المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نجوم تهاوت، وأوهام تداعت!


لقمان الحكيم.
2009-11-22, 16:34
مقابلة الجزائر- مصر إذا كان الحدث الكروي أو على الأصح المقابلة الفاصلة في كرة القدم بين الجزائر ومصر، المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2010، التي جرت في أم درمان بالسودان يوم 18 نوفمبر 2009، تفرض نفسها فرضا على النفس، وتكاد تأسر الذهن، فإن الكتابة عنها تبدو أشبه بالسير مغمض العينين فوق حقل مزدحم بالألغام السريعة الانفجار!

لأن ما أحدثته هذه المباراة الكروية بين بلدين شقيقين هما الجزائر ومصر من توتر، بل من شرخ في العلاقة المميزة بينهما هو أصعب من أن يوصف، وأعقد من أن يتصور بكل أطيافه وتفاصيله الشاذة.
إذ من السهل القول بأن الهدم أسهل من البناء، وأن الشجاعة ليست في رد إساءة الأقارب بل في الصبر عليها، ولكن يجب الاعتراف بأن ما صدر من ردود فعل وتعاليق وتصريحات بخصوص هذه المقابلة أدى في أقل حالاته سوء إلى رفع الضغط الدموي والإحباط النفسي...
كان يمكن أن نفسر التراشق الإعلامي بين البلدين بالرغبة في الإثارة والانتشار وتحقيق أكبر قدر من المبيعات والربح المادي، أو حجم المشاهدة والمتابعة وجلب المادة الإشهارية، لأن أخلاقيات المهنة في الوطن العربي هي شيء مثل الغول والعنقاء والخل الوفي، تسمع به ولا تراه!
ولكن أن تندفع النخبة المصرية من فنانين وكتاب وممثلين وسياسيين من نجوم المجتمع بذلك الحماس والصخب لشتم الجزائريين "وأبلستهم"، وإلصاق كل عيوب الدنيا بهم، وجعل ذلك هو طريقتهم للتعبير عن حب مصر أو للدفاع عنها، فما أتعس إذن، وما أضيع الجماهير التي تتخذ من هذه الفقاعات الفارغة أبطالا ونماذج في حياتها، وصانعة لأحلامها، أو لرسم سلم قيمها ومرجعية لإثراء ثقافتها...!
صحيح أن مرارة الهزيمة وحجم الخيبة التي شعر بها المصريون في ليل 18 نوفمبر 2009 جعلتهم يفقدون بوصلة الاتزان والاعتدال، ولكن الهزيمة التي تعتبر عثرة محتملة في سيرة كل شعب أو كل إنسان سواء في مقابلة رياضية أو في معركة حربية أو مشروع حياتي مهم أو في أشياء أخرى، تجعل القيادة الرشيدة، والإنسان العاقل، والشعب المتحضر، يدرس ويحلل الأسباب التي أدت إلى الهزيمة لاستخلاص العبر والدروس اللازمة لمواجهة المستقبل بتجربة أنضج وتبصر أعمق، فالهزيمة قد تكون انحدارا نحو الأسفل والأسوأ، وقد تكون فرصة للصعود نحو الأعلى والأحسن، فهي محنة ومنحة، ولذلك قال الله تبارك وتعالى:}وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ{(البقرة: 216)، ولكن السلوك الغوغائي والحكم الديماغوجي، يبحث دائما عن مشجب قريب، أو يختلق مبررات مضللة، وتفسيرات باطلة، ليبعد عنه شبهة التقصير، وإحراج المحاسبة الشعبية، ويبقي أسباب الهزيمة كامنة، بل يزيدها تعقيدا وتراكما!
فوزير الإعلام المصري تطوع شخصيا على قناة "نايل سبورت" (النيل الرياضية) ليشتم المناصرين الجزائريين، ويحط من قيمة الجزائر بصورة لم يستعملها أبدا مع الصهاينة، أعداء الأمة الإسلامية في مشرقها ومغربها!.
أما ابن الرئيس المصري "علاء مبارك" الذي تحول بسبب مكالمة هاتفية إلى بطل قومي لمصر، فقد فتح كلامه المتشنج والخالي من اللياقة مع الدولة الجزائرية الباب لهستريا المتطاولين والمحرضين على العداوة والبغضاء بين الأشقاء.
واللافت للانتباه أن الوزير المصري "أنس الفقي" ونجل الرئيس "علاء مبارك" وهما من الشخصيات التي تحتل مراكز سامية في القيادة المصرية، فضلا الاتصال ببرنامجين تلفزيونيين ينشطهما رأسين من رؤوس الفتنة البغيضة والشحن الإعلامي المتواصل والسباب البذيء الفاحش للجزائر وتاريخها وشهدائها، ورموزها وشعبها وسلطتها السياسية، وهما على التوالي: إبراهيم حجازي في قناة "نايل سبورت"، وخالد الغندور في قناة "دريم"، لم تتوقف قنوات تلفزيونية ومنشطون حاقدون عن الحديث عن جبهات جنوبية وشمالية بين المصريين والجزائريين، وعن رهائن مصريين محتجزين في الجزائر، وعن الإفراج عن مجرمين من السجون الجزائرية قبل المقابلة بين الجزائر ومصر في أم درمان، وتسليحهم وشحنهم في طائرات حربية إلى السودان للاعتداء على المناصرين المصريين المسالمين المتحضرين المتكونين أساسا من الفنانين والمثقفين والكتاب والسياسيين والإعلاميين -حسب تلفيقات الإعلام المصري- الذين تكون مشاعرهم قد خدشت أو اهتزت من رؤية السكاكين التي اشتراها المناصرون الجزائريون، متسببين في أزمة سكاكين في السودان!
علينا الاعتراف بكل أسف ومرارة، وبكل صدق وشجاعة، أنه إذا كانت مقابلة في كرة القدم تستطيع أن تحدث كل هذا الزلزال في علاقة البلدين، وتقذف إلى السطح بكل هذه الحمم من المشاعر الحاقدة المتقدة الناقمة، فيجب أن نكف عن خداع النفس وخداع الجماهير بالحديث عن الأخوة العربية والروح القومية، ونحن غارقون في التعصب والتباغض والتنافر؛ أما إذا كان من حقنا، بل من واجبنا، أن نتكلم عن الأخوة الإسلامية والتضامن العربي، فعلينا أن نلزم أنفسنا بألا ننجر إلى فتح ملفات لا نعرف كيف نغلقها، وألا نسلم مهمة صياغة الوعي الشعبي وتوجيه الرأي العام إلى شعراء الهجاء، ومحترفي التضليل، والراقصين الماجنين المتلاعبين بعواطف الناس على إيقاع وإيعاز الحكام المزورين.
لقد تصرف الإعلام المصري بوحي من الطبقة المسيطرة بشكل يعطي الانطباع للمتابع، وخصوصا للمواطن المصري، بأن شرف مصر الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ الإنساني، وصانعة حضارة الأهرام، وقاهرة الغزو المغولي، يتوقف على الانتصار أو الانهزام في مباراة لكرة القدم!
وتصرف الإعلام الجزائري، وخصوصا صحافته الخاصة، باستخفاف وإسفاف، أو ربما بتلفيق وتدليس عندما هيج مشاعر المواطنين الجزائريين بالحديث عن قتلى وضحايا بالقاهرة، دون تثبت كاف، وتحر معمق، ودليل قاطع، تفرضه أخلاقيات المهنة ومصداقية الخبر الصحفي.
إن الجزائر لن تزداد عظمة ورفعة بإهانة مصر، وطرد المصريين منها، وتخريب مؤسساتهم المستثمرة في الجزائر، ولن تزداد مصر شأنا وعزة بشتم الجزائريين، والانتقاص من تاريخهم.
فلابد أن تهدأ العواطف، وأن تعود الأمور إلى حجمها الطبيعي، ونأمل أن تتوقف بعد أيام أو أسابيع هذه الحرب الإعلامية الطائشة، والأزمة المفتعلة بين الأشقاء، ولكن يجب أن نبادر –قبل ذلك- إلى مراجعة منظومتنا الإعلامية، والاهتمام أكثر باحترام حق المواطن في إعلام نزيه وموضوعي، يحترم ذكاء المواطن ويعمل لمصلحته لا أن نترك الحبل على الغارب لإعلام يلعب بالنار ويستهتر بالمشاعر، ثم يكون أول من يلعن من تسبب في إيقاظ الفتنة وخراب البصرة.

يوسُف سُلطان
2009-11-22, 16:40
..أجمل مقالة قرأتها بخصوص الموضوع على الاطلاق ...
وقد جاءت فيها نقاط لم تُثر من قبل ...بارك الله في كاتبها وناقلها ...وكل من يقراها ويرّد السوء بالحسن ........
عبد الحميد عبدوس

عبد الحفيظ 26
2009-11-22, 16:52
بارك الله فيك أخي على هذا المقال الرائع والشامل والذي وصف ما حدث بين البلدين وصفا دقيقا من البداية إلى النهاية
وأكثر ما اعجبني في هذا المقال هو التزامه بالموضوعية والحيادية...فما أحوجنا لمثل هاته الأقلام
وبارك الله في أستاذنا عبد الحميد عبدوس وكثر من أمثاله
وجعل هذه المقالة في ميزانه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، ونسأل الله أن نتعلم يوفقنا لنتعلم من هؤلاء
وبارك الله فيك أخي لقمان على النقل الموفق وجزاك الله خير الجزاء
ورجاء منك أن لا تبخل على منتدانا العزيز بمثل هذه المقالات والمواضيع بارك الله فيك

يوسُف سُلطان
2009-11-22, 16:59
بارك الله فيك أخي على هذا المقال الرائع والشامل والذي وصف ما حدث بين البلدين وصفا دقيقا من البداية إلى النهاية

وأكثر ما اعجبني في هذا المقال هو التزامه بالموضوعية والحيادية...فما أحوجنا لمثل هاته الأقلام
وبارك الله في أستاذنا عبد الحميد عبدوس وكثر من أمثاله
وجعل هذه المقالة في ميزانه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، ونسأل الله أن نتعلم يوفقنا لنتعلم من هؤلاء
وبارك الله فيك أخي لقمان على النقل الموفق وجزاك الله خير الجزاء

ورجاء منك أن لا تبخل على منتدانا العزيز بمثل هذه المقالات والمواضيع بارك الله فيك

..وتوقيعك أجمل ما شاهدت

nina_16
2009-11-22, 17:10
بأن شرف مصر الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ الإنساني، وصانعة حضارة الأهرام، وقاهرة الغزو المغولي، يتوقف على الانتصار أو الانهزام في مباراة لكرة القدم!

هدا هو رأس الفتنة....مصر تريد أن تبقى أم الدنيا وعليها ألا تنهزم مهما كان المجال الدي تنافس فيه العرب
وتبقى هي قلب الجغرافيا والعلاقات العربية وهي الإقليم الدي على أي دولة عربية إستأدانه للمرور إلى إقليم أخر حتى وإدا لم يكن من جيرانه.
المهم أخي إدا بحثنا في الأسباب فسنجدها تنبع من كلا الطرفين... ولكن المؤسف كما قلت أن المسؤولين على هدا الشحن فتحوا ملفات لا يعرفون كيف يغلقونها....وأنا شخصيا يا أخي أرى أنه حتى وإن مرت هده الحالة الجارية على خير فإنها في المدى الطويل سيستمر الصراع الجزائري المصري... والمسألة ليست مسألة مباراه فقط فهي أكبر من دلك ونحن كوننا لم نعايش المشكلة من مصدرها فستبقى التساؤلات تتجول في أدهاننا تبحث عن الأسباب والنتائج.. المهم يا أخي إدا أردنا السلام والأخوة بين مصر والجزائرفسيتم صنعه من الجماهير لا المسؤولين.... وبهدا أقترح على كل عاقل في هدا المنتدى أن نقوم بحملة تدعوا كل الصحف الجزائرية بتهدئة الوضع والعدم الإكتراث لأقاويل الدين لا يستحقون أن نسموهم بإعلاميين ونأخد المسألة ونضعها في قالبها الرياضي....
وشكرا أخي على المقالة الرائعة
وللإضافة في إقتراحي أن هدا ليس معناه أنني لا أدافع على شرف بلادي.. فالجزائر يا إخواني بمجرد دكر إسمها فهي تعلو عن كل وصف وتبقى بلد مليون و النصف مليون شهيد........... حسبنا الله ونعم الوكيل.

ابوحفصة
2009-11-22, 17:14
نحن شعب حرر نفسه من الإستعمار بدم الشهداء ولن نرضى لمن يسب شهداءنا و يشكك في تضحياتهم أبدًا فليكن مايكون نقطع علاقاتنا مع الحكومة المصرية و نقاطع كل ما يصل بصلة معها أما الشعب المصري والأشراف المسسلين في السجون فلابد أن يستفيقوا يوما ويطلبوا العذر من شعب وحكومة ضحت بدمها في حرب ثلاثة وسبعين بشهادتهم هم والسلام عليكم المجد والخلود لشهدائنا الأبرار *

عبد الحفيظ 26
2009-11-22, 17:26
..وتوقيعك أجمل ما شاهدت
بارك الله فيك أخي سلطان، ووفقنا الله لما يحبه ويرضاه
والله يكثر من أمثالك

حمـ 0418 ــزة
2009-11-24, 12:29
السلام عليكم
بارك الله في كاتبها وناقلها
سلام