس للإنسان أن يؤثر غيره بما يؤدي إلى هلاك نفسه، كأن يغرق لإنقاذ غريق، أو يعطي طعامه لمضطر وهو مضطر؛ لأن الإنسان مأمور بحفظ نفسه أولا، ولأنه منهي عن إلقاء نفسه إلى التهلكة.

قال ابن قدامة في "المغني" (9/ 421) : " وإذا اشتدت المخمصة في سنة المجاعة ، وأصابت الضرورة خلقا كثيرا ، أو كان عند بعض الناس قدر كفايته وكفاية عياله ، لم يلزمه بذله للمضطرين

وليس لهم أخذه منه ; لأن ذلك يفضي إلى وقوع الضرورة به ، ولا يدفعها عنهم . وكذلك إن كانوا في سفر ومعه قدر كفايته من غير فضلة ، لم يلزمه بذل ما معه للمضطرين .

.. لأن هذا مفض به إلى هلاك نفسه ، وهلاك عياله ، فلم يلزمه ، كما لو أمكنه إنجاء الغريق بتغريق نفسه . ولأن في بذله إلقاء بيده إلى التهلكة ، وقد نهى الله عن ذلك" انتهى.

فلا يجوز إنجاء الغريق بتغريق نفسه.

وكذا لا يؤثر غيره بالطعام أو الشراب، إذا كان في ذلك هلاك نفسه.

قال في "شرح منتهى الإرادات" (3/ 314): " (ومن لم يجد) ما يسد رمقه (إلا طعام غيره : فربه المضطر ، أو الخائف أن يُضطر : أحق به) ؛ لمساواته الآخر في الاضطرار ، وانفراده بالملك؛ أشبه غير حالة الاضطرار .

(وليس له) أي: رب الطعام إذا كان كذلك (إيثاره)، أي: غيره به؛ لئلا يلقي بيده إلى التهلكة" انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "إذا اضطر إلى مال الغير، فإن صاحب المال إن كان مضطراً إليه فهو أحق به.

مثاله: رجل معه خبزة وهو جائع وصاحبه جائع، وليس معه خبز، فالصاحب محتاج إلى عين مال الغير، لكن الغير ـ أيضاً ـ محتاج إليه، ففي هذه الحال لا يحل للصاحب أن يأخذ مال الغير؛ لأن صاحبه أحق به منه .

ولكن هل يجوز لصاحبه أن يؤثره أو لا؟

الجواب: المذهب أن الإيثار في هذه الحال لا يجوز، وقد سبق لنا قاعدة في ذلك، وهي أن الإيثار بالواجب غير جائز، ومن أمثلتها في باب التيمم إذا كان الإنسان ليس معه من الماء

إلا ما يكفي لطهارته، ومعه آخر يحتاج إلى ماءٍ فلا يعطيه إياه والثاني يتيمَّم؛ لأن هذا إيثار بالواجب، والإيثار بالواجب حرام.

وعلى هذا : فإذا كان صاحب الطعام محتاجاً إليه، يعني مضطراً إليه ، كضرورة الصاحب: فإنه لا يجوز أن يؤثر به الصاحب؛ لأن هذا يجب عليه أن ينقذ نفسه، وقد قال النبي عليه الصلاة

والسلام: ابدأ بنفسك ، فلا يجوز أن يؤثر غيره؛ لوجوب إنقاذ نفسه من الهلكة قبل إنقاذ غيره، هذا هو المشهور من المذهب.

وذهب ابن القيم ـ رحمه الله ـ إلى أنه يجوز في هذه الحال أن يؤثر غيره بماله .

ولكن المذهب في هذا أصح، وأنه لا يجوز، اللهم إلا إذا اقتضت المصلحة العامة للمسلمين أن يؤثره

فقد نقول: إن هذا لا بأس به، مثل لو كان هذا الصاحب المحتاج رجلاً يُنتفع به في الجهاد في سبيل الله، أو رجلاً عالماً ينفع الناس بعلمه، وصاحب الماء المالك له، أو صاحب الطعام رجل من عامة المسلمين

فهنا قد نقول: إنه في هذه الحال، مراعاة للمصلحة العامة: له أن يؤثره، وأما مع عدم المصلحة العامة فلا شك أنه يجب على الإنسان أن يختص بهذا الطعام الذي لا يمكن أن ينقذ به نفسه، وصاحبه"

انتهى من "الشرح الممتع" (15/ 40).

وجوز الشافعية أن يؤثر المضطر غيره بما فيه حفظ النفس، إذا كان مسلما، أما الكافر فلا يجوز إيثاره.

قال النووي رحمه الله: "إذا وجد المضطر طعاما حلالا لغيره فله حالان.

أحدهما: أن يكون مالكه حاضرا. فإن كان مضطرا إليه، فهو أولى به، وليس للأول أخذه منه إذا لم يفضل عن حاجته ...

فإن آثر المالك غيره على نفسه، فقد أحسن. قال الله تعالى: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) .

وإنما يؤثر على نفسه مسلما.

فأما الكافر فلا يؤثره، حربيا كان أو ذميا، وكذا لا يؤثر بهيمة على نفسه"

انتهى من "روضة الطالبين" (3/ 285).

وينظر: "المجموع" (9/ 45).

والخلاصة :

أنه لا يجوز للمسلم أن ينقذ أحدًا ويهلك نفسه ، وعلى القول بجواز ذلك – وهو اختيار ابن القيم- فإنه يقيد بما إذا كان المنقَذ مسلمًا . كما هو مذهب الشافعي .

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-12-22, 17:38
أراد إنقاذ غريق فدفعه دون قصد ، فابتلع الماء ، ولم يمكن إنقاذه ؟

السؤال

مجموعة من الأصدقاء ذهبوا في رحلة إلى البحر ، دخل اثنان منهم إلى البحر ، وكاد أحدهما أن يغرق ، فـجاء صاحبه الذي دخل معه وحاول إنقاذه لكنه لم يفلح ، وفي أثناء محاولته لإنقاذه حصلت منه حركة بطريقة معينة

يظن أنها كانت سببًا في غرق صاحبه ـ ، وهو أنه قد دفعه ـدون قصد ـ وهو يحاول إنقاذه ، فابتلع من الماء ، ونزل رأسه تحت الماء وتنفس تحته ، ولم يستطع بعدها إنقاذه ، وكاد كلاهما أن يغرق

حتى جاءت مركبة بحرية ، ولم تستطع إنقاذ ذلك الذي نزل تحت الماء ، وغرق على إثرها ، وعثروا على جثته بعدها بيومين ـ رحمة الله عليه ـ ، والسؤال: هل على الذي حاول إنقاذه آثم ؟

لأنه يظن أنه قد قتله بتلك الحركة الخاطئة التي فعلها دون قصد ، وهل يعتبر من قبيل القتل الخطأ الذي فيه الكفارة ؟

مع أنه كان يحاول إنقاذه ، وبذل كُل ما في وسعه من أجل ذلك ، ولم يكن يريد قتله ، وفعل تلك الحركة دون قصد ، وبسبب التوتر ومحاولة الإنقاذ .

الجواب

الحمد لله

أولا:

يجب إنقاذ الغريق على من يقدر على ذلك ، ولو كان في صلاة ، أو كان صائما وكان الإنقاذ يستلزم فطره ، ويأثم بترك إنقاذه .

وفي "الموسوعة الفقهية" (31/ 183):"

إغاثة الغريق والعمل على إنجائه من الغرق : واجب على كل مسلم متى استطاع ذلك ، يقول الفقهاء : يجب قطع الصلاة لإغاثة غريق إذا قدر على ذلك، سواء أكانت الصلاة فرضا أم نفلا ، وسواء استغاث الغريق بالمصلي

أو لم يعيّن أحدا في استغاثته ، حتى ولو ضاق وقت الصلاة ؛ لأن الصلاة يمكن تداركها بالقضاء ، بخلاف الغريق".

واختلف الفقهاء فيما يترتب على من ترك إنقاذ الغريق:

ففي المصدر السابق (31/ 183): " اتفق الفقهاء على أن المسلم يأثم بتركه إنقاذ الغريق معصوم الدم ، لكنهم اختلفوا في حكم تركه إنقاذه ، هل يجب عليه القصاص ، أو الدية ، أو لا شيء عليه ؟

فعند الحنفية والشافعية والحنابلة - عدا أبي الخطاب - على ما يفهم من كلامهم : أنه لا ضمان على الممتنع من إنقاذ الغريق إذا مات غرقا ؛ لأنه لم يهلكه ، ولم يحدث فيه فعلا مهلكا ، لكنه يأثم .

وعند المالكية وأبي الخطاب من الحنابلة يضمن ؛ لأنه لم ينجه من الهلاك مع إمكانه ، قال المالكية : وتكون الدية في ماله إن ترك التخليص عمدا ، وعلى عاقلته إن تركه متأولا" انتهى.

ثانيا:

إذا شرع الإنسان في إنقاذ الغريق ، فتشبث به فخشي على نفسه الهلاك، تركه.

قال الشوكاني رحمه الله: " لا شك أن إنقاذ الغريق من أهم الواجبات على كل قادر على إنقاذه ، فإذا أخذ في إنقاذه ، فتعلق به حتى خشي على نفسه أن يغرق مثله :

فليس عليه في هذه الحالة وجوب ، لا شرعا ولا عقلا، فيخلص نفسه منه ، ويدعه، سواء كان قد أشرف على النجاة أم لا، بل ظاهر قوله تعالى: ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) [البقرة: 195]، أنه يجب عليه تخليص نفسه.

والآية هذه ، وإن كانت واردة على سبب خاص ، كما في سنن أبي داود وغيرهما ؛ فالاعتبار بعموم اللفظ ، لا بخصوص السبب ، كما تقرر في الأصول ، وهو الحق"

انتهى من السيل الجرار، ص892 .

ثالثا:

يظهر من السؤال أن المنقذ دفع صاحبه ، من غير قصد ، فأدى ذلك إلى ابتلاعه الماء، وربما كان السبب في غرقه.
ويتعلق بهذا أمران:

الأول: الإثم: فلا إثم عليه ، إن كان ذلك دون قصد؛ لما تقرر في الشريعة من رفع الجناح والإثم عن المخطئ، ولأنه إنما أراد إنقاذ أخيه ، لا إهلاكه.

الثاني: الضمان وكون هذا من باب القتل الخطأ أو التسبب في القتل: وهذا يُرجع فيه إلى أهل الخبرة،

فإن قالوا: إن هذا الدفع سبب في الغرق، فإنه يضمنه، فتلزمه الكفارة، والدية على عاقلته. والكفارة صيام شهرين متتابعين.

وإن قال أهل الخبرة: إن هذا الدفع لا يترتب عليه غرق، أو إن هذا من وسائل الإنقاذ، فلا شيء عليه.

والله أعلم.

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-12-22, 17:41
سرق أبوه أشياء لا يستطيع ردها فهل يجزئ أن يتصدق عنه بمبلغ كبير دون علمه ويجعل النية لأصحاب الأموال؟

السؤال

أبي قد سرق أشياء كثيره في صغره ، ولا يستطيع رد هذه الأشياء ، أو حتي ثمنها

ومن المؤكد أيضا أنه قد نسي ذلك

. السؤال : هل بإمكاني إخراج مبلغ كبير من المال صدقة بنية أن يذهب أجر هذا المال إلي الأشخاص الذين سرقهم أبي

ويكون بهذا قد سقط هذا الذنب عن أبي ، ولكن لا أريد أن أخبر أبي بأنني سوف أفعل ذلك ؛ لأنني لو أخبرته قد تحدث مشاكل بيني وبينه ، وأنا أيضا محرج أن أخبره بذلك ؟

الجواب

الحمد لله

أولا:

من سرق مالا، لزمه رده لصاحبه، أو التحلل منه، ولا تتم توبته إلا بذلك .

فإن جهل صاحبه ، تصدق به عنه صدقة مضمونة، فإن وجده يوما من الدهر خيره بين إمضاء الصدقة أو أن يأخذ ماله، وإن كان ميتا دفعه إلى ورثته.

وإن كان عاجزا عن السداد، بقي المال دينا في ذمته حتى يؤديه.

ولا تجزئ الصدقة إذا أمكن الوصول إلى صاحب المال، ولا يشترط إعلامه بالسرقة، بل يكفي إيصال المال إليه بأي وسيلة.

قال النووي رحمه الله : " إن كانت المعصية قد تعلق بها حق مالي كمنع الزكاة والغصب والجنايات في أموال الناس: وجب مع ذلك تبرئة الذمة عنه بأن يؤدي الزكاة ، ويردّ أموال الناس إن بقيت

ويغرم بدلها إن لم تبق ، أو يستحل المستحق فيبرئه ، فإن مات سلّمه إلى وارثه ، فإن لم يكن له وارث، وانقطع خبره رفعه إلى قاض ترضى سيرته وديانته .

فإن تعذّر تصدّق به على الفقراء بنيّة الضمان له إن وجده .

وإن كان معسراً نوى الضمان ، إذا قدر .

فإن مات قبل القدرة فالمرجوّ من فضل الله تعالى المغفرة

"انتهى من "روضة الطالبين"(11/246).

ثانيا:

يجوز أن تخرج ما على والدك ، وتدفعه إلى أصحاب المال ، أو تتصدق به دون علم والدك؛ لأنه دين عليه، والدين يجوز قضاؤه عن صاحبه دون علمه ، لعدم اشتراط نيته.

قال في "مغني المحتاج" (3/ 202): " (ولا يشترط رضا المضمون عنه) وهو المدين (قطعا) ؛ لأن قضاء دين الغير، بغير إذنه : جائز ؛ فالتزامه أولى" انتهى.

لكن عدم رجوعك إلى والدك، قد يؤدي إلى عدم معرفتك لأصحاب الأموال، وقد يكونون معروفين لوالدك ويمكنه الوصول إليهم ، فلا تجزئ الصدقة عنهم كما تقدم.

فاجتهد في أن تعرف أصحاب الحق ، وأن توصله لهم بأيسر طريق ممكن ، مع والدك .

يسر الله لك أمرك ، وأعانك على بره ، ووفقه للتوبة النصوح .

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-12-22, 17:44
إذا أخطأ الطبيب في التشخيص وترتب على ذلك تلف احتاج إلى عملية وتكلفة فهل يضمن الطبيب؟

السؤال

أُصِيبَتْ بعدوى بكترية فى الدم ، والدكتور فى أمريكا أخطا خطأ واضحا فى تشخيص المرض ، نتيجة لخطأ التشخيص وعدم وصف أي علاج لمدة سته أسابيع ، وأدى ذلك إلى انتشار البكتريا فى الجسم

ووصلت للقلب ، مما أدى إلى تلف صِمَام القلب ، وتلف بسيط جدا فى الجهاز التنفسى ، مما أدى إلى قيامي بإجراء عملية قلب مفتوح لإصلاح صِمَام القلب ، بسؤال المختصين قالوا

: إنه كان من المفروض على الطبيب أن يتبع خطوات معينة ، ولكنه لم يفعل. السؤال الآن :

هل يجوز رفع قضيه تعويض على هذا الدكتور ؟ لا يوجد ضرر مادى وقع على نتيجة ما حدث ؛ حيث إن شركة التأمين الصحى التابعة للشركه التى أعمل بها تكفلت بكامل تكاليف العلاج

وتكفلت بمرتبى كاملا أثناء فترة العلاج ، والضرر المادى الذى سيقع على ممكن يكون فى المستقبل حيث إن شركات التأمين الصحى من الممكن أن ترفع قيمه التأمين الصحى ، أو ترفض التأمين على

أيضا أثناء العملية تم قَص القفص الصدرى وربطه بكابلات معدنية ، وإذا رغبت فى إزالة الكابلات سأتكفل بالتكاليف ، الضرر الذى وقع على حتى هذه اللحظة هو الجرح الذى حصل فى الجسم نتيجة العملية حوالى ٢٥سم

وحدث ضعف فى عضلة القلب بنسبة معينه نتيجه تأخر العلاج ، وحدث تأثر بسيط دائم فى الرئتين ، بالإضافة إلى قص القفص الصدرى وربطه بكابلات ، بالإضافة إلى الألم المعنوى والجسدي طول فترة العملية

وفتره النقاهة حوالى ثلاثة أشهر ، ففى حاله رفع قضيه سيتم التحقيق للتأكد من الخطأ ، وفى حاله الحكم بالتعويض سيتم تقسيمه كالآتي : شركه التأمين الصحى ستأخذ تكاليف العلاج والمرتب الذى تم صرفه

والمحامى سيأخذ مصاريف القضية ، ونسبه من التعويض ، وجزء سيذهب لى . فهل هذا حلال ؟

وهل على أى حرج إذا رفعت القضية وأخذت جزءا من التعويض ؟

البعض ينصح بالعفو تجنبا لشبهة أخذ مال لا أستحقه ، وان كنت أشعر بالضيق من الدكتور لتسببه عن جهل أو إهمال فيما حدث .

الجواب

الحمد لله

إذا أخطأ الطبيب في التشخيص ضمن ما ترتب على خطئه من تلف وضرر، ويدخل في ذلك تكاليف الدواء وعلاج الخطأ

ودية العضو التالف إن كان فيه دية مقدرة ، فإن لم يكن فيه دية مقدرة رجع إلى أهل الخبرة في تقدير العوض وهو ما يسمى بحكومة العدل.

وينظر في حالات ضمان الطبيب: جواب السؤال القادم

وعليه ؛ فإذا كان ترتب على خطأ الطبيب وعدم اتباعه الخطوات الللازمة: تلف صِمَام القلب وتلف بسيط جدا فى الجهاز التنفسى، فإن الطبيب يضمن ذلك ، فيتحمل تكاليف علاج ذلك وإصلاحه

ويلزم بالتعويض عما سببه من ضعف عضلة القلب ، ويرجع في تقدير ذلك إلى أهل الخبرة.

قال الصاوي في حاشيته في "الشرح الصغير" (4/ 481):

" الذي استحسنه ابن عرفة فيما إذا لم يكن في الجرح شيء مقدر القول بأن على الجاني أجرة الطبيب وثمن الدواء

سواء برئ على شين (نقص) أم لا، مع الحكومة في الأول، وأما ما فيه شيء مقدر فليس فيه سواه ولو برئ على شين، سوى موضحة الوجه والرأس فيلزم مع المقدر فيها أجرة الطبيب" انتهى.

وإذا كانت شركة التأمين قد تحملت تكاليف العلاج، وخشيت أن يفرض على الطبيب أزيد من الواجب، فتورعت عن رفع القضية، فهذا خير.

ونسأل الله أن يتم شفاءك وعافيتك وأن يخلف عليك خيرا.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-12-22, 17:52
أقسام الأطباء ، ومن يضمن منهم أخطاءه الطبية في علاجه

السؤال

أريد أن أعرف إذا كان أثناء عملية العلاج حدثت أخطاء طبيَّة غير مقصودة

وغير متوقعة ، في هذه الحالة ما هي المسئوليات الواقعة على عاتق الأطباء ، وفي علم الطب : الأطباء – غالباً - ما يكشفون الخطأ للمرضى

هل هناك عقوبة على الأطباء إذا كانت الأخطاء لا تقبل التعديل ؟ .

الجواب

الحمد لله

أولاً :

الأخطاء الطبية باتت مصدر قلق لكثير من الناس في بلدان العالم

المتقدمة منها وغيرها ، فقد بلغت في الولايات المتحدة

- مثلاً – 98.000 حالة وفاة نتيجة الأخطاء الطبية كل عام ! ومثله يقال في دول أخرى كبريطانيا وألمانيا

ولعلَّ الاستهانة بأرواح الناس من أجل تجريب الأدوية والعلاجات هو من الأسباب في تلك الأخطاء المزعومة

وللأسف نجد كثيراً من القضايا المرفوعة على الأطباء لا يكتب لها النجاح ؛ والسبب في ذلك أن اللجان الطبية تتعاطف مع الطبيب أكثر من تعاطفها مع المعوق أو الميت ، وبالأحرى أكثر من تعاطفها مع الحق .

ثانياً:

أما بخصوص ضمان الطبيب للخطأ – أو العمد – في علاجه للمريض : فإن هناك أصلاً في السنَّة النبوية في هذه المسألة ، وهو حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

: ( مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يُعْرَفْ مِنْهُ طِبٌّ فَهُوَ ضَامِنٌ ) رواه أبو داود ( 4586 ) والنسائي ( 4830 ) وابن ماجه ( 3466 ) ، وفي إسناده كلام ، وحسَّنه الألباني في " سنن أبي داود " .

قال ابن قيم الجوزية رحمه الله :

وقوله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ تَطَبَّبَ) ولم يقل : "من طبَّ" ؛ لأن لفظ التفعُّل يدل على تكلف الشيء ، والدخول فيه بعسر ، وكلفة ، وأنه ليس من أهله .

"زاد المعاد" (4/127) .

ويضمن الطبيب ما يتلفه من نفس أو أعضاء في الحالات الآتية :

1. المتعدي العامد .

قال الشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله :

وبتعمد الطبيب للقتل ، والقطع للعضو بقصد الضرر : خرج عن كونه طبيباً إلى كونه ظالماً معتدياً ، وأصبح وصفه بكون طبيباً لا تأثير له ؛ لخروجه بتلك الجناية عن حدود الطب مع قصدها .

وهذا الأثر قلَّ أن يوجد عند الأطباء ؛ لما عُرف عنهم من الحرص على نفع مرضاهم

وهم محل حسن الظن ، ولذلك نجد الفقهاء رحمهم الله يعتبرون هذا الأصل فيهم ، ومن ثم قال بعضهم عند بيانه لعلة إسقاط القصاص عن الطبيب إذا قصَّر : " والأصل عدم العداء إن ادعِيَ عليه بذلك " .

" أحكام الجراحة الطبية " ( ص 365 ) .

2. المعالج الجاهل .

وهو بجهله يعدُّ متعديّاً ، والحديث السابق نصٌّ في أنه يضمن .

قال ابن القيم رحمه الله :

وأما الأمر الشرعي : فإيجاب الضمان على الطبيب الجاهل ، فإذا تعاطى علم الطب ، وعمله ، ولم يتقدم له به معرفة : فقد هجم بجهله على إتلاف الأنفس ، وأقدم بالتهور على ما لم يعلمه

فيكون قد غرر بالعليل ، فيلزمه الضمان لذلك .

قال الخطابي :

" لا أعلم خلافاً في أن المعالج إذا تعدَّى فتلف المريض كان ضامناً ، والمتعاطي علماً أو عملاً لا يعرفه : متعدٍّ ، فإذا تولد من فعله التلف : ضمن الدية ، وسقط عنه القَوَد [القصاص] ؛ لأنه لا يستبد بذلك بدون إذن المريض" انتهى .

"زاد المعاد" (4/127 ، 128) .

وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

أما إذا لم يكن حاذقاً : فلا يحل له مباشرة العملية ، بل يحرم ، فإن أجراها : ضمن ما أخطأ فيه وسرايته .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (24/4000) .

*عبدالرحمن*
2018-12-22, 17:53
وهذا الضمان من الطبيب الجاهل المتعدي يكون حيث لا يعلم المريض أن الطبيب يجهل الطب والعلاج ، فإن علِم أنه جاهل ورضي به معالِجاً : سقط حقه ، ولم يضمن الطبيب، مع استحقاقهما للتعزير .

قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :

إن كان المريض يعلم منه أنه جاهل لا علم له بالطب ، وأذن له في معالجته مقدماً على ما يحصل منه ، وهو بالغ ، عاقل : فلا ضمان على الطبيب في هذه الحالة .

" فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم " ( 8 / 104 ) .

3. الطبيب الماهر الذي أخطأت يدُه .

ويضمن الطبيب الماهر إذا أخطأت يده فأتلفت عضواً صحيحاً ، أو مات المريض بسبب ذلك الخطأ .

قال ابن المنذر رحمه الله :

وأجمعوا على أن قطع الخاتن إذا أخطأ ، فقطع الذَّكر ، والحشفة ، أو بعضها : فعليه ما أخطأ به ، يعقله عنه العاقلة .

" الإجماع " ( 74 ) .

العاقلة ، هي ما يسمى الآن "العائلة" ، والمراد هنا : الأقارب الذكور الذين ينتسبون إلى نفس العائلة ، كالأب والجد والابن والإخوة والأعمام وأبنائهم .

وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

وكذا إن كان حاذقاً ، لكن جنت يده ، بأن تجاوزت ما تحتاج إليه العملية

أو أجراها بآلة كالة يكثر ألمها ، أو في وقت لا يصلح عملها فيه ، أو أجراها في غيرها ، ونحو ذلك : ضمن ما أخطأ فيه ، وسرايته ؛ لأن هذا فعل غير مأذون فيه ، بل محرم .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (24/400 ، 401) .

4. الطبيب الماهر إذا أخطأ في وصف الدواء .

كما يضمن الطبيب الماهر إذا اجتهد في وصف دواء لمريض ، ويكون أخطأ في تلك الوصفة ، فأتلفت عضواً ، أو قتلت المريض .

5. الطبيب الماهر الذي فعل ما لا يفعله غيره من أهل الاختصاص .

وهو الطبيب الذي يتجاوز الحدود المعتبرة عند أهل الطب ، أو يقصِّر في التشخيص .

6. الطبيب الذي يعالج وفق أصول المهنة ، لكن من غير إذن ولي الأمر

ومن غير إذن المريض ، ويتسبب ذلك العلاج بأضرار ، وفاة ، أو ما دونها ، وجمهور العلماء على تضمينه، وهو الذي رجحه الشيخ محمد المختار الشنقيطي في

" أحكام الجراحة الطبية " (362) .

قال الإمام الشافعي رحمه الله :

وإذا أمر الرجل أن يحجمه ، أو يختن غلامه , أو يبيطر دابته ، فتلفوا من فعله : فإن كان فعل ما يفعل مثله مما فيه الصلاح للمفعول به عند أهل العلم بالصناعة : فلا ضمان عليه

وإن كان فعل ما لا يفعل مثله من أراد الصلاح ، وكان عالماً به : فهو ضامن .

"الأم" (6/166) .

وقد قسَّم ابن القيم رحمه الله الأطباء المعالجين خمسة أقسام ، وذكر حكم كل قِسم ، ونحن نذكرها للفائدة ، وفيها جواب السائل وزيادة :

*عبدالرحمن*
2018-12-22, 17:53
قال رحمه الله :

قلت : الأقسام خمسة :

أحدها : طبيب حاذق ، أعطى الصنعة حقها ، ولم تجنِ يدُه ، فتولَّد من فعله المأذون فيه من جهة الشارع ، ومن جهة من يطبه : تلف العضو ، أو النفس ، أو ذهاب صفة : فهذا لا ضمان عليه ، اتفاقاً

فإنها سراية مأذون فيه [السراية : ما ترتب على الفعل ونتج منه] ، وهذا كما إذا ختن الصبي في وقت وسنُّه قابل للختان ، وأعطى الصنعة حقها ، فتلف العضو ، أو الصبي : لم يضمن .

القسم الثاني : مطبِّب جاهل ، باشرت يدُه من يطبه ، فتلف به : فهذا إن علم المجني عليه أنه جاهل لا علم له

وأذن له في طبه : لم يضمن ، ولا تخالف هذه الصورة ظاهر الحديث ؛ فإن السياق وقوة الكلام

يدل على أنه غرَّ العليل ، وأوهمه أنه طبيب ، وليس كذلك ، وإن ظن المريض أنه طبيب ، وأذن له في طبِّه لأجل معرفته : ضمِن الطبيب ما جنت يدُه

وكذلك إن وصف له دواء يستعمله ، والعليل يظن أنه وصفه لمعرفته ، وحذقه ، فتلف به : ضمنه ، والحديث ظاهر فيه ، أو صريح .

القسم الثالث : طبيب حاذق ، أُذن له ، وأَعطى الصنعة حقها ، لكنه أخطأت يدُه ، وتعدَّت إلى عضو صحيح ، فأتلفه ، مثل : أن سبقت يدُ الخاتن إلى الكَمَرة - وهي : رأس الذَّكَر- :

فهذا يضمن ؛ لأنها جناية خطأ ، ثم إن كانت الثلث فما زاد : فهو على عاقلته ، فإن لم تكن عاقلة : فهل تكون الدية في ماله ، أو في بيت المال ؟ على قولين هما روايتان عن أحمد .

القسم الرابع : الطبيب الحاذق الماهر بصناعته ، اجتهد ، فوصف للمريض دواءً ، فأخطأ في اجتهاده ، فقتله : فهذا يخرَّج على روايتين

إحداهما : أن دية المريض في بيت المال ، والثانية : أنها على عاقلة الطبيب ، وقد نص عليهما الإمام أحمد في خطأ الإمام ، والحاكم .

القسم الخامس : طبيب حاذق أعطى الصنعة حقَّها ، فقطع سِلْعة – لحمة زائدة - مِن رجُل ، أو صبي ، أو مجنون ، بغير إذنه ، أو إذن وليه ، أو ختن صبيّاً بغير إذن وليه ، فتلف

فقال أصحابنا : يضمن ؛ لأنه تولد من فعل غير مأذون فيه ، وإن أذِن له البالغ ، أو ولي الصبي ، والمجنون : لم يضمن ، ويحتمل أن لا يضمن مطلقاً ؛ لأنه محسن ، وما على المحسنين من سبيل

وأيضاً : فإنه إن كان متعديّاً : فلا أثر لإذن الولي في إسقاط الضمان ، وإن لم يكن متعديّاً : فلا وجه لضمانه ، فإن قلت : هو متعد عند عدم الإذن ، غير متعد عند الإذن قلت : العدوان ، وعدمه ،

إنما يرجع إلى فعله هو ، فلا أثر للإذن وعدمه فيه ، وهذا موضع نظر .

"زاد المعاد" (4/128 – 130) .

وذكر ابن القيم رحمه الله بعد ذلك فصلاً نافعاً في " الطبيب الحاذق " وأنه هو الذي يراعي عشرين أمراً ! وذكرها هناك ، فلتنظر .

ومن أعطى المهنة حقَّها ، وعالج وفق الأصول المهنية المعروفة ، وترتب على عمله خطأ ، كتلف عضو أو وفاة

: لم يضمن الطبيب شيئاً ؛ لأنه مأذون له في العلاج من ولي الأمر ، ومن المريض أو وليه ؛ ولأنه حاذق في مهنته ، ولو ضمِّن مثل هذا لكان فيه ظلم له .

قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :

إذا كان الطبيب حاذقاً ، وأعطى الصنعة حقَّها ، ولم تجن يده ، أو يقصر في اختيار الدواء الملائم بالكمية

والكيفية ، فإذا استكمل كل ما يمكنه ، ونتج من فعله المأذون من المكلف ، أو ولي غير المكلف تلف النفس ، أو العضو : فلا ضمان عليه ، اتفاقاً ؛ لأنها سراية مأذونة فيها ، كسراية الحد ، والقصاص .

"فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم" (8/104) .

قال علماء اللجنة الدائمة :

إذا فعل الطبيب ما أُمر بفعله ، وكان حاذقاً في صناعته ، ماهراً في معرفة المرض الذي يجري من أجله العملية وفي إجرائها ، ولم يتجاوز ما ينبغي أن يفعله : لم يضمن ما أخطأ فيه

ولا ما يترتب على سرايته من الموت ، أو العاهة ؛ لأنه فعل ما أذن له فيه شرعاً ، ونظيره ما إذا قطع الإمام يد السارق ، أو فعل فعلاً مباحاً له ، مأذوناً له فيه .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 24 / 400 ) .

فهذه أقسام الأطباء ، وهذه أحوالهم وأحكامهم ، وتنطبق هذه الأحكام على كل من يشتغل بالطب ، وتصدق هذه الأحكام على : الحجّام ، والفاصد ، والمجبِّر

والكوَّاء ، والمعالج للحيوانات ، كما ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله بعد ذِكره تلك الأقسام للأطباء .

والواجب على الأطباء أن يتقوا الله تعالى في مرضاهم ، وأن لا يتعجلوا التشخيص ، وأن يتعاون مع غيره ممن هم أعلم منه ، وأن يعترف من أخطأ منهم .

قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

يجب على الطبيب أن يتحرى في تشخيص المرض ، ويتعاون مع زملائه في ذلك قبل إجراء العملية ، ويستعين في التشخيص بقدر الإمكان بالآلات الحديثة

ولا يتعجل بالعملية قبل التأكد من التشخيص ، وإذا أجراها بعد ذلك وأخطأ : فعليه أن يعلن خطأه لمن هو مسئول أمامهم ، ولا يموه ، ولا يعمِّي ، ويسجل ذلك في ملف المريض ؛

خوفاً من الله تعالى ؛ وأداء لواجب الأمانة ؛ وإيثاراً لمصلحة المريض ؛ وتقديما لها على مصلحة المعالج ؛ ودفعا لما قد يترتب على التعمية والتمويه من العواقب السيئة للمريض .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (24/401) .

ونسأل الله تعالى التوفيق والسداد .

والله أعلم

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-12-23, 17:19
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


حكم منع الحمل خشية ولادة طفل مشوه يموت عقب ولادته

السؤال

لقد قمت في وقت سابق بسؤالكم عن حكم إنزال الجنين المصاب بتعطل في كامل الكلية ، وأخبرتكم أنه سيموت حين الولادة ، والحمد لله على قضائه فعلا توفي وقت الولادة

وأفدتموني إلى عدم إنزاله ، الآن أنا أيضا حامل في الشهر السادس ، وأيضا الجنين عنده تعطل وتضخم في الكلية ، مما سبب في نقص الماء

وصغر حجمه ، وكذلك حسب الرأي الطبي سيموت حين الولادة أو قبلها ، فهل يجوز لي إنزاله ؟

كذلك سألت الطبيبة هل سيتكرر الأمر في كل حمل ، فأخبرتني أن هذا الاحتمال كبير بسبب العمر ، أو الجينات ،

فهل يجوز لي التوقف عن الحمل مستقبلا ؟

الجواب

الحمد لله

أولا:

لا يجوز إسقاط الجنين إذا تم له أربعة أشهر ولو كان مشوها، أو يغلب على الظن موته عقب نزوله، إلا إذا كان في بقائه خطر محقق على حياة الأم.

فالحذر الحذر من إسقاط الجنين، فإنه قتل للنفس التي حرم الله.

فإذا مات قبل الولادة أو بعدها، فاصبري واحتسبي، وأبشري بالأجر والثواب، فقد روى أحمد (19725 ) ، والترمذي (1021) عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ: إِذَا مَاتَ وَلَدُ العَبْدِ قَالَ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي، فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ، فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ،

فَيَقُولُ اللَّهُ: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الجَنَّةِ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ والحديث حسنه الألباني في "صحيح الترمذي".

ثانيا:

إذا قال الأطباء إن تكرر هذا التشوه محتمل احتمالا كبيرا؛ لأجل السن أو الجينات، فلا مانع من إيقاف الحمل؛ لما في الحمل، مع وفاة المولود غالبا

من المشقة على الأم حسيا ومعنويا ، مع فوات القصد من الحمل ، وما يعين على تحمل آلام الوضع .

قال الشيخ ابن جبرين رحمه الله: " لا يجوز العلاج لقطع الحمل أو إيقافه إلا عند الضرورة، إذا قرر الأطباء " المعتبرون " أن الولادة تسبب إرهاقاً ، أو تزيد المرض ، أو يخاف من الحمل والوضع الهلاك خوفاً غالباً .

ولا بد مع ذلك من رضى الزوج وموافقته على القطع أو الإيقاف، ثم متى زال العذر أعيدت المرأة إلى حالتها الأولى "

انتهى من "فتاوى المرأة المسلمة" (2/ 977).

وإن قويت عزيمتك، ورغبت في الحمل، فلا حرج في ذلك، مع حسن الظن بالله تعالى، والإكثار من دعائه واللجوء إليه، فهو سبحانه الشافي المعافي، الرازق الوهاب تبارك وتعالى .

فإن أعطاك الله ما تريدين ، فالحمد لله .

وإن حصل مكروه، فاصبري واحتسبي، ولن يضيع أجرك عند الله.

قال الله تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ

الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ البقرة/155- 157 .

وروى البخاري (1249) ومسلم (2632) واللفظ له عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

" قَالَ لِنِسْوَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ: لَا يَمُوتُ لِإِحْدَاكُنَّ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَتَحْتَسِبَهُ، إِلَّا دَخَلَتِ الْجَنَّةَ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: أَوِ اثْنَيْنِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: أَوِ اثْنَيْنِ ".

وروى البخاري (1381) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنَ النَّاسِ مُسْلِمٌ، يَمُوتُ لَهُ ثَلاَثَةٌ مِنَ الوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الحِنْثَ، إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ .

وروى أحمد (15595) عن معاوية بن قرة، عن أبيه: " أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ ابْنٌ لَهُ، فَقَالَ لَهُ : النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتُحِبُّهُ؟

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَحَبَّكَ اللهُ كَمَا أُحِبُّهُ ، فَفَقَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ : مَا فَعَلَ ابْنُ فُلَانٍ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَاتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِيهِ:

أَمَا تُحِبُّ أَنْ لَا تَأْتِيَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، إِلَّا وَجَدْتَهُ يَنْتَظِرُكَ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَلَهُ خَاصَّةً أَمْ لِكُلِّنَا؟ قَالَ: بَلْ لِكُلِّكُمْ ". وصححه محققو المسند.

وروى أحمد (16971) عن شرحبيل بن شفعة، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إنه يقال للولدان يوم القيامة: ادخلوا الجنة

. قال: فيقولون: يا رب حتى يدخل آباؤنا وأمهاتنا ، قال: فيأتون

قال: فيقول الله عز وجل: ما لي أراهم مُحْبَنْطِئين، ادخلوا الجنة ، قال: " فيقولون: يا رب آباؤنا ، قال: " فيقول: ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم وصححه محققو المسند.

قال ابن الأثير في "النهاية": المحبنطىء بالهمز وتركه: المتغضب ، المستبطىء للشيء، وقيل: هو الممتنع امتناع طِلبة، لا امتناع إباء.

نسأل الله أن يرزقك الذرية الصالحة، وأن يقر عينك بذلك.

والله أعلم.


*عبدالرحمن*
2018-12-23, 17:21
حكم إسقاط الجنين المشوّه

السؤال

إذا وجد أن الجنين به تشوهات (وهو في منتصف الشهر الخامس) أي أن الطفل به تشوهات في الجزء الأعلى من الجمجمة. والأطباء ينصحون بشدة بعمل إجهاض

حيث أن أطول فترة يعيشها الطفل المولود بهذه التشوهات هي 21 يوما و معظم هذه الحالات من الحمل تنتهي بالإسقاط في آخر وأخطر مرحلة من الحمل ………

ماذا يفعل الزوجان المسلمان في هذه الحالة ؟

وخاصة بعد سؤال عالمين مسلمين كل واحد منهما أعطى جوابا مختلفا، بمعنى أن أحدهما نصح بالإجهاض والآخر نصح بالاستمرار في الحمل . والزوجان الآن بحاجة لاتخاذ قرار بأسرع ما يمكن. فما هو حكم الشرع في المسألة؟

الجواب

الحمد لله

إذا أتمّ الجنين أربعة أشهر نُفخت فيه الرّوح فيكون تعمّد إسقاطه حينئذ قتلا للنّفس وإزهاقا للرّوح وهذه كبيرة عظيمة من الكبائر ، وقول الأطبّاء إنّ الجنين به تشوّهات لا يبرّر قتله إطلاقا

. ثمّ لو سقط من تلقاء نفسه ميّتا أو وُلد حيّا ثمّ مات فإنّهما يُؤجران على مصيبة فقْده ، ولو عاش وبه عاهة فيُؤجران على صبرهم وإعالتهم له

وكلّ أمر يحدث للمؤمن فهو له خير ، أمّا إزهاق روحه فليس فيه إلا الشرّ والإثم . هذا مع الأخذ بعين الاعتبار الخطأ الذي قد يحدث في تقديرات الأطبّاء وكذلك ما قد يجري على الجنين من التغيّرات في حالته .

والله تعالى أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-12-23, 17:27
إسقاط الجنين المشوه خلقياً

السؤال

هل يجوز إسقاط الجنين بعدما تبين بالفحوصات الطبية أنه مشوّه خلقياً ؟.

الجواب

الحمد لله

هناك أسباب عديدة لتشوه الأجنة ، وأن كثيراً من هذه الأسباب يمكن تلافيه ، والتوقي منه ، أو التخفيف من آثاره ، وقد حث الإسلام والطب على منع أسباب المرض ، والتوقي منه ما أمكن ذلك

وتعاليم الإسلام تحث على حفظ الصحة ، وعلى حماية الجنين ووقايته من كثير من الأمراض التي سببها البعد عن تعاليم الإسلام ، والوقوع في المعاصي كالزنى ، وشرب الخمر ، والتدخين

وتعاطي المخدرات ، وكذلك جاء الطب الحديث ليحذر الأمهات من الخطر المحدق من تعاطي بعض العقاقير ، أو التعرض للأشعة السينية ، أو أشعة جاما وخاصة في الأيام الأولى من الحمل .

فإذا ثبت تشوه الجنين بصورة دقيقة قاطعة لا تقبل الشك ، من خلال لجنة طبية موثوقة ، وكان هذا التشوه غير قابل للعلاج ضمن الإمكانيات البشرية المتاحة لأهل الاختصاص

فالراجح عندي هو إباحة إسقاطه ، نظراً لما قد يلحقه من مشاق وصعوبات في حياته ، وما يسببه لذويه من حرج ، وللمجتمع من أعباء ومسؤوليات وتكاليف في رعايته والاعتناء به

ولعل هذه الاعتبارات وغيرها هي ما حدت بمجلس المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الثانية عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من 15 رجب الفرد سنة 1410هـ وفق 10/2/1990م

أن يصدر قراره : " بإباحة إسقاط الجنين المشوه بالصورة المذكورة أعلاه ، وبعد موافقة الوالدين في الفترة الواقعة قبل مرور مائة وعشرين يوماً من بدء الحمل " .

وقد وافق قرار المجلس المذكور أعلاه فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية رقم 2484 في 16/7/1399هـ .

أما إذا كان الجنين المشوه قد نفخت فيه الروح وبلغ مائة وعشرين يوماً ، فإنه لا يجوز إسقاطه مهما كان التشوه ، إلا إذا كان في بقاء الحمل خطر على حياة الأم ، وذلك لأن الجنين بعد نفخ الروح أصبح نفساً

يجب صيانتها والمحافظة عليها ، سواء كانت سليمة من الآفات والأمراض ، أو كانت مصابة بشيء من ذلك

وسواء رُجي شفاؤها مما بها ، أم لم يرج ، ذلك لأن الله سبحانه وتعالى له في كل ما خلق حكم لا يعلمها كثير من الناس ، وهو أعلم بما يصلح خلقه

مصداق قوله تعالى : ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) الملك/14 .

وفي ولادة هؤلاء المشوهين عظة للمعافين ، وفيه معرفة لقدرة الله عز وجل حيث يرى خلقه مظاهر قدرته ، وعجائب صنعه سبحانه ، كما أن قتلهم وإجهاضهم نظرة مادية صرفة لم تعر الأمور الدينية والمعنوية أية نظرة

ولعل في وجود هذا التشويه ما يجعل الإنسان أكثر ذلة ومسكنة لربه ، وصبره عليها احتساباً منه للأجر الكبير .

والتشوهات الخلقية قدر أراده الله لبعض عباده ، فمن صبر فقد ظفر ، وهي أمور تحدث وحدثت على مر التاريخ ، ومن المؤسف أن الدراسات تدل على أن نسبة الإصابة بالتشوهات الخلقية في ازدياد

وذلك نتيجة تلوث البيئة ، وكثرة الإشعاعات الضارة التي أخذت تنتشر في الأجواء ، والتي لم تكن معروفة من قبل .

ومن رحمة الله بالناس أن جعل مصير العديد من الأجنة المشوهة إلى الإجهاض والموت قبل الولادة .

وعلى المرأة المسلمة ، وعلى الأسرة المسلمة ، أن تصبر على ما أصابها ، وأن تحتسب ذلك عند الله

والله أعلم .

كتاب أحكام الجنين في الفقه الإسلامي لعمر بن محمد بن إبراهيم غانم

*عبدالرحمن*
2018-12-23, 17:34
حكم الاعتماد على البصمة الوراثية في الإثبات الجنائي

السؤال

ما هو حكم إثبات جرائم القتل عن طريق البصمة الوراثية ؟

أحتاج إلى فتاوى مؤيدة وأخرى معارضة لهذا الإثبات مع الدلائل التي تم الاستناد عليها ، كما آمل ذكر جميع الفتاوى التي قُدمت حول هذا الموضوع ؛ لأني بحثت كثيرا ولم أجد.

الجواب

الحمد لله

أولا:

"البصمة الوراثية هي البِنْيَةُ الجينية (نسبة إلى الجينات، أي المورثات)، التي تدل على هوية كل إنسان بعينه.

وأفادت البحوث والدراسات العلمية أنها من الناحية العلمية وسيلة تمتاز بالدقة، لتسهيل مهمة الطــب الشرعي

ويمكن أخذها من أي خلية (بشرية) مـن الدم، أو اللعاب، أو المني، أو البول، أو غيره" انتهى من "قرار المجمع الفقهي".

ثانيا:
نتائج البصمة الوراثية تكاد تكون قطعية ، من حيث هي ، بعيدا عن عوامل التلوث ، والتلاعب .

وهما – التلوث ، والتلاعب - واردان جدا ، بل حاصلان أيضا ، كما أثبت ذلك بعض الدراسات المتعلقة بالبصمة الوراثية .

ينظر الكتاب المهم : "تفسيرات وراثية" ، سلسلة عالم المعرفة ، رقم 432 .

ولهذا يجوز الاعتماد عليها في الإثبات الجنائي ، كقرينة تحمل المتهم على الإقرار، أو يعتمد عليها في التعزير، لكن لا يعتمد عليها في الحدود والقصاص لأنها تدرأ بالشبهات

ولا تثبت بالقرينة، بل بالبينة (الشهود) أو الإقرار ، وقد روى ابن ماجه (2559) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ

: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَرَجَمْتُ فُلَانَةَ. فَقَدْ ظَهَرَ مِنْهَا الرِّيبَةُ فِي مَنْطِقِهَا وَهَيْئَتِهَا وَمَنْ يَدْخُلُ عَلَيْهَا .

وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه".

وجاء في قرار المجمع الفقهي في دورته السادسة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة، في المدة من 21-26/10/1422هـ الـذي يوافقه من 5-10/1/2002م

وبعد النظر إلى التعريف الذي سبق للمجمع اعتماده في دورته الخامسة عشرة، ... وأن الخطأ في البصمة الوراثية ليس واردًا من حيث هي، وإنما الخطــأ في الجهد البشري

أو عوامل التلوث ونحو ذلك. وبناء على ما سبق قـــرر مــا يلي:

أولاً: لا مانع شرعًا من الاعتماد على البصمة الوراثية في التحقيق الجنائي، واعتبارها وسيلة إثبــات في الجرائم التي ليس فيها حد شرعي ولا قصاص؛ لخبر: "ادْرَؤوا الحُدُودَ بالشُّبُهاتِ".

وذلك يحقق العدالة والأمن للمجتمع، ويؤدي إلى نيل المجرم عقابه وتبرئة المتهم، وهذا مقصد مهم من مقاصد الشريعة" انتهى.

وقال الأستاذ الدكتور محمد جبر الألفي: "الحكم الشرعي للأخذ ببصمة الجينات الوراثية:.

.. ب- الإثبات الجنائي: تعتبر بصمة الجينات الوراثية من أقوى القرائن في مجال الإثبات الجنائي، فهي تساعد المحقق في الكشف عن مرتكبي الجرائم وشخصية الضحية، وهي من أقوى الوسائل لحمل المتهم على الإقرار بجريمته.

أما إذا أنكر المتهم ما نسب إليه – رغم إثبات أن العينات التي جرى تحليلها تعود إليه بنسبة 99.9999% -

فلا مانع من الأخذ بهذه القرينة القاطعة في إثبات الجرائم التعزيرية ومعاقبة مرتكبيها بما يردعهم عن المعاودة، ولكن لا يؤخذ بها في إثبات جرائم الحدود – كالزنا والسرقة

– ولا في إثبات جرائم القتل، لما تقرر شرعاً من أن الحد لا يجب إلا بالإقرار أو البينة

ولقوله – صلى الله عليه وسلم –: "ادرأوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة".(رواه الترمذي)"

انتهى من:

http://fiqh.islammessage.com/NewsDetails.aspx?id=8634

وهذا ما ذهب إليه أكثر المعاصرين ، وهو القول الراجح .

وذهب بعضهم إلى أنه يمكن أن تثبت الحدود بالقرائن، كثبوت حد الشرب برائحة الخمر، وثبوت الزنا بالحمل -كما هو مذهب المالكية- وفرعوا على ذلك جواز إثبات الحدود كحد السرقة بالبصمة الوراثية.

وذهب بعض الباحثين إلى جواز الاعتماد على البصمة في إثبات جرائم القتل والاعتداء على ما دون النفس، مع منع ذلك في الحدود.

وينظر تفصيل ذلك في بحث: "موقف الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية من استخدام البصمة الوراثية في الإثبات الجنائي"، للدكتور محمد المدني بوساق. وينظر تحت هذا الرابط:

https://goo.gl/zcEi3J

كما ينظر: "البصمة الوراثية ودورها في الإثبات الجنائي بين الشريعة والقانون" للأستاذ الدكتور فؤاد عبدالمنعم أحمد، تحت هذا الرابط:

http://www.alukah.net/web/fouad/0/32101/#ixzz59oeHHLoy

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-12-23, 17:37
هل للمراة المتزوجة إذا اغتصبت أن تسقط الجنين؟

السؤال

هل يجوز للمرأة المتزوجة التي اغتصبت أن تسقط جنينها خوفا من قتل زوجها لها ، مع العلم أن الجنين من الذي اغتصبها ومدة الحمل شهر تقريبا ؟

الجواب

الحمد لله

إذا اغتصبت المرأة أي أكرهت على الزنا، وحملت من هذا الاغتصاب جاز لها إسقاط الحمل ، إذا كان ذلك قبل مررو أربعين يوما على الحمل .

وأما إذا فعلت ذلك مطاوعة فلا يجوز لها الإسقاط .

وينظر: جواب السؤال القادم

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-12-23, 17:40
الإجهاض للحمل الناتج عن اغتصاب

السؤال

ماذا تفعل هؤلاء النساء المسلمات اللاتي تم الاعتداء عليهن وحملن بسبب الاغتصاب هل يجوز لهن إسقاط الجنين أم لا ؟.

الجواب

الحمد لله

نظراً لما يمر به المسلمون من ضعف وهوان ، فقد أصبحوا نهباً لكل طامع ، احتلت أرضهم ، واستبيحت أعراضهم ، وتداعت عليهم الأمم من كل جانب

وقد أصبح الكثير من الفتيات المسلمات الحرائر هدفاً في كثير من الأحيان للذئاب البشرية المفترسة ، التي لا تخاف الله ، ولا تخشى قوة رادعة

كما هو الحال في بلدان كثيرة في العالم الإسلامي ، وكما حدث في البوسنة والهرسك ، أو في الفلبين ، أو في بلاد الشيشان ، أو في أريتريا ، أو في سجون بعض الأنظمة الهزيلة في العالم العربي .

وفيما يلي نقاط مهمة في أحوال المرأة المغتصبة :

1- أن المرأة المغتصبة التي بذلت جهدها في المقاومة لهؤلاء العلوج وأمثالهم ، لا ذنب لها لأنها مكرهة

والمكره مرفوع ذنبه في الكفر الذي هو أشد من الزنى ، كما قال الله تعالى : ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ... ) النحل/106 .

وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) رواه ابن ماجه في (الطلاق/2033) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه/1664 .

بل إن المرأة المغتصبة ، التي وقعت فريسة ، مأجورة في صبرها على هذا البلاء

إذا هي احتسبت ما نالها من الأذى عند الله عز وجل ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ، ولا هم ولا غم ، حتى الشوكة يشاكها ، إلا كفر الله بها من خطاياه ) رواه البخاري ومسلم .

2- إن واجب الشباب المسلم أن يهبوا للزواج من مثل هؤلاء الفتيات المعذبات ، للتخفيف عنهن ومواساتهن ، وتعويضهن عن فقدهن لأعز ما يملكن وهو عذريتهن .

3- أما إجهاضهن : الأصل في الإجهاض الحرمة والمنع ، منذ عملية التلقيح حيث ينشأ الكائن الجديد ، ويستقر في القرار المكين وهو الرحم ، ولو كان هذا الكائن نتيجة اتصال محرم كالزنى

وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الغامدية التي أقرت بالزنى واستوجبت الرجم أن تذهب بجنينها حتى تلد ، ثم بعد الولادة حتى الفطام .

4- هناك من الفقهاء من يجيز الإجهاض إذا كان قبل الأربعين الأولى من الحمل ، وبعضهم يجيزه حتى قبل نفخ الروح ، وكلما كان العذر أقوى كانت الرخصة أظهر

وكلما كان ذلك قبل الأربعين الأولى كان أقرب إلى الرخصة .

5- لا ريب أن اغتصاب الحرة المسلمة من عدو فاجر معتد أثيم ، عذر قوي لدى المسلمة ، ولدى أهلها ، وهي تكره هذا الجنين - ثمرة الاعتداء المغشوم - وتريد التخلص منه

فهذه رخصة يفتى بها للضرورة ، وخاصة في الأيام الأولى من الحمل .

6- على أنه لا حرج على المسلمة التي ابتليت بهذه المصيبة في نفسها ، أن تحتفظ بهذا الجنين دون أن تجبر على إسقاطه ، وإذا قدر له أن يبقى في بطنها المدة المعتادة للحمل

ووضعته فهو طفل مسلم ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( كل مولود يولد على الفطرة ) رواه البخاري .

والفطرة هي دين التوحيد وهي الإسلام ، ومن المقرر فقهاً أن الولد إذا اختلف دين أبويه يتبع خير الأبوين ديناً

وهذا فيمن له أب يعرف ، فكيف بمن لا أب له ؟ إنه طفل مسلم بلا ريب ، وعلى المجتمع المسلم أن يتولى رعايته ، والإنفاق عليه ، وحسن تربيته ، ولا يدع العبء على الأم المسكينة المبتلاة .

ولما كان من قواعد الإسلام رفع الحرج والمشقة والعنت ، ومما لا شك فيه أن الفتاة المسلمة الحريصة على عفتها إذا تعرضت لعدوان وحشي ، وخافت نتيجة لذلك على سمعتها

أو شرفها أن تبقى منبوذة أو أن تتعرض للأذى كالقتل مثلاً ، أو أن تتعرض لمرض نفسي أو عصبي ، أو أن يصيبها في عقلها شيء ، أو أن يبقى العار يلاحق أسرتها

في أمر لا ذنب لها فيه ، أو أن هذا المولود لا يجد مكاناً آمناً يلوذ به ، أقول : إن كان الأمر كذلك

، فلا حرج عليها أن تسقط هذا الجنين قبل ولوج الروح فيه ، وخاصة أنه أصبح من السهل أن تكتشف المرأة إذا كانت حاملاً أو لا ، مع تقدم الوسائل الطبية التي تكتشف الحمل منذ الأسبوع الأول

وكلما كان أمر الإسقاط مبكراً كان مجال الأخذ بالرخصة أوسع ، والعمل بها أيسر

والله أعلم .

: من كتاب أحكام الجنين في الفقه الإسلامي لعمر بن محمد بن إبراهيم غانم

*عبدالرحمن*
2018-12-23, 17:42
هل يجوز وصل الباب بالكهرباء؛ حماية للبيت من السرقة؟

السؤال

هل يجوز توصيل كهرباء بالأبواب ليتم كهربة السارق ، حيث لا شرطة في المكان ، والأبواب الحديدية يتم خلعها أيضا ؟

وفي حال مات هذا السارق فما الوضع ؟

وهل ندخل في حديث من ( قتل دون ماله ) ، والحديث الذى سأل الصحابي النبي صلى الله عليه وسلم فإن قتلته ، قال : (هو في النار) .

الجواب

الحمد لله

لا يجوز كهربة الباب لمنع السارق من الدخول إلى البيت ؛ لأن هذا التصرف يشتمل على جملة من المفاسد والمخاطر :

المفسدة الأولى: أن هذا التصرف فيه تعريض لأهل البيت أنفسهم ؛ فربما نسي وغفل أحدهم ففتح الباب وهو متصل بالكهرباء .

وفيه أيضا : تعريض الأبرياء ، من الجيران أو الزوار أو الضيوف أو حتى المارة والطارقين للضرر والهلاك؛ ؛ فربما لمس أحدهم مكان الكهرباء جهلا بوجودها ، أو نسيانا !!

عَنْ أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رضي الله عنه : أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ، قالَ : ( لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ ) رواه الحاكم (2 / 57 - 58) وقال صحيح الإسناد على شرط مسلم، وصححه الألباني في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (1 / 498).

فلا يصح أن يزال الضرر بضرر مثله ، أو أعلى منه؛ ولا يدفع الضرر المحتمل على المال بضرر محتمل ، منتشرعلى الأنفس.

وقد نقل أن رجلا كهرب باب بيته ، لحماية البيت من اللصوص ، فتسبب ذلك في قتل أحد الأطفال المارين في الشارع .

المفسدة الثانية: السارق يُدفع بالأخف فالأخف ؛ ولا يدفع بدايةً بما يقتله ؛ لأن قتله جاز للضرورة فيقدر بقدرها.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" ولكن قال العلماء: يجب أن يدافع الصائل بما هو أسهل فأسهل، فمثلاً: إذا كان يمكن أن يدافعه بالتهديد ويقول: سوف أرفع بك إلى ولي الأمر إذا لم تنته ، فلا حاجة إلى ضرب ولا غيره، وإذا لم ينفع به هذا

وأمكن للمصول عليه أن يوثقه ويدفعه : فإنه لا يحتاج للضرب . وإذا لم يمكن الاندفاع بذلك ، واندفع بالضرب فليضربه، فإن لم يندفع بالضرب وأراد أن يقتل المصول عليه : فله أن يقتله .

إلا في مسألة واحدة إذا خاف أن يبادره بالقتل ، فله أن يبادره بالقتل ... " .

انتهى من "شرح بلوغ المرام" (4 / 429).

وعلى ذلك : فلا يجوز أن يُبتدأ السارق بالقتل ، لمجرد دفع سرقته .

المفسدة الثالثة: أن السارق لو مات في هذه الحال؛ فإنه يصعب إقامة البيّنة على أنه أراد السرقة، فيكون صاحب البيت قد قتل شخص بلا بيّنة ، فيعرض نفسه للعقوبة .

وهذه الصورة تختلف عن الصورة الواردة في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي؟

قَالَ: (فَلَا تُعْطِهِ مَالَكَ) .

قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي؟

قَالَ: (قَاتِلْهُ) .

قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي؟

قَالَ: (فَأَنْتَ شَهِيدٌ).

قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: (هُوَ فِي النَّارِ) " رواه مسلم (140).

فالقاتل في الحديث قد تيقّن من أن المقتول معتد وصائل على ماله ، ولم يستطع دفعه عن ماله ونفسه إلا بالقتال.

وفي مقابل هذه المفاسد ؛ فإن هذه الطريقة لا توفر الحماية المطلوبة لأهل البيت ، لأنه مع انتشار الكلام على هذه الطريقة ، وعمل البعض بها فعلًا

فإن السارق سوف يحتاط لنفسه ، ويحتال لتفادي الكهرباء ، كما فعلوا مع أجهزة الإنذار والكاميرات .

وبالتالي ستكون هذه الطريقة غير مجدية ، مع ما فيها من احتمال قتل الأبرياء .

فيتضح مما سبق أن جانب المفسدة في هذا التصرف هو الأغلب ؛ فلذا على المسلم أن يجتنبه ولا يعرض حياته وحياة أهل بيته وجيرانه إلى الضرر.

فعلى صاحب البيت أن يبحث عن وسيلة أخرى لحماية بيته من السراق ، ككلب الحراسة ، إن كان ذلك ممكنا مجديا ، أو غير ذلك من الوسائل الملائمة في مكانه .

والله أعلم.


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-12-25, 15:50
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


إذا وضع الماء في فم المحتضر فشرق فمات فهل يضمنه وهل يمنع من إرثه؟

السؤال

عند الاحتضار ووضع نقاط مياه في فم المحتضر ، مما أدى إلى شرقة لدى المحتضر ، وعجلت بوفاته ،

فما حكم من قام بوضع نقاط المياه في فم المحتضر بناء على طلب المحتضر ؟

وهل يجوز له أن يأخد من تركته ، حيث إنه وريث للمحتضر ؟

الجواب

الحمد لله

لا حرج في سقي المريض ، أو المحتضر : الماء، أو الدواء ، إذا كان ذلك بطلبه، أو لمصلحته .

فإن مات بذلك فلا شيء على ساقيه ؛ لأن ما ترتب على المأذون، فغير مضمون ، وهذه إحدى قواعد الفقه .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

" هذا الفصل مبني على قاعدة وهي: ما ترتب على المأذون فليس بمضمون، وما ترتب على غير المأذون فهو مضمون، وهي من أحسن قواعد الفقه"

انتهى من "الشرع الممتع" (14/ 100).

قال البهوتي في "كشاف القناع" (4/ 493) في بيان القتل الذي لا ضمان فيه ولا يمنع الميراث:

" وكل قتل (لا يُضمن بشيء من هذا) المذكور ، من قصاص أو دية أو كفارة ، (كقتلٍ قصاصا ، أو) القتل (حدا) ، كترك زكاة ونحوها ، أو لزنا ونحوه ، (أو) القتل (حرابا) بأن قتل مورثه الحربي...

(لا يمنع الميراث) ؛ لأنه فعل مأذون فيه ؛ فلم يمنع الميراث ، كما لو أطعمه أو سقاه باختياره فأفضى إلى موته .

(ومنه) ، أي : من القتل الذي لا يمنع الميراث ، (عند الموفق والشارح : من قصد مصلحة موليه ، مما له فعله ، من سقي دواء ، أو بط [أي: قطع] جراحة ، فمات) فيرثه ؛ لأنه ترتب عن فعل مأذون فيه ،

(أو من أمره إنسانٌ عاقل كبير) ، أي بالغ ، (ببط جراحة ، أو) بـ (قطع سَلعة منه) ، ففعل ، (فمات بذلك) : فيرثه.

(ومثله من أدب ولده) أو زوجته أو صبيه في التعليم ، ولم يسرف ؛ فإنه لا يضمنه بشيء مما تقدم .

فلا يكون ذلك مانعا من إرثه ، (ولعله) أي قول الموفق والشارح (أصوب) ؛ لموافقته للقواعد" انتهى.

فعلم منه أنه لو شرب المريض ، أو أكل ، باختياره ، فمات ، فلا شيء فيه .

ومن باب أولى : لو كان ذلك بطلبه .

وعلم منه أيضا: أنه لو سقاه لمصلحته –بغير طلبه واختياره- فمات ، فلا ضمان عند جماعة من العلماء ، وأن هذا هو الأصوب .

وعليه :

فلا شيء على هذا الوريث، فلا يأثم ، ولا يضمن، ولا يمنع من الميراث.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-12-25, 15:54
حكم العمل في التسويق لمنظمة صحية من ضمن أعمالها القتل الرحيم للمرضى

السؤال

عرض علي العمل بالنظام الحر في منظمة غير حكومية تعمل في القطاع الصحي ، وطلبوا مني إجراء بحث ، ووضع استراتيجية تسويق للمنظمة التي تركز في عملها على إيجاد العلاح

للأشخاص الذي يعانون من بعض الأمراض العضوية المعينة ، وعندما بدأت العمل على الجزء الأول من المهمة الموكلة لدي وجدت في بعض المنشورات وشاهدت أحد المقاطع التي يتحدثون فيها عن القتل الرحيم

هم لا يحاولون دفع المريض لاختيار الموت الرحيم ، ولكنه من ضمن الخيارات التي تقترح على المريض الذي يكون في حالته المرضية المتأخرة جدًا ، ويوشك عضوه التوقف عن العمل بشكل كلي

فعلى سبيل المثال يقولون : إنه يجب على المريض إخبار الطبيب بالطريقة التي يرغبون بالموت فيها ، ومتى يرغبون بحدوث ذلك ، وأنه ينبغي عليهم كتابة وصية تنص على

غبتهم في اختيار خيار الموت الرحيم ، ويتحدثون عن موقفهم المعارض من الأشخاص الذي يختارون هذا الخيار ويتبرعون بأعضاءهم ، لقد انتهيت من الجزء الأول من المهمة ، وحصلت على المال مقابل ذلك العمل

فما حكم ما فعلت؟ وحكم المال الذي حصلت عليه ، حيث أخشى أن يكون ما فعلت محرمًا

أو أن المشروع سيتم استخدامه باعتبار أنها مواد تسويقية لجذب المزيد من المرضى الذين قد يقرأون هذه المعلومات عن الموت الرحيم ، مما يجعلني بشكل أو بآخر مساهم في ذلك ؟

وإن كان الحكم عدم الجواز فماذا أفعل؟

الجواب

الحمد لله

أولا:

يحرم على المريض استعمال ما يؤدي إلى الموت، من دواء وغيره، ويعد ذلك انتحارا، وهو كبيرة من كبائر الذنوب؛ لقوله تعالى : ( وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا .

وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا) النساء/29، 30 .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَن تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومَن تحسَّى سمّاً فقتل نفسه

فسمُّه في يده ، يتحساه في نار جهنم ، خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومَن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده ، يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ) رواه البخاري ( 5442 ) ، ومسلم ( 109 ) .

وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( مَن قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة ) رواه البخاري ( 5700 ) ، ومسلم ( 110 ) .

وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح ، فجزع ، فأخذ سكيناً ، فحز بها يده ؛ فما رقأ الدم حتى مات . قال الله تعالى : بادرني عبدي بنفسه ؟! حرمت عليه الجنة ) رواه البخاري ( 3276 ) ، ومسلم ( 113 ).

ويحرم على الطبيب أو المنظمة إعانة شخص على الانتحار، أو دعوته إليه، أو تسويغه له؛ لما في ذلك من الإعانة على القتل،

وقد قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2 .

وعليه : فما تقوم به هذه المنظمة من الإعانة على القتل الرحيم، وتوجيه المرضى له، وعمل المنشورات والمقاطع المختصة به: منكر عظيم، وجريمة منكرة.

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" ( 25/ 85):

" أما أولئك الذين يرون أن يلبى طلب المريض في قتل نفسه ، ويعينونه على ذلك من أطباء وغيرهم ؛ فإنهم آثمون ، ونظرتهم قاصرة ، ويدل ذلك على جهلهم

لأنهم ينظرون إلى حياة الإنسان وبقائه من جهة أن يكون ذا قوة حيوانية ، ذا سلطة وأشر وبطر ، ولا ينظرون من حياته أن يكون متصلاً بربه ، متزوداً بالأعمال الصالحة

قد رق قلبه لله ، وخضع واستكان ، وتضرع بين يديه سبحانه وتعالى ، فكان أحب وأقرب إلى الله ممن تجبر وطغى ، واستغل قوته الحيوانية فيما يغضب الله .

كما أن الله سبحانه قادر على شفائه ، وما يكون اليوم مستحيلاً في نظر البشر ، قد يكون ميسوراً علاجه مستقبلاً ، بقدرة الله الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء " انتهى .

ثانيا:

لا يجوز العمل في الدعاية أو التسويق لهذه المنظمة؛ لما يتضمنه ذلك من الدعاية لما تقوم به من العمل المحرم.

وقد ذكرت أنك أنهيت الجزء الأول من عملك، وقبضت المال، فإن كان هذا الجزء الذي انتهيت منه ، يستفاد منه في تسويق أمر المنظمة والدعاية لها : فقد اشتمل عملك على مباح ومحرم، والواجب أن تتوبي إلى الله تعالى

وأن تتخلصي من جزء من المال ، على قدر نسبة المحرم في أعمال المنظمة، وذلك بصرفه في مصالح المسلمين العامة أو إعطائه للفقراء والمساكين.

وأما العمل في المنظمة، فإن كان في مجال مباح ، لا صلة له بما تقوم به من محرمات، سواء بمباشرتها ، أو الإعانة عليها أو الترويج لها، فلا حرج فيه.

وأما إن كان عملك يستلزم الإعانة على ذلك المحرم ، أو الدعاية له ، أو للمؤسسة ، بكل ما تقوم به : فلا يجوز لك العمل فيها .

والله أعلم.

amialamia
2018-12-25, 15:54
لا اله الا الله محمد رسول الله

*عبدالرحمن*
2018-12-25, 15:59
زنت وكانت تضرب بطنها إلى تمام الحمل ونزل الجنين ميتا فما يلزمها

السؤال

لا أعرف من أين ابتدأ أنا امرأه مطلقة ، وقعت ـ وللأسف ـ في الزنا ، والحمد لله تبت لوجهه الكريم ، ولكن سؤالي : أنا حملت من الزنا

وأتممت حملي ، وكنت أضرب بطني دائما ، ولما انجبت ابنتي كانت متوفية ، فهل علي دية ؟

الجواب

الحمد لله

أولا:

قبل معرفة حكم الجنين الميت، لا بد من التعريج على الزلة السابقة، لا للتبكيت ولا للتعيير؛ فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وقد وعد الله التائبين

- ومنهم التائبون والتائبات من الزنا - بقبول التوبة، بل وأعظم من ذلك وهو أن تُبدل سيئاتهم حسنات

قال تعالى : ( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا *

إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) سورة الفرقان / 68-70 .

وفي الحديث القدسي : ( قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ، وَلَا أُبَالِي

يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ) رواه الترمذي (3540 ) وصححه الألباني .

وحصل أن امرأة زلت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى حمأة الزنا ، ثم تابت ، فتقبلها ربها بقبول حسن ، وأسبغ عليها من رحمته حتى عَدَلَتْ توبتُها توبةَ سبعين رجل من الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين

قال النبي صلى الله عليه وسلم عنها : ( لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ ) رواه مسلم (1696).

فنحن نعرج على الزلة السابقة لنعينك على تكميل التوبة ، وإتمامها ، والاستمرار عليها .

فأنت تحتاجين إلى تفحص : لماذا وقع منك ما وقع ؟

لا بد أن هناك أسباباً دفعتك إلى ذلك ، ومن أهمها :

صحبة أهل السوء ، ولو عبر الأجهزة ، ومواقع التواصل ، ومشاهدة المنكرات في الفضائيات والإنترنت ، أو غشيان مجالس السوء ، وأماكن الاختلاط .

إن ما سبق ، مما عظمت به بلوى الناس في هذا الزمان ، وهو من أكثر ما يجر الناس إلى الحرام ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ ) رواه الترمذي (2378) وحسنه الألباني .

والمرأة مثل الرجل في هذا الباب .

وقال أيضاً : ( مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ، كَحَامِلِ المِسْكِ وَنَافِخِ الكِيرِ، فَحَامِلُ المِسْكِ: إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ

: إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً ) رواه البخاري (5534).

ولذلك أمر الله بترك صحبة السوء وقطع كل اتصال بهم ، وملازمة أهل الخير من الفتيات الصالحات

قال تعالى : ( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ

أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ) سورة الكهف / 28 ، ( وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) سورة الأنعام / 68 .

ومما يجر المرء إلى المعاصي: الفراغ الطويل ، أعني فراغ القلب من الإيمان ، ومراقبة الله

ومحبته سبحانه ، وفراغ الجوارح من الطاعات ، وفراغ الوقت من المهمات والأعمال النافعة ، وفراغ العلاقات الاجتماعية من الصحبة الصالحة ، قال الشاعر :

إن الشباب والفراغ والجَدَه مفسدة للمرء أي مفسده

والجدة ، الغنى والمال .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ ) رواه البخاري (6412) ، وقال تعالى : ( فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ) سورة الشرح / 7-8 .

أي : إذا فرغت من أي عمل نافع ، فانصب في عمل نافع آخر ، سواء مما كان نفعه يتعلق بالدنيا أم بالآخرة .

فنوصيك للنجاة من الشرور ، أن تسُدِّي كل منافذ الشر عنك ، وأن تغيري أرقام هواتفك ، وأن تغيري الحسابات على مواقع التواصل ، أو الخروج منها بالكلية ، فهو خير لك وأسلم .

ونوصيك أن تقبلي على الخير وأهله بكليتك - ولو وجدتِ من بعض الصالحات بعض ما لا تحبين ، كما أوصى الله في الآية السابقة ( واصبر نفسك .. ) .

وأن تتمسكي بطاعة الله قلباً وقولاً وفعلاً ( وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ

فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا ) سورة النساء / 66-70 .

وأمر آخر مهم، وهو أن تسعي للزواج، ولو أن تعرضي نفسك على الجمعيات الخيرية المعنية بشؤون الأسرة - وهي متوفرة بحمد الله - وعلى الخَطَّابات ، وعلى أهل الثقة في هذا المجال ، ولو ببذل المال .

وإذا جاءك الخاطب المناسب ، فلا تكثري من الشروط ، فإنه خير وأحسن من الفراغ عن الزوج .

واستعيني بالله في سائر أمرك ، فهو خير معين ، ولن يخيب من رجاه ، ولا يندم من أمَّله سبحانه وتعالى ، قال النبي صلى اله عليه وسلم : (احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ

وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْء

قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ) رواه الترمذي (2516 ) وصححه الألباني .

ثانيا:

قد ذكرت أنك كنت تضربين بطنك، وأنك أتممت الحمل، ونزل الجنين ميتا، فإن كان الجنين نزل عقب الضرب مباشرة، أو استمر الألم بعد الضرب حتى نزل الجنين، فهنا يحكم بأن موته كان بسبب الضرب، وتلزمك الكفارة والدية.

وإذا لم يكن شيء من ذلك، أي لم ينزل عقب ضربٍ، ولم يستمر ألم بعد ضربٍ حتى نزل، فلا يحكم بأن الضرب سبب موته، ولا يلزمك شيء.

وحيث حصل الشك في سبب الموت هل هو الضرب أم لا، فإن الأصل براءة ذمتك وعدم إلزامك بشيء.

قال ابن قدامة رحمه الله: " إن الغرة إنما تجب إذا سقط من الضربة.

ويُعلم ذلك بأن يسقط عقيب الضرب، أو ببقائها متألمة إلى أن يسقط" انتهى من المغني (8/ 405).

والمقصود بالكفارة: صيام شهرين متتابعين.

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (21/434): " إذا كان الحمل الذي أسقطته قد نفخت فيه الروح ، بأن كان قد تم له أربعة أشهر فأكثر : فإن عليها الكفارة، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم تجد فإنها تصوم شهرين متتابعين .

وإن كان لم تنفخ فيه الروح فإنها تأثم بإسقاطه، وليس عليها كفارة، وإنما عليها التوبة والاستغفار " انتهى.

ودية الجنين إذا نزل ميتا: غرة (عبد أو أمة)، وقيمتها: عشر دية أمه، أي خمس من الإبل، تدفع إلى ورثة الجنين إلا أن يعفوا عنها، ولا يأخذ القاتل منها شيئا.

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : من شربت دواءً عمداً لإسقاط جنين فسقط لثلاثة أشهر فماذا عليها ؟

فأجاب : "ليس عليها دية ولا كفارة ، لأنه لم تنفخ فيه الروح . أما إن أتمَّ أربعة أشهر ، ففعلته عمداً ، فعليها الدية : غرة ، والكفارة : صيام شهرين متتابعين . والغرة : عبد أو أمة

قيمة كل منهما خمس من الإبل . ومن لم يستطع الصيام ، فالصحيح أنه ليس عليه إطعام لأن الله لم يذكره في الآية"

انتهى من "ثمرات التدوين من مسائل ابن عثيمين" ( ص 126).

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-12-25, 16:04
قتلت وهي صغيرة فتاة وأخفت الأمر وتسأل عما يلزمها

السؤال

أني أرجو الإجابة في أسرع وقت ممكن ، فهذه فتوى في جريمة قتل ، لدي صديقة ـ الله يهديها ـ عمرها الآن 15 عاما ، قبل حوالي 8 سنوات كانت بأمريكا ، أي كان عمرها سبع سنوات

وكان لديهم جيران عندهم ابنة بنفس عمر صديقتي ، وكانوا أناس رزقهم الله مالا كثيرا ، فكانت طفلتهم متكبرة لا تريد صديقتي صداقتها ، لكن أمها كانت ترغمها على الذهاب إليهم ، وحسن المعاملة أيضا

وفي أحد الأيام كانتا في منتزه للعب فعرضت الفتاة على صديقتي سباق على الدرج ، وكانت صديقتي الفائزة ، فعندما لحقتها الفتاة قالت : كيف تسبقينني سأخبر أمك ؛ لأن أمك تحبني أكثر منك

وقالت كلاما جارحا آخر ، وهنا تمكن الشيطان من صديقتي فدفعت الفتاة من أعلى الدرج ، وكانت فعليا تنوي قتلها ، وهذا ما حصل ، فقد ماتت الفتاة بعد سقوطها ، ولم يرى أحد ذلك

وبعد تحقيق الشرطة لم تتوصل سوى لأنهما كانتا تلعبان فسقطت الفتاة ، وكات صديقتي خائفة بذلك الوقت ، وبعدها بفترة قصيرة عادوا إلى وطنهم الأم ، ولم يعلم أحد بفعلة صديقتي إلا هي وأنا حتى هذه اللحظة

إنها دوما ما تقول إنها ستلقى في النار ؛ فهذه نفس حرمها الله ، وهي تعاني منها حتى هذه اللحظة ، فأريحوا قلبها أرجوكم ، علما بأن الدية أمر مستحيل الآن

فنحن نتحدث عنما مر عليه 8 سنوات ، ولا يمكنها الذهاب إلى أهل الفتاة خارج البلاد ، وهم لا يعرفون موقعهم الآن ، كما إن أهلها ليس لهم علم بفعلتها

وأشير إلى أن الطفلة وأهلها غير مسلمين ، وأرضهم ليست أرض مسلمين ، وقد كانت صديقتي في سن السابعة أي مجرد طفلة تملكها الشيطان في لحظة غضب ، وكانت النتائج سيئة ، أفيدوني .

الجواب

الحمد لله

أولا:

ما قامت به صديقتك من قتل صاحبتها، حين كان عمرها في السابعة أو الثامنة، يدخل في قتل الخطأ؛ لأن عمد الصبي يعتبر خطأ في قول جمهور الفقهاء.

قال ابن عبد البر رحمه الله:

" مذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابهما والأوزاعي والليث بن سعد ، في قتل الصبي عمدا أو خطأ : أنه كله خطأ ، تحمل منه العاقلة ما تحمل من خطأ الكبير. وقال الشافعي : عمد الصبي في ماله"

انتهى من الاستذكار (8/ 50).

ومذهب أحمد رحمه الله كمذهب أبي حنيفة ومالك.

قال ابن قدامة رحمه الله: " وعمد الصبي والمجنون خطأ تحمله العاقلة.

وقال الشافعي، في أحد قوليه: لا تحمله؛ لأنه عمد يجوز تأديبهما عليه، فأشبه القتل من البالغ. ولنا: أنه لا يتحقق منهما كمال القصد، فتحمله العاقلة، كشبه العمد

ولأنه قتل لا يوجب القصاص، لأجل العذر، فأشبه الخطأ وشبه العمد"

انتهى من المغني (8/ 383).

فعلم من هذا أنه يلزم صديقتك الدية، وتكون الدية على عاقلتها عند الجمهور، فإن لم تقم العاقلة بذلك، أو كرهت هي أن تخبر عاقلتها، وأخرجتها من مالها فلا بأس.

ثانيا:

دية غير المسلمة : نصف دية المسلمة، أي ربع دية الرجل المسلم.

والدية مائة من الإبل، فتكون دية غير المسلمة خمسا وعشرين من الإبل.

قال تعالى: ( وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ) النساء/92

قال ابن قدامة رحمه الله في المغني (8/ 398):

" (ودية الحر الكتابي نصف دية الحر المسلم، ونساؤهم، على النصف من دياتهم) : هذا ظاهر المذهب. وهو مذهب عمر بن عبد العزيز، وعروة، ومالك، وعمرو بن شعيب" انتهى.

وعليها البحث عن أهل القتيلة والاجتهاد في ذلك، فإن لم تصل إليهم، تصدقت بالدية عنهم.

ثالثا:

يلزم في قتل الذمي والمعاهد: الكفارة، في قول جمهور الفقهاء.

قال ابن قدامة رحمه الله: "وتجب بقتل الكافر المضمون، سواء كان ذميا أو مستأمنا. وبهذا قال أكثر أهل العلم. وقال الحسن، ومالك: لا كفارة فيه؛

لقوله تعالى: ( ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ) [النساء: 92] .

فمفهومه أن لا كفارة في غير المؤمن. ولنا، قوله تعالى: ( وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة ) [النساء: 92]. والذمي له ميثاق

وهذا منطوق يقدم على دليل الخطاب، ولأنه آدمي مقتول ظلما، فوجبت الكفارة بقتله، كالمسلم"

انتهى من المغني (8/ 513).

والكفارة عتق رقبة، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين.

وتكون الكفارة في مال الصبي إن كان له مال، فإن أعسر انتظر بلوغه ليصوم.

قال الخرشي في شرح مختصر خليل (8/ 49):

"تجب في مال الصبي والمجنون لأنها من خطاب الوضع كالزكاة. ولو أعسر كل فالظاهر أنه ينتظر البلوغ والإفاقة لأجل أن يصوما" انتهى.

وينظر : المغني ، لابن قدامة (8/ 513)

وحاشية "العدوي" على الموضع السابق من كلام الخرشي .

فعلى صديقتك صيام شهرين متتابعين.

والحاصل أنه يلزمها أمران: الدية، وهي على عاقلتها، إلا أن تختار إخراجها من مالها.

والثاني: الكفارة، وهي صيام شهرين متتابعين.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-12-25, 16:46
يقول إن مائة من الإبل لا تكفي لردع القاتل ، ويسأل عمن يطالبون بأكثر من الدية

السؤال

تناقشت مع أحد الأصدقاء على مقدار الدية في القتل العمد وشبه العمد وذلك تحديدا في عصرنا الحاضر حيث أن 100 "]من الإبل لا تكفي كما قال صديقي، وقال أيضا إن الدية المشروعة يسهل

فعها فهذا لا يحد من القتل فما هو مقدار الدية في عصرنا الحاضر؟

وما هو حكم أخذ الملايين من النقود كـدية ؟

وهل يوجد تفاصيل حول الدية؟ مثلا: أن يكون المقتول قد ترك زوجة وأولاد بلا وظيفة؟ الرجاء إفادتي مع العلم أني مؤمن بالدية كما جاءت في الحديث (100 من الإبل أو ما يعادلها من باقي الأموال)

الجواب

الحمد لله

أولا :

مقدار الدية في العصر الحاضر : هو مقدارها في العصر النبوي ، فهي مقدرة بمائة من الإبل .

دليل ذلك ما رواه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب لعمرو بن حزم كتابا إلى أهل اليمن فيه الفرائض والسنن والديات وقال فيه : ( وإن في النفس مائة من الإبل ) .

رواه النسائي في سننه ومالك في موطئه (2/849) ، وصححه الألباني في " إرواء الغليل " (7/300) .

قال ابن قدامة رحمه الله :

" أجمع أهل العلم على أن الإبل أصل في الدية ، وأن دية الحر المسلم مائة من الإبل ، وقد دلت عليه الأحاديث الواردة منها حديث عمرو بن حزم ، وحديث عبد الله بن عمر في دية خطأ العمد

وحديث ابن مسعود في دية الخطأ "

انتهى من " المغني " (8/367) .

فهذا حد من النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز لأحد أن يغيّره بأكثر من ذلك أو أقل .

ثانيا :

غلاء الإبل ورخصها موجود من القدم ، وليس وليد هذا العصر ، ويقال إنها في عهد عمر رضي الله عنه غلت بزيادة تصل إلى النصف من قيمتها ، ينظر " المغني " (9/481) ، ومع ذلك لم يتغير الحكم .

وقد تغيرت قيمها جدا مع اختلاف العصور ، والتغيير إنما يطرأ على التقييم لا على الإبل ، فلا تُزاد على مائة من الإبل إن رخُصت ، ولا تُنقص عن مائة إن غلت .

قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :

" لما كان في القرن الثاني عشر رأى إمام المسلمين في وقته (عبد العزيز بن محمد آل سعود) رحمه الله تقدير الإبل بالفضة فقدرت المائة من الإبل بثمانمائة ريال فرانسي، واستمر العمل على ذلك

بقية مدة آل سعود في الدرعية، وكذلك بقية القرن الثالث عشر وأوائل الرابع عشر حتى استولى على الحجاز 1343هـ وضربت السكة الجديدة السعودية من الفضة فقضى القضاة

وإن كان زمناً يسيراً وعن غير مشاورة مع بعضهم - بثمانمائة ريال عربي، ثم إن بعضهم بعد مدة طويلة نشط فبلغ بها ألف ريال عربي، ثم بعد سنوات صرح من صرح من أهل القضاء

والفتوى بأنه لا مناص ولا عذر عن توقيع الدية ، ولو باعتبار الفضة أصلاً مستقلاً على ما فيه من الضعف ، فحصل الترفيع إلى ثلاثة آلاف ولم يوصل بها إلى مبلغها بهذا الاعتبار، ثم تيسر رفعه إلى أربعة آلاف ريال.

ولما دخل عام 1374هـ كان عند الملك السابق (سعود بن عبد العزيز) وفقه الله نحو هذا الموضوع نظر، وذلك أنه لاحظ أن الفضة قد رخصت جداً، وأن بعض الإماء قد تكون قيمتها ثلاثين ألف

ريال، وكذلك سائر المثمنات قد تطورت قيمتها التطور الحالي، فمن أجل ذلك استفتاني وطلب أن أبين له الوجه الشرعي في الدية،

فأجبت بمقتضى القول الراجح أن الأصل في الدية الإبل خاصة، وأنه يجب في قتل الرجل المسلم عمداً عدواناً ، أو خطأ شبه عمد : مائة من الإبل، أرباعاً: خمساً وعشرون بنت مخاض

وخمساً وعشرون بنت لبون، وخمساً وعشرون حقة، وخمساً وعشرون جذعة، ويجب في الخطأ المحض أخماساً: عشرون حقة، وعشرون جذعة، وعشرون بنت مخاض، وعشرون بني مخاض ذكر، وعشرون بنت لبون.

وقد سألنا من يوثق بهم ممن عندهم تمام خبرة بقيم تلك الأسنان فأخبرونا عنها، فتوصلنا من ذلك إلى معرفة أن قيمة دية العمد المحض والخطأ شبه العمد :

ثمانية عشرة ألف ريال عربي سعودي، وقيمة دية الخطأ المحض ستة عشر ألف ريال عربي.

وهذا التقويم باعتبار دون الوسط، ويستمر العمل على هذا ما لم تتغير قيمتها الحالية بزيادة كثيرة أو نقص كثير، فإن تغيرت وجب تجديد التقويم "

انتهى من " الفتاوى " (11/330) .

وقال الشيخ ابن جبرين رحمه الله تعالى :

" وقد أدركنا الدية قبل خمسين سنة كانت ثمانمائة ريال فرنسي، وقد كانت الثمانمائة في ذلك الوقت تقاوم مائة من الإبل، ثم ارتفع سعر الإبل فصارت الدية ثمانية آلاف، ثم ارتفعت إلى ستة عشر، ثم إلى أربعة وعشرين

ألفًا وذلك إلى حدود عام ثلاثمائة وتسعون وألف للهجرة، ثم ارتفعت إلى أربعين ألفًا، ثم قبل عشر سنين قررت الدية بمائة ألف، وذلك أنهم نظروا فوجدوا أن الإبل الواحدة لا تقل عن ألف ريال، فلذا جعلوا الدية مائة من الإبل

أي: مائة ألف ريال " انتهى من "

إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين " (2/226) .

ثم قبل أعوام قليلة عُدّلت في المملكة العربية السعودية إلى 300 ألف ريال للقتل الخطأ وشبه العمد ، و400 ألف ريال للقتل العمد ، وذلك أن أسعار الإبل تضاعفت إلى ثلاثة أضعافها .

ومثل هذا المبلغ ليس مما يسهل دفعه أبدا ، إلا عند الأغنياء جدا ، وأما الطبقة المتوسطة فهو مبلغ رادع .

ثالثا :

إذا كان القتل خطأ أو شبه عمد ، فلا حق لأولياء القتيل إلا في الدية المحددة شرعا ، وهي مائة من الإبل .

وإذا كان القتل عمدا ، فلصاحب الحق أن يطلب المصالحة بأكثر من الدية ليتنازل عن القصاص .

فهذا المبلغ الزائد عن الدية هو في مقابل إسقاط حقه في القصاص ؛ لا على أنه دية واجبة ؛ لأن الدية محددة شرعا فلا يمكن الزيادة عليها .

يدل لذلك ما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (من قتل مؤمنا متعمدا دُفع إلى أولياء المقتول ، فإن شاؤوا قتلوا ، وإن شاؤوا أخذوا الدية ، وهي ثلاثون حقة

وثلاثون جزعة ، وأربعون خلفة ، وما صالحوا عليه فهو لهم ، وذلك لتشديد العقل).

أخرجه الترمذي (1387) ، وقال : " حديث حسن غريب '' ، وحسنه الألباني في " إرواء الغليل " (1/259) .

( وَهِيَ ثَلَاثُونَ حِقَّةً ) هِيَ مِنْ الْإِبِلِ مَا دَخَلَتْ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ .

( وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً ) هِيَ مَا دَخَلَتْ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ .

( وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً ) هِيَ الْحَامِلُ . وَزَادَ فِي رِوَايَةِ اِبْنِ مَاجَهْ : (فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا).

(وَذَلِكَ لِتَشْدِيدِ الْعَقْلِ) أَيْ الدِّيَةُ . انظر : "تحفة الأحوذي بشرح سنن الترمذي".

وهذا هو قول جماهير أهل العلم من الحنفية والمالكية ، وقول عند الشافعية ، والمشهور من مذهب الحنابلة ، وهو ما قررته هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية بالأكثرية

في قرارها رقم (204) بتاريخ 10/5/1422هـ عن مطالبة أولياء المقتول عمدا بأكثر من الدية ، فقالوا :

" إن الأصل جواز الصلح ، وعدم تحديده بحد معين ، ما لم يشتمل الصلح على إحلال حرام ، أو تحريم حلال ، ولم يظهر للمجلس ما يقتضي العدول عن هذا الأصل " انتهى .

وسئل الشيخ سليمان الماجد :

" ما حكم الزيادة في الدية أكثر من مائة ألف على الراجح من الأقوال؟

فأجاب : الحمد لله أما بعد.. أما الدية فهي مقدرة بالنص فلا يزاد عليها .

ولكن لصاحب الحق أن يتنازل عن القصاص بأكثر من الدية ، على سبيل الصلح، لا أنه دية واجبة . والله أعلم " انتهى .

والخلاصة :

أن الدية محددة لا يجوز أن تُزاد عن مائة من الإبل، ولو رَخُصت ، أو كان أولياء الدم أيتاما أو فقراء ، إلا إذا كان القتل عمدا، وطالبوا بأكثر من الدية ليسقطوا حقهم من القصاص، فلهم ذلك .

ولا يجوز أن تنقص في الحكم عن مائة ؛ ولو غلت الإبل ، لكن إن أراد أولياء الدم أن يتنازلوا عن الدية كلها أو بعضها ، فذلك لهم أيضا .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-12-25, 16:49
حملوا والدهم المريض بطريقة خاطئة ربما أدت لاختناقه بالبلغم وموته فما يلزمهم؟

السؤال

مرض أبي رحمه الله قبل وفاته وفي آخر مدة كنا نأتي له بالطبيب لزيارته بالبيت ؛ وقد سألنا الطبيب إذا كان من الأفضل أن نذهب به للمستشفى ليمرض هناك فقال إن رعايته بالبيت أفضل ؛

لكن أبي في هذا الوقت كان التنفس فيه صعوبة بعض الشيء؛ لأن أبي كان مدخنا قبل ذلك فكان البلغم قد تكاثر على صدره فعندما أخبرنا الطبيب بذلك قال اذهبوا به لمراكز رعاية كبار السن لشفط البلغم

والقيام ببعض المعالجات له لكن في اليوم الذي أردنا أن نأخذه فيه عندما أردنا أن نرفعه وكان دائم الاستلقاء على ظهره أخذ ينهج بسرعة شديدة ثم انقطع النفس فجأة فعدنا به مسرعين

لجعله مستلقيا على ظهره مرة أخرى لكنه بعدها أخذ شهقة بسيطة ثم لم يتنفس بعدها ومات ؛ فعندما علمت أنا بعدها بأشياء منها أنه في هذه الحالات كان من المفترض أن نرفعه وهو مستلقيا على ظهره

وأننا كنا مخطئين عندما حملناه بهذه الطريق أصبحت نفسي تقول أننا كنا سببا في موت أبى أو قتله

مع العلم أن الطبيب لم يخبرنا بكيفية حمله ؛ مع العلم أيضا أننا كنا نرفعه قبل ذلك لإدخاله للحمام وللاغتسال ؛ فأرجو الإفادة إذا كان ذلك صحيحا أم لا وماذا علي أن أفعل ؟ وجزاكم الله خيراً

الجواب

الحمد لله

ما قمتم به من رفع والدكم لأخذه إلى مركز الرعاية، وموته بعد انقطاع نفسه، وخوفكم من أن يكون ذلك سبب موته، فيه تفصيل مرجعه إلى الأطباء الثقات:

1-فإن قال الأطباء إن سبب موته هو رفعه بهذه الطريقة، كان هذا من القتل الخطأ، وعلى كل من شارك فيه الكفارة، وهي صيام شهرين متتابعين. وأما الدية: فتلزمكم دية واحدة، إلا أن يعفو عنها بقية ورثة المتوفى.

2-وإن قال الأطباء إن هذا الرفع لا يؤدي إلى الموت، فلا ضمان عليكم، أي لا دية ولا كفارة.

3-وإن شك الأطباء في ذلك ولم يجزموا بشيء، فلا ضمان عليكم أيضا؛ لأن الأصل براءة الذمة، ولا يجب الضمان بالشك.

قال ابن حزم " فإن شكّت أمات من فعلها – أي الأم - أم من غير فعلها ؟ فلا دية في ذلك ، ولا كفارة ؛ لأننا على يقين من براءتها من دمه ، ثم على شك أمات من فعلها أم لا ؟

والأموال محرمة إلا بيقين ، والكفارة إيجاب شرع ، والشرع لا يجب إلا بنص أو إجماع ، فلا يحل أن تُلزم غرامة ، ولا صياما ، ولا أن تلزم عاقلتها (العصبة) دية بالظن الكاذب ، وبالله " تعالى التوفيق "

انتهى من " المحلى " لابن حزم (11/116).

ويعتمد في هذا على تقرير طبيبين ثقتين ، على الأقل ، يتفقان على سبب الوفاة ، بعد وصف الحالة لهم بالتفصيل .

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-12-25, 16:53
رضّ خصية غيره حتى جعله عقيما فهل يقتص منه؟

السؤال

ما حكم القصاص في الخصاء اي رضخ الخصيتين حتى العقم عمدا ؟

الجواب

الحمد لله

القصاص مشروع في النفس والأطراف، إذا أمكن استيفاؤه بلا حيف أي جور وظلم.

قال الله تعالى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة/179

وروى البخاري (2413) ومسلم (1672)

عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، قِيلَ مَنْ فَعَلَ هَذَا بِكِ، أَفُلاَنٌ، أَفُلاَنٌ؟ حَتَّى سُمِّيَ اليَهُودِيُّ، فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، فَأُخِذَ اليَهُودِيُّ

فَاعْتَرَفَ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُضَّ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ

وروى البخاري ( 233 ) ، ومسلم ( 1671 ) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : " قَدِمَ أُنَاسٌ مِنْ عُكْلٍ أَوْ عُرَيْنَةَ ، فَاجْتَوَوْا المَدِينَةَ ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلِقَاحٍ ، وَأَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا

فَانْطَلَقُوا ، فَلَمَّا صَحُّوا ، قَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ ، فَجَاءَ الخَبَرُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ ، فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ

فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ جِيءَ بِهِمْ ، فَأَمَرَ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ ، وَسُمِّرَتْ أَعْيُنُهُمْ ، وَأُلْقُوا فِي الحَرَّةِ ، يَسْتَسْقُونَ فَلاَ يُسْقَوْنَ " .

ومعنى ( سُمِرَتْ أَعْيُنُهُمْ ) قد جاء بيان معناها في رواية أخرى عند البخاري ( 3018 ) : ( ثُمَّ أَمَرَ بِمَسَامِيرَ فَأُحْمِيَتْ فَكَحَلَهُمْ بِهَا ).

وسمر النبي صلى الله عليه وسلم أعينهم على وجه القصاص والعقوبة بالمثل؛ لأنهم فعلوا ذلك بالرعاة، كما جاء مبينا في رواية مسلم (1671) عَنْ أَنَسٍ

قَالَ: " إِنَّمَا سَمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْيُنَ أُولَئِكَ ، لِأَنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرِّعَاءِ " .

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

" وفيها من الفقه ... أنه يفعل بالجاني كما فعل ، فإنهم لما سملوا عين الراعي ، سمل أعينهم "

انتهى من " زاد المعاد " ( 3 / 255 ).

وقال ابن حجر رحمه الله

:" وفي هذا الحديث من الفوائد ... المماثلة في القصاص ، وليس ذلك من المثلة المنهي عنها "

انتهى من " فتح الباري " ( 1 / 341 ).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والصحيح أنه يقتص من كل جرح؛ لعموم

قوله تعالى: وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ؛ فمتى أمكن القصاص من جُرح : وجب إجراء القصاص فيه، وعلى هذا فإذا قال الأطباء: نحن الآن نقتص منه بالسنتيمتر ، بدون حيف : فإنه يقتص منه .

فلو أن رجلاً شق بطن رجلٍ فإنه لا يقتص منه على المذهب، والصحيح أنه يقتص منه" انتهى من الشرح الممتع (14/ 86).

فمن قطع خصية غيره، اقتص منه، إذا أُمن إصابة الأخرى.

ومن أذهب منفعة الخصية، ولم يقطعها، فإن القصاص منه يكون بإذهاب المنفعة ، بوسيلة لا تؤدي إلى الحيف.

قال الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله في شرح قول صاحب الزاد: "فَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ، وَالأْنْفُ، وَالأْذُنُ، وَالسِّنُّ، وَالْجَفْنُ، وَالشَّفَةُ

وَالْيَدُ، وَالرِّجْلُ، وَالإْصْبَعُ، وَالْكَفُّ، وَالْمِرْفَقُ، وَالذَّكَرُ، وَالْخِصْيَةُ، وَالأَلْيَةُ، وَالشُّفْرُ، كُلُّ واحدٍ مِنْ ذلِكَ بِمِثْلِهِ" :

"إذا جنى الجاني على عين المجني عليه ، فقلع العين كلها، قلعت عينه ، كما قلع عين المجني عليه، بشرط أن يؤمن الحيف، على تفصيل سيذكره المصنف رحمه الله في الشروط.

ولو أنه ضربه ضربة أذهبت منفعة العين ، وأبقت العين، مثل اللطمة، ففي هذه الحالة يفعل بالجاني مثل ما فعل بالمجني عليه .

ومن العلماء من قال: يلطم، فإن ذهب نور بصره حصل العدل، وإن لم يذهب نور بصره أذهب هذا النور بالعلاج

فيقطر في عينه من الدواء ما يذهب نور البصر، كما أذهب نور بصر غيره. وهذه المسألة فيها قضاء عن الصحابة ، وشبه إجماع؛ لأنه لم يخالف فيها أحد .

وحاصله: أن عثمان رضي الله عنه كان عنده مولى، فجاء رجل من الأعراب بجلَب إلى السوق يريد أن يبيعه، فأخذ وأعطى مع هذا المولى،

وكان المولى شديداً، فوقعت بينهما خصومة، فقام المولى وضرب الأعرابي ضربة أذهبت نور عينه، وأضرت بالمنفعة والعين قائمة، فوصل الخبر إلى عثمان رضي الله عنه، فنادى الأعرابي

وعرض عليه أن يعطيه ضعف الدية حتى يسامح ويتنازل، فأصر الرجل على حقه، فلما أصر على حقه

رفعهما إلى علي رضي الله عنه، فأمر علي أن تحمى حديدة فأحميت،

وأمر أن تكف العين الثانية التي هي خارج الجناية وأن تستر، ثم وضع الحديدة أمام العين حتى سالت وذهب بصرها، ففعل به مثلما فعل بالجاني من إذهاب بصره.

وهذا الفعل من علي رضي الله عنه شبه إجماع ، لم ينكره أحد من الصحابة، وهو خليفة راشد وبمحضر عثمان رضي الله عنه، وفي حال حياته، ولم ينكره أحد.

ولذلك فبعض الفقهاء يقول: إنه إذا لطمه وأذهب بصر العين فإنه لا يلطمه؛ لأن اللطم لا يؤمن معه الحيف

واللطمة عن اللطمة تختلف، ولا نستطيع أن نضبط اللطمة بقدر تتحقق به المساواة، فقالوا: في هذه الحالة ذهاب المنفعة، فنذهب منفعة عينه كما أذهب منفعة عين أخيه.

فمنهم من قال بالدواء، مثلما ذكر بعض الأئمة من تقطير الكافور ونحوه مما يذهب البصر، ولكن يشترط إذا عُولجت العين بالدواء ألا يؤذي هذا الدواء داخل البدن؛ لأنه زيادة على الجناية فلا يجوز.

وفعل علي رضي الله عنه أخرج الأمر عن الإشكال؛ لأنه جاء بالحديدة محماة ثم وضعت أمام العين حتى سالت وذهب نور الإبصار فيها، وما أحرق بها العين

وحينئذٍ تلافى الضرر بتقطير الدواء؛ لأن تقطير الدواء لا يؤمن معه الضرر كما لا يخفى.

وعلى هذا انعقدت كلمة الصحابة رضي الله عنهم، فإنه لا يعرف مخالف لـعلي رضي الله عنه في هذا، ولـعثمان في سكوته على هذا القضاء.

ويستوي في ذلك أن تكون العين المجني عليها قوية الإبصار والجانية ضعيفة، أو العكس

فتؤخذ العين قوية الإبصار بالعين الضعيفة، ما دام أنه يبصر بها، ومنفعة الإبصار موجودة، فتؤخذ منفعة عينه كما أخذ منفعة عين أخيه، هذا بالنسبة للعين".

وقال:

" (والخصية) كذلك ، لو أنه جنى على خصيته، فإذا جنى على خصيته فقطعها ، قطعنا منه مثلما قطع .

وهذا كله بشرط أمن الحيف، أي: أن يكون القطع بطريقة يمكن أن يقتص منه فيها، ولا تكون هناك زيادة عند القصاص، أما إذا لم تؤمن الزيادة فلا، وهذا سيأتي إن شاء الله تعالى في الشروط.

ولو جنى عليه جناية في خصيته عطلت منافعه فأصبح عقيماً، فيفعل به مثلما فعل بالمجني عليه ، إذا أمكن ذلك ، وأمن الحيف؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (كتاب الله القصاص) .

وكذلك لو اعتدى عليه فعطل منفعة الذكر ، فأصبح لا ينتشر، فيفعل به من الدواء ما يمنع انتشار ذكره، فيستعمل منه مثلما استعمل من أخيه"

انتهى من "شرح زاد المستقنع.

ثانيا:

لا يجوز استيفاء القصاص إلا بحضرة الحاكم ، أو من ينوب عنه.

قال في مطالب أولي النهى (6/ 50): ((ويحرم استيفاء قوَد بلا حضرة سلطان أو نائبه) لافتقاره الى اجتهاد ، ولا يؤمن فيه الحيف مع قصد التشفي .

(وله)؛ أي: الإمام أو نائبه (تعزير مخالف) اقتص بغير حضوره؛ لافتئاته بفعل ما وقع منه) انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (قوله: لا يستوفى قصاص أي: من الجاني.

قوله: إلا بحضرة سلطان السلطان هو الرئيس الأعلى للدولة.

قوله: أو نائبه أي: من ينوب عنه عادة في هذه الأمور، والذي ينوب عنه في عصرنا هو الأمير، فالأمير نائب عن أمير المنطقة، وأمير المنطقة نائب عن وزير الداخلية، ووزير الداخلية نائب عن الرئيس الأعلى للدولة.

فالنائب المباشر لا بد من حضوره، فإن اقتص بدون حضوره فإن القصاص نافذ، ولكن يعزر من اقتص؛ لافتياته على الإمام، وإنما منع القصاص إلا بحضرة السلطان، أو نائبه؛ خوفا من العدوان

لأن أولياء المقتول قد امتلأت قلوبهم غيظا على القاتل، فإذا قدم للقتل بدون حضور السلطان أو نائبه ، فربما يعتدون عليه بالتمثيل، أو بسوء القتل، أو بغير ذلك، وهذا أمر لا يجوز ...

وقوله: قصاص : عام ؛ يشمل القصاص في النفس فما دونها، فيدخل فيه القصاص في اليد، أو الرجل، أو اللسان، أو ما أشبه ذلك، فلا يستوفى إلا بحضرة الإمام أو نائبه)

انتهى من الشرح الممتع (14/ 54).

والله أعلم.

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2019-01-12, 14:31
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


شروط تنفيذ القصاص ومتى يحرم إقامته

السؤال

هل هناك مواضيع يكره فيها القصاص؟

مع ذكر بعض المراجع لو تكرمتم ، فقد مثَّل لي من الباحثين بـما لو كان في جهاد ، أو أن يهرب الجاني إلى العدو .

الجواب

الحمد لله

القصاص له شروط وجوب، وشروط استيفاء، فقد يجب القصاص، ولكن يؤخر استيفاؤه (تنفيذه) لعدم توفر شروط الاستيفاء، فيحرم تنفيذه حينئذ.

قال الحجاوي رحمه الله في بيان شروط وجوب القصاص:

" باب شروط القصاص، وهي خمسة:

أحدها: أن يكون الجاني مكلفا، فأما الصبي ، والمجنون ، وكل زائل العقل بسبب يعذر فيه ، كالنائم والمغمى عليه ونحوهما - فلا قصاص عليهم.

الثاني: أن يكون المقتول معصوما، فلا يجب قصاص ولا دية ولا كفارة ، بقتل حربي ولا مرتد قبل توبة.

الثالث: أن يكون المجني عليه مكافئا للجاني، وهو أن يساويه في الدين والحرية أو الرق، فيقتل المسلم الحر ، والذمي الحر ، بمثله، ويقتل العبد بالعبد: المسلم بالمسلم ، والذمي بالذمي.

الرابع: ألا يكون المقتول من ذرية القاتل، فلا يقتل والد: أبا كان

أو أما ، وإن علا ، بولده وإن سفل ، من ولد البنين أو البنات . وتؤخذ من حر الدية . ولا تأثير لاختلاف الدين والحرية ، كاتفاقهما ، فلو قتل الكافر ولده المسلم ، أو العبد ولده الحر = لم يجب القصاص.

الخامس: أن تكون الجناية عمدا" انتهى من "الإقناع" (4/ 173- 180) مختصرا.

فإذا توفرت هذه الشروط وجب القصاص .

لكنه لا يستوفى (أي لا ينفّذ) إلا بتوفر شروط أخر.

قال في الإقناع (4/ 181) في بيان شروط تنفيذ القصاص:

"وله ثلاثة شروط:

أحدها: أن يكون مستحقه [ = يعني : ورثة المقتول ] مكلفا، فإن كان صغيرا أو مجنونا : لم يجز استيفاؤه. ويحبس القاتل حتى يبلغ الصغير ، ويعقل المجنون، وليس لأبيهما استيفاؤه.

الثاني: اتفاق المستحقين له على استيفائه، وليس لبعضهم استيفاؤه دون بعض.

الثالث: أن يؤمن في الاستيفاء التعدي إلى غير الجاني، فلو وجب القود أو الرجم على حامل، أو حملت بعد وجوبه : لم تقتل حتى تضع الولد ، وتسقيه اللِّبَأَ" انتهى مختصرا.

وعلم من هذا : أنه يجب تأخير تنفيذ القصاص إذا كان ولد المجني عليه صغيرا أو مجنونا، أو كان الجاني امرأة حاملا، ويسقط القصاص إذا لم يتفق عليه المستحقون له.

وثمة شروط عامة لا تختص بالقصاص، بل تشمل الحدود كلها، وهي أن القصاص والحدود لا تقام إلا بحضور السلطان أو نائبه، وأنها لا تقام في أرض الحرب.

قال في المصدر السابق (4/ 183):

" ولا يستوفى القصاص ، ولو في النفس ، إلا بحضرة السلطان أو نائبه وجوبا" انتهى.

وقال في (4/ 245): " ولا يجوز أن يقيم الحد إلا الإمام أو نائبه" انتهى.

وقال في (4/ 250):

" ومن أتى حدا في الغزو ، أو ما يوجب قصاصا : لم يُستوف منه في أرض العدو ، حتى يرجع إلى دار الإسلام ، فيقام عليه.

وإن أتى بشيء من ذلك في الثغور : أقيم عليه فيها.

وإن أتى حدا في دار الإسلام ، ثم دخل دار الحرب ، أو أُسر : أقيم عليه إذا خرج" انتهى.

قال في كشاف القناع (6/ 88) في شرح هذا الموضع:

" (ومن أتى حدا في الغزو أو) أتى (ما يوجب قصاصا) في الغزو (لم يُستوف منه في أرض العدو حتى يرجع إلى دار الإسلام) ، لخبر بُسْرِ بْنِ أَرْطَاةَ : أنه أُتي برجل في الغزاة سَرَقَ بُخْتِيَّةً،

فقال: لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تقطع الأيدي في الغزاة لقطعتك رواه أبو داود وغيره. قال في المبدع: وهو إجماع الصحابة.

إذا رجع إلى دار الإسلام (يقام عليه) ، لعموم الآيات والأخبار ؛ وإنما أُخر لعارض، وقد زال.

(وإن أتى بشيء من ذلك) أي حد ، أو قصاص ، (في الثغور : أقيم عليه فيها) . قال في المبدع: بغير خلاف؛ لأنها من بلاد الإسلام، والحاجة داعية إلى زجر أهلها ، كالحاجة إلى زجر غيرهم .

(وإن أتى حدا في دار الإسلام ثم دخل دار الحرب أو أُسر أقيم عليه إذا خرج) من دار الحرب لما سبق" انتهى.

وهذه المسألة محل خلاف بين الفقهاء، فالمالكية والشافعية على أن الحدود والقصاص تقام في دار الحرب أيضا.

وفي الموسوعة الفقهية (20/ 209):

" اختلف الفقهاء في إقامة الحد على من زنى من المسلمين أو سرق، أو قذف مسلما، أو شرب خمرا في دار الحرب.

فقال المالكية والشافعية: يجب على الإمام إقامة الحد عليه، لأن إقامة الحدود فرض؛ كالصلاة، والصوم، والزكاة، ولا تسقط دار الحرب عنه شيئا من ذلك.

إذا قتل مسلم مسلما في دار الحرب يستوفي منه القصاص، ويكون الحكم كما لو كانوا في دار الإسلام.

وذهب الحنفية إلى أنه لا يقام عليه الحد، ولو بعد رجوعه إلى دار الإسلام

لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقام الحدود في دار الحرب). وقوله: (من زنى أو سرق في دار الحرب وأصاب بها حدا ثم هرب فخرج إلينا فإنه لا يقام عليه الحد والله أعلم به) .

ولأن الإمام لا يقدر على إقامة الحدود في دار الحرب ، لعدم الولاية .

ولا يقام عليه بعد الرجوع إلى دار الإسلام، لأن الفعل لم يقع موجبا أصلا .

وكذلك إذا قتل مسلما فيها : لا يؤخذ بالقصاص ، وإن كان القتل عمدا ؛ لتعذر الاستيفاء .

ولأن كونه في دار الحرب أورث شبهة في الوجوب، والقصاص لا يجب مع الشبهة .

ويُضّمَّنُ الديةَ ، وتكون في ماله ، لا على العاقلة، لأن الدية تجب على القاتل ابتداء، ثم العاقلة تتحمل عنه لما بينهم من التناصر، ولا تناصر عند اختلاف الدار .

وقال الحنابلة أيضا: تجب الحدود والقصاص، ولكنها لا تقام في دار الحرب، وتقام عليه بعد رجوعه من دار الحرب.

واستدلوا بما رواه سعيد في سننه، أن عمر رضي الله عنه كتب إلى الناس: لا يجلدن أمير جيش ولا سرية رجلا من المسلمين حدا وهو غاز ، حتى يقطع الدرب قافلا ؛ لئلا يلحقه حمية الشيطان، فيلحق بالكفار" انتهى.

وحديث: (لا تقام الحدود في دار الحرب) غريب أي لا أصل له، كما قال الزيلعي في نصب الراية (3/ 343).

وقال ابن حجر في الدراية (3/ 104): "لم أجده".

وحديث (من زنى أو سرق في دار الحرب...): لم نقف عليه.

وأثر عمر رضي الله عنه: رواه سعيد بن منصور في سننه (3/ 235).

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2019-01-12, 14:34
حكم أخذ التعويض الذي يقدره شيخ معارض السيارات

السؤال

صدم أحدهم سيارتي المتوقفة وأدى إلى إتلاف جزء كبير منها ، وحضر المرور إلى موقع الحادث وكان نسبة الخطأ على المتسبب 100% بسبب سرعته الزائدة

وعند مراجعة المرور قامو بتوجيهي لمكتب تقدير السيارات وبعد اطلاعهم عليها أفادوا في تقريرهم بأن إصلاحها مكلف وتم توجيهي لشيخ معارض السيارات فتم تقييمها من قبل ثلاثة معارض قبل الحادث بـ 35000

ريال وبعد الحادث 14000 ريال ، والفرق في ذلك 21000 ريال وتم تسليم هذه الأوراق للمرور ، وفي هذه الحال سيتم إلزم المتسبب بدفع هذا المبلغ لي . وقد تواصل معي المتسبب بالحادث

وعرض علي إصلاح السيارة ورفضت لأنها لن تعود كما كانت وقيمتها السوقية سوف تهبط بسبب هذا الحادث . وقررت بيعها للتشليح .

السؤال : ما حكم أخذ مبلغ التعويض الذي قدره شيخ المعارض وهو 21000 ريال ، مع العلم أنني قد اشتريت هذه السيارة قبل عام ونصف تقريباً بمبلغ 26000

ريال وتكلفت عليها إصلاحات أساسية وليست استهلاكية ، ولا أدري كم القيمة السوقية للسيارة لو بعتها للتشليح

الجواب

الحمد لله

لا حرج عليك في أخذ المبلغ الذي قدره شيخ المعارض، فإن المرجع في ذلك إلى أهل الخبرة.

والأصل أن من أتلف سيارة لغيره لزمه ضمان ما أتلف، إضافة إلى ما نقص من قيمة السيارة بسبب الحادث.

جاء في "الموسوعة الفقهية" (1/226) :

" لا نعلم خلافا في أن المتلف إن كان مثليا ضمن بمثله ، وإن كان قيميا ضمن بقيمته . كما لا نعلم خلافا في أن تقدير القيمة يراعى فيه مكان الإتلاف " انتهى .

وفيها أيضا (28/233) :

" لا يختلف الفقهاء في ضمان نقص الأموال بسبب الغصب ، أو الفعل الضار ، أو الإتلاف أو نحوها ، سواء أكان ذلك النقص عمدا أم خطأ أم تقصيرا " انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

: " ليست المسألة مسألة قطع الغيار ، بل قطع غيار وما حصل على السيارة من النقص بسبب الصدمة

وهذا أمر ربما لا يتفطن له كثير من الناس ، وكل أحد يعرف الفرق بين قيمة السيارة المصدومة ولو كانت قد صلحت ، وبين قيمتها غير مصدومة "

انتهى من "فتاوى نور على الدرب".

وعليه :

فلا حرج عليك في أخذ هذا المبلغ، حتى لو قدّر أنك أصلحت السيارة بأقل منه، لما ذكرنا من مراعاة نقص قيمة السيارة بالحادث.

ولا حرج عليك في الاحتفاظ بسيارتك ، أو بيعها للتشليح ، مع أخذ هذا التعويض.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2019-01-12, 14:36
أخرجا الرضيع من الحضانة فمات بعد يومين فهل يلزمهما شيء؟

السؤال

توفي ولدي الرضيع الذي يبلغ من العمر ٣ أيام ، ذهبنا لإخراجه من المستشفى ، وقال لنا الدكتور: إنه من الأفضل أن يبقى لفترة أكثر في الحضانة ، لكن أصررنا على إخراجه بعد ظهور تحسن كبير في الرضاعة

وبعد إخراجه بيومين توفي وهو نائم. وأنا الآن أشعر بالألم الشديد ، وندمت أني أخرجته من المستشفي ، وأشعر أنني كنت سببا في وفاته ، فهل علي شئ في ذلك ؟ وما الواجب فعله ؟

وهل يشملنا أجر من توفي له رضيع ؟

الجواب

الحمد لله

أولا:

نسأل الله أن يحسن عزاءكم وأن يخلف عليكم خيرا، وأن يرزقكما الاحتساب والصبر والأجر، وقد جاء في فضل ذلك: ما روى الترمذي (1021)

عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِذَا مَاتَ وَلَدُ العَبْدِ قَالَ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي، فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ،

فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ، فَيَقُولُ اللَّهُ: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الجَنَّةِ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ) وحسنه الألباني.

ثانيا:

المرجع في معرفة سبب الوفاة إلى الأطباء، والظاهر من سؤالك إن إخراج الرضيع من الحضانة ليس سببا فيها؛ لإذن الطبيب في ذلك ؛ وإلا لمنعكم من ذلك ، وأخبركم أنه إخراجه سوف يؤدي إلى وفاته .

ومن المعتاد عند الناس : أن يخرجوا الطفل من الحضانات ، إذا غلب على ظنهم السلامة ، حتى وإن فضل الطبيب بقاءه ، لا سيما إذا كانت حضانة خاصة ، بأجر ، فتضعف الثقة بترجيح بقائه .

ولكن إذا قال الأطباء إن سبب الوفاة إخراج الرضيع من الحضانة، لزمت الكفارة من أمر بذلك منكما، والدية على عاقلته تعطى لورثة الرضيع، لا يأخذ منها المتسبب في القتل شيئا.

وإذا كان قد تم دفنه ، ولم يتحقق سبب وفاته قبل الدفن ، ولا قال الأطباء ذلك : فليس عليكم أن تفتشوا عنه ، فالأصل أنه مات كما يموت غيره ؛ وإذا حصل شك في سبب الوفاة، لم يلزمكم شيء؛ لأن الأصل براءة الذمة.

قال ابن حزم رحمه الله في "المحلى" (11/15) : " مسألة : في امرأة نامت بقرب ابنها أو غيره فوجد ميتا " ثم ساق بإسناده : "

عن إبراهيم النخعي في امرأة أنامت صبيها إلى جنبها فطرحت عليه ثوبا فأصبحت وقد مات ؟ قال : أحب إلينا أن تكفر ... عن إبراهيم أنه قال : في امرأة غطت وجه صبي لها فمات في نومه ؟ فقال : تعتق رقبة .

قال أبو محمد : إن مات من فعلها ، مثل أن تجر اللحاف على وجهه ، ثم ينام ، فينقلب

فيموت غما ، أو وقع ذراعها على فمه ، أو وقع ثديها على فمه ، أو رقدت عليه وهي لا تشعر : فلا شك أنها قاتلته خطأ ؛ فعليها الكفارة ، وعلى عاقلتها الدية ، أو على بيت المال .

وإن كان لم يمت من فعلها : فلا شيء عليها في ذلك ، أو لا دية أصلا .

فإن شكت أمات من فعلها أم من غير فعلها ؟ فلا دية في ذلك ، ولا كفارة ؛ لأننا على يقين من براءتها من دمه ، ثم على شك : أمات من فعلها أم لا ؟

والأموال محرمة إلا بيقين ، والكفارة إيجاب شرع ، والشرع لا يجب إلا بنص أو إجماع ، فلا يحل أن تُلزم غرامة ، ولا صياما ، ولا أن تلزم عاقلتها دية بالظن الكاذب ، وبالله تعالى التوفيق " انتهى .

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2019-01-12, 14:39
سرق مال والدها الذي بحوزة أخيها فلم تخبر أباها وعوضته من مال زوجها

السؤال

نحن نعيش في بلد ، ووالدي في بلد ، والدي قام بتسليم الفلوس التي بالبنك لأخي ، ويعطي كل شهر مبلغا لأمي من أجل مصروف البيت ، ونحن ٤ بنات ، ووذكران ، أنا وأختي الكبرى متزوجتان

وأخي يضع مبلغا في المنزل من أجل الحالات الطارئة ، وفي يوم جاء أخي : وقال : إن المبلغ نقص بما يقدر ب ٢٠ ألف دولار ، وقال سوف أخرج الآن وقبل عودتي من أخذها يرجعها

وخرج من البيت ، نحن لم نستوعب ما قال ، لكن أختي الكبرى اعترفت أنه سألها من شهر عن المال ، وقال : إنه يتهم والدتي ، وعندما سمعت والدتي انهارت ، ولم تصدق أن ابنها يشك بها في سرقة

ووالدتي حجة ٣ مرات ، وحساسة جداً ، المهم لم نعلم أين المبلغ ، مع العلم إن أخي قال : إن المبلغ نقص أولا ١٠ آلاف دولار من سنة ونصف ، والآن من شهر نقص ١٠ آلاف ، وهو لم يعد يستطيع أن يتحمل

وهو الوحيد الذي يملك مفتاح الخزنة ، أنا لم أصدقه ، وقلت : إنه هو من أخذ المبلغ من المعطيات التي أمامي ، ولم نستطع أن نقول لأبي لكي لا ينهار

وهو سوف يتهم أخي طبعا ، ومن أجل أمي وأبي والحفاظ على العائلة قررنا وضع ٢٠ ألف دولار من مال زوجي فوق مال والدي ، ولكن أنا كرهت أخي على هذا الشيء

ووالدتي لازالت غاضبة منه ، أنا لم أقتنع بهذا الحل ، وأعتبر أننا نكذب على والدي ، ومشتركين في الجريمة

مع العلم أن أخي اقتنع أن يسدد لنا المبلغ على دفعات ؛ لأن المبلغ كبير ، الكل يشك في أخي ، ولكني خائفة ، فما موقفي من هذا الحل أمام الله ، أرجو المساعدة ؟

الجواب

الحمد لله

أولا:

الأصل إحسان الظن بالمسلم، وعدم اتهامه إلا ببينة، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) الحجرات/ 12

فلا يجوز اتهام الأخ أو غيره بالسرقة، وأما اتهام الأم فأقبح وأشنع.

ولا ينبغي أن يحملك هذا الظن على كراهية أخيك، فإن الأصل براءته.

وكان ينبغي بعد ادعاء السرقة الأولى، أن يشدد عليه، وأن يغير مفتاح الخزنة ويقال له إنك مسئول عن هذا المال ، ولا يقبل دعواك السرقة ، لأنه لا يملك أحد غيرك أن يأخذ المال.

ثانيا:

ما قمت به من تعويض هذا المال من مال زوجك ، وعدم إخبار أبيك مراعاة لحاله : لا يعتبر كذبا

ولا مشاركة في الجريمة، بل هو عمل صالح يرجى ثوابه وعاقبته الحميدة لك ولزوجك، سواء تبرع زوجك بذلك، أو كان سيسترد المال من أخيك على دفعات ، كما قد يفهم من السؤال.

وينبغي أن يتم الاحتياط في حفظ هذا المال، وعدم تسليط أخيكم عليه ، ولا تمكينه منه ؛ ولو بوضعه في البنك، تجنبا لتكرار ما حصل.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2019-01-12, 14:43
أطلق رصاصة فأصابت بالخطأ ابنته فماتت فما الواجب عليه؟

السؤال

ماتت ابنتي البالغة سبعة عشر شهراً من العمر قبل عدة أسابيع. مسدسي، الذي أملكه قانونياً

كان بيدي وبالخطأ أطلق رصاصة طائشةً وقتلت ابنتي. يعلم الله أنها كانت حادثة حيث أن ابنتي كانت كل شيء بالنسبة لي. ما الذي عليّ القيام به للتوبة؟

الجواب

الحمد لله

أولا:

إذا أطلقت رصاصة فأصابت بالخطأ ابنتك، أو لو لم ترد الإطلاق لكن أمسكت بالمسدس لتنظيفه مثلا، فخرجت منه رصاصة، فأصابتها، فهذا من القتل الخطأ، ولا إثم عليك فيه

لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ) رواه ابن ماجه (2033) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه.

لكن ذلك يوجب أمرين:

الأول: الدية، وهي على عاقلتك، وتعطى لورثة القتيلة، ولا تأخذ أنت منها شيئا، فإن تنازل عنها الورثة سقطت؛ لقوله تعالى : ( وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ) النساء/92.

والثاني: الكفارة، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين؛ لقوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى

أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ

قَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) النساء/92

ثانيا:

المراد بالعاقلة: العصبة، وهم أقرباؤك الذكور من جهة أبيك؛ لما رواه المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : (ضَرَبَتْ امْرَأَةٌ ضَرَّتَهَا بِعَمُودِ فُسْطَاطٍ وَهِيَ حُبْلَى فَقَتَلَتْهَا ..

قَالَ : فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِيَةَ الْمَقْتُولَةِ عَلَى عَصَبَةِ الْقَاتِلَةِ) رواه مسلم (1682) .

قال ابن قدامة في "المغني" (8/296) :

"ولا نعلم بين أهل العلم خلافاً في أن دية الخطأ على العاقلة .

قال ابن المنذر :

أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم . وقد ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قضى بدية الخطأ على العاقلة ، وأجمع أهل العلم على القول به" انتهى .

وانظر في بيان العاقلة: جواب السؤال القادم

فإن عجزت العاقلة تحملها عنك بيت مال المسلمين .

فإن لم يمكن أخذها من بيت المال، ففي المسألة خلاف، منهم من قال : لا شيء على القاتل ، وهو المذهب عند الحنابلة ، وأكثر العلماء على أنه يتحملها القاتل نفسه ، واختاره ابن قدامة وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .

قال في الإنصاف (10/123) :

" ومن لا عاقلة له ، أو لم تكن له عاقلة تحمل الجميع : فالدية أو باقيها من بيت المال ، فإن لم يمكن أخذها من بيت المال ، فلا شيء على القاتل ، وهو المذهب ، وعليه أكثر الأصحاب...

.وهو من مفردات المذهب، ويحتمل أن تجب في مال القاتل. قال المصنف هنا [ابن قدامة] : وهو أولى ، فاختاره " انتهى .

وفي الموسوعة الفقهية (21/ 92): " إذا لم يكن للجاني عاقلة ، وتعذر حصول الدية من بيت المال ; لعدم وجوده ، أو عدم ضبطه، فهل يسقط الدم ، أو تجب الدية كاملة على الجاني نفسه؟

اختلف الفقهاء : فقال الحنفية والمالكية وهو الأظهر عند الشافعية واختاره ابن قدامة من الحنابلة: إنها تجب في مال الجاني .

وذهب الحنابلة إلى أنها تسقط بتعذر أخذها من بيت المال حيث وجبت فيه ، ولا شيء على القاتل، وهذا هو المذهب عندهم ، ولا على العاقلة أيضا لعجزها عن أداء ما وجب عليها من الدية

ولو أيسرت العاقلة بعد ذلك أخذت الدية منها كاملة ، لئلا يضيع دم المسلم هدرا، قال الرحيباني : وهذا متجه ، ويتجه أنه إذا تعذر أخذ الدية من بيت المال فتجب في مال القاتل .

وفي وجه عند الشافعية : لا تؤخذ من الجاني بل تجب على جماعة المسلمين كنفقة الفقراء كما ذكره النووي في الروضة" انتهى.

وإذا تنازل عنها ورثة ابنتك، سقطت، كما تقدم.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2019-01-12, 14:45
قتل الخطأ يوجب الدية على العاقلة والكفارة على القاتل

السؤال

إذا قتل المسلم مسلماً خطأ ، كما لو قتله في حادث سيارة وهو لا يقصد ، فماذا الواجب عليه ؟.

الجواب

الحمد لله

الذي يجب بقتل الخطأ شيئان : الدية والكفارة .

قال الله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا ) النساء/92 .

أما الدية فهي واجبة في قتل الخطأ على عاقلة القاتل ، وهم عصبته ، وهم الأب ، والأجداد من جهة الأب ، والإخوة الأشقاء والإخوة من الأب وأبناؤهم ، والأعمام وأبناؤهم ، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد .

قال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" ( 11/77 ) :

" والعاقلة هم العصبة سواء كانوا وارثين أم غير وارثين , فالزوج والأخ من الأم وأبو الأم ليسوا من العصبة " انتهى بتصرف .

ويقسم الحاكم الدية على العاقلة حسب القرابة والغنى , فالأقرب يتحمل أكثر من البعيد , والأكثر غنى يتحمل أكثر , والفقير لا شيء عليه .

انظر "الشرح الممتع" ( 11/80 )

قال ابن قدامة في "المغني" ( 12/21 ) :

" ولا نعلم بين أهل العلم خلافا في أن دية الخطأ على العاقلة .

قال ابن المنذر : أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم . وقد ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قضى بدية الخطأ على العاقلة , وأجمع أهل العلم على القول به ........

والمعنى في ذلك : أن جنايات الخطأ تكثر , ودية الآدمي كثيرة , فإيجابها على الجاني في ماله يجحف به , فاقتضت الحكمة إيجابها على العاقلة , على سبيل المواساة للقاتل ,

والإعانة له , تخفيفا عنه , إذ كان معذورا في فعله , وينفرد هو بالكفارة " انتهى باختصار .

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة ( 21/238 ) :

" الحكم بالدية على العاقلة إنما هو في الخطأ أو شبه العمد ، أما دية العمد المحض فلا تحملها العاقلة ، بل هي على الجاني خاصة ، وإذا تراضى أفراد العاقلة على التحمل معه أو مساعدته في الدية فلا بأس " انتهى .

وأما الكفارة ؛ فهي واجبة على القاتل ، وهي عتق رقبة مؤمنة ، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين

وهي المذكورة في قول الله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ

فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً ) النساء/92 . ".

*عبدالرحمن*
2019-01-12, 14:48
استأجر عاملا لإصلاح عمارة فانهار السقف عليه فمات

السؤال

لدى أقاربي وهم أعمامي وجدي وجدتي عمارة في سوريا العمارة بإسم جدي وجدتي فقط وأعمامي سكنوا فيها وجدي وجدتي غير أبي ليس لديه بيت فيها بمدينة حلب ولقد تعرضت للقصف

وإنهارت العمارة وأتفقوا أعمامي وأبي وجدي وجدتي على تصليح العمارة المهم عمي ذهب وأحضر عاملين إثنين لكي يتم تصليح العمارة والعاملين سحبه حجارة من الجدار ووقع السقف

عليهم وتوفوه رحمهم الله هل تجب علينا الدية والكفارة علماً أنهم حذروهم الجيران أن لا يسحبوه الحجارة لكي لايقع عليهم السقف سؤالنا

هل هذا هو قتل الخطأ وهل تجب علينا الكفارة والدية وعلى من تجب الكفارة والدية والمتوفي رجلان وماهي الكفارة والدية جزاكم الله خيراً

الجواب

الحمد لله

إذا كان العاملان بالغين كما هو الظاهر، فجنايتهما على أنفسهما، ولا شيء على من استأجرهما لإصلاح العمارة، وذلك لانتفاء التسبب ، أو التغرير بهما، لا سيما مع نصح الجيران لهما بعدم سحب الحجارة.

قال البخاري رحمه الله في صحيحه: " بَابُ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ لَمْ يَضْمَنْ ".

ثم روى (2355) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (المَعْدِنُ جُبَارٌ، وَالبِئْرُ جُبَارٌ، وَالعَجْمَاءُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الخُمُسُ).

وكذا رواه مسلم (1710) ومعنى جبار: أي هدر، لا يعوض عنه.

قال النووي رحمه الله: " الْبِئْرُ جُبَارٌ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَحْفِرُهَا فِي مِلْكِهِ، أَوْ فِي مَوَاتٍ، فَيَقَعُ فِيهَا إِنْسَانٌ أَوْ غَيْرُهُ، وَيَتْلَفُ: فَلَا ضَمَانَ .

وَكَذَا لَوِ اسْتَأْجَرَهُ لِحَفْرِهَا، فَوَقَعَتْ عَلَيْهِ، فَمَاتَ: فَلَا ضَمَانَ " انتهى من شرح مسلم (11/ 226).

وانظر جواب السؤال رقم 122196

وقال في نيل المآرب (2/ 334):

" (أو أمَرَ) مكلفٌ أو غيرُ مكلَّفٍ (مكلَّفاً ينزلُ بئراً أو يصعدُ شجرةً فهلَكَ) بنزولِهِ أو صعود الشَّجَرَةِ لم يضمنه، (أو تلف أجيرٌ لحفرِ بئرٍ، أو) أجيرٌ لـ (بناء حائطٍ، بهدمِ ونحوه ... لم يضمن، لأنه لم يفعل شيئاً يكون سبباً" انتهى.

وقال الشيخ عبد الله بن حميد رئيس المجلس الأعلى للقضاء رحمه الله في ملاحظاته على قانون العمل:

" التفريق بين ما إذا كان ناشئا عن أسباب أثناء العمل، أو كان غير ذلك ؛ وهذا التفريق لا أصل له في الشريعة الإسلامية؛ بل هو تحكم بدون مستند، فإنه لا فرق بينهما

إلا إذا كان ناشئا عن سبب من المؤجر، أو عن عدم إخباره بخطورته، مع علمه به، والعامل لا يعلم ذلك.

وأما إذا لم يقع من المؤجر أي سبب، فليس للعامل حق عليه، إذا كان العامل بالغا رشيدا، أو كان صبيا ، وقد أذن له وليه .

وإذا كانت الإصابة نشأت عن سبب أحد، فالمتسبب هو الغارم، سواء كان المؤجر أو غيره"

انتهى من الدرر السنية (16/ 281).

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2019-01-12, 14:52
هل للولي أن يعفو عن أرش جرح أو دية أطراف الصغير

السؤال

سائل يسأل بينما هو يقود السيارة للخلف صدم طفلا عمره 8 سنوات فأصيب الطفل بنزيف على الكلى مما أدى إلى إجراء عملية جراحية تم فيها إزالة إحدى الكليتين فما الواجب على هذا السائق

أن يفعله ليبرأ أمام الله من هذا الخطأ مع العلم أنه لا يدرى هل الخطأ منه أم من الطفل ولو كان لهذا الطفل دية تدفع له هل يجوز لولى الطفل أن يرفض قبولها أم أن الدية من حق الطفل لا يجوز لوليه أن يتنازل عنها وجزاكم الله خيرا

الجواب

الحمد لله

أولا:

إذا كان من السائق تفريط بعدم النظر والتحقق مما وراءه، أو رجوعه بسرعة زائدة، أو غير ذلك مما يعده أهل المعرفة تفريطا: فإنه يضمن ما أتلفه من نفس أو مال.

وإذا لم يكن منه تفريط، كأن نظر وتحقق ورجع بسرعة معقولة، لكن جاء الطفل فجأة ، بحيث لا يمكن تفاديه : فلا ضمان عليه.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثامن عام 1414هـ الموافق 1993م ، عن الحالات التي يعفى فيها السائق من المسئولية :

" أ - إذا كان الحادث نتيجة لقوة قاهرة لا يستطيع دفعها، وتعذر عليه الاحتراز منها، وهي كل أمر عارض خارج عن تدخل الإنسان .

ب – إذا كان بسبب فعل المتضرر المؤثر تأثيراً قوياً في إحداث النتيجة .

جـ - إذا كان الحادث بسبب خطأ الغير أو تعديه ، فيتحمل الغير المسؤولية" مجلة المجمع الفقهي العدد الثامن ، الجزء الثاني ص 372 .

وفي حال التفريط، يلزمه نصف الدية.

قال الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري:

" ما كان في الإنسان منه شيئان، ففي كل واحد منهما نصف الدية، وفيهما معاً الدية كاملة...

العضو الباطن ، كالعضو الظاهر ، في وجوب الدية ، ففي الكبد الدية كاملة، وفي الكليتين الدية كاملة، وفي الكلية الواحدة نصف الدية."

انتهى من موسوعة الفقه الإسلامي (5/ 84، 86).

ثانيا:

ليس لولي الصبي العفو عن هذه الدية؛ لأن دية الأطراف [أي ما دون النفس] إنما يستحقها المجني عليه وحده، لا ورثته، فليس لأحد أن يعفو عنها إلا المجني عليه نفسه، وعفو الطفل لا يصح.

قال الشافعي رحمه الله:

" وإذا جرح المحجور عليه ، بالغا أو معتوها أو صبيا ، فعفا أرشَ الجرح في الخطأ : لم يجز عفوه"

انتهى من الأم (6/ 96).

وقال ابن حزم رحمه الله:

" مسألة : عفو الأب عن جرح ابنه الصغير , أو استقادته له [أي : القصاص] أو في المجنون كذلك : وذكر عن الشعبي أنه قال : إذا وهب الشجةَ الصغيرة التي تصيب ابنه : جازت عليه .

ثم قال علي [أي ابن حزم]: تفريق الشعبي رحمه الله بين الشجة الصغيرة والكبيرة لا معنى له , وقد قال الله تعالى : ( ولا تكسب كل نفس إلا عليها ) ,

وحق الصغير والمجنون قد وجب , فلا يجوز أن يسقطه له غيره , لأنه كسب عليه , وهذا ما لا إشكال فيه .

وقد أجمعوا على أن للأب والولي أن يطلبا , وأن يقتصا كل حقٍ للصغير والمجنون , في مالهما , وأنه ليس للأب , ولا للولي , في ذلك عفو , ولا إبراء - فهلا قاسوا أمر القصاص لهما على أمر المال ؟"

انتهى من المحلى (11/ 132).

وفي الموسوعة الفقهية (21/ 94):

" لا خلاف بين الفقهاء في أن الدية تسقط بالعفو عنها . فإذا عفا المجني عليه عن دية الجناية على ما دون النفس، من القطع وإتلاف المعاني: تسقط ديتها

لأنها من حقوق العباد التي تسقط بعفو من له حق العفو ، والمجني عليه هو المستحق الوحيد في دية الأطراف والمعاني .

واتفقوا على أن دية النفس: تسقط بعفو ، أو إبراء جميع الورثة المستحقين لها .

وإذا عفا أو أبرأ بعضهم دون البعض يسقط حق من عفا ، وتبقى حصة الآخرين في مال الجاني، إن كانت الجناية عمدا ، وعلى العاقلة إن كانت خطأ" انتهى.

وفيها (30/ 181):

" ذهب الفقهاء إلى أنه يشترط في العافي أن يكون عاقلا بالغا، فلا يصح العفو من الصبي والمجنون

وإن كان الحق ثابتا لهما؛ لأنه من التصرفات المضرة ، فلا يملكانه، وينظر للصغار وليهم في : القَود [أي : القصاص] ، والعفو على مال" انتهى.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2019-01-12, 14:56
وقفت في الطريق فتفاداها السائق فانقلبت سيارته فهل تضمن؟

السؤال

فتاة خرجت من بيتها ، وهي مهمومة مكروبة ، فأرادت أن تقطع الشارع ، فقطعته وهي ذاهلة ، فتفاجأت بسيارة فوقفت في الشارع من صدمتها، فهرب عنها سائق السيارة كي لا يدعسها مما أدى إلى قلب سيارته

وتأثره بجروح ، فأصاب الفتاة همّا لشعورها أنها سبب للحادث ، فهل يجب عليها أن تساعد صاحب السيارة بالمال لكونها متسببة للحادث؟

الجواب

الحمد لله

هذه المسألة فيها تفصيل:

1-إذا كان وقوف الفتاة في الشارع سببا في وقوع الحادث، بحيث لم يكن ممكنا للسائق تفادي ذلك، فإنها تضمن ما نتج عن ذلك من تلف ، أو ضرر ، في الأنفس ، أو في الأموال؛ لتعديها بهذا الوقوف.

2-وإن أمكن للسائق تفادي الفتاة دون انحراف يؤدي إلى الانقلاب ، لكنه بالغ في الانحراف فانقلبت سيارته ، فلا تعتبر الفتاة سببا في الحادث ، ولا يلزمها ضمان.

3-وإن كان الحادث بسبب منها ومن السائق معا، كما لو كان لا يمكنه تفاديها إلا بهذا الانحراف

وكان يسير بسرعة زائدة عن المسموح به، فأدى ذلك للانقلاب، فهما متسببان، والضمان بينهما، بحسب ما يقدره أهل الخبرة، مناصفة أو غير ذلك.

ومثل هذا الأمر يحتاج إلى نظر أهل الخبرة وتقديرهم ، لمعرفة المتسبب في وقوع الحادث.

وهذه المسألة اجتمع فيها المباشر –وهو السائق فإنه انحرف بنفسه- والمتسبب، والأصل تضمين المباشر، لكن يضمن المتسبب إن كان متعديا ولم يتعد المباشر.

ومن كلام الفقهاء في تضمين المتسبب مما هو قريب من مسألتنا:

قال في "زاد المستقنع" : ( وإن ربط دابة بطريق ضيق ، فعثر به إنسان : ضمن ).

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" فإذا ربط دابة بطريق ضيق ، فعثر بها إنسان وانكسر ، أو هلك : فعليه الضمان ؛ لأنه متعد في ربطها في هذا المكان الضيق.

وعلم من كلام المؤلف: أنه لو ربطها بطريق واسع : فلا ضمان عليه .

وهذا متجه إذا لم يربطها في طريق المارة ، فإن ربطها في طريق المارة ، فهو كما لو ربطها في طريق ضيق : عليه الضمان.

فإن قال قائل: الطريق الواسع ، وإن كان مطرق الناس ـ في وسطه مثلا ـ فإن الإنسان يستطيع أن ينحرف يمينا أو شمالا.

قلنا: لنسأل هل هذا الرجل الذي ربط الدابة في الطريق الواسع ـ في مطرق الناس ـ معتد أو غير معتد؟

الجواب: معتد، وإذا كان معتديا فهو ظالم، وقد قال الله تعالى: (إنما السبيل على الذين يظلمون الناس) [الشورى: 42] .
نعم لو ربطها في طريق واسع في أحد جوانبه فلا ضمان"

انتهى من " الشرح الممتع" (10/200).

وقال الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله : " فقوله: (ومن ربط دابته في طريق ضيق فعثر به إنسان) هنا اجتماع السببية والمباشرة ، فصحيح أن العثر وقع بمشي الشخص

وهو الذي باشر المشي في هذا الموضع ، فسقط، لكن وجود هذه الدابة وهذا الحبل ، في هذا الموضع ، على هذا الوجه : موجب للضمان" .

وقال: "ينبغي أن يعلم أن هناك ثلاثة أمور لا بد من توفرها في الضمان، وهذه الثلاثة الأمور كالآتي:
أولاً: وجود الاعتداء.

وثانياً: أن يترتب على الاعتداء ضرر.

وثالثاً: أن توجد سببية تربط بين الاعتداء وبين الضرر" انتهى من "شرح زاد المستقنع ".

وقال في "كشاف القناع" (6/ 10) في تصادم الأشخاص: " ( وإن كان أحدهما يسير والآخر واقفا ) أو قاعدا ( فعلى عاقلة السائر دية الواقف ) والقاعد ؛ لأنه قتيل خطأ ( وعليه ) أي السائر ( ضمان دابته )

أي دابة الواقف أو القاعد ، لأن العاقلة لا تحملها ( فإن مات الصادم أو ) تلفت ( دابته : فهدر ) ، لأنه لم يجن عليه أحد ، بل هو الجاني على نفسه . ( وإن انحرف الواقف فصادفت الصدمة انحرافه

فهما كالسائرين ) ، على ما سبق تفصيله.

هذا كله إذا وقف أو قعد في طريق واسع ( فإن كان الواقف ) يعني غير السائر ( في طريق ضيق غير مملوك له ) حال كونه ( قاعدا أو واقفا ، فلا ضمان فيه ) لأن السائر لم يتعد عليه، بل القاعد والواقف هو المتعدي" انتهى.

وصدر عن مجمع الفقه الإسلامي في مؤتمره الثامن المنعقد في ( بروناي دار السلام ) سنة 1414هـ الموافق 1993م قرار بخصوص حوادث السير ومما جاء فيه:

" الحوادث التي تنتج عن تسيير المركبات تطبق عليها أحكام الجنايات المقررة في الشريعة الإسلامية

وإن كانت في الغالب من قبيل الخطأ ، والسائق مسؤول عما يحدثه بالغير من أضرار، سواء في البدن أم المال ، إذا تحققت عناصرها من خطأ وضرر ، ولا يعفى من المسؤولية إلا في الحالات التالية :

أ- إذا كان الحادث نتيجة لقوة قاهرة لا يستطيع دفعها ، وتعذر عليه الاحتراز منها ، وهي كل أمر عارض خارج عن تدخل الإنسان .

ب- إذا كان بسبب فعل المتضرر المؤثر تأثيرا قويا في إحداث النتيجة .

ج- إذا كان الحادث بسبب خطأ الغير أو تعديه ، فيتحمل الغير المسؤولية ... "

" ثالثاً : ما تسببه البهائم من حوادث السير في الطرقات يضمن أربابها الأضرار التي تنجم عن فعلها ، إن كانوا مقصرين في ضبطها، والفصل في ذلك إلى القضاء .

رابعاً : إذا اشترك السائق والمتضرر في إحداث الضرر ، كان على كل واحد منهما تبعة ما تلف من الآخر من نفس أو مال .

خامساً :

أ- مع مراعاة ما سيأتي من تفصيل، فإن الأصل أن المباشر ضامن ، ولو لم يكن متعدياً، وأما المتسبب : فلا يضمن إلا إذا كان متعدياً أو مفرّطاً .

ب - إذا اجتمع المباشر مع المتسبب : كانت المسؤولية على المباشر دون المتسبب ؛ إلا إذا كان المتسبب متعدياً ، والمباشر غير متعدّ .

ج - إذا اجتمع سببان مختلفان ، كل واحد منهما مؤثر في الضرر، فعلى كل واحد من المتسببين المسؤولية بحسب نسبة تأثيره في الضرر .

وإذا استويا ، أو لم تعرف نسبة أثر كل واحد منهما : فالتبعة عليهما على السواء".

انتهى من " مجلة المجمع الفقهي" العدد الثامن ، الجزء الثاني ص 372

*عبدالرحمن*
2019-01-12, 15:02
من قتل غيره بالأعشاب السامة عمدا أو خطأ

السؤال

أخبرني رجل أن صبيا عمره ١٢ سنة تقريبا ، كان مع أختيه ، وكانوا في مكان فيه أعشاب ـ عندنا في الجزائر بعض الأعشاب صالحة للأكل ، يمكن أن يأكلها الإنسان ـ

لكن هذا الصبي أخذ نوعا آخر من الأعشاب السامة ، وناولها أختيه فتوفيتا . فماذا يترتب على هذا الصبي من ناحية الشرع ، سواء كان هذا الفعل عمدا أو خطأ ؟

الجواب

الحمد لله

أولا:

القتل بالسم أو بالأعشاب السامة فيه تفصيل :

1-إن لم يعلم من قدّم الأعشاب أنها سامة ، فهذا قتل خطأ.

2- وإن علم أنها سامة تقتل غالبا، فهذا قتل عمد.

3- وإن علم أنها سامة ، لكنه لم يعلم أنها تقتل غالبا، فهذا قتل شبه عمد.

4-وإن ادعى أنه لا يعلم أنها سامة ، فإن كان ممن يخفى عليه ذلك : صُدّق، وكان فعله من القتل الخطأ.

قال "الدردير في الشرح الكبير" (4/244):

" (وتقديم مسموم) لغير عالم ، فتناوله ومات : فيقتص من المقدِّم إن علم أنه مسموم ، وإلا فلا شيء عليه؛ لأن المتناول إذا علم ، فهو القاتل لنفسه، وإذا لم يعلم المقدم فهو معذور" انتهى.

وفي "الشرح الصغير"

: "( وتقديم مسموم ) لمعصوم ( عالما ) بأنه مسموم ، فتناوله غير عالم فمات ؛ فالقصاص ، فإن تناوله عالما بسمه : فهو القاتل لنفسه : وإن لم يعلم المقدم ، فهو من الخطأ"

وقال الصاوي في حاشيته : "قوله: (فهو من الخطأ) أي ففيه الدية" انتهى.

وفي " أسنى المطالب " (4/ 5):

" وإن كان [أي السم] لا يقتل غالبا : فشبه عمد، فلا قصاص" انتهى.

وفي " مغني المحتاج " (4/ 7):

" ولو ادعى القاتل الجهل بكونه سما : فقولان، والأوجه ما قاله المتولي : أنه إن كان ممن يخفى عليه ذلك ، صُدِّق ، وإلا فلا .

فإن ادعى الجهل بكونه قاتلا ، فالقصاص" انتهى.

وفي " الموسوعة الفقهية " (25/ 257):"

قال جمهور الفقهاء :

إذا قدم لصبي غير مميز أو مجنون طعام مسموم فمات منه وجب القصاص على مقدم الطعام ، إن كان يعلم أن ذلك السم يقتل غالبا" انتهى.

ثانيا:

القتل العمد فيه القصاص ، إلا أن يعفو أولياء المقتول.

والقتل شبه العمد والخطأ : فيهما الدية والكفارة، وتكون الكفارة على القاتل والدية على العاقلة ، إلا أن دية شبه العمد مغلظة .

وانظر: السؤالين القادمين

ثالثا:

من بلغ عمره اثني عشر عاما، قد يكون بالغا، وقد لا يكون.

وبلوغ الذكر يعرف بأحد علامات ثلاثة:

1-الاحتلام .

2-نبات الشعر الخشن حول العانة.

3-بلوغ خمس عشرة سنة.

فإذا وجد واحد من هذه الأمور الثلاثة صار الإنسان بالغا .

ويترتب على ذلك : أن المسئول عنه إن كان بالغا، وقت حصول هذا الأمر ، ففيه التفصيل السابق، فإن كان قتله عمدا، فعليه القصاص إلا أن يعفو أولياء المقتول.

وأما إن كان غير بالغ، فإن عمده له حكم الخطأ عند الجمهور، فعلى عاقلته الدية، ولا قصاص عليه .

وفي وجوب الكفارة عليه : خلاف.

جاء في " الموسوعة الفقهية" (32/ 330):

" جمهور الفقهاء على أن عمد الصبي والمجنون والمعتوه: كالخطأ ؛ في وجوب الدية على العاقلة ، ولا قصاص فيه ، لأنهم ليسوا من أهل القصد الصحيح. والأصل في هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : (رفع القلم عن ثلاثة :

عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يكبر ، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق) .

ولأن القصاص عقوبة مغلظة ، فلم تجب على الصبي وزائل العقل ، كالحدود " انتهى .

وينظر جواب السؤال الثالث

وجمهور أهل العلم – أيضا - يرون وجوب الكفارة عليه ، وهي عتق رقبة مؤمنة

فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين .

وذهب الحنفية إلى أنه لا كفارة على الصغير والمجنون ؛ لأن الكفارة حق لله ، فلا تلزمهما ؛ لأنهما ليسا من أهل التكليف .

ينظر "المغني" (8/513) ، و"حاشية الروض المربع" (7/289) .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" ذهب أبو حنيفة وجماعة من العلماء : إلى أنه لا كفارة على الصغير والمجنون ، قالوا : لأن الكفارة حق لله ، وليست حقاً مالياً محضاً ؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم

: ( رفع القلم عن ثلاثة ) ومنهم الصغير والمجنون ، فلا تلزمهما الكفارة ؛ لأنهما ليسا من أهل التكليف...

وما ذهب إليه أبو حنيفة أقرب إلى الصواب مما ذهب إليه جمهور أهل العلم ، وإن كان قولهم له حظ من النظر ؛ لأنهم يقولون : إن الله أوجب الكفارة في الخطأ ، فدل ذلك على عدم اشتراط القصد

وإنما يشترط التكليف في العبادات من أجل القصد الصحيح ، والصغير والمجنون لا قصد لهما ، فلا تجب عليهما العبادات ، ووجوب الكفارة في القتل ليس من شرطها القصد بدليل وجوبها على المخطئ.

وهذا القول وجيه جداً ، ولكن يُقال : إن أصل التكليف ليس بلازم لمن ليس بمكلف ، وهذا التعليل عندي أقوى من تعليل الجمهور "

انتهى من " الشرح الممتع " (14/184).

وعلى مذهب الجمهور، وهو وجوب الكفارة على الصبي ، ونظرا لعدم وجود الرقاب التي تعتق، فيتعين الصوم ، ولهم في صوم الصبي قولان:

الأول: أنه يجزئه الصوم حال الصبا، وهو مذهب الشافعية.

الثاني: أنه يؤخر الصوم حتى يبلغ ، وهو مذهب المالكية.

قال في "أسنى المطالب" (4/95): " وتجب الكفارة في مال الصبي والمجنون إذا قَتلا ، كما علم مما مر . ويعتق الولي عنهما ، من مالهما ؛ كما يخرج الزكاة عنهما منه .

فلو عدم مالهما ، فصام الصبي المميز عن كفارته : أجزأه" انتهى.

وقال العدوي في حاشيته على "شرح كفاية الطالب الرباني" (2/ 408):

"ولو أعسر كل من الصبي والمجنون ، فاستظهر بعضهم انتظار البلوغ والإفاقة ، حتى يصوما" انتهى.

وعلى عاقلة هذا الصبي دفع الدية لورثة البنتين ، إلا إن عفى الورثة .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في أم قتلت طفلتها خطأ :

" عليها أن تكفر كفارة قتل النفس الخطأ ، وعلى عاقلتها دية لمن يرث هذه الطفلة ، لكن الدية الغالب أن الناس يتسامحون فيها ، وتبقى الكفارة "

انتهى من " اللقاء الشهري " رقم (50) .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2019-01-14, 13:45
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


هل تطيع زوجها في إسقاط الحمل المشوه بعد نفخ الروح فيه؟

السؤال

امرأة حامل بالشهر السادس عانت مشاكل عدة بحملها مؤخرا أظهرت الفحوصات الطبية أن الجنين به عدة مشكلات مثل تضخم القلب ومياه على الرئتين ومياه على المخ واستسقاء في البطن واعوجاج بالعمود الفقري

وكان رأي الأطباء أن أقوم بالولادة الآن لإجهاض الجنين لأنه سيموت أثناء الحمل أو حال الولادة وقررت الطبيبة عملية ولادة لأجهض الجنين الآن وهو مازال حيا فما حكم الشرع؟ ثانيا إن قرر زوجي اتباع رأي الطب

وخالفت أمره ورفضت العملية فهل أنا المحاسبة على جنيني أمام الله أم هو؟.

الجواب

الحمد لله

أولا :

يمر الجنين في بطن أمه بعدة مراحل حتى يتم مائة وعشرين يوما من بداية الحمل ، فيرسل الله تعالى إليه ملكًا فينفخ فيه الروح ، كما ثبت بذلك الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم .

فإذا نفخت فيه الروح فقد صار إنسانا ، له حرمة الإنسان ، ولا يجوز الاعتداء على حياته ، وقتله يعتبر قتلا لنفس مؤمنة بغير حق .. إلا صورة واحدة فقط استثناها أكثر العلماء المعاصرين - كما سيأتي – .

وإذا ثبت هذا ، فإن إسقاط الجنين المشوه، قبل نفخ الروح فيه : جائز ، دفعًا للضرر عنه وعن والديه وأسرته إذا ولد مشوها ، وهو بعدُ لم يصر إنسانا ، حيث لم تنفخ فيه الروح .

وأما بعد نفخ الروح فيه : فقد اتفق العلماء على أنه لا يجوز إسقاطه ، وإسقاطه في هذه الحالة هو قتل إنسان بغير حق ، وذلك من كبائر الذنوب التي تهلك صاحبها

ويستحق عليها الوعيد الشديد الذي ورد في قوله تعالى : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) النساء /53 .

وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن إسقاط الحمل في شهره الخامس ، بعد أن أثبتت الأشعة تشوهه بعدم وجود الجزء العلوي من الجمجمة .

فأجابت :

"لا يجوز إسقاطه من أجل التشوه الذي ذكر في السؤال مع العلم بأنه قد يشفيه الله بما بقي من المدة ، ويولد سليماً ، كما قد وقع ذلك لكثير من الناس " انتهى . فتاوى اللجنة الدائمة (21/440) .

ومثل هذا : هو من المصائب التي يقدرها الله تعالى على المسلم

وشأن المسلم : أن يقابلها بالصبر، فتكون خيرا لها

قال الله تعالى : ( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) البقرة/216

وقال تعالى : ( فعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً ) النساء/19

وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ) رواه مسلم (2999) .

وقد يقدر الله تعالى لعبده المؤمن منزلة عالية في الجنة، لا يبلغها بعمله ، حيث تقصر صلاته وصيامه وعبادته عن بلوغ تلك المنزلة ، فيقدر الله تعالى عليه من المصائب والآلام والابتلاءات، ما يصبر عليه، ويرضى به:

فيكون ذلك زيادة في حسناته ، فيبلغ تلك الدرجة العالية ، قال الله تعالى : (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) الزمر/10 .

ثانيا :

الحالة التي أشرنا سابقا إلى إسقاط الجنين فيها ، بعد نفخ الروح فيه : قاصرة على ما إذا ثبت طبيا أن بقاء الجنين المشوه سيعرض حياة الأم للخطر ، ففي هذه الحالة أجاز أكثر العلماء المعاصرين إسقاطه، لضرورة الحفاظ على حياة الأم .

وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن امرأة حامل في الشهر الخامس وفي الجنين تشوهات، مما يعرض حياة الأم للخطر فهل يجوز إسقاطه ؟

فأجابت :

"بعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت : بأنه إذا كان الواقع كما ذكر، من أن استمرار الحمل لهذه المرأة حتى يتم وضعه، يترتب عليه تهديد حياة الأم بالخطر

فإنه لا مانع من إجهاض الحمل قبل اكتماله ، حماية لحياة الأم ، ودفعاً للضرر عنها .

أما إذا كان إجهاض الحمل من أجل التشوه فقط: فإنه لا يجوز إسقاطه "

انتهى . فتاوى اللجنة الدائمة (21/452) .

ثالثا :

في الحالة التي يحرم فيها الإسقاط ، وهي كون الجنين قد نفخت فيه الروح

وليس في بقائه خطر على حياة الأم .. في هذه الحالة لا يجوز للأب أن يأمر زوجته بالإسقاط ، ولا يجوز لها أن تطيعه ، فإنه (لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) رواه أحمد (1089) وصححه الألباني .

فالله سبحانه هو الأحق أن يطاع فلا يعصى ، وكل من أمر بخلاف أمر الله تعالى فلا طاعة له.

فإن أطاعت المرأة زوجها، وعصت ربها ، فإن الإثم عليهما معًا ، فقد اشتركا في قتل نفس مؤمنة بغير حق ، وعليهما دفع الدية إلى ورثة الجنين ، كإخوته وأعمامه .. ولا يأخذ منها الأب ولا الأم شيئا .

ودية الجنين هي عشر دية الأم .

وعليهما – أيضا - كفارة القتل عند جمهور العلماء ، وهي عتق رقبة مؤمنة ، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين .

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله "عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَسْقِطِي مَا فِي بَطْنِك وَالْإِثْمُ عَلَيَّ. فَإِذَا فَعَلَتْ هَذَا وَسَمِعَتْ مِنْهُ: فَمَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا مِنْ الْكَفَّارَةِ؟

فَأَجَابَ:

إنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ: فَعَلَيْهِمَا كَفَّارَةُ عِتْقِ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ، فَإِنْ لَمْ يَجِدَا فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ .

وَعَلَيْهِمَا غُرَّةٌ : عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ لِوَارِثِهِ الَّذِي لَمْ يَقْتُلْهُ؛ لَا لِلْأَبِ ، فَإِنَّ الْأَبَ هُوَ الْآمِرُ بِقَتْلِهِ، فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا" انتهى من مجموع الفتاوى (34/159) .

وسئل رحمه الله (34/160، 161) عن رجل حملت منه جاريته ، فكان يضربها ضربا مبرحا ، ويسقيها أشياء لإسقاط الجنين، حتى أسقطته مكرهة، فماذا يجب على هذا الرجل ، وهل هذا مسقط لعدالته ؟

فَأَجَابَ:

"الْحَمْدُ لِلَّهِ، إسْقَاطُ الْحَمْلِ حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ ، وَهُوَ مِنْ الْوَأْدِ الَّذِي قَالَ اللَّهُ فِيهِ: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ)، وَقَدْ قَالَ: (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إمْلَاقٍ) .

وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ الشَّخْصَ أَسْقَطَ الْحَمْلَ خَطَأً، مِثْلَ أَنْ يَضْرِبَ الْمَرْأَةَ خَطَأً فَتَسْقُطُ: فَعَلَيْهِ غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ ؛ بِنَصِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ

وَتَكُونُ قِيمَةُ الْغُرَّةِ بِقَدْرِ عُشْرِ دِيَةِ الْأُمِّ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ: كَمَالِكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد.

كَذَلِكَ: عَلَيْهِ " كَفَّارَةُ الْقَتْلِ

" عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْله تَعَالَى: (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلَى أَهْلِهِ إلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا ) إلى قوله تعالى : (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ) .

وَأَمَّا إذَا تَعَمَّدَ الْإِسْقَاطَ فَإِنَّهُ يُعَاقَبُ عَلَى ذَلِكَ عُقُوبَةً تَرْدَعُهُ عَنْ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ مِمَّا يَقْدَحُ فِي دِينِهِ وَعَدَالَتِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ" انتهى .

وسئل أيضا (13/161) :

"عَنْ امْرَأَةٍ حَامِلٍ تَعَمَّدَتْ إسْقَاطَ الْجَنِينِ إمَّا بِضَرْبِ وَإِمَّا بِشُرْبِ دَوَاءٍ: فَمَا يَجِبُ عَلَيْهَا؟

فَأَجَابَ:

يَجِبُ عَلَيْهَا، بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ: غُرَّةٌ؛ عَبْدٌ ، أَوْ أَمَةٌ ، تَكُونُ هَذِهِ الْغُرَّةُ لِوَرَثَةِ الْجَنِينِ، غَيْرَ أُمِّهِ . فَإِنْ كَانَ لَهُ أَبٌ، كَانَتْ الْغُرَّةُ لِأَبِيهِ ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُسْقِطَ عَنْ الْمَرْأَةِ، فَلَهُ ذَلِكَ

وَتَكُونُ قِيمَةُ الْغُرَّةِ عُشْرَ دِيَةٍ، أَوْ خَمْسِينَ دِينَارًا.

وَعَلَيْهَا أَيْضًا عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ: عِتْقُ رَقَبَةٍ ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ صَامَتْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ أَطْعَمَتْ سِتِّينَ مِسْكِينًا" انتهى .

ووزن الدينار أربعة جرامات وربع من الذهب ، فيكون وزن الخمسين دينارا : 212.5 جراما من الذهب .

نسأل الله تعالى أن يصلح شأنكم ، ويرزقكم الذرية الصالحة .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2019-01-14, 13:49
والدتها مريضة ولم تقس لها الضغط قبل النوم فماتت فهل يلزمها شيء ؟

السؤال

أهملت في اعداد الطعام لأمي وهي تعاني من مشاكل في ضغط الدم كان مرتفعا وأصبح مؤخرا منخفضا، قست لها الضغط في هذا اليوم مرتين وكان في الحد الطبيعي

لكن لم أقسه لها قبل النوم، ولم تشتكي من أية أعراض طول اليوم لكن وجدناها فجرا قد سقطت مغشيا عليها وتوفيت لم نجدها إلا بعد وقت طويل ولم نتمكن من إسعافها.. سؤالي كيف أكفر عن إهمالي لها

وهل أنا المتسببة في وفاتها؟

هل يترتب علي شيء؟

أرجو منك الدعاء لها فقد كانت تحب الاستماع إلى برامجك أيضا لم أكن أسمع كلامها دائما يحدث بيننا جدال أحيانا...ماذا افعل لأكفر عن هذا؟

الجواب

الحمد لله

أولا:

لا يظهر لنا وجود تفريط منك يترتب عليه الوفاة، فقد ذكرت أنك قست الضغط لوالدتك في اليوم السابق لوفاتها مرتين، وأنه كان طبيعيا، وأنها لم تشتك من شيء في ذلك اليوم، وهذا يدل على أن وفاتها طبيعية

لم تنتج عن خطأ أو إهمال، ولا شيء عليك في عدم قياس ضغطها قبل النوم، ونسأل الله أن يغفر لها ويرحمها، ويلهمك الصبر واحتساب الأجر.

ثانيا:

ينبغي للإنسان أن يبر والديه بعد وفاتهما، وأن يحسن إليهما قدر استطاعته، وذلك بالدعاء لهما ، وصلة قرابتهما ، وإنفاذ وصيتهما ، وإكرام صديقهما ، والصدقة عنهما

والحج والعمرة عنهما، وقضاء ديونهما، وإيفاء الحقوق التي عليهما لأصحابها .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :"من بر الوالدين : الصدقة عنهما ، والدعاء لهما ، والحج والعمرة عنهما"

انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (8 / 344).

وقال رحمه الله :

" سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن حق الوالدين بعد مماتهما؟ فقال له سائل: يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما بعد وفاتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما

والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما ، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما [رواه أحمد].

خمسة أشياء : (الصلاة عليهما) : الدعاء ، ومن ذلك صلاة الجنازة .

والصلاة عليهما : الترحم عليهما أحق الحق ، ومن أعظم البر في الحياة والموت .

وهكذا الاستغفار لهما ، وسؤال الله أن يغفر لهما سيئاتهما ، هذا أعظم برهما حيين وميتين . وإنفاذ عهدهما من بعدهما ، الوصية التي يوصيان بها ، فالواجب على الولد ذكرا كان أو أنثى إنفاذها إذا كانت موافقة للشرع المطهر .

والخصلة الرابعة (إكرام صديقهما) إذا كان لأبيك أو لأمك أصدقاء وأحباب وأقارب فتحسن إليهم ، وتقدر لهم صحبة وصداقة والديك ، ولا تنس ذلك ، بالكلام الطيب

والإحسان إذا كانا في حاجة إلى الإحسان ، وجميع أنواع الخير الذي تستطيعه ، فهذا برهما بعد وفاتهما .

والخصلة الخامسة : ( صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما ) وذلك بالإحسان إلى أعمامك وأقارب أبيك ، وإلى أخوالك وخالاتك من أقارب أمك

هذا من الإحسان بالوالدين ، وبر الوالدين أن تحسن إلى أقارب والديك الأعمام والعمات وأولادهم ، والأخوال والخالات وأولادهم . الإحسان إليهم وصلتهم كل ذلك من صلة الأبوين ومن إكرام الوالدين "

انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (25 / 368).

فاعملي على ذلك، واجتهدي فيه، لتكوني من أهل الإحسان والبر.

وانظر للفائدة: جواب السؤالين القادمين

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2019-01-14, 13:52
هل عدم زيارة قبر الوالدين من العقوق؟

السؤال

هل عدم زيارة قبر الوالدين يعتبر من العقوق؟

الجواب

الحمد لله

أولا :

زيارة القبور سنة مشروعة في حق الرجال ، بقصد الاتعاظ والاعتبار والدعاء لموتى المسلمين ؛ لما رواه مسلم (977) عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قَالَ

: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ ، فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ ) .

قال النووي رحمه الله :

" أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ زِيَارَتهَا سُنَّة للرِّجَال " انتهى .

وقال الشيخ الفوزان حفظه الله :

" زيارة القبور مشروعة في حق الرجال دون النساء بقصد الدعاء للأموات والاستغفار لهم والترحم عليهم إذا كانوا مسلمين ، وبقصد الاتعاظ والاعتبار وتليين القلوب بمشاهدة القبور وأحوال الموتى " انتهى .

"المنتقى من فتاوى الفوزان" (41 / 15)

وقال ابن عثيمين رحمه الله :

إذا زار الإنسان القبور فليزرها متعظاً لا عاطفة ، فبعض الناس يزور قبر أبيه أو قبر أمه عاطفة وحناناً ومحبة ، وهذا وإن كان من طبيعة البشر ، لكن الأولى أن تزورها للعلة التي ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام

وهي تذكر الآخرة وتذكر الموت ، هؤلاء الذين في القبور الآن هم كانوا بالأمس مثلك على ظهر الأرض ، والآن أصبحوا ببطنها مرتهنين بأعمالهم ، لا يملكون زيادة حسنة ولا إزالة سيئة ، فتذكر " انتهى .

"دروس وفتاوى الحرم المدني" (ص51)

ويشترط لجواز زيارة القبور : ألا يسافر إليها ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى ) متفق عليه .

قال علماء اللجنة الدائمة :

"تشرع زيارة القبور للرجال دون النساء إذا كانت في البلد – أي : بدون شد رحل - للعبرة والدعاء لهم إذا كانوا مسلمين ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، فإنها تذكركم الآخرة ) " انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (1 / 434)

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

"لا يجوز للإنسان أن يشد الرحل لزيارة قبر من القبور أياً كان صاحب هذا القبر" انتهى .

"فتاوى نور على الدرب" (7/ 196) .

ثانياً :

بر الوالدين يستمر بعد موتهما وذلك بالدعاء لهما ، وصلة قرابتهما ، وإنفاذ وصيتهما

وإكرام صديقهما ، والصدقة عنهما ، والحج والعمرة إن كانا لم يحجا ولم يعتمرا ، وقضاء الدين عنهما ، وإيفاء الحقوق التي عليهما لأصحابها .

قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

"دلت السنة على مشروعية بر الوالدين بعد وفاتهما ؛ بالدعاء لهما وتنفيذ وصيتهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما " انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (25 / 182) .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

"من بر الوالدين : الصدقة عنهما ، والدعاء لهما ، والحج والعمرة عنهما" انتهى .

"مجموع فتاوى ابن باز" (8 / 344) .

وقال رحمه الله :

" خمسة أشياء : (الصلاة عليهما) : الدعاء ، ومن ذلك صلاة الجنازة .

والصلاة عليهما : الترحم عليهما أحق الحق ، ومن أعظم البر في الحياة والموت .

وهكذا الاستغفار لهما ، وسؤال الله أن يغفر لهما سيئاتهما ، هذا أعظم برهما حيين وميتين . وإنفاذ عهدهما من بعدهما ، الوصية التي يوصيان بها ، فالواجب على الولد ذكرا كان أو أنثى إنفاذها إذا كانت موافقة للشرع المطهر .

والخصلة الرابعة (إكرام صديقهما) إذا كان لأبيك أو لأمك أصدقاء وأحباب وأقارب فتحسن إليهم ، وتقدر لهم صحبة وصداقة والديك ، ولا تنس ذلك ، بالكلام الطيب

والإحسان إذا كانا في حاجة إلى الإحسان ، وجميع أنواع الخير الذي تستطيعه ، فهذا برهما بعد وفاتهما .

والخصلة الخامسة : ( صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما ) وذلك بالإحسان إلى أعمامك وأقارب أبيك ، وإلى أخوالك وخالاتك من أقارب أمك ، هذا من الإحسان بالوالدين

وبر الوالدين أن تحسن إلى أقارب والديك الأعمام والعمات وأولادهم ، والأخوال والخالات وأولادهم . الإحسان إليهم وصلتهم كل ذلك من صلة الأبوين ومن إكرام الوالدين " انتهى .

"مجموع فتاوى ابن باز" (25 / 368-369) .

أما زيارة القبر فليست شرطا في بر الوالدين ، فبإمكان الولد أن يبر والديه بالدعاء وغيره وهو بعيد عنهما .

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

والدي متوفى منذ فترة طويلة وهو بعيدٌ عني ولا أستطيع أن أقوم بزيارته إلا بعد السنتين أو الثلاثة ، فهل باستطاعتي أن أبره بشيء وأنا بعيدٌ عنه ؟

فأجاب :

" المقصود بزيارة الموتى هو الدعاء لهم ، والدعاء لهم واصلٌ في أي مكانٍ كان الداعي فيه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية

أو علمٌ ينتفع به ، أو ولدٌ صالحٌ يدعو له ) فأنت ادع الله لوالدك في أي مكانٍ : بعيداً كنت أم قريباً ، ولا حاجة إلى زيارة قبره .

نعم ، لو كنت في نفس البلد جئت لحاجة وذهبت تزور أباك فلا بأس به ، أما أن تشد الرحل إلى قبره لتزوره فهذا منهيٌ عنه " انتهى .

"نور على الدرب" (7/196)

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2019-01-14, 13:56
دعا على والدته بدعاء سيء ، فماذا يفعل ؟

السؤال

لقد دعوت على والدتي بدعاء سيئ ، فماذا ينبغي علي أن أفعل كي أكفر عن هذا الذنب ؟

الجواب

الحمد لله

أولا :

أمر الشارع ببر الوالدين ، وعدّ ذلك من أعظم القربات ، ونهي عن عقوقهما ، وعد ذلك من أكبر المحرمات ، ولا شك أن الدعاء على الوالدين أو أحدهما من العقوق الذي هو من أكبر الكبائر

وقد روى مسلم (1978) عن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيه ) . ورواه أحمد (860) ولفظه : ( لَعَنَ اللَّهُ مَنْ سَبَّ وَالِدَيْهِ ).

سئل علماء اللجنة :

ما حكم ضرب الأم أو سبها ؟

فأجابوا : " ضرب الأم أو سبها من العقوق المحرم ، وهو كبيرة من كبائر الذنوب

لقوله تعالى : ( فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ) والواجب على من فعل ذلك التوبة إلى الله ، وطلب المسامحة منها ، والإحسان إليها ، وهكذا الأب "

انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (25 /238) .

ثانيا :

من أساء إلى والديه ، أو أحدهما ، بسب أو لعن أو دعاء ، فهو مرتكب لذنب عظيم ، وعليه أن يتدارك نفسه بالتوبة إلى الله ، وطلب العفو ممن أساء إليه من والديه

والعمل على مرضاته وبره بكل ممكن ، والندم على ما أقدم عليه من جرم ، والعزم على عدم العودة إلى ذلك أبدا
.
فإذا كانت والدتك حية ، وقد واجهتها أنت بهذا السب ، فاطلب عفوها ورضاها بكل مستطاع من القول الطيب والعمل الصالح ، بالاعتذار والندم والبكاء وطلب العفو والوعد بعدم العود

ثم بالطاعة في كل ما يمكنك طاعتها فيه من المعروف ، والامتثال لأوامرها ، وعدم التأخر في طاعتها وتلبية طلباتها ، فعسى أن يلين الله قلبها لك ويعطفها عليك فتعفو عنك .

وإن لم تكن واجهتها بذلك ، ولم تعلم هي به ، فلا تخبرها بما كان منك ؛ بل اجتهد في برها والإحسان إليها فيما يستقبل من أمرك .

سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :

أنا شاب قد عصيت الله جل وعلا ، وشتمت والديَّ ، ولكنّي ندمت كثيرًا ، وحاولت معهما أن يسامحاني ، ولكن للأسف الشَّديد ما استطعت إلى ذلك سبيلاً ؛ فهل أدخُلُ النَّار ؟

فأجاب :

" ما دام أنَّك تبت إلى الله توبة صحيحة ؛ فإنَّ الله يتوب عليك ، ولكن يجب عليك أن تستسمح والديك ؛ لأنَّ هذا حقٌّ لمخلوق ، ومن شروط التَّوبة إذا كانت من حقِّ المخلوق أن يسمح له ذلك المخلوق عن حقِّه

فعليك ببرِّ والديك والإحسان إليهما حتى يرضيا عنك ، عليك ببرِّهما والإحسان إليهما والعطف عليهما لعلَّهما يرضيان عنك إن شاء الله تعالى ؛ فلا بدَّ من هذا .

أمَّا لعن الوالدين ؛ فإنه كبيرة عظيمة ...

ولكنَّ التوبة تَجُبُّ كلَّ الذُّنوب ، التوبة لا يبقى معها ذنب

قال الله سبحانه وتعالى : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ) [ طه / 82

وقال تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ) الزمر/ 53

والله تعالى يغفر الشِّرك ويغفر الكفر إذا تاب منه

قال تعالى : ( قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ ) الأنفال / 38

وقال في النَّصارى الذين يقولون : إنَّ الله ثالثُ ثلاثة ! ويقولون : إنَّ الله هو المسيح ابن مريمَ !

قال تعالى : ( أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) المائدة / 74 .

فلا تيأس ، ولا تقنط ، وتُب إلى الله ، وأحسن إلى والديك ، وسيعطِّفُ الله قلوبهما عليك ، ويسمحان عنك إن شاء الله "

انتهى من "المنتقى من فتاوى الفوزان" (21 /1-2) .

ثالثا :

أما إذا كانت قد توفيت فعليك بالدعاء لها والاستغفار لها دائما ، في الصلاة وفي غير الصلاة ، والانشغال بذلك والإكثار منه والاستمرار عليه ، والإحسان إليها بكل وجه يمكنك .

واجتهد في أداء ما عليها من حقوق ، إن كان عليها شيء من ذلك ، وصلة رحمها ، ورعاية صغارها إن كان لها صغار
.
سئل علماء اللجنة أيضا :

هل يغفر الله ذنب رجل كان يعق والديه وهما مسلمان ، في حياتهما إلى أن ماتا وهما غاضبان عليه ، حيث تاب إلى الله وندم على ما فات منه واستغفر ؟

فأجابوا : " التوبة واجبة من جميع الذنوب ، ويغفر الله للتائب كل الذنوب إذا صحت توبته

كما قال تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا )

ويشرع للذي كان عاقا لوالديه حتى ماتا أن يكثر الدعاء لهما إذا كانا مسلمين ويتصدق عنهما ،

ويسدد ما عليهما من الديون إذا كان عليهما ديون وليس لهما تركة تسدد منها ، وينفذ وصاياهما إذا كان لهما وصايا شرعية " انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (25 /235-236)

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2019-01-14, 13:59
داس بسيارته حصاة فكسرت زجاج محل فهل يضمنه

السؤال

كنا انا و صديقي يوما مارين في شارع فداس صديقي بسيارته على حجر صغير و بضغط الاطار عليه انطلق و اصاب واجه محل زجاجة و كسرها و بسبب اننا كنا غريبين عن المدينة خفنا فقلت له دعنا نكمل سيرنا

ولا نقف وقال لي هو انه ليس عليه شي فهو لم يتعمد الدوس على الحجر و انها غلطة صاحب المتجر لانه لم ينظف امام متجره و حين سألت شيخا قال انه علينا العوض لصاحب المحل

فهل علي ان استحل صاحب المحل بنفسي ام انه يكفي ان انبه صديقي بان صاحب المتجر له عليه ان يعوضه عن الضرر او يستحله مع العلم انني كنت راكبا لا سائقا جزاكم الله خيرا

الجواب

الحمد لله

من سار بدابته أو سيارته في طريق سيرا معتادا، فداس حصاة أو حجرا صغيرا ، فأصابت إنسانا أو أتلفت زجاجا ونحوه : فلا ضمان عليه، لأنه مأذون له في السير، ولا يمكنه التحرز من دوس الأحجار الصغيرة .

والقاعدة : أن ما ترتب على المأذون فهو غير مضمون.

أما إن سار سيرا غير معتاد، كالسير بسرعة في طريق به حصى، فإنه يضمن؛ لتعديه.

وهذه المسألة يتعرض لها الفقهاء في أحكام جناية الدواب.

قال السرخسي رحمه الله: " وإن ضربت بحافرها حصاة ، أو نواة , أو حجرا , أو شبه ذلك ، فأصاب إنسانا وهي تسير : فلا ضمان عليه ; لأن هذا لا يمكن التحرز عنه , فهو بمنزلة التراب ,

والغبار المنبعث من سنابكها ، إذا فقأ عين إنسان .

إلا أن يكون حجرا كبيرا ، فيضمن ; لأن ذلك مما يُستطاع الامتناع منه , وإنما ينبعث الحجر الكبير بخُرْق منه في السير "

انتهى من المبسوط (26/ 189).

وقال ابن فرحون رحمه الله:

" فرع : قال أشهب : فيمن ركب دابة فطارت من تحت يدها حصاة ففقأت عين رجل : فلا شيء عليه .

قال محمد إلا أن تكون الدابة دفعتها بحافرها ، فضربها حين اندفعت : ففيها الدية .

وأما إذا طارت من تحت الحافر ، من غير دفع : فلا شيء فيها. "

انتهى من تبصرة الحكام (2/ 344).

وقال في مغني المحتاج ( : " ( ويحترز ) راكب الدابة ( عما لا يُعتاد ) فعله له ، ( كركض شديد في وحَل ) بفتح الحاء ، ( فإن خالف : ضمن ما تولد منه ) لتعديه .

وفي معنى الركض في الوحل : الركض في مجتمع الناس ، كما أشار إليه في البسيط .

واحترز بالركض الشديد : عن المشي المعتاد فيه , فلا يضمن ما يحدث منه , فلو ركضها كالعادة، ركضا ومحلا ، وطارت حصاة لعين إنسان : لم يضمن" انتهى.

وعليه :

فإن كان صاحبك قد سار في الطريق بالسرعة المسموح بها، ولم يكن الطريق مليئا بالحصى ، مما يوجب التهدئة والنزول عن السرعة المسموح بها : فلا ضمان عليه .

وإلا ، ضمن.

وفي حال الضمان : لا يلزمك أنت شيء ، لأنك لم تكن قائدا للسيارة .

وحسبك أن تنبه صاحبك لحكم المسألة ، وضرورة التحلل من صاحب المحل ، أو ضمان ما تلف.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2019-01-14, 14:05
العمل على أبحاث وراثية تخص الأجنّة وحكم إسقاط الجنين المشوّه

السؤال

أعمل في مركز للأبحاث الطبية ، وقريباً سيقوم الفريق الذي أعمل معه بالتعاون مع فريق بحثي في فرنسا لدراسة الأسباب الوراثية وراء ازدياد حالات وفاة الأجنة بعد الولادة مباشرة ، أو بعد الولادة بفترة قصيرة

بحيث إن المشروع قد يؤدي إلى اكتشاف طفرات جينية مسببة لهذه الظاهرة الغير معلومة أسبابها إلى الآن

وبالتالي ، يتم سنّ قوانين تسمح بالإجهاض المبكّر في المستقبل إن تم اكتشاف وجود الطفرة المسببة لهذه الحالة في مرحلة مبكرة من الحمل . سؤالي هو : هل يمكنني المشاركة في هذا المشروع البحثي

خاصة وأنه قد يساهم في نمو وازدهار مجال البحث العلمي في دولتنا، وسأكتسب خبرات عملية كثيرة ؟

أم هل بمشاركتي في هذا المشروع ، قد أكون شاركت (بشكل غير مباشر) بسنّ قوانين تسمح للإجهاض في فرنسا ؟

بماذا تنصحونني؟

الجواب

الحمد لله

أولا:

لا حرج في مشاركتك في هذا المشروع البحثي؛ لما في ذلك من كسب الخبرات، والإسهام في نمو وازدهار البحث العلمي، ولما يرجى من الوقوف على أسباب تشوه الأجنة وموتها ومعالجة ذلك.

ثانيا:

الخوف من سن قوانين تسمح بالإجهاض لا يمنع من مشاركتك في هذا المشروع، لأن ذلك أمر مظنون متوهم، وعلى فرض وقوعه ، وكان فيه إثم ؛ فالإثم على أهله، لا على من قدم النتائج العلمية الصادقة.

ثالثا:

إجهاض الجنين المشوه فيه تفصيل :

1- فإذا ثبت تشوه الجنين بصورة دقيقة قاطعة لا تقبل الشك ، من خلال لجنة طبية موثوقة ، وكان هذا التشوه غير قابل للعلاج، وكان قبل نفخ الروح فيه أي قبل بلوغه 120 يوما، فالراجح إباحة إسقاطه

نظراً لما قد يلحقه من مشاق وصعوبات في حياته ، وما يسببه لذويه من حرج ، وللمجتمع من أعباء ومسؤوليات وتكاليف في رعايته والاعتناء به

ولعل هذه الاعتبارات وغيرها هي ما حدت بمجلس المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الثانية عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من 15 رجب الفرد سنة 1410هـ وفق 10/2/1990م

أن يصدر قراره : " بإباحة إسقاط الجنين المشوه بالصورة المذكورة أعلاه ، وبعد موافقة الوالدين ، في الفترة الواقعة قبل مرور مائة وعشرين يوماً من بدء الحمل " .

وقد وافق قرار المجلس المذكور أعلاه فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية.

2- إذا كان التشوه مشكوكا فيه ، أو عُلم بعد بلوغ الجنين 120 يوما : لم يجز إسقاطه إلا إذا كان في بقائه خطر محقق على حياة الأم .

قال الدكتور خالد المشيقح في كتابه "المسائل الطبية والمعاملات المالية المعاصرة" (ص14) : " هذه التشوهات يقسمها الفقهاء في الوقت الحاضر إلى نوعين:

النوع الأول : التشوهات التي تحصل قبل نفخ الروح .

يعني : يكتشف أن هذا الجنين قد حصلت له عيوب خلقية قبل نفخ الروح .

فهذا أكثر المعاصرين يجوزون إجهاض الجنين في هذه المرحلة لقاعدة : ارتكاب أخف الضررين ، فالإجهاض ضرر ، وخروجه معيباً عيباً خلقياً ضرر عليه وعلى والديه .

النوع الثاني : اكتشاف العيوب والتشوهات الخلقية بعد نفخ الروح .

فهذا لا يجوز إجهاضه ؛ لما تقدم من الأدلة على حرمة قتل النفس ، لأنه بعد نفخ الروح أصبح نفساً معصومة ، لا يجوز الإقدام على قتلها وانتهاك حرمتها .

لكن تقدم لنا أن أكثر المعاصرين يجوزون إجهاض الجنين بعد نفخ الروح ، إذا كان في بقائه ضرر محقق على أمه .
وعلى هذا ، إذا كان الجنين مشوها خلقيا

ومريضا ، ومرضه سيؤدي إلى تضرر الأم- هلاك محقق- فعلى ما سبق أن ذكرنا من الخلاف بين المتقدمين والمتأخرين في حكم الإجهاض

فالمتقدمون لا يرون الإجهاض ، والمتأخرون يقولون : إن كان سيحصل هلاك محقق للأم فإنه يجهض ".

ثم قال: " تنبيه: ذكر بعض الأطباء : أن ما يتعلق بالعيوب التي تصيب الأجنة أنها أمور ظنية ، يعني ليست أموراً محققة .
وعليه : فإنه لا يجوز للوالدين

وكذلك الطبيب ، التسرع في الإجهاض ، لأن هذه أمور ظنية ، فالأطباء تارة يذكرون شيئاً ، ثم ينقضونه ، هذا الأمر الأول.

الأمر الثاني : قال : إن هذه التشوهات الغالب أنها لا تكتشف إلا بعد نفخ الروح

فإذا كان كذلك ، فتقدم أنه لا يجوز الإجهاض بعد نفخ الروح إلا على قول المتأخرين الذين جوزوا الإجهاض إذا كان في بقاء الجنين ضرر محقق ، أو هلاك محقق للأم " انتهى.

رابعا:

لا يجوز إسقاط الجنين السليم لاحتمال نزوله ميتا ، أو احتمال أنه يموت بعد الولادة ، إلا في حالتين:

الأولى: أن يثبت موته فعلا.

الثانية: أن يكون في بقائه خطر على حياة الأم، كما تقدم.

وإذا كان الغالب أنه لا يقال باحتمال نزوله ميتا إلا لكونه مشوه الخلقة، فهذا رجوع للمسألة السابقة، وتقدم التفصيل فيها والتفريق بين إسقاطه قبل نفخ الروح فيه، وبعده.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2019-01-14, 14:12
أراد إنقاذ غريق فدفعه دون قصد ، فابتلع الماء ، ولم يمكن إنقاذه ؟

السؤال

مجموعة من الأصدقاء ذهبوا في رحلة إلى البحر ، دخل اثنان منهم إلى البحر ، وكاد أحدهما أن يغرق ، فـجاء صاحبه الذي دخل معه وحاول إنقاذه لكنه لم يفلح ، وفي أثناء محاولته لإنقاذه حصلت منه حركة بطريقة معينة

يظن أنها كانت سببًا في غرق صاحبه ـ ، وهو أنه قد دفعه ـدون قصد ـ وهو يحاول إنقاذه ، فابتلع من الماء ، ونزل رأسه تحت الماء وتنفس تحته ، ولم يستطع بعدها إنقاذه ، وكاد كلاهما أن يغرق ، حتى جاءت مركبة بحرية

ولم تستطع إنقاذ ذلك الذي نزل تحت الماء ، وغرق على إثرها ، وعثروا على جثته بعدها بيومين ـ رحمة الله عليه ـ ، والسؤال: هل على الذي حاول إنقاذه آثم ؟ لأنه يظن أنه قد قتله بتلك الحركة الخاطئة التي فعلها دون قصد

وهل يعتبر من قبيل القتل الخطأ الذي فيه الكفارة ؟

مع أنه كان يحاول إنقاذه ، وبذل كُل ما في وسعه من أجل ذلك ، ولم يكن يريد قتله ، وفعل تلك الحركة دون قصد ، وبسبب التوتر ومحاولة الإنقاذ .

الجواب

الحمد لله

أولا:

يجب إنقاذ الغريق على من يقدر على ذلك ، ولو كان في صلاة ، أو كان صائما وكان الإنقاذ يستلزم فطره ، ويأثم بترك إنقاذه .

وفي "الموسوعة الفقهية" (31/ 183):"

إغاثة الغريق والعمل على إنجائه من الغرق : واجب على كل مسلم متى استطاع ذلك ، يقول الفقهاء : يجب قطع الصلاة لإغاثة غريق إذا قدر على ذلك، سواء أكانت الصلاة فرضا أم نفلا

وسواء استغاث الغريق بالمصلي ، أو لم يعيّن أحدا في استغاثته ، حتى ولو ضاق وقت الصلاة ؛ لأن الصلاة يمكن تداركها بالقضاء ، بخلاف الغريق".

واختلف الفقهاء فيما يترتب على من ترك إنقاذ الغريق:

ففي المصدر السابق (31/ 183): " اتفق الفقهاء على أن المسلم يأثم بتركه إنقاذ الغريق معصوم الدم ، لكنهم اختلفوا في حكم تركه إنقاذه ، هل يجب عليه القصاص ، أو الدية ، أو لا شيء عليه ؟

فعند الحنفية والشافعية والحنابلة - عدا أبي الخطاب - على ما يفهم من كلامهم

أنه لا ضمان على الممتنع من إنقاذ الغريق إذا مات غرقا ؛ لأنه لم يهلكه ، ولم يحدث فيه فعلا مهلكا ، لكنه يأثم .

وعند المالكية وأبي الخطاب من الحنابلة يضمن ؛ لأنه لم ينجه من الهلاك مع إمكانه ، قال المالكية : وتكون الدية في ماله إن ترك التخليص عمدا ، وعلى عاقلته إن تركه متأولا" انتهى.

ثانيا:

إذا شرع الإنسان في إنقاذ الغريق ، فتشبث به فخشي على نفسه الهلاك، تركه.

قال الشوكاني رحمه الله: " لا شك أن إنقاذ الغريق من أهم الواجبات على كل قادر على إنقاذه ، فإذا أخذ في إنقاذه ، فتعلق به حتى خشي على نفسه أن يغرق مثله :

فليس عليه في هذه الحالة وجوب ، لا شرعا ولا عقلا، فيخلص نفسه منه ، ويدعه، سواء كان قد أشرف على النجاة أم لا، بل ظاهر قوله تعالى: ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) [البقرة: 195]، أنه يجب عليه تخليص نفسه.

والآية هذه ، وإن كانت واردة على سبب خاص ، كما في سنن أبي داود وغيرهما ؛ فالاعتبار بعموم اللفظ ، لا بخصوص السبب ، كما تقرر في الأصول ، وهو الحق"

انتهى من السيل الجرار، ص892 .

ثالثا:

يظهر من السؤال أن المنقذ دفع صاحبه ، من غير قصد ، فأدى ذلك إلى ابتلاعه الماء، وربما كان السبب في غرقه.
ويتعلق بهذا أمران:

الأول: الإثم: فلا إثم عليه ، إن كان ذلك دون قصد؛ لما تقرر في الشريعة من رفع الجناح والإثم عن المخطئ، ولأنه إنما أراد إنقاذ أخيه ، لا إهلاكه.

الثاني: الضمان وكون هذا من باب القتل الخطأ أو التسبب في القتل: وهذا يُرجع فيه إلى أهل الخبرة، فإن قالوا: إن هذا الدفع سبب في الغرق، فإنه يضمنه، فتلزمه الكفارة،

والدية على عاقلته. والكفارة صيام شهرين متتابعين.

وإن قال أهل الخبرة: إن هذا الدفع لا يترتب عليه غرق، أو إن هذا من وسائل الإنقاذ، فلا شيء عليه.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2019-01-14, 14:17
هل السقط يبعث يوم القيامة ، وهل يُسأل عن سبب إسقاطه كالموءودة ؟

السؤال

هل سيُبعث الجنين الذي أجهض ؟

قيل لي : إن الروح تُنفخ بعد 120 يوماً ، ويصبح لدى الجنين كامل الأعضاء كالقلب والرئتين ، وبالتالي فإنه يُبعث يوم القيامة ، وأظن أن هناك آيات تتحدث

عن أن الطفل الذي قُتل سيُسأل يوم القيامة بأي ذنب قتل ، فهل سيُسأل الطفل المُجهض لماذا أُجهض ؟

الجواب

الحمد لله

يحرم إسقاط الجنين بعد نفخ الروح فيه ، بإجماع أهل العلم رحمهم الله

وإجهاض الجنين بعد نفخ الروح داخل في الوأد

الوارد في قوله تعالى : ( وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ) التكوير / 8 - 9 .

وقد سمى الرسول عليه الصلاة والسلام العزل - وهو أن ينزل الزوج خارج الفرج - وأداً خفياً .

وإذا كان العزل ، وإلقاء النطفة خارج الرحم ، قد سماه النبي صلى الله عليه وسلم وأدا خفيا ، فكيف لو استقرت النطفة في الرحم ، وخلق منها إنسان ونفخت فيه الروح ؟ لا شك أن دخوله في "الوأد" أولى ، وأظهر .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " مجموع الفتاوى " (34/160) :

" إسْقَاطُ الْحَمْلِ حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ ، وَهُوَ مِنْ الْوَأْدِ الَّذِي قَالَ اللَّهُ فِيهِ : ( وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ) ، وَقَدْ قَالَ : ( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ ) " انتهى .

والجنين بعد نفخ الروح فيه ، يعتبر إنساناً ، فإذا سقط أو أجهض ، فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه ويسمى ويعق عنه ، ويبعث يوم القيامة .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" إنما يسمى ولدا بعد الأربعة أشهر ، بعد نفخ الروح فيه : يغسل ويصلى عليه ويعتبر طفلا ، وترجى شفاعته لوالديه ، أما قبل ذلك ، فليس بإنسان وليس بميت ولا يعتبر طفلا

ولا يغسل ولا يصلى عليه ، ولو كان لحمة فيها تخطيط " .

انتهى من " فتاوى نور على الدرب " لابن باز (13/482) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" السقط إذا مات قبل أربعة أشهر ، فليس بآدمي ، بل هو قطعة لحم يدفن في أي مكان كان ، ولا يغسل ، ولا يكفن ، ولا يصلى عليه ، ولا يبعث يوم القيامة .

وإذا كان بعد أربعة أشهر : فقد نفخت فيه الروح وصار إنسانًا ، فإذا سقط فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه ، ويسمى ، ويُعق عنه "

انتهى من " مجموع فتاوى ابن عثيمين " (25/225) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2019-01-14, 14:20
هل يجوز العزل أو استخدام الواقي؟

السؤال

في الليلة الأولى بعد الزفاف ، هل يجوز للشخص أن يستخدم موانع الحمل ( مثل الواقي ) ، أم أن ذلك لا يجوز؟

أطرح سؤالي هذا لأنه من الممكن ( بإرادة الله ) أن تحمل الزوجة ، لكننا قد نختار عدم الإنجاب في فترة مبكرة جداً من زواجنا . أرجو التوضيح .

الجواب

الحمد لله

يجوز العزل إذا لم يرد الولد ، ويجوز له كذلك استخدام الواقي

ولكن بشرط أن تأذن الزوجة بذلك

لأن لها الحق في الاستمتاع وفي الولد ، ودليل ذلك حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال : كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا .

رواه البخاري ( 250 ) ومسلم (160 ).

ومع جواز ذلك فإنه مكروه كراهة شديدة فقد روى مسلم (1442) أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئل عَنْ الْعَزْلِ ، فَقَالَ : (ذَلِكَ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ) . وهذا يدل على كراهته جداًّ .

قال النووي :

" الْعَزْل هُوَ أَنْ يُجَامِع فَإِذَا قَارَبَ الإِنْزَال نَزَعَ وَأَنْزَلَ خَارِج الْفَرْج ، وَهُوَ مَكْرُوه عِنْدنَا فِي كُلّ حَال ، وَكُلّ اِمْرَأَة ، سَوَاء رَضِيَتْ أَمْ لا لأَنَّهُ طَرِيق إِلَى قَطْع النَّسْل , وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيث تَسْمِيَته (

الْوَأْد الْخَفِيّ ) لأَنَّهُ قَطْع طَرِيق الْوِلادَة كَمَا يُقْتَل الْمَوْلُود بِالْوَأْدِ . وَأَمَّا التَّحْرِيم فَقَالَ أَصْحَابنَا : لا يَحْرُم . . .

ثُمَّ هَذِهِ الأَحَادِيث مَعَ غَيْرهَا يُجْمَع بَيْنهَا بِأَنَّ مَا وَرَدَ فِي النَّهْي مَحْمُول عَلَى كَرَاهَة التَّنْزِيه ، وَمَا وَرَدَ فِي الإِذْن فِي ذَلِكَ مَحْمُول عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ نَفْي الْكَرَاهَة" اهـ باختصار .

فالأولى بالمسلم أن لا يفعل ذلك إلا إذا احتاج إليه كما لو كانت المرأة مريضة لا تتحمل الحمل أو يشق عليها أو يضرها تتابع الحمل

ولأن في العزل تفويتاً لبعض مقاصد النكاح وهو تكثير النسل والولد ، وفيه تفويت لكمال لذة المرأة .

*عبدالرحمن*
2019-01-14, 14:25
عقوبة المسلم إذا قتل ذميا

السؤال

ما هي العقوبة التي تطبق على المسلم الذي يقتل كافرا ذميا ؟

وهل يقتل به أم لا ؟

وإذا كان كذلك فما هي العقوبة التي تنفذ عليه ؟

الجواب

الحمد لله

أولا :

" الذمي هو الذي جرى بينه وبين المسلمين عقد وعهد على أن يبقى في البلاد الإسلامية محترما ولكن يبذل الجزية .

دليل ذلك قوله تعالى: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) [ سورة التوبة، الآية: 29] .

وإذا فعلوا ذلك وجب علينا حمايتهم وحرم علينا الاعتداء عليهم ، لا في المال ، ولا في النفس، ولا في العرض " انتهى

من " مجموع فتاوى ورسائل العثيمين " (7/ 297) .

والمسلم إذا قتل ذميا : فهو متوعد بوعيد شديد ، قال صلى الله عليه وسلم : ( من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة )

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في " فتح الباري " : "

وَالْمُرَاد بِهِ : مَنْ لَهُ عَهْد مَعَ الْمُسْلِمِينَ ، سَوَاء كَانَ بِعَقْدِ جِزْيَة ، أَوْ هُدْنَة مِنْ سُلْطَان ، أَوْ أَمَان مِنْ مُسْلِم " انتهى .

ثانيا :

ثبت في البخاري من حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ) ؛ فلا يقتل المسلم بالكافر ، سواء كان ذميا أو معاهدا أو مستأمنا .

ولا يعني هذا إهدار دم الذمي أو المعاهد ، أو الاستخفاف به ، فقد سبق بيان الوعيد الشديد لمن قتل ذميا أو معاهدا .

ثالثا :

أما العقوبة على قاتل الذمي ، فإذا كان القتل خطأ فإنه يدفع ديته ، وهي نصف دية المسلم

وإذا كان القتل عمدا عدوانا ، فقد جاءت الآثار عن عثمان وعمر رضي الله عنهما بتغليظ الدية على قاتل الذمي عمدا ، فجاء عن ابن عمر رضي الله عنه : " أن رجلاً مسلماً قتل رجلاً من أهل الذمة عمداً

ورفع إلى عثمان رضي الله عنه فلم يقتله ، وغلظ عليه الدية ، مثل دية المسلم " قال الألباني رحمه الله " صحيح :

رواه الدارقطني (349) وعنه البيهقى (8/33)

من طريق إسحاق بن إبراهيم انبأ عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنه : ( أن رجلا مسلما قتل رجلا من أهل الذمة عمدا ، ورفع إلى عثمان رضي الله عنه

فلم يقتله ، وغلظ عليه الدية مثل دية المسلم ) .

قال الحافظ في (التلخيص) (4/16) ، وقد ذكره من طريق عبد الرزاق : ( قال ابن حزم : هذا في غاية الصحة ، ولا يصح عن أحد من الصحابة فيه شيء غير هذا

إلا ما رويناه عن عمر : أنه كتب في مثل ذلك أن يقاد به ، ثم ألحقه كتابا فقال : لا تقتلوه ، ولكن اعقلوه [ أي : ادفعوا ديته] )

انتهى من " إرواء الغليل " (7/312) .

وسئل الإمام أحمد رحمه الله

: " عن مسلم قتل معاهداً ، قال : يُدرأ عنه القود [ أي القصاص] ، وتضاعف عليه الدية ، وإن قتله خطأ فعليه دية المعاهد ، وهو نصف دية المسلم " .

انتهى من " مسائل الإمام أحمد بن حنبل وابن راهويه "(7/3498) .

وقال الشيخ خالد المشيقح :

" المسلم لا يُقتل بالذمي ، لتخلف شرط المكافأة ، وهو شرط من شروط وجوب القصاص فالذمي ليس مكافِئاً للمسلم ، لكن إذا قتله عمداً : تضاعف عليه الدية مرتين "

انتهى من " العقد الثمين " (ص254) .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2019-01-15, 16:13
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


حكم الدفاع عن العرض

السؤال

ما الحكم إن كنت في بيتي أو في الشارع وكان معي أمي وأختي وتهجم علينا رجل يحمل سلاحا ولا أستطيع مقاومته ؟

ومتى يجب علي قتله أو مهاجمته ؟

أو إذا لقيت فتاة في الشارع يتهجم أو يتحرش بها رجل وإن لم أكن قادرا على مقاومته ، أو إذا لقيت فتاة لباسها خليع ولا أدري إن كانت مسلمة سواء استنجدت أم لم تستنجد بي وكان يتحرش بها أحد أو تحرش بها

عدة اشخاص وكانوا يحملون أسلحة ، فماذا يتوجب علي أن أفعل دينا في كل الحالات مع ذكر الدليل ؟

الجواب

الحمد لله

أولا :

شرع الإسلام الدفاع عن العرض ، حتى وإن كان لا يتحقق إلا بقتل المعتدي

أو كان يؤدي إلى قتل المدافع ، فعَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

( مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ ، أَوْ دُونَ دَمِهِ ، أَوْ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ) رواه أبوداود (4772) والترمذي (1421) وقال : هذا حديث حسن صحيح ، وصححه الألباني في " إرواء الغليل" (708) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" وأما الدفع عن الحرمة : مثل أن يريد الظالم أن يفْجُر بامرأة الإنسان ، أو ذات محرمه ، أو بنفسه ، أو بولده ونحو ذلك ، فهذا يجب عليه الدفع ، لأن التمكين من فعل الفاحشة لا يجوز ...

وإذا لم يندفع إلا بالقتال وهو قادر عليه قاتل "

انتهى من "جامع المسائل" (4 / 230) .

وكما يجب على الرجل أن يدافع عن عرض أهله

فكذلك يجب على هؤلاء الأهل ألّا يستسلموا للمعتدي عليهم ، بل عليهم أيضا أن يدفعوا المعتدي .

قال الرملي رحمه الله تعالى :

" الزنا لا يباح بالإكراه ، فيحرم على المرأة أن تستسلم لمن صال عليها ليزني بها مثلا ، وإن خافت على نفسها "

انتهى من "نهاية المحتاج " (8 / 25) .

وذكر النووي رحمه الله تعالى اتفاق أهل العلم على وجوب هذه المدافعة ؛ حيث قال :

" وأما المدافعة عن الحريم : فواجبة بلا خلاف "

انتهى من "شرح صحيح مسلم" (2 / 165) .

وللمسلم أن يدافع عن عرضه حتى ولو غلب على ظنه أنه سيقتل ؛ لأن دفاعه هذا يحقق أحد المقصدين :

إما حماية العرض ، إذا كان يعلم أنّ هذا القتال يحقق هذه الحماية ويكفّ المتعدي .

أو القيام بما شرع له من الجهاد ، ومقاومة الظلم ، إن غلب على ظنه القتل وعدم تحقق كفّ شرّ المعتدي .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" وهذا الذي يقاتل العدو مع غلبة ظنه أنه يقتل قسمان :

... والثاني : أن يكون العدو قد طلبه ، وقتاله قتال اضطرار ... ويكون قتال هذا إما دفعا عن نفسه وماله وأهله ودينه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من قتل دون ماله فهو شهيد

ومن قتل دون دمه فهو شهيد ، ومن قتل دون حرمته فهو شهيد ) . قال الترمذي: حديث حسن صحيح .

ويكون قتاله دفعا للأمر عن نفسه أو عن حرمته ، وإن غلب على ظنه أنه يقتل ، إذا كان القتال يحصل المقصود ، وإما فعلا لما يقدر عليه من الجهاد ، كما ذكرناه عن عاصم بن ثابت وأصحابه "

انتهى من " جامع المسائل " (5 / 328 – 329) .

وقصة عاصم بن ثابت رضي الله عنه رواها البخاري (3045) عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

قَالَ: " بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً عَيْنًا ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيَّ ـ جَدَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ ـ ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالهَدَأَةِ ـ وَهُوَ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ

ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ ، يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لَحْيَانَ ، فَنَفَرُوا لَهُمْ قَرِيبًا مِنْ مِائَتَيْ رَجُلٍ كُلُّهُمْ رَامٍ ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمْ تَمْرًا تَزَوَّدُوهُ مِنَ المَدِينَةِ

فَقَالُوا : هَذَا تَمْرُ يَثْرِبَ ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ ، فَلَمَّا رَآهُمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى فَدْفَدٍ ، وَأَحَاطَ بِهِمُ القَوْمُ ، فَقَالُوا لَهُمْ : انْزِلُوا وَأَعْطُونَا بِأَيْدِيكُمْ

وَلَكُمُ العَهْدُ وَالمِيثَاقُ وَلاَ نَقْتُلُ مِنْكُمْ أَحَدًا ، فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ : أَمَّا أَنَا فَوَاللَّهِ لاَ أَنْزِلُ اليَوْمَ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ ، اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ ، فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ فَقَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةٍ

فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ بِالعَهْدِ وَالمِيثَاقِ ، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ الأَنْصَارِيُّ وَابْنُ دَثِنَةَ وَرَجُلٌ آخَرُ ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فَأَوْثَقُوهُمْ ، فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ :

هَذَا أَوَّلُ الغَدْرِ ، وَاللَّهِ لاَ أَصْحَبُكُمْ إِنَّ لِي فِي هَؤُلاَءِ لَأُسْوَةً ـ يُرِيدُ القَتْلَى ـ فَجَرَّرُوهُ وَعَالَجُوهُ عَلَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَأَبَى ، فَقَتَلُوهُ ، ... :
.
فعاصم وأصحابه رفضوا الاستسلام رغم غلبة الظن أنهم سيقتلون وأن قتالهم لا يحقق المقصود وهو النجاة .

*عبدالرحمن*
2019-01-15, 16:14
ثانيا :

على المعتدى عليه أن يتدرّج في دفع العدوان بالأخف فالأخف فإن لم يستطع كفّ المعتدي إلا بالقتل جاز القتل حينئذ .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" يدفعهم ـ أي قطاع الطرق ـ بالأسهل فالأسهل ، فإن لم يندفعوا إلا بالقتال فله أن يقاتلهم

فإن قتل كان شهيدا ، وإن قتل واحدا منهم على هذا الوجه كان دمه هدرا ؛ وكذلك إذا طلبوا دمه كان له أن يدفعهم ، ولو بالقتل ؛ إجماعا "

انتهى من " مجموع الفتاوى " (34 / 242).

قال النووي رحمه الله تعالى :

" أما كيفية الدفع ، فيجب على المصول عليه رعاية التدريج ، والدفع بالأهون فالأهون ، فإن أمكنه الدفع بالكلام ، أو الصياح ، أو الاستغاثة بالناس ، لم يكن له الضرب ... أما إذا لم يندفع الصائل إلا بالضرب

فله الضرب ... ولو أمكن بقطع عضو ، لم يجز إهلاكه ... ولو كان الصائل يندفع بالسوط والعصا ، ولم يجد المصول عليه إلا سيفا أو سكينا ، فالصحيح أن له الضرب به ... والمعتبر في حق كل شخص حاجته ".

انتهى من " روضة الطالبين " (10 / 187) .

ثالثا :

كما يدافع المسلم عن عرض أهله ، كذلك عليه أن يدافع عن عرض المسلمات ، خاصة إذا استصرخن وطلبن نجدته .

قال الخطيب الشربيني :

"ويجب الدفع عن بُضْعٍ ... وسواء بضع أهله أو غيره " .

انتهى من " مغني المحتاج " (5 / 528) .

فيجب على المسلم السعي في الدفع عن عرض المسلمات ، وهذا من وجهين :

الوجه الأول : أن الاعتداء على الأعراض منكر من المنكرات ، والمسلم يجب عليه النهي عن المنكر بقدر ما يستطيع .
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ

قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ ) رواه مسلم ( 78 ) .

سئل الغزالي رحمه الله تعالى :

" إذا صال إنسان على آخر ، فعجز المصال عليه عن دفعه ؛ فهل يجب على من يقدر على دفعه أن يدفعه ؛ حتى إن قتله دفعاً لم يجب الضمان ؟

الجواب : يجب ذلك بطريق النهي عن المنكر ، ولا ضمان عليه " .

انتهى من " فتاوى الغزالي" (ص113).

*عبدالرحمن*
2019-01-15, 16:15
الوجه الثاني : جاء الشرع آمرا المسلم بنصرة أخيه المسلم .

عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا )، فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا

أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ ؟

قَالَ: ( تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ ) رواه البخاري (6952) ، ومسلم (2584) من حديث جابر رضي الله عنه .

وعن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ ) رواه البخاري (2442) ، ومسلم (2580) .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :

" ( المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ ) يعني في الدين ..
.
( وَلاَ يُسْلِمُهُ ) يعني لا يسلمه لمن يظلمه ، فهو يدافع عنه ويحميه من شره ، فهو جامع بين أمرين:

الأمر الأول: أنه لا يظلمه .

والأمر الثاني: أنه لا يسلمه لمن يظلمه ، بل يدافع عنه .

ولهذا قال العلماء ـ رحمهم الله ـ : يجب على الإنسان أن يدافع عن أخيه في عرضه وبدنه وماله "

انتهى من " شرح رياض الصالحين " (2 / 566 – 567) .

والمسلمة ، وإن كانت فاسقة بتبرجها مثلا ؛ فإنّ هذا الفسق لا يزيل عنها الأخوة الإيمانية ، كما هي عقيدة أهل السنة والجماعة ، ولا يسقط حقها في الموالاة والنصرة ، بحسب القدرة .

قال الله تعالى : ( وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى

الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ، إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) الحجرات /9 – 10 .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى :

" وفي هاتين الآيتين من الفوائد ... وأن الإيمان والأخوة الإيمانية لا تزول مع وجود القتال ، كغيره من الذنوب الكبار التي دون الشرك ، وعلى ذلك مذهب أهل السنة والجماعة " .

انتهى من " تفسير السعدي " ( ص 801) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" ومن أصول أهل السنة ...

لا يكفرون أهل القبلة بمطلق المعاصي والكبائر ، كما يفعله الخوارج ؛ بل الأخوة الإيمانية ثابتة مع المعاصي "

انتهى من " مجموع الفتاوى " (3 / 151).

والمرأة المجهولة الحال في بلد أكثر أهله مسلمون ، غالب الظن أنها مسلمة

فيجب الدفاع عنها ؛ وإذا قدر أنها كانت كافرة في نفس الأمر ، فالأصل في تواجدها بين المسلمين أنها تتمتع بأمانهم ، وللمسلم أن يدافع عن الكافر المستأمن لأنه لا يجوز ظلمه .

راجع الفتوى القادمه

قال النووي رحمه الله تعالى
:
" ويجوز لغير المصول عليه الدفع ، وله دفع مسلم صال على ذمي ، وأب صال على ابنه ، وسيد صال على عبده ؛ لأنهم معصومون مظلومون " .

انتهى من " روضة الطالبين " (10 / 186) .

وقيّد بعض أهل العلم الوجوب بحال عدم خوف المدافع على نفسه .

قال الرملي رحمه الله تعالى :

" والدفع عن غيره كهو [يعني كالدفع] عن نفسه ، جوازا ووجوبا ؛ حيث أمن على نفسه " .

انتهى من " نهاية المحتاج " (8 / 25) .

والذي يعجز عن الدفع عن الغير بنفسه : فعليه بذل وسعه في الاستعانة بالغير ، واستصراخ الناس ونحو هذا مما يستطيعه ، ويغلب على ظنه حصول المصلحة به .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2019-01-15, 16:20
حكم الدفاع عن أعراض الكفار

السؤال

ما حكم الدفاع عن أعراض الكفار ؟

فأنا شتمت يوماً عرض كافر فرد عليّ أحد المسلمين وقام يدافع عن عرض هذا الكافر . فما حكم الدفاع عن أعراضهم ؟.

الجواب

الحمد لله

أولاً :

ليس من خلق المسلم السب ولا الشتم ولا قذف الأعراض ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيْسَ بِاللَّعَّانِ وَلا الطَّعَّانِ وَلا الْفَاحِشِ وَلا الْبَذِيءِ ) رواه أحمد (3948) والترمذي (1977) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .

وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ترك سب اليهودي المستحق للسب ، وعلل ذلك بأن الله لا يحب الفحش .

روى البخاري (6401) عن عائشة رضي الله عنها : أَنَّ الْيَهُودَ أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فَقَالُوا : السَّامُ عَلَيْكَ . قَالَ : وَعَلَيْكُمْ . فَقَالَتْ عَائِشَةُ : السَّامُ عَلَيْكُمْ ، وَلَعَنَكُمْ اللَّهُ ، وَغَضِبَ عَلَيْكُمْ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَهْلا يَا عَائِشَةُ ! عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ ، وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ أَوْ الْفُحْشَ . قَالَتْ : أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا ؟

قَالَ : أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ ؟ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ ، فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ ، وَلا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ .

وفي رواية لمسلم (2165) : ( فَفَطِنَتْ بِهِمْ عَائِشَةُ فَسَبَّتْهُمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَهْ يَا عَائِشَةُ ، فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَالتَّفَحُّشَ ) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" والذي يظهر أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن لا يتعود لسانها بالفحش أو أنكر عليها الإفراط في السب "

انتهى من فتح الباري (11/43) .

ثانياً :

الكافر لا يخلو من حالين :

إما أن يكون محارباً للمسلمين ، فهذا لا حرمة له .

وإما أن يكون معاهداً أو ذمياً ، فهو معصوم النفس والعرض والمال ، فلا يجوز الاعتداء عليه . وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الاعتداء على الكافر المعصوم وظلمه بقوله : ( أَلا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا ، أَوْ انْتَقَصَهُ

أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ ، فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) . رواه أبو داود (3052) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

( مُعَاهدًا ) : أَيْ : ذِمِّيًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا .

( أَوْ اِنْتَقَصَهُ ) : أَيْ نَقَصَ حَقّه . وَقَالَ الطِّيبِيُّ : أَيْ : عَابَهُ .

( فَأَنَا حَجِيجه ) أَيْ خَصْمه وَمُحَاجّه وَمُغَالِبه بِإِظْهَارِ الْحِجَج عَلَيْهِ .

انتهى من "عون المعبود" .

وقال الصنعاني : في سبل السلام (2/663) عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ) قال :

" مَفْهُومِ قَوْلِهِ : (الْمُسْلِمِ) دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ سَبِّ الْكَافِرِ , فَإِنْ كَانَ مُعَاهَدًا فَهُوَ أَذِيَّةٌ لَهُ , وَقَدْ نَهَى عَنْ أَذِيَّتِهِ فَلا يُعْمَلُ بِالْمَفْهُومِ فِي حَقِّهِ , وَإِنْ كَانَ حَرْبِيًّا جَازَ سَبُّهُ إذْ لا حُرْمَةَ لَهُ " انتهى .

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (24/142) :

" سَبُّ الْمُسْلِمِ لِلذِّمِّيِّ مَعْصِيَةٌ , وَيُعَزَّرُ الْمُسْلِمُ إنْ سَبَّ الْكَافِرَ . قَالَ الشَّافِعِيَّةُ : سَوَاءٌ أَكَانَ حَيًّا , أَوْ مَيِّتًا , يَعْلَمُ مَوْتَهُ عَلَى الْكُفْرِ . وَقَالَ الْبُهُوتِيُّ مِنْ الْحَنَابِلَةِ : التَّعْزِيرُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى " انتهى .

وفيها أيضاً : (30/139) :

" فَلأَهْلِ الْعَهْدِ أَنْ يُؤَمَّنُوا عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَعْرَاضِهِمْ , وَعَلَى الإِمَامِ حِمَايَتُهُمْ مِنْ كُلِّ مَنْ أَرَادَ بِهِمْ سُوءًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ , وَغَيْرِهِمْ , فَلا يُظْلَمُونَ فِي عَهْدِهِمْ وَلا يُؤْذَوْنَ " انتهى .

وإذا كان السب بالقذف بالزنى فإن قبحه أشد ، وقد نص العلماء رحمهم الله على تعزير من فعل ذلك .

انظر : "المغني" (9/48)

"الفروع" (6/108)

"الإنصاف" (10/203)

"نصب الراية" (4/173) .

والحاصل أن من دافع عن عرض الكافر ، بمعنى أنه أنكر على من سبه بغير حق

فلا شئ عليه ، بل هو مصيب ؛ فليس من شأن المسلم الطعن في الأعراض . وكذلك لو أرشده إلى ترك السب والبذاء ، فهو محسن مأجور إن شاء الله .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2019-01-15, 18:12
أخطئوا في تحديد زمرة دم المريض فتوفي بعد تغذيته بالدم

السؤال

سؤالي يتعلق بوفاة والدي رحمه الله ، توفي في المستشفى بعد ما تم نقل دم له ، المشكلة أن أبي قال لي : إن دمه من زمرة ab+ ، لكني عند رؤية رخصة قيادته ، وجدت أنها b+.

عندما قاموا بفحص دمه - على حسب قول الممرض - وجدوا أن دمه كما قال أبي ، لكني قبل تلك المرة أضفنا له b+ في نفس المستشفى . لكن عندما سألت الممرض ، وأكد لي فحصهم للدم

تلاشى الشك الذي كان عندي . خاصة أن والدي كان متعبا جدا ، وكنت آمل أن يتعافى بعد إضافة الدم

. فأضافوا له ab+ . فمات أبي . بعد دفنه راودني الشك ثانية ، هل لي يد في موت والدي ، خاصة أني ألوم نفسي على عدم رفض ذلك الدم حتى يجرى اختبار آخر ؟

الجواب

الحمد لله

إذا شُخص سبب الوفاة ، ورُبط باختلاف زمرة الدم المضافة عن زمرة الدم الأصلية ، فهذا من القتل الخطأ الذي يستوجب التوبة والاستغفار ، وتلزم تبعيته على الطبيب أو الممرض المباشر لعملية التغذية بالدم ، وهذا يعني وجوب الدية

والكفارة عليه أيضا . كما قال الله عز وجل : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا ) النساء/92.

وأما من جهتك أنت – ابن المتوفى – فلا يظهر لنا تعلق شيء من المسؤولية الشرعية أو الأخلاقية بك ، ذلك أن تحديد زمرة الدم فحصٌ يسير لا يزيد عن الدقائق المعدودة ، وكونك لم ترفض ذلك الدم

لا يرتب الإثم عليك ؛ لأنها مسؤولية الطبيب المشرف ، أن يطمئن إلى نوع الدم قبل تغذية المريض به ، وهذا هو الإجراء المتبع في المستشفيات كما أخبرنا أهل الاختصاص

وهذا يعني حقكم في مقاضاة الجهة التي تسببت بموت الوالد، وإخلاء مسؤوليتكم بين يدي الله سبحانه وتعالى ، إذا كنتم قد استربتم في سبب الوفاة ، ورأيتم أنه قد حصل خطأ في الأمر .

يقول الإمام الشافعي رضي الله عنه :

" إذا أمر الرجل أن يحجمه ، أو يختن غلامه ، أو يبيطر دابته ، فتلفوا من فعله :

فإن كان فَعَل ما يُفعَل مثله ، مما فيه الصلاح للمفعول به عند أهل العلم بتلك الصناعة ، فلا ضمان عليه .
وإن كان فعل ما لا يَفعَل مثله مَن أراد الصلاح ، وكان عالما به : فهو ضامن " .

انتهى من " الأم " (6/ 185) .

ويقول الإمام الخطابي رحمه الله:

" لا أعلم خلافاً في المعالج إذا تعدى فتلف المريض كان ضامناً " .

انتهى من " معالم السنن " (4/ 39) .

ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" إن كان الطبيب ماهراً ، وكانت هذه الوفاة بسبب العملية نفسها ، دون خطأ من الطبيب ، فإنه لا شيء عليه .
وأما إذا كانت بخطأ منه ، أو كان غير ماهر ، فإنه يضمن

لأنه إن كان غير ماهر فقد تعدى حيث لا يجوز لأحد أن يتطبب بشخص وهو لا يعلم الطب .

وإن كانت بخطأ منه ، فإن إتلاف الأموال والأنفس لا يعتبر فيه القصد بالنسبة للضمان

ولهذا قال الله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا )

وهذا بخلاف إذا مات من العملية نفسها ، فإن العملية نفسها إذا كانت من ماهر ، عارف بالجراحة ، ليس فيها خطأ ، وليس فيها تعدٍ ، فلا يكون الطبيب في هذه الحال ضامناً " .

انتهى من " فتاوى نور على الدرب للعثيمين " (9/ 2، بترقيم الشاملة آليا) .

ويقول الشيخ ابن جبرين رحمه الله :

" الذي يعطي دواءً وهو ليس من أهل المعرفة ، أعطى إنساناً دواء ، وكان ذلك الدواء لا يناسبه ، فأكله فتضرر ومات بسببه ، اعتبر أيضاً متسبباً ، وورد في بعض الأحاديث : ( من تطبب ولا يعلم منه طب فهو ضامن )

فإذا أعطاه دواء وهو ليس مناسباً له فهو ليس من أهل المعرفة ، فصدق عليه أنه متسبب في الموت، وأمثلة الخطأ كثيرة تقاس على مثل هذا " .

انتهى من " شرح أخصر المختصرات " (75/ 10، بترقيم الشاملة آليا) .

نسأل الله تعالى لوالدك العفو والرحمة والمغفرة .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2019-01-15, 18:18
ما الحكمة من عقاب النبي صلى الله عليه وسلم للعرنيين بسمل أعينهم ؟

السؤال

لقد ذكر في حديث ما يلي : عن أنس بن مالك رضي الله عنه : " أن نفراً من عكل ثمانية قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعوه على الإسلام ، فاستوخموا الأرض ، وسقمت أجسامهم

فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال: ( ألا تخرجون مع راعينا في إبله فتصيبون من أبوالها وألبانها ) ، فقالوا: بلى , فخرجوا فشربوا من أبوالها وألبانها حتَّى صَلَحَتْ أبْدانُهُمْ

فقَتَلُوا الرَّاعيَ وساقُوا الإبلَ، فبَلَغَ النَّبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فبَعَثَ في طَلَبِهمْ، فجِيءَ بِهِمْ، فقَطَعَ أيْدِيَهُم وأرْجُلَهُم وسَمَر أعْيُنَهُم " رواه البخاري . لماذا سمر رسولنا الكريم أعينهم ، رغم أن ذلك غير موجود في آية الحد ؟

الجواب

الحمد لله

الحديث الذي سألت عنه ، هو :

ما رواه البخاري ( 233 ) ، ومسلم ( 1671 ) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : " قَدِمَ أُنَاسٌ مِنْ عُكْلٍ أَوْ عُرَيْنَةَ

فَاجْتَوَوْا المَدِينَةَ ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلِقَاحٍ ، وَأَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا ، فَانْطَلَقُوا ، فَلَمَّا صَحُّوا ، قَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ

فَجَاءَ الخَبَرُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ ، فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ ، فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ جِيءَ بِهِمْ ، فَأَمَرَ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ ، وَسُمِّرَتْ أَعْيُنُهُمْ ، وَأُلْقُوا فِي الحَرَّةِ ، يَسْتَسْقُونَ فَلاَ يُسْقَوْنَ " .

ومعنى ( سُمِرَتْ أَعْيُنُهُمْ ) قد جاء بيان معناها في رواية أخرى عند البخاري ( 3018 ) : ( ثُمَّ أَمَرَ بِمَسَامِيرَ فَأُحْمِيَتْ فَكَحَلَهُمْ بِهَا ) .

وسمر النبي صلى الله عليه وسلم أعينهم على وجه القصاص والعقوبة بالمثل ، لأنهم فعلوا ذلك بالرعاة ، كما جاء بيان ذلك في صحيح مسلم (1671) عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ:

" إِنَّمَا سَمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْيُنَ أُولَئِكَ ، لِأَنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرِّعَاءِ " .

قال الشيخ المفسر محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى :

" استشكل بعض العلماء تمثيله صلى الله عليه وسلم بالعُرَنيين ؛ لأنه سمل أعينهم ، مع قطع الأيدي والأرجل ، مع أن المرتد يقتل ولا يمثل به ...

والتحقيق في الجواب : هو أنه صلى الله عليه وسلم فعل بهم ذلك قصاصا ، وقد ثبت في صحيح مسلم وغيره أنه صلى الله عليه وسلم إنما سمل أعينهم قصاصا ؛ لأنهم سملوا أعين رعاة اللِّقاح " .

انتهى من " أضواء البيان " ( 2 / 115 – 116 ) .

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى :

" وفيها من الفقه ... أنه يفعل بالجاني كما فعل ، فإنهم لما سملوا عين الراعي ، سمل أعينهم "

انتهى من " زاد المعاد " ( 3 / 255 ) .

وقال ابن حجر رحمه الله :

" وفي هذا الحديث من الفوائد ... المماثلة في القصاص ، وليس ذلك من المثلة المنهي عنها "

انتهى من " فتح الباري " ( 1 / 341 ) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2019-01-15, 18:21
هل يجوز معاقبة المجرمين في ظل غياب القانون في دولة غير مسلمة ؟

السؤال

أنا من دولة غير مسلمة في إفريقيا ، ومؤخراً بدأت الجرائم العنيفة تنتشر في مجتمعنا ، والسبب الرئيسي في ذلك وجود الفساد في جهاز الشرطة

حيث يشارك الكثير منهم في جرائم الاغتصاب والقتل وغيرها من الجرائم

فهل يجوز لنا معاقبة المجرمين بأنفسنا عند القبض عليهم متلبسين بجرائمهم بما أنّ المجتمع فقد الأمل في جهاز الشرطة الذين سيفلتون دون شك من العقاب إن سلمناهم للشرطة ؟

الجواب

الحمد لله

عرضت هذا السؤال على شيخنا عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى ، فقال :

" يجوز لهم معاقبتهم تأديباً وتعزيراً بالضرب ونحوه بحسب قدر الجُرم وعِظَمه ، وأما القتل فلا يجوز أبداً ". انتهى

وذلك لأن تطبيق أحكام القتل من اختصاص أولياء الأمر.

وينظر جواب السؤال القادم

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2019-01-15, 18:22
من ارتكب حداً في بلد لا يحكم بما أنزل الله ، ماذا يفعل ؟

السؤال

إذا ارتكتب المسلم معصية فيها حد ، كالزنى ، وأراد أن يطهر نفسه بإقامة الحد عليه ، ولكن حكومته لا تحكم بما أنزل الله ، فماذا يفعل ؟

وإذا طلب من بعض أقاربه أو أصدقائه أن يقيموا الحد عليه ، فهل هذا صحيح ، ويغفر له ذنبه ؟.

الجواب

الحمد لله

" اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لا يُقِيمُ الْحَدَّ إلا الإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ , وَذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ الْعِبَادِ , وَهِيَ صِيَانَةُ أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَعْرَاضِهِمْ . وَالإِمَامُ قَادِرٌ عَلَى الإِقَامَةِ لِشَوْكَتِهِ , وَمَنَعَتِهِ , وَانْقِيَادِ الرَّعِيَّةِ لَهُ قَهْرًا وَجَبْرًا

, كَمَا أَنَّ تُهْمَةَ الْمَيْلِ وَالْمُحَابَاةِ وَالْتَوَانِي عَنْ الإِقَامَةِ مُنْتَفِيَةٌ فِي حَقِّهِ , فَيُقِيمُهَا عَلَى وَجْهِهِ فَيَحْصُلُ الْغَرَضُ الْمَشْرُوعُ بِيَقِينٍ " اهـ . "

الموسوعة الفقهية" (17/145) .

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (21/7) :

" ولا يقيم الحدود إلا الحاكم المسلم أو من يقوم مقام الحاكم ، ولا يجوز لأفراد المسلمين أن يقيموا الحدود لما يلزم على ذلك من الفوضى والفتنة "

وجاء فيها أيضاً (21/5-6) :

" لا يقيم الحدود إلا السلطان المسلم أو من ينوب عنه ، من أجل ضبط الأمن ، ومنع التعدي ، والأمن من الحيف ( الظلم ) ، وعلى العاصي الاستغفار والتوبة إلى الله والإكثار من العمل الصالح

وإذا أخلص لله في التوبة تاب الله عليه ، وغفر له بفضله وإحسانه . قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً

* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان/67-70

وقال : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ) طـه/82 ، وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الإسلام يهدم ما كان قبله ، والتوبة تهدم ما كان ) اهـ.

*عبدالرحمن*
2019-01-15, 18:26
ما طرق تنفيذ القتل على المحكوم عليه بالقتل ؟

السؤال

عندما يقال في الشرع : " حُكم عليه بالموت " فكيف يُطبق حكم الموت هذا، هل بالشنق أم بالذبح ؟

الجواب

الحمد لله

طريقة تنفيذ الحكم بالقتل الصادر في حق شخص ما من طرف محكمة شرعية ؛ تختلف بحسب نوع الحكم أو سببه وتفصيل ذلك كالآتي :

أولا : الرجم :

1- رجم الزاني المُحصَن :

قال ابن قدامة :

" ... وجوب الرّجم على الزّاني المحصن ، رجلا كان أو امرأة . وهذا قول عامّة أهل العلم من الصّحابة ، والتّابعين ، ومن بعدهم من علماء الأمصار في جميع الأعصار ...

وقد ثبت الرّجم عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بقوله وفعله ، في أخبار تشبه التّواتر ، وأجمع عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ... وقد أنزله الله تعالى في كتابه ، وإنّما نسخ رسمه دون حكمه "

انتهى من " المغني " ( 12 / 309 ) .

2- جريمة اللواط :

في " الموسوعة الفقهية الكويتية " ( 35 / 340 - 341 ) :

" ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ عقوبة اللاّئط هي عقوبة الزّاني ، فيرجم المحصن ويجلد غيره وَيُغَرَّب لأنّه زنا بدليل قوله تعالى: ( وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً ) وقال تعالى: ( وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ ) ...

هذا في الجملة ، ولجمهور الفقهاء ولمخالفيهم في هذا الحكم تفصيل ...

وذهب المالكيّة إلى أنّ من فعل فعل قوم لوط رُجِم الفاعل والمفعول به ، سواء كانا مُحْصَنَيْنِ أو غير مُحْصَنَيْن ، وإنّما يشترط التّكليف فيهما ، ولا يُشْتَرط الإسلام ولا الحُرِّيَّة ...

والمذهب عند الشّافعيّة أنّه يجب باللّواط حدّ الزّنا، وفي قول يقتل الفاعل محصنا كان أو غيره لحديث ابن عبّاس رضي اللّه عنهما: ( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ) ... " انتهى.

ثانيا : القتل قصاصا :

اختلف أهل العلم فبعضهم ذهب إلى أن تنفيذ حكم القصاص على القاتل يكون بالسيف ، وذهب بعضهم إلى أن الحكم ينفذ بمثل الطريقة التي نفذ بها القاتل جريمته

فإن قَتَل بالسيف يُقتَل بالسيف ، وإن نفَّذ جريمتَه بالخنق ينفذ عليه القصاص بالخنق ... الخ

إلا إذا كانت طريقة الجريمة محرمة في ذاتها ، كمن قتل امرأة بالاغتصاب ، أو قتل شخصا بالسحر ، ففي هذه الحالة لا يقتل بمثل طريقة جريمته .

في " الموسوعة الفقهية الكويتية " ( 33 / 272 - 273 ) :

" طريقة استيفاء القصاص في النّفس ؛ ذهب المالكيّة والشّافعيّة وهو رواية للحنابلة إلى أنّ القاتل يقتصّ منه بمثل الطّريقة والآلة الّتي قتل بها

لقوله تعالى: ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ ) ، إلاّ أن تكون الطّريقة محرّمة

كأن يثبت القتل بخمر فيقتصّ بالسّيف عندهم ، وإن ثبت القتل بلواط أو بسحر ، فيقتصّ بالسّيف عند المالكيّة والحنابلة، وكذا في الأصحّ عن الشّافعيّة ...

وذهب الحنفيّة وهو المذهب عند الحنابلة إلى أنّ القصاص لا يكون إلاّ بالسّيف ، ونصّ الحنابلة على أن يكون في العنق ، مهما كانت الآلة والطّريقة الّتي قتل بها " انتهى.

ثالثا : القتل بالسيف .

1- حدّا :

قتل المرتد .

عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ : أُتِيَ عَلِيٌّ رضى الله عنه بِزَنَادِقَةٍ فَأَحْرَقَهُمْ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ :

" لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحَرِّقْهُمْ لِنَهْىِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ الله ) ، وَلَقَتَلْتُهُمْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ ‏) رواه البخاري ( 6922 ) ".‏

قال ابن رجب رحمه الله تعالى :

" القتلُ للكفر ، إما لكفر أصلي ، أو لردّة عن الإسلام ، فأكثر العلماء على كراهة المُثلة فيه أيضاً ، وأنَّه يُقتل فيه بالسيف "

انتهى من " جامع العلوم والحكم " ( 1 / 366 ) .

2- تعزيرا :

والتعزير هو : " التأديب في كل معصية لا حدّ فيها ولا كفارة "

انتهى من " الحدود والتعزيرات عند ابن القيم " للشيخ بكر أبو زيد ( ص 462 ) .

قال ابن القيم رحمه الله تعالى :

" هل يجوز أن يبلغ بالتّعزير القتل ؟ فيه قولان : أحدهما: يجوز ، كقتل الجاسوس المسلم ، إذا اقتضت المصلحة قتله ، وهذا قول مالك وبعض أصحاب أحمد

واختاره ابن عقيل . وقد ذكر بعض أصحاب الشّافعيّ وأحمد نحو ذلك في قتل الداعية إلى البدعة ، كالتّجهّم والرّفض ، وإنكار القدر ، وقد قتل عمر بن عبد العزيز غيلان القدريّ

لأنّه كان داعية إلى بدعته. وهذا مذهب مالك - رحمه اللّه - وكذلك قتل من لا يزول فساده إلَا بالقتل ... "

انتهى من " الطرق الحكمية في السياسة الشرعية " ( ص 283 – 285 ) .

وسبب استعمال السيف في تنفيذ عقوبة القتل في أغلب الحالات

– باستثناء عقوبة الرجم والقصاص عند من يقول بالمماثلة في الآلة - : أن الضرب بالسيف على العنق أسهل وجوه القتل ، فلا يتعذب المقتول ، وهذا من الإحسان في القتل .

عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ ، قَالَ ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (‏ إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ

وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ ) رواه مسلم ( 1955 ) .‏

قال ابن رجب رحمه الله تعالى :

" والقِتلة والذِّبحة بالكسر ، أي: الهيئة ، والمعنى: أحسنوا هيئة الذبح ، وهيئة القتل . وهذا يدلّ على وجوب الإسراع في إزهاق النفوس التي يُباح إزهاقها على أسهل الوجوه

. وقد حكى ابنُ حَزمٍ الإجماع على وجوب الإحسان في الذبيحة .

وأسهل وجوه قتل الآدمي ضربه بالسيف على العنق ، قال الله تعالى في حقّ الكفار: ( فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ ) ، وقال تعالى: ( سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ ) .

وقد قيل: إنّه عيَّن الموضع الذي يكون الضرب فيه أسهل على المقتول وهو فوق العظام دون الدماغ "

انتهى من " جامع العلوم والحكم " ( 1 / 363 ) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2019-01-15, 18:30
انكسر حوض جدتهم فعالجوها عند معالج شعبي فتوفيت فماذا عليهم ؟

السؤال

أصاب جدتي كسر في عظم الحوض وذهبنا بها إلى المستشفى وقرروا لها عملية ولكن خفنا أن يزيدها هذا سوءا واعتقدنا أن لو أحضرنا طبيبا شعبيا لمعالجة هذه الأمور سيكون أفضل

وقد كان وأحضر معه أحزمة وأشرطة ضمادات ولفها حول الحوض ولكن بشكل شديد مما دعاها إلى الصراخ والتألم وقد كنا من حولها نهدئها ونقول لها هذا لصالحك حتى مضت ست ساعات وتوفيت وشعرنا

بالذنب الشديد لما فعلناه بها وكان تقرير المستشفى حول الوفاة هبوط حاد في الدورة الدموية والتنفسية.

قد قيل لنا أن هذا الطبيب متمرس ولم نكن نعلم عاقبة هذا الأمر وحتى يومنا هذا نحن نشعر بالذنب ونريد أن نعلم إن كان علينا دية أو صيام شهرين أو اطعام عدد معين المساكين.

الجواب

الحمد لله

لقد اخطأتم بإحضار المعالج الشعبي لمداواة جدتكم ؛ فمن المعلوم أن أمور الحوض دقيقة وتحتاج للطب الحديث لمعالجتها .

ويتوجب عليكم التوبة من هذا العمل

ولكن لا تلزمكم الدية والكفارة ؛ لأن المباشر لهذا العمل والذي قد يكون تسبب في الوفاة هو المعالج الشعبي وليس أنتم.

ولا بد من النظر في تحديد سبب الوفاة : فإن كانت الوفاة لا علاقة لها بما فعله ذلك الطبيب المعالج فلا ضمان عليه.

وإن كانت الوفاة بسببه إما لكونه غير حاذق في عمله أو لوجود تعدٍ منه أو تقصير : فيكون الضمان عليه .

قال ابن قدامة رحمه الله تعالى :

" مسألة ؛ قال : ( ولا ضمان على حجام ، ولا ختان ، ولا متطبب ، إذا عرف منهم حذق الصنعة ، ولم تجن أيديهم) وجملته : أن هؤلاء إذا فعلوا ما أمروا به ، لم يضمنوا بشرطين ؛ أحدهما

أن يكونوا ذوي حذق في صناعتهم ... الثاني ، أن لا تجني أيديهم ، فيتجاوزوا ما ينبغي أن يقطع .

فإذا وجد هذان الشرطان ، لم يضمنوا"

انتهى من " المغني " (8/117) .

ولذلك ترفع قضيته إلى المحكمة لتقرر من خلال تقرير المستشفى هل يتحمل مسؤولية موتها ، أو لا ؟

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2019-01-15, 18:35
صيغة القسم في القسامة

السؤال

كيف تكون صيغة القسم في القسامة ، أتكون على قوم ، أو على معين ؟

ففي الحديث : سألهم النبي الكريم أن يقسموا ، ولكن على من ؟

عندنا في حديث حماد يقسم خمسون منكم على رجل منهم ، فيدفع برمته ؟

وإذا كان على جماعة ، فكيف يكون القصاص ؟

الجواب

الحمد لله

أولا :

الْقَسَامَةِ هي الْأَيْمَانُ الْمُكَرَّرَةُ فِي دَعْوَى الْقَتْلِ .

وفي " الشرح الممتع " (14/ 193) :

" صفة القسامة أن يدعي قومٌ أن مورِّثَهم قتله فلان ، ويحلفون على أنه هو القاتل ، ويكررون الأيمان ، فإذا فعلوا ذلك وتمت شروط القسامة : أُعطي المدَّعَى عليه لهؤلاء يقتلونه ، فليس فيها بيِّنة ، وإنما فيها هذه الأيمان فقط " .

والأصل فيها حديث سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ - رضي الله عنه - قَالَ :

" انْطَلَقَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَهْلِ بْنِ زَيْدٍ، وَمُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ إلَى خَيْبَرَ , وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ , فَتَفَرَّقَا , فَأَتَى مُحَيِّصَةُ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ - وَهُوَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ قَتِيلاً -

فَدَفْنه , ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ , فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةُ وَحُوَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إلَى النَّبِيِّ -

صلى الله عليه وسلم - فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَتَكَلَّمُ , فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ( كَبِّرْ , كَبِّرْ ) - وَهُوَ أَحْدَثُ الْقَوْمِ – [ أي أصغرهم ] فَسَكَتَ، فَتَكَلَّمَا.

فَقَالَ: ( أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ قَاتِلَكُمْ , أَوْ صَاحِبَكُمْ ؟ )

قَالُوا : وَكَيْفَ نَحْلِفُ , وَلَمْ نَشْهَدْ , وَلَمْ نَرَ؟ ، قَالَ: ( فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِيناً ؟ ) ، قَالُوا: كَيْفَ بِأَيْمَانِ قَوْمِ كُفَّارٍ؟ فَعَقَلَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ عِنْدِهِ .[ أي أعطاهم ديته من بيت المال ] " .

وَفِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ :

" فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ( يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ , فَيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ ) [ أَي أَسيراً مقيداً بحبله ] , قَالُوا : أَمْرٌ لَمْ نَشْهَدْهُ كَيْفَ نَحْلِفُ ؟

قَال : ( فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ ؟ ) ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَوْمٌ كُفَّارٌ " .

والحديث أخرجه البخاري (6142) ، ورواه مسلم (1669 ) .

قال ابن دقيق العيد :

" وَمَوْضِعُ جَرَيَانِ الْقَسَامَةِ : أَنْ يُوجَدَ قَتِيلٌ لَا يُعْرَفُ قَاتِلُهُ ، وَلَا تَقُومُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَيَدَّعِي وَلِيُّ الْقَتِيلِ قَتْلَهُ عَلَى وَاحِدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ ، وَيَقْتَرِنُ بِالْحَالِ : مَا يُشْعِرُ بِصِدْقِ الْوَلِيِّ

عَلَى تَفْصِيلٍ فِي الشُّرُوطِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ ، أَوْ بَعْضِهِمْ ، وَيُقَالُ لَهُ : " اللَّوَثُ " ؛ فَيَحْلِفُ عَلَى مَا يَدَّعِيهِ " .

انتهى من " إحكام الأحكام " (2/ 222) .

فمن أهم شروط القسامة : وجود " اللَّوْثَ " ؛ وهي القرينة المشعرة بصدق أهل القتيل ، كوجود العداوة الظاهرة بين القتيل وأهل المحلة التي وجد فيها مقتولا

أو وجود تهديد سابق من المتهم بالقتل ، أو نحو ذلك من القرائن التي تتفاوت بتفاوت الأحوال .

وينظر حول " اللوث " ، وصوره عند الفقهاء : "الموسوعة الفقهية الكويتية" (35/342) وما بعدها.

ثانيا:

اختلف العلماء رحمهم الله في المدعى عليه في القسامة : هل يشترط أن يكون معينا ، أم لا ؟

قال ابن قدامة رحمه الله :

" وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى غَيْرِ الْمُعَيَّنِ ، فَلَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى أَهْلِ مَدِينَةٍ ، أَوْ محَلَّةٍ ، أَوْ وَاحِدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ ، أَوْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمْ ، لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى ، وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ.

وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ : تُسْمَعُ ، وَيُسْتَحْلَفُ خَمْسُونَ مِنْهُمْ "

انتهى من "المغني " (8/ 489) .

ثم وقع الخلاف بين من يشترط التعيين ، فيما إذا كانت دعوى القتل على جماعة معينين:

فقيل : لا تصح الدعوى ، سواء كانت بقتل عمد أو غيره ، وهو مذهب الحنابلة.

وقيل: تصح الدعوى ، سواء كانت بقتل عمد أو غيره ، فإذا تمت القسامة بشروطها : قُتلت الجماعة المعينة ، إذا كان عمدا مستوفيا شروط القصاص ، قاله بعض الشافعية.

وقيل: إن كانت الدعوى بقتل عمد : لم تصح إلا على واحد . وإن كانت بغيره : صحت على الجماعة ، فتجب الدية عليهم ؛ وهو قول مالك والشافعي .

وللتوسع في المسألة

ينظر : " المغني "(8/ 509)

و " المنتقى من فرائد الفوائد " لابن عثيمين (ص: 189) .

وإلى إمكان إقامة الدعوى على أكثر من واحد يميل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله حيث قال
:
"ولو قال قائل : نجعلها كغيرها من الدعاوِي ، بمعنى إن ادعى على واحد أجرينا عليه القسامة ، وإن ادعى على اثنين فأكثر : أجرينا عليهم القسامة ؛ لأنه من الممكن أن يدعي المدعون أن شخصين قتلاه مع التواطؤ "

انتهى من " الشرح الممتع " (14/ 203) .

ثالثا:

وهل يترتب على القسامة قصاص ، أم لا ؟

جاء في " الموسوعة الفقهية الكويتية " (33/ 179):

" لا خلاف بين الفقهاء في حجية القسامة ، ووجوب الدية على عواقل المدعى عليهم إذا كان القتل خطأ، وإنما الخلاف بينهم فيما يجب بها ، إذا كان القتل المدعى به عمدا.

فذهب المالكية والشافعي في القديم والحنابلة : إلى وجوب القود ، وبه قال الزهري وربيعة وأبو ثور وغيرهم .
ويرى الحنفية ، والشافعية في الجديد : وجوب الدية وعدم وجوب القصاص " انتهى .

والقول بترتب القصاص إذا تمت شروطه أقرب لصراحة الروايات الدالة عليه ، وهو قول أكثر أهل العلم .

قال النووي :

"وهو قول الزهري وربيعة وأبي الزناد ومالك وأصحابه والليث ، والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور وداود ، وهو قول الشافعي في القديم ، وروى عن ابن الزبير وعمر بن عبد العزيز

. قال أبو الزناد : قلنا بها وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون ، إني لأرى أنهم ألف رجل ؛ فما اختلف منهم اثنان "

انتهى من " شرح النووي على مسلم" (11/ 143) .

وينظر : " إحكام الأحكام " ، لابن دقيق العيد (2/ 223) .

على أننا ننبه هنا إلى أن هذا هو نظر في المسألة من حيث العموم ، والبحث الفقهي

وأما النظر في الواقعة المعينة ، والحكم فيها بالقسامة من عدمه ، فإنما يرجع فيه إلى القضاء الشرعي ، وليس إلى آحاد الناس ، أو البحث العام في المسألة .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2019-01-16, 18:53
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


حكم تفجير الإنسان نفسه

السؤال

ما حكم تفجير الإنسان نفسه ليقتل مجموعة من الأعداء الكفار، بما يسمى العمليات الاستشهادية؟

الجواب

الحمد لله:

تفجير النفس انتحار محرم لقوله تعالى ( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) النساء/29 ، وقوله صلى الله عليه وسلم

: (.. من قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا ) . رواه البخاري ( 5442 ) ومسلم ( 109 ) .

ولا يمكن قياس هذا على غلام الأخدود؛ لأنه لم يقتل نفسه بيده ، وإنما بيد الملك الكافر

ولا على قصة اقتحام البراء رضي الله عنه، ولا حديث الانغماس في العدو حاسرا؛ لذات السبب؛

ولأن هذه الحالات يوجد فيها احتمال النجاة بخلاف تفجير النفس ، بالإضافة لما يؤدي إليه هذا التفجير أحيانا من ذهاب النفس بلا فائدة أو فائدة قليلة أو ذهاب أبرياء أو التسبب في انتقام مضاعف من العدو.

وهذا ما أفتى به عدد من كبار العلماء المعاصرين، فقد سئل الشيخ العلامة عبد العزيز ابن باز رحمه الله: ما حكم من يلغم نفسه ليقتل بذلك مجموعة من اليهود؟

فأجاب: (الذي أرى وقد نبهنا غير مرة أن هذا لا يصح، لأنه قتل للنفس، والله يقول: (ولا تقتلوا أنفسكم)، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة)، [رواه البخاري ( 5700 ) ومسلم ( 110 )]

... وإذا شرع الجهاد جاهد مع المسلمين، وإن قتل فالحمد لله، أما أنه يقتل نفسه يحط اللغم في نفسه حتى يقتل معهم! هذا غلط لا يجوز)

وسئل الشيخ الفقيه محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عن حكم العمليات الانتحارية.

فأجاب بقوله: نرى أن العمليات الانتحارية التي يتيقن الإنسان أنه يموت فيها حرامٌ، بل هي من كبائر الذنوب؛ لأن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر بأنَّ (من قتل نفسه بشيء في الدنيا عُذِّب به يوم القيامة) [

رواه البخاري ( 5700 ) ومسلم ( 110 )]

ولم يستثنِ شيئًا بل هو عامٌّ؛ ولأنَّ الجهاد في سبيل الله المقصودُ به حماية الإسلام والمسلمين

وهذا المنتَحر يُدمِّر نفسه وُيفقَد بانتحاره عضو من أعضاء المسلمين، ثمَّ إنَّه يتضمن ضررًا على الآخرين؛ لأنَّ العدو لن يقتصر على قتل واحد، بل يقتل به أُمماً إذا أمكن؛ ولأنه يحصل من التضييق على المسلمين بسبب

هذا الانتحار الجزئي الذي قد يقتل عشرة أو عشرين أو ثلاثين، يحصل ضررٌ عظيم، كما هو الواقع الآن بالنسبة للفلسطينيين مع اليهود.

وقولُ من يقول عن هذا: جائز، ليس مبنيًّا على أصل، إنما هو مبني على رأي فاسد في الواقع؛ لأنَّ النتيجة السيئة أضعاف أضعاف ما يحصل بهذا، ولا حجَّة لهم في قصَّة البراء بن مالك- رضي الله عنه -

في غزوة اليمامة حيث أَمر أصحابه أن يُلْقُوه من وراء الجدار ليفتح لهم الباب ، فإن قصة البراء ليس فيها هلاكٌ محقق ولهذا نجا وفتح الباب ودخل الناس، فليس فيها حُجَّة)

انتهى من مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (25/ 358)

بل قال رحمه الله في فتواه لمجلة (الدعوة) سنة (1418) حين سئل عن هذه المسألة: (رأيي في هذا أنه قاتل نفسه، وأنه سيعذَّب في جهنَّم بما قتل به نفسَه؛ كما صحَّ ذلك عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.....)

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2019-01-16, 18:56
اغتصبها رجل فحملت ، ثم قامت أختها برمي المولود في الزبالة خوفاً على أختها من القتل فماذا يلزمها ؟

السؤال

أختي اغتصبت من قبل ضيف كان عندنا حسبي الله عليه ، وكانت أختي قريبة مني ، وأخبرتني بما حصل

فلما ولدت قمت أنا بمساعدتها ، وفي ذلك اليوم لم أستطع التصرف ، علما أننا من عائله جدا محافظة

وخفت على أختي من القتل ، ولم أستطع التصرف بالمولودة ، فرميتها في زبالة الحي ، ومن ذلك اليوم وأنا ندمانة على ما حصل ، وضميري يؤنبني كلما تذكرت ذلك .

فماذا أفعل ليرتاح ضميري ؟

وهل سوف يغفر لي ربي ؟

الجواب

الحمد لله

لا شكَّ في شناعة ما فعلَه هذا الضيفُ الخائن ، وعظيم جرم هذا المتلصص المعتدي ، الذي لم يُراعِ للبيت ولا لأهله حُرمة ؛ فانتهكَ حُرمتكم وخان أمانتَكم ؛ فعلى الله حسابه وعاملَه الله بما يستحقُّ.

ولا شكَّ أيضًا في جُرم ما فعلتيه أنت ، وتواطأت عليه مع أختك ، من رمي المولود في الزبالة ، ولا يدري مصيرَه إلا الله سبحانه.

فعليكِ بالتوبة إلى الله تعالى، وملازمة الاستغفار من هذا الذنب العظيم، والإكثار من الأعمال الصالحة من الصدقة وغيرها .

ومتى صدقت توبتك ، وصح ندمك على ما جنيت ، وافتقرت إلى ربك أن يتوب عليك ، ويغفر لك ؛ فالله تعالى يقبل توبة العبد إن صدقَ في توبته وأظهرَ الندمَ

كما قال سبحانه: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) الشورى/ 25، وقال سبحانه: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) طه/ 82 .

ثم إنْ كان يغلبُ على ظنِّك نجاةُ هذا المولود وسلامتُه على يدِ مَن يجدِه من الناس ؛ فنرجو ألا يلزمَكِ شيءٌ بعد التوبة والاستغفار وطلب المسامحة من أُمِّه (أختُكِ).

وأما إنْ كان يغلبُ على ظنِّك موتُه بسبب رميه في الزبالة ، لقلَّة توارُد الناس على المكان -

مثلاً - أو لتوارُد السِّباع والحيوانات المفترسة عليه ، أو لأي سببٍ آخر ؛ فليزمُكِ الديَة (وهي مائة من الإبل إذا كان المولود ذكرًا ، ونصف ذلك إذا كانت أنثى)، وتُدفَع إلى ورثة المولود.

ويلزمُكِ أيضًا: الكفَّارة ، وهي: عِتق رقبة ، فإن لم توجَد فصيام شهرين متتابعين؛ لقول الله تعالى: (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا) النساء/ 92.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2019-01-16, 18:59
هل يقتص ممن قتل زوجته أو أبنائه ؟

السؤال

سمعنا أن الرجل لا يقتص منه بالقتل لو قتل زوجته أو أبناءه ، فهل هذا صحيح ؟

الجواب

الحمد لله

أما قتل الوالد بولده ، فهي مسألة خلافية ، فجمهور أهل العلم : على أن الوالد إذا قتل ولده ، فإنه لا يقتص منه ، والقول الثاني : أنه يقتص من الوالد إذا قتل ولده عمداً .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" جمهور أهل العلم : لا يرون أن الوالد يُقتل بولده إذا قتله عمداً ، واستدلوا لذلك بدليل وتعليل ، وأما الدليل

فالحديث المشهور : ( لا يقتل والد بولده ) ، وأما التعليل ، فقالوا : إن الوالد هو السبب في إيجاد الولد ، فلا ينبغي أن يكون الولد سبباً في إعدامه .

وذهب بعض أهل العلم : إلى أن الوالد يقتل بولده ، إذا علمنا يقينياً أنه تعمد قتله ؛ وذلك لعموم الأدلة على وجوب القصاص في قتل النفس

مثل قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى ) ، ومثل قوله تعالى : ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين )

ومثل قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس ، والثيب الزاني ، والمارق من الدين التارك الجماعة ) .

قالوا : فهذه العمومات تقتضي أن الوالد إذا علم أنه قصد قتل ابنه عمداً ، فإنه يقتل بولده ، وأما الحديث المشهور : ( لا يقتل والد بوالده ) ، فهو ضعيف عندهم .

وأما التعليل ، فهو غير صحيح ؛ لأن قتل الوالد بولده ليس بسبب من الولد ، وإنما السبب من الوالد ، فهو الذي جنى على نفسه في الحقيقة ؛ لأنه هو السبب في قتل نفسه حيث قتل نفساً محرمة "

انتهى من " فتاوى إسلامية " (3/355) .

وللفائدة ينظر جواب السؤالين القادمين

وأما قتل الزوج بزوجته ، ففيه تفصيل على مذهب الجمهور
:
إن قتلها وليس بينهما ولد ، فإنه يقتص منه ؛ أخذاً بعموم النصوص الدالة على القصاص من القاتل .

وأما لو كان بينهما ولد ، فإنه لا يقتص منه ؛ لكون الولد قد ورث القصاص ، ولا قصاص للولد على والده .

قال ابن قدامه رحمه الله :

" ولو قتل أحد الأبوين صاحبه , ولهما ولد , لم يجب القصاص ; لأنه لو وجب : لوجب لولده , ولا يجب للولد قصاص على والده ; لأنه إذا لم يجب بالجناية عليه , فلأن لا يجب له بالجناية على غيره أولى ...

فإن لم يكن للمقتول ولد منهما , وجب القصاص , في قول أكثر أهل العلم .

وقال الزهري : لا يقتل الزوج بامرأته ; لأنه ملكها بعقد النكاح ، فأشبه الأمة .

ولنا : عمومات النص , ولأنهما شخصان متكافئان , يحد كل واحد منهما بقذف صاحبه , فيقتل به , كالأجنبيين . وقوله : إنه ملكها . غير صحيح , فإنها حرة , وإنما ملك منفعة الاستمتاع , فأشبه المستأجرة ... "

انتهى من " المغني " (8/229) .

فالمسألة في الصورتين محل خلاف ، ومثل هذا يُرجع فيه للمحاكم الشرعية ؛ لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف في أمثال هذه المسائل .

والقول بعدم القصاص ، لا يعني عدم التحريم ؛ فقتل النفس كبيرة من أعظم الكبائر

بل قتل الإنسان نفسه كبيرة من الكبائر ، توعد الله فاعلها بوعيد عظيم ؛ فكيف بقتله غيره ، فكيف بقتله ولده الذي أمر بتربيته والقيام عليه ، أو زوجته التي أمر بالإحسان إليها وحفظ حقها .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2019-01-16, 19:03
هل يقتل الحر بالعبد والذكر بالأنثى والوالد بولده

السؤال

أدرس حاليا عقوبات القتل، ولقد قال معلمنا: "أنه لا يُقتص بالقتل من القاتل إلا إذا كان المقتول مساويًا له في الدرجة؛ أعني كأن يكون المقتول عبدا والقاتل عبدا أو المقتول حرا والقاتل حرا،

فهل هذا يعني أنه لوكان القاتل ذكرا والمقتولة أنثى، لا يتم القصاص؟

كما قال معلمنا أيضا إثر سؤال موجه إليه عن العلة وراء عدم قتل السيد عند قتله لعبده، قائلا: "بأن العبد ملك سيده فلو قتله فقد تخلص من ملكه". هل هذا حقيقي؟ وما أشد العقوبة للسيد عند قتله عبده؟

كما قال معلمنا :" بأنه لا يقتل الوالد أو الولدة عند قتلهما لابنهما وذلك لأن الوالدين أعلى درجة من الأولاد

. وقد انتشر في بعض البلاد أن يقتل الرجل أو المرأة أطفالهما لظروف مختلفة (على سبيل المثال، إذا أتى من الزنا)، فهل يقتل الأب أو الأم في هذا النوع من القتل؟

أفيدوني أفادكم الله وجزاكم الله خيراً.

الجواب

الحمد لله

أولا :

ذهب جمهور الفقهاء إلى اشتراط ما ذكرت من التساوي بين القاتل والمقتول ، ليتم القصاص ، فلا يقتل الحر بالعبد ، ولا يقتل السيد بعبده .

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (8/ 221) :

" فصل : ( ولا حر بعبد ) وروي هذا عن أبي بكر ، وعمر ، وعلي ، وزيد ، وابن الزبير ، رضي الله عنهم . وبه قال الحسن ، وعطاء ، وعمر بن عبد العزيز

وعكرمة ، وعمرو بن دينار ، ومالك ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو ثور .

ويروى عن سعيد بن المسيب ، والنخعي ، وقتادة ، والثوري ، وأصحاب الرأي ، أنه يقتل به ; لعموم الآيات والأخبار ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( المؤمنون تتكافأ دماؤهم ) . ولأنه آدمي معصوم ، فأشبه الحر .

ولنا ، ما روى الإمام أحمد ، بإسناده عن علي ، رضي الله عنه أنه قال : (

من السنة أن لا يقتل حر بعبد ) . وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يقتل حر بعبد )

رواه الدارقطني . ولأنه لا يقطع طرفه بطرفه مع التساوي في السلامة ، فلا يقتل به ، كالأب مع ابنه ، ولأن العبد منقوص بالرق ، فلم يقتل به الحر " انتهى .

ثانيا :

إذا قتل السيد عبده ، فإنه لا يقتل به عند جمهور الفقهاء ، لكن يضرب ويعزر ، وقيل : يجلد ، وينفى ، ويمحى اسمه من الديوان والعطاء .

وذهب الحنفية إلى أن أن الحر يقتل بالعبد - إلا عبد نفسه فلا يقتل به ، وكذا عبد ولده- .

وينظر : الموسوعة الفقهية (23/ 71) .

واستدل الجمهور بالأدلة السابقة ، التي ذكرها ابن قدامة رحمه الله ، وبحديث : (لا يقاد مملوك من مالك) أخرجه الحاكم ( 4 / 368 ) من حديث عمر بن الخطاب وضعفه الذهبي .

كما استدلوا مفهوم قوله تعالى : ( الحر بالحر والعبد بالعبد ) ، ولأن العبد منقوص بالرق فلا يكافئ الحر .

ثالثا :

يقتل الذكر بالأنثى ، في قول جمهور أهل العلم ، منهم الأئمة الأربعة (أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد) .

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (8/ 235) :

" ( ويقتل الذكر بالأنثى ، والأنثى بالذكر ) هذا قول عامة أهل العلم ; منهم النخعي ، والشعبي ، والزهري ، وعمر بن عبد العزيز ، ومالك ، وأهل المدينة ، والشافعي ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي ، وغيرهم .

واستدلوا بقوله تعالى : (النفس بالنفس) . وقوله : (الحر بالحر) . مع عموم سائر النصوص ، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل يهوديا رض رأس جارية من الأنصار . وروى أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم

عن أبيه ، عن جده ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والأسنان

وأن الرجل يقتل بالمرأة . وهو كتاب مشهور عند أهل العلم ، متلقى بالقبول عندهم ، ولأنهما شخصان يحد كل واحد منهم بقذف صاحبه ، فقتل كل واحد منهما بالآخر ، كالرجلين " انتهى .

رابعا :

ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أنه لا قصاص على والد يقتل ولده ، وكذا الأم والأجداد والجدات سواء أكانوا من جهة الأب أم من جهة الأم ، قربوا أم بعدوا .

وذهب المالكية إلى أنه إن قصد قتل الابن وإزهاق روحه بأن أضجعه فذبحه فإنه يقتص منه .

"الموسوعة الفقهية" (15/ 122) .

واستدل الجمهور بما روى الترمذي (1400) عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (لَا يُقَادُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ) والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي .

واستدلوا أيضا بقوله صلى الله عليه وسلم : ( أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ ) رواه ابن ماجه (2291) وابن حبان في صحيحه (2 / 142) من حديث جابر ، وأحمد (6902) من حديث عبد الله بن عمرو ، والحديث صححه الألباني في صحيح ابن ماجه .

وقالوا : وإذا لم تثبت حقيقة الملك ، فإن هذه الإضافة تكون شبهة في درء القصاص . ولأن الأب كان سببا في إيجاد الابن ، فلا يكون الابن سببا في إعدامه .

وهذه الأدلة تخصص العمومات التي استدل بها المالكية .

وعليه ؛ فلو قتل الأب ابنه أو بنته ، لم يقتص منه ، لكنه يعزر بالجلد وغيره ، ويلزم بدفع الدية.

ولا يخفى أن عدم القصاص ، لا يعني عدم التحريم ، فقتل النفس كبيرة من أعظم الكبائر .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2019-01-16, 19:07
هل يقتص من الوالد إذا قتل ولده ؟

السؤال

ما حكم الإسلام في قتل الرجل لابنه ؟ الحقيقة أن الأب هو الأساس في وجود الابن وهو السبب فيه ، ولكن ذلك لا يجعل له الحق في قتل ابنه ، للأسف يستشهد بعض الناس بقوله تعالى "ولا تقل لهما أف" في هذا الموضع

مع أن هذا الاستشهاد باطل . أعلم أن أرجح الآراء في قتل الرجل لابنه أن الأب لا يقتل لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه "لا يقتل الوالد بولده"

أخرجه الترمذي وابن ماجه. إلا أن المالكية لهم رأي في هذه المسألة أن الوالد لو قتل ابنه متعمدًا بدون سبب تأديبي أو عذر، فيجب قتل الوال د، فما هو الرأي الصحيح في هذه المسألة ؟

وما علة هذا الرأي ؟

الجواب

الحمد لله

ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لا يقتل الوالد بولده ، واحتجوا بالحديث الذي ذكرت ، وهو ما رواه الترمذي (1401) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ وَلَا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِالْوَلَد ) .

وروى أحمد (346) وابن ماجه (2662)

عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال :

" قتل رجل ابنه عمدا ، فرفع إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فجعل عليه مائة من الإبل ثلاثين حقة وثلاثين جذعه وأربعين ثنية

وقال لا يرث القاتل ؛ ولولا أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا يقتل والد بولده لقتلتك ) .

والحديث مختلف في صحته ، وقد ضعفه كثير من أهل العلم ، منهم علي بن المديني والترمذي وابن القطان وعبد الحق الأشبيلي ، وأحمد شاكر

وحسنه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند ، وصححه الألباني في "إرواء الغليل " بمجموع طرقه (7/ 269) .

قَال ابن الملقن رحمه الله :

" وقال عبد الْحق فِي "أَحْكَامه" : هَذِه الْأَحَادِيث كلهَا معلولة لَا يَصح مِنْهَا شَيْء ، وبيَّن ذَلِك ابْن الْقطَّان كَمَا بَيناهُ " انتهى من "البدر المنير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير" (8/ 374).

وأورد ابن عبد الهادي أحاديث الباب وضعفها ، انظر :

" تنقيح التحقيق" (4/471) .

ولهذا ذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه يقتل الوالد بولده ، وهو قول ابن نافع وابن الحكم وابن المنذر

. وينظر : " المغني " (8/ 277) .

وذهب مالك رحمه الله إلى أنه إن قتله حذفا بالسيف ونحوه , لم يقتل به , وإن ذبحه , أو قتله قتلا لا يشك في أنه عمد إلى قتله دون تأديبه , أقيد به .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

: " والدليل الحديث المشهور: لا يقتل والد بولده ، هذا من الأثر، ومن النظر : أن الوالد سبب في إيجاد الولد، فلا ينبغي أن يكون الولد سببا في إعدامه.

ولننظر في هذه الأدلة ، أما الحديث فقد ضعفه كثير من أهل العلم

فلا يقاوم العمومات الدالة على وجوب القصاص ، وأما تعليلهم النظري ، فالجواب عنه أن الابن ليس هو السبب في إعدام أبيه، بل الوالد هو السبب في إعدام نفسه بفعله جناية القتل.

والصواب: أنه يقتل بالولد، والإمام مالك ـ رحمه الله ـ اختار ذلك، إلا أنه قيده بما إذا كان عمدا، لا شبهة فيه إطلاقا ، بأن جاء بالولد وأضجعه وأخذ سكينا وذبحه

فهذا أمر لا يتطرق إليه الاحتمال ، بخلاف ما إذا كان الأمر يتطرق إليه الاحتمال فإنه لا يقتص منه ، قال: لأن قتل الوالد ولده أمر بعيد ، فلا يمكن أن نقتص منه إلا إذا علمنا علم اليقين أنه أراد قتله .

والراجح في هذه المسألة: أن الوالد يقتل بالولد، والأدلة التي استدلوا بها ضعيفة لا تقاوم النصوص الصحيحة الصريحة الدالة على العموم ، ثم إنه لو تهاون الناس بهذا لكان كل واحد يحمل على ولده

لا سيما إذا كان والدا بعيدا، كالجد من الأم ، أو ما أشبه ذلك ويقتله ما دام أنه لن يقتص منه "

انتهى من "الشرح الممتع" (14/ 43).

وقال رحمه الله :

" وعلى كل حال فهذه المسألة ترجع إلى المحاكم الشرعية فليحكم الحاكم بما يرى أنه أقرب إلى الصواب من أقوال أهل العلم "

انتهى من "فتاوى نور على الدرب" .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2019-01-16, 19:13
أقوال السلف وعلماء السنة في توبة قاتل النفس عمدا بغير حق .

السؤال

هل القاتل المتعمد له توبة ، أو ليس له توبة ؟

وماهي أقوال السلف وعلماء السنة في ذلك ؟

الجواب

الحمد لله

" اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي قَبُول تَوْبَةِ قَاتِل النَّفْسِ عَمْدًا بِغَيْرِ حَقٍّ :

فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ لِلْقَاتِل عَمْدًا ظُلْمًا تَوْبَةً كَسَائِرِ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ ؛ لِلنُّصُوصِ الْخَاصَّةِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ وَالنُّصُوصِ الْعَامَّةِ الْوَارِدَةِ فِي قَبُول تَوْبَةِ كُل النَّاسِ

مِنْهَا قَوْل اللَّهِ تَعَالَى ( وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا

* إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِل عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّل اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا )الفرقان/68-70 .

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : ( وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) النساء /93

فَيُحْمَل مُطْلَقُ هَذِهِ الآْيَةِ عَلَى مُقَيَّدِ آيَةِ الْفُرْقَانِ ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ : فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا ، إِلاَّ مَنْ تَابَ .

وَلأِنَّ تَوْبَةَ الْكَافِرِ بِدُخُولِهِ إِلَى الإْسْلاَمِ تُقْبَل بِالإْجْمَاعِ ، فَتَوْبَةُ الْقَاتِل أَوْلَى .

وَقَدِ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الْفُقَهَاءِ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى قَبُول هَذِهِ التَّوْبَةِ وَمَا يَسْقُطُ بِهَا :

فَقَال الْحَنَفِيَّةُ : لاَ تَصِحُّ تَوْبَةُ الْقَاتِل بِالاِسْتِغْفَارِ وَالنَّدَامَةِ فَقَطْ

بَل تَتَوَقَّفُ عَلَى إِرْضَاءِ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُول ، فَإِنْ كَانَ الْقَتْل عَمْدًا فَلاَ بُدَّ أَنْ يُمَكِّنَهُمْ مِنَ الْقَصَاصِ مِنْهُ فَإِنْ أَرَادُوا قَتَلُوهُ ، وَإِنْ أَرَادُوا عَفَوْا عَنْهُ ، فَإِنْ عَفَوْا عَنْهُ كَفَتْهُ التَّوْبَةُ وَيَبْرَأُ فِي الدُّنْيَا .

وَأَطْلَقَ الْمَالِكِيَّةُ الْقَوْل فِي قَبُول تَوْبَةِ الْقَاتِل الْعَمْدِ ، قَال الْقُرْطُبِيُّ : وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْل السُّنَّةِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ .

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ : أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الْكُفْرِ الْقَتْل ظُلْمًا ، وَبِالْقَوَدِ أَوِ الْعَفْوِ لاَ تَبْقَى مُطَالَبَةٌ أُخْرَوِيَّةٌ ، مَعَ بَقَاءِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ لاَ يَسْقُطُ إِلاَّ بِتَوْبَةٍ صَحِيحَةٍ

وَمُجَرَّدُ التَّمْكِينِ مِنَ الْقَوَدِ لاَ يُفِيدُ إِلاَّ إِنِ انْضَمَّ إِلَيْهِ نَدَمٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْصِيَةِ ، وَعَزْمٌ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ .

وَقَال الْحَنَابِلَةُ : لاَ يَسْقُطُ حَقُّ الْمَقْتُول فِي الآْخِرَةِ بِمُجَرَّدِ التَّوْبَةِ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ ، فَعَلَى هَذَا يَأْخُذُ الْمَقْتُول مِنْ حَسَنَاتِ الْقَاتِل بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ .

فَإِنِ اقْتُصَّ لِلْمَقْتُول مِنَ الْقَاتِل أَوْ عَفَى وَلِيُّهُ عَنِ الْقَصَاصِ فَهَل يُطَالِبُهُ الْمَقْتُول فِي الآْخِرَةِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، وَأَطْلَقَهُمَا صَاحِبُ الْفُرُوعِ .

وَخَالَفَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْجُمْهُورَ فِي قَبُول تَوْبَةِ الْقَاتِل ، فَذَهَبَا إِلَى أَنَّ تَوْبَةَ الْقَاتِل عَمْدًا ظُلْمًا لاَ تُقْبَل ؛

قَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) ، فَقَدْ سُئِل ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : هَل لِمَنْ قَتَل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا مِنْ تَوْبَةٍ ؟ فَقَال : لاَ إِلاَّ النَّارَ

فَقَرَأَ الآْيَةَ السَّابِقَةَ وَهِيَ آخِرُ مَا نَزَل فِي هَذَا الشَّأْنِ وَلَمْ يَنْسَخْهَا شَيْءٌ ، وَلأِنَّ لَفْظَ الآْيَةِ لَفْظُ الْخَبَرِ ، وَالأْخْبَارُ لاَ يَدْخُلُهَا نَسْخٌ وَلاَ تَغْيِيرٌ ؛ لأِنَّ خَبَرَ اللَّهِ تَعَالَى لاَ يَكُونُ إِلاَّ صِدْقًا "
.
انتهى من "الموسوعة الفقهية" (41 /30-31) باختصار .

وقال ابن جرير الطبري رحمه الله :

" وأما قوله : ( فجزاؤه جهنم خالدًا فيها ) فإن أهل التأويل اختلفوا في معناه :

1- فقال بعضهم معناه : فجزاؤه جهنم ، إن جازاه .

وممن قال ذلك أبو مجلز لاحق بن حميد ، وأبو صالح .

2- وقال آخرون: عُنِي بذلك رجل بعينه ، كان أسلم فارتدّ عن إسلامه، وقتل رجلا مؤمنًا، قالوا: فمعنى الآية: ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا مستحلا قتلَه ، فجزاؤه جهنم خالدًا فيها.

حكاه عكرمة مولى ابن عباس .

3- وقال آخرون : معنى ذلك : إلا من تاب .

وممن قاله مجاهد بن جبر .

4- وقال آخرون : ذلك إيجاب من الله الوعيدَ لقاتل المؤمن متعمّدًا، كائنًا من كان القاتل

على ما وصفه في كتابه ، ولم يجعل له توبة من فعله ، قالوا: فكل قاتل مؤمن عمدًا، فله ما أوعده الله من العذاب والخلود في النار، ولا توبة له ، وقالوا: نزلت هذه الآية بعد التي في"سورة الفرقان".

وممن روي عنه ذلك ابن مسعود وابن عباس وزيد بن ثابت والضحاك بن مزاحم .

قال ابن جرير :

" وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معناه: ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا، فجزاؤه إن جزاه جهنم خالدًا فيها، ولكنه يعفو ويتفضَّل على أهل الإيمان به وبرسوله، فلا يجازيهم بالخلود فيها

ولكنه عز ذكره إما أن يعفو بفضله فلا يدخله النار، وإما أن يدخله إيّاها ثم يخرجه منها بفضل رحمته ، لما سلف من وعده عباده المؤمنين بقوله :

( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ) الزمر/ 53 " .

انتهى باختصار من "تفسير الطبري" (9 /61-69) .

وقال ابن كثير رحمه الله :

" والذي عليه الجمهور من سلف الأمة وخلفها: أن القاتل له توبة فيما بينه وبين ربه عز وجل، فإن تاب وأناب وخشع وخضع ، وعمل عملا صالحا ، بدل الله سيئاته حسنات ، وعوض المقتول من ظلامته وأرضاه عن طلابته "

انتهى من "تفسير ابن كثير" (2 /380) .

وانظر : "مدارج السالكين" (1/392-399) ، "تفسير ابن كثير" (6/124-130) .

*عبدالرحمن*
2019-01-16, 19:14
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" فإن قلت : ماذا تقول فيما صح عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن القاتل ليس له توبة ؟!

‍فالجواب : من أحد الوجهين:

إما أن ابن عباس رضي الله عنهما استبعد أن يكون للقاتل عمدا توبة ، ورأى أنه لا يوفق للتوبة، وإذا لم يوفق للتوبة ، فإنه لا يسقط عنه الإثم، بل يؤاخذ به.

وإما أن يقال: إن مراد ابن عباس : أن لا توبة له فيما يتعلق بحق المقتول "
.
انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (8 /222).

وقد صح عن ابن عباس ـ أيضا ـ أن له توبة ؛ فروى الطبري (9/67) عنه قال : " ليس لقاتل توبة، إلا أن يستغفر الله " .

قال الشيخ الألباني رحمه الله :

" أخرجه ابن جرير بسند جيد ، ولعله يعني أنه لا يغفر له ، على قوله الأول ، ثم استدرك على نفسه فقال : " إلا أن يستغفر الله

" انتهى من "السلسلة الصحيحة" (6 /298) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2019-01-16, 19:19
هل تكفي توبة القاتل دون أن يسلم نفسه لأولياء المقتول

السؤال

عادة ما أدخل على هذا الموقع ، وأقوم بقراءة فتاوى عديدة ، ونحن نكن له تقديرا كبيرا ، لأنه يساعدنا كثيرا ، وقد قرأت الكثير من الفتاوى ، لكنى بحاجة إلى المزيد من التوضيح بخصوص بعضها

وبيان لفتواكم فيما يلى : بخصوص القاتل الذي قام بقتل شخص ما سرا ، لكنه أخفى جريمته وتاب ، فهل تقبل توبته عن قتل مسلم ، أم إنه يجب عليه أن يعلن ما قام به ، لكي يقتص منه ؟

الجواب

الحمد لله

قتل المؤمن عمدا يتعلق به ثلاثة حقوق : حق الله عز وجل ، وحق المقتول ، وحق لأولياء المقتول ، فإن تاب القاتل توبة نصوحا سقط حق الله ، وإن سَلَّم نفسه للأولياء فاقتصوا منه أو أخذوا الدية

أو عَفَوْا ، سقط حق الأولياء ، وبقي حق المقتول ، ويُرجى أن يسقطه الله عنه ويعوض المقتول من فضله .

قال ابن القيم رحمه الله : " والتحقيق في المسألة أن القتل يتعلق به ثلاثة حقوق : حق لله ، وحق للمظلوم المقتول ، وحق للولي ، فإذا سلّم القاتل نفسه طوعا واختيارا إلى الولي

ندما على ما فعل ، وخوفا من الله ، وتوبة نصوحا : يسقط حق الله بالتوبة ، وحق الولي بالاستيفاء أو الصلح ، أو العفو ، وبقى حق المقتول يعوضه الله عنه يوم القيامة عن عبده التائب المحسن ويصلح بينه وبينه

فلا يبطل حق هذا ، ولا تبطل توبة هذا " انتهى من "الجواب الكافي" ص 102

ونقله المرداوي في "تصحيح الفروع" (6/ 171) وقال :

" وتبع في ذلك الشيخ تقي الدين فإنه فصل هذا التفصيل واختاره , وهو الصواب الذي لا شك فيه ".

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والعمد فيه ثلاثة حقوق :

الأول : حق الله ، وهذا يسقط بالتوبة .

الثاني : حق أولياء المقتول ، ويسقط بتسليم نفسه لهم .

الثالث : حق المقتول ، وهذا لا يسقط ؛ لأن المقتول قد قتل وذهب ، ولكن هل يؤخذ من حسنات القاتل ، أو أن الله تعالى بفضله يتحمل عنه ؟ الصواب : أن الله بفضله يتحمل عنه إذا علم صدق توبة هذا القاتل "

انتهى من "الشرح الممتع" (14/ 7).

*عبدالرحمن*
2019-01-16, 19:20
فإذا أخفى القاتل جريمته ، ولم يخبر أولياء المقتول ، فقد بقي عليه حق الأولياء وحق القتيل .

ومن شروط التوبة إذا كان الذنب متعلقا بالغير : رد الحق إليه ، أو التحلل منه ، فيلزم القاتل أن يخبر أولياء المقتول ليعفوا ، أو يقتصوا ، أو يطلبوا الدية

لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا

فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ) ، رواه البخاري (6534).

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" في مسلم قتل مسلما متعمدا بغير حق، ثم تاب بعد ذلك : فهل ترجى له التوبة، وينجو من النار، أم لا؟ وهل يجب عليه دية، أم لا؟

فأجاب :

" قاتل النفس بغير حق عليه حقان :

حق لله بكونه تعدى حدود الله وانتهك حرماته ، فهذا الذنب يغفره الله بالتوبة الصحيحة ، كما قال تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا )

أي : لمن تاب . وقال : ( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا

إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) . وفي الصحيحين وغيرهما عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أن رجلا قتل تسعة وتسعين رجلا

ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدُلَّ عليه، فسأله : هل من توبة ؟ فقال : أبعد تسعة وتسعين تكون لك توبة ؟ فقتله، فكمل به مائة! ثم مكث ما شاء الله ، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل عليه

فسأله هل لي من توبة ؟

قال : ومن يحول بينك وبين التوبة ؟ ولكن ائت قرية كذا ، فإن فيها قوما صالحين فاعبد الله معهم ، فأدركه الموت في الطريق، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب

فبعث الله ملكا يحكم بينهم ، فأمر أن يقاس ؛ فإلى أي القريتين كان أقرب ألحق به ؛ فوجدوه أقرب إلى القرية الصالحة فغفر الله له ).

والحق الثاني : حق الآدميين. فعلى القاتل أن يعطي أولياء المقتول حقهم ، فيمكنهم من القصاص ؛ أو يصالحهم بمال، أو يطلب منهم العفو ، فإذا فعل ذلك فقد أدى ما عليه من حقهم، وذلك من تمام التوبة.

وهل يبقى للمقتول عليه حق يطالبه به يوم القيامة ؟ على قولين للعلماء في مذهب أحمد وغيره ؛ ومن قال يبقى له

؛ فإنه [ يقول ] : يستكثر القاتل من الحسنات حتى يعطي المقتول من حسناته بقدر حقه، ويبقى له ما يبقى، فإذا استكثر القاتل التائب من الحسنات رجيت له رحمة الله

وأنجاه من النار ( ولا يقنط من رحمة الله إلا القوم الفاسقون ) " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (3/ 407)، مجموع الفتاوى (34/ 171).

وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله :

" وَإِنْ كَانَ قَوَدًا أَوْ حَدَّ قَذْفٍ اُشْتُرِطَ ... أَنْ يُمَكِّنَ الْمُسْتَحِقَّ مِنْ اسْتِيفَائِهِ ، بِأَنْ يُعْلِمَهُ ، إنْ جَهِلَ الْقَاتِلُ ، وَيَقُولَ لَهُ : إنْ شِئْت فَاقْتَصَّ ، وَإِنْ شِئْت فَاعْفُ

فَإِنْ امْتَنَعَ [ أي: صاحب الحق ] مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا : صَحَّتْ التَّوْبَةُ ، وَلَوْ تَعَذَّرَ وُصُولُهُ لِلْمُسْتَحِقِّ نَوَى التَّمْكِينَ إذَا قَدَرَ ، وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ".

انتهى . من "الزواجر" (3/3414-315) .

وقال ابن عابدين رحمه الله :

" قوله ( لا تصح توبة القاتل حتى يسلم نفسه للقود ) أي لا تكفيه التوبة وحدها . قال في "تبيين المحارم" : واعلم أن توبة القاتل لا تكون بالاستغفار والندامة فقط

بل تتوقف على إرضاء أولياء المقتول ، فإن كان القتل عمدا لا بد أن يمكنهم من القصاص منه , فإن شاءوا قتلوه , وإن شاءوا عفوا عنه مجانا , فإن عفوا عنه كفته التوبة اهـ ملخصا . وقدمنا آنفا أنه بالعفو عنه يبرأ في الدنيا ,

وهل يبرأ فيما بينه وبين الله تعالى ؟ هو بمنزلة الدين على رجل

فمات الطالب وأبرأته الورثة : يبرأ فيما بقي ; أما في ظلمه المتقدم لا يبرأ ، فكذا القاتل : لا يبرأ عن ظلمه ، ويبرأ عن القصاص والدية . تتارخانية . أقول ; والظاهر أن الظلم المتقدم لا يسقط بالتوبة ، لتعلق حق المقتول به ,

وأما ظلمه على نفسه بإقدامه على المعصية فيسقط بها تأمل . وفي "الحامدية" عن "فتاوى الإمام النووي" : مسألة : فيمن قتل مظلوما ، فاقتص وارثه ، أو عفا عن الدية

أو مجانا ؛ هل للقاتل بعد ذلك مطالبة في الآخرة ؟ الجواب : ظواهر الشرع تقتضي سقوط المطالبة في الآخرة اهـ , وكذا قال في "تبيين المحارم" : ظاهر بعض الأحاديث يدل على أنه لا يطالب

. وقال في "مختار الفتاوى" : القصاص مخلّص من حق الأولياء , وأما المقتول فيخاصمه يوم القيامة ، فإن بالقصاص ما حصل فائدة للمقتول ، وحقه باق عليه ا هـ وهو مؤيد لما استظهرته "

انتهى من "حاشية ابن عابدين" (6/ 548).

وقال الشوكاني رحمه الله : " والتوبة النافعة ههنا هي الاعتراف بالقتل عند الوارث ، إن كان له وارث

أو السلطان إن لم يكن له وارث , والندم على ذلك الفعل ، والعزم على ترك العود إلى مثله , لا مجرد الندم والعزم بدون اعتراف وتسليم للنفس أو الدية إن اختارها مستحقها

لأن حق الآدمي لا بد فيه من أمر زائد على حقوق الله ، وهو تسليمه ، أو تسليم عوضه ، بعد الاعتراف به "

انتهى من "نيل الأوطار" (7/ 69).

والحاصل : أن حق الأولياء لا يسقط إلا بتسليم القاتل نفسه لهم ، ولا تتم التوبة إلا بذلك ، وأما حق المقتول ففيه الخلاف السابق ، والأظهر أنه مع التوبة الصادقة يعوض الله عن القاتل يوم القيامة ويصلح بينه وبين المقتول .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2019-01-16, 19:23
إسقاط أحد الجنينين ؛ رجاء حياة الآخر

السؤال

امرأة متزوجة منذ خمس سنوات ولم تحمل ، وظلت تأخذ حقن منشطة وأدوية حتى حملت في توأم ، وظل الحمل حتى الشهر الرابع ، ولكن لم يقدر الله أن يكتمل هذا الحمل

الآن هي حملت مرة أخرى ، وفى توأم مرة أخرى ، وهى بصحة جيدة ، ولكن الدكتور المعالج أكد على ضرورة إنزال أو إجهاض أحد الجنينين حتى يكتمل الحمل على خير ، لأنه في حالة استمرار الجنينين معا يوجد خطورة على الحمل كله

حيث ممكن أن يحدث كما في الحمل الأول ، ويتم إسقاط للجنينين ، الآن الطبيب يوصى بالتدخل الطبي لإنزال أحد الجنينين وترك الآخر ليكتمل الحمل به ، مع العلم أنه سواء بجنين واحد أو بجنينين لا يوجد خطورة على الأم

ولكن الخطورة على الحمل ذاته ، وحمل هذه المرأة من النوع الصعب إلى حد ما نظرا لوجود مشاكل في الرحم .

والسؤال :

هل يوجد إثم على الأب والأم إذا وافقوا على إنزال أحد الجنينيين ، والحمل ما زال في الشهر الأول ؟

الجواب

الحمد لله

إذا ثبت طبياً من خلال لجنة طبية موثوقة : أن بقاء الجنينين في الرحم إلى وقت الولادة قد يتسبب في وفاتهما معاً ، فالذي يظهر والعلم عند الله :

أنه يجوز في هذه الحال إسقاط أحدهما ؛ رجاء حياة الآخر إذا كان ذلك قبل نفخ الروح .

قال الرملي رحمه الله :

" الراجح تحريمه بعد نفخ الروح مطلقا وجوازه قبله "

انتهى من " نهاية المحتاج " (8/444) .

وقال المرداوي رحمه الله : " يجوز شرب دواء لإسقاط نطفة ، وقال ابن الجوزي في أحكام النساء : يحرم

وقال في الفروع : وظاهر كلام ابن عقيل في الفنون : أنه يجوز إسقاطه قبل أن ينفخ فيه الروح ، وقال : وله وجه "

انتهى من " الإنصاف " (1/386) .

على أننا ننبه إلى أنه ينبغي أن يكون ذلك الأمر ، إذا قررتم إسقاط أحد الجنينين ، قبل أربعين يوما من الحمل ، فبعد الأربعين يكون الأمر في الإسقاط أشد ، والرخصة فيه أضيق .

وإذا كان احتمال سلامة الحمل ، مع وجود الجنينين قويا ، فلا ينبغي العدول عن ذلك إلى ارتكاب ذلك المحظور .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

Abdelhafid2
2019-01-17, 11:23
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا .

*عبدالرحمن*
2019-01-17, 18:07
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا .

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك المميز مثلك
و مازلت في انتظار مرورك العطر مثلك

بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير

*عبدالرحمن*
2019-01-17, 18:11
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


هل يقتص من الصبي إذا قَتَل ؟

السؤال

سمعت عالمًا على شاشة التلفاز أثناء محاضرة الفقه ، يقول لو أن شيخًا قتل شابا، فيقتل الشيخ قصاصًا وليس العكس حيث لا يقتل الشاب من أجل شيخ، هل هذا صحيح أم لا ؟

الجواب

الحمد لله

إذا قتل الشيخ شابا اقتص منه ، وكذلك العكس ، لعموم قوله تعالى : ( وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ) المائدة/45 ، وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ ) البقرة/178 .

لكن إن كان القاتل صبيا ، لم يبلغ الحلم ، لم يقتص منه .

قال ابن قدامة رحمه الله : " ( والطفل , والزائل العقل , لا يقتلان بأحد ) لا خلاف بين أهل العلم أنه لا قصاص على صبي ولا مجنون , وكذلك كل زائل العقل بسبب يعذر فيه , مثل النائم , والمغمى عليه , ونحوهما

والأصل في هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رفع القلم عن ثلاثة ; عن الصبي حتى يبلغ ,

وعن النائم حتى يستيقظ , وعن المجنون حتى يفيق ، ولأن القصاص عقوبة مغلظة , فلم تجب على الصبي وزائل العقل كالحدود , ولأنهم ليس لهم قصد صحيح , فهم كالقاتل خطأ "

انتهى من "المغني" (8/ 226) .

فلعل من سمعته كان يتحدث عن صبي لم يبلغ ، فهذا الذي لا يقتص منه لو قتل شيخا أو شابا أو صبيا .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2019-01-17, 18:18
هل يقتص من الوالد إذا قتل ولده ؟

السؤال

ما حكم الإسلام في قتل الرجل لابنه ؟

الحقيقة أن الأب هو الأساس في وجود الابن وهو السبب فيه ، ولكن ذلك لا يجعل له الحق في قتل ابنه ، للأسف يستشهد بعض الناس بقوله تعالى "ولا تقل لهما أف" في هذا الموضع

مع أن هذا الاستشهاد باطل . أعلم أن أرجح الآراء في قتل الرجل لابنه أن الأب لا يقتل لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه "لا يقتل الوالد بولده" أخرجه الترمذي وابن ماجه.

إلا أن المالكية لهم رأي في هذه المسألة أن الوالد لو قتل ابنه متعمدًا بدون سبب تأديبي أو عذر، فيجب قتل الوال د، فما هو الرأي الصحيح في هذه المسألة ؟ وما علة هذا الرأي ؟

الجواب

الحمد لله

ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لا يقتل الوالد بولده ، واحتجوا بالحديث الذي ذكرت ، وهو ما رواه الترمذي (1401) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ وَلَا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِالْوَلَد ) .

وروى أحمد (346) وابن ماجه (2662) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال :

" قتل رجل ابنه عمدا ، فرفع إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فجعل عليه مائة من الإبل ثلاثين حقة وثلاثين جذعه وأربعين ثنية ، وقال لا يرث القاتل

ولولا أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا يقتل والد بولده لقتلتك ) .

والحديث مختلف في صحته ، وقد ضعفه كثير من أهل العلم ، منهم علي بن المديني والترمذي وابن القطان وعبد الحق الأشبيلي ، وأحمد شاكر

وحسنه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند ، وصححه الألباني في "إرواء الغليل " بمجموع طرقه (7/ 269) .

قَال ابن الملقن رحمه الله

: " وقال عبد الْحق فِي "أَحْكَامه" : هَذِه الْأَحَادِيث كلهَا معلولة لَا يَصح مِنْهَا شَيْء ، وبيَّن ذَلِك ابْن الْقطَّان كَمَا بَيناهُ "

انتهى من "البدر المنير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير" (8/ 374).

وأورد ابن عبد الهادي أحاديث الباب وضعفها

انظر : " تنقيح التحقيق" (4/471) .

ولهذا ذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه يقتل الوالد بولده ، وهو قول ابن نافع وابن الحكم وابن المنذر .

وينظر : " المغني " (8/ 277) .

وذهب مالك رحمه الله إلى أنه إن قتله حذفا بالسيف ونحوه , لم يقتل به , وإن ذبحه , أو قتله قتلا لا يشك في أنه عمد إلى قتله دون تأديبه , أقيد به .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

: " والدليل الحديث المشهور: لا يقتل والد بولده ، هذا من الأثر، ومن النظر : أن الوالد سبب في إيجاد الولد، فلا ينبغي أن يكون الولد سببا في إعدامه.

ولننظر في هذه الأدلة ، أما الحديث فقد ضعفه كثير من أهل العلم

فلا يقاوم العمومات الدالة على وجوب القصاص ، وأما تعليلهم النظري ، فالجواب عنه أن الابن ليس هو السبب في إعدام أبيه، بل الوالد هو السبب في إعدام نفسه بفعله جناية القتل.

والصواب: أنه يقتل بالولد، والإمام مالك ـ رحمه الله ـ اختار ذلك، إلا أنه قيده بما إذا كان عمدا، لا شبهة فيه إطلاقا ، بأن جاء بالولد وأضجعه وأخذ سكينا وذبحه ، فهذا أمر لا يتطرق إليه الاحتمال

بخلاف ما إذا كان الأمر يتطرق إليه الاحتمال فإنه لا يقتص منه ، قال: لأن قتل الوالد ولده أمر بعيد ، فلا يمكن أن نقتص منه إلا إذا علمنا علم اليقين أنه أراد قتله .

والراجح في هذه المسألة: أن الوالد يقتل بالولد، والأدلة التي استدلوا بها ضعيفة لا تقاوم النصوص الصحيحة الصريحة الدالة على العموم

ثم إنه لو تهاون الناس بهذا لكان كل واحد يحمل على ولده ، لا سيما إذا كان والدا بعيدا، كالجد من الأم ، أو ما أشبه ذلك ويقتله ما دام أنه لن يقتص منه "

انتهى من "الشرح الممتع" (14/ 43).

وقال رحمه الله :

" وعلى كل حال فهذه المسألة ترجع إلى المحاكم الشرعية فليحكم الحاكم بما يرى أنه أقرب إلى الصواب من أقوال أهل العلم "

انتهى من "فتاوى نور على الدرب" .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2019-01-17, 18:28
تاب من جرائمه وسيحكم عليه بالسجن لو أقر بها فهل ينفيها ؟

السؤال

إذا قام شخص بارتكاب جرائم عندما لم يكن متدينا في بلد غير مسلم ، وهو الآن قد تاب ، وهناك قضية ستنظر في الجرائم السابقة التي ارتكبها ، وقد أخبر محاميه أنه يرغب في الاعتراف

لكن محاميه نصحه أن ينكر الجرائم ، لأنه إن اعترف فإنه سيواجه عقوبة السجن ، بينما أنه إن لم يعترف

وأنكر التهم الموجهة إليه فإن أمامه فرصة في أن ينجو من السجن ؛ فهل يجوز له أن يدعي بأنه غير مذنب ، بينما هو في الحقيقة مذنب ، ومرتكب لهذه الجرائم ؟

وما هو أفضل ما يمكن فعله في هذا الموقف؟ برجاء إسداء النصح

الجواب

الحمد لله

أولا :

المعاصي منها ما يتعلق بحق الله تعالى ، ومنها ما يتعلق بحق المخلوق

فالأول كشرب الخمر والمخدرات ، وهذه تكفي فيها التوبة فيما بين العبد وربه

فإن رُفع أمره إلى المحكمة ، وعلم أنه سيحكم عليه بالسجن ، مع توبته وإقلاعه ، فله أن ينفي ذلك ليتخلص من العقوبة التي لا يستحقها شرعا .

وإن كانت المعصية تتعلق بحق المخلوق ، كالقتل والسرقة ، فيشترط في التوبة منها : رد المظالم إلى أهلها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم

: ( مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا ، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ) ، رواه البخاري (6534) .

فيلزم في القتل العمد تسليم نفسه لأولياء المقتول ، ولهم الخيار في أخذ القصاص أو الدية .

وفي القتل الخطأ يلزمه دفع الدية ، إلا أن يعفو أولياء المقتول عنها أو عن بعضها .

وفي السرقة يلزمه رد المال المسروق إلى أهله .

وقد تكون الجريمة سبا وضربا ونحو هذا ، وهذه عقوبتها الشرعية : القصاص ، أو التعزير بالحبس .

وإذا تاب الإنسان من هذه الجرائم ، وعلم أن المحكمة ستقضي عليه بعقوبة غير شرعية ، فإن رد الحق إلى أهله ، أو أرضاهم وتصالح معهم ، فله أن ينفي الجريمة ليتخلص من العقوبة التي لا يستحقها شرعا .

ومعرفة كون العقوبة يستحقها شرعا أو لا ، أمر لا يحكم فيه إلا أهل العلم ، بعد الوقوف على نوع الجناية والعقوبة الموضوعة لها ، لا سيما في الأمور المعنوية ، كالسب والتشهير ونحوه .

ولهذا يلزم السائل أو صاحب القضية أن يبين جرمه ، وهل تاب منه قبل رفعه للمحكمة أو بعد رفعه ، والعقوبة التي سيحكم بها عليه في حال إقراره .

وينظر للفائدة :السؤال القادم

والله أعلم .
.

*عبدالرحمن*
2019-01-17, 18:31
تاب من سرقة الكفار

السؤال

أعيش في دولة غير مسلمة وظللت أرتكب الذنوب لفترات طويلة ولكن الحمد لله الذي هداني إلى الصواب وإلى التوبة

. وقبل توبتي اعتدت أن أسرق من المحلات وأغش الجهات الحكومية في الحصول على أموال من الضمان الإجتماعي ( التأمينات الإجتماعية ) وأركب المواصلات العامة بدون أن أدفع تذاكر

وإذا أخبرت السلطات بهذه الأمور ( التي توقفت عنها) فسوف يسجنونني في بلد غير مسلم أرجو منكم أن تدلوني على ما يجب فعله واسألكم الدعاء ليغفر الله لنا .

الجواب

الحمد لله

الذي أكرمك بالتوفيق للتوبة ، ونسأل الله تعالى أن يهدينا جميعاً إلى صراطه المستقيم ، ويثبتنا عليه حتى الممات .

اعلم يا أخي أنه لا يجوز للمسلم أن يغش أحداً أو أن يأخذ ماله بغير حق ولو كافراً .

وإذا ارتكب المسلم شيئاُ من الذنوب – السرقة أو غيرها – ثم تاب قبل رفع الأمر إلى الحاكم فإنه تسقط عنه العقوبة حينئذ ، ولا تجوز معاقبته

لقول الله تعالى في قطاع الطرق : ( إِنَّمَا جَزَاءالَّذِينَيُحَارِبُونَاللّهَوَرَسُولَهُوَيَسْ عَوْنَفِيالأَرْضِ

فَسَادًاأَنيُقَتَّلُواْأَوْيُصَلَّبُواْأَوْتُقَطَّ عَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُممِّنْخِلافٍأَوْيُنفَوْاْمِنَالأَرْضِذ َلِكَ لَهُمْخِزْيٌفِيالدُّنْيَاوَلَهُمْفِيالآخِرَةِعَذَا بٌعَظِيمٌ ( 33 )

إِلاَّالَّذِينَتَابُواْمِنقَبْلِأَنتَقْدِرُواْعَلَ يْهِمْفَاعْلَمُواْ أَنَّاللّهَغَفُورٌرَّحِيمٌ ( سورة النساء / 33-34

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) ومن لا ذنب له لا عقاب عليه .

الاختيارات الفقهية ص ( 510 – 526 ) المغني ( 12/484 )

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - بعد أن رجم الأسلمي - :

" اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها فمن ألَمَّ بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله ؛ فإنه مَن يُبدِ لنا صفحته : نقم عليه كتاب الله تعالى عز وجل " .

رواه الحاكم في " المستدرك على الصحيحين " ( 4 / 425 ) والبيهقي ( 8 / 330 ) .

والحديث : صححه الحاكم وابن السكن وابن الملقن .

انظر : " التلخيص الحبير " ( 4 / 57 ) و" خلاصة البدر المنير " لابن الملقِّن ( 2 / 303 ).

وعلى هذا فلا يلزمك أن تذهب إلى السلطات وتعترف بالسرقة ، بل تكفيك التوبة الصادقة ، ولكن يجب عليك رد الأموال إلى أصحابها ، ولا تصح توبتك إلا بذلك ، ولا يشترط أن تخبرهم بأن هذه الأموال سرقتها منهم

لاسيما إذا خشيت أن يقدموا فيك شكوى ويسجنوك ، فالمهم هو رجوع المال إلى أصحابه ، فإما أن تجعله في مظروف ، أو تعطيه من يوصله إليهم ... أو غير ذلك من الطرق .

فأموال الحكومة يجب ردها إليها ، وكذا أموال الأشخاص الآخرين ، وإذا لم تعرف مقدار المال بالتحديد فإنك تجتهد في تحديده وتغلّب جانب الاحتياط ، بمعنى أنك تخرج من المال حتى تتيقن أنك فعلت الواجب عليك .

وإذا لم تعرف أصحاب الأموال فإنك تتصدق به عنهم وتجعله في سبيل الخير والإحسان .

*عبدالرحمن*
2019-01-17, 18:35
هل يرث الابن من زوجة قتلت زوجها وكان على علم بقتل أبيه

السؤال

هل يرث الابن من زوجة قتلت زوجها وكان الابن على علم بقتل أبيه ولم يفعل شيئا وهل ترث الزوجة القاتلة ؟ جزاكم الله خير

الجواب

الحمد لله

أولاً :

من المتفق عليه بين عامة أهل العلم : أن القاتل عمداً لا يرث من المقتول شيئاً

لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لَا يَرِثُ الْقَاتِلُ شَيْئًا ) ، رواه أبو داود (4564) وحسنه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود .

قال الإمام مالك :

" الْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا أَنَّ قَاتِلَ الْعَمْدِ لَا يَرِثُ مِنْ دِيَةِ مَنْ قَتَلَ شَيْئًا ، وَلَا مِنْ مَالِهِ "

انتهى من " الموطأ " (2/440).

وقال ابن عبد البر :

" وأجمع العلماء على أن القاتل عمداً لا يرث شيئاً من مال المقتول ، ولا من ديته "

انتهى من " التمهيد " (23/443) .

وقال ابن قدامة :

" أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ قَاتِلَ الْعَمْدِ لَا يَرِثُ مِنْ الْمَقْتُولِ شَيْئًا ...

؛ لِأَنَّ تَوْرِيثَ الْقَاتِلِ يُفْضِي إلَى تَكْثِيرِ الْقَتْلِ ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ رُبَّمَا اسْتَعْجَلَ مَوْتَ مَوْرُوثِهِ ، لِيَأْخُذَ مَالَهُ ، كَمَا فَعَلَ الْإِسْرَائِيلِيُّ الَّذِي قَتَلَ عَمَّهُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ قِصَّةَ الْبَقَرَةِ " ا

نتهى من" المغني" (9/150) .

وهذا الحكم يشمل من قام بالقتل ، أو أعان القاتل وشاركه بمباشرة أو تسبب .

قال ابن قدامة :

" فَالْمُشَارِكُ فِي الْقَتْلِ فِي الْمِيرَاثِ كَالْمُنْفَرِدِ بِهِ"

انتهى من" المغني" (9/153) .

وقال المرداوي :

" يُمنَعُ القاتلُ ميراثَ المقتول ، سواء كان عمداً ، أو خطئاً ، بمباشرة ، أو سبب ، وسواء انفرد بقتله ، أو شارك"

انتهى من " الإنصاف " (7/274) .

وعلى هذا ، فالزوجة التي قتلت زوجها ليس لها شيء من ميراث زوجها .

وبما أن الابن لم يشارك في القتل حقيقة ، فلا يُحرم من ميراث أبيه ، وكذلك فإنه يرث من أمه أيضاً على كل الأحوال ، ولا علاقة بين كونها قاتلة ، وبين إرثه منها .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2019-01-17, 18:40
هربت مع ابن عمها من بيت أهلها فاغتصبها وحملت سفاحاً فكيف تصنع ؟

السؤال

أود أن أسأل سيادتكم عن قضية متشعبة قليلاً ، بخصوص بنت سافرت مع ولد عمها لبلاد بعيدة عنهم ، ولأن الخلوة محرمة بهذه البلاد اقترح عليها ابن عمها أن تتزوجه على الورق فقط

وهو ما تم ، حيث أنها تزوجته كتابيّاً من غير شهود ولا ولي ولا مهر ، وهي قاصر لم تبلغ 16 سنة بعدُ ، بعد كم يوم من إقامتهم بهذه البلاد قام ولد عمها بوضع منوم في المشروب وقام باغتصابها

وقد أنجر عن ذلك الفعل حمل من ولد عمها ، وهي الآن في حيرة من أمرها فهي لا تريد الزواج من ابن عمها لأنها تعتبره أخاً ، وتسأل عن ما يتعلق بهذا الزواج

وكل ما انجر عنه ، هي لا تريد الزواج من ولد عمها ولا تستطيع إسقاط الجنين ، هو للآن في مرحلة التكون يعني حدث كل هذا منذ حوالي شهر

لا تستطيع إسقاطه لأن فيه خطراً على حياتها لأن عندها سيولة بالدم والإسقاط خطر على حياتها .

أفيدونا أفادكم الله بكل ما يتعلق بالموضوع ، وما هو الذي ينبغي أن تفعله هي وهو حسب شرع الله . بارك الله فيكم ، وجزاكم عنَّا وعن الإسلام كل خير .

الجواب

الحمد لله

أولاً:

الزواج الذي تمَّ بين تلك الفتاة وابن عمِّها باطل لا اعتبار له ؛ لعدم تحقق شروط الزواج الشرعي ، فليس فيه رضا ولا قبول على وجههما الشرعي الحقيقي

وليس هناك ولي ولا شهود ولا إعلان ، بل هو حبر على ورق لا قيمة له

فالواجب عليهما : الندم على ما حصل منها من معاصٍ وآثام ، والتوبة الصادقة من كل ذلك .

وعليها إخبار أهلها بما حصل معها حتى لا يزداد أمرها سوءً ، وأهلها هم أولى الناس بها وبالستر عليها ، فلتطلعهم على ما جرى لها وأنها قد غرِّر بها واغتصبت بالإكراه

وليبقوا الأمر في نطاق ضيق ؛ حتى لا يتسببوا في القضاء على مستقبلها ، والإسلام قد رغَّب بالستر على الغريب فالقريب أولى .

وعلى الأهل مراعاة صغر سنِّ ابنتهم ، وأنه قد غُرِّر بها.

ثانياً :

لا يجوز إسقاط الحمل في مختلف مراحله إلا لمبرر شرعي وفي حدود ضيقة جداً، وإذا كان في ذلك خطر على حياتة الأم تأكد المنع .

ثالثاً :

لا يجوز تزوج الزاني ممن زنى بها إلا بعد تحقق أمرين :

الأول : توبتهما من الزنا .

الثاني : بعد وضع حملها .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2019-01-17, 18:47
تركت ماء مغليا فوقعت فيه بنتها الصغيرة فهل عليها كفارة؟

السؤال

أم تركت ماء يغلي فوقعت فيه ابنتها الصغيرة التي كانت تلعب قريبا منها فماتت البنت متأثرة بسبب الاحتراق، فهل على الأم من كفارة؟

الجواب

الحمد لله

ينبني الحكم في هذا على التفريط وعدمه ، فإن كان المعتاد في هذه البيوت غلي الماء على مواقد أرضية قريبة من أهل البيت ، ودخلت الطفلة إلى محل الماء في غياب الأم

فلا شيء عليها حينئذ لعدم تفريطها . وإن كانت الأم خرجت من المكان وتركت الطفلة تلعب قريبا من الماء ، أو وضعت الماء على الأرض دون غطاء ، في مكان تعتاد البنت الدخول إليه ، فيلزمها حينئذ الكفارة لتفريطها .

ومن كلام أهل العلم في ذلك :

سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

والدة زوجتي خرجت لتأتي بماء من البئر ، وذلك قبل 25 سنة ، وتركت طفلة لها عمرها سنة واحدة

ولما عادت وجدت هذه الطفلة قد سقطت في قدر ماء وتوفيت ، وكان الأولون ما عندهم سعة في البيوت ، فكان الماء والأغراض في غرفة واحدة . السؤال : هل عليها شيء؟ وهل يلزمها كفارة؟

فأجابوا :

"إذا كانت المذكورة تركت البنت عند الماء وهو مكشوف وليس عليه حائل يمنع البنت من الوقوع فيه- فإن عليها كفارة قتل الخطأ

وهي عتق رقبة مؤمنة ، فإن لم تجد فإنها تصوم شهرين متتابعين (ستين يوما) لأنها تعتبر متسببة في قتلها .وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم".

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ صالح الفوزان... الشيخ بكر أبو زيد .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (21/ 366) .

وسئلوا أيضاً (21/ 311) :

في يوم من الأيام كنت جالسة وكانت عندي جارتي وكان عندنا ابني الصغير ، ثم إنني قمت بتوديع جارتي التي كانت في زيارة لي ذهب الطفل من بيننا واتجه نحو وعاء به ماء فيه ملابس كنت أقوم بغسلها في دورة المياه

وكنت حريصة على قفل دورة المياه خوفا على ابني من اللعب بالماء ، إلا في هذه المرة نسيت الباب مفتوحا وعندما كنت أبحث عنه وجدته مكبوبا على وجهه في الصحن الذي كنت أغسل فيه الملابس

وقد فارق الحياة والحمد لله على قضائه وقدره ، سؤالي : أشعر بندم وحزن شديد وأحس أنني كنت السبب في وفاته ، فهل ترون أنني كنت السبب في وفاته؟ وهل ترون علي شيئا في ذلك؟

فأجابوا :

"لا حرج عليك ولا كفارة في موت ابنك لسقوطه في الوعاء المعد لغسل الملابس ؛ لعدم ثبوت تسببك في سقوطه وموته ؛ لأن وضع مثل ذلك الوعاء في دورة المياه مما جرت العادة به ، والأصل براءة الذمة حتى يثبت خلاف ذلك .

وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ .... الشيخ صالح بن فوزان الفوزان ... الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد .

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله

: لي طفل بلغ من العمر خمس سنوات، وفي ذات يوم كان هو وأمه عند جيراننا، فتركته أمه معي

في البيت، ثم خرجت لعملي، وذهبت وأبلغت والدته بأنه في البيت، وفي أثناء ذلك ذهب إلى الفرن ليأخذ بعض الخبز وانقلب عليه الفرن فمات، فهل علي من كفارة من صيام أو شيء غير ذلك أو على والدته؟

فأجاب :

"نرجو ألا يكون عليكما شيء ؛ لأن هذا شيء عادي يقع من الناس ولا يسمى تفريطا، هكذا يحصل

عند أهل النخيل وأهل المزارع قد يتركون الولد يذهب إلى الساقي ويسبح فيه أو في البركة، فيموت بسبب ذلك، هذه أمور عادية، ما فيها حيلة يعفى عنها إن شاء الله "

انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (22/ 369) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2019-01-17, 18:55
يريد أهلها إجهاض جنينها من الزنا

السؤال

لدي أخت وهي حامل قبل أن تتزوج ، وتعلم أسرتي أن الإجهاض غير جائز إلا إذا كانت حياة الأم في خطر ، ولكن الأمر جد خطير والشاب الذي حملت منه لن يكون زوجاً لها ، ولا تريد أسرته أن تفعل أي شيء تجاه هذا الطفل.

ولقد أبكى أخوه أمي ، ولقد ظنت أمي أنهما كانا متزوجين ، ولكنه في المقابل قال، \\"لا أريد أن يعرف الناس أن أخي قد أنجب قبل الزواج، ولا أن يتحدث شخص في هذا الأمر فنحن لنا احترامنا.

والأمر بالنسبة لي عادي فيمكنني أن أذهب إلى جهنم ولا يهم ، ولكنني في هذه الحياة أعيش عيشة جيدة وعائلتي فلا نكترث للآخرين.\\" ويحاول أبوي جاهدين مع أسرتي وإذا ما حفظت أختي هذا الطفل

فإنه سوف يكون عبئا ، وأنا أري كيف يتعذبون من داخلهم ، لا يعرفون ماذا يفعلون وقد نصحوها بالإجهاض بالرغم من أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون ، وقد تحدثوا إلى إمام المنطقة وقال حكمه في الإجهاض

وتريد أختي أن تحافظ علي الطفل على أمل أن يعود الشاب إليها. وعلى أي حال فإن أبواي يهتمان لأمرها ولا أدري ماذا أفعل

وهي تخطط لتكون في قائمة اللاجئين ولديها طفل ، ولكنها ستذهب بدون علم أمي وأبي.

الجواب

الحمد لله

أولاً :

لقد كان من الواجب على أختك ، وعليك وعلى أسرتك ، أن تهتموا بما ألمت به أختك من ذنب ، فتأمروها بالتوبة النصوح إلى الله عز وجل ، لتطهر نفسها من رجس المعاصي

وقذارة الزنا الذي وقعت فيه مع هذا الشاب الفاجر ، أو مع غيره ، وتقطعوا عنها سبل هذه المعصية

فلتبسوها الحجاب ، وتمنعوها من الخلوة بالرجال ، أو مخالطتهم ، وهكذا كل ما كان سبباً لهذه الرذيلة ، فاجتهدوا في إغلاقه عنها ، وإبعادها عنه بكل حيلة .

ثم بعد ذلك ، لكم أن تفكروا في شأن هذا الولد ، ومستقبل هذه الأخت ، وهذا كله من شؤم المعاصي ، وآثار الذنوب ، أن يحمل المذنب العاصي ، ذلك العبء ، ويتلطخ بالعار ، وهو في دار الدنيا

فكيف بما عند الله من العقاب والنكال .

قال بعض الحكماء : " إن تعبتَ في البِرِّ : فإن التعب يزول ، والبر يبقى . وإن التذذت بالآثام : فإن اللذة تزول ، والآثام تبقى " !!

ثانياً :

ما تحاوله أختك من الحفاظ على جنينها هو الواجب عليها وعليكم جميعاً ، وليس لمجرد الأمل في أن يعود إليها ذلك الفاجر ، فلا يبدو أنه راغب في التوبة ، ولا ينوي النكاح الشرعي بها

بعد ما قضى منها شهوته في الحرام ، وإنما يجب عليكم الحفاظ عليه لئلا تعالجوا جرماً بجرم آخر ، وتجنوا على نفس لا ذنب لها ، وإنما الذنب لمن وقعوا في الزنا أولاً ، ثم يريدون أن يجنوا على هذه النفس

إما بقتلها وإزهاقها ، وإما بإهمالها وتركها في الطريق ، أو وضعها في الملاجئ ، كما يفعل من يفعل من الناس ، وهنا الله أعلم بما يكون من شأنها ، والغالب أن تربى في ملاجئ الكفار

أو تتبناها أسرة كافرة ، يهودية أو نصرانية ، أو غير ذلك من الملل ، فتكون تبعا لهم في يهوديتهم

أو نصرانيتهم ، أو ملتهم التي هم عليها ، وهذه أشنع جناية على هذه النفس ، وأقبح جرم في حقها ، وهو أشد وأفظع من قتلها ، والعياذ بالله .

وأما قولة هذا القائل : إنه على استعداد لأن يذهب إلى جهنم ، ولا يهمه ذلك

فهي كلمة لا تخرج من قلب يؤمن بالله واليوم الآخر ، ويخاف مقام ربه ، والله حسيبه ؛ فلينظر العاقل وليعتبر ، كيف يكون تعظيم الدنيا وأهلها ، وكيف يتقحم الناس في جهنم ، وهم لا يبالون .

عافانا الله الكريم ، بمنه وفضله .

وينبغي في مثل هذا الظرف أن يستمر الوالدان في عطفهما ورعايتهما لأختك ، مع دعوتها للتوبة والاستقامة ، وأن يحولا دون خروجها أو هروبها من البيت ، حتى لا تعظم المصيبة ، ويزداد الشر.

نسأل الله أن يلطف بكم ، وأن يصلح حالكم.

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2019-01-17, 19:00
ما الفرق بين حكم الاغتصاب وحكم الزنا ؟

وهل يثبت الاغتصاب بالوسائل الحديثة ؟

السؤال

ما أحكام الاغتصاب ؟ وما هي عقوبة المغتصب ؟

المشكلة هو أن المذنبة دائما تكون المرأة ، إن الاتهام من غير المسلمين هو أن كلمة الرجل هي العليا ولا طريق للمرأة لتثبت أنها اغتصبت ، ومن هنا ينطلق الرجل حرّاً بفعلته ! وكيف نثبت الجريمة

لى الرجل والمرأة إذا ما كانت اغتصبت أو زنت بإرادتها ؟

هل للتكنولوجيا أن تتدخل في مثل هذا الأمر ؟

وكيف يمكن إثبات الجريمة بحيث لا يفر الرجل بفعلته من العقاب ؟ .

الجواب

الحمد لله

أولاً:

الاغتصاب في الأصل هو زنا ، فيثبت بما يثبت به الزنا وهو أربعة شهود ، وعقوبته جلد مائة إن كان الرجل بكراً ، والرجم إن كان محصناً .

فإن كان الاغتصاب تم تحت تهديد السلاح ، أو تم خطف المرأة من ذويها بالقوة ، صارت الجريمة حرابة ، (أي : قطع الطريق) ، وتثبت بشاهدين فقط ، والعقاب عليها مذكور في قوله تعالى

: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) المائدة/33 .

وينبغي التنبيه إلى أنه يقام عليه هذا الحد بمجرد اختطافه للمرأة بالقوة ، سواء حصل له مقصوده من الزنا أم لا .
لأنه بمجرد اختطافها صار (قاطع طريق) ، فإن زنا بها صارت جريمته أشد .

لأنه يكون جمع بين جريمتين : الزنا والحرابة .

ولمزيد الفائدة ينظر جواب السؤال القادم

ثانياً :

أما اتهام غير المسلمين للمسلمين بأن كلمة الرجل هي العليا ، وأن المرأة لا تستطيع إثبات أنها اغتصبت ، وأن الرجل ينطلق حراً بفعلته ، فهو اتهام عارٍ من الصحة .

ولكن ... من القواعد الشرعية والقانونية التي يجب مراعاتها : أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته ، ولا يمكن لصاحب أي دعوى ـ رجلاً كان أو امرأة ـ أن تقبل دعواه إلا بما يثبت صحتها

ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) رواه البخاري ( 4277 ) ومسلم ( 1711 ) .

قال النووي رحمه الله :

وهذا الحديث قاعدة كبيرة من قواعد أحكام الشرع ؛ ففيه : أنه لا يُقبل قولُ الإنسان فيما يدَّعيه بمجرد دعواه ، بل يحتاج إلى بيِّنة أو تصديق المدَّعَى عليه ، فإن طَلب يمينَ المدَّعَى عليه : فله ذلك

وقد بيَّن صلى الله عليه وسلم الحكمة في كونه لا يعطى بمجرد دعواه : لأنه لو أُعطيَ بمجردها : لادَّعى قوم دماءَ قوم وأموالهم ، واستبيح ، ولا يمكن المدَّعى عليه أن يصون مالَه ودمه ، وأما المدَّعي : فيمكنه صيانتهما بالبيِّنة
.
" شرح مسلم " ( 12 / 3 ) .

ولو كان المجال مفتوحاً لكل امرأة أن تدَّعي على شخص بأنه اغتصبها لأوشكت السجون أن تمتلأ بكثير من خصوم أولئك النسوة ، ولم يستطيعوا أن يثبتوا براءتهم ، فليست المسألة

فوضى ليؤخذ قول المرأة على أنه حق ويقين ، وإلا لادعته المرأة على عشيقها السابق ، انتقاماً منه ! أو على الأغنياء والمشاهير لابتزازهم ! أو على والدها وأخيها لتخرج من ولايتهم وسلطتهم ، وفي هذا دمار للمجتمعات .

ثالثاً :

لا يُقبل قول المرأة أنها أكرهت على الزنا إلا بدليل أو قرينة قوية ؛ أما من غير دليل على ذلك ، فإنه يقام عليها الحد كالزاني .

قال ابن عبد البر رحمه الله :

ولا عقوبة عليها إذا صحَّ أنه استكرهها وغلبها على نفسها ، وذلك يُعلم بصراخها ، واستغاثتها، وصياحها
.
" الاستذكار " ( 7 / 146 )

رابعاً :

وجود السائل المنوي للرجل في المرأة لا يدل على وقوع جريمة الاغتصاب ! إذ قد يكون حصل ذلك بإرادتها فتكون مستحقة للعقوبة مثله ، ويحتمل أنها ادعت عليه بأنه اغتصبها بسبب خلاف

بينهما لتوقع عليه العقوبة أو لتبتزه ، فلا يكون هذا دليلاً على وقوع جريمة الاغتصاب ، بل لا يكون هذا دليلاً على وقوع جريمة الزنا ! إذ من الممكن أن لا يكون قد حصل جماع حقيقي ويكون المني

قد دخل في فرجها أو أدخلته هي ، والاحتمالات القائمة كثيرة ، والحدود لا تَثبت في الشرع بالاحتمالات بل بالبينات ، ونتائج ال " d n a " قد يقع فيها الخطأ والتبديل والتزوير

فلا تنهض لتكون بيِّنة شرعية تقام بها الحدود الشرعيَّة .

وقد سبق في جواب سؤال سابق

نص قرار " مجلس المجمع الفقهي الإسلامي "

- التابع لرابطة العالم الإسلامي - بشأن البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها ، ومما جاء فيه :

"أولاً : لا مانع شرعاً من الاعتماد على البصمة الوراثية في التحقيق الجنائي ، واعتبارها وسيلة إثبات في الجرائم التي ليس فيها حد شرعي ولا قصاص

لخبر : ( ادْرَؤوا الحُدُودَ بالشُّبُهاتِ ) وذلك يحقق العدالة والأمن للمجتمع ، ويؤدي إلى نيل المجرم عقابه وتبرئة المتهم، وهذا مقصد مهم من مقاصد الشريعة" انتهى .

ففي هذا القرار : أن العقاب الشرعي (الحد) قد لا يمكن تطبيقه على المتهم المجرم إذا لم تتوفر البينة التي حددها الشرع لثبوت الجريمة ، ولكن قد تكون هناك قرائن قوية على ثبوت الجريمة على المتهم .

فهنا .... للقاضي أن يعاقب المتهم بالعقوبة التعزيرية التي يراها .

وبالتالي .. لا ينجو المتهم من العقاب
.
ولئن نجا هذا المجرم من عقاب الدنيا فليس ذلك قصوراً في الشرع ، بل قد يكون بسبب عدم وجود الأدلة الكافية ، أو تقصير القاضي أو قصوره .... إلخ .

ومع ذلك .. فهناك عقاب الآخرة الذي ينتظره إن لم يتب جريمته ، أو لم يعف الله عنه .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2019-01-17, 19:03
حكم جريمة الاغتصاب ؟

السؤال

ما حكم جريمة الاغتصاب شرعاً ؟.

الجواب

الحمد لله

أولاً :

الاغتصاب هو أخذ الشيء ظلماً وقهراً ، وأصبح الآن مصطلحاً خاصا بالاعتداء على أعراض النساء قهراً .

وهي جريمة قبيحة محرمة في كافة الشرائع ، وعند جميع العقلاء وأصحاب الفطَر السوية ، وجميع النظم والقوانين الأرضية تقبح هذه الفعلة وتوقع عليها أشد العقوبات ، باستثناء

بعض الدول التي ترفع العقوبة عن المغتصب إذا تزوج من ضحيته ! وهو يدل على انتكاس الفطرة واختلال العقل فضلاً عن قلة الدين أو انعدامه عند هؤلاء الذي ضادوا الله تعالى في التشريع

ولا ندري أي مودة ورحمة ستكون بين الجلاد وضحيته ، وخاصة أن ألم الاغتصاب لا تزيله الأيام ولا يمحوه الزمن -

كما يقال - ولذا حاولتْ كثيرات من المغتَصبات الانتحار وحصل من عدد كثير منهن ما أردن ، وقد ثبت فشل هذه الزيجات ، ولم يصاحبها إلا الذل والهوان للمرأة .

وحري بهذا الشرع المطهَّر أن يكون له موقف واضح بيِّن من تحريم هذه الفعلة الشنيعة ، وإيقاع العقوبة الرادعة على مرتكبها .

وقد أغلق الإسلام الأبواب التي يدخل من خلالها المجرم لفعل جريمته ، وقد أظهرت دراسات غربية أن أكثر هؤلاء المغتصبين يكونون من أصحاب الجرائم ، ويفعلون فعلتهم تحت تأثير الخمور والمخدرات

وأنهم يستغلون مشي ضحيتهم وحدها في أماكن منعزلة ، أو بقاءها في بيتها وحدها

وكذلك بينت هذه الدراسات أن ما يشاهده المجرمون في وسائل الإعلام ، وما تخرج به المرأة من ألبسة شبه عارية ، كل ذلك يؤدي إلى وقوع هذه الجريمة النكراء .

وقد جاءت تشريعات الإسلام لتحفظ عرض المرأة وحياءها ، وتنهاها عن اللبس غير المحتشم ، وتنهاها عن السفر من غير محرم ، وتنهاها عن مصافحة الرجال الأجانب عنها ،

وحث الشرع على المبادرة بزواج الشباب وتزويج الفتيات كل ذلك – وغيره كثير – يغلق الباب على المجرمين من افتراس ضحاياهم ، ولذلك لا نعجب إذا سمعنا أو قرأنا أن أكثر هذه الجرائم إنما تحدث في المجتمعات المنحلة

والتي يريد أهلها من المسلمات أن يكنَّ مثلهن في التحضُّر والرقي ! ففي أمريكا –

مثلاً – ذكرت منظمة العفو الدولية في تقرير لها بعنوان " أوقفوا العنف ضد المرأة " لعام 2004 أنه في كل 90 ثانية تُغتصب امرأة هناك ! فأي حياة يعيشها هؤلاء ؟! وأي رقي وحضارة يسعون لإدخال المسلمات فيها ؟!

ثانياً :

وأما عقوبة الاغتصاب في الشرع : فعلى المغتصب حد الزنا ، وهو الرجم إن كان محصناً ، وجلد مائة وتغريب عام إن كان غير محصن .

ويوجب عليه بعض العلماء أن يدفع مهر المرأة .

قال الإمام مالك رحمه الله :

" الأمر عندنا في الرجل يغتصب المرأة بكراً كانت أو ثيبا : أنها إن كانت حرة : فعليه صداق مثلها , وإن كانت أمَة : فعليه ما نقص من ثمنها ، والعقوبة في ذلك على المغتصب ، ولا عقوبة على المغتصبة في ذلك كله " انتهى .

" الموطأ " ( 2 / 734 ) .

قال الشيخ سليمان الباجي رحمه الله :

" المستكرَهة ؛ إن كانت حرة : فلها صداق مثلها على من استكرهها ، وعليه الحد ، وبهذا قال الشافعي ، وهو مذهب الليث ، وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه .

وقال أبو حنيفة والثوري : عليه الحد دون الصداق .

والدليل على ما نقوله : أن الحد والصداق حقان : أحدهما لله ، والثاني للمخلوق ، فجاز أن يجتمعا كالقطع في السرقة وردها " انتهى .

" المنتقى شرح الموطأ " ( 5 / 268 ، 269 ) .

وقال ابن عبد البر رحمه الله :

" وقد أجمع العلماء على أن على المستكرِه المغتصِب الحدَّ إن شهدت البينة عليه بما يوجب الحد

أو أقر بذلك ، فإن لم يكن : فعليه العقوبة (يعني : إذا لم يثبت عليه حد الزنا لعدم اعترافه

وعدم وجود أربعة شهود ، فإن الحاكم يعاقبه ويعزره العقوبة التي تردعه وأمثاله) ولا عقوبة عليها إذا صح أنه استكرهها وغلبها على نفسها ، وذلك يعلم بصراخها ، واستغاثتها ، وصياحها " انتهى .

" الاستذكار " ( 7 / 146 )

ثالثاً :

وكون المغتصب عليه حد الزنا ، هذا ما لم يكن اغتصابه بتهديد السلاح ، فإن كان بتهديد السلاح فإنه يكون محارباً ، وينطبق عليه الحد المذكور

في قوله تعالى : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) المائدة/33 .

فيختار الحاكم من هذه العقوبات الأربعة المذكورة في الآية الكريمة ما يراه مناسباً ، ومحققاً للمصلحة وهي شيوع الأمن والأمان في المجتمع ، ورد المعتدين المفسدين .

وانظر السؤال القادم

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2019-01-19, 17:58
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


الحكم فيمن يسطو ويسرق ويغتصب بالسلاح

السؤال

ما الحكم في العصابات أو الأفراد الذي يسرقون الناس ، ويخطفون النساء ويعتدون على الأعراض ، كل ذلك تحت تهديد السلاح ؟.

الجواب

الحمد لله

هذه الجرائم التي يفعلها بعض من لا دين لهم ، جعل الشرع عقوبتها عقوبة شديدة ، وهي تعرف عند العلماء بـ " حد الحرابة " أو " قطاع الطريق "

وهو المذكور في قول الله تعالى : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ

أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) المائدة/33 .

ولمجلس هيئة كبار العلماء ببلاد الحرمين الشريفين برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله قرار في شأن هذه الجرائم ، جاء فيه :

" لقد اطلع المجلس على ما ذكره أهل العلم من الأحكام الشرعية تدور من حيث الجملة على وجوب حماية الضروريات الخمس والعناية بأسباب بقائها مصونة سالمة ، وهي : الدين والنفس والعرض والعقل والمال

وقدر تلك الأخطار العظيمة التي تنشأ عن جرائم الاعتداء على حرمات المسلمين في نفوسهم أو أعراضهم أو أموالهم وما تسببه من التهديد للأمن العام في البلاد .

والله سبحانه وتعالى قد حفظ للناس أديانهم وأبدانهم وأرواحهم وأعراضهم وعقولهم بما شرعه من الحدود والعقوبات التي تحقق الأمن العام والخاص

وأن تنفيذ مقتضى آية الحرابة وما حَكَمَ به صلى الله عليه وسلم في المحاربين كفيلٌ بإشاعة الأمن والاطمئنان ، وردع من تسول له نفسه الإجرام والاعتداء على المسلمين .

إذ قال الله تعالى : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) المائدة/33 .

وفي الصحيحين واللفظ للبخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَدِمَ رَهْطٌ مِنْ عُكْلٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا فِي الصُّفَّةِ فَاجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ (أي أصابهم مرض) فَقَالُوا

: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَبْغِنَا رِسْلا ( أي اطلب لنا لبناً ) فَقَالَ : مَا أَجِدُ لَكُمْ إِلا أَنْ تَلْحَقُوا بِإِبِلِ رَسُولِ اللَّهِ ، فَأَتَوْهَا فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا حَتَّى صَحُّوا وَسَمِنُوا وَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ ( الإبل

) فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّرِيخُ ، فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي آثَارِهِمْ ، فَمَا تَرَجَّلَ النَّهَارُ ( أي ارتفع )

حَتَّى أُتِيَ بِهِمْ فَأَمَرَ بِمَسَامِيرَ فَأُحْمِيَتْ فَكَحَلَهُمْ ، وَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ ، وَمَا حَسَمَهُمْ ، ثُمَّ أُلْقُوا فِي الْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَمَا سُقُوا حَتَّى مَاتُوا . قَالَ أَبُو قِلابَةَ : سَرَقُوا وَقَتَلُوا وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ .

وبناء على ما تقدم فإن المجلس يقرر الأمور التالية :

أ ـ إن جرائم الخطف والسطو لانتهاك حرمات المسلمين على سبيل المكابرة والمجاهرة من ضروب المحاربة والسعي في الأرض فساداً المستحقة للعقاب الذي ذكره الله سبحانه في آية المائدة ، سواء وقع ذلك على النفس أو المال أ

و العرض ، أو أحدث إخافة السبيل وقطع الطريق ، ولا فرق في ذلك بين وقوعه في المدن والقرى أو في الصحارى والقفار كما هو الراجح من آراء العلماء رحمهم الله تعالى .

قال ابن العربي يحكي عن وقت قضائه : رُفِعَ إلي قومٌ خرجوا محاربين إلى رفقة فأخذوا منها امرأة مغالبة على نفسها من زوجها ومن جملة المسلمين معه

فاحتملوها ، ثم جد فيهم الطلب فأُخذوا وجيء بهم ، فسألت من كان ابتلاني الله به من المفتين فقالوا : ليسوا محاربين ! لأن الحرابة إنما تكون في الأموال لا في الفروج ! فقلت لهم

: إنا لله وإنا إليه راجعون ! ألم تعلموا أن الحرابة في الفروج أفحش منها في الأموال ؟! وأن الناس كلهم ليرضون أن تذهب أموالهم وتحرب من بين أيديهم ولا يحرب المرء من زوجته وبنته

ولو كان فوق ما قال الله عقوبة لكانت لمن يسلب الفروج . انتهى .

ب ـ يرى المجلس في قوله تعالى : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ )

أن ( أو ) للتخيير كما هو الظاهر من الآية الكريمة . وقول الأكثرين من المحققين من أهل العلم رحمهم الله .

ج ـ يرى المجلس بالأكثرية أن يتولى نواب الإمام ـ القضاة ـ إثبات نوع الجريمة والحكم فيها

فإذا ثبت لديهم أنها من المحاربة لله ورسوله والسعي في الأرض فساداً فإنهم مخيرون في الحكم فيها بالقتل أو الصلب أو قطع اليد والرجل من خلاف أو النفي من الأرض ، بناءً على اجتهادهم

مراعين واقع المجرم وظروف الجريمة وأثرها في المجتمع وما يحقق المصلحة العامة للإسلام والمسلمين إلا إذا كان المحارب قد قتل فإنه يتعين قتله حتماً كما حكاه ابن العربي المالكي إجماعاً

وقال صاحب الإنصاف من الحنابلة : " لا نزاع فيه "

انتهى من بحث لهيئة كبار العلماء بعنوان : "الحكم في السطو والاختطاف والمسكرات" (ص 192-194) .

*عبدالرحمن*
2019-01-19, 18:06
حكم اختزال الأجنة أو التخلص من الفائض منها بعد التلقيح

السؤال

أود أن اعرف منكم حكم الشرع في عمليه اختزال الأجنة وهي عملية يقوم فيها الطبيب بشفط أحد الأجنة نتيجة عمليه تلقيح مجهري (قبل 45 يوم من عمر الأجنة) وذلك لتفادي خطر الإجهاض للأجنة الباقين حيث انه المسموح

به عدد 2 وان العدد اللازم حقنه داخل الرحم هو 4 أو اكثر وذلك لزيادة فرصة النجاح لهذه العملية حيث انه من خلال التجربة ربما ينجح واحد فقط من هذه الأجنة

وأيضا هناك مخاطر صحية على الأم حيث تزيد نسبه أمراض السكري وضغط الدم والولادة المبكرة والأخطر هو إجهاض كل الأجنة وهل صحيح أن هناك فتوى من الأزهر تجيز ذلك ونفع الله بعلمكم والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته

الجواب

الحمد لله

أولا :

التلقيح الاصطناعي له صور ، منها الجائز ومنها المحرم ، ومن الصور الجائزة :

1- أن تؤخذ نطفة من زوج وبييضة من زوجته ويتم التلقيح خارجيا ثم تزرع اللقيحة في رحم الزوجة .

2- أن تؤخذ بذرة الزوج وتحقن في الموضع المناسب من مهبل زوجته أو رحمها تلقيحا داخليّاً .

وهذا ما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي

وينظر نصه في جواب السؤال القادم

ثانيا :

يجب الاقتصار في تلقيح البويضات على العدد المطلوب تفاديا للفائض من البويضات الملقحة ، وفي حال وجود هذا الفائض فإنه يترك دون عناية حتى تنتهي منه الحياة .

وذلك لأن الاحتفاظ بالأجنة أو البويضات قد يؤدي إلى اختلاطها بغيرها مع الوقت ، إما على سبيل الخطأ وإما على سبيل العمد ، وهذا يؤدي إلى اختلاط الأنساب .

وقد صدر من مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي قرار بهذا الخصوص عام 1410هـ

1990م وهذا نصه :

" 1- في ضوء ما تحقق علميا من إمكان حفظ البييضات غير ملقحة للسحب منها ، يجب عند تلقيح البييضات الاقتصار على العدد المطلوب للزرع في كل مرة ، تفاديا لوجود فائض من البييضات الملقحة .

2- إذا حصل فائض من البييضات الملقحة - بأي وجه من الوجوه - تترك دون عناية طبية إلى أن تنتهي حياة ذلك الفائض على الوجه الطبيعي .

3- يحرم استخدام البييضة الملقحة في امرأة أخرى ، ويجب اتخاذ الاحتياطات الكفيلة بالحيلولة دون استعمال البييضة الملقحة في حمل غير مشروع "

انتهى من "مجلة مجمع الفقه الإسلامي" العدد 7 ج 3 ص 563.

وعليه ؛ فإن أمكن لنجاح العملية الاقتصار على تلقيح بييضتين فقط ، اكتفي بذلك ، ولم يجز الزيادة عليه منعاً لوجود الفائض ثم الحاجة للتخلص منه .

وإذا فرض وجود هذا الفائض فإنه يجوز إسقاطه قبل تمام أربعين يوماً من التلقيح ، لأن هذا الإسقاط يجوز للحاجة ، والحجة هنا موجودة ، حفاظاً على سائر الأجنة ، ودفعاً للخطر عن الأم إذا حملت بأكثر من اثنين .

وانظر جواب السؤال بعد السابق

ثالثا :

فيما يخص فتوى الأزهر ، وقفنا على فتوى للشيخ عطية صقر رحمه الله في جواز إسقاط الأجنة الفائضة ، إذا كان التلقيح خارج الرحم ، وهذا نصه : " السؤال التاسع

هناك طريقة حديثة أخرى تعتبر امتدادًا للطريقة السابقة وتأكيدًا لاحتمالاتها ، ويجرى ذلك بتلقيح عدة بويضات من الزوجة بحيوانات منوية من الزوج ، وتترك هذه فترة لتوالد الخلايا

ثم تؤخذ عينة منها وتحلل مكوناتها للتعرف على الكروموسومات ، وبذلك يتعرف الطبيب على مواصفات الجنين فى هذه المرحلة المبكرة ، وما إذا كانت ذكرا أو أنثى

ثم يوضع الجنين المطلوب فى رحم الزوجة لتحمل وتلد، وتترك الأجنَّة الأخرى فتموت ، فهل يعتبر هذا إجهاضا لتلك الأجنة الأخيرة ، رغم أن عمرها يكون عدة ساعات فقط ؟

والجواب: عرَّف العلماء الإجهاض بأنه إنزال الجنين من بطن أمه قبل تمام نموه الطبيعي ، وما دامت هذه البويضات الملقحة لم تكن في بطن المرأة فلا يصدق على التخلص منها معنى الإجهاض

وقد جاء ذلك مصرحا به في بعض أقوالهم "

انتهى من "فتاوى الأزهر".

ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لطاعته ، وأحبك الله الذي أحببتنا له .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2019-01-19, 18:10
هل يجوز وضع ماء الزوج وبويضة الزوجة في رحم الزوجة الثانية ؟

السؤال

( أحمد ) له زوجتان الأولى منهما لا تلد والثانية تلد بحمد الله ، وفي العصر الحاضر العلمي يستطيع الطبيب بفضل الله تعالى أن يضع بويضة الزوجة الثانية مع ماء الزوج في تيست تيوب

بيبي Teste-tube baby كي تختلطا وينشأ الولد نشوءا ابتدائيا ثم يضعها في رحم الزوجة التي لا تلد ليتربى الولد فيها حتى تضعه

هل هذا يجوز في ضوء الكتاب والسنة ؟

عض الناس يقول بجواز ذلك قياسا على الرضاعة ، أي : كما يجوز تغذية الولد من لبنها في حجرها ، كذلك يجوز أن يتغذى بدمها في رحمها .

الجواب

الحمد لله

هذه الطريقة من التلقيح ووضع البويضة مع مني الزوج في رحم الزوجة الأخرى : طريقة غير شرعية

وقد ذهب إلى تحريمها جمع كبير من العلماء ، وقد صدر فيها قراران من مجلس مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي ، ومن مجلس الفقه الإسلامي

التابع لرابطة العالم الإسلامي ، والذي كان يرى إباحة هذه الطريقة ثم تراجع عن إباحتها ، وإليك بعض ما جاء في القرارين :

1- قرار المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي :

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد من 8 إلى 13 صفر 1407 هـ ، 11 إلى 16 أكتوبر 1986 .

بعد استعراضه لموضوع التلقيح الصناعي " أطفال الأنابيب " ، وذلك بالاطلاع على البحوث المقدمة ، والاستماع لشرح الخبراء والأطباء ، وبعد التداول تبين للمجلس :

"أن طرق التلقيح الصناعي المعروفة في هذه الأيام هي سبع :

الأولى : أن يجرى تلقيح بين نطفة مأخوذة من زوج وبييضة مأخوذة من امرأة ليست زوجته ثم تزرع اللقيحة في رحم زوجته .

الثانية : أن يجرى التلقيح بين نطفة رجل غير الزوج وبييضة الزوجة ثم تزرع تلك اللقيحة في رحم الزوجة .

الثالثة : أن يجرى تلقيح خارجي بين بذرتي زوجين ثم تزرع اللقيحة في رحم امرأة متطوعة بحملها .

الرابعة : أن يجرى تلقيح خارجي بين بذرتي رجل أجنبي وبييضة امرأة أجنبية وتزرع اللقيحة في رحم الزوجة .

الخامسة : أن يجرى تلقيح خارجي بين بذرتي زوجين ثم تزرع اللقيحة في رحم الزوجة الأخرى .

السادسة : أن تؤخذ نطفة من زوج وبييضة من زوجته ويتم التلقيح خارجيا ثم تزرع اللقيحة في رحم الزوجة .

السابعة : أن تؤخذ بذرة الزوج وتحقن في الموضع المناسب من مهبل زوجته أو رحمها تلقيحا داخليّاً .

وقرر :

أن الطرق الخمسة الأول كلها محرمة شرعا وممنوعة منعا باتا لذاتها ، أو لما يترتب عليها من اختلاط الأنساب ، وضياع الأمومة ، وغير ذلك من المحاذير الشرعية .

أما الطريقان السادس والسابع فقد رأى مجلس المجمع أنه لا حرج من اللجوء إليهما عند الحاجة مع التأكيد على ضرورة أخذ كل الاحتياطات اللازمة " انتهى .

" مجلة المجمع " (3/1/423) .

2- قرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي:

"الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، وبعد :

فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته الثامنة المنعقدة بمقر رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة في الفترة من يوم السبت 28 ربيع الآخر 1405 هـ إلى يوم الاثنين 7 جمادى الأولى 1405 هـ الموافق 19 – 28 يناير 1985 م

قد نظر في الملاحظات التي أبداها بعض أعضائه حول ما أجازه المجمع في الفقرة الرابعة من البند الثاني

في القرار الخامس المتعلق بالتلقيح الصناعي وطفل الأنابيب الصادر في الدورة السابعة المنعقدة في الفترة ما بين 11 – 16 ربيع الآخر 1404 هـ ونصها :

" إن الأسلوب السابع الذي تؤخذ فيه النطفة والبويضة من زوجين وبعد تلقيحهما في وعاء الاختبار تزرع اللقيحة في رحم الزوجة الأخرى للزوج نفسه

حيث تتطوع بمحض اختيارها بهذا الحمل عن ضرتها المنزوعة الرحم : يظهر لمجلس المجمع أنه جائز عند الحاجة وبالشروط العامة المذكورة " .

وملخص الملاحظات عليها :

" إن الزوجة الأخرى التي زرعت فيها لقيحة بويضة الزوجة الأولى قد تحمل ثانية قبل انسداد رحمها على حمل اللقيحة من معاشرة الزوج لها في فترة متقاربة مع زرع اللقيحة ثم تلد توأمين ولا يعلم ولد اللقيحة من ولد معاشرة الزوج ،

كما لا تعلم أم ولد اللقيحة التي أخذت منها البويضة من أم ولد معاشرة الزوج ، كما قد تموت علقة أو مضغة أحد الحملين ولا تسقط إلا مع ولادة الحمل الآخر الذي لا يعلم أيضًا أهو ولد اللقيحة

أم حمل معاشرة ولد الزوج ، ويوجب ذلك من اختلاط الأنساب لجهة الأم الحقيقية لكل من الحملين والتباس ما يترتب على ذلك من أحكام ، وإن ذلك كله يوجب توقف المجمع عن الحكم في الحالة المذكورة " .

كما استمع المجلس إلى الآراء التي أدلى بها أطباء الحمل والولادة الحاضرين في المجلس والمؤيدة لاحتمال

وقوع الحمل الثاني من معاشرة الزوج في حاملة اللقيحة واختلاط الأنساب على النحو المذكور في الملاحظات المشار إليها .

وبعد مناقشة الموضوع وتبادل الآراء فيه قرر المجلس : سحب حالة الجواز الثالثة المذكورة في الأسلوب السابع المشار إليها من قرار المجمع الصادر في هذا الشأن في الدورة السابعة عام 1404 هـ " انتهى .

"قرارات المجمع الفقهي" (ص159-161) .

وعليه :

فلا يجوز أخذ ماء الزوج وبويضة الزوجة ووضع الخليط في رحم زوجةٍ أخرى له .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2019-01-19, 18:15
حكم إسقاط الجنين قبل الأربعين لئلا يتوالى الحمل

السؤال

امرأة اكتشفت أنها حامل لأسبوعها الثاني أو الثالث وهي مرضعة لولد في شهره الرابع، هل يجوز لها إسقاط الحمل لما قد يترتب عنه من ضرر لها (لتوالي الحملين بأربعة أشهر) ثم لولدها

في فترة الرضاع لكونها ستجبر على إيقاف الرضاع طيلة مدة الحمل .

الجواب

الحمد لله

أولا :

اختلف الفقهاء في حكم الإجهاض قبل الأربعين ، فذهب جماعة من الحنفية والشافعية وهو المذهب عند الحنابلة إلى جوازه .

قال ابن الهمام رحمه الله في "فتح القدير" (3/401):

" وهل يباح الإسقاط بعد الحبل ؟ يباح ما لم يتخلق شيء منه ، ثم في غير موضعٍ قالوا :

ولا يكون ذلك إلا بعد مائة وعشرين يوما , وهذا يقتضي أنهم أرادوا بالتخليق نفخ الروح وإلا فهو غلط ؛ لأن التخليق يتحقق بالمشاهدة قبل هذه المدة " انتهى .

وقال الرملي رحمه الله في "نهاية المحتاج" (8/443)

: " الراجح تحريمه بعد نفخ الروح مطلقا ، وجوازه قبله ".

وفي حاشية قليوبي (4/160) : " نعم ، يجوز إلقاؤه ولو بدواء قبل نفخ الروح فيه خلافا للغزالي " .
\
وقال المرداوي رحمه الله في "الإنصاف" (1/386) :

" يجوز شرب دواء لإسقاط نطفة . ذكره في الوجيز ، وقدمه في الفروع . وقال ابن الجوزي في أحكام النساء

: يحرم . وقال في الفروع : وظاهر كلام ابن عقيل في الفنون : أنه يجوز إسقاطه قبل أن ينفخ فيه الروح وقال : وله وجه انتهى ".

وقال ابن رجب الحنبلي في "جامع العلوم والحكم" : ورُوي عن رفاعة بن رافع قال : جلس إليَّ عمر وعليٌّ والزبير وسعد في نفر مِنْ أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتذاكَروا العزلَ

فقالوا : لا بأس به ، فقال رجلٌ : إنَّهم يزعمون أنَّها الموؤدةُ الصُّغرى ، فقال علي : لا تكون موؤدةً حتَّى تمرَّ على التَّارات السَّبع : تكون سُلالةً من طين ، ثمَّ تكونُ نطفةً ، ثم تكونُ علقةً

ثم تكون مضغةً ، ثم تكونُ عظاماً ، ثم تكون لحماً ، ثم تكون خلقاً آخرَ ، فقال عمرُ : صدقتَ ، أطالَ الله بقاءك . رواه الدارقطني في "المؤتلف والمختلف".

ثم قال ابن رجب : " وقد صرَّح أصحابنا بأنَّه إذا صار الولدُ علقةً ، لم يجز للمرأة إسقاطُه ؛ لأنَّه ولدٌ انعقدَ ، بخلاف النُّطفة ، فإنَّها لم تنعقد بعدُ ، وقد لا تنعقدُ ولداً " انتهى .

وذهب المالكية إلى عدم الجواز مطلقا وهو قول لبعض الحنفية وبعض الشافعية وبعض الحنابلة ، قال الدردير في "الشرح الكبير" (2/266) :

" لا يجوز إخراج المني المتكون في الرحم ولو قبل الأربعين يوما، وإذا نفخت فيه الروح حرم إجماعا " انتهى .

ومن الفقهاء من قَيًّد الجواز بالعذر

وينظر : "الموسوعة الفقهية الكويتية" (2/57).

وجاء في قرار مجلس هيئة كبار العلماء :

"1- لا يجوز إسقاط الحمل في مختلف مراحله إلا لمبرر شرعي وفي حدود ضيقة جداً .

2- إذا كان الحمل في الطور الأول ، وهي مدة الأربعين يوماً وكان في إسقاطه مصلحة شرعية أو دفع ضرر جاز إسقاطه . أما إسقاطه في هذه المدة خشية المشقّة في تربية الأولاد

أو خوفاً من العجز عن تكاليف معيشتهم وتعليمهم أو من أجل مستقبلهم ، أو اكتفاء بما لدى الزوجين من الأولاد فغير جائز"

انتهى نقلاً من الفتاوى الجامعة (3/1055).

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (21/450) : "الأصل في حمل المرأة أنه لا يجوز إسقاطه في جميع مراحله إلا لمبرر شرعي ، فإن كان الحمل لا يزال نطفة وهو ما له أربعون يوماً فأقل

وكان في إسقاطه مصلحة شرعية أو دفع ضرر يتوقع حصوله على الأم - جاز إسقاطه في هذه الحالة

ولا يدخل في ذلك الخشية من المشقة في القيام بتربية الأولاد أو عدم القدرة على تكاليفهم أو تربيتهم أو الاكتفاء بعدد معين من الأولاد ونحو ذلك من المبررات الغير شرعية .

أما إن زاد الحمل عن أربعين يوماً حرم إسقاطه ، لأنه بعد الأربعين يوماً يكون علقة وهو بداية خلق الإنسان

فلا يجوز إسقاطه بعد بلوغه هذه المرحلة حتى تقرر لجنة طبية موثوقة أن في استمرار الحمل خطراً على حياة أمه ، وأنه يخشى عليها من الهلاك فيما لو استمر الحمل " انتهى .

والذي يظهر أنه لا حرج من إسقاط الحمل في الصورة المسؤول عنها إذا كان في ذلك ضرر يتوقع حصوله على الأم بتوالي الحمل ، أو ضرر حاصل على الرضيع .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2019-01-19, 18:22
حكم إسقاط الجنين الميت

السؤال

عندما زرت دكتورتي وكشفت علي قالت بأن الجنين لا نبض فيه ويجب أن تسقطيه لأنه ميت وعمرة شهرين ونصف

فما حكم شرب شي من الأعشاب ليسقط الجنين ، وهل علي ذنب حيال ذلك وهل يجب تسمية الجنين سواء كان ذكرا أو أنثى ، وهل يجب دفنه ؟

الجواب

الحمد لله

أولاً :

إذا ثبت موت الجنين في بطن أمه بإخبار الأطباء الثقات ، فلا حرج في إسقاطه ، ولا ذنب على الأم في ذلك .

ثانياً :

السقط إذا لم يتم له أربعة أشهر : فإنه لا يسمى ، ولا يعق عنه ، ولا يغسل ، ولا يصلى عليه ، ويدفن في أي مكان من الأرض ، لأنه قبل هذه المدة لم تنفخ فيه الروح .

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

أفيد سماحتكم بأن لي زوجة وقد رزقنا الله بستة أطفال والحمد لله ، وبعدهم حملت خمس مرات وتسقط في شهرين أو ثلاثة في المستشفى ، وكلما جاءها النزيف أذهب بها للمستشفى وأنومها

ويعملون لها عملية تنظيف ، ولا أدري ماذا يفعلون بالجنين ، وهل يجب دفنه أم لا وإذا كان علي شيء نحو دفنهم فأرجو إرشادي ، هل يجب علي تسميتهم ، وهل يجب علي تميمة لهم أم لا ؟

فأجابوا :

"إذا لم يتم له أربعة أشهر فإنه لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يسمى ولا يعق عنه ؛ لأنه لم ينفخ فيه الروح .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم "

انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (8/ 408) .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2019-01-19, 18:27
شركة التأمين تطالبه أن يشهد على الحادث الذي رآه لتعوض المتضرر

السؤال

وأنا مار في الطريق شاهدت حادث سيّارة ، والآن شركة التأمين تطالبني أن أدلي بما رأيت لكي يصرفوا للمتضرر مبلغاً من الأقساط الناتجة من الدفعة الشهرية له ، هل شهادتي حرام لما في التأمين من ربا ؟

الجواب

الحمد لله

التأمين التجاري محرم بجميع صوره لقيامه على الربا والميسر ، وقد سبق بيان هذا في جواب سابق

ثانياً :

لا حرج عليك في الإدلاء بشهادتك التي يترتب عليها معرفة الحادث والوقوف على الجاني والمجني عليه وما يتصل بذلك ؛ لأنها شهادة يتوصل بها إلى تحقيق العدل ورفع الضرر ، بل يلزمك ذلك إذا لم يكن ثمة شاهدان غيرك

لقوله تعالى : (وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) البقرة/283 .

قال ابن قدامة رحمه الله :

" وتحمّل الشهادة وأداؤها فرض على الكفاية ;

لقول الله تعالى : (وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا) ، وقال تعالى : (وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) .

وإنما خص القلب بالإثم ; لأنه موضع العلم بها , ولأن الشهادة أمانة ,

فلزم أداؤها , كسائر الأمانات . إذا ثبت هذا , فإن دعي إلى تحمل شهادة في نكاح أو دين أو غيره , لزمته الإجابة . وإن كانت عنده شهادة فدعي إلى أدائها لزمه ذلك ,

فإن قام بالفرض في التحمل أو الأداء اثنان , سقط عن الجميع , وإن امتنع الكل أثموا , وإنما يأثم الممتنع إذا لم يكن عليه ضرر , وكانت شهادته تنفع , فإن كان عليه ضرر في التحمل أو الأداء ,

أو كان ممن لا تقبل شهادته , أو يحتاج إلى التبذل في التزكية ونحوها , لم يلزمه ; لقول الله تعالى : (وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ) . وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا ضرر ولا ضرار ) .

ولأنه لا يلزمه أن يضر بنفسه لنفع غيره . وإذا كان ممن لا تقبل شهادته , لم يجب عليه ; لأن مقصود الشهادة لا يحصل منه .

وهل يأثم بالامتناع إذا وجد غيرُه ممن يقوم مقامه ؟ فيه وجهان : أحدهما , يأثم ; لأنه قد تعيّن بدعائه , ولأنه منهي عن الامتناع بقوله : (وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا) .

والثاني , لا يأثم ; لأن غيره يقوم مقامه , فلم يتعين في حقه , كما لو لم يدع إليها "

انتهى من "المغني" (10/154).

ولا يضرك دخول شركة التأمين في القضية والتزامها بتعويض المتضرر ، فإن المخطئ يلزمه التعويض

والمجني عليه يستحق ذلك ، ولا حرج عليه أن يأخذ التعويض من الجاني أو ممن التزم بالدفع عنه كشركة التأمين ، فشهادتك هي لإثبات أصل الحق ، ومعرفة الجاني من المجني عليه ، وصفة الجناية إن أمكن .

والواجب أداء هذه الشهادة بالعدل ، دون ميل لأحد المتخاصمين

كما قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) المائدة/8 .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2019-01-19, 18:29
حكم من مات بانقلاب سيارته وهو مطارد من الجهات الأمنية

السؤال

نحن ثلاثة أفراد، من إدارة مكافحة المخدرات، وكنا نؤدي عملنا في مركز للتفتيش على خط الجنوب بالاشتراك مع مجموعة من زملائنا في الشرطة والمرور، وجاءت إلينا سيارة بها شخصان

وطلبنا منهم الوقوف ولكن سائقها استمر في سيره ولم يقف، وقمنا نحن الثلاثة بمتابعة هذه السيارة، بأمر من رئيسنا المباشر، وامتدت المتابعة قرابة خمسة وخمسين كيلو

ونحن نسير خلف هذه السيارة وهي على مرأى منا، ووقع عليه حادث أثناء متابعتنا له، حيث انقلبت السيارة بعد نزولها عن الخط المسفلت، وتوفي السائق في الحال، وتوفي الراكب بعد محاولة إسعافه

عند وصوله للمستشفى، مع ملاحظة أننا لم نحتك بسيارتنا بالمذكورين، وتقرير المرور أفاد بأن الانقلاب بسبب انحراف السيارة عن الأسفلت وعودتها مرة أخرى للأسفلت، وقد صدر تقرير بحق السائق مفاده :

أنه وجد وفي دمه الكحول، وقد انتهى التحقيق في المعاملة وحفظت الأوراق منذ فترة ولم يصدر بحقنا شيء ، نأمل التكرم بإفتائنا نحن الثلاثة عما إذا كان علينا كفارة؟

الجواب

الحمد لله

"إذا كان الواقع كما ذكرتم فلا كفارة عليكم ؛ لأنكم إنما عملتم ما يلزمكم عمله لمصلحة المسلمين وحفظ الأمن، وفق الله الجميع، " انتهى .

"فتاوى الشيخ ابن باز" (22/357) .

*عبدالرحمن*
2019-01-19, 18:32
قتل الساحر قد يكون ردة وقد يكون حداً

السؤال

هل قتل الساحر ردة أو حداً ؟ .

الجواب

الحمد لله

"قتل الساحر قد يكون حداً، وقد يكون ردة بناءً على التفصيل في كفر الساحر ، فمتى حكمنا بكفره فقتله ردة، وإذا لم نحكم بكفره فقتله حد.

والسحرة يجب قتلهم سواءً قلنا بكفرهم أم لا، لعظم ضررهم ، وفظاعة أمرهم، فهم يفرقون بين المرء وزوجه، وكذلك العكس ، فهم قد يعطفون فيؤلفون بين الأعداء

ويتوصلون بذلك إلى أغراضهم، كما لو سحر امرأة ليزني بها، فيجب على ولي الأمر قتلهم بدون استتابة ما دام أنه حد؛ لأن الحد إذا بلغ الإمام، لا يستتاب صاحبه، بل يقام بكل حال.

أما الكفر فإنه يستتاب صاحبه، وبهذا نعرف خطأ من أدخل حكم المرتد في الحدود، وذكروا من الحدود حد الردة؛

لأن قتل المرتد ليس من الحدود ، لأنه إذا تاب انتفى عنه القتل، ثم إن الحدود كفارة لصاحبها ، وليس بكافر، والقتل بالردة ليس بكفارة وصاحبه كافر لا يصلى عليه، ولا يغسل ولا يدفن في مقابر المسلمين.

فالقول بقتل السَحَرَةِ موافق للقواعد الشرعية؛ لأنهم يسعون في الأرض فساداً، وفسادهم من أعظم الفساد، وإذا قُتِلوا سلم الناس من شرهم، وارتدع الناس عن تعاطي السحر" انتهى .

"مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد صالح العثيمين" (2/179) .

*عبدالرحمن*
2019-01-19, 18:40
حكم الإضراب عن الطعام

السؤال

ما حكم الامتناع عن الطعام لمدة محدودة أو غير محدودة , خاصة في السجن , حيث إن الامتناع عن الطعام هو الوسيلة الوحيدة أمام السجين للمناداة بحقوقه الإنسانية داخل السجن ؟

الجواب

الحمد لله

" الامتناع عن الطعام من أجل الاحتجاج إذا كان يضره أو يتسبب في هلاكه فإنه لا يجوز

, لقوله تعالى : ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) البقرة/195. وقوله تعالى : ( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) النساء/29 .

وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ ) .

أما إذا كان الامتناع عن الطعام لا يضره , وهو يؤدي إلى غرض مباح فلا بأس به ، إذا كان مظلوماً ويريد أن يتخلص به من الظلم " انتهى .

"المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان حفظه الله" (3/349)

*عبدالرحمن*
2019-01-19, 18:52
حكم إجهاض وحضانة الطفل المصابة أمه بالإيدز

السؤال

هل يجوز للأم المصابة بهذا المرض الإجهاض إذا حملت ، وهل لها حقّ في حضانة الولد ، وهل يجوز لأحد الزوجين فسخ النكاح إذا اكتشف إصابة الطّرف الآخر بالمرض ؟

الجواب

الحمد لله

أولاً : إجهاض الأم المصابة بعدوى مرض نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) :

نظراً لأن انتقال العدوى من الحامل المصابة بمرض نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) إلى جنينها لا تحدث غالباً إلا بعد تقدم الحمل - نفخ الروح في الجنين - أو أثناء الولادة ، فلا يجوز إجهاض الجنين شرعاً .

ثانياً : حضانة الأم المصابة بمرض نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) لوليدها السليم وإرضاعه :

لما كانت المعلومات الطبية الحاضرة تدل على أنه ليس هناك خطر مؤكد من حضانة الأم المصابة بعدوى مرض نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) لوليدها السليم

وإرضاعه له ، شأنها في ذلك شأن المخالطة والمعايشة العادية ، فإنه لا مانع شرعاً من أن تقوم الأم بحضانته ورضاعته ما لم يمنع من ذلك تقرير طبي .

ثالثاً : حق السليم من الزوجين في طلب الفرقة من الزوج المصاب بعدوى مرض نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) :

للزوجة طلب الفرقة من الزوج المصاب باعتبار أن مرض نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) مرض معد تنتقل عدواه بصورة رئيسية بالاتصال الجنسي .

مجمع الفقه الإسلامي ص 204-206

*عبدالرحمن*
2019-01-19, 18:59
و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

مع سلسلة جديدة

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين