تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : التوبة .. اصول العقيدة


*عبدالرحمن*
2018-11-15, 18:23
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


تقدمت مواضيع

أصول عقيدة أهل السنة والجماعة (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2153427)

الولاء والبراء (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2153762)

الشرك وأنواعه (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2153606)

السياسة الشرعية تعريف وتأصيل (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2155782)

الأنكحة الباطلة (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2156187)

مذاهب و فرق (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2156742)

أديان (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2158431)

مناقب التاريخ الاسلامي (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2159353)

العلم والدعوة (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2160223)

آداب طالب العلم (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2161814)

تربيه النفس (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2162070)

تربية الأولاد (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2162238)

المرأة ومكانتها في المجتمع (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2164903)
>>>

*عبدالرحمن*
2018-11-15, 18:27
الندم: ركن التوبة الأعظم.

السؤال

قررت التوبة ، حيث تركت المعصية ، وعزمت على عدم العودة ، إلا أني لم أجد الندم في قلبي ، فكيف أحصل الندم ، حيث من الصعب تحقيقه

لأن الندم ليس بفعل ، وليس في استطاعة المكلف ؛ لأنه انفعال لا فعل ، والانفعالات ليست بالاختيار، فما وجه التكليف بالندم ، وهو غير فعل للمكلف ، ولا مقدور عليه ؟ وهل ادعو الله أن يقدف الندم في قلبي ؟

الجواب

الحمد لله

شروط التوبة الصحيحة هي:

1 - الإقلاع عن الذنب.

2 - الندم على ما فات.

3 - العزم على عدم العودة إليه.

وإذا كانت التوبة من مظالم العباد في مال أو عرض أو نفس ، فتزيد شرطا رابعا، هو: التحلل من صاحب الحق ، أو إعطاؤه حقه.

والندم شرط رئيسي أو هو ركن التوبة الأعظم ، ولهذا قال الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (النَّدَمُ تَوْبَةٌ) وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجة" .

حتى قال بعض أهل العلم :

" يَكْفِي فِي التَّوْبَةِ تَحَقُّقُ النَّدَمِ ؛ فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ الْإِقْلَاعَ عَن الذنوب ، وَالْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ؛ فَهُمَا نَاشِئَانِ عَنِ النَّدَمِ لَا أَصْلَانِ مَعَهُ "
.
انظر: "فتح الباري" (13/ 471) .

وقال القاري رحمه الله:

" (النَّدَمُ تَوْبَةٌ) إِذْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا بَقِيَّةُ الْأَرْكَانِ مِنَ الْقَلْعِ وَالْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ، وَتَدَارُكِ الْحُقُوقِ مَا أَمْكَنَ.... وَالْمُرَادُ النَّدَامَةُ عَلَى فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا مَعْصِيَةٌ لَا غَيْرَ ".

انتهى من "مرقاة المفاتيح" (4/ 1637) .

ومعنى "الندم" هو الحزن ، أو شدة الحزن .

كما في "لسان العرب" (1/79) ، (6/4386) .

فإنه فسَّر "الندم" بالأسف ، ثم فسَّر الأسف بالحزن أو المبالغة في الحزن .

وفي كلام القاري السابق فسَّر الندم بأنه "الندامة -أي : الحزن - على فعل المعصية من حيث إنها معصية لا غير" .
ومعنى هذا : أن كل من حزن لكونه فعل المعصية ، فقد حصل منه الندم المقصود في التوبة .

فإذا كان هذا الندم صادقا فإن العاصي سوف يترك المعصية ، ويعزم على عدم فعلها مرة أخرى ، وبهذا تكمل التوبة وتتحقق شروطها كلها .

وعلى هذا ؛ فكل من ترك المعصية لكونها معصية لله تعالى – أي خوفا من الله وطاعة له- وكره وقوعه فيها ،

ومعصيته لرب العالمين ، وأحب أن لو كان قد أطاع الله ، بدلا من معصيته ، وعزم على عدم فعلها : فقد حصل منه الندم قطعا ، وهو الذي حمله على ترك المعصية .

قال الغزالي رحمه الله في "إحياء علوم الدين" (4/4) :

"اعلم أن التوبة عبارة عن معنى ينتظم ويلتئم من ثلاثة أمور مرتبة: علم، وحال، وفعل.

فالعلم الأول ، والحال الثاني ، والفعل الثالث.

والأول موجب للثاني ، والثاني موجب للثالث ، إيجاباً اقتضاه اطراد سنة الله في الملك والملكوت.

أما العل م، فهو معرفة عظم ضرر الذنوب ، وكونها حجاباً بين العبد وبين كل محبوب .

فإذا عرف ذلك معرفة محققة ، بيقين غالب على قلبه : ثار من هذه المعرفة تألم للقلب بسبب فوات المحبوب، فإن القلب مهما شعر بفوات محبوبه : تألَّم

فإن كان فواته بفعله ، تأسف على الفعل المُفَوِّت، فيسمى تألمه بسبب فعله المفوت لمحبوبه ندماً .

فإذا غلب هذا الألم على القلب واستولى ، انبعث من هذا الألم في القلب حالة أخرى تسمى إرادة وقصداً إلى فعل له تعلق بالحال والماضي وبالاستقبال .

أما تعلقه بالحال ، فبالترك للذنب الذي كان ملابساً .

وأما بالاستقبال ، فبالعزم على ترك الذنب المفوت للمحبوب إلى آخر العمر .

وأما بالماضي ، فبتلافي ما فات بالجبر والقضاء ، إن كان قابلاً للجبر .

... فالعلم والندم والقصد المتعلق بالترك في الحال والاستقبال والتلافي للماضي ثلاثة معان مرتبة في الحصول، فيطلق اسم التوبة على مجموعها .

وكثيراً ما يطلق اسم التوبة على معنى الندم وحده ، ويجعل العلم كالسابق والمقدمة ، والترك كالثمرة والتابع المتأخر، وبهذا الاعتبار قال عليه الصلاة والسلام: (الندم توبة) إذ لا يخلو الندم عن علم أوجبه وأثمره

وعن عزم يتبعه ويتلوه، فيكون الندم محفوفاً بطرفيه ، أعني ثمرته ومُثْمِره" انتهى .

وقال أيضا (3/144) :

"والخوف إذا كان من فعل ماض أورث الندم ، والندم يورث العزم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الندم توبة)" انتهى .

وبهذا يتبين أن تركك للمعصية وعزمك على عدم العودة إليها دليل على حصول الندم في قلبك .

فدع عنك هذه الوساوس الشيطانية التي يريد الشيطان من ورائها أن يوهمك بأنك لم تتب ، أو أن التوبة مستحيلة ، أو أنك لن تقدر عليها ، فيوقعك ذلك في القنوط واليأس وتظن أن باب التوبة قد أغلق دونك .

نسأل الله تعالى أن يعيذنا جميعا من الشيطان الرجيم ، وأن يوفقنا للتوبة النصوح .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-11-15, 18:29
التوبة

السؤال

عملت ذنوباً كثيرة لا يعلمها إلا الله فماذا علي أن افعل حتى يتوب الله عليّ ؟.

الجواب

الحمد لله

يضعف إيمان المسلم ويغلبه الهوى .. ويزين له الشيطان المعصية .. فيظلم نفسه .. ويقع فيما حرم الله .. والله لطيف بالعباد .. ورحمته وسعت كل شيء .

. فمن تاب بعد ظلمه فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم .. ( فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم ) المائدة/39.

والله عفو كريم .. أمر جميع المؤمنين بالتوبة النصوح ليفوزوا برحمة الله وجنته فقال : ( يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ) التحريم/8.

وباب التوبة مفتوح للعباد , حتى تطلع الشمس من مغربها , قال عليه الصلاة والسلام : ( إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ) رواه مسلم برقم 2759.

والتوبة النصوح ليست كلمة تقال باللسان ..

بل يشترط في قبول التوبة أن يقلع صاحبها عن الذنب فوراً .

. ويندم على ما فات .

. ويعزم على أن لا يعود إلى ما تاب منه .. وأن يرد المظالم أو الحقوق إن كانت لأهلها ..

وأن تكون التوبة قبل معاينة الموت .

.قال تعالى : ( إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً -

وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً ) النساء / 17 -18 .

والله تواب رحيم يدعو أصحاب الذنوب إلى التوبة , ليغفر لهم ( كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءاً بِجَهَالَةٍ ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم ) الأنعام / 54.

والله رؤوف بالعباد يحب التائبين .. ويقبل توبتهم كما قال سبحانه ( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون ) الشورى/25 .

وقال سبحانه : ( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ) البقرة / 222.

والكافر إذا أسلم .. يبدل الله سيئاته حسنات .. ويغفر له ما سلف من ذنوب كما قال سبحانه ( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) الأنفال/38.

والله غفور رحيم يحب التوبة من عباده , ويأمرهم بها ليغفر لهم .. وشياطين الإنس والجن يريدون أن يميلوا بالناس من الحق إلى الباطل

كما قال سبحانه : ( والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً ) النساء / 27.

ورحمة الله وسعت كل شيء .. فإذا عظمت ذنوب العبد .. وأسرف على نفسه في المعاصي ,

والآثام , ثم تاب .. فإن الله يتوب عليه .. ويغفر ذنوبه مهما بلغت كما قال سبحانه : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم ) الزمر/53.

وقال عليه الصلاة والسلام ( ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا , حين يبقى ثلث الليل الآخر , فيقول من يدعوني فأستجيب له , من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له ) رواه البخاري (1077) ومسلم(758) .

والنفس ضعيفة .. فإذا أذنب الإنسان فعليه بالتوبة والاستغفار كل حين فإن الله غفور رحيم وهو القائل : ( ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً ) النساء /110.

والمسلم عُرضة للأخطاء والمعاصي .. فينبغي له الإكثار من التوبة والاستغفار .. قال عليه الصلاة والسلام ( والله إني لأستغفر الله , وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ) رواه البخاري برقم 6307.

والله يحب من عبده التوبة , ويقبلها , بل يفرح بها كما قال النبي عليه الصلاة والسلام ( لَلَّه أفرح بتوبة عبده من أحدكم , سقط على بعيره , وقد أضله في أرض فلاة ) متفق عليه أخرجه البخاري برقم 6309.

كتاب أصول الدين الإسلامي تأليف الشيخ : محمد بن ابراهيم التويجري

*عبدالرحمن*
2018-11-15, 18:31
كيف أتخلص من المعاصي

السؤال

سؤالي هو كيف أتخلص من المعاصي ، أنا أعرف الخطأ والصواب في الإسلام؟

الجواب

الحمد لله

إن الله سبحانه وتعالى حين حرَّم على العبد المعاصي لم يتركه سُدى ، بل أمدَّه عز وجل بما يعينه على تركها ، ومن الوسائل المعينة على ذلك :

1- تقوية الإيمان بالله عزَّ وجل والخوف منه .

2- مراقبة الله عزَّ وجل واستحضار أنه مع العبد ، وأنه يراه ، وأن كل ما يعمل مُسجَّل عليه .

3- أن يقارن بين اللذة العاجلة للمعصية والتي سرعان ما تنتهي ، وبين عقوبة العاصي يوم القيامة ، وجزاء من امتنع من المعصية .

4- أن يبتعد عن الوسائل التي تعينه على المعصية : كالنظر الحرام ، وأصدقاء السوء ، وارتياد أماكن المعاصي .

5- أن يحرص على مجالسة الصالحين وصحبتهم .

الشيخ محمد بن عبد الله الدويش

*عبدالرحمن*
2018-11-15, 18:33
الفرق بين التوبة والاستغفار

السؤال

ما الفرق بين التوبة والاستغفار ؟.

الجواب

الحمد لله

التوبة : تتضمن أمراً ماضياً وحاضراً ومستقبلاً ، فالندم على الماضي والإقلاع عن الذنب في الحاضر والعزم على عدم العودة في المستقبل .

والاستغفار : طلب المغفرة ، وأصله : ستر العبد فلا ينفضح ، ووقايته من شر الذنب فلا يًعاقب عليه

فمغفرة الله لعبده تتضمن أمرين : ستره فلا يفضحه ، ووقايته أثر معصيته فلا يؤاخذ عليها ، وبهذا يعلم أن بين الاستغفار والتوبة فرقاً

فقد يستغفر العبد ولم يتب كما هو حال كثير من الناس ، لكن التوبة تتضمن الاستغفار .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-11-15, 18:36
هل من نتائج الذنوب العقوبة من الله

السؤال

قرأت أن من نتائج الذنوب العقوبة من الله ومحق البركة ، فبكيت خوفاً من ذلك أرشدوني ؟.

الجواب

الحمد لله

لا شك أن اقتراف الذنوب من أسباب غضب الله عز وجل ومن أسباب محق البركة وحبس الغيث ، وتسليط الأعداء كما قال سبحانه : ( ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون ) الأعراف/30

وقال سبحانه : ( فكلاً أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) العنكبوت/40

والآيات في هذا المعنى كثيرة ، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال

: ( وإن العبد ليُحرم الرزق بالذنب يصيبه ) فالواجب على كل مسلم ومسلمة الحذر من الذنوب والتوبة مما سلف منهما مع حسن الظن بالله ورجائه سبحانه المغفرة والخوف من غضبه وعقابه

كما قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم عن عباده الصالحين : ( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين ) الأنبياء/90

وقال سبحانه وتعالى : ( أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذوراً ) الأسراء/57

وقال عز وجل : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويُطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم ) التوبة/71

ويُشرع للمؤمن والمؤمنة مع ذلك الأخذ بالأسباب التي أباح الله عز وجل وبذلك يجمع بين الخوف والرجاء والعمل بالأسباب متوكلاً على الله سبحانه معتمد عليه في حصول المطلوب والسلامة من المرهوب

والله سبحانه هو الجواد الكريم القائل عز وجل : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ) الطلاق/2-3 ، والقائل سبحانه : ( ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً ) الطلاق/4

وهو القائل سبحانه : ( وتوبوا إلى الله جميعاً أيه المؤمنون لعلكم تُفلحون ) النور/31 فالواجب عليك أيتها الأخت في الله التوبة إلى الله سبحانه مما سلف من الذنوب

والاستقامة على طاعته مع حسن الظن به عز وجل والحذر من غضبه وابشري بالخير الكثير والعاقبة الحميدة .

: الشيخ عبد العزيز بن باز في الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة ج/3 ص 1136

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-11-16, 18:06
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


يتوب ثم يعود للذنب

السؤال

إن مشكلتي النظر إلى المحرمات وأتوب ثم أرجع وعلى هذه الحال ولا أدري ما الذي يجبرني على هذا العمل ؟.

الجواب

الحمد لله

أيها المسلم .. لقد خلقنا الله لأمر عظيم ألا وهو عبادته وحده لا شريك له

فقال تعالى : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون فواجب على كل مسلم أن يجتهد في عبادة ربه ومولاه بقدر استطاعته لا يكلف الله نفساً إلا وسعها .

ولكن لما كان الإنسان ضعيفاً ، محاطاً بالأعداء من كل جانب .. فبين جنبيه نفسٌ أمارة بالسوء .. والشيطان يجري منه مجرى الدم .. ويعيش في دنياً تتزين له ، فكيف يسلم من هؤلاء الأعداء إن لم يرحمه الله .

ومع هذا وذاك فقد حُفت النار بالشهوات وحفت الجنة بالمكاره ، فوجب على الإنسان أن يلجأ إلى الله ليعينه على ذكره وشكره وحسن عبادته

فهذا أبو بكر جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم :

عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاتِي ، قَالَ قُلْ اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي إِنَّك أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " رواه البخاري (834) ومسلم (2705) .

فتأمل هذا الحديث كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد أبا بكر الصديق الذي هو خير الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يقول :

" اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيرا " فإذا كان أبو بكر يقول هذا القول – وهو خير الناس – فماذا نقول نحن ؟!! اللهم ارحمنا برحمتك .

وهذا صحابي آخر من فقهاء الصحابة وخيارهم – وهو معاذ بن جبل –

رضي الله عنه يقول له النبي صلى الله عليه وسلم : " إِنِّي لأُحِبُّكَ يَا مُعَاذُ ( فقال معاذ ) وَأَنَا أُحِبُّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلا تَدَعْ أَنْ تَقُولَ فِي كُلِّ صَلاةٍ رَبِّ أَ

عِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ " رواه النسائي (1303) وصححه الألباني في صحيح النسائي (1236) .

فتأمل هذه الوصية من النبي صلى الله عليه وسلم لحبيبٍ من أحبابه رضي الله عنه كيف أرشده إلى طلب المعونة من الله في أداء العبادة ؛ لأن الإنسان إن حرم العون من الله فإنه محروم :

إذا لم يكن عونٌ من الله للفتى
فأول ما يجني عليه اجتهاده

فعلينا أن نلتجئ إلى الله ، وأن نطلب منه العون على ما أمرنا به .

ثم إنه لما كان النقص مستولياً على جملة البشر شرع الله لنا التوبة من جميع الذنوب والخطايا فقال تعالى :

وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون النور / 31 .

وقال سبحانه – على لسان نبي من أنبياءه - : استغفروا ربكم ثم توبوا إليه هود / 3 .

وقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ) التحريم / 8 .

" فعلق سبحانه تكفير السيئات ودخول الجنات في هذه الآية بالتوبة النصوح ، وهي التي اشتملت على ترك الذنوب والحذر منها

والندم على ما سلف منها ، والعزم الصادق على أن لا يعود فيها تعظيما لله سبحانه ورغبة في ثوابه وحذرا من عقابه "

انتهى من كلام الشيخ عبد العزيز ابن باز من مجموع الفتاوى (العقيدة -

القسم الثاني ص640)

وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَاللَّهِ إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً " رواه البخاري (6307) .

وعَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ سَمِعْتُ الأَغَرَّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ " رواه مسلم (2702) .

فهذه الأدلة قد تضمنت الحث على التوبة إلى الله تعالى ، وهذا إمام التائبين- رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يتوب إلى الله في اليوم مائة مرة ، فنحن أولى بالإكثار من التوبة لكثرة الذنوب ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وأما قولك أيها المسلم .. بأنك تتوب ثم تعود ثم تتوب ثم تعود .

. فنقول لك ولو عدت إلى الذنب مراتٍ ومرات فأكثر من التوبة وأرغم شيطانك الذي يتربص بك الدوائر واعلم بأن الله " يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار

ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها " رواه مسلم (2759) .

وباب التوبة مفتوح فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ " رواه مسلم ( 2703 ) .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله عز وجل يقبل توبة العبد ما لم يغرغر " رواه الترمذي وحسنه الألباني في صحيح الترمذي ( 2802 )

ولكن اعلم أيها المسلم بأن للتوبة شروطاً لا بد من توافرها في التوبة حتى تكون توبةً شرعية وهذه الشروط تجدها

مبسوطة في السؤالين القادمين

وختاماً نوصيك بمجاهدة نفسك الأمارة بالسوء والاستعاذة بالله من شرها وشر الشيطان الرجيم فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ من شر نفسه وشر الشيطان وشركه

كما في الحديث : ( أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه )(صححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 2753) .

ثم عليك بالابتعاد عن أسباب المعصية فقد حذر الله من الاقتراب من الزنا كما في قوله : ( ولا تقربوا الزنا ) ويكون ذلك بالبعد عن الأسباب الموصلة إلى الزنا .

والزم التضرع إلى الله والإلحاح عليه بالدعاء أن يوفقك ويكفر ذنبك ويرزقك التقوى .

نسأل الله أن يمن علينا جميعاً بالتوبة النصوح والحمد لله رب العالمين .







.

*عبدالرحمن*
2018-11-16, 18:07
انتكس بعد توبته

السؤال

تربيت في بيت عائلتي المسلمة الملتزمة في الغرب ، مع الأسف في سن المراهقة سمحت لنفسي أن يقودها الشيطان واقترفت العديد من الذنوب خلال سنوات حتى أنني خرجت عن الإسلام.

حاولت التوبة والعودة خلال السنتين الماضيتين ، أديت أركان الإسلام الخمسة جميعها وتصدقت بكرم وشاركت في الدعوة وساعدت المسلمين ، أحسن معاملة زوجتي ووالداي.

مع ذلك فإن قلبي يتردد كثيرا ، بعض الأحيان أكون مقتنع جدا بالحق ولكن في الغالب أنا صم بكم اكتشف كثيراً أن قلبي مغرور جداً ، ذنوب وكره للحق.

حاولت كثيراً أن أكبت هذه الأحاسيس السلبية ولكنني لم أستطع أن أتجاوزها. أريد أن أصبح مسلم ثانية ولكنني حاليا في موقف سلمت نفسي فيه لحياة الطاغوت.

قرأت كتباً لا عد لها واستمعت لمحاضرات كثيرة ولكن بدون جدوى.أريد أن أنجح في هذه الحياة وأنجو من النار. ما الذي أستطيع أن أفعله ؟ هل يجب أن أقول الشهادة مرة أخرى ؟

أرجو أن تساعدني .

الجواب

الحمد لله

سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى السؤال التالي

أنا شاب قد أسرفت على نفسي في المعاصي كثيرا ، حتى أنني لا أصلي في المسجد ولم أصم رمضان كاملا في حياتي ، وأعمل أعمالا قبيحة أخرى

وكثيرا ما عاهدت نفسي على التوبة ، ولكني أعود إلى المعصية وأنا أصاحب شبابا في حينا ليسوا مستقيمين تماما ، كما أن أصدقاء إخواني كثيرا ما يأتوننا في البيت وهم أيضا ليسوا صالحين

ويعلم الله أنني أسرفت على نفسي كثيرا في المعاصي وعملت أعمالا شنيعة ، ولكنني كلما عزمت على التوبة أعود مرة ثانية كما كنت . أرجو أن تدلوني على طريق يقربني إلى ربي ويبعدني عن هذه الأعمال السيئة .

فأجاب رحمه الله تعالى : يقول الله عز و جل : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم )

سورة الزمر أجمع العلماء أن هذه الآية الكريمة نزلت في شأن التائبين ، فمن تاب من ذنوبه توبة نصوحا غفر الله له ذنوبه جميعا لهذه الآية الكريمة

ولقوله سبحانه : ( يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ) ، سورة التحريم

فعلق سبحانه تكفير السيئات ودخول الجنات في هذه الآية بالتوبة النصوح ، وهي التي اشتملت على ترك الذنوب والحذر منها ، والندم على ما سلف منها

والعزم الصادق على أن لا يعود فيها تعظيما لله سبحانه ورغبة في ثوابه وحذرا من عقابه .

ومن شرائط التوبة النصوح رد المظالم إلى أهلها أو تحللهم منها إذا كانت المعصية مظلمة في دم أو مال أو عرض

وإذا لم يتيسر استحلال أخيه من عرضه دعا له كثيرا وذكره بأحسن أعماله التي يعلمها عنه في المواضع التي اغتابه فيها ، فإن الحسنات تكفر السيئات

وقال سبحانه : ( وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) سورة النور، فعلق عز وجل في هذه الآية الفلاح بالتوبة ، فدل ذلك على أن التائب مفلح سعيد

وإذا أتبع التائب توبته بالإيمان والعمل الصالح محا الله سيئاته وأبدلها حسنات ، كما قال سبحانه في سورة الفرقان لما ذكر الشرك والقتل بغير حق والزنا

: ( ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب و آمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ) سورة الفرقان .

ومن أسباب التوبة الضراعة إلى الله سبحانه وسؤاله الهداية و التوفيق وأن يمن عليك بالتوبة وهو القائل سبحانه : ( ادعوني أستجب لكم ) غافر

وهو القائل عز و جل : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ) سورة البقرة .

ومن أسباب التوبة أيضا والاستقامة عليها صحبة الأخيار والتأسي بهم في أعمالهم الصالحة والبعد عن صحبة الأشرار وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال

: ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) وقال عليه الصلاة والسلام : ( مثل الجليس الصالح كصاحب المسك إما أن يحذيك - أي يهديك هدية

- وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ، ومثل الجليس السوء كنافخ الكير : إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة ) . مجموع فتاوى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز ، فتاوى العقيدة القسم الثاني ص640 .

أما بالنسبة لتجديد إسلامك فإن كنت فعلت ما يُخرجك عن الإسلام بالكلية فعليك بنطق الشهادتين والدّخول في دين الإسلام الذي خرجت منه وإن كان ما فعلته ذنوبا

وكبائر لا تُخرجك من ملة الإسلام فتكفيك التوبة بشروطها كما تقدّم ، واحذر اليأس من رحمة الله واسلك سُبُل النجاة ، وفقنا الله وإياك لكل خير ، وصلى الله على نبينا محمد .

نسأل الله عز و جل أن يمن علينا وعليك بالتوبة النصوح وأن يتجاوز عنا وعنك وأن يفرج عنك ما أنت فيه وأن يجمعنا وإياك في جنات النعيم إخوانا على سرر متقابلين آمين .

: الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-11-16, 18:07
شاب فعل جميع المحرمات ويريد التوبة

السؤال

انا شاب فاسق وكافر اريد ان اتوب الى الله كنت افعل جميع المحرمات ولا اصلي والان اريد التوبه فارجوا من الشيخ ان يدلني على طريق التوبة ؟.

الجواب

الحمد لله

( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ )الزمر/53-54 .

لقد وصلني سؤالك وأعجبني فيه حرصك على التوبة والعودة إلى الله بالرغم من فعلك جميع المحرمات كما قلت وعلى رأس ذلك تركك للصلاة

ومن المهم جداً أن تعلم أيها الشاب الحريص أن باب التوبة مفتوح بالنسبة لك وأن تتأمل جيداً ما هو مذكور في الآيتين السابقتين وأنا سأذكر لك خطوات عملية تبين لك بوضوح كيفية التوبة بإذن الله تعالى :

كلمة التوبة كلمة عظيمة ، لها مدلولات عميقة ، لا كما يظنها الكثيرون ، ألفاظ باللسان ثم الاستمرار على الذنب ، وتأمل قوله تعالى : ( وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه ) هود /3 تجد أن التوبة هي أمر زائد على الاستغفار .

ولأن الأمر العظيم لابد له من شروط ، فقد ذكر العلماء شروطاً للتوبة مأخوذة من الآيات والأحاديث ، وهذا ذكر بعضها :

الأول : الإقلاع عن الذنب فوراً .

الثاني : الندم على ما فات .

الثالث : العزم على عدم العودة .

الرابع : إرجاع حقوق من ظلمهم ، أو طلب البراءة منهم .

ولا تنسى أموراً أخرى مهمة في التوبة النصوح ومنها :

الأول : أن يكون ترك الذنب لله لا لشيء آخر ، كعدم القدرة عليه أو على معاودته ، أو خوف كلام الناس مثلاً .

فلا يسمى تائباً من ترك الذنوب لأنها تؤثر على جاهه وسمعته بين الناس ، أو ربما طرد من وظيفته .

ولا يسمى تائباً من ترك الذنوب لحفظ صحته وقوته ، كمن ترك الزنا أو الفاحشة خشية الأمراض الفتاكة المعدية ، أو أنها تضعف جسمه وذاكرته .

ولا يسمى تائباً من ترك أخذ الرشوة لأنه خشي أن يكون معطيها من هيئة مكافحة الرشوة مثلاً .

ولا يسمى تائباً من ترك شرب الخمر وتعاطي المخدرات لإفلاسه .

وكذلك لا يسمى تائباً من عجز عن فعل معصية لأمر خارج عن إرادته ، كالكاذب إذا أصيب بشلل أفقده النطق ، أو الزاني إذا فقد القدرة على الوقاع ، أو السارق إذا أصيب بحادث أفقده أطرافه

بل لابد لمثل هذا من الندم والإقلاع عن تمني المعصية أو التأسف على فواتها ولمثل هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( الندم توبة ) رواه أحمد وابن ماجه ، صحيح الجامع 6802 .

الثاني : أن تستشعر قبح الذنب وضرره .

وهذا يعني أن التوبة الصحيحة لا يمكن معها الشعور باللذة والسرور حين يتذكر الذنوب الماضية ، أو أن يتمنى العودة لذلك في المستقبل .

وقد ساق ابن القيم رحمه الله في كتابه الداء والدواء والفوائد أضراراً كثيرة للذنوب منها :

حرمان العلم - والوحشة في القلب - وتعسير الأمور - ووهن البدن - وحرمان الطاعة - ومحق البركة - وقلة التوفيق - وضيق الصدر - وتولد السيئات - واعتياد الذنوب -

وهوان المذنب على الله - وهوانه على الناس - ولعنة البهائم له - ولباس الذل - والطبع على القلب والدخول تحت اللعنة - ومنع إجابة الدعاء - والفساد في البر والبحر- وانعدام الغيرة

- وذهاب الحياء - وزوال النعم - ونزول النقم - والرعب في قلب العاصي - والوقوع في أسر الشيطان - وسوء الخاتمة - وعذاب الآخرة .

وهذه المعرفة لأضرار الذنوب تجعلك تبتعد عن الذنوب بالكلية ، فإن بعض الناس قد يعدل عن معصية إلى معصية أخرى لأسباب منها :

أن يعتقد أن وزنها أخف .

لأن النفس تميل إليها أكثر ، والشهوة فيها أقوى .

لأن ظروف هذه المعصية متيسرة أكثر من غيرها ، بخلاف المعصية التي تحتاج إلى إعداد وتجهيز ، وأسبابها حاضرة متوافرة .

لأن قرناءه وخلطاؤه مقيمون على هذه المعصية ويصعب عليه أن يفارقهم .

لأن الشخص قد تجعل له المعصية المعينة جاهاً ومكانة بين أصحابه فيعز عليه أن يفقد هذه المكانة فيستمر في المعصية .

الثالث : أن تبادر إلى التوبة ، ولذلك فإن تأخير التوبة هو في حد ذاته ذنب يحتاج إلى توبة .

الرابع : استدرك ما فاتك من حق الله إن كان ممكناً ، كإخراج الزكاة التي منعتها في الماضي ولما فيها من حق الفقير كذلك .

الخامس : أن تفارق موضع المعصية إذا كان وجودك فيها قد يوقعك في المعصية مرة أخرى .

السادس : أن تفارق من أعانك على المعصية .

والله يقول : ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) الزخرف /67 .

وقرناء السوء سيلعن بعضهم بعضاً يوم القيامة ، ولذلك عليك أيها التائب بمفارقتهم ونبذهم ومقاطعتهم

والتحذير منهم إن عجزت عن دعوتهم ولا يستجرينك الشيطان فيزين لك العودة إليهم من باب دعوتهم وأنت تعلم أنك ضعيف لا تقاوم .

وهناك حالات كثيرة رجع فيها أشخاص إلى المعصية بإعادة العلاقات مع قرناء الماضي .

السابع : إتلاف المحرمات الموجودة عندك مثل المسكرات وآلات اللهو كالعود والمزمار ، أو الصور والأفلام المحرمة والقصص الماجنة والتماثيل ، وهكذا فينبغي تكسيرها وإتلافها أو إحراقها .

ومسألة خلع التائب على عتبة الاستقامة جميع ملابس الجاهلية لابد من حصولها ، وكم من قصة كان فيها إبقاء هذه المحرمات عند التائبين سبباً في نكوصهم ورجوعهم عن التوبة وضلالهم بعد الهدى، نسأل الله الثبات .

الثامن : أن تختار من الرفقاء الصالحين من يعينك على نفسك ويكون بديلاً عن رفقاء السوء وأن تحرص على حلق الذكر ومجالس العلم وتملأ وقتك بما يفيد حتى لا يجد الشيطان لديك فراغاً ليذكرك بالماضي .

التاسع : أن تعمد إلى البدن الذي ربيت بالسحت فتصرف طاقته في طاعة الله وتتحرى الحلال حتى ينبت لك لحم طيب .

العاشر : الاستكثار من الحسنات فإن الحسنات يذهبن السيئات

وإذا صدقت مع الله في التوبة فأبشر بانقلاب جميع سيئاتك السابقة إلى حسنات ، قال تعالى : ( والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولايقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً

يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً ، إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً )

أسأل الله أن ينفعك بهذه الكلمات ، وأن يهدي قلبك فقم الآن وتلفظ بالشهادتين وتطهر وصل كما أمرك الله ، وحافظ على الواجبات واترك المحرمات وسأكون سعيداً بمساعدتك حالما تحتاج إلى أي أمر آخر .

واسأل الله أن يوفقنا وإياك لما يحب ويرضى وأن يتوب علينا أجمعين أنه هو التواب الرحيم .

: الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-11-16, 18:08
التوبة من القمار

السؤال

لعبت القمار كثيراً فكيف أتوب منه ؟.

الجواب

الحمد لله

عليك الإقلاع فوراً عن القمار وترك أصحابه ومحلاته وأدواته والندم على ما فات والعزم أن لا تعود وأن تتصدق لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال

: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من حلف فقال في حلفه : واللات والعزى فليقل لا إله إلا الله ، ومن قال لصاحبه : تعال أقامرك فليتصدق ) .

قال النووي :

قال العلماء : أمر بالصدقة تكفيراً لخطيئته في كلامه بهذه المعصية

وقال الخطابي :

معناه فليتصدق بمقدار ما أمر أن يقامر به .

قال النووي :

والصواب الذي عليه المحققون -

وهو ظاهر الحديث - أنه لا يختص بذلك المقدار ، بل يتصدق بما تيسر مما ينطلق عليه اسم الصدقة ، ويؤيده رواية : ( فليتصدق بشيء) .

الموسوعة الفقهية - ج/39 ، ص 407

*عبدالرحمن*
2018-11-16, 18:10
توبة مريض الإيدز

السؤال

إنسان أصيب بمرض الإيدز وقرر الأطباء أن عمره في هذه الحياة قصير جداً ، فما الحكم في توبته في هذا الوقت ؟

الجواب

الحمد لله

عليه أن يبادر إلى التوبة ، ولو في لحظات الموت

لأن باب التوبة مفتوح مهما كان ما دام عقله معه ، وعليه أن يبادر بالتوبة والحذر من المعاصي ولو قالوا له أن عمرك قصير فالأعمار بيد الله ، وقد يخطئ ظنهم فيعيش طويلاً

وعلى كل تقدير فالواجب البدار بالتوبة والصدق في ذلك حتى يتوب الله عليه

لقول الله سبحانه وتعالى : ( وتوبوا إلى الله جميعاً أيه المؤمنون لعلكم تفلحون ) النور/31

وقوله سبحانه : ( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى ) طه /82، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ) والمعنى ما لم يتغرغر بها الإنسان ويزول شعوره .

والله المستعان .

مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/9 ص / 437

*عبدالرحمن*
2018-11-16, 18:11
توبة تارك الصلاة

السؤال

كنت ردحا من عمري لا أصلي وقد تبت إلى الله في هذه السنين المتأخرة وانتظمت في أداء الصلاة ، فما الحكم فيما مضى من عمري بلا صلاة

الجواب

الحمد لله

اذكر نعمة الله عليك بأن ردّك إلى الإسلام بعد أن كنت تاركا للصلاة

فواظب على الصلاة في أوقاتها وأكثر من النوافل لتكون عوضا عما فاتك من الفرائض كما جاء في الحديث الصحيح عَنْ حُرَيْثِ بْنِ قَبِيصَةَ

قَالَ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَقُلْتُ اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا صَالِحًا قَالَ فَجَلَسْتُ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَقُلْتُ إِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِي جَلِيسًا صَالِحًا فَحَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ

فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ فَإِنِ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ

عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ رواه الترمذي رقم 413 وهو في صحيح الجامع 2020

ورواه أبو داود عَنْ أَنَسِ بْنِ حَكِيمٍ الضَّبِّيِّ أنه أَتَى الْمَدِينَةَ فَلَقِيَ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ فَنَسَبَنِي فَانْتَسَبْتُ لَهُ فَقَالَ يَا فَتَى أَلا أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا

قَالَ قُلْتُ بَلَى رَحِمَكَ اللَّهُ قَالَ يُونُسُ وَأَحْسَبُهُ ذَكَرَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ النَّاسُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الصَّلاةُ

قَالَ يَقُولُ رَبُّنَا جَلَّ وَعَزَّ لِمَلائِكَتِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ انْظُرُوا فِي صَلاةِ عَبْدِي أَتَمَّهَا أَمْ نَقَصَهَا فَإِنْ كَانَتْ تَامَّةً كُتِبَتْ لَهُ تَامَّةً وَإِنْ كَانَ انْتَقَصَ مِنْهَا شَيْئًا قَالَ انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ

قَالَ أَتِمُّوا لِعَبْدِي فَرِيضَتَهُ مِنْ تَطَوُّعِهِ ثُمَّ تُؤْخَذُ الأَعْمَالُ عَلَى ذَاكُمْ . صحيح الجامع 2571

: الشيخ محمد صالح المنجد

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-11-17, 18:11
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


اعتاد النظر إلى الصور العارية

السؤال

اعتدت النظر إلى الصور العارية وأنا أتصفح (المواقع على الإنترنت) ، وإن كنت لا أحبها، إلا أنني لا أستطيع التحكم في نفسي ومنعها من ذلك .

أرجو أن تدلني على بعض التسابيح التي تُطهر روحي .

الجواب

الحمد لله

يجب عليك أيها السائل أولاً ، التوبة من هذا الذنب العظيم ، لأن الإنسان محاسب عن أعماله يوم القيامة

قال تعالى : ( إنّ السّمع والبصر والفؤاد كلُّ أولئك كان عنه مسْئُولاً ) الإسراء/36

ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : " والعَيْنُ تَزْنِي وَزِنَاها النَّظر " رواه البخاري ( الاستئذان/5774) , فيجب عليك التوبة النصوح من هذا الأمر ، وهي تتضمن أموراً :

الإقلاع عن هذا الذنب ، خوفاً من عقاب الله ، وتعظيماً له .

النَّدم على فعلك لهذا الأمر المُحَرَّم أشدَّ الندم .

العزم الصادق على أن لا تعود لهذا الذنب أبداً .

واعْلم أن تزكِيَةَ النّفس وتطْهِيرها من هذه المحرمات يكون بأمور كثيرة منها :

الاستقامة على التوبة ، والإكثار من الدعاء ، والإكثار من الاستغفار والتوبة

المداومة على الأذكار, والإكثار من الطاعات والأعمال الصالحة ، الإكثار من الصلاة ، قال تعالى : ( إنّ الصلاة تَنْهَى عن الفحشَاءِ والمُنْكَر ) العنكبوت/45

وقال تعالى : ( وأَقِمِ الصلاة طَرَفَيِ النَّهار وزُلَفَاً من اللَّيْلِ إنَّ الحسنَات يُذْهِبْنَ السيِّئات ) هود/114

وعليك أن تبحَثَ عن وسَطٍ صالحٍ تعيش فيه ، وعن رفقة صالحة تُعِينك على الخير ، حتى تبتَعِد عن هذه الأمور ، فكل هذه الأعمال تُزَكِّي النفس وتُطَهِّرُهَا

فَتَتَحَصَّل على رضوان الله ، قال تعالى : ( قد أفلح من زكاها ) الشمس/9 .

واعلم أن العبد متى صدق في توبته وأدام تَضَرُّعَه الى الله وسُؤالَه العافية منْ شرِّ نفسِه والشَّيْطان حفظه الله من وساوس الشيطان ومكره ، قال تعالى : ( ومن يَتَّقِ الله يجعَل له مَخْرَجاً ) الطلاق/2 .

وفّقَنا الله وإيّاك للتّوبة والاستقامة على الدين .

: الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-11-17, 18:14
تريد أن تكون مسلمة جيدة

السؤال

أريد أن أكون مسلمةً حقيقيةً فكيف أبدأ ؟

أنا لست سيئةً الآن لكني لا أصلي كل الصلوات الخمس ولا أرتدي الزي الإسلامي الصحيح. فكيف أبدأ ؟.

الجواب

الحمد لله

الإسلام الحقيقي يعني أن يلتزم المسلم بأحكام الإسلام ، ومن أهم ذلك الصلاة فهي عمود الدين ، وهي أول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة ، وهي العهد بين أهل الإيمان وأهل الكفر فمن تركها فقد كفر .

لذا فالواجب عليكِ المحافظة على الصلاة في أوقاتها وعدم التفريط في شيءٍ منها .

ثمّ عليك الإلتزام بسائر أحكام الشرع ، ومنها الحجاب ، ومما يعين المسلم على ذلك اعتناؤه بقراءة القرآن ، وقراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسير الصالحين وأخبارهم

وننصحك باختيار صحبة صالحة من النساء المسلمات فإن ذلك مما يعينكِ بإذن الله على الإستقامة على دين الله .

وعليك أيتها الأخت بمحاسبة نفسك امتثالا لقول الله تعالى :

( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله )

فأمر مرتين بتقواه وأمر بينهما بمحاسبة النفس فانظري ماذا قدّمت ليوم القيامة من فعل الخيرات وترك المنكرات ، وهذه المحاسبة هي الوسيلة

العظيمة للتغيير فيوم القيامة شديد طويل عبوس قمطرير فانظري ماذا أعددت له من الطاعات واستكثري منها وأخلصي فيها ودعي المعاصي

فإنها شر ما يُستعدّ به لذلك اليوم وانتقلي إلى الآخرة بأفضل ما لديك ، ولاتنسي الدعاء لله تبارك وتعالى بأن يهديكِ إلى الصراط المستقيم ، وأن يرزقك الثبات عليه .

نسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية والخاتمة الحسنة وصلى الله على نبينا محمد.

: الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-11-17, 18:15
كيف أتخلص من المعاصي

السؤال

سؤالي هو كيف أتخلص من المعاصي ، أنا أعرف الخطأ والصواب في الإسلام؟

الجواب

الحمد لله

إن الله سبحانه وتعالى حين حرَّم على العبد المعاصي لم يتركه سُدى ، بل أمدَّه عز وجل بما يعينه على تركها ، ومن الوسائل المعينة على ذلك :

1- تقوية الإيمان بالله عزَّ وجل والخوف منه .

2- مراقبة الله عزَّ وجل واستحضار أنه مع العبد ، وأنه يراه ، وأن كل ما يعمل مُسجَّل عليه .

3- أن يقارن بين اللذة العاجلة للمعصية والتي سرعان ما تنتهي ، وبين عقوبة العاصي يوم القيامة ، وجزاء من امتنع من المعصية .

4- أن يبتعد عن الوسائل التي تعينه على المعصية : كالنظر الحرام ، وأصدقاء السوء ، وارتياد أماكن المعاصي .

5- أن يحرص على مجالسة الصالحين وصحبتهم .

الشيخ محمد بن عبد الله الدويش

*عبدالرحمن*
2018-11-17, 18:18
يقول بأنه أكبر مذنب في العالم

السؤال

إنني أكبر مذنب في العالم. الزنا في دمي ولا أعرف كم ارتكبت الاستمناء حتى في هذا الشهر الفضيل "رمضان".

إنني على شفا فقدان الأمل في المغفرة فقد سمعت أن من لا يحصل على المغفرة في هذا الشهر فيجب أن يدمر وأنا في حالة مدمرة وليس عندي أي أمل فماذا أفعل حتى أتوب ؟

إذا شاء الله فسوف يغفر لي أفعالي الشنيعة وما هي إشارة قبول توبتي؟ وكيف أبعد عن هذه المعاصي؟ لقد تبت كثيراً ولكني أعود للمعاصي.

إنني أريد أن أتزوج لكن والداي (من شبه القارة الهندية) لا يسمحون لي بذلك ولا أستطيع أن ألومهم لأنني يجب أن أطيعهم لكن في أمريكا لا أستطيع أن أسيطر على نفسي.

تفضل الله علي فإنني أعمل عملاً جيداً فهل هذا علامة على غضب الله علي لأنه أعطاني مالاً لأقع في المعاصي ؟

ريد أن أتوب وأعود إلى ربي فماذا أفعل؟.

الجواب

الحمد لله

إنّ الله تبارك وتعالى لم يحرّم على الناس إلاّ مايستطيعون تركه ، ولم يوجب عليهم شيئاً لا يستطيعون فعله ، لذا فإن الشيطان هو الذي يوهمك بأنك لا يمكن أن تتوب ، وما الذي يمنعك من التوبة ؟

ولكن لابد أن تسلك الوسائل التي تعينك على الابتعاد عن هذه المعصية

ومن أهم الأشياء في ذلك هو الزواج ، وإذا لم تستطع فحاول أن تسلك ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم ألا وهو الصيام ، فحاول أن تصوم شيئاً من الأيام التي يُستحب صيامها

كيوم الإثنين والخميس ، أو ثلاثة أيام من كل شهر ، وابتعد عمّا يثير شهوتك وغريزتك من النظر الحرام ، وعن المشاهد التي تثير الغرائز

وعن التفكير في الشهوات وأشغل تفكيرك بما يعود عليك بالنفع ، واحرص على البحث عن صحبةٍ صالحة تعينك على الاستمرار على طريق الطاعة .

أمّا عملك الجيّد فلا علاقة له بهذا فقد يوفّق الله الرجل الصالح لعملٍ جيد ، وقد يحرم الرجل الفاجر منه ، فالرزق أمرٌ بيد الله تبارك وتعالى ، وإن كان قد يبتلي بعض عباده بالتوسيع في الرزق أو التضييق فيه .

وعلامة قبول توبتك أن تقلع عن المعصية ولا تعود إليها ، وحين تفوتك التوبة في رمضان فاحرص على تحقيقها في غيره . نسأل الله أن يتوب علينا جميعاً وصلى الله على نبينا محمد .

الشيخ محمد الدويش

*عبدالرحمن*
2018-11-17, 18:20
تاب من رؤية الأفلام فهل يبيع التلفزيون

السؤال

كان بحوزتي تلفزيون وجهاز فيديو في البيت ، ومعروف أن أغلب ما يعرض إما حرام أو فيه شبهة ،

والآن والحمد لله ابتعدت عن هذه الأجهزة وتبت إلى الله ، وقد اشتريت قطعة أرض لبناء مسجد عليها ، واحتاج إلى مبلغ من النقود لتسديد باقي ثمن الأرض .

استفساري : هل أبيع هذه الأجهزة ومن ثمنها أدفع لمن بنى أرض المسجد أو المساعدة في عملية بناء المسجد ، وإذا بعت هذه الأجهزة لمن أبيعها ؟ ومعلوم أن ما يعرض في هذه الأجهزة غالباً شر .

الجواب

الحمد لله

لا تبعه ، لأن الغالب على من يشتري ذلك منك أن يستعمله في اللهو وسائر ما يستعمل فيه من المحرمات

بل أتلف ما لديك من ذلك تخلصاً من الشر

ولك الأجر

ولكن إن وجدت من يغلب على ظنك استعماله لهما في المباح فلا بأس ببيعهما عليه .

فتاوى اللجنة الدائمة 13/46

*عبدالرحمن*
2018-11-17, 18:23
الرجوع إلى الإسلام بعد الضياع

السؤال

جدي وجدتي مسلمان ، والدي ووالدتي يعتبران أنفسهم مسلمين ولكنهم يصلون ويصومون من وقت لوقت ولا يتبعون جميع تعاليم الإسلام

وبالنسبة لي فقد بدأت تعلم الصلاة وتعاليم الإسلام مع جدتي وهذا أول رمضان أصومه.

فعلت الكثير من الذنوب في الماضي فهل يغفر الله لي ما فعلت ؟

الجواب

الحمد لله

من تاب تاب الله عليه ومن تقرّب إلى الله تقرّب الله إليه

وما دمت أيتها الأخت المسلمة قد اهتديت وعدت إلى الدّين وأقبلت على الله فأبشري بالتوبة والمسامحة من الله

قال الله عزّ وجلّ : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى(82) سورة طه

: الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-11-17, 18:26
كيف يتوب من كان يزني ويسرق

السؤال

إذا كان المسلم سيئاً ، يزني ويسرق ويقامر فما هو عقابه ؟

إذا فرضنا أنه فيما بعد أراد بأن يُعاقب على كل ما اقترفه من ذنوب ، فماذا يفعل ؟

هل يمكن أن يذهب ويقول اقطعوا يدي واقطعوا رقبتي بسبب ذنوبي ؟.

الجواب

الحمد لله

أولاً :

الزنا ذنبٌ عظيم قال الله تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً الإسراء / 32

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ولا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ "

رواه البخاري رقم ( 2475 ) ومسلم ( 57 ) .

وهو من كبائر الذنوب ، ومرتكبه متوعد بعقاب أليم فقد جاء في الحديث العظيم - حديث المعراج - والذي فيه

: " ... فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ قَالَ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ قَالَ فَاطَّلَعْنَا فِيهِ فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا قَالَ قُلْتُ لَهُمَا مَا هَؤُلاءِ ؟

… قَالَ : قَالا لِي : أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ … َأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمْ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي " رواه البخاري في باب إثم الزناة رقم ( 7047 )

وقد عاقب الله الزناة في الدنيا بعقوبات شديدة ، وأوجب على ذلك الحد

فقال تعالى في بيان حق الزاني البكر : الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ النور / 2 .

أما المحصن ـ وهو الذي قد سبق له الزواج ـ فجعل حده القتل فقد جاء في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه ( 3199 ) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " والثيب بالثيب جلد مائة والرجم " .

ثانياً :

والسرقة كذلك من كبائر الذنوب :

قال تعالى : والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالاً من الله المائدة / 38 .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم النحر فقال :

" يا أيها الناس أي يوم هذا ؟ قالوا : يوم حرام ، قال : فأي بلد هذا ؟ قالوا : بلد حرام قال :

فأي شهر هذا ؟ قالوا : شهر حرام ، قال : فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا – فأعادها مراراً – ثم رفع رأسه فقال : اللهم هل بلغت ؟

اللهم هل بلغت ؟ قال ابن عباس رضي الله عنهما : فو الذي نفسي بيده إنها لوصيته إلى أمته ، فليبلغ الشاهد الغائب . رواه البخاري ( 1652 ) .

وحدُّ السرقة هو قطع اليد اليمنى ، كما سبق ذكره في الآية .

ثالثاً :

ونوصي صاحب السؤال بالتوبة والاستغفار على ذنوبه :

قال الله تعالى : وإني لغفار لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى طـه / 82 .

عن أنس بن مالك قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله : يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي

يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي ، يا بن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة " ، الترمذي ( 3540 )

وحسَّنه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 4338 ) .

وعن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال : " .

. . يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار ، وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفرونى أغفر لكم . . . . " مسلم (2577) .

رابعاً :

والتوبة بين الإنسان وبين ربِّه خيرٌ له من الاعتراف بذنبه عند القاضي لإقامة الحد عليه .

وفي صحيح مسلم ( 1695 ) عندما جاء " ماعز " يقول للنبي صلى الله عليه وسلم " طهِّرني " ، قال له : ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه .

قال الحافظ ابن حجر :

ويؤخد من قضيته – أي : ماعز عندما أقرَّ بالزنى - أنه يستحب لمن وقع في مثل قضيته أن يتوب إلى الله تعالى ويستر نفسه ولا يذكر ذلك لأحدٍ ، كما أشار به أبو بكر وعمر على " ماعز "

وأن مَن اطَّلع على ذلك يستر عليه بما ذكرنا ولا يفضحه ولا يرفعه إلى الإمام كما قال صلى الله عليه وسلم في هذه القصة " لو سترتَه بثوبك لكان خيراً لك "

وبهذا جزم الشافعي رضي الله عنه فقال : أُحبُّ لمن أصاب ذنباً فستره الله عليه أن يستره على نفسه ويتوب ، واحتج بقصة ماعز مع أبي بكر وعمر ."

فتح الباري " ( 12 / 124 ، 125 ) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-11-17, 18:29
تائب يريد أدعية يقولها

السؤال

لقد من الله عليّ بالهداية وتبت من ذنوبي ، فهل هناك أذكار وأدعية أقولها دوما عن التوبة ؟.

الجواب

الحمد لله

حمدا كثيرا طيبا على ما منّ به وأنعم عليك من رؤية طريق الحقّ بعد الضلالة والعودة إليه سبحانه بعد عصيانه والتفريط في شرعه

ونسأله سبحانه أن يُتمّ عليك النعمة بالمزيد من الهداية والثبات على الدّين

وأمّا بالنسبة للتصرّف حيال الماضي وإصلاح ما فسد واستدراك ما فات فستجد تفصيلا حول الموضوع في كتاب : " أريد أن أتوب ولكن " الموجود في ركن الكتب من هذا الموقع .

وأما عن أذكار وأدعية تقولها يوميا وأثناء العمل فيما يتعلّق بالتوبة فهي كثيرة ولله الحمد ومن أعظمها :

رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ(118) سورة المؤمنون

رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا .. (147) سورة آل عمران

وعن شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال

: سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ لَكَ

بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ قَالَ وَمَنْ قَالَهَا مِنْ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمَنْ قَالَهَا مِنْ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ .

" رواه البخاري 5831

وعَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ :

" اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي جِدِّي وَهَزْلِي وَخَطَئِي وَعَمْدِي

وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . "

رواه البخاري 5919 ومسلم 4896 وهذا لفظ مسلم .

وعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ يُعَدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةُ مَرَّةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَقُومَ : رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الْغَفُورُ رواه الترمذي 3356 وقال :

هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ .

وصلى الله على نبينا محمد .

الشيخ محمد صالح المنجد

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-11-18, 17:37
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


أحكام التوبة

شروط التوبة النصوح ، ومعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم الندم توبة ؟

السؤال

هل تصح التوبة بلا ندم على الذنب الذي مضى ؟ وما معنى اشتراط الندم في التوبة ؟

الجواب

الحمد لله

أولا :

وينظر لمعرفة حقيقة التوبة وشروطها


اضغط هنا (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2168834)

ثانيا :

الندم شرط رئيسي أو هو ركن التوبة الأعظم ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ بْنِ مُقَرِّنٍ قَالَ : كَانَ أَبِي عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَسَمِعَهُ يَقُولُ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : "النَّدَمُ تَوْبَةٌ"

رواه أحمد (4012) وصححه الألباني

وقد قال بعض أهل العلم :

" يَكْفِي فِي التَّوْبَةِ تَحَقُّقُ النَّدَمِ ؛ فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ الْإِقْلَاعَ عَن الذنوب ، وَالْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ؛ فَهُمَا نَاشِئَانِ عَنِ النَّدَمِ لَا أَصْلَانِ مَعَهُ " .

انظر: "فتح الباري" (13/ 471) .

وقال القاري رحمه الله:

" (النَّدَمُ تَوْبَةٌ) إِذْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا بَقِيَّةُ الْأَرْكَانِ مِنَ الْقَلْعِ وَالْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ، وَتَدَارُكِ الْحُقُوقِ مَا أَمْكَنَ....

وَالْمُرَادُ : النَّدَامَةُ عَلَى فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا مَعْصِيَةٌ ، لَا غَيْرَ ".

انتهى من "مرقاة المفاتيح" (4/ 1637) .

وقد سبق بيان ذلك مفصلا

فإذا كان هذا الندم صادقا ، فإن العاصي سوف يترك المعصية ، ويعزم على عدم فعلها مرة أخرى ، وبهذا تكمل التوبة وتتحقق شروطها كلها .

ثالثا :

وإنما يعين العبد على تحقق الندم في قلبه ، أمور :

أولها : العلم بالله بعد الجهل به .

قال تعالى : ( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا *

وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ) النساء/17-18

قال مجاهد في قوله ( لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ) : " كل من عصى ربه فهو جاهل ، حتى ينزع عن معصيته. "

انتهى ، من "الصحيح المسبور في التفسير بالمأثور" ( 2/19 ) .

ثانيها : ذكر الله بعد الغفلة عنه :

قال تعالى : ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ *

الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ *

أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ) آل عمران/133-136

عن علي بن أبي طالب قال : حدثني أبو بكر، وصدق أبو بكر، قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:

( ما من رجل يُذنب ذنباً، ثم يقوم فيتطهر، ثم يصلي، ثم يستغفر الله، إلا غفر الله له ) .

ثم قرأ هذه الآية : ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ )

أخرجه أبو داود 1521 والترمذي 406 وابن ماجة 1395 وصححه الالباني في صحيح الجامع 5738

ثالثها : الخوف من مكر الله بعد الأمن منه :

قال تعالى : ( أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ

* وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ) المؤمنون /55-61

رابعها : رجاء رحمة الله بعد القنوط منها :

قال تعالى : ( قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ

أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (55) الزمر/53-55

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا وَأَكْثَرُوا وَزَنَوْا وَأَكْثَرُوا،

فَأَتَوْا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالُوا: إِنَّ الَّذِي تَقُولُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ، لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً ؟

فَنَزَلَ: وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ، وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَلاَ يَزْنُونَ [الفرقان: 68] ، وَنَزَلَتْ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ [الزمر: 53] .

رواه البخاري 4810 ومسلم 122

رابعا :

وأما ثمرات الندم فأربعة :

أولها : دوام تألم وتحسر القلب بالذنب .

قال ابن مسعود- رضي الله عنه-:

إِنَّ المُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ» فَقَالَ بِهِ هَكَذَا، قَالَ أَبُو شِهَابٍ: بِيَدِهِ فَوْقَ أَنْفِهِ .

رواه البخاري (6308)

ونقيض ذلك أن يفرح بالذنب إذا أمكنه ، وواتته فرصته .

فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال :

( فرحُك بالذنب إذا ظفرت به أعظمُ من الذنب. وحزنُك على الذنب إذا فاتك أعظمُ من الذنب )

رواه أبو نعيم في الحلية (1/ 324) .

ثانيها : تمني عدم العود للذنب ؛ بل إنه يكره معاودة الذنب بعد أن عافاه الله منه ، كما يكره أن يقذف في النار .

عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

" ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: مَنْ كَانَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللهُ مِنْهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ "

رواه البخاري 6941 ومسلم 43

ونقيض ذلك أن يتتبع الذنب بتتبع أمكنته وأزمنته ، وأصحابه وأسبابه . قال تعالى :

( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا ) مريم/59-60

ثالثها : الإقلاع عن الذنب .

ذلك بأن الإصرار قاطع للتوبة ، ودليل على أنها لم تحصل في القلب على وجه الحقيقة .

قال الإمام ابن القيم رحمه الله :

" والذي عندي في هذه المسألة أن التوبة لا تصح من ذنب، مع الإصرار على آخر من نوعه. وأما التوبة من ذنب، مع مباشرة آخر لا تعلق له به

ولا هو من نوعه فتصح، كما إذا تاب من الربا، ولم يتب من شرب الخمر مثلا، فإن توبته من الربا صحيحة .

وأما إذا تاب من ربا الفضل، ولم يتب من ربا النسيئة ، وأصر عليه، أو بالعكس، أو تاب من تناول الحشيشة وأصر على شرب الخمر، أو بالعكس = فهذا لا تصح توبته .

وهو كمن يتوب عن الزنا بامرأة، وهو مصر على الزنا بغيرها غير تائب منها، أو تاب من شرب عصير العنب المسكر، وهو مصر على شرب غيره من الأشربة المسكرة

فهذا في الحقيقة لم يتب من الذنب، وإنما عدل عن نوع منه إلى نوع آخر .

بخلاف من عدل عن معصية إلى معصية أخرى غيرها في الجنس "

انتهى . من "مدارج السالكين" (1/285) .

*عبدالرحمن*
2018-11-18, 17:38
رابعها : العزم على عدم العود إلى الذنب :

فإن عاد إليه ، كان ذلك قادحا في كمال التوبة ونفعها ، لا في صحتها وأصلها .

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ( 14/123 ) :

" لا يشترط في التوبة عدم العود إلى الذنب الذي تاب منه ، عند أكثر الفقهاء .

وإنما تتوقف التوبة على الإقلاع عن الذنب ، والندم عليه ، والعزم الجازم على ترك معاودته .

فإن عاوده مع عزمه ، حال التوبة على أن لا يعاوده : صار كمن ابتدأ المعصية، ولم تبطل توبته المتقدمة، ولا يعود إليه إثم الذنب الذي ارتفع بالتوبة وصار كأن لم يكن ؛ وذلك بنص الحديث: ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) .

وقال بعضهم يعود إليه إثم الذنب الأول؛ لأن التوبة من الذنب بمنزلة الإسلام من الكفر، والكافر إذا أسلم ، هدم إسلامه ما قبله من إثم الكفر وتوابعه، فإذا ارتد ، عاد إليه الإثم الأول مع الردة.

والحق : أن عدم معاودة الذنب ، واستمرار التوبة : شرط في كمال التوبة ونفعها الكامل ، لا في صحة ما مضى منها" انتهى .

خامسا :

وثمرات هذا العزم على عدم العود إلى الذنب أربعة :

أولها : سد باب الذنب :

وذلك باجتناب كل صحبة ، أو آلة تؤدي بك إلى معصية الله تعالى . فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

لَا تَصْحَبْ إِلَّا مُؤْمِنًا، وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ .

رواه أبو داود 4832 والترمذي 2395 وحسنه الألباني

ثانيها : سد الذرائع الموصلة للذنب :

وذلك باجتناب الشبهات ، وكل ما يمكن أن يؤدي إلى الوقوع في المحرمات .

فعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: - وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ -

"إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي

يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ، صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ، فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ".

رواه البخاري 52 ومسلم 1599

ثالثها : الإتيان بنقيض الذنب :

فتوبة الكاتم تكون ببيان ما أنزل الله ، وتوبة المنافق لا تصح إلا بإخلاص الدين لله .

قال الإمام ابن القيم رحمه الله :

" التوبة من ذنب هي بفعل ضده .

ولهذا شرط الله تعالى في توبة الكاتمين ما أنزل الله من البينات والهدى = البيان ؛ لأن ذنبهم لما كان بالكتمان، كانت توبتهم منه بالبيان، قال الله تعالى :

إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون * إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم [البقرة: 159 - 160] .

وشرط في توبة المنافق الإخلاص; لأن ذنبه بالرياء، فقال تعالى إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار [النساء: 145]

، ثم قال إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما [النساء: 146] ) اهـ بتصرف من "مدارج السالكين" (1/370 ) .

رابعها : فتح الذرائع الموصلة للعمل الصالح ، والاستقامة على طاعة الرب :

قال تعالى : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ) طه /82 .

قال ابن عاشور ، رحمه الله : " وَمَعْنَى اهْتَدى: اسْتَمَرَّ عَلَى الْهُدَى وَثَبَتَ عَلَيْهِ ؛ فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [الْأَحْقَاف: 13]" .

انتهى ، من "التحرير والتنوير" (16/276) .

​وبهذا يتبين منزلة الندم من توبة العبد ، وأنها أصل الرجوع إلى رب العالمين ، وترك إغواء الشياطين .

نسأل الله أن يرزقنا التوبة النصوح ، وأن يمن علينا بالقبول .

*عبدالرحمن*
2018-11-18, 17:42
هل يغفر الله الذنوب المتعلقة بحقوق العباد إن لم يتحلل الظالم من المظلوم ؟

وما هي مبادئ حقوق العباد ؟

السؤال

هناك آية في سورة النساء مفهومها أن الله يغفر كل الذنوب ما عدا الشرك فهل يتضمن ذلك غفران ما كان متعلقًا بحقوق العباد وإن لم يطلب الظالم المغفرة من المظلوم؟ كما أريد أن أعلم مبادئ حقوق العباد

الجواب

الحمد لله

أولا :

الآية الكريمة التي ذكرها السائل الكريم جاءت في سورة النساء، حيث

قال الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ) النساء/48.

ومعنى الآية : أن الله تعالى لا يغفر الشرك لمن مات عليه ، من غير توبة . ومن لقي الله بكل ذنب خلا الشرك بالله فهو في مشيئة الله ، إن شاء عذبه ، وإن شاء غفر له .

والتوبة واجبة بإجماع أهل العلم على جميع المسلمين ، قال القرطبي في "التذكرة" (ص53) :

" والتوبة فرض على المؤمنين باتفاق المسلمين لقوله تعالى : ( و توبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) و قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا ) ". انتهى

ثانيا :

الذنوب منها ما يكون بين العبد وربه ، ومنها ما يتعلق بحق من حقوق العباد ، وقد اشترط أهل العلم للتوبة النصوح شروطا ثلاثة فيما إذا كان الذنب بين العبد وربه

وهي : الإقلاع عن الذنب ، والندم على الفعل ، والعزم على عدم العودة إلى الذنب .

قال ابن عبد البر في "التمهيد" (15/12) :" التَّوْبَةُ أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ الْعَمَلَ الْقَبِيحَ بِالنِّيَّةِ وَالْفِعْلِ ، وَيَعْتَقِدَ أَنْ لَا يَعُودَ إِلَيْهِ أَبَدًا ، وَيَنْدَمَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ فَهَذِهِ التَّوْبَةُ النَّصُوحُ الْمَقْبُولَةُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ ". انتهى

فإن كان الذنب متعلقا بحق من حقوق العباد فيشترط فيه شرط رابع ، وهو أن يتحلله من صاحبه في الدنيا بأن يرد إليه الحق ، أو يطلب منه العفو .

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( "مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ

قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ). أخرجه البخاري (2449) .

وقال القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (18/199)

:" فَإِنْ كَانَ الذَّنْبُ مِنْ مَظَالِمِ الْعِبَادِ : فَلَا تَصِحُّ التَّوْبَةُ مِنْهُ إِلَّا بِرَدِّهِ إِلَى صَاحِبِهِ ، وَالْخُرُوجِ عَنْهُ ، عَيْنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ ؛ إِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ .

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا : فَالْعَزْمُ أَنْ يُؤَدِّيَهُ إِذَا قَدَرَ ، فِي أَعْجَلِ وَقْتٍ وَأَسْرَعِهِ.

وَإِنْ كَانَ أَضَرَّ بِوَاحِدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَذَلِكَ الْوَاحِدُ لَا يَشْعُرُ بِهِ ، أَوْ لَا يَدْرِي مِنْ أَيْنَ أُتِيَ : فَإِنَّهُ يُزِيلُ ذَلِكَ الضَّرَرَ عَنْهُ ، ثُمَّ يَسْأَلُهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ ، وَيَسْتَغْفِرَ لَهُ . فَإِذَا عَفَا عَنْهُ فَقَدْ سَقَطَ الذَّنْبُ عَنْهُ.

وَإِنْ أَرْسَلَ مَنْ يَسْأَلُ ذَلِكَ لَهُ ، فَعَفَا ذَلِكَ الْمَظْلُومُ عَنْ ظَالِمِهِ- عَرَّفَهُ بِعَيْنِهِ أَوْ لَمْ يُعَرِّفْهُ- فَذَلِكَ صَحِيحٌ.

وَإِنْ أَسَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَجُلٍ بِأَنْ فَزَّعَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ ، أَوْ غَمَّهُ أَوْ لَطَمَهُ ، أَوْ صَفَعَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ ، أَوْ ضَرَبَهُ بِسَوْطٍ فَآلَمَهُ ، ثُمَّ جَاءَهُ مُسْتَعْفِيًا نَادِمًا عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ ، عَازِمًا عَلَى أَلَّا يَعُودَ

فَلَمْ يَزَلْ يَتَذَلَّلْ لَهُ حَتَّى طَابَتْ نَفْسُهُ ، فَعَفَا عَنْهُ : سَقَطَ عَنْهُ ذَلِكَ الذَّنْبُ. وَهَكَذَا إِنْ كَانَ شَانَهُ بِشَتْمٍ لَا حَدَّ فِيهِ ". انتهى

ثالثا :

قد شددت الشريعة على حقوق العباد أعظم تشديد ، فقد ثبت في صحيح مسلم (2581) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:" أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟» قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ

فَقَالَ: إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ ، وَزَكَاةٍ ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا ، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا ، وَضَرَبَ هَذَا ، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ

وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ .

وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَحْشُرُ اللهُ الْعِبَادَ ، وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ قِبَلَ الشَّامِ

عُرَاةً حُفَاةً غُرْلًا بُهْمًا ، قَالَ: قُلْتُ: مَا بُهْمًا؟ ، قَالَ: لَيْسَ مَعَهُمْ شيء وَيُنَادِي مُنَادٍ بِصَوْتٍ يَسْمَعْهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ ، أَنَا الْمَلِكُ الدَّيَّانُ ، لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ

وَأَحَدٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَطْلُبُهُ بِمَظْلَمَةٍ ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَدْخُلُ النَّارَ وَأَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَطْلُبُهُ بِمَظْلَمَةٍ، حَتَّى اللَّطْمَةِ ، قَالَ: قُلْتُ: وَكَيْفَ وَإِنَّمَا نَأْتِي عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا؟ ، قَالَ: الْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ .

أخرجه أحمد في المسند (16042) ، وحسنه الشيخ الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (3608) .

ومن قذف مسلما أو مسلمة في الدنيا ولم يقم عليه حد القذف ، أو تاب ولم يتحلل من صاحب الحق أقيم عليه الحد يوم القيامة

فعَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: صَنَعَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - طَعَامًا , فَبَيْنَمَا الْجَارِيَةُ تَعْمَلُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ إِذْ قَالَ لَهَا الرَّجُلُ: يَا زَانِيَةُ ، فَقَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ: مَهْ إِنْ لَمْ تَحُدَّكَ فِي الدُّنْيَا , تَحُدُّكَ فِي الْآخِرَةِ ".

أخرجه البخاري في الأدب المفرد (331) ، وصححه الشيخ الألباني في "صحيح الأدب المفرد" (252)

رابعا :

أما ما ورد في السؤال عن مبادئ حقوق العباد ، فإن جماعها ثلاثة أشياء : النفس ، والمال ، والعرض .

وينشأ العدوان على الحق في هذه الثلاث لأحد سببين :

الأول : التفريط في إعطاء الحق

الثاني : العدوان على الغير

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (10/373) :" فَالظُّلْمُ لِلْغَيْرِ يَسْتَحِقُّ صَاحِبُهُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا لَا مَحَالَةَ ، لِكَفِّ ظُلْمِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ .

ثُمَّ هُوَ نَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَنْعُ مَا يَجِبُ لَهُمْ مِنْ الْحُقُوقِ ، وَهُوَ التَّفْرِيطُ.

والثَّانِي: فِعْلُ مَا يَضُرُّ بِهِ ، وَهُوَ الْعُدْوَانُ ". انتهى

فالجناية على النفس تشمل كل شيء حرم الله فعله للغير ، ابتداء من اللطمة حتى القتل ، ويشمل الجراحات كلها .

والجناية على المال : تشمل منع الحق واجب ، كالنفقة على الزوجة والولد مثلا ، وتشمل أيضا العدوان على مال الغير ، بأي نوع من أنواع الإفساد .

والجناية على العرض : تشمل كل نقيصة ألحقها المسلم بأخيه ، سواء بغيبة أو سب أو قذف ، أو عدوان على حرمته .

وقد جمعها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :" كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ ". أخرجه مسلم في صحيحه (2564) .

قال ابن رجب في "شرح حديث لبيك" (ص106) :" والظلم المحرم : تارة يكون في النفوس ، وأشده في الدماء ، وتارة في الأموال ، وتارة في الأعراض .

ولهذا قال في خطبته في حجة الوداع : إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ". انتهى

وختاما : نوصي أنفسنا وإخواننا بالتوبة النصوح ، وإرجاع الحقوق إلى أهلها ، قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-11-18, 17:45
فضائل الأعمال لا تكفر حقوق العباد

السؤال

سمعت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه )

هل يدخل في ذلك الذنوب التي ارتكبها المرء متعمداً في حق إخوانه المسلمين وندم عليها أشد الندم ولكنه لا يستطيع أن يعترف لهم بما فعله معهم لأن ذلك سيؤدي إلى الكثير من المشاكل ؟.

الجواب

الحمد لله

مكفرات الذنوب كثيرة ، منها : التوبة والاستغفار والقيام بالطاعات ، وإقامة الحدود على من فعل ما يوجب حدّاً ، وغير ذلك .

وفضائل الأعمال كالصلاة الصيام والحج وغيرها لا تكفر إلا الصغائر عند جمهور أهل العلم ، وتكفر حقوق الله فقط .

أما المعاصي المتعلقة بحقوق العباد فإنها لا تُكَفَّر إلا بالتوبة منها ، ومن شروط التوبة منها : رَدُّ المظلم إلى أهلها .

روى مسلم (1886) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلا الدَّيْنَ ) .

قال النووي في "شرح مسلم" :

" وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِلا الدَّيْن) فَفِيهِ تَنْبِيه عَلَى جَمِيع حُقُوق الآدَمِيِّينَ , وَأَنَّ الْجِهَاد وَالشَّهَادَة وَغَيْرهمَا مِنْ أَعْمَال الْبِرّ لا يُكَفِّر حُقُوق الآدَمِيِّينَ , وَإِنَّمَا يُكَفِّر حُقُوق اللَّه تَعَالَى " انتهى .

وقال ابن مفلح في "الفروع" (6/193) :

" وتكفر الشهادة غيرَ الدين . قال شيخنا (يعني شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله) : وغير مظالم العباد كقتل وظلم " انتهى .

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (14/129) :

" التوبة بمعنى الندم على ما مضى والعزم على عدم العود لمثله لا تكفي لإسقاط حق من حقوق العباد ، فمن سرق مال أحد أو غصبه أو أساء إليه بطريقة

أخرى لا يتخلص من المسائلة بمجرد الندم والإقلاع عن الذنب والعزم على عدم العود , بل لا بد من رد المظالم , وهذا الأصل متفق عليه بين الفقهاء " انتهى .

هذا فيما يتعلق بالحقوق المادية كالمال المأخوذ غصباً أو باحتيال ، أما الحقوق المعنوية كالقذف والغيبة فإن كان المظلوم قد علم بالظلم فلا بد من الاعتذار إليه وطلب المسامحة

وإن لم يكن علم بذلك فإنه لا يُعْلِمُه ، بل يدعو ويستغفر له ، لأن إخباره بذلك قد يسبب نفوراً ويوقع بينهما العداوة والبغضاء .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" وفي الحديث الصحيح : ( من كان عنده لأخيه مظلمة في دم أو مال أو عرض فليأته فليستحل منه قبل أن يأتي يوم ليس فيه درهم ولا دينار إلا الحسنات والسيئات .

فإن كان له حسنات وإلا أُخِذَ من سيئات صاحبه فطرحت عليه ثم يلقى في النار ) أو كما قال . وهذا فيما علمه المظلوم ، فأما إذا اغتابه أو قذفه ولم يعلم بذلك فقد قيل : من شرط توبته إعلامه

. وقيل : لا يشترط ذلك ، وهذا قول الأكثرين وهما روايتان عن أحمد .

لكن قوله (في) مثل هذا أن يفعل مع المظلوم حسنات كالدعاء له والاستغفار وعمل صالح يُهدى إليه يقوم مقام اغتيابه وقذفه . قال الحسن البصري : كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته " انتهى .

"مجموع الفتاوى" (18/189) .

وقال علماء اللجنة الدائمة في رجل سرق مالا من عبدٍ :

إن كان يعرف العبدَ أو يعرف من يعرفه : فيتعين عليه البحث عنه ليسلم له نقوده فضة أو ما يعادلها أو ما يتفق معه عليه ، وإن كان يجهله وييأس من العثور عليه

: فيتصدق بها أو بما يعادلها من الورق النقدي عن صاحبها ، فإن عثر عليه بعد ذلك فيخبره بما فعل فإن أجازه فبها ونعمت ، وإن عارضه في تصرفه وطالبه بنقوده : ضمنها له وصارت له الصدقة

وعليه أن يستغفر الله ويتوب إليه ويدعو لصاحبها .

"فتاوى إسلاميَّة" (4/165) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-11-18, 17:51
هل الحج والتوبة يسقطان حقوق الله وحقوق العباد وحق المقتول ؟

السؤال

بعد قضاء فريضة الحج نعلم أنه يكفِّر الذنوب والكبائر ، أي : يغفر الله عن حقه ، ولكن كما أعلم أنا أنه لا يسقط حقوق العباد

وسؤالي : لقد أجبتم في سؤال سابق أن من يتوب عن ذنب أو كبيرة مهما وصلت فإن الله يغفرها إن كان صادقاً بتوبته ، ودليلكم :

قال تعالى : (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) الزمر/53 ، وقال عز وجل –

في بيان مغفرته لأعظم الذنوب - : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً .

يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً . إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) الفرقان/ 68 – 70

. وروى البخاري ومسلم ( 2766 ) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا ..... الخ) الحديث

ولكن أين حق العباد ؟

وهل الذي يقتل وتاب يغفر له ؟ كما نعلم أنه من قتل متعمداً دخل جهنم ، أنا فقط أريد أن أسال ولا غير ذلك ؟

وكيف نوفق بين الحديث الأخير القاتل تسعة وتسعين نفسا وأكمل المئة متعمداً ودخل الجنة وأين حقوق الذين قتلهم ؟ .

الجواب

الحمد لله

ما قرأته من أن الحج يكفر الذنوب الكبائر كلها قد اختلف فيه العلماء ، والذي نرجوه أن الله تعالى يكفر بالحج المبرور جميع الذنوب الصغائر والكبائر ، وفضل الله تعالى واسع .

والذي يكفره الحج هو الذنوب المتعلقة بحق الله تعالى

أما ما يتعلق بحق العباد فلا يُسقطها الحج - ولا الجهاد

ولا الهجرة ، ولا غير ذلك من الطاعات ، بل حتى حقوق الله تعالى ، كقضاء الصيام ، أو نذر ، أو كفارات ، لا يسقطها الحج ولا غيره من الأعمال الصالحة

وكلا الأمرين متفق عليه بين العلماء من غير خلاف

وسبق بيان ذلك في جواب السؤال القادم

بعنوان "الحج لا يسقط الحقوق الواجبة كالكفارات والديون" ، وفيه :

"ورد في فضل الحج أحاديث كثيرة تدل على أنه يمحو الذنوب ، ويكفر السيئات ، ويرجع منه الإنسان كيوم ولدته أمه ... لكن هذا الفضل والثواب لا يعني سقوط الحقوق الواجبة ، سواء كانت حقوقا لله تعالى

كالكفارات والنذور ، وما ثبت في ذمة الإنسان من زكاة لم يؤدها ، أو صيام يلزمه قضاؤه ، أو كانت حقوقاً للعباد كالديون ونحوها ، فالحج يغفر الذنوب ، ولا يسقط هذه الحقوق باتفاق العلماء ..." .

بل حتى التوبة ، تكفر الذنب ، ولكنها لا تسقط تلك الحقوق .

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

فيمن تركَ الصلاةَ عامداً أو غيرَ عامدٍ ، ووجبتْ عليه الزكاةُ ولم يُزَك

وعاق والديه ، وقَتَلَ نفسًا خطأ ، وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَن حج هذا البيتَ فلم يَرْفُثْ ولم يَفْسُقْ خرجَ من ذنوبِه كيومِ وَلَدتْه أمُّه) وقد قصدَ الحج ، فهل يُسْقِط هذا جميعَه ومَظالِمَ العباد ؟ .

فأجاب :

"أجمعَ المسلمون أنه لا يَسقُط حقوقُ العباد كالدَّيْن ونحوِ ذلك

ولا يَسقُط ما وجب عليه من صلاةٍ ، وزكاةٍ ، وصيامٍ ، وحق المقتول عليه ، وإن حجَّ ، والصلاة التي يَجبُ عليه قضاؤُها : يَجبُ قضاؤُها ، وإن حَج ، وهذا كلُّه باتفاق العلماء" انتهى .

"جامع المسائل" (4/123) .

فإذا حج القاتل ، فلا يكفر الحج عنه حق المقتول ، ولكن إن تاب توبة نصوحاً فإن الله تعالى يتفضل عليه ، ويُرضي المقتول من عنده .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"القاتل إذا كثرت حسناته : أُخذ منه بعضُها ما يرضى به المقتول ، أو يعوضه الله من عنده إذا تاب القاتل توبةً نصوحاً" انتهى .

"مجموع الفتاوى" (34/138) .

وقال ابن القيم رحمه الله :

"والتحقيق في المسألة : أن القتل يتعلق به ثلاثة حقوق : حق لله ، وحق للمظلوم المقتول ، وحق للولي .

فإذا سلَّم القاتل نفسه طوعاً واختياراً إلى الولي ندماً على ما فعل ، وخوفاً من الله ، وتوبة نصوحاً : يسقط حق الله بالتوبة ، وحق الولي بالاستيفاء ، أو الصلح ، أو العفو .

وبقي حق المقتول : يعوضه الله عنه يوم القيامة عن عبده التائب المحسن ، ويصلح بينه وبينه ، فلا يبطل حقُّ هذا ، ولا تَبطل توبةُ هذا" انتهى .

" الجواب الكافي " ( ص 102 ) .

وبمثله قال الشيخ العثيمين رحمه الله في " الشرح الممتع على زاد المستقنع " ( 14 / 7 ) .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-11-18, 17:54
الحج لا يسقط الحقوق الواجبة كالكفارات والديون

السؤال

أتيحت لي والحمد لله الفرصة في العام الماضي لأداء فريضة الحج .

وكما تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث أن "الحج المبرور ليس له ثواب إلا الجنة" وأنه عندما يؤدي المسلم فريضة الحج فإن كل ما اقترفه من ذنوب يغفر له ويرجع من حجه كيوم ولدته أمه ويرجع على الفطرة

. وسؤالي هو : أنا لدي أيام لم أقض صيامها كانت علي من رمضان منذ عامين ماضيين

. فهل بعد أدائي للحج لا أزال أحتاج إلى قضاء تلك الأيام ، أم أن الله يغفر لي ما مضى بسبب الحج الذي أديته؟ وجزاكم الله خيرا .

الجواب

الحمد لله

ورد في فضل الحج أحاديث كثيرة تدل على أنه يمحو الذنوب ، ويكفر السيئات ، ويرجع منه الإنسان كيوم ولدته أمه .

لكن هذا الفضل والثواب لا يعني سقوط الحقوق الواجبة ، سواء كانت حقوقا لله تعالى

كالكفارات والنذور وما ثبت في ذمة الإنسان من زكاة لم يؤدها ، أو صيام يلزمه قضاؤه ، أو كانت حقوقا للعباد كالديون ونحوها ، فالحج يغفر الذنوب ، ولا يسقط هذه الحقوق باتفاق العلماء .

فمن أخر قضاء ما عليه من رمضان مثلا ، وكان ذلك بغير عذر ، ثم حج حجا مبروا ، فإن حجه يسقط عنه ذنب التأخير ، ولا يسقط قضاء الأيام .

قال في "كشاف القناع" (2/ 522)

: " وقال الدميري : في الحديث الصحيح ( من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) وهو مخصوص بالمعاصي المتعلقة بحقوق الله تعالى خاصة , دون العباد ولا يسقط الحقوق أنفسها

فمن كان عليه صلاة أو كفارة ونحوها من حقوق الله تعالى لا تسقط عنه ; لأنها حقوق لا ذنوب ، إنما الذنب تأخيرها ، فنفس التأخير يَسقط بالحج لا هي نفسها

فلو أخرها بعده تجدد إثم آخر , فالحج المبرور يسقط إثم المخالفة لا الحقوق . قاله في المواهب " انتهى .

وقال ابن نجيم رحمه الله في "البحر الرائق" (2: 364)

بعد أن ذكر الخلاف في تكفير الحج للكبائر

: " فالحاصل : أن المسألة ظنية , وأن الحج لا يُقطع فيه بتكفير الكبائر من حقوق الله تعالى فضلا عن حقوق العباد . وإن قلنا بالتكفير للكل فليس معناه كما يتوهمه كثير من الناس أن الدَّين يسقط عنه ,

وكذا قضاء الصلوات والصيامات والزكاة ؛ إذْ لم يقل أحد بذلك , وإنما المراد أن إثم مَطْل الدين وتأخيره يسقط ، وبعد الوقوف بعرفة إذا مطل صار آثما الآن ,

وكذا إثم تأخير الصلاة عن أوقاتها يرتفع بالحج لا القضاء ثم بعد الوقوف بعرفة يطالب بالقضاء فإن لم يفعل كان آثما على القول بفوريته , وكذا البقية على هذا القياس

وبالجملة : فلم يقل أحد بمقتضى عموم الأحاديث الواردة في الحج كما لا يخفى " انتهى .

والحاصل : أنه يلزمك قضاء ما عليك من رمضان ، ولا تبرأ ذمتك إلا بذلك .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-11-19, 14:59
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


ومازلنا مع أحكام التوبة

فضل التوبة يكون بحسب صدق التائبين ، وبحسب عملهم الصالح

السؤال

هل من أرتكب الذنوب ثم تاب يدخل الفردوس الأعلى من الجنة بلا حساب ولا عقاب إذا سعى لذلك ، وماذا أفعل كي أكون من السبعين ألفاً الذين يدخلون الفردوس الأعلى بلا حساب ولا عقاب ؟

الجواب

الحمد لله

أولا :

من تاب إلى الله توبة نصوحا تاب الله عليه ، وبدل سيئاته حسنات ، وأنزله منزل صدق ، وأحبه واجتباه .

قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانا*

إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان/ 68-70 .

قال ابن القيم رحمه الله :

" قد استقرت حكمة الله به عدلا وفضلا : أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، وقد ضمن الله سبحانه لمن تاب من الشرك وقتل النفس والزنا : أنه يبدل سيئاته حسنات ، وهذا حكم عام لكل تائب من ذنب

وقد قال تعالى : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) ؛ فلا يخرج من هذا العموم ذنب واحد ، ولكن هذا في حق التائبين خاصة "

انتهى من " الجواب الكافي " (1/116) .

وقد روى ابن ماجة (4250) عن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ ) ، حسنه الألباني في " صحيح سنن ابن ماجة " .

ثانيا :

يتفاوت التائبون في الفضل بحسب صدقهم في التوبة ، وبحسب ما هم عليه من العمل الصالح .

قال ابن القيم رحمه الله :

" إذا تاب العبد توبة نصوحاً صادقة خالصة أحرقت ما كان قبلها من السيئات وأعادت عليه ثواب حسناته .

يوضح هذا أن السيئات هي أمراض قلبية ، كما أن الحمى والأوجاع أمراض بدنية ، والمريض إذا عوفي من مرضه عافية تامة ، عادت إليه قوته ، وأفضل منها ؛ حتى كأنه لم يضعف قط .

فالقوة المتقدمة بمنزلة الحسنات ، والمرض بمنزلة الذنوب ، والصحة والعافية بمنزلة التوبة ، وكما أن من المرضى من لا تعود إليه صحته أبداً لضعف عافيته

ومنهم من تعود صحته كما كانت ، لتقاوم الأسباب وتدافعها ، ويعود البدن إلى كماله الأول ، ومنهم من يعود أصح مما كان وأقوى وأنشط ، لقوة أسباب العافية

وقهرها وغلبتها لأسباب الضعف والمرض ، حتى ربما كان مرض هذا سبباً لعافيته

كما قال الشاعر :

لعل عتبك محمود عواقبه ...
وربما صحت الأجسام بالعلل

فهكذا العبد بعد التوبة : على هذه المنازل الثلاث "

انتهى من " الوابل الصيب " (ص 12-13) .

فليس كل التائبين على درجة واحدة من الفضل ، وليس كل من تاب دخل الجنة بغير حساب ولا عقاب ، وأصاب الفردوس الأعلى ، ولكن منهم من يصيب ذلك بصدق توبته

وحسن إنابته ، ودأبه على العمل الصالح دهرَه ، لا يكاد يفتر لسانه عن ذكر الله ، قلبه وبدنه مشغول بطاعة الله ومحبته ، وخوفه ومراقبته فيما استطاع .

فمن أراد الفردوس الأعلى جد واجتهد في العمل الصالح حتى يلقى ربه ، وأحسن الظن بالله ، وسأله من فضله ، قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا ) الكهف/ 107 .

وقال سبحانه : ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ

* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ *

وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) المؤمنون/1 – 11 .

وروى البخاري (2790) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ فِي الجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ

أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ ، فَاسْأَلُوهُ الفِرْدَوْسَ ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الجَنَّةِ وَأَعْلَى الجَنَّةِ - أُرَاهُ - فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الجَنَّةِ ) .

ثالثا :

روى البخاري (6472) ، ومسلم (220)

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ ، هُمْ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ ولَاَ يكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) .

وهؤلاء إنما يدخلون الجنة بغير حساب ؛ لكمال توحيدهم ، وحسن توكلهم على الله ، واستغنائهم عن الناس .

فمن أراد أن يصيب هذا الفضل فليسع إليه بالتوحيد وإخلاص الدين لله جل جلاله ، والاجتهاد في العمل الصالح ، والمرابطة عليه ، وتحقيق مقام التوكل على الله عز وجل ، وتخليصه من التعلق بالمخلوقين .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-11-19, 15:03
من ارتكب إثما ثم تاب توبة نصوحا ، كان حاله بعد التوبة أفضل منه قبل الذنب

السؤال

وقع في كبيرة من كبائر الذنوب في فترة من شبابه وقد تاب منها ويرجو من الله أن تكون توبة نصوحة لما وقع في قلبه من أسى وحزن.

ولكن كثيرًا ما ينتابه سؤال هل من الممكن أن يساويه الله عز وجل بمن لم يقع في كبيرة طيلة حياته. حيث يشعر أنه أقل درجة من غيره.

الجواب

الحمد لله

خلق الله الخلق لطاعته وعبادته ، ونهاهم عن معصيته ومخالفته ، وأمرهم إذا وقع أحدهم في معصية أن يعجل بالتوبة إلى الله ، وألا يقنط من رحمة الله ، ووعدهم على التوبة الجزاء الأوفى.

ومهما ارتكب العبد من إثم ، واقترف من ذنب ، ثم تاب إلى الله توبة صادقة ، وأقبل على طاعة الله : فإن الله يتوب عليه ، ويكفر عنه سيئاته ، ويرفع له درجاته

ويبدل سيئاته حسنات ، ويصير حاله بعد التوبة أفضل منه قبل فعل الذنب ؛ فإن التوبة تمحو ما قبلها من الذنوب، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له .

قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً .

إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان/ 68 – 70 .

وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لله أشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم إذا استيقظ على بعيره قد أضله بأرض فلاة ) رواه البخاري (5950) ومسلم (2747).

قال ابن القيم رحمه الله :

" هذا الفرح من الله بتوبة عبده - مع أنه لم يأْت نظيره في غيرها من الطاعات - دليل على عظم قدر التوبة وفضلها عند الله، وأن التعبد له بها من أشرف التعبدات

وهذا يدل على أن صاحبها يعود أكمل مما كان قبلها "

انتهى من "طريق الهجرتين" (ص 244).

وهؤلاء أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم ، وهم أبر هذه الأمة قلوبا ، وأعمقها علما ، وأقومها هديا ، وأحسنها حالا ، كانوا على الكفر والشرك

وكان من أكابرهم من يعادي رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد المعاداة ، ومع ذلك ، لما منّ الله عليهم بالإيمان به والتوبة إليه وصحبة نبيه

صاروا أفضل الخلق وأكرم الناس ، وصاروا أفضل ممن أتى بعدهم ممن لم يتلبس بالشرك .

ولا شك أن الشرك والكفر أعظم الذنوب والآثام ، وبالتوبة والإيمان والعمل الصالح ، يغفر الله الذنب ، ويكفر السيئات ، ويرفع الدرجات .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" الذُّنُوبُ تُنْقِصُ الْإِيمَانَ، فَإِذَا تَابَ الْعَبْدُ أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَقَدْ تَرْتَفِعُ دَرَجَتُهُ بِالتَّوْبَةِ.

فَمَنْ قُضِيَ لَهُ بِالتَّوْبَةِ كَانَ كَمَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ:

" إنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ الْحَسَنَةَ فَيَدْخُلُ بِهَا النَّارَ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ السَّيِّئَةَ فَيَدْخُلُ بِهَا الْجَنَّةَ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ يَعْمَلُ الْحَسَنَةَ فَتَكُونُ نُصْبَ عَيْنِهِ وَيَعْجَبُ بِهَا، وَيَعْمَلُ السَّيِّئَةَ فَتَكُونُ نُصْبَ عَيْنِهِ فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَتُوبُ إلَيْهِ مِنْهَا "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (10/ 45).

وقال أيضا :

" التَّوْبَةُ النَّصُوحُ الَّتِي يَقْبَلُهَا اللَّهُ يَرْفَعُ بِهَا صَاحِبَهَا إلَى أَعْظَمَ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ

بَعْضُ السَّلَفِ: " لَوْ لَمْ تَكُنْ التَّوْبَةُ أَحَبَّ الْأَشْيَاءِ إلَيْهِ لَمَا ابْتَلَى بِالذَّنْبِ أَكْرَمَ الْخَلْقِ عَلَيْهِ "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (10/ 293).

وقال أيضا :

" وَآدَمُ تَابَ وَأَنَابَ، وَقَالَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ: (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَاجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ وَأَنْزَلَهُ إلَى الْأَرْضِ لِيَعْمَلَ

فِيهَا بِطَاعَتِهِ؛ فَيَرْفَعُ اللَّهُ بِذَلِكَ دَرَجَتَهُ، وَيَكُونُ دُخُولُهُ الْجَنَّةَ بَعْدَ هَذَا أَكْمَلَ مِمَّا كَانَ، فَمَنْ أَذْنَبَ مِنْ أَوْلَادِ آدَمَ فَاقْتَدَى بِأَبِيهِ آدَمَ فِي التَّوْبَةِ كَانَ سَعِيدًا، وَإِذَا تَابَ وَآمَنَ

وَعَمِلَ صَالِحًا بَدَّلَ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِ حَسَنَاتٍ، وَكَانَ بَعْدَ التَّوْبَةِ خَيْرًا مِنْهُ قَبْلَ الْخَطِيئَةِ، كَسَائِرِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (7/ 383).

وروى مسلم (190) عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنِّي لَأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ، وَآخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا، رَجُلٌ يُؤْتَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ:

اعْرِضُوا عَلَيْهِ صِغَارَ ذُنُوبِهِ، وَارْفَعُوا عَنْهُ كِبَارَهَا، فَتُعْرَضُ عَلَيْهِ صِغَارُ ذُنُوبِهِ، فَيُقَالُ: عَمِلْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا، وَعَمِلْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا،

فَيَقُولُ: نَعَمْ، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنْكِرَ وَهُوَ مُشْفِقٌ مِنْ كِبَارِ ذُنُوبِهِ أَنْ تُعْرَضَ عَلَيْهِ، فَيُقَالُ لَهُ: فَإِنَّ لَكَ مَكَانَ كُلِّ سَيِّئَةٍ حَسَنَةً، فَيَقُولُ: رَبِّ، قَدْ عَمِلْتُ أَشْيَاءَ لَا أَرَاهَا هَا هُنَا )

فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ .

قال شيخ الإسلام :

" إذَا رَأَى تَبْدِيلَ السَّيِّئَاتِ بِالْحَسَنَاتِ طَلَبَ رُؤْيَةَ الذُّنُوبِ الْكِبَارِ الَّتِي كَانَ مُشْفِقًا مِنْهَا أَنْ تَظْهَرَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ حَالَهُ هَذِهِ مَعَ هَذَا التَّبْدِيلِ أَعْظَمُ مِنْ حَالِهِ لَوْ لَمْ تَقَعْ السَّيِّئَاتُ وَلَا التَّبْدِيلُ "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (10/ 293).

وقال ابن القيم رحمه الله :

" سَمِعْتُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يقول: الصَّحِيحُ أَنَّ مِنَ التَّائِبِينَ مَنْ لَا يَعُودُ إِلَى دَرَجَتِهِ - يعني قبل الذنب -، وَمِنْهُمْ مَنْ يَعُودُ إِلَيْهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَعُودُ إِلَى أَعْلَى مِنْهَا، فَيَصِيرُ خَيْرًا مِمَّا كَانَ قَبْلَ الذَّنْبِ .

قَالَ: وَهَذَا بِحَسَبِ حَالِ التَّائِبِ بَعْدَ تَوْبَتِهِ، وَجِدِّهِ وَعَزْمِهِ، وَحَذَرِهِ وَتَشْمِيرِهِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَعْظَمَ مِمَّا كَانَ لَهُ قَبْلَ الذَّنْبِ عَادَ خَيْرًا مِمَّا كَانَ وَأَعْلَى دَرَجَةً، وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ

عَادَ إِلَى مِثْلِ حَالِهِ، وَإِنْ كَانَ دُونَهُ لَمْ يَعُدْ إِلَى دَرَجَتِهِ، وَكَانَ مُنْحَطًّا عَنْهَا .

وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ فَصْلُ النِّزَاعِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ "

انتهى من "مدارج السالكين" (1/ 302).

وقال أيضا :

" العبد بعد التوبة النصوح خير منه قبل الذنب "

انتهى من "شفاء العليل" (ص 118).

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" ليس هناك ذنب أعظم من الشرك، والمشرك متى تاب تاب الله عليه، وغفر له، فعليك بالتوبة مما قد علمت أنك فعلته، وبعد التوبة ينتهي كل شيء "

انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (4/ 40).

فمن ارتكب كبيرة ، ثم تاب منها توبة صادقة ، وندم على ما فعل ، وأقبل على الله ، وهجر معصية الله ، وصاحب الأخيار ، وترك صحبة الأشرار ، ثم دام حاله على ذلك حتى مات :

غفر الله له برحمته وفضله ، ورفع درجته ، وبدل سيئاته حسنات ، وكان حاله بعد الذنب والتوبة أفضل وأكمل من حاله قبل ذلك ، وكان أفضل بكثير من كثير ممن لم يرتكب كبيرة

إلا أنه لم يسارع في طاعة الله مسارعة هذا التائب ، ولا صار بقلبه ما صار بقلب هذا من أنواع العبودية من التوبة والندم وحب الطاعة وبغض المعصية والخوف من الله ورجاء عفوه ومغفرته .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-11-19, 15:08
هل يجب التحلل ممن اغتابه الإنسان ؟

السؤال

هل يجب على من اغتاب مسلماً وأراد أن يتوب إلى الله أن يتحلل ممن اغتابه أو هل يذكر له ما قاله فيه من وراء ظهره ، وإذا رأى أن ذكره لما تكلم به في حقه قد يؤدي إلى غضبه ونفوره

فهل يجب عليه والحالة هذه أن يذكر له ذلك ، أم يكتفي بأن يتحلل منه دون ذكر ما قال فيه ؟

الجواب

الحمد لله

الراجح - والله أعلم - أنه لا يعلمه بأنه قد اغتابه إذا لم يعلم ، بل يكفيه أن يستغفر من ذنبه ، وأن يستغفر لأخيه في مقابل ما حصل منه من غيبه وإيذاء له .

وهذه أقوال العلماء في ذلك :

قال النووي رحمه الله في كتابه ( الأذكار 2/845 باب كفارة الغيبة والتوبة منها ) :

اعلم أن كل من ارتكب معصية لزمه المبادرة إلى التوبة منها ، والتوبة من حقوق الله تعالى يشترط فيها ثلاثة أشياء :

أن يقلع عن المعصية في الحال .

وأن يندم على فعلها .

وأن يعزم ألا يعود إليها .

والتوبة من حقوق الآدميين يشترط فيها هذه الثلاثة ورابع وهو : رد الظلامة إلى صاحبها ، أو طلب عفوه عنها ، والإبراء منها .

فيجب على المغتاب التوبة بهذه الأمور الأربعة ، لأن الغيبة حق آدمي ، ولابد من استحلال من اغتابه .

وهل يكفيه أن يقول : قد اغتبتك فاجعلني في حل ، أم لابد أن يبين ما اغتابه فيه ؟

فيه وجهان لأصحاب الشافعي رحمهم الله :

أحدهما : يشترط بيانه ، فإن أبرأه من غير بيانه ، لم يصح كما لو أبرأه عن مال مجهول .

والثاني : لا يشترط ، لأن هذا مما يتسامح فيه ، فلا يشترط علمه ، بخلاف المال .

والأول أظهر ، لأن الإنسان قد يسمح بالعفو عن غيبة دون غيبة .

فإن كان صاحب الغيبة ميتاً أو غائباً ، فقد تعذر تحصيل البراءة منها ، لكن قال العلماء : ينبغي أن يكثر الاستغفار له ، والدعاء ، ويكثر من الحسنات .

واعلم أنه يستحب لصاحب الغيبة أن يبرئه منها ، ولا يجب عليه ذلك لأنه تبرع وإسقاط حق ، فكان إلى خيرته ، ولكن يستحب له استحباباً متأكداً الإبراء

ليخلص أخاه المسلم من وبال المعصية ، ويفوز هو بعظيم ثواب الله تعالى ومحبة الله سبحانه وتعالى . انتهى وهو قول الشافعي

وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية ( 1/92 ) :

وقيل إن علم به المظلوم وإلا دعا له واستغفر ولم يعلمه ، وذكر الشيخ تقي الدين أنه قول الأكثرين .

وذكر غير واحد : إن تاب من قذف إنسان أو غيبة قبل علمه به هل يشترط لتوبته إعلامه والتحلل منه ؟ على روايتين .

واختار القاضي أنه لا يلزمه لما روى أبو محمد الخلال بإسناده عن أنس مرفوعاً : ( من اغتاب رجلاً ثم استغفر له من بعد غفر له غيبته ) وبإسناده عن أنس مرفوعاً :

( كفارة من اغتيب أن تستغفر له ) والحديثان لا يصحان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولأن في إعلامه إدخال غم عليه . قال القاضي : فلم يجز ذلك ، وكذا قال الشيخ عبد القادر .

وقال ابن عبد البر في كتاب ( بهجة المجالس ) : قال حذيفة رضي الله عنه : كفارة من اغتبته أن تستغفر له . وقال عبد الله بن المبارك لسفيان بين عيينة : التوبة من الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته

فقال سفيان : بل تستغفر مما قلت فيه ، فقال ابن المبارك : لا تؤذوه مرتين . ومثل قول ابن المبارك اختاره الشيخ تقي الدين بن الصلاح الشافعي في ( فتاويه ) .

وقال الشيخ تقي الدين بعد أن ذكر الروايتين في المسألة المذكورة قال : فكل مظلمة في العِرض من اغتياب صادق ، وبهت كاذب فهو في معنى القذف

إذ القذف قد يكون صادقاً فيكون في المغيب غيبة ، وقد يكون كذباً فيكون بهتاً .

واختار أصحابنا أنه لا يعلمه بل يدعو له دعاء يكون إحساناً إليه في مقابل مظلمته كما روي في الأثر . انتهى

ولا يخفى قوة ما اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله لما في إعلامه من إيذائه مرتين ، ومن خوف حدوث خصام أو نفرة أو تقاطع أو تهاجر بينهما

والله أعلم .

: مسائل ورسائل /محمد المحمود النجدي ص 61

*عبدالرحمن*
2018-11-19, 15:11
الغيبة وكفارتها

السؤال

1- ما حكم اتهام شخص بأنه لا يستطيع أن يتحكم بلسانه ؟

2- هل يجب أن أخبرهم بما قالوا عنهم ومن الذي قال ؟

هذا الأمر وقع وبدلاً من أن يتم إخبار الشخص عما قيل عنه ومن قاله، قالوا له بأن من نقل له الكلام هو الذي لا يتحكم بلسانه ، ولم يقولوا له أكثر من ذلك .

3- كيف يتم اتهام شخص بشيء ربما لم يقله بدون إخباره ؟

ربما يكون الشخص بريئاً وقد ساءت سمعته الآن، أرجو أن تخبرني بجميع الأحكام الإسلامية المتعلقة بهذا الشأن لكي أوقف القذف والإفتراء والغيبة التي وقعت على الشخص الذي اتهموه بأنه لا يتحكم بلسانه .

الجواب

الحمد لله

أولاً :

يجب على المسلم حفظ لسانه عما نُهيَ عنه ، ومن هذه المنهيَّات والتي تساهل الناس في الوقوع فيها كثيراً الغيبة والبهتان والنميمة .

والغِيبة : هي ذكر المسلم في غيبته بما فيه مما يكره نشره وذِكره ، والبهتان : ذِكر المسلم بما ليس فيه وهو الكذب في القول عليه ، والنميمة : هي نقل الكلام من طرف لآخر للإيقاع بينهما .

والأدلة في تحريم هذه الأفعال كثيرة ، نكتفي بذكرِ شيءٍ يسير فقط لوضوح تحريمها :

قال تعالى : وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ الحجرات / 12 .

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أتدرون ما الغيبة ؟

قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ذِكرُك أخاك بما يكره ، قيل : أفرأيتَ إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه فقد بهتَّه . رواه مسلم ( 2589 ) .

عن ابن عباس قال : مرَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلم على قبرين فقال : أما إنَّهما ليُعذَّبان وما يعذبان في كبير ، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة ، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله

قال : فدعا بعسيبٍ رطْبٍ فشقه باثنين ثم غرس على هذا واحداً وعلى هذا واحداً ثم قال لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا . رواه البخاري ( 213 ) ومسلم ( 292 ) .

ثانياً :

وقول القائل عن غيره " لا يستطيع التحكم بلسانه " هو لا شك مما يكرهه صاحبه ، فإن كان صحيحاً فهي غيبة وإلا فهي بهتان .

فعلى كل من وقع منه الغيبة أو البهتان أو النميمة أن يتوب ويستغفر فيما بينه وبين الله

فإن علِم أنه قد بلَغ الكلامُ للمُتكلَّم عليه فليذهب إليه وليتحلل منه ، فإن لم يعلم فلا يُبلغه بل يستغفر له ويدعو له ويثني عليه كما تكلم فيه في غيبته .

وكذا لو علم أنه لو أخبره ستزيد العداوة ، فإنه يكتفي بالدعاء والثناء عليه والاستغفار له .

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من كانت له مظلمةٌ لأخيه من عرضه أو شيءٍ فليتحلَّلْه منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم

إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته ، وإن لم تكن له حسنات أُخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه " .

رواه البخاري ( 2317 ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

ومَن ظلم إنساناً فقذفه أو اغتابه أو شتمه ثم تاب قبِل الله توبته ، لكن إن عرف المظلومُ مكَّنه من أخذ حقه ، وإن قذفه أو اغتابه ولم يبلغه ففيه قولان للعلماء هما روايتان عن أحمد :

أصحهما أنه لا يعلمه أني اغتبتك ، وقد قيل : بل يحسن إليه في غيبته كما أساء إليه في غيبته ؛ كما قال الحسن البصري : كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته .

" مجموع الفتاوى " ( 3 / 291 ) .

*عبدالرحمن*
2018-11-19, 15:16
ضرب شخصا حتى أفقده الوعي ، وأخذ ماله ، فكيف يتوب من ذلك توبة صحيحة ؟

السؤال

إذا مارس الشخص الحرابة ، وقام بضرب شخص حتى فقد الوعي ، وسرق كل ماله ، ومن ثم اعتذر له ، وأعاد له كل ماله الذي سرقه : فهل يتوب بذلك ؟

أم يجب عليه أن يعرض نفسه للشخص ، لكي يأخذ حقه بيده ، كما أفقده الوعي ؟

الجواب

الحمد لله

أولا :

الْحِرَابَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ - وَتُسَمَّى قَطْعَ الطَّرِيقِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ - : هِيَ الْبُرُوزُ لأِخْذِ مَالٍ ، أَوْ لِقَتْلٍ ، أَوْ لإِرْعَابٍ عَلَى سَبِيل الْمُجَاهَرَةِ ، مُكَابَرَةً ، اعْتِمَادًا عَلَى الْقُوَّةِ مَعَ الْبُعْدِ عَنِ الْغَوْثِ .

وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّرِقَةِ : بِأَنَّ الْحِرَابَةَ هِيَ الْبُرُوزُ لأِخْذِ مَالٍ أَوْ لِقَتْلٍ أَوْ إِرْعَابٍ مُكَابَرَةً اعْتِمَادًا عَلَى الشَّوْكَةِ مَعَ الْبُعْدِ عَنِ الْغَوْثِ .

أَمَّا السَّرِقَةُ فَهِيَ أَخْذُ الْمَال خُفْيَةً .

فَالْحِرَابَةُ : تَكْتَمِل بِالْخُرُوجِ عَلَى سَبِيل الْمُغَالَبَةِ ، وَإِنْ لَمْ يُؤْخَذْ مَالٌ .

أَمَّا السَّرِقَةُ : فَلاَ بُدَّ فِيهَا مِنْ أَخْذِ الْمَال عَلَى وَجْهِ الْخُفْيَةِ .

والْمُحَارِبُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ: هُوَ كُل مُلْتَزِمٍ مُكَلَّفٍ أَخَذَ الْمَال بِقُوَّةٍ فِي الْبُعْدِ عَنِ الْغَوْثِ

ولاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ عُقُوبَةَ الْمُحَارِبِ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ لاَ تَقْبَل الإْسْقَاطَ وَلاَ الْعَفْوَ مَا لَمْ يَتُوبُوا قَبْل الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ .

وَالأْصْل فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأْرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلاَفٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأْرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآْخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ *

إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْل أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) المائدة / 33-34 .

ويَسْقُطُ حَدُّ الْحِرَابَةِ عَنِ الْمُحَارِبِينَ بِالتَّوْبَةِ قَبْل الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ ، وَذَلِكَ فِي شَأْنِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ حَقًّا لِلَّهِ ، وَهُوَ تَحَتُّمُ الْقَتْل ، وَالصَّلْبِ، وَالْقَطْعِ مِنْ خِلاَفٍ ، وَالنَّفْيِ ، وَهَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ أَصْحَابِ الْمَذَاهِبِ الأْرْبَعَةِ .

أَمَّا حُقُوقُ الآْدَمِيِّينَ فَلاَ تَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ ، فَيَغْرَمُونَ مَا أَخَذُوهُ مِنَ الْمَال عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ : إِنْ كَانَ الْمَال قَائِمًا، وَيُقْتَصُّ مِنْهُمْ إِذَا قَتَلُوا ، وَلاَ يَسْقُطُ إِلاَّ بِعَفْوِ مُسْتَحِقِّ الْحَقِّ فِي مَالٍ أَوْ قِصَاصٍ .

انظر : "الموسوعة الفقهية" (17/ 153-164) ، (24/ 293) .

ثانيا :

" شروط التوبة الصحيحة هي:

1 - الإقلاع عن الذنب.

2 - الندم على ما فات.

3 - العزم على عدم العودة إليه.

وإن كانت التوبة من مظالم العباد في مال أو عرض أو نفس ، فتزيد شرطا رابعا، هو: استباحته والتحلل منه، أو إعطاؤه حقه " .

انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (24/ 310-311) .

وأيا ما كان الأمر في الصورة المذكورة في السؤال : هل هي حرابة حقا ، كما أسماها السائل ، أو إن واقع الحادثة لم يكن حرابة ؛ فإن شرط صحة التوبة فيما يتعلق بحقوق العباد : رد المظالم إلى أهلها

أو التحلل منهم ، فإن كانت المظلمة سرقة أو غصبا أو أكلا للمال بالباطل ، بأي وجه من الوجوه : فإنه يجب على الظالم التوبة إلى الله ورد المظلمة إلى أصحابها

وتمكينهم من أخذ حقهم ، والقصاص العدل من المعتدي والبغي ، أو التحلل منهم .

قال ابن حزم رحمه الله :

" وأما التوبة من ضرب إنسان : فهو بأن يمكن الإنسان من نفسه ليقتص منه أو ليعفو "

انتهى من رسائل ابن حزم" (3/ 183) .

وقال ابن القيم رحمه الله :

" اِخْتَلَفَ النَّاس فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة : وَهِيَ الْقِصَاص فِي اللَّطْمَة وَالضَّرْبَة وَنَحْوهَا مِمَّا لَا يُمْكِن لِلْمُقْتَصِّ أَنْ يَفْعَل بِخَصْمِهِ مِثْل مَا فَعَلَهُ بِهِ مِنْ كُلّ وَجْه : هَلْ يَسُوغ الْقِصَاص فِي ذَلِكَ , أَوْ يَعْدِل إِلَى عُقُوبَته بِجِنْسٍ آخَرَ , وَهُوَ التَّعْزِير ؟

عَلَى قَوْلَيْنِ ، أَصَحّهمَا : أَنَّهُ شَرَعَ فِيهِ الْقِصَاص , وَهُوَ مَذْهَب الْخُلَفَاء الرَّاشِدِينَ , ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْهُمْ ، حَكَاهُ عَنْهُمْ أَحْمَد وَأَبُو إِسْحَاق الْجُوزَجَانِيُّ فِي الْمُتَرْجَم , وَنَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَام أَحْمَد فِي رِوَايَة الشَّالِنْجِيّ وَغَيْره , قَالَ شَيْخنَا رَحِمَهُ اللَّه :

وَهُوَ قَوْل جُمْهُور السَّلَف "

انتهى من "تهذيب السنن" (2 /310) .

وقال ابن القيم رحمه الله ، أيضا :

" وَفِي الْعُقُوبَةِ بِجِنْسِ مَا فَعَلَهُ تَحَرٍّ لِلْمُمَاثِلَةِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ ، وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الْعَدْلِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَأَنْزَلَ بِهِ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ

فَإِنَّهُ قِصَاصٌ بِمِثْلِ ذَلِكَ الْعُضْوِ فِي مِثْلِ الْمَحَلِّ الَّذِي ضَرَبَ فِيهِ بِقَدْرِهِ ، وَقَدْ يُسَاوِيهِ ، أَوْ يَزِيدُ قَلِيلًا، أَوْ يَنْقُصُ قَلِيلًا ، وَذَلِكَ عَفْوٌ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ التَّكْلِيفِ "

انتهى من "إعلام الموقعين" (1/ 241-242) .

والله تعالى أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-11-20, 14:37
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


اقترض قرضا ربويا وسرق أموالا ثم تاب ، فهل يسدد القرض أوّلاً ، أم يرد المال المسروق ؟

السؤال

شخص أخذ قرضا ربوياً ، وسرق مالاً ، ويريد التوبة من هذه المعاصي . فهل تكون الأولوية لسداد مبلغ القرض في أسرع وقت للخلاص من الربا ، أم يجب عليه إعادة المبلغ المسروق أولاً ؟

وهل يختلف الحكم إن كان صاحب المال المسروق على فراش الموت أو لا يمكن الوصول إلى أي من أقاربه ؟

الجواب

الحمد لله

أولا :

الواجب على المسلم أن يبادر إلى التوبة من جميع الذنوب سواء ما يتعلق منها بحق الله أو حق العباد .

ويشترط لصحة التوبة فيما يتعلق بحقوق العباد : رد المظالم أو التحلل منها ، فيرد المال المسروق إلى صاحبه .

والواجب المبادرة برد المظالم على الفور ، ولا يجوز تأخيرها .

قال ابن مفلح رحمه الله في " الفروع " (4/398) :

" وَالْوَاجِبُ فِي الْمَالِ الْحَرَامِ : التَّوْبَةُ وَإِخْرَاجُهُ عَلَى الْفَوْرِ ، يَدْفَعُهُ إلَى صَاحِبِهِ أَوْ وَارِثِهِ ، وَمَتَى تَمَادَى بِبَقَائِهِ بِيَدِهِ تَصَرَّفَ فِيهِ أو لا : عَظُمَ إثْمُهُ " انتهى .

وقال علماء اللجنة الدائمة : " الخروج والتحلل من مظالم العباد واجب على الفور " .

انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى " (23/169) .

ثانيا :

الواجب على من اقترض بالربا أن يتوب إلى الله تعالى ، ولا يلزمه إلا سداد رأس المال

أما الزيادة المحرمة فلا يلزمه سدادها ، ولا يجوز للمقرض أخذها

لقوله تعالى : ( وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) البقرة/279 .

وبالتوبة النصوح يذهب إثم الربا ، ولا يجب على المقترض إلا سداد أصل الدين عند حلول أجله .

وإذا لم يستطع التخلص من دفع الزيادة الربوية ، فيدفعها مضطراً كارهاً بقلبه ، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها .

ثالثا :

يقدم رد المال المسروق إلى صاحبه على سداد القرض الربوي ؛ لأن السرقة من المظالم المتعلقة بحقوق العباد ، وإبراء الذمة منها مقدم على غيره ؛ لأن حقوق العباد قائمة على المشاحة .

روى البخاري (2449) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ ) .

فإن كان صاحب المال المسروق على فراش الموت تأكد تقديم رد ماله والتحلل منه قبل موته .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-11-20, 14:41
يريد الصدقة عن أشخاص لأنه يحس بالذنب بسبب عدم مسؤوليته بشكل جيد عنهم

السؤال

لو أن شخصا يشعر أنه أو أنها قد أخطأت في شخص آخر بعدم تحقيق ما كان مسئولا منه اتجاههم , فماذا يفعل أو تفعل ؟

لم يتعمدوا عدم الفعل ، ولم يظهروا ذلك ,

لكن هل الوسواس المزعج والشعور بذلك حول هذا الشخص يمكنني أن أتصدق عنه ؟

الجواب

الحمد لله

أولا :

إذا كانت هذه الأخطاء مظالم لهذا الشخص : فلا بد من رد المظالم إلى أصحابها ، أو التحلل منهم .

وإن كانت هذه المظالم مالية : وجب ردها أو رد قيمتها، وإن كانت أدبية كالغيبة والكذب ونحو ذلك فعليه التحلل منه ، مع كثرة الاستغفار له وحسن الثناء عليه
.
ومن ذلك : أن يعمل عملا صالحا فيُهديه إلى من اغتابه ، أو أساء إليه .

وقد سئل ابن باز رحمه الله

عمن يتصدق عن والدته وهي على قيد الحياة ، هل يصل ثواب الصدقة من مال وغيره إليها ؟

فأجاب :

" أما الصدقة : فتنفع الحي والميت بإجماع المسلمين، وهكذا الدعاء ينفع الحي والميت بإجماع المسلمين "

انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (4/ 348) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-11-20, 14:50
إذا لم يقبل صاحب المظلمة رد مظلمته إليه من المسيء ؛ ليطالبه بها يوم القيامة ، فما العمل ؟

السؤال

أنا أعزب ، ومغترب ، وطالب في الجامعة ، وفي يوم من الأيام مررت بفترة عصيبة ، كنت محتاجا للمال ، وكنت أصلي وأدعو ربي أن يرزقني بمال في حسابي . وفجأة

في يوم من الأيام ذهبت للبنك كالعادة لكي أفتش عن حسابي ، فوجدت مبلغا تم إيداعه ، وهو 2400 ريال سعودي !! وأنا إنسان مؤمن بالله ، ذهبت وبكيت من هول الموقف

ومرت أيام وأنا قد صرفت الفلوس ، وفجأة أتاني اتصال من موظف البنك بأن أحدهم أرسل إلى حسابي مبلغا من المال بالخطأ ، وقال : هل نعطيه رقم جولك ؟ قلت

: نعم اتصل ، وشرحت له أني صرفت المبلغ ، لأني لم أكن أعلم أنه منه ، واتفقنا بأن أحول له مبلغا شهريا ، ولم يعاود الاتصال بي ، وأنا تكاسلت

ولم أحول . عدت الآن بعد سنة أطلب منه رقم حسابه ، لكي أعطيه المبلغ بالتقسيط ، فرفض ، وقال بأنه سيطالبني يوم القيامة !! لأنني تأخرت عليه .

وأنا أريد الحل ، ماذا أفعل ؟ فأنا مازلت طالبا ، وأعيش نفس الوضع .

الجواب

الحمد لله

أولا :

كان يجب عليك إذ وجدت هذا المال في حسابك ولم يكن لك رصيد أن تخبر البنك بذلك

وتستعلم عن هذا المال كيف تم تحويله إلى حسابك ؟

فإن لم يكن وصل إليك بطريق مشروع وجب عليك رده إلى مرسله ؛ فإن مثل ذلك قد يحدث عن طريق الخطأ .

ثانيا :

أخطأت ثانية إذ اتفقت مع صاحب المال على أن تحول له ماله الذي صرفته وأنفقته شهريا ثم تكاسلت عن ذلك ، وكان الواجب عليك الوفاء بما تعهدت به واتفقت عليه معه .

ثالثا :

الواجب عليك الآن أن تدبر أمر هذا المبلغ ، من أهلك ، أو تقترضه من أحد معارفك ، أو تبيع بعض ما عندك ؛ المهم أن تدبر له حقه كاملا ؛ وليس من المعقول

ولا من المقبول بعد هذا الوقت كله : أن تقول له إنني سوف أرد إليك حقك مقسطا ، وانتظرني حتى أودع لك كل شهر قسطا من حقك ؟!

فربما كان هذا التقسيط الذي تريده هو من أسباب إعراضه عن التواصل معك ، وقبول حقه منك ؛ فإذا حصل ودبرت له حقه : فإن كان عندك رقم حسابه فأرسل إليه المال

وإن لم يكن عندك فاتصل بالبنك واطلب منه رقم الحساب ، فإن أمكنك الحصول على رقم حسابه بأي طريق فأرسل إليه حقه ، ثم اتصل به وأعلمه بأنك حولت له المال ، واستسمحه وتحلل منه .

فإذا لم يمكنك الحصول على رقم الحساب وتمكنت من معرفة محل سكنه أو عمله ، فإنه يلزمك الذهاب إليه وإعطاؤه حقه ، مع استسماحه والتحلل منه وطلب العفو .

مع التوبة إلى الله والاستغفار مما فعلت .

رابعا :

فإن لم يمكنك هذا ولا ذاك ، ولم تستطع توصيل المبلغ إليه بأي طريق وجب عليك أن تحفظه له عندك على سبيل الأمانة حتى تتمكن من رده إليه . وتكتب وصية بذلك : أن هذا المال مال فلان فمتى جاء يطلب ماله فأعطوه إياه .

وتخبر بصورة الحال من يستطيع إنفاذ وصيتك من بعدك .

فإذا توفي صاحب المال مثلا أو سافر ، أو حصل ما يئست معه من لقائه أو الاتصال به

أو بمن يدلك ، أو على ورثته إن كان قد مات : فتصدق بهذا المال عنه

فإذا قدر الله بعد ذلك لك العثور عليه أو الاتصال به أو بورثته إذا كان قد مات : فإنك تخيره بين الصدقة التي أخرجتها عنه ، وبين ماله ، فإن اختار الصدقة فذاك ، وإلا دفعت إليه حقه .

وكذلك الحال بالنسبة للورثة .

سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :

أخذت نقودا يوم كنت صغير السن وأجهل بالأحكام ؛ فقد أخذتها وتصرفت فيها، والآن أريد أن أبرئ ذمتي منها ؛ فماذا أفعل ؟

فأجاب :

" يلزمك إذا كنت تعرف صاحبها أن تردها إليه وأن تستبيح منه ما حصل منك من إساءة ، وإذا كان صاحبها ميتا ؛ فإنه يجب عليك ردها إلى وارثه ، أما إذا كنت لا تعلم صاحبها

فإنه يتعين عليك حينئذ أن تتصدق بها على نية أن الأجر لصاحبها مع التوبة إلى الله سبحانه وتعالى من مثل هذا ؛ لأن أموال الناس لا يجوز التعدي عليها ، ولا أخذها بدون رضاهم

وهذا ظلم وعدوان ؛ فعليك أن تتوب إلى الله سبحانه وتعالى ، وترد المال إلى صاحبه أو وارثه ، فإن لم تستطع ؛ فعليك أن تتصدق به وتبرئ ذمتك منه "

انتهى من "المنتقى من فتاوى الفوزان" (58 /1-2) .

خامسا :

إذا أبى صاحب الحق أن يقبل حقه ، أو أن يسامح في مظلمته ، بعد توبتك ، واجتهادك في رد الحق إليه ؛ فإن المأمول من فضل الله ، واللائق بعفوه وكرمه

ومحبته للتوبة من عباده : أن يتحمل عنك حق صاحب الحق ، ويؤدي عنك ما له عندك ، ويرضيه ، إن لم يكن قد رضي وسامح في الدنيا .

هذا مع أن رضا المظلوم ، والعفو عمن ظلمه إذا كان قد تاب : هو من مكارم الأخلاق ، ومن فاضل الأعمال التي ندب إليها الشرع الكريم

قال الله تعالى : ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) آل عمران /133-134 .

وينظر للفائدة جواب سؤال سابق

بعنوان كفارة الغيبة

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-11-20, 14:56
أقوال السلف وعلماء السنة في توبة قاتل النفس عمدا بغير حق .

السؤال

هل القاتل المتعمد له توبة ، أو ليس له توبة ؟

وماهي أقوال السلف وعلماء السنة في ذلك ؟

الجواب

الحمد لله

" اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي قَبُول تَوْبَةِ قَاتِل النَّفْسِ عَمْدًا بِغَيْرِ حَقٍّ :

فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ لِلْقَاتِل عَمْدًا ظُلْمًا تَوْبَةً كَسَائِرِ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ ؛ لِلنُّصُوصِ الْخَاصَّةِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ وَالنُّصُوصِ الْعَامَّةِ الْوَارِدَةِ فِي قَبُول تَوْبَةِ كُل النَّاسِ

مِنْهَا قَوْل اللَّهِ تَعَالَى ( وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا *

يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِل عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّل اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا )الفرقان/68-70 .

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : ( وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) النساء /93

فَيُحْمَل مُطْلَقُ هَذِهِ الآْيَةِ عَلَى مُقَيَّدِ آيَةِ الْفُرْقَانِ ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ : فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا ، إِلاَّ مَنْ تَابَ .

وَلأِنَّ تَوْبَةَ الْكَافِرِ بِدُخُولِهِ إِلَى الإْسْلاَمِ تُقْبَل بِالإْجْمَاعِ ، فَتَوْبَةُ الْقَاتِل أَوْلَى .

وَقَدِ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الْفُقَهَاءِ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى قَبُول هَذِهِ التَّوْبَةِ وَمَا يَسْقُطُ بِهَا :

فَقَال الْحَنَفِيَّةُ : لاَ تَصِحُّ تَوْبَةُ الْقَاتِل بِالاِسْتِغْفَارِ وَالنَّدَامَةِ فَقَطْ

بَل تَتَوَقَّفُ عَلَى إِرْضَاءِ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُول ، فَإِنْ كَانَ الْقَتْل عَمْدًا فَلاَ بُدَّ أَنْ يُمَكِّنَهُمْ مِنَ الْقَصَاصِ مِنْهُ فَإِنْ أَرَادُوا قَتَلُوهُ ، وَإِنْ أَرَادُوا عَفَوْا عَنْهُ ، فَإِنْ عَفَوْا عَنْهُ كَفَتْهُ التَّوْبَةُ وَيَبْرَأُ فِي الدُّنْيَا .

وَأَطْلَقَ الْمَالِكِيَّةُ الْقَوْل فِي قَبُول تَوْبَةِ الْقَاتِل الْعَمْدِ

قَال الْقُرْطُبِيُّ : وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْل السُّنَّةِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ .

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ : أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الْكُفْرِ الْقَتْل ظُلْمًا ، وَبِالْقَوَدِ أَوِ الْعَفْوِ لاَ تَبْقَى مُطَالَبَةٌ أُخْرَوِيَّةٌ ، مَعَ بَقَاءِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ لاَ يَسْقُطُ إِلاَّ بِتَوْبَةٍ صَحِيحَةٍ

وَمُجَرَّدُ التَّمْكِينِ مِنَ الْقَوَدِ لاَ يُفِيدُ إِلاَّ إِنِ انْضَمَّ إِلَيْهِ نَدَمٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْصِيَةِ ، وَعَزْمٌ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ .

وَقَال الْحَنَابِلَةُ : لاَ يَسْقُطُ حَقُّ الْمَقْتُول فِي الآْخِرَةِ بِمُجَرَّدِ التَّوْبَةِ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ ، فَعَلَى هَذَا يَأْخُذُ الْمَقْتُول مِنْ حَسَنَاتِ الْقَاتِل بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ .

فَإِنِ اقْتُصَّ لِلْمَقْتُول مِنَ الْقَاتِل أَوْ عَفَى وَلِيُّهُ عَنِ الْقَصَاصِ فَهَل يُطَالِبُهُ الْمَقْتُول فِي الآْخِرَةِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، وَأَطْلَقَهُمَا صَاحِبُ الْفُرُوعِ .

وَخَالَفَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْجُمْهُورَ فِي قَبُول تَوْبَةِ الْقَاتِل

فَذَهَبَا إِلَى أَنَّ تَوْبَةَ الْقَاتِل عَمْدًا ظُلْمًا لاَ تُقْبَل

لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) ، فَقَدْ سُئِل ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : هَل لِمَنْ قَتَل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا مِنْ تَوْبَةٍ ؟

فَقَال : لاَ إِلاَّ النَّارَ ، فَقَرَأَ الآْيَةَ السَّابِقَةَ وَهِيَ آخِرُ مَا نَزَل فِي هَذَا الشَّأْنِ وَلَمْ يَنْسَخْهَا شَيْءٌ ، وَلأِنَّ لَفْظَ الآْيَةِ لَفْظُ الْخَبَرِ ، وَالأْخْبَارُ لاَ يَدْخُلُهَا نَسْخٌ وَلاَ تَغْيِيرٌ ؛ لأِنَّ خَبَرَ اللَّهِ تَعَالَى لاَ يَكُونُ إِلاَّ صِدْقًا ".

انتهى من "الموسوعة الفقهية" (41 /30-31) باختصار .

وقال ابن جرير الطبري رحمه الله :

" وأما قوله : ( فجزاؤه جهنم خالدًا فيها ) فإن أهل التأويل اختلفوا في معناه :

1- فقال بعضهم معناه : فجزاؤه جهنم ، إن جازاه .

وممن قال ذلك أبو مجلز لاحق بن حميد ، وأبو صالح .

2- وقال آخرون: عُنِي بذلك رجل بعينه ، كان أسلم فارتدّ عن إسلامه، وقتل رجلا مؤمنًا، قالوا: فمعنى الآية: ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا مستحلا قتلَه ، فجزاؤه جهنم خالدًا فيها.

حكاه عكرمة مولى ابن عباس .

3- وقال آخرون : معنى ذلك : إلا من تاب .

وممن قاله مجاهد بن جبر .

4- وقال آخرون : ذلك إيجاب من الله الوعيدَ لقاتل المؤمن متعمّدًا، كائنًا من كان القاتل

على ما وصفه في كتابه ، ولم يجعل له توبة من فعله ، قالوا: فكل قاتل مؤمن عمدًا، فله ما أوعده الله من العذاب والخلود في النار، ولا توبة له ، وقالوا: نزلت هذه الآية بعد التي في"سورة الفرقان".

وممن روي عنه ذلك ابن مسعود وابن عباس وزيد بن ثابت والضحاك بن مزاحم .

قال ابن جرير :

" وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معناه: ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا، فجزاؤه إن جزاه جهنم خالدًا فيها، ولكنه يعفو ويتفضَّل على أهل الإيمان به وبرسوله، فلا يجازيهم بالخلود فيها

ولكنه عز ذكره إما أن يعفو بفضله فلا يدخله النار، وإما أن يدخله إيّاها ثم يخرجه منها بفضل رحمته ، لما سلف من وعده عباده المؤمنين

بقوله :( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ) الزمر/ 53 " .

انتهى باختصار من "تفسير الطبري" (9 /61-69) .

وقال ابن كثير رحمه الله :

" والذي عليه الجمهور من سلف الأمة وخلفها: أن القاتل له توبة فيما بينه وبين ربه عز وجل، فإن تاب وأناب وخشع وخضع ، وعمل عملا صالحا ، بدل الله سيئاته حسنات ، وعوض المقتول من ظلامته وأرضاه عن طلابته "

انتهى من "تفسير ابن كثير" (2 /380) .

وانظر : "مدارج السالكين" (1/392-399)

"تفسير ابن كثير" (6/124-130) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" فإن قلت : ماذا تقول فيما صح عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن القاتل ليس له توبة ؟!

‍فالجواب : من أحد الوجهين:

إما أن ابن عباس رضي الله عنهما استبعد أن يكون للقاتل عمدا توبة ، ورأى أنه لا يوفق للتوبة، وإذا لم يوفق للتوبة ، فإنه لا يسقط عنه الإثم، بل يؤاخذ به.

وإما أن يقال: إن مراد ابن عباس : أن لا توبة له فيما يتعلق بحق المقتول " .

انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (8 /222).

وقد صح عن ابن عباس ـ أيضا ـ أن له توبة ؛ فروى الطبري (9/67) عنه قال : " ليس لقاتل توبة، إلا أن يستغفر الله " .

قال الشيخ الألباني رحمه الله

: " أخرجه ابن جرير بسند جيد ، ولعله يعني أنه لا يغفر له ، على قوله الأول ، ثم استدرك على نفسه فقال : " إلا أن يستغفر الله "

انتهى من "السلسلة الصحيحة" (6 /298) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-11-20, 15:16
هل تكفي توبة القاتل دون أن يسلم نفسه لأولياء المقتول

السؤال

عادة ما أدخل على هذا الموقع ، وأقوم بقراءة فتاوى عديدة ، ونحن نكن له تقديرا كبيرا ، لأنه يساعدنا كثيرا ، وقد قرأت الكثير من الفتاوى ، لكنى بحاجة إلى المزيد من التوضيح بخصوص بعضها

وبيان لفتواكم فيما يلى : بخصوص القاتل الذي قام بقتل شخص ما سرا ، لكنه أخفى جريمته وتاب ، فهل تقبل توبته عن قتل مسلم ، أم إنه يجب عليه أن يعلن ما قام به ، لكي يقتص منه ؟

الجواب

الحمد لله

قتل المؤمن عمدا يتعلق به ثلاثة حقوق :

حق الله عز وجل

وحق المقتول

وحق لأولياء المقتول

فإن تاب القاتل توبة نصوحا سقط حق الله

وإن سَلَّم نفسه للأولياء فاقتصوا منه أو أخذوا الدية

أو عَفَوْا ، سقط حق الأولياء

وبقي حق المقتول

ويُرجى أن يسقطه الله عنه ويعوض المقتول من فضله .

قال ابن القيم رحمه الله :

" والتحقيق في المسألة أن القتل يتعلق به ثلاثة حقوق : حق لله ، وحق للمظلوم المقتول ، وحق للولي ، فإذا سلّم القاتل نفسه طوعا واختيارا إلى الولي

ندما على ما فعل ، وخوفا من الله ، وتوبة نصوحا : يسقط حق الله بالتوبة ، وحق الولي بالاستيفاء أو الصلح ، أو العفو ، وبقى حق المقتول يعوضه الله عنه يوم القيامة عن عبده التائب المحسن ويصلح بينه وبينه

فلا يبطل حق هذا ، ولا تبطل توبة هذا "

انتهى من "الجواب الكافي" ص 102

ونقله المرداوي في "تصحيح الفروع" (6/ 171) وقال :

" وتبع في ذلك الشيخ تقي الدين فإنه فصل هذا التفصيل واختاره , وهو الصواب الذي لا شك فيه ".

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والعمد فيه ثلاثة حقوق :

الأول : حق الله ، وهذا يسقط بالتوبة .

الثاني : حق أولياء المقتول ، ويسقط بتسليم نفسه لهم .

الثالث : حق المقتول ، وهذا لا يسقط ؛ لأن المقتول قد قتل وذهب ، ولكن هل يؤخذ من حسنات القاتل ، أو أن الله تعالى بفضله يتحمل عنه ؟ الصواب : أن الله بفضله يتحمل عنه إذا علم صدق توبة هذا القاتل "

انتهى من "الشرح الممتع" (14/ 7).


فإذا أخفى القاتل جريمته ، ولم يخبر أولياء المقتول ، فقد بقي عليه حق الأولياء وحق القتيل .

ومن شروط التوبة إذا كان الذنب متعلقا بالغير : رد الحق إليه ، أو التحلل منه ، فيلزم القاتل أن يخبر أولياء المقتول ليعفوا ، أو يقتصوا

أو يطلبوا الدية ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا

فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ) ، رواه البخاري (6534).

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " في مسلم قتل مسلما متعمدا بغير حق، ثم تاب بعد ذلك : فهل ترجى له التوبة، وينجو من النار، أم لا؟ وهل يجب عليه دية، أم لا؟

فأجاب :

" قاتل النفس بغير حق عليه حقان :

حق لله بكونه تعدى حدود الله وانتهك حرماته ، فهذا الذنب يغفره الله بالتوبة الصحيحة ، كما قال تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا )

أي : لمن تاب . وقال : ( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا *

إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) . وفي الصحيحين وغيرهما عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم

: ( أن رجلا قتل تسعة وتسعين رجلا، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدُلَّ عليه، فسأله : هل من توبة ؟ فقال : أبعد تسعة وتسعين تكون لك توبة ؟ فقتله، فكمل به مائة! ثم مكث ما شاء الله

ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل عليه ، فسأله هل لي من توبة ؟

قال : ومن يحول بينك وبين التوبة ؟ ولكن ائت قرية كذا ، فإن فيها قوما صالحين فاعبد الله معهم

فأدركه الموت في الطريق، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ؛ فبعث الله ملكا يحكم بينهم ، فأمر أن يقاس ؛ فإلى أي القريتين كان أقرب ألحق به ؛ فوجدوه أقرب إلى القرية الصالحة فغفر الله له ).

والحق الثاني : حق الآدميين. فعلى القاتل أن يعطي أولياء المقتول حقهم ، فيمكنهم من القصاص ؛ أو يصالحهم بمال، أو يطلب منهم العفو ، فإذا فعل ذلك فقد أدى ما عليه من حقهم، وذلك من تمام التوبة.

وهل يبقى للمقتول عليه حق يطالبه به يوم القيامة ؟

على قولين للعلماء في مذهب أحمد وغيره ؛ ومن قال يبقى له ؛ فإنه [ يقول ] : يستكثر القاتل من الحسنات حتى يعطي المقتول من حسناته بقدر حقه، ويبقى له ما يبقى،

فإذا استكثر القاتل التائب من الحسنات رجيت له رحمة الله ؛ وأنجاه من النار ( ولا يقنط من رحمة الله إلا القوم الفاسقون ) "

انتهى من "الفتاوى الكبرى" (3/ 407)،

مجموع الفتاوى (34/ 171).

وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله :

" وَإِنْ كَانَ قَوَدًا أَوْ حَدَّ قَذْفٍ اُشْتُرِطَ ... أَنْ يُمَكِّنَ الْمُسْتَحِقَّ مِنْ اسْتِيفَائِهِ ، بِأَنْ يُعْلِمَهُ ، إنْ جَهِلَ الْقَاتِلُ ، وَيَقُولَ لَهُ : إنْ شِئْت فَاقْتَصَّ ، وَإِنْ شِئْت فَاعْفُ

فَإِنْ امْتَنَعَ [ أي: صاحب الحق ] مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا : صَحَّتْ التَّوْبَةُ ، وَلَوْ تَعَذَّرَ وُصُولُهُ لِلْمُسْتَحِقِّ نَوَى التَّمْكِينَ إذَا قَدَرَ ، وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ". انتهى . من "الزواجر" (3/3414-315) .

وقال ابن عابدين رحمه الله :

" قوله ( لا تصح توبة القاتل حتى يسلم نفسه للقود ) أي لا تكفيه التوبة وحدها . قال في "تبيين المحارم" : واعلم أن توبة القاتل لا تكون بالاستغفار والندامة فقط

بل تتوقف على إرضاء أولياء المقتول ، فإن كان القتل عمدا لا بد أن يمكنهم من القصاص منه , فإن شاءوا قتلوه , وإن شاءوا عفوا عنه مجانا ,

فإن عفوا عنه كفته التوبة اهـ ملخصا . وقدمنا آنفا أنه بالعفو عنه يبرأ في الدنيا , وهل يبرأ فيما بينه وبين الله تعالى ؟ هو بمنزلة الدين على رجل

فمات الطالب وأبرأته الورثة : يبرأ فيما بقي ; أما في ظلمه المتقدم لا يبرأ ، فكذا القاتل : لا يبرأ عن ظلمه ، ويبرأ عن القصاص والدية . تتارخانية . أقول

; والظاهر أن الظلم المتقدم لا يسقط بالتوبة ، لتعلق حق المقتول به , وأما ظلمه على نفسه بإقدامه على المعصية فيسقط بها تأمل . وفي "الحامدية" عن "فتاوى الإمام النووي" : مسألة : فيمن قتل مظلوما

فاقتص وارثه ، أو عفا عن الدية ، أو مجانا ؛ هل للقاتل بعد ذلك مطالبة في الآخرة ؟ الجواب : ظواهر الشرع تقتضي سقوط المطالبة في الآخرة اهـ , وكذا قال في "تبيين المحارم"

: ظاهر بعض الأحاديث يدل على أنه لا يطالب . وقال في "مختار الفتاوى"

: القصاص مخلّص من حق الأولياء , وأما المقتول فيخاصمه يوم القيامة ، فإن بالقصاص ما حصل فائدة للمقتول ، وحقه باق عليه ا هـ وهو مؤيد لما استظهرته "

انتهى من "حاشية ابن عابدين" (6/ 548).

وقال الشوكاني رحمه الله :

والتوبة النافعة ههنا هي الاعتراف بالقتل عند الوارث ، إن كان له وارث ، أو السلطان إن لم يكن له وارث , والندم على ذلك الفعل ، والعزم على ترك العود إلى مثله ,

لا مجرد الندم والعزم بدون اعتراف وتسليم للنفس أو الدية إن اختارها مستحقها ؛ لأن حق الآدمي لا بد فيه من أمر زائد على حقوق الله ، وهو تسليمه ، أو تسليم عوضه ، بعد الاعتراف به "

انتهى من "نيل الأوطار" (7/ 69).

والحاصل : أن حق الأولياء لا يسقط إلا بتسليم القاتل نفسه لهم ، ولا تتم التوبة إلا بذلك ، وأما حق المقتول ففيه الخلاف السابق ، والأظهر أنه مع التوبة الصادقة يعوض الله عن القاتل يوم القيامة ويصلح بينه وبين المقتول .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-11-21, 15:29
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


هل تمتنع عن الذهاب للحج لأنها ستعود للمعاصي بعد الحج؟

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر 24 عاماً ، وأريد أن أذهب إلى الحج ، ولكن أقاربي يقولون لي: إنك لابد أن تقعي في الذنوب مثل الذهاب إلى حفلات الزواج

وبالطبع هناك موسيقى واختلاط بين الرجل والمرأة . لذلك بعد العودة من الحج هل أستطيع الذهاب إلى حيث الاختلاط بين الرجل والمرأة ؟ وهل يجوز أن أذهب مع عمي إلى الحج ؟

الجواب

الحمد لله

أولاً :

نحب أن نهنئك على نيتك وعزمك على الحج ، ففي مثل هذه السن ، وفي تلك البلاد البعيدة يندر من يفكر في أداء هذه الفريضة العظيمة

ولعلَّ ذلك بسبب انشغالهم بالدنيا وحرصهم على المال ، والتطبع بطبائع أهل تلك البلاد الكافرة ، ومن أجل ذلك فقد أوصى الشرع بعدم السكنى معهم

وقد نبهنا على هذا مراراً ، فنسأل الله تعالى أن يوفقك وأهلك لسكنى بلاد الإسلام .

ثانياً:

اعلمي – يا أختنا – أن المعاصي تغضب الله تعالى ، ويستحق فاعلها العقوبة ، ولا فرق بين أن تكون تلك المعاصي قبل الحج أو بعده

وقد كتب الإمام ابن القيم في كتابه " الجواب الكافي لمن سئل عن الدواء الشافي " جملة من آثار المعاصي على صاحبها –

وقد ذكرناها بتفصيل في جواب السؤال القادم

ومما ذكره رحمه الله : أن المعاصي سبب للوحشة بين العبد وربه ، وهي سبب لذهاب البركة ، وسوء الخاتمة ، وتعسير الأمور ، وقلة الرزق.

ومن فضل الله تعالى على هذه الأمة أن جعل لها مواسم خير يغتنمها المسلم ليكفِّر عن سيئاته وليزداد ثوابه ، فصوم يوم عرفة يكفر سنتين ، وصوم يوم عاشوراء يكفِّر سنة ، وهكذا .

ومن أعظم مواسم الخير وأعمال الطاعات : الحج ، فقد جاء في السنة الصحيحة أنه : ( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ) رواه البخاري ( 1683 ) ، ومسلم ( 1349 ) .

والمسلم العاقل يغتنم مثل هذه الفرص لا ليعود بعد تلك الأعمال ليبدأ من جديد في المعاصي ، بل ليفتح صفحة جديدة في صحيفته ، ويصطلح مع ربه تبارك وتعالى

وإذا علم المسلم أنه لم يعد عنده من المعاصي شيء : شكر ربه تعالى ، ومن الشكر أنه لا يعود إلى ما يغضبه .

وليس يعني هذا أن من حج لن يعود إلى المعصية ؛ بل معناه أن من شأن الطاعات بصفة عامة أن تحجز صاحبها عن المعاصي ، بمن من الله وفضل ، ومن شأنها أيضا ، ولا سيما الحج :

أن تذهب عن العبد آثار المعاصي ، وعارها .

ومن أجل ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( تابعوا بين الحج والعمرة ؛ فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة

وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة ) رواه الترمذي ( 810 ) وصححه ، والنسائي ( 2631 ) ، وصححه الألباني في " صحيح الجامع " (2901).

وهذا دليل على أن المسلم قد يأتي قبل الحج وبعده بذنوب ومعاصي ، وليس أحدٌ معصوماً عن الوقوع في المعصية ، لكنه إذا كان كثير الحج والعمرة فإن ذنوبه تكفَّر بهذه المتابعة .

وليس القصد أن نقول إن العبد له رخصة في المعاصي ، بعد الحج ، أو قبله ، حاش لله ، وهيهات ، فلا رخصة لأحد في معصية الله ، لكننا نريد أن نقول : لو أن كل صاحب معصية

امتنع من حج بيت الله ، لما حج بيت الله أحد ، ولما قام أحد بشعيرة الله .

وهكذا الحال : لو كان كل من خاف من المعصية : لم يحج ، لبطل حج بيت الله الحرام ؛ فما من عبد مؤمن ، يأمن على نفسه الوقوع في المعاصي في حال من الأحوال ؛ وغاية ما في الأمر أن نقول :

إن الله أمر عباده بالتوبة ؛ فقال : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور/31 ؛ وهذا أمر عام بالتوبة من المعاصي ، صغيرها وكبيرها .

ومن تمام التوبة : أن يوطن العبد نفسه على ألا يعود إلى شيء منها .

فإن غلبته نفسه ، فعاد إلى شيء منها : وجب عليه أن يبادر بالتوبة مرة أخرى ، والإكثار من الخيرات .

إن الوقوع في الذنب يستوجب علينا أن نبادر إلى عمل الطاعة ، وأن نستكثر من الطاعات في كل وقت وحين ، لا أن نفرط في طاعة عظيمة ، كحج بيت الله الحرام

خشية من الوقوع في الذنب مرة أخرى ؛ فهذا عكس لطبائع الأمور .

ثالثاً :

وأما الذهاب مع عمك : فنعم ، يجوز لك الذهاب مع عمك ؛ لأنه من محارمك ؛ فإن كان هذا هو حج الفريضة : فذهابك معه واجب عليك ، وليس جائزا فقط .

فاستعيني بالله يا أمة الله ، وبادري إلى الحج ، واجتهدي في التوبة إلى الله ، والافتقار إليه أن يحفظك من الذنب والزلل .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-11-21, 15:32
المعصية وأثرها على صاحبها

السؤال

حججت عن نفسي وبعد الحج بأشهر لم أر علامات القبول من الإقبال على الطاعات بل عملت الكثير من المعاصي وفي العام المنصرم عقدت العزم على الحج عن أمي المتوفاة

سألت أحد المشايخ فأفتاني بالحج عنها كما نويت والكثرة من الاستغفار والتضرع فحججت عن أمي في إحدى الحملات وفي طواف الوداع كان الزحام شديدا فطفنا شوطا وجزء من شوط ثم صعدنا إلى السطح

لشدة الزحام لم نعلم الموقع الذي وقفنا عنده بالضبط في الأسفل ولكن اجتهدنا في بداية الطواف من السطح أن يكون من الموضع الذي انتهينا عنده أسفل وطفنا حتى أتممنا الطواف ..

بعد حجي الأخير إن اتجهت للمعاصي - وقد وقعت في كثير منها - شعرت بقسوة وضيق صدر وإن اتجهت إلى الطاعات أحسست بلذةٍ وأحمل عاطفة صادقة ومتأثرة نحو حال الإسلام وأهله في هذا الزمن .

. وأنا قلق بشأن الحجين وشأن الطواف .. أفتوني مأجورين.

الجواب

الحمد لله

أولاً : ننصحك أيها السائل بالبعد عن المعاصي صغيرها وكبيرها والحذر كل الحذر منها ؛ فإن للمعصية شؤماً على صاحبها ، فإليك بعض آثارها من كلام ابن القيم رحمه الله :

1- " حرمان العلم ، فإن العلم نور يقذفه الله في القلب ، والمعصية تُطفئ ذلك النور . ولما جلس الشافعي بين يدي مالك وقرأ عليه أعجبه ما رأى من وفور فطنته

وتوقُّد ذكائه ، وكمال فهمه ، فقال : إني أرى الله قد ألقى على قلبك نوراً ، فلا تُطفئه بظلمة المعصية .

2- حرمان الرزق ففي مسند الإمام أحمد عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " إن الرجل ليُحرم الرزق بالذنب يُصيبه " رواه ابن ماجه (4022) وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه .

3- وحشة تحصل للعاصي بينه وبين ربه ، وبينه وبين الناس .قال بعض السلف : إني لأعصي الله ، فأرى ذلك في خلق دابتي وامرأتي .

4- تعسير أموره عليه ، فلا يتوجه لأمرٍ إلا ويجده مغلقاً دونه أو متعسراً عليه ، وهذا كما أن من اتقى الله جعل له من أمره يسرا .

5- أن العاصي يجد ظلمةً في قلبه ، يُحس بها كما يحس بظلمة الليل ، فتصير ظلمة المعصية لقلبه كالظلمة الحسية لبصره ، فإن الطاعة نور ، والمعصية ظلمة

وكلما قويت الظلمة ازدادت حيرته حتى يقع في البدع والضلالات والأمور المهلكة وهو لا يشعر ، كأعمى خرج في ظلمة الليل يمشي وحده ، وتقوى هذه الظلمة حتى تظهر في العين

ثم تقوى حتى تعلو الوجه، وتصير سواداً يراه كل أحد . قال عبد الله بن عباس :" إنللحسنة ضياءً في الوجه ، ونوراً في القلب ، وسعةً في الرزق

وقوةًفي البدن ، ومحبةً في قلوب الخلق ، وإن للسيئة سواداً في الوجه ، وظلمةً في القلب ، ووهناً في البدن , ونقصاً في الرزق ، وبغضةً في قلوب الخلق " .

6- حرمان الطاعة ، فلو لم يكن للذنب عقوبةٌ إلا أن يُصدَّ عن طاعةٍ تكون بدله ، وتقطع طريق طاعة أخرى ، فينقطع عليه بالذنب طريقٌ ثالثة ثم رابعة وهلم جرا ، فينقطع عنه بالذنب طاعات كثيرة

كل واحدة منها خير له من الدنيا وما عليها ، وهذا كرجل أكل أكلةً أوجبت له مرضاً طويلا منعه من عدة أكلات أطيب منها والله المستعان .

7- أن المعاصي تزرع أمثالها ، ويُولِّد بعضها بعضاً ، حتى يعز على العبد مفارقتها والخروج منها .

8- أن المعاصي تُضعف القلب عن إرادته ، فتقوى إرادة المعصية ، وتضعف إرادة التوبة شيئاً فشيئاً إلى أن تنسلخ من قلبه إرادة التوبة بالكلية ، ..

. فيأتي من الاستغفار وتوبة الكذابين باللسان بشيءٍ كثير ، وقلبه معقودٌ بالمعصية ، مُصرٌ عليها ، عازم على مواقعتها متى أمكنه ، وهذا من أعظم الأمراض وأقربها إلى الهلاك .

9- أنه ينسلخ من القلب استقباح المعصية فتصير له عادة ، لا يستقبح من نفسه رؤية الناس له ،ولا كلامهم فيه .

وهذا عند أرباب الفسوق هو غاية التهتك وتمام اللذة ، حتى يفتخر أحدهم بالمعصية ، ويُحدِّث بها من لم يعلم أنه عملها ، فيقول : يا فلان ، عملت كذا وكذا . وهذا الضرب من الناس لا يعافون

ويُسدُّ عليهم طريق التوبة ،وتغلق عنهم أبوابها في الغالب . كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كلُّ أمتي معافى إلا المجاهرون ، وإنَّ من المجاهرة

: أن يستر الله العبد ثم يُصبح يفضح نفسه ويقول : يا فلان عملت يوم كذا .. كذا وكذا ، فيهتك نفسه وقد بات يستره ربه " رواه البخاري (5949) ومسلم (2744) .

10- أن الذنوب إذا تكاثرت طُبِعَ على قلب صاحبها ، فكان من الغافلين . كما قال بعض السلف في قوله تعالى : كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون قال : هو الذنب بعد الذنب .

وأصل هذا أن القلب يصدأ من المعصية ، فإذا زادت غلب الصدأ حتى يصير راناً ، ثم يغلب حتى يصير طبعاً وقفلاً وختماً ، فيصير القلب في غشاوة وغلاف

فإذا حصل له ذلك بعد الهدى والبصيرة انتكس فصار أعلاه أسفـله ، فحينئذٍ يتولاه الشيطان ويسوقه حيث أراد .

ثانياً : قولك إنك " حججت ولم تر علامات القبول ، بل ازددت من المعاصي " يجاب عليه : بأن القبول إنما هو من الله ، ولا يستطيع أحدٌ أن يجزم لك بأن عملك قد قبل أم لا ؟

فالمؤمن يعمل الأعمال الصالحة وهو لا يعلم هل قبل الله منه أم لا ؟

حتى قال ابن عمر لو علمت بأن الله قبل مني حسنة واحدة لكان الموت أحب غائب إليَّ ؛ لأن الله يقول : " إنما يتقبل الله من المتقين " .

والإنسان مطلوب منه أن يُكثر من العمل الصالح ، وأن يجتهد في العمل بحيث يكون موافقاً لأمر الله ورسوله ، ويكون بذلك قد أبرأ ذمته ، ثم يسأل الله القبول .

فأنت أيها السائل إذا كان حجك صحيحاً خالياً من المحظورات فلا يلزمك إعادته ، وأما وقوعك في المعاصي فليس له تعلق بصحة الحج من عدمه ، ولكنك محاسب عليها،فعليك بالمبادرة بالتوبة منها قبل حلول الأجل .

ثالثاً : قولك بأنك طفت ثم صعدت إلى السطح لشدة الزحام .

هذه مسألة الموالاة في الطواف ، وقد سُئلت اللجنة الدائمة عن سؤالٍ مشابهٍ لمسألتك فأجابت بأنه لا بأس من قطع الطواف وإكماله في الدور الأعلى

.انظر فتاوى اللجنة الدائمة (11/230 ، 231، 232) .

وأما بداية الطواف فيكون من الموضع الذي انتهيت إليه ، وبالنسبة لاجتهادك في تحديد الموضع فإنه إذا تعذر اليقين عمل الإنسان بغلبة الظن لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيمن شك فتردد هل صلى ثلاثاً أم أربعاً قال

: " فليتحرَّ الصواب ، ثم ليُتم عليه – أي يبني على التحري – ثم ليُسلم ثم ليسجد سجدتين بعد أن يُسلم " رواه البخاري (401) ومسلم (572) ، أنظر الشرح الممتع (3/461) .

وبناءً عليه فإكمال الطواف من السطح واجتهادك في البداية من الموضع الذي قطعت طوافك منه لا شيء عليك فيه إن شاء الله

والله أعلم .

: الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-11-21, 15:38
هل تصح التوبة من ذنب مع الإصرار على ذنب آخر؟

السؤال

هل تصح التوبة من ذنب معيّن دون آخر؟ وهل تقبل توبة العبد من ذنب معيّن ، إذا كان يعمل ذنباً آخر أم لا ؟

الجواب

الحمد لله

أمر الله تعالى عباده المؤمنين بالتوبة فقال : (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) النور/31 ، وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا) التحريم/8.

وأمرنا رسوله صلى الله عليه وسلم بالتوبة فقَالَ : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ ، فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ) رواه مسلم (2702) .

ولهذا اتفق العلماء رحمهم الله على أن التوبة من المعاصي واجبة .

قال ابن جزي في "التسهيل" (1232) :

" التوبة واجبة على كل مؤمن مكلف بدليل الكتاب والسنة وإجماع الأمة " انتهى .

وقال النووي رحمه الله :

" وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ التَّوْبَة مِنْ جَمِيع الْمَعَاصِي وَاجِبَة , وَأَنَّهَا وَاجِبَة عَلَى الْفَوْر , لَا يَجُوز تَأْخِيرهَا , سَوَاء كَانَتْ الْمَعْصِيَة صَغِيرَة أَوْ كَبِيرَة . وَالتَّوْبَة مِنْ مُهِمَّات الْإِسْلَام وَقَوَاعِده الْمُتَأَكِّدَة " انتهى .

"شرح مسلم" (17/59) .

أما التوبة من ذنب مع الإقامة على غيره فتصح على الراجح من أقوال أهل العلم ، وإن كانت توبة قاصرة غير كاملة .

قال النووي رحمه الله :

"وَتَصِحّ التَّوْبَة مِنْ ذَنْب , وَإِنْ كَانَ مُصِرًّا عَلَى ذَنْب آخَر , وَإِذَا تَابَ تَوْبَة صَحِيحَة بِشُرُوطِهَا , ثُمَّ عَاوَدَ ذَلِكَ الذَّنْب , كُتِبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الذَّنْب الثَّانِي , وَلَمْ تَبْطُل تَوْبَته , هَذَا مَذْهَب أَهْل السُّنَّة فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ" انتهى .

"شرح مسلم" (17/59-60) .

وقال ابن القيم رحمه الله :

"هل تصح التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره ؟ فيه قولان لأهل العلم ، وهما روايتان عن الإمام أحمد رضي الله عنه .

والذي عندي في هذه المسألة : أن التوبة لا تصح من ذنب مع الإصرار على آخر من نوعه . وأما التوبة من ذنب مع مباشرة آخر لا تعلق له به ولا هو من نوعه فتصح

كما إذا تاب من الربا ولم يتب من شرب الخمر مثلا فإن توبته من الربا صحيحة ، وأما إذا تاب من ربا الفضل ولم يتب من ربا النسيئة وأصر عليه أو بالعكس ، أو تاب من تناول الحشيشة وأصر على شرب الخمر أو بالعكس

: فهذا لا تصح توبته ، وهو كمن يتوب عن الزنا بامرأة وهو مصر على الزنا بغيرها غير تائب منها ، أو تاب من شرب عصير العنب المسكر وهو مصر على شرب غيره من الأشربة المسكرة .

فهذا في الحقيقة لم يتب من الذنب ، وإنما عدل عن نوع منه إلى نوع آخر ، بخلاف من عدل عن معصية إلى معصية أخرى غيرها في الجنس " انتهى مختصرا .

"مدارج السالكين" (1/273-275) .

وقال القرطبي :

"اتفقت الأمة على أن التوبة فرض على المؤمنين

لقوله تعالى : (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ)

. وتصح من ذنب مع الإقامة على غيره من غير نوعه ، خلافاً للمعتزلة في قولهم: لا يكون تائباً من أقام على ذنب . ولا فرق بين معصية ومعصية - هذا مذهب أهل السنة" انتهى .

"الجامع لأحكام القرآن" (5/90) .

وقال في "غذاء الألباب" (4/207) :

" وَتَصِحُّ مِنْ بَعْضِ ذُنُوبِهِ فِي الْأَصَحِّ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ .

نَعَمْ ، لَا تَصِحُّ التَّوْبَةُ مِنْ ذَنْبٍ أَصَرَّ عَلَى مِثْلِهِ ، مِثْلُ : أَنْ يَتُوبَ مِنْ زِنَاهُ يَوْمَ كَذَا أَوْ فِي فُلَانَةَ

وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَى الزِّنَا بِغَيْرِهَا أَوْ بِهَا ، وَإِنَّمَا تَابَ مِنْ الزِّنَا الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ أَوَّلًا دُونَ مَا يَفْعَلُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، فَهُوَ مُصِرٌّ عَلَى أَصْلِ فِعْلِ الزِّنَا ، فَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ مِنْهُ حِينَئِذٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ " انتهى .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

"وهل تصح التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره ؟ للعلماء في هذا ثلاثة أقوال : الأول : أنها تصح ، والثاني : أنها تصح إن كان الذنب من غير الجنس ، والثالث : لا تصح .

والصحيح : أنها تصح من ذنب مع الإصرار على غيره ، لكن لا يستحق اسم التائبين على سبيل الإطلاق ؛ فلا يستحق وصف التائب ، ولا يدخل في مدح التائبين

لأن توبته مقيدة من هذا الذنب المعين . ومثال ذلك : إذا تاب رجل من الزنا لكنه يتتبع النساء بالنظر المحرم فإن توبته من الزنا تصح على القول الراجح

لكن لا يستحق وصف التائب على سبيل الإطلاق . وعلى القول بأنها تصح إذا كانت من غير الجنس : فإنها لا تصح .

وإذا تاب من الزنا مع الإصرار على الربا فإنها تصح ؛ لأن الربا ليس من جنسه" انتهى .

"تفسير القرآن للعثيمين" (4/161) .

فهذا من حيث صحة التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره ، والواجب على المسلم أن يتوب من جميع ذنوبه ، وأن يستقيم على أمر الله ، لينجو من عذاب الله .

أما التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره فهي وإن كانت توبة صحيحة من ذلك الذنب ، لكنها توبة ناقصة ، وقاصرة ، وليست هي التوبة النصوح التي وعد الله تعالى أهلها بالمغفرة والجنة

قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ) التحريم/4 .

قال ابن القيم رحمه الله :

"النصح في التوبة يتضمن ثلاثة أشياء :

الأول : تعميم جميع الذنوب بحيث لا تدع ذنبا إلا تناولته .

والثاني : إجماع العزم والصدق بكليته عليها بحيث لا يبقى عنده تردد ولا تلوم ولا انتظار ، بل يجمع عليها كل إرادته وعزيمته مبادرا بها .

الثالث : تخليصها من الشوائب والعلل القادحة في إخلاصها ، ووقوعها لمحض الخوف من الله وخشيته والرغبة فيما لديه والرهبة مما عنده

لا كمن يتوب لحفظ جاهه وحرمته ومنصبه ورياسته ولحفظ حاله أو لحفظ قوته وماله أو استدعاء حمد الناس أو الهرب من ذمهم أو لئلا يتسلط عليه السفهاء

أو لقضاء نهمته من الدنيا أو لإفلاسه وعجزه ونحو ذلك من العلل التي تقدح في صحتها وخلوصها لله عز و جل" انتهى .

"مدارج السالكين" (1/377) .

نسأل الله تعالى أن يوفقنا للتوبة النصوح وأن يتقبل منا.

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-11-21, 15:42
هل القسم شرط في التوبة

السؤال

هل هناك أمل في أن يُغفر لنا إذا لم نقسم أو ننذر بأننا لن نفعل هذا الذنب مرة ثانية أبداً ؟

أنا أسأل هذا لأنك إذا كنت تعلم أنك يمكن أن تفعل نفس الذنب ثانية فهل هناك فائدة من القسم أو النذر على أنك لن تفعل الذنب مرة أخرى ؟

مع العلم أن الحنث باليمن مع الله يتطلب صيام 3 أيام .

الجواب

الحمد لله

فإن المولى جلت قدرته ، وعظم سلطانه ، لا يتعاظمه ذنب أن يغفره مهما كان هذا الذنب

ما دام أن العبد قد تاب منه , قال تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر / 53

فباب التوبة مفتوح ما لم يعاين المرء الموت ، وما لم تطلع الشمس من مغربها .

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

: " إن الله عز وجل يقبل توبة العبد ما لم يغرغر " أخرجه أحمد ( 2 / 132 ، 153 ) والترمذي ( 3537 ) وحسنه ، وحسنه أيضا الألباني في صحيح الترغيب ( 3 / 318 ) ( 3413 ) .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه " أخرجه مسلم ( 3073 ) .

فعلى المسلم أن يغتنم هذه الفرصة وهذا الفضل العظيم من الله جل جلاله ويعجل بالتوبة ما دام في زمن الإمهال ولا يسوف بالتوبة .

ولكن يجب أن تكون هذه التوبة توبة نصوحا

, كما قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ

وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) التحريم / 8 .

وذكر العلماء أن التوبة النصوح هي التي جمعت خمسة شروط :

1- أن تكون خالصة لله عز وجل .

2- أن يكون نادماً حزنا على ما سلف من ذنبه , يتمنى أنه لم يحصل منه .

3- أن يقلع عن المعصية فوراً ، فإن كانت المعصية بفعل محرم تركه في الحال , وإن كانت المعصية بترك واجب فعله في الحال , وإذا كانت المعصية فيما يتعلق بحقوق الخلق لم تصح التوبة منها حتى يتخلص من تلك الحقوق .

4- أن يعزم على أن لا يعود في المستقبل إلى المعصية .

5- أن لا تكون بعد انتهاء وقت قبول التوبة , كما سبق . [ينظر : مجالس شهر رمضان لابن عثيمين 143] .

وبهذا يعلم أنه ليس من شرط التوبة عدم العود إلى الذنب , وإنما شرطه العزم الجازم الصادق على أن لا يعود ،

فإن تاب العبد من الذنب الذي هو عليه ثم لعب به الشيطان ونكص على عقبيه ـ ولا حول ولا قوة إلا بالله ـ فلا ييأس من روح الله ، وليجدّ في التوبة مرة أخرى فإن الله يقبله ، فهو سبحانه واسع الفضل عظيم المغفرة .

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ؛ حتى تطلع الشمس من مغربها " أخرجه مسلم ( 2759 ) .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إِنَّ عَبْدًا أَصَابَ ذَنْبًا فَقَالَ : رَبِّ أَذْنَبْتُ فَاغْفِرْ لِي . فَقَالَ رَبُّهُ : أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِي

. ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا ، فَقَالَ : رَبِّ أَذْنَبْتُ فَاغْفِرْهُ . فَقَالَ : أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِي . . . الحديث . رواه البخاري ( 7505) ومسلم ( 2753 ) .

ولكن ينبغي على المسلم العاقل أن يكون صادق التوبة مع الله ، صادق العزم على عدم العودة مرة أخرى ، نادمًا على ما قد جناه ، ولا تكون توبته بلسانه فقط دون جوارحه ، فهذه توبة الكذابين .

وأما القسم أو النذر بأن لا يفعل العبد هذا الذنب مرة أخرى , فلا حاجة إليه , فالتوبة النصوح تحصل باجتماع الشروط السابقة .

بقي أن يشار إلى ما ذكره السائل من أن من حنث في يمينه فعليه صيام ثلاثة أيام , فهذا ليس على إطلاقه , وإنما الواجب على من حنث في يمينه هو : عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم

, فإن لم يجد صام ثلاثة أيام , فالصيام يكون عند تعذر الأمور الثلاثة الأولى , أما مع إمكان الإتيان بأحدها فإنه لا يجوز له الانتقال إلى الصيام

كما دل عليه قوله تعالى : ( لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ

ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) المائدة / 89 .

هذا والله تعالى أعلم ,

وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

*عبدالرحمن*
2018-11-21, 15:45
ماذا يفعل التائب إذا اختلطت أمواله الحرام بأمواله الحلال

السؤال

ماذا يفعل بالمال الذي ربحه من تجارة الدخان ، وكذلك إذا احتفظ بأمواله الأخرى الحلال ؟

الجواب

الحمد لله

من تاجر بالمحرمات كبيع آلات اللهو والأشرطة المحرمة والدخان وهو يعلم حكمها ثم تاب يصرف أرباح هذه التجارة المحرمة في وجوه الخير تخلصاً لا صدقة ، لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً .

وإذا اختلط هذا المال الحرام بأموال أخرى حلال كصاحب البقالة الذي يبيع الدخان مع السلع المباحة ، فإنه يقدر هذا المال الحرام تقديراً باجتهاده

ويخرجه بحيث يغلب على ظنه أنه نقى أمواله من الكسب الحرام ، والله يعوضه خيراً وهو الواسع الكريم .

وعلى وجه العموم فإن من لديه أموالاً من كسب حرام ، وأراد أن يتوب فإن كان :

1- كافراً عند كسبها فلا يُلزم عند التوبة بإخراجها لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُلزم الصحابة بإخراج ما لديهم من الأموال المحرمة لما أسلموا .

2- وأما إن كان عند كسبه للحرام مسلماً عالماً بالتحريم فإنه يُخرج ما لديه من الحرام إذا تاب .

: الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-11-21, 15:51
اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

مع جذء اخر من سلسلة

اصول العقيدة

و اسال الله ان يجمعني بكم
دائما علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد

*عبدالرحمن*
2019-02-06, 15:20
و اخيرا ً

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

Ali Harmal
2019-03-09, 19:07
جزاك الله خيرا اخي عبد الرحمن عنا وعن ديننا وجعل ما تدونة في ميزان حسناتك وما ننقل عنك .

*عبدالرحمن*
2019-10-17, 16:16
جزاك الله خيرا اخي عبد الرحمن عنا وعن ديننا وجعل ما تدونة في ميزان حسناتك وما ننقل عنك .

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

كلنا اخوة يكمل بعضنا البعض

و من يستطيع ان يفيد اخيه فلا يتردد

بارك الله فيك
و جزاك الله عني كل خير

mz312002
2021-04-22, 10:19
بارك الله فيك

*عبدالرحمن*
2021-10-31, 13:05
بارك الله فيك

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

بارك الله فيك
و جزاك الله عني كل خير