المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ّّ\\\\ رجال صنعو التاريخ- تابع- ( نوح عليه السلام)\\\


boulboul
2007-10-10, 00:02
هو نوح بن لامك بن متوشلخ بن خنوع وهو ادريس (المراد خنوع) بن يرد بن مهلابيل بن قتيتن بن أنوش بن شيث بن آدم أبي البشر عليه السلام. كان مولده بعد وفاة آدم بمائة سنة وست وعشرين سنة فيما ذكره ابن جرير وغيره. وعلى تاريخ أهل الكتاب المتقدم يكون بين مولد نوح وموت آدم مائة وست وأربعون سنة، وكان بينهما عشرة قرون. كما قال الحافظ أبو حاتم بن حبان في صحيحه حدثنا محمد بن عمر بن يوسف حدثنا محمد بن عبدالملك بن زنجويه حدثنا أبو توبة حدثنا معاوية بن سلام عن أخيه زيد بن سلام سمعت أبا سلام سمعت أبا أمامة: (أن رجلاً قال: يا رسول الله، أنبي كان آدم؟ قال: نعم مكلم، قال: فكم كان بينه وبين نوح؟ قال: عشرة قرون. قال: وهذا على شرط ولم يخرجه وفي صحيح البخاري عن ابن عباس قال: كان بين آدم ونوح عشرة كلهم على الاسلام فإن كان المراد بالقرن مائة سنة كما هو المتبادر عند الكثير من الناس فبينهما ألف سنة لا محالة، لكن لا ينفي أن يكون أكثر باعتبار ما قيد به ابن عباس بالاسلام. اذ قد يكون بينهما قرون. وزادنا ابن عباس: انهم كلهم كانوا على الاسلام. وهذا يرد قول من زعم من أهل التواريخ وغيرهم من أهل الكتاب أن قابيل وبنيه عبدوا النار. والله أعلم.
وإن كان المراد بالقرن الجيل من الناس كما في قوله تعالى: (وكم أهلكنا من القرون بعد نوح) الاسراء 17. وقوله: (ثم أنشأنا من بعدهم قروناً آخرين) المؤمنون 42. وقال تعالى: (وقروناً بين ذلك كثيراً) الفرقان 38. وقال (وكم أهلكنا قبلكم من قرن) مريم 74. وكقوله عليه السلام: (خير القرون قرني) الحديث. فقد كان الجيل قبل نوح يعمرون الدهر الطويلة. فعلى هذا يكون بين آدم ونوح ألوف من السنين والله أعلم.
وبالجملة فنوح عليه السلام إنما بعثه الله تعالى لما عبدت الأصنام والطواغيت، وشرع الناس في الضلالة والكفر، فبعثه الله رحمة للعباد، فككان أول رسول بعث إلى أهل الأرض كما يقول له أهل الموقف يوم القيامة. وكان قومه يقال لهم: بنو راسب فيما ذكره ابن جبير وغيره.
واختلفوا في مقدار سنة بعثه، فقيل: كان ابن خمسين سنة. وقيل: ابن ثلاثة وخمسين سنة. وقيل: ابن أربعمائة وثمانين سننة. حكاها ابن جرير، وعزا الثالثة منها إلى ابن عباس.
وقد ذكر الله قصته وما كان من قومه وما أنزل بمن كفر به من العذاب بالطوفان وكيف أنجاه وأصحاب السفينة في غير ما موضع من كتابه العزيز. ففي الأعراف ويونس وهود والانبياء والمؤمنون والشعراء والعنكبوت والصافات وأنزل فيه سورة كاملة. فقال في سورة الأعراف: (لقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم. قال الملأ من قوم إنا لنراك في ضلال مبين. قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين.أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون. أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون. فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوماً عمين) الاعراف 59-64. وقال في سورة يونس: (واتل عليهم نبأ نوح إذ قال قومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فاجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم أقضوا إلي ولا تنظرون) يونس 71-73.

قد ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لما ذكرت عنده أم سلمة وأم حبيبة تلك الكنيسة التي رأتها بأرض الحبشة يقال لها: مارية فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها قال: (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً، ثم صوروا فيه تلك الصورة، أولئك شرار الخلق عند الله عزوجل).
والمقصود أن الفساد لما انتشر في الأرض وعم البلاء بعباد الأصنام فيها، بعث الله عبده ورسوله نوحاً عليه السلام، يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وينهى عن عبادة ماسواه، فكان أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض. كما ثبت في الصحيحين من حديث أبي حبان عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن ابي هريرة عن النبي صلى الله غليه وسلم في حديث الشفاعة قال: فيأتون آدم فيقولون: يا آدم أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك، وأسكنك الجنة ألا تشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه وما بلغنا؟ فيقول: ربي قد غضب غضباً شديداً لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله، ونهاني عن الشجرة فعصيت، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح. فيأتون نوحاً فيقولون: يا نوح أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، سماك الله عبداً شكوراً، ألا ترى إلى ما بلغنا، ألا تشفع لنا إلى ربك عزوجل؟ فيقول: ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولا يغضب بعده مثله، تفسي نفسي) وذكر تمام الحديث بطوله كما أورده البخاري في قصة نوح.
فلما بعث الله نوحاً عليه السلام دعاهم إلى افراد العبادة لله وحده لا شريك له، وأن لا يعبدوا معه صنماً ولا تمثال ولا طاغوتاً، وأن يعترفوا بوحدانيته، وأنه لا إله غيره ولا رب سواه، كما أمر الله تعالى من بعده من الرسل الذين هم كلهم من ذريته، كما قال تعالى: (وجعلنا ذريته هم الباقين) الصافات 77. وقال فيه وفي ابراهيم: (وحعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب) الحديد 26. أي كل نبي من بعد نوح فمن ذريته. وكذلك ابراهيم قال الله تعالى: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) الزخرف 45. وقال تعالى: (واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون) الزخرف 45. وقال تعالى: (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون) الأنبياء 25.
فذكر أنه دعاهم إلى الله بأنواع الدعوة في الليل والنهار والسر والاجهار بالترغيب تارة والترهيب تارة أخرى، وكل هذا فلم ينجح فيهم، بل استمر أكثرهم على الضلالة والطغيان وعبادة الأصنام والأوثان، ونصبوا له العداوة في كل وقت وأوان وتنقصوه وتنقصوا من آمن به، وتوعدوهم بالرجم والاخراج ونالوا منهم وبالغوا في أمرهم: (قال الملأ من قومه) أي: السادة الكبراء منهم (إنا لنراك في ضلال مبين قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين) أي لست كما تزعمون من أني ضال، بل على الهدى المستقيم رسول رب العالمين. أي الذي يقول للشيء كن فيكون (أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون) الأعراف 62. وهذا شأن الرسول أن يكون بليغاً أي: فصيحاً ناصحاً، أعلم الناس بالله عزوجل، وقالوا له فيما قالوا (ما نراك إلا بشراً مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين) هود 27. تعجبوا أن يكون بشراً رسولاً ولا تنقصوا بمن اتبعه ورأوهم أراذلهم. وقد قيل: أنهم كانوا من أقياد الناس وهم ضعفاؤهم كما قال هرقل، وهم أتباع الرسل، وما ذاك إلا لأنه لا مانع لهم من اتباع الحق.

قولهم (بادي الرأي) أي: بمجرد ما دعوتهم استجابوا لك من غير نظر ولا روية، وهذا الذي رموهم به هو عين ما يمدحون بسببه، رضي الله عنهم. فإن الحق الظاهر لا يحتاج إلى روية ولا فكر ولا نظر، بل يجب اتباعه والانقياد له متى ظهر. ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مادحاً للصديق:
(ما دعوت أحداً إلى الإسلام إلا كانت له كبوة، غير أبي بكر فإنه لم يتلعثم، ولهذا كانت بيعته يوم السقيفة أيضاً سريعة من غير نظر ولا روية، لأن افضليته على من عداه ظاهرة جلية عند الصحابة رضي الله عنهم ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يكتب الكتاب الذي أراد أن ينص فيه على خلافته، فتركه وقال: يأبى الله والمؤمنون إلا أبابكر رضي الله عنه وقول كفرة قوم نوح له ولمن آمن به: (وما ترى لكم علينا من فضل) أي: لم يظهر لكم أمر بعد انصافكم بالإيمان ولا مزية علينا (بل نظنكم كاذبين. قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون) هود 27.
وهذا تلطف في الخطاب معهم. وترفق بهم في الدعوة إلى الحق، كما قال تعالى: (فقولا قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى) طه: 44 وقال تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) النحل 125. وهذا منه يقول لهم: (أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده) أي: النبوة والرسالة (فعميت عليكم) أي: فلم تفهموها ولم تهتدوا إليها (أنلزمكموها) أي: أنغصبكم بها ونجبركم عليها (وأنتم لها كارهون) أي ليس فيكم حيلة والحالة هذه (ويا قوم لا أسألكم عليه مالاً إن أجري إلا على الله) أي: لست أريد منكم أجرة على ابلاغي إياكم ما ينفعكم في دنياكم وأخراكم أن أطلب ذلك إلا من الله الذي ثوابه خير لي وأبقى مما تعطونني أنتم. وقوله: (وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم ولكني أراكم قوماً تجهلون) كأنهم طلبوا منه أن يبعد هؤلاء عنه، ووعدوه أن يجتمعوا به إذا هو فعل ذلك، فأبى عليهم ذلك، وقال: (إنهم ملاقوا ربهم) أي: فأخاف أن طردتهم أفلا يشكوني إلى الله عزوجل ولهذا قال: (وياقوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكرون) هود 30. ولهذا لما سأل كفار قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن يطرد عنه ضعفاء المؤمنين كعمار وصهيب وبلال وخباب وأشباههم نهاه الله عن ذلك (ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني أملك) هود 31. أي: بل أنا عبد رسول لا أعلم من علم الله إلا ما أعلمني به، ولا أقدر إلا على ما أقدرني عليه، ولا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله: (ولا أٌول للذين تزدري أعينكم) يعني من اتباعه (لن يؤتيهم الله خيراً الله أعلم بما في أنفسهم إني إذاً لمن الظالمين) هود 31. أي لا أشهد عليهم بأنهم لا خير لهم عند الله يوم القيامة، الله أعلم بهم، وسيجازيهم على ما نفوسهم، إن خيراً فخير وإن شراً فشر، كما قالوا في المواضع الأخر: (أنؤمن لك واتبعك الأرذلون.. قال وما علمي بما كانوا يعملون، إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون، وما أنا بطارد المؤمنين إن أنا إلا نذير مبين) الشعراء 111 - 115.
وقد تطاول الزمان والمجادلة بينه وبينهم كما قال تعالى: (فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً فأخذهم الطوفان وهم ظالمون) العنكبوت 14. أي ومع هذه المدة الطويلة فما آمن له إلا القليل منهم وكان كل ما نقرض جيل وصلوا لمن بعدهم بعدم الايمان به ومحاربته ومخالفته وكان الولد إذا بلغ ولده وعقل عنه كلامه وصاه فيما بينه وبينه أن لا يؤمن بنوح أبداً ما عاش ودائماً ما بقى، وكانت سجاياهم تأبى الايمان واتباع الحق.

(ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون) هود 34. أي: من يريد الله فتنته فلن يملك أحد هدايته هو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء وهو الفعال لما يريد وهو العزيز الحكيم العليم بمن يستحق الهداية ومن يستحق الغواية. وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة (وأوحى إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن) تسلية له عما كان منهم إليه (فلا تبتئس بما كانوا يفعلون) وهذه تعزية لنوح عليه السلام في قومه أنه لن يؤمن منهم إلا من قد آمن، أي لا يسوأنك ما جرى، فإن النصر قريب والنبأ عجيب (واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون) هود 37. وذلك أن نوحاً عليه السلام لما يئس من صلاحهم وفلاحهم ورأى أنهم لا خير فيهم وتوصلوا إلى أذيته ومخالفته وتكذيبه بكل طريق من فعال ومقال ودعا عليهم دعوة غضب لبى الله دعوته وأجاب طلبته قال الله تعالى: (ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون. ونجيناه وأهله من الكرب العظيم) الصافات 75 - 76.
وقال تعالى: (مما خطيآتهم أغرقوا فأدخلوا ناراً. فلم يجدوا لهم من دون الله أنصاراً. وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً. إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً) نوح 25 - 27. فاجتمعت عليهم خطاياهم من كفرهم وفجورهم ودعوة نبيهم عليهم، فعند ذلك أمره الله تعالى أن يصنع الفلك وهي السفينة العظيمة التي لم يكن لها نظير قبلها ولا يكون بعدها مثلها. وقدم الله تعالى إليه أنه إذا جاء أمره وحل بهم بأسه الذي لا يرد عن القوم المجرمين أنه لا يعاوده فيهم ولا يراجعه فإنه لعله قد تدركه رقة على قومه عند معاينة العذاب النازل بهم، فإنه ليس الخبر كالمعاينة ولهذا قال: (ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون. ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه) أي يستهزئون به استبعاداً لوقوع ما توعدهم به (قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون) أي نحن الذين نسخر منكم ونعجب منكم استمراركم على كفركم وعنادكم الذي يقتضي وقوع العذاب بكم وحلوله عليكم (فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم) هود 39. وقد كانت سجاياهم الكفر الغليظ والعداء البالغ في الدنيا وهكذا في الآخرة فإنهم يجحدون أيضاً أن يكون جاءهم رسول كما قال البخاري: حدثنا موسى بن اسماعيل حدثنا عبدالواحد بن زياد حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يجيء نوح عليه السلام وأنته فيقول الله عزوجل هل بلغت فيقول نعم أي رب فيقول لأمته هل بلغكم فيقولون لا ما جاءنا من نبي فيقول لنوح من يشهد لك فيقول محمد وأمته فتشهد أنه قد بلغ) وقوله (وكذلك جعلناكم أمة واحدة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً) البقرة 143. والوسط العدل فهذه الأمة تشهد على شهادة نبيها الصادق المصدوق بأن الله قد بعث نوحاً بالحق وأنزل عليه الحق وأمره به وأنه بلغه إلى أمته على أكمل الوجوه وأتمها ولم يدع شيئاً مما ينفعهم في دينهم إلا وقد أمرهم به ولا شيئاً مما قد يضرهم إلا وقد نهاهم عنه وحذرهم منه. وهكذا شأن جميع الرسل، حتى أنه حذر قومه المسيح الدجال، وإن كان لا يتوقع خروجه في زمانهم حذراً عليهم وشفقة ورحمة بهم. كما قال البخاري: عن الزهري قال سالم قال ابن عمر: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجال قال: (إني لأنذركموه وما من نبي إلا وقد أنذر قومه لقد أنذر نوح قومه ولكني أقول لكم فيه قولاً لم يقله نبي لقومه: تعلمون أنه أعور وأن الله ليس بأعور) وهذا الحديث في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أحدثكم عن الدجال حديثاً ما حدث به نبي قومه: إنه أعور، وإنه يجيء مته بمثال الجنة والنار، والتي يقول عليها الجنة هي النار، إني أنذركم كما أنذر به نوح قومه) لفظ البخاري.

boulboul
2007-10-10, 00:03
قال العلماء لما استجاب الله له أمره أن يغرس شجراً ليعمل منه السفينة، فغرسه وانتظره مائة سنة، ثم نجره في مائة أخرى وقيل في أربعين سنة. فالله أعلم. قال محمد بن اسحاق عن الثوري: وكانت من خشب الساج. وقيل الصنوبر. قال الثوري: وأمره أن يجعل طولها ثمانين ذراعاً وعرضها خمسين ذراعاً وأن يطلي ظاهرها وباطنها بالقار، وأن يجعل لها جؤجؤاً أزور (صدراً مرتفعاً) يشق الماء وقال قتادة: كان طولها ثلثمائة ذراع في عرض خمسين ذراعاً.
وقال الحسن البصري: ستمائة في عرض ثلثمائة ذراع وعن ابن عباس: ألف ومائتا ذراع في عرض ستمائة ذراع. وقيل: كان طولها ألفي ذراع وعرضعا مائة ذراع. وقالوا كلهم: وكان ارتفاعها ثلاثين ذراعاً وكانت ثلاث طبقات كل واحدة عشرة أذرع فالسفلى للدواب والوحوش والوسطى للناس والعليا للطيور وكان بابها في عرضها ولها غطاء ومن فوقها مطبق عليها قال الله تعالى: (قال رب انصرني بما كذبون فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا) المؤمنون 26 - 27. أي أمرنا لك وبمرأة من لصنعتك لها ومشاهدتنا لذلك لنرشدك إلى الصواب في صنعها ( فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون) المؤمنون 27. فتقدم إليه بأمره العظيم العالي أنه إذا جاء أمره وحل بأسه أن يحمل في هذه السفينة من كل زوجين اثنين من الحيوانات وسائر ما فيه روح ومن المأكولات وغيرها لبقاء نسلها وأن يحمل معه أهله أي: أهل بيته إلا من سبق عليه القول منهم أي: إلا من كان كافراً فإنه قد نفذت فيه الدعوة التي لا ترد ووجب عليه حلول البأس الذي لا يرد وأمر أنه لا يراجعه فيهم إذا حل بهم ما يعاينه من العذاب العظيم الذي قد حتمه عليهم الفعال لما يريد.
والمراد بالتنور عند الجمهور: وجه الأرض أي: نبعث الأرض من سائر أرجائها حتى تنبعث التنانير التي هي محال النار. وعن ابن عباسظك التنور عين في الهند. وعن الشعبي: بالكوفة وعن قتادة: بالجزيرة وقال علي بن أبي طالب: المراد بالتنور: فلق الصبح وتنوير الفجر أي: اشراقه وضياؤه. أي: عند ذلك فاحمل فيها من كل زوجين اثنين. وقوله تعالى: (حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل) هو. هذا أمر بأن عند حلول النقمة بهم أن يحمل فيها من كل زوجين اثنين أن يحمل من كل ما يؤكل سبعة أزواج ومما لا يؤكل زوجين ذكراً وأثنى وهذا مغاير لمفهوم قوله تعالى (اثنين) إن جعلنا ذلم مفعولاً به وإما إن حعلناه توكيداً لزوجين والمفعول به محذوف فلا ينافي والله أعلم.
وذكر بعضهم ويرى عن ابن عباس: أن أول مدخل من الطيور الدرة (الوحش من الصيد) وآخر ما دخل من الحيوانات الحمار، ودخل ابليس متعلقاً بذنب الحمار. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا عبدالله بن ثالح حدثني الليث حدثني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لما حمل نوح في السفينة من كل زوجين اثنين قال أصحابه: وكيف نطمئن أو كيف تطمئن المواشي ومعنا الأسد، فسلط الله عليه الحمى، فكانت أول حمى نزلت في الأرض، ثم شكوا الفأرة فقالوا: الفويسقة تفسد علينا طعامنا ومتاعنا، فأوحي الله إلى الأسد فعطس فخرجت الهرة منه، فتخبأت الفأرة منها).

اختلف اعلماء في عدة من كان معه في السفينة، فعن ابن عباس: كانوا ثمانين نفساً معهم نساؤهم. وعن كعب الأحبار: كانوا اثنين وسبعين نفساً. وقيل: كانوا عشرة. وقيل: إنما كان نوحاً وبنيه الثلاثة. وأنه قد ركب معه غير أهله طائفة ممن آمن به، كما قال: (ونجني ومن معي من المؤمنين) الشعراء 118 وقيل كانوا سبعة، وأما امرأة نوح وهي أم أولاده كلهم وهم: حام وسام ويافث ويام وكنعان وهو الذي غرق وعابر قد ماتت قبل الطوفان. قيل: إنها غرقت مع من غرق، وكان ممن سبق عليه القول لكفرها.
قال الله تعالى: (فإذا سويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين. وقل رب أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين) المؤمنون 28 - 29 أمره أن يحمد ربه على ما سخر له من هذه السفينة، فنجاه بها، وفتح بها، وفتح بينه وبين قومه، وأقر عينه ممن خالفه وكذبه، كما قال تعالى: (والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون. لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين. وإنا إلى ربنا لمنقلبون) الزخرف 12 - 14 وهكذا يؤمر بالدعاء في ابتداء الأمور أن يكون على الخير والبركة، وأن تكون عاقبتها محمودة، كما قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم حين هاجر: (وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطاناً نصيراً) وقد امتثل نوح عليه السلام هذه الوصية: (وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم) هود 41 أي على اسم الله ابتداء سيرها وانتهاؤه (إن ربي لغفور رحيم) وذو عقاب أليم مع كونه غفوراً رحيماً، لا يرد بأسه عن القوم المجرمين. كما أحل بأهل الأرض قبله، ولا تمطره بعده، كان كأفواه القرب، وأمر الأرض فنبعت من جميع فجاجها وسائر أرجائها.
ذكر ابن جرير وغيره: أ، الطوفان كان في ثالث عشر من شهر أغسطس وقال تعالى: (إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية) الحاقة 11 أي السفينة (لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية) الحاقة 12 قال جماعة من المفسرين: ارتفع الماء على أعلى جبل بالأرض خمسة عشرا ذراعاً، وقيل: ثمانين ذراعاً، وعم جميع الأرض طولها وعرضها، سهلها وحزنها وجبالها وقفارها ورمالها، ولم يبق على وجه الأرض ممن كان بها من الأحياء عين تطرف، ولا صغير ولا كبير. قال الإمام مالك عن زيد بن أسلم: كان أهل ذلك الزمان قد ملأوا السهل والجبل. وقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم: (لم تكن بقعة في الأرض إلا ولها مالك وحائز) رواهما ابن أبي حاتم. (ونادى نوح ابنه كان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين. قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين) هود 42 - 43 وهذا الابن هو: يام أخو سام وحام ويافث. وقيل اسمه كنعان. وكان كافراً عمل عملاً غير صالح، فخالف أباه في دينه ومذهبه فهلك مع من هلك. هذا وقد نجا مع أبيه الأجانب في النسب، لما كانوا موافقين في الدين والمذهب (وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعداً للقوم الظالمين) هود 44 أي لما فرغ من أهل الأرض ولم يبق منها أحد ممن عبد غير الله عزوجل، أمر الله الأرض أن تبلع ماءها، وأمر السماء أن تقلع أي تمسك عن المطر (وغيض الماء) أي نقص عما كان (وقضي الأمر) أي وقع بهم الذي كان قد سبق في علمه وقدره من إحلاله بهم ما حل بهم.

روى الإمامان أبو جعفر بن جرير وابو محمد بن أبي حاتم في تفسيرهما من طريق يعقوب بن محمد الزهري عن قائد مولى عبدالله بن أبي رافع أن ابراهيم بن عبدالرحمن بن أ[ي ربيعة أخبره أن عائشة أم المؤمنين أخبرته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فلو رحم الله من قوم نوح أحداً لرحم أم الصبي) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مكث نوح عليه السلام في قومه ألف (يعني إلا خمسين عاماً)، وغرس مائة سنة الشجر فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعلها سفينة، ويمرون عليه ويسخرون منه ويقولون: تعمل سفينة في البر، كيف تجري؟! قال: سوف تعلمون. فلما فرغ ونبع الماء وصار في السكك، فخشيت أم الصبي عليه وكانت تجبه حباً شديداً، فخرجت به إلى الجبلحتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت به حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبتها رفعته بيدها فغرقا، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أم الصبي).
وقد روى عن كعب الأحبار ومجاهد وغيره واحد شبيه لهذه القصة. ذكر الله تعالى مناشدة نوح ربه في ولده وشؤاله له عن غرقه على وجه الاستعلام والاستكشاف، ووجه السؤال أنك وعدتني بنجاة أهلي معي وهو منهم قد غرق، فأجيب: بأنه ليس من أهلك، أي الذين وعدت بنجاتهم، أي أمل قلنا لك (وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم) فكان هذا ممن سبق عليه القول منهم بأنه سيغرق بكفره، ولهذا ساقته الأقدار إلى أن انحاز عن حوزة أهل الإيمان، فغرق مع حزبه أهل الكفر والطغيان، ثم قال تعالى: (قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم) هود 48 هذا أمر لنوح عليه السلام لما نضب الماء عن وجه الأرض وأمكن السعي فيها والاستقرار عليها أن يهبط من السفينة التي كانت قد استقرت بعد سيرها العظيم على ظهر جبل الجودي، وهو جبل بأرض الجزيرة مشهور، (قرب الموصل بالعراق) (بسلام منا وبركات) أي اهبط سالماً مباركاً عليك وعلى أمم ممن سيولد بعد، أي من أولادك، فإن الله لم يحعل لأحد ممن كان معه من المؤمنين نسلاً ولا عقباً سوى نوح عليه السلام، قال تعالى: (وجعلنا ذريته هم الباقين) الصافات 37 فكل من على وجه الأرض اليوم سائر أجناس بني آدم إلى أولاد نوح الثلانة وهم (سام وحام ويافث).
قال الإمام أحمد: حدثنا عبدالوهاب عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سام أبو العرب، وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم) ورواه الترمذي عن بشر بن معاذ العقدي عن يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة مرفوعاً نحوه. وقال الشيخ أبو عمرو بن عبد البر: وقد روى عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله . قال: والمراد بالروم هنا الروم : الأول ، وهم اليونان المنتسبون الى الى رومي بن لبطي بن يونان بن يافث ابن نوح عليه السلام . عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(ولد لنوح سام وحام ويافث ، فولد لسام : العرب وفارس والروم والخير فيهم ، وولد ليافث يأجوج ومأجوج والترك والسقالبة ولا خير فيهم ، وولد لحام : القبط والبربر والسودان ) ثم قال : لا نعلم يروى مرفوعا الى من هذا الوجه ، تفرد به محمد بن يزيد بن سنان عن أبيه ، وقد حدث عنه جماعه من أهل العلم واحتملوا حديثه ، ورواه غيره عن يحيى بن سعيد مرسلا ولم يسنده وانما جعله من قول سعيد . قلت : وهذا الذي ذكره أبو عمرو هو المحفوظ عن سعيد قوله . وهكذا روي عن وهب بن منبه مثله .والله أعلم .ويزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي : ضعيف بمرة لا يعتمد عليه . وقد قيل : إن نوح عليه السلام لم يولد له هؤلاء الثلاثة الأولاد إلا بعد الطوفان وإنما ولد له قبل السفينة : كنعان الذي غرق وعابر ومات قبل الطوفان والصحيح أن الأولاد الثلاثة كانوا معه في السفينة هم ونساؤهم وأمهم .

ذكر الإمام أبو جعفر بن جرير من طريق علي بن زيد بن جدعان عن يوسف بن مهران عن ابن عباس أنه قال: (قال الحواريون لعيسى بن مريم: لو بعث لنا رجلاً شهد السفينة فحدثنا عنها؟ قال: فانطلق بهم حتى أتى إلى كثيب من تراب، فأخذ كفاً من ذلك التراب بكفه قال: أتدرون ما هذا؟ قالوا الله ورسوله أعلم! قال: هذا كعب حام بن نوح، قال: وضرب الكثيب بعصاه، وقال: قم بإذن الله، فإذا هو قائم ينفض التراب عن رأسه قد شاب، فقال له عيسى عليه السلام: هكذا هلكت؟ قال: لا، ولكني مت وأنا شاب، ولكني ظننت أنها الساعة فمن ثم شبت. قال: حدثنا عن سفينة نوح. قال: كان طولها ألف ذراع ومائتي ذراع وعرضها ستمائة ذراع، وكانت ثلاث طبقات: فطبقة فيها الدواب والوحش، وطبقة فيها الإنس، وطبقة فيها الطير. قال قتادة وغيره: ركبوا في السفينة اليوم العاشر من شهر رجب، فساروا مائة وخمسين يوماً واستقرت بهم على الجودي شهراً، كان خروجهم من السفينة في يوم عاشوراء من المحرم. وقد روى ابن جرير خبراً مرفوعاً يوافق هذا، وأنهم صاموا ذلك. وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو جعفر حدثنا عبدالصمد بن حبيب الأزدي عن أبيه حبيب بن عبدالله عن شبل عن أبي هريرة قال: (مر النبي صلى الله عليه وسلم بأناس من اليهود وقد صاموا يومهم ذلك. فقال: ما هذا الصوم؟ فقالوا: هذا اليوم الذي نجا الله موسى وبني اسرائيل من الغرق، وغرق فيه فرعون، وهذا يوم استوت فيه السفينة على الجودي، فصام نوح وموسى عليهما السلام شكراً لله عزوجل. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا أحق بموسى، وأحق بصوم هذا اليوم. وقال لأصحابه: من كان منكم أصبح صائماً فليتم صومه، ومن كان منكم قد أصاب من غد أهله فليتم بقية يومه). وهذا الحديث له شاهد في الصحيحين من وجه آخر، والمستغرب ذكر نوح أيضاً والله أعلم.
قال الله تعالى: (إنه كان عبداً شكوراً) قيل إنه كان يحمد الله على طعامه وشرابه ولباسه وشأنه كله، وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو أسامة حدثنا زكريا بن أبي زائدة عن سعيد بن أبي بردة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها. أو يشرب الشربة فيحمده عليها) وكذا رواه مسلم والترمذي والنسائي من حديث أبي أسامة. والظاهر: أن الشكور هو الذي يعمل بجميع الطاعات القلبية والقولية والعملية، فإن الشكر يكون بهذا وبهذا كما قال الشاعر:
أفادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والضمير المحجبا
قال ابن ماجه في باب صيام نوح عليه السلام: حدثنا سهل بن أبي سهل حدثنا سعيد بن أبي مريم عن ابن لهيعة عن جعفر بن ربيعة عن أبي فراس أنه سمع عبدالله بن عمرو يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (صام نوح الدهر، إلا يوم عيد الفطر، ويوم الأضحى) هكذا رواه ابن ماجه عن طريق عبدالله بن لهيعة بإسناده ولفظه. وقد قال الطبراني: حدثنا أبو الزنباع روح بن فرج حدثنا عمرو بن خالد الحراني حدثنا ابن لهيعة عن أبي قتادة عن يزيد بن رباح أبي فراس أنه سمع عبدالله بن عمرو يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (صام نوح الدهر إلا يوم الفطر والأضحى، وصام داود نصف الدهر، وصام ابراهيم ثلاثة أيام من كل شهر. صام الدهر وأفطر الدهر) قال الحافظ أبو يعلى: حدثنا سفيان بن وكيع حدثنا أبي عن زمعة هو ابن أبي صالح عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن ابن عباس قال: ( حج رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أتى وادي عسفان قال: يا أبابكر، أي واد هذا؟ قال: هذا وادي عسفان قال: لقد مر بهذا الوادي نوح وهود وابراهيم على بكرات لهم حمر، خطمهم الليف (ما يوضع في أنف البعير ليسهل قياده) وأرديتهم النمار، يحجون البيت العتيق.

قال الإمام أحمد: حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن الصقعب بن زهير عن زيد بن أسلم قال حماد أظنه عطاء بن يسار عن عبدالله بن عمرو قال: (كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رجل من أهل البادية عليه جبة سيحان مزرورة بالديباج، فقال: ألا إن صاحبكم هذا قد وضع كل فارس ابن فارس. ورفع كل راع ابن راع، قال: فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجامع جبته وقال: لا أرى عليك لباس من لا يعقل. ثم قال: إن نبي الله نوحاً عليه السلاك لما حضرته الوفاة قال لابنه: إني قاص عليك الوصية: آمرك باثنتين، وأنهاك عن اثنتين: آمرك بلا إله إلا الله في كفة رجحت بهن لا إله إلا الله، لو أن السماوات السبع والأرضين السبع كن حلق مبهمة فضمتهن لا إله إلا الله وسبحان الله وبحمده، فإن بها صلات كل شيء، وبها يرزق الخلق، وأنهاك عن الشرك والكبر) قال: قلت: (أو) قيل: يا رسول الله، هذا الشرك قد عرفناه، فما الكبر؟ أن يكون لأحدنا حلة يلبسها؟ قال: لا. قال: هو أن يكون لأحدنا دابة يركبها؟ قال: لا. هو أن يكون لأحدنا أصحاب يجلسون إليه؟ قال: لا. قلت: (أو) قيل: يا رسول الله فما الكبر؟ قال: سفه الحق، وغمض الناس. وهذا إسناد صحيح ولم يخرجوه. ورواه أبو القاسم الطبراني من حديث عبدالرحيم بن سليمان عن محمد بن اسحاق عن عمرو بن دينار عن عبدالله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كان في وصية نوح لإبنه أوصيك بخصلتين ونهاك عن خصلتين) فذكر نحوه. وقد رواه أبو بكر البزار عن ابراهيم بن سعيد عن أبي معاوية الضرير عن محمد بن اسحاق عن عمرو بن دينار عن عبدالله بن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه. والظاهر أنه عن عبدالله بن عمرو بن العاص كما رواه أحمد والطبراني والله أعلم.
قيل: أن نوحاً عليه السلام لما ركب السفينة كان عمره ستمائة سنة. عن ابن عباس مثله وزاد: وعاش بعد ذلك ثلاثمائة وخمسين سنة وفي هذا القول نظر ثم إن لم يمكن الجمع بينه وبين دلالة القرآن فهو خطأ محض فإن القرآن يقتضي أن نوحاً مكث في قومه بعد البعثة وقبل الطوفان ألف سنة إلا خمسين عاماً فأخذهم الطوفان وهم ظالمون ثلاثمائة وخمسين سنة فيكون قد عاش على هذا ألف سنة وسبعمائة وثمانين سنة.
وأما قبره عليه السلام فروى ابن جرير والأزرقي عن عبدالرحمن بن سابط أو غيره من التابعين مرسلاً أن قبر نوح عليه السلام بالمسجد الحرام وهذا أقوى وأُثبت من الذي يذكره كثير من المتأخرين من أنه ببلدة بالبقاع تعرف اليوم بكرك نوح وهناك جامع قد بنى بسبب ذلك فيما ذكر والله أعلم.

انتهى

محمد أبو عثمان
2007-10-10, 00:37
أخي الحبيب جزاك الله خيرا على الموضوع وإن كنت أرى ان تغيير العنوان فكلمة رجال ليس مكانها مع انبياء الله ورسله أعتقد أن تجعله من قصص الأنبياء عليه الصلاة والسلام يكون أفضل بارك الله فيك مرة ثانية