« أبْجَدِيَّاتْ »
2018-10-12, 20:02
مضى وقت طويل منذ نشرت آخر نص في هذا القسم - أنا التي لم تعتد نشر نصوصها على أية حال -
لذا، لا أعلم كيف سيتلقى المنتدى مرة ثانية ما أكتب ولكن لا بأس بمشاركة أخيرة .. مواساةً للنوستالجيا ..
كائنات غير ضوئية :
(مجموعة نصوص كنت أتسلّى بكتابتها ونشرها على الفايسبوك)
-1-
الفتاة التي تكره العودة من الشاطئ بحذاءٍ مبلل ..
وتكره السلالم الكهربائية .. وسبتمبر
وتتذوق حنجرة علاء الوردي بشهية
كما لا تفعل مع لحم الضأن ..
الفتاة التي تحب المشيء على أطراف الرصيف
وتدفع بقدمها كوخزةٍ ناعمة
في قلب الشارع ..
والفتاة التي تشاهد بولينا سيميونوفا ويونا كيم
فيتورم جسدها كله ولا تدمع
لأنها تفك رباط عينيها كقفازات ملاكمٍ مُتعَب
وتضعهما على الطاولة
أمامها، مقبوضتين بإحكام ..
الفتاة التي تشعر أنها في الغياب أجمل
وترتاب من ذاكرة الغياب ..
الفتاة التي تقرأ لجبرا ابراهيم جبرا
وجوستاف فلوبير
كمن يتلو صلواتٍ للرب ..
الفتاة التي تقول أصابعُها أهمَّ المحادثات
وتحمل في قلبها قاعة سينما فارغة
وتذاكر "محجوزة"
الفتاة التي تشبه موسيقى "يوكاتا يامادا"
وتعاني من الهيبنوفوبيا
تكبر كل يوم بما يكفي لتصغر .. كثيراً
تصغر بما يكفي ليتبناها شاعرٌ مسنّ
ويأخذ بعضَ إلهامه من حواديتِ أصابِعِها ..
الفتاة التي تحب فرونسواز هاردي وإديث بياف
و ترد على "كيف الحال" بصوت العالم الذي يحتل رأسها
شهرزاد : "سأقول لك غدا"
فرانسواز ساغان : "بخير .. بشكل يفاجئ الواقع"
سقراط : "لا أعرف .. ولكنني أحاول أن أعرف"
أوديب : "الأمر معقد"
ديكارت : "لابأس، أفترض .."
غاليليو : "الحال تدور .."
هنري الثامن : "أنا بخير، زوجتي هي التي..!"
فان غوغ : "أكتب رسالتي الأخيرة"
داروين : "نتكيف"
كافكا : "من الأفضل ألا نتحدث عن ذلك"
أجاثا : "خمّن".
هذه الفتاة
هي التي منذ التقت بك
لا تعرف أبداً
لماذا كنتَ عزيزا إلى هذه الدرجة ؟
-2-
الطيور التي لا تهتم بالنسبية والأشكال الهندسية
ولا تثيرها ازدواجية المكان والزمان
التي تقف على الأسلاك الكهربائية
أو حافة شرفة
تغني، تتسكع
و تجوع.
الطيور التي تصحو على الخامسة صباحا
دون أن تكون مضطرة لإيقاف سيارة تاكسي
أو التعرق هلعا قبل الذهاب إلى الوظيفة
أحسدك ..!
-3-
المنزل يتعاطف معي
إنه ليس على ما يرام !
أفتح الدولاب
فتسقط ثيابٌ مطوية على كتفي،
أتناول الملح من الرف
فتسقط نحوي أوراق الغار،
ألاعب أذن قطي السمين
فيسقط سريعا في حبي ..
هل تكون هذه طريقة الأشياء في التعاطف ؟
أتمنى ألا يحاول كوب الماء أن يربّت على رأسي الآن !
-4-
أنا
امرأة أليفة في وحدتها ..
لديها نقاط ضعفها
نحو الطفولة والقصص والألعاب القديمة ..
تغلق أبوابها و تضم قلبها كثيرا
كي ينام قليلا ..
تفكر في حزن الوقت والموت والأمكنة ..
و عندما يعلق أحدهم في حلقِ قلبِها
تضع قليلا من رقائق الذرة
في القليل من الحليب الدافئ
من علبة مكتوب على غلافها
"حتى 9 أشهر"
لربما ..
لربما تصغر وحدتها قليلا ..
-5-
هل كان علي أن أشعر بالسوء أو أحزن؟
أو ربما أفعل كما يفعل الأبطال في الأفلام والروايات الميلودرامية
أبكي و ألوي ملامح وجهي ؟
ولكنني لا أفعل .
أنا لا أحزن مؤخرا
ولا أسمح لنفسي بالالتفات إلى البكاء أو التصرف في عواطفي البعيدة.
طوال الوقت، أنشغل عني بكل شيء وأي شيء ..
"victim of your own insecurities"
أعتقد أنني أقسو على نفسي قليلا
لأبدو على ما يرام .
أطواري غريبة اليوم
أعلم ذلك جيدا ..
ولو أنكَ هنا
لضحكتَ بطريقتك المعهودة
و قلت لي بعطفٍ ساخر بينما تمسك وجهي بين يديك :
"يا حبيبتي ..
واجهي الحقيقة ..
أنتِ غريبة الأطوار كل يوم !"
-6-
العربية هي الصوت الذي تفكر به أصابعي ..
هي الأصابع التي تلمس بشرة أفكاري بلطف
و تضعني تحت مسامها ..
العربية أمّ .
تتسع لعواطفي عندما لا تستطيع أية لغة أخرى أن تحتويها
إنني أفكر و أشعر و أكتب و أفرح و أحزن و أئِنّ بالعربية
"إنكِ أمي"
لأن القوي لا يبكي إلا في حضن أمه
لأني أبكي أمامكِ كبلهاء يصيبها الهلع
عندما لا تفهم قصيدة ما ..
ولكنكِ يا أمي
تتخلين عني أحيانا ..
-7-
أحيانا أشعر أن الكتابة هي الشيء الوحيد الذي يمكنني فعله لأتابع الحياة وأنا أشبهني ،
لأكون مليئة بي ،
بكل محتوياتي الهادئة المتناقضة
الهشة العنيدة
الجريئة الخجولة ..
أريد أن أحتفظ بي .. سالمة، ولذلك أكتب.
الكتابة لدي ليست هواية - الموسيقى هوايتي الأزلية -،
ولكن الكتابة ضرورة
أسلوب تعايش،
أكتب لأحيا ، وليس العكس ..
لطالما كانت الكتابة رد فعل.
-
شكرا لمن أوجد وقتاً لقراءة هذه الصفحة .
لذا، لا أعلم كيف سيتلقى المنتدى مرة ثانية ما أكتب ولكن لا بأس بمشاركة أخيرة .. مواساةً للنوستالجيا ..
كائنات غير ضوئية :
(مجموعة نصوص كنت أتسلّى بكتابتها ونشرها على الفايسبوك)
-1-
الفتاة التي تكره العودة من الشاطئ بحذاءٍ مبلل ..
وتكره السلالم الكهربائية .. وسبتمبر
وتتذوق حنجرة علاء الوردي بشهية
كما لا تفعل مع لحم الضأن ..
الفتاة التي تحب المشيء على أطراف الرصيف
وتدفع بقدمها كوخزةٍ ناعمة
في قلب الشارع ..
والفتاة التي تشاهد بولينا سيميونوفا ويونا كيم
فيتورم جسدها كله ولا تدمع
لأنها تفك رباط عينيها كقفازات ملاكمٍ مُتعَب
وتضعهما على الطاولة
أمامها، مقبوضتين بإحكام ..
الفتاة التي تشعر أنها في الغياب أجمل
وترتاب من ذاكرة الغياب ..
الفتاة التي تقرأ لجبرا ابراهيم جبرا
وجوستاف فلوبير
كمن يتلو صلواتٍ للرب ..
الفتاة التي تقول أصابعُها أهمَّ المحادثات
وتحمل في قلبها قاعة سينما فارغة
وتذاكر "محجوزة"
الفتاة التي تشبه موسيقى "يوكاتا يامادا"
وتعاني من الهيبنوفوبيا
تكبر كل يوم بما يكفي لتصغر .. كثيراً
تصغر بما يكفي ليتبناها شاعرٌ مسنّ
ويأخذ بعضَ إلهامه من حواديتِ أصابِعِها ..
الفتاة التي تحب فرونسواز هاردي وإديث بياف
و ترد على "كيف الحال" بصوت العالم الذي يحتل رأسها
شهرزاد : "سأقول لك غدا"
فرانسواز ساغان : "بخير .. بشكل يفاجئ الواقع"
سقراط : "لا أعرف .. ولكنني أحاول أن أعرف"
أوديب : "الأمر معقد"
ديكارت : "لابأس، أفترض .."
غاليليو : "الحال تدور .."
هنري الثامن : "أنا بخير، زوجتي هي التي..!"
فان غوغ : "أكتب رسالتي الأخيرة"
داروين : "نتكيف"
كافكا : "من الأفضل ألا نتحدث عن ذلك"
أجاثا : "خمّن".
هذه الفتاة
هي التي منذ التقت بك
لا تعرف أبداً
لماذا كنتَ عزيزا إلى هذه الدرجة ؟
-2-
الطيور التي لا تهتم بالنسبية والأشكال الهندسية
ولا تثيرها ازدواجية المكان والزمان
التي تقف على الأسلاك الكهربائية
أو حافة شرفة
تغني، تتسكع
و تجوع.
الطيور التي تصحو على الخامسة صباحا
دون أن تكون مضطرة لإيقاف سيارة تاكسي
أو التعرق هلعا قبل الذهاب إلى الوظيفة
أحسدك ..!
-3-
المنزل يتعاطف معي
إنه ليس على ما يرام !
أفتح الدولاب
فتسقط ثيابٌ مطوية على كتفي،
أتناول الملح من الرف
فتسقط نحوي أوراق الغار،
ألاعب أذن قطي السمين
فيسقط سريعا في حبي ..
هل تكون هذه طريقة الأشياء في التعاطف ؟
أتمنى ألا يحاول كوب الماء أن يربّت على رأسي الآن !
-4-
أنا
امرأة أليفة في وحدتها ..
لديها نقاط ضعفها
نحو الطفولة والقصص والألعاب القديمة ..
تغلق أبوابها و تضم قلبها كثيرا
كي ينام قليلا ..
تفكر في حزن الوقت والموت والأمكنة ..
و عندما يعلق أحدهم في حلقِ قلبِها
تضع قليلا من رقائق الذرة
في القليل من الحليب الدافئ
من علبة مكتوب على غلافها
"حتى 9 أشهر"
لربما ..
لربما تصغر وحدتها قليلا ..
-5-
هل كان علي أن أشعر بالسوء أو أحزن؟
أو ربما أفعل كما يفعل الأبطال في الأفلام والروايات الميلودرامية
أبكي و ألوي ملامح وجهي ؟
ولكنني لا أفعل .
أنا لا أحزن مؤخرا
ولا أسمح لنفسي بالالتفات إلى البكاء أو التصرف في عواطفي البعيدة.
طوال الوقت، أنشغل عني بكل شيء وأي شيء ..
"victim of your own insecurities"
أعتقد أنني أقسو على نفسي قليلا
لأبدو على ما يرام .
أطواري غريبة اليوم
أعلم ذلك جيدا ..
ولو أنكَ هنا
لضحكتَ بطريقتك المعهودة
و قلت لي بعطفٍ ساخر بينما تمسك وجهي بين يديك :
"يا حبيبتي ..
واجهي الحقيقة ..
أنتِ غريبة الأطوار كل يوم !"
-6-
العربية هي الصوت الذي تفكر به أصابعي ..
هي الأصابع التي تلمس بشرة أفكاري بلطف
و تضعني تحت مسامها ..
العربية أمّ .
تتسع لعواطفي عندما لا تستطيع أية لغة أخرى أن تحتويها
إنني أفكر و أشعر و أكتب و أفرح و أحزن و أئِنّ بالعربية
"إنكِ أمي"
لأن القوي لا يبكي إلا في حضن أمه
لأني أبكي أمامكِ كبلهاء يصيبها الهلع
عندما لا تفهم قصيدة ما ..
ولكنكِ يا أمي
تتخلين عني أحيانا ..
-7-
أحيانا أشعر أن الكتابة هي الشيء الوحيد الذي يمكنني فعله لأتابع الحياة وأنا أشبهني ،
لأكون مليئة بي ،
بكل محتوياتي الهادئة المتناقضة
الهشة العنيدة
الجريئة الخجولة ..
أريد أن أحتفظ بي .. سالمة، ولذلك أكتب.
الكتابة لدي ليست هواية - الموسيقى هوايتي الأزلية -،
ولكن الكتابة ضرورة
أسلوب تعايش،
أكتب لأحيا ، وليس العكس ..
لطالما كانت الكتابة رد فعل.
-
شكرا لمن أوجد وقتاً لقراءة هذه الصفحة .