مشاهدة النسخة كاملة : أديان
*عبدالرحمن*
2018-08-30, 19:16
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
تقدمت مواضيع
أصول عقيدة أهل السنة والجماعة
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2153427
الولاء والبراء
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2153762
الشرك وأنواعه
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2153606
السياسة الشرعية تعريف وتأصيل
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2155782
الأنكحة الباطلة
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2156187
مذاهب و فرق
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2156742
.....
هل يجب الكفر بكل دين سوى الإسلام وبكل شريعة سوى شريعته؟
السؤال
ما معنى جملة الكفر بكل دين سوى الإسلام هل تعني أن يكفر المرء بكل دين محرف ، مثل : النصرانية ، أم يكفر بالأديان الوضوعية فقط ؟ فالذي فهمته أن الأديان مثل النصرانية محرفة ومنسوخة
فلابد للمسلم أن يكفر بها ، فهل يكفر بها ؛ لأنها محرفة ومنسوخة ، أم يكفر بها لأنها محرفة فقط ؟
ومالواجب نحو الشرائع الأخرى كيف يكون الإيمان بها ؟ والأديان الحقة التي نزلت على الأنبياء مالواجب نحوها ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا:
أوجب الله على عباده المؤمنين أن يؤمنوا بأنبياء الله ورسله جميعا ، فمن عرفهم بأمره ، وجب عليهم الإيمان به تفصيلا ، فيما فصل لهم ، وإجمالا ، فيمن أجمل ذكره .
قال الله تعالى : (وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135) قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) البقرة/135-136
وقال تعالى : (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) البقرة/285
وفي حديث جبريل المشهور ، لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الإِيمَانُ؟
قَالَ: ( الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَلِقَائِهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الآخِر ) ..
رواه البخاري (4777) ومسلم (9) من حديث أبي هريرة .
وحذر عباده من الكفر ببعض أنبيائه ورسله ، بين لهم أن هذا هو الكفر حقا ، وما كفر كثير من أهل الكتاب إلا بمثل ذلك .
قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا * وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) النساء/150-152
وينظر للفائدة جواب الاسئلة الاربعه القادمه
ثانيا :
الواجب على العبد أن يعلم أن دين الله واحد وهو الإسلام، كما قال تعالى: ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ) آل عمران/19 ، وقال : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل عمران/85
ولم يأت نبي بغير دين الإسلام، الذي هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله.
قال الله عن نوح عليه السلام : ( وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) يونس/72.
وقال عن إبراهيم : ( مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) آل عمران/67.
وقال : ( مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ) الحج/78
وقال عن موسى ( يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ ) يونس/84.
وقال عن يوسف : ( تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ) يوسف/101.
فالإسلام هو عبادة الله وحده لا شريك له ، والإيمان بما جاء من عنده ، وهذا قدر مشترك متفق عليه بين جميع الأنبياء ، ثم يقع التمييز بينهم في تفاصيل الشرائع
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَالْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ ، أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى ، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ) رواه البخاري ( 3443).
والإخوة لعلات : هم الإخوة لأب .
والمراد : أن أصل دينهم واحد ، وإن اختلفت فروع شرائعهم .
*عبدالرحمن*
2018-08-30, 19:17
ثالثا:
يجب الإيمان بأن الله تعالى أرسل الرسل ، وأنزل الكتب ، وشرع الشرائع لأنبيائه ورسله، وأن شرائعهم حق من عند الله ، يجب العمل بها في وقتها، ولا يجوز العمل بما نسخ منها، فضلا عما بدل وغير.
كما يجب الإيمان بأن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم نَسَخَت ما قبلها من الشرائع، فليس لأحد أن يعمل بشريعة التوراة لو فرض بقاؤها دون تحريف، إذا جاء في شريعتنا ما يخالفها.
قال تعالى : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) المائدة /48
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (3/ 130):
" ثم إنه تعالى ندبهم إلى المسارعة إلى الخيرات والمبادرة إليها، فقال: {فاستبقوا الخيرات} وهي طاعة الله ، واتباع شرعه الذي جعله ناسخا لما قبله، والتصديق بكتابه القرآن الذي هو آخر كتاب أنزله" انتهى.
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُتُبِ ، فَقَرَأَهُ عَلَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَضِبَ وَقَالَ:
" أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، لَا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ، أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى كَانَ حَيًّا، مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي " .
رواه أحمد في مسنده (15156) وحسنه الألباني في "الإرواء" .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فإن قيل فقد قال تعالى {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ، وقال تعالى { كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }
وهذا ذم لليهودية والنصرانية ، وما كان عليه موسى والمسيح لا يُذم ؟
قيل : الذم يلزم من أمر باتباع ما اختص به اليهود والنصارى من الشرع المنسوخ ، وذم من اتبع ذلك المنسوخ من حين بُعث محمد.
وكان هؤلاء يقولون نحن على ملة إبراهيم دون محمد ؛ فبين الله كذبهم في ذلك ، ولم يكونوا مُبَدِّلين؛ فكيف مع التبديل والنسخ ؟!
فإن إبراهيم كان قبل التوراة والإنجيل . وما كان عليه أهل التوراة والإنجيل اختص به أهل التوراة ، ولم يكن إبراهيم عليه ، بل ولا كان يجوز لإبراهيم أن يتبعه ، ولم يشرعه الله له ...
فامتنع أن يكون إبراهيم يهوديًّا أو نصرانيًّا ، بوجه من الوجوه ؛ بل كان حنيفًا مسلمًا وهو الذي يعبد الله وحده لا شريك له ، بما أمر به ، فيعبده في كل زمان ، بما أمر به في ذلك الزمان.
فأهل التوراة والإنجيل قبل النسخ والتبديل : مسلمون حنفاء ، على ملة إبراهيم ، كما قال تعالى {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ *
وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} ...
فالحنيفية ، ملة إبراهيم : تتناول كل من عبد الله وحده بما أمره به ، كما قال تعالى {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ *
بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } .
فكل الأنبياء الذين يعيشون بعد إبراهيم ، وأتباعُهم : على ملة إبراهيم . لكنْ محمد صلى الله عليه وسلم أولاهم به ، وشرعه أقرب إلى شرع إبراهيم من وجوهٍ متعددةٍ
كأمره بحج البيت وغيره ، فإنه سبحانه جعل في ذرية إبراهيم الكتاب والحكم والنبوة ...
وأما اليهودية والنصرانية المتضمنة للمنسوخ المبدل ، وهي التي عليها اليهود والنصارى الذين كذبوا محمدًا : فهذه ليست دين أحدٍ من الأنبياء ؛ لا موسى ، ولا عيسى ، ولا غيرهما !!
فإذا قال أهل الكتاب للمسلمين {كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى} ، فقد أمرهم الله أن يقولوا : {بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} !!
فلا يجوز لنا اتباع ما اختُصَّ به أهلُ التوراة والإنجيل ، من الشرع المنسوخ ؛ فكيف بالمبدل ؟!
بل نتبع ملة إبراهيم ، وهي عبادة الله وحده بما أمر به ، وهي التي كان عليها موسى وعيسى ؛ لكن كان لهم شرع اختصوا به دون إبراهيم
وكان من الدين في حق أولئك الذين أمروا به خاصة ، وإبراهيم ومن كان قبله لم يُؤمروا به .
وكذلك محمد صلى الله عليه وسلم ومن آمن به : لم يؤمروا بتلك الآصار والأغلال ؛ بل رفعت عنهم ، كما كانت مرفوعة عن إبراهيم ، ولهذا قال عليه السلام : ( بُعِثت بالحنيفية السمحة ) . وقال : ( لا رهبانية في الإسلام ) ...
فقد تبين أن اليهود والنصارى : فيهم سعيد ، وهم المتبعون شرع التوراة والإنجيل ، قبل النسخ والتبديل . وفيهم من هو مستحق العذاب .
ومع هذا نحن منهيون أن نتبع اليهودية والنصرانية مطلقًا :
فإن ما اختُصَّ به السعداء منهم : قد نسخ .
وأما ما اختُصَّ به الأشقياء : فهو مبدل ، أو منسوخ تمسكوا به بعد النسخ .
وما كان مشروعًا : كان داخلًا في مسمى الإسلام والحنيفية ، لما كان مشروعًا .
فلما نسخ : لم يبق داخلًا في الإسلام ، ولا في الحنيفية ، ملة إبراهيم ؛ والمُبَدَّل بطريق الأولى!!
ولهذا قال الله تعالى : { وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا } ، إلى قوله : { وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ } ، وقال : { أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى } .
فلم ينكر أن يكون موسى وهارون من اليهود ، ولا أن يكون المسيح والحواريون نصارى .
لكن : نهى عن اتباع ما تختص به اليهودية والنصرانية ، مطلقًا ، وأمر باتباع ملة إبراهيم ؛ لأن ما تختص به : إما منسوخ ، وإما مبدل .
والذي لا يجوز نسخه : ملة إبراهيم ، وهو عبادة الله وحده بما أمر به ؛ ففي كل زمان يعبده بما أمر به في ذلك الزمان ، وهذا هو دين الإسلام الذي لا يقبل الله لا من الأولين ولا من الآخرين دينًا سواه
وعليه الأنبياء جميعهم ، وأتباعهم ، وهذا العمل هو العمل الصالح المذكور في قوله { بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ } ، وقد قال { وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ } الآية.
والصلاة إلى بيت المقدس كانت من الإسلام ، ومن الحنيفية ملة إبراهيم ، لما كانت مشروعة ؛ فلما نهوا عن ذلك ، وأمروا بالصلاة إلى المسجد الحرام :
صارت الصلاة إليه هي المشروعة الداخلة في الإسلام ، وملة إبراهيم ؛ فإن جماع ملة إبراهيم : عبادة الله وحده ، بما أمر به.." .
انتهى، من "تفسير آيات أشكلت" (1/278-287) .
*عبدالرحمن*
2018-08-30, 19:18
رابعا :
الشرائع السابقة على ثلاثة أنواع:
الأول: شرائع مبدلة مغيرة، وهذه يجب الكفر بها، بمعنى البراءة منها وإنكار كونها من عند الله، وإنكار العمل بها مطلقا.
الثاني: شرائع منسوخة، بشريعتنا، وهذه يجب اعتقاد بطلان العمل بها والرجوع إليها بعد النسخ، ولو سمي هذا كفرا بها فلا حرج، مع بيان أنها من عند الله، وأنها كانت صالحة في وقتها.
الثالث: ما لم يحرف، ولم يرد في شرعنا ما يخالفه، كالنكاح بلفظ الإجارة كما في زواج موسى عليه السلام من ابنة صالح مدين، فهذه التي اختلف فيها أهل الأصول: هل شرع من قبلنا شرع لنا أم لا؟ والجمهور على أنه شرع لنا.
وهذا القسم قليل أو محصور في مسائل معينة.
ولهذا يطلق كثير من العلماء أن شريعة الإسلام ناسخة لما قبلها من الشرائع- كما تقدم في كلام ابن كثير- مراعاة لأن غالب هذه الشرائع منسوخ أو مبدل.
كما يجب الاعتقاد بأن جميع الأديان منسوخة بالإسلام، وأنه يجب الكفر بها، أي اعتقاد بطلان اتباعها، سواء اتبعها على تحريفها، أو على ما قبل التحريف، فليس لأحد أن يقول:
أنا أتبع الدين الذي جاء بها إبراهيم أو موسى أو عيسى عليهم السلام، ويقصد شرائعهم الخاصة، أو الوقوف عندها وعدم الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، فكل ذلك باطل
ولا إيمان ولا نجاة بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلا لمن آمن به واتبعه.
وفي صحيح مسلم (153) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ» .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فمن حين بعث محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لم يكن الإسلام إلا ما أَمَر به ، لأن الإسلام : أن يستسلم العبد لله رب العالمين ، لا لغيره .
فمن استسلم له ولغيره ، فجعل له ندا : فهو مشرك . قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ} البقرة/165
ومن استكبر عن عبادة الله ، فلم يستسلم له : فهو معطل لعبادته ، وهو شر من المشركين ، كفرعون وغيره . قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} غافر/60
والإسلام : إنما يكون بأن تعبد الله وحده لا شريك له ، وإنما يُعبد بما أمر به .
فكل ما أمر به ، فهو ، حين أمر به : من دين الإسلام .
وحين نهى عنه : لم يبق من دين الإسلام .
كما كانت الصخرة أولا من دين الإسلام ، ثم لما نهى عنها : لم تبق من دين الإسلام .
فلهذا صار المتمسك بالسبت وغيره من الشرائع المنسوخة : ليس من دين الإسلام؛ فكيف بالمبدل.
والله تعالى قط لم يرض له دينا غير الإسلام ، ولا أحد من رسله ، لا سيما خاتم الأنبياء : فإنه لم يرض من أحد إلا بدين الإسلام ، لا من المشركين ولا من الذين أوتوا الكتاب .
وقوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} إلى آخرها ، وهي كلمة تقتضي براءته من دينهم ؛ وأن ديني لي ، وأنتم بريئون منه ، ودينكم لكم ، وأنا بريء منه..."
انتهى ، من " الصفدية" (2/314-315) .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (12/ 275) :
" أولاً: أن من أصول الاعتقاد في الإسلام، المعلومة من الدين بالضرورة، والتي أجمع عليها المسلمون: أنه لا يوجد على وجه الأرض دين حق سوى دين الإسلام، وأنه خاتمة الأديان
وناسخ لجميع ما قبله من الأديان والملل والشرائع، فلم يَبْق على وجه الأرض دين يُتعبد الله به سوى الإسلام، قال الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85]
والإسلام بعد بعثة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو ما جاء به دون ما سواه من الأديان.
ثانياً: ومن أصول الاعتقاد في الإسلام: أن كتاب الله تعالى: (القرآن الكريم) هو آخر كتب الله نزولاً وعهداً برب العالمين، وأنه ناسخ لكل كتاب أنزل من قبل، من التوراة والزبور والإنجيل وغيرها
ومهيمن عليها، فلم يبق كتاب منزل يُتعبد الله به سوى: (القرآن الكريم) قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ} [المائدة: 48]
ثالثاً: يجب الإيمان بأن (التوراة والإنجيل) قد نسخا بالقرآن الكريم، وأنه قد لحقهما التحريف والتبديل بالزيادة والنقصان، كما جاء بيان ذلك في آيات من كتاب الله الكريم،
منها: قول الله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 155]
وقوله جل وعلا: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} [البقرة: 79]
وقوله سبحانه: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 78] .
ولهذا: فما كان منها صحيحاً فهو منسوخ بالإسلام .
وما سوى ذلك فهو محرف أو مبدل .
وقد ثبت عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أنه غضب حين رأى مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه صحيفة فيها شيء من التوراة، وقال عليه الصلاة والسلام: "أ
في شك أنت يا ابن الخطاب؟! ألم آت بها بيضاء نقية؟ لو كان أخي موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي» رواه أحمد والدارمي وغيرهما" انتهى.
وقال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله:
" فمن لم يؤمن بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نبيا ورسولا، وأنه خاتم الأنبياء والرسل، وأن شريعته ناسخة لجميع ما قبلها، وأنه لا يسع أحدا من أهل الأرض اتباع غير شرعه: فهو كافر مخلد في النار
كمن كفر بالله ، وجحده ربا معبودا" انتهى من "الإبطال لنظرية الخلط بين الأديان" ص85
والحاصل :
أن من أركان الإيمان : أن يؤمن العبد برسل الله ، وأنبيائه جميعا ، وأن يؤمن بما أنزل الله عليهم من الكتب ، وما جاؤوا به من الشرائع .
ومن حين جاء النبي صلى الله عليه وسلم : لم يبق شرع واجب الاتباع على الناس جميعا : إلا شرعه الذي جاء به ؛ وما سواه : فإما شرع صحيح في أصله ، غير أنه نسخ بشرعه . أو شرع مبدل ، لم يشرعه الله لعباده أصلا .
فما علمنا أنه شرع مبدل ، لم يشرع أصلا : كفرنا به ، كلية .
وما لم نعلم أنه بعينه من جملة ما بُدل ، وحُرِّف : لم نصدق به ، لاحتمال أن يكون محرفا مبدلا ، ولم نكذبه ، لاحتمال أنه من جملة الشرع المنزل في أصله .
وبكل حال : لا يحل لأحد اتباع غير شرع النبي صلى الله عليه وسلم الذي جاء به .
قال الله تعالى : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ
وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) المائدة/48-50 .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-30, 19:22
حقيقة الإيمان بالرسل
السؤال
ما المقصود بالإيمان بالرسل ؟.
الجواب
الحمد لله
وبعد : فالإيمان بالرسل يتضمن أربعة أمور :
الأول : التصديق الجازم بأن الله تعالى بعث في كل أمة رسولا منهم يدعوهم إلى عبادة الله وحده والكفر بما يعبد من دونه ، وأنهم جميعا صادقون مصدقون بارون راشدون أتقياء أمناء
وأنهم بلغوا جميع ما أرسلهم الله به ، لم يكتموا ولم يغيروا ، ولم يزيدوا فيه من عند أنفسهم حرفا ولم ينقصوه ( فهل على الرسل إلا البلاغ المبين ) ( النحل : 35) .
- وأن دعوتهم اتفقت من أولهم إلى آخرهم على أصل العبادة وأساسها ، وهو التوحيد بأن يُفرد الله تعالى بجميع أنواع العبادة ، اعتقادا وقولا وعملا ، ويُكفر بكل ما يعبد من دونه
والدليل على ذلك قوله تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) الأنبياء/25 ) وقوله تعالى : ( وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) الزخرف/45 وغيرها من الآيات وهي كثيرة جدا .
وأما الفروض المتعبد بها وفروع التشريع فقد يُفرض على هؤلاء من الصلاة والصوم ونحوها ما لا يُفرض على الآخرين ، ويُحرم على هؤلاء ما يحل للآخرين امتحانا من الله ( ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) الملك/2
والدليل على ذلك قوله تعالى : ( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً) المائدة/48 قال ابن عباس رضي الله عنهما : سبيلا وسنة ومثله قال مجاهد وعكرمة وجماعات من المفسرين .
وفي صحيح البخاري ( 3443) ومسلم ( 2365 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " َالأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلاتٍ أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ "
أي أن الأنبياء متحدون في الأصل وهو التوحيد الذي بعث الله به كل رسول أرسله، وضمنه كل كتاب أنزله ،وشرائعهم مختلفة في الأوامر والنواهي والحلال والحرام لأن الأخوة لعلات أبوهم واحد وأمهاتهم متفرقات .
- و من كفر برسالة واحد منهم فقد كفر بالجميع كما قال تعالى: ( كذبت قوم نوح المرسلين ) الشعراء/105 فجعلهم الله مكذبين لجميع الرسل مع أنه لم يكن رسول غيره حين كذبوه .
الثاني : الإيمان بمن علمنا اسمه منهم باسمه مثل محمد وإبراهيم وموسى وعيسى ونوح عليهم الصلاة والسلام ، ومن ذُكر منهم إجمالا ولم نعلم اسمه وجب علينا الإيمان بهم إجمالا
كما قال تعالى : ( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ) البقرة/285
وقال : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ) غافر/78
ونؤمن بأن خاتمهم هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فلا نبي بعده كما قال تعالى : ( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) الأحزاب/40 .
وفي البخاري ( 4416 ) ومسلم ( 2404 )
عن سعد بن أبى وقاص رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى تَبُوكَ وَاسْتَخْلَفَ عَلِيًّا فَقَالَ أَتُخَلِّفُنِي فِي الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ قَالَ : " أَلا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلا أَنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ بَعْدِي "
وأن الله فضله واختصه عن غيره من الأنبياء بخصائص عظيمة منها :
1- أن الله بعثه إلى جميع الثقلين الإنس والجن وكان النبي قبله يبعث في قومه خاصة .
2- أن الله نصره على أعدائه بالرعب مسيرة شهر.
3- وأن الأرض جُعلت له مسجدا وطهورا .
4- وأحلت له الغنائم ولم تحل لأحد قبله .
5- الشفاعة العظمى . وغيرها كثير من خصائصه عليه الصلاة والسلام .
الثالث : التصديق بما صح عنهم من أخبارهم .
الرابع : العمل بشريعة من أرسل إلينا منهم وهو خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم المرسل إلى جميع الناس .
قال الله تعالى : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) النساء/65 .
وليعلم أن للإيمان بالرسل ثمرات جليلة منها :
1- العلم برحمة الله تعالى وعنايته بعباده حيث أرسل إليهم الرسل ليهدوهم إلى صراط الله تعالى ، ويبينوا لهم كيف يعبدون الله لأن العقل البشري لا يستقل بمعرفة ذلك .
2- شكره تعالى على هذه النعمة الكبرى .
3- محبة الرسل عليهم الصلاة والسلام وتعظيمهم ِِِ، والثناء عليهم بما يليق بهم لأنهم رسل الله تعالى ، ولأنهم قاموا بعبادته وتبليغ رسالته ، والنصح لعباده . والله أعلم .
يراجع ( أعلام السنة المنشورة 97- 102 )
و ( شرح الأصول الثلاثة للشيخ ابن عثيمين 95 ، 96 ).
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-08-30, 19:25
حقيقة الإيمان بالكتب
السؤال
ما معنى الإيمان بالكتب ؟.
الجواب
الحمد لله
وبعد : فالإيمان بالكتب يتضمن أربعة أمور :
الأول : التصديق الجازم بأن جميعها منزَّل من عند الله ، وأن الله تكلم بها حقيقة فمنها المسموع منه تعالى من وراء حجاب بدون واسطة الرسول الملكي
ومنها ما بلغه الرسول الملكي إلى الرسول البشري ، ومنها ما كتبه الله تعالى بيده كما قال تعالى : ( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) الشورى/51
وقال تعالى : ( وكلم الله موسى تكليما ) النساء/164
وقال تعالى في شأن التوراة : ( وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) الأعراف/145 .
الثاني : ما ذكره الله من هذه الكتب تفصيلا وجب الإيمان به تفصيلا وهي الكتب التي سماها الله في القرآن وهي ( القرآن والتوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وموسى ).
وما ذكر منها إجمالا وجب علينا الإيمان به إجمالا فنقول فيه ما أمر الله به رسوله : ( وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب ) الشورى/15 .
الثالث : تصديق ما صح من أخبارها ، كأخبار القرآن ، وأخبار ما لم يُبَدل أو يُحَرف من الكتب السابقة .
الرابع : الإيمان بأن الله أنزل القرآن حاكما على هذه الكتب ومصدقا لها
كما قال تعالى : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ) المائدة/48
قال أهل التفسير : مهيمنا : مؤتمنا وشاهدا على ما قبله من الكتب ، ومصدقا لها يعني : يصدق ما فيها من الصحيح ، وينفي ما وقع فيها من تحريف وتبديل وتغيير ، ويحكم عليها بنسخ
أي رفع وإزالة ـ أحكام سابقة ، أو تقرير وتشريع أحكام جديدة ؛ ولهذا يخضع له كل متمسك بالكتب المتقدمة ممن لم ينقلب على عقبيه
كما قال تبارك وتعالى : ( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُون . وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ ) القصص/52 :53 .
- وأن الواجب على جميع الأمة اتباع القرآن ظاهراً وباطناً والتمسك به ، والقيام بحقه كما قال تعالى : ( وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا ) الأنعام/155
ومعنى التمسك بالكتاب والقيام بحقه : إحلال حلاله ، وتحريم حرامه ، والانقياد لأوامره والانزجار بزوا جره والاعتبار بأمثاله
والاتعاظ بقصصه ، والعلم بمحكمه ، والتسليم بمتشابهه والوقوف عند حدوده والذب عنه مع حفظه وتلاوته وتدبر آياته والقيام به آناء الليل والنهار ، والنصيحة له بكل معانيها ، والدعوة إلى ذلك على بصيرة .
وهذا الإيمان يثمر للعبد ثمرات جليلة أهمها :
1- العلم بعناية الله بعباده حيث أنزل لكل قوم كتابا يهديهم به .
2- العلم بحكمة الله تعالى في شرعه حيث شرع لكل قوم ما يناسب أحوالهم كما قال الله تعالى : ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا )
3- القيام بواجب شكر الله على هذه النعمة العظيمة .
4- أهمية العناية بالقرآن العظيم ، بقراءته وتدبره وتفهم معانيه والعمل به .
والله أعلم .
انظر ( أعلام السنة المنشورة 90 – 93 )
و ( شرح الأصول الثلاثة للشيخ ابن عثيمين 91 ، 92 ).
الشيخ محمد صالح المنجد
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-09-09, 02:10
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
الإيمان بالكتب والرسل
السؤال
من هم الأنبياء الذين أرسلهم الله تعالى ؟
وما هي الكتب التي أنزلها معهم ؟.
الجواب
الحمد لله
حين أهبط الله آدم إلى الأرض وانتشرت ذريته لم يتركهم هملاً بل أوجد لهم الرزق وأنزل عليه وعلى أبنائه الوحي فمنهم من آمن ومنهم من كفر :
( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا اللّه واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى اللّه ومنهم من حقت عليه الضلالة ) النحل/36 .
والكتب السماوية التي أنزلها اللّه أربعة وهي التوراة والإنجيل والزبور والقرآن : ( نزل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل ) آل عمران/3 .
وقال تعالى : ( وآتينا داود زبوراً ) الإسراء/55 .
والأنبياء والرسل كثيرون ولا يعلم عددهم إلا اللّه منهم من قص اللّه علينا ومنهم من لم يقصه علينا : ( ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك ) النساء/164 .
يجب الإيمان بجميع الكتب التي أنزلها اللّه وجميع الأنبياء والرسل الذين أرسلهم اللّه
كما قال سبحانه : ( يا أيها الذين آمَنوا آمِنوا باللّه ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر باللّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيداً ) النساء/136 .
الرسول والنبي اسمان لمسمى واحد هو من بعثه اللّه ليدعو الناس إلى عبادة اللّه وحده من الأنبياء والرسل الذين اصطفاهم اللّه وأرسلهم إلى عباده يبلغون دينه
: ( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على اللّه حجة بعد الرسل ) النساء/162 .
والأنبياء والرسل كثيرون وقد ذكر اللّه منهم في القرآن خمسة وعشرين فيجب الإيمان بهم جميعاً وهم ، آدم ، إدريس ، نوح ، هود ، صالح ، إبراهيم ، لوط ، إسماعيل
إسحاق ، يعقوب ، يوسف ، شعيب ، أيوب ، ذو الكفل ، موسى ، هارون ، داوود ، سليمان ، إلياس ، اليسع ، يونس ، زكريا ، يحيى ، عيسى ، محمد عليهم الصلاة والسلام أجمعين .
والقرآن الكريم أعظم الكتب السماوية وآخرها وهو ناسخ لما قبله من الكتب ومهيمن عليه فيجب العمل به , وترك ما سواه : ( وأنزلنا إليك الكتب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ) المائدة/48 .
وقد اصطفى الله من بني آدم رسلاً وأنبياء وبعثهم في كل أمة , وأمرهم بالدعوة إلى عبادة الله وحده وبيان الشرائع التي فيها سعادة الدنيا والآخرة والبشرى بالجنة لمن آمن والإنذار بالنار لمن كفر
: ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة ) النحل/36 .
وقد فضل الله بعض الأنبياء والرسل على بعض فأفضلهم أولوا العزم وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد
وأفضل أولي العزم محمد صلى الله عليه وسلم فقد كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة حتى بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة وهو آخر الأنبياء والرسل وأفضلهم
كما قال الله عنه : ( وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) سبأ/28 .
والأنبياء والرسل اصطفاهم الله وجعلهم قدوة لأممهم رباهم وأدبهم وكرمهم بالرسالة وعصمهم من الوقوع في المعاصي وأيدهم بالمعجزات فهم أكمل البشر خَلقاً وخُلقاً وأفضلهم علماً وأصدقهم قولاً وأعطرهم سيرة
قال الله عنهم : ( وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين ) الأنبياء/73 .
ولما كان الأنبياء والرسل بهذه المنزلة العالية من الطاعة وحسن الخلق أمرنا الله بالاقتداء بهم فقال : ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ) الأنعام/90 .
وقد اجتمعت في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم جميع صفات الأنبياء والرسل وأكرمه الله بالأخلاق العظيمة لذا أمر الله بالاقتداء به في كل أحواله :
( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً ) الأحزاب/21 .
الإيمان بجميع الأنبياء والرسل من أركان العقيدة الإسلامية التي لا يتم إيمان المسلم إلا بها لأنهم يدعون إلى عقيدة واحدة هي الإيمان بالله
قال تعالى : ( قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون ) البقرة/136 .
من كتاب أصول الدين الإسلامي للشيخ محمد بن إبراهيم التويجري .
*عبدالرحمن*
2018-09-09, 02:18
هل زاردشت كان نبيا ؟
السؤال :
قرأت عن زاردشت وقصته وقصته كالأنبياء أنه ولد ورموه في النار ولم يحدث له شيء وأنهم وضعوه بين ذئاب ولم يحدث شيء وأنه في يوم من الأيام نزلت ملائكة عليه بينما كان واقفا على النهر يتأمل
هل من الممكن ان يكون زاردشت نبياً ؟
وهل الزاردشتية دين سماوي ولكن تم إدخل لها البدع والتخاريف لأنهم يؤمنون بإله خير وإله للشر وهكذا تحولت من دين سماوي إلي دين باطل .
الجواب :
الحمد لله
نص القرآن الكريم على أنه ما من أمة إلا قد جاءها نذير .
قال الله تعالى :
( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ ) فاطر /24 .
قال ابن كثير رحمه الله تعالى :
" ( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ ) أي: وما من أمة خلت من بني آدم إلا وقد بعث الله إليهم النذر، وأزاح عنهم العلل، كما قال تعالى: ( إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ )
وكما قال تعالى: ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ )، والآيات في هذا كثيرة " انتهى، من "تفسير ابن كثير" (6 / 543) .
ولم يخبرنا الله عز وجل عن جميع الرسل ، بل أخبرنا عن بعضهم فقط.
قال الله تعالى : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ) غافر /78 .
ثانيا :
لكن وجود رسل سابقين لا نعلمهم لا يلزم منه أن نفتح باب احتمال نبوة كل صاحب ديانة اشتملت معتقداته على شيء مما جاء به الإسلام.
فوجود بعض ما يوافق الإسلام في الزرادشتية ، مثلا ، لا يقوي احتمال كون صاحبها نبيا، فاحتمال نبوته ليس أولى من احتمال أنه تعمد تلبيس الحق بالباطل ، وأنه أخذ ما وصله من أنبياء سابقين فنسبه إلى نفسه .
ورد في "تاريخ الطبري" (1 / 540):
" وفي زمان بشتاسب ظهر زرادشت، الذي تزعم المجوس أنه نبيهم، وكان زرادشت- فيما زعم قوم من علماء أهل الكتاب- من أهل فلسطين، خادما لبعض تلامذة إرميا النبي خاصا به، أثيرا عنده، فخانه فكذب عليه
فدعا الله عليه، فبرص فلحق ببلاد أذربيجان، فشرع بها دين المجوسية، ثم خرج منها متوجها نحو بشتاسب، وهو ببلخ، فلما قدم عليه وشرح له دينه أعجبه
فقسر الناس على الدخول فيه، وقتل في ذلك من رعيته مقتلة عظيمة، ودانوا به " انتهى.
ثم إن حقيقة زرادشت غائبة عنا فلا يُعرف عن حاله إلا القليل، وهذا القليل لا يمكن الثقة به لبعد العهد به، وعدم وجود ما يدل على صدقه، حتى إن بعض الباحثين يرى شخصية زرادشت مجرد شخصية أسطورية لا حقيقة لها
فلهذا لا حاجة إلى أن نتكلف الكلام حوله، ويكفينا أن نرى ما ينسب إليه من دين فيحكم عليه.
ودين زرادشتية دين وثني بني على زعم أن هناك إلهين؛ إله للخير وإله للشر .
جاء في "الموسوعة العربية المعاصرة" (17 / 182):
" قام زرادشت الذي عاش خلال الفترة ما بين القرنين الخامس عشر والحادي عشر قبل الميلاد بإدخال تعديلات في عقيدة الفرس المجوسية، التي تعتمد
- كما في كتابهم الزندأفستا - على وجود معبودين
أهورامازدا (إله الخير) وأهريمان (إله الشَّر). وقد حث زرادشت النّاس على التمتع بمباهج الحياة المادية وحضهم على الأخلاق الفاضلة لينصروا أهورامازدا، على أهريمان فينصرهم في صراعه الدائم معه.
نشر أتباع زرادشت، تدريجيًا، هذا المعتقد في كل أنحاء فارس" انتهى .
كما تقدس الزرادشتية النار وتتجه إليها في العبادة.
جاء في "الموسوعة العربية" (11 / 545):
" أمر زرادشت أتباعه بالصلاة أمام النار التي هي رمز للنظام والعدل في معتقدهم. وقد يمثلونها بنار دنيوية أو بالشمس أو بالقمر " انتهى.
فهذه الديانة ديانة شركية لا يعلم لها أصلٌ من كتاب سابق، وهذا ما يشير إليه دين الإسلام؛ لأن المجوسية -
لما جاء الإسلام – كان من أهم مكوناتها الزرادشتية. ولم يشر الوحي إلى أنهم من أهل الكتاب رغم الحاجة إلى معرفة ذلك.
قال ابن المنذر رحمه الله تعالى:
" فالجزية يجب أخذها من المجوس للأخبار التي جاءت في ذلك، ولأني لا أعلم في ذلك اختلافاً، ولا يصح أن المجوس أهل الكتاب، لأني لا أعلم حجة تدل عليه
وإنما أخذت الجزية منهم لأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولفعل الخلفاء بعده"
انتهى، من "الإشراف" (4 / 40).
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" والجزية قد أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم من المجوس ، وهم عباد النار لا فرق بينهم وبين عبدة الأوثان، ولا يصح أنهم من أهل الكتاب، ولا كان لهم كتاب، ولو كانوا أهل كتاب عند الصحابة رضي الله عنهم
لم يتوقف عمر رضي الله عنه في أمرهم، ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم : ( سنوا بهم سنة أهل الكتاب )، بل هذا يدل على أنهم ليسوا أهل كتاب .
وقد ذكر الله سبحانه أهل الكتاب في القرآن في غير موضع، وذكر الأنبياء الذين أنزل عليهم الكتب والشرائع العظام ، ولم يذكر للمجوس - مع أنها أمة عظيمة
من أعظم الأمم شوكة وعددا وبأسا - كتابا ولا نبيا، ولا أشار إلى ذلك، بل القرآن يدل على خلافه كما تقدم "
انتهى. "أحكام أهل الذمة" (1 / 89 - 90) .
وقد استخرج بعض أهل العلم من القرآن ما يشير إلى أنهم ليسوا من أهل الكتاب .
لأن الله تعالى لما ذكر أنه سيفصل بين أتباع الأديان يوم القيامة ، ذكر المجوس بينهم .
قال الله تعالى:
( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) الحج /17.
لكن؛ لما ذكر من سُيجزى على إيمانه وعمله للصالحات ، لم يذكر المجوس من ضمنهم ، وهذا فيه إشارة إلى أنهم لم يكونوا في أي وقت من الأوقات على الحق.
قال الله تعالى:
( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) البقرة /62.
وقال الله تعالى:
( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) المائدة /69.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
"فَذَكَرَ الْمِلَلَ السِّتَّ [يعني : في سورة الحج]
وَذَكَرَ أَنَّهُ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلَمَّا ذَكَرَ الْمِلَلَ الَّتِي فِيهَا سَعِيدٌ فِي الْآخِرَةِ قَالَ: (إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا) فِي مَوْضِعَيْنِ
فَلَمْ يَذْكُرْ الْمَجُوسَ وَلَا الْمُشْرِكِينَ ؛ فَلَوْ كَانَ فِي هَاتَيْنِ الْمِلَّتَيْنِ سَعِيدٌ فِي الْآخِرَةِ ، كَمَا فِي الصَّابِئِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى : لَذَكَرَهُمْ .
فَلَوْ كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ ، لَكَانُوا قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ عَلَى هُدًى؛ وَكَانُوا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إذَا عَمِلُوا بِشَرِيعَتِهِمْ ، كَمَا كَانَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ
فَلَمَّا لَمْ يَذْكُرْ الْمَجُوسَ فِي هَؤُلَاءِ ، عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ كِتَابٌ؛ بَلْ ذَكَرَ الصَّابِئِينَ دُونَهُمْ ، مَعَ أَنَّ الصَّابِئِينَ لَيْسَ لَهُمْ كِتَابٌ ، إلَّا أَنْ يَدْخُلُوا فِي دِينِ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ. وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَجُوسَ أَبْعَدُ عَنْ الْكِتَابِ مِنْهُمْ"
انتهى من "مجموع الفتاوى" (32/188) .
فالحاصل؛
أن زرادشت لم يصل إلى الناس تاريخه على وجه يوثق به ، وإنما وصلت ديانته ، وهي ديانة وثنية ، وما خالطها مما يشبه ما في الإسلام لا يرجح احتمال نبوته؛ لأن هناك احتمالات عدة لدخول هذه المعتقدات في الزرادشتية .
ومما يبعد احتمال نبوته أن الوحي يشير إلى أن المجوس ليسوا من أهل الكتاب ، والزرادشتية كانت المكون الأهم للمجوسية.
وينظر للفائدة جواب السؤال القادم
والله أعلم.
*عبدالرحمن*
2018-09-09, 02:23
إبراهيم الخليل عليه السلام أفضل الأنبياء بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو بريء من كل المشركين
السؤال:
متى بدأت الديانة الهندوسية؟
فقد سمعت أنه بعد اختفاء النبي إدريس، قام الشيطان بصنع تمثال لزوجته وابنائه وأخبرهم أن يعبدوه ، ومنذ ذلك الوقت وعدد المشركين في ازدياد...
فهل هذه القصة صحيحة؟ وهل هناك أي علاقة بين البراهمة والنبي إبراهيم؟
هل صحيح أن النبي إبراهيم عليه السلام يعتبر أفضل الخلق بعد النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
الهندوسية : هي " اسم يطلق على تراث ديني شديد التنوع ، نشأ في الهند على مدى الثلاث آلاف سنة الأخيرة
ويمثل حاليا : عقائد وممارسات ما يزيد على 500 مليون هندوسي ، يعيش أغلبهم في الهند ، ويمثلون 80% من مجموع السكان .
والتنوع هو المدخل لفهم الحياة الدينية للهندوس ؛ لأن الهندوسية ليست واحدة ، وليس لها مؤسس ، ولا عقيدة واحدة ، ولا كتاب ديني واحد يقبله الجميع ، ولا قانون أخلاقي واحد
أو نظام لاهوتي واحد ، ولا مفهوم موحد للإله ترتكز عليه ، وإنما هي مجموعة تقاليد ، تضم قدرا هائلا من الأوضاع الدينية .. " .
انتهى ، من "معجم الأديان" تحرير: جون ر. هينليس ، (306) وما بعدها .
وينظر للاستزادة حول الهندوسية ، وعقائدها :
"موسوعة الأديان الحية" زينر ، الجزء الثاني : الأديان غير السماوية (2/51) وما بعدها ، وأيضا : "أديان الهند الكبرى" ، د. أحمد شلبي .
ثانيا :
وقد استمدت "البرهمية" هذه التسيمة من أمرين :
الأول : نسبة إلى "براهمان" ، إلههم الذي يعبدونه ، وهو القوة العليا ، والحقيقة النهائية لهذا الكون .
الثاني : وضع طبقة الكهنة " البراهمة" ، وهم أعلى طبقة اجتماعية في الهندوسية .
ينظر : "المعتقدات الدينية عند الشعوب" ، جفري بارندر (385-386) .
ولا علاقة بين خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام وبين البراهمة الهندوس ، أو غيرهم من أهل الشرك ، فإن "الهندوسية" ديانة وضعية ، بشرية ، ولهذا فإنها تصنف ضمن دائرة "الأديان غير السماوية" .
ينظر : موسوعة الأديان الحية ، ر.س. زينر، الجزء الثاني .
والحاصل : أن هذه الديانة : لا تؤمن بأن الله هو رب العالمين ، ولا أنه أنزل كتبا إلى الناس ، ولا أرسل إليهم رسلا ، لا إبراهيم عليه السلام ولا غيره ؛ فكيف تنسب إلى خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام .
ثم إن النسبة إلى "لفظ" إبراهيم : "إبراهيمي" ، وليس "برهمي" .
فتبين بطلان هذه النسبة ، من حيث المعنى ، وتاريخ الديانة ، أولا ، ثم من حيث اللفظ والوضع اللغوي ، كذلك .
وقد نبه الشهرستاني رحمه الله من قديم إلى ذلك ، فقال :
" من الناس من يظن أنهم سموا براهمة لانتسابهم إلى إبراهيم عليه السلام، وذلك خطأ، فإن هؤلاء القوم هم
المخصوصون بنفي النبوات أصلا ورأسا، فكيف يقولون بإبراهيم عليه السلام؟.."
انتهى من "الملل والنحل" (2/1270) ط فتح الله بدران .
وقد صان الله نبيه إبراهيم عليه السلام عن أن يَنتسب هؤلاء المشركون إليه ، أو يُنسب إليهم ، ولو كذبا ، كما برأه من ملل الكفر كلها ، واصطفاه خليلا لنفسه ، عليه السلام .
قال تعالى : (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) آل عمران/ 67
وقال عز وجل : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) الممتحنة/ 4
ثالثا :
ما ذكره السائل من أن نبي الله إدريس عليه السلام اختفى ، وأن الشيطان قام بصنع تمثال له ، وأمر زوجته وأولاده أن يعبدوه : كلام لا أصل له ، فيما نعلم .
ولم يذكر لنا القرآن الكريم تفصيل رسالة إدريس عليه السلام ولا سيرته ، وإنما ذكر أنه نبي من أنبياء الله ، وقد لقيه النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به في السماء الرابعة
وقال تعالى : ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ) مريم/ 56، 57
والمعروف أن أول ما وقع الشرك في الأرض كان في قوم نوح عليه السلام
فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في قول الله تعالى عن قوم نوح : ( وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ) نوح / 23
قال :
" هذه أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ، أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ، فَفَعَلُوا، فَلَمْ تُعْبَدْ، حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ العِلْمُ عُبِدَتْ " .
رواه البخاري (4920).
أما ما ذكره السائل : فلا نعلم له أصلا .
رابعا :
إبراهيم عليه السلام هو أفضل الأنبياء والرسل بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" أَفْضَلُ الْأَنْبِيَاءِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ " كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَنَّهُ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ).
وَكَذَلِكَ قَالَ الْعُلَمَاءُ: مِنْهُمْ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْم قَالَ: " لَا أُفَضِّلُ عَلَى نَبِيِّنَا أَحَدًا، وَلَا أُفَضِّلُ عَلَى إبْرَاهِيمَ بَعْدَ نَبِيِّنَا أَحَدًا " انتهى .
مجموع الفتاوى (4/ 317)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-09-09, 02:33
ما المقصود بتثليث النصارى الذي أبطله القرآن ؟
السؤال
جاء في أكثر من موضع في القرآن الكريم ذم النصارى لقولهم أن الله ثالث ثلاثة مثل الآية 171 من سورة النساء والآية 73 من سورة المائدة وعندما أقرأ هذه الآيات افترض أنها تتحدث
عن عقيدة التثليث عند النصارى (الأب، الابن، والروح القدس) ولكن تفسير ابن كثير يذكر أن المقصود بهذه الآيات هو قول النصارى أنّ الله ثلاث ثلاثة هم عيسى عليه السلام ومريم عليها السلام...فهل هذا صحيح؟
وإن كان ذلك صحيحًا، فهل كانت الآيات تشير إلى طائفة معينة من النصارى كون الأمر نفسه عندما يتحدث عن اليهود الذين ذكروا أن عزير هو ابن الله؟
وهل جاء في القران أو السنة ذم عقيدة التثليث التي يؤمن بها معظم النصارى (الأب والابن والروح القدس)؟
أعلم أن النصوص الشرعية تطرقت لاعتقاد النصارى بألوهية عيسى عليه السلام ولكن هل هناك شيء بخصوص ما يعتقدون في حق الروح القدس؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
قال الله تعالى :
( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) المائدة /73.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى :
" والصحيح : أنها أنزلت في النصارى خاصة ، قاله مجاهد وغير واحد .
ثم اختلفوا في ذلك فقيل : المراد بذلك كفارهم في قولهم بالأقانيم الثلاثة ، وهو أقنوم الأب ، وأقنوم الابن ، وأقنوم الكلمة المنبثقة من الأب إلى الابن ، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا ...
وقال السُّدِّي وغيره : نزلت في جعلهم المسيح وأمه إلهين مع الله ، فجعلوا الله ثالث ثلاثة بهذا الاعتبار
قال السدي : وهي كقوله تعالى في آخر السورة: ( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ ) .
وهذا القول هو الأظهر ، والله أعلم "
انتهى . " تفسير ابن كثير " (3 / 158) .
وهذا التفسير الذي اختاره ابن كثير رحمه الله تعالى هو الأظهر للآتي :
1- استأنس فيه ببعض الروايات عن السلف الصالح والتي نهجوا فيها تفسير القرآن بالقرآن وهو من أولى وأحسن طرق تفسير القرآن الكريم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" فإن قال قائل : فما أحسن طرق التفسير ؟ فالجواب : أن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن ؛ فما أجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر وما اختصر من مكان فقد بسط في موضع آخر "
انتهى . " مجموع الفتاوى " (13 / 363) .
وهؤلاء السلف رأوا أن جملة ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ) يفسرها قول الله تعالى :
( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ
مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) المائدة (116 - 1–7) .
2- يشهد لهذا التفسير ما جاء بعد الآية من بيان عدم ألوهية مريم عليها السلام ؛ حيث قال الله تعالى :
( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ ) ثم جاء بعدها ( مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) المائدة (75) .
فبيّنت الآية عدم ألوهية مريم عليها السلام من وجهين :
الأول أن مرتبتها هي الصديقية ، وهي مرتبة من مراتب العبودية لله تعالى .
والوجه الثاني : أنها كانت تأكل الطعام ، وهذه صفة المخلوق المحتاج ، لا صفة الإله الغني المستغني عن مخلوقاته .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" وأما حكايته عنهم أنهم قالوا : ( إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ) فالمفسرون يقولون : الله والمسيح وأمه ، كما قال تعالى : ( يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ )
ولهذا قال في سياق الكلام : ( مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ) أي غاية المسيح : الرسالة ، وغاية أمه : الصديقية ، لا يبلغان إلى اللاهوتية ؛ فهذا حجة هذا . وهو ظاهر "
انتهى من " مجموع الفتاوى " (2 / 444) .
وقال ابن كثير رحمه الله تعالى :
" وقوله: ( كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ) أي : يحتاجان إلى التغذية به ، وإلى خروجه منهما ، فهما عبدان كسائر الناس وليسا بإلهين كما زعمت فرق النصارى الجهلة ، عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة "
انتهى من " تفسير ابن كثير " (3 / 159) .
3- الوحي جاء لكشف الضلال والكفر ، وبيان سبيل الهداية ، ولم يأت لضبط مصطلحات الكفار ، وتثليث الأقانيم الذي يقول به كفرة النصارى ، على اختلافهم في تفسيره
فإنما حقيقته وأساسه : غلوهم في عيسى عليه السلام وأمه ، فهدم هذا الأساس ، هو هدم لفكرة الأقانيم من أساسها ، وهدم لكفرهم المشترك على اختلاف طوائفهم
فلهذا كان القول بأن الآية نزلت في جعلهم المسيح وأمه إلهين مع الله تعالى ، لا يناقض واقع النصارى ، بل هو بيان لحقيقة كفرهم الذي تشترك فيه جميع طوائفهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في معرض كلامه عن الآيات التي ترد على كفر النصارى :
" فقوله تعالى: {ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة} [المائدة: 75] عقب قوله: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة} [المائدة: 73] :
يدل على أن التثليث الذي ذكره الله عنهم : اتخاذ المسيح ابن مريم وأمه إلهين .
وهذا واضح على قول من حكى من النصارى أنهم يقولون بالحلول في مريم ، والاتحاد بالمسيح، وهو أقرب إلى تحقيق مذهبهم.
وعلى هذا فتكون كل آية مما ذكره الله من الأقوال تعم جميع طوائفهم ، وتعم أيضا قولهم بتثليث الأقانيم ، وبالاتحاد والحلول ، فتعم أصنافهم وأصناف كفرهم ، ليس يختص كل آية بصنف
كما قال من يزعم ذلك ، ولا تختص آية بتثليث الأقانيم ، وآية بالحلول والاتحاد ، بل هو سبحانه ذكر في كل آية كفرهم المشترك ، ولكن وصف كفرهم بثلاث صفات وكل صفة تستلزم الأخرى : أنهم يقولون المسيح هو الله
ويقولون هو ابن الله ، ويقولون إن الله ثالث ثلاثة ، حيث اتخذوا المسيح وأمه إلهين من دون الله ، هذا بالاتحاد ، وهذا بالحلول ، وتبين بذلك إثبات ثلاثة آلهة منفصلة غير الأقانيم . وهذا يتضمن جميع كفر النصارى "
انتهى من " الفتاوى الكبرى " (6 / 589 – 590) .
*عبدالرحمن*
2018-09-09, 02:34
ثانيا :
قول الله تعالى :
( إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ) النساء (171) .
فقوله تعالى : ( وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ) لفظة " ثَلَاثَةٌ " هي خبر لمبتدأ محذوف يصلح أن يقدر بأي لفظ يدل على تثليث النصارى ، ولهذا تنوعت أقوال أهل العلم في تقدير هذا المبتدأ .
قال القرطبي رحمه الله تعالى :
" أي : ( وَلَا تَقُولُوا ) آلهتنا " ثَلَاثَةٌ " عن الزجاج .
قال ابن عباس : يريد بالتثليث : الله تعالى وصاحبته وابنه .
وقال الفراء وأبو عبيد : أي لا تقولوا هم ثلاثة ...
قال أبو علي : التقدير :
ولا تقولوا هو ثالث ثلاثة ؛ فحذف المبتدأ والمضاف . والنصارى مع فرقهم مجمعون على التثليث "
انتهى . " تفسير القرطبي " (7/233) .
فلهذا يصلح أن تعمّ هذه الآية كل تثليث للنصارى .
قال الطاهر بن عاشور رحمه الله تعالى :
" والمخاطب بقوله : ( وَلَا تَقُولُوا ) خصوص النصارى .
و " ثَلَاثَةٌ " خبر مبتدأ محذوف ، كان حذفه ليصلح لكل ما يصلح تقديره من مذاهبهم من التثليث ، فإن النصارى اضطربوا في حقيقة تثليث الإله كما سيأتي
فيقدر المبتدأ المحذوف على حسب ما يقتضيه المردود من أقوالهم في كيفية التثليث ، مما يصحّ الإخبار عنه بلفظ " ثَلَاثَةٌ " من الأسماء الدالة على الإله، وهي عدة أسماء ...
والتثليث أصل في عقيدة النصارى كلهم ، ولكنهم مختلفون في كيفيته "
انتهى من " التحرير والتنوير " (6 / 54) .
وإذا فسرت على ما نسبه القرطبي لابن عباس رضي الله عنه ، بأن المقصود بها تثليث الله تعالى وصاحبته وابنه ؛ فهذا التفسير له ما يؤيده من آيات القران التي سبق ذكرها في النقطة الأولى .
وعلى هذا القول تكون الآية تنهى عن غلو النصارى في عيسى عليه السلام وأمه ، وهذا أصل تثليثهم المشتهر بينهم ، ففي إبطال غلوهم ابطال لتثليثهم هذا .
ثالثا :
كفرة النصارى وإن كان المشهور عنهم عدم عدّ مريم عليها السلام ضمن الأقانيم الثلاثة التي يؤمنون بها ؛ إلا أن هذا لا ينفي حقيقة تأليههم لها .
واتخاذهم لمريم إلها ، إما على وجه التصريح منهم بألوهيتها ، وهذا نسب إلى بعض فرق النصارى القديمة ، وإما لسلوك النصارى المنتشر بينهم إلى يومنا هذا ، من صرفهم لبعض العبادات إلى مريم
كدعائها والاستغاثة بها ، والسجود لصورتها ، ومن عبد شيئا فقد اتخذه إلها، وإن لم يصرّح بذلك .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" وذكر مريم مع المسيح ؛ لأن من النصارى من اتخذها إلها آخر ، فعبدها كما عبد المسيح .
والذين لا يقولون بهذا : كثير منهم يطلب منها كل ما يطلب من الله ، حتى يقول لها: اغفري لي وارحميني ، وغير ذلك ، بناء على أنها تشفع في ذلك إلى ابنها .
فتارة يقولون : يا والدة الإله ، اشفعي لنا إلى الإله ، وتارة يسألونها الحوائج التي تطلب من الله ولا يذكرون شفاعة ، وآخرون يعبدونها كما يعبدون المسيح .
وقد ذكر سعيد بن البطريق هذا عنهم ، لما ذكر اجتماعهم عند " قسطنطين " بـ " نيقية " .
قال : وكانوا مختلفي الآراء ، مختلفي الأديان .
فمنهم من يقول : المسيح وأمه إلهان من دون الله ، وهم المريمانيون ، ويسمون المريمانية "
انتهى من " الجواب الصحيح " (4 / 255 – 256) .
وقد سبق بسط وشرح هذه المسألة في فتوى سابقة في الموقع برقم (220391) فراجعها للأهمية .
*عبدالرحمن*
2018-09-09, 02:36
رابعا :
لفظة " روح القدس " جاءت في نصوص الوحي والمراد بها جبريل عليه السلام .
كما في قوله تعالى :
( قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) النحل (102).
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى :
" وروح القدس : جبريل ، ومعناه الروح المقدس ، أي : الطاهر من كل ما لا يليق .
وأوضح هذا المعنى في آيات كثيرة ، كقوله: ( قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ ) "
انتهى من " اضواء البيان " (3 / 442) .
قال الطبري رحمه الله تعالى :
" وإنما سمى الله تعالى جبريل " روحا " وأضافه إلى " القدس " ؛ لأنه كان بتكوين الله له روحا من عنده من غير ولادة والد ولده ، فسماه من أجل ذلك " روحا " ، وأضافه إلى " القدس "
والقدس : هو الطهر ، كما سمي عيسى ابن مريم " روح لله " ، من أجل تكوينه له روحا من عنده من غير ولادة والد ولده . وقد بينا فيما مضى من كتابنا هذا أن معنى التقديس: التطهير، والقدس: الطهر من ذلك "
انتهى من " تفسير الطبري " (2 / 224) .
وقد جاء في كتب النصارى في قصة حمل مريم بعيسى عليه السلام ، أنه كان من طريق روح القدس ، وهذا يوافق ما جاء به ديننا بأن الله أرسل إليها ملكا وهو جبريل فنفخ فيها فحملت بعيسى عليه السلام .
قال الله تعالى :
( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا ، فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا ، قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا ، قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا ) مريم (16 – 19) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" فهم يذكرون في الأمانة أن المسيح تجسد من مريم ، ومن روح القدس ، وهذا يوافق ما أخبر الله به ، من أنه أرسل روحه الذي هو جبريل ، وهو روح القدس ، فنفخ في مريم ، فحملت بالمسيح
فكان المسيح متجسدا مخلوقا من أمه ، ومن ذلك الروح ، وهذا الروح ليس صفة لله ، لا حياته ولا غيرها ، بل روح القدس قد جاء ذكرها كثيرا في كلام الأنبياء
ويراد بها إما الملك ، وإما ما يجعله الله في قلوب أنبيائه وأوليائه من الهدى والتأييد ونحو ذلك "
انتهى من " الجواب الصحيح " (2 / 186) .
لكن النصارى في مسيرة تحريفهم لدينهم رأوا أنه لا يمكنهم تثبيت بنوة عيسى لله ، تعالى عن ذلك، إلا بتفسير روح القدس الذي أرسله الله إلى مريم عليها السلام ، بأنه ما هو إلا صفة الله القائمة به وهي الحياة الخالقة .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
" فكان لهم مجمع ثالث بعد ثمان وخمسين سنة من المجمع الأول بنيقية ، فاجتمع الوزراء والقواد إلى الملك ، وقالوا : إن مقالة الناس قد فسدت ، وغلبت عليهم مقالة آريوس ومقدونيوس
فاكتب إلى جميع الأساقفة والبتاركة أن يجتمعوا ويوضحوا دين النصرانية . فكتب الملك إلى سائر بلاده ، فاجتمع في قسطنطينية مائة وخمسون أسقفا
فنظروا وبحثوا في مقالة أريوس ، فوجدوها : أن روح القدس مخلوق ، ومصنوع وليس بإله .
فقال بترك الإسكندرية : ليس روح القدس عندنا غير روح الله ، وليس روح الله غير حياته ، وإذا قلنا: روح الله مخلوق ، فقد قلنا إن حياته مخلوقة ، وإذا قلنا : حياته مخلوقة ، فقد جعلناه غير حي ، وذلك كفر به .
فلعنوا جميعهم من يقول بهذه المقالة ... وبينوا أن روح القدس خالق غير مخلوق ، إله حق من أله حق من طبيعة الأب والابن ، جوهر واحد وطبيعة واحدة ... "
انتهى من " هداية الحيارى " (ص 410) .
وستروا تحريفهم وضلالهم هذا بتحريف بعض الألفاظ التي يروونها في كتبهم عن عيسى عليه السلام .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" وهكذا عند أهل الكتاب أنه تجسد من مريم ومن روح القدس ، لكن ضلالهم حيث يظنون أن روح القدس حياة الله ، وأنه إله يخلق ويرزق ويعبد
. وليس في شيء من الكتب الإلهية ولا في كلام الأنبياء أن الله سمى صفته القائمة به روح القدس
ولا سمى كلامه ولا شيئا من صفاته ابنا، وهذا أحد ما يثبت به ضلال النصارى ، وأنهم حرفوا كلام الأنبياء وتأولوه على غير ما أرادت الأنبياء .
فإن أصل تثليثهم مبني على ما في أحد الأناجيل من أن المسيح عليه السلام قال لهم : " عمدوا الناس باسم الآب والابن وروح القدس " .
فيقال لهم : هذا إذا كان قد قاله المسيح ، فليس في لغة المسيح ولا لغة أحد من الأنبياء ، أنهم يسمون صفة الله القائمة به ، ولا كلمته ، ولا حياته : لا ابنا ، ولا روح قدس ، ولا يسمون كلمته ابنا ، ولا يسمونه نفسه ابنا ولا روح قدس ...
وإذا كان كذلك ، كان في هذا ما يبين أنه ليس المراد بالابن كلمة الله القديمة الأزلية ، التي يقولون إنها تولدت من الله عندهم ، مع كونها أزلية ، ولا بروح القدس حياة الله ، بل المراد بالابن ناسوت المسيح
وبروح القدس ما أنزل عليه من الوحي ، والملك الذي نزل به ، فيكون قد أمرهم بالإيمان بالله وبرسوله ، وبما أنزله على رسوله ، والملك الذي نزل به ، وبهذا أمرت الأنبياء كلهم "
انتهى من " الجواب الصحيح " (2 / 152 – 153) .
فيظهر مما سبق بسطه أن قول النصارى بالأقنوم الثالث : روح القدس ، ليست مسألة مستقلة بذاتها ، وإنما هي مسألة تابعة لقولهم ببنوة عيسى لله تعالى عن ذلك ، فسقوط عقيدة البنوة ، يبطل أصل مقالتهم بالأقنوم الثالث .
ولهذا كانت نصوص الوحي التي تنص على أن الله واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد ، وكل النصوص التي تبطل القول بالتثليث
وبألوهية عيسى عليه السلام ؛ كل هذه النصوص هي كافية للرد على القول بأقنوم روح القدس الذي يقول به كفرة النصارى ؛ ولعله لهذا لم يخص الوحي هذا الأقنوم برد مستقل .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-09-11, 18:04
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اليهود في جزيرة العرب زمنَ النبي صلى الله عليه وسلم .
السؤال:
-أريد أن أعرف الأماكن التي كان يوجد فيها اليهود في أرض الحجاز في حياة النبي صلى الله عليه وسلم غير المدينة المنورة ؟ وكم كان عددهم ؟ وهل كانوا بالعشرات أم بالمئات ؟
2-أريد أيضا أن أعرف كم كان عدد اليهود في المدينة المنورة ؟ هل كانوا بالعشرات أم بالمئات أم بالآلاف ؟
3- هل كانت المدينة المنورة هي المكان الذي يوجد فيه أكبر عدد لليهود ؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
كان يهود المدينة ثلاث طوائف : بني قينقاع ، وبني النضير ، وبني قريظة .
قال ابن القيم رحمه الله :
" صَالَحَ النبي صلى الله عليه وسلم يَهُودَ الْمَدِينَةِ ، وَكَتَبَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ كِتَابَ أَمْنٍ ، وَكَانُوا ثَلَاثَ طَوَائِفَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ : بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَبَنِي النَّضِيرِ، وَبَنِي قُرَيْظَةَ
فَحَارَبَتْهُ بَنُو قَيْنُقَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ بَعْدَ بَدْرٍ، ثُمَّ نَقَضَ الْعَهْدَ بَنُو النَّضِيرِ ، وَأَمَّا قُرَيْظَةُ ، فَكَانَتْ أَشَدَّ الْيَهُودِ عَدَاوَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَغْلَظَهُمْ كُفْرًا ، وَلِذَلِكَ جَرَى عَلَيْهِمْ مَا لَمْ يَجْرِ عَلَى إِخْوَانِهِمْ " .
انتهى باختصار من " زاد المعاد " (3/ 114-117) .
وكان عددهم بالنساء والذرية عدة آلاف
قال ابن القيم :
" غَزَا رسول الله صلى الله عليه وسلم بَنِي قَيْنُقَاعَ ، وَكَانُوا مِنْ يَهُودِ الْمَدِينَةِ ... وَكَانُوا سَبْعَمِائَةِ مُقَاتِلٍ ، وَكَانُوا صَاغَةً وَتُجَّارًا "
انتهى من " زاد المعاد "(3/ 170) .
أما بنو قريظة : فقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" اخْتَلَفَ فِي عدتهمْ: فَعِنْدَ ابن إِسْحَاقَ أَنَّهُمْ كَانُوا سِتَّمِائَةٍ ، وَعِنْدَ ابن عَائِذٍ مِنْ مُرْسَلِ قَتَادَةَ كَانُوا سَبْعَمِائَةٍ .
وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ الْمُكْثِرُ يَقُولُ إِنَّهُمْ مَا بَيْنَ الثَّمَانِمِائَةٍ إِلَى التِّسْعِمِائَةٍ ، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيّ وابن حِبَّانَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّهُمْ كَانُوا أَرْبَعَمِائَةِ مُقَاتِلٍ .
فَيحْتَمَلُ ـ فِي طَرِيقِ الْجَمْعِ ـ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ البَاقِينَ كَانُوا أتباعا .
وَقد حكى ابن إِسْحَاقَ أَنَّهُ قِيلَ : إِنَّهُمْ كَانُوا تِسْعَمِائَةٍ "
انتهى من " فتح الباري " (7/ 414) .
أما بنو النضير : فكانوا بالمئات أيضا
قال ابن سعد رحمه الله :
" حملوا النساء والصبيان وتحملوا عَلَى ستمائة بعير "
انتهى من " الطبقات الكبرى " (2/ 44) .
ثانيا :
كان هناك من اليهود من يسكن جزيرة العرب في غير المدينة :
فكانت منهم طائفة بـ " فدك " وهو حصن قريب من خيبر على ست ليال من المدينة ، و" تيماء " وهي قرية على ثمان مراحل من المدينة ، و" وادي القرى " وهو واد بين الشام والمدينة
و " دُومة الجندل " وبينها وبين المدينة خمس عشرة ليلة ، و" خيبر" وهي مدينة عظيمة ذات حصون ومزارع ، على ثمانية بُرُد من المدينة إلى جهة الشام.
انظر : " دلائل النبوة " - للبيهقي (4/ 270)
" زاد المعاد " (3/ 314) ، " تاريخ الخميس "
(2/59) ، " الرحيق المختوم " (ص 345-347) .
وكان عددهم بالآلاف في تلك المناطق ، وخاصة في خيبر ، فإن عددهم فيها كان كبيرا ، قيل : كانوا عشرة آلاف مقاتل .
انظر : "المغازي" للواقدى (1/373)
"إمتاع الأسماع" للمقريزي (1/306) .
ثالثا :
كان كثير من اليهود أول الأمر بجزيرة العرب يسكنون المدينة ، وسبب ذلك أنهم كانوا يعرفون من كتبهم بقرب مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، وكانوا يعرفون أن المدينة هي مهاجره
وكانوا يطمعون أن يكون منهم ، وليس من العرب ، فارتحلوا من الشام وغيرها إلى المدينة .
قال ابن إسحاق رحمه الله :
وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمر بْنِ قَتَادَةَ عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي قريظة قال:
قَالَ لِي: " هَلْ تَدْرِي عمَّ كَانَ إسْلَامُ ثعلبة بن سَعْية وأسِيد بن سَعْية وأسد بْنِ عُبَيْدٍ نَفَرٍ مِنْ بَنِي هَدْل ، إخْوَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ، كَانُوا مَعَهُمْ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ ثُمَّ كانوا ساداتهم في الإسلام ؟
قال: قلت: لا .
قَالَ: فَإِنَّ رَجُلًا مِنْ يَهُودَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الهيَبان، قَدِم عَلَيْنَا قُبَيْل الْإِسْلَامِ بِسِنِينَ، فَحَلَّ بينَ أَظْهُرِنَا ، لَا وَاَللَّهِ مَا رَأَيْنَا رَجُلًا قَطْ لَا يُصَلِّي الْخَمْسَ أفضلَ مِنْهُ ، فَأَقَامَ عِنْدَنَا ، فَكُنَّا إذَا قحَط عنا المطر قلنا له: اخرج يابن الهيِّبان
فَاسْتَسْقِ لَنَا، فَيَقُولُ: لَا وَاَللَّهِ ، حَتَّى تُقدِّموا بَيْنَ يدَيْ مخرجِكم صَدَقَةً، فَنَقُولُ لَهُ : كَمْ؟ فَيَقُولُ: صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ مُدَّيْن مِنْ شَعِيرٍ. قَالَ: فَنُخْرِجُهَا
ثُمَّ يَخْرُجُ بِنَا إلَى ظَاهِرِ حَرَّتنا، فَيَسْتَسْقِي اللَّهُ لَنَا، فَوَاَللَّهِ ما يبرح مجلسه ، حتى تمرَّ السحابةُ ونُسْقَى، قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ غيرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ وَلَا ثَلَاثٍ.
قَالَ: ثُمَّ حَضَرَتْهُ الوفاةُ عندَنا، فلما عَرَف أنه ميِّت ، قال: أيا مَعْشَرَ يَهُودَ، مَا ترونَه أَخْرَجَنِي مِنْ أرضِ الْخَمْرِ وَالْخَمِيرِ إلَى أَرْضِ الْبُؤْسِ وَالْجُوعِ ؟
قَالَ: قُلْنَا: إنَّكَ أَعْلَمُ .
قَالَ: فَإِنِّي إنَّمَا قَدِمْتُ هَذِهِ الْبَلْدَةَ أتوكَّف خُرُوجَ نَبِيٍّ قَدْ أظلَّ زَمَانُهُ ، وَهَذِهِ الْبَلْدَةُ مُهاجَرُه ، فكنتُ أَرْجُو أَنْ يُبْعث، فَأَتَّبِعَهُ، وَقَدْ أَظَلَّكُمْ زَمَانُهُ ، فَلَا تُسْبَقُنَّ إلَيْهِ يَا مَعْشَرَ يَهُود َ
فَإِنَّهُ يُبعث بِسَفْكِ الدِّمَاءِ، وَسَبْيِ الذَّرَارِيِّ وَالنِّسَاءِ مِمَّنْ خَالَفَهُ، فَلَا يَمْنَعْكُمْ ذَلِكَ مِنْهُ .
فَلَمَّا بُعث رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَاصَرَ بَنِي قُرَيْظة، قَالَ هَؤُلَاءِ الْفِتْيَةُ، وَكَانُوا شَبَابًا أَحْدَاثًا: يَا بَنِي قُرَيْظَةَ، وَاَللَّهِ إنَّهُ لِلنَّبِيِّ الَّذِي كَانَ عَهِدَ إلَيْكُمْ فِيهِ ابْنُ الهيِّبان ؟
قَالُوا: لَيْسَ بِهِ، قَالُوا: بَلَى وَاَللَّهِ ، إنَّهُ لَهُوَ بِصِفَّتِهِ، فَنَزَلُوا وَأَسْلَمُوا، وَأَحْرَزُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ "
انتهى من " سيرة ابن هشام " (1/ 196) .
وانظر: " الطبقات الكبرى " (1/127)
" دلائل النبوة " للبيهقي (2/80)
" سير أعلام النبلاء " (1/197)
" البداية والنهاية " (3/404) .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-09-11, 18:12
تعريف موجز بديانة الهندوس
السؤال:
هل يمكن تزويدي ببعض الحقائق عن الهندوسية ؟
الجواب:
الحمد لله
أولا : التعريف .
الهندوسية : ويطلق عليها أيضاً البرهمية ، ديانة وثنية ، يعتنقها معظم أهل الهند ، وهي مجموعة من العقائد والعادات والتقاليد التي تشكلت عبر مسيرة طويلة من القرن الخامس عشر قبل الميلاد إلى وقتنا الحاضر
حيث كان هناك – في القرن الخامس عشر قبل الميلاد - سكان الهند الأصليون من الزنوج الذين كانت لهم أفكار ومعتقدات بدائية
ثم جاء الغزاة الآريون مارّين في طريقهم بالإيرانيين فتأثرت معتقداتهم بالبلاد التي مروا بها
ولما استقروا في الهند حصل تمازج بين المعتقدات تولدت عنه الهندوسية كدين فيه أفكار بدائية من عبادة الطبيعة والأجداد والبقر بشكل خاص
وفي القرن الثامن قبل الميلاد تطورت الهندوسية عندما وُضع مذهب البرهمية ، وقالوا بعبادة براهما .
ولا يوجد للديانة الهندوسية مؤسس معين ، ولا يعرف لمعظم كتبها مؤلفون معينون ، فقد تمّ تشكُّل الديانة وكذلك الكتب عبر مراحل طويلة من الزمن .
ثانيا : الأفكار والمعتقدات .
نستطيع فهم الهندوسية من خلال كتبها ، ونظرتها إلى الإله ، ومعتقداتها ، وطبقاتها ، إلى جانب بعض القضايا الفكرية والعقائدية الأخرى .
أ- كتبها :
للهندوسية عدد هائل من الكتب عسيرة الفهم ، غريبة اللغة ، وقد أُلّفت كتب كثيرة لشرحها ، وأخرى لاختصار تلك الشروح ، وكلها مقدسة عندهم ، وأهمها :
1- " الفيدا " (veda) : وهي كلمة سنسكريتية ، معناها الحكمة والمعرفة ، وتصور حياة الآريين، ومدارج الارتقاء للحياة العقلية من السذاجة إلى الشعور الفلسفي
وفيه أدعية تنتهي بالشك والارتياب ، كما أن فيه تأليهاً يرتقي إلى وحدة الوجود ، وهي تتألف من أربعة كتب .
2- مها بهارتا : ملحمة هندية تشبه الإلياذة والأوديسة عند اليونان ، ومؤلفها " وياس " ابن العارف " بوسرا " الذي وضعها سنة 950 ق.م ، وهي تصف حرباً بين أمراء من الأسر المالكة، وقد اشتركت الآلهة في هذه الحرب.
ب- نظرة الهندوسية إلى الآلهة :
- التوحيد : لا يوجد توحيد بالمعنى الدقيق ، لكنهم إذا أقبلوا على إله من الآلهة أقبلوا عليه بكل جوارحهم حتى تختفي عن أعينهم كل الآلهة الأخرى ، وعندها يخاطبونه برب الأرباب ، أو إله الآلهة .
- التعدد : يقولون بأن لكل طبيعة نافعة أو ضارة إلهاً يُعبد : كالماء والهواء والأنهار والجبال.. وهي آلهة كثيرة يتقربون إليها بالعبادة والقرابين.
- التثليث : في القرن التاسع قبل الميلاد جمع الكهنة الآلهة في إله واحد أخرج العالم من ذاته وهو الذي أسموه : 1- براهما : من حيث هو موجود . 2- فشنو : من حيث هو حافظ . 3- سيفا : من حيث هو مهلك
. فمن يعبد أحد الآلهة الثلاثة فقد عبدها جميعاً أو عبد الواحد الأعلى ولا يوجد أي فارق بينها ، وهم بذلك قد فتحوا الباب أمام النصارى للقول بالتثليث .
- يلتقي الهندوس على تقديس البقرة وأنواع من الزواحف كالأفاعي وأنواع من الحيوان كالقردة ، ولكن تتمتع البقرة من بينها جميعاً بقداسة تعلو على أي قداسة
ولها تماثيل في المعابد والمنازل والميادين ، ولها حق الانتقال إلى أي مكان ، ولا يجوز للهندوكي أن يمسها بأذى أو بذبحها ، وإذا ماتت دفنت بطقوس دينية .
- - يعتقد الهندوس بأن آلهتهم قد حلت كذلك في إنسان اسمه كرشنا ، وقد التقى فيه الإله بالإنسان ، أو حل اللاهوت في الناسوت ، وهم يتحدثون عن كرشنا كما يتحدث النصارى عن المسيح
وقد عقد الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله مقارنة بينهما مظهراً التشابه العجيب ، بل التطابق ، وعلق في آخر المقارنة قائلاً : " وعلى المسيحيين أن يبحثوا عن أصل دينهم " .
ج- الطبقات في المجتمع الهندوسي:
- منذ أن وصل الآريون إلى الهند شكَّلوا طبقات ما تزال قائمة إلى الآن ، ولا طريق لإزالتها ؛ لأنها تقسيمات أبدية من خلق الله كما يعتقدون .
- وردت الطبقات في قوانين منو على النحو التالي :
- 1- البراهمة : وهم الذين خلقهم الإله براهما من فمه : منهم المعلم ، والكاهن ، والقاضي ، ولهم يلجأ الجميع في حالات الزواج والوفاة ، ولا يجوز تقديم القرابين إلا في حضرتهم.
2- الكاشتر : وهم الذين خلقهم الإله من ذراعيه : يتعلمون ويقدمون القرابين ويحملون السلاح للدفاع
. 3- الويش : وهم الذين خلقهم الإله من فخذه : يزرعون ويتاجرون ويجمعون المال وينفقون على المعاهد الدينية
4- الشودر : وهم الذين خلقهم الإله من رجليه ، وهم مع الزنوج الأصليين يشكلون طبقة " المنبوذين " ، وعملهم مقصور على خدمة الطوائف الثلاث السابقة الشريفة ، ويمتهنون المهن الحقيرة والقذرة .
- يلتقي الجميع على الخضوع لهذا النظام الطبقي بدافع ديني .
- يجوز للرجل أن يتزوج من طبقة أعلى من طبقته ، ويجوز أن يتزوج من طبقة أدنى ، على أن لا تكون الزوجة من طبقة الشودر الرابعة ، ولا يجوز للرجل من طبقة الشودر أن يتزوج من طبقة أعلى من طبقته بحال من الأحوال .
- البراهمة هم صفوة الخلق ، وقد ألحقوا بالآلهة ، ولهم أن يأخذوا من أموال عبيدهم " شودر " ما يشاؤون .
- البرهمي الذي يكتب الكتاب المقدس هو رجل مغفور له ولو أباد العوالم الثلاثة بذنوبه .
- لا يجوز للملك - مهما اشتدت الظروف - أن يأخذ جباية أو إتاوة من البرهمي .
- إن استحق البرهمي القتل لم يجز للحاكم إلا أن يحلق رأسه ، أما غيره فيقتل .
- البرهمي الذي هو في العاشرة من عمره يفوق الشودري الذي ناهز المائة ، كما يفوق الوالد ولده .
- لا يصحُّ لبرهمي أن يموت جوعاً في بلاده .
- المنبوذون أحط من البهائم وأذل من الكلاب بحسب قانون منو .
- من سعادة المنبوذين أن يخدموا البراهمة وليس لهم أجر أو ثواب .
- إذا مدّ أحد المنبوذين إلى برهمي يداً أو عصاً ليبطش به قطعت يده ، وإذا رفسه فُدِعت رجله .
- إذا هَمَّ أحد من المنبوذين بمجالسة برهمي فعلى الملك أن يكوي استه وينفيه من البلاد .
- إذا ادّعى أحد المنبوذين أنه يعلِّم برهمياً فإنه يسقى زيتاً مغليًّا .
- كفارة قتل الكلب والقطة والضفدعة والوزغ والغراب والبومة ورجل من الطبقة المنبوذة سواء .
- ظهر مؤخراً بعض التحسن البسيط في أحوال المنبوذين خوفاً من استغلال أوضاعهم ودخولهم في أديان أخرى لا سيما النصرانية التي تغزوهم أو الشيوعية التي تدعوهم من خلال فكرة صراع الطبقات
ولكن كثيراً من المنبوذين وجدوا العزة والمساواة في الإسلام فاعتنقوه.
د- معتقداتهم:
تظهر معتقداتهم في " الكارما " ، وتناسخ الأرواح ، والانطلاق ، ووحدة الوجود :
1- " الكارما " : قانون الجزاء ، أي أن نظام الكون إلهي قائم على العدل المحض ، هذا العدل الذي سيقع لا محالة ، إما في الحياة الحاضرة
أو في الحياة القادمة ، وجزاء حياةٍ يكون في حياة أخرى ، والأرض هي دار الابتلاء ، كما أنها دار الجزاء والثواب .
2- تناسخ الأرواح : إذا مات الإنسان يفنى منه الجسد ، وتنطلق منه الروح لتتقمص وتحل في جسد آخر بحسب ما قدم من عمل في حياته الأولى ، وتبدأ الروح في ذلك دورة جديدة .
3- الانطلاق : صالح الأعمال وفاسدها ينتج عنه حياة جديدة متكررة لتثاب فيها الروح أو لتعاقب على حسب ما قدمت في الدورة السابقة .
- من لم يرغب في شيء ولن يرغب في شيء وتحرر من رق الأهواء ، واطمأنت نفسه ، فإنه لا يعاد إلى حواسه ، بل تنطلق روحه لتتحد بالبراهما .
4- وحدة الوجود : التجريد الفلسفي وصل بالهنادكة إلى أن الإنسان يستطيع خلق الأفكار والأنظمة والمؤسسات ، كما يستطيع المحافظة عليها أو تدميرها
وبهذا يتحد الإنسان مع الآلهة ، وتصير النفس هي عين القوة الخالقة .
أ - الروح كالآلهة أزلية سرمدية ، مستمرة ، غير مخلوقة .
ب - العلاقة بين الإنسان والآلهة كالعلاقة بين شرارة النار والنار ذاتها ، وكالعلاقة بين البذرة وبين الشجرة .
ت - هذا الكون كله ليس إلا ظهوراً للوجود الحقيقي ، والروح الإنسانية جزء من الروح العليا .
ه- أفكار ومعتقدات أخرى :
- الأجساد تحرق بعد الموت لأن ذلك يسمح بأن تتجه الروح إلى أعلى ، وبشكل عمودي ، لتصل إلى الملكوت الأعلى في أقرب زمن ، كما أن الاحتراق هو تخليص للروح من غلاف الجسم تخليصاً تاماً .
- عندما تتخلص الروح وتصعد يكون أمامها ثلاثة عوالم :
1- إما العالم الأعلى : عالم الملائكة . 2- وإما عالم الناس : مقر الآدميين بالحلول . 3- وإما عالم جهنم : وهذا لمرتكبي الخطايا والذنوب .
- ليس هناك جهنم واحدة ، بل لكل أصحاب ذنب جهنم خاصة بهم .
- البعث في العالم الآخر إنما هو للأرواح لا للأجساد .
- المرأة التي يموت عنها زوجها لا تتزوج بعده ، بل تعيش في شقاء دائم ، وتكون موضعاً للإهانات والتجريح ، وتكون في مرتبة أقل من مرتبة الخادم
ولذلك قد تحرق المرأة نفسها إثر وفاة زوجها تفادياً للعذاب المتوقع الذي ستعيش فيه ، وقد حرم القانون هذا الإجراء في الهند الحديثة.
ثالثا : الانتشار ومواقع النفوذ .
كانت الديانة الهندوسية تحكم شبه القارة الهندية وتنتشر فيها على اختلاف في التركيز ، ولكن البون الشاسع بين المسلمين والهندوس في نظرتيهما إلى الكون والحياة
وإلى البقرة التي يعبدها الهندوس ويذبحها المسلمون ويأكلون لحمها ؛ كان ذلك سبباً في حدوث التقسيم ، حيث أُعلن عن قيام دولة الباكستان بجزأيها الشرقي والغربي والتي معظمها من المسلمين
وبقاء دولة هندية معظم سكانها هندوس والمسلمون فيها أقلية كبيرة .
هذا التعريف مأخوذ من " الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة " (2/724-731) مع شيء من الاختصار والتصرف اليسير.
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-09-11, 18:19
هندوسي يتساءل : أيهما أفضل الهندوسية أم الإسلام ، ولماذا ؟
السؤال:
أنا من موريشيوس ، بلدة من بلاد المحيط الهندي ، من فضلك أخبرني ما هو أفضل الأديان ، ولماذا ، الهندوسية أم الإسلام . أنا هندوسي ؟
الجواب :
الحمد لله
أفضل الأديان هو الدين الذي يملك الإثبات على أنه الدين الذي يرتضيه الخالق جل وعلا ، وأنزله نورا للبشرية يسعدهم في حياتهم الدنيا ، وينجيهم في حياتهم الأخرى
والإثبات أو الدليل لا بد أن يكون ناصعا ظاهرا لا يرتاب فيه الناس ، وليس لهم طاقة بمثله ، فالله عز وجل يعلم ما يورده الدجالون من أدلة ساقطة واهية على كذبهم
لهذا اختار سبحانه أن يؤيد رسله وأنبياءه بالمعجزات المحيطة الشاملة ، وبالعلامات الظاهرة ، التي تؤكد للناس صدق هذا الرجل الموحَى إليه من ربه ، فيؤمنون به ويتبعونه .
وهكذا جاء رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم بالمعجزات الباهرات ، وهي كثيرة جدا ألفت فيها المؤلفات الضخام ، ولكن أجلّها وأعظمها هذا القرآن العظيم
الذي تحدَّى العربَ أن يأتوا بمثله في جميع جوانب كماله ، إذ فيه الإعجاز البلاغي فلم يتمكن فصحاء قريش – وقد بلغوا قمة الفصاحة بشهادة جميع المؤرخين – أن تنطق ألسنتهم بمثاله
وفيه الإعجاز العلمي ، حيث يشتمل القرآن الكريم – وكذلك السنة النبوية – على سوابق علمية لا يمكن لبشر أن يأتي بمثلها في ذلك الزمان إلا أن يكون يوحى إليه
وفيه الإعجاز الغيبي حيث حدَّث بتاريخ الأولين والآخرين ، ولم يكن لمحمد عليه الصلاة والسلام أي علم مسبق بالتاريخ ولم يكن في تلك البلاد من يملك هذا العلم أصلا إلا بقايا من أهل الكتاب
وفيه الإعجاز التشريعي المتمثل في منظومة متكاملة تبدأ من الأخلاق والآداب الشخصية ، وأحكام الأسرة والأحوال الشخصية ، وتنظم العلاقات الدولية ، والأحكام المجتمعية
وتؤسس مبادئ العدالة والحرية بين بني البشر ، وتقرر مفاهيم الدنيا والغيب والآخرة ، ومفاهيم السعادة والشقاء ، كل ذلك يصدر عن رجل أمي لا يقرأ ولا يكتب
ولكن يشهد أعداؤه له بالصدق والأمانة قبل أصدقائه ، ويحمل هذا القرآن ليؤسس به الحضارة الإسلامية الهائلة التي تمتد عبر أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان .
وأفضل الأديان في نظرنا هو الدين الذي يربطك بقوة واحدة ، هي القوة التي خلقتك وأنعمت عليك وتملك مقاليد السماوات والأرض ، هي القوة التي سترحمك وتكون معك في حياتك الأخرى إذا آمنت بها وعملت صالحا
وهو الله سبحانه وتعالى ، الأحد الفرد الصمد ، ولا يربطك بشيء مما سواه ، فكل ما سواه مخلوق ضعيف فقير إليه سبحانه ، وبذلك يتحرر الإنسان من كل قيود العبودية إلا للحق سبحانه
ويتخلص من روابط الأرض التي تسبب للبشرية الذل والظلم والاضطهاد والتسلط ، كل ذلك باسم الدين الباطل الذي يقر الطبقية -
انظر مبحث " الطبقات في المجتمع الهندوسي " من كتاب الدكتور الأعظمي " دراسات " (ص/565) -
ويقر العبودية لغير الله تعالى ، بل يقر العبودية للحيوانات كالأبقار وغيرها ، فيغدو الإنسان الذي أكرمه الله بالعقل والروح التي هي من روحه عز وجل
يغدو أسيرا لما يقدسه ويبجله ويعظمه من تلك الدواب ، وهي لا تملك له نفعا ولا ضرا ، بل لا تملك لنفسها فضلا عن غيرها .
وخير الأديان هو الدين الذي يملك المنظومة المتكاملة التي تهدي الإنسان إلى معالم السعادة في الدنيا والآخرة ؛ لأن غاية الأديان تحقيق السعادة ، ولا يمكن تحقيقها بغير هداية من الله سبحانه وتعالى
وفي الإسلام كل الهداية في الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأسرية والنفسية لتحقيق هذه السعادة المتكاملة ، ولما أخذ المسلمون بها في الزمان الأول
عمروا الأرض بكل خير وعدل وإنصاف ، وحين تخلوا عنها ، تخلت عنهم مكاسبهم التي منحهم الله إياها.
وأفضل الأديان ما جاء أخيرا في الترتيب الزماني ، مصدقا لما سبقه من الديانات الحقة ، وناسخا لبعض الشرائع السابقة التي نزلت تناسب الزمان والمكان الذي انتشرت فيه
ومؤكدا للبشارات الواردة في تلك الأديان ، تخبر عن نبي يبعث في آخر الزمان ، وتذكر من علامته وصفته ، فقد أخبرنا القرآن الكريم أن جميع الرسل والأنبياء السابقين يعلمون بنبي يبعث في آخر الزمان
اسمه محمد ، يختم الله عز وجل به الرسالات ، فقال تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ) آل عمران/81.
ولهذا نجد في البقايا التي لم تحرف من الديانات السابقة بشارات صريحة بهذا النبي الكريم ، فالتوراة والإنجيل مليئة بها ، ولكن لا حاجة لذكرها هنا ، وإنما الذي يهمنا ما ورد في الكتب المقدسة في الهندوسية
من البشارات الصريحة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، تلك البشارات لا تدل على سلامة جميع هذه الكتب بالضرورة ، وصدقها
وإنما تدل على نزر من الحق ثابت فيها ، مأخوذ عن الرسل والأنبياء الذين أرسلوا في العصور الضاربة في القدم .
وقد نقل هذه النصوص فضيلة الدكتور محمد ضياء الرحمن الأعظمي ، في كتابه القيّم " دراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند " (ص703-746)
خاصة وأن المؤلف الدكتور من الهند ، ويتقن القراءة في تلك الكتب التي لم تترجم إلى العربية على حد علمنا .
1. " في ذلك الوقت في قرية (شامبهل) [بمعنى البلد الأمين] عند رجل اسمه (وشنوياس) [عبد الله] صاحب قلب رقيق ، يولد في بيته (كالكي) [مطهر من الذنوب والآثام] " [البهكفت بران] (2/18) .
ومعلوم أن اسم والد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو ( عبد الله )، ومكة سميت في القرآن الكريم ( البلد الأمين )
2. " يولد (كالكي) في بيت (وشنوياش) من زوجته (سومتي) [صاحبة السلامة والأمن ، آمنة]" [كلكي بران 2/11] .
ومعلوم أيضا أن اسم أم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو آمنة بنت وهب .
3. " إنه يولد في الثاني عشر من ظهور القمر في شهر اسمه (مادوه) [تعني الشهر المحبب إلى النفوس ، وهو شهر الربيع]" [كلكي بران 2/15] .
وكتب السيرة النبوية طافحة ببيان تاريخ مولده عليه الصلاة والسلام ، وأنه في الثاني عشر من شهر ربيع الأول ، على اختلاف بين العلماء .
4. "(كالكي) يكون متصفا بصفات ثمانية : (pragya) [يخبر عن المستقبل]، (culinata) [من أشرف قومه]، (indridaman) [الغالب على نفسه]، (shrut) [يوحى إليه]، (prakram) [قوي البنية]، (abhu bhashita) [قليل الكلام]، (dan) [كريم]، (kritagyata) [معترف بالجميل]"
وكلها نزر يسير من صفات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم التي يعترف بها من عرفه من جميع العرب ، سواء دخلوا في الإسلام أم بقوا على كفرهم .
5. " يركب على الحصان ، ويخرج منه النور ، ولا يضاهيه أحد في رعبه وجماله ، ويكون مختونا ، ويعدم مئات الألوف من الظلمة والكفرة " [البهكفت بران 12-2-20] .
والختان لا يمارس لدى الهندوس ، وإنما هو واجب إسلامي على الذكور من أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
6. " بمساعدة أربعة من أصحابه يهلك الشيطان ، وأن الملائكة تنزل على الأرض لمساعدته في حروبه " [كلكي بران 2/5-7] .
أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم الأربعة هم الخلفاء الراشدون الذين حكموا من بعده ، واتفق علماء الإسلام على أنهم أفضل البشر بعد نبينا صلى الله عليه وسلم .
7. " بعد ولادته يتوجه إلى الجبال ليتعلم من (برش رام) [تعني المعلم الأكبر] ثم يذهب إلى الشمال ، ثم يعود إلى مولده " [كلكي بران] .
وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يختلي في غار حراء حتى نزل عليه جبريل بالوحي ، ثم هاجر إلى الشمال إلى المدينة المنورة ، ثم عاد إلى مكة فاتحا .
8. "الناس يسحرون من عبقه الذي يخرج من جسمه ، وإن عبق جسمه الطاهر يختلط بالهواء ، ويلطف الأرواح والنفوس" [البهكفت بران 2/2/21] .
9. " أول من ذبح وضحى هو أحمدو فصار كالشمس " [سام فيدا 3/6/8] .
10. " سوف يأتي معلم روحاني مع رفقائه الكرام ، ويشتهر بين الناس باسم (محامد)، ويستقبله الأمير قائلا : يا ساكن الصحراء ، هازم الشيطان ، صاحب المعجزات
بريئا من كل شر ، قائما على الحق ، خبيرا في معرفة الله ، ومحبا له ، سلام عليك ، أنا عبدك ، أعيش تحت قدميك " [بهاوشيا بران 3/3/5-8] .
11. " وفي هذه الأدوار ، إذا جاء وقت ظهور الخير الجماعي للإنسان ، فإنه يرعف الحق ، وبظهور (محمد) تنتهي الظلمات ، ويطلع نور الفهم والحكمة " [البهكفت بران 2/76] .
وهذه النصوص صريحة في ذكر اسمه ( محمد ) أو ( أحمد ) وكلها من أسمائه عليه الصلاة والسلام . قال تعالى : ( وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ) الصف/6.
12. " أكنى ديوي صاحب الشريعة الغراء ، جعلناك فوق سرة الأرض لتقديم القرابين " [ريج فيدا 3/29/4] .
13. وقد ورد في [آتور فيدا] ، و[ريج فيدا] - في صفحات عدة ومتفرقة - التبشير بـ (نراشسنس) [تعني الإنسان المحمود]،
وجاء في وصفه أنه : " أجمل من في الأرض ، نوره يدخل بيتا بيتا ، يطهر الناس من الذنوب والآثام ، يركب الإبل ، له اثنتا عشرة زوجة...اسمعوا أيها الناس ! إن (نراشسنس) يرتفع ذكره...إن (نراشسنس) يحمد
وإنه يهاجر من بين ستين ألفا وتسعين...وقد أعطيت (مامح) مائة دينار خالص ، وعشر تسبيحات ، وثلاثمائة فرس " .
وفي السيرة النبوية تعداد أسماء زوجاته عليه الصلاة والسلام بالعدد المذكور .
14. " إن رجلا ذا سيرة طيبة جاء إلى الملك (بهوج) ملك السند في ظلمات الليل ، وقال له : أيها الملك ! إن دينك (آريا دهرم) يفوق جميع الأديان في الهند ، ولكن بحكم الإله الأكبر ، إني أظهر دين رجل يأكل كل شيء من الطيبات
وهو مختون ، ولا يكون على رأسه ضفيرة مدلاة ولا معقوصة ، وله لحية طويلة ، ويحدث انقلابا عظيما ، ويؤذن في الناس
ويأكل من كل شيء من الطيبات ما عدا لحم الخنزير ، ودينه ينسخ جميع الأديان ، وسميناهم المسلي ، والإله الأكبر هو الذي أوحى إليه هذا الدين " [بهاوشيا بران 3/3/3/23-27] .
ونحن نقول إن الأذان للصلاة واجتناب لحم الخنزير من أبرز خصائص الشريعة الإسلامية ، وأتباعها يسمون ( مسلمين ) وليس ( مسلي )، ولكنها ألفاظ قريبة ذات أصل واحد .
ونقول لك أيضا ، إن مقتضى كلام منظري الهندوسية يسمح لك باعتقاد عقائد الإسلام ، والديانة بما جاء به النبي محمد صلى الله عليه وسلم ؛ وذلك أن الهندوسية – في نظرهم – تمتاز بعدم التعصب ، والبحث عن الحق
ولا يضر هندوسيتك سواء آمنت بالله أم لم تؤمن ، المهم أن تستمر في بحثك عن الحق .
يقول الزعيم الهندي "غاندي":
" من حظ الديانة الهندوسية أنها ليست لها عقيدة رئيسة ، فإذا سئلت عنها فأقول : إن عقيدتها هي عدم التعصب والبحث عن الحق بطرق حسنة ، وأما الاعتقاد بوجود الخالق وعدمه فكلاهما سواء
ولا يلزم لأي رجل من الرجال الهندوس أن يؤمن بالخالق ، فهو هندوسي ، سواء آمن أم لم يؤمن " .
ويقول أيضا :
" من حسن حظ الديانة الهندوسية أنها تخلت عن كل عقيدة ، ولكنها محيطة بجميع العقائد الرئيسية ، والجواهر الأساسية للأديان الأخرى "
انتهى من كتابه " هِندو دَهَرَم " (hindu dharm). نقلته من كتاب الدكتور الأعظمي " دراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند " (ص/529-530).
فلِمَ لا تجعل ذلك منطلقك في دراسة الإسلام ، والنظر في محاسنه وفضائله ، والبحث في مزاياه على سائر الأديان ، لكونه الدين الناسخ لجميع ما سبقه
ونبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم هو بشارة جميع الرسل والأنبياء من قبله ، والأمر جليل وخطير ، ذلك أن القرآن الكريم يحصر طريق النجاة في طريق الإسلام ، ديانة التوحيد
فيقول سبحانه وتعالى : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل عمران/85.
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مواضيعك اخي الكريم دائما في القمة
بوركت
جزاك الله خيرا
جعلها الله في ميزان حسناتك
*عبدالرحمن*
2018-09-12, 02:50
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مواضيعك اخي الكريم دائما في القمة
بوركت
جزاك الله خيرا
جعلها الله في ميزان حسناتك
و عليكم السلام و رحمه الله و بركاته
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اختي الفاضلة
القمه تليق بكم و لكم
ولولا مكانتكم عندي ما بحثت عن كل جديد و مفيد
اسال الله ان يديم مرورك العطر دائما
بارك الله فيكِ
و جزاكِ الله عني كل خير
*عبدالرحمن*
2018-09-14, 17:57
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
هل اليهودية ، والنصرانية : أديان سماوية ، حقا ؟!
السؤال :
بعض الناس يقولون : إن الأديان المسيحية واليهودية هي أديان سماوية ، فالسؤال هل هي حقا كلها سماوية ؟
الجواب :
الحمد لله
إطلاق " الأديان السماوية " على اليهودية والنصرانية فيه تفصيل :
أولا :
فمن أراد أصول هذه الأديان وشرائعها التي أنزلت على موسى وعيسى عليهما السلام ، وما اشتمل عليهما التوراة والإنجيل المنزلين من الهدى والنور ، فهي لا شك أديان سماوية بهذا الاعتبار
والإسلام إنما جاء يكمل هذه الأديان تكميلا مهيمنا ، وناسخا ، والقرآن الكريم نزل مصدقا لما سبق من الكتب الإلهية .
يقول عز وجل : ( إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ) المائدة/ 44 .
ثم قال سبحانه : ( وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ )المائدة/ 46 إلى أن قال عز وجل :
( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ) المائدة/ 48 .
فهي كتب سماوية منزلة في أصلها من عند الله سبحانه ، يصدق بعضها بعضا فيما اتفقت عليه ، وتنسخ شريعة القرآن ما سبقها من الشرائع .
ثانيا :
أما من يقصد بإطلاقه " الأديان السماوية " ما عليه اليهود والنصارى اليوم من عقائد محرفة ، وكتب مبدلة ، وشرائع منسوخة مشوهة ، فهذا إطلاق باطل لا يصح
لأن التحريف الذي أصاب هاتين الديانتين قطع الصلة بين واقعهما الحالي وبين السماء ، فلم تعد سماوية أبدا ، بل هي ـ على تلك الحال ـ أديان أرضية
ابتدعها أحبارهم ورهبانهم ، فيها نسبة النقائص لله عز وجل ، والشرك ، والتثليث واتهام الأنبياء ، والغفلة عن اليوم الآخر والحساب .
وبهذا نعلم أن إطلاق " الأديان السماوية " في سياق الحديث عن اليهودية والنصرانية بعد البعثة المحمدية ، جائز لا حرج فيه
على اعتبار أن هذا الإطلاق يراد به هذه الديانات في أصلها السابق الذي نزلت عليه ، وأساس التوحيد الذي بعثت به ، وإن حرفت وشوهت بعد ذلك . فلا ينبغي التكلف في رد هذا الوصف مطلقا
ولا يجوز المسارعة إلى اتهام من يستعمله من المسلمين .
ولهذا وجدنا العديد من العلماء ممن يستعمله في سياق حديثه عن هذه الأديان ، فيطلق "الأديان السماوية"، أو "الكتب السماوية" ، ويقصد بها الاعتبار الأول
أي يقصد أنها سماوية في أصلها المنزل ، وإن مسها التحريف أو النسخ عقب ذلك .
وممن وقفنا على استعماله لهذا الوصف : شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (ت728هـ) ، حيث يقول في تقرير مهم ، يستعمل فيه وصف "السماوية" لهذه الرسالات ، ثم يبين أن الدين المرضي عند الله جل جلاله هو الإسلام :
" وأما الكتب السماوية المتواترة عن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام : فناطقة بأن الله لا يقبل من أحد دينا سوى الحنيفية ، وهى الإسلام العام: عبادة الله وحده لا شريك له ، والإيمان بكتبه ورسله واليوم الآخر
كما قال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } وبذلك أ
خبرنا عن الأنبياء المتقدمين وأممهم قال نوح: { فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ }
وقال في إبراهيم: { وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131)
وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } وقال موسى { يَاقَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ } ... " انتهى من "مجموع الفتاوى" (35/188) .
ثم بعده تلميذه ابن القيم رحمه الله (ت751هـ) ، حيث يقول : " وصرحت الكتب السماوية بوجوب طاعته ومتابعته وهو الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى" .
انتهى من "إعلام الموقعين" (1/5) .
ثم سعد الدين التفتازاني (ت743هـ) في " شرح المقاصد " (4/50) حيث قال : " فما بال الكتب السماوية والأحاديث النبوية مشعرة في مواضع لا تحصى بثبوت ذلك "
.
ثم بدر الدين العيني الحنفي (ت855هـ) في كتابه " نخب الأفكار " (7/41)، حيث يقول: " وأما الكافر الذي يعتقد دينا من الأديان الباطلة أو كتابًا من الكتب السماوية ... إلخ ".
وأبو السعود (ت982هـ) في " إرشاد العقل السليم " (6/118) حين قال : " ( لكل أمة ) : كلام مستأنف ، جيء به لزجر معاصريه صلى الله عليه وسلم من أهل الأديان السماوية عن منازعته ، صلى الله عليه وسلم ".
ومن بعده الألوسي (ت1270هـ) في " روح المعاني " (8/76)، (9/185)، والقاسمي (ت1332هـ) في " إصلاح المساجد " (ص137)، ومحمد أنور شاه الكشميري (ت1353هـ) في " العرف الشذي " (1/415)
وفي " فيض الباري " (1/246)، ومحمد رشيد رضا (ت1354هـ) في " الوحي المحمدي " (ص55)، وفي "تفسير المنار" (1/278).
وأيضا استعمل هذا الإطلاق الشيخ ابن باز رحمه الله (ت1420هـ) ، كما في " مجموع فتاوى ابن باز " (1/309)، حيث يقول : " الغريب أن هؤلاء الناس [يعني بعض القوميين]
يخاصمون الإسلام بعنف ، ويحاربون أمته بجبروت ، ويهادنون الأديان الأخرى ، من سماوية وأرضية " .
وقال رحمه الله أيضا:
" ينبغي أن يعلم القارئ أن الأديان السماوية قد دخلها من التحريف والتغيير ما لا يحصيه إلا الله سبحانه ، ما عدا دين الإسلام "
انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (2/ 183) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين (ت1421هـ) رحمه الله السؤال الآتي :
" كلمة " الأديان السماوية " هل يجوز إطلاق هذه الكلمة ، علماً أننا إذا أطلقناها فقد أقررنا بأن هناك أديانا أرضية ، وهل تدخل هذه الكلمة في باب البدع ؛ لأنها لم تؤثر عن المصطفى عليه الصلاة والسلام ؟
فأجاب رحمه الله تعالى :
: " نعم ، نقول " الأديان السماوية " لأن هناك أدياناً أرضية ؛ لأن الدين مادان به العبد ربه ، سواء كان من شريعة الله سبحانه وتعالى أم من شرائع البشر ، ومن المعلوم أن هناك أناسا يدينون بغير دين شرعي
يعتقدون ديانة أن يسجدوا للبقر ، وأن يسجدوا للصنم ، وغير ذلك ، والله تعالى لم يشرع هذا في أي كتاب كان ، ولا على لسان أي رسول كان ، وعلى هذا فهذه الديانة التي يدينون بها ليست من شريعة الله فليست سماوية .
وأما الأديان السماوية فهي التي شرعها الله عز وجل ؛ لأنها نزلت من السماء ، إلا أنه يجب أن يعلم السائل وغيره أن جميع الأديان السماوية منسوخة بالدين الإسلامي ، وأنها الآن ليست مما يدان به لله عز وجل
لأن الذي شرعها ووضعها ديناً هو الذي نسخها بدين محمد صلى الله عليه وسلم ، وكما أن النصارى مُقرُّون بأن دين المسيح قد نَسَخَ شيئاً كثيراً من دين موسى عليه الصلاة والسلام
وأنه يجب على أتباع موسى عليه الصلاة والسلام أن يتبعوا عيسى ، فإننا كذلك أيضاً نقول إن الإسلام مُلزِم للنصارى أن يدينوا به ، ولجميع الأمم أن يدينوا بالإسلام ؛ لأن العبرة للمتأخر فالمتأخر
من شريعة الله ، وقد قال الله تعالى عن عيسى إنه قال لقومه ( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ )
وهذه البشارة من عيسى عليه الصلاة والسلام بمحمد صلى الله عليه وسلم ، تدل على أنه يجب على بني إسرائيل من النصارى واليهود وغيرهم أن يتبعوه
إذ إنه لو لم تكن الرسالة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم شاملة لهم ، لم يكن لبشراهم بها فائدة ، فلولا أنهم ينتفعون من هذه الرسالة باتباعها ، ما كان لهم فيها فائدة إطلاقاً .
والمهم أنني أقول يجب أن يعلم السائل وغيره أننا - وإن عَبَّرنا بالأديان السماوية - فليس معنى ذلك أننا نقر بأنها باقية ، بل نقول إنها منسوخة بدين واحد فقط
هو دين الإسلام ، وأن الدين القائم الذي يرضى الله تعالى أن يدين به العباد له ، إنما هو دين الإسلام وحده فقط ، قال الله تعالى : ( وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً )
وقال تعالى : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ )
والله الموفق .
فضيلة الشيخ : على هذا يجوز لنا أن نقول الأديان السماوية ؟
فأجاب رحمه الله تعالى :
" يجوز لنا أن نقول الأديان السماوية ، ولكن ليس على أنها الآن ثابتة ، إطلاق هذه الكلمة يجوز لكن إذا كان يفهم منها أن هذه الأديان باقية ، وأنها مرضية عند الله : فإنه لا يجوز إطلاقها إلا مقرونة ببيان الحال
بأن يقال معنى أنها سماوية : يعني : أنها مما أنزله الله تعالى على الرسل ، لكنه نسخ - ماعدا الإسلام – بالإسلام .
فضيلة الشيخ : ولكن هذه الأرضية على غير حق؟
فأجاب رحمه الله تعالى :
وحتى الأديان السماوية التي كانت في وقتها حقاً ، هي الآن منسوخة بالإسلام " .
انتهى من " فتاوى نور على الدرب للعثيمين " (4/ 2، بترقيم الشاملة آليا) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-09-14, 18:01
من مات من أهل الكتاب على ما هو عليه دون أن يؤمن بالله ورسله دخل النار
السؤال:
ما تفسير هذه الآيات من سورة آل عمران : ( لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114)
وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوْهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115) ؟
وهل من أهل الكتاب الذين يعيشون في هذه الأيام من يدخل الجنة لو مات على ما هو عليه ؟
وما هي صفاتهم إن وجدوا ؟
وهل نعتبرهم كفاراً أم لا ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
أرسل الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم كافة للناس بشيرا ونذيرا ، فمن آمن به وأطاعه أدخله الله الجنة ، ومن كذب به وعصاه أدخله الله النار ، لا فرق في ذلك بين اليهودي والنصراني وغيرهما
.
قال الله تعالى : ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ) آل عمران/ 19 .
وقال سبحانه : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل عمران/ 85 .
وقال عز وجل : ( وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ) آل عمران/ 110 .
وقال تعالى : ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) المائدة/ 19 .
والآيات في هذا المعنى كثيرة ظاهرة .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ
إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ) رواه مسلم (153) .
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
" إن اليهود والنصارى كفار كفراً معلوماً بالاضطرار من دين الإسلام "
انتهى من "مجموع الفتاوى" ( 35 / 201 ) .
ثانيا :
معنى قوله تعالى : ( لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ... ) الآيات ، أي : ليس أهل الكتاب متساوين
بل منهم من يؤمن بالله واليوم الآخر ويؤمن برسل الله كلهم ، ويؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم الذي بشرت به التوراة وبشر به الإنجيل ، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويسارع في الخيرات ،
فهؤلاء من الصالحين وهم مع المؤمنين ، بخلاف من لم يصدق الرسول منهم فيما جاء به من ربه ، فليس هؤلاء كأولئك .
قال ابن كثير رحمه الله :
" والمشهور عند كثير من المفسرين - كما ذكره محمد بن إسحاق وغيره ، ورواه العوفي عن ابن عباس- أن هذه الآيات نزلت فيمن آمن من أحبار أهل الكتاب
كعبد الله بن سلام وأسد بن عبيد وثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وغيرهم ، أي : لا يستوي من تقدم ذكرهم بالذم من أهل الكتاب وهؤلاء الذين أسلموا ، ولهذا قال تعالى : ( ليسوا سواء )
أي : ليسوا كلهم على حد سواء ، بل منهم المؤمن ومنهم المجرم ، ولهذا قال تعالى : ( من أهل الكتاب أمة قائمة ) أي : قائمة بأمر الله ، مطيعة لشرعه متبعة نبي الله ، فهي قائمة يعني مستقيمة
( يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون ) أي : يقومون الليل ، ويكثرون التهجد ، ويتلون القرآن في صلواتهم ( يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين )
وهؤلاء هم المذكورون في آخر السورة : ( وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) آل عمران/199
وهكذا قال هاهنا : ( وما يفعلوا من خير فلن يكفروه ) أي : لا يضيع عند الله بل يجزيكم به أوفر الجزاء ، ( والله عليم بالمتقين ) أي : لا يخفى عليه عمل عامل ، ولا يضيع لديه أجر من أحسن عملا "
انتهى من "تفسير ابن كثير" (2 /105) .
*عبدالرحمن*
2018-09-14, 18:10
: لماذا لا يعجل الله تعالى بهلاك الكفار ؟ ولماذا المسلمون في تأخر ؟
السؤال
لماذا لا يعاقب الله المسيحيين واليهود ?
لماذا المسلمون في تأخر والمسيحيون واليهود في تطور ؟.
الجواب
الحمد لله
أولاً :
لعلَّ الأخ السائل أراد بالعقوبة في سؤاله العذاب والإهلاك ؛ لأن لفظ العقوبة أعم من العذاب ، والكفار يعاقبهم الله تعالى على كفرهم بالمعيشة الضنك ، وبظلمة القلوب وقسوتها
ومن يُرى منهم على حال حسنة ونعيم في طعامه ولباسه ومسكنه فإنما هو ظاهر الأمر لا حقيقة بواطنهم وقلوبهم ، ويشترك العاصي مع الكافر في هذا الباب .
وأما تأخير العذاب والإهلاك لمن كفر بالله تعالى : فقد ذكر الله تعالى في كتابه حِكَماً كثيرة لذلك ، ومنها :
1. أنه تعالى غفور رحيم ، وإنما يؤخر إهلاكهم لأجل أن يتوبوا ويُسلموا .
قال الله تعالى : ( وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ ) الكهف/58 .
قال الإمام الطبري – رحمه الله - :
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وربك الساتر يا محمد على ذنوب عباده بعفوه عنهم إذا تابوا منها .
( ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا ) هؤلاء المعرضين عن آياته إذا ذكروا بها بما كسبوا من الذنوب والآثام .
( لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ ) ولكنه لرحمته بخلقه غير فاعل ذلك بهم إلى ميقاتهم وآجالهم .
" تفسير الطبري " ( 18 / 52 ) .
2. أن من صفاته تعالى الحلم ، ومن أسمائه الحسنى الحليم ، فهو لا يعجل بالعقوبة ، بل يمهل لخلقه من غير إهمال ، ولن تفوته عقوبتهم لو أراد ، كما هو الحال في البشر .
أ. قال الشيخ الشنقيطي – رحمه الله - :
قوله تعالى : { لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُواْ لَعَجَّلَ لَهُمُ العذاب } الآية .
بيَّن في هذه الآية الكريمة : أنه لو يؤاخذ الناس بما كسبوا من الذنوب ، كالكفر والمعاصي ، لعجَّل لهم العذاب ، لشناعة ما يرتكبونه ، ولكنه حليم لا يعجل بالعقوبة ، فهو يمهل ولا يهمل" .
أضواء البيان " ( 4 / 164 ) .
ب. وقال – رحمه الله
– في تفسير قوله تعالى ( وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ) النحل/61 - :
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أنه لو عاجل الخلق بالعقوبة لأهلك جميع من في الأرض ، ولكنه حليم لا يعجل بالعقوبة ؛ لأن العجلة من شأن من يخاف فوات الفرصة ، ورب السموات والأرض لا يفوته شيء أراده .
وذكر هذا المعنى في غير هذا الموضع ، كقوله في آخر سورة فاطر : ( وَلَوْ يُؤَاخِذُ الله الناس بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ على ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ ) فاطر/45 الآية
وقوله : ( وَرَبُّكَ الغفور ذُو الرحمة لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُواْ لَعَجَّلَ لَهُمُ العذاب ) الكهف/ 58 ، الآية .
وأشار بقوله : ( ولكن يُؤَخِّرُهُمْ إلى أَجَلٍ مسمى ) إلى أنه تعالى يمهل ولا يهمل .
" أضواء البيان " ( 3 / 263 ) .
3. أن عذاب الكفار حاصل ولا شك في الآخرة ، وأن التأخير فيه إنما لأنه لم يحن وقته الذي قدَّره الله تعالى عليهم ، وهو يوم القيامة .
قال الله تعالى : ( وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ ) هود/110 .
وقال تعالى : ( وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى ) طه/129 .
وقال تعالى : ( وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلا ) الكهف/58 .
وقال تعالى : ( وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ ) إبراهيم/42 .
أ. قال البغوي – رحمه الله - :
( وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى ) فيه تقديم وتأخير، تقديره : ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاماً وأجلٌ مسمّى ، والكلمة : الحُكم بتأخير العذاب عنهم
أي : ولولا حكمٌ سبق بتأخير العذاب عنهم وأجلٌ مسمى ، وهو القيامة .
( لَكَانَ لِزَاماً ) أي : لكان العذاب لازماً لهم ، كما لزم القرون الماضية الكافرة .
" تفسير البغوي " ( 5 / 302 ) .
ب. وقال ابن كثير – رحمه الله - :
قال تعالى : ( وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ) أي : لولا الكلمة السابقة من الله بإنظار العباد بإقامة حسابهم إلى يوم المعاد : لعجل لهم العقوبة في الدنيا سريعاً .
" تفسير ابن كثير " ( 7 / 195 ) .
ج. وقال الشيخ السعدي – رحمه الله - :
( وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ ) بتأخيرهم ، وعدم معاجلتهم بالعذاب .
( لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ) بإحلال العقوبة بالظالم ، ولكنه تعالى اقتضت حكمته أن أخَّر القضاء بينهم إلى يوم القيامة . " تفسير السعدي " ( ص 390 ) .
د. وقال الشنقيطي – رحمه الله - :
قوله تعالى : { بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُواْ مِن دُونِهِ مَوْئِلاٍ } الآية .
بيَّن جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه وإن لم يجعل لهم العذاب في الحال : فليس غافلاً عنهم ولا تاركاً عذابهم ، بل هو تعالى جاعل لهم موعداً يعذبهم فيه ، لا يتأخر العذاب عنه ، ولا يتقدم . "
أضواء البيان " ( 4 / 164 ، 165 ) .
*عبدالرحمن*
2018-09-14, 18:11
4. وأما من كفر نعمة ربه , ولم يتعرض لرحمته ، وأصر على كفره وعناده ، فإن في تأخير العذاب عنه زيادة في إثمه ، حتى يوافي ربه العزيز المنتقم ، وقد ازداد إثمه ، وأحاط به جرمه ، وانقطع عذره ، وذهبت حجته :
قال الله تعالى : ( فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَام ٍ) ابراهيم/47 وقال تعالى : ( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ) آل عمران/178 .
وقال تعالى : ( فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا ) مريم/85 .
أ. قال الإمام الطبري – رحمه الله - :
وتأويل قوله : ( إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا ) : إنما نؤخر آجالهم فنطيلها ليزدادوا إثماً ، يقول : يكتسبوا المعاصي فتزداد آثامهم وتكثر .
( وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ) يقول : ولهؤلاء الذين كفروا بالله ورسوله في الآخرة عقوبة لهم مهينة مذلة .
" تفسير الطبري " ( 7 / 423 ) .
ب. وقال الطبري – أيضاً - :
وقوله ( فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا ) يقول عزّ ذكره : فلا تعجل على هؤلاء الكافرين بطلب العذاب لهم والهلاك يا محمد .
( إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا ) يقول : فإنما نؤخر إهلاكهم ليزدادوا إثماً ، ونحن نعدّ أعمالهم كلها ونحصيها حتى أنفاسهم لنجازيهم على جميعها ، ولم نترك تعجيل هلاكهم لخير أردناه بهم .
" تفسير الطبري " ( 18 / 252 ) .
فيا له من وعيد وتخويف ، وياله من بأس وانتقام ، حين يعد الجبار الجليل ، للمجرم الآبق ما يستحقه على جرمه ، حين لا مفر له ولا مهرب .
روى البخاري (4686) ومسلم (2583) عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُمْلِي لِلظَّالِمِ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ ثُمَّ قَرَأَ {
وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } .
ثانياً :
وأما الأمر الآخر وهو تأخر المسلمين وتقدم الكفار في أسباب المعاش ، وعلوم الدنيا : فاعلم أن أمر تطورهم وتقدمهم لا يتعدى الأمور الدنيوية ، وأما العلم الحقيقي
وهو العلم بالله والدار الآخرة فهم في معزل عنه . قال الله تعالى : ( يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ) الروم/7 .
وهذا أيضا من تمام حجة الله تعالى عليهم ؛ أن أعطاهم الأسباب التي تمكنهم من العلم النافع لهم ، وتدلهم على الدين الحق ، فشغلوها بأمر الدنيا
ولم ينتفعوا بها فيما ينجيهم عنده ، ويصلح لهم أمر آخرتهم ، فينصلح تبعا له أمر دنياهم ـ أيضا ـ . قال الله تعالى : ( وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ
وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) الاحقاف/26
ولهذا قال الله تعالى ، ناهيا عباده عن الاغترار بما عندهم من أسباب الدنيا ، وزينتها وزخرفها ، : ( لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ . مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ) آل عمران/196 ، 197 .
قال الشوكاني رحمه الله :
( لا يَغُرَّنَّكَ ) خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد تثبيته على ما هو عليه ، كقوله تعالى ( يَا أَيُّها الَّذِينَ آمَنوا آمِنوا ) وخطاب لكل أحدٍ ، وهذه الآية متضمنة لقبح حال الكفار بعد ذكر حسن حال المؤمنين
والمعنى : لا يغرنك ما هم فيه من تقلبهم في البلاد بالأسفار للتجارة التي يتوسعون بها في معاشهم ، فهو متاع قليل يتمتعون به في هذه الدار ثم مصيرهم إلى جهنم ، فقوله : ( مَتَاعٌ ) خبر مبتدأ محذوف :
أي : هو متاع قليل لا اعتداد به بالنسبة إلى ثواب الله سبحانه .
( وَمَأْوَاهُم ) أي : ما يأوون إليه .
والتقلب في البلاد : الاضطراب في الأسفار إلى الأمكنة ، ومثله قوله تعالى ( فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُم فِي البِلاَدِ ) والمتاع ما يعجل الانتفاع به ، وسمَّاه " قليلاً " لأنه فانٍ ، وكلُّ فانٍ وإن كان كثيراً فهو قليل .
وقوله ( وَبِئْسَ المَصِيرُ ) ما مهدوا لأنفسهم في جهنم بكفرهم ، أو ما مهد الله لهم من النار ، فالمخصوص بالذم محذوف : وهو هذا المقدر .
" فتح القدير " ( 1 / 622 ، 623 ) .
واعلم ـ أخانا الكريم ـ أن الله تعالى قد جعل لعمارة الأرض ، والتمكن من خيرها ، والانتفاع بما فيها ، وبلوغ أسباب القوة ، سننا كونية ، هي جارية على العباد كلهم
فمن أخذ بأسباب القوة بلغها ، بإذن ربه ، لكن الشأن فيمن يبلغ ذلك ، كما شرع له ربه ، ثم يستعمله فيما يوصله ، ويوصل العباد إلى مرضاة ربه .
قال الله تعالى : ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً *
وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً * كُلاً نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً) الاسراء/18-20 .
ثم إن من حكم الله تعالى في تيسير أسباب المعاش ، وزينة الدنيا لهؤلاء الكفار ، أن من أحسن منهم في شيء ، تمتع بما عنده من الدنيا ، جزاء حسنته ، حتى إذا وافى ربه يوم القيامة ، لم يكن له عند الله حسنة يجازى بها .
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَةً ؛ يُعْطَى بِهَا فِي الدُّنْيَا ، وَيُجْزَى بِهَا فِي الْآخِرَةِ
. وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ بِهَا لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا ، حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الآخِرَةِ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا ) رواه مسلم (2808) .
ولهذا قال شداد بن أوس رضي الله عنه : ( إن الدنيا عرض حاضر ، يأكل منها البر والفاجر ، والآخرة وعد صادق ، يحكم فيها ملك قاهر ، ولكل بنون ؛ فكونوا من أبناء الآخرة ، ولا تكونوا من أبناء الدنيا ) صفة الصفوة (1/709) .
على أننا ـ أيضا ـ ننبه هنا إلى أن ذلك لا يعني أن يترك المؤمنون أسباب القوة ، يتمتع بها الكفار ، ويصدون الناس بها عن سبيل الله ، بل إن المؤمن مأمور بعمارة الأرض على منهج ربه عز وجل .
قال الله تعالى : ( وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ) هود/61
وأمر الله تعالى عباده بالأخذ بأسباب القوة ، كل القوة ، في مواجهة عدوهم : ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ) الأنفال/من الآية60
قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله : ( أي : كل ما تقدرون عليه ، من القوة العقلية والبدنية ، وأنواع الأسلحة ونحو ذلك ، مما يعين على قتالهم . فدخل في ذلك أنواع الصناعات التي تعمل فيها أصناف الأسلحة والآلات من المدافع
والرشاشات ، والبنادق ، والطيارات الجوية ، والمراكب البرية والبحرية ، والقلاع ، والخنادق ، وآلات الدفاع ، والرأي والسياسة التي بها يتقدم المسلمون ويندفع عنهم به شر أعدائهم ، وتعلم الرمي
والشجاعة والتدبير . ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : « ألا إن القوة الرمي » [ رواه مسلم (1917) ] .
ومن ذلك : الاستعداد بالمراكب المحتاج إليها عند القتال
ولهذا قال تعالى : ( ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ) ؛
وهذه العلة موجودة فيها في ذلك الزمان ، وهي إرهاب الأعداء ، والحكم يدور مع علته . فإذا كان شيء موجودا أكثر إرهابا منها ، كالسيارات البرية والهوائية
المعدة للقتال التي تكون النكاية فيها أشد ، كانت مأمورا بالاستعداد بها ، والسعي لتحصيلها ، حتى إنها إذا لم توجد إلا بتعلم الصناعة ، وجب ذلك ، لأن « ما لا يتم الواجب إلا به ، فهو واجب » ) .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-09-20, 15:22
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
الإسلام والغرب بين القوة والضعف
السؤال
أنظر إلى مآسي المسلمين في كل مكان ، وأريد أن أعرف ما الفرق بين الحياة الإسلامية وحياة الغنى والتقدم والقوة في الغرب ؟
وأحكام المرأة في المجتمعين ، أسأل لأني أحزن لحال المسلمين في تلك البلاد .
الجواب
الحمد لله
أولاً :
ما يحصل للمسلمين من مآسٍ وآلام إنما هو بسبب تركهم لشرع الله تعالى في أنفسهم ومجتمعاتهم ودولهم ، فهم لم ينصروا الله تعالى فكيف سينصرهم ؟ .
وعندما عصى بعض المسلمين النبيَّ صلى الله عليه وسلم في " غزوة أُحد " عاقبهم الله تعالى بالهزيمة ، وقد كان بينهم النبي صلى الله عليه وسلم وكبار أصحابه
فكيف يكون حال المسلمين الآن وهم يعصون الله تعالى ليل نهار ، وينتهكون حرماته ، إلا من رحم الله .
ثانياً :
ومع ما يعيشه المسلمون من مآسٍ ويقاسونه من آلام فإن ما عند الغرب في مجتمعاتهم وأحوال أنفسهم أكثر وأشد ، من حيث الإيمان والأمن والأسرة ، وخاصة فيما يتعلق بالمرأة .
وإذا نظر الإنسان إلى إحصائيات حديثة في بلاد الغرب يجد أنهم هم أحق بالشفقة والعطف على ما وصلت إليهم أحوالهم ، ولنأخذ على ذلك أمثلة :
65 % من العاملات يتعرضن للتحرش الجنسي في أماكن عملهن في بعض الدول الأوربية.
18% من النساء في أمريكا اغتصبن أو تعرضن لمحاولة اغتصاب في مرحلة من مراحل عمرهن.
أكثر من نصف النساء المغتصبات تحت سن الـ 17 سنة .
" إحصاءات ، دراسات ، أرقام " ( ص 140 ) .
وفي إحصائية جرت في كندا عن طريق الهاتف في الفترة ما بين فبراير إلى يونيو 1993 على : 12.300 امرأة في أنحاء كندا :
نصف نساء كندا تعرضن إلى حادثة عنف (جنحة إجرامية) على الأقل جسدي أو جنسي بعد السن 16 عام
45% تعرضن للاعتداء من (رجال) معروفين لديهن .
23% منهن تعرضن لاعتداء من غرباء .
23% من المشادات بين الأزواج تم فيها استخدام السلاح .
" إحصاءات ، دراسات ، أرقام " ( ص 141 ) .
في أمريكا :
مليون طفل يولدون سنويا من السفاح .
12 مليون طفل مشرد في ظروف غير صحية .
مليون حالة إجهاض سنويا في أمريكا .
في بريطانيا : 25 مليون معاكسة هاتفية سجلت في عام واحد .
40 مليون طفل مشرد في أمريكا اللاتينية .
أباح القانون في السويد زواج الأشقاء .
" إحصاءات ، دراسات ، أرقام " ( ص 150 ) .
ثالثاً :
وإننا لنشكر لك غيرتك على دين الله تعالى ، وعلى المسلمين ، ونسأل الله لنا ولك التوفيق .
والله الموفق .
*عبدالرحمن*
2018-09-20, 15:27
الفروق بين النصرانية والإسلام
السؤال
ما هي العوامل التي توسع الفارق بين المسلمين والنصارى ؟.
الجواب
الحمد لله
العوامل التي توسِّع الفارق بين المسلمين والنصارى كثيرة وعظيمة ، والخلاف العقدي الذي بيننا وبينهم لا يسمح بالتقارب إلا أن يتركوا ما هم فيه من كفر وضلال
ويلتحق بركب الموحدين لرب وإله واحد ، والشهادة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة ، والاعتقاد ببشرية عيسى عليه السلام .
وهذه أبرز الانحرافات في دينهم والتي توسع الفارق بيننا نحن المسلمين وبينهم .
1. اعتقاد النصارى أن المسيح ابن الله .
2. اعتقاد النصارى أن المسيح عليه السلام إله مع الله ، بل هو الأقنوم الثاني من الثالوث المقدس عندهم .
3. اعتقاد أن اللاهوت حلّ في الناسوت .
4. اعتقاد أن الله يتكون من ثلاثة أقانيم وهو ما يعرف بـ "عقيدة الثليث " .
5. اعتقاد النصارى أن المسيح عليه السلام صلبته اليهود بأمر بيلاطس النبطي وتوفي على الصليب .
6. اعتقاد النصارى أن المسيح مات مصلوباً فداءاً للبشرية وكفارة للخطيئة الموروثة.
7. موقف النصارى من اليهود الذين يكذبون عيسى عليه السلام ، ويزعمون أنهم صلبوه وقتلوه ، ويتهمون أمه " مريم " بالزنى – وهي المبرأة من ذلك -
ومع هذا فإن موقف النصارى منهم اليوم موقف النصرة والولاء ، وموقفهم من المسلمين الذين يعظمون عيسى عليه السلام وأمه موقف العداء والبراء .
8. تحريفهم لكتاب الله تعالى الإنجيل ، سواء تحريف اللفظ بالتغيير أو الزيادة أو تحريف المعنى ، وفي ذلك من نسبة السوء والشر لله تعالى ولدينه ما فيه .
9. عقيدة الخلاص ، وهي اعتقادهم أن الله أرسل ابنه الوحيد ليخلص الناس من إثم ارتكبه أبو البشرية عليه السلام فعجز الله عن مغفرة ذنبه فأرسل ابنه الوحيد الذي لا ذنب له ليضحي بنفسه من أجل زوال الخطيئة .
وهذا انتقاص لرب العالمين وتكذيب للحقائق من توبة آدم عليه السلام وتنجية الله تعالى للمسيح عليه السلام من القتل .
10. كفرهم بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، مع أنه منصوص عليه في العهدين الجديد والقديم .
11. إيمانهم بصحة التوراة المحرفة التي بين أيديهم اليوم ، وفيها من سب الله تعالى ووصفه بالنقائص وسب الأنبياء والمرسلين ما يتعاظم المرء أن يتكلم به ، لكننا نذكره ليُعلم شناعة ما هم عليه من الكفر .
فيصفون الله تعالى أنه بكى ندماً على الطوفان الذي أغرق قوم نوح حتى رمد وعادته الملائكة تعالى الله عز وجل عن ذلك علواً كبيراً .
ويصفون لوطاً عليه السلام بأنه زنى بأبنيته ، ونوحاً بأنه شرب الخمر حتى ثمل وبدت عورته ، ومخازيهم أكثر من ذلك .
انظر " هداية الحيارى في أوبة اليهود والنصارى " لابن القيم ، و " نقض النصرانية " للدكتور محمد بن عبد الله السحيم .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-09-20, 15:34
أقسام الديانات
السؤال
ما هي أنواع الأديان الموجودة في العالم ؟.
الجواب
الحمد لله
تنقسم البشرية بحسب أديانها إلى قسمين :
قسم له كتاب منزل من عند الله كاليهود والنصارى والمسلمين , فاليهود والنصارى بسبب عدم عملهم بما ورد في كتبهم , وبسبب اتخاذهم البشر أرباباً من دون الله
, وبسبب تطاول العهد ..
فُقدت كتبهم التي أنزلها الله على أنبيائهم ؛ فكتب الأحبار لهم كتباً زعموا أنها من عند الله , وما هي من عند الله , إنما هي انتحال المبطلين وتحريف الغالين .
أما كتاب المسلمين ( القرآن العظيم ) فهو آخر الكتب الإلهية عهداً , وأوثقهم عقداً وتكفل الله بحفظه ؛ ولم يكل ذلك إلى البشر قال تعالى : ( إنَّا نحن نزلنا الذّكر وإنَّا له حافظون ) سورة الحجر/9 ,
فهو محفوظ في الصدور والسطور؛ لأنه الكتاب الأخير الذي ضمنه الله الهدى لهذه البشرية , وجعله حجة عليهم إلى قيام الساعة , وكتب له البقاء ,
وهيأ له في كل زمان من يقيمون حدوده وحروفه , ويعملون بشريعته ويؤمون به , وسيأتي مزيد من التفصيل عن هذا الكتاب العظيم في فقرة قادمة –
انظر : ص : 113 . 119 ـ 143 . 137 من هذا الكتاب - .
وقسم ليس لهم كتاب منزل من عند الله , وإن كان لديهم كتاب متوارث منسوب إلى صاحب ديانتهم كالهندوس والمجوس والبوذيين والكنفوشيسيين وكالعرب قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم .
وما من أمة إلا ولها علم وعمل بحسب ما تقوم به مصالح دنياهم , وهذا من الهداية العامة التي جعلها الله لكل إنسان , بل لكل حيوان , كما يهدي الحيوان إلى جلب ما ينفعه من الأكل والشرب , ودفع ما يضره ,
وقد خلق الله فيه حباً لهذا , وبغضاً لهذا , قال تعالى : ( سبح اسم ربك الأعلى – الذي خلق فسوى – والذي قدر فهدى ) سورة الأعلى/1–3 , وقال موسى عليه السلام لفرعون :
( ربنا الذي أعطى كل شيئاً خلقه ثم هدى ) سورة طه/50 , وقال الخليل عليه السلام : ( الذي خلقني فهو يهدين ) سورة الشعراء/87 , وانظر : الجواب الصحيح فيمن بدل دين المسيح , ج 4 , ص : 97 .
ومن المعلوم لكل عاقل – له أدنى نظر وتأمل – أن أهل الملل أكمل في العلوم النافعة , والأعمال الصالحة , ممن ليسوا من أهل الملل ,
فما من خير يوجد عند غير المسلمين من أهل الملل إلا وعند المسلمين ما هو أكمل منه وعند أهل الأديان ما لا يوجد عند غيرهم ؛ وذلك أن العلوم والأعمال نوعان :
النوع الأول : يحصل بالعقل كعلم الحساب والطب والصناعة , فهذه الأمور عند أهلل الملل كما هي عند غيرهم , بل هم فيها أكمل , أما ما لا يعلم بمجرد العقل كالعلوم الإلهية ,
وعلوم الديانات فهذه مختصة بأهل الأديان , وهذه منها ما يمكن أن يقام عليه أدلة عقلية , والرسل هدوا الخلق وأرشدوهم إلى دلالة العقول عليها فهي عقلية شرعية .
النوع الثاني : ما لا يعلم إلا بخبر الرسل – فهذا لا سبيل إلى تحصيله من طريق العقول – كالخبر عن الله وأسمائه وصفاته وما في الدار الآخرة من النعيم لمن أطاعه ,
والعذاب لمن عصاه , وبيان شرعه , وخبر الأنبياء السابقين مع أممهم وغير ذلك –
انظر : مجموع فتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية , ج4 , ص : 210 – 211 .
من كتاب الإسلام أصوله ومبادؤه تأليف د . محمد بن عبد الله بن صالح السحيم.
*عبدالرحمن*
2018-09-20, 15:40
ضوابط الدين الحق
السؤال
ما هي صفات الدين الصحيح ؟.
الجواب
الحمد لله
كل صاحب ملة يعتقد أن ملته هي الحق , وكل أتباع دين يعتقدون أن دينهم هو الدين الأمثل والمنهج الأقوم
, وحينما تسأل أتباع الأديان المحرفة أو أتباع الملل البشرية الوضعية عن الدليل على اعتقادهم ؛ يحتجون بأنهم وجدوا آبائهم على طريقة , فهم على آثارهم مقتدون
, ثم يذكرون حكايات وأخباراً لا يصح سندها , ولا يسلم متنها من العلل والقوادح , ويعتمدون على كتب متوارثة لا يعلم من قالها ولا من كتبها , ولا بأي لغة كتبت أول مرة ولا في أي بلد وجدت
إنما هي أمشاج جمعت فعظّمت فتوارثتها الأجيال دون تحقيق علمي يحرر السند , ويضبط المتن .
وهذه الكتب المجهولة والحكايات والتقليد الأعمى لا تصلح حجة في باب الأديان والعقائد , فهل كل هذه الأديان المحرفة والملل البشرية صحيحة أم باطلة ؟ ...
يستحيل أن يكون الجميع على حق ؛ لأن الحق واحد لا يتعدد ويستحيل أن تكون كل هذه الأديان المحرفة والملل البشرية من عند الله وأنها حق , وإذا تعددت – والحق واحد – فأيها الحق ؟
إذا لا بد من ضوابط نعرف بها الدين الحق من الدين الباطل , فإذا وجدنا هذه الضوابط منطبقة على دين علمنا أنه الحق , وإذا اختلت هذه الضوابط أو واحد منها في دين علمنا أنه باطل .
الضوابط التي نميز بها بين الدين الحق والدين الباطل هي :
الأول : أن يكون الدين من عند الله أنزله بواسطة مَلَك من الملائكة على رسول من رسله ليبلغه إلى عباده ؛ لأن الدين الحق هو دين الله ,
والله - سبحانه – هو الذي يدين ويحاسب الخلائق يوم القيامة على الدين الذي أنزل إليهم ,
قال تعالى : ( إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبوراً ) سورة النساء /163
, وقال سبحانه : ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) ,
وبناء على ذلك فأي دين يأتي به شخص ما وينسبه إلى نفسه لا إلى الله فهو دين باطل لا محالة .
الثاني : أن يدعو إلى إفراد الله سبحانه بالعبادة , وتحريم الشرك , وتحريم الوسائل المفضية إليه ؛ لأن الدعوة إلى التوحيد هي أساس دعوة جميع الأنبياء والمرسلين
و كل نبي قال لقومه : ( اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ) سورة الأعراف/73 , وعليه فإن أي دين اشتمل على الشرك وأشرك مع الله غيره من نبي أو ملك أو ولي فهو دين باطل ولو انتسب أصحابه إلى نبي من الأنبياء .
الثالث : أن يكون متفقاً مع الأصول الذي دعت إليها الرسل من عبادة الله وحده , والدعوة إلى صراطه , وتحريم الشرك , وعقوق الوالدين وقتل النفس بغير حق , وتحريم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ,
قال تعالى : ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) سورة الأنبياء/25,
وقال جل ثناؤه : ( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئاًً وبالوالدين إحساناً ولا تقتلوا أولادكم من إملاقٍ نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون ) سورة الأنعام/151
, وقال تعالى : ( واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهةً يعبدون ) سورة الزخرف/45 .
الرابع : ألا يكون متناقضاً ولا مختلفاً بعضه مع البعض الآخر , فلا يأمر بأمر ثم ينقضه بأمر آخر , ولا يحرم شيئاً ثم يبيح ما يماثله من غير علة , ولا يحرم أمراً أو يجيزه لفرقة ثم يحرمه على أخرى
قال تعالى : ( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ) سورة النساء/82 .
الخامس : أن يتضمن الدين ما يحفظ على الناس دينهم وأعراضهم وأموالهم وأنفسهم وذرياتهم بما يشرع من الأوامر والنواهي والزواجر والأخلاق التي تحفظ هذه الكليات الخمس .
السادس : أن يكون الدين رحمة للخلق من ظلم أنفسهم وظلم بعضهم لبعض , سواءً أكان هذا الظلم بانتهاك الحقوق , أم بالاستبداد بالخيرات , أم بإضلال الأكابر للأصاغر ,
قال – تعالى – مخبراً عن الرحمة التي ضمنها التوراة التي أنزلها على موسى عليه السلام : ( ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون ) الأعراف/154 ,
وقال سبحانه مخبراً عن مبعث عيسى عليه السلام ( ولنجعله آية للناس ورحمة ) سورة مريم/21 .
وقال جل ثناؤه عن صالح عليه السلام : ( قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة ) سورة هود/63 ,
وقال عز من قائل عن القرآن : ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ) سورة الإسراء/82 .
السابع : أن يتضمن الهداية إلى شرع الله , ودلالة الإنسان على مراد الله منه , وإخباره من أين أتى وإلى أين المصير ؟ قال تعالى مخبراً عن التوراة : ( إنا أنزلنا التوارة فيها هدى ونور .. ) سورة المائدة/44 ,
وقال عز شأنه عن الإنجيل : ( وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ) سورة المائدة/46 , وقال جل ثناؤه عن القرآن الكريم : ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ) سورة التوبة/33 ,
والدين الحق هو الذي يتضمن الهداية إلى شرع الله ويحقق للنفس الأمن والطمأنينة , حيث يدفع عنها كل وسوسة , ويجيب عن كل تساؤل , ويبين عن كل مشكل .
الثامن : أن يدعو إلى مكارم الأخلاق والأفعال كالصدق والعدل والأمانة والحياء والعفاف والكرم , وينهى عن سيئها كعقوق الوالدين وقتل النفس وتحريم الفواحش والكذب والظلم والبغي والبخل والفجور .
التاسع : أن يحقق السعادة لمن آمن به قال تعالى : (طه - ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ) طه/1-2 , وأن يكون متفقاً مع الفطرة السوية : (فِطرَة الله التي فطر الناس عليها ) الروم/30 ,
متفقاً مع العقل الصحيح لأن الدين الصحيح هو شرع الله , والعقل الصحيح هو خلق الله , ومحال أن يتناقض شرع الله وخلقه .
العاشر : أن يدل على الحق ويحذر من الباطل , ويرشد إلى الهدى وينفر من الضلال , وأن يدعو الناس إلى صراط مستقيم لا التواء فيه ولا اعوجاج ,
قال تعالى مخبراً عن الجن أنهم حينما سمعوا القرآن قال بعضهم لبعض : ( يا قومنا إنِّا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدّقاً لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ) سورة الأحقاف/30 ,
فلا يدعوهم إلى ما فيه شقاؤهم قال تعالى : ( طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ) سورة طه/ 1-2 ,
ولا يأمرهم بما فيه هلاكهم قال تعالى : (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً ) النساء/29 , ولا يفرق بين أتباعه بسبب الجنس أو اللون أو القبيلة
قال تعالى : ( يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم إنّ الله عليم خبير ) الحجرات/13 ,
فالمعيار المعتبر للتفاضل في الدين الحق هو تقوى الله .
من كتاب الإسلام أصوله ومبادؤه تأليف د . محمد بن عبد الله بن صالح السحيم.
*عبدالرحمن*
2018-09-20, 15:42
و اخيرا ً
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
مع جذء اخر من سلسلة
اصول العقيدة
و اسال الله ان يجمعني بكم
دائما علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
*عبدالرحمن*
2019-01-28, 00:54
مواضيع رائعه
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اسعدني حضورك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما
بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir