مشاهدة النسخة كاملة : الطب والتداوي >> العادات
*عبدالرحمن*
2018-09-20, 07:38
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
تقدم
العادات بشكل عام
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2159872
الأطعمة
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2160983
الأشربة
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2161127
.........
الدعاء على النفس بالمرض ووجه سؤال معاذ وبعض الصحابة الطاعون
السؤال :
مجال عملي يرتبط بالمرضى المصابيين بالأمراض المزمنة ، ووجدت نصوصا عديدة في الدعاء على النفس بالمرض ، مثلما فعل أبي بن كعب عندما دعا على نفسه بالحمى
وعندما دعا معاذ بن جبل على أهل بيته ونفسه بالطاعون ، فهل يجوز الدعاء على النفس بالمرض؟ وهل يجوز للإنسان ترك العلاج ومصارعة المرض بصبر واحتساب؟
كيف نجمع بين هذه النصوص والفهوم للصحابة رضوان الله عليهم مع نصوص أخرى في طلب الرسول للعلاجات ، وحثه على التداوي ، والتوصية بسؤال الله العافية ؟
كما قد رود عن بعض الصحابة : " كان الناس يأتون سعد بن أبي وقاص لأنه مجاب الدعوة ، بينا هو أصيب بالعمى في آخر عمره ، لم يدع لنفسه بالشفاء ، كذلك مرض عمران بن حصين ؟
عن شرحبيل بن شفعة قال: "لما وقع طاعون عمواس ـ واشتعل الوجع ، قام أبو عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه - في الناس خطيبا ، فقال: أيها الناس ، إن هذا الوجع رحمة ربكم ، ودعوة نبيكم ، وموت الصالحين قبلكم
وإن أبا عبيدة يسأل الله أن يقسم له منه حظه ، قال: فطعن ، فمات رحمه الله ، واستخلف على الناس معاذ بن جبل - رضي الله عنه - فقام خطيبا بعده , فقال: أيها الناس ، إن هذا الوجع رحمة ربكم
ودعوة نبيكم ، وموت الصالحين قبلكم ، وإن معاذا يسأل الله أن يقسم لآل معاذ منه حظه ، قال: فطعن ابنه عبد الرحمن بن معاذ ، فمات ، ثم قام فدعا ربه لنفسه ، فطعن في راحته ، فلقد رأيته ينظر إليها
ثم يقبل ظهر كفه ، ثم يقول: ما أحب أن لي بما فيك شيئا من الدنيا ، فلما مات، استخلف على الناس عمرو بن العاص - رضي الله عنه - فقام فينا خطيبا ، فقال: أيها الناس ... "
الجواب :
الحمد لله
أولا:
لا يجوز للإنسان أن يدعو على نفسه بالمرض ، أو بغيره من المصائب والآفات والشرور
أو النار أو العذاب؛ لما روى مسلم (3014) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لَا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ ).
وروى مسلم (920) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ ).
وروى مسلم (6288) عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه :
" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادَ رَجُلا مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَدْ خَفَتَ، فَصَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( هَلْ كُنْتَ تَدْعُو بِشَيْءٍ، أَوْ تَسْأَلُهُ إِيَّاهُ؟) قَالَ: نَعَمْ
كُنْتُ أَقُولُ: اللَّهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الْآخِرَةِ فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( سُبْحَانَ اللَّهِ! لَا تُطِيقُهُ، أَوْ لَا تَسْتَطِيعُهُ، أَفَلَا قُلْتَ: اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً
وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) قَالَ: فَدَعَا اللَّهَ لَهُ، فَشَفَاهُ ".
وأما ما روى أحمد (1697) عن شهر بن حوشب الأشعري، عن رابه، - رجل من قومه كان خلف على أمه بعد أبيه ، كان شهد طاعون عمواس - قال: " لما اشتعل الوجع، قام أبو عبيدة بن الجراح في الناس خطيبا
فقال: " أيها الناس: إن هذا الوجع رحمة ربكم، ودعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم، وإن أبا عبيدة يسأل الله أن يقسم له منه حظه ". قال: فطعن فمات رحمه الله، واستخلف على الناس معاذ بن جبل، فقام خطيبا بعده فقال:
" أيها الناس إن هذا الوجع رحمة ربكم، ودعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم، وإن معاذا يسأل الله أن يقسم لآل معاذ منه حظه ".
قال: فطعن ابنه عبد الرحمن بن معاذ، فمات، ثم قام فدعا ربه لنفسه، فطعن في راحته، فلقد رأيته ينظر إليها ثم يقبل ظهر كفه، ثم يقول: " ما أحب أن لي بما فيك شيئا من الدنيا ".
فقد ضعّفه الشيخ أحمد شاكر، والشيخ شعيب الأرنؤوط في تحقيقهما على المسند.
ثم إن هذا ، لو صح ، لم يكن الدعاء بنفس الشر أو المرض ، إنما يحمل ذلك على تمني الشهادة عند حضور أسبابها، وذلك جائز، والطاعون شهادة.
قال ابن رجب رحمه الله في بيان أقسام تمني الموت أو الدعاء على النفس بالموت: "ومنها: تمني الموت عند حضور أسباب الشهادة ، اغتناما لحضورها، فيجوز ذلك أيضا .
وسؤال الصحابة الشهادة وتعرضهم لها عند حضور الجهاد كثير مشهور، وكذلك سؤال معاذ لنفسه وأهل بيته الطاعون لما وقع بالشام" انتهى من "لطائف المعارف" ص296
فمن حضر القتال فسأل الله الشهادة، جاز مع أنه دعاء على النفس بالموت، وكذلك من نزل الطاعون ببلده، فسأل الله أن يصيبه ليكون شهيدا.
روى البخاري (5733) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (المَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَالمَطْعُونُ شَهِيدٌ).
قال في "عون المعبود شرح سنن أبي داود": "(المطعون) هو الذي يموت بالطاعون" انتهى.
وأما دعاء أبي بن كعب رضي الله على نفسه بالحمى فهو اجتهاد منه لتحصيل الأجر، ولهذا طلب في دعائه ألا تشغله عن حج ولا عمرة ، ولا جهاد في سبيل الله
ولا صلاة مكتوبة في جماعة، فلم يكن دعاؤه تسخطا ولا كرها في الحياة .
ومع ذلك فنحن مأمورون بسؤال العافية، لأننا قد لا نطيق ذلك.
روى أحمد (11183) عن أبي سعيد الخدري، قال: " قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا ما لنا بها؟ قال: ( كفارات ) قال أبي: وإن قلت؟ قال: (" وإن شوكة فما فوقها).
قال: فدعا أُبي على نفسه أن لا يفارقه الوعك حتى يموت ، في أن لا يشغله عن حج ولا عمرة ولا جهاد في سبيل الله، ولا صلاة مكتوبة في جماعة !!
فما مسه إنسان، إلا وجد حره ، حتى مات !! "
والحديث حسنه شعيب في تحقيق المسند.
*عبدالرحمن*
2018-09-20, 07:46
ثانيا:
التداوي مباح ، أو مستحب ، ويجوز تركه والصبر والاحتساب.
عن عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ : " قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ : أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ قُلْتُ : بَلَى. قَالَ : هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ ، أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ : إِنِّي أُصْرَعُ
وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي ، قَالَ : ( إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ) ، فَقَالَتْ : أَصْبِرُ ، فَقَالَتْ : إِنِّي أَتَكَشَّفُ ، فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ ، فَدَعَا لَهَا " رواه البخاري (5652) ، ومسلم (2576).
فهذا الحديث يدل على جوزا ترك التداوي في مثل هذه الحال، لمن قويت عزيمته وقدر على ذلك.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " وَفِي الْحَدِيث فَضْل مَنْ يُصْرَع , وَأَنَّ الصَّبْر عَلَى بَلَايَا الدُّنْيَا يُورِث الْجَنَّة , وَأَنَّ الْأَخْذ بِالشِّدَّةِ أَفْضَل مِنْ الْأَخْذ بِالرُّخْصَةِ ، لِمَنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسه الطَّاقَة ، وَلَمْ يَضْعُف عَنْ اِلْتِزَام الشِّدَّة .
وَفِيهِ دَلِيل عَلَى جَوَاز تَرْك التَّدَاوِي .
وَفِيهِ أَنَّ عِلَاج الْأَمْرَاض كُلّهَا بِالدُّعَاءِ وَالِالْتِجَاء إِلَى اللَّه أَنْجَع وَأَنْفَع مِنْ الْعِلَاج بِالْعَقَاقِيرِ , وَأَنَّ تَأْثِير ذَلِكَ ، وَانْفِعَال الْبَدَن عَنْهُ : أَعْظَم مِنْ تَأْثِير الْأَدْوِيَة الْبَدَنِيَّة .
وَلَكِنْ إِنَّمَا يَنْجَع بِأَمْرَيْنِ : أَحَدهمَا مِنْ جِهَة الْعَلِيل وَهُوَ صِدْق الْقَصْد , وَالْآخَر مِنْ جِهَة الْمُدَاوِي وَهُوَ قُوَّة تَوَجُّهه ، وَقُوَّة قَلْبه بِالتَّقْوَى وَالتَّوَكُّل , وَاَللَّه أَعْلَم "
انتهى من "فتح الباري" (10/ 115).
وجمهور العلماء على عدم وجوب التداوي .
وذهب جماعة منهم إلى وجوبه إذا خشي الإنسان على نفسه التلف بتركه.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: " ليس بواجب عند جماهير الأئمة ، إنما أوجبه طائفة قليلة من أصحاب الشافعي وأحمد "
نقله السفاريني في "غذاء الألباب" (1/459).
وقال الهيتمي في "تحفة المحتاج" (3/182) :
" ونقل عياض الإجماع على عدم وجوبه ، واعتُرض بأن لنا وجهاً بوجوبه إذا كان به جرح يخاف منه التلف .
وفارق وجوب نحو إساغة ما غص به ، بخمر ، وربط محل الفصد ؛ لتيقن نفعه " انتهى .
وفي حاشيته : " عن البغوي : أنه إذا علم الشفاء في المداواة : وجبت " انتهى .
وفي "حاشية قليوبي وعميرة" (1/403)
: " وقال الإسنوي : يحرم تركه في نحو جرح يظن فيه التلف كالقصد " انتهى .
وينظر جواب السؤالين القادمين
والله أعلم.
*عبدالرحمن*
2018-09-20, 07:50
حكم التداوي
السؤال :
إذا كان شخص ما في مرحلة متأخرة من مرض عضال . حيث العلاج لم يعد مجديا(مع بصيص أمل ضعيف) فهل يقبل المريض العلاج؟
فالعلاج له أعراض جانبيه لا يرغب المريض إضافتها لمعاناته؟
في العموم هل يجب على المسلم التداوي أم هو أمر اختياري؟
الجواب:
الحمد لله
التداوي مشروع من حيث الجملة ، لما روى أبو الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله أنزل الداء والدواء ، وجعل لكل داء دواء ، فتداووا
ولا تتداووا بالحرام .) ، رواه أبو داود 3376 ، ولحديث أسامة بن شريك رضي الله عنه قال : قالت الأعراب يا رسول الله ألا نتداوى ؟ قال : ( تداووا
فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء إلا داء واحد ) قالوا : يا رسول الله وما هو ؟ قال : ( الهرم ) . أخرجه الترمذي 4/383 رقم 1961 وقال : هذا حديث حسن صحيح وهو في صحيح الجامع 2930 .
وقد ذهب جمهور العلماء ( الحنفية والمالكية ) إلى أن التداوي مباح . وذهب الشافعية ، والقاضي وابن عقيل وابن الجوزي من الحنابلة إلى استحبابه
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله أنزل الداء والدواء ، وجعل لكل داء دواء فتداووا ، ولا تتداووا بالحرام ) . وغير ذلك من الأحاديث الواردة ، والتي فيها الأمر بالتداوي
قالوا : واحتجام النبي صلى الله عليه وسلم وتداويه دليل على مشروعية التداوي ، ومحل الاستحباب عند الشافعية عند عدم القطع بإفادته
أما لو قُطِع بإفادته ( كعَصْب الجُرح ) فإنه واجب ( ومن أمثلة ذلك في عصرنا نقل الدم في بعض الحالات . ) .
يُنظر حاشية ابن عابدين 5/215 ، 249 . والهداية تكملة فتح القدير 8/134 ، والفواكه الدواني 2/440 ، وروضة الطالبين 2/96 ، وكشاف القناع 2/76 ، والإنصاف 2/463 ، والآداب الشرعية 2/359 وما بعدها ، وحاشية الجمل 2/134 .
قال ابن القيم :
في الأحاديث الصحيحة الأمر بالتداوي ، وأنه لا ينافي التوكل ، كما لا ينافيه دفع الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها ، بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدراً وشرعاً
وأن تعطيلها يقدح في نفس التوكل ، كما يقدح في الأمر والحكمة ، ويضعفه من حيث يظن معطلها أن تَرْكها أقوى في التوكل
فإن تَرْكها عجز ينافي التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه ، ودفع ما يضره في دينه ودنياه
ولا بد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب ، وإلا كان معطلاً للحكمة والشرع ، فلا يجعل العبد عجزه توكلاً ، ولا توكله عجزاً .
زاد المعاد 4/15 . يُنظر الموسوعة الفقهية 11/116
والخلاصة في جواب السّؤال المذكور أنّ التداوي ليس بواجب عند العلماء إلاّ إذا قُطِع بفائدته - عند بعضهم - وحيث أنّ التداوي في الحالة المذكورة في السّؤال ليس بمقطوع الفائدة وأنّ المريض يتأذّى نفسيا منه
فلا حرج مطلقا في تركه ، وعلى المريض أن لا ينسى التوكّل على الله واللجوء إليه فإنّ أبواب السماء مفتوحة للدّعاء ، وعليه برقية نفسه بالقرآن الكريم مثل
أن يقرأ على نفسه سورة الفاتحة وسورة الفلق وسورة النّاس فهذه تنفع نفسيا وجسمانيا مع ما في التّلاوة من الأجر والله الشّافي لا شافي إلا هو .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-09-20, 08:03
المريض إذا رفض العلاج وصبر هل يحصل الأجر؟
السؤال
إذا كنت أنا مريضا ، لا سمح الله ، بمرض مستعصٍ ؛ فرفضت العلاج وصبرت ، هل يحصل لي الأجر العظيم ؟
وهل يدخل هذا في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفاً بغير حساب،هم الذين لا يسترقون، ولا يكتوون
ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون". وحديث (إني امرأة أصرع فأتكشف فادعو الله لي..).الخ
الجواب
الحمد لله
أولا :
ينبغي أن تعلم أنه لا مرض يستعصي على الله تعالى ، فالله الذي أنزل الداء أنزل الدواء ، علمه من علمه ، وجهله من جهله
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما أنزل الله عز وجل داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله ) رواه أحمد وحسنه الألباني في غاية المرام برقم (292).
فليعظم رجاؤك فيما عند الله تعالى ، ولتحسن الظن به ، أنه شافيك ومعافيك ومنعم عليك ، فإنه سبحانه عند ظن عبده به .
والمرض ابتلاء يبتلي الله به عبده ، لحكم كثيرةٍ جليلة
انظر طرفا منها في جواب السؤال القادم
ثانيا :
اختلف العلماء في حكم التداوي ، فذهب جمهورهم إلى عدم وجوبه ، وذهب جماعة منهم إلى وجوبه إذا خشي الإنسان على نفسه التلف بتركه .
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
" ليس بواجب عند جماهير الأئمة ، إنما أوجبه طائفة قليلة من أصحاب الشافعي وأحمد "
نقله السفاريني في غذاء الألباب (1/459).
وقال في "تحفة المحتاج" (3/182) : " ونقل عياض الإجماع على عدم وجوبه ، واعتُرض بأن لنا وجهاً بوجوبه إذا كان به جرح يخاف منه التلف ، وفارق وجوب نحو : إساغة ما غص به بخمر ، وربط محل الفصد ؛ لتيقن نفعه " انتهى .
وفي حاشيته : " في باب ضمان الولاة من الأنوار عن البغوي أنه إذا علم الشفاء في المداواة وجبت " انتهى .
وفي حاشية قليوبي وعميرة" (1/403) :
" وقال الإسنوي : يحرم تركه في نحو جرح يظن فيه التلف كالقصد " انتهى .
وما ذكروه من الفرق بين التداوي وبين إساغة الغصة ولو بالخمر ، أو ربط الفصد ، والحكم بوجوب هذين لتيقن نفعهما ، يفيد بأن الدواء إذا تُيقن نفعه وجب
إذا كان المرض مما يخشى منه التلف ، فيدخل في ذلك إيقاف النزيف ، وخياطة الجروح ، وبتر العضو التالف المؤدي إلى تلف بقية البدن ، ونحو ذلك مما يجزم الأطباء بنفعه وضرورته ، وأن تركه يؤدي إلى التلف أو الهلاك .
وقد أخذ مجمع الفقه الإسلامي بالقول بوجوب التداوي إذا كان تركه يفضي إلى تلف النفس أو أحد الأعضاء أو العجز ، أو كان المرض ينتقل ضرره إلى غيره ، كالأمراض المعدية .
انظر نص قرار المجمع في جواب السؤال بعد القادم
وبناء على ذلك : فإن كان المرض المسئول عنه مما يؤدي إلى تلف النفس أو أحد الأعضاء ، في حال ترك التداوي ، فإنه يجب أخذ الدواء ، ولا يجوز الإعراض عنه
في قول من ذكرنا من الشافعية ، وما اختاره علماء مجمع الفقه الإسلامي .
وإن كان المرض لا يبلغ هذا المبلغ ، فيجوز أخذ الدواء ، كما يجوز تركه ، واختلف العلماء في أيهما أفضل ، والنصوص تدل على أن التداوي أفضل ، وهو قول الجمهور
قال السفاريني رحمه الله في "غذاء الألباب" (1/457)
: " وقيل فعل التداوي أفضل من تركه , وبه قال بعض الشافعية . وذكر الإمام النووي في شرح مسلم أنه مذهب الشافعية وجمهور السلف وعامة الخلف ,
وقطع به ابن الجوزي من أئمتنا في المنهاج والقاضي وابن عقيل وغيرهم , واختاره الوزير بن هبيرة في الإفصاح . قال : ومذهب أبي حنيفة أنه مؤكد حتى يداني به الوجوب
. ومذهب مالك أنه يستوي فعله وتركه , فإنه قال لا بأس بالتداوي ولا بأس بتركه " انتهى .
ثالثا :
التداوي لا ينافي التوكل على الله تعالى ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم تداوى ، وأرشد أمته إلى التداوي ، وهو سيد المتوكلين صلى الله عليه وسلم
قال ابن القيم رحمه الله :
" في الأحاديث الصحيحة الأمر بالتداوي ، وأنه لا ينافي التوكل ، كما لا ينافيه دفع الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها ، بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدرا وشرعا
وأن تعطيلها يقدح في نفس التوكل ـ كما يقدح في الأمر والحكمة ـ ويضعفه ، من حيث يظن معطلها أن تركها أقوى في التوكل
فإن تركها عجز ينافي التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه ، ودفع ما يضره في دينه ودنياه
ولا بد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب ، وإلا كان معطلا للحكمة والشرع ، فلا يجعل العبد عجزه توكلا ، ولا توكله عجزا "
انتهى من " زاد المعاد " ( 4 / 15).
رابعا :
أما حديث الصحيحين : ( يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ هُمْ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) البخاري (6472) ومسلم (218) ففيه استحباب ترك الاسترقاء
أي طلب الرقية من الغير ، وليس فيه تعرض لحكم التداوي بالأدوية النافعة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" ولا يدخل في ذلك من عرض نفسه على الطبيب للدواء ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل : لا يتداوون ؛ بل قال : ( لا يكتوون ولا يسترقون ) اللهم إلا أن يعلق الإنسان قلبه بالطبيب
ويكون رجاؤه وخوفه من المرض متعلقا بالطبيب ، فهذا ينقص توكله على الله عز وجل ، فينبغي للإنسان إذا ذهب إلى الأطباء أن يعتقد أن هذا من باب بذل الأسباب
وأن المسبب هو الله سبحانه وتعالى وحده ، وأنه هو الذي بيده الشفاء ، حتى لا ينقص توكله " .
فتاوى نور على الدرب (3/213) .
خامسا :
وأما حديث المرأة التي كانت تصرع وتتكشف ، ولفظه : عن عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ : قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ : ( أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْتُ بَلَى
قَالَ : هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ ؛ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : إِنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ ، فَادْعُ اللَّهَ لِي .
قَالَ : إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ !!
فَقَالَتْ : أَصْبِرُ . فَقَالَتْ : إِنِّي أَتَكَشَّفُ ، فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ ؛ فَدَعَا لَهَا )
رواه البخاري (5652) ومسلم (2576) .
فهذا الحديث يدل على جوزا ترك التداوي في مثل هذه الحال ، لمن قويت عزيمته وقدر على ذلك .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " وَفِي الْحَدِيث فَضْل مَنْ يُصْرَع , وَأَنَّ الصَّبْر عَلَى بَلَايَا الدُّنْيَا يُورِث الْجَنَّة , وَأَنَّ الْأَخْذ بِالشِّدَّةِ أَفْضَل مِنْ الْأَخْذ بِالرُّخْصَةِ ، لِمَنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسه الطَّاقَة وَلَمْ يَضْعُف عَنْ اِلْتِزَام الشِّدَّة ,
وَفِيهِ دَلِيل عَلَى جَوَاز تَرْك التَّدَاوِي , وَفِيهِ أَنَّ عِلَاج الْأَمْرَاض كُلّهَا بِالدُّعَاءِ وَالِالْتِجَاء إِلَى اللَّه أَنْجَع وَأَنْفَع مِنْ الْعِلَاج بِالْعَقَاقِيرِ , وَأَنَّ تَأْثِير ذَلِكَ وَانْفِعَال الْبَدَن عَنْهُ أَعْظَم مِنْ تَأْثِير الْأَدْوِيَة الْبَدَنِيَّة ,
وَلَكِنْ إِنَّمَا يَنْجَع بِأَمْرَيْنِ : أَحَدهمَا مِنْ جِهَة الْعَلِيل وَهُوَ صِدْق الْقَصْد , وَالْآخَر مِنْ جِهَة الْمُدَاوِي وَهُوَ قُوَّة تَوَجُّهه وَقُوَّة قَلْبه بِالتَّقْوَى وَالتَّوَكُّل , وَاَللَّه أَعْلَم " انتهى .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-09-20, 08:09
فوائد الشدائد
السؤال
لقد شاهدت على شاشات التلفاز الكثير من المصائب والمآسي التي تمر بها الأمة الإسلامية ، في فلسطين جراحنا تنزف ، وفي الشيشان أجسادنا تقطع ، وفي أفغانستان بيوتنا تهدم ، وفي الفلبين وكشمير .. واليوم في العراق ..
وغداً الله أعلم بمن سيلاقي هذا المصير ..
فهل هذه المصائب والمآسي التي نراها خيرٌ أم شر ؟.
الجواب
الحمد لله
خلق المصائب والآلام فيه من الحكم ما لا يحيط بعلمه إلا الله ، ومما أطلعنا الله عليه مما هو دال على ذلك :
1- أن في الآلام والمصائب امتحاناً لصبر المؤمن
قال تعالى : ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ) البقرة / 214 .
2- أن فيها دليلاً على ضعف الإنسان ، وافتقاره الذاتي إلى ربه ، ولا فلاح له إلا بافتقاره إلى ربه ، وانطراحه بين يديه .
3- المصائب سبب لتكفير الذنوب ورفعة الدرجات قال صلى الله عليه وسلم : " ما من شيء يصيب المؤمن حتى الشوكة تصيبه إلا كتب الله له بها حسنة ، أو حطّت عنه بها خطيئة " رواه مسلم (2572)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ ) رواه الترمذي (2399) صححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2280) .
وعَنْ جَابِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَوَدُّ أَهْلُ الْعَافِيَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يُعْطَى أَهْلُ الْبَلاءِ الثَّوَابَ لَوْ أَنَّ جُلُودَهُمْ كَانَتْ قُرِضَتْ فِي الدُّنْيَا بِالْمَقَارِيضِ . رواه الترمذي (2402) انظر : السلسلة الصحيحة برقم (2206).
4- ومن حكم المصائب عدم الركون إلى الدنيا ، فلو خلت الدنيا من المصائب لأحبها الإنسان أكثر ولركن إليها وغفل عن الآخرة ، ولكن المصائب توقظه من غفلته وتجعله يعمل لدار لا مصائب فيها ولا ابتلاءات .
5- ومن أعظم حكم المصائب والإبتلاءات : التنبيه والتحذير عن التقصير في بعض الأمور ليتدارك الإنسان ما قصر فيه ، وهذا كالإنذار الذي يصدر إلى الموظف أو الطالب المقصر
والهدف منه تدارك التقصير ، فإن فعل فبها ونعمت، وإلا فإنه يستحق العقاب ، ولعل من الأدلة على ذلك قوله تعالى : ( فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون .
فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون ) .
ومن الحكم المترتبة على سابقتها الإهلاك عقاباً لمن جاءته النذر ، ولكنه لم يستفد منها ولم يغير من سلوكه ، واستمر على ذنوبه قال تعالى : { فأهلكناهم بذنوبهم } .
وقال تعالى : ( ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين )
وقال تعالى : ( وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً )
قال ابن تيمية رحمة الله :
" قد يـقـترن بالحزن ما يثاب صاحبه عليه ويحمد عليه ، فيكون محموداً من تـلـك الجهة لا من جهة الحزن ، كالحزين على مصيبة في دينه ، وعلى مصائب المسلمين عموماً ، فهذا يثاب على ما في قلبه ، من حب الخير وبغض الشر
وتوابع ذلك ، ولكن الحزن على ذلك إذا أفضى إلى تـرك مأمور من الصبر والجهاد وجلب منفعة ودفع مضرة ، نهي عنه ، وإلا كان حسب صاحبه رفع الإثم عنه "
فافهم هذا يا من تتمنى أن يغيـر الله الأحوال بلا عمل منك ومن أمثالك .
6- قال الله تعالى : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ) الأنعام / 42
قال السعدي رحمه الله : لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك من الأمم السالفين والقرون المتقدمين فكذبوا رسلنا وجحدوا بآياتنا . فأخذناهم بالبأساء والضراء
أي بالفقر والمرض والآفات والمصائب رحمة منا بهم . لعلهم يتضرعون إلينا ويلجأون عند الشدة إلينا .
وقال تعالى : ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) الروم / 41 .
أي استعلن الفساد في البر والبحر ، أي فساد معايشهم ونقصانها وحلول الآفات بها .
وفي أنفسهم من الأمراض والوباء وغير ذلك . وذلك بسبب ما قدمت أيديهم ، من الأعمال الفاسدة المفسدة بطبعها .
هذه المذكورة ( ليذيقهم بعض الذي عملوا ) أي ليعلموا أنه المجازي على الأعمال فعجل لهم نموذجاً من جزاء أعمالهم في الدنيا ( لعلهم يرجعون ) عن أعمالهم التي أثرت لهم من الفساد ما أثرت . فتصلح أحوالهم ، ويستقيم أمرهم .
فسبحان من أنعم ببلائه وتفضل بعقوبته ، وإلا فلو أذاقهم جميع ما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة .
*عبدالرحمن*
2018-09-20, 08:10
7- والعبادة في الشدائد والفتن لها طعم خاص وأجر خاص :
عن مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ ) . رواه مسلم ( 2948 ) .
قال النووي : قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْعِبَادَة فِي الْهَرْج كَهِجْرَةِ إِلَيَّ ) الْمُرَاد بِالْهَرْجِ هُنَا الْفِتْنَة وَاخْتِلَاط أُمُور النَّاس . وَسَبَب كَثْرَة فَضْل الْعِبَادَة فِيهِ أَنَّ النَّاس يَغْفُلُونَ عَنْهَا , وَيَشْتَغِلُونَ عَنْهَا , وَلا يَتَفَرَّغ لَهَا إِلا أَفْرَاد .
قَالَ الْقُرْطُبِيّ :
أَنَّ الْفِتَن وَالْمَشَقَّة الْبَالِغَة سَتَقَعُ حَتَّى يَخِفّ أَمْر الدِّين وَيَقِلّ الاعْتِنَاء بِأَمْرِهِ وَلَا يَبْقَى لأَحَدٍ اِعْتِنَاء إِلا بِأَمْرِ دُنْيَاهُ وَمَعَاش نَفْسه وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ , وَمِنْ ثَمَّ عَظُمَ قَدْر الْعِبَادَة أَيَّام الْفِتْنَة
كَمَا أَخْرَجَ مُسْلِم مِنْ حَدِيث مَعْقِل بْن يَسَار رَفَعَهُ " الْعِبَادَة فِي الْهَرْج كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ "
8- أن حصول النعمة بعد ألم ومشقة ومصيبة أعظم قدراً عند الإنسان .
فيعرف الإنسان قدر نعمة الله عليه في الصحة والعافية ، ويقدرها حق قدرها .
فمن فوائد المصائب : التذكير بنعم الله تعالى على الإنسان ، لأن الإنسان الذي خلق مبصراً – مثلاً – ينسى نعمة البصر ولا يقدرها حق قدرها، فإن ابتلاه الله بعمى مؤقت
ثم عاد إليه بصره أحس بكل مشاعره بقيمة هذه النعمة، فدوام النعم قد ينسي الإنسان هذه النعم فلا يشكرها، فيقبضها الله ثم يعيدها إليه تذكيراً له بها ليشكرها.
بل إن في المصائب تذكيراً للإنسان المصاب ولغيره بنعم الله ، فإذا رأى الإنسان مجنوناً أحس بنعمة العقل ، وإن رأى مريضاً أحس بالصحة ، وإن رأى كافراً يعيش كالأنعام أحس بنعمة الإيمان
وإن رأى جاهلاً أحس بنعمة العلم ، هكذا يشعر من كان له قلب متفتح يقظ ، أما الذين لا قلوب لهم فلا يشكرون نعم الله بل يبطرون ، ويتكبرون على خلق الله .
9- فوائد المصيبة أنها تنقذ الإنسان من الغفلة ، وتنبه العبد على تقصيره في حق الله تعالى ، حتى لا يظن في نفسه الكمال فيكون سبباً لقسوة القلب والغفلة
قال تعالى : ( فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الأنعام / 43 .
10- ومن حكم الابتلاءات والشدائد : التمحيص
فالشدائد تكشف حقائق الناس وتميز الطيب من الخبيث ، والصادق من الكاذب ، والمؤمن من المنافق ، يقول الله الباري جلا شانه عن غزوة أحد وما نال المسلمين فيها ، مبيناً جانباً من الحكمة في هذا الابتلاء :
( ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب )
فينكشف كلٌ على حقيقته :
جزى الله الشدائد كل خير وإن كانت تغصصني بريقـي
وما شكري لها إلا لأني عرفت بها عدوي من صديقي
11- وليقوم المسلمون بإغاثة من تصيبهم المصائب من المسلمين فيؤجرون
على ذلك قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ) . رواه البخاري (6011) ومسلم (2586)
وقال : ( لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ) رواه البخاري (13) ومسلم (45) .
12- وفي الشدائد والحروب يظهر الأثر الحقيقي لقول الله تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى )
فمن صور التعاون في مجال الدعوة ونصرة الدين : جهاد الكفار والمنافقين في سبيل الله عز وجل ، ومشاركة أهل الدعوة الإسلامية في الحروب ضد أهل الكفر والضلال
وتهيئة جميع الوسائل والعدة والعتاد من أجل الجهاد في سبيل الله .
ومن صور التعاون في نصرة الدين التي حدثت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم : التعاون على قتل مدعي النبوة ، وقتل رؤوس أهل الشرك والمرتدين ومنهم الذين يسبون النبي صلى الله عليه وسلم .
*عبدالرحمن*
2018-09-20, 08:14
حكم التداوي وأخذ إذن المريض
السؤال :
ما حكم التداوي في الإسلام وخصوصا في الأمراض الميؤوس منها ؟
وهل يجب أخذ إذن المريض قبل البدء في العلاج وخاصة في حالات الطوارئ ؟
الجواب
الحمد لله
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره السابع بجدة 1412 هـ :
" أولاً : التداوي :
الأصل في حكم التداوي أنه مشروع ، لما ورد في شأنه في القرآن الكريم والسنة القولية والفعلية ، ولما فيه من حفظ النفس الذي هو أحد المقاصد الكلية من التشريع .
وتختلف أحكام التداوي باختلاف الأحوال والأشخاص :
- فيكون واجباً على الشخص إذا كان تركه يفضي إلى تلف نفسه أو أحد أعضائه أو عجزه ، أو كان المرض ينتقل ضرره إلى غيره ، كالأمراض المعدية .
- ويكون مندوباً إذا كان تركه يؤدي إلى ضعف البدن ولا يترتب عليه ما سبق الحالة الأولى .
- ويكون مباحاً إذا لم يندرج في الحالتين السابقتين .
- ويكون مكروهاً إذا كان بفعل يخاف منه حدوث مضاعفات أشد من العلة المراد إزالتها .
ثانياً : علاج الحالات الميؤوس منها :
أ - مما تقتضيه عقيدة المسلم أن المرض والشفاء بيد الله عز وجل ، وأن التداوي والعلاج أخذ بالأسباب التي أودعها الله تعالى في الكون وأنه لا يجوز اليأس من روح الله أو القنوط من رحمته
بل ينبغي بقاء الأمل في الشفاء بإذن الله . وعلى الأطباء وذوي المرضى تقوية معنويات المريض ، والدأب في رعايته وتخفيف آلامه النفسية والبدنية بصرف النظر عن توقع الشفاء أو عدمه .
ب - إن ما يعتبر حالة ميؤوساً من علاجها هو بحسب تقدير الأطباء وإمكانات الطب المتاحة في كل زمان ومكان وتبعاً لظروف المرضى .
ثالثاً : إذن المريض :
أ - يشترط إذن المريض للعلاج إذا كان تام الأهلية ، فإذا كان عديم الأهلية أو ناقصها اعتبر إذن وليه حسب ترتيب الولاية الشرعية ووفقاً لأحكامها التي تحصر تصرف الولي فيما فيه منفعة المولي عليه ومصلحته ورفع الأذى عنه .
على أن لا يُعتد بتصرف الولي في عدم الإذن إذا كان واضح الضرر بالمولى عليه ، وينتقل الحق إلى غيره من الأولياء ثم إلى ولي الأمر .
ب - لولي الأمر الإلزام بالتداوي في بعض الأحوال ، كالأمراض المعدية والتحصينات والوقائية .
جـ- في حالات الإسعاف التي تتعرض فيها حياة المصاب للخطر لا يتوقف العلاج على الإذن .
د- لابد في إجراء الأبحاث الطبية من موافقة الشخص التام الأهلية بصورة خالية من شائبة الإكراه - كالمساجين - أو الإغراء المادي - كالمساكين - ويجب أن لا يترتب على إجراء تلك الأبحاث ضرر .
ولا يجوز إجراء الأبحاث الطبية على عديمي الأهلية أو ناقصيها ولو بموافقة الأولياء " .
انتهى من مجلة مجمع الفقه الإسلامي العدد السابع ج/ 3 ص/729
*عبدالرحمن*
2018-09-20, 08:20
حكم استئصال قنوات فالوب ومنع الحمل لأنها تلد ولادة قيصرية
السؤال :
أنا امرأة في عمر ٣٣ حامل للمرة الثالثة ، وألد دائماً قيصري ، استخدمت الحبوب كوسيلة لمنع الحمل ، وسببت لي مشاكل كثيرة مع زوجي ؛ لأنها تقلل من رغبتي في العلاقة ، كانت مشاكل اقتربت للطلاق فاستخدمت الشريط
ولكن تركيبه وإزالته كأم مؤلم جدا ، ربما لأَنِّي لم ألد طبيعيا قبل ذلك ، غير أنه كان يتسبب في أن الدورة الشهرية يكون الدم كثير جدا والآلام شديدة ، أنا لا أريد أن أحمل مرة أخري أبدا
و لا أحتمل الوسائل المختلفة ، والتي يمكن أن يصحبها نسبة حدوث حمل ، سالت دكتورتي ، ونصحتني بإلزالة قنوات فالوب أثناء الولادة القيصري ، الشئ الذي يقلل من الإصابة بمرض سرطان الرحم
والذي يوجد في العائلة ، لا أريد أن أحمل ، وأفتح بطني لمرة رابعة ، وأنا صحيا ونفسيا مرهقة ، فأنا مغتربة في دولة أجنبية ، ولا يوجد من يساعدني
أحمد الله علي إبني و ابنتي وابني القادم إن شاء الله ، وأدعو الله أن يبارك فيهم ، ويقويني عليهم ، فهل استئصال القنوات في هذه الحالي حرام
لأنه حتي مع الربط يوجد احتمال حدوث حمل ، أو حمل خارج الرحم الشئ الذي أريد تجنبه ؟
الجواب :
الحمد لله
المقرر عند أهل العلم أنه لا يجوز منع الإنجاب بالكلية إلا لضرورة ، سواء كان ذلك بإزالة الرحم ، أو القناة ، أو بالربط .
ويجوز منع الحمل مؤقتا باستعمال وسيلة مناسبة لذلك ، وهي كثيرة.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن تنظيم النسل:
"ثانياً: يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل أو المرأة ، وهو ما يعرف بالإعقام أو التعقيم ، ما لم تدعُ إلى ذلك الضرورة بمعاييرها الشرعية .
ثالثاً: يجوز التحكم المؤقت في الإنجاب بقصد المباعدة بين فترات الحمل ، أو إيقافه لمدة معينة من الزمان ، إذا دعت إليه حاجة معتبرة شرعاً، بحسب تقدير الزوجين عن تشاور بينهما وتراضٍ
بشرط أن لا يترتب على ذلك ضرر، وأن تكون الوسيلة مشروعة، وأن لا يكون فيها عدوان على حملٍ قائم"
انتهى من "مجلة المجمع" (ع 4، ج1 ص 73).
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن امرأة أنجبت عشرة أولاد وصار الحمل يضرها، وتريد أن تعمل ما يسمى بعملية " الربط ".
فأجاب: "لا حرج في العملية المذكورة، إذا قرر الأطباء أن الإنجاب يضرها، بعد سماح زوجها بذلك "
انتهى من "فتاوى المرأة المسلمة" (5/978).
وسئل أيضا: " ما الحكم في استئصال الرحم للتعقيم، أي منع الحمل لأسباب طبية حاضرة ومستقبلية ، لما تتوقعها الجهات الطبية والعلمية ؟
فأجاب : إذا كان هناك ضرورة فلا بأس، وإلا فالواجب تركه؛ لأن الشارع يحبذ النسل ويدعو إلى أسبابه لتكثير الأمة ، لكن إذا كان هناك ضرورة فلا بأس ، كما يجوز تعاطي أسباب منع الحمل مؤقتا للمصلحة الشرعية"
انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" ( 9 / 434 ) .
والذي يظهر لنا أن ما ذكرت لا يعد ضرورة تبيح لك منع الإنجاب بالكلية ، وأنه يمكنك البحث عن وسيلة لمنع الحمل مؤقتا ولو مع شيء من الألم كما ذكرت في الشريط.
إلا إذا قالت لك الطبيبة : إن الحمل مرة رابعة فيه خطر عليك ، ففي هذه الحالة يجوز منع الإنجاب .
وعلى كل حال ؛ فلا بد من التفاهم مع زوجك ، ووقوفه على حقيقة الأمر معك .
والله أعلم.
*عبدالرحمن*
2018-09-20, 08:24
شرح حديث: ( لاَ تُعَذِّبُوا صِبْيَانَكُمْ بِالْغَمْزِ مِنَ العُذْرَةِ، وَعَلَيْكُمْ بِالقُسْطِ ).
السؤال :
قال رسول الله صل الله عليه وسلم : (لا تعذبوا صبيانكم بالغمز من العذرة وعليكم بالقسط) أريد التأكد من صحة هذا الحديث ، وشرحه إن صح .
الجواب :
الحمد لله
عَنْ أَنَس بن مالكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عن النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( لاَ تُعَذِّبُوا صِبْيَانَكُمْ بِالْغَمْزِ مِنَ العُذْرَةِ، وَعَلَيْكُمْ بِالقُسْطِ ).
رواه البخاري (5696)، واللفظ له، ومسلم (1577).
قال القاري رحمه الله :
" الْغَمْز : أَيِ الْعَصْرُ، وَقِيلَ: إِدْخَالُ الْأُصْبُعِ فِي حَلْقِ الْمَعْذُورِ لِغَمْزِ دَاخِلِهِ فَيَعْصِرُ بِهَا الْعُذْرَةُ، والْعُذْرَة : وَجَعٌ فِي الْحَلْقِ يَهِيجُ مِنَ الدَّمِ، وَقِيلَ: هِيَ قُرْحَةٌ تَخْرُجُ فِي الْخُرْمِ الَّذِي مَا بَيْنَ الْأَنْفِ وَالْحَلْقِ تَعْرِضُ لِلصِّبْيَانِ
فَتَعْمِدُ الْمَرْأَةَ إِلَى خِرْقَةٍ فَتَفْتِلُهَا فَتْلًا شَدِيدًا ، وَتُدْخِلُهَا فِي أَنْفِهِ ، فَتَطْعَنُ ذَلِكَ ، فَيَنْفَجِرُ مِنْهُ دَمٌ أَسْوَدٌ، وَرُبَّمَا أَقْرَحُهُ، وَذَلِكَ الطَّعْنُ يُسَمَّى الدَّغْرُ.
وقوله: (عَلَيْكُمْ بِالْقُسْطِ) : بِأَنْ يُؤْخَذَ مَاؤُهُ فَيُسْعَطُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَصِلُ إِلَى الْعُذْرَةِ فَيَقْبِضُهَا "
انتهى باختصار من "مرقاة المفاتيح" (7/ 2865)
وقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رحمه الله: " وَأَمَّا نَفْعُ السَّعُوطِ مِنْهَا بِالْقُسْطِ الْمَحْكُوكِ ؛ فلِأَنَّ الْعُذْرَةَ مَادَّتُهَا دَمٌ يَغْلِبُ عَلَيْهِ الْبَلْغَمُ ، لَكِنَّ تَوَلُّدَهُ فِي أَبْدَانِ الصِّبْيَانِ أَكْثَرُ، وَفِي الْقُسْطِ تَجْفِيفٌ يَشُدُّ اللَّهَاةَ، وَيَرْفَعُهَا إِلَى مَكَانِهَا ...
وَالْقُسْطُ الْبَحْرِيُّ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ: هُوَ الْعُودُ الْهِنْدِيُّ، وَهُوَ الْأَبْيَضُ مِنْهُ ، وَهُوَ حُلْوٌ، وَفِيهِ مَنَافِعُ عَدِيدَةٌ، وَكَانُوا يُعَالِجُونَ أَوْلَادَهُمْ بِغَمْزِ اللَّهَاةِ، وَبِالْعِلَاقِ، وَهُوَ شَيْءٌ يُعَلِّقُونَهُ عَلَى الصِّبْيَانِ
فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، وَأَرْشَدَهُمْ إِلَى مَا هُوَ أَنْفَعُ لِلْأَطْفَالِ، وَأَسْهَلُ عَلَيْهِمْ ".
انتهى من "زَادُ المَعَادِ" (4/87 -88).
وروى البخاري (5692) ، ومسلم (2214) عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ، قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( عَلَيْكُمْ بِهَذَا العُودِ الهِنْدِيِّ، فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ: يُسْتَعَطُ بِهِ مِنَ العُذْرَةِ ، وَيُلَدُّ بِهِ مِنْ ذَاتِ الجَنْبِ ).
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ:
" السَّعُوطُ يُسْحَقُ فِي زَيْتٍ وَيُقْطَرُ فِي الْأَنْفِ ، والْعُذْرَةُ : وَجَعٌ فِي الْحَلْقِ يَعْتَرِي الصِّبْيَانَ غَالِبًا، وَقِيلَ هِيَ قُرْحَةٌ تَخْرُجُ بَيْنَ الْأُذُنِ وَالْحَلْقِ أَوْ فِي الْخُرْمِ الَّذِي بَيْنَ الْأَنْفِ وَالْحَلْقِ "
انتهى باختصار من "فتح الباري" (10/149).
ونبات القُسط هذا، نبات يعيش في الهند ، وخاصة في كشمير ، وفي الصين وتستعمل قشور جذوره التي قد تكون بيضاء أو سوداء
وكان التجار العرب يجلبونها إلى الجزيرة العربية عن طريق البحر لذا سميت القسط البحري، كما كان يسمى بالقسط الهندي.
وقد يدعى الأبيض بالقسط البحري والأسود بالهندي كما ورد في السنة باسم العود الهندي كمترادفات، إلا أنه من غير شك غير العود الهندي الذي يتخذ في البخور وله نفس الاسم مع أنهما نباتان مختلفان.
والله تعالى أعلم.
كَانُوا قَدِيمًا يُعَالِجُونَ الْتِهَابَاتِ الْحَلْقِ، بِغَمْزِ الْحَلْقِ بِالْأَصَابِعِ، أَوْ بِالْخِرْقَةِ، وَنَحْوِهَا، فَيَطْعَنُونَ بِهَا الْمَوْضِعَ، فَيَتَفَجَّرُ مِنْهُ دَمٌ أَسْوَدُ، وَرُبَّمَا سَبَّبَ قرْحَةً، فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذَا الْفِعْلِ الْخَطَأِ
وَأَرْشَدَهُمْ إِلَى الْعِلَاجِ الصَّحِيحِ، وَهُوَ اسْتِعْمَالُ الْقُسْطِ الْهِنْدِيِّ.
*عبدالرحمن*
2018-09-20, 08:48
الهدي النبوي قي العلاج بالقسط
https://d.top4top.net/p_993f34ro1.jpg (https://up.top4top.net/)
ومن توجيهات النبي صلِ الله عليه و سلم
عن كتاب الطب النبوي والعلم الحديث للدكتور نظمي النسيمي
في هذا المجال أن نبه إلى وجوب تجنب الخطأ في بعض المعالجات الشعبية والتي لا تستند إلى أساس علمي فنهى النساء عن مثل هذه المعالجة القاسية والمؤذية أحياناً مقدماً لهن العلاج الأمثل
في هذه الحالة وهو القسط. قوله (ويلد من ذات الجنب) يعني يسقاه في أحد شقي فمه وهو تنبيه إلى طريقة لسقي المريض دواء عندما لا يتمكن من الجلوس
أو من تناوله بيده أو عندما يثير ذلك ألماً شديداً لديه، واللدود ما يسقي الإنسان في أحد شقي الفم، أخذ من لديدي الوادي وهما جانباه واللدود (بضم اللام ) الفعل.
فقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير ما تداويتم به اللدود والسعوط والحجامة والمشي ) رواه الترمذي.
وروى زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تداووا من ذات الجنب بالقسط البحري والزيت ) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
ولقد ذكر ابن سينا في معالجة سقوط اللهاة القسط مع الشب اليماني وزر الورد، وسقوط اللهاة هو ضخامتها المتأتية عن التهابها.
وقال الموفق البغدادي
عن تحقيقه لكتاب: الطب من الكتاب والسنة لكاتب موفق البغدادي
(وذات الجنب قسمان: حقيقي وهو ورم حاد يعرض في الغشاء المستبطن للأعضاء، وغير حقيقي وهو ما يعرض في نواحي الجنب من رياح غليظة تحتقن بين الصفاقات، إلا أن الوجع في هذا القسم ممدود وفي الحقيقة ناخس ).
وقال الدكتور عبد المعطي القلعجي
عن تحقيقه لكتاب البغدادي: المصدر السابق
: تنطبق هذه العلامات على التهاب الغشاء المبطن للرئة Pleurisy الذي يترافق بألم حاد شديد يتفاقم مع التنفس العميق أو السعال بالإضافة إلى سعال جاف وأرتفاع حرارة
وإنهاك القوى العامة وقد يتجمع في الغشاء سوائل في بعض الحالات.
ويرى الدكتور محمد ناظم النسيمي أن ذات الجنب الواردة في الأحاديث هي الألم الجنبي الناتج غالباً عن البرد أو الرثية (الروماتيزم ).
وذكر الكحال ابن طرخان
عن كتاب: الأحكام النبوية في الصناعة الطبية
طريقة المعالجة بالقسط للألم الجنبي فقال: يدق القسط ناعماً ويخلط بالزيت المسخن دون غلي أو قلي ويدلك به مكان الألم ويلعق.
أما ابن القيم
عن كتاب: الطب النبوي
فقد أكد هذا المعنى بقوله: (والعلاج الموجود في الحديث عن آفة في المصدر تنجم عن ريح غليظة فإن القسط بالبحري إذا دق ناعماً وخلط بالزيت المسخن
ودلك به مكان الريح المذكور أو لعق كان دواء موافقاً لذلك نافعاً له محلاً لمادته مذهباً لها، مقوياً للأعضاء الباطنية ).
قوله صلى الله عليه وسلم:( فإن فيه سبعة أشفية) قال البخاري: قال الراوي: فسمعت الزهري يقول: بين لنا اثنتين ولم يبين لنا خمسة.
وقال ابن حجر: كذا وقع الاختصار في الحديث عن السبعة على اثنين، فإما أن يكون ذكر السبعة فاختصره الراوي أو اقتصر على الاثنين لوجودها حينئذ دون غيرها.
وقد ذكر الأطباء من منافع القسط أنه يدر الطمث والبول ويقتل ديدان الأمعاء ويدفع السم وحمى الربع والورد ويسخن المعدة ويحرك شهوة الجماع ويذهب الكلف طلاء.
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن أمثل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري ) رواه البخاري ومسلم في صحيحهما.
قال الموفق البغدادي (وفي جمعه صلى الله عليه وسلم بين الحجامة والقسط سر لطيف وهو أنه إذا طلي به شرط الحجامة لم يتخلف في الجلد أثر المشاريط
وهذا من غرائب الطب فإن هذه الآثار إذا نبتت في الجلد قد يتوهم من رآها أنها بهق أو برق والطباع تنفر من هذه الآثار فحيث علم ذلك مع الحجامة ما يؤمن من ذلك
والقسط قد جعله النبي صلى الله عليه وسلم أمثل ما يتداوى به لكثرة منافعه، ينفع الفالج ويحرك الباه وهو ترياق لسم الأفاعي، واشتمامه على الزكام يذهبه، ودهنه ينفع وجع الظهر).
قال ابن حجر: ويحتمل أن تكون السبعة أصول التداوي بها لأنها إما طلاءٌ أو شرابٌ أو تكميدٌ أو تقطيرٌ أو تبخيرٌ أو سعوطٌ أو لدود. فالطلاء يدخل ويجعل في عسل أو ماء وغيرها.
وكذا التقطير والسعوط يسحق في زيت ويقطر في الأنف والدهن والتبخر واضح. وتحت كل واحدة من السبعة منافع لأدواء مختلفة ولا يستغرب ذلك ممن أوتي جوامع الكلم.
وخلاصة ما كتبه شراح الحديث
كتاب الدكتور النسيمي في كتاب: الطب النبوي والعلم الحديث
نبات القسط الموصوف في السنة، نبات يعيش في الهند وخاصة في كشمير وفي الصين وتستعمل قشور جذوره التي قد تكون بيضاء أو سوداء
وكان التجار العرب يجلبونها إلى الجزيرة العربية عن طريق البحر لذا سميت القسط البحري، كما كان يسمى بالقسط الهندي.
وقد يدعى الأبيض بالقسط البحري والأسود بالهندي كما ورد في السنة باسم العود الهندي كمترادفات، إلا أنه من غير شك غير العود الهندي الذي يتخذ في البخور وله نفس الاسم مع أنهما نباتان مختلفان.
وقال البخاري تحت باب السعوط بالقسط الهندي والبحري وهو الكست (بالقاف والكاف) مثل كافور وقافور وكشت وقشطت.
قال ابن القيم: القسط نوعان: أبيض يقال له البحري وأسود هو الهندي وهو أشدهما حرارة والأبيض ألينهما ومنافعهما كثيرة: ينشفان البلغم قاطعان للزكام
وإذا شربا نفعا من ضعف الكبد والمعدة وقطعاً وجع الجنب ونفعاً من السموم وإذا طلي الوجه بمعجونه مع الماء والعسل قلع الكلف.
أما الدكتور أحمد الرشيدي
عن كتاب الطب النبوي والعلم الحديث للدكتور نظمي النسيمي
فقد ذكر أن للقسط Costus نحواً من 15 صنفاً.
وذكر أن ابن سينا نقل عن ديسقوريدس بأن القسط ثلاثة أنواع: صنف أبيض خفيف عطري هو القسط العربي أو البحري، وصنف أسود خفيف غليظ قليل العطرية
هو الهندي، وصنف ثالث ثقيل يشبه خشب البقس، رائحته ساطعة هو القسط الشامي.
وينقل عن الدكتور ميره قوله أننا إذا جرياً على كلام المؤلفين نسبنا الجذر الذي يسمى عندنا الآن بالقسط العربي للقسط الجميل
وهو أبيض فطري مائي عذب الطعم يقرب قليلاً لرائحة الزنجبيل، وهذا يوافق أيضاً ما يسمى بالقسط الحلو C.Duleis.
*عبدالرحمن*
2018-09-20, 08:50
مكانة القسط Costus في الطب الحديث:
ذكرت مجلة التايم في صفحتها العلمية (1999) أن القسط نبات ينمو بشكل عشوائي بدون زراعة في منطقة الهيمالايا الحاوية على قمة أفرست الأعلى ارتفاعاً في العالم، ويعتبر القسط أهم ركائز الطب التيبتي التقليدي
وقد كان الكهنة هناك لا يكشفون عن طبهم هذا إلا لأمثالهم ليبقى سراً بينهم إلى أن جاء زعيمهم الأخير دالاي لاما فأسس كلية الطب التيبتي لتعليم أي كان
وذلك في منطقة Dharamsalaعلى الحدود الهندية للتيبت ليحافظ على ذلك الطب من الإندثار.
وبدأ الكهنة في التيبت بحفظ ذلك الطب على شكل خلطات مرقمة لشركة بادما Padma السويسرية ومنها الخلطة رقم 28 لإذابة جلطة أوعية الساق وفيها خلاصات من نبات القسط،
إذ ليس في جعبة الطب الحديث دواء ناجع لها سوى الطلب إلى المريض عدم تحريك ساقه لأسابيع حتى تذوب تلك السدادة ببطء وحتى لا تنطلق إلى الدورة الدموي فتحدث خثرة في مكان آخر.
ويذكر معجم أسماء النبات
عن كتاب الطب النبوي والعلم الحديث للدكتور نظمي النسيمي
أن القسط على شكلين:
قسط العود الهندي والقسط المر البحري من عائلة الزنجبيليات.
وله أنواع كثيرة عدد منها كتاب المرجع المفهرس لأصل السلالات النباتية:
القسط العربي:
ويستعمل في أوربا لأمراض الكبد.
والقسط المهدب:
المنتشر في فنزويلا لمعالجة مرض الزهري، والقسط الأسطواني في أمريكا الوسطى المستعمل أيضاً لمعالجة بعض الأمراض التناسلية كما هو مطهر للدم. وقسط الزهاد في البارغوري
من أجل الإخصاب، والقسط الحريري في جزر كارولين في المحيط الهادي لمعالجة الدمامل والقشعريرات، والقسط النوعي في أوربا وجزر هاواي والهند وجاوة والملايو
من أجل علاج الثعلبة والإمساك الزمن والربو والتهاب القصبات وسرطان الفم والكوليرا والسعال والاستسقاء والزحار والحميات والرمال والجذام والتهاب العين وعضة الأفعى وغيرها.
والقسط الشوكي في الدومينيكان بأريكالدنسون طارد للريح ومدر للبول ولمعالجة الاحتقان والروماتيزم..
والقسط اللولبي في البرازيل للأورام.
وقد ذكر المرشد إلى المصادر العالمية للنباتات النافعة
صدر بالروسية في موسكو ألفه العالمان فول ومالييفا 1952
أن للقسط أنواعاً كثيرة، وأكد على المنافع الطبية لثلاثة أنواع:
القسط الجميل ( Costus Speciosus)
وهو المسمى أيضاً بالقسط العربي C.Arabicusوهو ينتشر تلقائياً في جنوب شرقي آسيا من جبال هيميالايا وحتى سيلان وفي الهند الصينية والفلبيين وتايوان. ويزرع في الهند وأندونوسيا
وتؤكل سوقه الحاوية على 24% من تركيبها على النشاء. ويستعمل علاجياً في آفات الصدر والسعال والربو.
القسط الأفريقي C.Afrri
ويسميه الأنكليز Ginger lily وهو منتشر في أفريقيا الاستوائية تستخدم جذوره لتحضير عجينة لصنع الورق.أم طبياً فيستعمل مسحوق سوقه لمعالجة السعال.
أما الصبغة المحضرة من جذوره فتدخل في عداد تركيبة دوائية لمعالجة داء النوم.
وتطبق أوراقه المسلوقة موضعياً لمعالجة الرثية ، أما الجذور المسلوقة فتفيد موضعياً لشفاء التقرحات الجلدية.
القسط الموبر C.Villiosissimus
ومن أسمائه C.Spetimusوينتشر في كولومبيا وأمريكا الأستوائية وخاصة في البيرو وغويانا ويستعمل طبياً لعلاج النزلات الشعبية وخاصة المعوية منها وفي حمى التتفوس.
وفي كتاب النباتات النافعة في غرب أفريقيا أشار J.Daliziel فقط إلى القسط الأفريقي وأكد فائدته كدواء للسعال حيث يؤخذ مغلي سوقه أو مدقوق ثمراته
أو تعلك سوقه طازجة وقد يستعمل مغلي جذوره لنفس الغرض. كما تطبق أوراقه المسلوقة كمادة محمرة لمعالجة الآلام الرثوية. ويشير إلى ما يعتقد سكان سيراليون وساحل الذهب وغيرهم حول القدسية لهذه المادة العلاجية عندهم.
ويذكر قاموس وبستر
القاموس الدول لـ websterط3 1981
Webster زيت القس Costus Oil وأن هذا الزيت أصفر فاتح اللون يستخرج من الجذور العطرية للقسط وهو عشب ينمو في كشمير (القريبة من التيبت )ويستعمل في حماية الفراء وصناعة العطور.
ويقسم كتاب أزهار العالم
مؤلفه فرنسيس بري perriانظر المراجع
http://en.wikipedia.org/wiki/Costus
لقسطيات إلى 4 فروع و200 نوع وهي نباتات إستوائية وحيدة الفلقة تشابه عائلة الزنجبيليات ولكن ينقص أوراقها الرائحة العطرية لتلك العائلة.
والقسط هو الفرع الأكبر من القسطيات ويحوي مائة وخمسون نوعاً. أشهر أنواعه القسط الناري البرازيلي ذي الأزهار الصفراء البرتقالية على جذوع ورقية، وهذه الأوراق مستطيلة ومستدفئة
ومرتبة بشكل لولبي، وتحتاج زراعتها لمناخ حار وتربة غنية وسقاية جيدة وحماية من التعرض المباشر لأشعة الشمس والقسط العجيب موجود من شرق أفريقيا
إلى غربها حيث يشكل أحزمة من الورود ملتصقة بالتربة وبأوراق ثخينة تجلس في وسطها أزهار صفراء أو برتقالية لا ساق لها.
وأهم أنواعها القسط العجيب وهو نبات الأماكن الصخرية الرعوية المغطاة بالأشجار المتناثرة ويمتد انتشاره من السنغال وعلى طول ساحل إفريقيا الغربي إلى شرق
إفريقيا الأستوائية وأنغولا ويتألف من حزام وردي بأربعة ـ 6 أوراق مستديرة وممتلة شيئاً ما.
غالباً ما تتلون بالأحمر الأرجواني، حوافها مشعرة وممتدة باسترخاء على التربة. وتظهر الأزهار بدون ساق بلون برتقالي ناصع من تاج الحزام الوردي وبزمن واحد مع الأوراق ثم يتبع ذلك ظهور الثمار ذات المحفظة الغشائية
إلا أن أحزمة الورد في القسط العجيب تختلف عن بقية الأنواع.
ويرى الدكتور ظافر العطار أن القسط الجميل والقسط النوعي شيء واحد لأن الاسم اللاتيني لهما واحد.
وختاماً، وحيث لم نجد أبحاثاً حديثة تكشف أسرار هذه المادة العلاجية النبوية التي دعانا إلى التداوي بها من لا ينطق عن الهوى وأنها من أمثل الأدوية وتحدثنا عن جواهر فعالة مدروسة فيها
فإننا نحث همم الباحثين من علمائنا وأطبائنا لدراسة هذه النبتة ومعرفة خواصها الدوائية واستطباباتها السريرة في مختلف الأمراض.
بقلم الدكتور محمد نزار الدقر
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
Fatima73
2018-09-20, 10:25
انا من المهتمين بهذا المجال لكن للاسف لم تتسنى لي الفرصة لاكون كذلك ارجو ان تفيدوني فيه و شكرا
*عبدالرحمن*
2018-09-20, 15:16
انا من المهتمين بهذا المجال لكن للاسف لم تتسنى لي الفرصة لاكون كذلك ارجو ان تفيدوني فيه و شكرا
اهلا و سهلا بحضرتك
حضرتك تقصدي الطب النبوي
ام تقصدي نبات القسط
ام تقصدي الموضوع ك كل
ام تقصدي شئ اخر
ارجوا التوضيح حتي يكون من اولويه النشر
*عبدالرحمن*
2018-09-23, 19:16
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
حكم التداوي بزيت الكانابيديول
السؤال :
أعاني من بعض الظروف الصحية ، وبعد التحدث مع صديقٍ لي يعاني من المشكلات نفسها ، ذكر أن طبيبه قد طلب منه تناول زيت الكانابيدول ، وقد بحثت في أمر الكانابيدول وكان كل ما وجدته عنه أنه شئ جيد
ولكن يتم الآن تصنيع شئ يسمى سيجارة كانابيدول يطلق عليها "ميدي بين" ، وبدأت هيئة الصحة تبحث عنها لشراءها فهذه السيجارة خالية من التبغ والنيكوتين ، ولا تؤثر على العقل ، فما حكم استخدامها؟
الجواب :
الحمد لله
مادة الكانابيديول (CBD) تستخلص من القنّب ، وقد تحتوي على الشيء اليسير من مادة رباعي هيدرو كانابينول (THC) وهي مادة مخدرة محرمة.
وقد تقدم أنه لا يجوز أن يضاف إلى الدواء أو الطعام شيء من المسكر أو المخدر .
وأنه إذا أضيف بالفعل، فالإثم على من أضافه، ثم يُنظر في الطعام أو الدواء: فإن كانت نسبة المخدر فيه مستهلكة، لا يظهر أثرها، ولا يَسكر من أكل أو شرب الكثير من هذا الطعام، أو الدواء : فلا حرج في تناوله.
وعليه : فإذا ثبت أن مادة الكانابيديول غير ضارة، وغير محتوية على رباعي هيدرو كانابينول، أو محتوية على نسبة يسيرة مستهلكة لا أثر لها، فلا حرج في تناولها.
قال الخطيب الشربيني رحمه الله:"محل الخلاف في التداوي بها - يعني بالخمر - بصِرفها، أما الترياق المعجون بها ، ونحوه مما تستهلك فيه : فيجوز التداوي به
عند فقد ما يقوم مقامه، مما يحصل به التداوي من الطاهرات = كالتداوي بنجس، كلحم حية، وبول , ولو كان التداوي بذلك لتعجيل شفاء، بشرط إخبار طبيب مسلم عدل بذلك، أو معرفته للتداوي به "
انتهى من " مغني المحتاج " (5/ 518) .
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي رقم: 23 (11/ 3)
بشأن استفسارات المعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن ما يلي:
" السؤال الثاني عشر:
هناك كثير من الأدوية تحوي كميات مختلفة من الكحول تتراوح بين 0.01% و 25% ومعظم هذه الأدوية من أدوية الزكام واحتقان الحنجرة والسعال وغيرها من الأمراض السائدة.
وتمثل هذه الأدوية الحاوية للكحول ما يقارب 95% من الأدوية في هذا المجال مما يجعل الحصول على الأدوية الخالية من الكحول عملية صعبة أو متعذرة، فما حكم تناول هذه الأدوية؟
الجواب:
للمريض المسلم تناول الأدوية المشتملة على نسبة من الكحول، إذا لم يتيسر دواء خال منها، ووصف ذلك الدواء طبيب ثقة أمين في مهنته " انتهى من "مجلة المجمع" ع 3، ج 3/ص 1087 .
وعليه :
فإذا ثبت أن مادة الكانابيديول غير ضارة، وغير محتوية على رباعي هيدرو كانابينول، أو محتوية على نسبة يسيرة مستهلكة لا أثر لها : فلا حرج في تناولها.
ثانيا:
السيجارة الإلكترونية تحتوي على النيكوتين، ومواد سامة أخرى، بحسب ما وقفنا عليه، كما سبق بيان ذلك
ولهذا يحرم تناولها.
وينبغي الحذر من الاغترار بدعاية شركات السجائر وزعمهم أنها خالية من النيكوتين.
وعلى فرض خلوها حقيقة منه ، ومن كل ما هو ضار : فإنه لا ينبغي شربها ، لما فيه من التشبه بأهل المعصية، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ)
رواه أبو داود (4031)، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود".
والله أعلم.
*عبدالرحمن*
2018-09-23, 19:22
حكم الإنجاب بطريقة ( I V F )
السؤال
أود معرفة ما إذا كان يجوز طبقاً للقرآن والسنَّة العلاج بـ " الآي في إف " ( طريقة في علاج العقم ) لإنجاب الأطفال ، حيث تحاول إحدى الأخوات إنجاب أطفال
ولكنها تواجه صعوبة بالغة في ذلك ، ولذلك فسأكون ممتنة للغاية إذا تمكنتم أن تردوا عليَّ في أسرع وقت ممكن .
الجواب
الحمد لله
أولاً:
لا شك أن الأولاد من نعَم هذه الدنيا وزينتها ، ومن أعظم مقاصد الزواج : الإنجاب ، والولد الصالح ذخر لوالديه في الدنيا والآخرة ، وأعماله الصالحة تكون في صحائف والديه وميزانهما
وقد يبُتلى الرجل أو المرأة بعدم الإنجاب ، أو بتأخيره ، فالواجب عليهما الصبر والاحتساب ، والإكثار من الدعاء الاستغفار ، وليعلما أن الله تعالى لا يقضي بشيء إلا لحكمة بالغة
ومن تيسر له طرقاً شرعية للإنجاب فلا حرج عليه من سلوك طريقها ، وليحذر المسلم من طرق الشعوذة ، والسحر ، والخرافة ، وليحذر من الأطباء الذين عُدموا التقوى
فيكون همهم الحصول على المال من الراغب بالإنجاب ، ولذا يلجأ بعضهم إلى تبديل البويضات ، أو إلى تبديل ماء الرجل ! ومن هنا جاء المنع أو التشديد في الحكم بجواز هذه الطرق للإنجاب .
ثانياً:
ومن الطرق التي يسلكها الأطباء في الإنجاب : ما جاء في السؤال وهي ما يسمى " آي في أف " ( I V F ) وتتلخص هذه الطريقة في حث المبيضين
على إنتاج عدد من البويضات مقارنة بما يكون من المرأة في وضعها الطبيعي وهو نزول بويضة واحدة ، ويتم ذلك بإعطاء المرأة إبرة الديكابيتيل Decapeptyl لتهيئة المبيضين للخطوة التي بعدها
وهي الحقن بهرمونات لحث المبيضين على إنتاج عدد من البويضات ، وبعد التأكد من نمو البويضات : يتم إعطاء المرأة حقنة HCG لتُكمل بها نضوج البويضات قبل سحبها
وعادة تعطى هذه الحقنة قبل 36 ساعة من عملية سحب البويضات ، ويتم بعدها سحب البويضات .
وفي يوم سحب البويضات يتم أخذ السائل المنوي من الزوج ويوضع مع كل بويضة 100000 حيوان منوي في " أنبوب اختبار " ليتم التلقيح ، وبعد يومين أو ثلاثة أيام تنقسم البويضة الملقحة لتكوِّن ما يسمى بـ " الجنين "
وتصنف الأجنة حسب جودتها إلى 4 أصناف ، ويتم اختيار أفضل الأجنَّة لإرجاعها للرحم ، ثم توضع الأجنة في الرحم ، ثم يُجرى بعدها بفترة إجراء فحص للتأكد من وجود الحمل من عدمه
ونسبة نجاح هذه العملية عند الأطباء من 30 إلى 40 % .
هذا ملخص ما ذكره الدكتور " أسامة صالحة " ، استشاري أمراض النساء والولادة وأمراض العقم وجراحة المناظير ( بريطانيا ) ، ومدير وحدة أطفال الأنابيب ، مستشفى دار الشفاء الجديد .
بواسطة مجلة " الوطن كلينيك " .
ثالثاً:
أما حكمها الشرعي : فهو المنع على الأحوط ، وهو قول الشيخ عبد الله الجبرين حفظه الله ، ونقله عن علماء اللجنة الدائمة - كما نقلناه عنه في جواب السؤال رقم ( 1992 ) - أو الجواز بشروط ، ومن هذه الشروط :
1. الحاجة الماسة إلى ذلك ، فليس تأخر الإنجاب سنَة أو سنتين بعذرٍ للزوجين بسلوك هذه الطريقة وأخواتها ، بل يصبروا فقد يجعل الله الفرج قريباً من غير وقوع في محظورات .
2. عدم كشف المرأة عورتها على رجال مع توفر النساء .
3. عدم جواز الاستمناء للزوج ، ويمكنه التمتع بامرأته دون الولوج ، وينزل المني به .
4. عدم حفظ بويضات المرأة ومني الزوج في ثلاجة لاستعمال آخر ، أو لموعد متأخر ، وعدم التأخر في وضعهما في رحم المرأة ، بل يُباشَر بذلك دون تأخر ؛ خشية الاختلاط مع غيرهما ؛ وخشية استعمالهما لأناس آخرين .
5. أن تكون النطفة من الزوج والبويضة من الزوجة ، والزراعة في رحم الزوجة ، ولا يجوز غير ذلك البتة
6. الوثوق التام بمن يقوم بالعملية من الأطباء والطبيبات .
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
عن حكم إيداع بويضة المرأة في أنبوبة ، ثم تلقيحها بماء الرجل ، ثم إعادتها إلى رحِم المرأة لتأخذ مجراها في التكوين .
فأجاب :
" أ. إذا لم تكن حاجة لهذا العمل : فإننا لا نرى جوازه ؛ لأنه يتقدمه عملية جراحية لإخراج البويضة - كما ذكرتم في السؤال -
وهذه العملية تحتاج إلى كشف العورة بدون حاجة ، ثم إلى جراحة ، يخشى أن يكون منها نتائج ولو في المستقبل البعيد ، من تغيير القناة ، أو حدوث التهابات .
ثم إن ترك الأمور على طبيعتها التي خلقها عليها أرحم الراحمين ، وأحكم الحاكمين : أكمل ، تأدباً مع الله سبحانه ، وأولى وأنفع من طرق يستحدثها المخلوق ، ربما يبدو له حُسنها في أول وهلة ، ثم يتبين فشلها بعد ذلك .
ب. إذا كان لهذا العمل حاجة : فإننا لا نرى به بأساً بشروط ثلاثة :
الأول : أن يتم هذا التلقيح بمني الزوج ، ولا يجوز أن يكون هذا التلقيح بمني غير الزوج
لقول الله تعالى : ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ) النحل/72 ، فخص ذلك بالأزواج .
الثاني : أن تتم عملية إخراج المني من الرجل بطريق مباح ، بأن يكون ذلك عن طريق استمتاع الزوج السيد بزوجته ، فيستمتع بين فخذيها ، أو بيدها ، حتى يتم خروج المني ، ثم تلقح به البويضة .
الثالث : أن توضع البويضة بعد تلقيحها في رحم الزوجة ، فلا يجوز أن توضع في رحم امرأة سواها بأي حال من الأحوال ؛ لأنه يلزم منه إدخال ماء الرجل في رحم امرأة غير حلال له
وقد قال الله تعالى : ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) البقرة/223
فخص الحرث بامرأة الرجل ، وهذا يقتضي أن تكون المرأة غير الزوجة غير محل لحرثه " . انتهى بتصرف يسير .
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 17 / ص 27 ، 28 ) .
وقال – رحمه الله – أيضاً - :
التلقيح الصناعي : أن يُؤخَذ ماءُ الزوج ويُوضَع في رحم الزوجة عن طريق أنابيب ( إبرة ) ، وهذه المسألة خطيرة جدّاً ، ومَن الذي يأمن الطبيب أن يلقي نطفة فلان في رحم زوجة شخص آخر ؟!
ولهذا نرى سدَّ الباب ، ولا نُفتي إلا في قضية معينة بحيث نعرف الرجل ، والمرأة ، والطبيب ، وأما فتح الباب : فيُخشى منه الشرُّ .
وليست المسألةُ هيِّنةً ؛ لأنه لو حصل فيها غش لزم إدخال نسب في نسب ، وصارت الفوضى في الأنساب ، وهذا مما يحرمه الشرع ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم
: ( لاَ تُوطأ حَامِل حَتَّى تَضَع ) ، فأنا لا أفتي في ذلك ، اللهمَّ إلا أن ترد إليَّ قضية معينة أعرف فيها الزوج ، والمرأة ، والطبيب .
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 17 / السؤال رقم 9 ) .
وهذا هو قرار " المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي " حيث جاء فيه : " لا حرج من اللجوء إليها عند الحاجة ، مع التأكيد على ضرورة أخذ كل الاحتياطات اللازمة " .
" مجلة المجمع " ( 3 / 1 / 423 ) .
ونسأل الله أن يرزق الزوجين الذرية الصالحة ، دون الحاجة لمثل هذه الطرق ، وأن يصبرهما على ما ابتلاهما به .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-09-23, 19:25
: حكم طفل الأنابيب
السؤال :
ما حكم طفل الأنابيب ؟.
الجواب :
الحمد لله
قد أفتى العلماء في هذه الرئاسة - رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية - بمنعه ، لما فيه من كشف العورة
ولمس الفرج ، والعبث بالرحم ، ولو كان مني الرجل الذي هو زوج المرأة
فأرى أن على الإنسان الرضا بحكم الله تعالى فهو " يجعل من يشاء عقيما " سورة الشورى 50
اللؤلؤ المكين من فتاوى الشيخ ابن جبرين ص 56 .
*عبدالرحمن*
2018-09-23, 19:27
استخدام بويضة أو نطفة من غير الزوجين في التلقيح الصناعي
السؤال
ما حكم التلقيح الصناعي بأن تكون البييضة أو النطفة من غير الزوجين ؟
ولمن ينسب الولد في هذه الحالة ؟.
الجواب
الحمد لله
إذا دخل في عملية التلقيح عنصر أجنبي عن الزوجين كأن تكون البييضة من أجنبية عن الزوجين أو تكون الحاضنة أجنبية عنهما أو تكون النطفة من غير الزوج
فالتلقيح والحالة هذه محرم ، لأنه يعتبر زنا ، فإن استدخال المرأة مني الرجل له حكم الوطء في الحل والحرمة .
أما الولد الذي ينتج عن هذه الصورة فينسب إلى أمه التي ولدته ، ولا ينسب إلى الرجل صاحب النطفة ، كالحكم في ولد الزنى ، ولو ادعى هذا الرجل نسب الولد ولم ينازعه أحد فإنه يلحق به
لتشوف الشارع إلى إلحاق الناس بآبائهم ، أما حديث : ( الولد للفراش وللعاهر الحجر ) فيحمل على ما إذا كان هناك نزاع كما يوضحه سبب الحديث .
مجلة الدعوة العدد 1796 ص 20.
*عبدالرحمن*
2018-09-23, 19:30
هل يجوز وضع ماء الزوج وبويضة الزوجة في رحم الزوجة الثانية ؟
السؤال
( أحمد ) له زوجتان الأولى منهما لا تلد والثانية تلد بحمد الله ، وفي العصر الحاضر العلمي يستطيع الطبيب بفضل الله تعالى أن يضع بويضة الزوجة الثانية مع ماء الزوج في تيست تيوب بيبي Teste-tube baby كي تختلطا وينشأ الولد نشوءا
ابتدائيا ثم يضعها في رحم الزوجة التي لا تلد ليتربى الولد فيها حتى تضعه ، هل هذا يجوز في ضوء الكتاب والسنة ؟
بعض الناس يقول بجواز ذلك قياسا على الرضاعة ، أي : كما يجوز تغذية الولد من لبنها في حجرها ، كذلك يجوز أن يتغذى بدمها في رحمها .
الجواب
الحمد لله
هذه الطريقة من التلقيح ووضع البويضة مع مني الزوج في رحم الزوجة الأخرى : طريقة غير شرعية ، وقد ذهب إلى تحريمها جمع كبير من العلماء
وقد صدر فيها قراران من مجلس مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي ، ومن مجلس الفقه الإسلامي ، التابع لرابطة العالم الإسلامي
والذي كان يرى إباحة هذه الطريقة ثم تراجع عن إباحتها ، وإليك بعض ما جاء في القرارين :
1- قرار المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي :
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد من 8 إلى 13 صفر 1407 هـ ، 11 إلى 16 أكتوبر 1986 .
بعد استعراضه لموضوع التلقيح الصناعي " أطفال الأنابيب " ، وذلك بالاطلاع على البحوث المقدمة ، والاستماع لشرح الخبراء والأطباء ، وبعد التداول تبين للمجلس :
"أن طرق التلقيح الصناعي المعروفة في هذه الأيام هي سبع :
الأولى : أن يجرى تلقيح بين نطفة مأخوذة من زوج وبييضة مأخوذة من امرأة ليست زوجته ثم تزرع اللقيحة في رحم زوجته .
الثانية : أن يجرى التلقيح بين نطفة رجل غير الزوج وبييضة الزوجة ثم تزرع تلك اللقيحة في رحم الزوجة .
الثالثة : أن يجرى تلقيح خارجي بين بذرتي زوجين ثم تزرع اللقيحة في رحم امرأة متطوعة بحملها .
الرابعة : أن يجرى تلقيح خارجي بين بذرتي رجل أجنبي وبييضة امرأة أجنبية وتزرع اللقيحة في رحم الزوجة .
الخامسة : أن يجرى تلقيح خارجي بين بذرتي زوجين ثم تزرع اللقيحة في رحم الزوجة الأخرى .
السادسة : أن تؤخذ نطفة من زوج وبييضة من زوجته ويتم التلقيح خارجيا ثم تزرع اللقيحة في رحم الزوجة .
السابعة : أن تؤخذ بذرة الزوج وتحقن في الموضع المناسب من مهبل زوجته أو رحمها تلقيحا داخليّاً .
وقرر :
أن الطرق الخمسة الأول كلها محرمة شرعا وممنوعة منعا باتا لذاتها ، أو لما يترتب عليها من اختلاط الأنساب ، وضياع الأمومة ، وغير ذلك من المحاذير الشرعية .
أما الطريقان السادس والسابع فقد رأى مجلس المجمع أنه لا حرج من اللجوء إليهما عند الحاجة مع التأكيد على ضرورة أخذ كل الاحتياطات اللازمة " انتهى .
" مجلة المجمع " (3/1/423) .
2- قرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي:
"الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، وبعد :
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته الثامنة المنعقدة بمقر رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة في الفترة من يوم السبت 28 ربيع الآخر 1405 هـ إلى يوم الاثنين 7 جمادى الأولى 1405 هـ الموافق 19 – 28 يناير 1985 م
قد نظر في الملاحظات التي أبداها بعض أعضائه حول ما أجازه المجمع في الفقرة الرابعة من البند الثاني في القرار الخامس المتعلق بالتلقيح الصناعي
وطفل الأنابيب الصادر في الدورة السابعة المنعقدة في الفترة ما بين 11 – 16 ربيع الآخر 1404 هـ ونصها :
" إن الأسلوب السابع الذي تؤخذ فيه النطفة والبويضة من زوجين وبعد تلقيحهما في وعاء الاختبار تزرع اللقيحة في رحم الزوجة الأخرى للزوج نفسه
حيث تتطوع بمحض اختيارها بهذا الحمل عن ضرتها المنزوعة الرحم : يظهر لمجلس المجمع أنه جائز عند الحاجة وبالشروط العامة المذكورة " .
وملخص الملاحظات عليها :
" إن الزوجة الأخرى التي زرعت فيها لقيحة بويضة الزوجة الأولى قد تحمل ثانية قبل انسداد رحمها على حمل اللقيحة من معاشرة الزوج لها في فترة متقاربة مع زرع اللقيحة ثم تلد توأمين ولا يعلم ولد اللقيحة من ولد معاشرة الزوج
كما لا تعلم أم ولد اللقيحة التي أخذت منها البويضة من أم ولد معاشرة الزوج ، كما قد تموت علقة أو مضغة أحد الحملين ولا تسقط إلا مع ولادة الحمل الآخر الذي لا يعلم أيضًا أهو ولد اللقيحة
أم حمل معاشرة ولد الزوج ، ويوجب ذلك من اختلاط الأنساب لجهة الأم الحقيقية لكل من الحملين والتباس ما يترتب على ذلك من أحكام ، وإن ذلك كله يوجب توقف المجمع عن الحكم في الحالة المذكورة " .
كما استمع المجلس إلى الآراء التي أدلى بها أطباء الحمل والولادة الحاضرين في المجلس والمؤيدة لاحتمال وقوع الحمل الثاني من معاشرة الزوج في حاملة اللقيحة واختلاط الأنساب على النحو المذكور في الملاحظات المشار إليها .
وبعد مناقشة الموضوع وتبادل الآراء فيه قرر المجلس : سحب حالة الجواز الثالثة المذكورة في الأسلوب السابع المشار إليها من قرار المجمع الصادر في هذا الشأن في الدورة السابعة عام 1404 هـ " انتهى .
"قرارات المجمع الفقهي" (ص159-161) .
وعليه :
فلا يجوز أخذ ماء الزوج وبويضة الزوجة ووضع الخليط في رحم زوجةٍ أخرى له .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-09-23, 19:33
حكم إجراء عملية الحقن المجهري عند طبيب رجل
السؤال :
الحمد لله زوجتي تعاني من انسداد في إحدى قنوات فالوب في الرحم ، وتعاني من ضعف شديد في التبويض ، وتعاني من نقص في مخزوت البويضات
وذهبنا إلى مستشفى في مصر متخصصة في العقم ، وتأخير الإنجاب ، وأخبرنا الدكتور أنه لا يوجد حل إلا الحقن المجهري ، ويجب أن تكون العملية قريبا ؛ لأن مخزون البويضات عندها قليل ، وفي تناقص مستمر
علما أنأغلب هذه العمليات يقوم بها أطباء ذكور ، ونا رافض ، ولكن زوجتي أهلها يقولون : إنه طبقا لكلام الدكتور أنها قريب لن تكون قادرة على الإنجاب سواء طبيعي أو بتدخل جراحي
وخائف ـن اكون قد أنهيت حلمها أنت تصبح أما ، أرشدوني .
الجواب :
الحمد لله
أولا:
اختلف الفقهاء المعاصرون في إجراء الحقن المجهري لغرض الإنجاب بين مانع، ومبيح بشروط، كما سبق بيان ذلك في جواب سؤال سابق
فمن أخذ بقول المجيزين، فليتقيد بما ذكروا من الشروط والاحتياطات، ومن ذلك أن يتم الحقن عند الطبيبة الثقة المأمون
وأن تكون البويضة من الزوجة، والحيوان المنوي من زوجها، وأن يستخرج المني بوسيلة مباحة كإنزاله بيد زوجته، وأن يُتخلص من أي فائض من البويضات أو الحيوان المنوي.
ثانيا:
إذا وجدت طبيبة ، موثوق في علمها وخبرتها ، تقوم بهذه العملية : لم يجز إجراؤها عند طبيب ذكر؛ لأن اطلاع المرأة على عورة المرأة : أهون من اطلاع الرجل عليها .
فإن لم توجد الطبيبة الماهرة بذلك : جاز أن يقوم بها طبيب مسلم ثقة، مع عدم الخلوة، بأن يكون معها محرمها، أو امرأة ثقة تزول بها الخلوة.
قال في تحفة المحتاج (7/ 202):
" (ويباحان) أي النظر والمس (لفصد وحجامة وعلاج) للحاجة، لكن بحضرة مانع خلوةٍ ، كمحرمٍ، أو زوج، أو امرأة ثقة؛ لحل خلوة رجل بامرأتين ثقتين يحتشمهما" انتهى.
وجاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته السابعة 1404هـ:
"إن الأسلوب الثالث ـ الذي تؤخذ فيه البذرتان الذكرية والأنثوية من رجل وامرأة زوجين أحدهما للآخر، ويتم تلقيحها خارجياً في أنبوب اختبار
ثم تزرع اللقيحة في رحم الزوجة نفسها صاحبة البويضة، هو أسلوب مقبول مبدئياً في ذاته بالنظر الشرعي .
لكنه غير سليم تماماً من موجبات الشك فيما يستلزمه، ويحيط به من ملابسات.
فينبغي ألا يُلجأ إليه إلا في حالات الضرورة القصوى، وبعد أن تتوفر الشرائط العامة الآنفة الذكر".
ومن هذه الشرائط:
"ج: كلما كان انكشاف المرأة على غير من يحل بينها وبينه الاتصال الجنسي مباحاً لغرض مشروع، يجب أن يكون المعالج امرأة مسلمة إن أمكن ذلك، وإلا فامرأة غير مسلمة، وإلا فطبيب مسلم ثقة، وإلا فغير مسلم، بهذا الترتيب.
ولا تجوز الخلوة بين المعالج والمرأة التي يعالجها إلا بحضور زوجها، أو امرأة أخرى".
وقرر المجمع "أن حاجة المرأة المتزوجة التي لا تحمل، وحاجة زوجها إلى الولد تعتبر غرضاً مشروعاً يبيح معالجتها بالطريقة المباحة من طرق التلقيح الصناعي"
انتهى من قرارات المجمع الفقهي بمكة المكرمة، ص 159.
والله أعلم.
*عبدالرحمن*
2018-09-23, 19:37
هل الحجامة سنة أم من المباحات؟
السؤال :
هل الحجامة سنة نبوية، أم أنها علاج فقط في عصر النبوة ؟
الجواب :
الحمد لله
اختلف الفقهاء في حكم الحجامة على قولين:
القول الأول: الحجامة مندوبة ومستحبة
جاء في "الفتاوى الهندية" (5/355):
"تستحب الحجامة لكل واحد ؛ كذا في الظهيرية" انتهى.
ويقول ابن مفلح رحمه الله:
"وأما الحجامة : ففيها أخبار كثيرة مشهورة، في فعلها، وفضلها، ووقتها، وفيها ؛ فعلا منه صلى الله عليه وسلم وقولا سبع عشرة أو إحدى وعشرين"
انتهى من "الآداب الشرعية" (3/87)
واستدلوا بظواهر الأحاديث النبوية الواردة في ذكر الحجامة ، ونسبة الشفاء إليها
وقد سبق إيراد بعضها في الجواب القادم
القول الثاني: أنها من المباحات العلاجية فحسب، وليست من المستحبات الشرعية ذات الأجر والثواب الخاصين .
يقول الكاساني الحنفي رحمه الله:
"الحجامة أمر مباح" انتهى من "بدائع الصنائع" (4/190)
ويقول الخطابي رحمه الله:
"الحجامة مباحة، وفيها نفع وصلاح الأبدان" انتهى من "معالم السنن" (3/103)، ونحوه في "شرح ابن بطال" (9/404)، "النهاية في غريب الحديث" (2/5) وغيرها.
ويمكن أن يستدل لهذا القول بما يلي:
الحجامة من أمور الطب التي عرفها العرب في القديم قبل الإسلام، بل وعرفتها الأمم الأخرى في العصور القديمة ، كما هو معلوم في كتب التاريخ، حتى من عهد الفراعنة، فليس فيها خصوصية إسلامية محضة
وما كان كذلك فالأصل فيه أنه مباح ، ولا يفعله إلا من احتاج للتداوي به . الأصل في أمور العادات ، ومجاري الحياة هو الإباحة ؛ إلا أن تتعلق بفضائل الأخلاق ومحاسن الشيم، أما ما دامت في إطارها العادي المحض
فتبقى مستقرة في دائرة المباح . لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ترتيب ثواب خاص عليها، ولا ترتيب عقوبة أو ملامة على تركها.
لا يبدو فيها وجه خاص للتعبد، ولا للتقرب إلى الله تعالى، إنما هي كسائر العادات اليومية التي يعتادها الناس في شؤون معاشهم وأبدانهم.
والذي يظهر : أن القول الثاني أرجح القولين ، وأن الحجامة عادة من العادات الطبية ، وإنما يطلبها ، ويعملها من يحتاجها ، تطببا ، وعلاجا ، وليس على وجه التعبد بفعلها .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"الحجامة ليست سنة، الحجامة دواء إن احتاج الإنسان إليه احتجم، وإن لم يحتج إليه : فلا يحتجم"
انتهى من " مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (23/ 96) .
ولا مانع من القول بأنها سنة لمن كان مريضا واحتاج إليها ، فإنه يكون قد جمع بين أمرين وهما:
التداوي ، واختيار الحجامة خصوصًا ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرشدنا إليها ، وأخبرنا أن فيها شفاءً .
يقول الإمام النفراوي المالكي رحمه الله:
"الحجامة حسنة، أي مستحبة عند الحاجة إليها"
انتهى من "الفواكه الدواني" (2/338)
وكذا قال العدوي في حاشيته (2/ 493) : "قوله: الحجامة حسنة-أي عند الحاجة إليها-.انتهى.
ولا يعلم من السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحتجم في وقت عدم احتياجه إليها ، وإنما كان يحتجم صلى الله عليه وسلم إذا أصابه مرض ، كصداع أو نحوه ، مما يدل على أن الحجامة إنما يفعلها من احتاج إليها .
والله أعلم.
*عبدالرحمن*
2018-09-23, 19:40
الحجامة فضلها وفوائدها
السؤال
ما هي الحجامة وكيف نقوم بها ؟.
الجواب
الحمد لله
الْحِجَامَةُ : مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحَجْمِ أَيْ الْمَصِّ . يُقَالُ : حَجَمَ الصَّبِيُّ ثَدْيَ أُمِّهِ إذَا مَصَّهُ . وَالْحَجَّامُ الْمَصَّاصُ , وَالْحِجَامَةُ صِنَاعَتُهُ وَالْمِحْجَمُ يُطْلَقُ عَلَى الآلَةِ الَّتِي يُجْمَعُ فِيهَا الدَّمُ وَعَلَى مِشْرَطِ الْحَجَّامِ . ( انظر لسان العرب )
وَالْحِجَامَةُ فِي كَلامِ الْفُقَهَاءِ قُيِّدَتْ عِنْدَ الْبَعْضِ بِإِخْرَاجِ الدَّمِ مِنْ الْقَفَا بِوَاسِطَةِ الْمَصِّ بَعْدَ الشَّرْطِ بِالْحَجْمِ . وَذَكَرَ الزَّرْقَانِيُّ أَنَّ الْحِجَامَةَ لا تَخْتَصُّ بِالْقَفَا بَلْ تَكُونُ مِنْ سَائِرِ الْبَدَنِ . وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْخَطَّابِيُّ .
والخلاصة أن الحجامة هي استخراج الدم من الجسد بامتصاصه بآلة مناسبة أو بما يقوم مقام المص من الأجهزة الحديثة .
والحجامة معروفة منذ القدم ، عرفها الصينيون والبابليون والفراعنة ، ودلت آثارهم وصورهم المنحوتة على استخدامهم الحجامة في علاج بعض الأمراض
وكانوا في السابق يستخدمون الكؤوس المعدنية وقرون الثيران لهذا الغرض وكانوا يفرغونها من الهواء بعد وضعها على الجلد
عن طريق المص ومن ثم استخدمت الكؤوس الزجاجية والتي كانوا يفرغون منها الهواء عن طريق حرق قطعة من القطن .أو الصوف داخل الكأس .
فضائل الحجامة :
روى البخاري في صحيحه ( 5269 )عن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ : " الشِّفَاءُ فِي ثَلاثَةٍ شَرْبَةِ عَسَلٍ وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ وَكَيَّةِ نَارٍ وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الْكَيِّ . "
وفيه أيضا ( 5263 ) وفي مسلم ( 2952 ) سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ فَقَالَ احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَمَهُ أَبُو طَيْبَةَ فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَكَلَّمَ أَهْلَهُ فَوَضَعُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ وَقَالَ:
" إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ أَوْ هُوَ مِنْ أَمْثَلِ دَوَائِكُم . "ْ
وعن جابر َبن عبد الله رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ
." أخرجه البخاري (6583 ) ومسلم ( 2205 ).
فوا ئد الحجامة :
للحجامة فوائد ملموسة في علاج كثير من الأمراض في الماضي والحاضر ، ومن هذه الأمراض التي جربت فيها الحجامة فنفعت بإذن الله ما يلي :
1- أمراض الدورة الدموية .
2- علاج ضغط الدم ، والتهاب عضلة القلب .
3- أمراض الصدر والقصبة الهوائية .
4- صداع الرأس والعيون .
5- آلام الرقبة والبطن ، وآلام الروماتيزم في العضلات .
6- بعض أمراض القلب والصدر وآلام المفاصل.
ومن ناحية أخرى تنفرد الحجامة في حالات تنفع فيها وتخفف الآلام وليس لها أي مضاعفات جانبية. للاستزادة عن فوائد الحجامة يراجع كتاب ( زاد المعاد لابن القيم 4 / 52 ) وكتاب (
لحجامة أحكامها وفوائدها . تأليف : إبراهيم الحازمي )
طريقة الحجامة :
توضع فوهة المحجم الواسعة ( وفي هذا العصر يستخدمون محاجم زجاجية تسمى كؤوس الحجامة ) على الجلد في مكان الحجم المختار ، ثم يقوم الحاجم بخلخلة الهواء الذي بداخلها بواسطة إحراق
قطعة صغير ة من الورق أو القطن بداخل المحجم ، لتطبق الفوهة على الجلد ـ وأحيانا يستخدم الشفط ببعض الآلات بدل الطريقة السابقة ـ فيطبق المحجم على الموضع ، ثم يترك لمدة ثلاث إلى عشر دقائق
ثم يرفع ويشرط الموضع بآلة حادة نظيفة ( كالموس أو غيره ) شروطا صغيرة جدا ، ثم يوضع الكأس مرة أخرى بنفس الطريقة السابقة حتى يمتلئ بالدم الفاسد الذي يخرج من العروق
ثم يرفع ، وقد يعاد وضعه مرة أخرى عند الحاجة ، وبعد الاكتفاء يرفع الكأس ، يوضع مكانه ضماد جاف . ( انظر مباحث في الجراحة الصغرى والتخدير تأليف أ . د / نظمي القباني ) .
وقبل الختام ننبه أنه يجب أن لا يقوم بالحجامة إلا من يحسنها ، نظرا لما قد يترتب عليها من أضرار إذا قام بها من لا يحسنها .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-09-23, 19:45
حكم الالتفات إلى الأسباب
السؤال:
يقال : إن الالتفات إلى الأسباب قدح في التوحيد وترك الأسباب بالكلية والانخلاع منها قدح في التشريع ، فمثلا هل يكفر من ينزعج إذا قال له الطبيب : ستموت بسبب السرطان بعد شهر ؟ وهل الأخذ بالأسباب واجب شرعا ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
القول بأن : الالتفات إلى الأسباب قدح في التوحيد ، وترك الأسباب بالكلية والانخلاع منها قدح في التشريع . هذا المعنى نص عليه عدد من أهل العلم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" ومما ينبغي أن يعلم : ما قاله طائفة من العلماء. قالوا: الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد . ومحو الأسباب أن تكون أسبابا نقص في العقل
والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع . وإنما التوكل والرجاء معنى يتألف من موجب التوحيد والعقل والشرع " >
انتهى من " مجموع الفتاوى " (8 / 169) .
ومعنى أن "الالتفات إلى الأسباب قدح في التوحيد
" : أن الاعتماد على الأسباب ، والاعتقاد بأنها مؤثرة بدون تقدير الله تعالى ومشيئته : يقدح في التوحيد ؛ لأنه ليس هناك شيء يستقل بالتأثير بدون مشيئة الله تعالى
قال الله تعالى في السحرة : (وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ) البقرة/102 .
ومعنى أن "الإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع" : أن من ترك الأخذ بالأسباب بالكلية ، وظن أن هذا هو كمال التوكل والاعتماد على الله : فهذا قدح في التشريع
لأن الله تعالى شرع لنا الأخذ بالأسباب ، وأمرنا بذلك في مواضع كثيرة ، بل دخول الجنة لن يكون إلا بأسبابه ، وهي الإيمان والعمل الصالح ، فمن ترك الأخذ بالأسباب : فلازم ذلك أنه لن يلتزم الشريعة وأحكامها .
والمؤمن يحقق التوحيد ، فيعلم أن الأمر كله لله ، ويمتثل الشرع ، فيأخذ بالأسباب حيث أمر الشرع بذلك .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" وأهل السنة لا ينكرون وجود ما خلقه الله من الأسباب ولا يجعلونها مستقله بالآثار ، بل يعلمون أنه ما من سبب مخلوق إلا وحكمه متوقف على سبب آخر
وله موانع تمنع حكمه ، كما أن الشمس سبب في الشعاع ، وذلك موقوف على حصول الجسم القابل به ، وله مانع كالسحاب والسقف .
والله خالق الأسباب كلها ، ودافع الموانع "
انتهى من " درء تعارض العقل والنقل" (9 / 29) .
وبناء على هذا ؛ فالمريض مرضا خطيرا إذا أخبره الطبيب بقرب أجله فانزعج ، فإن التفات الطبيب والمريض لسبب الموت هذا له حالتان :
الحالة الأولى : أن يكونا موقنين بأن الموت والحياة ، والمرض والشفاء ، والمنع والعطاء : كل ذلك بيد الله جل جلاله وحده ، وأن هذا المرض ـ أو غيره ـ سبب
قد يؤدي إلى مسببه ، كما يحصل عادة أو كثيرا ، وقد يتخلف عن تأثيره ، فلا يموت صاحبه ، كما يتوقع الناس ، وذلك يحدث ـ أيضا ـ كثيرا ؛ فالأجل ـ في حقيقته ـ لا يعلمه إلا الله تعالى .
ومع هذا اليقين بتقدير الله جل جلاله ، فإذا نظر الطبيب والمريض إلى أنّ الحس والمشاهدة والتجربة ، قد بينت أنّ سنة الله في هذا المرض أنه من الأمراض الخطيرة التي تسبب الموت كثيرا
إذا انظرا إلى ذلك ، فاعتبرا غلبة الظن هذه مع عدم الجزم ، ومع الاعتقاد أنه تحت مشيئة الله تعالى فهذا الالتفات لا يقدح في توحيدهما ، ولا يضرهما إن شاء الله .
الحالة الثانية : أن يغفلا عن مشيئة الله تعالى ؛ ويعتقدا أن المرض مستقل بالتأثير ، ولم ينظرا إلى تقدير الله ومشيئته ؛ فهذا هو الالتفات إلى السبب القادح في التوحيد .
ثانيا : أما وجوب الأخذ بالأسباب ؛ فمن حيث الجملة : نعم ؛ هو واجب ، ولا يجوز الإعراض عن الأسباب كلها ، وقد تواترت نصوص الكتاب والسنة بالأمر بفعل الأسباب المشروعة
فمن يعرض عنها على وجه العموم يكون مخالفا للشرع .
أما من حيث الكلام عن السبب المعين ، وهل يجب الأخذ به في الحالة المعينة ، أو لا يجب ؛ فهذا يختلف بحسب قوة تأثير السبب أو ضعفه ، وبحسب ما يرجى تحقيقه من المصلحة ، أو عدمها .
فمثلا : الأكل والشرب جعلهما الله سببا لحفظ النفس من الهلاك الذي يسببه الجوع والعطش ، فالأخذ بهذا السبب واجب ، حتى المضطر إلى أكل الميتة يجب عليه الأكل منها ، فإن امتنع حتى مات جوعا ، فإنه يموت عاصيا .
ومثال آخر : تناول المريض للدواء : فالأدوية ليست دائما قوية في التأثير ، وإن كان لها قوة في التأثير ، فهي أحيانا لا تجلب مصلحة ضرورية
بل قد تدفع بعض الألم فقط ونحو هذا ، ففي هذه الحالة لا يكون هذا السبب واجبا على المسلم ، بل قد يكون مباحا أو مستحبا .
وقد يكون السبب قوي التأثير ، مرجو النفع ، لكن يكون الصبر لصاحبه خيرا له من الأخذ به.
ومن الأدلة المشهورة على هذا :
عن عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ ، قَالَ : قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ : " أَلاَ أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ ؟ قُلْتُ: بَلَى . قَالَ : هَذِهِ المَرْأَةُ السَّوْدَاءُ ، أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : إِنِّي أُصْرَعُ
وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ ، فَادْعُ اللَّهَ لِي . قَالَ : ( إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الجَنَّةُ ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ ) ، فَقَالَتْ : أَصْبِرُ ، فَقَالَتْ : إِنِّي أَتَكَشَّفُ ، فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لاَ أَتَكَشَّفَ ، فَدَعَا لَهَا " رواه البخاري (5652) ، ومسلم (2576) .
فهذه المرأة اختارت الصبر على المرض ، ووعدها الرسول صلى الله عليه وسلم الجنة على ذلك.
وقد يجب التداوي في بعض الحالات : إذا كان يلزم من عدم تناوله هلاك النفس ، أو تلف عضو من الأعضاء .
مثل ما علم في عصرنا أن مريض الزائدة إذا تركها حتى انفجرت ، كانت سببا في هلاكه ، وإذا أزالها ، كان هذا التداوي سببا في نجاته ، فهنا يجب عليه التداوي .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" فإن الناس قد تنازعوا في التداوي هل هو مباح أو مستحب أو واجب ؟ .
والتحقيق: أن منه ما هو محرم ، ومنه ما هو مكروه ، ومنه ما هو مباح ؛ ومنه ما هو مستحب ، وقد يكون منه ما هو واجب ، وهو: ما يعلم أنه يحصل به بقاء النفس لا بغيره ، كما يجب أكل الميتة عند الضرورة
فإنه واجب عند الأئمة الأربعة وجمهور العلماء ، وقد قال مسروق : من اضطر إلى أكل الميتة فلم يأكل حتى مات دخل النار ، فقد يحصل أحيانا للإنسان إذا استحر المرض ما إن لم يتعالج معه مات
والعلاج المعتاد تحصل معه الحياة كالتغذية للضعيف ، وكاستخراج الدم أحيانا "
انتهى من " مجموع الفتاوى " (18 / 12) .
وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
"التداوي على أقسام:
فإذا غلب على الظن نفع الدواء ، مع احتمال الهلاك بتركه : فالتداوي واجب.
وإن غلب على الظن نفع الدواء، ولكن ليس هناك احتمال للهلاك بترك الدواء، فالتداوي أفضل.
وإن تساوى الأمران فترك التداوي أفضل" .
انتهى من " مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (17/13)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-09-23, 19:48
ضوابط الأخذ بالأسباب .
السؤال:
كيف لي أن أعرف إن كنت قد بذلت الأسباب الكافية التي أشعر من خلالها أني قد بذلت ما بوسعي ، وأنه يمكنني الآن أن أتوكل على الله ، وأنا مطمئن النفس . أو بعبارة أخرى : ما الضابط في بذل الأسباب ؟
فبعض الناس يقول مثلاً "أعقلها وتوكل" ، فهل من الأسباب أن أعقلها بسلسلة حديدية ، أم أن هذه مبالغة في بذل السبب ؟
الجواب :
الحمد لله
الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل على الله ، بل ذلك مما أمر الشرع به ، مع الاعتقاد أنَّ الضر والنفع بيد الله سبحانه ، وأنه هو الذي خلق الأسباب والمسببات .
ولا بد أن يوجد ارتباط حقيقي بين السبب والمسبب ، ويعرف ذلك بالتجربة ، أو العادة ، أو الخبر الشرعي ، ونحو ذلك .
ثم لا بد أن يكون السبب مشروعاً ؛ فالغاية المحمودة المشروعة
لا بد أن تكون الوسيلة إليها أيضاً : جائزة مشروعة .
ثم على العبد أن يتوسط في أمره بين الأمرين : فلا هو بالذي يهمل الأسباب مطلقاً ، ولا هو بالذي يتعلَّق قلبه بها ، إنما يتوسل بها ، كما يتوسل الناس ، في عاداتهم
وأمور حياتهم ، ثم لا يتعلق قلبه بالسبب ، بل بالخالق جل جلاله ، مالك الملك ، ومدبر الأمر كله .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الِالْتِفَاتَ إلَى السَّبَبِ : هُوَ اعْتِمَادُ الْقَلْبِ عَلَيْهِ وَرَجَاؤُهُ وَالِاسْتِنَادُ إلَيْهِ ، وَلَيْسَ فِي الْمَخْلُوقَاتِ مَا يَسْتَحِقُّ هَذَا ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مُسْتَقِلًّا ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ شُرَكَاءَ وَأَضْدَادٍ ، وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ : فَإِنْ لَمْ يُسَخِّرْهُ مُسَبِّبُ الْأَسْبَابِ ، لَمْ يُسَخَّرْ " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (8/169) .
وأما ضابط الأخذ بالسبب في ذلك ، فهو في كل شيء بحسبه ، فالاحتياط للمرض الخفيف ـ مثلا ـ ليس كالاحتياط للمرض الشديد ، والاحتياط في المحافظة على الشيء الغالي القيمة
الثمين ، ليس كالاحتياط في المحافظة على الشيء الزهيد القيمة ، وهكذا .
والأخذ بالسبب في طلب الرزق ، يختلف عن السبب لدفع المرض ، والأخذ بالسبب للطعام والشراب ، ليس هو كالأخذ بالسبب في حصول الولد ، وصلاحه وتربيته
وهكذا فسبب كل شيء : هو بحسبه ، ثم الضابط في تمييز حال المفرط المضيع ، من حال الكيِّس الحريص : يختلف من أمر لأمر ، ومن حال لحال ، ومثل ذلك يعرفه الناس من أنفسهم ، ومن معتاد أحوالهم .
والله تعالى أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-09-30, 08:49
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
خبر لا أصل له ، في أن الأطباء إنما يأكلون أرزاقهم ، ويطيبون نفوس المرضى !!
السؤال:
" سأل موسى ربه : أليس الشفاء من عندك؟
قال: بلى . قال: فما عمل الأطباء؟
قال: يأكلون أرزاقهم ، ويطيبون نفوس المرضى ، حتى يأتي شفائي أو قضائي " . هل هذا الكلام صحيح : أن موسى سأل ربه هذا السؤال ؟
الجواب :
الحمد لله
هذا الكلام ورد منسوبا إلى موسى عليه السلام في بعض الكتب
ففي "إحياء علوم الدين" (4/ 285):
" روي عن موسى صلى الله عليه وسلم أنه قال: يارب ممن الداء والدواء؟ فقال تعالى: مني ، قال: فما يصنع الأطباء؟ قال يأكلون أرزاقهم ويطيبون نفوس عبادي حتى يأتي شفائي أو قضائي " انتهى .
ومجرد ذكره في "الإحياء" لا يعني أنه صحيح ، فكتاب الإحياء مليء بالأحاديث والأخبار الموضوعة ، ولذلك لا يعتمد على ما فيه من أخبار حتى تثبت صحتها .
وهذا الأثر جدير بأن يكون ضعيفا غير صحيح ، فإن مقتضاه أن التداوي لا أثر له في حصول الشفاء ، وهذا مخالف للواقع ، كما أنه مخالف للأحاديث الصحيحة التي أمرنا فيها النبي صلى الله عليه وسلم بالتداوي .
وقد قدمنا في الفتوى أن التداوي مستحب مشروع في قول جمهور أهل العلم ، وأن التداوي من تعاطي الأسباب ، وتعاطي الأسباب لا ينافي التوكل ، بل هو من التوكل .
وقصر عمل الأطباء على أنهم يأكلون أرزاقهم ، ويطيبون نفوس المرضى : غير صحيح ، فهم أيضا يأخذون بالأسباب التي نصبها الله للشفاء ، وهي ـ كغيرها من الأسباب ـ تؤثر في المسبب ، بتقدير الله لها ، وخلقه .
وقد روى الإمام أحمد (3568) عن ابن مَسْعُودٍ رضي الله عنه عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : ( مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا قَدْ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً ، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ ) وصححه الألباني في "الصحيحة" (451).
وفي هذا من التوكل على الله ، ونفع المسلمين ، والسعي في رفع البلاء عنهم : ما يحمدون به ويثابون عليه ، إذا خلصت نواياهم ومقاصدهم لله .
فالشفاء من عند الله ، والله تعالى هو الشافي ، لا شافي إلا هو ، ولكنه جعل للشفاء أسبابا ، وأمر بالأخذ بها ، وجعلها سبيلا للعافية ، ومن جملة هذه الأسباب : التداوي .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-09-30, 08:53
يشعر باضطراب نفسي ولا يعلم ما هو سببه
السؤال :
منذ منتصف رمضان أصابني شيء غريب ، كنت مواظبا قبلها على صلاة الجماعة وقراءة القرآن وعلى الأذكار ، وعلى مختلف الطاعات ، أما الآن فأشعر بخفقان سريع في قلبي ، وبرغبة شديدة في البكاء
وبرودة في الأطراف ، وارتفاع في درجة الحرارة ، في العنق والظهر وبالتعب والإرهاق الغير مألوف ، وأصبحت أتمنى الموت ، وأحس بالعجز والكسل وفقد الهمة في الطاعة
بسبب ما يأتيني في خاطري من أفكار كفرية . وأصبحت أشعر بالنفاق ؛ لأن نفسي تحدثني بالكفر ، وأنا أقاومها بالصلاة ، لكن سرعان ما تعود لي هذه الأفكار والأعراض التي ذكرتها
أنا خائف ، أرجوك ساعدني ، هل هذه أعراض عين أم مس أم سحر؟ وإن كان كذلك ، فما الحل؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
قد يكون ما تشكو منه بسبب عين أو مس ، وقد يكون مرضا عضويا أو نفسيا . لا نستطيع أن نجزم بسبب ذلك .
ولكن الذي ينبغي عليك أن تفعله هو أن لا تكون أسيرا لهذه الأوهام ، أو الآلام ، فتستسلم لها.
إن علاج ما ذكرت – مهما كان سببه – هو بالقرآن ، والرقية الشرعية ، والصلاة ، والدعاء ، فأكثر من ذلك ما استطعت .
ويمكنك أن ترقي نفسك بنفسك ، بسورة الفاتحة والمعوذات ، والأدعية النبوية ، ولا حرج عليك إذا طلبت المساعدة من أحد الصالحين ليقوم برقيتك
كما لا مانع أيضا أن تستشير بعض الأطباء النفسيين الثقات ، فكل ذلك من أسباب الشفاء ولا تعارض بينها .
ثانيا :
أما الوساوس التي تنتابك فلست الوحيد الذي تشكو من ذلك ، ولكنها لا تضرك ، بإذن الله ، ما دمت كارها لها .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ: " جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَسَأَلُوهُ : إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ . قَالَ: ( وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ ؟ ) ، قَالُوا: نَعَمْ ، قَالَ: ( ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ ) " رواه مسلم ( 132 )
. يعني : كراهة هذه الوساوس يدل على إيمان صاحبها ، لأنه لولا إيمانه لكان راضيا مستبشرا بها .
وعلاج هذه الوساوس يكون بكثرة ذكر الله تعالى ، والاستعاذة به من الشيطان الرجيم ، ثم بعد ذلك بالإعراض عنها وعدم التفكير فيها .
عن أَبي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ : مَنْ خَلَقَ كَذَا وَكَذَا ؟ حَتَّى يَقُولَ لَهُ : مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ ؟ فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ وَلْيَنْتَهِ ) رواه البخاري (3276) ، ورواه مسلم (134) .
قال ابن حجر رحمه الله تعالى :
" قوله : ( مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ ؟ فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ ، فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ وَلْيَنْتَهِ ) أي عن الاسترسال معه في ذلك ، بل يلجأ إلى الله في دفعه ، ويعلم أنه يريد إفساد دينه وعقله بهذه الوسوسة
فينبغي أن يجتهد في دفعها بالاشتغال بغيرها ... وقال الطيبي إنما أمر بالاستعاذة والاشتغال بأمر آخر ولم يأمر بالتأمل والاحتجاج .
.. لأن الاسترسال في الفكر في ذلك لا يزيد المرء إلا حيرة ، ومَنْ هذا حاله فلا علاج له إلا الملجأ إلى الله تعالى والاعتصام به " .
انتهى من " فتح الباري " ( 6 / 340 – 341 )
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-09-30, 08:57
الوسوسة وعلاجها
السؤال
إذا وسوست ولم أرد على زوجتي عندما تكلمني وذلك بسبب الوسوسة أو اعتقادي بأنها تسببت في الوسوسة هل يعتبر عدم ردي عليها طلاقاً ؟
وعندما أكلمها بعصبية وبانفعال هل يعتبر هذا طلاقاً ؟ .
الجواب
الحمد لله
عدم ردك على زوجتك لا يعتبر طلاقا ، وكذلك كلامك معها بعصبية وانفعال.
ومهما فكرت في الطلاق ، أو حدثتك نفسك به ، أو نويته وعزمت عليه ، فإن الطلاق لا يقع حتى تتلفظ به.
وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله عز وجل تجاوز لأمتي ما وسوست به وحدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم به " رواه البخاري 6664 ، ومسلم 127 .
والعمل على هذا عند أهل العلم أن الرجل إذا حدث نفسه بالطلاق لم يكن شيء حتى يتكلم به ).
بل إن المبتلى بالوسواس لا يقع طلاقه حتى لو تلفظ به ، عند بعض أهل العلم ، ما لم يقصد الطلاق ، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( المبتلى بالوسواس لا يقع طلاقه حتى لو تلفظ به بلسانه إذا لم يكن عن قصد
لأن هذا اللفظ باللسان يقع من الموسوس من غير قصد ولا إرادة ، بل هو مغلق عليه ومكره عليه لقوة الدافع وقلة المانع ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا طلاق في إغلاق " .
فلا يقع منه طلاق إذا لم يرده إرادة حقيقية بطمأنينة ، فهذا الشيء الذي يكون مرغما عليه بغير قصد ولا اختيار فإنه لا يقع به طلاق.)
انتهى ، نقلا عن : فتاوى إسلامية ، 3/277
ونحن نوصيك بعدم الالتفات للوسواس ، والإعراض عنه ، ومخالفة ما يدعوك إليه ، فإن الوسواس من الشيطان ، ليحزن الذين آمنوا ، وخير علاج له ، هو الإكثار من ذكر الله تعالى
والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ، والبعد عن المعاصي والمخالفات التي هي سبب تسلط إبليس على بني آدم ، قال الله تعالى: ( إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون ) النحل/ 99 .
ومما يحسن نقله هنا ، ما ذكره ابن حجر الهيتمي رحمه الله في علاج الوسوسة ، في كتابه " الفتاوى الفقهية الكبرى 1/149 ، وهذا نصه :
( وسئل نفع الله به عن داء الوسوسة هل له دواء ؟
فأجاب بقوله : له دواء نافع وهو الإعراض عنها جملة كافية ، وإن كان في النفس من التردد ما كان - فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت بل يذهب بعد زمن قليل كما جرب ذلك الموفقون ,
وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تُخرجه إلى حيز المجانين بل وأقبح منهم , كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها وأصغوا إليها وإلى شيطانها الذي
جاء التنبيه عليه منه صلى الله عليه وسلم بقوله : " اتقوا وسواس الماء الذي يقال له الولهان أي : لما فيه من شدة اللهو والمبالغة فيه كما بينت ذلك وما يتعلق به في شرح مشكاة الأنوار
, وجاء في الصحيحين ما يؤيد ما ذكرته وهو أن من ابتلي بالوسوسة فليستعذ بالله ولينته . فتأمل هذا الدواء النافع الذي علّمه من لا ينطق عن الهوى لأمته .
واعلم أن من حُرمه فقد حُرم الخير كله ; لأن الوسوسة من الشيطان اتفاقا , واللعين لا غاية لمراده إلا إيقاع المؤمن في وهدة الضلال والحيرة ونكد العيش وظلمة النفس وضجرها إلى أن يُخرجه من الإسلام
. وهو لا يشعر ( أن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ) فاطر / 6 . وجاء في طريق آخر فيمن ابتلي بالوسوسة فليقل : آمنت بالله وبرسله .
ولا شك أن من استحضر طرائق رسل الله سيما نبينا صلى الله عليه وسلم وجد طريقته وشريعته سهلة واضحة بيضاء بينة سهلة لا حرج فيها ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) الحج / 78 ,
ومن تأمل ذلك وآمن به حق إيمانه ذهب عنه داء الوسوسة والإصغاء إلى شيطانها . وفي كتاب ابن السني من طريق عائشة : رضي الله عنها " من بلي بهذا الوسواس فليقل : آمنا بالله وبرسله ثلاثا , فإن ذلك يذهبه عنه " .
وذكر العز بن عبد السلام وغيره نحو ما قدمته فقالوا : دواء الوسوسة أن يعتقد أن ذلك خاطر شيطاني , وأن إبليس هو الذي أورده عليه وأنه يقاتله , فيكون له ثواب المجاهد ;
لأنه يحارب عدو الله , فإذا استشعر ذلك فر عنه , وأنه مما ابتلي به نوع الإنسان من أول الزمان وسلطه الله عليه محنة له ; ليحق الله الحق ويبطل الباطل ولو كره الكافرون .
وفي مسلم بحديث رقم 2203 من طريق عثمان بن أبي العاص أنه قال: إن الشيطان حال بيني وبين صلاتي وقراءتي فقال : ذلك شيطان يقال له خنزب , فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثا , ففعلت فأذهبه الله عني .
وبه تعلم صحة ما قدمته أن الوسوسة لا تُسلط إلا على من استحكم عليه الجهل والخبل وصار لا تمييز له , وأما من كان على حقيقة العلم والعقل فإنه لا يخرج عن الاتباع ولا يميل إلى الابتداع
. وأقبح المبتدعين الموسوسون ومن ثم قال مالك - رحمه الله - عن شيخه ربيعة - إمام أهل زمنه - : كان ربيعة أسرع الناس في أمرين في الاستبراء والوضوء , حتى لو كان غيره
- قلت : ما فعل . ( لعله يقصد بقوله : ( ما فعل ) أي لم يتوضأ )
وكان ابن هرمز بطيء الاستبراء والوضوء , ويقول : مبتلى لا تقتدوا بي .
ونقل النووي - رحمه الله - عن بعض العلماء أنه يستحب لمن بلي بالوسوسة في الوضوء , أو الصلاة أن يقول : لا إله إلا الله فإن الشيطان إذا سمع الذكر خنس
; أي : تأخر وبعد , ولا إله إلا الله - رأس الذكر وأنفع علاج في دفع الوسوسة الإقبال على ذكر الله تعالى والإكثار منه ... ) انتهى كلام ابن حجر الهيتمي رحمه الله.
ونسأل الله أن يذهب عنك ما تجد من الوسوسة ، وأن يزيدنا وإياك إيماناً وصلاحاً وتقى .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-09-30, 09:03
متى يحكم بوفاة الإنسان ؟
السؤال:
هل العبرة في الحكم بالموت وفاة الدماغ أم القلب ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً : الدماغ يتكون من أجزاء ثلاثة هي:
المخ: وهو مركز التفكير، والذاكرة، والإحساس.
المخيخ: ووظيفته توازن الجسم.
جذع المخ: وهو المركز الأساسي للتنفس والتحكم في القلب ، والدورة الدموية .
فإذا مات المخ ، أو المخيخ ، من أجزاء الدماغ : أمكن للإنسان أن يحيا حياة غير عادية وهي: ما تسمى بالحياة النباتية .
أما إذا مات "جذع الدماغ " فإن هذا هو الذي تصير به نهاية الحياة الإنسانية عند الأطباء.
فإن أياً من الأعضاء أو الوظائف الرئيسية الأخرى ، كالقلب والتنفس قد يتوقف مؤقتا، ولكن يمكن إسعافه ، واستنقاذ عدد من المرضى ، مادام جذع المخ حيا...
أما إذا كان جذع المخ قد مات : فلا أمل في إنقاذه ، وإنما يكون المريض قد انتهت حياته، ولو ظلت في أجهزة أخرى من الجسم بقية من حركة أو وظيفة .
ينظر : "مجلة مجمع الفقه الإسلامي" (ع2 ، ج2، ص440).
وبناء على ذلك ظهرت عدة مسائل فقهية ، منها : هل يحكم بموت الإنسان بموت الدماغ فقط أم لا بد من موت القلب أيضاً ؟
وهل يجوز رفع أجهزة الإنعاش عمن توفي دماغيا ، ولو كان قلبه لا زال يعمل ؟
أما رفع أجهزة الإنعاش عمن حكم الأطباء بموته دماغياً : فعامة الفقهاء المعاصرين على جوازه ، لأنه لا يجب استمرار تلك الأجهزة مع كونه لا أمل في شفائه ، وبذلك صدرت القرارات من المجامع الفقهية .
ثانياً :
أما الحكم بموته شرعاً ، فاختلف العلماء المعاصرون في موت جذع الدماغ ، هل يعتبر نهاية للحياة الإنسانية ، على قولين:
القول الأول: يعتبر موت دماغ الشخص دون قلبه موتًا حقيقيًّا ، ولا يشترط توقف القلب عن النبض حتى يحكم بموت الإنسان .
وهذا ما قرره مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي في اجتماعه المنعقد في عمان عام 1986م
. ينظر: " مجلة مجمع الفقه الإسلامي" (ع 3، ج2/809).
وجاء في قراره: " يعتبر شرعاً أن الشخص قد مات ، وتترتب عليه جميع الأحكام المقررة شرعاً للوفاة عند ذلك ، إذا تبينت فيه إحدى العلامتين التاليتين :
أولاً : إذا توقف قلبه وتنفسه توقفاً تاماً ، وحكم الأطباء بأن هذا التوقف لا رجعة فيه .
ثانياً : إذا تعطلت جميع وظائف دماغه تعطلاً نهائياً ، وحكم الأطباء الاختصاصيون الخبراء بأن هذا التعطل لا رجعة فيه ، وأخذ دماغه في التحلل ".
انتهى من " قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي" (ص: 12).
واستدلوا على ذلك : بأن المولود إذا لم يصرخ لا يعتبر حيًّا، ولو تنفس أو بال أو تحرك، فالفعل الذي لا يكون إراديًّا ، واستجابة لتنظيم الدماغ : لا يعد أمارة على الحياة
وهذا واقع فيمن مات دماغه ، فيأخذ حكم المولود الذي لم يصرخ.
ونوقش هذا : بأن مسألة المولود مختلف فيها، ثم إن المولود مشكوكٌ في حياته، وهذا بخلاف ما نحن فيه، فالأصل حياة المريض، فلا ينتقل عن هذا الأصل إلا بيقين.
والقول الثاني: أن موت دماغ الشخص دون قلبه لا يُعد موتًا ، بل لابد من توقف القلب عن النبض حتى يحكم بموت الإنسان.
وهو ما قرره المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته العاشرة المنعقدة في مكة المكرمة 1408 هـ.
وجاء في قراره : " المريض الذي ركبت على جسمه أجهزة الإنعاش : يجوز رفعها إذا تعطلت جميع وظائف دماغه نهائياً، وقررت لجنة من ثلاثة أطباء اختصاصيين خبراء، أن التعطل لا رجعة فيه
وإن كان القلب والتنفس لا يزالان يعملان آلياً، بفعل الأجهزة المركبة.
لكن لا يحكم بموته شرعاً إلا إذا توقف التنفس والقلب، توقفاً تاماً بعد رفع هذه الأجهزة ".
انتهى من "قرارات المجمع الفقهي الإسلامي للرابطة " (ص: 49).
واستدلوا على ذلك بقصة أصحاب الكهف وقوله تعالى: (فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا * ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا) ، وقوله : (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ).
وجه الدلالة: أن قوله سبحانه (بَعَثْنَاهُمْ) أي: أيقظناهم، وهذه الآيات فيها دليل واضح على أن مجرد فقد الإحساس والشعور وحده : لا يعتبر دليلًا كافيًا للحكم بكون الإنسان ميتًا، كما دلت عليه الآية الكريمة.
ولأن (اليقين لا يزول بالشك) ، واليقين في هذه الحالة المختلف فيها : هو حياة المريض ، باعتبار الأصل ، ولأن قلبه ينبض، والشك في موته ، لأن دماغه ميت، فوجب علينا اعتبار اليقين .
فالأصل أن المريض حي، فنبقى على هذا الأصل حتى نجزم بزواله .
وأن حقيقة الوفاة عند الفقهاء هي: مفارقة الروح البدن ، وحقيقة المفارقة : خلوص الأعضاء كلها عن الروح ، بحيث لا يبقى جهاز من أجهزة البدن فيه صفة حياتية .
قال الشيخ بكر أبو زيد : " فكما لا يسوغ إعلان الوفاة بمجرد سكوت القلب ... لوجود الشك ، فكذلك لا يسوغ إعلان الوفاة بموت الدماغ مع نبض القلب ، وتردد التنفس تحت الآلات .
وكما أن مجرد توقف القلب ليس حقيقة للوفاة ، بل هو من علاماته ، إذ من الجائز جداً توقف القلب ثم تعود الحياة بواسطة الإنعاش أو بدون بذل أي سبب .
وكذلك يقال أيضاً : إن موت الدماغ علامة وأمارة على الوفاة ، وليس هو كل الوفاة ، بدليل وجود حالات ووقائع متعددة يقرر الأطباء فيها موت الدماغ ، ثم يحيا ذلك الإنسان
فيعود الأمر إذاً إلى ما قرره العلماء الفقهاء من أن حقيقة الوفاة هي : مفارقة الروح البدن ، وحينئذٍ تأتي كلمة الغزالي المهمة في معرفة ذلك فيقول : (باستعصاء الأعضاء على الروح)
أي : حتى لا يبقى جزء في الإنسان مشتبكة به الروح ، والله تعالى أعلم ".
انتهى من "فقه النوازل" (1/232).
ولعل الأقرب – والله أعلم - : أنه لا يحكم بموته إلا إذا تيقنا من ذلك بتوقف القلب والتنفس توقفاً تاماً ، وإن كان توقف دماغ المريض من العلامات القوية على موته
لكن الحكم بالموت يترتب عليه أمورٌ شرعية : كقسمة تركته ، ونكاح امرأته إذا رغبت، وغيرها ، ولذلك فلا يجوز الحكم بموته إلا بيقين.
فلا يحكم بالموت بمجرد توقف النفس ، أو النبض ، أو موت جذع المخ مع بقاء أي علامة من العلامات الظاهرة أو الباطنة التي يستدل بها على بقاء شيء من الحياة.
وإذا كان الموت هو مفارقةَ الروح للجسد ، فإن هذه المفارقة لا تُدرَك بالحسّ ؛ لأن الروح لا تدرَك بالحواسّ ، إلا أن لمفارقتها البدنَ بالموت علاماتٍ استدل الفقهاء بها على موت من ظهَرَت عليه
منها: توقف القلب عن العمل، وانقطاع التنفس، واسترخاء الأطراف والأعصاب، وسكون الحركة في البدن، وتغير لون البدن، وشخوص البصر، وعدم انقباض العين عند المسّ ، وانخساف الصدغ
وميل الأنف، وانفراج الشفتين، وامتداد جلدة الوجه، وهذه العلامات لا تظهر في مرضى الغيبوبة الدماغية الذين يطلق عليهم تَجَوُّزًا "الموتى إكلينيكيًّا".
فأجسادهم تدب فيها الحياة ، من حيث استمرار عمل بعض الأجهزة كالقلب والكليتين وغيرهما.
واختار هذا أكثر الفقهاء المعاصرين والباحثين، ومنهم الشيخ بكر أبو زيد، والشيخ عبد الله البسام رحمه الله، والشيخ محمد المختار الشنقيطي في رسالته "أحكام الجراحة الطبية".
ينظر: "فقه النوازل"، للشيخ بكر أبو زيد، (1/232)، "أحكام الجراحة الطبية" للشيخ محمد المختار الشنقيطي، ص(325) ، "مجلة المجمع الفقه الإسلامي لمنظمة المؤتمر الإسلامي"، العدد3 الجزء2 ص(545) ،
وبناء على ذلك :
1-لا يصح أن يُرتب على هذا التشخيص ( الموت دماغيا) أي من الأحكام المرتبة على الحكم بالموت شرعاً.
2- كما لا يعتبر مبيحاً لنزع أعضائه الحيوية ، عند من يرى جواز نزع ذلك من الأموات ، دون الأحياء.
وللاستزادة ينظر : " الموسوعة الطبية الفقهية والنوازل المعاصرة" (2/36-61)
و"المسائل الطبية المستجدة " (2/11) للدكتور محمد بن عبد الجواد النتشة.
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-09-30, 09:08
هل يفيد أكل التين والزيتون في تخفيف أعراض الهرم والشيخوخة ؟
السؤال:
هل صحيح أن التين والزيتون يفيدان في تفادي أعراض الهرم والشيخوخة تماما، أو على الأقل يخففان من حدة أعراضهما ، كما يدعي بعض عامة المسلمين؟
الجواب :
الحمد لله
أقسم الله عز وجل في كتابه بالتين والزيتون ، فقال تعالى : ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) التين/ 1 – 3 .
قال الطبري رحمه الله :
" الصواب من القول في ذلك عندنا: قول من قال: التين: هو التين الذي يُؤكل، والزيتون: هو الزيتون الذي يُعصر منه الزيت، لأن ذلك هو المعروف عند العرب " .
انتهى من "تفسير الطبري" (24/ 503) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" (والتين) هو الثمر المعروف ، (والزيتون) معروف، وأقسم الله بهما لأنهما يكثران في فلسطين، (وطور سينين) أقسم الله به لأنه الجبل الذي كلم الله عنده موسى صلى الله عليه وعلى آله وسلم. (وهذا البلد الأمين)
أقسم الله به أعني مكة لأنها أحب البقاع إلى الله، وأشرف البقاع عند الله عز وجل.
قال بعض أهل العلم: أقسم الله بهذه الثلاثة، لأن الأول (والتين والزيتون) أرض فلسطين التي فيها الأنبياء، وآخر أنبياء بني إسرائيل هو عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام
وبطور سينين لأنه الجبل الذي أوحى الله تعالى إلى موسى حوله، وأما البلد الأمين فهو مكة الذي بعث الله منه محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم "
انتهى من "تفسير العثيمين" جزء عم (ص 252) .
وهذا القسم يشير إلى كثرة فوائد "التين" و "الزيتون" ، وأن المنة في خلقهما عظيمة .
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله شيئا من فوائدهما ، فقال :
" وَالصَّحِيحُ: أَنَّ الْمُقْسَمَ بِهِ: هُوَ التِّينُ الْمَعْرُوفُ، وَأَجْوَدُهُ: الْأَبْيَضُ النَّاضِجُ الْقِشْرِ، يَجْلُو رَمْلَ الْكُلَى وَالْمَثَانَةِ ، ويؤمن من السموم ، وهو أغذى من جميع الْفَوَاكِهِ
وَيَنْفَعُ خُشُونَةَ الْحَلْقِ وَالصَّدْرِ، وَقَصَبَةِ الرِّئَةِ ، وَيَغْسِلُ الْكَبِدَ وَالطِّحَالَ ، وَيُنَقِّي الْخَلْطَ الْبَلْغَمِيَّ مِنَ الْمَعِدَة ِ، وَيَغْذُو الْبَدَنَ غِذَاءً جَيِّدًا.
وَاللَّحْمُ مِنْهُ أَجْوَدُ ، وَيُعَطِّشُ الْمَحْرُورِينَ، وَيُسَكِّنُ الْعَطَشَ الْكَائِنَ عَنِ الْبَلْغَمِ الْمَالِح ِ، وَيَنْفَعُ السُّعَالَ الْمُزْمِنَ ، وَيُدِرُّ الْبَوْلَ، وَيَفْتَحُ سُدَدَ الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ
وَيُوَافِقُ الْكُلَى وَالْمَثَانَةَ، وَلِأَكْلِهِ عَلَى الرِّيقِ مَنْفَعَةٌ عَجِيبَةٌ فِي تَفْتِيحِ مَجَارِي الْغِذَاءِ، وَخُصُوصًا بِاللَّوْزِ وَالْجَوْزِ "
انتهى من "زاد المعاد" (4/ 268) .
وقال عن زيت الزيتون :
" يَنْفَعُ مِنَ السُّمُومِ، وَيُطْلِقُ الْبَطْنَ ... وَجَمِيعُ أَصْنَافِهِ مُلَيِّنَةٌ لِلْبَشَرَةِ، وَتُبْطِئُ الشَّيْبَ.
وَمَاءُ الزَّيْتُونِ الْمَالِحِ يَمْنَعُ مِنْ تَنَفُّطِ حَرْقِ النَّارِ، وَيَشُدُّ اللِّثَةَ ، وَوَرَقُهُ يَنْفَعُ مِنَ الْحُمْرَةِ ..... وَمَنَافِعُهُ أَضْعَافُ مَا ذَكَرْنَا "
انتهى من "زاد المعاد" (4/ 291) .
وهناك أبحاث علمية حديثة تفيد أن تناول التين والزيتون يعمل على زيادة مناعة الجسم ، والحفاظ على الصحة العامة ، وتأخير الشيخوخة .
وقد أفادت بعض هذه البحوث العلمية الحديثة أن تناول التين المخلوط بزيت الزيتون : يكافح عوامل الأكسدة داخل الجسم ، وهي العوامل التي تعجل بالشيخوخة، وتضر الأعضاء الحيوية على المدى البعيد .
والحاصل :
أنه ليس في كتاب الله ، ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما نعلم - ما يدل على أن تناول التين والزيتون يؤخران أعراض الهرم والشيخوخة
ولكن بعض أهل الطب القديم ، وبعض دراسات الطب الحديث : كلاهما أفاد أن تناول التين والزيتون ينفع من كثير من الأمراض
ويساعد على نضارة الوجه والبدن ، ويبطئ الشيب ، ويقاوم عوامل الشيخوخة .
والله أعلم بحقيقة الحال .
*عبدالرحمن*
2018-09-30, 09:16
حكم الاستمناء وكيفية علاجه
السؤال
لدي سؤال أخجل من طرحه ولكن هناك أخت أسلمت حديثا تريد له جوابا وليس لدي جواب بالدليل من القرآن والسنة. آمل أن تساعدنا. وأسأل الله أن يغفر لي إن كان السؤال غير لائق
ولكن بصفتنا مسلمين يجب ألا نخجل في طلب العلم.
وسؤالها هو : هل الاستمناء جائز في الإسلام ؟
الجواب
الحمد لله
الاستمناء محرم لأدلة من القرآن والسنة :
أولاً : القرآن الكريم : قال ابن كثير رحمه الله تعالى : وقد استدل الإمام الشافعي ومن وافقه على تحريم الاستمناء باليد بهذه الآية وهي قوله تعالى :
( والذين هم لفروجهم حافظون . إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين . فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) 4-6 سورة المؤمنون ، وقال الشافعي في كتاب النكاح
: فكان بيّناً في ذكر حفظهم لفروجهم إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم تحريم ما سوى الأزواج وما ملكت الأيمان .. ثم أكّدها فقال : ( فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) .
فلا يحل العمل بالذكر إلا في الزوجة أو في ملك اليمين ولا يحل الاستمناء والله أعلم . كتاب الأم للشافعي .
واستدل بعض أهل العلم بقوله تعالى : ( وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) النور 33 على أن الأمر بالعفاف يقتضي الصبر عما سواه .
ثانيا : السنّة النبوية : استدلوا بحديث عبد اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قال
: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَابًا لا نَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءةَ ( تكاليف الزواج والقدرة عليه )
فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ( حماية من الوقوع في الحرام ) رواه البخاري فتح رقم 5066 .
فارشد الشارع عند العجز عن النكاح إلى الصوم مع مشقّته ولم يرشد إلى الاستمناء مع قوة الدافع إليه وهو أسهل من الصوم ومع ذلك لم يسمح به .
وفي المسألة أدلة أخرى نكتفي بهذا منها . والله أعلم
وأمّا العلاج لمن وقع في ذلك ففيما يلي عدد من النصائح والخطوات للخلاص :
1- يجب أن يكون الداعي للخلاص من هذه العادة امتثال أمر الله واجتناب سخطه .
2- دفع ذلك بالصلاح الجذري وهو الزواج امتثالاً لوصية الرسول صلى الله عليه وسلم للشباب بذلك .
3- دفع الخواطر والوساوس وإشغال النفس والفكر بما فيه صلاح دنياك وآخرتك لأن التمادي في الوساوس يؤدي إلى العمل ثم تستحكم فتصير عادة فيصعب الخلاص منه .
4- غض البصر لأن النظر إلى الأشخاص والصور الفاتنة سواء حية أو رسماً وإطلاق البصر يجرّ إلى الحرام ولذلك قال الله تعالى : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ) الآية
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تُتْبع النظرة النظرة " رواه الترمذي 2777 وحسّنه في صحيح الجامع 7953 فإذا كانت النّظرة الأولى وهي نظرة الفجأة لا إثم فيها فالنظرة الثانية محرّمة
وكذلك ينبغي البعد عن الأماكن التي يوجد فيها ما يغري ويحرك كوامن الشهوة .
5- الانشغال بالعبادات المتنوعة ، وعدم ترك وقت فراغ للمعصية .
6- الاعتبار بالأضرار الصحية الناتجة من تلك الممارسة مثل ضعف البصر والأعصاب وضعف عضو التناسل والآم الظهر وغيرها من الأضرار التي ذكرها أهل الطّب
وكذلك الأضرار النفسية كالقلق ووخز الضمير والأعظم من ذلك تضييع الصلوات لتعدّد الاغتسال أو مشقتّه خصوصا في الشتاء وكذلك إفساد الصوم .
7- إزالة القناعات الخاطئة لأن بعض الشباب يعتقد أن هذه الفعلة جائزة بحجة حماية النفس من الزنا واللواط ، مع أنّه قد لا يكون قريبا من الفاحشة أبدا .
8- التسلح بقوة الإرادة والعزيمة وألا يستسلم الشخص للشيطان . وتجنب الوحدة كالمبيت وحيدا وقد جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيت الرجل وحده " .
رواه الإمام أحمد وهو في صحيح الجامع 6919 .
9- الأخذ بالعلاج النبوي الفعّال وهو الصوم لأنه يكسر من حدة الشهوة ويهذّب الغريزة ، والحذر من العلامات الغريبة كالحلف ألا يعود أو ينذر لأنه إن عاد بعد ذلك يكون نقضا للأيمان بعد توكيدها
وكذلك عدم تعاطي الأدوية المسكنة للشهوة لأن فيها مخاطر طبية وجسدية وقد ثبت في السنّة ما يُفيد تحريم تعاطي ما يقطع الشهوة بالكلية .
10- الالتزام بالآداب الشرعية عند النوم مثل قراءة الأذكار الواردة ، والنوم على الشقّ الأيمن وتجنب النوم على البطن لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك .
11- التحلي بالصبر والعفة لأنه واجب علينا الصبر عن المحرمات وإن كانت تشتهيها النفس ولنعلم بأنّ حمل النّفس على العفاف يؤدي في النّهاية إلى تحصيله وصيرورته خُلُقا ملازما للمرء
وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم : مَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ . " رواه البخاري فتح رقم 1469 .
12- وإذا وقع الإنسان في هذه المعصية فعليه أن يبادر إلى التوبة والاستغفار وفعل الطاعات مع عدم اليأس والقنوط لأنه من كبائر الذنوب .
13- وأخيراً مما لا شك فيه أن اللجوء إلى الله والتضرع له بالدعاء وطلب العون منه للخلاص من هذه العادة هو من أعظم العلاج لأنه سبحانه يجيب دعوة الداعي إذا دعاه
والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-09-30, 09:23
: لا حرج من الذهاب إلى طبيب غير مسلم إذا كان ماهرا وأمينا
السؤال :
أعاني من مرض في الجهاز الهضمي وأتعالج عند طبيب نصراني وأنا أتعالج عنده منذ شهرين تقريباً لأني كنت لا أعرف غيره ثم اكتشفت طبيباً مسلماً آخر .
فهل أترك كورس العلاج عند الطبيب النصراني وأذهب إلى الطبيب المسلم . أم أكمل العلاج مع الطبيب النصراني؟
الجواب :
الحمد لله
إذا كان هذا الطبيب النصراني ثقة أمينا ماهرا في الطب ، وقد بدأت معه ، وترى تقدما في العلاج وتحسنا : فلا حرج من المواصلة معه ، ولا يلزمك تركه والذهاب إلى طبيب مسلم .
فإنّ طبيبا بارعا – وإن لم يكن مسلما – قد يوفر عليك كثيرا من الجهد والوقت والمال ، وقد يكتب الله تعالى البرء على يديه .
ولم يزل المسلمون قديما وحديثا يستعينون بالمهرة من الأطباء - ولو كانوا غير مسلمين – .
فقد روى ابن المقرئ في "معجمه" (352) عن المبارك بن سعيد قال : "أول ما بدأ سفيان – يعني الثوري - في الزهد ظننا أنه مريض ، فأخذنا بوله في قارورة
وذهبنا إلى طبيب نصراني ، فقال : ما صاحبكم بمريض ، وما به إلا الخوف ، وما هو إلا بول راهب" .
وقال المروذي :
"رأيت طبيبا نصرانيا خرج من عند الإمام أحمد ومعه راهب ، فقال : إنه سألني أن يجئ معي ليرى أبا عبد الله" .
"سير أعلام النبلاء" (11/211) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
"في استئجار النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أريقط الدؤلي هاديا في وقت الهجرة وهو كافر دليل على جواز الرجوع إلى الكافر في الطب والكحل والأدوية والكتابة والحساب والعيوب ونحوها
ما لم يكن ولاية تتضمن عدالة ، ولا يلزم من مجرد كونه كافرا أن لا يوثق به في شيء أصلا ؛ فإنه لا شيء أخطر من الدلالة في الطريق ولا سيما في مثل طريق الهجرة" انتهى .
"بدائع الفوائد" (3/725) .
وقال ابن مفلح نقلا عن شيخ الإسلام ابن تيمية :
"إذَا كَانَ الْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ خَبِيرًا بِالطِّبِّ ثِقَةً عِنْدَ الْإِنْسَانِ جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَطِبَّ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُودِعَهُ الْمَالَ وَأَنْ يُعَامِلَهُ
كَمَا قَالَ تَعَالَى : (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إلَيْكَ) .
وَإِذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَسْتَطِبَّ مُسْلِمًا فَهُوَ كَمَا لَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يُودِعَهُ أَوْ يُعَامِلَهُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْدِلَ عَنْهُ
وَأَمَّا إذَا احْتَاجَ إلَى ائْتِمَانِ الْكِتَابِيِّ أَوْ اسْتِطْبَابِهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ وِلَايَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الْمَنْهِيُّ عَنْهَا ، وَإِذَا خَاطَبَهُ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ كَانَ حَسَنًا" انْتَهَى باختصار .
"الآداب الشرعية" (3/76) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
المرأة المسلمة هل يجوز لها أن تعالَج عند المرأة النصرانية ؟
فأجاب :
"إذا وثِقَتْ فيها فلا بأس ، ودليل هذا : أن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما سافر من مكة إلى المدينة في الهجرة استعمل رجلاً مشركاً يقال له : عبد الله بن أريقط ، من بني الديل ؛ ليَدُلَّه على الطريق" انتهى .
"لقاء الباب المفتوح" (2/56) .
ونسأل الله لك الشفاء والعافية .
*عبدالرحمن*
2018-09-30, 09:32
هل في التصبح بسبع تمرات وقاية من جميع أنواع السموم ؟
السؤال :
ما معنى هذا الحديث الوارد في " صحيح البخاري " في الكتاب الخامس والستين ، حديث رقم (356) : عن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من أكل حين يصبح سبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر ).
فهل معنى هذا أن من أكل التمر في الصباح فإنه محمي من كافة أنواع السم ، حتى من مثل سم السيانيد ؟
الجواب :
الحمد لله
في دلالة هذا الحديث جانبان ، جانب نؤمن به ونصدقه ولا نتردد فيه لوضوحه وظهوره ، وجانب آخر نحاول فهمه وتفسيره والبحث فيه ، فليس هو من مسائل الإيمان واليقين .
أما ما نصدق به ولا نتردد فيه فهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن التصبح بالتمر ، وقاية نافعة من تأثير السم على جسم الإنسان ، ورد ذلك في قول الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام
وفي حديث صحيح متفق على صحته بأسانيد ناصعة كالشمس ، وعن جماعة من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ، منها حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
: ( مَنْ تَصَبَّحَ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً ، لَمْ يَضُرَّهُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ سُمٌّ وَلاَ سِحْرٌ ) رواه البخاري في " صحيحه " (رقم/5445) ومسلم في " صحيحه " (رقم/2047) .
فهذا القدر المتفق عليه الذي نقر به ، يتعلق بالمعنى الإجمالي للحديث ، وإثبات صدوره عن النبي عليه الصلاة والسلام .
أما تفسير الحديث والبحث في حدود ألفاظه ونتائج تجاربه ، فذلك مجال رحب
خاض فيه العلماء قديما وحديثا ، وتعددت فيه الأنظار والأفهام ، بل تعددت فيه روايات الحديث نفسه ، الأمر الذي يفتح الباب إلى النظر إلى مزيد من الأبحاث التجريبية ، واعتبارها في معرفة دلالة الحديث ، وفهم قيوده وحدوده .
فقد قال ابن التين بأن المراد نخل خاص لا يعرف الآن ، وقال الخطابي رحمه الله ليس ذلك خاصية من خواص التمر ، وإنما هي بركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعجوة معينة .
ينظر " فتح الباري " (10/239)
وبناء على هذين القولين لا يمكن تعميم وقاية التصبح بالتمر اليوم من جميع أنواع السموم .
وقال أكثر العلماء بتخصيص عجوة المدينة بهذا الوقاء ، كالطحاوي في " شرح مشكل الآثار " (14/362) ، وأبو عوانة في "المستخرج" (5/189)
والقاضي عياض في " إكمال المعلم " (6/531) ، والنووي في " شرح مسلم " (14/3) ، وأبي العباس القرطبي الذي دعا إلى إجراء التجارب لفهم دلالة الحديث ، فقال رحمه الله : "
الذي ينبغي أن يقال إن ذلك خاصة عجوة المدينة ، ثم هل ذلك مخصوص بزمان نطقه أو هو في كل زمان ؟ كل ذلك محتمل ، والذي يرفع هذا الاحتمال التجربة المتكررة
فإن وجدنا ذلك كذلك في هذا الزمان ، علمنا أنها خاصة دائمة ، وإن لم نجده مع كثرة التجربة علمنا أن ذلك مخصوص بزمان ذلك القول " .
انتهى من " المفهم " (5/322).
وقال الإمام المازري رحمه الله :
" هذا مما لا يعقل معناه في طريقة علم الطب ، ولو صح أن يخرج لمنفعة التمر في السم وجه من جهة الطب ، لم يقدر على إظهار وجه الاقتصار على هذا العدد الذي هو السبع
ولا على الاقتصار على هذا الجنس الذي هو العجوة ، ولعل ذلك كان لأهل زمانه صلى الله عليه وسلم خاصة ، أو لأكثرهم ، إذ لم يثبت عندي استمرار وقوع الشفاء في زمننا غالبا
وإن وجد ذلك في زماننا في أكثر الناس حمل على أنه أراد وصف غالب الحال "
انتهى من " المعلم بفوائد مسلم " (3/121) .
وهكذا ترى كيف اختلف العلماء وشراح الحديث في توجيه دلالته ، وتفسير كلماته ، حتى دخل هذا الاختلاف في أنواع السم المقصودة في الحديث
فقال ابن القيم رحمه الله :
" يجوز نفع التمر المذكور في بعض السموم ، فيكون الحديث من العام المخصوص ، ويجوز نفعه لخاصية تلك البلد ، وتلك التربة الخاصة من كل سم ، ولكن ها هنا أمر لا بد من بيانه
وهو أن من شرط انتفاع العليل بالدواء قبوله واعتقاد النفع به ، فتقبله الطبيعة فتستعين به على دفع العلة "
انتهى من " زاد المعاد " (4/92) .
وخالفه الحافظ ابن حجر رحمه الله
– بعد أن نقل كلامه – فقال : " لكن سياق الخبر يقتضي التعميم ؛ لأنه نكرة في سياق النفي ، وعلى تقدير التسليم في السم ، فماذا يصنع في السحر "
انتهى من " فتح الباري " (10/240) .
وأما الأبحاث التجريبية المعاصرة فقد وقفنا على مجموعة منها ، لكنها لم تتوصل إلى نتائج حاسمة في جميع القضايا الخلافية السابقة ، وإنما إلى نتائج تدل على الجانب الأول الذي ذكرناه في بداية الجواب
وهو إثبات النفع العام للتمر من آثار السموم ، من غير تحديد ولا تعيين .
ومن ذلك أنه قام كل من الدكتور عبدالكريم السلال ، والدكتور زهير ، والدكتور أحمد ديسي ، بنشر بحث محكّم في مجلة (Biomedical Letters) في جامعة (Cambridge) بعنوان
: " دراسة تأثير خلاصة التمر على إبطال مفعول سم الحية والعقرب "، فكان في خلاصة الدراسة أنه : " تم إعطاء أربعة متبرعين من (9 - 11) حبة تمر لكل منهم
أما عينات الدم فتم أخذها قبل أكل التمر وبعده بحوالي (4 - 5) ساعات ، فكشفت الدراسة أن عينات الدم التي أخذت منهم بعد تناول التمر كانت مقاومة لسم الأفعى بنسبة (83%)
وأن نسبة امتصاص الهيموغلوبين لسم الأفعى وتأثيره على (3%) من خلايا الدم الحمراء قبل تناول التمر كانت (0.542) ، وبعد تناول التمر أصبحت (0.09)، وقد وجدت الدراسة أو التجربة أن إعطاء (5%)
من خلاصة التمر أبطلت حوالي (34%) و (71%) من النشاط السمي للأفعى والعقرب على التوالي ، وأن (20%) من خلاصة التمر أحبطت المفعول بنسب (87%) و (100%) " انتهى .
وللنظر في تفاصيل هذه الدراسة المنشورة باللغة الانجليزية يمكن مراجعة المرجع الآتي – وقد تمت ترجمة خلاصته فيما سبق - :
Abdul-karim j. sallal. A Zuhair S. Amr. A Ahmad M Disi, Inhibition of haemolytic activity of snake and scorpion venom by date extract, Biomedical Letters, 55, 51 - 56, 1997.
هذا وقد أخبرنا الدكتور السلال أن التمر الذي تم إطعامه للمتبرعين من أردأ أنواع التمور المتوافرة في أسواق الأردن ، وليس من عجوة المدينة ، ولا من تمر المدينة المنورة كله .
كما يمكن مراجعة بحث الدكتورة أروى عبد الرحمن أحمد ( معاصر ، قسم علوم الحياة ، كلية العلوم ، جامعة صنعاء ) ، بعنوان : " إعجاز التمر في الشفاء والوقاية من الميكروبات الضارة والممرضة "
في " بحوث المؤتمر العالمي العاشر لأبحاث الإعجاز العلمي "
دار جياد للنشر (1/158 – 204).
وفيها أيضا بحث آخر للدكتورة ( ليلى أحمد الطيب الحمدي ، دينا الموصلي ) ، كلية العلوم للبنات جامعة الملك عبد العزيز بعنوان : " العلاج النبوي بتمر العجوة في حالات التسمم والتليف الرئوي بالجازولين " (2/125 – 146)
جاء فيه :
" أوضحت هذه الدراسة تأثير تمر العجوة العلاجي على التسمم والتليف الرئوي الناتج من استنشاق أبخرة الجازولين ، مما يتيح الفرصة أمامنا للوصول إلى إثبات الأثر الإيجابي لهذا التمر
في معالجة الأنسجة المريضة في الأعضاء المختلفة ".
انظر هذه الأبحاث المعاصرة السابقة في رسالة بعنوان :
" أثر العلم التجريبي في الحكم على الحديث "، مقدمة في الجامعة الأردنية ، عام 2012م ، للباحث للدكتور جميل أبو سارة .
وهكذا لم يجزم علماء الإسلام المتقدمون ولا المتأخرون بالتأثير المطلق لجميع أنواع التمور ، في جميع أنواع السموم ، وإنما حاصل كلام مجموعهم يدل على ضرورة التفقه في معنى الحديث
والبحث فيه بحثا تجريبيا دقيقا ، ثم بعد ذلك يمكننا الجزم إن كانت دلالة الحديث قد انقضت في زمان النبي صلى الله عليه وسلم كما قال بعض العلماء ، أم إنها مستمرة ، كما هو ظاهر الحديث ؟
نحن في انتظار الأبحاث التجريبية الدقيقة التي تعيننا على فهم الحديث .
يقول الشيخ مصطفى السباعي رحمه الله :
" إذا كان الطب الحديث لم يوفق في اكتشاف سائر خواص العجوة حتى الآن ، أفليس من الخطأ التسرع إلى الحُكْمِ بوضعه ، وهل اِدَّعَى أحد أن الطب انتهى إلى غايته
أو أنه اكتشف كل خاصة لكل من المأكولات والمشروبات والنباتات والثمار التي في الدنيا ؟ إنك لا تشك معي في أن إقدام مؤلف " فجر الإسلام " على القطع بتكذيب هذا الحديث جُرْأَةٌ بالغة منه
لا يمكن أن تقبل في المحيط العلمي بأي حال ، ما دام سنده صحيحاً بلا نزاع ، وما دام متنه صحيحاً على وجه الإجمال ، ولا يضره بعد ذلك أن الطب لم يكتشف حتى الآن بقية ما دل عليه من خواص العجوة
ويقيني أنه لو كان في الحجاز معاهد طبية راقية ، أو لو كان تمر العالية موجوداً عند الغَرْبِيِّينَ ، لاستطاع التحليل الطبي الحديث أن يكتشف فيه خواص كثيرة
ولعله يستطيع أن يكتشف هذه الخاصة العجيبة ، إن لم يكن اليوم ، ففي المستقبل إن شاء الله " .
انتهى من " السنة ومكانتها في التشريع " (ص285) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-09-30, 09:44
أطول مدة تمكثها المرأة وهي حامل
السؤال
: ما هي أطول مدة تمكثها المرأة وهي حامل؟
أود أن أعرف ما هي أكثر مدة للحمل ، وما أطول مدة له وبسبب هذه الفتوى قد دار نقاش بيني وبين الوالد ، حيث إن الوالد من أهل الاختصاص في مسائل الحمل ، حيث إنه يعمل طبيب أشعة تشخيصية
وهو يقول باستحالة هذا الحمل طبّاً ، وإن كان قد حدث قبل ذلك ، وهو ما استنكره بشدة ، فهو غالبا لم يكن حملاً حقيقيّاً ، وإنما اشتباه بحمل ، أو حمل كاذب ، وقد استدل الوالد بآية (وحمله وفصاله ثلاثون شهراً)
، كما استدل بأدلة طبية كثيرة تمنع هذه المدة من طول الحمل ويقول إنه بذلك قد فتح الباب لإلحاق أحد الأولاد برجل ليس هو أباه ! . وما جاء في الفتوى هو كلام العلماء رحمهم الله جميعا
غير أنه لم يستدل بحديث إلا بحديث ( الولد للفراش ) متفق عليه ، وما أعرفه أن هذا الحديث عن عائشة قالت : " اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال سعد :
يا رسول اللّه ابن أخي عتبة بن أبي وقاص عهد إليَّ أنه ابنه انظر إلى شبهه ، وقال عبد بن زمعة : هذا أخي يا رسول اللّه ولد على فراش أبي فنظر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إلى شبهه فرأى شبهًا بيِّناً بعتبة فقال
: (هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش وللعاهر الحجر واحتجبي منه يا سودة بنت زمعة) قال : فلم ير سودة قط . ففي هذا لم يذكر مدة حمل وغير ذلك مما استدل به على هذه المسألة
. أفتونا مأجورين ، هل هناك تناقض بين الدِّين والعلم ، مع أن القرآن قد وقَّت للحمل والرضاعة عامين وستة أشهر على الأكثر .
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
مسألة " أطول مدة لحمل المرأة " من مسائل الخلاف بين علماء الشرع ، وهي ضيقة الخلاف عند الأطباء ، وأضيق منها في قوانين الأحوال الشخصية في غالب العالم العربي .
أما عند علماء الشرع : فقد اختلفوا في أقصى مدة تمكثها المرأة وهي حامل إلى أقوال :
1. أقصى مدة للحمل : هي المدة المعهودة ، وهي تسـعة أشـهر، وبه قال أصحاب المذهب الظاهري .
2. أقصى مدة للحمل : سنَة واحدة ، وهو قول محمد بن عبد الحكم ، واختاره ابن رشد .
3. سنتان ، وهو مذهب الحنفية .
4. ثلاث سنين ، وهو قول الليث بن سعد .
4. أربع سنين ، وهو مذهب الشافعية ، والحنابلة ، وأشهر القولين عند المالكية .
5. خمس سنين ، وهي رواية عن الإمام مالك .
6. ست سنين ، وهي رواية عن الزهري ، ومالك .
7. سبع سنين ، وبه قال ربيعة الرأي ، وهي رواية أخرى عن الزهري ، ومالك .
8. لا حد لأكثر الحمل ، وهو قول أبي عبيد ، والشوكاني ، وقال به من المعاصرين : المشايخ : الشنقيطي ، وابن باز ، والعثيمين .
انظر : " المحلى " لابن حزم ( 10 / 316 )
" المُغني " لابن قدامة المقدسي ( 9 / 116 )
" أضواء البيان " ( 2 / 227 ) .
*عبدالرحمن*
2018-09-30, 09:45
وأما عند الأطباء : فقد اختلفوا على ثلاثة أقوال :
1. عشرة أشهر .
2. 310 يوماً .
3. 330 يوماً .
وأما في قوانين الأحوال الشخصية في غالب البلاد العربية : فقد ذهبوا إلى تحديد المدة بسنة ، ومنهم من حسبها باعتبارها سنة شمسية – وهم الأكثر - ، ومنهم من نصَّ على كونها سنَة قمرية .
والذي اختاره كثير من الباحثين المعاصرين : أن أقصى مدة حمل للمرأة ما بين التسعة أشهر إلى السنَة ، وهو قول ابن عبد الحكم ، وابن رشد ، رحمهما الله
وليس بعيداً عن قول الأطباء ، وهو مطابق لقوانين الأحوال الشخصية في كثير من البلاد الإسلامية .
وأما القول بأن الحمل يمكن أن يمتد لسنوات فهو أمرٌ مرفوض في عالم الطب ، ولذا رفضه غالب الباحثين المعاصرين .
وقد طعن ابن حزم رحمه الله في صحة الأخبار التي اعتمد عليها أولئك العلماء، وقالوا بأن الحمل يمكن أن يمتد لسنوات . فقال رحمه الله – تعليقاً على الأخبار التي تروى عن نساء حملن لعدة سنين - :
"وكلُّ هذه : أخبارٌ مكذوبةٌ ، راجعةٌ إلى مَنْ لا يَصْدق ، ولا يُعرف من هو ، ولا يجوز الحكم في دين الله تعالى بمثل هذا" انتهى .
"المحلى" (10/316) .
وقد استدل من قال من الفقهاء بامتداد مدة الحمل إلى سنوات كثيرة ببعض الأحاديث والآثار ، غير أنها ضعيفة لا يثبت بها مثل هذا الحكم .
وقد تتبعها ابن حزم رحمه الله بالتضعيف ، والإنكار .
ثانياً :
أما أقوال الباحثين المعاصرين في هذه المسألة فنذكر بعضها :
1. جاء في التوصيات الصادرة عن " المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية " في موضوع " أقصى مدة الحمل " – الندوة الثالثة سنة 1987 م - :
يستمر نماء الحمل منذ التلقيح حتى الميلاد معتمداً في غذائه على المشيمة ، والاعتبار : أن مدة الحمل بوجه التقريب : مائتان وثمانون يوماً ، تبدأ من أول أيام الحيضة السوية السابقة للحمل .
فإذا تأخر الميلاد عن ذلك : ففي المشيمة بقية رصيد يخدم الجنين بكفاءة لمدة أسبوعين آخرين , ثم يعاني الجنين المجاعة من بعد ذلك ، لدرجة ترفع نسبة وفاة الجنين في الأسبوع الثالث والأربعين ,
والرابع والأربعين , ومن النادر : أن ينجو من الموت جنين بقي في الرحم خمسة وأربعين أسبوعاً .
ولاستيعاب النادر والشاذ : تُمد هذه المدة اعتباراً من أسبوعين آخرين ، لتصبح ثلاثمائة وثلاثين يوماً , ولم يُعرف أن مشيمة قدِرت أن تمدَّ الجنين بعناصر الحياة لهذه المدة ,
وقد بالغ القانون في الاحتياط مستنداً إلى بعض الآراء الفقهية ، بجانب الرأي العلمي , فجعل أقصى مدة الحمل : سنَة . انتهى .
2. وقد ذكر الأستاذ عمر بن محمد بن إبراهيم غانم في خاتمة كتابه " أحكام الجنين في الفقه الإسلامي " النتائج التي توصل إليها ، ومنها :
- أن أقصى مدة للحمل هي : سنَة قمرية واحدة ، ولا عبرة لما ذهب إليه الفقهاء من أقوال تزيد عن هذه المدة ، بنيت على الظنون ، والأوهام ، ولا أساس لها من الحقيقة ، بل إن معطيات العلم الحديث تبددها . انتهى .
3. وقال الدكتور محمد سليمان النور في مقاله " مدّة الحمل بين الفقه والطب وبعض قوانين الأحوال الشخصية المعاصرة " :
وترجح للباحث أنها ثلاثمائة وثلاثون يوماً ، ويمكن أن تزيد إذا ثبت بالفحص ما يتسمى عند الأطباء بـ " السبات " ، وهو يحدث عندما يتم الحمل ، وفي مرحلة ما يتوقف هذا الحمل عن النمو لفترة ، لكنه موجود حيٌّ ، وفق الفحوصات
والاختبارات الطبية ، فتزيد مدة الحمل بقدر زيادته ، واختلف الأطباء في أكثر مدة الحمل على ثلاثة آراء : أنها : عشرة أشهر ، ( 310 ) يوماً ، ( 330 ) يوماً
وهي آراء متقاربة ، وأحوطها : الرأي الأخير ، وعلل بعض الأطباء حكايات الحمل الممتد لسنين بعدة تعليلات ، وهي : الحمل الوهمي أو الكاذب ، الخطأ في الحساب من بعض الحوامل
ظهور أسنان عند بعض المولودين حديثاً ، موت الحمل في بطن أمه وبقاؤه فيها مدة طويلة ، عدم صحة هذه الأخبار .
وذهبت قوانين الأحوال الشخصية المعاصرة ، ومشروعات قوانين الأحوال الشخصية في كثير من البلاد الإسلامية : إلى أن أكثر مدة الحمل : سنًة واحدة .
" مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية الكويتية " ، عدد شعبان ، 1428 هـ .
4. وقال الدكتور عبد الرشيد بن محمد أمين بن قاسم :
وبالتأمل في الأقوال السابقة : يظهر لي : أن أقصى مدة الحمل التي تبنى عليها الأحكام الشرعية : هي المدة المعهودة ، تسعة أشهر ، والتي قد تزيد أسابيع محدودة
كما هو الواقع ، أما المدد الطويلة : فهي نادرة ، والقاعدة الفقهية أن " الاحتمالات النادرة لا يُلتفت إليها " ، والقاعدة : " العبرة بالغالب ، والنادر لا حكم له "
والواقع المعاصر يبدِّد وهم القائلين بامتداد حمل امتد لسنوات ، حيث يولد في العام الواحد عشرات الملايين من البشر ، ولو قدِّر وجود أمثال هذا الحمل : لتناقلته وسائل الإعلام
والأطباء ، حيث إنهم يهتمون بنقل ما هو أقل من هذا الحدَث بكثير ، وقد اختار هذا الرأي : عامة الباحثين المعاصرين ، الذين تناولوا هذه المسألة .
" أقل وأكثر مدة الحمل ، دراسة فقهية طبية " ( ص 10 ) – ترقيم الشاملة - .
وأخيراً .. الذي يمكن أن يقال في هذه المسألة : إذا ثبت طبياً ، ثبوتاً أكيداً لا شبهة فيه ، أن الحمل لا يمكن أن يبقى كل هذه السنوات الطويلة ، فلا مفر من القول بذلك
لأن الشرع لا يمكن أن يأتي بما يخالف الواقع أو الحس .
والمسألة ليس فيها نص من القرآن أو السنة حتى نقول إن الدين تصادم مع العلم ، وإنما هي اجتهادات لأهل العلم المرجع فيها إلى الوجود ؛ أي أن من قال بقول ما ، ذكر أنه قد وجد في الواقع ما يشهد له ويؤيده .
ولهذا قال ابن رشد رحمه الله :
"وهذه المسألة مرجوع فيها إلى العادة ، والتجربة ، وقول ابن عبد الحكم ، والظاهرية : هو أقرب إلى المعتاد ، والحُكم : إنما يجب أن يكون بالمعتاد ، لا بالنادر ولعله أن يكون مستحيلاً" انتهى .
"بداية المجتهد" (2/358) .
وقال ابن عبد البر رحمه الله :
"وهذه مسألة لا أصل لها إلا الاجتهاد ، والرد إلى ما عُرف من أمر النساء" انتهى .
"الاستذكار" (7/170) .
وحينئذ يمكن الاعتذار عن العلماء الذين قالوا بجواز المدة الطويلة ، بأنهم بنوا ذلك على أخبار ظنوا ـ حينئذ ـ ثبوتها ، وبنوا الأمر على السلامة .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-09-30, 09:49
أقل مدة للحمل
السؤال
بين تاريخ ميلاده وتاريخ حفل زفاف والديه ستة أشهر فهل يسأل هل هو فعلا ابن ستة أشهر أو أن أبويه عقدا النكاح قبل هذا التاريخ أم يترك الأمر وينتسب إلى والده ولا يسأل ؟
وهل يسأل أبويه كذلك هل كانا يصليان ليعلم مدى صحة عقد زواجهما ؟
الجواب
الحمد لله
قرَّر العلماء رحمهم الله أن أقل مدة للحمل ستة أشهر ، وأن المرأة إذا ولدت لهذه المدة من حين دخل بها زوجها فإن الولد يلحق به ، ومجرد الظن والاحتمال لا ينفي الولد عن أبيه ، فإن الولد للفراش .
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى
عن رجل تزوج امرأة بكراً ثم إنها ولدت بعد ستة أشهر من دخوله بها ، فهل يلحق به الولد ؟
فأجاب : "إذا ولدت لأكثر من ستة أشهر من حين دخل بها ولو بلحظة لحقه الولد باتفاق الأئمة ، ومثل هذه القصة وقعت في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، واستدلَّ الصحابة على إمكان كون الولد لستة أشهر
بقوله تعالى : (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا) الأحقاف/15
مع قوله : ( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ) البقرة/233
فإذا كان مدة الرضاع من الثلاثين : حولين ، يكون الحمل ستة أشهر ، فجمع في الآية أقلَّ الحمل ، وتمام الرضاع" انتهى .
وقال الحافظ ابن كثير عن استنباط علي رضي الله عنه لهذه المسألة : "وهو استنباط قوي صحيح ، ووافقه عليه عثمان ، وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم" انتهى.
"تفسير القرآن العظيم" (4 /158) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (13/339) :
"أقل مدة للحمل ستة أشهر ، بمقتضى دلالة القرآن فإن الله تعالى يقول : (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا) ويقول :
(وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ) فإذا أخذنا عامين للفصال بقى للحمل ستة أشهر ، وهذا واضح" انتهى .
وعلى هذا ، فانتسابك لوالدك صحيح ، ولا داعي للتشكيك فيه ، وكذلك لا يلزمك أن تسأل والديك هل كانا يصليان أم لا ؟ فالأصل صحة عقد النكاح .
*عبدالرحمن*
2018-09-30, 09:55
هدي النبي صلى الله عليه وسلم في المحافظة على صحته .
السؤال :
هل هناك في السنة أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يخص المحافظة على الصحة والجلد والشعر ؟
وماذا عن التفكر في مثله ؟
ما الذي كان يفعله من أجل معيشة صحية مع عائشة رضي الله عنها ، أو أي نموذج آخر خديجة رضي الله عنها ، أو فاطمة رضي الله عنها كيف كانوا يعيشون حياة صحية ؟
الجواب :
الحمد لله
أرسل الله تعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بشيرا ونذيرا ؛ ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذنه ، ويهديهم إلى صراط مستقيم ، ولم يبعثه طبيبا يداوي الأمراض والأسقام البدنية
وأمره ببناء المساجد ولم يأمره ببناء المستشفيات ، ورغب الناس في العلاج الرحماني بالقرآن الذي يداوي أدواء القلوب فتؤمن بعد كفرها ، وتطيع بعد عصيانها
وترشد بعد ضلالها ، ولم ينزل القرآن ليصف الدواء من الأوجاع ، وإن كان شفاء لأمراض القلوب والأبدان ؛ كما قال الله تعالى : ( قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء ) فصلت/44
وقوله سبحانه : ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ) الإسراء/82 .
قال الشوكاني رحمه الله :
" اختلف أهل العلم في معنى كونه شفاء على قولين : الأول : أنه شفاء للقلوب بزوال الجهل عنها وذهاب الريب وكشف الغطاء عن الأمور الدالة على الله سبحانه
القول الثاني : أنه شفاء من الأمراض الظاهرة بالرقى والتعوذ ونحو ذلك ، ولا مانع من حمل الشفاء على المعنيين "
انتهى من "فتح القدير" (3 / 362).
ولا شك أن هذا من بركة القرآن وكمال فضائله ، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتداوى بالقرآن ، ويرقي بالتعويذات الشرعية ، ويأمر بها عند الشكوى .
فروى البخاري (5016) ومسلم (2192) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ ، فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا " .
وروى البخاري (3371) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَيَقُولُ : ( إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ :
أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ ) .
وكان يكثر من الدعاء بالعافية ويأمر بذلك ، والعافية تشمل عافية الدين والدنيا .
فعن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ أنه قَالَ لِأَبِيهِ : " يَا أَبَتِ إِنِّي أَسْمَعُكَ تَدْعُو كُلَّ غَدَاةٍ :
( اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَدَنِي اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي سَمْعِي اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَصَرِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، تُعِيدُهَا ثَلَاثًا حِينَ تُصْبِحُ وَثَلَاثًا حِينَ تُمْسِي
وَتَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنت ، تُعِيدُهَا حِينَ تُصْبِحُ ثَلَاثًا وَثَلَاثًا حِينَ تُمْسِي ,
قَالَ: نَعَمْ يَا بُنَيَّ إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهِنَّ فَأُحِبُّ أَنْ أَسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ ".
رواه أحمد (19917) وأبو داود (5090) وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" .
وكان صلى الله عليه وسلم ربما وصف العلاج والدواء المناسب من غير القرآن والرقى ، وحض على ما ينفع ونهى عما يضر ؛ فروى مسلم (1204)
عن عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرَّجُلِ إِذَا اشْتَكَى عَيْنَيْهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ : ( ضَمَّدَهُمَا بِالصَّبِرِ ) .
وروى الحاكم (7438) عن أنس بن مالك رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا حم أحدكم فليشن عليه الماء البارد ثلاث ليال من السحر ) وصححه الألباني في "الصحيحة" (1310) .
وروى البخاري (5680) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ : شَرْبَةِ عَسَلٍ وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ وَكَيَّةِ نَارٍ ، وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنْ الْكَيِّ ) .
ومن الآداب الجليلة التي تنفع الصحة وتحافظ عليها وتقيها من الأمراض : ترك النهم والشره للطعام ، والنهي عن الإسراف والتبذير فيه ؛ فروى الترمذي (2380)
عَنْ مِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ
بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ ). وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
قال ابن القيم رحمه الله :
" وَهَذَا مِنْ أَنْفَعِ مَا لِلْبَدَنِ وَالْقَلْبِ ، فَإِنَّ الْبَطْنَ إِذَا امْتَلَأَ مِنَ الطَّعَامِ ضَاقَ عَنِ الشَّرَابِ ، فَإِذَا وَرَدَ عَلَيْهِ الشَّرَابُ ضَاقَ عَنِ النَّفَسِ ، وَعَرَضَ لَهُ الْكَرْبُ وَالتَّعَبُ بِحَمْلِهِ بِمَنْزِلَةِ حَامِلِ الْحِمْلِ الثَّقِيلِ
هَذَا إِلَى مَا يَلْزَمُ ذَلِكَ مِنْ فَسَادِ الْقَلْبِ ، وَكَسَلِ الْجَوَارِحِ عَنِ الطَّاعَاتِ ، وَتَحَرُّكِهَا فِي الشَّهَوَاتِ الَّتِي يَسْتَلْزِمُهَا الشِّبَعُ ، فَامْتِلَاءُ الْبَطْنِ مِنَ الطَّعَامِ مُضِرٌّ لِلْقَلْبِ وَالْبَدَنِ " .
انتهى من "زاد المعاد" (4/ 17) .
والمقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحافظ على نفسه وصحة بدنه بأربعة أمور :
الأول : بالرقية بالقرآن والتعاويذ الشرعية .
الثاني : بالدعاء وطلب العافية .
الثالث : بالوقاية ، والتي هي خير من العلاج .
الرابع : بما أطلعه الله عليه وعلمه مما شاء من العلاج والدواء .
أما شعره صلى الله عليه وسلم : فقد كان يتعاهده بالغسل والتسريح والادّهان والخضاب ، وكان يقول : ( مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ ) رواه أبو داود (4163) ، وصححه الألباني .
وروى الترمذي (1851) عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ ) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
وأما عينه صلى الله عليه وسلم : فقد ثبت أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يَكْتَحِلُ فِي عَيْنِهِ الْيُمْنَى ثَلاثَ مَرَّاتٍ وَالْيُسْرَى مَرَّتَيْنِ ) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (1/ 376) وصححه الألباني في "الصحيحة" (633) .
وروى الترمذي (1757) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( اكْتَحِلُوا بِالْإِثْمِدِ فَإِنَّهُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ ) . وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
ولمطالعة تفاصيل أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ، ننصح بمراجعة الكتاب النافع للإمام ابن القيم : "زاد المعاد في هدي خير العباد"
وخاصة المجلد الرابع منه ، وهو خاص بالطب النبوي ، وكذلك ننصح بمراجعة الأبواب الخاصة بذلك في كتاب " الآداب الشرعية والمنح المرعية " لشمس الدين ابن مفلح الحنبلي .
على أنه لا ينبغي للعاقل أن يجعل كل همه في مثل ذلك ؛ وليكن أكبر همه هو هم الآخرة ، وما ينجيه عند الله جل جلاله . وقد روى ابن ماجة (257) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال :
( مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا هَمَّ آخِرَتِهِ كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّ دُنْيَاهُ ، وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُومُ فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِي أَيِّ أَوْدِيَتِهَا هَلَكَ ) حسنه الألباني في "صحيح ابن ماجة" (207) .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-09-30, 09:56
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
مع جزء اخر من سلسلة
عادات
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir