مشاهدة النسخة كاملة : الشرك وأنواعه
*عبدالرحمن*
2018-07-25, 16:37
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
العقيدة
يَنقسِم النّظام الإسلاميّ إلى قسمين رئيسيين هما: العقيدة والشريعة
الشريعة
تعني التكاليف العمليّة التي جاءَ بها الإسلام في العبادات والمُعاملات
العَقيدة
فهي الأمور العلميّة التي يَجب على المُسلم أن يَعتقدها بقلبه.
تمتازُ العقيدةُ الإسلاميّة بعدّة خصائص تُميّزها عن العَقائد الأخرى
منها أنّها: عقيدةٌ ربّانية المصدر؛ حيث أوحيَ بها من عند الله تعالى بواسطة جبريل إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهي متّفقةٌ مع فطرة الإنسان السليمة؛ حيث تتّفق عمليّاً مع ما يدور في خلج الإنسان من الأفكار من وجود خالقٍ مدبّرٍ لهذا الكون العظيم الواسع حتى قبل أن يَعرف الإيمان أو يتعلّمه
كما أنّها تتميّز بالوضوح واليُسر والبساطة، وهي شاملة لجميع مناحي الحياة
الكون والإنسان وأطوار حياته، وهي عقيدةٌ ثابتةٌ لا تتغيّر بتَغيُّر الأزمنة والأمكنة؛ فهي لَيست نظريّات صاغها البشر، كما أنّها تتماشى مع واقع الإنسان ومُتطلّبات وجوده
وهي عقيدة مبرهنة تعتمد على الحجّة الدامغة والبَراهين الواضحة
تعريف العقيدة
العقيدة لغة أصل اشتقاق كلمة العقيدة من (عقد)
وهي في اللغة مَدارها على ثلاثة معانٍ
اللزوم، والتأكد، والاستيثاق
نحو قول الله تعالى: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ)
فتعقيد الإيمان يكون بعزم القلب عليه، والعقود هي أوثق العهود
ومنها قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)
العقيدة اصطلاحاً
العقيدة في الاصطلاح هي اعتقادٌ جازمٌ مُطابقٌ للواقع لا يقبل الشك أو الظن
فالعلم الذي لم يَصل بالشيء إلى درجة اليقين الجازم لا يُسمّى عقيدة
وإذا كان الاعتقاد غير مُطابق للواقع والحق الثابت ولا يقوم على دليل فهو ليس عقيدةٌ صحيحة سليمة
وإنّما هو عقيدة فاسدة كاعتقاد النصارى بألوهيّة عيسى وبالتثليث.
تُعرّف العقيدة أيضاً بأنها التصديق الجازم فيما يجب لله عزّ وجل من الوحدانية، والربوبية، والإفراد بالعبادة، والإيمان بأسمائه الحسنى، وصفاته العليا
أركان العقيدة
أركان العقيدة في الإسلام هي كلٌ لا يتجزّأ، وكلّ من كفر بواحدة منها أو بجزئيّة منها ممّا ثَبت في القرآن الكريم أو في السنة النبوية لا يُقبل إيمانه بالأركان الأخرى
وقد وَرد ذكرهذه الأركان في كتاب الله عزّ وجلّ، وسُنّة نبيه -صلّى الله عليه وسلّم- في مواضع كثيرة
منها: قوله سبحانه وتعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ)
وقوله سبحانه وتعالى: (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ)
وقوله سبحانه وتعالى: (وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا)
وبيان هذه الأركان كما هي معروفة بأركان الإيمان
و قد تقدم ذكرها بالتفصيل في المواضيع التاليه
الإيمان بالله
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2134558
الإيمان بالملائكه
https://www.djelfa.info/vb/showthrea...post3997428968
الإيمان بالكتب السماويه
https://www.djelfa.info/vb/showthrea...post3997431745
الإيمان بالقضاء والقدر
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2135405
الايمان بوجود الجن والسحر والعين
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2135246
مجمل الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2134705
أشراط الساعة
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2135032
اهل الجنه و اهل النار
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2135211
عذاب القبر ونعيمه
https://www.djelfa.info/vb/showthrea...post3997430760
و طذلك تقدم ذكر التوحيد بالمضمون العام واقسامه الثلاثه
الربوبية ... الألوهية .... الأسماء والصفات
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2129136
التوحيد من ابواب اخري
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2131511
ثم تقديم أصول عقيدة أهل السنة والجماعة
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?p=3997599924#post3997599924
و يتبقي لنا الشرك وانواعه
و الولاء والبراء
و اخيرا مذاهب و فرق و اديان
....
آثار العقيدة الإسلامية للعقيدة الإسلامية
آثارٌ واضحةٌ في حياة المسلمين
ومن هذه الآثار
تحرير الإنسان من العبودية للبشر؛ فيتوجب على الإنسان المسلم التحرّر من كل ولاءٍ لغير الله
قال تعالى: (وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ ۘ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ۚ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )
تحرير العقل من الخرافات والأوهام وحثه وتحفيزه على التفكير
فقد اتجهت العقيدة الإسلامية إلى تحرير العقل من الخضوع للأساطير والخرافات وحثته على التفكر في الكون.
غرس الاستقامة؛ فعندما يلتزم المسلم بالعقيدة الإسلامية الصحيحة ويراقب الله تعالى في أقواله وأفعاله تُصبح نفسه مُستقيمةً تبتعد عن المُنكرات والمعاصي. تبعث الطمأنينة والسعادة والأمن في نفس الإنسان. الشعور بالعزّة والكرامة والحرية
فالإنسان المسلم يَكتسب هذا الشعور من عزّة الله سبحانه وتعالى
حيث قال: ( يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ۚ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ)
*عبدالرحمن*
2018-07-25, 16:42
الشرك وأنواعه
من كلام أهل العلم المتقدمين في إنكار الشرك في الألوهية
السؤال
: إنني طالب العلم في كلية الفقه تحت جامعة الهند الإسلامية كيرالا الهند ، سؤالي : أنني قد بحثت في كثير من كتب المتقدمين في باب العقيدة ، ما رأيت أكثرهم يصرح عن الشرك وعظمته كما يصرح العلماء السلفيون المتأخرون
مع أن ذلك الأزمنة القديمة أيضا كانت مملوءة بالعقائد الشركية بين الصوفية والشيعة مثلا، نراهم ينكرون البناء على القبور، لكن لا يصرحون بالإنكار عن الشرك الذي يقع حولها إلا تلميحا.
فهل يوجد أقوال صريحة من العلماء المتقدمين عن الشرك ، كما عند ابن تيمية رحمه الله ومن بعده من العلماء السلفيين ؟
فأرجو منكم بعضها وإن لم يوجد فما هو السبب ؟
الجواب :
الحمد لله
القرآن الكريم مملوء بالآيات التي فيها الدعوة إلى التوحيد، وبيان الشرك والتحذير منه، كشرك الدعاء، وشرك الطاعة، وشرك المحبة.
قال الله تعالى: ( وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ ) يونس/106 .
قال ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسيره (15/ 219): " ( فإنك إذًا من الظالمين ) ، يقول: من المشركين بالله ، الظالمي أنفُسِهم" انتهى.
وقال تعالى: (إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) فاطر/14 .
وقال تعالى: (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ) المؤمنون/ 117 .
وقال تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) الأنعام/121 .
وقال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ) البقرة/165 .
إلى غير ذلك من الآيات.
وفي السنة : بيان شرك الطاعة كما في حديث عدي بن حاتم ، وشرك الحلف بغير الله ، وشرك الرياء، ولعن من ذبح لغير الله.
وأكثر أنواع الشرك إنما ظهرت في القرنين الرابع والخامس الهجري بعد استيلاء الروافض العبيدين على بلاد المغرب ومصر والحجاز، فهؤلاء من عظموا القبور وبنوا عليها المشاهد، وأقاموا الموالد ، وانتشر الشرك بسببهم .
قال الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله:
" وإن أقدم من وقفت عليه يرجع المسلمين إلى دين الجاهلية في الاعتقاد بالأرواح والقبور : هم الإسماعيليون ، وبخاصة إخوان الصفا، تلك الجماعة السرية الخفية التي بثت عقائدها، ورسائلها الخمسين بسرية تامة
حتى لا يكاد يعرف لها كاتب ولا مصنف، وإن ظُن ظناً.
ثم تبعهم على تقديس المقبورين من أهل البيت : الموسويون ، الملقبون بالاثني عشرية، وصنفوا التصانيف في الحج إلى المشاهد ، وفي كيفية الزيارات والأدعية عند القبور، يسندونها بطرق باطلة كاذبة إلى أئمة أهل البيت رضي الله عنهم.
وقد طالعت كتاب " الزيارات الكاملة " لابن قولويه
فرأيت فيه من هذا شيئاً كثيراً، وهو مطبوع. ومن طالع تراث الإسماعيلين، وحركة إخوان الصفا ، وجد ما قلتُه ماثلاً أمامه، فإن الشأن عظيم، وإن فتنة الناس بالقبور واتخاذ أهلها شفعاء ووسطاء: لم تعرف قبلهم .
ولما غلب الجهل قبل ظهور الدولة الفاطمية ، عرفت هذه الأمور طائفة من الناس، فلما ظهرت الدولة العبيدية شيدت المشاهد ، ونشرت ما كان سراً من عقائدها" .
انتهى من "هذه مفاهيمنا" ص105.
ولما ظهر هذا الشرك، كثر كلام أهل العلم في إنكاره، وكان من قبلهم يكتفون ببيان أن الشرك عبادة غير الله ، أو أن من الردة: الإشراك بالله ، فيدخل في ذلك كل صور العبادة إذا صرفت لغير الله .
ونحن نسوق شيئا من كلام أهل العلم في ذلك:
1-قال قتادة رحمه الله: "قوله: ( وَلا تَأْكُلُوا ممَّا لَمْ يُذكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإنَّه لَفِسْقٌ… ) الآية، يعني: عدوّ الله إبليس، أوحى إلى أوليائه من أهل الضلالة، فقال لهم: خاصموا أصحاب محمد في الميتة
فقولوا: أما ما ذبحتم وقتلتم فتأكلون، وأما ما قتل الله فلا تأكلون، وأنتم تزعمون أنكم تتبعون أمر الله ، فأنزل الله على نبيه: (وَإنْ أطَعْتُمُوهُمْ إنَّكُمْ لَمُشْركُونَ) .
وإنا - والله - ما نعلمه كان شرك قط ، إلا بإحدى ثلاث: أن يدعو مع الله إلها آخر، أو يُسجد لغير الله ، أو يُسمى الذبائحَ لغير الله"
رواه ابن جرير في تفسيره (5/ 325).
2-وقال أبو محمد ، الحسن بن علي البربهاري (ت: 329هـ ):
"ولا يخرج أحد من أهل القبلة من الإسلام حتى يرد آية من كتاب الله عز وجل، أو يرد شيئا من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يذبح لغير الله ، أو يصلي لغير الله ، وإذا فعل شيئا من ذلك: فقد وجب عليك أن تخرجه من الإسلام"
انتهى من "شرح السنة" للبربهاري، ص 81 .
3-وقال ابن عقيل الحنبلي رحمه الله (ت513هـ): لما [صعبت] التكاليف على الجهال والطغام عدلوا عن أوضاع الشرع إلى تعظيم أوضاع وضعوها لأنفسهم، فسهلت عليهم إذ لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم
قال: وهم عندي كفار بهذه الأوضاع، مثل تعظيم القبور وإكرامها بما نهى عنه الشرع من إيقاد النيران وتقبيلها وتخليقها وخطاب الموتى بالألواح [بالحوائج]، وكتب الرقاع فيها: يا مولاي افعل بي كذا وكذا
وأخذ التراب تبركا وإفاضة الطيب على القبور، وشد الرحال إليها، وإلقاء الخرق على الشجر اقتداء بمن عبد اللات والعزى، ولا تجد في هؤلاء من يحقق مسألة في زكاة، فيسأل عن حكمٍ يلزمه، والويل عندهم لمن لم يقبّل مشهد الكف، ولم يتمسح بآجرة مسجد المأمونية يوم الأربعاء...)
انتهى من "تلبيس إبليس" لابن الجوزي ص 448
و "إغاثة اللهفان" لابن القيم (1/195) وما بين المعقوفتين منه.
4-وقال الرازي رحمه الله (ت606هـ) في تفسير قوله تعالى: (ويعبدون من دون الله مالا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ) يونس/18 :
"وأما النوع الثاني: ما حكاه الله تعالى عنهم في هذه الآية ، وهو قولهم: (هؤلاء شفعاؤنا عند الله) فاعلم أن من الناس من قال: إن أولئك الكفار توهموا أن عبادة الأصنام أشد ، في تعظيم الله
من عبادة الله سبحانه وتعالى، فقالوا: ليست لنا أهلية أن نشتغل بعبادة الله تعالى، بل نحن نشتغل بعبادة هذه الأصنام، وأنها تكون لنا شفعاء عند الله تعالى .
ثم اختلفوا في أنهم كيف قالوا في الأصنام إنها شفعاؤنا عند الله ؟ وذكروا فيه أقولا كثيرة:...
ورابعها: أنهم وضعوا هذه الأصنام والأوثان على صور أنبيائهم وأكابرهم، وزعموا أنهم متى اشتغلوا بعبادة هذه التماثيل ، فإن أولئك الأكابر تكون شفعاء لهم عند الله تعالى.
ونظيره في هذا الزمان : اشتغال كثير من الخلق بتعظيم قبور الأكابر، على اعتقاد أنهم إذا عظموا قبورهم ، فإنهم يكونون شفعاء لهم عند الله"
انتهى من "تفسير الرازي" (17/ 59).
فهذا كما ترى فيه بيان لأنواع من الشرك كالدعاء والذبح والسجود لغير الله.
ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (ت728هـ) كلام مستفيض في ذلك، وكذلك للمقريزي رحمه الله (ت815هـ) كما في رسالته "تجريد التوحيد المفيد"، وابن كثير في تفسيره، وابن القيم في عدد من مؤلفاته .
ولم ينفك العلماء عن بيان التوحيد، وبيان ضده، ويزيد البيان عند شدة الحاجة إليه لانتشار الشرك وشيوعه.
وانظر كلاما بينا لفقهاء الحنفية في التحذير من الشرك، في كتاب: "جهود علماء الحنفية في رد بدع القبورية" للشمس السلفي الأفغاني.
والله أعلم.
*عبدالرحمن*
2018-07-25, 16:50
حول حديث التربة المشهور وفيه :" وخلق المكروه يوم الثلاثاء" ، هل ترك العمل أو تأجيله عن يوم الثلاثاء يعد من التطير
السؤال :
قرأت في حديث التربة المشهور قوله ﷺ ( وخلق المكروه يوم الثلاثاء ) بناء على هذا الحديث ماحكم تأجيل شيء ما كسفر أو موعد معين خوفا من إدراك شر في هذا اليوم ؟
وإذا كان هذا من التطير ، فلماذا لما مر ﷺ في طريقه بين جبلين أحدهما اسمه مخز والآخر فاضح عدل عنهما ولم يمر بينهما ؟ أرجو توضيح ذلك لي.
الجواب :
الحمد لله
أولا :
الحديث الذي ذكر منه السائل جملة :" وخلق المكروه يوم الثلاثاء " :
أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه" (2789)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي فَقَالَ :( خَلَقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ ، وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ، وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ
وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ ، وَخَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ، فِي آخِرِ الْخَلْقِ ، فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ ، فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ ) .
ثانيا :
ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم :" وخلق المكروه يوم الثلاثاء" ، على تقدير صحته مرفوعا : أي جنس ما يكرهه الإنسان.
قال الصنعاني في "التنوير شرح الجامع الصغير" (5/499)
:" أي كل ما يكره من دواب السموم والشرور وغيرها ". انتهى
إلا أنه لا يجوز الاستدلال به على جواز تأجيل الأعمال من سفر ونحوه إلى يوم آخر غير يوم الثلاثاء ، بل إن هذا الفعل محرم ، وهو من التطير المنهي عنه .
ومن تطير بأي شيء ، سواء كان طيرا ، أو لونا ، أو يوما ، أو شهرا ، أو مريضا ؛ فمنعه ذلك عن فعل شيء كان يريد فعله = فقد وقع في التطير المحرم .
فقد روى الإمام أحمد في "مسنده" (7045)
من حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ مِنْ حَاجَةٍ ، فَقَدْ أَشْرَكَ ).
والحديث صححه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1065) .
ثالثا :
وأما ما أورده السائل في واقعة ترك النبي صلى الله عليه وسلم المرور بين جبلين يقال لأحدهما " مسلح "
والآخر "مخرئ " ، فإنه – إن ثبتت القصة – لا يدل على جواز ما ذكرت من تأجيل السفر في يوم معين ، الثلاثاء أو غيره ، خشية المكروه فيه ؛ وذلك لما يلي :
الأول: أن هذه الواقعة ليس لها إسناد متصل، وإنما ذكرها ابن إسحاق في "السيرة" دون إسناد .
وقد أخرجها ابن هشام في "السيرة النبوية" (1/614)
من طريق ابن إسحاق فقال :" قال ابن إسحاق :"
وَنَزَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سَجْسَجَ ، وَهِيَ بِئْرُ الرّوْحَاءِ كَانَ بِالْمُنْصَرَفِ ، تَرَكَ طَرِيقَ مَكّةَ بِيَسَارٍ ، وَسَلَكَ ذَاتَ الْيَمِينِ عَلَى النّازِيَةِ يُرِيدُ بَدْرًا ، فَسَلَكَ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهَا ، حَتّى جَزَعَ وَادِيًا ، يُقَالُ لَهُ رُحْقَانُ ، بَيْنَ النّازِيَةِ وَبَيْنَ مَضِيقِ الصّفْرَاءِ
ثُمّ عَلَى الْمَضِيقِ ، ثُمّ انْصَبّ مِنْهُ حَتّى إذَا كَانَ قَرِيبًا مِنْ الصّفْرَاءِ ، بَعَثَ بَسْبَسَ بْنَ الْجُهَنِيّ حَلِيفَ بَنِي سَاعِدَةَ وَعَدِيّ بْنَ أَبِي الزّغْبَاءِ الْجُهَنِيّ حَلِيفَ بَنِي النّجّارِ إلَى بَدْرٍ يَتَحَسّسَانِ لَهُ الْأَخْبَارَ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ وَغَيْرِهِ . ثُمّ ارْتَحَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَدْ قَدِمَهَا . فَلَمّا اسْتَقْبَلَ الصّفْرَاء
، وَهِيَ قَرْيَةٌ بَيْنَ جَبَلَيْنِ سَأَلَ عَنْ جَبَلَيْهِمَا مَا اسْمَاهُمَا ؟
فَقَالُوا : يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا ، هَذَا مُسْلِحٌ ، وَلِلْآخَرِ هَذَا مُخْرِئٌ ، وَسَأَلَ عَنْ أَهْلِهِمَا ، فَقِيلَ بَنُو النّارِ وَبَنُو حُرَاقٍ ، بَطْنَانِ مِنْ بَنِي غِفَارٍ فَكَرِهَهُمَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَالْمُرُورُ بَيْنَهُمَا
وَتَفَاءَلَ بِأَسْمَائِهِمَا وَأَسْمَاءِ أَهْلِهِمَا . فَتَرَكَهُمَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَالصّفْرَاءَ بِيَسَارِ وَسَلَكَ ذَاتَ الْيَمِينِ عَلَى وَادٍ يُقَالُ لَهُ ذَفِرَانَ ، فَجَزَعَ فِيهِ ثُمّ نَزَلَ ". انتهى
الثاني : أنه قد جاءت الأحاديث الكثيرة في النهي عن الطيرة ، بل وعدها صلى الله عليه وسلم من الشرك ، ومن ذلك :
ما أخرجه البخاري في "صحيحه" (5707)
ومسلم في "صحيحه" (2220) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ ، وَلاَ هَامَةَ وَلاَ صَفَرَ ) .
ومنها ما أخرجه أبو داود في "سننه" (3910)
وأحمد في "مسنده" (3687) من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:( الطِّيَرَةُ شِرْكٌ ، الطِّيَرَةُ شِرْكٌ ، ثَلَاثًا ) .
والحديث صححه الشيخ الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (3098) .
قال النووي في "شرح مسلم" (14/218)
:" والتطير التشاؤم ، وَأَصْلُهُ الشَّيْءُ الْمَكْرُوهُ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ مَرْئِيٍّ ، وَكَانُوا يَتَطَيَّرُونَ بِالسَّوَانِحِ وَالْبَوَارحِ ، فَيُنَفِّرُونَ الظِّبَاءَ وَالطُّيُورَ ، فَإِنْ أَخَذَتْ ذَاتَ الْيَمِينِ تَبَرَّكُوا بِهِ وَمَضَوْا فِي سَفَرِهِمْ وَحَوَائِجِهِمْ
وَإِنْ أَخَذَتْ ذَاتَ الشِّمَالِ رَجَعُوا عَنْ سَفَرِهِمْ وَحَاجَتِهِمْ وَتَشَاءَمُوا بِهَا ، فَكَانَتْ تَصُدُّهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ عَنْ مَصَالِحِهِمْ ، فَنَفَى الشَّرْعُ ذَلِكَ وَأَبْطَلَهُ وَنَهَى عَنْهُ ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَأْثِيرٌ بنفع ولا ضر ، فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لاطيرة " .
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ " الطِّيَرَةُ شِرْكٌ " : أَيِ اعْتِقَادُ أَنَّهَا تَنْفَعُ أَوْ تَضُرُّ إِذْ عَمِلُوا بِمُقْتَضَاهَا معتقدين تأثيرها فهو شرك لأنهم جَعَلُوا لَهَا أَثَرًا فِي الْفِعْلِ وَالْإِيجَادِ ". انتهى
ولا شك أن ترك الفعل لحركة الطيور ، أو غير ذلك كرؤية مريض ونحوه : هو من التطير المحرم ، ويدخل فيه التطير بالأيام والشهور.
وقد كانت العرب تتشاءم بشهر شوال ، وهذا من الطيرة المحرمة ، ولذا ثبت عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت :"( تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَوَّالٍ
وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ ، فَأَيُّ نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي؟ ) .
والحديث أخرجه مسلم في "صحيحه" (1423) .
قال الإمام النووي في "شرح مسلم" (9/209)
:" وقصدت عائشة بهذا الكلام رد ما كانت الجاهلية عليه ، وما يتخيله بعض العوام اليوم من كراهة التزوج والتزويج والدخول في شوال ، وهذا باطل لا أصل له ، وهو من آثار الجاهلية كانوا يتطيرون بذلك ، لما في اسم شوال من الإشالة والرفع ". انتهى
الرابع : أن قصة عدول النبي صلى الله عليه وسلم عن المرور في هذا الطريق ، على فرض ثبوتها : ليست من التشاؤم والطيرة المحرمة ، وقد أجاب أهل العلم عن ذلك بعدة أجوبة ، بيانها كما يلي :
الجواب الأول : أن ما حدث أمر جِبِلِّي من محبة الاسم الطيب ، وكراهة الاسم القبيح ، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرجع عن طريقه ، وإنما جاوزه إلى غيره ، وهذا لا شيء فيه .
قال السهيلي في "الروض الأنف" (5/70) :
" وَذَكَرَ أَنّهُ عَلَيْهِ السّلَامُ مَرّ بِجَبَلَيْنِ فَسَأَلَ عَلَى اسْمَيْهِمَا ، فَقِيلَ لَهُ أَحَدُهُمَا مُسْلِحٌ وَالْآخَرُ مُخْرِئٌ فَعَدَلَ عَنْ طَرِيقِهِمَا ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الطّيَرَةِ الّتِي نَهَى عَنْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَلَكِنْ مِنْ بَابِ كَرَاهِيَةِ الِاسْمِ الْقَبِيحِ ، فَقَدْ كَانَ عَلَيْهِ السّلَامُ يَكْتُبُ إلَى أُمَرَائِهِ " إذَا أَبَرَدْتُمْ إلَيّ بَرِيدًا فَاجْعَلُوهُ حَسَنَ الْوَجْهِ حَسَنَ الِاسْمِ " . انتهى
الجواب الثاني : أن الأسماء المكروهة قد توافق من أقدار الله ما يتألم لأجله العبد ، فأراد صلى الله عليه وسلم أن يتجاوزه إلى غيره ، حتى لا يحدث شيء ، فيظن بعض الناس أن لذلك علاقة باسم الجبل أو اسم القبيلة ، وعدل عن هذا الطريق حتى لا يتشوش القلب بمثل ذلك .
قال ابن القيم
في "مفتاح دار السعادة" (2/259) :" وَأما استقباله الجبلين فِي طَرِيقه ، وهما مسلح ومخرىء ، وَترك الْمُرُور بَينهمَا ، وعدله ذَات الْيَمين ؛ فَلَيْسَ هَذَا أَيْضا من الطَّيرَة
وَإِنَّمَا هُوَ من الْعُدُول عَمَّا يُؤْذى النُّفُوس ، ويشوش الْقُلُوب ، إِلَى مَا هُوَ بِخِلَافِهِ ، كالعدول عَن الِاسْم الْقَبِيح وتغييره بِأَحْسَن مِنْهُ ، وَقد تقدم تَقْرِير ذَلِك بِمَا فِيهِ كِفَايَة .
وَأَيْضًا فَإِن الْأَمَاكِن فِيهَا الميمون الْمُبَارك ، والمشئوم المذموم ، فَاطلع رَسُول الله على شُؤْم ذَلِك الْمَكَان ، وَأَنه مَكَان سوء ، فجاوزه إِلَى غَيره ، كَمَا جَاوز الْوَادي الَّذِي نَامُوا فِيهِ عَن الصُّبْح إِلَى غَيره
وَقَالَ " هَذَا مَكَان حَضَرنَا فِيهِ الشَّيْطَان " ، والشيطان يحب الْأَمْكِنَة المذمومة وينتابها ، وَأَيْضًا فَلَمَّا كَانَ الْمُرُور بَين ذَيْنك الجبلين قد يشوش الْقلب ". انتهى
وقد جاءت عدة أحاديث تقرر هذا المعنى
فقد روى الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4/443) حديثا عن سَمُرَةَ بن جُنْدُبٍ قال: قال لي رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :( لاَ تُسَمِّيَنَّ عَبْدَك أَفْلَحَ وَلاَ رَبَاحًا وَلاَ يَسَارًا ) .
قال أبو جَعْفَرٍ الطحاوي :" فَفِي بَعْضِ هذه الآثَارِ " فَإِنَّك تَقُولُ أَثَمَّ هو؟ فَلاَ يَكُونُ ، فَيُقَالُ : لاَ " ، فَفِي ذلك ما قد دَلَّ على أَنَّ النَّهْيَ عن هذه الأَسْمَاءِ إنَّمَا كان خَوْفَ الطِّيَرَةَ بها ". انتهى
*عبدالرحمن*
2018-07-25, 16:51
ومنها ما أخرجه أبو داود في "سننه" (3920)
من حديث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ: ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَتَطَيَّرُ مِنْ شَيْءٍ ، وَكَانَ إِذَا بَعَثَ عَامِلًا سَأَلَ عَنِ اسْمِهِ ، فَإِذَا أَعْجَبَهُ اسْمُهُ فَرِحَ بِهِ ، وَرُئِيَ بِشْرُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ ،
وَإِنْ كَرِهَ اسْمَهُ رُئِيَ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ ، وَإِذَا دَخَلَ قَرْيَةً سَأَلَ عَنِ اسْمِهَا ، فَإِنْ أَعْجَبَهُ اسْمُهَا فَرِحَ وَرُئِيَ بِشْرُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ ، وَإِنْ كَرِهَ اسْمَهَا : رُئِيَ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ ) .
والحديث صححه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (762) .
قال ابن الملك في "شرح المصابيح" (5/122)
في شرحه لهذا الحديث :" فالسنَّةُ أن يختارَ الإنسانُ لولدهِ وخادمهِ الأسماءَ الحسنةَ ، فإنَّ الأسماءَ المكروهةَ قد تُوافِقُ القَدَر
مثلاً لو سَمَّى أحد ابنه بِـ ( خَسَارٍ) فربما جرى قضاءُ الله بأنْ يَلْحَقَ بذلك المسمَّى به خَسَار ، فيعتقِدُ بعضُ النَّاس أن ذلك بسببِ اسمه فيتشاءمون به ، ويحتَرِزون عن مجالسته ومواصَلَتِه ". انتهى
ومنها ما أخرجه أبو داود في "سننه" (3924)
من حديث أنس بنِ مالكٍ ، قال:" قال رجلٌ: يا رسولَ اللهِ ، إنَّا كُنَّا في دارٍ ، كثيرٌ فيها عَدَدُنا ، وكثيرُ فيها أموالُنا ، فتحوَّلنا إلى دارٍ أخرى ، فقلَّ فيها عَدَدُنَا ، وقَلَّت فيها أموالُنا ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - : ( ذَرُوها ذَمِيمَةً ) .
والحديث حسنه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (790) .
قال الخطابي في "معالم السنن" (4/237)
:" قد يحتمل أن يكون إنما أمرهم بتركها والتحول عنها: إبطالاً لما وقع في نفوسهم من أن المكروه إنما أصابهم بسبب الدار وسكناها ، فإذا تحولوا عنها انقطعت مادة ذلك الوهم ، وزال ما كان خامرهم من الشبهة فيها . والله أعلم ". انتهى
وقال ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (9/437) :
" وليس في قوله عليه السلام: ( دعوها ذميمة ) أمر منه بالتطير ، وكيف وقد قال: لا طيرة؟ وإنما أمرهم بالتحول عنها لما قد جعل الله في غرائز الناس من استثقال ما نالهم فيه الشر ، وإن كان لا سبب له في ذلك ، وحب من جرى لهم الخير على يديه وإن لم يردهم به
وكان النبي عليه السلام يستحب الاسم الحسن والفأل الصالح ، وقد جعل الله في فطرة الناس محبة الكلمة الطيبة والفأل الصالح والأنس به ، كما جعل فيهم الارتياح للبشرى والمنظر الأنيق .
وقد يمر الرجل بالماء الصافي فيعجبه وهو لا يشربه ، وبالروضة المنورة فتسره ، وهي لا تنفعه ، وفى بعض الحديث ( أن الرسول عليه السلام كان يعجبه الأترج ، ويعجبه الفاغية ، وهي نور الحناء ) .
وهذا مثل إعجابه بالاسم الحسن والفأل الحسن ، وعلى حسب هذا كانت كراهيته الاسم القبيح كبني النار وبني حزن وشبهه ". انتهى
رابعا :
أنه لا يلزم من كون أن الله تعالى خلق المكروه يوم الثلاثاء ، أن يقع المكروه في هذا اليوم
قال محمد بن خلفة الأُبي في "إكمال إكمال المعلم" (7/193) :" المراد بالمكروه المؤلم ، ولا يلزم من خلقه فيه : اختصاص وقوعه به ". انتهى .
وهذا أمر مجرب معروف ، فما زال المحبوب والمكروه ، يقع للناس في كل يوم من أيامهم ، لا اختصاص لشيء من ذلك بيوم ، دون يوم ؛ ففي كل يوم من أيام الله : خفض ، ورفع ، وعطاء ومنع
وحياة وموت ؛ فسبحان من بيده ملكوت كل شيء ، ومن يدبر الأمر كله ، كل يوم هو في شأن ؛ قال أبو الدرداء : «يَغْفِرُ ذَنْبًا، وَيَكْشِفُ كَرْبًا، وَيَرْفَعُ قَوْمًا، وَيَضَعُ آخَرِينَ» !!
وقد حدثت أمور عظيمة في يوم الثلاثاء ، ومنها ما يلي :
بويع أبو بكر الصديق بالخلافة يوم الثلاثاء .
قال خليفة بن خياط في "تاريخه" (ص100) :
" وَفِي سنة إِحْدَى عشرَة بُويِعَ أَبُو بَكْر بيعَة الْعَامَّة يَوْم الثُّلَاثَاء من غَد وَفَاة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". انتهى
وبويع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالخلافة يوم الثلاثاء .
قال ابن كثير في "البداية والنهاية" (7/31)
في حوادث سنة ثلاث عشرة من الهجرة قال :" وَفِيهَا وَلِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ ".
وفتحت عمورية يوم الثلاثاء .
قال خليفة بن خياط في "تاريخه" (ص477) :" وَسَار أَمِير الْمُؤمنِينَ فَنزل عَلَى عمورية ووافاه الأفشين فافتتحها أَمِير الْمُؤمنِينَ عَنوة يَوْم الثُّلَاثَاء لثلاث عشرَة بقيت من شهر رَمَضَان ". انتهى
ووقوع هذه الحوادث المباركة لا يدل على فضل يوم الثلاثاء ، كما أن خلق الله للمكروه يوم الثلاثاء لا يدل على ترك العمل فيه ، فلا علاقة له بأقدار الله عز وجل فعلا أو تركا .
وختاما :
فإن التطير منهي عنه ، ولا علاقة للمخلوقات والأيام بأقدار الله عز وجل ، فعلى العبد أن يجعل تعلقه بالله وحده ، ويتوكل عليه فهو حسبه جل في علاه .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-07-25, 16:56
حقيقة دعاء صفات الله تعالى
السؤال
: علمت أن دعاء صفات الله شرك لا يجوز ، فهل هذا البيت -المنسوب لابن حزم - من ذلك : عسى لطائف من لا شئ يعجزه *** تحنو على شملنا يوما فتجمعه ونحو هذا من الكلام من ذلك ، وإن لا ، فما هو ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا:
من المجمع عليه في دين الإسلام أن الله واحد لا شريك له، قال الله تعالى:
( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، اللَّهُ الصَّمَدُ ) الإخلاص /1 – 2.
ومما تواترت به نصوص الوحي، واجتمعت عليه الفرقة الناجية، أن نثبت لله تعالى ما أثبته لنفسه من الصفات؛ كقوله تعالى:
( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الشورى/ 11.
والله تعالى بجميع صفاته واحد أحد لا شريك له؛ فهذه الصفات العليا؛ هي صفات ملازمة لذات الله تعالى غير منفكة عنه، وليست هي الله تعالى نفسه.
قال ابن بطة رحمه الله تعالى:
" ولا يقال: إن عزة الله هي الله، ولو جاز ذلك؛ لكانت رغبة الراغبين ومسألة السائلين أن يقولوا: يا عزة الله! عافينا، ويا عزة الله! أغنينا، ولا يقال: عزة الله غير الله، ولكن يقال: عزة الله صفة الله، لم يزل ولا يزال الله بصفاته واحدا.
وكذلك علم الله، وحكمة الله، وقدرة الله وجميع صفات الله تعالى، وكذلك كلام الله عز وجل.
فتفهموا حكم الله؛ فإن الله لم يزل بصفاته العليا وأسمائه الحسنى عزيزا، قديرا، عليما، حكيما، ملكا، متكلما، قويا، جبارا ... "
انتهى، من "الإبانة الكبرى – الرد على الجهمية" (2 / 181 - 182).
فإذا كانت صفات الله تعالى بهذا المقام؛ فإنّ ذكرها في الدعاء؛ يكون من وجهين:
الوجه الأول:
أن يذكر الداعي هذه الصفة على أنها هي المتوجه إليها بالدعاء والنداء، كأن يقول يا لطف الله! الطف بي، أو يا رحمة الله! ارحميني، ونحو هذا؛ وهذا يسمى "دعاء الصفة".
فهذا من الشرك؛ لأن الداعي في هذه الحالة قد جعل الصفة ذاتا قائمة بنفسها ، تفعل بمشيئتها وإرادتها من دون الله تعالى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" وأما دعاء صفاته وكلماته فكفر باتفاق المسلمين " انتهى، من "الاستغاثة" (1 / 157).
الوجه الثاني:
أن يذكر الداعي هذه الصفات العليا، على سبيل التوسل بها؛ فهذا أمر مشروع، وقد جاءت به النصوص الشرعية؛ وهذا يسمى "الدعاء بالصفة"؛ لأن المدعو والمنادى هو الله تعالى وحده، أما الصفة فذكرت من باب التوسل بها لا غير.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" مسألة الله بأسمائه وصفاته وكلماته جائز مشروع كما جاءت به الأحاديث " انتهى، من "الاستغاثة" (1 / 157).
كحديث عَائِشَةَ، قَالَتْ: ( فَقَدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنَ الْفِرَاشِ، فَالْتَمَسْتُهُ، فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ، وَهُوَ يَقُولُ: اللهُمَّ! أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ ) رواه مسلم (486).
وعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ، أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ: بِاسْمِ اللهِ ثَلَاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ ) رواه مسلم (2202).
ثالثا:
البيت الذي ذكرته في نسبته إلى ابن حزم شك، فقد ورد ضمن قصيدة نسبت إلى ابن حزم أنه قالها في محبسه متشوقا إلى أهله وولده، لكن قيل أنها تروى لغيره. انظر "تاريخ الأدب الأندلسي - عصر سيادة قرطبة" للدكتور إحسان عباس (385 - 387).
وهذا البيت ليس من باب دعاء الصفة ، ولا الدعاء بالصفة؛ فإن اللطائف في هذا البيت يظهر أن المقصود بها ليس صفة الله تعالى، وإنما ما يخلقه الله تعالى من الحوادث لطفا بعباده ورحمة بهم.
فالشاعر يرجو أن يخلق الله حوادث ، فيها لطف ورحمة بحاله ، تتسبب في مخرجه من سجنه وتحقق له لمّ الشمل مع أهله.
وهذا من باب التعلق بفضل الله ورحمته ، وتنفيسه لكربة المكروب بما يحدثه ويخلقه سبحانه في كونه من الأسباب ، ورجا أن يكون في أسباب التفريج هذه : فرجه مما هو فيه من الغم .
وليس في شيء من ذلك غلط ، ولا شرك ، معاذ الله .
بل لو كان رجاؤه في نفسه رحمة الله ، ولطفه ، الذي هو صفته القائمة به سبحانه : لم يكن في ذلك أيضا محذور ، ولا حرج ، ولا فيه دعاء لنفس الصفة ، بل غايته أن يكون من الاستعاذة برحمة الله من غضبه ، ونحو ذلك ، على ما مر في القسم الثاني .
والواجب حمل كلام أهل العلم والدين على أحسن محامله ، وأجملها ، ما كان لذلك وجه صحيح من النظر ؛ فكيف وهذا الوجه الصحيح : هو المحمل الظاهر القريب لكلامه ؟!
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" والكلمة الواحدة يقولها اثنان، يريد بها أحدهما: أعظم الباطل، ويريد بها الآخر: محض الحق، والاعتبار بطريقة القائل وسيرته ومذهبه، وما يدعو إليه ويناظر عليه "
انتهى. "مدارج السالكين" (5 / 3954).
فنسبة ابن حزم لهذه اللطائف جمع الشمل الظاهر أنها من باب السببية وليس من باب أنها فاعلة بنفسها مستقلة بالتأثير؛ بدليل أنه نسب القدرة إلى الله تعالى دون غيره؛ حيث قال: " لطائف من لا شيء يعجزه ".
والله أعلم.
*عبدالرحمن*
2018-07-25, 17:01
معنى الثالوت عند النصارى
السؤال :
ما هو الثالوث عند النصارى؟
الجواب:
الحمد لله
الديانة النصرانية في أصلها هي رسالة سماوية كان أساسها هو الدعوة إلى توحيد الله تعالى وإفراده بالعبادة ، والإيمان بعبده ورسوله عيسى ابن مريم الذي اختصه الله تعالى واختاره لحمل هذه الرسالة .
ولكن هذه الديانة دخلها التحريف والتبديل وتحولت إلى ديانة وثنية تؤمن بـ (الثالوث) أي : بثلاثة آلهة ، وهم : الآب ، والابن ، والروح القدس ، ويسمون هؤلاء الثلاثة بـ "الأقانيم الثلاثة" .
ولكنهم أتوا بما لا يقبله أحد من العقلاء ، وبما يحكم العقل عليه بأنه "مستحيل" في نفسه .
وذلك أنهم قالوا : الآب شخص ، والابن شخص ، والروح القدس شخص ، ولكنهم ليسوا ثلاثة أشخاص ، بل شخص واحد !!
وكذلك يقولون : الآب إله ، والابن إله ، والروح القدس إله ، ولكنهم ليسوا ثلاثة آلهة ، بل إله واحد !!
ويقول النصارى في صلاتهم : باسم الآب والابن والروح القدس ، إله واحد ...!!
وهنا ... تقف عقول البشرية كلها عاجزة عن إدراك هذه المعادلة الرياضية المستحيلة .
شخص وشخص وشخص ، ليسوا ثلاثة أشخاص ، إله وإله وإله ليسوا ثلاثة آلهة ، بل شخص واحد وإله واحد !
وقد اعترف النصارى أنفسهم بأن العقل لا يمكن أن يقف على حقيقة ذلك .
جاء في "الموسوعة العربية العالمية" :
"التثليث عند النصارى : يُقصد به الاعتقاد بوجود ثلاثة أقانيم (شخوص مقدسة ، مفرده إقنوم) في اللاهوت؛ ويسمى ذلك الثالوث الأقدس، ويعد ذلك معتقدًا نصرانيًا مركزيًا
يزعم بأن الرب هو في الجوهر واحد ، لكنه ذو أقانيم (أشخاص) ثلاثة ـ تعالى الله عن ذلك ـ وهذه الأقانيم هي الأب والابن والروح القدس.
وهذا المفهوم ليس مقبولاً من وجهة نظر المسلمين ، وقطاعات كبيرة من النصارى أيضًا. والمعروف أنه لم يرد تعبير التثليث أو الثالوث في الأناجيل، إلا أن أتباع الكنيسة الكاثوليكية والبروتستانت يتمسكون بهذه التعاليم ، ويذهبون إلى أنها مطابقة لنصوص الإنجيل.
وكان هذا المفهوم مثار جدل قبل انعقاد مجمعيْ نيقية والقسطنطينية.
واحتدم هذا الجدال في الشرق على وجه الخصوص، وكان جزاء الذين رفضوا هذه الفكرة أن حكمت عليهم الكنيسة بالهرطقة (الابتداع)، وكان من جملة المعارضين الأبيونيون الذين تمسكوا بشدة بالقول أن المسيح إنسان كسائر البشر، وكذلك السابيليون الذين كانوا يعتقدون أن الأب والابن والروح القدس
إنما هي صور مختلفة أعلن بها الله نفسه للناس، والأيوسيون الذين كانوا يعتقدون أن الابن ليس أزليًا كالأب ، بل هو مخلوق منه قبل العالم، ولذلك هو دون الأب وخاضع له، والمكدونيون الذين أنكروا كون الروح القدس أقنومًا.
أما مفههوم الثالوث كما يعتقده النصارى اليوم : فقد تبلور تدريجيًا إثر مناظرات ومناقشات ونزاع طويل، ولم يتخذ صورته النهائية إلا عقب انعقاد مَجْمَع نيقية عام 325م ومَجْمَع القسطنطينية عام 381م." انتهى .
وقد شهدت القرون الثلاثة الأولى التي تسميها الكنيسة عصر الهرطقة ، شهدت صراعا محتدما بين دعاة التثليث (أتباع بولس وأثناسيوس) وبين منكري التثليث ، كما سبق نقله، وعلى رأسهم آيوس ، حتى انتصر دعاة التثليث في بداية القرن الرابع .
يقول برنتن: "وقد امتدت هذه الهرطقات فشملت الجانب الأكبر من السلوك والعقائد، ونستطيع أن نأخذ الجدل النهائي الذي ثار حول العلاقة بين يسوع والإله الواحد -الإله الأب- مثلاً لعصر الهرطقة كله
وأخيراً قبلت المسيحية الرسمية في عام (325) في مجلس نيقية بالقرب من القسطنطينية عقيدة التثليث ، أو ما نادى به أثانسيوس .
والثالوث ، "الله الأب، ويسوع الابن، والروح القدس"، طبقاً لهذه العقيدة: أشخاص حقيقيون، عددهم ثلاثة ، لكنهم واحد أيضا، وبقيت المسيحيةُ وحدانيةُ تثليثِها يسمو على الرياضيات!" انتهى.
ويقول القس باسيلوس: "إن هذا التعليم عن التلثيث فوق إدراكنا، ولكن عدم إدراكه لا يبطله".
ويقول كير كجارد: "إن كل محاولة يراد بها جعل المسيحية ديانة معقولة ، لابد أن تؤدي إلى القضاء عليها".
ويقول القس دي جروت في كتابه "التعاليم الكاثوليكية" :
"إن الثالوث الأقدس هو لغز بمعنى الكلمة، والعقل لا يستطيع أن يهضم وجود إله مثلث، ولكن هذا ما علمنا إياه الوحي".
ويقول زكي شنودة: "وهذا سر من أسرار اللاهوت الغامضة ، التي لا يمكن إدراك كنهها بالعقل البشري" .
ويقول القس أنيس شروش: " واحد في ثلاثة، وثلاثة في واحد، سر ؛ ليس عليكم أن تفهموه، بل عليكم أن تتقبلوه!!".
أما القس توفيق جيد في كتابه "سر الأزل" فإنه يجعل فهم سر التثليث من المستحيلات، التي لا طائل من محاولة فهمها، لأن "من يحاول إدراك سر الثالوث تمام الإدراك ، كمن يحاول وضع مياه المحيط كلها في كفه".
انظر : "العلمانية ، نشأتها وتطورها " للشيخ الدكتور سفر الحوالي ، و"الله جل جلاله واحد أو ثلاثة؟ للدكتور منقذ السقار.
وللقارئ أن يتصور عقيدة يؤمن بها أصحابها مع إقرارهم بأن العقل يحكم باستحالتها !!
فإن قيل : والإسلام أيضا فيه من أمور الغيبيات وغيرها ، مما لا يدركه العقل .
والجواب عن هذا أن يقال : لا يوجد في الإسلام حكم واحد -سواء في العقيدة أو الفقه – يحكم العقل باستحالته ، وقد ألَّف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كتابه العظيم "درء تعارض العقل والنقل " بَيَّن فيه أن الشريعة لا يمكن أن تخالف العقل أبدا .
لكن .. قد تأتي الشريعة الإسلامية بما يحار العقل في إدراكه .
وفرق كبير بين ما يحار فيه العقل ، وبن ما يحكم العقل باستحالته ، فالشريعة قد تأتي بالأول ، ولكنها لا تأتي بالثاني أبدًا .
قال ابن أبي العز في شرح العقيدة الطحاوية (ص 476) :
"وَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ في ثُبُوتِ عَذَابِ الْقَبْرِ وَنَعِيمِه لِمَنْ كَانَ لِذَلِكَ أَهْلًا ، وَسُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ ، فَيَجِبُ اعْتِقَادُ ثُبُوتِ ذَلِكَ وَالْإِيمَانُ به ، وَلَا يَتَكَلَّمُ في كَيْفِيَّتِه ، إِذْ لَيْسَ لِلْعَقْلِ وُقُوفٌ على كَيْفِيَّتِه ، لِكَوْنِه لَا عَهْدَ له به في هذه الدَّارِ .
وَالشَّرْعُ لَا يأتي بِمَا تُحِيلُه الْعُقُولُ ، وَلَكِنَّه قَدْ يأتي بِمَا تَحَارُ فيه الْعُقُولُ . فَإِنَّ عَوْدَ الرُّوحِ إلى الْجَسَدِ لَيْسَ على الْوَجْه الْمَعْهُودِ في الدُّنْيَا ، بَلْ تُعَادُ الرُّوحُ إليه إِعَادَة غ، َيْرَ الْإِعَادَة الْمَأْلُوفَة في الدُّنْيَا" انتهى .
أما عقيدة التثليث عند النصارى فيحكم العقل باستحالتها ، إذ كيف يكون الواحد ثلاثة ، والثلاثة واحدا ؟!
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-07-25, 17:04
أسباب تكفير العلماء لابن سينا .
السؤال :
هل ابن سينا حصل منه كفر ؟
الجواب :
الحمد لله
ابن سينا هو: أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا البلخي، ثم البخاري، صاحب التصانيف في الطب والفلسفة والمنطق، ولد سنة 370هـ، وتوفي سنة 428هـ.
وكان من القرامطة الباطنية، وله مقالات كفرية مشهورة، ولهذا كفره جمع من العلماء، وحكيت توبته قبل موته، والله أعلم بما مات عليه.
قال ابن القيم رحمه الله:
" وكان ابن سينا كما أخبر عن نفسه قال: أنا وأبي من أهل دعوة الحاكم [يعني : الحاكم بأمر الله ، العُبَيْدي ، الذي كان يحكم بمصر] .
فكان من القرامطة الباطنية، الذين لا يؤمنون بمبدأ ولا معاد، ولا ربٍّ خالق، ولا رسولٍ مبعوث جاء من عند الله تعالى"
انتهى من "إغاثة اللهفان" (2/ 1031).
ووصفه ابن القيم أيضا بقوله : "الملحد ، بل رأس ملاحدة الملة"
كما في "الصواعق المرسلة" (3/1105) .
وقال ابن حجر رحمه الله:
" وقال ابن أبي الحموي الفقيه الشافعي شارح الوسيط ، في كتابه الملل والنحل: لم يقم أحد من هؤلاء ، يعني فلاسفة الإسلام ، مقام أبي نصر الفارابي وأبي علي ابن سيناء، وكان أبو علي أقوم الرجلين وأعلمهما.
إلى أن قال:
وقد اتفق العلماء على أن ابن سيناء كان يقول بقدم العالم، ونفي المعاد الجسماني، ولا ينكر المعاد النفساني.
ونُقل عنه أنه قال: إن الله لا يعلم الجزئيات بعلم جزئي، بل بعلم كلي .
فقطع علماء زمانه ، ومن بعدهم من الأئمة ، ممن يعتبر قولهم ، أصولا وفروعا : بكفره، وبكفر أبي نصر الفارابي، من أجل اعتقاد هذه المسائل ، وأنها خلاف اعتقاد المسلمين"
انتهى من لسان الميزان (2/ 293).
وممن كفره: أبو حامد الغزالي في كتابه "المنقذ من الضلال"، ونسب إليه المقولات الثلاث السابقة. انظر: ص144
وفي شأن توبته، قال ابن خلكان رحمه الله: " وقد ضعف جداً وأشرفت قوته على السقوط، فأهمل المداواة وقال: المدبر الذي في بدني قد عجز عن تدبيره فلا تنفعني المعالجة .
ثم اغتسل وتاب وتصدق بما معه على الفقراء، ورد المظالم على من عرفه ، وأعتق مماليكه ، وجعل يختم في كل ثلاثة أيام ختمة، ثم مات"
انتهى من وفيات الأعيان (2/ 160).
وقال ابن كثير رحمه الله:
" وقد لخص الغزالي كلامه في " مقاصد الفلاسفة "، ثم رد عليه في " تهافت الفلاسفة " في عشرين مسألة، كفره في ثلاث مسائل منهن ; وهي قوله بقدم العالم، وعدم المعاد الجسماني، وأن الله لا يعلم الجزئيات، وبدّعه في البواقي .
ويقال: إنه تاب عند الموت. فالله سبحانه وتعالى أعلم"
انتهى من البداية والنهاية (15/ 668).
والواجب البراءة من إلحاده وكفرياته، والحذر من بدعه وضلالاته .
وأما التوبة : فنرجو أن يكون قد حصل له ذلك.
والله أعلم.
*عبدالرحمن*
2018-07-25, 17:09
بعض المآخذ في عقيدة ابن رشد الحفيد
السؤال:
ما هي عقيدة الإمام ابن رشد ، وما حقيقة خلافه مع الإمام أبي حامد الغزالي ؟ جزاكم الله خيراً .
الجواب :
الحمد لله
أولا :
ابن رشد اسم مشترك بين ابن رشد الحفيد ، وابن رشد الجد ، وكلاهما يُكنَى بأبي الوليد ، وكلاهما يحمل اسم : محمد بن أحمد ، كما أن كلا منهما تولى قضاء قرطبة .
والمقصود في السؤال هو ابن رشد الحفيد ، المتوفى سنة (595هـ)، المشهور باشتغاله وتأليفه في الفلسفة ، أما ابن رشد الجد فلم يشتغل بها ، وتوفي سنة (520هـ).
قال الأبار :
لم ينشأ بالأندلس مثله كمالا وعلما وفضلا ، وكان متواضعا ، منخفض الجناح ، يقال عنه : إنه ما ترك الاشتغال مذ عقل سوى ليلتين : ليلة موت أبيه ، وليلة عرسه ، وإنه سود في ما ألف وقيد نحوا من عشرة آلاف ورقة
ومال إلى علوم الحكماء ، فكانت له فيها الإمامة . وكان يُفزع إلى فتياه في الطب كما يفزع إلى فتياه في الفقه ، مع وفور العربية ، وقيل : كان يحفظ ديوان أبي تمام والمتنبي .
ومن أشهر مصنفاته : ( بداية المجتهد ) في الفقه ، و ( الكليات ) في الطب ، و ( مختصر المستصفى ) في الأصول ، ومؤلفات أخرى كثيرة في الفلسفة ، اهتم فيها بتلخيص فكر فلاسفة اليونان ،
فألف : كتاب ( جوامع كتب أرسطوطاليس ) ، وكتاب ( تلخيص الإلهيات ) لنيقولاوس ، كتاب ( تلخيص ما بعد الطبيعة ) لأرسطو ، ولخص له كتبا أخرى كثيرة يطول سردها
حتى عرف بأنه ناشر فكر أرسطو وحامل رايته ، وذلك ما أدى به في نهاية المطاف إلى العزلة ، فقد هجره أهل عصره لما صدر منه من مقالات غريبة ، وعلوم دخيلة .
قال شيخ الشيوخ ابن حمويه :
لما دخلت البلاد ، سألت عن ابن رشد ، فقيل : إنه مهجور في بيته من جهة الخليفة يعقوب ، لا يدخل إليه أحد ، لأنه رفعت عنه أقوال ردية ، ونسبت إليه العلوم المهجورة ، ومات محبوسا بداره بمراكش .
يمكن مراجعة سيرته في " سير أعلام النبلاء " (21/307-310)
ثانيا :
قد طال الجدل حول حقيقة عقائد ابن رشد ، وكثرت المؤلفات ما بين مؤيد ومعارض ، واضطربت الأفهام في تحديد عقائده ومذاهبه .
ولضيق المقام ههنا عن الدراسة المفصلة لعقائد ابن رشد ، سنكتفي بذكر بعض المآخذ المجملة التي كانت مثار جدل في مؤلفاته :
1- تأويل الشريعة لتوافق الفلسفة الآرسطية :
لعل الاطلاع على ترجمة ابن رشد الموجزة السابقة كاف للدلالة على هذه التوجهات الفكرية لدى ابن رشد ، فقد أُخِذَ بفكر أرسطو ، حتى قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " هو من أتبع الناس لأقوال آرسطو "
انتهى. " بيان تلبيس الجهمية " (1/120)
وحاول جاهدا شرحه وبيانه وتقريره للناس بأسلوب عربي جديد ، وهو - خلال ذلك - حين يرى مناقضة فكر أرسطو مع ثوابت الشريعة الإسلامية ، يحاول سلوك مسالك التأويل البعيدة التي تعود على الشريعة بالهدم والنقض
وكأن فلسفة أرسطو قرين مقابل لشريعة رب العالمين المتمثلة في نصوص الكتاب والسنة ، ولذلك كتب كتابه المشهور : " فصل المقال في تقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال ".
2- اعتقاده بالظاهر والباطن في الشريعة :
يقول ابن رشد :
" الشريعة قسمان : ظاهر ومؤول ، والظاهر منها هو فرض الجمهور ، والمؤول هو فرض العلماء ، وأما الجمهور ففرضهم فيه حمله على ظاهره وترك تأويله
وأنه لا يحل للعلماء أن يفصحوا بتأويله للجمهور ، كما قال علي رضي الله عنه : حدثوا الناس بما يفهمون ، أتريدون أن يكذب الله ورسوله " انتهى.
" الكشف عن مناهج الأدلة " (ص/99) طبعة مركز دراسات الوحدة العربية.
وقد استغرق ابن رشد في تقرير هذه الفكرة الباطنية في كتبه ، حتى إنه جعل من أبرز سمات الفرقة الناجية من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أنها هي " التي سلكت ظاهر الشرع ، ولم تؤوله تأويلا صرحت به للناس "
انتهى. " الكشف عن مناهج الأدلة " (ص/150).
ولذلك توسع شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الرد على خصوص كلام ابن رشد في هذا الكتاب ، وبيان بطلان التفسير الباطني لنصوص الشريعة ، وذلك في كتابيه العظيمين : " بيان تلبيس الجهمية " ، ودرء تعارض العقل والنقل .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وابن سينا وأمثاله لما عرفوا أن كلام الرسول لا يحتمل هذه التأويلات الفلسفية ؛ بل قد عرفوا أنه أراد مفهوم الخطاب : سلك مسلك التخييل
وقال : إنه خاطب الجمهور بما يخيل إليهم ؛ مع علمه أن الحق في نفس الأمر ليس كذلك . فهؤلاء يقولون : إن الرسل كذبوا للمصلحة . وهذا طريق ابن رشد الحفيد وأمثاله من الباطنية " انتهى.
" مجموع الفتاوى " (19/157) .
3- مال في باب " البعث والجزاء "، إلى قول الفلاسفة أنه بعث روحاني فقط ، بل وقع هنا في ضلالة أعظم من مجرد اعتقاده مذهب الفلاسفة في البعث الروحاني ؛ حيث جعل هذه المسألة من مسائل الاجتهاد ، وأن فرض كل ناظر فيها هو ما توصل إليه . قال :
" والحق في هذه المسألة أن فرض كل إنسان فيها هو ما أدى إليه نظره فيها " انتهى.
" الكشف عن مناهج الأدلة " (ص/204)
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وأولئك المتفلسفة أبعد عن معرفة الملة من أهل الكلام :
فمنهم من ظن أن ذلك من الملة .
ومنهم من كان أخبر بالسمعيات من غيره ، فجعلوا يردون من كلام المتكلمين ما لم يكن معهم فيه سمع ، وما كان معهم فيه سمع كانوا فيه على أحد قولين : إما أن يقروه باطنا وظاهرا إن وافق معقولهم
وإلا ألحقوه بأمثاله ، وقالوا إن الرسل تكلمت به على سبيل التمثيل والتخييل للحاجة ، وابن رشد ونحوه يسلكون هذه الطريقة ، ولهذا كان هؤلاء أقرب إلى الإسلام من ابن سينا وأمثاله ، وكانوا في العمليات أكثر محافظة لحدود الشرع من أولئك الذين يتركون واجبات الإسلام ، ويستحلون محرماته
وإن كان في كل من هؤلاء من الإلحاد والتحريف بحسب ما خالف به الكتاب والسنة ، ولهم من الصواب والحكمة بحسب ما وافقوا فيه ذلك .
ولهذا كان ابن رشد في مسألة حدوث العالم ومعاد الأبدان مظهرا للوقف ، ومسوغا للقولين ، وإن كان باطنه إلى قول سلفه أميل ، وقد رد على أبي حامد في تهافت التهافت ردا أخطأ في كثير منه ، والصواب مع أبي حامد ، وبعضه جعله من كلام ابن سينا لا من كلام سلفه ، وجعل الخطأ فيه من ابن سينا
وبعضه استطال فيه على أبي حامد ، ونسبه فيه إلى قلة الإنصاف لكونه بناه على أصول كلامية فاسدة ، مثل كون الرب لا يفعل شيئا بسبب ولا لحكمة ، وكون القادر المختار يرجح أحد مقدوريه على الآخر بلا مرجح ، وبعضه حار فيه جميعا لاشتباه المقام " انتهى.
" منهاج السنة " (1/255)
4- ولعل من أبرز سمات منهج ابن رشد في كتبه ، وفي الوقت نفسه من أبرز أسباب أخطائه هو عدم العناية بالسنة النبوية مصدرا من مصادر التشريع .
يقول الدكتور خالد كبير علال حفظه الله :
" ابن رشد لم يُعط للسنة النبوية مكانتها اللائقة بها كمصدر أساسي للشريعة الإسلامية بعد القرآن الكريم ، ولم يتوسع في استخدامها في كتبه الكلامية والفلسفية
ففاتته أحاديث كثيرة ذات علاقة مباشرة بكثير من المواضيع الفكرية التي تطرق إليها ، كما أن الأحاديث التي استخدمها في تلك المصنفات كثير منها لم يفهمه فهما صحيحا ، وأخضعه للتأويل التحريفي خدمة لفكره وأرسطيته " انتهى.
" نقد فكر الفيلسوف ابن رشد " (ص/97)
هذه بعض الخطوط العريضة التي يمكن أن توضح بعض مآخذ العلماء على عقيدة ابن رشد الحفيد ، وهي في محصلها ترجع إلى إلغاء كثير من موازين الشريعة التي ضبط بها الشارع حدودها ، والدعوة إلى سلوك التأويل والاجتهاد في بعض مسلماتها ، انطلاقا من أفكار دخيلة جاءت من حضارات قديمة بائدة .
ولأجل ذلك احتفى به كثير من المحسوبين على التوجهات العلمانية والليبرالية المتحررة اليوم ، حتى نسبوا ريادة الفكر التنويري للفيلسوف ابن رشد
وهم يعلمون أن كثيرا من العلوم الواردة في كتبه تعد من العلوم البائدة التي يجزم العلم الحديث بخطئها ، ولكن غرضهم تمجيد كل فكر متحرر من ثوابت الشريعة ، متحرر من حقائق نصوصها إلى المجازات والتأويلات ، وفي الوقت نفسه يلبس لبوس الدين والعلم والفقه ، فرأوا في ابن رشد ضالتهم
وفي كتبه رائدا لهم ، وإن كنا نحسب أن في كتبه من إظهار التمسك بالشريعة والرجوع إليها ما لا نجده في كتب هؤلاء القوم ، وكان عنده من لزوم الجانب العملي في الشريعة ، وتعظيمها في الفقه والقضاء والفتيا ما لا يعجب القوم ، ولا يبلغون معشاره : قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ !!
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
وشاح الحنين
2018-07-26, 15:38
بارك الله فيكم على النقل الطيب
*عبدالرحمن*
2018-07-26, 16:25
بارك الله فيكم على النقل الطيب
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اسعدني حضورك الطيب مثلك
في انتظار مرورك العطر دائما
بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله عني كل خير
بوركت أخي الكريم
على هذا الموضوع القيم
جزاك الله خيرا
*عبدالرحمن*
2018-07-28, 16:43
بوركت أخي الكريم
على هذا الموضوع القيم
جزاك الله خيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اسعدني حضورك الطيب مثلك
في انتظار مرورك العطر دائما
بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله عني كل خير
https://d.top4top.net/p_795sbakq1.gif (https://up.top4top.net/)
>
*عبدالرحمن*
2018-07-28, 16:47
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
حكم قول: يا رمضان اشفع لنا عند ربك
السؤال
: لدينا الإمام في دعاء الختم في رمضان صار يدعو ببعض الدعوات الغريبة منها أنه قال : يا رمضان اشهد لنا عند ربك ، ويغلب على ظني أنه قال : واشفع لنا ، أو أدخلنا الجنة من باب الريان ، وكذا في هذا المعنى
فهل هذا يعد شركاً؟ علما أنه يغلب على ظني أو شبه متيقن أن هذا الإمام يعلم أن رمضان لن يدخله الجنة أو يشفع له دون إذن الله فما حكم هذا ؟
وكذا من دعا النبي صلى الله عليه وسلم وسأله الشفاعة ، لكنه يعلم أنه لن يشفع له ويدخله الجنة إلا بإذن من الله فهل هذا يعد من الشرك ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا:
لا يجوز أن تطلب الشفاعة في الدنيا من ميت أو غائب ، ولو كان قد ثبت أنه شفيع في الآخرة ، فلا يجوز أن يقال: يا رسول الله اشفع لي، أو يا ملائكة الله اشفعوا لي، مع أن الملائكة والنبيين سيشفعون يوم القيامة
لأن طلب الشفاعة إنما يكون في وقته ، حين يكون النبي حيا حاضرا، فيأتيه الناس فيقولون له: اشفع لنا عند ربك، كما جاء في حديث الشفاعة المشهور .
وأما الطلب الآن فهو طلب من غائب ، لم يؤذن في الطلب منه، فيكون ممنوعا داخلا في عموم تحريم سؤال غير الله ودعائه .
ولهذا لم يرد عن أحد من الصحابة أنه طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته.
وطلب الدعاء أو الشفاعة من الميت، بأن يقول: ادع الله لي، أو اشفع لي عند ربك، فيه خلاف هل هو شرك أو ذريعة إلى الشرك .
وأما الطلب المباشر من الميت كقوله: فرج كربي، أو اقض حاجتي، أو أعني، أو المدد، فهذا شرك أكبر ، اتفاقا.
ثانيا:
لا يجو أن يقال: يا رمضان اشفع لي؛ مع ما ثبت من أن الصيام يشفع يوم القيامة لأصحابه؛ لأن رمضان هو الشهر، والشهر لا يشفع ، ولأنه لم يؤذن في مخاطبة الشفيع والطلب منه، ولأن ذلك داخل في سؤال غير الله والأصل منعه.
سئل الدكتور خالد المشيقح حفظه الله: "
ما حكم طلب الشفاعة من غير الله فلقد استشكل علي حكم هذه الرسالة: (رمضان يا كريم اشفع لي عند رب رحيم....الخ)؟.
فأجاب: لا شك أن هذا بدعة، وطلب الشفاعة من حي قادر لا بأس به، كما لو قلت: اشفع لي أن يغفر الله لي: يعني ادع لي أن يغفر الله لي
فهذا لا بأس به، وطلب الدعاء من الغير محل خلاف بين أهل العلم، لكن كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- إذا قصد الطالب نفع الداعي فإن هذا جائز ولا بأس به إن شاء الله.
أما أن يطلب الشخص من الأموات أن يشفعوا له عند الله عز وجل : فهذا لا شك أنه محرم ، ولا يجوز.
وبعض العلماء جعله من الشرك الأكبر، وبعضهم جعله من الشرك الأصغر.
وطلب الشفاعة من رمضان محرم ونوع من الاعتداء في الدعاء؛ لأن رمضان لا يشفع ، وإنما الوسيلة برمضان هي أن يتقي المسلم ربه -عز وجل- فيه. فهذا هو الذي يقرب الشخص إلى الله –عز وجل- إذا امتثل أمره واجتنب نهيه. وبالله التوفيق" انتهى
وأما قوله: يا رمضان اشهد لنا، فليس فيه طلب حقيقي فيما يظهر، والأولى تركه.
والله أعلم.
*عبدالرحمن*
2018-07-28, 16:54
هل يجوز طلب الشفاعة أو الدعاء من الميت ؟
السؤال :
ما حكم طلب الدعاء والشفاعة من الميت عند قبره، إذا كان من يفعل ذلك يعتقد أن الميت يسمعه إذا كان عند قبره، ويستدل لذلك بأدلة منها تكليم النبي للمشركين في القليب يوم بدر،
ويقول إن فعله مخالف لما كان يفعله المشركون في الجاهلية فإنهم كانوا يعبدون أوثانهم ولكنه يطلب من الميت الدعاء دون أن يدعو الميت ذاته، هل فعله هذا شرك أكبر وهل في المسألة أكثر من قول ؟
أرجو البسط والاستدلال .
الجواب :
الحمد لله
لا يجوز طلب الدعاء أو الشفاعة من الميت ، وخاصة عند قبره ؛ لأنه يكون عنده أشد تعلقا به
وهذا من البدع المنكرة والوسائل المفضية إلى الشرك وسؤال غير الله ، وقد يصل به الحال إلى الشرك الأكبر المخرج عن الملة ، وهو يحصل كثيرا في هؤلاء ؛ لشدة تعلقهم بالميت .
والشفاعة إنما تطلب من الله ، لا من المخلوقين ، ويأذن الله في الشفاعة لمن يشاء من عباده الصالحين ويرضى ، وذلك لا يكون إلا يوم القيامة .
قال الله تعالى : ( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّه ) يونس/18
وقال تعالى : ( أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) الزمر/43-44
وقال تعالى : ( وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) فاطر13/14
وقد روى البخاري (1010)
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ : " اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا " قَالَ : فَيُسْقَوْنَ .
فلو كان طلب الشفاعة والتوسل بالأموات جائزا لما عدل الصحابة رضي الله عنهم عن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم والاستشفاع به إلى العباس رضي الله عنه .
وهذا أمر متفق عليه بين علماء المسلمين قديما وحديثا ، لا خلاف بينهم فيه ، إنما يخالف فيه من لا يعتد بخلافه من أهل البدع .
ومن المنقول عن أهل العلم في ذلك :
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
" لَيْسَ فِي الزِّيَارَةِ الشَّرْعِيَّةِ حَاجَةُ الْحَيِّ إلَى الْمَيِّتِ وَلَا مَسْأَلَتُهُ وَلَا تَوَسُّلُهُ بِهِ ؛ بَلْ فِيهَا مَنْفَعَةُ الْحَيِّ لِلْمَيِّتِ كَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَرْحَمُ هَذَا بِدُعَاءِ هَذَا وَإِحْسَانِهِ إلَيْهِ وَيُثِيبُ هَذَا عَلَى عَمَلِهِ "
انتهى . "مجموع الفتاوى" (27 / 71)
وقال أيضا رحمه الله :
" وما يفعلونه من دعاء المخلوقين كالملائكة أو كالأنبياء والصالحين الذين ماتوا مثل دعائهم مريم وغيرها وطلبهم من الأموات الشفاعة لهم عند الله لم يبعث به أحد من الأنبياء " انتهى .
"الجواب الصحيح" (5 / 187)
وقال أيضا :
" الثَّانِيَةُ : أَنْ يُقَالَ لِلْمَيِّتِ أَوْ الْغَائِبِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ : اُدْعُ اللَّهَ لِي أَوْ اُدْعُ لَنَا رَبَّك أَوْ اسْأَلْ اللَّهَ لَنَا كَمَا تَقُولُ النَّصَارَى لِمَرْيَمَ وَغَيْرِهَا ، فَهَذَا أَيْضًا لَا يَسْتَرِيبُ عَالِمٌ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ وَأَنَّهُ مِنْ الْبِدَعِ الَّتِي لَمْ يَفْعَلْهَا أَحَدٌ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ ، فلَيْسَ مِنْ الْمَشْرُوعِ أَنْ يُطْلَبَ مِنْ الْأَمْوَاتِ لَا دُعَاءٌ وَلَا غَيْرُهُ . وَفِي مُوَطَّأِ مَالِكٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ
كَانَ يَقُولُ : " السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْك يَا أَبَا بَكْرٍ السَّلَامُ عَلَيْك يَا أَبَتِ " ثُمَّ يَنْصَرِفُ . وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ : رَأَيْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقِفُ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَدْعُو لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ . وَكَذَلِكَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَغَيْرُهُ نُقِلَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِذَا أَرَادُوا الدُّعَاءَ اسْتَقْبَلُوا الْقِبْلَةَ يَدْعُونَ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَدْعُونَ مُسْتَقْبِلِي الْحُجْرَةِ .
وَمَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ - مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ - وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ " انتهى
"مجموع الفتاوى" (1 / 351-352)
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" لا يجوز أن تطلب منه الشفاعة ولا غيرها كسائر الأموات ؛ لأن الميت لا يطلب منه شيء وإنما يدعى له ويترحم عليه إذا كان مسلما ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة » .
فمن زار قبر الحسين أو الحسن أو غيرهما من المسلمين للدعاء لهم والترحم عليهم والاستغفار لهم كما يفعل مع بقية قبور المسلمين - فهذا سنة ، أما زيارة القبور لدعاء أهلها أو الاستعانة بهم أو طلبهم الشفاعة - فهذا من المنكرات ، بل من الشرك الأكبر " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (6 / 367)
وقال :
" لا يجوز لأحد أن يطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم الشفاعة ؛ لأنها ملك الله سبحانه ، فلا تطلب إلا منه ، كما قال تعالى : ( قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا )
فتقول : " اللهم شفع في نبيك ، اللهم شفع في ملائكتك ، وعبادك المؤمنين اللهم شفع في أفراطي " ,
ونحو ذلك . وأما الأموات فلا يطلب منهم شيء ، لا الشفاعة ولا غيرها ، سواء كانوا أنبياء أو غير أنبياء " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (16 / 105)
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" ومن الشبه التي تعلقوا بها : قضية الشفاعة ؛ حيث يقولون : نحن لا نريد من الأولياء والصالحين قضاء الحاجات من دون الله ، ولكن نريد منهم أن يشفعوا لنا عند الله ؛ لأنهم أهل صلاح ومكانة عند الله ؛ فنحن نريد بجاههم وشفاعتهم .
والجواب : أن هذا هو عين ما قاله المشركون من قبل في تسويغ ما هم عليه
وقد كفَّرهم الله ، وسمَّاهم مشركين ؛ كما في قوله تعالى : ( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ) انتهى .
"الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد" (ص 70-71)
- أما تكليم النبي صلى الله عليه وسلم لأهل القليب يوم بدر وسماعهم كلامه : فهذه خصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم في موقف خاص ؛ إذلالا للكفر وأهله : أحياء وأمواتا .
قَالَ قَتَادَةُ : " أَحْيَاهُمْ اللَّهُ حَتَّى أَسْمَعَهُمْ قَوْلَهُ تَوْبِيخًا وَتَصْغِيرًا وَنَقِيمَةً وَحَسْرَةً وَنَدَمًا " .
رواه البخاري (3976)
فلا يصح بل لا يجوز أن يقاس عليه سؤال الأموات الشفاعة عند ربهم والدعاء ، بل هذا من أفسد قياس وأشأمه .
قال علماء اللجنة الدائمة :
" إذا مات الإنسان ذهب سمعه فلا يدرك أصوات من في الدنيا ولا يسمع حديثهم
قال الله تعالى : ( وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ ) فأكد تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم عدم سماع من يدعوهم إلى الإسلام بتشبيههم بالموتى
والأصل في المشبه به أنه أقوى من المشبه في الاتصاف بوجه الشبه ، وإذاً فالموتى أدخل في عدم السماع وأولى بعدم الاستجابة من المعاندين الذين صموا آذانهم عن دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام وعموا عنها
وقالوا : قلوبنا غلف ، وفي هذا يقول تعالى : ( ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ) ( إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) .
وأما سماع قتلى الكفار الذين قبروا في القليب يوم بدر نداء رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم وقوله لهم : « هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ، فإنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقا » وقوله لأصحابه : « ما أنتم بأسمع لما أقول منهم
حينما استنكروا نداءه أهل القليب فذلك من خصوصياته التي خصه الله بها فاستثنيت من الأصل العام بالدليل ، وهكذا سماع الميت قرع نعال مشيعي جنازته مستثنى من هذا الأصل
وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم : ( ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام ) مستثنى من هذا الأصل " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (1 /478-479)
فالأصل أن الميت لا يسمع ؛ لأنه مات ، فبطل سمعه وبصره وكلامه بذهاب روحه ، لكن يستثنى من ذلك ما ورد الدليل الصحيح به دون غيره .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
ما هو الراجح في سماع الموتى ؟
فأجاب :
" الراجح ما جاءت به السنة ، وهذا ثابت وليس فيه إشكال كما في الحديث : ( إن الإنسان إذا انصرف عنه أصحابه بعد دفنه يسمع قرع نعالهم ) وكما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقف على القتلى في قليب بدر يؤنبهم ويوبخهم ، ولما قالوا : ( يا رسول الله ! كيف تكلم هؤلاء ؟
قال : ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ) ومثلما جاء في الحديث أيضا ً: ( ما من مسلم يسلم على قبر يعرفه في الدنيا إلا رد الله عليه روحه فرد عليه السلام ) ، وإلا فالأصل أنهم لا يسمعون ؛ لأن أرواحهم قد فارقت أجسادهم ، لكن ما جاءت به السنة لابد من الإيمان به " انتهى .
"لقاء الباب المفتوح" (222 /25)
وقال رحمه الله أيضا :
" لكن على فرض أنهم يسمعون فإنهم لا ينفعون غيرهم ، بمعنى أنهم لا يدعون الله له ، ولا يستغفرون الله له ، ولا يمكنهم الشفاعة لهم .
وإنما قلت ذلك لئلا يتعلق هؤلاء القبوريون بما قلت ، ويقولون : ما دام أنهم يسمعون – إذاً - هذا من أولياء الله ، نسأله أن يسأل الله لنا ، أو أن يشفع لنا عند الله ! فهذا غير وارد أصلاً ؛ لأن الإنسان إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له " انتهى .]
"لقاء الباب المفتوح" (87 /14)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-07-28, 17:03
زيارة القبور وشهود مناسبة يزعمون فيها حضور أرواح الأولياء
السؤال :
ما الحكم في زيارة القبور والصلاة هناك ؟
في باكستان هناك شيء اسمه عرس يقام كل سنة ، هل يجوز حضوره ؟
الأشخاص الذين يحضرون يقولون إن الفقيد كان من أولياء الله ويمكن أن يوصل دعاءنا وأن الدعاء من رجل صالح يتم قبوله أكثر . فهل يمكن أن تلقي بعض الضوء على هذه القضية ؟
جزاك الله خيرا .
الجواب :
الحمد لله
1. زيارة القبور نوعان :
أحدهما : مشروع ومطلوب لأجل الدعاء للأموات والترحم عليهم ولأجل تذكر الموت والإعداد للآخرة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة" .
رواه مسلم ( 976 ) .
وكان يزورها النبي صلى الله عليه وسلم وهكذا أصحابه رضي الله عنهم.
= عن عائشة أنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما كان ليلتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول : "السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون
غدا مؤجلون ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد" .
رواه مسلم ( 974 ) .
النوع الثاني: بدعي وهو زيارة القبور لدعاء أهلها والاستغاثة بهم أو للذبح لهم أو للنذر لهم وهذا منكر وشرك أكبر ويلتحق بذلك أن يزوروها للدعاء عندها والصلاة عندها والقراءة عندها وهذا بدعة غير مشروع .
2. أما الصلاة عندها : فإن كان المراد : صلاة الجنازة : فجائز غير ممنوع ، وإن كان المراد غيرها من الفرائض والنوافل : فممنوع محرَّم .
= دليل جواز صلاة الجنازة في المقبرة .
عن أبي هريرة أن رجلا أسود أو امرأة سوداء كان يَقُمّ المسجد فمات فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه فقالوا مات قال : "أفلا كنتم آذنتموني به دلوني على قبره أو قال قبرها فأتى قبرها فصلى عليها" .
رواه البخاري ( 446 ) ومسلم ( 956 ) .
= ودليل عدم جواز صلاة غير الجنازة في المقبرة :
أ. عن عائشة وعبد الله بن عباس قالا : "لما نزل ( أي الموت ) برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتمّ كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك : " لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" . يحذِّر مثل ما صنعوا .
رواه البخاري ( 425 ) ومسلم ( 531 ) .
ب. عن أبي مرثد الغنوي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها" .
رواه مسلم ( 972 ) .
3. أما العرس الذي يقام كل سنة : فإن كان فيه شيء من العبادات ، أو يظن من يحضره أنهم يتقربون إلى الله تعالى به ، أو كان فيه شيء من المعاصي والمنكرات : فلا يجوز حضوره ، ولا المشاركة فيه .
ولو خلا من ذلك كله فلا تحضروا فيه أيضا لأنّ اتّخاذ عيد غير الأعياد الشرعية بدعة محرّمة واعتقاد الحاضرين أنّ روح الوليّ تحضر هذا العرس هو اعتقاد بدعيّ محرّم كذلك ولما قد يُفضي إليه في المستقبل من اعتقاد أنه من الدين
فيكون فتنة للناس . فيجب إنكار هذا والنهي عنه وعدم حضوره ، والله الهادي إلى سواء السبيل .
4. أما طلب الدعاء من الرجل الصالح في حياته : فإنه يجوز ، لما يرجى من إجابة دعوته لصلاحه ، والدليل :
أ. عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه" أن رجلاً ضريرَ البصر أتى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: ادْعُ الله أَنْ يُعَافِيَني. قاَلَ "إِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ لَكَ
وَإِنْ شِئْتَ أَخَّرْتُ ذَلِكَ فَهُوَ خَيْرٌ" ( وفي روايةٍ "وَإِنْ شِئْتَ صَبَرْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ" ) . فَقَالَ : أُدْعُهُ. فأَمَرَهُ أَنْ يتوَضَأَ فَيُحْسِنَ وُضُوءهُ، فَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ ..." .
رواه أحمد (4/138) والترمذي (5/569) وابن ماجة (1/441) ، وهو حديثٌ صحيحٌ.
ب. عن أنس قال بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إذ قام رجل فقال يا رسول الله هلك الكراع وهلك الشاء فادع الله أن يسقينا فمد يديه ودعا .
رواه البخاري ( 890 ) ومسلم ( 897 ) .
5. فإذا مات الولي أو النبي لم يكن من المشروع طلب الدعاء منه لأنه انقطع عن الدنيا ، وهو باب من أبواب الشرك ، لم يدخله أحد من صالحي هذه الأمة من الصحابة ومن تبعهم .
قال تعالى { ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين } [ الأحقاف 5 ] .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : وتفصيل القول : إن مطلوب العبد إن كان من الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله تعالى مثل أن يطلب شفاء مريضه من الآدميين والبهائم أو وفاء دينه من غير جهة معينة أو عافية أهله وما به من بلاء الدنيا والآخرة وانتصاره على عدوه وهداية قلبه
وغفران ذنبه أو دخوله الجنة أو نجاته من النار أو أن يتعلم العلم والقرآن أو أن يصلح قلبه ويحسن خلقه ويزكي نفسه وأمثال ذلك : فهذه الأمور كلها لا يجوز أن تطلب إلا من الله تعالى
ولا يجوز أن يقول لملك ولا نبي ولا شيخ سواء كان حيا أو ميتا اغفر ذنبي ولا انصرني على عدوي ولا اشف مريضي ولا عافني أو عاف أهلي أو دابتي وما أشبه ذلك .
ومن سأل ذلك مخلوقا كائنا من كان : فهو مشرك بربه من جنس المشركين الذين يعبدون الملائكة والأنبياء والتماثيل التي يصورونها على صورهم ومن جنس دعاء النصارى للمسيح وأمه
قال الله تعالى : { وإذ قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأميَ إلهين من دون الله } [ المائدة 116] الآية
وقال الله تعالى : { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون } [ التوبة 31 ] .
" مجموع الفتاوى " 27 / 67 ، 68 .
وقال :
وأما من يأتي إلى قبر نبيٍّ أو صالح أو من يعتقد فيه أنه قبر نبيٍّ أو رجل صالح وليس كذلك ويسأله ويستنجده فهذا على ثلاث درجات :
إحداها : أن يسأله حاجته مثل أن يسأله أن يزيل مرضه أو مرض دوابه أو يقضى دينه أو ينتقم له من عدوه أو يعافي نفسه وأهله ودوابه ونحو ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل : هذا شرك صريح يجب أن يستتاب صاحبه فإن تاب وإلا قتل .
وإن قال أنا أسأله لكونه أقرب إلى الله مني ليشفع لي فى هذه الأمور لأنى اتوسل إلى الله به كما يتوسل إلى السلطان بخواصه وأعوانه
: فهذا من أفعال المشركين والنصارى فإنهم يزعمون أنهم يتخذون أحبارهم ورهبانهم شفعاء يستشفعون بهم فى مطالبهم وكذلك أخبر الله عن المشركين أنهم قالوا : { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } [ الزمر 3 ]
وقال سبحانه وتعالى : { أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أو لو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون قل لله الشفاعة جميعا له ملك السموات والأرض ثم إليه ترجعون } [ الزمر 47 ]
وقال تعالى : { ما لكم من دونه من وليٍّ ولا شفيع أفلا تتذكرون } [ السجدة 4 ]
وقال تعالى { من ذا الذى يشفع عنده إلا بإذنه } [ البقرة 255 ]
فبين الفرق بينه وبين خلقه فإن من عادة الناس أن يستشفعوا إلى الكبير من كبرائهم بمن يكرم عليه فيسأله ذلك الشفيع فيقضي حاجته إما رغبة وإما رهبة وإما حياء وإما مودة وإما غير ذلك والله سبحانه لا يشفع عنده أحد حتى يأذن هو للشافع فلا يفعل إلا ما شاء وشفاعة الشافع من إذنه فالأمر كله له .
.. وقول كثير من الضلال هذا أقرب إلى الله مني وأنا بعيد من الله لا يمكنني أن أدعوه إلا بهذه الواسطة ونحو ذلك من أقوال المشركين
فإن الله تعالى يقول : { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان } [ البقرة 187 ] ........
وفي الصحيح أنهم كانوا في سفر وكانوا يرفعون أصواتهم بالتكبير فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم " يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا بل تدعون سميعا قريبا إن الذى تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته "
وقد أمر الله تعالى العباد كلهم بالصلاة له ومناجاته وأمر كلا منهم أن يقولوا : { إياك نعبد وإياك نستعين } [الفاتحة 5 ]
وقد أخبر عن المشركين أنهم قالوا : { ما نعبدهم إلا ليقربوا إلى الله زلفى } [ الزمر 3 ] .
ثم يقال لهذا المشرك أنت إذا دعوت هذا فإن كنت تظن أنه أعلم بحالك وأقدر على عطاء سؤالك أو أرحم بك فهذا جهل وضلال وكفر وإن كنت تعلم أن الله أعلم
وأقدر وأرحم فلم عدلت عن سؤاله إلى سؤال غيره ألا تسمع إلى ما خرجه البخارى وغيره عن جابر رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعلمنا الإستخارة فى الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن...
وإن كنت تعلم أنه أقرب إلى الله منك وأعلى درجة عند الله منك فهذا حق لكن كلمة حق أريد بها باطل فإنه إذا كان أقرب منك وأعلى درجة منك فإنما معناه أن يثيبه ويعطيه أكثر مما يعطيك ليس معناه إنك إذا دعوته كان الله يقضى حاجتك أعظم مما يقضيها إذا دعوت أنت الله تعالى فإنك إن كنت مستحقا للعقاب
ورد الدعاء مثلا لما فيه من العدوان فالنبى والصالح لا يعين على ما يكرهه الله ولا يسعى فيما يبغضه الله وإن لم يكن كذلك فالله أولى بالرحمة والقبول . أ.هـ
" مجموع الفتاوى " 27 / 72- 75 .
وننصح الأخ السائل بالتوسع من المصدر السابق - . .
*عبدالرحمن*
2018-07-28, 17:08
هل النبي صلى الله عليه وسلم يسمع من يناديه وهو في قبره
السؤال :
البعض يعتقد بأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم شهيد وأنه في حياة البرزخ حيث يستطيع أن يسمعنا إذا سألناه وطلبنا شفاعته (بسبب فضله وقربه من الله ) حين ندعوا الله .
الجواب :
الحمد لله
النبي صلى الله عليه وسلم حي في قبره حياة برزخية يحصل له بها التنعم بما أعده الله له من النعيم جزاء له على أعماله العظيمة الطيبة التي قام بها في دنياه
وليست الحياة في القبر كالحياة في الدنيا ولا الحياة في الآخرة ، بل هي حياة برزخية وسط بين حياته في الدنيا وحياته في الآخرة وبذلك يعلم أنه قد مات كما مات غيره ممن سبقه من الأنبياء
وغيرهم قال تعالى : ( وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ) الأنبياء/34 ، وقال سبحانه : ( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ .وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ ) الرحمن/26،27
وقال : ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ) الزمر/30 ، إلى أمثال ذلك من الآيات الدالة على أن الله توفاه إليه، ولأن الصحابة رضي الله عنهم قد غسلوه وكفنوه وصلوا عليه ودفنوه ولو كان حيا حياته الدنيوية ما فعلوا به ما يفعل بغيره من الأموات .
ولأن فاطمة رضي الله عنها قد طلبت من أبي بكر رضي الله عنه إرثها من أبيها صلى الله عليه وسلم لاعتقادها بموته ، ولم يخالفها في ذلك الاعتقاد أحد من الصحابة بل أجابها أبو بكر رضي الله عنه بأن الأنبياء لا يورثون
. ولأن الصحابة رضي الله عنهم قد اجتمعوا لاختيار خليفة للمسلمين يخلفه وتم ذلك بعقد الخلافة لأبي بكر رضي الله عنه ، ولو كان حيا كحياته في دنياه لما فعلوا ذلك فهو إجماع منهم على موته .ولأن الفتن والمشكلات لما كثرت في عهد عثمان وعلي رضي الله عنهما
وقبل ذلك وبعده لم يذهبوا إلى قبره لاستشارته أو سؤاله في المخرج من تلك الفتن والمشكلات وطريقة حلها ولو كان حيا كحياته في دنياه لما أهملوا ذلك وهم في ضرورة إلى من ينقذهم مما أحاط بهم من البلاء .
أما روحه صلى الله عليه وسلم فهي في أعلى عليين لكونه أفضل الخلق ، وأعطاه الله الوسيلة وهي أعلى منزلة في الجنة عليه الصلاة والسلام .
وحياة البرزخ حياة خاصة فالأنبياء أحياء والشهداء أحياء في البرزخ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الأنبياء أحياء في قبورهم يصلّون ) أخرجه المنذري والبيهقي ، وصححه وله شواهد في الصحيحين .
وقال تعالى : ( وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ ) البقرة/154 ، فهذه حياة خاصة لها طبيعة خاصة يعلمها الله وليست كحياة الدنيا التي تفارق فيها الروح الجسد .
والأصل في الأموات أنهم لا يسمعون كلام الأحياء من بني آدم
لقوله تعالى : ( وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) فاطر/22 ، فأكد الله عدم سماع من يدعوهم إلى الإسلام بتشبيههم بالموتى . ولم يثبت في الكتاب ولا في السنة الصحيحة ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم يسمع كل دعاء أو نداء من البشر
وإنما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه يبلغه صلاة وسلام من يصلي ويسلم عليه فقط لما رواه أبو داود (2041) بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
: " ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام " وهذا ليس بصريح أنه يسمع سلام المسلِّم ، بل يحتمل أنه يرد عليه إذا بلّغته الملائكة ذلك . ولو فرضنا سماعه سلام المسلِّم
فهو استثناء من الأصل كما استثني من ذلك سماع الميت لقرع نعال مشيعي جنازته ، واستثني من ذلك سماع قتلى الكفار الذين قبروا في قليب بدر لنداء الرسول صلى الله عليه وسلم إياهم حين قال لهم : " هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ، فإنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقا "
نظر فتاوى اللجنة الدائمة ( 1 / 313 ،318 ، 321 )
وأما بالنسبة لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم والطلب منه مباشرة فهذا عين الشرك الذي بعث النبي صلى الله عليه وسلم لينهى عنه ، ويحارب أهله
نسأل الله أن يرد المسلمين لدينهم ردا جميلا . والله أعلم ، وصلى الله على نبيه محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-07-28, 17:12
هل دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم شرك
السؤال :
هل التلفظ بالكلمات الواردة أدناه يعد شركا:
"اللهم صلِّ وسلم على سيدنا محمد قد ضاقت حيلتي يا رسول الله"؟.
الجواب :
الحمد لله
نعم هذه الكلمة تعدُّ شركاً ، لأنها استغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم وشكوى الحال إليه . وذلك يتضمن أن الرسول عليه الصلاة والسلام يسمع نداء من يناديه في أي مكان ، ويغيث من يستغيث به
ويفرِّج كربته وهذا ما لا يقدر عليه الرسول عليه الصلاة والسلام ولا في حياته فكيف بعد مماته ، وهو لا يعلم الغيب ، ولا يملك لنفسه ولا لغيره ضرا ولا نفعا .
قال تعالى : ( قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضراً إلاَّ ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير )
وقال تعالى : ( وقال ربكم ادعوني استجب لكم )
وقال تعالى : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان ) . فالواجب على العبد أن لا يدعو إلاَّ الله ، ولا يستغيث إلاَّ به ، ولا يرجو غيره ، ولا يتوكل إلاَّ عليه فإن الله وحده هو الذي بيده الملك وبيده الخير ، وهو على كل شيء قدير .
وعلم الغيب ، وتفريج الكروب ، وسماع دعاء الداعين وإجابتهم من خصائص الرب سبحانه وتعالى ، فمن جعل شيئاً من ذلك لغيره كان مشركاً شركاً أكبر
. قال تعالى : ( أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أءله مع الله قليلاً ما تذكَّرون )
وقال تعالى : ( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله )
. والله هو الذي يغفر الذنوب ، ويفرج الكروب ، ويعلم ما في الصدور سبحانه وتعالى ، فيجب على العبد ألا يقصد في حصول هذه المطالب _ من مغفرة الذنوب
وتفريج الكروب ونحو ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله
ألا يقصد سوى مولاه فإنه ولي ذلك والقادر عليه .
الشيخ عبد الرحمن البراك .
*عبدالرحمن*
2018-07-28, 17:15
الدعاء لله وحده
السؤال :
ما حكم دعاء غير الله ؟.
الجواب :
الحمد لله
الله سبحانه وتعالى قريب من عباده يرى مكانهم ويعلم أحوالهم ويسمع كلامهم ويستجيب دعائهم ولا يخفى عليه شيء من أمرهم كما قال سبحانه : ( إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ) آل عمران/5 .
والله وحده هو الذي خلقنا و رزقنا بيده الملك و هو على كل شيء قدير ( لله ملك السماوات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير ) المائدة/120 .
والله وحده بيده الخير فإذا دعا إلى شيء في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فينبغي الامتثال لذلك والاستجابة له : ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحيكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون ) الأنفال/24 .
والله على كل شيء قدير يسمع دعاء عباده .. ويستجيب لهم في كل زمان ومكان على اختلاف حاجاتهم ولغاتهم كما قال سبحانه : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعانِ فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) البقرة/186 .
وقد أمرنا الله عز وجل أن ندعوه سراً بخضوع وتذلل كما قال سبحانه : ( ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين ) الأعراف/55 .
والله سبحانه له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير تسبح له السماوات والأرض وما فيهن
كما قال سبحانه ( تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليماً غفوراً ) الإسراء/44 .
وقد وعد الله من استكبر عن عبادته ودعائه بنار جهنم فقال تعالى : ( إن الذي يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) غافر/60 .
ودعاء الله يكون بما شرعه الله ورسوله ومن ذلك دعاء الله بأسمائه الحسنى ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ) الأعراف/180 .
فنقول يا رحمن ارحمنا يا غفور اغفر لنا يا رزاق ارزقنا وهكذا .
وإذا دعا العبد فإما أن يعطيه الله ما سأل أو يصرف عنه سوءاً أعظم مما طلب .. أو يدخر له سؤاله في الآخرة ذلك أن الله أمر بالدعاء ووعد بالإجابة فقال ..( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) غافر/60 .
وقد أمرنا الله بعبادته وحده .. وحذرنا من عبادة الشيطان فقال :( ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين - وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ) يس/60 - 61 .
ودعوة غير الله في قضاء الحاجات وتفريج الكربات وشفاء الأمراض لوث عقلي سببه عمى البصيرة ..( قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله ) الأنعام/71 .
وإن دعاء من لا ينفع ولا يضر ولا يأمر ولا ينهي ولا يسمع ولا يستجيب , من الأنبياء والرسل أو الجن والملائكة ..أو الكواكب والنجوم أو الأشجار والأحجار أو الأموات ..كل ذلك ظلم عظيم
وضلال عن الصراط المستقيم , وشرك بالله العظيم ( ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين ) يونس/106 .
وقال سبحانه : ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون ) الأحقاف/5 .
ودعاء غير الله شرك والشرك ذنب عظيم بل هو أعظم الذنوب وكل ذنب يغفره الله لمن يشاء إلا الشرك كما قال سبحانه : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) النساء/48 .
ويوم القيامة يجمع الله المشركين وكل من عبدوه من دون الله فيتبرأ المعبودون من دون الله ممن عبدهم , ويكفرون بشركهم
كما قال سبحانه : ( والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير ، يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ) فاطر/13-15 .
من كتاب أصول الدين الإسلامي للشيخ محمد بن ابراهيم التويجري .
*عبدالرحمن*
2018-07-28, 17:21
حديث الأعمى وتوسله بالرسول صلى الله عليه وسلم
السؤال :
الحديث : أن أعمى أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، ادع الله أن يكشف عن بصري
فقال : فانطلق فتوضأ ثم صل ركعتين ثم قل: (اللهم إني أسألك وأتوجه إليك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فيقضي حاجتي) ما صحة هذا الحديث وما معناه؟
الجواب:
الحمد لله
"هذا الحديث اختلف أهل العلم في صحته فمنهم من قال : إنه ضعيف ، ومنهم من قال: إنه حسن
ولكن له وجهة ليست كما يتبادر من اللفظ
فإن هذا الحديث معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر هذا الرجل الأعمى أن يتوضأ، ويصلي ركعتين ليكون صادقاً في طلب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم له ، وليكون وضوؤه، وصلاته عنواناً على رغبته في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم والتوجه به إلى الله سبحانه وتعالى
فإذا صدقت النية، وصحت، وقويت العزيمة فإن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع له إلى الله عز وجل ؛ وذلك بأن يدعو النبي صلى الله عليه وسلم له. فإن الدعاء نوع من الشفاعة ،
كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شَفَّعهم الله فيه) .
فيكون معنى هذا الحديث أن هذا الأعمى يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله له
لأن هذا الدعاء نوع شفاعة. أما الآن وبعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فإن مثل هذه الحال لا يمكن أن تكون لتعذر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأحد بعد الموت، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به
أو ولد صالح يدعو له) ، والدعاء بلا شك من الأعمال التي تنقطع بالموت؛ بل الدعاء عبادة
كما قال الله تعالى : (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) غافر/60
ولهذا لم يلجأ الصحابة رضي الله عنهم عند الشدائد وعند الحاجة إلى سؤال النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لهم ؛ بل قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قحط المطر: (اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا
وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون) وطلب من العباس رضي الله عنه أن يدعو الله عز وجل بالسقيا فدعا فسقوا . وهذا يدل على أنه لا يمكن أن يطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته أن يدعو لأحد؛ لأن ذلك متعذر لانقطاع عمله بموته صلوات الله وسلامه عليه
وإذا كان لا يمكن لأحد أن يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يمكن ومن باب أولى أن يدعو أحد النبيَّ صلى الله عليه وسلم نفسه بشيء من حاجاته أو مصالحه؛ فإن هذا من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله؛ والذي حرم الله على من اتصف به الجنة
قال الله تعالى : (وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنْ الظَّالِمِينَ) يونس/106
. وقال تعالى : (فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنْ الْمُعَذَّبِينَ) الشعراء/213
وقال الله عز وجل : (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ) المؤمنون/117
وقال تعالى: (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَار) المائدة/72.
فالمهم أن من دعا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته أو غيره من الأموات لدفع ضرر أو جلب منفعة فهو مشرك شركاً أكبر مخرجاً عن الملة، وعليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى ، وأن يوجه الدعاء إلى العلي الكبير الذي يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء .
وإني لأعجب من قوم يذهبون إلى قبر فلان وفلان يدعونه أن يفرج عنهم الكربات ويجلب لهم الخيرات وهم يعلمون أن هذا الرجل كان في حال حياته لا يملك ذلك ، فكيف بعد موته ، بعد أن كان جثة وربما يكون رميماً قد أكلته الأرض فيذهبون يدعونه
ويتركون دعاء الله عز وجل الذي هو كاشف الضر، وجالب النفع والخير ، مع أن الله تعالى أمرهم بذلك وحثهم عليه فقال : (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) غافر/60.
وقال الله تعالى : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) البقرة/186.
وقال تعالى منكراً على من دعا غيره : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ) النمل/62 .
أسأل الله تعالى أن يهدينا جميعاً صراطه المستقيم" انتهى .
"مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (2/274) .
فالحديث لا يدل على جواز التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم كما ذهب إليه البعض ، بل الحديث يدل على أن هذا الرجل توسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم فقوله : (اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد)
أي : بدعاء نبينا محمد ، وقوله : (يا محمد إني أتوجه بك إل ربي) أي: بدعائك .
ويدل على هذا :
1- أن هذا الرجل ، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يدعو له ، ولو كان مراده التوسل بجاهه صلى الله عليه وسلم لقعد في بيته ، وقال : اللهم إني أتوسل إليك وأسألك بجاه محمد .
2- من جملة الدعاء الذي علمه الرسول صلى الله عليه وسلم : (اللهم فشفعه فيّ ، وشفعني فيه) أي : اقبل شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم فيّ ، والشفاعة هي الدعاء ، فيكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد دعا له .
وقوله : (وشفعني فيه) أي : اقبل دعائي أن تقبل دعاءه .
قال الألباني رحمه الله في كتاب التوسل ص (73، 74) :
"إن مما علم النبي صلى الله عليه وسلم الأعمى أن يقوله : ( وشفعني فيه ) أي : اقبل شفاعتي أي دعائي في أن تقبل شفاعته صلى الله عليه وسلم أي دعاءه في أن ترد علي بصري . هذا الذي لا يمكن أن يفهم من هذه الجملة سواه .
ولهذا ترى المخالفين يتجاهلونها ولا يتعرضون لها من قريب أو من بعيد ، لأنها تنسف بنيانهم من القواعد ، وتجتثه من الجذور
وإذا سمعوها رأيتهم ينظرون إليك نظر المغشي عليه . ذلك أن شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في الأعمى مفهومة ، ولكن شفاعة الأعمى في الرسول صلى الله عليه وسلم كيف تكون ؟
لا جواب لذلك عندهم البتة ، ومما يدل على شعورهم بأن هذه الجملة تبطل تأويلاتهم أنك لا ترى واحدا منهم يستعملها ، فيقول في دعائه مثلا : اللهم شفع فيّ نبيك وشفعني فيه" انتهى .
وانظر لتفصيل الكلام على هذا الحديث : كتاب "التوسل" ص (68-93) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-07-28, 17:26
تنبيه خطير واستفهام لفتوى سابقة بخصوص طلب الدعاء من الميت
السؤال:
بارك الله فيكم على ماتقدموه من خدمة عظيمة للمسلمين هناك تنبيه خطير واستفسار بالنسبة للفتوى أدناه التي تتعلق بطلب الدعاء من الميت حيث أفدتم في بداية الإجابة بقولكم -وهذا من البدع المنكرة والوسائل المفضية إلى الشرك وسؤال غير الله ، وقد يصل به الحال إلى الشرك الأكبر المخرج عن الملة
وهو يحصل كثيرا في هؤلاء ؛ لشدة تعلقهم بالميت . وهذا يعطي للقارئ مفهوم أن طلب الدعاء من الميت أو الشفاعة يؤدي للشرك الأكبر وليس هو الشرك بذاته وعينه فأرى أن هذه المقولة تحتاج إلى تعديل لأن الاستدلالات اللاحقة التي أشرتم إليها تخالف المقولة الأولى
ي بداية الإجابة وخصوصا أن الاستدلالات لشيخ الإسلام وغيره من العلماء تثبت أن طلب الدعاء والشفاعة هي عين ما قاله المشركون .(من كلام الفوزان حفظه الله ) أرجو الالتفات إلى هذه المسالة الخطيرة في المنطوق الأول من الفتوى وأكررها للتأكيد (لا يجوز طلب الدعاء أو الشفاعة من الميت
وخاصة عند قبره ؛ لأنه يكون عنده أشد تعلقا به ، وهذا من البدع المنكرة والوسائل المفضية إلى الشرك وسؤال غير الله ، وقد يصل به الحال إلى الشرك الأكبر المخرج عن الملة
وهو يحصل كثيرا في هؤلاء ؛ لشدة تعلقهم بالميت ) فقد يتشبث المرتابون بان هذا مفضي للشرك وليس شركا بعينه بارك الله فيكم وسدد خطاكم للحق .
الجواب :
الحمد لله
لقد سرنا أيها الأخ الكريم المهتدي حرصك على متابعة السنة التي هداك الله إليها ، واهتمامك بأمر التوحيد ، وتحقيق مقام العلم فيه
نسأل الله أن يجمع لنا ولك التحقق بالتوحيد الخالص علما وعملا .
وأما ما ذكرته من العبارة المذكورة في الجواب المشار إليه ؛ فلم نر فيها ما يستنكر ، ولا ما يحتاج إلى تغيير
بل عبارات أهل العلم على التحذير من تلك البدعة والضلالة على وجه الإجمال ، وقد صرح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بهذا الذي قدمناه في بداية جوابنا .
قال رحمه الله :
" وهذه الأمور المبتدعة من الأقوال هي مراتب
أبعدها عن الشرع أن يسأل الميت حاجة أو يستغيث به فيها كما يفعله كثير من الناس بكثير من الأموات وهو من جنس عبادة الأصنام ولهذا تتمثل لهم الشياطين على صورة الميت أو الغائب كما كانت تتمثل لعبادة الأصنام بل أصل عبادة الأصنام إنما كانت من القبور كما قال ابن عباس و غيره
وقد يرى أحدهم القبر قد انشق و خرج منه الميت فعانقه أو صافحه أو كلمه ويكون ذلك شيطانا تمثل على صورته ليضله وهذا يوجد كثيرا عند قبور الصالحين وأما السجود للميت أو للقبر فهو أعظم و كذلك تقبيله
المرتبة الثانية : أن يظن أن الدعاء عند قبره مستجاب أو أنه أفضل من الدعاء في المساجد والبيوت فيقصد زيارته لذلك أو للصلاة عنده أو لأجل طلب حوائجه منه فهذا أيضا من المنكرات المبتدعة باتفاق أئمة المسلمين وهي محرمة وما علمت في ذلك نزاعا بين أئمة الدين
المرتبة الثالثة أن يسأل صاحب القبر أن يسأل الله له وهذا بدعة باتفاق أئمة المسلمين .. "
انتهى من كتاب "الاستغاثة" (1/145-146) ، وينظر ص (111،119) منه .
فأنت ترى كلام شيخ الإسلام صريحا في التفريق بين المراتب المذكورة ، وتصريحه في المرتبة الثالثة ، وهي محل الإشكال ، بأنها بدعة باتفاق المسلمين .
والله الموفق .
*عبدالرحمن*
2018-07-28, 17:35
هل نداء الجمادات يعد من الشرك بالله ؟
السؤال:
أنا طالب جامعي مقبل على تحضير شهادة الدكتوراة في الأدب العربي تخصص تحليل الخطاب وعندي استفسار أرجو منكم تفصيلا في جوابه هل في قول الشاعر: يا دار عبلة بالجواء تكملي ، ونحوها يعد شركا.
وهل كل نداء لغائب أو جماد أو بكاء على طلل يعد شركا. أرجو التوضيح من فضلكم.وجزاكم الله خيرا.
الجواب :
الحمد لله
ليس كل نداء لغائب أو جمادٍ يعد شركاً ، بل يختلف الحكم باختلاف القصد من النداء ، وذلك أن النداء في لغة العرب ، وإن كان الأصل فيه طلب الإِجابة لأمْرٍ ما
إلا أنه يستعمل لمعانٍ أخرى مختلفة ، تفهم من السِّياق والقرائن ، وشواهد ذلك في لغة العرب وأشعارهم كثيرة ومستفيضة .
فقد يكون النداء على سبيل "التحسر والتوجع" ، كقول الشاعر يرثي معن بن زائدة:
فَيَا قَبْرَ مَعْنٍ كَيْفَ وَارَيْتَ جُودَهُ ** وَقَدْ كَانَ مِنْهُ الْبَرُّ والْبَحْرُ مُتْرَعاً
وقد يكون للتعجب ، كقول طرفة:
يا لَكِ من قُبَّرَةٍ بمَعْمِرِ ** خَلاَ لَكِ الجَوُّ فَبِيضي واصْفِري
وقد يكون المقصود به النُّدبة ، وهي النداء للتفجع على الشيء أو للتوجع منه ، كقول أبي العلاء:
فواعجباً كم يدَّعي الفضلَ ناقصٌ ** وَوَا أسفاً كم يظهر النقص فاضل
وقد يوجّه النداء إلى من لم يُقصد إسماعه ، كأن تقول لميّت تندبه: يا زيد ما أجلّ مصيبتنا بفقدك.
ومن ذلك : نداء الأطلال والمنازل والمطايا، كقول أبي العلاء:
يا ناقُ جِدّي فقدْ أفنَتْ أناتُكِ بي ** صَبري وعُمري وأحلاسي وأنساعي
وقول النابغة :
يا دارَ مَيَّةَ بِالعَلياءِ فَالسَنَدِ ** أَقوَت وَطالَ عَلَيها سالِفُ الأَبَدِ
وقول امرئ القيس:
أَلا عِم صَباحاً أَيُّها الطَلَلُ البالي ** وَهَل يَعِمَن مَن كانَ في العُصُرِ الخالي
وقد ينادون الأوقات، بمعنى الاشتكاء لطولها، أو المدح لها بما نالوا من السّرور فيها.
كما قال امرؤ القيس متضجّراً من طول ليله:
أَلاَ أَيُّها اللَّيْلُ الطَّوِيلُ أَلاَ انْجَلِي ** بِصُبْحٍ وَمَا الإِصْبَاحُ مِنْكَ بِأَمْثَلِ
قال ابن الشجري ( المتوفى سنة 542 هـ):
" فهذه وجوه شتّى قد احتملها النّداء، وإن كان في أصل وضعه لتنبيه المدعوّ "
انتهى من "أمالي ابن الشجري" (1/417) .
وجاء في كتاب "البلاغة العربية: أسسها ، وعلومها ، وفنونها" (1/241)
: " وقد يخرج النداء عن المعنى الأصليّ الموضوع له ، فيُسْتَعْمَلُ لدى البلغاء وغيرهم في أغراضٍ أخْرى غير النداء، وهذه الأغراضُ تُفْهَمُ من قرائن الحال أو قرائن المقال
فكلُّ حَرَكَةٍ نفسيَّةٍ ذات مشاعِرَ ، تَدْفَعُ الإِنسان إلى التعبير عنها بنداء ما ، بطريقةٍ تلقائية ، ولو لم يشعر بأنّ هذا النداء يحقق له مرجوّاً أو مأمولاً ، أو يدفع عنه مكروها.
كأن يستعمل النداء في : الزّجْر واللّوم ، أو التحسّر والتأسّف والتّفجع والندم أو النُّدْبة ، أو الإِغراء ، أو الاستغاثة ، أو اليأس وانقطاع الرجاء ، أو التمني ، أو التذكر وبث الأحزان ، أو التضجر ، أو الاختصاص ، أو التعجب ، إلى غير ذلك" انتهى .
وينظر: "جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع" (ص: 90)
"علوم البلاغة ، البيان، المعاني، البديع" (ص: 82)
"البلاغة العربية" (1/250).
يتبين مما سبق : أن أسلوب النداء ليس ملازما للطلب والدعاء ، أو الاستغاثة ، في كل أحواله , وإنما قد يكون للطلب ، وقد لا يكون ، بحسب سياق الكلام ومقصوده .
ولذلك لا يصح أن يجعل النداء (هكذا مطلقا في جميع أحواله) مناطا لبناء الشرك أو الكفر عليه ؛ لاحتماله وتردده بين معان مختلفة في الحقيقة والحكم .
بل مناط الحكم في هذا الباب هو تحقق الطلب من غير الله ، فيما لا يقدر عليه إلا الله ؛ فحيث وجد هذا النوع من الطلب في النداء أو غيره : كان شركا ، وإذا لم يوجد لم يكن شركا ، ولو كان بصيغة النداء والدعاء .
فكل من نادى غير الله من الجمادات وغيرها , وظهر من حاله أو القرائن المحتفة بالكلام ، أو واقعه : بأنه لا يقصد الطلب ، وإنما له مقصد بلاغي ، أو أدبي ، أو وجداني آخر، سوى الطلب والرغبة
على ما مر تفصيله , فهو في الحقيقة لم يقع في الاستغاثة بغير الله .
وبناء على هذا ، فقول القائل :
" يا دار عبلة " أو قول بعضهم : " يا طيبة" : ليس داخلا في باب الشرك قطعا ؛ لأنه في الحقيقة لا ينادي الدار ، أو المدينة ، نداء طلب واستغاثة , وإنما يناديها نداء توجع وتألم , فهو لا يطلب من المدينة شيئا , وإنما يظهر ما جاش في مشاعره من الألم والتوجع والشوق والحنين .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وقوله : ( يا محمد يا نبي الله ) هذا وأمثاله نداء يُطلب به استحضار المنادَى في القلب ، فيخاطب المشهود بالقلب ، كما يقول المصلي : (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته )
والإنسان يفعل مثل هذا كثيرا ، يخاطب من يتصوره في نفسه ، وإن لم يكن في الخارج من يسمع الخطاب"
انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/319).
وقال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب: " المستغاث به عندهم هو الذي يُدعى ويُسأل ويُطلب منه الغوث ، والمنادي هو داعي المنادَى .
لكن فرقوا بين دعاء المستغاث به وغيره ، كما فرقوا بين دعاء الندبة وغيره ، كقوله : يا حسرتا على ما فرطت ، وقولهم : يا أبتاه ، يا عمراه ، ونحو ذلك مما يلحقون في آخره ألفاً لأجل مد الصوت
إذ النادب الحزين يمد صوته وهو يندب ما قد فات ، فيمد الصوت في آخر دعائه كقوله: يا أسداه ، يا ركناه ، يا أبتاه ، حتى قالوا يا أمير المؤمنيناه ، يا عبد الملكاه ، إذ نداء الندبة يقوله الإنسان عند حدوث أمر عظيم، ويقوله للتوجع، كقول سارة حين بشرت بإسحق: يا ويلتا.
بخلاف المستغيث فإنه يدعو المستغاث به كما يدعو غيره ، فيقول: يا لزيد ، كقوله يا زيد ، لكن دل بهذه الصيغة أنه يطلب منه الإعانة على ما يهمه من أموره مطلقاً ، بخلاف النداء المجرد فإنه لا يدل على ذلك .
فالمستغيث بالشيء : داعيه ، مع زيادة طلب الإغاثة" .
انتهى من "التوضيح عن توحيد الخلاق" (ص: 304) .
وقال الشيخ محمد بشير السهسواني (المتوفى: 1326هـ) :
"المانعون لنداء الميت والجماد ، وكذا الغائب ، إنما يمنعونه بشرطين:
الأول : أن يكون النداء حقيقياً ، لا مجازياً.
والثاني : أن يقصد ويطلب به من المنادَى ما لا يقدر عليه إلا الله ، من جلب النفع وكشف الضر. مثلاً يقال: يا سيدي فلان ؛ اشف مريضي وارزقني ولداً، ولا مرية أن هذا النداء هو الدعاء، والدعاء هو العبادة، فكيف يشك مسلم في كونه كفراً وإشراكاً وعبادة لغير الله؟ ".
ثم قال : " وأما النداء المجازي : فلا يمنعه أحد".
انتهى من "صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان" (ص: 366).
وقال : " مراد المانعين للنداء ليس مطلق النداء ، بل النداء الحقيقي الذي يُقصد به من المنادَى ما لا يقدر عليه إلا الله ، من جلب النفع وكشف الضر، ولا مرية في أنه عبادة
وكونه عبادة وممنوعاً لا يقتضي كون كل نداء ممنوعاً ، حتى يلزم منه عدم جواز نداء الأحياء فيما يقدرون عليه"
انتهى من "صيانة الإنسان" (ص: 367).
وقد سئل الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى عن سؤال الجمادات والمحسوسات على سبيل المناجاة في القصائد ونحوها ، في أمور لا يقدر عليها إلا الله، نحو قول امرئ القيس:
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي
ونحو قولهم في الشعر النبطي:
يا قبر أعز إنسان غالي رقد فيك * خفف عليه من التراب الثقيلي
ونحوها، أتكون من دعاء غير الله ، أم تكون من المجازات أو الاستعارات فيتساهل فيها؟
فأجاب: " الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، أما بعد؛ فإن ما في البيتين من النداء ليس من قبيل دعاء غير الله الذي هو شرك.
بل النداء والأمر في البيت الأول : غاية الشاعر فيه التمني بانجلاء الليل، ونداء الليل نوع من التخيل بأن الليل يسمع ويجيب، والشاعر يعلم أنه لا يسمع ولا يجيب، ولا ينجلي بإرادة منه.
وكذا خطاب القبر في البيت الثاني : فإنه محض تخيل وأمانٍ، أو تحسر على الدفين الذي لا يملك له الشاعر ولا غيره إنقاذه من مصيره، بل المالك لذلك الله وحده، الذي يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير.
وهكذا القول في كل ما يرد في الأشعار من خطاب الجمادات؛ كالأطلال والديار والدِّمن والقبور، فكل ذلك من قبيل التمني أو التحسر.
أما خطاب أصحاب القبور الأموات ، لقضاء الحاجات : فهو الشرك المحبط للحسنات .
فيجب الفرقان بين التمنيات ، والتحسرات ، ودعاء الأموات
والله أعلم" .
أملاه: عبد الرحمن بن ناصر البراك 17/صفر/1434هـ
والحاصل :
أن النداء لا يكون شركا إلا إذا كان فيه استغاثة بغير الله ، وطلب حقيقي منه ، لشيء لا يقدر على فعله غير الله .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-07-28, 17:41
حكم الصلاة خلف من يقول الشفاعة يارسول الله ؟
السؤال
: أنا مقيم في تركيا ، ويوجد كثير من الأئمّة يقولون عند إقامة الصلاة وذكر رسول الله :(الشفاعة يارسول الله)
فما حكم قول هذه الكلمة ؟
وهل تجوز الصلاة خلف من يقولها؟
علما بأن غالبيتهم يقولونها.
الجواب :
الحمد لله
أولا :
طلب الدعاء أو الشفاعة من الرسول صلى الله عليه وسلم على نوعين :
الأول : أن يتوجه بالعبادة للرسول صلى الله عليه وسلم ، كالسجود أو النذر له ، أو التوكل عليه ، أو دعائه : بأن ييسر له أمره ، أو يفرج عنه كربه ، أو يوسع عليه رزقه .. ونحو ذلك .
ثم يزعم أنه يفعل ذلك لكي يتوسط له الرسول صلى الله عليه وسلم عند الله ، فيدعو الله له أن يحصل له مطلوبه .
فهذا شرك أكبر مخرج عن الإسلام بإجماع العلماء .
وهذا بعينه هو فعل المشركين ، كما حكاه الله عنهم ، قال الله تعالى : (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ) يونس/18 .
وقال تعالى : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) الزمر/3 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
" فمن جعل الملائكة والأنبياء وسائط [يعني بينه وبين الله] يدعوهم ويتوكل عليهم ، ويسألهم جلب المنافع ، ودفع المضار ، مثل أن يسألهم غفران الذنب ، وهداية القلوب ، وتفريج الكروب وسد الفاقات: فهو كافر بإجماع المسلمين "
انتهى من " مجموع الفتاوى " (1/124) .
قال البهوتي في "كشاف القناع" (6/168) تعليقا على كلام شيخ الإسلام
: "لِأَنَّ ذَلِكَ كَفِعْلِ عَابِدِي الْأَصْنَامِ قَائِلِينَ : (مَا نَعْبُدُهُمْ إلَّا لِيُقَرِّبُونَا إلَى اللَّهِ زُلْفَى)" انتهى .
النوع الثاني :
أن لا يتوجه بشيء من العبادات للرسول صلى الله عليه وسلم ، لا الدعاء ولا غيره ، غير أنه يطلب منه أن يدعو الله له ، أو يشفع له عند الله .
فهذا قد اختلف العلماء فيه ، فذهب بعض العلماء إلى أنه بدعة منكرة وذريعة إلى الشرك
وذهب آخرون إلى أنه شرك أكبر ، وجعلوا هذا دعاءً للرسول صلى الله عليه وسلم ، ولاشك أن دعاء غير الله كفر ، وهو قول الشيخ محمد بن عبد الوهاب وابنه الشيخ عبد الله رحمهما الله ... وغيرهم . انظر : صيانة الإنسان (ص184 ، 185) .
وقد سبق في السؤال فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في ذلك .
وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
" فالمهم أن الإنسان إذا رجا الله عز وجل أن يُشَفِّع فيه نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ، أو يشفع فيه أحدا من الصالحين ، بدون أن يسألهم ذلك : فهذا لا بأس به.
وأما أن يسألهم فيقول: يا رسول الله اشفع لي، أو يا فلان اشفع لي، أو ما أشبه ذلك : فهذا لا يجوز، بل هو من دعاء غير الله عز وجل، ودعاء غير الله شرك" انتهى .
ثانيا :
الحكم على القول بأنه كفر: لا يعني أن كل من قاله فهو كافر ، فإنه قد يكون معذورا بجهل أو تأويل .. أو غير ذلك .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
: " ما نقل عن السلف والأئمة من إطلاق القول بتكفير من يقول كذا وكذا ، فهو حق ، لكن يجب التفريق بين الإطلاق والتعيين .. "
انتهى من "مجموع الفتاوى" (3/230) .
ومما يمنع من تكفير المعين الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله : النشوء ببيئة بعيدة عن العلماء ، يُفعل فيها الكفر جهلا ، ولا أحد من أهل العلم المرجوع إليهم : ينكره ، ولا يبين لهم وجه الباطل فيه .
وأشد من ذلك إذا وُجد مَن يزين للناس هذا الفعل ، ممن اشتهر بالعلم ، وأخذ الناس عنه !!
قال شيخ الإسلام :
"وقد حدث من بعض المتأخرين في ذلك بدع لم يستحبها أحد من الأئمة الأربعة كسؤاله الاستغفار ، وزاد بعض جهال العامة ما هو محرم أو كفر بإجماع المسلمين كالسجود للحجرة والطواف بها وأمثال ذلك مما ليس هذا موضعه.
ومبدأ ذلك من الذين ظنوا أن هذا زيارة لقبره، فظن هؤلاء أن الأنبياء والصالحين تزار قبورهم لدعائهم والطلب منهم واتخاذ قبورهم أوثانًا حتى يفضلون تلك البقعة على المساجد
وإن بني عليها مسجد فضلوه على المساجد التي بنيت لله، وحتى قد يفضلون الحج إلى قبر من يعظمونه على الحج إلى البيت العتيق، إلى غير ذلك مما هو كفر وردة عن الإسلام باتفاق المسلمين"
انتهى من "الرد على الإخنائي" ص(354) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" إذا فرضنا أنه قد عاش في بيئة تفعل الكفر، وعلماؤها موجودون، وهم يقرون ذلك ولا ينكرونه، ولم يتكلم أحد منهم عنده بأن هذا كفر ، ككثير من العامة في البلاد الإسلامية الذين يدعون القبور ، وأصحاب القبور
وما أشبه ذلك ، فقد يقال: إن هذا الرجل معذور ؛ وقد عاش في بلد تعتبر بلادا يظهر فيها الشرك ، ولا سمع بأن هذا شرك ، فهذا قد يعذر ؛ لأنه ليس لديه سبب يوجب الانتباه ، وطلب العلم "
انتهى من "الشرح الممتع" (14/450) .
وقال الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب في رسالة له اختصرها من رسائل أبيه:
" إن قال قائل منفر عن قبول الحق والإذعان له : يلزمكم من تقريركم وقطعكم في أن من قال : يا رسول الله ، أسألك الشفاعة : إنه مشرك مهدر الدم ، أن يقال : غالب الأمة ، لاسيما المتأخرين مشركون ، لتصريح علمائهم المعتبرين : من أن ذلك مندوب ، وشنوا الغارة على من خالف ذلك ؟!
قلت : لا يلزم ذلك ، لأن لازم المذهب ليس بمذهب ، كما هو مقرر ...
ونحن نقول فيمن مات : (تلك أمة قد خلت) ، ولا نكفر إلا من بلغته الدعوة ، ووضحت له المحجة ، وقامت عليه الحجة ، وأصر مستكبرا معاندا ...
ونعتذر عمن مضى : بأنهم مخطؤون معذورون ، لعدم عصمتِهم من الخطأ ، والإجماعِ في ذلك قطعا [أي ولعدم الإجماع في هذه المسألة] ، ومن شن الغارة فقد غلط ...
فإن قلت : هذا فيمن ذَهَل ، ولما نُبِّه ، انتبه ؛ فما القول فيمن حرر الأدلة ، واطلع على كلام الأئمة القدوة ، فاستمر مصرا على ذلك إلى أن مات ؟
قلت : ولا مانع أن يُعتذر لمن ذُكر ، ولا نقول إنه كافر ؛ لما تقدم أنه مخطئ ، وإن استمر على خطئه ، لعدم من يُناضِل عن هذه المسألة في وقته ، بلسانه وسيفه وسنانه ، فلم تتم عليه حجة ، ولا وضحت له المحجة .
بل الغالب على من ألف ، زمن المؤلفين المذكورين : التواطؤ على هجر كلام أئمة السنة في ذلك رأسا ، ومن اطلع عليه ، أعرض عنه قبل أن يتمكن في قلبه ، ولم تزل أكابرهم تنهى أصاغرهم عن مطلق النظر في ذلك ...
ونحن كذلك لا نقول بكفر من صحت ديانته ، وشُهر صلاحه وورعه وزهده ، وحسنت سيرته ، وبالغ في نصح الأمة ، ببذل نفسه في تدريس العلوم النافعة والتأليف فيها
وإن كان مخطئا في هذه المسألة أو غيرها ، كابن حجر الهيتمي ، فإنا نعلم كلامه في "الدر المنظم" ، ولا ننكر سعة علمه ، ولهذا نعتني بكتبه ، كشرح الأربعين والزواجر وغيرها ، ونعتمد على نقله إذا نقل ، لأنه من جملة علماء المسلمين"
انتهى من "صيانة الإنسان" (ص437-439) باختصار .
وبناء على هذا : فإننا لا نرى كفر الأئمة الذين ذكرتهم في سؤالك ، لأننا لا نقطع بقيام الحجة عليهم ، بل الغالب أنهم يكونون جهالا بهذه المسألة ، ووجدوا علماءهم أو من يثقون فيه يقول ذلك فقلدوه .
هذا مع ما في أصل المسألة المذكورة من الخلاف : هل هي من الشرك الأكبر ، كما قاله بعض أهل العلم ، أو هي : ذريعة للشرك ، وليست في نفسها من الشرك الأكبر ، كما قاله آخرون ، وهو الأقرب فيها .
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله :
" .. الأنبياء والصالحون ، وإن كانوا أحياء في قبورهم ، وإن قدر أنهم يدعون للأحياء ، وإن وردت به آثار :
فليس لأحد أن يطلب منهم ذلك ، ولم يفعل ذلك أحد من السلف ؛ لأن ذلك ذريعة إلى الشرك بهم ، وعبادتهم من دون الله تعالى .
بخلاف الطلب من أحدهم في حياته ، فإنه لا يفضي إلى الشرك " انتهى من "قاعدة جليلة" ص (193) .
وفي "الفتاوى" (1/180)
: " إن دعاءهم وطلب الشفاعة منهم في هذه الحال : يفضي إلى الشرك بهم، ففيه هذه المفسدة .
فلو قدر أن فيه مصلحة لكانت هذه المفسدة راجحة، فكيف ولا مصلحة فيه" انتهى .
وينظر : "التعليق على فتح الباري" ، للشيخ ابن باز رحمه الله (2/495) .
والحاصل : أنه يجوز لك أن تصلي خلفهم ، لأنهم معذورون بجهلهم .
وينبغي أن تنصح هؤلاء وتبين لهم أن ما يقولونه بدعة منكرة ، وهو شرك أكبر على قول كثير من العلماء كما سبق بيانه .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
بـــيِسَة
2018-07-29, 15:58
https://f.top4top.net/p_94012r2w1.jpg (https://up.top4top.net/)https://f.top4top.net/p_94012r2w1.jpg (https://up.top4top.net/)
بارك الله فيك .
*عبدالرحمن*
2018-07-29, 17:29
https://f.top4top.net/p_94012r2w1.jpg (https://up.top4top.net/)https://f.top4top.net/p_94012r2w1.jpg (https://up.top4top.net/)
بارك الله فيك .
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اسعدني حضورك الرائع مثلك
و في انتظار المزيد
من مرورك العطر
بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله عني كل خير
https://d.top4top.net/p_795sbakq1.gif (https://up.top4top.net/)
... احترمي و تفديري ....
*عبدالرحمن*
2018-08-01, 04:37
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
حكم تغيير الملامح والمشاعر بالإدراك اللاوعي
السؤال :
كلمة سبليمنال يعني تحت العقل أو تحت الشعور ، وأن نستطيع أن نستخدم السبليمنال عن طريق كلمة أو صورة أو مشهد … السبليمنال عبارة عن رسالة غير مباشرة للعقل اللاواعي للتأثير عليه
يستخدمها الإعلاميون كثيرا في الدعايات … لايهم اللغة لكن المهم توصيل الرسالة !! المهم التأثير ! لذلك توجد رسائل سلبية عن طريق السبليمنال ورسائل أيجابية ! أنواعه
… 1- سبليمنال صوتي عبارة عن ترديد لكلمات لها إشارات ذبذبية تنتقل للعقل اللاواعي وتؤثر عليه لتغيير قناعة أو بناء قناعة جديدة، وتكون هذه الرسائل إما سلبيه أو إيجابية .. تؤثر على تصرفاتنا وعاداتنا وحركاتنا
. 2- سبليمنال كتابي وهو عرض كلمة بطريقة غير مباشرة بخلفية مشهد 3- سبليمنال الصورة وبالغالب يستخدمونها في أمور الدعائية . أنا سؤالي هو عن سبليمنال الصوت هل يجوز لي أن استمع له لتغيير بعض ملامحي؟
مثلا لتغيير لون العيون هناك مقاطع خاصة لكل لون وفي المقطع يوجد أحيانا صوت أمواج وأحيانا عصافير ولكن بنفس الوقت هناك أصوات بشرية لا يمكننا سماعها لكن العقل الباطن يسمعها مثلا (لون عيناي اخضر ...لون عيناي جميل... لون عيناي يتحول إلى الأخضر ..
أشعر بالقدرة على التحكم بجسدي .. الجميع يجاملني على لون عيناي الاخضر ..الخ) فنكرر سماع هذه الاصوات حتى يصدق العقل الباطن فنصل الى النتيجة التي نريدها أول ما سمعت بالأمر لم أصدق
لكن هناك العديد من الناس نجح ذلك معهم وكثير من المسلمين يفعلون ذلك لكن بحثت جدا عن حكم هذا الأمر ولم أجد ، هل يعتبر كعمليات التجميل وتغيير خلق الله؟
وهل ينافي توحيد الربوبية؟
علما أني أقوم بالدعاء لتنجح الطريقة وأردد (لا حول ولا قوة الا بالله ..ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن) أرجو الرد بسرعة .
الجواب :
الحمد لله
اعلم أرشدنا الله وإياك أن الإدراك اللاواعي أو ما يسمي بالــ subliminal perception موجود ويحدث للناس
ولكن البحوث والأدلة العلمية تؤكد أنه ليس له أي قدرة خارقة على التحكم بعقول الناس
وأنه ليس له أي قوة خاصة لإيجاد تغييرات كبيرة في احتياجات الناس وأهدافهم ومهاراتهم وأفعالهم
فضلا عن تغيير ألوان أعينهم وأوزانهم !!
هذا كله عند علماء النفس المحققين من العلم الزائف pseudoscience
وغاية ما في هذا النوع من الإدراك أنه له تأثيرات صغيرة، لفترات زمنية قصيرة، على بعض الأحكام الحياتية البسيطة .
والحقيقة المقررة علميا : أن الإعلانات
والخطابات السياسية
وغيرها من الرسائل التي يدركها العقل الواعي مباشرة :
لها تأثير أقوى وأشد إقناعا من الرسائل التي تدرك بالعقل اللاوعي !!
انظر هذه الخلاصة العلمية بنصها وحرفها في كتاب
psychology 9th ed. 2012
Douglas A. Bernstein , page 162
وهو من أشهر الكتب العلمية العالمية المعتمدة في علم النفس
وبناء عليه:
فنجاح مثل هذا مع بعض الناس - إن فرض صحته فعلا - مجرد وهم ، وإيحاء نفسي ؛ لا علاقة له بالإدراك اللاوعي .
ومن اتخذه سببا لتغيير حياته ، أو مهاراته ، أو شيء من هيئته : فقد اتخذ سببا لم يجعله الله سببا لا شرعا ولا عقلا ، فهو ضرب من التعلق بالأوهام ، والخرافات ؛ وإن كانت بأسماء علمية !!
وقد ذكر أهل العلم أن من الشرك الأصغر : أن يتخذ العبد سببا لمطلوبه ، لم يجعله الله سببا ، لا شرعا ، ولا قدرا .
ينظر : "القول المفيد على كتاب التوحيد" للعلامة العثيمين رحمه الله (2/19) .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-08-01, 04:43
يضعون الماء ليلا تحت النجوم لأجل العلاج
السؤال:
عندنا عادة منتشرة في منطقتنا ، وهي : أنه إذا مرض الولد يضعون ماء مع تراب في الخارج تحت النجوم ، يعني "تنجيم " ، وفي الصباح يحممون الولد بها ، فما قول الشرع في هذا؟
الجواب :
الحمد لله
ما سألت عنه هو من الأوهام والخرافات التي ليس لها مستند من الشرع ، ولا من الطب التجريبي الذي يعرفه الناس ؛ فلهذا يجب على المسلم تجنب هذا التصرف ونحوه
مما يكون مبناه عادة على الأوهام ، أو الاعتقادات الفاسدة .
وقد حثّ الشرع على مباشرة الأسباب ، ومنها أسباب الشفاء .
عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ ، قَالَ : " أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرُ ، فَسَلَّمْتُ ثُمَّ قَعَدْتُ ، فَجَاءَ الْأَعْرَابُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَنَتَدَاوَى ؟ فَقَالَ : ( تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً ، غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ ) .
رواه أبوداود (3855) ، والترمذي (2038) وقال : وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
لكن هذا التداوي المأمور به ، إنما يكون بالأدوية التي ثبت بالشرع ، أو بالتجربة الطبية : أنها أدوية نافعة ، معلوم للناس أمرها .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
" وفي الأحاديث الصحيحة : الأمر بالتداوي وأنه لا ينافي التوكل ، كما لا ينافيه دفع داء الجوع والعطش ، والحر ، والبرد بأضدادها ، بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدرا وشرعا "
انتهى من " زاد المعاد " (4 / 14) .
ولهذا جاء النهي مثلا عن لبس الحلقة والتمائم ، والتعلق بالأنواء ، ونحو هذا مما ليس بسبب ؛ لأن في جعل الشيء سببا من غير دليل من الشرع ، أو من الواقع : يعتبر كذبا ، وطريقا لتعظيم هذه الاشياء ، وهذه هي ذرائع الشرك التي يجب سدها ، ووسائله التي يحرم التسبب فيها ، والأخذ بها .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
" اعلم أن الدواء سبب للشفاء ، والمسبب هو الله تعالى ، فلا سبب إلا ما جعله الله تعالى سببا، والأسباب التي جعلها الله تعالى أسبابا نوعان:
النوع الأول: أسباب شرعية كالقرآن الكريم والدعاء ...
النوع الثاني: أسباب حسية كالأدوية المادية المعلومة عن طريق الشرع ، كالعسل ، أو عن طريق التجارب ، مثل كثير من الأدوية ، وهذا النوع لا بد أن يكون تأثيره عن طريق المباشرة ، لا عن طريق الوهم والخيال ...
أما إذا كان مجرد أوهام وخيالات يتوهمها المريض ، فتحصل له الراحة النفسية بناء على ذلك الوهم والخيال ، ويهون عليه المرض وربما ينبسط السرور النفسي على المرض فيزول ، فهذا لا يجوز الاعتماد عليه ، ولا إثبات كونه دواء ؛ لئلا ينساب الإنسان وراء الأوهام والخيالات ، ولهذا نُهي عن لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع المرض أو دفعه
لأن ذلك ليس سببا شرعيا ولا حسيا ، وما لم يثبت كونه سببا شرعيا ولا حسيا ، لم يجز أن يجعل سببا ؛ فإن جعله سببا نوع من منازعة الله تعالى في ملكه ، وإشراك به ، حيث شارك الله تعالى في وضع الأسباب لمسبباتها "
انتهى من " فتاوى ورسائل ابن عثيمين " (1 / 110 – 111) .
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى :
" فإذا كانت هذه الأمور ليست من الأسباب الشرعية التي شرعها على لسان نبيه ، التي يتوسل بها إلى رضاء الله وثوابه ، ولا من الأسباب القدرية التي قد علم أو جرب نفعها ، مثل الأدوية المباحة
كان المتعلق بها ، متعلقا قلبه بها ، راجيا لنفعها ، فيتعين على المؤمن تركها ليتم إيمانه وتوحيده ؛ فإنه لو تم توحيده
لم يتعلق قلبه بما ينافيه ، وذلك أيضا نقص في العقل ، حيث تعلق بغير متعلَّق ولا نافع بوجه من الوجوه ، بل هو ضرر محض .
والشرع مبناه على تكميل أديان الخلق بنبذ الوثنيات والتعلق بالمخلوقين ، وعلى تكميل عقولهم بنبذ الخرافات والخزعبلات
والجد في الأمور النافعة المرقية للعقول ، المزكية للنفوس ، المصلحة للأحوال كلها دينيها ودنيويها والله أعلم " .
انتهى من " القول السديد / المجموعة الكاملة لمؤلفات السعدي " (10 / 19) .
ثانيا :
هذا التصرف فيه مشابهة بأفعال عبدة النجوم والكواكب بالتوجه إليها واعتقاد نفعها ، ولا يجوز للمسلم أن يفعل ما فيه تشبه بالمشركين
كما أن فيه تعلق القلب بغير الله ، مما يضعف إيمان صاحبه ، وقد يقوى هذا التعلق حتى يزيل الإيمان بالكلية .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-01, 04:51
أحكام التمائم وتعليقها وهل تدفع التميمة العين والحسد
السؤال:
أريد أن أعرف إن كان يجوز وضع التمائم. لقد قرأت كتاب التوحيد وبعض الكتب الأخرى بقلم بلال فيليبس ، إلا أني وجدت بعض الأحاديث في الموطأ تجيز بعض أنواع التمائم.
كما أن كتاب التوحيد ذكر أن بعض السلف سمحوا بها . وهذه الأحاديث موجودة في الجزء 50 من الموطأ،
وقد وردت تحت أرقام : 4 و11 و14. الرجاء الرد
وإعلامي بصحة هذه الأحاديث وإعطائي المزيد من المعلومات عن هذا الموضوع . وشكرا لك .
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
لم نهتد إلى الأحاديث التي أراد السائل بيان صحتها ؛ وذلك لعدم معرفتنا بعين تلك الأحاديث وقد ذكر لنا أنها في الجزء ( 50 ) من الموطأ ! والموطأ جزء واحد .
لذا سنذكر ما تيسر من الأحاديث الواردة في الموضوع ونبين - إن شاء الله - حكم العلماء عليها ، ولعل بعضها أن يكون مما أراده السائل :
1. عن عبد الله بن مسعود أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يكره عشر خصال : الصفرة - يعني : الخلوق - وتغيير الشيب وجر الإزار والتختم بالذهب والضرب بالكعاب والتبرج بالزينة لغير محلها والرقى إلا بالمعوذات وتعليق التمائم وعزل الماء عن محله وإفساد الصبي ، غير محرِّمه .
رواه النسائي ( 50880) وأبو داود ( 4222 ) .
الخَلوق : نوع من الطيب أصفر اللون .
عزل الماء عن محله : أي : عزل المني عن فرج المرأة .
إفساد الصبي : وطء المرأة المرضع ، فإنها إذا حملت فسد لبنها . والمعنى أي كره ولم يُحرِّمه والمقصود وطء المرضع .
والحديث : ضعَّفه الشيخ الألباني في " ضعيف النسائي " ( 3075 ) .
2. عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود عن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الرقى والتمائم والتوَلة شرك
قالت : قلت لم تقول هذا ؟
والله لقد كانت عيني تقذف وكنت أختلف إلى فلان اليهودي يرقيني فإذا رقاني سكنت ، فقال عبد الله : إنما ذاك عمل الشيطان كان ينخسها بيده فإذا رقاها كف عنها إنما كان يكفيك أن تقولي كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أذهب البأس رب الناس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقماً .
رواه أبو داود ( 3883 ) وابن ماجه ( 3530 ) .
والحديث : صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 331 ) و ( 2972 ) .
3. عن عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له " .
رواه أحمد ( 16951 ) .
والحديث : ضعفه الشيخ الألباني في " ضعيف الجامع " ( 5703 ) .
4. عن عقبة بن عامر الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل إليه رهط فبايع تسعة وأمسك عن واحد فقالوا : يا رسول الله بايعتَ تسعة وتركت هذا
قال : إن عليه تميمة ، فأدخل يده فقطعها فبايعه وقال : من علق تميمة فقد أشرك .
رواه أحمد ( 16969 ) .
والحديث : صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 492 ) .
ثانياً :
التمائم : جمع تميمة وهي ما يعلق بأعناق الصبيان أو الكبار أو يوضع على البيوت أو السيارات من خرزات وعظام لدفع الشر - وخاصة العين - ، أو لجلب النفع .
وهذه أقوال العلماء في أنواع التمائم وحكم كل واحدة منها ، وفيها تنبيهات وفوائد :
1. قال الشيخ سليمان بن عبد الوهاب :
اعلم أن العلماء من الصحابة والتابعين فمَن بعدهم اختلفوا في جواز تعليق التمائم التي من القرآن وأسماء الله وصفاته :
فقالت طائفة : يجوز ذلك وهو قول عبد الله بن عمرو بن العاص وغيره ، وهو ظاهر ما روي عن عائشة وبه قال أبو جعفر الباقر وأحمد في رواية ، وحملوا الحديث على التمائم الشركية ، أمَّا التي فيها القرآن وأسماء الله وصفاته فكالرقية بذلك .
قلت : وهو ظاهر اختيار ابن القيم .
وقالت طائفة : لا يجوز ذلك ، وبه قال ابن مسعود وابن عباس ، وهو ظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر وابن عكيم رضي الله عنه ، وبه قال جماعة من التابعين منهم أصحاب ابن مسعود وأحمد في رواية اختارها كثير من أصحابه
وجزم بها المتأخرون ، واحتجوا بهذا الحديث وما في معناه فإن ظاهره العموم لم يفرق بين التي في القرآن وغيرها بخلاف الرقى فقد فرق فيها ، ويؤيد ذلك أن الصحابة الذين رووا الحديث فهموا العموم كما تقدم عن ابن مسعود .
وروى أبو داود عن عيسى بن حمزة قال : دخلت على عبد الله بن عكيم وبه حمرة فقلت : ألا تعلق تميمة ؟
فقال : نعوذ بالله من ذلك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَن تعلق شيئاً وكل إليه " …
هذا اختلاف العلماء في تعليق القرآن وأسماء الله وصفاته فما ظنك بما حدث بعدهم من الرقى بأسماء الشياطين وغيرهم وتعليقها بل والتعلق عليهم والاستعاذة بهم والذبح لهم وسؤالهم كشف الضر وجلب الخير مما هو شرك محض وهو غالب على كثير من الناس إلا من سلم الله ؟
فتأمل ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابه والتابعون وما ذكره العلماء بعدهم في هذا الباب وغيره من أبواب الكتاب ثم انظر إلى ما حدث في الخلوف المتأخرة يتبين لك دين الرسول صلى الله عليه وسلم وغربته الآن في كل شيء ، فالله المستعان .
" تيسير العزيز الحميد " ( ص 136 - 138 ) .
*عبدالرحمن*
2018-08-01, 04:52
2. وقال الشيخ حافظ حكمي :
إن تك هي - أي : التمائم - آيات قرآنية مبينات ، وكذلك إن كانت من السنن الصحيحة الواضحات فالاختلاف في جوازها واقع بين السلف من الصحابة والتابعين فمَن بعدهم :
فبعضهم - أي : بعض السلف - أجازها ، يروى ذلك عن عائشة رضي الله عنها وأبي جعفر محمد بن علي وغيرهما من السلف .
والبعض منهم كفَّ - أي : منع - ذلك وكرهه ولم يره جائزاً ، منهم عبد الله بن عكيم وعبد الله بن عمرو وعقبة بن عامر وعبد الله بن مسعود وأصحابه كالأسود وعلقمة ومن بعدهم كإبراهيم النخعي وغيرهم رحمهم الله تعالى .
ولا شك أن منع ذلك أسد لذريعة الاعتقاد المحظور لا سيما في زماننا هذا ؛ فإنه إذا كرهه أكثر الصحابة والتابعين في تلك العصور الشريفة المقدسة والإيمان في قلوبهم أكبر من الجبال فلأن يكره في وقتنا هذا -
وقت الفتن والمحن - أولى وأجدر بذلك ، كيف وهم قد توصلوا بهذه الرخص إلى محض المحرمات وجعلوها حيلة ووسيلة إليها ؟
فمن ذلك أنهم يكتبون في التعاويذ آية أو سورة أو بسملة أو نحو ذلك ثم يضعون تحتها من الطلاسم الشيطانية ما لا يعرفه إلا من اطلع على كتبهم
ومنها أنهم يصرفون قلوب العامة عن التوكل على الله عز وجل إلى أن تتعلق قلوبهم بما كتبوه ، بل أكثرهم يرجفون بهم ولم يكن قد أصابهم شيء فيأتي أحدهم إلى من أراد أن يحتال على أخذ ماله مع علمه أنه قد أولع به فيقول له : إنه سيصيبك في أهلك أو في مالك أو في نفسك كذا وكذا
أو يقول له : إن معك قريناً من الجن أو نحو ذلك ويصف له أشياء ومقدمات من الوسوسة الشيطانية موهماً أنه صادق الفراسة فيه شديد الشفقة عليه حريص على جلب النفع إليه فإذا امتلأ قلب الغبي الجاهل خوفاً مما وصف له حينئذ أعرض عن ربه وأقبل ذلك الدجال بقلبه وقالبه والتجأ إليه وعول عليه دون الله عز وجل وقال له : فما المخرج مما وصفت ؟
وما الحيلة في دفعه ؟ كأنما بيده الضر والنفع ، فعند ذلك يتحقق فيه أمله ويعظم طمعه فيما عسى أن يبذله له فيقول له إنك إن أعطيتني كذا وكذا كتبت لك من ذلك حجابا طوله كذا وعرضه كذا ويصف له ويزخرف له في القول وهذا الحجاب علقه من كذا وكذا من الأمراض
أترى هذا مع هذا الاعتقاد من الشرك الأصغر ؟
لا بل هو تأله لغير الله وتوكل على غيره والتجاء إلى سواه وركون إلى أفعال المخلوقين وسلب لهم من دينهم ، فهل قدر الشيطان على مثل هذه الحيل إلا بوساطة أخيه من شياطين الإنس { قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن بل هم عن ذكر ربهم معرضون } [ الأنبياء / 42 ]
ثم إنَّه يكتب فيه مع طلاسمه الشيطانية شيئاً من القرآن ويعلقه على غير طهارة ، ويحدث الحدث الأصغر والأكبر ، وهو معه أبداً لا يقدسه عن شيء من الأشياء
تالله ما استهان بكتاب الله أحدٌ من أعدائه استهانة هؤلاء الزنادقة المدَّعين الإسلام به ، والله ما نزل القرآن إلا لتلاوته والعمل به وامتثال أوامره واجتناب نواهيه وتصديق خبره والوقوف عند حدوده والاعتبار بأمثاله والاتعاظ بقصصه والإيمان به { كلٌّ من عند ربنا }
وهؤلاء قد عطلوا ذلك كله ونبذوه وراء ظهورهم ولم يحفظوا إلا رسمه كي يتأكلوا به ويكتسبوا كسائر الأسباب التي يتوصلون بها إلى الحرام لا الحلال ولو أن ملكا أو أميرا كتب كتابا إلى من هو تحت ولايته أن افعل كذا واترك كذا وأمر من في جهتك بكذا وانههم عن كذا ونحو ذلك
فأخذ ذلك الكتاب ولم يقرأه ولم يتدبر أمره ونهيه ولم يبلغه إلى غيره ممن أمر بتبليغه إليه بل أخذه وعلقه في عنقه أو عضده ولم يلتفت إلى شيء مما فيه البتة لعاقبه الملك على ذلك أشد العقوبة ولسامه سوء العذاب
فكيف بتنزيل جبار السموات والأرض الذي له المثل الأعلى في السموات والأرض وله الحمد في الأولى والآخرة وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه هو حسبي لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم وإن تكن مما سوى الوحيين فإنها شرك بغير مين ، بل إنها قسيمة الأزلام في البعد عن سيما أولي الإسلام .
وإن تكن - أي : التمائم - مما سوى الوحيين بل من طلاسم اليهود وعباد الهياكل والنجوم والملائكة ومستخدمي الجن ونحوهم أو من الخرز أو الأوتار أو الحلق من الحديد وغيره فإنها شرك
- أي : تعليقها شرك - بدون ميْن - أي : شك - إذ ليست من الأسباب المباحة والأدوية المعروفة بل اعتقدوا فيها اعتقادا محضا أنها تدفع كذا وكذا من الآلام لذاتها لخصوصية زعموا فيها كاعتقاد أهل الأوثان في أوثانهم بل إنها قسيمة
أي شبيهة الأزلام التي كان يستصحبها أهل الجاهلية في جاهليتهم ويستقسمون بها إذا أرادوا أمرا وهي ثلاثة قداح مكتوب على إحداها افعل
والثاني لا تفعل ، والثالث غفل ، فإن خرج في يده الذي فيه افعل مضى لأمره ، أو الذي فيه لا تفعل ترك ذلك ، أو الغفل أعاد استقسامه ، وقد أبدلنا الله تعالى - وله الحمد - خيراً من ذلك صلاة الاستخارة ودعاءها .
والمقصود
: أن هذه التمائم التي من غير القرآن والسنة شريكة للأزلام وشبيهة بها من حيث الاعتقاد الفاسد والمخالفة للشرع في البعد عن سيما أولي الإسلام -
أي : عن زي أهل الإسلام - فإن أهل التوحيد الخالص من أبعد ما يكون عن هذا ، والإيمان في قلوبهم أعظم من أن يدخل عليه مثل هذا ، وهم أجل شأناً وأقوى يقيناً من أن يتوكلوا على غير الله أو يثقوا بغيره ، وبالله التوفيق . "
معارج القبول " ( 2 / 510 - 512 ) .
والقول بالمنع حتى ولو كانت التمائم من القرآن هو الذي عليه مشايخنا :
3. وقال علماء اللجنة الدائمة :
اتفق العلماء على تحريم لبس التمائم إذا كانت من غير القرآن ، واختلفوا إذا كانت من القرآن ، فمنهم من أجاز لبسها ومنهم من منعها ، والقول بالنهي أرجح لعموم الأحاديث ولسدِّ الذريعة .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 1 / 212 ) .
4. وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
ولا تزال هذه الضلالة فاشية بين البدو والفلاَّحين وبعض المدنيين ، ومثلها الخرزات التي يضعها بعض السائقين أمامهم في السيارة يعلقونها على المرآة ، وبعضهم يعلق نعلاً عتيقة في مقدمة السيارة أو في مؤخرتها
وغيرهم يعلقون نعل فرس في واجهة الدار أو الدكان ، كل ذلك لدفع العين زعموا
وغير ذلك مما عمَّ وطمَّ بسبب الجهل بالتوحيد ، وما ينافيه من الشركيات والوثنيات التي ما بعثت الرسل ولا أنزلت الكتب إلا من أجل إبطالها والقضاء عليها ، فإلى الله المشتكى من جهل المسلمين اليوم ، وبعدهم عن الدين .
" سلسلة الأحاديث الصحيحة " ( 1 / 890 ) ( 492 ) .
والله أعلم.
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-08-01, 05:00
لا تجوز صلاة الجنازة على المشرك شركا أكبر .
السؤال:
هل تجوز صلاة الجنازة على :
الساحر (لا أحد يعلم أنه ساحر إلا كاتب هذا السؤال)
المنافق (لا أحد يعلم أنه منافق إلا كاتب هذا السؤال)
المشرك شركاً أكبر (لا أحد يعلم عن حالته تلك إلا سائل هذا السؤال)
وهل يختلف الأمر إن كان قريباً كأن يكون أباً أو أمّا أو أخاً.. الخ ؟ ومن هم الذين لا يجب أن تصلى عليهم صلاة الجنازة ؟
وما الدليل ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
صلاة الجنازة لا تجوز على المشرك ، والكافر ، والمنافق نفاقا أكبر
فمن علم نفاق شخص أو كفره : حرم عليه أن يصلي عليه ، أو أن يستغفر له بعد موته
سواء كان قريبا له أم لم يكن .
قال أبو إسحاق الشيرازي رحمه الله في " المهذب " (1/ 250):
" وإن مات كافر لم يصل عليه ، لقوله عز وجل: (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ) التوبة/84، ولأن الصلاة لطلب المغفرة ، والكافر لا يغفر له، فلا معنى للصلاة عليه " انتهى.
وقال النووي رحمه الله:
" وَأَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِ الصَّلَاةِ عَلَى الْكَافِرِ "
انتهى من "المجموع "(5/ 258) .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (41/ 21):
" كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى الْمُنَافِقِينَ وَيَسْتَغْفِرُ لَهُمْ، حَتَّى نَزَل قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ) . فَلَمْ يَكُنْ يُصَلِّي عَلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ
وَلاَ يَسْتَغْفِرُ لَهُمْ.
وَكَانَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ صَلَّى عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَافِقٌ ، وَمَنْ عُلِمَ أَنَّهُ مُنَافِقٌ لَمْ يُصَل عَلَيْهِ.
وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا مَاتَ مَيِّتٌ لَمْ يُصَل عَلَيْهِ ، حَتَّى يُصَلِّيَ عَلَيْهِ حُذَيْفَةُ ؛ لأِنَّ حُذَيْفَةَ كَانَ قَدْ عَلِمَ أَعْيَانَ الْمُنَافِقِينَ " انتهى .
ولما استغفر النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طالب بعد موته ، نهاه الله عن ذلك ، بقوله : (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ * وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) التوبة/113-114 .
وكذلك الساحر الذي يستعين بالجن في سحره ، فإنه كافر لا تجوز الصلاة عليه .
وقد سئل الشيخ ابن باز عن حكم الصلاة على الساحر ودفنه في مقابر المسلمين بعد قتله.
فأجاب : " إذا قتل لا يصلى عليه ، ولا يدفن في مقابر المسلمين ، يدفن في مقابر الكفرة ، ولا يدفن في مقابر المسلمين ، ولا يصلى عليه ، ولا يغسل ولا يكفن " .
انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " (8/ 111)
وينظر الفتوى رقم : (13941) .
ثانيا :
قول السائل : إنه لا أحد يعلم أن هذا الشخص منافق أو ساحر أو مشرك إلا هو ، قد يكون فيه التسرع في إثبات هذه التهم ، والواجب هو التثبت ، وقد يكون حكم عليه بالنفاق لكونه وجد فيه علامة من علامات المنافقين ، كالكذب في الحديث ، وهذا لا يكفي لإخراج المسلم من الإيمان والحكم عليه بأنه منافق نفاقا اعتقاديا .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" النفاق نوعان: نفاق اعتقادي، ونفاق عملي، فالنفاق الاعتقادي محله القلب ، ولا يعلم به إلا الله، ولهذا بعض الصحابة الذين حصل منهم المخالفة، فقال عمر: إنه نافق، فعارضه الرسول صلى الله عليه وسلم.
فالنفاق الاعتقادي محله القلب، ولا يجوز أن يرمي الإنسان به أحداً من المسلمين، وأهل الولاء لله ورسوله إلا ببينة واضحة.
والنفاق العملي: أن يأتي الإنسان خصلة من خصال المنافقين، فلا بأس أن تقول: هذا منافق لهذا الفعل، فإذا رأينا الرجل يحدث ويكذب؛ قلنا: هذا منافق نفاقاً عملياً في هذه المسألة
وإذا رأيناه قام إلى الصلاة وهو كسلان؛ نقول: هذا فيه خصلة من خصال المنافقين؛ لأنه أشبه بالمنافقين في قيامه إلى الصلاة على وجه الكسل، فالنفاق العملي واسع؛ فكل من وافق المنافقين في خصلة من خصالهم
فإنه منافق في هذا العمل خاصة، وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان) .
هذه علامة المنافق، لكن هذه العلامات قد يقوم بها أناس من المسلمين؛ فنقول: هو منافق في هذه المسألة " انتهى من " لقاء الباب المفتوح " (32/ 21) بترقيم الشاملة .
فلا يجوز أن يرمى الإنسان بالنفاق الاعتقادي المخرج عن الملة ، إلا ببينة واضحة .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-01, 05:07
ما الفرق بين كراهة التشريع ، وكراهة الطبع؟
السؤال:
ما هو حكم من يعمل فرضا أو يلتزم أمرا من أوامر الله امتثالا لأمر الله ، وهو في قرارة نفسه غير راض عن هذا الأمر أو كاره له والعياذ بالله ؟
على سبيل المثال
تتحجب امتثالا لأمر الله عز وجل وهي غير مقتنعة بالحجاب أصلا ، وكارهة له ، وتتمنى نزعه لولا أن الله هو الذي أمر به ، والقياس على هذا الأمر.
الجواب :
الحمد لله
الواجب على المؤمن الرضا والتسليم لأمر الله تعالى، وامتثاله، وألا يكون في نفسه حرج ولا ضيق من تشريعه
كما قال تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) النساء/65.
وقد أخبر الله تعالى أن كراهة ما أنزل الله: من الكفر. قال تعالى:( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فأحبط أعمالهم) محمد/9
وقال: ( كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) الشورى/13، ( لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ) الزخرف/78.
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في نواقض الإسلام: " الناقض الخامس:
من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولو عمل به : كفر".
والمراد: كراهة التشريع، لا كراهة الطبع.
فمن كره تشريع الله للجهاد مثلا، أو أمره بالصلاة، أو بالغسل، أو بالحجاب، فهذا كافر.
وأما نفور الطبع من بعض الأحكام، لثقلها
أو مشقتها على النفس، ككراهة المشاركة في الجهاد
أو الاغتسال مع شدة البرد
أو كراهة المرأة لوجود ضرة لها
أو ضيقها من ستر وجهها
مع التسليم لحكم الله وشرعه ، واعتقاد أنه الخير والعدل والفلاح :
فهذا لا ينافي الرضا بحكم الله واعتقاد أنه حق وعدل.
وقد قال تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) البقرة/216
وقد بين أهل العلم الفرق بين كراهة أمر الله وشرعه ، وكراهة الفعل ، وثقله على النفس ، أو نفور الطبع منه، ونحن ننقل هنا بعض كلامهم.
قال ابن الجوزي رحمه الله عند تفسير قوله تعالى: (وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ ) الأنفال/5 : "
فيها قولان:
أحدهما: كارهون خروجك.
والثاني: كارهون صرف الغنيمة عنهم، وهذه كراهة الطبع، لمشقة السفر والقتال، وليست كراهة لأمر الله تعالى"
انتهى من زاد المسير (3/323).
وقال ابن القيم رحمه الله : " وليس من شرط الرضى ألا يحس بالألم والمكاره ؛ بل ألا يعترض على الحكم ، ولا يتسخطه .
ولهذا أشكل على بعض الناس الرضى بالمكروه ، وطعنوا فيه ، وقالوا : هذا ممتنع على الطبيعة وإنما هو الصبر ؛ وإلا فكيف يجتمع الرضى والكراهية ، وهما ضدان .
والصواب : أنه لا تناقض بينهما ، وأن وجود التألم وكراهة النفس له لا ينافي الرضى ، كرضى المريض بشرب الدواء الكريه ، ورضى الصائم في اليوم الشديد الحر بما يناله من ألم الجوع والظمإ، ورضى المجاهد بما يحصل له في سبيل الله من ألم الجراح ، وغيرها "
انتهى من "مدارج السالكين" (2/ 175).
وقال الطاهر بن عاشور رحمه الله: " والكره بضم الكاف: الكراهية ، ونفرة الطبع من الشيء ...
ومعلوم أن كراهية الطبعِ الفعلَ : لا تنافي تلقي التكليف به برضا ؛ لأن أكثر التكليف لا يخلو عن مشقة "
انتهى من التحرير والتنوير (2/320).
وقال رحمه الله في بيان المراد بالحرج في قول الله تعالى:) ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ) النساء/65: " وليس المراد : الحرج الذي يجده المحكوم عليه ، من كراهية ما يُلزم به ، إذا لم يخامره شك في عدل الرسول صلى الله عليه وسلم ، وفي إصابته وجه الحق"
انتهى من التحرير والتنوير (5/111).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في تفسير قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ) البقرة/216 :
" وجملة ( وهو كره لكم ) في محل نصب على الحال؛ والضمير ( هو ) يعود على القتال؛ وليس يعود على الكتابة؛ فإن المسلمين لا يكرهون ما فرضه الله عليهم؛ وإنما يكرهون القتال بمقتضى الطبيعة البشرية .
وفرق بين أن يقال: إننا نكره ما فرض الله من القتال؛ وبين أن يقال: إننا نكره القتال؛ فكراهة القتال أمر طبيعي؛ فإن الإنسان يكره أن يقاتل أحداً من الناس
فيقتله؛ فيصبح مقتولاً؛ لكن إذا كان هذا القتال مفروضاً علينا ، صار محبوباً إلينا من وجهٍ، ومكروهاً لنا من وجهٍ آخر؛ فباعتبار أن الله فرضه علينا يكون محبوباً إلينا؛ ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم يأتون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يصرون أن يقاتلوا؛ وباعتبار أن النفس تنفر منه ، يكون مكروهاً إلينا ".
ثم قال في فوائد الآية : " ومنها: أنه لا حرج على الإنسان إذا كره ما كُتب عليه؛ لا كراهته من حيث أمَر الشارع به؛ ولكن كراهته من حيث الطبيعة؛ أما من حيث أمر الشارع به ، فالواجب الرضا، وانشراح الصدر به "
انتهى من "تفسير الفاتحة والبقرة" (3/50) .
وننبه إلى أنه كلما زاد الإيمان بالله وبأسمائه وصفاته، زادت محبة العبد لأوامر الله تعالى، حتى تكون قرة عينه، ورضا نفسه، ولهذا جاد المحبون بأنفسهم ابتغاء رضوان الله تعالى، وهانت عليهم الآلام والابتلاءات في ذات الله تعالى .
والله أعلم.
*عبدالرحمن*
2018-08-01, 05:13
تحب زوجها بشكل مبالغ فيه ، وتخشى من الوقوع في شرك المحبة
السؤال:
أنا أريد أن أعرف هل محبتي لزوجي تعتبر شركا أو أنني اتخذت مع الله ندّا ؟ فأنا شديدة الغيرة على زوجي ، مع العلم نحن عائلة ملتزمة هذا الظاهر، والباطن لا يعلمه إلا الله
وإنني شديدة التفكير في زوجي ، ولا أطيق غيابه ساعات العمل ، أتمنى أن يبقى طوال اليوم حذوي ، مع العلم أنني كنت عندما يقترف زوجي معصية أو أقترف أنا معصية ولا يعاتبني عليها زوجي أشعر بنوع من الكره والغضب تجاه زوجي ، وأما الآن عندما تطورت المحبة أصبحت لا أكرهه
ولكن أغضب وأخاف عليه من عقوبة الله ، وأبدي له عدم الرضا وكأنني أكرهه كي يتراجع ، ويبصر ما فعله . ويحدث أنني أفكر في زوجي طوال ساعات اليوم ، أحبه أكثر من نفسي ، وأخشى أن يفرقنا الله
علما أنه إذا ما خرج زوجي من الملة ـ عياذا بالله ـ أنني مستعدة للتخلي عنه ، بالرغم من حبي الشديد له ، فهل في محبتي عيب أو شرك ؟
وهل سبب أسر زوجي هو ابتلاء من الله ؛ لأنني كنت لا أفكر إلا في الله قبل الزواج وأما بعد الزواج انشغلت بمحبة زوجي ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
لا تلام المرأة على حبها لزوجها وغيرتها عليه ، مادام أن محبتها له وغيرتها عليه ، لم تتعد الحد الطبيعي المعقول
أي لم تكن هناك مبالغة وإفراط في المحبة والغيرة ؛ فالمباحات ومنها المحبة التي بين الزوجين ، قد تصبح مذمومة ، إذا زادت عن حدها الطبيعي ؛ حتى أضعفت في قلب المحب ، محبته لله ورسوله
فلا يغار على دين ربه ، إذا خالفه المحب ، ولا يعرف معروفا ، ولا ينكر منكرا ؛ إلا ما وافق هوى محبوبه .
ومنهم من شغلت قلبه هذه المحبة المفرطة ، عن المهمات في أمر الدين والدنيا ، حتى ربما أدى ذلك إلى مرض البدن ، وتلف النفوس .
قال ابن القيم رحمه الله :
" فمن المحبة النافع ة: محبة الزوجة ، وما ملكت يمين الرجل ، فإنها معينة على ما شرع الله سبحانه له من النكاح وملك اليمين ؛ من إعفاف الرجل نفسه وأهله ، فلا تطمح نفسه إلى سواها من الحرام ، ويعفها
فلا تطمح نفسها إلى غيره .
وكلما كانت المحبة بين الزوجين أتم وأقوى : كان هذا المقصود أتم وأكمل، قال تعالى: (هُوَ الّذِى خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا) [الأعراف: 189] ، وقال: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إلَيْهَا وَجَعَل بَيْنَكُمْ مَوَدَّةَ وَرَحْمَةً) [الروم/21] .
.. وصح عنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أنه قال: (حبب إلى من دنياكم النساء والطيب. وجعلت قرة عيني في الصلاة) .
فلا عيب على الرجل في محبته لأهله ، وعشقه لها ، إلا إذا شغله ذلك عن محبة ما هو أنفع له، من محبة الله ورسوله ، وزاحم حبه وحب رسوله .
فإن كل محبة زاحمت محبة الله ورسوله ، بحيث تضعفها وتنقصها : فهى مذمومة.
وإن أعانت على محبة الله ورسوله ، وكانت من أسباب قوتها : فهي محمودة .
ولذلك كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يحب الشراب البارد الحلو، ويحب الحلواء والعسل، ويحب الخيل، وكان أحب الثياب إليه القميص، وكان يحب الدباء .
فهذه المحبة لا تزاحم محبة الله ، بل قد تجمع الهم والقلب على التفرغ لمحبة الله ، فهذه محبة طبيعية ، تتبع نية صاحبها ، وقصده بفعل ما يحبه .
فإن نوى به القوة على أمر الله تعالى وطاعته : كانت قربة .
وإن فعل ذلك بحكم الطبع والميل المجرد : لم يُثَبْ ولم يعاقب ؛ وإن فاته درجة من فعله متقربا به إلى الله .
فالمحبة النافعة ثلاثة أنواع :
محبة الله ، ومحبة في الله ، ومحبة ما يعين على طاعة الله تعالى واجتناب معصيته .
والمحبة الضارة ثلاثة أنواع : المحبة مع الله ، ومحبة ما يبغضه الله تعالى ، ومحبة ما تقطع محبته عن محبة الله تعالى أو تنقصها "
انتهى، من "إغاثة اللهفان" (2/139-140) .
ثانياً :
محبة غير الله لا تكون شركاً ، إلا إذا جعل الإنسان محبته لغير الله كمحبة الله ، بأن قام في قلبه من الذل والخضوع
والتعظيم لذلك المحبوب مع كمال الطاعة له ، فهذا الذي يقع به الشخص في الشرك ، وأما المحبة الطبيعة المباحة التي لا تستلزم التعظيم ولا الذل ، كمحبة المرأة لزوجها ، فهذه ليست من المحبة الشركية .
قال الشيخ سليمان حفيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله :
" واعلم أن المحبة قسمان ، مشتركة ، وخاصة :
القسم الأول : المشتركة ، ثلاثة أنواع :
أحدها : محبة طبيعية ، كمحبة الجائع للطعام ، والظمآن للماء ، ونحو ذلك ، وهذه لا تستلزم التعظيم.
الثاني : محبة رحمة وإشفاق ، كمحبة الوالد لولده الطفل ، وهذه أيضًا لا تستلزم التعظيم .
الثالث : محبة أنس وألف ، وهي محبة المشتركين في صناعة ، أو علم أو مرافقة أو تجارة أو سفر ، لبعضهم بعضًا ، وكمحبة الإخوة ، بعضهم بعضًا .
فهذه الأنواع الثلاثة ، التي تصلح للخلق ، بعضهم من بعض ، ووجودها فيهم لا يكون شركا في محبة الله ، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلواء والعسل ، وكان يحب نساءه ، وعائشة أحبهن إليه ، وكان يحب أصحابه ، وأحبهم إليه الصِّدِّيق رضي الله عنه .
القسم الثاني : المحبة الخاصة التي لا تصلح إلا لله ، ومتى أحب العبد بها غيره ، كان شركا لا يغفره الله ، وهي محبة العبودية ، المستلزمة للذل ، والخضوع والتعظيم
وكمال الطاعة ، وإيثاره على غيره ، فهذه المحبة لا يجوز تعلقها بغير الله أصلاً ، كما حققه ابن القيم
وهي التي سوَّى المشركون بين الله تعالى وبين آلهتهم فيها ، كما قال تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ) "
انتهى من " تيسير العزيز الحميد " (ص/402-403) .
وعليه ، فتُحمدين على حبك لزوجك وغيرتك عليه ، لكن بلا شك دون مبالغة تؤدي بك إلى عدم كراهية وقوع المعصية من زوجك ، فالواجب عليك كراهية المعصية منه مع بقاء المحبة له وجوب إسداء النصح إليه .
وبناء على هذا ، فهذه المحبة التي تسألين عنها هي محبة محمودة ، لأنها تجعل الحياة الزوجية سعيدة مريحة ، مما يعين الزوجين على أمور دينهما ودنياهما .
ثم إننا ننبهك إلى خطر الوسوسة في هذا الأمر ، والمبالغة في التقديرات البعيدة : " إذا خرج زوجي من الملة .. إذا دخل .. إذا فعل .. " ؛ بل عيشي حياتك ، كما يعيش الناس ، واضبطي أمر محبتك
- كما أشرنا سابقا- وليكن فائدة عيشك وبيتك من زوجك : أن تكوني قاصرة الطرف ، على ما أحل الله لك ، وأنعم عليك من زوج تحبينه ويحبك ؛ واجعلي ذلك كله عونا لك على طاعة الله
وصلاح بيتك ، واستقامة أمر عيشك ؛ لا أن تبدلي نعمة الله عليك نكدا ، ومبالغة ، وإفراطا يضر بقلبك ، ودينك ، وعيشك .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-01, 05:17
تحب زوجها حبّاً جنونيّاً وتطلب الحل
السؤال:
أحب زوجي حبّاً جنونيّاً ، وهو راضٍ عني كل الرضا ، وعندما سافر للعمل في انتظار أن أصل إليه : أصبحت أشتاق إليه ، ولا أرتاح حتى يكلمني ، رغم أنني أقوم بواجباتي الدينية ؛ أحس بنقص في عدم وجوده
فبماذا تنصحوني ، إخواني في الله ، للصبر حتى اللقاء ؟ . جزاكم الله خيراً .
الجواب :
الحمد لله
من الرائع أن ينتشرفي بيوت المسلمين الحب والمودة والألفة
، لأن هذا الحب والمودة سيكون له الأثر الطيب على أفراد الأسرة ، ومن آيات الله العظيمة أن خلق المرأة من الرجل
ومن حكمة ذلك أن تكون سكناً للرجل ، وقد ذكر الله تعالى ذلك في آدم وحواء ، وفي عموم الخلق
قال تعالى : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ) الأعراف/من الآية189
وهذا في آدم وحواء ، وفي عموم الخلق :
قال تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ) الروم/من الآية21
وجعل الله تعالى بين الزوجين مودة ورحمة ، فقال – في تتمة آية الروم - : ( وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الروم/من الآية21 .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - :
قوله تعالى : { وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا } الآية .
ذكر في هذه الآية الكريمة أنه خلق حواء من آدم ليسكن إليها ، أي : ليألفها ويطمئن بها ، وبين في موضع آخر أنه جعل أزواج ذريته كذلك ، وهو قوله : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لتسكنوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً } [ الروم : 21 ] .
" أضواء البيان " ( 2 / 304 ، 305 ) .
وقال ابن كثير – رحمه الله - :
فلا ألفة بين رُوحين أعظم مما بين الزوجين .
" تفسير ابن كثير " ( 3 / 525 ) .
ولكن لا نريد الحب أن يكون " جنونيّاً " ! ـ كما يقول الناس ـ ؛ بل متعقلاً يضع الأمور مواضعها ؛ كما روى زيد بن أسلم عن أبيه قال : قال لي عمر بن الخطاب : " يا أسلم ! لا يكن حبك كَلَفا ، ولا يكن بغضك تلفا !!
قلت : وكيف ذلك ؟
قال : إذا أحببت فلا تَكْلف كما يكلف الصبي بالشيء يحبه ، وإذا أبغضت فلا تبغض بغضا تحب أن يتلف صاحبك ويهلك " .
رواه عبد الرزاق في المصنف (20269) ، وإسناده صحيح .
وإنما نصح الخليفة الراشد بذلك لأن الكَلَف في الحب ( الحب الجنوني ) له آثاره السيئة على المحِب وعلى المحَب ، فأما أثره على المحِب فهو :
أ. انشغال فكره بحبيبه ، مما يسبب له قلقاً وتوتراً ، فيضيع مع هذا الانشغال الأوقات ، ويكون لآثاره الأمراض النفسية والبدنية .
ب. ومن آثار الحب الجنوني أنه يجعل هذا المحِب يتغاضى عن تقصير حبيبه في الواجبات ، ويجعله يتغاضى عن فعله للمحرمات ، بل وإذا طَلب منه حبيبه المشاركة فيها : فإن حبَّه الجنوني سيدفعه للمشاركة .
ج. ومن الآثار السيئة لهذا الحب أنه يستولي على مجامع قلبه ، بحيث يزاحم محبة الله ورسوله التي هي مدار نجاته ؛ فضلا عن محبة من سوى ذلك من الأهل والولد !!
د. ومن آثاره السيئة أن هذا المحِب بجنون لا يستطيع تحمل صدمة غياب حبيبه ، ولا مرضه ، فضلاً عن موته !
ومن آثار الحب الجنوني السيئة على المحَب :
أ. أنه قد يصيبه التوتر بسبب إلحاح المحب على رؤيته والجلوس معه ، وهذا قد يؤدي به إلى الإخلال بوظيفته ، أو التقصير في المهمات التي ينبغي أن ينصرف قلبه وعزمه إليها ؛ من علم نافع أو عمل صالح .
ب. ومن آثاره السيئة عليه : أنه لن يجد هذا المحب ناصحاً وموجهاً له ، بل سيتغاضى عن أخطائه وتقصيره . كما قيل : حبك الشيء يعمي ويصم !
ج. ومن آثاره السيئة عليه : أنه إن كان مستجيباً لمن يحبه : ضاعت أوقاته معه ، وإن لم يفعل تسبب في حصول القلق له ، وهذا قد يؤدي به للنفرة عنه وبغضه في النهاية .
يقول شيخ الإسلام رحمه الله :
" .. فالرجل إذا تعلق قلبه بامرأة ، ولو كانت مباحة له ، يبقى قلبه أسيرا لها تحكم فيه وتتصرف بما تريد ; وهو في الظاهر سيدها لأنه زوجها . وفي الحقيقة هو أسيرها ومملوكها لا سيما إذا درت بفقره إليها ; وعشقه لها ;
وأنه لا يعتاض عنها بغيرها ; فإنها حينئذ تحكم فيه بحكم السيد القاهر الظالم في عبده المقهور ;
الذي لا يستطيع الخلاص منه ، بل أعظم !! فإن أسر القلب أعظم من أسر البدن ، واستعباد القلب أعظم من استعباد البدن ؛ فإن من استعبد بدنه واسترق لا يبالي إذا كان قلبه مستريحا من ذلك مطمئنا
بل يمكنه الاحتيال في الخلاص ؛ وأما إذا كان القلب الذي هو الملك رقيقا مستعبدا متيما لغير الله ، فهذا هو الذل والأسر المحض والعبودية لما استعبد القلب ... فالحرية حرية القلب
والعبودية عبودية القلب ؛ كما أن الغنى غنى النفس ؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم : { ليس الغنى عن كثرة العرض وإنما الغنى غنى النفس } ، وهذا لعمري إذا كان قد استعبد قلبه صورة مباحة ؛ فأما من استعبد قلبه صورة محرمة : امرأة أو صبيا
فهذا هو العذاب الذي لا يدان فيه [ يعني : لا حيلة فيه ] ؛ وهؤلاء من أعظم الناس عذابا وأقلهم ثوابا
فإن العاشق لصورة إذا بقي قلبه متعلقا بها مستعبدا لها اجتمع له من أنواع الشر والفساد ما لا يحصيه إلا رب العباد ، ولو سلم من فعل الفاحشة الكبرى .. "
انتهى " مجموع الفتاوى " (10/185-186) .
فاحرصي أن يكون حبك لزوجك حباً معتدلاً ، لا يترتب عليه إخلال بواجب ، ولا تقصير فيما هو أولى وأعظم من محبة الله ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم .
ونسأل الله تعالى أن يوفقك لما يحب ويرضى ، وأن يديم عليكما الألفة والمودة والرحمة والحب ، وأن يرزقكما الذرية الصالحة .
والله الموفق
*عبدالرحمن*
2018-08-01, 05:22
من أنواع الكفر : كفر الشك .
السؤال:
هل يعذب من كان شاكا في الدنيا بسبب هذا الحديث أم أنه يموت على الكفر ؟
فحين يدخل هؤلاء قبورهم يعاينون بعض ما كانوا فيه يشكون حين يأتيهم الملكان فيسألان كلاً من هؤلاء: ( فيم كنت؟
فيقول: لا أدري ، فيقال له: ما هذا الرجل؟ فيقول: سمعت الناس يقولون قولاً فقلته ، فَيُفْرَج له قِبَلَ الجنة ، فينظر إلى زهرتها وما فيها ، فيقال له: انظر إلى ما صرف الله عنك
ثم يُفْرَج له فرجة قِبَل النار، فينظر إليها يحطم بعضها بعضًا ، فيقال له: هذا مقعدك. على الشك كنت ، وعليه مت ، وعليه تبعث إن شاء الله" . [رواه ابن ماجه] .
الجواب :
الحمد لله
من شك في الله ، أو في الملائكة ، أو في الرسل ، أو في البعث ، أو في الجنة ، أو في النار ، أو في شيء مما بلغه عن خبر الله وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم : فهو كافر .
قال تعالى : ( وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا * قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا) الكهف/ 35 – 37 .
وروى مسلم (27) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ ، لَا يَلْقَى اللهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا، إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ) .
وروى البخاري (86) ، ومسلم (905)
عنه صلى الله عليه وسلم قال : ( أُوحِيَ إِلَيَّ: أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي قُبُورِكُمْ ، يُقَالُ : مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ ؟
فَأَمَّا المُؤْمِنُ أَوِ المُوقِنُ فَيَقُولُ: هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّه ِ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالهُدَى ، فَأَجَبْنَا وَاتَّبَعْنَا، هُوَ مُحَمَّدٌ ثَلاَثًا، فَيُقَالُ: نَمْ صَالِحًا قَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُوقِنًا بِهِ ، وَأَمَّا المُنَافِقُ أَوِ المُرْتَابُ فَيَقُولُ: لاَ أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ ) .
وقال الشيخ عبد العزيز الراجحي حفظه الله :
" يكفر الإنسان بالشك ، إذا شك في الله أو في الملائكة أو في الكتب أو في الرسل أو في الجنة أو في النار، يقول : ما أدري هو فيه جنة أو ما فيه جنة ؟ هو فيه نار أو ما فيه نار ؟ يكفر بهذا الشك " انتهى .
وعلى ذلك يحمل ما رواه ابن ماجة (4268)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( إِنَّ الْمَيِّتَ يَصِيرُ إِلَى الْقَبْرِ، فَيُجْلَسُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فِي قَبْرِهِ، غَيْرَ فَزِعٍ، وَلَا مَشْعُوفٍ ... ) الحديث وفيه : ( وَيُجْلَسُ الرَّجُلُ السُّوءُ فِي قَبْرِهِ، فَزِعًا مَشْعُوفًا، فَيُقَالُ لَهُ: فِيمَ كُنْتَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، فَيُقَالُ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ؟
فَيَقُولُ: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ قَوْلًا، فَقُلْتُهُ، فَيُفْرَجُ لَهُ قِبَلَ الْجَنَّةِ، فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا، فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَا صَرَفَ اللَّهُ عَنْكَ ، ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا، يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيُقَالُ لَهُ : هَذَا مَقْعَدُكَ ، عَلَى الشَّكِّ كُنْتَ، وَعَلَيْهِ مُتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ) وصححه الألباني في " صحيح ابن ماجة " .
قال السندي رحمه الله :
" الحديث يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ عَلَى الْيَقِينِ فِي الدُّنْيَا يَمُوتُ عَلَيْهِ عَادَةً ، وَكَذَا فِي جَانِبِ الشَّكِّ "
انتهى من " حاشية السندي على ابن ماجة " (2/ 568) .
فمن شك في أصل من أصول الإيمان ، ومات شاكا : فهو كافر مخلد في النار ، لا يقبل الله من عبده إلا اليقين .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-01, 05:34
هل السجود والركوع على سبيل التحية من الشرك؟
السؤال:
قرأت في أحد المواقع أن السجود لغير الله اذا كان على وجه التحية كفر وشرك ؛ لأن السجود عبادة لا يجوز صرفها لغير الله، فهل هذا صحيح ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
السجود – ومثله الانحناء والركوع - نوعان :
الأول: سجود عبادة .
وهذا النوع من السجود يكون على وجه الخضوع والتذلل والتعبد ، ولا يكون إلا لله سبحانه وتعالى ، ومن سجد لغير الله على وجه العبادة : فقد وقع في الشرك الأكبر .
الثاني : سجود تحية .
وهذا النوع من السجود : يكون على سبيل التحية والتقدير والتكريم للشخص المسجود له.
وقد كان هذا السجود مباحاً في بعض الشرائع السابقة للإسلام ، ثم جاء الإسلام بتحريمه ومنعه.
فمن سجد لمخلوق على وجه التحية فقد فعل محرماً ، إلا أنه لم يقع في الشرك أو الكفر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : "
السُّجُودُ عَلَى ضَرْبَيْنِ : سُجُودُ عِبَادَةٍ مَحْضَةٍ ، وَسُجُودُ تَشْرِيفٍ ، فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا يَكُونُ إلَّا لِلَّهِ".
انتهى من "مجموع الفتاوى" (4/361).
وقال : " وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى: أَنَّ السُّجُودَ لِغَيْرِ اللَّهِ مُحَرَّمٌ ".
انتهى من " مجموع الفتاوى" (4/358).
وقال : " فإن نصوص السنة ، وإجماع الأمة : تُحرِّم السجودَ لغير الله في شريعتنا ، تحيةً أو عبادةً ، كنهيه لمعاذ بن جبل أن يسجد لما قدمَ من الشام وسجدَ له سجود تحية".
انتهى من "جامع المسائل" (1/25).
وقال القرطبي :
" وَهَذَا السُّجُودُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ : قَدِ اتَّخَذَهُ جُهَّالُ الْمُتَصَوِّفَةِ عَادَةً فِي سَمَاعِهِمْ، وَعِنْدَ دُخُولِهِمْ عَلَى مَشَايِخِهِمْ وَاسْتِغْفَارِهِمْ ، فَيُرَى الْوَاحِدُ مِنْهُمْ إِذَا أَخَذَهُ الْحَالُ ـ بِزَعْمِهِ ـ يَسْجُدُ لِلْأَقْدَامِ ، لِجَهْلِهِ ؛ سَوَاءٌ أَكَانَ لِلْقِبْلَةِ أَمْ غَيْرِهَا ، جَهَالَةً مِنْهُ ، ضَلَّ سَعْيُهُمْ وَخَابَ عَمَلُهُمْ".
انتهى من "تفسير القرطبي" (1/294).
ثانياً :
وأما القول بأن السجود لغير الله شرك مطلقاً ، لأن مطلق السجود عبادة لا تصرف لغير الله ، فقول ضعيف ، ويدل على ذلك :
1-أن الله أمر الملائكة بالسجود لآدم ، ولو كان مجرد السجود شركاً لما أمرهم الله بذلك .
قال الطبري :
" ( فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) : سُجُودُ تَحِيَّةٍ وَتَكْرِمَةٍ ، لَا سُجُودَ عِبَادَةٍ".
انتهى من "جامع البيان" (14/65).
وقال ابن العربي :
" اتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ السُّجُودَ لِآدَمَ ، لَمْ يَكُنْ سُجُودَ عِبَادَةٍ".
انتهى من "أحكام القرآن" (1/27).
وقال ابن حزم الظاهري :
" وَلَا خلاف بَين أحد من أهل الْإِسْلَام فِي أَن سجودهم لله تَعَالَى سُجُود عبَادَة ، ولآدم سُجُود تَحِيَّة وإكرام"
انتهى من "الفصل في الملل والأهواء والنحل" (2/129).
2- أن الله أخبرنا عن سجود يعقوب وبنيه ليوسف عليه السلام ، ولو كان شركاً لما فعله أنبياء الله .
ولا يقال هنا : إن هذا من شريعة من قبلنا ، فإن الشرك لم يبح في شريعة قط ، فالتوحيد لم تتغير تعاليمه وشرائعه منذ آدم إلى نبينا محمد عليهم الصلاة والسلام .
قال الطبري :
" قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ( وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا): ذَلِكَ السُّجُودُ تَشْرِفَة ، كَمَا سَجَدَتِ الْمَلَائِكَةُ لِآدَمَ تَشْرِفَةً ، لَيْسَ بِسُجُودِ عِبَادَةٍ.
وَإِنَّمَا عَنَى مَنْ ذَكَرَ بِقَوْلِهِ: إِنَّ السُّجُودَ كَانَ تَحِيَّةً بَيْنَهُمْ ، أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُمْ عَلَى الْخُلُقِ
لَا عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَزَلْ مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ قَدِيمًا ، عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْعِبَادَةِ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، قَوْلُ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَةَ:
فَلَمَّا أَتَانَا بُعَيْدَ الْكَرَى ** سَجَدْنَا لَهُ وَرَفَعْنَا الْعَمَارَا "
انتهى من "جامع البيان" (13/356).
وقال ابن كثير : " وَقَدْ كَانَ هَذَا سَائِغًا فِي شَرَائِعِهِمْ ؛ إِذَا سلَّموا عَلَى الْكَبِيرِ يَسْجُدُونَ لَهُ ، وَلَمْ يَزَلْ هَذَا جَائِزًا مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلَى شَرِيعَةِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَحُرِّمَ هَذَا فِي هَذِهِ الْمِلَّةِ ، وجُعل السُّجُودُ مُخْتَصًّا بِجَنَابِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"
انتهى من "تفسير القرآن العظيم" (4/412).
وقال القاسمي:
" الذي لا شك فيه أنه لم يكن سجود عبادة ولا تذلل ، وإنما كان سجود كرامة فقط ؛ بلا شك"
انتهى من "محاسن التأويل" (6/250).
-أن معاذاً سجد للنبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من الشام، ولو كان شركا لبين له النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، وقصارى ما في الأمر أنه بين له عدم جواز السجود له .
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى ، قَالَ : " لَمَّا قَدِمَ مُعَاذٌ مِنَ الشَّامِ سَجَدَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( مَا هَذَا يَا مُعَاذُ؟ ) ، قَالَ : أَتَيْتُ الشَّامَ فَوَافَقْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لِأَسَاقِفَتِهِمْ وَبَطَارِقَتِهِمْ
فَوَدِدْتُ فِي نَفْسِي أَنْ نَفْعَلَ ذَلِكَ بِكَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( فَلَا تَفْعَلُوا، فَإِنِّي لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ ، لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا) رواه ابن ماجه (1853) وحسنه الألباني.
قال شيخ الإسلام :
" وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ: لَوْ كُنْت آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَعْبُدَ".
انتهى من "مجموع الفتاوى" (4/360).
وقال الذهبي : " أَلا ترى الصحابة في فرط حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم ، قالوا ألا نسجد لك ، فقال: لا ، فلو أذن لهم لسجدوا له سجود إجلال وتوقير ، لا سجود عبادة ، كما قد سجد إخوة يوسف عليه السلام ليوسف .
وكذلك القول في سجود المسلم لقبر النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل التعظيم والتبجيل : لا يكفر به أصلاً ، بل يكون عاصياً ، فليعرَّفْ أن هذا منهي عنه ، وكذلك الصلاة إلى القبر".
انتهى من "معجم الشيوخ الكبير" (1/73).
4- أنه ثبت في بعض الأحاديث سجود بعض البهائم للنبي صلى الله عليه وسلم ، ولو كان مجرد السجود شركاً لما حصل هذا في حق النبي صلى الله عليه وسلم .
قال شيخ الإسلام :
" وَقَدْ كَانَتْ الْبَهَائِمُ تَسْجُدُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْبَهَائِمُ لَا تَعْبُدُ إلا اللَّهَ ، فَكَيْفَ يُقَالُ : يَلْزَمُ مِنْ السُّجُودِ لِشَيْءِ عِبَادَتُهُ ؟!"
انتهى من "مجموع الفتاوى" (4/360).
5-أن "السجود المجرد" من الأحكام التشريعية التي قد يتغير حكمها من شريعة لأخرى ، بخلاف أمور التوحيد التي تقوم بالقلب ؛ فهي ثابتة لا تتغير.
قال شيخ الإسلام :
" أمَّا الْخُضُوعُ وَالْقُنُوتُ بِالْقُلُوبِ ، وَالِاعْتِرَافُ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَالْعُبُودِيَّةِ : فَهَذَا لَا يَكُونُ عَلَى الْإِطْلَاقِ إلَّا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَحْدَهُ ، وَهُوَ فِي غَيْرِهِ مُمْتَنِعٌ بَاطِلٌ.
وَأَمَّا السُّجُودُ : فَشَرِيعَةٌ مِنْ الشَّرَائِعِ ؛ إذْ أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى أَنْ نَسْجُدَ لَهُ ، وَلَوْ أَمَرَنَا أَنْ نَسْجُدَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ غَيْرِهِ :
لَسَجَدْنَا لِذَلِكَ الْغَيْرِ ، طَاعَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، إذْ أَحَبَّ أَنْ نُعَظِّمَ مَنْ سَجَدْنَا لَهُ،. وَلَوْ لَمْ يَفْرِضْ عَلَيْنَا السُّجُودَ لَمْ يَجِبْ أَلْبَتَّةَ فِعْلُهُ .
فَسُجُودُ الْمَلَائِكَةِ لِآدَمَ : عِبَادَةٌ لِلَّهِ ، وَطَاعَةٌ لَهُ وَقُرْبَةٌ يَتَقَرَّبُونَ بِهَا إلَيْهِ ، وَهُوَ لِآدَمَ تَشْرِيفٌ وَتَكْرِيمٌ وَتَعْظِيمٌ.
وَسُجُودُ إخْوَةِ يُوسُفَ لَهُ : تَحِيَّةٌ وَسَلَامٌ ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ يُوسُفَ لَوْ سَجَدَ لِأَبَوَيْهِ تَحِيَّةً ، لَمْ يُكْرَهْ لَهُ".
انتهى من "مجموع الفتاوى" (4/360).
6-أن التفريق بين سجود التحية وسجود العبادة هو ما عليه جمهور العلماء من مختلف المذاهب.
قال فخر الدين الزيلعي: " وَمَا يَفْعَلُونَ مِنْ تَقْبِيلِ الْأَرْضِ بَيْنَ يَدَيْ الْعُلَمَاءِ : فَحَرَامٌ ، وَالْفَاعِلُ وَالرَّاضِي بِهِ : آثِمَانِ ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ عِبَادَةَ الْوَثَنِ .
وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ : أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِهَذَا السُّجُودِ ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ بِهِ التَّحِيَّةَ " .
انتهى من "تبيين الحقائق" (6/25).
وقال ابن نجيم الحنفي
: " وَالسُّجُودُ لِلْجَبَابِرَةِ : كُفْرٌ ، إنْ أَرَادَ بِهِ الْعِبَادَةَ ؛ لَا إِنْ أَرَادَ بِهِ التَّحِيَّةَ ، عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ"
انتهى من "البحر الرائق" (5/134).
وقال النووي :
" مَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْجَهَلَةِ مِنْ السُّجُودِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَشَايِخِ .. ذَلِكَ حَرَامٌ قَطْعًا ، بِكُلِّ حَالٍ ، سَوَاءٌ كَانَ إلَى الْقِبْلَةِ أَوْ غَيْرِهَا ، وَسَوَاءٌ قَصَدَ السُّجُودَ لِلَّهِ تَعَالَى ، أَوْ غَفَلَ ، وَفِي بَعْضِ صُوَرِهِ مَا يَقْتَضِي الْكُفْرَ ، أَوْ يُقَارِبُهُ ، عَافَانَا اللَّهُ الْكَرِيمُ ".
انتهى من "المجموع شرح المهذب" (4/69).
وقال شهاب الدين الرملي :
" مُجَرَّد السُّجُودِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَشَايِخِ : لَا يَقْتَضِي تَعْظِيمَ الشَّيْخِ كَتَعْظِيمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، بِحَيْثُ يَكُونُ مَعْبُودًا، وَالْكُفْرُ إنَّمَا يَكُونُ إذَا قَصَدَ ذَلِكَ " .
انتهى من "نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" (1/122).
وقال الرحيباني :
" السُّجُودُ لِلْحُكَّامِ وَالْمَوْتَى بِقَصْدِ الْعِبَادَةِ : كَفْرٌ ، قَوْلًا وَاحِدًا ، بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ .
وَالتَّحِيَّةُ لِمَخْلُوقٍ بِالسُّجُودِ لَهُ : كَبِيرَةٌ مِنْ الْكَبَائِرِ الْعِظَامِ" .
انتهى من "مطالب أولي النهى" (6/ 278) .
وقال الشوكاني :
" فلا بد من تقييده بأن يكون سجوده هذا قاصدا لربوبية من سجد له ، فإنه بهذا السجود قد أشرك بالله عز وجل ، وأثبت معه إلهًا آخر .
وأما إذا لم يقصد إلا مجرد التعظيم ، كما يقع كثيرا لمن دخل على ملوك الأعاجم : أنه يقبل الأرض تعظيما له ، فليس هذا من الكفر في شيء ، وقد علم كل من كان من الأعلام ، أن التكفير بالإلزام ، من أعظم مزالق الأقدام ؛ فمن أراد المخاطرة بدينه ، فعلى نفسه تَجَنَّى".
انتهى من "السيل الجرار" (4/580).
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم :
" الانحناء عند السلام حرام ، إذا قصد به التحية ، وأَما إن قصد به العبادة فكفر".
انتهى من "فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ" (1/109).
وقال الشيخ عبد العزيز عبد اللطيف
: " فمن المعلوم أن سجود العبادة ، القائم على الخضوع والذل والتسليم والإجلال لله وحده : هو من التوحيد الذي اتفقت عليه دعوة الرسل، وإن صرف لغيره فهو شرك وتنديد .
ولكن لو سجد أحدهم لأب أو عالم ونحوهما ، وقصده التحية والإكرام : فهذه من المحرمات التي دون الشرك ، أما إن قصد الخضوع والقربة والذل له فهذا من الشرك" .
انتهى من "نواقض الإيمان القولية والعملية" (ص: 278).
وتلخيص جميع ما سبق:
أن السجود لغير الله لا يكون كفرا إلا إذا فُعل على وجه العبادة ، وأما إذا كان على سبيل التحية فهو من كبائر الذنوب ، وليس كفراً .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-08-04, 16:51
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
حكم التفاؤل والتشاؤم ببعض الأرقام
السؤال:
سمعت بأن رقم 7 هو رقم الحظ الجيد ورقم 13 و 14 هما رقمان للحظ السيئ، فهل هذا صحيح .
الجواب :
الحمد لله
لا صحة لما ذكرت ، ولا علاقة بين الأرقام وبين الحظ . والتشاؤم من الرقمين 13 ، 14 أو غيرهما من الأرقام أو الأيام ، أو الشهور ، أو الألوان ، داخل في التطير المنهي عنه شرعا .
فقد روى البخاري (5776) ومسلم (2224) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "َ لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ قَالُوا وَمَا الْفَأْلُ قَالَ كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ " .
وروى أحمد (4194) وأبو داود (3910) والترمذي (1614) وابن ماجه (3538) عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الطِيَرة شرك " وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
وروى أحمد (7045) والطبراني عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من ردته الطِيَرة من حاجة فقد أشرك" قالوا يا رسول الله ما كفارة ذلك ؟
قال : " أن يقول أحدهم : اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك" [ حسنه الأرنؤوط وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 6264 ].
وروى الطبراني في الكبير عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "ليس منا من تطيَّر و لا من تُطُيِّر له أو تكهَّن أو تُكُهِّن له أو سحَر أو سُحِر له " وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 5435
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم رقم 2224 : ( والتطير : التشاؤم ، وأصله الشيء المكروه من قول أو فعل أو مرئي وكانوا …
ينفِّرون ـ أي يهيِّجون ـ الظباء والطيور فإن أخذت ذات اليمين تبركوا به ومضوا في سفرهم وحوائجهم ، وان أخذت ذات الشمال رجعوا عن سفرهم وحاجتهم وتشاءموا بها فكانت تصدهم في كثير من الأوقات عن مصالحهم
فنفى الشرع ذلك وأبطله ونهي عنه ، وأخبر أنه ليس له تأثير بنفع ولا ضر فهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم "لاطِيَرة "
وفى حديث آخر "الطِيَرة شرك" أي اعتقاد أنها تنفع أو تضر إذا عملوا بمقتضاها معتقدين تأثيرها فهو شرك لأنهم جعلوا لها أثرا في الفعل والإيجاد .
وأما الفأل فقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم بالكلمة الصالحة والحسنة والطيبة .
قال العلماء : يكون الفأل فيما يسر وفيما يسوء ، والغالب في السرور ، والطِيَرة لا تكون إلا فيما يسوء . قالوا : وقد يستعمل مجازا في السرور …
. قال العلماء: وإنما أحب الفأل لأن الإنسان إذا أمَّل فائدة الله تعالى وفضله عند سبب قوي أو ضعيف فهو على خير في الحال وإن غلِط في جهة الرجاء فالرجاء له خير
وأما إذا قطع رجاءه وأمله من الله تعالى فان ذلك شر له، والطِيَرة فيها سوء الظن وتوقع البلاء . ومن أمثال التفاؤل أن يكون له مريض فيتفاءل بما يسمعه فيسمع من يقول: يا سالم
أو يكون طالب حاجة فيسمع من يقول : يا واجد ، فيقع في قلبه رجاء البرء أو الوجدان والله أعلم )
انتهى كلام النووي رحمه الله .
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله ( وإذا ألقى المسلم باله لهذه الأمور فلا يخلو من حالين : الأولى أن يستجيب لها فيقدم أو يحجم ، فيكون حينئذ قد علَّق أفعاله بما لا حقيقة له .
الثانية أن لا يستجيب ، بأن يقدم ولا يبالي لكن يبقى في نفسه شيء من الهم أو الغم وهذا وإن كان أهون من الأول إلا أنه يجب عليه ألا يستجيب لداعي هذه الأمور مطلقا وأن يكون معتمدا على الله عز وجل )
مجموع الفتاوى2/113 .
والحاصل أنه لا يجوز التشاؤم بشيء من الأرقام ، وأن من قرأ أو سمع رقما ، فتشاءم ، فقد وقع في التطير المذموم ، وكفارته – كما مضى في الحديث – أن يقول : اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-04, 16:57
حكم أخذ الفأل من المصحف
السؤال:
بدلا من أداء صلاة الاستخارة يقوم بعض الناس بانتقاء مواضع عشوائية في القرآن الكريم ثم يقومون بعد ذلك بالبحث عن شيء ما في الصفحة التي اختاروها من المصحف لتعطيهم إشارة تؤثر علي قرارهم. علي سبيل المثال
هناك ابنة متزوجة جاءت لتعيش مع والديها لأن زوجها لا يعطيها حقوقها. وهي تريد الطلاق وأمها قامت بفتح المصحف وكانت قصة موسى عليه السلام وأمه والتي تقول أنها إن خافت عليه تلقيه في اليم ومن هذه القصة فهمت أن ابنتها عليها أن تعود لزوجها.
هل يمكنكم أن تشرحوا لي الأمر؟
الجواب :
الحمد لله
صلاة الاستخارة سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يغني عنها ما ذكرت من " أخذ الفأل من المصحف " بل هذا الأخذ من المصحف محرم عند جماعة من العلماء لأنه من باب الاستقسام بالأزلام .
قال القرافي رحمه الله :
" وأما الفأل الحرام فقد قال الطرطوشي في تعليقه إن أخذ : الفأل من المصحف وضرب الرمل والقرعة والضرب بالشعير وجميع هذا النوع حرام ;
لأنه من باب الاستقسام بالأزلام . والأزلام أعواد كانت في الجاهلية مكتوب على أحدهما افعل وعلى الآخر لا تفعل وعلى الآخر غفل فيخرج أحدها , فإن وجد عليه افعل أقدم على حاجته التي يقصدها أو لا تفعل أعرض عنها واعتقد أنها ذميمة , أو خرج المكتوب عليه غفل أعاد الضرب فهو يطلب قسمه من الغيب بتلك الأعواد
فهو استقسام أي طلب القسم ، الجيّد يتبعه , والرديء يتركه , وكذلك من أخذ الفأل من المصحف أو غيره إنما يعتقد هذا المقصد إن خرج جيدا اتبعه أو رديئا اجتنبه ، فهو عين الاستقسام بالأزلام الذي ورد القرآن بتحريمه فيحرم ." انتهى من "الفروق" (4/ 240).
وقال النفراوي : " و كان عليه السلام يحب الفأل الحسن ، وهو ما ينشرح له صدره كالكلمة الطيبة , ففي الصحيح : ( لا طيرة وخيرها الفأل , قيل : يا رسول الله وما الفأل ؟
قال : الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم ) وفي رواية : ( ويعجبني الفأل ) . وفي رواية : ( وأحب الفأل الصالح ). مثاله : إذا خرج لسفر أو إلى عيادة مريض وسمع : يا سالم يا غانم أو يا عافية . هذا إذا لم يقصده ,
وأما إذا قصد سماع الفأل ليعمل على ما يسمع من خير أو شر فلا يجوز , لأنه من الأزلام المحرمة التي كانت تفعلها الجاهلية وهي قداح ...
وفي معنى هذا مما لا يجوز فعله استخراج الفأل من المصحف فإنه نوع من الاستقسام بالأزلام ,
ولأنه قد يخرج له ما لا يريد فيؤدي ذلك إلى التشاؤم بالقرآن , فمن أراد أمرا وسمع ما يسوء لا يرجع عن أمره وليقل : اللهم لا يأتي بالخير إلا أنت , ولا يأتي بالشر أو لا يدفع الشر إلا أنت "
انتهى من "الفواكه الدواني" (2/ 342).
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
عن استفتاح الفأل من المصحف فأجاب
: " وأما استفتاح الفأل في المصحف: فلم ينقل عن السلف فيه شيء وقد تنازع فيه المتأخرون. وذكر القاضي أبو يعلى فيه نزاعا: ذكر عن ابن بطة أنه فعله وذكر عن غيره أنه كرهه
فإن هذا ليس الفأل الذي يحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه كان يحب الفأل ويكره الطيرة. والفأل الذي يحبه هو أن يفعل أمرا أو يعزم عليه متوكلا على الله فيسمع الكلمة الحسنة التي تسره: مثل أن يسمع يا نجيح يا مفلح يا سعيد يا منصور ونحو ذلك
كما لقي في سفر الهجرة رجلا فقال: ( ما اسمك؟ ) قال : يزيد. قال: ( يا أبا بكر يزيد أمرنا ) . وأما الطيرة بأن يكون قد فعل أمرا متوكلا على الله أو يعزم عليه فيسمع كلمة مكروهة : مثل ما يَتم أو ما يفلح ونحو ذلك
فيتطير ويترك الأمر فهذا منهي عنه كما في الصحيح عن معاوية بن الحكم السلمي قال: قلت: يا رسول الله منا قوم يتطيرون قال: ( ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدنكم ) فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تصد الطيرة العبد عما أراد .
فهو في كل واحد من محبته للفأل وكراهته للطيرة إنما يسلك مسلك الاستخارة لله والتوكل عليه والعمل بما شرع له من الأسباب ، لم يجعل الفأل آمرا له وباعثا له على الفعل ، ولا الطيرة ناهية له عن الفعل .
وإنما يأتمر وينتهي عن مثل ذلك أهلُ الجاهلية الذين يستقسمون بالأزلام ، وقد حرم الله الاستقسام بالأزلام في آيتين من كتابه
وكانوا إذا أرادوا أمرا من الأمور أحالوا به قداحا مثل السهام أو الحصى أو غير ذلك وقد علّموا على هذا علامة الخير وعلى هذا علامة الشر وآخر غفل. فإذا خرج هذا فعلوا وإذا خرج هذا تركوا وإذا خرج الغفل أعادوا الاستقسام.
فهذه الأنواع التي تدخل في ذلك مثل الضرب بالحصى والشعير واللوح والخشب والورق المكتوب عليه حروف أبجد أو أبيات من الشعر أو نحو ذلك مما يطلب به الخيرة فيما يفعله الرجل ويتركه ينهى عنها لأنها من باب الاستقسام بالأزلام
وإنما يسن له استخارة الخالق واستشارة المخلوق والاستدلال بالأدلة الشرعية التي تبين ما يحبه الله ويرضاه وما يكرهه وينهى عنه. وهذه الأمور تارة يقصد بها الاستدلال على ما يفعله العبد : هل هو خير أم شر؟
وتارة الاستدلال على ما يكون فيه نفع في الماضي والمستقبل. وكلاً غير مشروع ، والله سبحانه وتعالى أعلم "
انتهى من "مجموع الفتاوى" (23/ 66).
فتبين بهذا أن أخذ الفأل من المصحف أي فتحه والنظر فيما يخرج ، وبناء التصرف على ذلك ، محرم ، وهو من الاستقسام بالأزلام ، بخلاف الفأل الحسن الذي يأتي بعد مباشرة الإنسان للعمل ، فيسمع كلمة حسنة دون قصد ولا بحث .
وما جاء في السؤال عن الزوجة التي لا يعطيها زوجها حقها ، يدل على فساد الطريقة المذكورة ، فإن لقائل أن يقول : بل الآية تدل على الفراق والبعد حتى مع خوف العواقب ، كما ألقت أم موسى لابنها في اليم وكانت العاقبة لها !
والواجب في مثل هذا أن ينظر في المشكلة وأسبابها وطرق علاجها بالوسائل المشروعة كالنصيحة وبعث الحكمين من أهل الزوج وأهل الزوجة .. إلخ .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-04, 17:01
أيهما أسوء وأشد كفرا : فرعون ، أم أبو لهب ؟!
السؤال:
كنت أتناقش مع أحد الأصدقاء عمن هو أسوء البشر، فقلت : هو فرعون ؛ لأنه ادعى الربوبية ، ورفض تسع آيات بينات جاء بها موسى عليه السلام، وقد نجّى الله جسده ليكون آية للناس ، ويُحشر يوم القيامة مع هامان
ويُدخل أشد العذاب ، ولكن صاحبي خالفني الرأي فقال : إن أسوء إنسان هو أبو لهب
لأن سورة بأكملها في القرآن وردت في ذمه ، ولأنه آذى النبي صلى الله عليه وسلم أشد الإيذاء
ولكني لا أعتقد أنه في نفس درجة فرعون من السوء ، فما رأيكم ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
الانشغال بمثل ذلك والجدال فيه ، يضيع على المسلم أوقاتا وجهدا كان يمكنه أن ينفقها فيما هو أنفع له وللمسلمين حوله .
فالمسلم يحتاج إلى معرفة أكمل الناس إيمانا وأحسنهم أخلاقا حتى يقتدي بهم ، ويعمل مثل أعمالهم ، أكثر من حاجته لمعرفة أشد الناس كفرا .
ما دام قد تقرر عند المسلم : أن الشخصين المذكورين : هما كافران بالله ، عدوان له ، قد توعدهما الله في كتابه بأشد العذاب .
لكن إذا كان قصد المسلم بهذا معرفة هؤلاء ليكون أشدا حذرا من أفعالهم ، ويحذر الناس منها فلا بأس بذلك .
ثانيا :
إذا نظرنا إلى هذين الرجلين وأقوالهما وأعمالهما ، وما نزل فيهما من آيات في القرآن الكريم ، فإننا لا نشك أن فرعون أشد كفرا وعتوا من أبي لهب
فإنه كان قد ادعى الربوبية والألوهية ، ودعا الناس إلى تقديسه وتعظيمه ، واستخف قومه فأطاعوه ، وأضل جنده فنصروه ، وعادى أولياء الله ، وعذب الناس ، وذبح أبناءهم ، واستحيا نساءهم
ولم يُذكر جبار متكبر في القرآن كما ذكر هذا الطاغية ، فذُكر بقبيح أقواله وأفعاله ، وذكر بظلمه وعتوه وجبروته ، وذكر بإضلاله الناس وإغوائهم ، وذكر بمصيره السيء يوم القيامة
قال تعالى : ( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) غافر/ 46 .
أما أبو لهب : فقد كفر بالله وبرسوله ، وعادى على ذلك ، ووالى على ذلك ، ومات على كفره وخسرانه ، ولم يكن له نكاية في المؤمنين كما كان لفرعون
ولا كان في الكفر كما كان فرعون الذي ادعى الربوبية والألوهية وقال : (أنا ربكم الأعلى) ، وقال : (ما علمت لكم من إله غيري) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَقَدْ عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ أَهْلِ الْمِلَلِ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى: أَنَّ فِرْعَوْنَ مِنْ أَكْفَرِ الْخَلْقِ بِاَللَّهِ ؛ بَلْ لَمْ يَقُصَّ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ قِصَّةَ كَافِرٍ بِاسْمِهِ الْخَاصِّ أَعْظَمَ مِنْ قِصَّةِ فِرْعَوْن َ
وَلَا ذَكَرَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْكُفَّارِ مِنْ كُفْرِهِ وَطُغْيَانِهِ وَعُلُوِّهِ : أَعْظَمَ مِمَّا ذَكَرَ عَنْ فِرْعَوْنَ "
انتهى من " مجموع الفتاوى " (2/ 125) .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-04, 17:04
هل صح وصف شخص في سلطانه بأنه : إذا اراد شيئا أن يقول له كن فيكون ؟
السؤال :
هل يجوز أن يقال للشخص في مصنعه أو في سلطانه : " إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " ؟
الجواب :
الحمد لله
لا يجوز لأحد أن يبالغ في ثنائه ومدحه لشخص ؛ حتى يثبت له من الصفات ما لا يجوز إلا لله عز وجل .
وقد جاءت نصوص الشرع بالنهي عن الغلو في الدين
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" الغلو هو مجاوزة الحد ، بأن يزاد في حمد الشيء ، أو ذمه ، على ما يستحق ، ونحو ذلك "
انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم " (ص 106) .
وقد روى الإمام أحمد (12551)
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ " أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا مُحَمَّدُ ، يَا سَيِّدَنَا وَابْنَ سَيِّدِنَا، وَخَيْرَنَا وَابْنَ خَيْرِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِتَقْوَاكُمْ، لَا يَسْتَهْوِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ، وَاللهِ مَا أُحِبُّ أَنْ تَرْفَعُونِي فَوْقَ مَنْزِلَتِي الَّتِي أَنْزَلَنِي اللهُ )
وصححه الألباني في "الصحيحة" (1097) .
ولا شك أن قول القائل : " فلان في مصنعه إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " من أعظم المبالغة في وصف شخص ما ، وتسلطه ، واقتداره على تصرفه في مكانه ؛ فإن الذي يقول للشيء كن فيكون هو الله وحده ، وليس ذلك لأحد سواه ، لا في بيته ولا في سلطانه ، ولا في ملكه ولا بين خدمه ولا بين أولاده وزوجاته.
وكم من مريد أمرا في سلطانه منعه الله بقدرته ومشيئته من تنفيذ ذلك الأمر ، إما بموته ، أو بعصيان مَنْ أَمَره ، أو برجوعه عما أمر ، أو بخلاف من هو أشد منه بأسا وقوة ، من ملك أو أمير أو ذي سلطان
أو بغير ذلك من الأسباب التي يقدرها الله تعالى ؛ وذلك لأن مشيئة العبد ليست مستقلة ، إنما هي تابعة لمشيئة الله تعالى ، كما قال الله : ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) التكوير / 29 .
فقد يشاء العبد شيئا ولا يكون ، أما الله سبحانه وتعالى ، فهو وحده : الذي ما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن ، الذي يقول للشيء : كن ، فيكون .
فلا يجوز لأحد أن يصف إنسانا بأنه يقول للشيء كن فيكون ، فذلك الوصف لا يكون إلا لله عز وجل .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
سمعت من بعض الناس يقول حديثا قدسيا عبارته: "عبدي أطعني تكن عبدا ربانيا يقول للشيء: كن، فيكون"، هل هذا حديث قدسي صحيح، أم غير صحيح؟
فأجابوا : " هذا الحديث لم نعثر عليه في شيء من كتب السنة، ومعناه يدل على أنه موضوع، إذ إنه ينزل العبد المخلوق الضعيف منزلة الخالق القوي سبحانه، أو يجعله شريكا له
تعالى الله عن أن يكون له شريك في ملكه.
واعتقادُه شركٌ وكفر؛ لأن الله سبحانه هو الذي يقول للشيء: كن، فيكون، كما في قوله عز وجل: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) يس/82 " .
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (4/ 471) .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-04, 17:14
حكم الاغتسال والاستشفاء بنبع الماء المنسوب لنبي الله أيوب
السؤال:
قرية الشيخ سعد ، إحدى قرى حوران في درعا ، يوجد فيها مقام نبيِّ الله أيوب ، ويبعد عنه مائتي متر نبعة ماء ، يقال إنها هي التي اغتسل وشرب منها سيدنا أيوب عليه السلام ، فشفاه الله من مرضه
فيذهب أهل المنطقة لهذه النبعة فيشربون منها ، ويغتسلون على نية أن يُذهِب الله أمراضَهم وأسقامهم ، فهل هذا الفعل جائز ؟
وهل هو فعلا الماء الذي ذُكرَ في سورة (ص) ؟
وللعِلم ذهبتُ عدة مرات إلى هناك ، وهل القبر الموجود هو قبر نبي الله أيوب ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
اشتهرت نسبة القبر المعروف في بلدة " الشيخ سعد " من قُرى حوران ، إلى نبي الله أيوب عليه السلام ، وكذلك ينسبون نبع الماء فيها إليه ، وقد ذكر ذلك عدد من المؤرخين والجغرافيين المتقدمين
ينظر " معجم البلدان " (2/499) .
وذكر ذلك النووي رحمه الله في " تهذيب الأسماء واللغات " (1/131)
حيث كانت قريبة من بلدته " نوى " ، فقال : " وكان أيوب ببلاد حوران ، وقبره مشهور عندهم في قرية بقرب نوى ، عليه مشهد ومسجد ، وقرية موقوفة على مصالحه
وعين جارية فيها قدم في حجر يقولون إنه أثر قدمه ، ويغتسلون من العين ويشربون متبركين ، ويقولون : إنها المذكورة في القرآن ، وهى قطع كبير جدًا في وسط صخرة عظيمة ، وعليها مشهد
وهناك صخرة عليها مشهد يقولون : إنه كان يستند إليها ، ويزورونها ويعتقدون بركة تلك المواضع كلها والله أعلم " انتهى .
وما ذكروه من القطع بتحديد مكان قبر نبي الله أيوب عليه السلام والعين التي شُفي باغتساله فيها : مجازفة لا دليل عليها
ولذا نجد النووي - رحمه الله تعالى - لا ينسب ذلك إلى أحد من أهل العلم أو يؤكده ، بل ينسبه إلى كلام الناس فيقول : " يقولون إنه أثر قدمه " ، " ويقولون إنها المذكورة في القرآن " ، " يقولون إنه كان يستند إليها " .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " وليس في الأرض قبر اتفق الناس على أنه قبر نبي غير قبره [صلى الله عليه وسلم] ، وقد اختلفوا في قبر الخليل وغيره " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (27/116) .
وقال الشيخ ابن باز في " مجموع الفتاوى " (1/160) :
" جميع قبور الأنبياء لا تُعرف ما عدا قبر نبينا عليه الصلاة والسلام، فإنه معلوم في بيته في المدينة عليه الصلاة والسلام
وهكذا قبر الخليل إبراهيم معروف في المغارة هناك في الخليل في فلسطين، وأما سواهما فقد بين أهل العلم أنها لا تعلم قبورهم ، ومن ادعى أن هذا قبر فلان أو قبر فلان فهو كذب لا أصل له ولا صحة له " انتهى .
ثانياً :
لا يجوز اعتقاد البركة في هذه البقعة ؛ ولو سلَّمنا جدلا أنها مغتسل أيوب عليه السلام حقاً ؛ لأن المياه النابعة من الأرض متجددة ، والبركة إنما تكون بالماء الذي لامس جسد النبي الشريف عليه السلام
وليس من أحد يستطيع اليوم أن يثبت استمرار جريان هذه العين دون انقطاع ، من عهد أيوب قبل آلاف السنين إلى اليوم ، أو يثبت بقاء أثره في هذا الماء مع تباعد الأزمنة ، وتطاولها آلاف السنين .
فكيف إذا أضيف إلى ذلك : أن هذا الاعتقاد مفضٍ إلى مفسدة هي أكبر المفاسد ، ألا وهي الشرك بالله ، لارتباط هذه العين بالقبر القريب منها
فيجيء المريض الجاهل قد مسه الضر ، وهو مستعد لبذل أي سبب قد يعين على شفائه ، فيزين له شياطين الإنس والجن التبرك بالعين ، ويحضونه على الاستشفاع بصاحب القبر
ثم ينتقل إلى دعاء صاحب القبر نفسه والاستغاثة به ، فلا يغادر المكان إلا وقد تلبس ببلاء أشد من البلاء الذي جاء للخلاص منه ، والله المستعان .
وقد عرَف الشيطان من الناس ميلهم السريع إلى البدع ، وغلوهم في قبور الأنبياء والصالحين ، حتى يؤول بهم الأمر إلى عبادتها – عياذاً بالله - ، وما تلقيه الشياطين على الناس في هذا الباب من أنواع الإضلال في اليقظة والمنام مشهور جدا .
وما ذكره النووي في عصره من المسجد المبني على ذلك القبر ، والمشهد المبني على الصخرة التي يقولون : إن أيوب عليه السلام كان يستند إليها ، وخروجهم عن الصراط المستقيم في ذلك : كل هذا دليل كاف للتحذير من التبرك بهذه البقعة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (27/134-136)
: " وأما قول السائل: هل يجوز تعظيم مكان فيه خَلوق وزعفران لكون النبي صلى الله عليه وسلم رُئِي عنده ؟
فيقال : بل تعظيم مثل هذه الأمكنة واتخاذها مساجد ومزارات لأجل ذلك : هو من أعمال أهل الكتاب الذين نُهِينا عن التشبه بهم فيها .
وقد ثبت أنَّ عمر بن الخطاب كان في السَّفر ، فرأى قوما يبتدرون مكاناً ، فقال: ما هذا ؟!
فقالوا: مكان صلَّى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: ومكان صلى فيه رسول الله ؟!
أتريدون أن تتخذوا آثار أنبيائكم مساجد ؟! من أدركته فيه الصلاة فليصلِّ ، وإلا فليَمْضِ " . انتهى .
وجاء في كتاب " تحذير المسلمين من القبوريين " (ص91)
: " ومن العجائب أن قبراً في جبلٍ خارج صنعاء شرقا... يسمى بجبل النبي أيوب ، وفي رأسه قبر ، وقد بُنِيَ على القبر مسجد يقال للقبر : قبر النبي أيوب ، ويقع القبر في وسط المسجد
وهذا القبر يؤتى إليه من بعض الأماكن اليمنية ، ويؤتى إليه من الدول خارج اليمن كمصر ، وباكستان ، والهند ، والعراق ، وتركيا ، وفي المسجد صورة المحراب الذي كان يتعبد فيه أيوب
وفيه صورة ثدي المرأة ، وفي مؤخرته اكتشف قريبا قبر زوجة أيوب ، واسمها " رحمة " وبجانب ذلك الجبل نهر وأشجار ، فقالوا هو الماء الذي أمر الله أيوب أن يركض برجله ويغتسل فيه !!
وهذه المعلومات أخذتها من الرسول الذي أرسلته ليتقصى الحقائق ، فأخبره بها إمام مسجد قبر النبي أيوب ، وقد سأل أخونا المرسَلْ إمام المسجد : كيف عرفوا أن قبر النبي أيوب عليه السلام في هذا الجبل ؟
فأجاب : أن رجلا من [قبيلة] عنس ، هاجر واستقر في بلادهم ، ثم رأى سراجا في الليل في رأس الجبل ، فجاءه آتٍ في ثلاث ليال يقول له : إن هذا المكان الذي فيه النور فيه قبر النبي أيوب ، فاذهب وابْنِ مسجدا , وإن لم تفعل قتلت أولادك ؟
فذهب الرجل العنسي ، وأخبر بذلك ، فقاموا وتساعدوا معه في بناء المسجد " انتهى .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في " مجموع الفتاوى " (27/457) :
" وغالب ما يستند إليه الواحد من هؤلاء – أي من المعتقدين بصحة هذه القبور – أن يَدَّعي أنه رأى مناماً ، أو أنه وجد بذلك القبر علامة تدل على صلاح ساكنه :
إما رائحة طيبة ، وإما توهم خرق عادة ، ونحوها ، وإما حكاية بعض الناس : إنه كان يعظم ذلك القبر ، فأما المنامات فكثير منها ، بل أكثرها : كذب
وقد عرفنا في زمننا بمصر والشام والعراق من يدعي أنه رأى منامات تتعلق ببعض البقاع أنه قبر نبي ، أو أن فيه أثر نبي ونحو ذلك ، ويكون كذباً ، وهذا الشيء منتشر " انتهى .
ثالثاً :
إن خُشي أن يتعلق الناس بالقبر فيدعونه من دون الله أو ينذرون له أو غير ذلك من أنواع الشركيات المنتشرة ، فينبغي تعمية القبر كما فعل الصحابة رضي الله عنهم مع قبر "دانيال" .
فقد أخرج محمد بن إسحاق في "مغازيه" عن أبي خلدة خالد بن دينار ، حدثنا أبو العالية قال : " لما فتحنا تُستر وجدنا في بيت مال الهرمزان سريرا عليه رجل ميت ، عند رأسه مصحف له
فأخذنا المصحف فحملناه إلى عمر رضي الله عنه فدعا له كعبا فنسخه بالعربية ، فأنا أول رجل من العرب قرأه قراءة مثلما أقرأ القرآن هذا ، فقلت لأبي العالية : ما كان فيه ؟
قال : " سيرتكم وأموركم ولحون كلامكم ، وما هو كائن بعد " .
قلت : فما صنعتم بالرجل ؟
قال : " حفرنا بالنهار ثلاثة عشر قبرا متفرقة ، فلما كان بالليل دفناه ، وسوينا القبور كلها لنعميه على الناس لا ينبشونه ".
فقلت : ما يرجون منه ؟
قال : " كانت السماء إذا حبست عنهم برزوا بسريره فيمطرون " .
فقلت : من كنتم تظنون الرجل ؟
قال : " رجل يقال له دانيال ".
فقلت : منذ كم وجدتموه مات ؟
قال : " منذ ثلاثمائة سنة " .
قلت : ما كان تغير منه شيء ؟
قال : " لا ، إلا شعيرات من قفاه ، إن لحوم الأنبياء لا تبليها الأرض ، ولا تأكلها السباع " .
قال ابن كثير
" وهذا إسناد صحيح إلى أبي العالية ، ولكن إن كان تاريخ وفاته محفوظا من ثلاثمائة سنة ، فليس بنبي ، بل هو رجل صالح "
انتهى من " البداية والنهاية " (2/377) .
قال ابن القيم
: " ففي هذه القصة ما فعله المهاجرون والأنصار من تعمية قبره ؛ لئلا يفتتن به الناس ، ولم يبرزوه للدعاء عنده والتبرك به ، ولو ظفر به المتأخرون لجالدوا عليه بالسيوف
ولعبدوه من دون الله ، فهم قد اتخذوا من القبور أوثانا من لا يداني هذا ولا يقاربه، وأقاموا لها سدنة ، وجعلوها معابد أعظم من المساجد "
انتهى من " إغاثة اللهفان " (1/204) .
رابعاً :
أما الشرب من هذا الماء والاغتسال منه طلباً للشفاء فذلك غير جائز ؛ لأنه لم يثبت في شرعنا ما يدل على أن هذا الماء له فضيلة على غيره أو أنه شفاء ، وإنما ثبت ذلك في ماء زمزم .
كما لا يجوز الذهاب إليه مطلقاً – حتى لو فُرِض أن فيه فائدة مادة حسية - للسبب الشرعي المذكور سابقا ؛ ولأن من يذهب هناك إنما يقصد مراعاة الأمر الغيبي في شأن الماء والبقعة.
ويؤكد هذا المنع وجود القبر الذي ينسب إلى أيوب عليه السلام هناك ، سواء صحت تلك النسبة أم لا ، فإن مجرد نسبته إلى أيوب عليه السلام يورث في النفوس تعظيماً له
وقد نهانا الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فنهانا عن اتخاذ القبور مساجد ، ولعن اليهود والنصارى لأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد .
ويتأكد هذا النهي أكثر إذا أتى الإنسان إلى هذا الموضع من مكان بعيد ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن شد الرحال (السفر) إلا إلى المساجد الثلاثة فقط ، وهي : المسجد الحرام ، والمسجد النبوي ، والمسجد الأقصى .
وقد ذكر النووي - رحمه الله
- أن الناس يزورون هذا المكان يعتقدون بركته ، وهذا وحده كافٍ في النهي عن السفر إلى هذا المكان والذهاب إليه.
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-04, 17:20
التقوى هي معيار التفاضل بين الناس ، لا النسب .
السؤال:
أعلم أنّ لأهل البيت مكانة كبيرة في الإسلام ، ولكن هل يتفاضل الناس بهذا النسب أم أنّ التقوى هي المعيار في تفاضل الناس؟
وهل توسل الناس بالرسول صلى الله عليه وسلم وأهل بيته يثبت أفضلية أهل البيت على الصحابة حيث لم يرد أنّ أحداً توسل بأبي بكر وعمر رضي الله عنهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ؟ أرجو توضيح المسألة .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
محبة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعرفة فضلهم وشرفهم ، من الإيمان ، وقد اتفق أهل السنة والجماعة على وجوب محبتهم ، ورعاية حقهم .
وهذه الفضيلة مخصوصة بأهل التقوى منهم ، وهذا أصل الولاية في الدين ، قال تعالى : ( أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) يونس/62، 63 .
وقد روى مسلم (215) عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِهَارًا غَيْرَ سِرٍّ، يَقُولُ: ( أَلَا إِنَّ آلَ أَبِي فُلَان ، لَيْسُوا لِي بِأَوْلِيَاءَ، إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) .
قال النووي رحمه الله :
" مَعْنَاهُ : إِنَّمَا وَلِيِّيَ مَنْ كَانَ صَالِحًا وَإِنْ بَعُدَ نسبه مِنِّي ، وَلَيْسَ وَلِيِّي مَنْ كَانَ غَيْر صَالِحٍ وان كان نسبه قريبا " انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" هَذِهِ الخصائص لَا توجب أَن يكون الرجل بِنَفسِهِ أفضل من غَيره لأجل نسبه الْمُجَرّد ، بل التَّفَاضُل عِنْد الله بالتقوى ؛ كَمَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِن آل بني فلَان لَيْسُوا لي بأولياء
إِنَّمَا وليي الله وَصَالح الْمُؤمنِينَ) فَمن كَانَ في الْإِيمَان وَالتَّقوى أفضل ، كَانَ عِنْد الله أفضل مِمَّن هُوَ دونه فِي ذَلِك، وأولاهم برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَإِن كَانَ غَيره أقرب نسبا مِنْهُ، فَإِنَّهُ لَا شكّ أَن الْولَايَة الإيمانية الدِّينِيَّة أعظم وأوثق صلَة من الْقَرَابَة النسبية " .
انتهى من "مختصر الفتاوى المصرية" (ص 567) .
فالتقوى هي المعيار في التفاضل بين الناس ، وليس مجرد النسب ، كما قال تعالى : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) الحجرات/ 13 .
ولكن التقي من آل البيت ، أفضل من التقي من غيرهم ؛ لشرف النسب ، وما له من الفضل والمنزلة ، فإذا استويا في التقوى ، سبقه بالنسب الشريف ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .
ثانيا :
توسل الصحابة بالنبي صلى الله عليه وسلم ليس توسلا إلى الله بجاهه ، ولكن بدعائه ، ولو كان توسلا بجاهه لما عدلوا عن التوسل به بعد موته إلى التوسل بعمه ؛ فإن جاهه صلى الله عليه وسلم ثابت له حيا وميتا .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في الاستسقاء المشهور بين المهاجرين والأنصار: " اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا
وإنا نتوسل إليك بعم نبينا " يدل على أن التوسل المشروع عندهم هو التوسل بدعائه وشفاعته ، لا السؤال بذاته ، إذ لو كان هذا مشروعاً ، لم يعدل عمر والمهاجرون والأنصار عن السؤال بالرسول إلى السؤال بالعباس " .
انتهى من "قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة" (1/ 123) .
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
" فالتوسل إلى الله عز وجل بالرجل الصالح : ليس معناه التوسل بذاته وبجاهه وبحقه ، بل هو التوسل بدعائه وتضرعه واستغاثته به سبحانه وتعالى
وهذا هو معنى قول عمر - رضي الله عنه -: " اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا " أي: كنا إذا قل المطر مثلاً نذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ونطلب منه أن يدعو لنا الله جل شأنه .
ويؤكد هذا ويوضحه تمام قول عمر رضي الله عنه: " وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا " أي إننا بعد وفاة نبينا ، جئنا بالعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم، وطلبنا منه أن يدعو لنا ربنا سبحانه ليغيثنا " .
انتهى من "التوسل- أنواعه وأحكامه" (ص 55) .
ثالثا :
أفضل الأمة بعد نبيها : أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي - رضي الله عنهم - باتفاق المسلمين ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
" اتّفق الْمُسلمُونَ على أَن أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خير الْأُمَم ، وَأَن خير هَذِه الْأمة أَصْحَاب نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ، وأفضلهم السَّابِقُونَ الْأَولونَ ، وأفضلهم أَبُو بكر ثمَّ عمر ثمَّ عُثْمَان ثمَّ عَليّ رَضِي الله عَنْهُم "
انتهى من"مختصر الفتاوى المصرية" (ص 560)
واختيار عمر العباس رضي الله عنهما في الاستسقاء ، لا يدل على أن العباس أفضل من عمر أو من عثمان أو من علي ، رضي الله عنهم جميعا ، ولكن عمر رضي الله عنه قصد أن دعاءه أرجى للإجابة؛ لكونه
-مع صلاحه- عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر يوما : ( يَا عُمَرُ، أَمَا شَعَرْتَ أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ؟ ) رواه مسلم (983) .
قال النووي :
" أَيْ مِثْلُ أَبِيهِ ، وَفِيهِ تَعْظِيمُ حَقِّ الْعَمِّ " انتهى .
فعرف عمر للعباس يومئذ فضله وشرفه ، فقدّمه للدعاء .
وأيضا : فربما أراد عمر أن يظهر للناس فضل أهل البيت وشرفهم ؛ ليعرفوا لهم قدرهم ، ويؤدوا لهم حقهم ، وهذه مقاصد شرعية .
وفي تقديم عمر للعباس أيضا من التواضع والانكسار بين يدي الحاجة وهو يطلبها من الله ما يكون سببا من أسباب الإجابة .
وقد كان الصحابة رضي الله عنهم على جانب عظيم من التواضع والإخبات لله .
قال الصنعاني رحمه الله :
" فِيهِ فَضِيلَةُ الْعَبَّاسِ، وَتَوَاضُعُ عُمَرَ، وَمَعْرِفَتُهُ لِحَقِّ أَهْلِ الْبَيْتِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ " .
انتهى من"سبل السلام" (1/ 453) .
وليس من شرط الاستسقاء أن يتقدم للدعاء أفضل الناس ، ولكن يكفي أن يكون من تقدم للدعاء والاستسقاء : ممن عرف بالصلاح والتقوى
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ يُتَوَسَّلُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ بِدُعَاءِ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ "
انتهى من "مجموع الفتاوى" (1/ 225) .
وقد استسقى معاوية رضي الله عنه بيزيد بن الأسود الجرشي رحمه الله ، ولاشك أن معاوية أفضل منه ، ولكن كان يزيد معروفا بالصلاح وكثرة البكاء من خشية الله ، وهذه حال يجدر بصاحبها أن يستجاب له إذا دعا .
قال الشيخ الألباني :
" وروى ابن عساكر أيضاً بسند صحيح أن الضحاك بن قيس خرج يستسقي بالناس فقال ليزيد بن الأسود أيضاً: قم يا بكاء! زاد في رواية: " فما دعا إلا ثلاثاً حتى أمطروا مطراً كادوا يغرقون منه "
انتهى من "التوسل" (ص 42) .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-04, 17:24
عمر لم يتوسل بجاه العباس رضي الله عنهما
السؤال:
حديث : أنس بن مالك رضي الله عنه أن عمر رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب وقال : (اللهم إنا كنا نستسقي إليك بنبينا فتسقينا
وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا ، فيسقون) هل هو صحيح؟
وهل يدل على جواز التوسل بجاه الأولياء؟
الجواب:
الحمد لله
"هذا الحديث الذي أشار إليه السائل حديث صحيح رواه البخاري
لكن من تأمله وجد أنه دليل على عدم التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم ، أو غيره؛ وذلك أن التوسل هو اتخاذ وسيلة؛ والوسيلة هي الشيء الموصل إلى المقصود؛ والوسيلة المذكورة في هذا الحديث (نتوسل إليك بنبينا فتسقينا؛ وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا) المراد بها التوسل إلى الله تعالى بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم
كما قال الرجل : (يا رسول الله ، هلكت الأموال ، وانقطعت السبل ، فادع الله يغيثنا) ولأن عمر قال للعباس : (قم يا عباس فادع الله ، فدعا)
ولو كان هذا من باب التوسل بالجاه لكان عمر رضي الله عنه يتوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يتوسل بالعباس؛ لأن جاه النبي صلى الله عليه وسلم أعظم عند الله من جاه العباس، وغيره
فلو كان هذا الحديث من باب التوسل بالجاه لكان الأجدر بأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أن يتوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم، دون جاه العباس بن عبد المطلب .
والحاصل : أن التوسل إلى الله تعالى بدعاء من ترجى فيه إجابة الدعاء لصلاحه لا بأس به؛ فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يتوسلون إلى الله تعالى بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لهم
وكذلك عمر رضي الله عنه توسل بدعاء العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه ، فلا بأس إذا رأيت رجلاً صالحاً حرياً بالإجابة لكون طعامه وشرابه وملبسه ومسكنه حلالاً وكونه معروفاً بالعبادة والتقوى
لا بأس أن تسأله أن يدعو الله لك بما تحب ، بشرط أن لا يحصل في ذلك غرور لهذا الشخص الذي طلب منه الدعاء ، فإن حصل منه غرور بذلك فإنه لا يحل لك أن تقتله وتهلكه بهذا الطلب منه؛ لأن ذلك يضره.
كما أنني أيضاً أقول : إن هذا جائز؛ ولكنني لا أحبذه ، وأرى أن الإنسان يسأل الله تعالى بنفسه دون أن يجعل له واسطة بينه وبين الله
وأن ذلك أقوى في الرجاء، وأقرب إلى الخشية، كما أنني أيضاً أرغب من الإنسان إذا طلب من أخيه الذي ترجى إجابة دعائه أن يدعو له ،
أن ينوي بذلك الإحسان إليه - أي إلى هذا الداعي - دون دفع حاجة هذا المدعو له؛ لأنه إذا طلبه من أجل دفع حاجته صار كسؤال المال وشبهه المذموم
أما إذا قصد بذلك نفع أخيه الداعي بالإحسان إليه - والإحسان إلى المسلم يثاب عليه المرء كما هو معروف - كان هذا أولى وأحسن . والله ولي التوفيق" انتهى .
"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (2/277) .
ولمزيد الفائدة حول حديث توسل عمر بالعباس رضي الله عنهما ، وبيان أن هذا التوسل كان بدعائه ، لا بجاهه
انظر كتاب "التوسل" للشيخ الألباني رحمه الله ص (50-68) .
*عبدالرحمن*
2018-08-04, 17:32
هاشمية من آل البيت تشعر بتميزها عن الناس وتعاملهم بما لا يليق !
السؤال:
أنا عندي مشكلة وهي : أنا هاشمية ، ويرجع نسبي إلى " جعفر الطيار " ، وعندما أذهب إلى أناس ليسوا من آل البيت ، أو يقوم أحد بخطبتي ليس من آل البيت : أحس أنهم أقل منِّي
وما أقدر أتحدث إليهم ، وإذا يوجد مجلس : أخرج منه ، ولكن والدي ، ومن حولي من أهلي ينصحوني
هل هذا الشيء يعد تفاخراً ، وجاهلية ، ولكن الله قال في كتابه العزيز ( وجعلناكم شعوبا وقبائل ) ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
اعلمي ـ يا أمة الله ـ أن أصل الناس جميعاً واحد ، وكل خلق الله من البشر فأبوهم آدم ، وأمهم حواء
وقد ذكَّرنا الله تعالى بهذا في مواضع من كتابه ، وكذا جاء ذلك في السنَّة النبوية ، ومن الحكَم في ذلك : ترك التفاخر بالأنساب ، والتطاول على الناس ، وازدراؤهم .
وما جعل الله تعالى الناس شعوباً وقبائل إلا لأجل أن يعرف بعضهم بعضاً بتميز القبيلة والجنس ، كالتميز بالاسم ، لا لأجل التفاخر بعربيته ، أو بقبيلته ، أو بجنسه ، أو بلغته .
وكون الإنسان هاشميّاً لا يرفعه عند ربه تعالى ، وليس هو مجال المفاضلة بين الناس ؛ لأن نسب الإنسان وهبي من الله ليس كسبيّاً ، والكافر من بني هاشم سيكون حطب جهنم ، والعبد الأعجمي المسلم قد يكون مأواه الفردوس الأعلى .
وقد جمع الله تعالى تلك الأشياء الثلاثة في سياق واحد ، وآية واحدة ، هي نفس الآية التي وردت في سؤالك ، لكن يبدو أنك لم تتأمليها بما يكفي لفهمها .
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الحجرات/ 13 .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله -
:
" لمَّا كان قوله تعالى : ( إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى ) يدل على استواء الناس في الأصل ؛ لأن أباهم واحد ، وأمهم واحدة ، وكان في ذلك أكبر زاجر عن التفاخر بالأنساب
وتطاول بعض الناس على بعض : بيَّن تعالى أنه جعلهم شعوباً ، وقبائل لأجل أن يتعارفوا ، أي : يعرف بعضُهم بعضاً ، ويتميز بعضهم عن بعض ، لا لأجل أن يفتخر بعضهم على بعض
ويتطاول عليه ، وذلك يدل على أن كون بعضهم أفضل من بعض ، وأكرم منه : إنما يكون بسبب آخر غير الأنساب
وقد بيَّن الله ذلك هنا بقوله : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) فاتضح من هذا : أن الفضل ، والكرم ، إنما هو بتقوى الله ، لا بغيره من الانتساب إلى القبائل ، ولقد صدق من قال :
فقد رفع الإسلام سلمان فارس *** وقد وضع الكفر الشريف أبا لهب
وقد ذكروا أن سلمان رضي الله عنه كان يقول :
أبي الإسلام لا أب لي سواه *** إذا افتخروا بقيس أو تميم
وهذه الآيات القرآنية ، تدل على أن دين الإسلام سماوي صحيح ، لا نظر فيه إلى الألوان ، ولا إلى العناصر ، ولا إلى الجهات ، وإنما المعتبر فيه : تقوى الله جل وعلا ، وطاعته
فأكرم الناس ، وأفضلهم : أتقاهم لله ، ولا كرم ، ولا فضل لغير المتقي ، ولو كان رفيع النسب " انتهى .
" أضواء البيان " ( 7 / 417 ، 418 ) .
ثانياً :
ولا يشك مسلم أن الله تعالى قد فضَّل أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم بفضائل متعددة ، وأوجب علينا محبتهم ، ورعايتهم ، لكن ننبه على أن ذلك للمؤمن منهم ، لا لكل منتسب إليهم
وأن هذه الفضائل لا تدعو للتفاخر ، بل تدعو لشكر المنعِم عز وجل ، واحترام الآخرين ، وتقدير تلك المحبة والرعاية منهم .
ولما كان الفخر بالأنساب من كبائر الذنوب : وجب عليك التنبه لنفسك في موقفك مع الآخرين ، وطريقة تعاملك معهم ، وقد ورد النهي عن التفاخر بالأنساب في أحاديث كثيرة :
1. منها : حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَل قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالآْبَاءِ ، مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ
وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ ، أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ ، لَيَدَعَنَّ رِجَالٌ فَخْرَهُمْ بِأَقْوَامٍ ، إِنَّمَا هُمْ فَحْمٌ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ ، أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الْجِعْلاَنِ الَّتِي تَدْفَعُ بِأَنْفِهَا النَّتِنَ )
رواه الترمذي ( 3270 ) ، وأبو داود ( 5116 ) وحسَّنه الألباني في " صحيح الترمذي " .
والعبية - بضم العين وكسرها - : الكبر والفخر ، الجِعلان : دويبة سوداء ، كالخنفساء تدير الخراء بأنفها .
قال المباركفوري – رحمه الله - :
" قال الخطَّابي : معناه
: أن الناس رجلان : مؤمن تقي فهو الخيِّر الفاضل ، وإن لم يكن حسيباً في قومه ، وفاجر شقي فهو الدني وإن كان في أهله شريفاً رفيعاً . انتهى .
وقيل : معناه أن المفتخر إما مؤمن تقي ، فإذن لا ينبغي له أن يتكبر على أحد ، أو فاجر شقي فهو ذليل عند الله ، والذليل لا يستحق التكبر ، فالتكبر منفي بكل حال "
انتهى نقلاً من " تحفة الأحوذي " ( 10 / 317 ) .
2. ومنها : حديث أبي مالك الأشعري رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لاَ يَتْرُكُونَهُنَّ : الْفَخْرُ فِي الأَْحْسَابِ ، وَالطَّعْنُ فِي الأَْنْسَابِ ، وَالاِسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ ، وَالنِّيَاحَةُ ) رواه مسلم ( 934 ) .
قال عبد الرؤوف المناوي – رحمه الله - :
" ( أربع ) أي خصال أربع كائنة .
( في أمتي من أمر الجاهلية ) أي : من أفعال أهلها .
( الفخر في الأحساب ) أي : الشرف بالآباء ، والتعاظم بمناقبهم .
( والطعن في الأنساب ) أي : الوقوع فيها بنحو قدح ، أو ذم .
( والاستسقاء بالنجوم ) أي : اعتقاد أن نزول المطر بنجم كذا .
( والنياحة ) أي : رفع الصوت بندب الميت ، وتعديد شمائله .
فالأربع : محرَّمات ، ومع ذلك لا تتركها هذه الأمة ، أي : أكثرهم ، مع العلم بتحريمها " انتهى .
" التيسير بشرح الجامع الصغير " ( 1 / 273 ) .
فأعيدي النظر في طريقة تعاملك مع الناس ، ولا يحل لك ازدراء أحد من الناس ، وما أنتِ فيه من نعمة من انتسابك لأهل البيت ليس لك فيه كسب ، وإنما الفضل الحقيقي بما تعملينه ، وتكسبينه من الصالحات :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ ) رواه مسلم (2699) .
قال النووي رحمه الله :
" مَعْنَاهُ : مَنْ كَانَ عَمَله نَاقِصًا , لَمْ يُلْحِقهُ بِمَرْتَبَةِ أَصْحَاب الْأَعْمَال , فَيَنْبَغِي أَلَّا يَتَّكِل عَلَى شَرَف النَّسَب , وَفَضِيلَة الْآبَاء , وَيُقَصِّر فِي الْعَمَل "
انتهى من شرح صحيح مسلم .
وإن بقيتِ على حالك هذه : صارت تلك النعمة نقمة ، وخسرتِ أشياء كثيرة ، فتضيع عليك حسناتك ، وتأخذين سيئات غيرك ، وهذا هو عين الإفلاس :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا ، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ ؛ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ ؛ التَّقْوَى هَاهُنَا ـ وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ـ
. بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ ) .
وليكن قدوتك سيد آل البيت جميعاً ، وهو النبي صلى الله عليه وسلم ، فكيف كان يعامل الكبار ، وكيف كان رحيماً بالصغار ، وكيف كان يصبر على الأعراب ، ويقدِّم العجمي – كسلمان الفارسي لدينه –
وليس في منهج حياته اعتبار لنسبه في تعامله مع الآخرين ، وهذه حياته بين يديك ، قلبي صفحاتها ، وتأملي معانيها ، واستغرقي في أحوالها : فلن تجدي حرفاً منها يماثل ، ولا يقارب ما أنت عليه من حال .
نسأل الله أن يوفقك لما يحب ويرضى ، وأن ييسر أمرك ، ويهدي قلبك .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-08-04, 17:49
ما فضل آل البيت ؟
وهل يشفعون في الناس يوم القيامة ؟
السؤال :
ما فضل آل البيت على غيرهم من الناس ؟
وهل يشفعون في الناس يوم القيامة ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
قد بينّا في جواب السؤال في موضوع
رد الشبهات عن صحابه الرسول صلي الله عليه وسلم
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2129653
من هم آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ـ، ومما قلناه في آخر الجواب :
فيصبح آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم هم : أزواجه ، وذريته ، وبنو هاشم ، وبنو عبد المطلب ، ومواليهم .
انتهى
ثانياً:
قد جعل الله تعالى لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم فضائل متعددة ، واتفق أهل السنَّة والجماعة على وجوب محبتهم ، ورعاية حقهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
وكذلك " آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم " لهم من الحقوق ما يجب رعايتها ؛ فإن الله جعل لهم حقّاً في الخُمس ، والفيء ، وأمر بالصلاة عليهم مع الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال لنا : ( قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد . وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ) .
" مجموع الفتاوى " ( 3 / 407 ) .
وقال – أيضاً - :
وكذلك " أهل بيت رسول الله " تجب محبتهم ، وموالاتهم ، ورعاية حقهم .
" مجموع الفتاوى " ( 28 / 491 ) .
ثالثاً:
ومن فضائل آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم :
1. قال تعالى : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً . وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) الأحزاب/ 32،33 .
وليس هذا الفضل خاصّاً بنسائه رضي الله عنه ، بل قد دخل فيه غيرهنَّ بالسنَّة الصحيحة :
عن عائشةَ رضي الله عنها قالت : خرج النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غداةً وعليه مِرْطٌ مُرَحَّل مِن شَعر أسود ، فجاء الحسن بن علي فأدخله ، ثمَّ جاء الحُسين فدخل معه ، ثمَّ جاءت فاطمةُ فأدخلَها
ثمَّ جاء عليٌّ فأدخله ، ثمَّ قال : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) .
رواه مسلم ( 2424 ) .
2. وقال تعالى : ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) الأحزاب/ من الآية6.
3. وعن وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَعِيلَ وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ ) .
رواه مسلم ( 2276 ) .
4. وعن زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ : قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى " خُمًّا " بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ ، فَحَمِدَ اللَّهَ ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَوَعَظَ ، وَذَكَّرَ
ثُمَّ قَالَ : ( أَمَّا بَعْدُ أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ ) فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ : ( وَأَهْلُ بَيْتِي
أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ، أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ، أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ) .
رواه مسلم ( 2408 ) .
وقد رعى هذه الوصية أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلى رأسهم : أبو بكر الصدِّيق ، وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما :
روى البخاري ( 3508 ) ومسلم ( 1759 ) أنَّ أبا بكر رضي الله عنه قال لعليٍّ رضي الله عنه : " والذي نفسي بيدِه لَقرابةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبُّ إليَّ أنْ أَصِلَ من قرابَتِي " .
وروى البخاريُّ في صحيحه أيضاً ( 3509 ) عن أبي بكر رضي الله عنه أيضاً قوله : " ارقُبُوا محمَّداً صلى الله عليه وسلم في أهل بيته " .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
قوله ارقبوا محمدا في أهل بيته يخاطب بذلك الناس ويوصيهم به والمراقبة للشيء المحافظة عليه يقول احفظوه فيهم فلا تؤذوهم ولا تسيئوا إليهم .
" فتح الباري " ( 7 / 79 ) .
وأما تقدير عمر بن الخطاب رضي الله عنه لقرابة النبي صلى الله عليه وسلم : فقد بانت في أمور ، ومنها تقديمهم في العطاء على نفسه ، وعلى الناس غيرهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
وأيضاً فإنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه لمَّا وضع ديوان العطاء : كتب الناس على قدر أنسابهم ، فبدأ بأقربهم نسباً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلمَّا انقضت العرب ذكر العجم ، هكذا كان الديوان على عهد الخلفاء الراشدين ، وسائر الخلفاء من بني أمية ، وولد العباس ، إلى أن تغير الأمر بعد ذلك .
" اقتضاء الصراط المستقيم " ( ص 159 ، 160 ) .
رابعاً:
ليس ثمة شفاعة خاصة بآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، بل هي عامة لكل من رضي الله تعالى شفاعته من الصالحين ، والشهداء ، والعلماء ، سواء كانوا من آل البيت ، أم من غيرهم من عموم الناس .
وفي جواب سؤال قلنا :
والشفاعة لأرباب الذنوب والمعاصي ليست خاصة بالنبي ، بل يشاركه فيها : الأنبياء ، والشهداء ، والعلماء ، والصلحاء ، والملائكة ، وقد يشفع للمرء عمله الصالح ، لكن للنبي صلى الله عليه وسلم من أمر الشفاعة النصيب الأوفر .
انتهى
وبه يُعلم الرد على أهل الغلو من الرافضة الذين زعموا شفاعة خاصة بآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، بل ثبت في كتبهم أن آل البيت هم الذين يُدخلون الناس الجنَّة
والنَّار ! في قائمة طويلة من أصناف الغلو فيهم ، والذي مصدره جهلهم بدين الله تعالى ، والبُعد عن نصوص الوحي من الكتاب والسنَّة .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-08-04, 17:55
انتساب الرجل إلى بيت النبوة لا يوجب محبته إلا بالتقوى
السؤال:
عائلة زوجي تنتمي إلي قبيلة من الأشراف ( آل البيت )، وهم لا يعاملونني جيدا ، وأحس أنني أبغضهم ، وأقول عنهم كلاما سيئا ، فهل آثم لذلك ، وكيف أعاملهم إذا أخطؤوا في حقي
مع العلم أني أحب الرسول صلى الله عليه وسلم وزوجاته وآل بيته كثيرا ، بمعنى آخر إذا بغضت أشخاصا معينين من الأشراف لأسباب دنيوية هل آثم لذلك ، حتى ولو كنت أحب آل البيت عموما ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
مكانة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم – على وجه الإجمال – مكانة محفوظة معروفة ، يقررها أهل السنة في كثير من كتبهم ، ويستدلون عليها بكثير من الأدلة الصحيحة الثابتة في السنة النبوية .
ثانيا :
لكن فضل آل البيت الذي يستوجب التوقير والتكريم والرعاية خاص بالأتقياء والصالحين منهم ، ولا يشمل من كفر أو فسق أو ساءت أخلاقه وصفاته ، وذلك لأدلة كثيرة ، منها :
1. قول الله تعالى : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) الحجرات/13.
2. وقوله عز وجل : ( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ ) المؤمنون/101
فتأمل كيف تقرر هذه الآيات أن الكرامة عند الله يوم القيامة ميزانها التقوى والعمل الصالح ، وأن النسب الشريف لا ينفع صاحبه إذا لم يلبس لباس التقوى.
3. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ ) رواه مسلم (2699)
ثالثا :
ننقل هنا تقرير العلماء أن النسب الشريف لا يرفع صاحبه بغير التقوى .
يقول الإمام النووي رحمه الله :
" معناه : من كان عمله ناقصا لم يلحقه بمرتبة أصحاب الأعمال ، فينبغي أن لا يتكل على شرف النسب وفضيلة الآباء ويقصر في العمل "
انتهى من " شرح مسلم " (17/22-23)
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" لا ريب أنه لآل محمد صلى الله عليه وسلم حقا على الأمة لا يشركهم فيه غيرهم ، ويستحقون من زيادة المحبة والموالاة ما لا يستحقه سائر بطون قريش...وأما ترتيب الثواب والعقاب على القرابة
ومدح الله عز وجل للشخص المعين وكرامته عند الله تعالى ، فهذا لا يؤثر فيه النسب ، وإنما يؤثر فيه الإيمان والعمل الصالح ، وهو التقوى
كما قال تعالى : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم )
وفي الصحيح ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل : أي الناس أكرم ؟ فقال : أتقاهم )
ولهذا أثنى الله في القرآن على السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ، وأخبر أنه رضي عنهم ، كما أثنى على المؤمنين عموما .
فكون الرجل مؤمنا وصف استحق به المدح والثواب عند الله ، وأما نفس القرابة فلم يعلق بها ثوابا ولا عقابا ، ولا مدح أحدا بمجرد ذلك .
وهذا لا ينافي ما ذكرناه من أن بعض الأجناس والقبائل أفضل من بعض ، فإن هذا التفضيل معناه
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الناس معادن كمعادن الذهب والفضة خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ) فالأرض إذا كان فيها معدن ذهب ومعدن فضة كان معدن الذهب خيرا
لأنه مظنة وجود أفضل الأمرين فيه ، فإن قدر أنه تعطل ولم يخرج ذهبا ، كان ما يخرج الفضة أفضل منه .
فلا بد أن يوجد في الصنف الأفضل ما لا يوجد مثله في المفضول ، وقد يوجد في المفضول ما يكون أفضل من كثير مما يوجد في الفاضل ، كما أن الأنبياء الذين ليسوا من العرب أفضل من العرب الذين ليسوا بأنبياء
والمؤمنون المتقون من غير قريش أفضل من القرشيين الذين ليسوا مثلهم في الإيمان والتقوى ، وكذلك المؤمنون المتقون من قريش وغيرهم أفضل ممن ليس مثلهم في الإيمان والتقوى من بني هاشم .
فهذا هو الأصل المعتبر في هذا الباب ، دون من ألغى فضيلة الأنساب مطلقا ، ودون من ظن أن الله تعالى يفضل الإنسان بنسبه على من هو مثله في الإيمان والتقوى ، فضلا عمن هو أعظم إيمانا وتقوى
فكلا القولين خطأ ، وهما متقابلان ، بل الفضيلة بالنسب فضيلة جملة ، وفضيلة لأجل المظنة والسبب ، والفضيلة بالإيمان والتقوى فضيلة تعيين وتحقيق وغاية ; فالأول يفضل به لأنه سبب وعلامة
ولأن الجملة أفضل من جملة تساويها في العدد ، والثاني يفضل به لأنه الحقيقة والغاية ، ولأن كل من كان أتقى لله كان أكرم عند الله
والثواب من الله يقع على هذا ، لأن الحقيقة قد وجدت ، فلم يعلق الحكم بالمظنة ، ولأن الله تعالى يعلم الأشياء على ما هي عليه ، فلا يستدل بالأسباب والعلامات .
فالاعتبار العام هو التقوى ، فكل من كان أتقى كان أفضل مطلقا ، وإذا تساوى اثنان في التقوى استويا في الفضل ، سواء كانا أو أحدهما غنيين أو فقيرين ، أو أحدهما غنيا والآخر فقيرا
وسواء كانا أو أحدهما عربيين أو أعجميين ، أو قرشيين أو هاشميين ، أو كان أحدهما من صنف والآخر من صنف آخر "
انتهى باختصار من " منهاج السنة " (4/599-608)
وينظر : "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/308-310)
" سلسلة الأحاديث الصحيحة " ، للشيخ الألباني رحمها الله (7/645) .
والحاصل مما سبق :
أنه لا حرج عليك في بغض أهل الأخلاق السيئة وإن انتسبوا إلى آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فمعقد المحبة والبغض والولاء والبراء هو الإيمان والتقوى ، وليس الأنساب والأحساب .
ولكننا نوصي دائما جميع المسلمين أن يقابلوا الإساءة بالإحسان ، وأن يصفحوا ويغفروا ويتجاوزوا لعل الله يتجاوز عنا وعنهم أجمعين .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-08-07, 17:16
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
هل الإصرار على فعل المحرم وحبه والتعلق به يدل على استحلاله ؟
السؤال:
معتقد أهل السنة والجماعة يقضي بعدم تكفير مرتكب الكبائر كالربا والزنا والسرقة ما لم يستحل ذلك ، فما المقصود بـ "يستحل" ؟
هل الاستحلال هنا مقتصر على النطق باللسان، أم أن الإصرار على تكرار الفعل دليل على استحلال الذنب وبالتالي تجري عليه أحكام الكفر؟ فهناك على سبيل المثال من يصر على شرب الخمر والزنا
وإذا ما ناصحته أقر بأنها معصية وجرم لكنه يتحجج بضعف الإيمان، فما حكم مثل هذا ؟ وما قول العلماء الأوائل في مثل هذه الحالة ؟
وهل حب المعصية كفيل بإيصال صاحبها إلى الكفر؟
فقد نجد على سبيل المثال شخصاً اعتاد قبل اعتناقه الإسلام على شرب الخمر والمخدرات والنساء ، وهو يعلم الآن أن الله حرم ذلك ومع هذا يستمر في معصيته بذريعة حبه لتلك الأشياء ، فما القول في مثل هذا ؟
أليست أفعاله مناقضة للإيمان؟
أم أنه يظل مسلماً عاصياً فحسب؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
الاستحلال : هو اعتقاد حل ما حرمه الله ، حتى وإن لم يقترن به العمل بذلك المحرم
فمن اعتقد حل شرب الخمر ، مثلا ، فقد استحله ، وحاصل هذا الاستحلال
: هو عدم التزام الشخص لما جاء به الشرع من تحريم ذلك الأمر المعين ، أو عدم التزام الشرع مطلقا ، وغالب ذلك إنما يكون عن غلبة هوى لذلك الشيء المحرم
فيصده الهوى الغالب عن التزام ما شرع الله ، والوقوف عند حدوده .
قال ابن القيم رحمه الله :
" المستحل للشئ: هو الذى يفعله معتقداً حله "
انتهى من "إغاثة اللهفان" (1/ 346)
واستحلال المحرم ، إن كان في شيء من المحرمات التي اجتهد فيها العلماء ، واختلفوا في حكمها ، نظرا لعدم ظهور الأدلة فيها ظهورا بينا : فلا يكون كفرا .
وإذا كان الاستحلال في شيء مما أجمع عليه العلماء ، وجاء تحريمه بالنصوص القطعية ، كتحريم الخمر والزنى : فإنه يكون كفرا .
ومثل ذلك : إن كان المستحل يعلم أن الشرع قد جاء بذلك ، وأن الخبر قد صح به عن النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى وإن لم يكن مجمعا عليه ، ولا هو من المعلوم من الدين بالضرورة ، لكنه قد علمه من شرع الله ، فلم يقبل ذلك ، ولم يستسلم له ، واستحل هذا الأمر المعين ، فإنه يكفر بذلك الاستحلال لما علم ثبوت الشرع به .
لكن إذا كان فاعل ذلك معذورا بتأويل أو شبهة ، أو كان حديث العهد بالإسلام ، ولا يعلم ما جاء به الشرع من تحريم ذلك ، فإنه لا يكفر به .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (3/ 236)
" الاِسْتِحْلاَل: اعْتِبَارِ الشَّيْءِ حَلاَلاً، فَإِنْ كَانَ فِيهِ تَحْلِيل مَا حَرَّمَهُ الشَّارِعُ : فَهُوَ حَرَامٌ، وَقَدْ يَكْفُرُ بِهِ إِذَا كَانَ التَّحْرِيمُ مَعْلُومًا مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ.
فَمَنِ اسْتَحَل عَلَى جِهَةِ الاِعْتِقَادِ مُحَرَّمًا - عُلِمَ تَحْرِيمُهُ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ - دُونَ عُذْرٍ: يَكْفُرُ.
وَسَبَبُ التَّكْفِيرِ بِهَذَا : أَنَّ إِنْكَارَ مَا ثَبَتَ ضَرُورَةً أَنَّهُ مِنْ دِينِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فِيهِ تَكْذِيبٌ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ ضَرَبَ الْفُقَهَاءُ أَمْثِلَةً لِذَلِكَ بِاسْتِحْلاَل الْقَتْل وَالزِّنَى ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ ، وَالسِّحْرِ .
وَقَدْ يَكُونُ الاِسْتِحْلاَل حَرَامًا، وَيَفْسُقُ بِهِ الْمُسْتَحِل، لَكِنَّهُ لاَ يَكْفُرُ، كَاسْتِحْلاَل الْبُغَاةِ أَمْوَال الْمُسْلِمِينَ وَدِمَاءَهُمْ. وَوَجْهُ عَدَمِ التَّكْفِيرِ أَنَّهُمْ مُتَأَوِّلُونَ " انتهى .
وقال ابن قدامة رحمه الله :
" مَنْ اعْتَقَدَ حِلَّ شَيْءٍ أُجْمِعَ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَظَهَرَ حُكْمُهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَزَالَتْ الشُّبْهَةُ فِيهِ لِلنُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِيه ِ، كَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَالزِّنَى، وَأَشْبَاهِ هَذَا، مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ كُفِّرَ .
وَإِنْ اسْتَحَلَّ قَتْلَ الْمَعْصُومِينَ ، وَأَخْذَ أَمْوَالِهِمْ، بِغَيْرِ شُبْهَةٍ وَلَا تَأْوِيلٍ فَكَذَلِكَ. [يعني: أنه يكفر].
وَإِنْ كَانَ بِتَأْوِيلٍ، كَالْخَوَارِجِ فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ أَكْثَرَ الْفُقَهَاءِ لَمْ يَحْكُمُوا بِكُفْرِهِمْ ، مَعَ اسْتِحْلَالِهِمْ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالَهُمْ ، وَفِعْلِهِمْ لِذَلِكَ مُتَقَرِّبِينَ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى .
وَقَدْ عُرِفَ مِنْ مَذْهَبِ الْخَوَارِجِ تَكْفِيرُ كَثِيرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَاسْتِحْلَالُ دِمَائِهِمْ، وَأَمْوَالِهِمْ، وَاعْتِقَادُهُمْ التَّقَرُّبَ بِقَتْلِهِمْ إلَى رَبِّهِمْ، وَمَعَ هَذَا لَمْ يَحْكُمْ الْفُقَهَاءُ بِكُفْرِهِمْ ؛ لِتَأْوِيلِهِمْ...
. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ شَرِبَ الْخَمْرَ مُسْتَحِلًّا لَهَا ، فَأَقَامَ عُمَرُ عَلَيْهِ الْحَدَّ ، وَلَمْ يُكَفِّرْهُ . وَكَذَلِكَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلٍ ، وَجَمَاعَةٌ مَعَهُ، شَرِبُوا الْخَمْرَ بِالشَّامِ مُسْتَحِلِّينَ لَهَا، مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا) المائدة/ 93 الْآيَة.
فَلَمْ يُكَفَّرُوا، وَعُرِّفُوا تَحْرِيمَهَا، فَتَابُوا، وَأُقِيمَ عَلَيْهِمْ الْحَدُّ.
وَكَذَلِكَ كُلُّ جَاهِلٍ بِشَيْءٍ يُمْكِنُ أَنْ يَجْهَلَهُ لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ حَتَّى يُعَرَّفَ ذَلِكَ، وَتَزُولَ عَنْهُ الشُّبْهَةُ، وَيَسْتَحِلَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ "
انتهى من "المغني" (9/ 11-12) .
*عبدالرحمن*
2018-08-07, 17:17
ثانيا :
الإصرار على فعل كبيرة من كبائر الذنوب ، لا يكون استحلالا لها ما دام الفاعل لها يعتقد أنها حرام ، فلا يحكم عليه بالكفر ، ولكن يحكم عليه بالفسق وبضعف الإيمان .
قال الخطيب الشربيني رحمه الله :
" الْكَبِيرَة لَا تَصِيرُ بِالْمُوَاظَبَةِ كُفْرًا "
انتهى من "مغني المحتاج" (6/ 346) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" إذا أقام على المعاصي فهو تحت مشيئة الله : قد يغفر له ، وقد يدخل النار بذنوبه التي أصر عليها ولم يتب ، حتى إذا طهر ونقي منها ، أخرج من النار إلى الجنة " .
انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (26/ 80) .
وقال الشيخ صالح الفوزان :
" الإصرار على الكبيرة التي هي دون الشرك لا يصير المصر عليها كافرا ، لأنها ما دامت دون الشرك ودون الكفر : فإنه يعتبر فاسقا ولا يخرج من الملة ، ولو أصر عليها " .
انتهى من "مؤلفات الفوزان" بترقيم المكتبة الشاملة (7/143).
فمن أصر على الزنا أو شرب الخمر لا يكون بمجرد إصراره مستحلا لما حرم الله ، حتى يعتقد أن الذي يفعله حلالٌ ليس بحرام ، فذاك المستحل .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" العبد إذا فعل الذنب مع اعتقاد أن الله حرمه عليه ، واعتقاد انقياده لله فيما حرمه وأوجبه : فهذا ليس بكافر
.
فأما إن اعتقد أن الله لم يحرمه ، أو أنه حرمه لكن امتنع من قبول هذا التحريم ، وأبى أن يذعن لله وينقاد : فهو إما جاحد ، أو معاند .
ولهذا قالوا: من عصى مستكبرا كإبليس كفر بالاتفاق .
ومن عصى مشتهيا لم يكفر عند أهل السنة والجماعة، وإنما يكفره الخوارج .
فإن العاصي المستكبر وإن كان مصدقا بأن الله ربه ، فإن معاندته له ومحادته تنافي هذا التصديق.
وبيان هذا : أن من فعل المحارم مستحلا لها فهو كافر بالاتفاق ، فإنه ما آمن بالقرآن من استحل محارمه ، وكذلك لو استحلها بغير فعل .
والاستحلال : اعتقاد أنها حلال له ، وذلك يكون تارة باعتقاد أن الله أحلها ، وتارة باعتقاد أن الله لم يحرمها ، وتارة بعدم اعتقاد أن الله حرمها . وهذا يكون لخلل في الإيمان بالربوبية ، أو لخلل في الإيمان بالرسالة ، ويكون جحدا محضا غير مبني على مقدمة .
وتارة يعلم أن الله حرمها ، ويعلم أن الرسول إنما حرم ما حرمه الله ، ثم يمتنع عن التزام هذا التحريم، ويعاند المحرِّم فهذا أشد كفرا ممن قبله .
وقد يكون هذا مع علمه أن من لم يلتزم هذا التحريم عاقبه الله وعذبه .
ثم إن هذا الامتناع والإباء : إما لخلل في اعتقاد حكمة الآمر ، وقدرته، فيعود هذا إلى عدم التصديق بصفة من صفاته .
وقد يكون مع العلم بجميع ما يصدق به ، تمردا
أو اتباعا لغرض النفس ؛ وحقيقته : كفر هذا، لأنه يعترف لله ورسوله بكل ما أخبر به ، ويصدق بكل ما يصدق به المؤمنون ، لكنه يكره ذلك ويبغضه ويسخطه ، لعدم موافقته لمراده ومشتهاه ، ويقول: أنا لا أقر بذلك ، ولا ألتزمه ، وأبغض هذا الحق ، وأنفر عنه
فهذا نوع غير النوع الأول، وتكفير هذا معلوم بالاضطرار من دين الإسلام، والقرآن مملوء من تكفير مثل هذا النوع ، بل عقوبته أشد " .
انتهى من "الصارم المسلول" (3/971) .
فيستفاد من هذا أن : محبة المعصية نوعان :
النوع الأول : ما كان من باب غلبة الهوى والشهوة على النفس ، فيفعل المعصية ويأتيها وهو يحبها ، لكنه يعتقد أنها حرام ، ويرجو أن يتوب منها :
فهذا فاسق وليس بكافر ، ومحبته للمعصية دليل على ضعف إيمانه ، إلا أنها لا تناقض الإيمان بالكلية .
النوع الثاني : ما كان بسبب بغض الشرع وعدم الرضا به ، أو التكبر على الانقياد له : فهذا كفر ، وهو مناقض للإيمان .
قال تعالى : ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) النساء/ 65 .
وقال تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) محمد/ 8، 9 .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
الاستحلال: هو أن يعتقد حِلَّ ما حرمه الله .
وأما الاستحلال الفعلي فينظر: إن كان هذا الاستحلال مما يكفِّر فهو كافر مرتد، فمثلاً لو أن الإنسان تعامل بالربا، ولا يعتقد أنه حلال لكنه يصر عليه
فإنه لا يكفر؛ لأنه لا يستحله ، ولكن لو قال : إن الربا حلال ، ويعني بذلك الربا الذي حرمه الله فإنه يكفر ؛ لأنه مكذب لله ورسوله .
الاستحلال إذاً: استحلال فعلي واستحلال عقدي بقلبه.
فالاستحلال الفعلي: ينظر فيه للفعل نفسه ، هل يكفر أم لا ؟
ومعلوم أن أكل الربا لا يكفر به الإنسان ، لكنه من كبائر الذنوب ، أما لو سجد لصنم فهذا يكفر لماذا ؟ لأن الفعل يكفر؛ هذا هو الضابط
ولكن لابد من شرط آخر وهو: ألا يكون هذا المستحل معذوراً بجهله، فإن كان معذوراً بجهله فإنه لا يكفر، مثل أن يكون إنسان حديث عهد بالإسلام لا يدري أن الخمر حرام، فإن هذا وإن استحله فإنه لا يكف
حتى يعلم أنه حرام؛ فإذا أصر بعد تعليمه صار كافراً " .
انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (50/ 16) بترقيم الشاملة .
وقال أيضا :
" من كره ما جاء به النبي صلّى الله عليه وسلّم أو شيء منه فهو مرتد، قال تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) ، ولا يحبط العمل إلاَّ بالردة " .
انتهى من "الشرح الممتع" (15/ 66) .
ثالثا :
فعل المعصية ومحبتها والإصرار عليها وإن لم يكن كفرا ، إلا أنه يُخشى أن يجر صاحبه إلى الكفر ، فلا تزال المعاصي تفسد قلبه وتُظلِمُه شيئا فشيئا ، حتى ربما قادته إلى الكفر ، والعياذ بالله .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْمَعْصِيَةَ قَدْ تَكُونُ سَبَبًا لِلْكُفْرِ، كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: الْمَعَاصِي بَرِيدُ الْكُفْرِ [يعني : مقدمة الكفر وموصلة إليه] . فَيَنْهَى عَنْهَا خَشْيَةَ أَنْ تُفْضِيَ إلَى الْكُفْرِ الْمُحْبِطِ " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (7/ 494) .
والحاصل :
أن من التزم ما جاء به شرع الله ، وأذعن له ، ورضي به : فإنه لا يكفر بمجرد فعل المعصية ، حتى وإن أصر عليها ، ولم يتب منها .
وإنما يكفر من رد شرع الله في ذلك ، ولم يقبل تحريمه للمعصية ، أو كرهه ، ولم يذعن له .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-07, 17:22
الإصرار على المعصية هل يؤدي إلى كفر الإعراض
السؤال
: هل بعض أوجه الإصرار على المعصية يمكن أن تؤدي إلى كفر الإعراض ( نرجو منكم جزاكم الله بخير إمدادنا بأسماء بعض الكتب التي تطرقت لهذا الموضوع )
2- هل بعض أوجه الإصرار على المعصية تؤدي إلى استحلال المعصية ؟
الجواب :
الحمد لله
كفر الإعراض عرفه ابن القيم رحمه الله بقوله :
" وأما كفر الإعراض: فأن يعرض بسمعه وقلبه عن الرسول لا يصدقه ولا يكذبه ، ولا يواليه ولا يعاديه ، ولا يصغي إلى ما جاء به ألبتة".
انتهى . من " مدارج السالكين" (1/ 346) .
وقال أيضا :
" الثالث: كفر إعراضٍ محض، لا ينظر فيما جاء به الرسول، ولا يحبه ولا يبغضه، ولا يواليه ولا يعاديه، بل هو معرض عن متابعته ومعاداته "
انتهى من " مفتاح دار السعادة" (1/ 94).
وعرفه الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله بقوله في بيان نواقض الإسلام: " العاشر : الإعراض عن دين الله تعالى ، لا يتعلمه ولا يعمل به " انتهى .
فما ذكره ابن القيم رحمه الله هو في الإعراض الذي يحصل من الكافر ويمنعه من الدخول في الإسلام . وما ذكره الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله عام فيما يقع من الكافر : فيمنعه من الإسلام علما وعملا
وما يقع من المسلم فيرتد به عن الإسلام ، ولهذا جعله من النواقض.
ولا علاقة لهذا الناقض بالإصرار على المعصية التي هي دون الشرك والكفر ، ولا نعلم وجها من الوجوه يجعل الإصرار على المعصية كفرا .
والذي عليه أهل السنة والجماعة أن المصر على المعصية فاسق لا كافر ، وأنه لا يكفر أحد من أهل القبلة بذنب - دون الشرك - ما لم يستحله .
والاستحلال نوعان :
الأول : استحلال في الظاهر ، كأن يصرح بأن الحرام حلال ، فيكفر بذلك ظاهرا وباطنا .
والثاني : استحلال في الباطن ، كأن يعتقد حل شيء من المحرمات المجمع على تحريمها ، من غير شبهة ، دون أن يصرح بذلك في الظاهر
فيكفر فيما بينه وبين الله ، ويثبت له حكم الإسلام ظاهرا ؛ لعدم الاطلاع على كفره ، وشأنه في ذلك شأن المنافق الذي يبطن الكفر ويظهر الإسلام .
والإصرار لا يدل على الاستحلال ، فكم من عاص تغلبه الشهوة ، فيستمر على الذنب مع اعتقاده تحريمه ، وكراهة قلبه له .
وقد روى البخاري (6780) عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ اللَّهُمَّ الْعَنْهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَلْعَنُوهُ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ .
والإنسان يعلم هذا من نفسه ، فقد يبتلى بذنب يقيم عليه ، مع اعتقاده تحريمه ، ورجائه التخلص منه .
لكن الذي يخشى على المصر على ذنب من غير توبة أن يختم لصاحبه بخاتمة السوء والعياذ بالله ، أو يتشرب قلبه ما أصر عليه من المعصية ، فيؤول أمره إلى أن ينحل من قلبه ما يجب عليه من اعتقاد تحريمها ، فيستحل الذنب من كثرة إلفه وحبه له .
ولهذا قال من قال من السلف : إن المعاصي بريد الكفر ، فيُخشى على المصر أن يستهين بالمعصية ، ويجريها مجرى المباحات دون كراهة لها ، أو خوف من عاقبتها ، فينتقض إيمانه باطنا .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
: " الإنسان لا يفعل الحرام إلا لضعف إيمانه ومحبته ، وإذا فعل مكروهات الحق فلضعف بعضها في قلبه ، أو لقوة محبتها التي تغلب بعضها
فالإنسان لا يأتي شيئا من المحرمات ، كالفواحش ما ظهر منها وما بطن ، والإثم والبغي بغير الحق ، والشرك بالله ما لم ينزل به سلطانا ، والقول على الله بغير علم : إلا لضعف الإيمان في أصله
أو كماله ، أو ضعف العلم والتصديق ، وإما ضعف المحبة والبغض . لكن إذا كان أصل الإيمان صحيحا وهو التصديق ، فإن هذه المحرمات يفعلها المؤمن مع كراهته وبغضه لها
فهو إذا فعلها لغلبة الشهوة عليه ، فلا بد أن يكون مع فعلها : فيه بغض لها ، وفيه خوف من عقاب الله عليها ، وفيه رجاء لأن يخلص من عقابها ، إما بتوبة وإما حسنات
وإما عفو ، وإما دون ذلك ، وإلا فإذا لم يبغضها ، ولم يخف الله فيها ، ولم يرج رحمته ، فهذا لا يكون مؤمنا بحال ، بل هو كافر أو منافق "
انتهى من "قاعدة في المحبة" ص 104
والحاصل أن الإصرار على المعصية ذنب كبير ، لكنه لا يكون كفرا إلا بالاستحلال ، والإصرار ليس دليلا على الاستحلال ، لكنه قد يقود إليه ، نسأل الله العافية .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-07, 17:33
متى يكون اتباع الهوى شركا أكبر ومتى يكون معصية
السؤال
هل يصح ان نطلق على من يتبع هواه ويحب لأجله ويبغض لأجله ويحكم به ويخاف منه بأنه كافر خارج من الملة ؟
مستدلين بقوله تعالى : ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ) الجاثية/23 ؛
فعلى سبيل المثال : لو أن رجلاً يحب الزنا حباً شديداً ويترك الصلاة من أجله، وإذا دعي للجهاد في سبيل الله تقاعس وأخلد إلى الأرض لأنه يخاف أن تفوته لذة الزنا، وإذا قيل له صم شهر رمضان رفض
لأنه لا يريد أن ينقطع عن الزنا، وإذا قيل له حج بيت الله رفض لأنه لا يريد أن يطهّر نفسه من الزنا ... وليس نادماً على ذلك كله ، ويرفض أن يتوب ؛ فهل يمكن ان يصنف مثل هذا الشخص بأنه كافر؟
الجواب :
الحمد لله
ذم الله اتباع الهوى في مواضع كثيرة من كتابه ،
منها قوله تعالى : ( أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ) الفرقان/43
وقوله : ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ) الجاثية/23
وقوله : ( فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) القصص/50 .
واتباع الهوى ليس على منزلة واحدة ، فمنه ما يكون كفرا أو شركا أكبر ، ومنه ما يكون كبيرة ، ومنه ما يكون صغيرة من الصغائر .
فإن اتبع هواه حتى قاده إلى تكذيب الرسول ، أو الاستهزاء به ، أو الإعراض عنه - كما هو واضح من سياق آيتي الفرقان والجاثية - فهذا مشرك شركا أكبر .
وهكذا كل من قاده الهوى إلى ارتكاب ما دلت الأدلة على أنه شرك أكبر أو كفر أكبر ، كدعاء الأموات ، أو جحد المعلوم بالضرورة ، أو ترك الصلاة ، أو استحلال الزنا أو الخمر .
وإن اتبع هواه فحلف بغير الله تعالى ، أو راءى بعمله ، فهو مشرك شركا أصغر .
وإن اتبع هواه ففعل بدعة غير مكفّرة فهو مبتدع .
وإن اتبع هواه ففعل كبيرة كالزنا أو شرب الخمر من غير استحلال ، فهو فاسق .
وإن اتبع هواه ففعل صغيرة ، فهو عاص غير فاسق .
وبهذا تعلم أن اتباع الهوى يقود إلى أمور متفاوتة ، فلا يصح أن يقال : إن من اتبع هواه فهو كافر بإطلاق .
ولفظ ( من اتخذ إلهه هواه ) تنطبق على من أتى الشرك الأكبر والأصغر ، فكل من تعلق بغير الله ، ففيه عبودية وتأله لهذا الغير ، وهذا قد يكون كفرا أكبر أو أصغر
ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى أن جميع المعاصي تدخل في الشرك بمفهومه العام لأن كل من عصى الله تعالى فهو متبع لهواه ، وعابد لهواه ، كما دل عليه قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ ) رواه البخاري (2887).
لكن الحكم على كون الفعل - الذي قاد الهوى إليه - كفرا أكبر أو أصغر يُرجع فيه إلى قواعد الشريعة وأدلتها التفصيلة الأخرى .
وإليك بعض كلام أهل العلم في ذلك .
قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في تفسيره "أضواء البيان"
: " قوله تعالى : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا ).
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية
: ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه ) أي : مهما استحسن من شيء ، ورآه حسنا في هوى نفسه : كان دينه ومذهبه . إلى أن قال : قال ابن عباس : كان الرجل في الجاهلية يعبد الحجر الأبيض زمانا ، فإذا رأى غيره أحسن منه عبد الثاني وترك الأول . انتهى منه .
وذكر صاحب «الدر المنثور» : أن ابن أبي حاتم وابن مردويه أخرجا عن ابن عباس أن عبادة الكافر للحجر الثاني مكان الأول هي سبب نزول هذه الآية ،
ثم قال صاحب «الدر المنثور» : وأخرج ابن مردويه عن أبي رجاء العطاردي ، قال : كانوا في الجاهلية يأكلون الدم بالعلهز ويعبدون الحجر ، فإذا وجدوا ما هو أحسن منه ، رموا به وعبدوا الآخر
فإذا فقدوا الآخر أمروا مناديا فنادى : أيها الناس إن إلهكم قد ضل فالتمسوه ، فأنزل الله هذه الآية : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه )
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه ) ، قال : ذلك الكافر اتخذ دينه بغير هدى من الله ولا برهان .
وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن الحسن : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه ) قال : لا يهوى شيئا إلا تبعه .
وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم عن قتادة : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه ) ، قال : كلما هوى شيئا ركبه ، وكلما اشتهى شيئا أتاه ، لا يحجزه عن ذلك ورع ولا تقوى .
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن ، أنه قيل له : أفي أهل القبلة شرك ؟ قال : نعم ، المنافق مشرك ، إن المشرك يسجد للشمس والقمر من دون الله ، وإن المنافق عبد هواه
ثم تلا هذه الآية : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا ) .
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ما تحت ظل السماء من إله يعبد من دون الله أعظم عند الله من هوى متبع ) ، انتهى محل الغرض من كلام صاحب «الدر المنثور» .
وإيضاح أقوال العلماء المذكورة في هذه الآية أن الواجب الذي يلزم العمل به ، هو أن يكون جميع أفعال المكلف مطابقة لما أمره به معبوده جل وعلا
فإذا كانت جميع أفعاله تابعة لما يهواه ، فقد صرف جميع ما يستحقه عليه خالقه من العبادة والطاعة إلى هواه ، وإذن فكونه اتخذ إلهه هواه في غاية الوضوح
" انتهى من "أضواء البيان".
*عبدالرحمن*
2018-08-07, 17:33
فأنت ترى فيما ذكره ابن عباس وأبي رجاء العطاردي والحسن وقتادة أن هذا المتخذ إلهه هواه ، عبد الحجر ، أو نافق ، أو ما هوى شيئا إلا ركبه وأتاه
وهذا الأخير يتضمن فعل الشرك والكفر ، فمن كانت جميع أفعاله راجعة للهوى ، فلابد أن يكون فاعلا للشرك والكفر تاركا لجميع الأعمال من صلاة وغيرها ، فلا إشكال في كون هذا مشركا شركا أكبر
ويكون تأليهه للهوى تأليها يخرجه عن الملة ، بخلاف من لم يصل به هواه إلى عبادة الحجر ، أو نحوه من صور الشرك الأكبر أو الكفر الأكبر .
وحديث : ( ما تحت ظل السماء من إله يعبد من دون ...)
حديث موضوع ، كما ذكر الألباني في السلسلة الضعيفة (14/ 90) ، وفي " ظلال الجنة " رقم (3) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في تفسير قوله تعالى
: ( أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ . مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ . الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ) ق/24- 26 :
" ( الذي جعل مع الله إلهاً ءاخر ) : ما أوسع هذه الكلمة ، وإذا كانت هذه الكلمة وصفاً للكفَّار العنيد ، فالمعنى أنه يعبد مع الله غيره ، وكلنا يعلم أن المشركين كانوا يعبدون مع الله غيره
فيعبدون اللات ، ويعبدون العزى ، ويعبدون مناة ، ويعبدون هبل ، وكل قوم لهم طاغية يعبدونها كما يعبدون الله ، يركعون لها ، ويسجدون لها ، ويحبونها كما يحبون الله
ويخافون منها كما يخافون من الله - نسأل الله العافية - هذا إذا جعلنا قوله تعالى : ( مع الله إلهاً آخر ) وصف لهذا الكفَّار العنيد.
أما إذا جعلناه أشمل من ذلك ، فإنها تعم كل إنسان تعبد لغير الله ، وتذلل لغير الله ، حتى التاجر الذي ليس له هم إلا تجارته وتنميتها ، فإنه عابد لها
حتى صاحب الإبل الذي ليس له هم إلا إبله هو عابد لها ، والدليل على أن من انشغل بشيء عن طاعة الله فهو عابد له ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة تعس عبد الخميلة ) .
عبد الدينار هذا تاجر الذهب ، وعبد الدرهم تاجر الفضة ، وعبد الخميصة تاجر الثياب ؛ لأن الخميصة هي الثوب الجميل المنقوش ، وعبد الخميلة تاجر الفرش ، أو ليس بتاجر
يعني لا يتجر بهذه الأشياء لكن مشغول بها عن طاعة الله ، إن أُعطي رضي ، وإن لم يعط سخط، ، فسمى النبي صلى الله عليه وسلم من اشتغل بهذه الأشياء الأربعة عبداً لها
وفي القرآن الكريم ما يدل على أن العبادة أوسع من هذا
قال الله تعالى : ( أرءيت من اتخذ إلهه هواه ) فدل ذلك على أن كل من قدم هوى نفسه على هُدى ربه ، فهو قد اتخذ إلهاً غيره . ولهذا يمكننا أن نقول : إن جميع المعاصي داخلة في الشرك في هذا المعنى
لأنه قدمها على مرضاة الله تعالى وطاعته ، فجعل هذا شريكاً لله - عز وجل - في تعبده له ، واتباعه إياه ، فالشرك أمره عظيم ، وخطره جسيم
حتى الرجل إذا تصدق بدرهم وهو يلاحظ لعل الناس ، يرونه ليمدحوه ، ويقولون : إنه رجل كريم ، يعتبر مشركاً مرائياً ، والرياء شرك ، وأخوف ما خاف النبي عليه الصلاة والسلام على أمته الشرك الخفي
وهو الرياء . فعلى هذا نقول: ( الذي جعل مع الله إلهاً ءاخر ) إن كانت وصفاً خاصًّا بالكفَّار العنيد ، فإنها تختص بمن يعبد الصنم والوثن
وإن كانت للعموم فهي تشمل كل من اشتغل بغير الله عن طاعته ، وتقدم ذكر الأمثلة والأدلة على ما ذكرنا " .
انتهى من "تفسير القرآن" لابن عثيمين (8/ 23) وهو في "لقاء الباب المفتوح" (136/ 4) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " ما هو الضابط في الشرك الأكبر وما هو الضابط في الشرك الأصغر؟ وهل تعتبر المعاصي من الشرك ، علماً بأنه يغلب عليه حب الشهوة وحب المعصية على حب الله ؟
فأجاب : الضابط في الشرك الأكبر أنه ما أخرج من الملة ، وهذا يرجع على أنك إذا وجدت حديثاً ما أن هذا شرك ، انظر إلى قواعد الشريعة بالنصوص الأخرى
فإن كان مثله يخرج من الملة فهو شركٌ أكبر ، وإن كان لا يخرج فهو شركٌ أصغر.
إذاً لا بد إذا جاءت النصوص بأن هذا شرك أن نعيد هذا النص إلى القواعد العامة للشريعة ؛ إذا وردت النصوص بالشرك ، ولكنه بمقتضى القواعد العامة للشريعة لا يخرج من الإسلام
فهو شركٌ أصغر، مثل قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ) .
أما بالنسبة لجعل المعاصي كلها شركاً : فهذا نعم ، بالمعنى العام ؛ لأن المعاصي إنما تصدر عن هوى ، وقد سمى الله تعالى من اتبع هواه متخذاً له إلهاً
قال : ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ ) [الجاثية:23] .
إذاً عندنا ثلاثة أشياء:
الإطار العام : وهو أن كل معصية فهي نوعٌ من الشرك ؛ لأنها صادرة عن الهوى ، وقد جعل الله تعالى من اتخذ هواه إلهاً جعله متخذاً له إلهاً.
الثاني : الشرك إذا أطلق ، فهل نحمله على الشرك الأكبر أم الشرك الأصغر؟
نقول : ننظر إلى القواعد العامة في الشريعة ؛ إن اقتضى أن يكون خارجاً عن الإسلام فهو أكبر ، وإلا فلا"
انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (192/ 13) .
والحاصل :
أن اتخاذ الهوى إلها يكون باتباعه والانقياد إليه ، وهذا قد يقود صاحبه إلى اقتراف الشرك الأكبر أو الأصغر أو البدعة أو الكبيرة أو الصغيرة .
وفي المثال المذكور ، نقول : لو كان يحب الزنا ، لكنه لم يستحله ، ولم يقترف معه كفرا أكبر كترك الصلاة ، فهو فاسق ، فاجر .. ، لكنه مع ذلك ما زال باقيا في دائرة الإسلام .
وإن قاده حب الزنا استحلاله ، وزواله استقباحه من قلبه ، أو عدم الرضى بتحريم الشرع له ، وعدم الانقياد للنصوص التي تنهى عنه وتحرمه ، أو الضيق بها ، ومحبة زوالها
أو ترك الصلاة ، كان كافرا بذلك كله ، لا لأجل أن الزنا ـ في حد ذاته ـ كفر أكبر ، بل لأجل استحلال الزنا كفر أكبر بحد ذاته ، حتى ولو لم يزن ، وهكذا عدم الرضا بشيء من شرائع الله
مهما كان صغيرا أو كبيرا ، أو عدم الانقياد والإذعان لحكم الله ، أو الضيق بما شرع الله ، وعدم شرح الصدر به .
قال الله تعالى : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) النساء/65 .
وهكذا لو قاده حب الزنا إلى ترك الصلاة ؛ فإن ترك الصلاة كفر في نفسه ، سواء زنى ، أو لم يزن ، فإذا تركها لأجل الزنى ، كان أقبح له ، وأشد لعقابه.
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-07, 17:40
السعي بالعمل الصالح في الدنيا ؛ للحصول على شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في الآخرة : مستحب مشروع
السؤال:
طلب الشفاعة من غير الله، شرك أكبر كما هو متقرر. لكن ألا يقيَّد هذا بأن طلب الشفاعة من الأنبياء جائز يوم القيامة كما هو ثابت في الصحيحين وهل يضر المسلم أن يرجو في الدنيا أن تناله شفاعة النبي محمد عليه الصلاة والسلام يو
الجواب :
الحمد لله
أولا :
الشفاعة كلها ملك لله عز وجل
كما قال سبحانه : ( قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا ) الزمر/ 44
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الشفاعة لله، ومرجعها كلها إليه، وهو الذي يأذن فيها إذا شاء، ولمن شاء "
انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (7/ 68) .
وإذا كان الأمر كذلك فلا يجوز لأحد أن يسأل الشفاعة من أحد من الخلق ، ولو كان ملكا مقربا أو نبيا مرسلا .
وطلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته ، "ليس مشروعا عند أحد من أئمة المسلمين، ولا ذكر هذا أحد من الأئمة الأربعة وأصحابهم القدماء"
انتهى من "التوسل والوسيلة" لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (ص160) .
وهو "شرك أو ذريعة إلى الشرك ... فإن ذلك يفضي إلى الشرك به كما قد وقع .
فإذا تعلقت القلوب بدعاءه وشفاعته أفضى ذلك إلى الشرك به ، وقصد مكان قبره أو تمثاله أو غير ذلك ، كما قد وقع فيه المشركون ومن ضاهاهم من أهل الكتاب ومبتدعة المسلمين" انتهى .
التوسل (ص52) .
وسئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
هل يجوز طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو الآن في قبره بأن يقول: (أريد منك شفاعة يا رسول الله! وأنا عبد مذنب كلف تحت يديك)؟!
فأجاب :
"لا يجوز، هذا حرام ، بل قد يكون من الشرك؛ لأن هذا دعاء للنبي عليه الصلاة والسلام، وبدلاً من أن يقول: أسألك يا رسول الله أن تشفع لي، يقول: يا رب، شفع فيَّ رسولك، حتى يكون الدعاء موجهاً إلى الله عز وجل
أما الرسول الآن لا يستطيع أن يشفع لك، ثم حتى يوم القيامة لا يستطيع أن يشفع لأحد إلا بإذن الله، فهذه الكلمة حرام، وقد تكون شركاً بالله عز وجل" انتهى.
ثانيا :
طلب الشفاعة من الأنبياء عليهم السلام يوم القيامة ثابت
كما روى البخاري (4476) ومسلم (193) عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( يَجْتَمِعُ المُؤْمِنُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ أَبُو النَّاسِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلاَئِكَتَهُ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، فَاشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا ... ) الحديث ، وفيه :
( ... فَيَأْتُونِي، فَأَنْطَلِقُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ عَلَى رَبِّي، فَيُؤْذَنَ لِي، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ وَسَلْ تُعْطَهْ، وَقُلْ يُسْمَعْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَحْمَدُهُ بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أَشْفَعُ ) .
وهذه الشفاعة معناه : طلب الدعاء من الأنبياء أن يدعوا الله تعالى ليأتي ليفصل بين العباد .
ثالثا :
ينبغي للمسلم أن يرجو ويسعى بالدعاء والعمل الصالح في الدنيا لينال شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في الآخرة .
وقد قال أبو هريرة للنبي صل الله عليه وسلم : (أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ : "لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ" خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِه) رواه البخاري ( 97 ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى تعليقا على هذا الحديث :
" فَتِلْكَ " الشَّفَاعَةُ " هِيَ لِأَهْلِ الْإِخْلَاصِ بِإِذْنِ اللَّهِ ، لَيْسَتْ لِمَنْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ ، وَلَا تَكُونُ إلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ.
وَحَقِيقَتُهُ : أَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي يَتَفَضَّلُ عَلَى أَهْلِ الْإِخْلَاصِ وَالتَّوْحِيدِ فَيَغْفِرُ لَهُمْ بِوَاسِطَةِ دُعَاءِ الشَّافِعِ الَّذِي أَذِنَ لَهُ أَنْ يَشْفَعَ لِيُكْرِمَهُ بِذَلِكَ ، وَيَنَالَ بِهِ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي يَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ والآخرون صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَمَا كَانَ فِي الدُّنْيَا يَسْتَسْقِي لَهُمْ ، وَيَدْعُو لَهُمْ ، وَتِلْكَ شَفَاعَةٌ مِنْهُ لَهُمْ ، فَكَانَ اللَّهُ يُجِيبُ دُعَاءَهُ وَشَفَاعَتَهُ" انتهى .
وقد جاءت السنة بالترغيب في طلب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في الآخرة بالعمل الصالح في الدنيا .
فروى البخاري (614) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلاَةِ القَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ )
رابعا :
سأل غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع لهم يوم القيامة ، منهم خادمه أنس رضي الله عنه
فروى الترمذي (2433) عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَشْفَعَ لِي يَوْمَ القِيَامَةِ، فَقَالَ: (أَنَا فَاعِلٌ) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
والمقصود من سؤال النبي صلى الله عليه وسلم الشفاعة في هذا الحديث وغيره : سؤاله أن يدعو الله لهم أن تنالهم شفاعته ، ويأذن الله تعالى له فيهم .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-07, 17:48
نصيحة لمن يعمل العمل الصالح ، يبتغي به الدنيا ، ولا يبتغي به وجه الله .
السؤال:
ظاهرة غريبة أصبحنا نلاحظها بكثرة في هذا الزمان وهو الالتزام "الظاهري" من أجل نيل مكاسب دنيوية ، فالكثير من المصلين لا يصلون إلا من أجل الدعاء لتلبية شهواتهم
والحصول على المال والمسكن والمرأة الجميلة وزخرف الحياة وبلا حدود ...!. والكثير منهم يتوقف أو يترك الصلاة أو يرتد إذا لا حظ أنه منذ أن " التزم" لم يحصل على شيء
ولم تتحسن حياته المادية ، وفيهم أيضا من إن حصل على شيء من زخرف الدنيا ينتهي عن الصلاة هكذا ، والله المستعان. وهؤلاء الأصناف من الناس لا تنفع فيهم النصيحة ولا الوعظ
ولا يعرفون شيئا اسمه تعلم دينك ، واحضر مجالس العلم ؛ كي تفوز في بالدنيا ، وتنجو يوم الحساب ، وتفوز بجنة نعيمها لا ينفد خالدا فيها.
نريد نصيحة لمثل هؤلاء الصنف من أشباه الملتزمين نتعلم منه ونُعلمه للناس .
الجواب :
الحمد لله
شأن الصلاة في الإسلام عظيم ، فهي أحد أركان الدين العظام ، وهي فرقان ما بين الإيمان والكفران ، ولذلك فالمحافظة عليها من علامات الإيمان
ولا يقال عنها إنها من ظواهر الإسلام فقط ، والالتزام بها والمحافظة عليها من الالتزام الظاهري ، بل إن الالتزام بها التزام بشعبة من أعظم شعب الإيمان ، وعمل هو أفضل أعمال أهل الإيمان ، بعد الشهادتين .
ونحن لا ننكر - مع ذلك
- أن كثيرا من المسلمين يقع في الشرك مع كونه يصلي
وقد بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن ماجة (4204) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: " خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ
فَقَالَ: ( أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ؟) ، قَالَ: قُلْنَا: بَلَى، فَقَالَ: ( الشِّرْكُ الْخَفِيُّ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي ، فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ، لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ)
حسنه الألباني في "صحيح ابن ماجة " .
فقد يقع المرء في الشرك وهو يصلي ، من حيث يدري ، أو لا يدري !!
وقد سبق في جواب السؤال القادم أن الإنسان إذا أراد بعمله الصالح الدنيا ولم تخطر الآخرة له على بال : لم يصح عمله ، ولم يقبل منه ، حتى يريد به وجه الله .
أما إذا عمل العمل وأراد به حسنة الدنيا والآخرة ، فلا حرج عليه في ذلك .
فمن صلى يرائي ، أو صلى ليقال عنه : فلان مصل ، ويعرف بالثناء الحسن في الناس ، أو صلى ليتقرب إلى الله ليستجيب له في حاجته ، فلما قضيت ترك الصلاة
أو صلى ليتحسن حاله ، فلما لم يتحسن حاله ترك الصلاة : فهذا لم يعمل العمل لله
وقد روى الإمام أحمد (20715) عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفْعَةِ وَالدِّينِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ فِي الْأَرْضِ ، فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الْآخِرَةِ لِلدُّنْيَا ، لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ نَصِيبٌ ) صححه الألباني في "صحيح الجامع" (2825) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" من صلى ليأخذ ، أو أذَّن ليأخذ : فهذا ليس له أجر في الآخرة ؛ ذلك لأنه أراد بعمله الدنيا ، فلا يكون له إلا ما أراد " .
انتهى من " فتاوى نور على الدرب " (8/ 2) بترقيم الشاملة .
وأصل ذلك أن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان صالحا ، وابتغي به وجهه
وقد روى مسلم (2985) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي ، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ ) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الإخلاص لله في العبادة معناه : ألا يحمل العبدَ إلى العبادة إلا حب الله تعالى وتعظيمه ورجاء ثوابه ورضوانه
ولهذا قال الله تعالى عن محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا) الفتح/ 29 " .
انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (21/ 19) .
فالواجب على المسلم أن يتوجه بقلبه وعمله إلى الله تعالى ، يقصد بعمله وجه الله والدار الآخرة ، ويرجو أن يوفقه الله في أمر دنياه ، فيستعين عليها بأمر دينه ، كما قال تعالى : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ) البقرة/ 45 ، قال ابن كثير رحمه الله :
" يأمر الله تَعَالَى عَبِيدَهُ ، فِيمَا يُؤَمِّلُونَ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، بِالِاسْتِعَانَةِ بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ "
انتهى من "تفسير ابن كثير" (1/ 251) .
فالمؤمن يعمل لله ، ثم تأتي الدنيا تبعا ، وهذا من ثمرة إخلاصه وعمله ، لأن الله يجازيه بحسنتي الدنيا والآخرة
كما قال تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النحل/ 97
قال ابن كثير رحمه الله :
" هَذَا وَعْدٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِمَنْ عَمِلَ صَالِحًا بِأَنْ يُحْيِيَهُ اللَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً فِي الدُّنْيَا ، وَأَنْ يَجْزِيَهُ بِأَحْسَنِ مَا عَمِلَهُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ ، وَالْحَيَاةُ الطَّيِّبَةُ تَشْمَلُ وُجُوهَ الرَّاحَةِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ "
انتهى من "تفسير ابن كثير" (4/ 601) .
وقال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) الطلاق/ 2، 3 .
وروى الترمذي (2465) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ كَانَتْ الْآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ
وَمَنْ كَانَتْ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ ) . وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
أما من يعمل العمل يريد به أجر الدنيا ، فإنه لا يصيب من الدنيا إلا ما كتبه الله له ، ويرجع بعمله خاسئا وهو حسير ، لأنه لم يرد به وجه الله ، وكل شيء أريد به غير وجه الله فهو باطل
قال تعالى : ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ) الإسراء/ 18، 19 .
وقال عز وجل : ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) الشورى/ .20
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" مَنْ لَمْ تَكُنْ نِيَّتُهُ صَالِحَةً ، وَعَمَلُهُ عَمَلًا صَالِحًا لِوَجْهِ اللَّهِ ، وَإِلَّا كَانَ عَمَلًا فَاسِدًا ، أَوْ لِغَيْرِ وَجْهِ اللَّهِ ، وَهُوَ الْبَاطِلُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (إنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) .
وَهَذِهِ الْأَعْمَالُ كُلُّهَا بَاطِلَةٌ مِنْ جِنْسِ أَعْمَالِ الْكُفَّارِ " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (28/ 169) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" مَنْ أَرَادَ بِعَمَلِهِ غَيْرَ وَجْهِ اللَّهِ ، وَنَوَى شَيْئًا غَيْرَ التَّقَرُّبِ إِلَيْهِ ، وَطَلَبَ الْجَزَاءَ مِنْهُ ، فَقَدْ أَشْرَكَ فِي نِيَّتِهِ وَإِرَادَتِهِ .
وَالْإِخْلَاصُ: أَنْ يُخْلِصَ لِلَّهِ فِي أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ وَإِرَادَتِهِ وَنِيَّتِهِ ، وَهَذِهِ هِيَ الْحَنِيفِيَّةُ مِلَّةُ إِبْرَاهِيمَ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ كُلَّهُمْ ، وَلَا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ غَيْرَهَا، وَهِيَ حَقِيقَةُ الْإِسْلَامِ.
(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) آلِ عِمْرَانَ/ 85 . وَهِيَ مِلَّةُ إِبْرَاهِيمَ الَّتِي مَنْ رَغِبَ عَنْهَا فَهُوَ مِنْ أَسَفَهِ السُّفَهَاءِ " .
انتهى من "الجواب الكافي" (ص 135) .
فيقال لهؤلاء الذين يصلون لقضاء حاجاتهم الدنيوية : اتقوا الله في دينكم ، واتقوا الله في أنفسكم ، واعلموا أن العامل إذا عمل لوجه الله أصاب نعمة الدنيا والآخرة ، وإذا عمل لغير وجه الله
رغبة في متاع الدنيا الزائل فإنه لا يصيب منها إلا ما قدره الله له ، ولا يعود عمله عليه إلا بالخسار في الدنيا والآخرة .
ويقال لمن يرتد عن دينه أو يترك الصلاة والعبادة والطاعة إذا لم يحصل على مراده: احذر أن تكون ممن يعبد الله على حرف ، إن أصابه خير اطمأنت نفسه
وإن أصابه شر ارتد ونكص على عقبيه
قال الله تعالى :(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) الحج/11 .
قال الشيخ السعدي ، رحمه الله :
" أي: ومن الناس من هو ضعيف الإيمان ، لم يدخل الإيمان قلبه ، ولم تخالطه بشاشته، (فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ) أي: إن استمر رزقه رغدا ، ولم يحصل له من المكاره شيء
اطمأن بذلك الخير ، لا بإيمانه ، فهذا، ربما أن الله يعافيه، ولا يقيض له من الفتن ما ينصرف به عن دينه ، (وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ) من حصول مكروه، أو زوال محبوب (انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ) أي: ارتد عن دينه ، (خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ) " .
انتهى من " تفسير السعدي" (ص 534) .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-07, 18:25
شروط قبول الأعمال عند الله عز وجل
السؤال:
ما هي الشروط التي تجعل العمل الذي يقوم به المسلم مقبولا ، ومن ثَم يأجره الله عليه ؟
هل الجواب ببساطة هو أن ينوي المسلم اتباع القرآن والسنة ، وذلك يؤهله للحصول على الأجر ، مع أنه ربما يكون قد أخطأ في عمله ذاك ؟
أم أن عليه أن تكون عنده النية ، وبالإضافة إلى ذلك فإن عليه أن يتبع السنة الصحيحة ؟.
الجواب :
الحمد لله
يشترط في العبادات حتى تقبل عند الله عز وجل ويؤجر عليها العبد أن يتوفر فيها شرطان :
الشرط الأول : الإخلاص لله عز وجل
قال تعالى : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ) سورة البينة/5 ، ومعنى الإخلاص هو : أن يكون مراد العبد بجميع أقواله وأعماله الظاهرة والباطنة ابتغاء وجه الله تعالى ، قال تعالى : ( وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ) سورة الليل/19
وقال تعالى : ( إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً ) الإنسان/9
وقال تعالى : ( من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب ) سورة الشورى/20
وقال تعالى : ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) سورة هود/15-16
وعن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ "
رواه البخاري( بدء الوحي/1)
وجاء عند مسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : " أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ "
رواه مسلم( الزهد والرقائق/5300)
الشرط الثاني : موافقة العمل للشرع الذي أمر الله تعالى أن لا يُعبد إلا به وهو متابعة النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الشرائع فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد "
رواه مسلم ( الأقضية/3243) ،
قال ابن رجب رحمه الله :
هذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها ، كما أن حديث " إنما الأعمال بالنيات " ميزان للأعمال في باطنها ، فكما أن كل عمل لا يُراد به وجه الله تعالى ، فليس لعامله فيه ثواب
فكذلك كل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله فهو مردود على عامله ، وكل من أحدث في الدين ما لم يأذن به الله ورسوله ، فليس من الدين في شئ
. جامع العلوم والحكم ج 1 ص 176 .
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم باتباع سنته وهديه ولزومهما قال عليه الصلاة والسلام : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ " وحذَّر من البدع فقال : " وإياكم ومحدثات الأمور فإن كلَّ بدعة ضلالة "
رواه الترمذي ( العلم /2600) وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي برقم 2157
قال ابن القيم :
فإن الله جعل الإخلاص والمتابعة سببا لقبول الأعمال فإذا فقد لم تقبل الأعمال .
الروح 1/135
قال تعالى : ( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً ) قال الفُضَيْل : أحسن عملاً ، أخلصه وأصوبه .
والله الموفق .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-08-07, 18:33
قراءة سورة البقرة والاستغفار بنية الزواج
السؤال:
ما حكم قراءة سورة البقرة والاستغفار بنية الزواج ؟
فقد انتشر في هذا الزمان ، فكثير من الأخوات تقسم بالله أنها لم تتزوج إلا بعد أن قرأت سورة البقرة لمدة شهر أو أربعين يوما وكذلك الاستغفار ألفا أو بعدد محدد بنية الزواج ....
وأنا أخاف من البدعة ودخولي في هذا الأمر ، أرجو من فضيلتكم أن توضحوا هذا الأمر لي وما صحته ؟
الجواب :
الحمد لله
الزواج أمر مقدّر مقسوم للعبد كسائر رزقه ، ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها
و تستوعب رزقها ، فاتقوا الله ، وأجملوا في الطلب ، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله ، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته ) رواه أبو نعيم في الحلية من حديث أبي أمامة ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (2085) .
فلا ينبغي القلق إذا تأخر الزواج ، لكن يشرع للفتى والفتاة أن يتخذ الأسباب لتحصيل هذا الرزق ، ومن ذلك الدعاء ، فتسأل الله تعالى أن يرزقها الزوج الصالح .
والاستغفار سبب من أسباب سعة الرزق ، فقد حكى الله تعالى عن نوح عليه السلام أنه قال لقومه : ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ) نوح/10- 12 .
والدعاء سلاح عظيم لمن أحسن استخدامه ، فادعي الله وأنت موقنة بإجابة الدعاء ، وتحري أسباب القبول ، من طيب المطعم والمشرب ، واختيار الأوقات الفاضلة ، واحذري من تعجل الإجابة
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ، يقول : دعوت فلم يستجب لي) رواه البخاري ( 5865 ) ومسلم ( 2735) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
واعلمي أن الدعاء مدخر للعبد ، نافع له في جميع الأحوال
كما في الحديث الذي رواه الترمذي (3859) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو اللَّهَ بِدُعَاءٍ إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ
فَإِمَّا أَنْ يُعَجَّلَ لَهُ فِي الدُّنْيَا ، وَإِمَّا أَنْ يُدَّخَرَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْ يُكَفَّرَ عَنْهُ مِنْ ذُنُوبِهِ بِقَدْرِ مَا دَعَا ، مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ ، أَوْ يَسْتَعْجِلْ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَكَيْفَ يَسْتَعْجِلُ ؟ قَالَ : يَقُولُ : دَعَوْتُ رَبِّي فَمَا اسْتَجَابَ لِي ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي برقم (2852) .
وقراءة القرآن لها أثر عظيم في علاج الهم والقلق ، وجلب السعادة والطمأنينة ، وكذلك الاستغفار .
والإكثار من الطاعات بصفة عامة ، من أسباب تحصيل السعادة ، كما قال تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/97 .
وقال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2،3 .
فمن أكثرت من هذه الطاعات ، وحافظت على صلاتها وذكرها واستغفارها ودعائها وقراءتها للقرآن ، رجي لها التوفيق والسعادة ، وتحقيق مرادها ومطلوبها
لكن لا يشرع التعبد بتحديد عدد معين أو زمن معين لم يرد في الشريعة ، فإن ذلك من البدع ، وهي من أسباب رد العمل وحرمان صاحبه من الأجر ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) رواه مسلم (1718) .
ولم يرد في الشرع المطهر – فيما نعلم – أن قراءة سورة البقرة بخصوصها أو الاستغفار بعدد معين سبب لحصول الزواج ، وإنما طاعة الله تعالى واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم على سبيل العموم هما سبيل السعادة وتيسير الأمور في الدنيا والآخرة .
نسأل الله تعالى أن ييسر لك أمرك ، ويرزقك الزوج الصالح .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-08-10, 05:34
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
مسائل متنوعة في الشرك والتوكل والأخذ بالأسباب .
السؤال:
ما المقصود بإرادة الإنسان بحسناته الدنيا، فمثلا إن استغفر الإنسان بنية الاستغفار والرزق في الدنيا
فهل يكون مشركا ؟
أو تصدق بنية الشفاء فهل يكون مشركا ؟
وإن أراد الإنسان أن يوسع له في رزقه ، فهل يكون عبد الدينار ؟
وهل قول الرجل : "هذا مالي ورثته عن أجدادي" شرك ؟
وهل قول : "اليابان تطورت بسبب التفاني في العمل" شرك؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
إذا أراد الإنسان بعمله الصالح الدنيا ولم تخطر الآخرة له على بال : لم يصح عمله ، ولم يقبل منه ، حتى يريد به وجه الله .
فقد روى الإمام أحمد (20715) عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفْعَةِ وَالدِّينِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ فِي الْأَرْضِ ، فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الْآخِرَةِ لِلدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ نَصِيبٌ ) صححه الألباني في "صحيح الجامع" (2825) .
أما إذا عمل العمل وأراد به حسنة الدنيا والآخرة ، فلا حرج عليه في ذلك .
قال القرافي رحمه الله :
" وَأَمَّا مُطْلَقُ التَّشْرِيكِ كَمَنْ جَاهَدَ لِيُحَصِّلَ طَاعَةَ اللَّهِ بِالْجِهَادِ وَلِيُحَصِّلَ الْمَالَ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَهَذَا لَا يَضُرُّهُ وَلَا يُحَرَّمُ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لَهُ هَذَا فِي هَذِهِ الْعِبَادَةِ .
وَكَذَلِكَ مَنْ صَامَ لِيَصِحَّ جَسَدُهُ ، أَوْ لِيَحْصُلَ لَهُ زَوَالُ مَرَضٍ مِنْ الْأَمْرَاضِ الَّتِي يُنَافِيهَا الصِّيَامُ ، وَيَكُونُ التَّدَاوِي هُوَ مَقْصُودُهُ ، أَوْ بَعْضُ مَقْصُودِهِ ، وَالصَّوْمُ مَقْصُودُهُ مَعَ ذَلِكَ ، وَأَوْقَعَ الصَّوْمَ مَعَ هَذِهِ الْمَقَاصِدِ ،لَا تَقْدَحُ هَذِهِ الْمَقَاصِدُ فِي صَوْمِهِ
بَلْ أَمَرَ بِهَا صَاحِبُ الشَّرْعِ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) أَيْ قَاطِعٌ .
وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يُجَدِّدَ وُضُوءَهُ وَيَنْوِيَ التَّبَرُّدَ أَوْ التَّنْظِيفَ ، وَجَمِيعُ هَذِهِ الْأَغْرَاضِ لَا يَدْخُلُ فِيهَا تَعْظِيمُ الْخَلْقِ ، بَلْ هِيَ تَشْرِيك أُمُورٍ مِنْ الْمَصَالِحِ لَيْسَ لَهَا إدْرَاكٌ ، وَلَا تَصْلُحُ لِلْإِدْرَاكِ وَلَا لِلتَّعْظِيمِ ، فَلَا تَقْدَحُ فِي الْعِبَادَاتِ .
نَعَمْ لَا يَمْنَعُ أَنَّ هَذِهِ الْأَغْرَاضَ الْمُخَالِطَةَ لِلْعِبَادَةِ قَدْ تنْقصُ الْأَجْرَ ، وَأَنَّ الْعِبَادَةَ إذَا تَجَرَّدَتْ عَنْهَا زَادَ الْأَجْرُ وَعَظُمَ الثَّوَابُ ، أَمَّا الْإِثْمُ وَالْبُطْلَانُ فَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ ، وَمِنْ جِهَتِهِ حَصَلَ الْفَرْقُ لَا مِنْ جِهَةِ كَثْرَةِ الثَّوَابِ وَقِلَّتِهِ "
انتهى باختصار من "الفروق" (4 / 429-430) .
فمن استغفر بنية الاستغفار وطلب الرزق ، أو تصدق للشفاء فلا حرج عليه في ذلك .
ثانياً :
طلب الإنسان أن يوسع عليه في رزقه ، وإرادته لذلك لا حرج فيه ؛ لأنه طلب لأمر من الأمور المباحة ، وإذا طلب ذلك لينفق في سبيل الله كان طلبه مستحبا مشروعا ، بخلاف من يطلب ذلك تكثرا وزيادة وحرصا على الدنيا وزينتها فهذا مذموم ، وحظه من الذم بقدر ما يؤدي ذلك إليه من الإثم .
وقد روى البخاري (6344) ومسلم (660) عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : " قَالَتْ أُمِّي : يَا رَسُولَ اللَّهِ خَادِمُكَ أَنَسٌ ! ادْعُ اللَّهَ لَهُ . فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ ) .
ثالثا :
قول الرجل " هذا مالي ورثته عن أجدادي " ليس من الشرك ؛ لأنه أثبت السبب الشرعي والقدري في حصوله على هذا المال ، وهو التوريث ، وهذا لا مؤاخذة فيه .
أما من يقول ذلك تكبرا على الخلق وتعاظما ، وتفاخرا بالانتساب إلى أجداده ذوي اليسار والغنى والمكانة ، فهذا حاله مذموم ، وفعله هذا من أفعال الجاهلية .
رابعاً :
قول القائل " تطورت اليابان بسبب التفاني في العمل " ليس من الشرك إذا اعتقد أن ذلك بمشيئة الله ؛ لأن ذلك هو الذي حصل فعلا ، وثمرة هذا القول في إثبات فضل المثابرة والتصميم ، وبذل الجهد والتفاني في العمل .
أما من اعتقد أن اليابان وصلت إلى ما وصلت إليه بعقول أبنائها النيرة وأعمالهم الجليلة ومجهوداتهم الجبارة ، دون أن يكون ذلك عنده بتقدير الله وإرادته ومشيئته – فهو كافر بالله .
ولا شك أن من يقول مثل ذلك من المسلمين لا يقصد هذا المعنى الفاسد ، إنما يقصد المعنى الأول ، ولا حرج فيه .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-10, 05:39
ما هي حقيقة الشرك ، وما هي أقسامه؟
السؤال:
أقرأ كثيراً : (هذا الفعل شرك أكبر ، وهذا شرك أصغر )
فهل توضح لي حقيقة الفرق بينهما ؟.
الجواب :
الحمد لله
إن من الواجبات المحتمات ، ومن أهم المهمات ؛ أن يعرف العبد معنى الشرك وخطره وأقسامه حتى يتم توحيده ، ويسلم إسلامه ، ويصح إيمانه . فنقول وبالله التوفيق ومنه السداد :
اعلم ـ وفقك الله لهداه ـ أن الشرك في اللغة هو : اتخاذ الشريك يعني أن يُجعل واحداً شريكاً لآخر . يقال : أشرك بينهما إذا جعلهما اثنين ، أو أشرك في أمره غيره إذا جعل ذلك الأمر لاثنين .
وأما في الشرع فهو : اتخاذ الشريك أو الند مع الله جل وعلا في الربوبية أو في العبادة أو في الأسماء والصفات .
والند هو : النظير والمثيل . ولذا نهى الله تعالى عن اتخاذ الأنداد وذم الذين يتخذونها من دون الله في آيات كثيرة من القرآن فقال تعالى : ( فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) البقرة / 22 .
وقال جل شأنه : ( وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ) إبراهيم / 30 .
وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار ) رواه البخاري (4497) ومسلم (92)
أقسام الشرك :
وقد دلت نصوص الكتاب والسنة على أن الشرك والتنديد تارة يكون مخرجاً من الملة ، وتارة لا يكون مخرجاً من الملة ، ولذا اصطلح العلماء على تقسيمه إلى قسمين : ( شرك أكبر ، وشرك أصغر ) وإليك تعريفاً موجزاً بكل قسم :
أولاً : الشرك الأكبر :
وهو أن يصرف لغير اللهِ ما هو محض حق الله من ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته .
وهذا الشرك تارة يكون ظاهراً : كشرك عبَّاد الأوثان والأصنام وعبَّاد القبور والأموات والغائبين .
وتارة يكون خفياً : كشرك المتوكلين على غير الله من الآلهة المختلفة ، أو كشرك وكفر المنافقين ؛ فإنهم وإن كان شركهم أكبر يخرج من الملة ويخلد صاحبه في النار ؛ إلا أنه شرك خفي
لأنهم يظهرون الإسلام ويخفون الكفر والشرك فهم مشركون في الباطن دون الظاهر .
كما أن هذا الشرك تارة يكون في الاعتقادات :
كاعتقاد أن هناك من يخلق أو يحي أو يميت أو يملك أو يتصرف في هذا الكون مع الله تعالى.
أو اعتقاد أن هناك من يطاع طاعة مطلقة مع الله ، فيطيعونه في تحليل ما شاء وتحريم ما شاء ولو كان ذلك مخالفا لدين الرسل .
أو الشرك بالله في المحبة والتعظيم ، بأن يُحب مخلوقا كما يحب الله ، فهذا من الشرك الذي لا يغفره الله ، وهو الشرك الذي قال الله فيه : ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله ) البقرة / 165 .
أو اعتقاد أن هناك من يعلم الغيب مع الله ، وهذا يكثر لدى بعض الفرق المنحرفة كالرافضة وغلاة الصوفية والباطنية عموما ، حيث يعتقد الرافضة في أئمتهم أنهم يعلمون الغيب
وكذلك يعتقد الباطنية والصوفية في أوليائهم نحو ذلك . وكاعتقاد أن هناك من يرحم الرحمة التي تليق بالله عزَّ وجل ، فيرحم مثله وذلك بأن يغفر الذنوب ويعفو عن عباده ويتجاوز عن السيئات .
وتارة يكون في الأقوال :
كمن دعا أو استغاث أو استعان أو استعاذ بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل ؛ سواء كان هذا الغير نبيا أو وليا أو مَلَكا أو جِنِّياًّ ، أو غير ذلك من المخلوقات ، فإن هذا من الشرك الأكبر المخرج من الملة .
وكمن استهزأ بالدين أو مثل اللهَ بخلقه ، أو أثبت مع الله خالقاً أورازقاً أو مدبراً ، فهذا كله من الشرك الأكبر والذنب العظيم الذي لا يغفر .
وتارة يكون في الأفعال :
كمن يذبح أو يصلي أو يسجد لغير الله ، أو يسن القوانين التي تضاهي حكم الله ويشرعها للناس ، ويلزمهم بالتحاكم إليها ، وكمن ظاهر الكافرين وناصرهم على المؤمنين ، ونحو ذلك من الأفعال التي تنافي أصل الإيمان ، وتخرج فاعلها من ملة الإسلام . نسأل الله عفوه وعافيته .
ثانياً : الشرك الأصغر :
وهو كل ما كان وسيلة إلى الشرك الأكبر ، أو ورد في النصوص أنه شرك ، ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر .
وهذا يكون في الغالب من جهتين :
الأولى : من جهة التعلق ببعض الأسباب التي لم يأذن الله جل وعلا بها ، كتعليق الكَفِّ والخرز ونحو ذلك على أنها سبب للحفظ أو أنها تدفع العين والله تعالى لم يجعلها سبباً لذلك لا شرعاً ولا قدراً .
الثانية : من جهة تعظيم بعض الأشياء التعظيم الذي لا يوصلها إلى مقام الربوبية ، كالحلف بغير الله ، وكقول : لولا الله وفلان ، وأشباه ذلك.
وقد وضع العلماء ضوابط وقواعد يتميز بها الشرك الأكبر عن الأصغر عند وروده في النصوص الشرعية فمن هذه الضوابط ما يلي :
1- أن ينص النبي صلى الله عليه وسلم صراحة على أن هذا الفعل من الشرك الأصغر :
كما في المسند ( 27742 ) عن مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ . قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : وَمَا الشِّرْكُ الأَصْغَرُ؟
قَالَ :الرِّيَاء . إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ تُجَازَى الْعِبَادُ بِأَعْمَالِهِمْ اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ بِأَعْمَالِكُمْ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً " وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (951 )
2- أن يرد لفظ الشرك في نصوص الكتاب والسنة منكَّراً ـ أي غير مقترن بالألف واللام ـ فهذا في الغالب يقصد به الشرك الأصغر وله أمثلة كثيرة كقوله صلى الله عليه وسلم " إن الرقى والتمائم والتِّوَلَة شرك "
أخرجه أبو داود ( 3883 ) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ( 331 )
فالمقصود بالشرك هنا الأصغر دون الأكبر .
والتمائم شيء يعلق على الأولاد كالخرز ونحوه يزعمون أن ذلك يحفظه من العين .
والتولة شيء يصنعونه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها ، والرجل إلى امرأته .
3- أن يفهم الصحابة من النصوص الشرعية أن المراد بالشرك في هذا الموضع هو الأصغر دون الأكبر ، ولا شك أن فهم الصحابة معتبر ،
فهم أعلم الناس بدين الله عز وجل ، وأدراهم بمقصود الشارع .
ومن أمثلة ذلك ما رواه أبو داود (3910 ) عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "الطِّيَرَةُ شِرْكٌ الطِّيَرَةُ شِرْكٌ ثَلاثًا ، وَمَا مِنَّا إِلا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّل" فجملة ( وما منا إلا .. )
هذه من كلام ابن مسعود كما بين ذلك جهابذة المحدثين فهذا يدل على أن ابن مسعود رضي الله عنه فهم أن هذا من الشرك الأصغر ، لأنه لا يمكن أن يقصد وما منا إلا ويقع في الشرك الأكبر ، كما أن الشرك الأكبر لا يذهبه الله بالتوكل بل لابد من التوبة .
4- أن يفسر النبي صلى الله عليه وسلم لفظ الشرك أو الكفر بما يدل على أن المقصود به الأصغر وليس الأكبر
كما روى البخاري ( 1038 ) ومسلم (71 )
عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ : صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلَةِ فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ : "هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟
" قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : " أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ "
فالكفر هنا جاء تفسيره في الرواية الأخرى عن أبي هريرة قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَمْ تَرَوْا إِلَى مَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟
قَالَ : "مَا أَنْعَمْتُ عَلَى عِبَادِي مِنْ نِعْمَةٍ إِلَّا أَصْبَحَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِهَا كَافِرِينَ يَقُولُونَ الْكَوَاكِبُ وَبِالْكَوَاكِبِ " فبين هنا أن من نسب إنزال المطر إلى الكواكب باعتبارها سبباً لنزوله
والواقع أن الله لم يجعلها سبباً لذلك ـ فكفره كفرٌ بنعمة الله عليه ، ومعلوم أن كفر النعمة كفر أصغر أما من اعتقد أن الكواكب هي التي تتصرف في الكون وأنها هي التي تنزل المطر فهذا شرك أكبر .
والشرك الأصغر تارة يكون ظاهراً كلبس الحلقة والخيط والتمائم ونحو ذلك من الأعمال والأقوال.
وتارة يكون خفياً كيسير الرياء .
كما أنه تارة يكون بالاعتقادات :
كأن يعتقد في شيء أنه سبب لجلب النفع ودفع الضر ولم يجعله الله سبباً لذلك . أو يعتقد في شيء البركة ، والله لم يجعل فيه ذلك .
وتارة يكون بالأقوال :
كمن قال مطرنا بنوء كذا وكذا ؛ دون أن يعتقد أن النجوم هي التي تستقل بإنزال المطر ، أو حلف بغير الله دون أن يعتقد تعظيم المحلوف به ومساواته لله ، أو قال ما شاء الله وشئت . ونحو ذلك .
وتارة يكون بالأفعال :
كمن يعلِّق التمائم أو يلبس حلقة أو خيطا ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه، لأن كل من أثبت سبباً لشيء والله لم يجعله سببا له شرعا ولا قدراً، فقد أشرك بالله . وكذلك من يتمسح بشيء رجاء بركته ولم يجعل الله فيه البركة
كتقبيل أبواب المساجد ، والتمسح بأعتابها ، والاستشفاء بتربتها ، ونحو ذلك من الأفعال .
هذه نبذة مختصرة عن تقسيم الشرك إلى أكبر وأصغر ، وتفصيلات ذلك لا يمكن استيعابها في هذه الإجابة المختصرة .
خاتمة :
وبعد : فالواجب على المسلم أن يحذر الشرك صغيره وكبيره ، فإن أعظم معصية عصي الله بها هي الشرك به ، والتعدي على خالص حقه ؛ وهو عبادته وطاعته وحده لا شريك له .
ولذا فقد أوجب الخلود في النار للمشركين وأخبر أنه لا يغفر لهم ، وحرَّم الجنة عليهم كما قال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً ) النساء / 48
وقال جل شأنه ( إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ) المائدة / 72 .
فوجب على كل ذي عقل ودين أن يخشى على نفسه من الشرك وأن يلوذ بربه طالباً منه أن ينجيه من الشرك ؛ كما قال الخليل عليه السلام : ( وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ ) إبراهيم / 35
قال بعض السلف : " ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم "
فلا يسع العبد الصادق إلا أن يَعظُم خوفه من الشرك ، وأن تشتد رغبته إلى ربه في أن ينجيه منه
داعياً بالدعاء العظيم الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه حين قال لهم : " الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل ، وسأدلك على شيء إذا فعلته أذهب عنك صغار الشرك وكباره تقول : " اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم" . صححه الألباني في صحيح الجامع ( 3731 ) .
ما سبق هو الفرق بين الشرك الأكبر والأصغر من حيث الحقيقة ، وتعريف كل قسم وبيان أنواعه .
وأما الفرق بينهما من حيث الحكم :
فهو أن الشرك الأكبر مخرج من الإسلام ، فيُحكم على فاعله بالخروج من الإسلام والارتداد عنه فيكون كافراً مرتداً .
وأما الشرك الأصغر فلا يخرج من الإسلام ، بل قد يقع من المسلم ويبقى على إسلامه ، غير أن فاعله على خطر عظيم
لأن الشرك الأصغر كبيرة من كبائر الذنوب حتى قال ابن مسعود رضي الله عنه : ( لأن أحلف بالله كاذباً أحب إليّ من أن أحلف بغيره صادقاً )
فجعل رضي الله عنه الحلف بغير الله ( وهو شرك أصغر ) أقبح من الحلف بالله كاذباً ومعلوم أن الحلف بالله كاذباً من الكبائر .
نسأل الله أن يثبت قلوبنا على دينه حتى نلقاه ، ونعوذ بعزته – سبحانه - أن يضلنا ؛ فهو الحي الذي لا يموت والجن والأنس يموتون . والله أعلم وأحكم ، وإليه المرجع والمآب .
*عبدالرحمن*
2018-08-10, 05:43
دراسة العلوم الشرعية للحصول على الشهادة والوظيفة
السؤال:
ما القول فيمن نال الشهادة الجامعية في علوم الشريعة ونيته الوظيفة فهل يكون داخلا في حديث الوعيد أم أن التوبة تمحو عنه ذلك ؟
وهل بحصوله على الوظيفة بهذه الشهادة يصبح كسبه منها حراما ؟.
الجواب :
الحمد لله
ينبغي للإنسان أن يحسن النية في طلب العلم ، فيطلبه ابتغاء مرضاة الله تعالى ، وينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره ، وإذا سعى للحصول على شهادة من أجل الوظيفة
فلا حرج في ذلك ، وينوي الاستعانة بهذه الوظيفة على طاعة الله تعالى ، وخدمة المسلمين .
أما إذا كانت نيته محصورة في الوظيفة من أجل الراتب أو المنصب ونحو ذلك من أمور الدنيا ، ولم ينو الاستعانة على طاعة الله ولا نفع المسلمين
ولا غير ذلك من النيات الصالحة ، فهو على خطر عظيم ، ويدخل في الوعيد الشديد الوارد في قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من تعلم علماً مما يبتغي به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا ، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة ) يعني ريحها .
رواه أبو داود ( 3664) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وعليه أن يصحح نيته ، ويتوب إلى الله تعالى فإن التوبة تمحو ما سبق من الإثم ، فقد قال النبي صلى الله عليه : ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) . رواه ابن ماجة (4250) وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة .
وأما الكسب الناشئ عن الوظيفة بهذه الشهادة ، فالذي يظهر أنه لا حرج فيه ، مادام العمل الذي يقوم به مباحاً .
وقد سئلت اللجنة الدائمة : هل يجوز الدراسة الدينية من أجل الشهادة ؟
فأجابت : لا بأس أن يدرس لأخذ الشهادة ، وعليه أن يجاهد نفسه في إصلاح النية حتى تكون الدراسة لله وحده ، وأن يكون أخذ الشهادة ليستعين بها على طاعة الله ورسوله ، وخدمة المسلمين "
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (12/103).
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : يتحرج بعض طلبة العلم الشرعي عند قصدهم العلم والشهادة فكيف يتخلص طالب العلم من هذا الحرج ؟
فأجاب : " يجاب على ذلك بأمور :
أحدها : أن لا يقصدوا بذلك الشهادة لذاتها ، بل يتخذون هذه الشهادات وسيلة للعمل في الحقول النافعة للخلق ؛ لأن الأعمال في الوقت الحاضر مبنية على الشهادات ، والناس غالبا لا يستطيعون الوصول إلى منفعة الخلق إلا بهذه الوسيلة وبذلك تكون النية سليمة .
الثاني : أن من أراد العلم قد لا يجده إلا في هذه الكليات فيدخل فيها بنية طلب العلم ولا يؤثر عليه ما يحصل له من الشهادة فيما بعد .
الثالث : أن الإنسان إذا أراد بعمله الحسنيين حسنى الدنيا ، وحسنى الآخرة فلا شيء عليه في ذلك ؛ لأن الله يقول : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2 -3 ، وهذا ترغيب في التقوي بأمر دنيوي .
فإن قيل : من أراد بعمله الدنيا كيف يقال بأنه مخلص ؟
فالجواب : أنه أخلص العبادة ولم يرد بها الخلق إطلاقا فلم يقصد مراءاة الناس ومدحهم على عبادته بل قصد أمرا ماديا من ثمرات العبادة ، فليس كالمرائي الذي يتقرب إلى الناس بما يتقرب به إلى الله ويريد أن يمدحوه به
لكنه بإرادة هذا الأمر المادي نقص إخلاصه فصار معه نوع من الشرك وصارت منزلته دون منزلة من أراد الآخرة إرادة محضة .
وبهذه المناسبة أود أن أنبه على أن بعض الناس عندما يتكلمون على فوائد العبادات يحولونها إلى فوائد دنيوية ؛ فمثلا يقولون في الصلاة رياضة وإفادة للأعصاب ، وفي الصيام فائدة لإزالة الفضلات وترتيب الوجبات
والمفروض ألا تجعل الفوائد الدنيوية هي الأصل ؛ لأن ذلك يؤدي إلى إضعاف الإخلاص والغفلة عن إرادة الآخرة ، ولذلك بين الله تعالى في كتابه حكمة الصوم - مثلا أنه سبب للتقوى
فالفوائد الدينية هي الأصل ، والدنيوية ثانوية ، وعندما نتكلم عند عامة الناس فإننا نخاطبهم بالنواحي الدينية ، وعندما نتكلم عند ممن لا يقتنع إلا بشيء مادي فإننا نخاطبه بالنواحي الدينية والدنيوية ولكل مقام مقال "
انتهى من كتاب "العلم" للشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-10, 05:49
: الخوف من انقطاع سبب الرزق ، والتعلق بالأسباب ، واقع ذلك ، وعلاجه
السؤال :
أنا طالب في جامعة خاصة ، وأنا الآن في السنة الثالثة ، وبقي سنتان على التخرج ، ومصاريف الجامعة عالية التكاليف ، والأهل - بارك الله فيهم - هم من يتكفل بها بفضل من الله .
ولكن مؤخراً بدأت أشعر بالقلق تجاه المستقبل ، مثل وفاة من يعولني ، مما سيؤدي إلى عدم القدرة على مواصلة الدراسة ، كما أن الناس ينادونني منذ الآن بدكتور فأخاف من الذل بعد العز ، والله يعلم أنني لا أحمل في قلبي تكبراً
وأحاول جاهداً تسخير شهادتي المرجوة منذ الآن في نصرة ديننا العزيز ، لكن شعور القلق هذا من أنني لن أتخرج لسبب من الأسباب يجعلني أعتقد أن والدي هما المعيلان وليس الله تعالى !!
أخاف على عقيدتي ، أرجو المساعدة بطرق إيمانية عملية ترفع ثقتي بأن الله هو الفعال لما يريد ، وأنه يريد لنا الخير .
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
إن خير ما تعالج به نفسك أخي الفاضل أن تفرِّق بين الأسباب ، ومسببها ، فالله تعالى هو مقدِّر الأسباب ، وموجدها ، وأما البشر ، والوظائف ، والعمل : فما هي إلا أسباب .
فالله تعالى هو الرزاق ، وهو سبحانه قد قدَّر للرزق أسباباً ، ومن اختلت عقيدته : جعل الأسباب بمنزلة مسببها
وموجدها ، والإسلام ليس فيه اعتماد المسلم على الأسباب مع غض الطرف عن مسببها ، وليس فيه قطع الأسباب والتخلي عنها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -
: " ومما ينبغي أن يعلم : ما قاله طائفة من العلماء ، قالوا : " الالتفات إلى الأسباب : شرك في التوحيد ، ومحو الأسباب أن تكون أسباباً : نقص في العقل ، والإعراض عن الأسباب بالكلية : قدح في الشرع ، وإنما التوكل ، والرجاء : معنى يتألف من موجب التوحيد ، والعقل ، والشرع " .
وبيان ذلك : أن الالتفات إلى السبب هو اعتماد القلب عليه ، ورجاؤه ، والاستناد إليه ، وليس في المخلوقات ما يستحق هذا ؛ لأنه ليس مستقلاًّ ، ولا بد له من شركاء ،
وأضداد ، ومع هذا كله : فإن لم يسخِّره مسبِّب الأسباب : لم يسخَّر ، وهذا مما يبين أن الله رب كل شيء ، ومليكه ، وأن السموات ، والأرض ، وما بينهما ، والأفلاك ، وما حوته : لها خالق ، مدبِّر ، غيرها " انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 8 / 169 ) .
وقال – رحمه الله - :
" فعلى العبد أن يكون قلبه معتمداً على الله ، لا على سببٍ من الأسباب ، والله ييسر له من الأسباب ما يصلحه في الدنيا والآخرة ، فإن كانت الأسباب مقدورة له ، وهو مأمور بها : فَعَلَها
مع التوكل على الله ، كما يؤدي الفرائض ، وكما يجاهد العدو ، ويحمل السلاح ، ويلبس جُنَّة الحرب ، ولا يكتفي في دفع العدو على مجرد توكله بدون أن يفعل ما أُمر به من الجهاد
ومَن ترك الأسباب المأمور بها : فهو عاجز ، مفرط ، مذموم " انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 8 / 528 ، 529 ) .
ثانياً :
في حالتك – مثلاً - : فإن والديك هما أسباب النفقة عليك ، ويجب أن تعلم أن الله تعالى جعلهما كذلك ، ويجب أن تعتقد أن الله تعالى قادر على تقدير أكثر من سبب لرزقك والنفقة عليك
وانظر حولك ، فهل ترى الطلاب كلهم ينفق عليهم أهلوهم ؟!
الجواب : قطعاً لا ، ولو تأملت في أسباب رزقهم ، والنفقة عليهم : لرأيتها كثيرة ، ومتعددة ، ومتنوعة ، فليس الأمر مقتصراً على والديك حتى تخشى أن تنقطع أسباب نفقتك
وليس لك أن تجعلهما بمنزلة الرب تعالى الرزاق ، فشتان بين الخالق والمخلوق ، وشتان بين مقدِّر الأسباب وموجدها ، وبين الأسباب نفسها .
وتأمل قوله تعالى : ( أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ ) الملك/ 21 : تجد الأمر واضحاً بيِّناً ، إن الله تعالى يخبر الكفار هنا أنه تعالى مقدر الرزق بأسبابه
كالمطر ، والأنهار ، والعيون ، وأنه تعالى لو شاء فمنع هذه الأسباب ، فأمسك المطر أن ينزل ، والأنهار أن تجري ، والعيون أن تجف : فمن ذا الذي يستطيع منع ذلك ، ومن ذا الذي يستطيع الإتيان بهذه الأسباب للرزق ! .
وعلاج أمرك – أيضاً – هو أن تتفكر في قوله تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) الطلاق/ 2 ، 3 .
فأنت تظن أنه لو مات والداك فقد تنقطع نفقتك ، والله تعالى يقول لك إن العبد لو اتقاه فجاء بالمطلوب ، وكف عن الممنوع : لرزقه من حيث لا يحتسب ! أي : ليسَّر من أسباب الرزق ما ليس في حسبانه
وما لم يخطر له على بال ، كما أن العبد لو توكَّل على الله تعالى حق التوكل لكفاه الله تعالى همومه ، وفرَّج عنه غمومه ، وهذا هو عين علاج حالتك ، وما خلطت به بين أسباب الرزق ومسببه
وما أصابه من قلق وهمٍّ .
واقرأ كلام هذا الإمام لتجد البلسم الشافي لقلقك ، وهمِّك ، وحزنك :
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله
– في تفسير قوله تعالى : ( وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ) النساء/ 130 -
:
" وفي الآية تنبيه على أنه ينبغي للعبد أن يعلِّق رجاءه بالله وحده ، وأن الله إذا قدَّر له سبباً من أسباب الرزق ، والراحة : أن يحمده على ذلك ، ويسأله أن يبارك فيه له
فإن انقطع أو تعذر ذلك السبب : فلا يتشوش قلبُه ؛ فإن هذا السبب من جملة أسباب لا تُحصى ، ولا يتوقف رزق العبد على ذلك السبب المعين ، بل يفتح له سبباً غيره أحسن منه
وأنفع ، وربما فتح له عدة أسباب ، فعليه في أحواله كلها أن يجعل فضل ربه ، والطمع في برِّه : نصب عينيه ، وقبلة قلبه ، ويكثر من الدعاء المقرون بالرجاء ; فإن الله يقول على لسان نبيه : ( أنا عند ظن عبدي بي
فإن ظنَّ بي خيراً فله ، وإن ظن بي شرّاً فله ) – رواه أحمد ، وصححه الألباني في " صحيح الترغيب (3386 ) - ، وقال : ( إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي ) – رواه الترمذي ( 2805 ) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " – " انتهى بتصرف .
" تيسير اللطيف المنَّان في خلاصة تفسير الأحكام " ( ص 85 ) طبعة المعارف .
ثم تأمل ـ يا عبد الله ـ حديث عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، إِنَّهُ سَمِعَ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا ) رواه أحمد (205) والترمذي (2344) ، وصححه الألباني .
لتعلم أن قضيتك إنما هي في تحقيق التوكل على الله ، وصدق الرجاء فيه ، والتعلق به ، وليست في موت أحد ولا حياته ؛ فإن سنن الله تعالى في خلق لا تتبدل لأجل موت أحد ولا لحياته !! .
ثالثاً :
أمرٌ أخير نختم به معك : وهو أنه قد يكون ما بك من قلق ، وما أصابك من هم وغم : إنما هو بسبب معاصٍ أنت مرتكبها ، وآثام قد فعلتَها ، فانظر لنفسك وعالج ما أنت واقع فيه من مخالفة
فإن الله تعالى قد يعجل بالعقوبة لمن كانت هذا حاله ، ونحن نعلم ما في الجامعات المختلطة من مفاسد وآثام ، فاحرص على التخلص ، والتوبة منها .
قال الإمام ابن قيم الجوزية – رحمه الله - :
" ومن عقوباتها – أي : المعاصي والذنوب - : ما يلقيه الله سبحانه من الرعب ، والخوف في قلب العاصي ، فلا تراه إلا خائفاً مرعوباً ، فإن الطاعة حصنُ الله الأعظم
الذي من دخله كان من الآمنين من عقوبات الدنيا والآخرة ، ومن خرج عنه : أحاطت به المخاوف من كل جانب ، فمن أطاع الله : انقلبت المخاوف في حقه أماناً ، ومن عصاه : انقلبت مآمنه مخاوف
فلا تجد العاصي إلا وقلبه كأنه بين جناحي طائر ، إن حركت الريح البابَ قال : جاء الطلب ، وإن سمع وقْع قدمٍ : خاف أن يكون نذيراً بالعطب ، يحسب كل صيحة عليه
وكل مكروه قاصد إليه ، فمن خاف الله : آمنه من كل شيء ، ومن لم يخف الله : أخافه من كل شيء " انتهى .
" الجواب الكافي " ( ص 50 ) .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-08-10, 05:52
: التوكل والأخذ بالأسباب
السؤال :
حصل نقاش حول مسألة التوكل والأخذ بالأسباب ، وتوكل بعض الصالحين كتوكل مريم والتي تأتيها فاكهة الصيف في الشتاء والعكس
ولم تتخذ الأسباب بل انقطعت للعبادة . فأيدونا في ذلك بارك الله فيكم .
الجواب :
الحمد لله
"التوكل يجمع الأمرين ، فالتوكل يجمع شيئين :
أحدهما : الاعتماد على الله ، والإيمان بأنه مسبب الأسباب ، وأن قَدَره نافذ ، وأنه قَدَّر الأمور وأحصاها وكتبها سبحانه وتعالى .
الشيء الثاني : تعاطي الأسباب ، فليس من التوكل تعطيل الأسباب ، بل من التوكل الأخذ بالأسباب ، والعمل بالأسباب ، ومن عَطَّلها فقد خالف شرع الله وقَدَرَه
فالله أمر بالأسباب وحث عليها سبحانه وتعالى ، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك .
فلا يجوز للمؤمن أن يعطل الأسباب ، بل لا يكون متوكلاً على الحقيقة إلا بتعاطي الأسباب ، ولهذا شُرِعَ النكاح لحصول الولد ، وأمر بالجماع
فلو قال أحد من الناس : أنا لا أتزوج وأنتظر ولداً من دون زواج ، لعُد من المجانين ، فليس هذا أمر العقلاء ، وكذلك لا يجلس في البيت أو في المسجد يتحرى الصدقات ويتحرى الأرزاق تأتيه
بل يجب عليه أن يسعى ويعمل ويجتهد في طلب الرزق الحلال .
ومريم رحمة الله عليها لم تدع الأسباب ؛ فقد قال الله لها : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا) مريم/25 ، هزت النخلة وتعاطت الأسباب حتى وقع الرطب
فليس من عملها ترك الأسباب ، ووجود الرزق عندها وكون الله أكرمها وأتاح لها بعض الأرزاق وأكرمها ببعض الأرزاق لا يدل على أنها معطلة الأسباب ، بل هي تتعبد وتأخذ بالأسباب وتعمل بالأسباب .
وإذا ساق الله لبعض أوليائه من أهل الإيمان شيئاً من الكرامات فهذا من فضله سبحانه وتعالى ، لكن لا يدل على تعطيل الأسباب ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :
(احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ) رواه مسلم (2664) ،
وقال الله سبحانه : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) الفاتحة/5" انتهى .
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (1/364) .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-08-12, 18:42
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
حكم تجنب أكل اللحم في العشر الأول من المحرم .
السؤال:
اعتادت أسرة زوجي تجنب أكل اللحم من بداية الشهر حتى العاشر من محرم ، ويقولون : إن هذا عهد آبائهم الذي قطعوه على أنفسهم ، وبالتالي يجب على كل واحد منهم أن يلتزم بالعهد ، فهل هذا جائز؟
الجواب :
الحمد لله
ترك تناول المباحات مما أحل الله : من الرهبانية التي نهى الله تعالى عنها ورسوله، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الرَّهْبَانِيَّةُ تَرْكُ الْمُبَاحَاتِ مِنَ النِّكَاحِ وَاللَّحْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَقَدْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - هَمُّوا بِالرَّهْبَانِيَّةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى نَهْيَهُمْ عَنْ ذَلِكَ
بِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) المائدة/ 87
وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَحَدُهُمْ : أَمَّا أَنَا فَأَصُومُ لَا أُفْطِرُ وَقَالَ آخَرُ: أَمَّا أَنَا فَأَقُومُ لَا أَنَامُ وَقَالَ آخَرُ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَقَالَ آخَرُ: أَمَّا أَنَا فَلَا آكُلُ اللَّحْمَ.
فَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطِيبًا فَقَالَ: (مَا بَالُ رِجَالٍ يَقُولُ أَحَدُهُمْ كَذَا وَكَذَا لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأَقُومُ وَأَنَامُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَآكُلُ اللَّحْمَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي) وَقَدْ بَيَّنَتِ النُّصُوصُ الصَّحِيحَةُ أَنَّ الرَّهْبَانِيَّةَ بِدْعَةٌ وَضَلَالَةٌ ".
انتهى ملخصا من "الجواب الصحيح" (2/ 194-197) .
وحاصل ذلك : أن من تعبَّد لله تعالى بترك أكل اللحم ، أو غيره من المباحات : في أيام مخصوصة : فهذا من تشريع الدين الذي لم يأذن بالله .
وسواء كان ذلك لاعتقاده أن لهذه الأيام خصوصية تقتضي ترك أكل اللحم
أو إما تحريما ، أو كراهة .
أو لاعتقاده : أن ترك أكل اللحم في هذه الأيام : واجب أو مستحب .
أو اعتقادا : أن الله يتقرب إليه بترك أكل اللحم ، أو غيره من المباحات : على صفة مخصوصة :
فكل ذلك من بدع الضلالة التي لم يأذن بها الله .
قال الشاطبي رحمه الله :
" كُلُّ مَنْ مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ تَنَاوُلِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ ، فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْعَامِلُ بِغَيْرِ السُّنَّةِ تَدَيُّنًا، هُوَ الْمُبْتَدِعُ بِعَيْنِهِ "
انتهى من "الاعتصام" (ص 59) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَاَللَّهُ تَعَالَى أَمَرَ الْخَلْقَ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُونَ بِهِ شَيْئًا وَيَعْبُدُوهُ بِمَا شَرَعَ وَأَمَرَ أَنْ لَا يَعْبُدُوهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ ، قَالَ تَعَالَى : { فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا }
وَقَالَ تَعَالَى : { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } . فَالسَّالِكُ طَرِيقَ الزَّهَادَةِ وَالْعِبَادَةِ إذَا كَانَ مُتَّبِعًا لِلشَّرِيعَةِ فِي الظَّاهِرِ وَقَصَدَ الرِّيَاءَ وَالسُّمْعَةَ وَتَعْظِيمَ النَّاسِ لَهُ كَانَ عَمَلُهُ بَاطِلًا لَا يَقْبَلُهُ اللَّهُ
كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ : { أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ . وَهُوَ كُلُّهُ لِلَّذِي أَشْرَكَ } وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : { مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ رَاءَى رَاءَى اللَّهُ بِهِ } "
.
وَإِنْ كَانَ خَالِصًا فِي نِيَّتِهِ لَكِنَّهُ يَتَعَبَّدُ بِغَيْرِ الْعِبَادَاتِ الْمَشْرُوعَةِ : مِثْلُ الَّذِي يَصْمُتُ دَائِمًا أَوْ يَقُومُ فِي الشَّمْسِ أَوْ عَلَى السَّطْحِ دَائِمًا أَوْ يَتَعَرَّى مِنْ الثِّيَابِ دَائِمًا وَيُلَازِمُ لُبْسَ الصُّوفِ أَوْ لُبْسَ اللِّيفِ وَنَحْوِهِ أَوْ يُغَطِّي
وَجْهَهُ أَوْ يَمْتَنِعُ مِنْ أَكْلِ الْخُبْزِ أَوْ اللَّحْمِ أَوْ شُرْبِ الْمَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ - كَانَتْ هَذِهِ الْعِبَادَاتُ بَاطِلَةً وَمَرْدُودَةً كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ } "
...
وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ { أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَ أَحَدُهُمْ : أَمَّا أَنَا فَأَصُومُ وَلَا أُفْطِرُ وَقَالَ الْآخَرُ : أَمَّا أَنَا فَأَقُومُ وَلَا أَنَامُ وَقَالَ الْآخَرُ :
أَمَّا أَنَا فَلَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَقَالَ الْآخَرُ : أَمَّا أَنَا فَلَا آكُلُ اللَّحْمَ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ رِجَالٍ يَقُولُ أَحَدُهُمْ : كَيْت وَكَيْت لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأَنَامُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ
وَآكُلُ اللَّحْمَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي } " .
فَإِذَا كَانَ هَذَا فِيمَا هُوَ جِنْسُهُ عِبَادَةً ؛ فَإِنَّ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ جِنْسُهُمَا عِبَادَةٌ .
وَتَرْكَ اللَّحْمِ وَالتَّزْوِيجِ جَائِزٌ لَكِنْ لَمَّا خَرَجَ فِي ذَلِكَ مِنْ السُّنَّةِ فَالْتَزَمَ الْقَدْرَ الزَّائِدَ عَلَى الْمَشْرُوعِ وَالْتَزَمَ هَذَا تَرْكَ الْمُبَاحِ
كَمَا يَفْعَلُ الرُّهْبَانُ تَبَرَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ حَيْثُ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِهِ إلَى خِلَافِهَا وَقَالَ : { لَا رَهْبَانِيَّةَ فِي الْإِسْلَامِ } "
انتهى من "مجموع الفتاوى" (11/612-614) .
والحاصل :
أن اعتياد ترك أكل اللحم ، في هذه الأيام ، على الصفة المذكورة ، سواء كان ذلك بعهد مع الله ، أو مع الناس ، أو مع النفس
أو من غير عهد : كل ذلك من البدع التي لا يحل التقرب إلى الله تعالى بها ، ولا يحل طاعة الآباء والأجداد فيها ، ولا متابعتهم عليها .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-12, 18:47
طريقة بدعية غريبة لردّ الشيء المفقود .
السؤال:
أحب أن أسأل عن شيء قد نال استغرابي ، ففي منطقتنا إذا فقد الشخص شيئاً يذهب إلى إمام المسجد ، فيقول له ماذا فقد ؟ ، فإذا كان مال ، قال له : لا أستطيع
وإذا كان شيء آخر رجع إليه في اليوم المولي يأمره إلقاء 4 أحجار إلى الشمال والجنوب والشرق والغرب مع ذكر أسماء الملائكة ، فماحكم هذا ?
الجواب :
الحمد لله
إلقاء أربعة أحجار ، حجر إلى الشمال ، وآخر إلى الجنوب ، وآخر إلى الشرق ، وآخر إلى الغرب ؛ لمعرفة مكان الشيء المفقود
مع ذكر أسماء الملائكة : هو من خرافات المشعوذين ، وقد يكون فيه استعانة بالجن فيكون الأمر خطيرا على عقيدة المسلم .
إذ لا يعرف بالشرع ولا بالعقل الصحيح أن هذا الفعل سبب لمعرفة مكان الشيء المفقود ، وجَعْلُ ما ليس بسببٍ سبباً خللٌ في التوحيد ، وخللٌ في العقل .
بل هذا نوع من الشرك الأصغر .
قال الله تعالى : ( قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ) الزمر/ 38 .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" من اعتقد أن ما ليس بسبب سبباً فقد شارك الله تعالى في الحكم لهذا الشيء بأنه سبب ، والله تعالى لم يجعله سبباً .
والشاهد من هذه الآية : أن هذه الأصنام لا تنفع أصحابها لا بجلب نفع ولا بدفع ضر
فليست أسباباً لذلك ، فيقاس عليها كل ما ليس بسبب شرعي أو قدري ، فيعتبر اتخاذه سبباً إشراكاً بالله "
انتهى ملخصا من " القول المفيد " (1 / 116-119) .
وقال الشيخ صالح آل الشيخ :
" من جعل سببا ليس بسبب كوني ولا شرعي وتعلق به فإنه يكون مشركا الشرك الأصغر .
والأسباب منها ما ينتج المسبَّب ، ومنها ما لا ينتجه ، فإذا كان ينتج المسبَّب فتنظر، هل أباحته الشريعة أم لم تبحه ؟
فإن أباحته الشريعة فهذا جائز استعماله .
وإذا لم تجزه الشريعة كالتداوي بالمحرمات ، فهذا غير جائز.
والحالة الثالثة : ما ليس بسبب لا شرعي ولا كوني فإن هذا يكون التعلق به شركا أصغر" .
انتهى من " كتب صالح آل الشيخ " (37 /127) بترقيم الشاملة .
وبناء على هذا ، فهذه الطريقة غير جائزة ، ومن فعلها فقد وقع في الشرك الأصغر ، فعليه أن يتوب إلى الله تعالى ويعزم على عدم فعل هذه المعصية مرة أخرى .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-12, 18:50
التحذير من رسالة : حوار بين الله والإنسان !!
السؤال:,
ما حكم هذه الرسالة ، رسالة أبكتني حقا : حوار بين الله والإنسان : الله : عبدي ، قم وصل صلِ صلاة الليل المكونة من 11 ركعة ؟ العبد: الهي ! أنا متعب ! لا أستطيع . الله : عبدي ، فقط ركعتين صلاة الشفع وركعة الوتر ؟
العبد: الهي! أنا متعب ، ويصعب علي الجلوس في منتصف الليل . الله : عبدي قبل أن تنام صل هذه الثلاث الركعات ؟
العبد: يا رب إن ثلاث ركعات كثيرة . الله : عبدي صل فقط ركعة الوتر ؟
العبد: الهي ! اليوم متعب جدا ! ألا يوجد طريق آخر ؟ ..
.. وهكذا ، في رسالة طويلة ، إلى أن تقول الملائكة : يا رب ، ألا تريد أن تغضب عليه ؟
الله: عبدي ليس له أحد سواي لعله تاب ..... إلى آخر حوار طويل ، جاء في هذه الرسالة ؟!
الجواب :
الحمد لله
هذه الرسالة هي ضرب من الكذب ؛ بل هي من أشنعه وأرداه لصاحبه : أن يتوهم العبد من عنده كلامه ، ثم ينسبه لرب العالمين
وقد قال الله جل جلاله : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة/168-169
وقال تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/33 ؛
فبأي علم ، وبأي سلطان من الله ، يقضي القائل على ربه أنه قال لعبده هذا الحوار ، بغض النظر عما إذا كان مضمونه حقا ، أو باطلا ، خطأ أو صوابا ؟!
وقد حذر الله عباده من أن يتبعوا أمرا ، لم يأتهم منه علم ولا برهان ؛ فقال : ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ) الإسراء/36 ، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال
كما رواه البخاري (1229) ومسلم (4) ـ : ( إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ )
فكيف بمن كذب على الله جل جلاله ، وتقول عليه قولا ، من غير برهان عنده ، وسلطان : أنه الله قد قاله ؟!
وانظر ، كيف أن الله تعالى قد جعل التقول عليه ، وافتراء الكذب على الله ، قرينا لتكذيب آياته وكتابه ؛ قال تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ) الأنعام/21 .
والآيات في ذلك المعنى كثيرة معلومة .
ثم لا حاجة بنا بعد ذلك إلى أن تتبع ما في هذا الكلام من السماجة ، وسوء الأدب ، والتكلف ؛ فمثل هذا الكلام : صوابه وخطؤه سواء ؛ فلا يحل لعبد أن ينسب إلى مقام الله شيئا ، لم يأته برهان من الوحي به .
وأما أنه أبكى فلانا ، أو نفع فلانا ؛ أو ما إلى ذلك ؛ فكان ماذا ؟!
أوليس الرهبان ، وأشباههم يبكون ، ويخشعون ، ويترهبون ، ويتعبدون ؟!
فكان ماذا ؟!
وقد قال الله تعالى : (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً * تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ * لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ * لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ ) الغاشية/1-7 .
قال ابن كثير رحمه الله :
" قَوْلُهُ: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ} أَيْ: ذَلِيلَةٌ. قَالَهُ قَتَادَةُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَخْشَعُ وَلَا يَنْفَعُهَا عَمَلُهَا !!
وَقَوْلُهُ: {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ} أَيْ: قَدْ عَمِلَتْ عَمَلًا كَثِيرًا، وَنَصَبَتْ فِيهِ، وَصَلِيَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَارًا حامية." انتهى من "تفسير ابن كثير" (8/384) .
والواجب أن يحذر العبد من تلاعب الشيطان به ، وتزيينه الباطل ، بشيء من الخشوع ، أو البكاء ، أو الكلام المنمق والمزوق ؛ ففي كتاب الله ووحيه ما يغني عن ذلك
وقد قال الله تعالى : ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) الزمر/23.
عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَلَا عَلَيْهِمْ زَمَانًا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ قَصَصْتَ عَلَيْنَا ؟
فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينَ} [يوسف: 1] إِلَى قَوْلِهِ: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} [يوسف: 3] .
فَتَلَاهَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَانًا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ حَدَّثْتَنَا؟
فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا} [الزمر: 23] الْآيَةَ ؛ كُلُّ ذَلِكَ يُؤْمَرُونَ بِالْقُرْآنِ» .
رواه ابن حبان (6209) وغيره ، وصححه الألباني .
*عبدالرحمن*
2018-08-12, 19:02
التحاكم إلى " البشعة " من عمل الجاهلية ، ومن الحكم بغير ما أنزل الله .
السؤال :
يشيع في القبائل العربية في البادية والحضر ما يسمى بالبُشعة ، وصفتها : أنه إذا كان هناك شخص متهم في سرقة ونحوها
فإنه يؤخذ لشخص يسمى : المُبَشّع ، ويقوم هذا الشخص بتسخين قطعة حديد مستديرة - طاسة - حتى تصل إلى حد الاحمرار ويطلب من المتهم لعقها
فإن لم تصبه بأذى ، فهو برئ ، وإن أصابته أو أبي أن يلعقها فهو مدان . فما حكم هذا الفعل ؟
وحكم من يفعل هذا سواء ؟
وهل له أصل في الإسلام أم لا ؟
وهل فيه ما يخالف العقيدة الإسلامية ؟
وإذا أصيب الشخص بعد لعقه لهذه الطاسة من يتحمل تكاليف العلاج ؟
الجواب :
الحمد لله
هذه العادة السيئة المنكرة عادة جاهلية ، وحكم من أحكام الطواغيت ، لا يجوز اعتمادها في شريعة الإسلام ، التي تحارب الكفر والجهل والبدعة والمنكر .
وكان لدى الرومان قديما وسائل تشبه هذه الوسيلة ، مثل مصارعة بعض الحيوانات المفترسة ، فإذا كان الشخص صادقا ، فإن الحيوان المفترس سيجلس بجواره من دون أن يؤذيه
، أما الكاذب ، فسيقوم الحيوان بافتراسه ، وهي خرافة شأنها شأن البشعة .
وأيضا فالبشعة هذه ، تشبه ما كان يفعله الناس في الجاهلية ، من " الاستقسام بالأزلام "
وقد قال الله تعالى : ( وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ) المائدة/ 3
وذلك أن أهل الجاهلية ، كان أحدهم إذا أراد سفرًا أو غزوًا أو نحو ذلك ، أَجال القداح ، وهيأ الأزلام ، وكانت قِداحًا مكتوبًا على بعضها : " نهاني ربّي "
وعلى بعضها : " أمرني ربّي " ، فإن خرج القدح الذي هو مكتوب عليه : " أمرني ربي " ، مضى لما أراد من سفر أو غزو ، أو تزويج ، وغير ذلك .
وإن خرج الذي عليه مكتوب: " نهاني ربي " ، كفّ عن المضي لذلك وأمسك "
انتهى من " تفسير الطبري " (9/ 510) .
والبشعة تقوم على الظنون ، والظن أكذب الحديث ، وهذا يخالف شريعة الله التي تؤكد في الخصومات على ضرورة التحقق من كل دعوى ، وإقامة الطالب لبينته الشرعية عليها
وإلا لفسدت حال الناس ، وضاعت حقوقهم ، إذا كان المدار على مجرد الدعوى ، أو قول قائل ، أو منام ، أو استقسام بالأزلام ، أو أخبار الكهنة والعرافين ، ومن ذلك الباب الفاسد : الحكم عن طريق " البُشعة" .
وقد روى البخاري (4552) ، ومسلم (1711) واللفظ له : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ ، لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ) .
وعند الترمذي (1341) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( البَيِّنَةُ عَلَى المُدَّعِي ، وَاليَمِينُ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ ) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
وإذا كانت طريقة التقاضي وتقصي الحقوق : أمرا محددا معلوما في الشرع ، فكذلك البينات : ليست متروكة لأهواء الناس وأعرافهم ، فما عده الناس بينة ودليلا
فهي مقبولة في الشرع ، لا ؛ بل إن الشرع حدد ذلك كله ، وفاوت بين هذه البينات بحسب كل قضية ؛ لئلا يقول قائل ، أو يدعي مدع .
وكم وقعت فتن بين الناس ، وقطعت أواصر وأرحام ، وانتشرت عداوات .. بسبب هذه الطرق الجاهلية ، من حكم البشعة ، وقول الكاهن والعراف ، وسلوم البادية ، ونحو ذلك كله .
راجع لمزيد الفائدة جواب السؤال القادم
ثانيا :
إذا لعق المتهم هذه الطاسة الشيطانية فأصابته بعاهة في لسانه : فإن كان عن رضا منه وقبول بهذا الحكم الجاهلي ، فالواجب على ولي الأمر الشرعي : أن يعاقبه
هو وكل من باشر هذا المنكر وأعان عليه ، ويكون ما أصابه عقابا له على اتباع هذا المنكر والرضا به ، من باب التعزير له .
أما إن كان عن غير رضا منه ، وإنما أجبر عليه ، أو : غُرَّ وخُدع ؛ فالضمان يكون على من استكرهه ، أو خدعه ؛ وتقدير ذلك في كل واقعة : يرجع إلى القاضي الشرعي .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-12, 19:08
حكم التحاكم إلى العادات والأعراف القبلية
السؤال
إذا زنى رجل بامرأة ، تقوم القبائل بتعويض أهل البنت بمال يقدره العرف القبلي ، علما أن هذا المال يشاركه في دفعه قبيلته ، ما حكم المشاركة في دفع هذا المبلغ إن كنت من قبيلة الفاعل
وما حكم أخذ هذا المال إن كنت من قبيلة البنت. علما أنّ هذا البلد يحكمه نصراني ولا يحكم فيه بما أنزل الله ، ولذلك تلجأ القبائل للحكم القبلي مع ما فيه من حكم بغير ما أنزل الله .
الجواب
الحمد لله
أولا :
هذا التعويض المالي له صورتان :
الأولى : أن يكون خاصا بحالة الإكراه على الزنا ، فيُلزم الزاني بدفع المهر للمزني بها المكرهة على ذلك ، أو بدفع المهر مع أرش البكارة – إن كانت بكرا - ، عند من يقول بذلك ، وأرش البكارة هو الفرق بين مهر البكر والثيب .
على أن يكون هذا المال واجبا على الزاني ، مع إقامة الحد عليه ، ويعطى للمزني بها ، التي ثبت إكراهها على الزنا .
وإذا كان الأمر كذلك ، فهذا لا إشكال فيه ، بل هو من تحكيم الشرع ، ولو وافق العادة والعرف .
ولو فرض أنهم عجزوا عن إقامة الحد ، واستطاعوا إلزام الزاني بدفع المهر للمكرهة ، لكان هذا سائغا ، فإن مالا يدرك كله لا يُترك جُلّه ، وقد قال الله تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم ).
وأما إلزام القبيلة بدفع المهر أو المشاركة فيه ، فلا وجه له ، بل هو واجب في مال الزاني كما سبق ، ومساعدته في دفعه يعني تسهيل القضية وترويج الزنا . ويأتي بيان الخلاف في وجوب المهر والأرش .
الصورة الثانية : أن يكون ذلك نظاما متبعا في جميع حالات الزنى ، لا فرق بين من أكرهت عليه ، ومن طاوعت فيه ، وتلزم القبيلة بمشاركة الزاني في دفع هذا التعويض
ويعد ذلك حكما عاما ترجع إليه القبائل فيما بينها ، فهذا تنظيم وتقنين لمهور البغايا ؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ وَمَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ وَكَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ ) رواه مسلم (1568)
وقال : ( لا يَحِلُّ ثَمَنُ الْكَلْبِ وَلا حُلْوَانُ الْكَاهِنِ وَلا مَهْرُ الْبَغِيِّ ) رواه النسائي (4293)
ومن البين أن هذا الحكم القبلي ، أو ما يسمى بالسلوم ، هو من أحكام الجاهلية ، التي لا يجوز الحكم بها ، ولا التحاكم إليها ، ولا الإعانة عليها
لقوله تعالى : ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) المائدة/49 ، 50
وقوله : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) المائدة/44
وقوله : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً) النساء/60 ، وقوله : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) النساء/65.
إلى غير ذلك من الآيات الدالة على وجوب تحكيم شرع الله ونبذ ما خالفه من أحكام الجاهلية .
وقد حكم الله تعالى وشرَع أن يجلد الزاني إذا كان بكرا ، ويرجم إن كان ثيبا ، رجلا كان أو امرأة ، فكل حكم يخالف هذا فهو من أحكام الجاهلية ، التي يجب البراءة منها ، والسعي في إبطالها .
وقد نص أهل العلم على أن التحاكم إلى سلوم البادية ، وأعراف القبائل المخالفة للشريعة المحمدية ، أن ذلك من الكفر .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله
: " (السادس) [أي من أنواع الكفر الأكبر في مسألة تحكيم القوانين] :
ما يحكم به كثير من رؤساء العشائر والقبائل من البوادي ونحوهم من حكايات آبائهم وأجدادهم وعاداتهم التي يسمونها " سلومهم " يتوارثون ذلك منهم ويحكمون به ويحملون على التحاكم إليه عند النزاع
بناء على أحكام الجاهلية ، و إعراضاً ورغبة عن حكم الله ورسوله فلا حول ولا قوة إلا بالله "
انتهى من رسالة "تحكيم القوانين".
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في رسالة له بعنوان : " حكم التحاكم إلى العادات والأعراف القبلية
من عبد العزيز بن باز إلى من يطلع عليه من المسلمين ، وفقني الله وإياهم لمعرفة الحق واتباعه آمين .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . . . أما بعد .
فالداعي لهذا هو الإجابة عن أمور سأل عنها بعض الإخوة الناصحين في المملكة ؛ حيث ذكر أنه يوجد في قبيلته ، وفي قبائل أخرى عادات قبلية سيئة ما أنزل الله بها من سلطان منها : -
ترك التحاكم إلى كتاب الله ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، إلى عادات قبلية وأعراف جاهلية .
ومنها كتمان الشهادة ، وعدم أدائها حمية وتعصبا ، أو الشهادة زورا وبهتانا ، حمية وعصبية أيضا . إلى غير ذلك من الأسباب التي قد تدعو بعض الناس إلى مخالفة الشرع المطهر .
ولوجوب النصيحة لله ولعباده أقول وبالله التوفيق :
يجب على المسلمين أن يتحاكموا إلى كتاب الله ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في كل شيء ، لا إلى القوانين الوضعية والأعراف والعادات القبلية .
قال الله تعالى : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا وقال تعالى : أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) .
فيجب على كل مسلم أن لا يقدم حكم غير الله على حكم الله ورسوله كائنا من كان ، فكما أن العبادة لله وحده ، فكذلك الحكم له وحده ، كما قال سبحانه : ( إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ ) .
فالتحاكم إلى غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من أعظم المنكرات ، وأقبح السيئات ، وفي كفر صاحبه تفصيل
قال الله تعالى : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )
فلا إيمان لمن لم يحكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في أصول الدين وفروعه ، وفي كل الحقوق ، فمن تحاكم إلى غير الله ورسوله ، فقد تحاكم إلى الطاغوت.
وعلى هذا يجب على مشايخ القبائل ، ألا يحكموا بين الناس بالأعراف التي لا أساس لها في الدين ، وما أنزل الله بها من سلطان . . بل يجب عليهم أن يردوا ما تنازع فيه قبائلهم إلى المحاكم الشرعية
ولا مانع من الإصلاح بين المتنازعين بما لا يخالف الشرع المطهر ، بشرط الرضا وعدم الإجبار . . لقوله صلى الله عليه وسلم : ( الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما )
كما يجب على القبائل جميعا ألا يرضوا إلا بحكم الله ورسوله .... "
انتهى من "مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز" (5/142).
وسئلت "اللجنة الدائمة للإفتاء" ما نصه :
" س : ما الحكم إذا تخاصم اثنان مثلا وتحاكما إلى الأحكام العرفية ، فمثلا يضع كل منهما معدالا ، كما يسمونه ، ويرضون من مشايخ القبائل من يحكم بينهما ، ويجلسان بين يديه
ويبث كل منهما دعواه ضد الآخر ، فإذا كانت القضية بسيطة حكم فيها بذبيحة على المخطئ يذبحها لخصمه ، وإذا كانت القضية كبيرة حكم فيها (بجنبية) أي : كانوا في القدم يضربونه على رأسه بآلة حادة حتى يسيل دمه
ولكن اليوم تقدر (الجنبية بدراهم) ويسمون هذا : صلحا ، وهذا الشيء منتشر بين القبائل ويسمونه : مذهبا ، بمعنى : إذا لم ترض بفعلهم هذا فيقولون عنك : (قاطع المذهب) ، فما الحكم في هذا يا فضيلة الشيخ ؟
ج : يجب على المسلمين أن يتحاكموا إلى الشريعة الإسلامية ، لا إلى الأحكام العرفية ، ولا إلى القوانين الوضعية ، وما ذكرته ليس صلحا في الحقيقة
وإنما هو تحاكم إلى مبادئ وقواعد عرفية ; ولذا يسمونها : مذهبا ، ويقولون لمن لم يرض بالحكم بمقتضاها : إنه قاطع المذهب، وتسميته صلحا لا يخرجه عن حقيقته من أنه تحاكم إلى الطاغوت
ثم الحكم الذي عينوه من الذبح أو الضرب بآلة حادة على الرأس حتى يسيل منه الدم ليس حكما شرعيا .
وعلى هذا يجب على مشايخ القبائل ألا يحكموا بين الناس بهذه الطريقة ، ويجب على المسلمين ألا يتحاكموا إليهم ، إذا لم يعدلوا عنها إلى الحكم بالشرع ، واليوم -ولله الحمد- قد نصب ولي الأمر قضاة يحكمون بين الناس
ويفصلون في خصوماتهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ويحلون مشكلاتهم بما لا يتنافى مع شرع الله تعالى
فلا عذر لأحد في التحاكم إلى الطاغوت بعد إقامة من يتحاكم إليه من علماء الإسلام ويحكم بحكم الله سبحانه .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد, وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ، انتهى .
وإذا كان الأمر كذلك : فلا يجوز لك أن تشارك في هذا الحكم ، ولا في دفع المال ، أو أخذه ، بل يجب أن تبرأ من ذلك ، كما يجب أن تنصح لهؤلاء ، وتبين لهم خطر ما هم عليه من تحكيم غير الشرع ، وأنه لا عذر لهم في ذلك
ولو كان حاكمهم نصرانيا لا يطبق أحكام الله ، وعليهم أن يتناصحوا فيما بينهم ويسعوا إلى تطبيق أحكام الشريعة قدر استطاعتهم ، وما عجزوا عن تطبيقه فلا يجوز لهم إحداث حكمٍ فيه
مهما رأوا فيه من المصلحة ، وإلا كانوا مشرّعين آثمين مبتغين في الإسلام سنة الجاهلية .
ثانيا :
ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن المرأة إذا أكرهت على الزنا ، فإن الزاني يلزم بمهر مثلها .
فإن كانت بكرا ، فهل لها مع المهر أرش البكارة ؟
ذهب إلى ذلك بعض الفقهاء ، وهو رواية عن أحمد رحمه الله ، لكن المذهب المعتمد عند الحنابلة هو عدم وجوب أرش البكارة ، وإنما تأخذ المكرهة على الزنا مهر المثل فقط .
ونبه المالكية على أن هذا المهر لا تتحمله العاقلة ، لأن الزنى من باب العمد ، لا الخطأ .
وخالف الحنفية فلم يوجبوا مهرا للمكرهة على الزنا ، بكرا كانت أو ثيبا .
وهو رواية عن أحمد رحمه الله ، اختارها شيخ الإسلام ، وقال عن المهر : إنه خبيث .
ثالثا :
لو أكرهها على الزنا ، فأفضاها ، فإنه يلزمه المهر ، مع الضمان ، واختلف في تقديره ، فالحنفية والحنابلة على أنه ثلث الدية ، والمالكية على أن فيه حكومة عدل
والشافعية على أن فيه الدية كاملة ، ووافقهم الحنفية فيما إذا أفضاها فلم تمسك البول .
وينظر : "المبسوط (9/53) ، المنتقى للباجي (7/77)
التاج والإكليل (8/342) ، مغني المحتاج (4/75)
المغني (7/209) ، (8/373)
الإنصاف (8/306- 308)
الموسوعة الفقهية (5/297) ، (21/95) ".
والإفضاء : إزالة الحاجز بين مخرج البول ومحل الجماع .
والحاصل : أن دفع المهر للمكرهة على الزنا ، أو دفع المهر وأرش البكارة ، للبكر المكرهة على الزنا ، إنما يكون في مال الزاني
ولا تتحمله العاقلة ، ويذهب للمرأة المزني بها ، وليس إلى عاقلتها ، وأما المطاوعة على الزنى فلا شيء لها .
وهذا كله بعد ثبوت الزنا وإقامة الحد . وبهذا يظهر الفرق بين ما ورد في الشرع ، وبين ما يحكّم من العادات والأعراف القبلية .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-08-15, 04:47
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
هل ينبغي علينا أن نخاف ممن لا يخاف الله ؟
السؤال:
ما هو حكم من يقول : الخوف من الله ، وممن لا يخاف الله ؛ الشخص الذي لا يخاف الله : هل يجب على الإنسان أن يخاف منه ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
أما الخوف من الله : فمن أفضل مقامات الدين وأجلِّها
وهو من أجمع أنواع العبادة التي أمر الله سبحانه بإخلاصها له
قال تعالى : ( فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) آل عمران/175
ووعد سبحانه من حقق مقام الخوف منه بجنتين
فقال تعالى : ( وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ) الرحمن/46
وأثنى على الملائكة بأنهم يخافون ربهم من فوقهم
فقال تعالى : ( يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ) النحل/50 .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" أَصْلُ كُلِّ خَيْرٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ : الْخَوْفُ مِنْ اللَّهِ " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (7 /20) .
والخوف النافع للعبد :
هو الخوف الذي يحمله على طاعة الله ، وطلب مرضاته ، وترك ما يغضبه ويسخطه ، سبحانه .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الخوف من الله تعالى يكون محمودًا ، ويكون غير محمود :
فالمحمود : ما كانت غايته أن يحول بينك وبين معصية الله ، بحيث يحملك على فعل الواجبات ، وترك المحرمات ، فإذا حصلت هذه الغاية سكن القلب واطمأن ، وغلب عليه الفرح بنعمة الله ، والرجاء لثوابه .
وغير المحمود : ما يحمل العبد على اليأس من روح الله والقنوط ، وحينئذ يتحسر العبد وينكمش ، وربما يتمادى في المعصية لقوة يأسه ".
انتهى من " مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين " (6/ 53) .
ثانيا :
قال الله تعالى : ( إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) آل عمران/ 175 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَدَلَّتْ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخَافَ أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ، وَلَا يَخَافَ النَّاسَ
كَمَا قَالَ : ( فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ) ؛ فَخَوْفُ اللَّهِ : أَمَرَ بِهِ ، وَخَوْفُ أَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ : نَهَى عَنْهُ
قَالَ تَعَالَى : ( لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي )
فَنَهَى عَنْ خَشْيَةِ الظَّالِمِ ، وَأَمَرَ بِخَشْيَتِهِ .
وَقَالَ: ( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إلَّا اللَّهَ )
وَقَالَ: ( فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ) .
وَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ : يَا رَبِّ إنِّي أَخَافُك وَأَخَافُ مَنْ لَا يَخَافُك : فَهَذَا كَلَامٌ سَاقِطٌ ، لَا يَجُوزُ ؛ بَلْ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَخَافَ اللَّهَ وَحْدَهُ ، وَلَا يَخَافَ أَحَدًا ؛ فَإِنَّ مَنْ لَا يَخَافُ اللَّهَ : أَذَلُّ مِنْ أَنْ يُخَافَ
فَإِنَّهُ ظَالِمٌ ، وَهُوَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ ؛ فَالْخَوْفُ مِنْهُ قَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْهُ .
وَإِذَا قِيلَ : قَدْ يُؤْذِينِي ؟
قِيلَ : إنَّمَا يُؤْذِيك بِتَسْلِيطِ اللَّهِ لَهُ ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ دَفْعَ شَرِّهِ عَنْك دَفَعَهُ ؛ فَالْأَمْرُ لِلَّهِ ؛ وَإِنَّمَا يُسَلَّطُ عَلَى الْعَبْدِ بِذُنُوبِهِ ، وَأَنْتَ إذَا خِفْتَ اللَّهَ ، فَاتَّقَيْتَهُ
وَتَوَكَّلْتَ عَلَيْهِ : كَفَاكَ شَرَّ كُلِّ شَرٍّ ، وَلَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَيْكَ
فَإِنَّهُ قَالَ: ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) ، وَتَسْلِيطُهُ يَكُونُ بِسَبَبِ ذُنُوبِك ، وَخَوْفِك مِنْهُ .
فَإِذَا خِفْتَ اللَّهَ ، وَتُبْتَ مِنْ ذُنُوبِك ، وَاسْتَغْفَرْتَهُ : لَمْ يُسَلَّطْ عَلَيْكَ
كَمَا قَالَ : ( وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (1/57-58)
وينظر أيضا : "جامع المسائل" (3/58) .
وعلى ذلك : فلا ينبغي إطلاق هذا القول ؛ بل حقه أن يضاف إلى " المناهي اللفظية " التي ينبغي توقيها .
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2142592
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-15, 04:56
لم يثبت الدعاء عند الخوف من أحدهم بقول ( دخلت عليك بلا إله إلا الله )
السؤال:
ما مدى صحة هذا الدعاء : أنه إذا رهب أحد أمرا يقول
: ( دخلت عليك بلا إله إلا الله...وألجمت فاك بلا حول ولا قوة إلا بالله...ومعي حبيبي محمد رسول الله...وقضيت حاجتي بإذن الله ، الله أكبر ، الله أكبر مما أخاف ومما أحذر ) ؟
الجواب :
الحمد لله
لم نجد هذا الدعاء في كتب السنة والآثار ، ولا نعرف أحدا من أهل العلم من المحدثين أو الفقهاء أو المفسرين ذكره ، وإنما اشتهر على ألسنة الناس من غير إسناد ولا أثر .
غير أن الجملة الأخيرة منه تروى من كلام الصحابي الجليل ابن عباس رضي الله عنهما
كما روى ذلك ابن أبي شيبة في " المصنف " (6/23)
وأبو نعيم في " حلية الأولياء " (1/322)
والبخاري في " الأدب المفرد " (ص/247)
والخرائطي في " مكارم الأخلاق " (338)
والطبراني في " المعجم الكبير " (10/258)،
جميعهم من طريق يونس بن أبي إسحاق ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
( إِذَا أَتَيْتَ سُلْطَانًا مَهِيبًا تَخَافُ أَنْ يَسْطُوَ عَلَيْكَ ، فَقُلْ : اللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَعَزُّ مِنْ خَلْقِهِ جَمِيعًا ، اللَّهُ أَعَزُّ مِمَّا أَخَافُ وَأَحْذَرُ ، أَعُوذُ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
الْمُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ أَنْ يَقَعْنَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ، مِنْ شَرِّ عَبْدِكَ فُلَانٍ وَجُنُودِهِ وَأَتْبَاعِهِ وَأَشْيَاعِهِ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ، اللَّهُمَّ كُنْ لِي جَارًا مِنْ شَرِّهِمْ ، جَلَّ ثَنَاؤُكَ ، وَعَزَّ جَارُكَ ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ ) ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
وإسناد هذا الأثر كما قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (10/137) :
رجاله رجال الصحيح . وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الأدب المفرد " (264)
وفي " صحيح الترغيب والترهيب " (2/267).
وقد عقد الإمام المنذري رحمه الله في كتابه " الترغيب والترهيب " (2/115)
فصلا بعنوان :
" فصل في الدعاء عند الخوف من السلطان الجائر "، أورد فيه مجموعة من الأحاديث والآثار الواردة عن بعض الصحابة والتابعين في هذا المعنى
ولكن هذه الآثار – ومنها أثر ابن عباس السابق - لا يمكن اعتبارها من السنن المستحبة ، أو الدين الذي شرعه الله لعباده .
أما إذا ثبت الحديث المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم فنحن نسلم بأثره واستحبابه ومشروعيته
.
وقد جاء في السنة بعض الأدعية والأذكار التي يحفظ الله بها المسلم بإذنه سبحانه وتعالى من أذى الأعداء :
1- ( اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ ) رواه مسلم (3005)
وقد سبق الكلام على هذا الدعاء بتوسع في الجواب القادم
2- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَافَ قَوْمًا قَالَ : ( اللَّهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ )
رواه أبو داود (1537)
وصححه النووي في " الأذكار " (167)
والعراقي في " تخريج الإحياء " (1/429)
والألباني في " صحيح أبي داود ".
3- عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( إِذَا تَخَوَّفَ أَحَدُكُمُ السُّلْطَانَ فَلْيَقُلِ : اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ ، وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، كُنْ لِي جَارًا مِنْ شَرِّ فُلانِ بن فُلانٍ يَعْنِي الَّذِي يُرِيدُ ، وَشَرِّ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَأَتْبَاعِهِمْ ، أَنْ يَفْرُطَ عَلَيَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ
عَزَّ جَارُكَ ، وَجَلَّ ثَنَاؤُكَ ، وَلا إِلَهَ غَيْرُكَ )
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (10/15)
وقال الحافظ ابن حجر في "بذل الماعون" (94) :
إسناده حسن .
وضعف الألباني رفعه في " السلسلة الضعيفة " (2400)
وصححه موقوفا على عبد الله بن مسعود ثم قال : يحتمل أن يكون في حكم المرفوع .
4- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( مَنْ قالَ - يعني إذا خرج من بيته - : باسْمِ اللَّهِ ، تَوَكَّلْتُ على اللَّهِ ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ باللَّهِ . يُقالُ لَهُ : كُفِيتَ وَوُقِيتَ وَهُدِيتَ ، فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ ، فَيَقُولُ لَهُ شَيطَانٌ آخَرُ : كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وكُفِيَ وَوُقِيَ )
رواه أبو داود (5095) والترمذي (3426)
وقال : حديث حسن صحيح
. وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
جاء في "عون المعبود" (13/297):
" ( يقال حينئذ ) : أي يناديه ملك يا عبد الله ( هُديت ) : بصيغة المجهول ، أي : طريق الحق ، ( وكُفيت ) أي هَمَّك ( وَوُقيت ) من الوقاية ، أي : حُفِظت " انتهى .
5- وعن أبان بن عثمان قال سمعت عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ : " بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ )
وَكَانَ أَبَانُ قَدْ أَصَابَهُ طَرَفُ فَالِجٍ ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ أَبَانُ : مَا تَنْظُرُ ! أَمَا إِنَّ الْحَدِيثَ كَمَا حَدَّثْتُكَ ، وَلَكِنِّي لَمْ أَقُلْهُ يَوْمَئِذٍ لِيُمْضِيَ اللَّهُ عَلَيَّ قَدَرَهُ .
رواه الترمذي (3388)
وقال : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ .
وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
ويدعو أن يحفظه الله تعالى من الأذى والمكروه ، ويسأل الله تعالى العافية والستر ، ويتعوذ مما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ منه ، والله سبحانه وتعالى خيرٌ حافظا وهو أرحم الراحمين، ومن يتوكل على الله فهو حسبه .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-15, 05:03
يشرع لمن خاف عدوا أن يدعو فيقول اللهم اكفنيهم بما شئت
السؤال:
هل صحيح أن هذا الدعاء أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم : ( اللهم اكفنيهم بما شئت ، وكيف شئت ، إنك على ما تشاء قدير ) للأمن من العدو ، وحين لقائه إن خفته ؟
الجواب :
الحمد لله
من خاف قوما أو عدوا فإنه يشرع له أن يدعو بما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم ، وبما عرف في دعاء الأنبياء والصالحين من الأمم السابقة ، وذلك أن يقول : ( اللهم اكفنيهم بما شئت )
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا بذلك يوم لحقه سراقة بن مالك في رحلة الهجرة إلى المدينة المنورة .
عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال :
( ارْتَحَلْنَا ، وَالْقَوْمُ يَطْلُبُونَا ، فَلَمْ يُدْرِكْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ! هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا . فَقَالَ : لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا .
حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَّا ، فَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ قَدْرُ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ أَوْ ثَلاثَةٍ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ! هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا . وَبَكَيْتُ . قَالَ : لِمَ تَبْكِي ؟ قَالَ : قُلْتُ : أَمَا وَاللهِ مَا عَلَى نَفْسِي أَبْكِي ، وَلَكِنْ أَبْكِي عَلَيْكَ .
قَالَ : فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : اللهُمَّ اكْفِنَاهُ بِمَا شِئْتَ .
فَسَاخَتْ قَوَائِمُ فَرَسِهِ إِلَى بَطْنِهَا فِي أَرْضٍ صَلْدٍ ، وَوَثَبَ عَنْهَا ، وَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ! قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا عَمَلُكَ ، فَادْعُ اللهَ أَنْ يُنْجِّيَنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ ، فَوَاللهِ لَأُعَمِّيَنَّ عَلَى مَنْ وَرَائِي مِنَ الطَّلَبِ
وَهَذِهِ كِنَانَتِي فَخُذْ مِنْهَا سَهْمًا ، فَإِنَّكَ سَتَمُرُّ بِإِبِلِي وَغَنَمِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا ، فَخُذْ مِنْهَا حَاجَتَكَ . قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا .
قَالَ : وَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأُطْلِقَ ، فَرَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ )
رواه أحمد في " المسند " (1/181)
وقال المحققون : إسناده صحيح على شرط مسلم . والحديث أصله في الصحيحين .
كما دعا الغلام - في قصة أصحاب الأخدود – بهذا الدعاء ، وكانت سببا في نجاته من القتل في المرتين الأوليين .
عَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( كَانَ مَلِكٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ ، فَلَمَّا كَبِرَ قَالَ لِلْمَلِكِ : إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ فَابْعَثْ إِلَيَّ غُلَامًا أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ . فَبَعَثَ إِلَيْهِ غُلَامًا يُعَلِّمُهُ
فَكَانَ فِي طَرِيقِهِ - إِذَا سَلَكَ - رَاهِبٌ ، فَقَعَدَ إِلَيْهِ وَسَمِعَ كَلَامَهُ ، فَأَعْجَبَهُ ، فَكَانَ إِذَا أَتَى السَّاحِرَ مَرَّ بِالرَّاهِبِ وَقَعَدَ إِلَيْهِ ، فَإِذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى الرَّاهِبِ
فَقَالَ : إِذَا خَشِيتَ السَّاحِرَ فَقُلْ : حَبَسَنِي أَهْلِي ، وَإِذَا خَشِيتَ أَهْلَكَ فَقُلْ حَبَسَنِي السَّاحِرُ .
فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتْ النَّاسَ ، فَقَالَ : الْيَوْمَ أَعْلَمُ آلسَّاحِرُ أَفْضَلُ أَمْ الرَّاهِبُ أَفْضَلُ . فَأَخَذَ حَجَرًا فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أَمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هَذِهِ الدَّابَّةَ حَتَّى يَمْضِيَ النَّاسُ
. فَرَمَاهَا فَقَتَلَهَا ، وَمَضَى النَّاسُ ، فَأَتَى الرَّاهِبَ فَأَخْبَرَهُ ، فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ : أَيْ بُنَيَّ ! أَنْتَ الْيَوْمَ أَفْضَلُ مِنِّي ، قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى ، وَإِنَّكَ سَتُبْتَلَى ، فَإِنْ ابْتُلِيتَ فَلَا تَدُلَّ عَلَيَّ
. وَكَانَ الْغُلَامُ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَيُدَاوِي النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الْأَدْوَاءِ ، فَسَمِعَ جَلِيسٌ لِلْمَلِكِ - كَانَ قَدْ عَمِيَ - فَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ ، فَقَالَ : مَا هَاهُنَا لَكَ أَجْمَعُ إِنْ أَنْتَ شَفَيْتَنِي
. فَقَالَ : إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدًا ، إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُ ، فَإِنْ أَنْتَ آمَنْتَ بِاللَّهِ دَعَوْتُ اللَّهَ فَشَفَاكَ . فَآمَنَ بِاللَّهِ فَشَفَاهُ اللَّهُ ، فَأَتَى الْمَلِكَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ كَمَا كَانَ يَجْلِسُ ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : مَنْ رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ ؟
قَالَ : رَبِّي . قَالَ : وَلَكَ رَبٌّ غَيْرِي ؟!
قَالَ : رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ . فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الْغُلَامِ . فَجِيءَ بِالْغُلَامِ ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : أَيْ بُنَيَّ ! قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ ؟
فَقَالَ : إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدًا إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُ . فَأَخَذَهُ ، فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهِبِ ، فَجِيءَ بِالرَّاهِبِ فَقِيلَ لَهُ : ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ ، فَأَبَى . فَدَعَا بِالْمِئْشَارِ
فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَشَقَّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ ، ثُمَّ جِيءَ بِجَلِيسِ الْمَلِكِ ، فَقِيلَ لَهُ : ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ فَأَبَى . فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ .
ثُمَّ جِيءَ بِالْغُلَامِ ، فَقِيلَ لَهُ : ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ . فَأَبَى ، فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ : اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا فَاصْعَدُوا بِهِ الْجَبَلَ
فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلَّا فَاطْرَحُوهُ ، فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الْجَبَلَ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ . فَرَجَفَ بِهِمْ الْجَبَلُ فَسَقَطُوا ، وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ
فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ ؟
قَالَ : كَفَانِيهِمُ اللَّهُ . فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ : اذْهَبُوا بِهِ فَاحْمِلُوهُ فِي قُرْقُورٍ ، فَتَوَسَّطُوا بِهِ الْبَحْرَ ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلَّا فَاقْذِفُوهُ . فَذَهَبُوا بِهِ فَقَالَ : اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ . فَانْكَفَأَتْ بِهِمْ السَّفِينَةُ فَغَرِقُوا
وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ ؟
قَالَ : كَفَانِيهِمُ اللَّهُ . فَقَالَ لِلْمَلِكِ : إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ . قَالَ : وَمَا هُوَ ؟ قَالَ : تَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ وَتَصْلُبُنِي عَلَى جِذْعٍ ، ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي ، ثُمَّ ضَعْ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ
ثُمَّ قُلْ : بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ ، ثُمَّ ارْمِنِي ، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِي .
فَجَمَعَ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ ، وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ ، ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ فِي كَبْدِ الْقَوْسِ ، ثُمَّ قَالَ : بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ ، ثُمَّ رَمَاهُ ، فَوَقَعَ السَّهْمُ فِي صُدْغِهِ ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي صُدْغِهِ فِي مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ .
فَقَالَ النَّاسُ : آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ . فَأُتِيَ الْمَلِكُ فَقِيلَ لَهُ : أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ قَدْ وَاللَّهِ نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ
قَدْ آمَنَ النَّاسُ . فَأَمَرَ بِالْأُخْدُودِ فِي أَفْوَاهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ ، وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ ، وَقَالَ : مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَحْمُوهُ فِيهَا ، أَوْ قِيلَ لَهُ : اقْتَحِمْ . فَفَعَلُوا
حَتَّى جَاءَتْ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا ، فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا ، فَقَالَ لَهَا الْغُلَامُ : يَا أُمَّهْ ! اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ )
رواه مسلم (3005)
والحاصل أن الثابت في السنة النبوية الجملة الأولى فقط من الدعاء الوارد في السؤال وهو قول: ( اللهم اكفناه بما شئت )، أما تكملة الدعاء ( وكيف شئت ، إنك على ما تشاء قدير ) فلم نقف عليها في كتب السنة .
ومع ذلك فمن سأل الله تعالى أن يكفيه شر الأشرار ، وكيد الفجار ، بهذه الصيغة أو بنحوها من الصيغ الواردة في السنة النبوية : رجي أن يستجيب الله له
ويصرف عنه الأذى والسوء ، ومن أصابه العدو – بعد دعائه بهذا الدعاء – فذلك لحكمة جليلة يعلمها الله جل وعلا .
وقد جاء في السنة بعض الأدعية والأذكار التي يحفظ الله بها المسلم بإذنه سبحانه وتعالى من أذى الأعداء :
1- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَافَ قَوْمًا قَالَ : ( اللَّهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ )
رواه أبو داود (1537)
وصححه النووي في "الأذكار" (167)
والعراقي في "تخريج الإحياء" (1/429)
والألباني في صحيح أبي داود .
2- عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( إِذَا تَخَوَّفَ أَحَدُكُمُ السُّلْطَانَ فَلْيَقُلِ : اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ ، وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، كُنْ لِي جَارًا مِنْ شَرِّ فُلانِ بن فُلانٍ يَعْنِي الَّذِي يُرِيدُ ، وَشَرِّ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَأَتْبَاعِهِمْ ، أَنْ يَفْرُطَ عَلَيَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ ، عَزَّ جَارُكَ ، وَجَلَّ ثَنَاؤُكَ ، وَلا إِلَهَ غَيْرُكَ )
رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (10/15)
وقال الحافظ ابن حجر في "بذل الماعون" (94)
: إسناده حسن
. وضعف الألباني رفعه في "السلسلة الضعيفة" (2400)
وصححه موقوفا على عبد الله بن مسعود ثم قال : يحتمل أن يكون في حكم المرفوع .
3- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( مَنْ قالَ - يعني إذا خرج من بيته - : باسْمِ اللَّهِ ، تَوَكَّلْتُ على اللَّهِ ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ باللَّهِ . يُقالُ لَهُ : كُفِيتَ وَوُقِيتَ وَهُدِيتَ ، فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ ، فَيَقُولُ لَهُ شَيطَانٌ آخَرُ : كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وكُفِيَ وَوُقِيَ ؟ )
رواه أبو داود (5095)
والترمذي (3426)
وقال : حديث حسن صحيح .
وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
جاء في "عون المعبود" (13/297) :
" ( يقال حينئذ ) : أي يناديه ملك يا عبد الله ( هُديت ) : بصيغة المجهول ، أي : طريق الحق ، ( وكُفيت ) أي هَمَّك ( وَوُقيت ) من الوقاية ، أي : حُفِظت " انتهى .
قال النووي رحمه الله :
" إذا خاف ناساً أو غيرهم : فالسنَّة أن يقول ما رواه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قوماً قال : " اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم "
رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح .
ويسن أيضاً أن يدعو بدعاء الكرب ,
وهو ما رواه ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب : " لا إله إلا الله - العظيم الحليم , لا إله إلا الله - رب العرش العظيم , لا إله إلا الله - رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم "
رواه البخاري ومسلم .
وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا كربه أمر قال : " يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث "
رواه الترمذي والحاكم وقال : إسناده صحيح "
انتهى من " المجموع " ( 4 / 278 )
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-15, 05:12
متى يكون الخوف من أذى الجن أو أذى البشر شركاً ؟
السؤال:
هل من الشرك الخوف من الإنسان المجرم ، والجن ودخول الأماكن المهجورة ؟
وهل من الشرك أن نقول فلان يضر ، بما أنه يضرب ويلكم إلى غير ذلك ؟
وهل من الشرك أن يقال هذا الشيء مضر بالصحة ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
الخوف من أذى أهل الشر من مجرمي الإنس هو من الخوف الجبلي الطبيعي الذي له سبب معروف
وهو الخوف من أذاهم وشرهم
والعمل على توقي ذلك بالابتعاد عنهم وتحاشيهم
فمثل هذا الخوف لا يعد من الشرك
بل لا يذم صاحبه عليه إلا إذا حمله على فعل محرم .
قال ابن عثيمين رحمه الله :
" الخوف الطبيعي والجبلي في الأصل مباح ، لقوله تعالى عن موسى : ( فخرج منها خائفا يترقب )
وقوله عنه أيضا : ( رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون )
لكن إن حمل على ترك واجب أو فعل محرم فهو محرم ، وإن استلزم شيئا مباحا كان مباحا " .
انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (10 /648) .
ثانيا :
الخوف من الجن فيه تفصيل :
- إذا كان خوفا طبيعيا ، كما يخاف الإنسان من كل ما يتوقع ضرره ، كالسبع والحية ، فهذا خوف جبلي كالأول ، لا يؤاخذ به الخائف ما لم يؤد إلى ارتكاب محرم
وينبغي دفعه بما يشرع من الأسباب ، من ذكر الله تعالى ، ودعائه ، والتوكل عليه .
- أما إذا كان خوفا ناتجا عن اعتقاد فاسد ، كأن يعتقد أنهم يضرون وينفعون من دون الله ، فهذا من الشرك ، والواجب في ذلك تصحيح الاعتقاد .
وهذا النوع من الخوف يسمونه " خوف السر "
ومعناه : أن يخاف العبد من غير الله تعالى أن يصيبه مكروه بمشيئته وقدرته وإن لم يباشره
فهذا شرك أكبر ، لأنه اعتقادٌ للنفع والضر في غير الله " .
راجع : "تيسير العزيز الحميد " (ص: 23).
ومثل هذا إذا حمله الخوف الطبيعي من الجن ، أو غيرهم مما يتوقع أذاه ، إذا حمله ذلك على صرف شيء من العبادة لهم من دون الله ، كأن يدعو الجن
أو يتعوذ بهم ، ونحو ذلك ؛ فهذا من الشرك الأكبر بالله
كما قال تعالى : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) الجن/6 .
قال ابن كثير رحمه الله :
" أَيْ: كُنَّا نَرَى أَنَّ لَنَا فَضْلًا عَلَى الْإِنْسِ ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعُوذُونَ بِنَا، أَيْ: إِذَا نَزَلُوا وَادِيًا أَوْ مَكَانًا مُوحِشًا مِنَ الْبَرَارِي وَغَيْرِهَا كَمَا كَانَ عَادَةُ الْعَرَبِ فِي جَاهِلِيَّتِهَا، يَعُوذُونَ بِعَظِيمِ ذَلِكَ الْمَكَانِ مِنَ الْجَانِّ
أَنْ يُصِيبَهُمْ بِشَيْءٍ يَسُوؤُهُمْ ، كَمَا كَانَ أَحَدُهُمْ يَدْخُلُ بِلَادَ أَعْدَائِهِ فِي جِوَارِ رَجُلٍ كَبِيرٍ وَذِمَامِهِ وَخَفَارَتِهِ ، فَلَمَّا رَأَتِ الْجِنُّ أَنَّ الْإِنْسَ يَعُوذُونَ بِهِمْ مِنْ خَوْفِهِمْ مِنْهُمْ ، {فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} أَ
يْ: خَوْفًا وَإِرْهَابًا وَذُعْرًا ، حَتَّى تَبْقَوْا أَشَدَّ مِنْهُمْ مَخَافَةً وَأَكْثَرَ تَعَوُّذًا بِهِمْ ، كَمَا قَالَ قَتَادَةُ: {فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} أَيْ: إِثْمًا، وَازْدَادَتِ الْجِنُّ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ جَرَاءَةً "
انتهى من "تفسير ابن كثير" (8/239) .
ثالثا :
الخوف من دخول الأماكن المهجورة ، إن كان خوفا جبليا ، كأن يخاف من وجود عقارب أو أفاعٍ به ، أو يخاف من وجود جن يصيبه بأذى بإذن الله
لأن الجن تسكن الأماكن المهجورة ، ونحو ذلك ، فلا يؤاخذ به ، وإن كان من خوف السر فهو من الشرك .
رابعا :
إطلاق القول بأن فلانا يضر ؛ لأنه يضرب الناس ويؤذيهم ، لا حرج فيه ، لأن ضرره هنا متعلق بسبب حسي معلوم ، هذا مع اعتقاد إن الضر والنفع إنما هو بإذن الله وتقديره
كما قال تعالى : ( وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ) البقرة/102
فأثبت لهم الضر ، لكن بإذن الله وتقديره ومشيئته .
روى الترمذي (2516) وصححه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له : ( ...
وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ )
ومثل ذلك قول : " هذا الشيء مضر بالصحة " .
والله تعالى أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-08-17, 20:26
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
لا يجوز السجود لغير الله ، ولو لمجرد الإعظام والإجلال .
السؤال :
هل هناك حديث ذُكر فيه أن رجلاً سجد أمام النبي صلى الله عليه وسلم ، فأوقفه النبي صلى الله عليه وسلم ؟
الجواب :
الحمد لله
كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يجلّونه ويعظمونه ويعظمون سنته ، ولما رأى بعضهم في أول الإسلام أن أهل الكتاب يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم
رأوا أن النبي صلى الله عليه وسلم أولى بذلك ، توقيرا له ، وتعظيما لشأنه ، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن السجود له .
فروى ابن ماجة (1853) ، والبيهقي (14711) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ : " لَمَّا قَدِمَ مُعَاذٌ مِنَ الشَّامِ سَجَدَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: ( مَا هَذَا يَا مُعَاذُ ؟ )
قَالَ : أَتَيْتُ الشَّامَ فَوَافَقْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لِأَسَاقِفَتِهِمْ وَبَطَارِقَتِهِمْ ، فَوَدِدْتُ فِي نَفْسِي أَنْ نَفْعَلَ ذَلِكَ بِكَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَلَا تَفْعَلُوا
فَإِنِّي لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ ، لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا ، وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى قَتَبٍ لَمْ تَمْنَعْهُ ) .
هذا لفظ ابن ماجة ، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجة" .
والقتب : ما يوضع حول سنام البعير تحت الراكب .
وروى أبو داود (2140) ، والحاكم (2763) عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: " أَتَيْتُ الْحِيرَةَ فَرَأَيْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لِمَرْزُبَانٍ لَهُمْ ( وهو الفارس الشجاع المقدم على القوم عندهم )
فَقُلْتُ : رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَقُّ أَنْ يُسْجَدَ لَهُ ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ : إِنِّي أَتَيْتُ الْحِيرَةَ فَرَأَيْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لِمَرْزُبَانٍ لَهُمْ ، فَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَقُّ أَنْ يُسْجَدَ لَكَ
فقَالَ : ( لَا تَفْعَلُوا، لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ ، لَأَمَرْتُ النِّسَاءَ أَنْ يَسْجُدْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ ، لَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ حَقٍّ ) .
صححه الحاكم ، ووافقه الذهبي ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
وروى ابن حبان (4162) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم دخل حَائِطًا مِنْ حَوَائِطِ الأَنْصَارِ ، فَإِذَا فِيهِ جَمَلانِ يَضْرِبَانِ وَيَرْعَدَانِ فَاقْتَرَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمَا ، فَوَضَعَا جِرَانَهُمَا بِالأَرْضِ
فَقَالَ مَنْ مَعَهُ : سَجَدَ لَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ
وَلَوْ كَانَ أَحَدٌ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا لِمَا عَظَّمَ اللَّهُ عَلَيْهَا مِنْ حَقِّهِ ) وحسنه الألباني في " إرواء الغليل " (7/ 54) .
فبين لهم النبي صلى الله عليه وسلم أن السجود لا يكون إلا لله ، وأن إجلال المخلوق وإكباره لا يكون بالسجود له .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" السجود لله وحده ، وشريعة محمد عليه الصلاة والسلام هي أكمل الشرائع وأتمها، فلا يجوز فيها السجود لغير الله لا تحية ولا عبادة ، أما العبادة فلا تصح إلا لله وحده في جميع الشرائع
ولكن كان السجود فيما مضى يستعمل تحية وإكراما ، كما فعل أبوا يوسف وإخوته ، وكما فعلت الملائكة لآدم ، هذا من باب التحية والإكرام، وليس من باب العبادة
أما في شريعة محمد عليه الصلاة والسلام ، فإن الله عز وجل منع من ذلك ، وجعل السجود لله وحده سبحانه وتعالى ، ولا يجوز أن يسجد لأحد
لا للأنبياء ولا غيرهم ، حتى محمد عليه الصلاة والسلام ، منع أن يسجد له أحد ، وأخبر أن السجود لله وحده سبحانه وتعالى " .
انتهى باختصار من " فتاوى نور على الدرب " (4/ 112-113) .
وللتفصيل في مسألة السجود لغير الله ينظر جواب السؤال القادم
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-17, 20:35
هل السجود والركوع على سبيل التحية من الشرك؟
السؤال:
قرأت في أحد المواقع أن السجود لغير الله اذا كان على وجه التحية كفر وشرك ؛ لأن السجود عبادة لا يجوز صرفها لغير الله، فهل هذا صحيح ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
السجود – ومثله الانحناء والركوع - نوعان :
الأول: سجود عبادة .
وهذا النوع من السجود يكون على وجه الخضوع والتذلل والتعبد ، ولا يكون إلا لله سبحانه وتعالى ، ومن سجد لغير الله على وجه العبادة : فقد وقع في الشرك الأكبر .
الثاني : سجود تحية .
وهذا النوع من السجود : يكون على سبيل التحية والتقدير والتكريم للشخص المسجود له.
وقد كان هذا السجود مباحاً في بعض الشرائع السابقة للإسلام ، ثم جاء الإسلام بتحريمه ومنعه.
فمن سجد لمخلوق على وجه التحية فقد فعل محرماً ، إلا أنه لم يقع في الشرك أو الكفر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية
: " السُّجُودُ عَلَى ضَرْبَيْنِ : سُجُودُ عِبَادَةٍ مَحْضَةٍ ، وَسُجُودُ تَشْرِيفٍ ، فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا يَكُونُ إلَّا لِلَّهِ".
انتهى من "مجموع الفتاوى" (4/361).
وقال : " وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى: أَنَّ السُّجُودَ لِغَيْرِ اللَّهِ مُحَرَّمٌ ".
انتهى من " مجموع الفتاوى" (4/358).
وقال : " فإن نصوص السنة ، وإجماع الأمة : تُحرِّم السجودَ لغير الله في شريعتنا ، تحيةً أو عبادةً ، كنهيه لمعاذ بن جبل أن يسجد لما قدمَ من الشام وسجدَ له سجود تحية".
انتهى من "جامع المسائل" (1/25).
وقال القرطبي
: " وَهَذَا السُّجُودُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ : قَدِ اتَّخَذَهُ جُهَّالُ الْمُتَصَوِّفَةِ عَادَةً فِي سَمَاعِهِمْ، وَعِنْدَ دُخُولِهِمْ عَلَى مَشَايِخِهِمْ وَاسْتِغْفَارِهِمْ ، فَيُرَى الْوَاحِدُ مِنْهُمْ إِذَا أَخَذَهُ الْحَالُ ـ بِزَعْمِهِ ـ يَسْجُدُ لِلْأَقْدَامِ ، لِجَهْلِهِ
سَوَاءٌ أَكَانَ لِلْقِبْلَةِ أَمْ غَيْرِهَا ، جَهَالَةً مِنْهُ ، ضَلَّ سَعْيُهُمْ وَخَابَ عَمَلُهُمْ".
انتهى من "تفسير القرطبي" (1/294).
ثانياً :
وأما القول بأن السجود لغير الله شرك مطلقاً ، لأن مطلق السجود عبادة لا تصرف لغير الله ، فقول ضعيف ، ويدل على ذلك :
1-أن الله أمر الملائكة بالسجود لآدم ، ولو كان مجرد السجود شركاً لما أمرهم الله بذلك .
قال الطبري :
" ( فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) : سُجُودُ تَحِيَّةٍ وَتَكْرِمَةٍ ، لَا سُجُودَ عِبَادَةٍ".
انتهى من "جامع البيان" (14/65).
وقال ابن العربي :
" اتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ السُّجُودَ لِآدَمَ ، لَمْ يَكُنْ سُجُودَ عِبَادَةٍ".
انتهى من "أحكام القرآن" (1/27).
وقال ابن حزم الظاهري :
" وَلَا خلاف بَين أحد من أهل الْإِسْلَام فِي أَن سجودهم لله تَعَالَى سُجُود عبَادَة ، ولآدم سُجُود تَحِيَّة وإكرام"
انتهى من "الفصل في الملل والأهواء والنحل" (2/129).
2- أن الله أخبرنا عن سجود يعقوب وبنيه ليوسف عليه السلام ، ولو كان شركاً لما فعله أنبياء الله .
ولا يقال هنا : إن هذا من شريعة من قبلنا ، فإن الشرك لم يبح في شريعة قط ، فالتوحيد لم تتغير تعاليمه وشرائعه منذ آدم إلى نبينا محمد عليهم الصلاة والسلام .
قال الطبري :
" قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ( وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا): ذَلِكَ السُّجُودُ تَشْرِفَة ، كَمَا سَجَدَتِ الْمَلَائِكَةُ لِآدَمَ تَشْرِفَةً ، لَيْسَ بِسُجُودِ عِبَادَةٍ.
وَإِنَّمَا عَنَى مَنْ ذَكَرَ بِقَوْلِهِ: إِنَّ السُّجُودَ كَانَ تَحِيَّةً بَيْنَهُمْ ، أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُمْ عَلَى الْخُلُقِ
لَا عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَزَلْ مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ قَدِيمًا ، عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْعِبَادَةِ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، قَوْلُ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَةَ:
فَلَمَّا أَتَانَا بُعَيْدَ الْكَرَى ** سَجَدْنَا لَهُ وَرَفَعْنَا الْعَمَارَا "
انتهى من "جامع البيان" (13/356).
وقال ابن كثير
: " وَقَدْ كَانَ هَذَا سَائِغًا فِي شَرَائِعِهِمْ ؛ إِذَا سلَّموا عَلَى الْكَبِيرِ يَسْجُدُونَ لَهُ ، وَلَمْ يَزَلْ هَذَا جَائِزًا مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلَى شَرِيعَةِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَحُرِّمَ هَذَا فِي هَذِهِ الْمِلَّةِ ، وجُعل السُّجُودُ مُخْتَصًّا بِجَنَابِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"
انتهى من "تفسير القرآن العظيم" (4/412).
وقال القاسمي:
" الذي لا شك فيه أنه لم يكن سجود عبادة ولا تذلل ، وإنما كان سجود كرامة فقط ؛ بلا شك"
انتهى من "محاسن التأويل" (6/250).
3-أن معاذاً سجد للنبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من الشام، ولو كان شركا لبين له النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، وقصارى ما في الأمر أنه بين له عدم جواز السجود له .
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى ، قَالَ : " لَمَّا قَدِمَ مُعَاذٌ مِنَ الشَّامِ سَجَدَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( مَا هَذَا يَا مُعَاذُ؟ ) ، قَالَ : أَتَيْتُ الشَّامَ فَوَافَقْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لِأَسَاقِفَتِهِمْ وَبَطَارِقَتِهِمْ
فَوَدِدْتُ فِي نَفْسِي أَنْ نَفْعَلَ ذَلِكَ بِكَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( فَلَا تَفْعَلُوا، فَإِنِّي لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ
لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا) رواه ابن ماجه (1853) وحسنه الألباني.
*عبدالرحمن*
2018-08-17, 20:36
قال شيخ الإسلام
: " وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ: لَوْ كُنْت آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَعْبُدَ".
انتهى من "مجموع الفتاوى" (4/360).
وقال الذهبي :
" أَلا ترى الصحابة في فرط حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم ، قالوا ألا نسجد لك ، فقال: لا ، فلو أذن لهم لسجدوا له سجود إجلال وتوقير ، لا سجود عبادة ، كما قد سجد إخوة يوسف عليه السلام ليوسف .
وكذلك القول في سجود المسلم لقبر النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل التعظيم والتبجيل : لا يكفر به أصلاً ، بل يكون عاصياً ، فليعرَّفْ أن هذا منهي عنه ، وكذلك الصلاة إلى القبر".
انتهى من "معجم الشيوخ الكبير" (1/73).
4- أنه ثبت في بعض الأحاديث سجود بعض البهائم للنبي صلى الله عليه وسلم ، ولو كان مجرد السجود شركاً لما حصل هذا في حق النبي صلى الله عليه وسلم .
قال شيخ الإسلام : " وَقَدْ كَانَتْ الْبَهَائِمُ تَسْجُدُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْبَهَائِمُ لَا تَعْبُدُ إلا اللَّهَ ، فَكَيْفَ يُقَالُ : يَلْزَمُ مِنْ السُّجُودِ لِشَيْءِ عِبَادَتُهُ ؟!"
انتهى من "مجموع الفتاوى" (4/360).
5-أن "السجود المجرد" من الأحكام التشريعية التي قد يتغير حكمها من شريعة لأخرى ، بخلاف أمور التوحيد التي تقوم بالقلب ؛ فهي ثابتة لا تتغير.
قال شيخ الإسلام : " أمَّا الْخُضُوعُ وَالْقُنُوتُ بِالْقُلُوبِ ، وَالِاعْتِرَافُ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَالْعُبُودِيَّةِ : فَهَذَا لَا يَكُونُ عَلَى الْإِطْلَاقِ إلَّا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَحْدَهُ ، وَهُوَ فِي غَيْرِهِ مُمْتَنِعٌ بَاطِلٌ.
وَأَمَّا السُّجُودُ : فَشَرِيعَةٌ مِنْ الشَّرَائِعِ ؛ إذْ أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى أَنْ نَسْجُدَ لَهُ ، وَلَوْ أَمَرَنَا أَنْ نَسْجُدَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ غَيْرِهِ :
لَسَجَدْنَا لِذَلِكَ الْغَيْرِ ، طَاعَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، إذْ أَحَبَّ أَنْ نُعَظِّمَ مَنْ سَجَدْنَا لَهُ،. وَلَوْ لَمْ يَفْرِضْ عَلَيْنَا السُّجُودَ لَمْ يَجِبْ أَلْبَتَّةَ فِعْلُهُ .
فَسُجُودُ الْمَلَائِكَةِ لِآدَمَ : عِبَادَةٌ لِلَّهِ
وَطَاعَةٌ لَهُ وَقُرْبَةٌ يَتَقَرَّبُونَ بِهَا إلَيْهِ ، وَهُوَ لِآدَمَ تَشْرِيفٌ وَتَكْرِيمٌ وَتَعْظِيمٌ.
وَسُجُودُ إخْوَةِ يُوسُفَ لَهُ : تَحِيَّةٌ وَسَلَامٌ ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ يُوسُفَ لَوْ سَجَدَ لِأَبَوَيْهِ تَحِيَّةً ، لَمْ يُكْرَهْ لَهُ"
. انتهى من "مجموع الفتاوى" (4/360).
6-أن التفريق بين سجود التحية وسجود العبادة هو ما عليه جمهور العلماء من مختلف المذاهب.
قال فخر الدين الزيلعي:
" وَمَا يَفْعَلُونَ مِنْ تَقْبِيلِ الْأَرْضِ بَيْنَ يَدَيْ الْعُلَمَاءِ : فَحَرَامٌ ، وَالْفَاعِلُ وَالرَّاضِي بِهِ : آثِمَانِ ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ عِبَادَةَ الْوَثَنِ .
وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ : أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِهَذَا السُّجُودِ ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ بِهِ التَّحِيَّةَ " .
انتهى من "تبيين الحقائق" (6/25).
وقال ابن نجيم الحنفي :
" وَالسُّجُودُ لِلْجَبَابِرَةِ : كُفْرٌ ، إنْ أَرَادَ بِهِ الْعِبَادَةَ ؛ لَا إِنْ أَرَادَ بِهِ التَّحِيَّةَ ، عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ"
انتهى من "البحر الرائق" (5/134).
وقال النووي
: " مَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْجَهَلَةِ مِنْ السُّجُودِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَشَايِخِ .. ذَلِكَ حَرَامٌ قَطْعًا ، بِكُلِّ حَالٍ ، سَوَاءٌ كَانَ إلَى الْقِبْلَةِ أَوْ غَيْرِهَا ، وَسَوَاءٌ قَصَدَ السُّجُودَ لِلَّهِ تَعَالَى ، أَوْ غَفَلَ
وَفِي بَعْضِ صُوَرِهِ مَا يَقْتَضِي الْكُفْرَ ، أَوْ يُقَارِبُهُ ، عَافَانَا اللَّهُ الْكَرِيمُ ".
انتهى من "المجموع شرح المهذب" (4/69).
وقال شهاب الدين الرملي :
" مُجَرَّد السُّجُودِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَشَايِخِ : لَا يَقْتَضِي تَعْظِيمَ الشَّيْخِ كَتَعْظِيمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، بِحَيْثُ يَكُونُ مَعْبُودًا، وَالْكُفْرُ إنَّمَا يَكُونُ إذَا قَصَدَ ذَلِكَ " .
انتهى من "نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" (1/122).
وقال الرحيباني
: " السُّجُودُ لِلْحُكَّامِ وَالْمَوْتَى بِقَصْدِ الْعِبَادَةِ : كَفْرٌ ، قَوْلًا وَاحِدًا ، بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ .
وَالتَّحِيَّةُ لِمَخْلُوقٍ بِالسُّجُودِ لَهُ : كَبِيرَةٌ مِنْ الْكَبَائِرِ الْعِظَامِ" .
انتهى من "مطالب أولي النهى" (6/ 278) .
وقال الشوكاني : " فلا بد من تقييده بأن يكون سجوده هذا قاصدا لربوبية من سجد له ، فإنه بهذا السجود قد أشرك بالله عز وجل ، وأثبت معه إلهًا آخر .
وأما إذا لم يقصد إلا مجرد التعظيم ، كما يقع كثيرا لمن دخل على ملوك الأعاجم : أنه يقبل الأرض تعظيما له ، فليس هذا من الكفر في شيء
وقد علم كل من كان من الأعلام ، أن التكفير بالإلزام ، من أعظم مزالق الأقدام ؛ فمن أراد المخاطرة بدينه ، فعلى نفسه تَجَنَّى".
انتهى من "السيل الجرار" (4/580).
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم : " الانحناء عند السلام حرام ، إذا قصد به التحية ، وأَما إن قصد به العبادة فكفر".
انتهى من "فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ" (1/109).
وقال الشيخ عبد العزيز عبد اللطيف :
" فمن المعلوم أن سجود العبادة ، القائم على الخضوع والذل والتسليم والإجلال لله وحده : هو من التوحيد الذي اتفقت عليه دعوة الرسل، وإن صرف لغيره فهو شرك وتنديد .
ولكن لو سجد أحدهم لأب أو عالم ونحوهما ، وقصده التحية والإكرام : فهذه من المحرمات التي دون الشرك ، أما إن قصد الخضوع والقربة والذل له فهذا من الشرك" .
انتهى من "نواقض الإيمان القولية والعملية" (ص: 278).
وينظر جواب السؤال :القادم
وتلخيص جميع ما سبق: أن السجود لغير الله لا يكون كفرا إلا إذا فُعل على وجه العبادة ، وأما إذا كان على سبيل التحية فهو من كبائر الذنوب ، وليس كفراً .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-17, 20:39
ما معنى سجود الملائكة لآدم وسجود إخوة يوسف له
السؤال :
لماذا أمر الله الملائكة أن تسجد لآدم ؟
ولماذا سجد إخوة يوسف ليوسف ؟
أعرف أن السجود يجب أن يكون لله.
الجواب :
الحمد لله
السجود يكون على وجهين :
يكون تعظيماً وتقرباً إلى من سُجِدَ لهُ ، وهذا سُجود عبادة ولا يكون إِلاَّّ لله وحده في جميع الشرائع .
النوع الثاني من السجود ، سُجود تحيَّة وتكريم وهذا هو السُّجود الذي أَمَر الله الملائكة به لآدم فسجدوا له تكريماً ، وهو منهم عبادة لله سبحانه بطاعتهم له إذْ أمرهم بالسجود .
وأمّا سجود أَبَويْ يُوسُف وإخوته له فكذلك هو من سجود التحية والتكريم ، وقد كان جائزاً في شريعتهم ، وأمّا في الشريعة التي جاء بها خاتم النبيين محمدٌ صلى الله عليه وسلّم
فلا يجوز السجود فيها لغير الله مطلقاً ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام " لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد ، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها "
. ونهى النبي عليه الصلاة والسلام معاذاً عن السجود له لمّا ذكر أن أهل الكتاب يسجدون لعظمائهم ، وذكر الحديث المتقدم
وتحريم السجود لغير الله مطلقاً في هذه الشريعة هو من كمالها في تحقيق التوحيد وهي الشريعة الكاملة في كُلِّ ما اشتملت عليه من الأحكام
قال تعالى : ( اليوم أكملتُ لكم دينكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) .
كتبه : الشيخ عبد الرحمن البراك .
*عبدالرحمن*
2018-08-17, 20:48
هل المنافقون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا ملحدين أم مشركين
السؤال :
بالنسبة للمنافقين الذين كانوا زمن النبي صلى الله عليه وسلم الذين ذكروا في القرآن الكريم ، ، والذين حكم الله تعالى بكفرهم ؛ لانهم آمنوا ثم كفروا .
أردت أن أعرف : ماهي عقيدتهم بعد كفرهم ؟ هل كانت الشرك بالله أم الإلحاد؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
المنافق : هو الذي يبطن الكفر ويظهر الإسلام
والمنافقون شر أصناف أهل الشر وأسوؤهم طوية وأعظمهم خطراً
قال تعالى بشأنهم : ( هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) المنافقون/ 4 .
جاء في " الموسوعة الفقهية " (41/17) :
" النِّفَاقُ لُغَةً : مَصْدَرُ نَافَقَ ، يُقَالُ : نَافَقَ الْيَرْبُوعُ إِذَا دَخَلَ فِي نَافِقَائِهِ ، وَمِنْهُ قِيلُ : نَافَقَ الرَّجُلُ : إِذَا أَظْهَرَ الإِسْلامَ لأَهْلِهِ وَأَضْمَرَ غَيْرَ الإِسْلامِ وَأَتَاهُ مَعَ أَهْلِهِ .
وَلا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاصْطِلاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ .
قَالَ ابْنُ مَنْظُورٍ : وَالنِّفَاقُ اسْمٌ مِنَ الأَسْمَاءِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي وَضَعَهَا الشَّرْعُ ، لَمْ تَكُنْ مَعْرُوفَةً بِمَعْنَاهَا الاصْطِلاحِيِّ هَذَا قَبْلَ الإِسْلامِ ، وَهُوَ الَّذِي يَسْتُرُ كُفْرَهُ وَيُظْهِرُ إِسْلامَهُ .
عَلَى أَنَّ النِّفَاقَ يُطْلَقُ تَجَوُّزًا عَلَى مَنِ ارْتَكَبَ خَصْلَةً مِنْ خِصَالِ النِّفَاقِ الآتِي ذِكْرُهَا ، كَالْكَذِبِ وَإِخْلافِ الْوَعْدِ ، أَوْ يُقَالُ : هَذَا نِفَاقٌ عَمَلِيٌّ ، وَلَيْسَ اعْتِقَادِيًّا حَقِيقِيًّا " انتهى .
ثانياً :
لم يكن يعرف أهل جزيرة العرب في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الإلحاد بمعناه اليوم ( اللادين ) ، وإنما كانوا : إما مشركين من عبدة الأوثان أو يهوداً أو نصارى
ثم بقية من أهل الكتاب ممن بقي على التوحيد ، وهم قلة .
أما إنكار وجود الإله الخالق المدبر ، فلم يكن معروفاً في العرب إلا في قلة لا تكاد تُذكر من الدَّهريين .
قال تعالى : ( قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ) يونس/ 31 .
وقال تعالى : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ) العنكبوت/ 61 .
ثم ظهر النفاق في بعض هؤلاء المشركين من عبدة الأوثان واليهود والنصاى .
قال ابن كثير رحمه الله :
" النِّفَاقُ : هُوَ إِظْهَارُ الْخَيْرِ وَإِسْرَارُ الشَّرِّ ، وَهُوَ أَنْوَاعٌ : اعْتِقَادِيٌّ ، وَهُوَ الَّذِي يَخْلُدُ صَاحِبُهُ فِي النَّارِ ، وَعَمَلِيٌّ وَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ الذُّنُوبِ ، كَمَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي مَوْضِعِهِ
إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَهَذَا كَمَا قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : الْمُنَافِقُ يُخَالِفُ قَوْلُهُ فِعْلَهُ ، وَسِرُّهُ عَلَانِيَتَهُ ، وَمَدْخَلُهُ مَخْرَجَهُ ، وَمَشْهَدُهُ مَغِيبَهُ .
وَإِنَّمَا نَزَلَتْ صِفَاتُ الْمُنَافِقِينَ فِي السُّوَرِ الْمَدَنِيَّةِ ؛ لِأَنَّ مَكَّةَ لَمْ يَكُنْ فِيهَا نِفَاقٌ ، بَلْ كَانَ خِلَافُهُ ، مِنَ النَّاسِ مَنْ كَانَ يُظْهِرَ الْكُفْرَ مُسْتَكْرَهًا ، وَهُوَ فِي الْبَاطِنِ مُؤْمِنٌ .
فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، وَكَانَ بِهَا الْأَنْصَارُ مِنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ ، وَكَانُوا فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ عَلَى طَرِيقَةِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ
وَبِهَا الْيَهُودُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى طَرِيقَةِ أَسْلَافِهِمْ ، وَكَانُوا ثَلَاثَ قَبَائِلَ : بَنُو قَيْنُقَاعَ حُلَفَاءُ الْخَزْرَجِ ، وَبَنُو النَّضِيرِ ، وَبَنُو قُرَيْظَةَ حُلَفَاءُ الْأَوْسِ ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ
وَأَسْلَمَ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ قَبِيلَتَيِ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ ، وَقَلَّ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْيَهُودِ إِلَّا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَمْ يَكُنْ إِذْ ذَاكَ نِفَاقٌ أَيْضًا
لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ بَعْدُ شَوْكَةٌ تُخَافُ ، بَلْ قَدْ كَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَادَعَ الْيَهُودَ وَقَبَائِلَ كَثِيرَةً مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ حَوَالَيِ الْمَدِينَةِ .
فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ بَدْرٍ الْعُظْمَى وَأَظْهَرَ اللَّهُ كَلِمَتَهُ ، وَأَعْلَى الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِيِّ بْنِ سَلُولَ ، وَكَانَ رَأْسًا فِي الْمَدِينَةِ ، وَهُوَ مِنَ الْخَزْرَجِ ، وَكَانَ سَيِّدَ الطَّائِفَتَيْنِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ
وَكَانُوا قَدْ عَزَمُوا عَلَى أَنْ يُمَلِّكُوهُ عَلَيْهِمْ ، فَجَاءَهُمُ الْخَيْرُ وَأَسْلَمُوا ، وَاشْتَغَلُوا عَنْهُ ، فَبَقِيَ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ ، فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ بَدْرٍ قَالَ : هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ
فَأَظْهَرَ الدُّخُولَ فِي الْإِسْلَامِ ، وَدَخَلَ مَعَهُ طَوَائِفُ مِمَّنْ هُوَ عَلَى طَرِيقَتِهِ وَنِحْلَتِهِ ، وَآخَرُونَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، فَمِنْ ثَمَّ وُجِدَ النِّفَاقُ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهَا مِنَ الْأَعْرَابِ .
فَأَمَّا الْمُهَاجِرُونَ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحَدٌ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أحَدٌ يُهَاجِرُ مُكْرَهًا ، بَلْ يُهَاجِرُ وَيَتْرُكُ مَالَهُ ، وَوَلَدَهُ ، وَأَرْضَهُ رَغْبَةً فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ " .
انتهى من "تفسير القرآن العظيم "(1/177).
والحاصل :
أن الإلحاد ، بمفهومه المعاصر : لم يكن معروفاً في جزيرة العرب ، لا في المشركين صراحة ، ولا في المنافقين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر
وعامة المنافققين : كانوا من الكفار أهل الأوثان ، أو من اليهود والنصارى ؛ غير أن ذلك لا يؤثر في وصف النفاق ولا حكم أهله ؛ بل المعتبر أن يبطن الكفر بالله
والرغبة عن دين الإسلام ، ثم يظهر من الإسلام ، خلاف ما في باطنه ، ثم لا فرق في ذلك كله بين كفر وكفر ؛ فالكل سواء .
والله تعالى أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-08-20, 06:48
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
خطر النفاق
السؤال
ما هو النفاق وما خطره على المسلمين ؟.
الجواب
الحمد لله
النفاق مرض خطير وجرم كبير وهو إظهار الإسلام وإبطان الكفر.. والنفاق أخطر من الكفر وعقوبته أشد لأنه كفر بلباس الإسلام وضرره أعظم ولذلك جعل الله المنافقين في أسفل النار
كما قال سبحانه : ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً ) النساء/145 .
المنافقون دائماً في حيرة وتقلب في خداع ومكر ظاهرهم مع المؤمنين .
. وباطنهم مع الكافرين ، حيناً مع المؤمنين وحيناً مع الكافرين ( مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلاً ) النساء/143 .
والمنافقون لفساد قلوبهم أشد الناس إعراضاً عن دين الله كما أخبر الله عنهم بقوله : ( وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً ) النساء/61 .
وتصرفات المنافقين تدور مع مصالحهم فإذا لقوا المؤمنين أظهروا الإيمان والموالاة غروراً منهم للمؤمنين , ومصانعة , وتقية , وطمعاً فيما عندهم من خير ومغانم
.. وإذا لقوا سادتهم وكبرائهم قالوا نحن معكم على ما أنتم عليه من الشرك , والكفر
كما قال سبحانه عنهم : ( وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون ، الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون ) البقرة/14-15 .
وللمنافقين صفات كثيرة أشرها وأخطرها الكفر بالله
قال تعالى : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ ) البقرة/13 .
ومن صفاتهم العداوة والحسد للمؤمنين
كما قال سبحانه : ( إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون ) التوبة/50 .
ومن صفاتهم الاستهزاء بالله ورسوله ودينه
كما قال سبحانه : ( ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) التوبة/65- 66 .
ومن صفاتهم الفساد في الأرض بالكفر والنفاق والمعاصي .. قال تعالى : ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ) البقرة/11-12 .
ومن صفاتهم البهتان والكذب كما أخبر الله عنهم بقوله : ( ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون ) المائدة/65 .
ومن صفاتهم الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف والبخل بالمال كما أخبر الله عنهم بقوله : ( المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون ) التوبة/67 .
ومن صفاتهم الطمع والجشع .. ( ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون ) التوبة/58 .
ومن صفاتهم ما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : ( أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً , ومن كانت فيه خلة منهن كانت فيه خلة من النفاق حتى يدعها إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر ,
وإذا وعد أخلف , وإذا خاصم فجر ) رواه مسلم/53 .
ومن صفاتهم الاهتمام بالمظهر و فساد المخبر وزخرفة القول
كما قال الله عنهم : ( وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون ) المنافقون/4 .
وإذا كان الكفار عدواً مبيناً من الخارج فإن المنافقين عدواً خفياً من الداخل , وهم أعظم ضرراً و أشد خطراً على المسلمين لأنهم يخالطونهم ويعلمون أحوالهم ..
وقد قضى الله أن مصير الكافرين و المنافقين إلى جهنم : ( إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً ) النساء/140 .
لكن المنافقين لعظيم ضررهم في أسفل النار كما قال سبحانه : ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ) النساء/145 .
وحيث أن خطر الكفار و المنافقين على الأمة الإسلامية عظيم لذا أمر الله رسوله بجهادهم فقال : ( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير ) التحريم/9 .
من كتاب أصول الدين الإسلامي للشيخ محمد بن إبراهيم التويجري .
*عبدالرحمن*
2018-08-20, 06:54
الإلحاد أعظم كفرا من الشرك
السؤال :
أيهما أكبر ذنباً ، الإلحاد أم الشرك ؟
الجواب:
الحمد لله
الإلحاد في المفهوم المعاصر يعني تعطيل الخالق بالإطلاق ، وإنكار وجوده ، وعدم الاعتراف به سبحانه وتعالى ، وإنما العالم وما فيه قد جاء ـ على حسب زعمهم ـ بمحض الصدفة
وهو مذهب غريب مناف للفطرة والعقل والمنطق السليم ، ومناقض لبدهيات العقل ومسلَّمات الفكر .
أما الشرك فهو يتضمن الإيمان بالله عز وجل والإقرار به ، ولكن يشمل أيضا الإيمان بشريك لله في خلقه ، يخلق ، أو يرزق ، أو ينفع ، أو يضر ، وهذا شرك الربوبية
أو بشريكٍ يُصرَف له شيء من العبادة محبة وتعظيما ، كما تصرف لله سبحانه وتعالى ، وهذا شرك العبادة .
وبالتأمل في هذين الانحرافين نجد أنَّ في كلٍّ منهما مِن الإثم والسوء ما يدلنا على سوء حالهم ، وكيف أن الله جل جلاله وصفهم بأنهم كالبهائم :
يقول الله تعالى : ( أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا . أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ) الفرقان/43-44 .
وقال سبحانه : ( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) الأعراف/179 .
ورغم ذلك كله فالملحد الجاحد المكذِّبُ بوجود الله ورسله واليوم الآخر أعظمُ كفرًا ، وأشنعُ مقالةً من الذي آمن بالله ، وأقر بالمعاد ، ولكنه أشرك معه شيئا من خلقه
فالأولُ معاند مكابر إلى الحد الذي لا يتصوره الفكر ، ولا تقبله الفطرة ، ومثله يستبيح كلَّ محرَّم ، ويقع في كل معصية ، وينتكس عقله إلى حد لا يخطر على البال
ومع ذلك فقد شكك كثير من المتكلمين في ظاهرة الإلحاد بصدق وجود هذه الظاهرة في قرارة أنفس الملحدين ، وقرروا أن الملحد إنما يظاهر بإلحاده ، وهو في باطنه مُوقِنٌ بإله واحد .
ولشيخ الإسلام ابن تيمية الكثير من العبارات التي تدل على أن طائفة الملحدين المعطِّلين الجاحدين أعظم كفرا من المشركين ، ننقل هنا بعض ما وقفنا عليه من ذلك :
يقول رحمه الله :
" الكفر عدم الإيمان بالله ورسله ، سواء كان معه تكذيب ، أو لم يكن معه تكذيب ، بل شك وريب أو إعراض عن هذا كله ، حسدا أو كبرا أو اتباعا لبعض الأهواء الصارفة عن اتباع الرسالة
وإن كان الكافر المكذب أعظم كفرا ، وكذلك الجاحد المكذب حسدا مع استيقان صدق الرسل " انتهى .
" مجموع الفتاوى " (12/335) .
ويقول أيضا
: " مَن أنكر المعاد مع قوله بحدوث هذا العالم فقد كفَّرَه الله ، فمن أنكره مع قوله بقدم العالم فهو أعظم كفرا عند الله تعالى " انتهى .
" مجموع الفتاوى " (17/291) .
بل قال رحمه الله في معرض إلزام منكري الصفات :
" وإما أن يلتزم التعطيل المحض فيقول : ما ثم وجود واجب ؛ فإن قال بالأول وقال : لا أثبت واحدًا من النقيضين لا الوجود ولا العدم .
قيل : هب أنك تتكلم بذلك بلسانك ، ولا تعتقد بقلبك واحدًا من الأمرين ، بل تلتزم الإعراض عن معرفة اللّه وعبادته وذكره ، فلا تذكره قط ، ولا تعبده ، ولا تدعوه ، ولا ترجوه
ولا تخافه ، فيكون جحدك له أعظم من جحد إبليس الذي اعترف به " انتهى .
" مجموع الفتاوى " (5/356) .
ويقول رحمه الله :
" المستكبر الذي لا يقر بالله في الظاهر كفرعون أعظم كفرا منهم – يعني مِن مشركي العرب - وإبليس الذي يأمر بهذا كله ويحبه ويستكبر عن عبادة ربه وطاعته أعظم كفرا من هؤلاء
وإن كان عالما بوجود الله وعظمته ، كما أن فرعون كان أيضا عالما بوجود الله " انتهى .
" مجموع الفتاوى " (7/633) .
ويقول أيضا :
" قول الفلاسفة - القائلين بقدم العالم وأنه صادر عن موجب بالذات متولد عن العقول والنفوس الذين يعبدون الكواكب العلوية ويصنعون لها التماثيل السفلية -
: كأرسطو وأتباعه - أعظم كفرا وضلالا من مشركي العرب الذين كانوا يقرون بأن الله خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام بمشيئته وقدرته
ولكن خرقوا له بنين وبنات بغير علم وأشركوا به ما لم ينزل به سلطانا ، وكذلك المباحية الذين يسقطون الأمر والنهي مطلقا ، ويحتجون بالقضاء والقدر ، أسوأ حالا من اليهود والنصارى ومشركي العرب
فإن هؤلاء مع كفرهم يقرون بنوع من الأمر والنهي والوعد والوعيد ولكن كان لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ، بخلاف المباحية المسقطة للشرائع مطلقا
فإنما يرضون بما تهواه أنفسهم ، ويغضبون لما تهواه أنفسهم ، لا يرضون لله ، ولا يغضبون لله ، ولا يحبون لله ، ولا يغضبون لله ، ولا يأمرون بما أمر الله به ، ولا ينهون عما نهى عنه ؛
إلا إذا كان لهم في ذلك هوى فيفعلونه لأجل هواهم ، لا عبادةً لمولاهم ؛ ولهذا لا ينكرون ما وقع في الوجود من الكفر والفسوق والعصيان إلا إذا خالف أغراضهم فينكرونه إنكارا طبيعيا شيطانيا
لا إنكارا شرعيا رحمانيا ؛ ولهذا تقترن بهم الشياطين إخوانهم فيمدونهم في الغي ثم لا يقصرون
وقد تتمثل لهم الشياطين وتخاطبهم وتعينهم على بعض أهوائهم كما كانت الشياطين تفعل بالمشركين عباد الأصنام " انتهى .
" مجموع الفتاوى " (8/457-458) .
ويقول الشيخ ابن باز رحمه الله
: " ومن الشرك أن يعبد غير الله عبادة كاملة , فإنه يسمى شركا ويسمى كفرا , فمن أعرض عن الله بالكلية ، وجعل عبادته لغير الله كالأشجار أو الأحجار أو الأصنام أو الجن أو بعض الأموات
من الذين يسمونهم بالأولياء ، يعبدهم أو يصلي لهم أو يصوم لهم ، وينسى الله بالكلية : فهذا أعظم كفرا وأشد شركا , نسأل الله العافية.
وهكذا من ينكر وجود الله , ويقول : ليس هناك إله والحياة مادة كالشيوعيين والملاحدة المنكرين لوجود الله هؤلاء أكفر الناس وأضلهم وأعظمهم شركا وضلالا نسأل الله العافية " انتهى
.
" مجموع فتاوى ابن باز " (4/32-33) .
ويقول أيضا رحمه الله :
" والاشتراكيون ذبائحهم محرمة من جنس ذبح المجوس وعبدة الأوثان ، بل ذبائحهم أشد حرمة ، لكونهم أعظم كفرا بسبب إلحادهم وإنكارهم الباري عز وجل ورسوله ، إلى غير ذلك من أنواع كفرهم " انتهى .
" مجموع فتاوى ابن باز " (23/30) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-20, 07:02
سؤال النبي صلى الله عليه وسلم والشكاية إليه بعد وفاته من الشرك الأكبر .
السؤال :
أنا من كيرلا ، وكتاب " مولد المنقوص " مشهور عندنا جدا ، ويقرؤه كل شخص فى منزله ، كي يلبي حاجاته ، ولكن هناك بعض الناس في "كيرلا" يسمون "السلفيين" ، يقولون : إن هذا الكتاب به الكثير من الشركيات .
وعلى سبيل المثال : " ارتكبت الخطايا ، لك أشكو يا سيدي يا خير النبيين" . هل هناك شرك في المقولة السابقة ؟ وهل ترديدها حرام ؟
الجواب :
الحمد لله
هذا الكتاب المشار إليه كتاب خرافات وخزعبلات وشركيات وبدع ، ألفه صاحبه ليدلل بالباطل على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي والغلو في النبي صلى الله عليه وسلم والاستغاثة به وسؤاله من دون الله
وكذلك غيره من الأنبياء والصالحين ، فحشد لذلك كثيرا من الأباطيل والأحاديث المكذوبة والنقول العجيبة ، ولو أردنا تتبعه ونقده ، لطال الأمر جدا ، ولكان كل سطر سطره فيه تقريبا يحتاج إلى تعقيب ورد .
ومن جملة هذه الأكاذيب المفتراة ما ذكره عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله أنه كان يستغيث بالنبي صلى الله عليه وسلم ويسأله من دون الله قائلا :
يا سيد السادات جئتك قاصدا
** أرجو رضاك وأحتمي بحماكا
والله يا خير الخلائق إن لي
** قلبا مشـــــــــــــــــوقا لا يروم سواكا
وبحق جاهك إنني بك مغرم
** والله يعلم أنني أهـــــــــــــواكا
يا أكرم الثقلين يا كنز الغنى
** جد لي بجودك وارضني برضاكا
أنا طامع بالجود منك ولم يكن
** لأبي حنيفة في الأنام سواكا
كما ذكر عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال :
آل النبي ذريعتي ** وهمو إليه وسيلتي
أرجو بهم أعطى غدا ** بيدي اليمين صحيفتي
وهذا بلا شك من الكذب على هذين الإمامين الجليلين الموحدين ؛ وإلا فليثبت ذلك عن الإمامين بالإسناد الصحيح المتصل بهما ، أو حتى إسناد ضعيف مقارب ، يمكن أن ينقل به مثل ذلك ؛ وهيهات !!
ومن جملة ما ورد في هذا الكتاب من الشركيات قوله :
" اعلم أن الاستغاثة بأحباب الله تعالى ، كالأنبياء والأولياء والصالحين جائز في حياتهم وبعد مماتهم ... " .
إلى أن قال :
" فعلم بذلك أنه يجوز الاستغاثة بقوله : يا رسول الله أغثني " و " يا غوث يا محيي الدين عبد القادر الجيلاني " ونحوه " .
ومن جملة هذه الشركيات التي وردت في هذا الكتاب ما ذكره السائل : " ارتكبت الخطايا ، لك أشكو يا سيدى يا خير النبيين "
وهذا من الشرك الأكبر ، فإن التوبة من الخطايا إنما تكون لله وحده ، والشكاية من معرة الذنوب وآثارها إنما تكون لله وحده .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" هذه الآية الكريمة فيها حث الأمة على المجيء إليه إذا ظلموا أنفسهم بشيء من المعاصي ، أو وقعوا فيما هو أكبر من ذلك من الشرك أن يجيئوا إليه تائبين نادمين حتى يستغفر لهم عليه الصلاة والسلام
والمراد بهذا المجيء : المجيء إليه في حياته صلى الله عليه وسلم .
والمجيء إليه بعد موته لهذا الغرض غير مشروع ، والدليل على هذا أن الصحابة لم يفعلوا ذلك ، وهم أعلم الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وأفقه الناس في دينه ، ولأنه عليه السلام لا يملك ذلك بعد وفاته " .
انتهى ملخصا من مجموع فتاوى ابن باز" (6/ 189-190) .
ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم وسؤاله من دون الله ، والاستغاثة به : شرك أكبر مخرج عن الملة ، فكيف بالاستغاثة بغيره .
قال علماء اللجنة الدائمة :
" دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ونداؤه والاستعانة به بعد موته ، في قضاء الحاجات وكشف الكربات : شرك أكبر يخرج من ملة الإسلام " .
انتهى من" فتاوى اللجنة الدائمة " (1/ 473) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ومن دونه من الخلق شرك وضلال ؛ لأن هؤلاء لا يستطيعون أن يستجيبوا له ، والواجب على المرء أن يتوب إلى الله من هذا الشرك
وألا يدعو إلا الله ، وكلنا نعلم أن رسول الله نفسه كان لا يملك نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ، وقد أمره الله تعالى أن يعلن ذلك لأمته
فقال الله له : (قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) الأعراف/188
، وقال الله تعالى له آمرا أياه : ( قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ ) الأنعام/50
وكان الرسول نفسه يدعو الله سبحانه لنفسه بالمغفرة والرحمة ، ويدعو لأصحابه كذلك ، ولو كان قادرا على أن يغفر لأحد أو يرحمه ما احتاج إلى دعاء الله سبحانه في هذا ، فكل الخلق مفتقرون إلى الله
والله هو الغني الحميد
كما قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) فاطر/15
ولولا أن الشيطان تلاعب بعقول هؤلاء وأفكارهم لعلموا أن الرسول صلى الله عليه وسلم وغيره لا يملكون لأحد نفعا ولا ضرا ولا دعوا الله سبحانه وحده لا شريك له : ( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ ) النمل/62 " .
انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (21/ 218-219) .
والحاصل أن حكاية الحال ، وشكاية الذنب ، والإقرار به ، والتوبة منه عند أحد من البشر ، وطلب الغوث والعون : كل هذا من الشرك بالله جل جلاله ، وإنما هذا باب من العبادات المحضة ، لا يجوز صرفه لغير الله تعالى .
وفي صحيح مسلم (2577) عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى : ( يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ
يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ ، إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ، إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى لَا يَجُوزُ أَنْ يُطْلَبَ إلَّا مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ ، لَا يُطْلَبُ ذَلِكَ لَا مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَلَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِمْ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِغَيْرِ اللَّهِ : اغْفِرْ لِي وَاسْقِنَا الْغَيْثَ وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ
أَوْ اهْدِ قُلُوبَنَا وَنَحْوَ ذَلِكَ ؛ وَلِهَذَا رَوَى الطَّبَرَانِي فِي مُعْجَمِهِ : " أَنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَافِقٌ يُؤْذِي الْمُؤْمِنِينَ
فَقَالوا: قُومُوا بِنَا نَسْتَغِيثُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذَا الْمُنَافِقِ . فَجَاءُوا إلَيْهِ فَقَالَ : ( إنَّهُ لَا يُسْتَغَاثُ بِي وَإِنَّمَا يُسْتَغَاثُ بِاَللَّهِ ) "
انتهى من "مجموع الفتاوى" (1/ 329) .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-20, 07:07
حكم تعليق التمائم التي من القرآن أو الدعاء في أعناق الصغار
السؤال :
لقد أخبرت بهذا الدليل في مسألة تعليق التعاويذ : ذكر ابن كثير ، والشوكاني من حديث عمرو بن شعيب : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم أبي ، وجدي دعاءً يقال قبل النوم يؤمن من الفزع ، والكرب
فكنا نعلم هذا الدعاء لأولادنا الكبار ، أما الصغار الذين لا يقرؤون فكنا نكتبه ونعلقه حول أعناقهم " . مسند أحمد المجلد 2 ؛ أبو داود في كتاب الطب ؛ تفسير ابن كثير- سورة المؤمنون ، الآية 97/
؛ تفسير فتح القدير للشوكاني - سورة المؤمنون ، الآية 97 .
هلا بينتم لنا هذا من فضلكم .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
الحديث الذي أشرت إليه رواه أبو داود (3893) ، الترمذي (3528) ، وأحمد في "المسند" (6696) وغيرهم من طريق محمد بن إسحاق عن عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ
: ( إِذَا فَزِعَ أَحَدُكُمْ فِي النَّوْمِ فَلْيَقُلْ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ وَشَرِّ عِبَادِهِ ، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَنْ يَحْضُرُونِ فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ ). .
فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو ، يُلَقِّنُهَا مَنْ بَلَغَ مِنْ وَلَدِهِ ، وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهُمْ كَتَبَهَا فِي صَكٍّ ثُمَّ عَلَّقَهَا فِي عُنُقِهِ " .
وهذا الحديث في إسناده نظر ، إذ أنه من رواية محمد بن إسحاق ، وهو مدلس وقد عنعن.
وقد قال الترمذي : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ .
وقال الشوكاني في "فتح القدير" (3588) : فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، وَفِيهِ مَقَالٌ مَعْرُوفٌ .
وقال الألباني : حسن دون قوله : " فكان عبد الله بن عمرو يلقنها...". صحيح الترمذي (3528)
وينظر أيضا : "السلسلة الصحيحة" (1/529) ، التعليق على مسند أحمد ، ط الرسالة (11/296) ، " النهج السديد " ، للدوسري ، رقم (111) .
وعلى ذلك : فما ورد من أن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما كان يعلق هذا الدعاء في عنق ولده : لا يصح ؛ لعدم صحة إسناد هذه الزيادة في الحديث .
ثانيا:
أما حكم تعليق التمائم والتعويذات ، إذا كانت من القرآن ، أو الدعاء ، فقد اختلف أهل العلم في ذلك بين مانع ومجيز.
ولا شك أن في المنع سدّا لذريعة الاعتقاد المحظور ، لا سيما في زماننا هذا ؛ فإنه إذا كرهه أكثر السلف ، مع بعد زمانهم عن البدع والضلال والاعتقادات الشركية
وقرب العهد بنور الوحي والإيمان ، ففي مثل وقتنا ، من انتشار الجهل ، وفشو البدع ، يكون المنع أولى .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-20, 07:13
أحكام التمائم وتعليقها وهل تدفع التميمة العين والحسد
السؤال
أريد أن أعرف إن كان يجوز وضع التمائم. لقد قرأت كتاب التوحيد وبعض الكتب الأخرى بقلم بلال فيليبس ، إلا أني وجدت بعض الأحاديث في الموطأ تجيز بعض أنواع التمائم.
كما أن كتاب التوحيد ذكر أن بعض السلف سمحوا بها . وهذه الأحاديث موجودة في الجزء 50 من الموطأ، وقد وردت تحت أرقام : 4 و11 و14. الرجاء الرد ،
وإعلامي بصحة هذه الأحاديث وإعطائي المزيد من المعلومات عن هذا الموضوع . وشكرا لك .
الجواب
الحمد لله
أولاً :
لم نهتد إلى الأحاديث التي أراد السائل بيان صحتها ؛ وذلك لعدم معرفتنا بعين تلك الأحاديث وقد ذكر لنا أنها في الجزء ( 50 ) من الموطأ ! والموطأ جزء واحد .
لذا سنذكر ما تيسر من الأحاديث الواردة في الموضوع ونبين - إن شاء الله - حكم العلماء عليها ، ولعل بعضها أن يكون مما أراده السائل :
1. عن عبد الله بن مسعود أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يكره عشر خصال : الصفرة - يعني : الخلوق - وتغيير الشيب وجر الإزار والتختم بالذهب والضرب بالكعاب
والتبرج بالزينة لغير محلها والرقى إلا بالمعوذات وتعليق التمائم وعزل الماء عن محله وإفساد الصبي ، غير محرِّمه .
رواه النسائي ( 50880) وأبو داود ( 4222 ) .
الخَلوق : نوع من الطيب أصفر اللون .
عزل الماء عن محله : أي : عزل المني عن فرج المرأة .
إفساد الصبي : وطء المرأة المرضع ، فإنها إذا حملت فسد لبنها . والمعنى أي كره ولم يُحرِّمه والمقصود وطء المرضع .
والحديث : ضعَّفه الشيخ الألباني في " ضعيف النسائي " ( 3075 ) .
2. عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود عن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الرقى والتمائم والتوَلة شرك ، قالت : قلت لم تقول هذا ؟ والله لقد كانت عيني تقذف و
كنت أختلف إلى فلان اليهودي يرقيني فإذا رقاني سكنت ، فقال عبد الله : إنما ذاك عمل الشيطان كان ينخسها بيده فإذا رقاها كف عنها إنما كان يكفيك أن تقولي
كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أذهب البأس رب الناس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقماً .
رواه أبو داود ( 3883 ) وابن ماجه ( 3530 ) .
والحديث : صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 331 ) و ( 2972 ) .
3. عن عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له " .
رواه أحمد ( 16951 ) .
والحديث : ضعفه الشيخ الألباني في " ضعيف الجامع " ( 5703 ) .
4. عن عقبة بن عامر الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل إليه رهط فبايع تسعة وأمسك عن واحد فقالوا : يا رسول الله بايعتَ تسعة وتركت هذا ، قال : إن عليه تميمة
فأدخل يده فقطعها فبايعه وقال : من علق تميمة فقد أشرك .
رواه أحمد ( 16969 ) .
والحديث : صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 492 ) .
ثانياً :
التمائم : جمع تميمة وهي ما يعلق بأعناق الصبيان أو الكبار أو يوضع على البيوت أو السيارات من خرزات وعظام لدفع الشر - وخاصة العين - ، أو لجلب النفع .
وهذه أقوال العلماء في أنواع التمائم وحكم كل واحدة منها ، وفيها تنبيهات وفوائد :
1. قال الشيخ سليمان بن عبد الوهاب :
اعلم أن العلماء من الصحابة والتابعين فمَن بعدهم اختلفوا في جواز تعليق التمائم التي من القرآن وأسماء الله وصفاته :
فقالت طائفة : يجوز ذلك وهو قول عبد الله بن عمرو بن العاص وغيره ، وهو ظاهر ما روي عن عائشة وبه قال أبو جعفر الباقر وأحمد في رواية
وحملوا الحديث على التمائم الشركية ، أمَّا التي فيها القرآن وأسماء الله وصفاته فكالرقية بذلك .
قلت : وهو ظاهر اختيار ابن القيم .
وقالت طائفة : لا يجوز ذلك ، وبه قال ابن مسعود وابن عباس ، وهو ظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر وابن عكيم رضي الله عنه ، وبه قال جماعة من التابعين منهم أصحاب ابن مسعود وأحمد في رواية اختارها كثير من أصحابه
وجزم بها المتأخرون ، واحتجوا بهذا الحديث وما في معناه فإن ظاهره العموم لم يفرق بين التي في القرآن وغيرها بخلاف الرقى فقد فرق فيها
ويؤيد ذلك أن الصحابة الذين رووا الحديث فهموا العموم كما تقدم عن ابن مسعود .
وروى أبو داود عن عيسى بن حمزة قال : دخلت على عبد الله بن عكيم وبه حمرة فقلت : ألا تعلق تميمة ؟ فقال : نعوذ بالله من ذلك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَن تعلق شيئاً وكل إليه " …
هذا اختلاف العلماء في تعليق القرآن وأسماء الله وصفاته فما ظنك بما حدث بعدهم من الرقى بأسماء الشياطين وغيرهم وتعليقها بل والتعلق عليهم والاستعاذة بهم والذبح لهم وسؤالهم كشف الضر
وجلب الخير مما هو شرك محض وهو غالب على كثير من الناس إلا من سلم الله ؟ فتأمل ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابه والتابعون
وما ذكره العلماء بعدهم في هذا الباب وغيره من أبواب الكتاب ثم انظر إلى ما حدث في الخلوف المتأخرة يتبين لك دين الرسول صلى الله عليه وسلم وغربته الآن في كل شيء ، فالله المستعان .
" تيسير العزيز الحميد " ( ص 136 - 138 ) .
2. وقال الشيخ حافظ حكمي :
إن تك هي - أي : التمائم - آيات قرآنية مبينات ، وكذلك إن كانت من السنن الصحيحة الواضحات فالاختلاف في جوازها واقع بين السلف من الصحابة والتابعين فمَن بعدهم :
فبعضهم - أي : بعض السلف - أجازها ، يروى ذلك عن عائشة رضي الله عنها وأبي جعفر محمد بن علي وغيرهما من السلف .
والبعض منهم كفَّ - أي : منع - ذلك وكرهه ولم يره جائزاً ، منهم عبد الله بن عكيم وعبد الله بن عمرو وعقبة بن عامر وعبد الله بن مسعود وأصحابه كالأسود وعلقمة ومن بعدهم كإبراهيم النخعي وغيرهم رحمهم الله تعالى .
ولا شك أن منع ذلك أسد لذريعة الاعتقاد المحظور لا سيما في زماننا هذا ؛ فإنه إذا كرهه أكثر الصحابة والتابعين في تلك العصور الشريفة المقدسة والإيمان في قلوبهم أكبر من الجبال فلأن يكره في وقتنا هذا
- وقت الفتن والمحن - أولى وأجدر بذلك ، كيف وهم قد توصلوا بهذه الرخص إلى محض المحرمات وجعلوها حيلة ووسيلة إليها ؟
فمن ذلك أنهم يكتبون في التعاويذ آية أو سورة أو بسملة أو نحو ذلك ثم يضعون تحتها من الطلاسم الشيطانية ما لا يعرفه إلا من اطلع على كتبهم ، ومنها أنهم يصرفون قلوب العامة
عن التوكل على الله عز وجل إلى أن تتعلق قلوبهم بما كتبوه ، بل أكثرهم يرجفون بهم ولم يكن قد أصابهم شيء فيأتي أحدهم إلى من أراد أن يحتال على أخذ ماله مع علمه أنه قد أولع به فيقول له :
إنه سيصيبك في أهلك أو في مالك أو في نفسك كذا وكذا ، أو يقول له : إن معك قريناً من الجن أو نحو ذلك ويصف له أشياء ومقدمات من الوسوسة الشيطانية موهماً أنه صادق الفراسة فيه شديد الشفقة عليه حريص
على جلب النفع إليه فإذا امتلأ قلب الغبي الجاهل خوفاً مما وصف له حينئذ أعرض عن ربه وأقبل ذلك الدجال بقلبه وقالبه والتجأ إليه وعول عليه دون الله عز وجل وقال له :
فما المخرج مما وصفت ؟
وما الحيلة في دفعه ؟ كأنما بيده الضر والنفع ، فعند ذلك يتحقق فيه أمله ويعظم طمعه فيما عسى أن يبذله له فيقول له إنك إن أعطيتني كذا وكذا كتبت لك من ذلك حجابا طوله كذا
وعرضه كذا ويصف له ويزخرف له في القول وهذا الحجاب علقه من كذا وكذا من الأمراض ، أترى هذا مع هذا الاعتقاد من الشرك الأصغر ؟ لا بل هو تأله لغير الله وتوكل على غيره والتجاء
إلى سواه وركون إلى أفعال المخلوقين وسلب لهم من دينهم ، فهل قدر الشيطان على مثل هذه الحيل إلا بوساطة أخيه من شياطين الإنس { قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن بل هم عن ذكر ربهم معرضون } [ الأنبياء / 42 ]
ثم إنَّه يكتب فيه مع طلاسمه الشيطانية شيئاً من القرآن ويعلقه على غير طهارة ، ويحدث الحدث الأصغر والأكبر ، وهو معه أبداً لا يقدسه عن شيء من الأشياء
تالله ما استهان بكتاب الله أحدٌ من أعدائه استهانة هؤلاء الزنادقة المدَّعين الإسلام به ، والله ما نزل القرآن إلا لتلاوته والعمل به وامتثال أوامره واجتناب نواهيه وتصديق خبره والوقوف عند حدوده
والاعتبار بأمثاله والاتعاظ بقصصه والإيمان به { كلٌّ من عند ربنا } وهؤلاء قد عطلوا ذلك كله ونبذوه وراء ظهورهم ولم يحفظوا إلا رسمه كي يتأكلوا به ويكتسبوا كسائر الأسباب التي يتوصلون بها
إلى الحرام لا الحلال ولو أن ملكا أو أميرا كتب كتابا إلى من هو تحت ولايته أن افعل كذا واترك كذا وأمر من في جهتك بكذا وانههم عن كذا ونحو ذلك فأخذ ذلك الكتاب
ولم يقرأه ولم يتدبر أمره ونهيه ولم يبلغه إلى غيره ممن أمر بتبليغه إليه بل أخذه وعلقه في عنقه أو عضده ولم يلتفت إلى شيء مما فيه البتة لعاقبه الملك على ذلك أشد العقوبة ولسامه سوء العذاب
فكيف بتنزيل جبار السموات والأرض الذي له المثل الأعلى في السموات والأرض وله الحمد في الأولى والآخرة وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه هو حسبي لا إله إلا هو عليه توكلت
وهو رب العرش العظيم وإن تكن مما سوى الوحيين فإنها شرك بغير مين ، بل إنها قسيمة الأزلام في البعد عن سيما أولي الإسلام .
وإن تكن - أي : التمائم - مما سوى الوحيين بل من طلاسم اليهود وعباد الهياكل والنجوم والملائكة ومستخدمي الجن ونحوهم أو من الخرز أو الأوتار أو الحلق من الحديد وغيره فإنها شرك
- أي : تعليقها شرك - بدون ميْن - أي : شك - إذ ليست من الأسباب المباحة والأدوية المعروفة بل اعتقدوا فيها اعتقادا محضا أنها تدفع كذا وكذا من الآلام لذاتها لخصوصية زعموا فيها كاعتقاد
أهل الأوثان في أوثانهم بل إنها قسيمة أي شبيهة الأزلام التي كان يستصحبها أهل الجاهلية في جاهليتهم ويستقسمون بها إذا أرادوا أمرا وهي ثلاثة قداح مكتوب على إحداها افعل ،
والثاني لا تفعل ، والثالث غفل ، فإن خرج في يده الذي فيه افعل مضى لأمره ، أو الذي فيه لا تفعل ترك ذلك ، أو الغفل أعاد استقسامه ، وقد أبدلنا الله تعالى - وله الحمد - خيراً من ذلك صلاة الاستخارة ودعاءها .
والمقصود : أن هذه التمائم التي من غير القرآن والسنة شريكة للأزلام وشبيهة بها من حيث الاعتقاد الفاسد والمخالفة للشرع في البعد عن سيما أولي الإسلام - أي : عن زي أهل الإسلام -
فإن أهل التوحيد الخالص من أبعد ما يكون عن هذا ، والإيمان في قلوبهم أعظم من أن يدخل عليه مثل هذا ، وهم أجل شأناً وأقوى يقيناً من أن يتوكلوا على غير الله أو يثقوا بغيره ، وبالله التوفيق . " معارج القبول " ( 2 / 510 - 512 ) .
والقول بالمنع حتى ولو كانت التمائم من القرآن هو الذي عليه مشايخنا :
3. وقال علماء اللجنة الدائمة :
اتفق العلماء على تحريم لبس التمائم إذا كانت من غير القرآن ، واختلفوا إذا كانت من القرآن ، فمنهم من أجاز لبسها ومنهم من منعها ، والقول بالنهي أرجح لعموم الأحاديث ولسدِّ الذريعة .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 1 / 212 ) .
4. وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
ولا تزال هذه الضلالة فاشية بين البدو والفلاَّحين وبعض المدنيين ، ومثلها الخرزات التي يضعها بعض السائقين أمامهم في السيارة يعلقونها على المرآة ، وبعضهم يعلق نعلاً عتيقة في مقدمة السيارة أو في مؤخرتها
وغيرهم يعلقون نعل فرس في واجهة الدار أو الدكان ، كل ذلك لدفع العين زعموا ، وغير ذلك مما عمَّ وطمَّ بسبب الجهل بالتوحيد
وما ينافيه من الشركيات والوثنيات التي ما بعثت الرسل ولا أنزلت الكتب إلا من أجل إبطالها والقضاء عليها ، فإلى الله المشتكى من جهل المسلمين اليوم ، وبعدهم عن الدين .
" سلسلة الأحاديث الصحيحة "
والله أعلم
الشيخ محمد صالح المنجد
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
الحضني28
2018-08-20, 08:53
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
خطر النفاق
السؤال
ما هو النفاق وما خطره على المسلمين ؟.
الجواب
الحمد لله
النفاق مرض خطير وجرم كبير وهو إظهار الإسلام وإبطان الكفر.. والنفاق أخطر من الكفر وعقوبته أشد لأنه كفر بلباس الإسلام وضرره أعظم ولذلك جعل الله المنافقين في أسفل النار
كما قال سبحانه : ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً ) النساء/145 .
المنافقون دائماً في حيرة وتقلب في خداع ومكر ظاهرهم مع المؤمنين .
. وباطنهم مع الكافرين ، حيناً مع المؤمنين وحيناً مع الكافرين ( مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلاً ) النساء/143 .
والمنافقون لفساد قلوبهم أشد الناس إعراضاً عن دين الله كما أخبر الله عنهم بقوله : ( وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً ) النساء/61 .
وتصرفات المنافقين تدور مع مصالحهم فإذا لقوا المؤمنين أظهروا الإيمان والموالاة غروراً منهم للمؤمنين , ومصانعة , وتقية , وطمعاً فيما عندهم من خير ومغانم
.. وإذا لقوا سادتهم وكبرائهم قالوا نحن معكم على ما أنتم عليه من الشرك , والكفر
كما قال سبحانه عنهم : ( وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون ، الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون ) البقرة/14-15 .
وللمنافقين صفات كثيرة أشرها وأخطرها الكفر بالله
قال تعالى : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ ) البقرة/13 .
ومن صفاتهم العداوة والحسد للمؤمنين
كما قال سبحانه : ( إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون ) التوبة/50 .
ومن صفاتهم الاستهزاء بالله ورسوله ودينه
كما قال سبحانه : ( ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) التوبة/65- 66 .
ومن صفاتهم الفساد في الأرض بالكفر والنفاق والمعاصي .. قال تعالى : ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ) البقرة/11-12 .
ومن صفاتهم البهتان والكذب كما أخبر الله عنهم بقوله : ( ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون ) المائدة/65 .
ومن صفاتهم الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف والبخل بالمال كما أخبر الله عنهم بقوله : ( المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون ) التوبة/67 .
ومن صفاتهم الطمع والجشع .. ( ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون ) التوبة/58 .
ومن صفاتهم ما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : ( أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً , ومن كانت فيه خلة منهن كانت فيه خلة من النفاق حتى يدعها إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر ,
وإذا وعد أخلف , وإذا خاصم فجر ) رواه مسلم/53 .
ومن صفاتهم الاهتمام بالمظهر و فساد المخبر وزخرفة القول
كما قال الله عنهم : ( وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون ) المنافقون/4 .
وإذا كان الكفار عدواً مبيناً من الخارج فإن المنافقين عدواً خفياً من الداخل , وهم أعظم ضرراً و أشد خطراً على المسلمين لأنهم يخالطونهم ويعلمون أحوالهم ..
وقد قضى الله أن مصير الكافرين و المنافقين إلى جهنم : ( إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً ) النساء/140 .
لكن المنافقين لعظيم ضررهم في أسفل النار كما قال سبحانه : ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ) النساء/145 .
وحيث أن خطر الكفار و المنافقين على الأمة الإسلامية عظيم لذا أمر الله رسوله بجهادهم فقال : ( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير ) التحريم/9 .
من كتاب أصول الدين الإسلامي للشيخ محمد بن إبراهيم التويجري .هل نحن ملزمون بمعرفة المنافقين حتى نتجنب خطرهم ؟وهل يمكن معرفتهم اصلا؟هل نخالف القرآن ونتبع هؤلاء الشراح والمفسرين ؟
أخطر فرقة في الوجود هي السلفية.
نحن في عصر غير العصر والسلفية متمسكون بما قاله احدهم منذ الف عام
اتقوا الله فليس هذا دين الله
ابن الجزائر11
2018-08-20, 14:30
بارك الله فيك
*عبدالرحمن*
2018-08-20, 15:43
هل نحن ملزمون بمعرفة المنافقين حتى نتجنب خطرهم ؟وهل يمكن معرفتهم اصلا؟هل نخالف القرآن ونتبع هؤلاء الشراح والمفسرين ؟
لم اجد افضل من قول الله ارد به عليك
وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ
أخطر فرقة في الوجود هي السلفية.
نحن في عصر غير العصر والسلفية متمسكون بما قاله احدهم منذ الف عام
اتقوا الله فليس هذا دين الله
من ليس له ماضي اصيل كيف يكون جاضره بل كيف يتشكل مستقبله
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10)
*عبدالرحمن*
2018-08-20, 15:47
بارك الله فيك
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
ما اجمل حضورك الطيب الذي يشرح القلب
ادام الله مرورك و ادام الله قربك طاعه لله
بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير
*عبدالرحمن*
2018-08-27, 13:45
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
( مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ ) .
السؤال :
لدي سؤال بخصوص الآية 68 ، والآية 69 من سورة الفرقان فهي بخصوص جريمة الشرك والزنا وعقوبتهما وما يترتب عليهما ، وفي سورة النساء آية 48 كان الشرك وحده هو الذي لا يغفر
أرغب في توضيح هل هناك تعارض ؟ .
فهي مقرونة بجريمة الزنا في سورة الفرقان ومرتبطة بالعقوبة ، أما في النساء فذكر العقوبة على جريمة الشرك فقط ، بينما باقي الذنوب فهي تحت مشيئة الله يغفر لمن يشاء .
الجواب :
الحمد لله
نسأل الله أن يعينك على طاعته ، وييسر لك أمر الدعوة إلى دينه .
وبخصوص ما سألت عنه فلا إشكال فيه بحمد الله ، قال الله تعالى في سورة النساء :
( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ) النساء/ 48 .
وقال سبحانه :
( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ) النساء/ 116 .
وقال سبحانه في سورة الفرقان :
( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ) الفرقان: 68 – 71 .
فالذي جاء في سورة النساء هو في حق من مات على الشرك ولم يتب منه في الحياة الدنيا ، فمن لقي الله مشركا فهذا الذي لا يغفر الله له
وهذه العقوبة : الحرمان من المغفرة الأبدية ، خاصة بهذه الجريمة : أن يموت مشركا بالله تعالى .
وأما الذي جاء في سورة الفرقان فهو في حق من أشرك بالله ، أو فعل الكبائر الموبقات ؛ فمن فعل من ذلك شيئا ، ثم تاب من ذلك قبل أن يدركه الموت ، تاب الله عليه
وغفر ذنبه ؛ فهؤلاء ـ من وقع في الشرك ، أو في شيء من الكبائر المذكورة معه ـ شركاء في أمرين :
الأول : أن من فعل ذلك منهم ، فقد توعده الله بالعذاب في نار جهنم ، جزاء على ذنبه ، سواء كان ذنبه ذلك شركا أو غيره من الذنوب .
الثاني : أن من تاب منهم قبل موته ، تاب الله عليه ، وغفر له ذنبه بمنه وكرمه ؛ لأن الإسلام يجبّ ما قبله ، والتوبة تجب ما قبلها .
وقال تعالى ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ) الأنفال/ 38 .
فتحصل مما ذكرناه أمور :
الأول : أن من مات وهو يشرك بالله شيئا ، فقد حرم الله عليه الجنة ، ومأواه النار .
الثاني : أن من تاب ، تاب الله عليه ، ولو كان مشركا ، أو فعل من الكبائر ما فعل .
الثالث : أن من مات من أهل الكبائر ، لم يشرك بالله شيئا ، فهو في مشيئة الله ، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له ، غير أنه إن عذب ، فليس مخلدا في النار ، بل مآله إلى الجنة .
روى البخاري (4810) ومسلم (122) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : "أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا وَأَكْثَرُوا وَزَنَوْا وَأَكْثَرُوا فَأَتَوْا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا :
إِنَّ الَّذِي تَقُولُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً ، فَنَزَلَ : ( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ )
وَنَزَلَتْ : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ) " .
وروى الترمذي (3540) وحسنه عن أَنَس بْن مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : .
.. يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي .
وروى البخاري (1238) ومسلم عن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ ) .
وروى مسلم (93) عَنْ جَابِرٍ قَالَ : "أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْمُوجِبَتَانِ ؟ فَقَالَ : ( مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ ) .
قال الشوكاني رحمه الله :
" لا خلاف بين المسلمين أن المشرك إذا مات على شركه لم يكن من أهل المغفرة التي تفضل الله بها على غير أهل الشرك حسبما تقتضيه مشيئته
وأما غير أهل الشرك من عصاة المسلمين فداخلون تحت المشيئة يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء "
انتهى من "فتح القدير" (1 /717) .
وقال أيضا :
" التوبة من المشرك يغفر الله له بها ما فعله من الشرك بإجماع المسلمين "
انتهى من "فتح القدير" (4 /667) .
راجع للفائدة جواب السؤالين القادمين
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-27, 13:49
معنى الخلود في النار
السؤال
قال عز وجل : { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } ، وقال تعالى : { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا } الآية
أرجو من فضيلة الشيخ أن يذكر الجمع بين الآيتين الكريمتين ؟ .
الجواب
الحمد لله
قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله -
: " ليس هناك بحمد الله بينهما اختلاف ، فالآية الأولى فيها بيانه سبحانه لعباده أن ما دون الشرك تحت مشيئته قد يغفره فضلا منه سبحانه
وقد يعاقب من مات على معصية بقدر معصيته لانتهاكه حرمات الله ولتعاطيه ما يوجب غضب الله ، أما المشرك فإنه لا يغفر له بل له النار مخلدا فيها أبد الآباد إذا مات على ذلك - نعوذ بالله من ذلك
وأما الآية الثانية ، ففيها الوعيد لمن قتل نفسا بغير حق وأنه يعذب وأن الله يغضب عليه بذلك ، ولهذا قال تعالى : { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا }
معنى ذلك : أن هذا هو جزاؤه إن جازاه سبحانه وهو مستحق لذلك وإن عفا سبحانه فهو أهل العفو وأهل المغفرة جل وعلا ، وقد يعذب بما ذكر الله مدة من الزمن في النار ثم يخرجه الله من النار
وهذا الخلود خلود مؤقت ، ليس كخلود الكفار ، فإن الخلود خلودان : خلود دائم أبدا لا ينتهي ، وهذا هو خلود الكفار في النار
كما قال الله سبحانه في شأنهم : { كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ }
هكذا في سورة البقرة . وقال في سورة المائدة : { يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ }
أما العصاة : كقاتل النفس بغير حق والزاني والعاق لوالديه وآكل الربا وشارب المسكر وأشباههم إذا ماتوا على هذه المعاصي وهم مسلمون ، هم تحت مشيئة الله كما قال سبحانه : {
وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } فإن شاء جل وعلا عفا عنهم لأعمالهم الصالحة التي ماتوا عليها وهي توحيده وإخلاصهم لله وكونهم مسلمين أو بشفاعة الشفعاء فيهم مع توحيدهم وإخلاصهم .
وقد يعاقبهم سبحانه ولا يحصل لهم عفو فيعاقبون بإدخالهم النار وتعذيبهم فيها على قدر معاصيهم ثم يخرجون منها ، كما تواترت بذلك الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه يشفع للعصاة من أمته
وأن الله يحد له حدا في ذلك عدة مرات ، يشفع ويخرج جماعة بإذن الله ثم يعود فيشفع ، ثم يعود فيشفع ، ثم يعود فيشفع عليه الصلاة والسلام ( أربع مرات )
وهكذا الملائكة وهكذا المؤمنون وهكذا الأفراط كلهم يشفعون ويخرج الله سبحانه من النار بشفاعتهم من شاء سبحانه وتعالى ويبقي في النار بقية من العصاة من أهل التوحيد
والإسلام فيخرجهم الرب سبحانه بفضله ورحمته بدون شفاعة أحد ، ولا يبقى في النار إلا من حكم عليه القرآن بالخلود الأبدي وهم الكفار .
( والأفراط هم الأولاد الذي لم يبلغوا الحلم وماتوا قبل أبويهم )
وبهذا يعلم السائل الجمع بين الآيتين وما جاء في معناهما من النصوص وأن أحاديث الوعد بالجنة لمن مات على الإسلام على عمومها إلا من أراد الله تعذيبه بمعصيته
فهو سبحانه الحكيم العدل في ذلك يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد جل وعلا .
ومنهم من لا يعذب فضلا من الله لأسباب كثيرة من أعمال صالحة ومن شفاعة الشفعاء ، وفوق ذلك رحمته وفضله سبحانه وتعالى .
مجموع فتاوى ومقالات (9/380)
*عبدالرحمن*
2018-08-27, 13:52
هل يغفر الله لمن أشرك ؟
وكيف يقوي إيمانه ؟
السؤال
أريد أن أعرف هل يغفر الله لشخص أشرك وهو يعلم ولكنه يريد الآن أن يتوب ويغير حياته تماماً ؟
كيف تتم المغفرة لهذا الشخص ؟ وكيف يعرف أنه قد غُفر له ؟
وكيف يقوي إيمانه ليفعل الحلال ويترك الحرام ؟
لدي الكثير من المشاكل النفسية تقودني للضلال وتشوش علي . احتاج للنصيحة وهداية الله .
الجواب
الحمد لله
قد أخبر الله عز وجل بأنه يغفر الذنوب جميعا لمن تاب إليه وأناب ، فقال : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/53
وهذا يشمل الذنوب كلها ، حتى الشرك ، فمن تاب تاب الله عليه .
وجاء في خصوص التوبة من الشرك ، وقبول ذلك
قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان/68- 70
وذكر الله شرك النصارى وكفرهم ثم دعاهم إلى التوبة
فقال : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) المائدة/73، 74 .
فمهما كان الذنب عظيما ، فإن عفو الله وكرمه وإحسانه أعظم .
فما عليك إلا أن تقبل على الله تعالى ، وتندم على ما قدمت ، وتعزم على عدم العود ، ثم أبشر بعد ذلك بفضل الله ورحمته وتوفيقه ، فإن الإسلام يهدم ما قبله من الذنوب
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص رضي الله عنه : " يا عمرو أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله " رواه مسلم (121) ورواه أحمد (17861) .
وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) رواه الترمذي وحسنه الألباني .
وإذا تاب العبد إلى الله تاب الله عليه ، وغفر له ، قال الله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ ) الشورى/25
وقال تعالى : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ) طـه/82 فعلى العبد أن يحسن الظن بربه ، وأن يؤمل قبول توبته، فإن الله يقول : " أنا عند ظن عبدي بي" حديث قدسي
رواه البخاري (7066) ومسلم (2675) وعند أحمد (16059) بإسناد صحيح " أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء ".
وأما تقوية الإيمان فتكون بأمور كثيرة منها :
1- كثرة ذكر الله تعالى وتلاوة كتابه ، وكثرة الصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم .
2- المحافظة على الفرائض والإكثار من النوافل ، ليفوز العبد بمحبة الله ، فيوفق ويسدد ، كما في الحديث: " إن الله قال : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء
أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه "
رواه البخاري (6137).
3- مصاحبة الأخيار الذين يعينون على الطاعة ، وينفرون من المعصية .
4- قراءة سير الصالحين من العلماء والزهاد والعباد والتائبين .
5- البعد عن كل ما يذكر بالمعصية ويدعو إليها .
وبالجملة فإن الإيمان يقوى بفعل الطاعات وترك المحرمات .
نسأل الله تعالى أن يوفقك ويتوب عليك ، ويهدي قلبك .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-27, 14:02
حصل له أكثر من حادث ، بعد العقد على زوجته ؛ فهل يتركها ؟
السؤال:
تزوجت امرأة ولم أدخل بها ، وأثناء قدومهم لأول مرة إلى دارنا أصابني حادث كسر في يدي ، وعند ذهابي للحجز للزفاف أصابني حادث سيارة !! هل أستمر في الزواج
خصوصا أني قد اكتشفت أني لا أحبها بعد رؤيتي لأمور لم أكن أراها في بداية الخطبة ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
لا علاقة بين حصول هاتين الحادثتين لك وبين مشروع الزواج ، فهذا أمر وذاك أمر ، والذي حدث يرجى أن يكون خيرا لك في الحقيقة ، فقد يكون كفارة لسيئاتك
وقد يكون رفعة لدرجاتك ، وقد يكون امتحانا لك ليرى الله : هل ترضى وتصبر وتحتسب ؟ أم تسخط وتضجر ؟
وقد قال الله سبحانه : ( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة / 216 .
وروى مسلم (2999) عَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ : إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ
وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ )
ثانيا :
إذا تصورت أن ما حصل لك في هذا التوقيت بالذات ، معناه أن هذه الزوجة لا تصلح ، فهذا من التشاؤم المنهي عنه ، ويجب عليك أن لا تلتفت إلى شيء وقع في نفسك منه ، وامض لأمرك ، وتوكل على الله .
راجع لمزيد الفائدة في هذا المبحث إجابة السؤال القادم
وقد روى أحمد (7005) والطبراني في "المعجم الكبير" (38) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ عَنْ حَاجَتِه فَقَدْ أَشْرَكَ ) وصححه الألباني في "الصحيحة" (1065) .
وروى أحمد أيضا (1827) عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَبَرِحَ ظَبْيٌ ، فَمَالَ فِي شِقِّهِ فَاحْتَضَنْتُهُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ تَطَيَّرْتَ ؟
قَالَ : ( إِنَّمَا الطِّيَرَةُ مَا أَمْضَاكَ أَوْ رَدَّكَ ) ضعفه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله، وهو في معنى الحديث المتقدم.
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
فيه : أن التطير الذي يرد ويمنع الإنسان عن حاجته شرك .
وقوله : ( أو ردّك ) أي : عن حاجتك ، كأن تريد أن تسافر ، ولَمّا رأيت الثعلب أو الغراب أو فلاناً الذي تكره ، قلت : هذا سفر ليس بحسن أو طيّب
ورجعت عنه ، وهذا هو التطيُّر ، وهو شرك ، والواجب عليك حينما حصل لك هذا الشيء وكرهته في نفسك ، أن ترفضه متوكِّلاً على الله تعالى ، وأنْ تمضيَ في حاجتك "
انتهى من "إعانة المستفيد" (3 /18) .
ثالثا :
ما ذكرته من أنك صرت لا تحبها وخاصة بعد اكتشافك لأمور بدت منها لم تكن تراها من قبل ؛ فإن كنت قد تغيرت تجاهها لسبب شرعي ، كأن تكون قد اطلعت على خلل في دينها ، أو خلقها ، أو نحو ذلك
فالواجب عليك نصحها وإرشادها وتعريفها أمر دينها ؛ لأنها بالعقد صارت زوجة لك ، ولها من الحقوق أن تنصحها وترشدها وتأمرها وتنهاها
فإن استجابت فبها ونعمت ، وإن لم تستجب ، وآثرت معصية الله تعالى على طاعته ، ولم تلتفت إلى نصحك وإرشادك : فهذه ليست زوجة صالحة .
وأما إذا كان نفورك منها وإعراضك عنها ، من واقع الوهم تارة ، والتطير والتشاؤم منها لما حصل تارة ، أو كان ذلك بسبب أمور تافهة ليست بذات شأن
أو بسبب ما يحدث عادة من المشاكل والاختلافات حول ميعاد الزفاف أو تجهيزاته ونحو ذلك : فننهاك عن مطاوعة نفسك ، وننصحك بالاحتراز لدينك ، ونذكرك الله في زوجتك التي قد عقدت عليها
فتصير مفارقتك إياها من أكبر المصائب عليها ، والمعايب لها عند العامة من الناس .
فانظر في الأمر بروية وحكمة ، واستشر أهل العلم والصلاح ، وأكثر من الدعاء والتضرع إلى الله ، واستخر الله ، واستعن به ، وأحسن الظن به سبحانه ؛ فإنه عز وجل عند ظن عبده به .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-27, 14:12
شرح حديث ( الشؤم في المرأة والدار والفرس )
السؤال
ما المقصود في الحديث الذي يقول إن هناك فأل شر في المرأة والحصان ؟
هل المقصود أنه يوجد الشر في المرأة والحصان على العموم ؟.
الجواب
الحمد لله
الثابت في السنة هو النهي عن التشاؤم - التطير - والتحذير منه ، والإخبار بأنه شرك
ومن ذلك ما رواه البخاري (5776) ومسلم (2224) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال : "َ لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ قَالُوا وَمَا الْفَأْلُ قَالَ كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ" .
وروى أحمد (4194) وأبو داود (3910) والترمذي (1614) وابن ماجه (3538) عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الطيرة شرك " وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وروى أحمد (7045) والطبراني عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك" قالوا يا رسول الله ما كفارة ذلك ؟ قال
: " أن يقول أحدهم : اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك" [ حسنه الأرناؤوط وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 6264 ].
وروى الطبراني في الكبير عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "ليس منا من تطيَّر ولا من تُطيّر له أو تَكهن أو تُكهن له أو سَحر أو سُحر له " وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 5435
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم :
( والتطير : التشاؤم ، وأصله الشيء المكروه من قول أو فعل أو مرئي وكانوا يتطيرون بالطيور فإن أخذت ذات اليمين تبركوا بها ومضوا في سفرهم وحوائجهم
وان أخذت ذات الشمال رجعوا عن سفرهم وحاجتهم وتشاءموا بها فكانت تصدهم في كثير من الأوقات عن مصالحهم ، فنفى الشرع ذلك وأبطله ونهي عنه
وأخبر أنه ليس له تأثير بنفع ولا ضر فهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم "لاطيرة " وفى حديث آخر "الطيرة شرك"
أي اعتقاد أنها تنفع أو تضر إذا عملوا بمقتضاها معتقدين تأثيرها فهو شرك لأنهم جعلوا لها أثرا في الفعل والإيجاد ) أ.هـ بتصرف .
هذا هو الأصل في مسألة التشاؤم (التطير) ، ثم جاءت أحاديث تفيد أن الشؤم قد يكون في المرأة والدار والفرس
روى البخاري (5093) ومسلم (2252) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الشُّؤْمُ فِي الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالْفَرَسِ".
وروى البخاري (5094) ومسلم (2252) عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ ذَكَرُوا الشُّؤْمَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَفِي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ".
وروى أبوداود (3924) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي دَارٍ كَثِيرٌ فِيهَا عَدَدُنَا وَكَثِيرٌ فِيهَا أَمْوَالُنَا فَتَحَوَّلْنَا إِلَى دَارٍ أُخْرَى فَقَلَّ فِيهَا عَدَدُنَا وَقَلَّتْ فِيهَا أَمْوَالُنَا
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ذَرُوهَا ذَمِيمَةً " والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود.
وقد اختلف العلماء في فهم هذه الأحاديث والتوفيق بينها وبين أحاديث النهي عن التطير، فمنهم من حملها على ظاهرها
ورأى أن هذا مستثنى من الطيرة ، أي الطيرة منهي عنها إلا أن يكون له دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس أو خادم فليفارق الجميع بالبيع ونحوه وطلاق المرأة .
وقال آخرون شؤم الدار ضيقها وسوء جيرانها وأذاهم ، وشؤم المرأة عدم ولادتها وسلاطة لسانها وتعرضها للريب، وشؤم الفرس أن لا يغزى عليها وقيل حرانها وغلاء ثمنها
وشؤم الخادم سوء خلقه وقلة تعهده لما فوض إليه. (شرح النووي على مسلم) .
والصحيح أن الطيرة مذمومة كلها ، وأنه ليس شيء من النساء أو الدور أو الدواب تضر أو تنفع إلا بإذن الله ، فهو سبحانه خالق الخير والشر
وقد يبتلي العبد بامرأة سيئة الخلق ، أو دار يكثر فيها العطب ، فيشرع للعبد التخلص من ذلك ، فرارا من قدر الله إلى قدر الله، وحذرا من الوقوع في التشاؤم المذموم .
قال ابن القيم رحمه الله :
( وقالت طائفة أخرى : الشؤم في هذه الثلاثة إنما يلحق من تشاءم بها وتطير بها فيكون شؤمها عليه ومن توكل على الله ولم يتشاءم ولم يتطير لم تكن مشؤومة عليه. قالوا ويدل عليه حديث أنس" الطيرة على من تطير"
وقد يجعل الله سبحانه تطير العبد وتشاؤمه سببا لحلول المكروه به كما يجعل الثقة والتوكل عليه وإفراده بالخوف والرجاء من أعظم الأسباب التي يدفع بها الشر المتطير به .
وسر هذا أن الطيرة إنما تتضمن الشرك بالله تعالى والخوف من غيره وعدم التوكل عليه والثقة به ، فكان صاحبها غرضا لسهام الشر والبلاء فيتسرع نفوذها فيه لأنه لم يتدرع من التوحيد والتوكل بجنة واقية
وكل من خاف شيئا غير الله سلط عليه كما أن من أحب مع الله غيره عذب به ومن رجا مع الله غيره خذل من جهته وهذه أمور تجربتها تكفي عن أدلتها
والنفس لا بد أن تتطير ولكن المؤمن القوي الإيمان يدفع موجب تطيره بالتوكل على الله فإن من توكل على الله وحده كفاه من غيره
قال تعالى : " فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون" ولهذا قال ابن مسعود :
"وما منا إلا يعني من يقارب التطير ولكن الله يذهبه بالتوكل" ...
قالوا فالشؤم الذي في الدار والمرأة والفرس قد يكون مخصوصا بمن تشاءم بها وتطير وأما من توكل على الله وخافه وحده ولم يتطير ولم يتشاءم فان الفرس والمرأة والدار لا يكون شؤما في حقه ).
ثم قال : ( فمن اعتقد أن رسول الله نسب الطيرة والشؤم إلى شيء من الأشياء على سبيل أنه مؤثر بذاته دون الله فقد أعظم الفرية على الله وعلى رسوله وضل ضلالا بعيدا..
. وبالجملة فإخباره بالشؤم أنه يكون في هذه الثلاثة ليس فيه إثبات الطيرة التي نفاها ، وإنما غايته أن الله سبحانه قد يخلق منها أعيانا مشؤومة على من قاربها وسكنها وأعيانا مباركة لا يلحق من قاربها منها شؤم ولا شر،
وهذا كما يعطي سبحانه الوالدين ولدا مباركا يريان الخير على وجهه ويعطى غيرهما ولدا مشؤوما نذلا يريان الشر على وجهه ، وكذلك ما يعطاه العبد ولاية أو غيرها فكذلك الدار والمرأة والفرس
والله سبحانه خالق الخير والشر والسعود والنحوس فيخلق بعض هذه الأعيان سعودا مباركة ويقضى سعادة من قارنها وحصول اليمن له والبركة ويخلق بعض ذلك نحوسا يتنحس بها من قارنها وكل ذلك بقضائه وقدره
كما خلق سائر الأسباب وربطها بمسبباتها المتضادة والمختلفة فكما خلق المسك وغيره من حامل الأرواح الطيبة ولذذ بها من قارنها من الناس وخلق ضدها وجعلها سببا لإيذا
من قارنها من الناس والفرق بين هذين النوعين يدرك بالحس فكذلك في الديار والنساء والخيل فهذا لون والطيرة الشركية لون آخر )
وقال في أمر النبي صلى الله عليه وسلم أهل الدار بالتحول عنها في الحديث الذي تقدم ذكره :
( فليس هذا من الطيرة المنهي عنها وإنما أمرهم بالتحول عنها عند ما وقع في قلوبهم منها لمصلحتين ومنفعتين :
إحداهما : مفارقتهم لمكان هم له مستثقلون ومنه مستوحشون لما لحقهم فيه ونالهم ليتعجلوا الراحة مما داخلهم من الجزع في ذلك المكان والحزن والهلع
لأن الله عز وجل قد جعل في غرائز الناس وتركيبهم استثقال ما نالهم الشر فيه وإن كان لا سبب له في ذلك وحب ما جرى لهم على يديه الخير وإن لم يردهم به، فأمرهم بالتحول مما كرهوه
لأن الله عز وجل بعثه رحمة ولم يبعثه عذابا وأرسله ميسرا ولم يرسله معسرا فكيف يأمرهم بالمقام في مكان قد أحزنهم المقام به واستوحشوا عنده لكثرة من فقدوه فيه لغير منفعته
ولا طاعة ولا مزيد تقوى وهدى لاسيما وطول مقامهم فيها بعد ما وصل إلى قلوبهم منها ما وصل قد يبعثهم ويدعوهم إلى التشاؤم والتطير ، فيوقعهم ذلك في أمرين عظيمين :
أحدهما مقارنة الشرك .
والثاني : حلول مكروه أحزنهم بسبب الطيرة التي إنما تلحق المتطير فحماهم بكمال رأفته ورحمته من هذين المكروهين بمفارقة تلك الدار
والاستبدال بها من غير ضرر يلحقهم بذلك في دنيا ولا نقص في دين ) مفتاح دار السعادة 2/258
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-08-31, 04:24
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
ليس هناك من الملائكة ولا غيرهم من يعلم كل شيء في السموات والأرض ؟
السؤال:
سألتني ابنتي : ما هو الملاك الذي يعرف كل شيء في السموات والأرض ، عدد قطرات الماء ، عدد حبات التراب ؟
هل يوجد شيء من هذا القبيل ؟
الجواب
:
الحمد لله
الذي يعلم كل شيء في السموات والأرض ، ويعلم عدد قطرات الماء ، وعدد حبات التراب ، هو الله رب العالمين ، ولا يوجد ملك مقرب ولا نبي مرسل يعلم ذلك ،
ومن قال إن هناك من الملائكة من يعلم ذلك كله ، فقد افترى على الله الذي له غيب السموات والأرض .
قال الله تعالى : ( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) الأنعام/59.
وقال سبحانه :
( قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) النمل/65
. قال ابن كثير رحمه الله :
" يقول تعالى آمرًا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول معلمًا لجميع الخلق : أنه لا يعلم أحد الغيب إلا الله عز وجل ، فإنه المنفرد بذلك وحده ، لا شريك له " .
انتهى من"تفسير ابن كثير" (6 /207) .
روى البخاري (4697) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَفَاتِحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ : لَا يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إِلَّا اللَّهُ
وَلَا يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ إِلَّا اللَّهُ ، وَلَا يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِي الْمَطَرُ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ ، وَلَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ وَلَا يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا اللَّهُ ) .
لكن الله تعالى يُطلع من شاء من خلقه على ما يشاء من غيبه
قال تعالى :( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ) الجن/26،27 .
قال علماء اللجنة الدائمة :
" علم المغيبات من اختصاص الله تعالى فلا يعلمها أحد من خلقه لا جني ولا غيره إلا ما أوحى الله به إلى من شاء من ملائكته أو رسله "
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (1 /346) .
نعم ، هناك من الملائكة من هو موكل بالمطر وتصريفه إلى حيث يشاء الله وهو ميكائيل عليه السلام ، وله أعوان يفعلون ما يأمرهم به ، ولكن هذا لا يكون إلا بمشيئة الله وحكمته وعلمه سبحانه
لا يطّلعون على علم ، ولا يفعلون شيئا ، بل لا يقدرون على فعل شيء إلا بإذن الله . كما أن ذلك لا يعني أنهم يعلمون عدد قطر الماء ، إنما يقتصر علمهم على ما علّمهم الله
ويقولون كما أخبر الله عنهم : ( سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) .
البقرة/ 32 .
قال ابن كثير رحمه الله :
" هذا تقديس وتنزيه من الملائكة لله تعالى أن يحيط أحد بشيء من علمه إلا بما شاء ، وأن يعلموا شيئا إلا ما علمهم الله تعالى "
انتهى من "تفسير ابن كثير" (1 /225) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-31, 04:31
حديث (مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي) هل يعني عدم وقوع الشرك في الأمة؟
السؤال :
روى الإمام البخاري في صحيحة (الملجد الثاني، الكتاب 23، حديث رقم 428) عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوما فصلى على أهل أُحُد صلاته على الميت
ثم انصرف إلى المنبر فقال : ( إني فرطكم ، وأنا شهيد عليكم ، وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن ، وإني قد أعطيت خزائن مفاتيح الأرض ، وإني والله ما أخاف بعدي أن تشركوا
ولكن أخاف أن تنافسوا فيها). فما التفسير الصحيح لهذا الحديث؟ لأن كثيراً من أهل البدع ممن يصلّون عند القبور ويدعون الأموات يحتجون به
ويقولون : إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أقسم بأن الشرك لن يحدث في أمّته ، فأرجو منكم التوضيح.
الجواب :
الحمد لله
أولا :
الحديث رواه البخاري (1344) ومسلم (2296) عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ وَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَنْظُرُ
إِلَى حَوْضِي الْآنَ وَإِنِّي أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الْأَرْضِ أَوْ مَفَاتِيحَ الْأَرْضِ وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا ).
والمقصود بصلاته عليهم صلاة الميت : أي دعاؤه لهم بالدعاء الذي يقال في صلاة الجنازة ، وقد كان هذا بعد سبع سنين من استشهادهم رضي الله عنهم .
وليس في الحديث نفي وقوع الشرك في هذه الأمة ، بل فيه أنه لا يخاف على جميع الأمة ، بدليل أنه وقع من بعضهم ، كما دلت نصوص أخرى على علمه وإخباره صلى الله عليه وسلم بأن بعض أمته يقع في الشرك .
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم
: " وفي هذا الحديث معجزات لرسول الله صلى الله عليه سلم ؛ فإن معناه الإخبار بأن أمته تملك خزائن الأرض وقد وقع ذلك ، وأنها لا ترتد جملة وقد عصمها الله تعالى من ذلك ، وأنها تتنافس في الدنيا وقد وقع كل ذلك " انتهى .
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله :
" قوله : ( ما أخاف عليكم أن تشركوا ) أي على مجموعكم لأن ذلك قد وقع من البعض أعاذنا الله تعالى ، وفي هذا الحديث معجزات للنبي صلى الله عليه وسلم ، ولذلك أورده المصنف في علامات النبوة "
انتهى من "فتح الباري" (3/ 211).
ثانيا :
قد دلت السنة الصحيحة على أن من هذه الأمة من يشرك بالله تعالى :
1- روى البخاري (7116) ومسلم (2906) عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ عَلَى ذِي الْخَلَصَةِ ) وَذُو الْخَلَصَةِ طَاغِيَةُ دَوْسٍ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ .
2- وروى مسلم (2907) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( لَا يَذْهَبُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى تُعْبَدَ اللَّاتُ وَالْعُزَّى . فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ
: ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) أَنَّ ذَلِكَ تَامًّا ؟
قَالَ إِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَوَفَّى كُلَّ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ ، فَيَبْقَى مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ فَيَرْجِعُونَ إِلَى دِينِ آبَائِهِمْ ).
فتبين بهذا أن بعض المسلمين سوف يقع في الشرك والردة ، من دون أن يعم ذلك جميع الأمة ؛ فإنها معصومة من أن تجتمع على ضلالة .
وكيف يشك مسلم في أن دعاء الأموات ، والتضرع إليهم في الملمات ، وسؤالهم تفريج الكربات ، من الشرك ؟! بل هذا عين ما كان يفعله المشركون الأوائل طلبا للقربى أو الشفاعة عند الله
كما قال تعالى : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ) الزمر/3 .
وقال سبحانه : ( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ . وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا ) يونس/18، 19 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فمن جعل الملائكة والأنبياء وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم جلب المنافع ودفع المضار مثل أن يسألهم غفران الذنب وهداية القلوب وتفريج الكروب وسد الفاقات ، فهو كافر بإجماع المسلمين "
انتهى من "مجموع الفتاوى" (1/ 124).
وهذا الإجماع نقله غير واحد من أهل العلم مقرين له ، وانظر في ذلك ( الفروع لابن مفلح 6/ 165 ، الإنصاف 10/ 327 ، كشاف القناع 6/ 169 ، مطالب أولي النهى 6/279 ) وهذه أمهات كتب الفقه الحنبلي المعتمدة.
قال في "كشاف القناع" بعد ذكر هذا الإجماع في باب حكم المرتد ( لأن ذلك كفعل عابدي الأصنام قائلين " ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى" ) انتهى.
وقد صرح غير واحد من أهل العلم بأن ما يفعله بعض الجهلة من المسلمين من التعلق بالقبور هو عين ما كان عليه المشركون الأوائل.
قال الرازي رحمه الله في تفسير آية يونس السابقة ، مبينا وجه عبادة المشركين للأصنام
: " ورابعها : أنهم وضعوا هذه الأصنام والأوثان على صور أنبيائهم وأكابرهم ، وزعموا أنهم متى اشتغلوا بعبادة هذه التماثيل ، فإن أولئك الأكابر تكون شفعاء لهم عند الله تعالى .
ونظيره في هذا الزمان اشتغال كثير من الخلق بتعظيم قبور الأكابر ، على اعتقاد أنهم إذا عظموا قبورهم فإنهم يكونون شفعاء لهم عند الله "
انتهى من "مفاتيح الغيب" (17/ 49).
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-31, 04:44
هل كل مسلم يدخل الجنة ولو كان منافقاً أو تاركاً للصلاة أو يقع في الشرك؟
السؤال
هل سيدخل جميع المسلمين ، بمن فيهم المنافقون وتاركو الصلاة ومن يقومون بالشرك ، الجنة ، بعد قضاء مدة في جهنم ؟
الجواب :
الحمد لله
ينبغي أن نعلم جيدا الأصل العام في هذا الباب ، باب دخول الجنة ، والخلود في النار ، وهو أمر مختصر ميسر ، موضح في حديث مختصر
رواه مسلم في صحيحه (135) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : مَا الْمُوجِبَتَانِ ؟
فَقَالَ : ( مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ) .
قال النووي رحمه الله :
" َأَمَّا قَوْله ( مَا الْمُوجِبَتَانِ ؟ ) فَمَعْنَاهُ الْخَصْلَة الْمُوجِبَة لِلْجَنَّةِ , وَالْخَصْلَة الْمُوجِبَة لِلنَّارِ " انتهى .
فقد بين هذا الحديث أن الذي يوجب للعبد أن يدخل الجنة ، هو موته على التوحيد .
والذي يوجب له الخلود في النار : هو موته على الشرك .
وهو أصل قطعي ، معلوم من دين الإسلام بالضرورة ، وقد تواترت النصوص على تقريره وتأكيده . قال الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ) النساء/48 .
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ، في حديث الشفاعة ، وأحوال العصاة في جهنم ، أنه لا يخرج من النار إلا من مات على التوحيد ، شهادة بلسانه ، وكان في قلبه شيء من الإيمان :
( يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنْ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ شَعِيرَةً ، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنْ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ بُرَّةً ، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مَا يَزِنُ مِنْ الْخَيْرِ ذَرَّةً ) . رواه البخاري (6861) ومسلم (285) .
وبناء على ذلك يمكننا أن نعلم أحوال من ورد ذكره في السؤال :
1- فمن وقع في الشرك الأكبر ، سواء كان مشركا أصليا ، كاليهود والنصارى والبوذيين ، وغيرهم من أصناف الكفار ، أو كان مسلما ثم ارتد عن الإسلام بوقوعه في الشرك الأكبر
وهذا هو المسؤول عنه ، فإنه لا ينفعه انتسابه للإسلام ، ولا تسميه بأسماء المسلمين ، ولا ما يقوم به من أعمال الخير وغيرها ، إذا وقع في الشرك الأكبر ، ومات عليه من غير توبة .
قال الله تعالى : ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ) الزمر/65-66 .
2-وتارك الصلاة بالكلية ، فلا يصليها لا في بيته ولا في مسجده ، ولا يشهد جمعة ولا جماعة ، هذا أيضا قد أبطل عمله ، ووقع في الكفر بتركه للصلاة بالكلية
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ
أي الصفة الفارقة بين المسلمين والكفار ـ : الصَّلَاةُ ؛ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ ) رواه الترمذي (2545) والنسائي (459) وصححه الألباني . وينظر حول كفر تارك الصلاة جواب السؤال رقم (5208) .
3-وأما المنافقون ، فإن كان المراد بهم أهل النفاق الأكبر ، الذين يظهرون في الدنيا أنهم من المؤمنين ، في حين أنهم يسرون الكفر في قلوبهم ، ويخفونه عن الناس ؛
فهؤلاء شر حالا من الكفار والمشركين ، ولذلك فمصيرهم في أسفل دركات جهنم
كما قال الله تعالى : ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ) النساء/145 .
4-وأما إن كان المراد بالمنافقين : من وقع في شيء من النفاق العملي ، كالكذب في شيء من حديثه ، أو خيانة الأمانة ، أو الغدر في الوعد ، أو وقع في شيء من الشرك الأصغر
كيسير الرياء ، أو الحلف بغير الله ، أو وقع في شيء من المعاصي الكبيرة ، أو الصغيرة ، فهذا لا يكفر بمجرد ذلك ، ولا يخرج به من الإسلام ، ولا يخلد به في جهنم ، إذا مات على التوحيد
بل أمره إلى الله ؛ إما يعذبه بذنبه ، ثم يدخله الجنة بما معه من التوحيد ، وإما أن يتفضل عليه ابتداء ، فيدخله الجنة ، ويعفو له عن ذنبه الذي وقع فيه .
روى البخاري (6933) ومسلم (1655) عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ... ذَاكَ جِبْرِيلُ عَرَضَ لِي فِي جَانِبِ الْحَرَّةِ ، فَقَالَ : بَشِّرْ أُمَّتَكَ أَنَّهُ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ !! فَقُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ
وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : قُلْتُ : وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : قُلْتُ : وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَإِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ ) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-31, 04:53
هل كراهة التعدد تدخل في نواقض الإسلام؟
السؤال :
قرأت "من نواقض الإسلام العشرة : من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به فقد كفر ، لقوله تعالى : ( ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم ) محمد / 9 . ..
.. ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف، إلا المكره، وكلها من أعظم ما يكون خطراً، وأكثر ما يكون وقوعاً . فينبغي للمسلم أن يحذرها ، ويخاف منها على نفسه
نعوذ بالله من موجبات غضبه ، وأليم عقابه ، وصلى الله على خير خلقه محمد وآله وصحبه وسلم....." والكثير من النساء يُبغضن التعدد ويصرّحن بهذا في المجالس هازلات أو جادات ، فهل يدخل هذا في الارتداد ؟
و يجب عليهن التوبة والاغتسال ؟
الجواب :
الحمد لله
إذا رضي المسلم بحكم الله
وأذعن له
ولم يرفضه
ولم يعترض عليه
فهذا هو الواجب
ولا يضره لو كانت نفسه تكره الفعل طبعا
ككراهة النفس للقتال مع قبولها وإذعانها لحكم الله .
قال الله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) البقرة/216 .
ومثل ذلك : كراهة المرأة لوجود مزاحمة لها ، فإن هذا أمر طبعي ، لأنها ستنازعها زوجها
لكن فرق بين كراهة فرض الله للقتال
وكراهة النفس للقتال
وبين كراهة تشريع الله للتعدد
وكراهة النفس لوجود الضرة .
فما فرضه الله وشرعه يحب دينا وقربة
ولو كان الفعل المفروض مكروها للنفس شاقا عليها .
على أنه كلما كمل إيمان العبد أصبحت هذه المكروهات محبوبة له طبعا
كما هي محبوبة له شرعا .
والمذكور في نواقض الإسلام إنما هو كراهة ما أنزل الله ، وكراهة تشريعه .
قال ابن القيم رحمه الله
: "وليس من شرط الرضى ألا يحس بالألم والمكاره بل ألا يعترض على الحكم ولا يتسخطه ولهذا أشكل على بعض الناس الرضى بالمكروه وطعنوا فيه وقالوا : هذا ممتنع على الطبيعة
وإنما هو الصبر وإلا فكيف يجتمع الرضى والكراهية وهما ضدان .
والصواب : أنه لا تناقض بينهما وأن وجود التألم وكراهة النفس له لا ينافي الرضى كرضى المريض بشرب الدواء الكريه ورضى الصائم في اليوم الشديد الحر بما يناله من ألم الجوع والظمأ ورضى المجاهد بما يحصل له ف
ي سبيل الله من ألم الجراح وغيرها"
انتهى من "مدارج السالكين" (2/175) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في توضيح هذا الأمر
: "قوله تعالى: (وهو كره لكم) : (كره) مصدر بمعنى اسم المفعول ، يعني: وهو مكروه لكم ؛ والمصدر بمعنى اسم المفعول يأتي كثيراً، مثل: (وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ) [الطلاق: 6]
يعني: محمول ؛ وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )، أي مردود .
وجملة ( وهو كره لكم ) في محل نصب على الحال؛ والضمير ( هو ) يعود على القتال؛ وليس يعود على الكتابة؛ فإن المسلمين لا يكرهون ما فرضه الله عليهم؛ وإنما يكرهون القتال بمقتضى الطبيعة البشرية
وفرق بين أن يقال: إننا نكره ما فرض الله من القتال؛ وبين أن يقال: إننا نكره القتال؛ فكراهة القتال أمر طبيعي؛ فإن الإنسان يكره أن يقاتل أحداً من الناس فيقتله
فيصبح مقتولاً؛ لكن إذا كان هذا القتال مفروضاً علينا صار محبوباً إلينا من وجهٍ، ومكروهاً لنا من وجهٍ آخر؛ فباعتبار أن الله فرضه علينا يكون محبوباً إلينا؛
ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم يأتون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يصرون أن يقاتلوا؛ وباعتبار أن النفس تنفر منه يكون مكروهاً إلينا ".
ثم قال في فوائد الآية
: " ومنها: أنه لا حرج على الإنسان إذا كره ما كتب عليه؛ لا كراهته من حيث أمَر الشارع به؛ ولكن كراهته من حيث الطبيعة؛ أما من حيث أمر الشارع به فالواجب الرضا، وانشراح الصدر به "
انتهى من "تفسير القرآن لابن عثيمين".
وقال رحمه الله في موضع آخر :
" وقوله: (وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ) يجب أن تعلم أن الضمير في قوله: (وَهُوَ) يعود على القتال وليس يعود على الكتابة، لأن الصحابة رضي الله عنهم لايمكن أن يكرهوا فريضة الله ، لكن يكرهون القتل ويقاتلون فيقتلون.
وفرق بين أن يكره الإنسان حكم الله، أو أن يكره المحكوم به "
انتهى من "مؤلفات الشيخ ابن عثيمين" (2/ 438).
والحاصل : أنه يلزم المؤمنة أن ترضى بتشريع الله للتعدد ، وتعتقد أن فيه الحكمة والصلاح ، وألا تكره هذا الحكم والتشريع وإن كانت نفسها تكره وجود الضرة المزاحمة لها ، ككراهة الإنسان للقتال
وكراهة نفسه لما يخرجها عن الراحة والدعة كالوضوء بالماء البارد للفجر ، والصوم في شدة الحر ، ونحو ذلك مما فيه مشقة ، لكن يقهرها العبد بمحبته لله ، ورضاه واستسلامه لشرعه
ولهذا جاء في الحديث الذي رواه البخاري (6487) ومسلم (2823) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (حُفَّتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ ، وَحُفَّتْ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ) .
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم
: " فَأَمَّا الْمَكَارِه فَيَدْخُل فِيهَا الِاجْتِهَاد فِي الْعِبَادَات , وَالْمُوَاظَبَة عَلَيْهَا , وَالصَّبْر عَلَى مَشَاقّهَا , وَكَظْم الْغَيْظ , وَالْعَفْو وَالْحِلْم وَالصَّدَقَة وَالْإِحْسَان إِلَى الْمُسِيء وَالصَّبْر عَنْ الشَّهَوَات , وَنَحْو ذَلِكَ " انتهى .
ومثله قوله صلى الله عليه وسلم : (أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟
قَالُوا : بَلَى ، يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ ، فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ) رواه مسلم (251) من حديث أبي هريرة .
قال النووي رحمه الله :
" والمكاره تكون بشدة البرد وألم الجسم ونحو ذلك " انتهى .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-31, 05:01
متى يكون اتباع الهوى شركا أكبر ومتى يكون معصية
السؤال
هل يصح ان نطلق على من يتبع هواه ويحب لأجله ويبغض لأجله ويحكم به ويخاف منه بأنه كافر خارج من الملة ؟
مستدلين بقوله تعالى : ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ) الجاثية/23 ؛ فعلى سبيل المثال
: لو أن رجلاً يحب الزنا حباً شديداً ويترك الصلاة من أجله، وإذا دعي للجهاد في سبيل الله تقاعس وأخلد إلى الأرض لأنه يخاف أن تفوته لذة الزنا، وإذا قيل له صم شهر رمضان رفض
لأنه لا يريد أن ينقطع عن الزنا، وإذا قيل له حج بيت الله رفض لأنه لا يريد أن يطهّر نفسه من الزنا ... وليس نادماً على ذلك كله ، ويرفض أن يتوب ؛ فهل يمكن ان يصنف مثل هذا الشخص بأنه كافر؟
الجواب :
الحمد لله
ذم الله اتباع الهوى في مواضع كثيرة من كتابه
منها قوله تعالى : ( أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ) الفرقان/43
وقوله : ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ) الجاثية/23
وقوله : ( فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) القصص/50 .
واتباع الهوى ليس على منزلة واحدة ، فمنه ما يكون كفرا أو شركا أكبر ، ومنه ما يكون كبيرة ، ومنه ما يكون صغيرة من الصغائر .
فإن اتبع هواه حتى قاده إلى تكذيب الرسول ، أو الاستهزاء به ، أو الإعراض عنه - كما هو واضح من سياق آيتي الفرقان والجاثية - فهذا مشرك شركا أكبر .
وهكذا كل من قاده الهوى إلى ارتكاب ما دلت الأدلة على أنه شرك أكبر أو كفر أكبر ، كدعاء الأموات ، أو جحد المعلوم بالضرورة ، أو ترك الصلاة ، أو استحلال الزنا أو الخمر .
وإن اتبع هواه فحلف بغير الله تعالى ، أو راءى بعمله ، فهو مشرك شركا أصغر .
وإن اتبع هواه ففعل بدعة غير مكفّرة فهو مبتدع .
وإن اتبع هواه ففعل كبيرة كالزنا أو شرب الخمر من غير استحلال ، فهو فاسق .
وإن اتبع هواه ففعل صغيرة ، فهو عاص غير فاسق .
وبهذا تعلم أن اتباع الهوى يقود إلى أمور متفاوتة ، فلا يصح أن يقال : إن من اتبع هواه فهو كافر بإطلاق .
ولفظ ( من اتخذ إلهه هواه ) تنطبق على من أتى الشرك الأكبر والأصغر ، فكل من تعلق بغير الله ، ففيه عبودية وتأله لهذا الغير ، وهذا قد يكون كفرا أكبر أو أصغر
ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى أن جميع المعاصي تدخل في الشرك بمفهومه العام لأن كل من عصى الله تعالى فهو متبع لهواه ، وعابد لهواه
كما دل عليه قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ ) رواه البخاري (2887).
لكن الحكم على كون الفعل - الذي قاد الهوى إليه - كفرا أكبر أو أصغر يُرجع فيه إلى قواعد الشريعة وأدلتها التفصيلة الأخرى .
وإليك بعض كلام أهل العلم في ذلك .
قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في تفسيره "أضواء البيان" : "
قوله تعالى : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا ). قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه ) أي : مهما استحسن من شيء
ورآه حسنا في هوى نفسه : كان دينه ومذهبه . إلى أن قال : قال ابن عباس : كان الرجل في الجاهلية يعبد الحجر الأبيض زمانا ، فإذا رأى غيره أحسن منه عبد الثاني وترك الأول . انتهى منه .
وذكر صاحب «الدر المنثور» : أن ابن أبي حاتم وابن مردويه أخرجا عن ابن عباس أن عبادة الكافر للحجر الثاني مكان الأول هي سبب نزول هذه الآية ، ثم قال صاحب «الدر المنثور» : وأخرج ابن مردويه عن أبي رجاء العطاردي ،
قال : كانوا في الجاهلية يأكلون الدم بالعلهز ويعبدون الحجر ، فإذا وجدوا ما هو أحسن منه ، رموا به وعبدوا الآخر ، فإذا فقدوا الآخر أمروا مناديا فنادى : أيها الناس إن إلهكم قد ضل فالتمسوه
فأنزل الله هذه الآية : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه ) ، وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه ) ، قال : ذلك الكافر اتخذ دينه بغير هدى من الله ولا برهان .
وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن الحسن : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه ) قال : لا يهوى شيئا إلا تبعه .
وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم عن قتادة : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه ) ، قال : كلما هوى شيئا ركبه ، وكلما اشتهى شيئا أتاه ، لا يحجزه عن ذلك ورع ولا تقوى .
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن ، أنه قيل له : أفي أهل القبلة شرك ؟
قال : نعم ، المنافق مشرك ، إن المشرك يسجد للشمس والقمر من دون الله ، وإن المنافق عبد هواه ، ثم تلا هذه الآية : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا ) .
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ما تحت ظل السماء من إله يعبد من دون الله أعظم عند الله من هوى متبع ) ، انتهى محل الغرض من كلام صاحب «الدر المنثور» .
وإيضاح أقوال العلماء المذكورة في هذه الآية أن الواجب الذي يلزم العمل به ، هو أن يكون جميع أفعال المكلف مطابقة لما أمره به معبوده جل وعلا ، فإذا كانت جميع أفعاله تابعة لما يهواه
فقد صرف جميع ما يستحقه عليه خالقه من العبادة والطاعة إلى هواه ، وإذن فكونه اتخذ إلهه هواه في غاية الوضوح "
انتهى من "أضواء البيان".
فأنت ترى فيما ذكره ابن عباس وأبي رجاء العطاردي والحسن وقتادة أن هذا المتخذ إلهه هواه ، عبد الحجر ، أو نافق ، أو ما هوى شيئا إلا ركبه وأتاه ، وهذا الأخير يتضمن فعل الشرك والكفر
فمن كانت جميع أفعاله راجعة للهوى ، فلابد أن يكون فاعلا للشرك والكفر تاركا لجميع الأعمال من صلاة وغيرها ، فلا إشكال في كون هذا مشركا شركا أكبر
ويكون تأليهه للهوى تأليها يخرجه عن الملة ، بخلاف من لم يصل به هواه إلى عبادة الحجر ، أو نحوه من صور الشرك الأكبر أو الكفر الأكبر .
وحديث : ( ما تحت ظل السماء من إله يعبد من دون ...) حديث موضوع
كما ذكر الألباني في السلسلة الضعيفة (14/ 90) ، وفي " ظلال الجنة " رقم (3) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في تفسير قوله تعالى
: ( أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ . مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ . الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ) ق/24- 26 : " ( الذي جعل مع الله إلهاً ءاخر ) : ما أوسع هذه الكلمة ، وإذا كانت هذه الكلمة وصفاً للكفَّار العنيد
فالمعنى أنه يعبد مع الله غيره ، وكلنا يعلم أن المشركين كانوا يعبدون مع الله غيره ، فيعبدون اللات ، ويعبدون العزى ، ويعبدون مناة ، ويعبدون هبل
وكل قوم لهم طاغية يعبدونها كما يعبدون الله ، يركعون لها ، ويسجدون لها ، ويحبونها كما يحبون الله ، ويخافون منها كما يخافون من الله - نسأل الله العافية - هذا إذا جعلنا قوله تعالى : (
مع الله إلهاً آخر ) وصف لهذا الكفَّار العنيد.
أما إذا جعلناه أشمل من ذلك ، فإنها تعم كل إنسان تعبد لغير الله ، وتذلل لغير الله ، حتى التاجر الذي ليس له هم إلا تجارته وتنميتها ، فإنه عابد لها ، حتى صاحب الإبل الذي ليس له هم إلا إبله هو عابد لها
والدليل على أن من انشغل بشيء عن طاعة الله فهو عابد له ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة ) .
عبد الدينار هذا تاجر الذهب ، وعبد الدرهم تاجر الفضة ، وعبد الخميصة تاجر الثياب ؛ لأن الخميصة هي الثوب الجميل المنقوش ، وعبد الخميلة تاجر الفرش ، أو ليس بتاجر
يعني لا يتجر بهذه الأشياء لكن مشغول بها عن طاعة الله ، إن أُعطي رضي ، وإن لم يعط سخط، ، فسمى النبي صلى الله عليه وسلم من اشتغل بهذه الأشياء الأربعة عبداً لها
وفي القرآن الكريم ما يدل على أن العبادة أوسع من هذا ، قال الله تعالى : ( أرءيت من اتخذ إلهه هواه ) فدل ذلك على أن كل من قدم هوى نفسه على هُدى ربه
فهو قد اتخذ إلهاً غيره . ولهذا يمكننا أن نقول : إن جميع المعاصي داخلة في الشرك في هذا المعنى ؛ لأنه قدمها على مرضاة الله تعالى وطاعته ، فجعل هذا شريكاً لله - عز وجل - في تعبده له
واتباعه إياه ، فالشرك أمره عظيم ، وخطره جسيم ، حتى الرجل إذا تصدق بدرهم وهو يلاحظ لعل الناس ، يرونه ليمدحوه ، ويقولون : إنه رجل كريم
يعتبر مشركاً مرائياً ، والرياء شرك ، وأخوف ما خاف النبي عليه الصلاة والسلام على أمته الشرك الخفي ، وهو الرياء . فعلى هذا نقول: ( الذي جعل مع الله إلهاً ءاخر ) إن كانت وصفاً خاصًّا بالكفَّار العنيد
فإنها تختص بمن يعبد الصنم والوثن ، وإن كانت للعموم فهي تشمل كل من اشتغل بغير الله عن طاعته ، وتقدم ذكر الأمثلة والأدلة على ما ذكرنا " .
انتهى من "تفسير القرآن" لابن عثيمين (8/ 23) وهو في "لقاء الباب المفتوح" (136/ 4) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" ما هو الضابط في الشرك الأكبر وما هو الضابط في الشرك الأصغر؟ وهل تعتبر المعاصي من الشرك ، علماً بأنه يغلب عليه حب الشهوة وحب المعصية على حب الله ؟
فأجاب : الضابط في الشرك الأكبر أنه ما أخرج من الملة ، وهذا يرجع على أنك إذا وجدت حديثاً ما أن هذا شرك ، انظر إلى قواعد الشريعة بالنصوص الأخرى
فإن كان مثله يخرج من الملة فهو شركٌ أكبر ، وإن كان لا يخرج فهو شركٌ أصغر.
إذاً لا بد إذا جاءت النصوص بأن هذا شرك أن نعيد هذا النص إلى القواعد العامة للشريعة ؛ إذا وردت النصوص بالشرك ، ولكنه بمقتضى القواعد العامة للشريعة لا يخرج من الإسلام
فهو شركٌ أصغر، مثل قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ) .
أما بالنسبة لجعل المعاصي كلها شركاً : فهذا نعم ، بالمعنى العام ؛ لأن المعاصي إنما تصدر عن هوى ، وقد سمى الله تعالى من اتبع هواه متخذاً له إلهاً
فقال : ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ ) [الجاثية:23] .
إذاً عندنا ثلاثة أشياء:
الإطار العام : وهو أن كل معصية فهي نوعٌ من الشرك ؛ لأنها صادرة عن الهوى ، وقد جعل الله تعالى من اتخذ هواه إلهاً جعله متخذاً له إلهاً.
الثاني : الشرك إذا أطلق ، فهل نحمله على الشرك الأكبر أم الشرك الأصغر؟ نقول : ننظر إلى القواعد العامة في الشريعة ؛ إن اقتضى أن يكون خارجاً عن الإسلام فهو أكبر ، وإلا فلا"
انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (192/ 13) .
والحاصل : أن اتخاذ الهوى إلها يكون باتباعه والانقياد إليه ، وهذا قد يقود صاحبه إلى اقتراف الشرك الأكبر أو الأصغر أو البدعة أو الكبيرة أو الصغيرة .
وفي المثال المذكور ، نقول : لو كان يحب الزنا ، لكنه لم يستحله ، ولم يقترف معه كفرا أكبر كترك الصلاة ، فهو فاسق ، فاجر .. ، لكنه مع ذلك ما زال باقيا في دائرة الإسلام .
وإن قاده حب الزنا استحلاله ، وزواله استقباحه من قلبه ، أو عدم الرضى بتحريم الشرع له ، وعدم الانقياد للنصوص التي تنهى عنه وتحرمه ، أو الضيق بها ، ومحبة زوالها ، أو ترك الصلاة
كان كافرا بذلك كله ، لا لأجل أن الزنا ـ في حد ذاته ـ كفر أكبر ، بل لأجل استحلال الزنا كفر أكبر بحد ذاته ، حتى ولو لم يزن ، وهكذا عدم الرضا بشيء من شرائع الله ، مهما كان صغيرا أو كبيرا
أو عدم الانقياد والإذعان لحكم الله ، أو الضيق بما شرع الله ، وعدم شرح الصدر به
. قال الله تعالى : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) النساء/65 .
وهكذا لو قاده حب الزنا إلى ترك الصلاة ؛ فإن ترك الصلاة كفر في نفسه ، سواء زنى ، أو لم يزن ، فإذا تركها لأجل الزنى ، كان أقبح له ، وأشد لعقابه.
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-09-09, 11:33
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
هل يملك التصرف في الكون أحد من الصالحين؟
السؤال :
قال لنا أحد الناس : إن من عباد الله الصالحين من تفنى هذه الدنيا بكلمة واحدة منه . فهل يجوز هذا القول ؟
الجواب :
الحمد لله
"هذا باطل ؛ التصرف في الكون لله وحده ، والعبد لا يملك شيئاً في ذلك ، ولو كان أصلح الصالحين ، ولو كان من الرسل ، لا يملك التصرف في الكون ولا إغناء الناس ولا إفقارهم
بل هذا بيد الله سبحانه وتعالى ؛ وهو الذي يغني ويفقر جل وعلا ، وهو المتصرف في الأمور سبحانه ، وهو مدبر الأمر جل وعلا
وهو الخالق لكل شيء سبحانه وتعالى : (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) يس/82 ، سبحانه وتعالى .
أما العباد وإن كانوا أصلح الناس فليس لهم التصرف في الكون ، ولا يملكون تدبير الكون .
نعم ، قد يتدارك المؤمن دعوة مباركة فتستجاب له ، فيدعو لأخيه أن يشفيه الله فيُشفى ، وقد يدعو له بالمغفرة فيغفر له ، هذا من فضل الله سبحانه وتعالى أنه قد يجيب دعوة المؤمن والمؤمنة لأخيهما
لكن ليس لأحد من الصالحين أو غيرهم التصرف في الكون أو تدبير الكون ، هذا لله وحده سبحانه وتعالى ، وما قد يقع لبعض الصوفية أو لغيرهم من اعتقاد هذا في بعض مشايخهم وأنهم يقولون للشيء : كن فيكون
وأنهم يديرون الأمور فهذا كله غلو ، كله إطراء زائد ، وكله كفر وضلال ، فلا يجوز هذا ، بل هذا من الكفر بالله سبحانه وتعالى" انتهى .
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (1/314) .
*عبدالرحمن*
2018-09-09, 11:37
هل توجد صور حقيقية للمسيح عليه السلام ؟
السؤال
المسيحيون يعلقون صورة عيسى عليه السلام في عدة أماكن، فهل فعلاً هذه صورته؟
الجواب :
الحمد لله
ليست هذه الصور التي يدعيها النصارى للمسيح عليه السلام وأمه صورا حقيقية ، إنما هي من محض خيالهم الكاذب، الممتد على أصل دينهم الفاسد، القائم على الكذب على الله تعالى ورسله .
فالنصارى يزعمون أنهم رأوا الله في صورة المسيح ابن مريم عليه السلام – تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا - .
راجع : "مجموع الفتاوى" (3/392)
وقد روى أبو داود (4324) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ - يَعْنِي عِيسَى - وَإِنَّهُ نَازِلٌ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ : رَجُلٌ مَرْبُوعٌ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ بَيْنَ مُمَصَّرَتَيْنِ
( أي بين ثوبين فيهما صفرة خفيفة ) كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ ... )
صححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
فلم يعول صلى الله عليه وسلم على صورته التي بأيدي النصارى ، ولو كانت حقيقية لعول عليها ، ولمَا قال : ( فإذا رأيتموه فاعرفوه ) ثم شرع في وصفه .
وروى البخاري (3352) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَى الصُّوَرَ فِي الْبَيْتِ لَمْ يَدْخُلْ حَتَّى أَمَرَ بِهَا فَمُحِيَتْ
وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِمَا السَّلَام بِأَيْدِيهِمَا الْأَزْلَامُ فَقَالَ : ( قَاتَلَهُمْ اللَّهُ ، وَاللَّهِ إِنْ اسْتَقْسَمَا بِالْأَزْلَامِ قَطُّ ) .
فهذا يدل على أن أولئك المصورين قد يكذبون ، ويصورون ما لا أصل له ، ويفترون المنكر.
ولقد كان بلاء الناس في أصل دينهم من وراء هذه التصاوير التي يصورونها ، فيمجدونها ويعظمونها ثم يعبدونها .
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
" وكَانَ الشِّرْكُ الَّذِي أَضَلَّ أَكْثَرَ بَنِي آدَمَ أَصْلُهُ وَأَعْظَمُهُ مِنْ عِبَادَةِ الْبَشَرِ وَالتَّمَاثِيلِ الْمُصَوَّرَةِ عَلَى صُوَرِهِمْ " .
"مجموع الفتاوى" (17 / 503)
وقال الحافظ رحمه الله في "الفتح" (8/17) :
" غالب كفر الأمم من جهة الصور " انتهى .
فروى البخاري (427) ومسلم (528) عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ فَذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ
: ( إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ ، فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) .
قال ابن القيم رحمه الله :
" وتلاعب بهم – أي النصارى - في تصوير الصور في الكنائس وعبادتها فلا تجد كنيسة من كنائسهم تخلو عن صورة مريم والمسيح وجرجس وبطرس وغيرهم من القديسين عندهم والشهداء
وأكثرهم يسجدون للصور ويدعونها من دون الله تعالى . انتهى .
"إغاثة اللهفان" ( 2 / 292 ) .
والخلاصة :
أنه لا يوجد دليل واحد على أن تلك الصور التي بأيدي النصارى للمسيح وأمه عليهما السلام صور حقيقية ، بل الدليل على خلافه ، وحتى لو كانت حقيقية
فالواجب طمسها وإزالتها وعدم النظر إليها والتأمل فيها ؛ فإن هذه التصاوير وأمثالها كانت وراء شرك هذه الأمم .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-09-09, 11:41
الإصرار على المعصية هل يؤدي إلى كفر الإعراض
السؤال:
هل بعض أوجه الإصرار على المعصية يمكن أن تؤدي إلى كفر الإعراض ( نرجو منكم جزاكم الله بخير إمدادنا بأسماء بعض الكتب التي تطرقت لهذا الموضوع )
2- هل بعض أوجه الإصرار على المعصية تؤدي إلى استحلال المعصية ؟
الجواب :
الحمد لله
كفر الإعراض عرفه ابن القيم رحمه الله بقوله :
" وأما كفر الإعراض: فأن يعرض بسمعه وقلبه عن الرسول لا يصدقه ولا يكذبه ، ولا يواليه ولا يعاديه ، ولا يصغي إلى ما جاء به ألبتة".
انتهى . من " مدارج السالكين" (1/ 346) .
وقال أيضا :
" الثالث: كفر إعراضٍ محض، لا ينظر فيما جاء به الرسول، ولا يحبه ولا يبغضه، ولا يواليه ولا يعاديه، بل هو معرض عن متابعته ومعاداته "
انتهى من " مفتاح دار السعادة" (1/ 94).
وعرفه الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله بقوله في بيان نواقض الإسلام: " العاشر : الإعراض عن دين الله تعالى ، لا يتعلمه ولا يعمل به " انتهى .
فما ذكره ابن القيم رحمه الله هو في الإعراض الذي يحصل من الكافر ويمنعه من الدخول في الإسلام . وما ذكره الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله عام فيما يقع من الكافر : فيمنعه من الإسلام علما وعملا
وما يقع من المسلم فيرتد به عن الإسلام ، ولهذا جعله من النواقض.
ولا علاقة لهذا الناقض بالإصرار على المعصية التي هي دون الشرك والكفر ، ولا نعلم وجها من الوجوه يجعل الإصرار على المعصية كفرا .
والذي عليه أهل السنة والجماعة أن المصر على المعصية فاسق لا كافر ، وأنه لا يكفر أحد من أهل القبلة بذنب - دون الشرك - ما لم يستحله .
والاستحلال نوعان :
الأول : استحلال في الظاهر ، كأن يصرح بأن الحرام حلال ، فيكفر بذلك ظاهرا وباطنا .
والثاني : استحلال في الباطن ، كأن يعتقد حل شيء من المحرمات المجمع على تحريمها ، من غير شبهة ، دون أن يصرح بذلك في الظاهر ، فيكفر فيما بينه وبين الله
ويثبت له حكم الإسلام ظاهرا ؛ لعدم الاطلاع على كفره ، وشأنه في ذلك شأن المنافق الذي يبطن الكفر ويظهر الإسلا
م .
والإصرار لا يدل على الاستحلال ، فكم من عاص تغلبه الشهوة ، فيستمر على الذنب مع اعتقاده تحريمه ، وكراهة قلبه له .
وقد روى البخاري (6780) عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ
فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ اللَّهُمَّ الْعَنْهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَلْعَنُوهُ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ .
والإنسان يعلم هذا من نفسه ، فقد يبتلى بذنب يقيم عليه ، مع اعتقاده تحريمه ، ورجائه التخلص منه .
لكن الذي يخشى على المصر على ذنب من غير توبة أن يختم لصاحبه بخاتمة السوء والعياذ بالله ، أو يتشرب قلبه ما أصر عليه من المعصية
فيؤول أمره إلى أن ينحل من قلبه ما يجب عليه من اعتقاد تحريمها ، فيستحل الذنب من كثرة إلفه وحبه له .
ولهذا قال من قال من السلف : إن المعاصي بريد الكفر ، فيُخشى على المصر أن يستهين بالمعصية ، ويجريها مجرى المباحات دون كراهة لها ، أو خوف من عاقبتها ، فينتقض إيمانه باطنا .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
: " الإنسان لا يفعل الحرام إلا لضعف إيمانه ومحبته ، وإذا فعل مكروهات الحق فلضعف بعضها في قلبه ، أو لقوة محبتها التي تغلب بعضها
فالإنسان لا يأتي شيئا من المحرمات ، كالفواحش ما ظهر منها وما بطن ، والإثم والبغي بغير الحق ، والشرك بالله ما لم ينزل به سلطانا ، والقول على الله بغير علم : إلا لضعف الإيمان في أصله ، أو كماله
أو ضعف العلم والتصديق ، وإما ضعف المحبة والبغض . لكن إذا كان أصل الإيمان صحيحا وهو التصديق ، فإن هذه المحرمات يفعلها المؤمن مع كراهته وبغضه لها ، فهو إذا فعلها لغلبة الشهوة عليه
فلا بد أن يكون مع فعلها : فيه بغض لها ، وفيه خوف من عقاب الله عليها ، وفيه رجاء لأن يخلص من عقابها ، إما بتوبة وإما حسنات ، وإما عفو ، وإما دون ذلك
وإلا فإذا لم يبغضها ، ولم يخف الله فيها ، ولم يرج رحمته ، فهذا لا يكون مؤمنا بحال ، بل هو كافر أو منافق "
انتهى من "قاعدة في المحبة" ص 104
والحاصل أن الإصرار على المعصية ذنب كبير ، لكنه لا يكون كفرا إلا بالاستحلال ، والإصرار ليس دليلا على الاستحلال ، لكنه قد يقود إليه ، نسأل الله العافية .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-09-09, 11:45
هل يجوز أن يرسم المعلم نجمة إسرائيل للتلاميذ الممتازين لتشجيعهم ؟
السؤال
هل مباح أن يرسم بعض المعلمين نجمة للتلاميذ الممتازين لتشجيعهم مع العلم أن هذه النجمة موجودة في علم إسرائيل ؟
الجواب
الحمد لله
لا يجوز أن يرسم المعلم لتلاميذه النجباء على سبيل التشجيع والتكريم نجمة إسرائيل السداسية، والتي يسمونها : نجمة داود ؛ لما في ذلك من التشبه بالكافرين الذين هم أشد الناس عداوة للذين آمنوا
ولما فيه من إضعاف روح الولاء للمسلمين والبراء من الكافرين ؛ فإنه كلما ضعف البراء من أعدائه ، ضعف الولاء لإخوانه ، وقد يؤدى التشبه الظاهر بهم إلى نوع ولاء لا يرضى الله عنه ورسوله والمؤمنون .
وقد روى الترمذي (2695) من حديث عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا ، لَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ وَلَا بِالنَّصَارَى )
وصححه الألباني في "الصحيحة" (2194)
وروى أبو داود (4031) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ ) وصححه الألباني في "الإرواء" (5/109)
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
" نفس المخالفة لهم في الهدى الظاهر مصلحة ومنفعة لعباد الله المؤمنين ؛ لما في مخالفتهم من المجانبة والمباينة التي توجب المباعدة عن أعمال أهل الجحيم " انتهى .
"اقتضاء الصراط" (ص 56)
وقال أيضا :
" الْمُشَابَهَةَ فِي بَعْضِ الْهُدَى الظَّاهِرِ يُوجِبُ الْمُقَارَبَةَ وَنَوْعًا مِنْ الْمُنَاسَبَةِ يُفْضِي إلَى الْمُشَارَكَةِ فِي خَصَائِصِهِمْ الَّتِي انْفَرَدُوا بِهَا عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْعَرَبِ ، وذَلِكَ يَجُرُّ إلَى فَسَادٍ عَرِيضٍ "
انتهى .
"الفتاوى الكبرى" (6/175)
وقال ابن القيم :
" نهى عن التشبه بأهل الكتاب في أحاديث كثيرة ، كقوله : ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم ) وقوله : ( إن اليهود لا يصلون في نعالهم فخالفوهم )
وروى الترمذي عنه ( ليس منا من تشبه بغيرنا ) وسر ذلك أن المشابهة في الهدى الظاهر ذريعة إلى الموافقة في القصد والعمل " انتهى باختصار .
"إعلام الموقعين" (3/140)
ونجمة داود عبارة عن شكل مُكوَّن من مثلثين كل منهما متساوي أضلاع ، ولهما مركز واحد ، وهذان المثلثان رأس أحدهما إلى أعلى ورأس الآخر إلى أسفل
. ويشكِّل المثلثان المتداخلان نجمة سداسية ذات ستة رؤوس تلمسها جميعاً محيط دائرة افتراضية .
وأطرافها الستة ترمز إلى أيام الأسبوع الستة ، أما المركز فهو السبت المقدس عند اليهود .
وكانت النجمة السداسية شائعة في الأحجبة والتعاويذ السحرية عند القوم .
"موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية" (7/132-138)
ولا يكاد يسلم المسلم من المؤاخذة ، طالما يهيجه إلى أشباه هذه الأمور الجهل بحقيقة الحال واللامبالاة التي يتصف بها كثير منا .
أما إذا كانت هذه النجمة التي يرسمها المعلم ليست سداسية ، وإنما هي رسم لنجمة عادية فنرجو ألا يكون به بأس ، إن شاء الله ، وإن كان الأوفق بالمعلم المسلم تحفيز الطلبة بما يقربهم من الله
وبما ينمّي ولاءهم لدينهم ولرسولهم ولكتابهم ولجماعتهم ، دون أن يخرج عن هذه الحدود ؛ فإن رسالة المعلم جليلة ، وشأنها عظيم ، والمعلم داخل في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ )
متفق عليه .
فمن أحسن لرعيته ، واتقى الله فيها ، أحسن الله إليه في حاله ومآله .
*عبدالرحمن*
2018-09-09, 11:51
حكم من تلفظ بكلمة الكفر غير مدرك معناها
السؤال :
ما حكم من قال : " أنا شيوعي " ، غير مدرك له ؟
الجواب :
الحمد لله
للكلمة شأن في دين الله عظيم ؛ إذ بكلمة يقولها العبد يرفعه الله بها درجات ، وبكلمة أيضا يهوي بها في جهنم .
قال الله تعالى : ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) ق/18.
وروى البخاري (5996) ومسلم (5304) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ مَا فِيهَا يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ) .
وروى الترمذي (2241) وصححه ، عن بِلَال بْن الْحَارِثِ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ
. وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ ، مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ ) .
وروى النسائي (3712) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ الْإِسْلَامِ فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ ، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا لَمْ يَعُدْ إِلَى الْإِسْلَامِ سَالِمًا ) .
صححه الألباني في الإرواء (2576)
والشيوعية مذهب إلحادي قائم على إنكار وجود الله ، وتقديس المادة ، واعتبارها أساسا لكل شيء . ولا يقيم وزنا للدين ، بصفة عامة ، أي دين ؛ بل يعتبرون الدين آفة من آفات الشعوب ، أو
على حد قولهم : مخدرا للشعوب ؛ يعني : أنه يلهيها عن مقاصدها المادية التي هي أساس مذهبهم .
ولا شك أن هذا أحد أخطر المذاهب الكفرية في العصر الحديث ، والتي فتنت بها أناسا كثيرين ، واضطهدت كثيرا من أهل الدين والإيمان .
ولا شك أن الواجب على من سمع بهذا المذهب ، وعلم حاله : أن يكفر به ، ويبرأ إلى الله منه ، ومن أهله ؛ فلا يجتمع تعظيم هذا المذهب ، والإيمان به ، أو الدعوة إليه ، أو محبته ومحبة أهله : مع الإيمان في قلب عبد .
فالمنتسب إليهم وهو على معرفة بأمرهم ، وما هم عليه من الضلال : كافر بالله العظيم .
فإن كان قائل هذا الكلام قد جهل أصل مذهبهم ، أو اغتر بدعايتهم في النواحي الاجتماعية والاقتصادية ، إلى مراعاة الفقراء ، أو العناية بهم ، وكفالة حقوقهم : فالواجب تعريفه بحقيقة المذهب
وخطره على الدين والإيمان ، وأن الله عز وجل قد أغنى عباده ، بما أوحى إليهم من شرعه ، عن كل دين وملة ، ومذهب سواه .
وننصح أن يكون توجيه من اغتر بمذهب القوم برفق ولين ، وحسن حوار وبيان لأدلة ذلك من الشرع الحنيف . وينبغي أن يكون من يتعرض لذلك على إلمام كاف بذلك المذهب الكفري
وقدرة على الحوار والنقاش ؛ لأن أكثر المفتونين بذلك المذهب ذوو جدل وخصومة .
فإن كان حقا ، جاهلا بذلك المذهب وأصوله ، أو جاهلا بمصادمته للإيمان الواجب على العبيد ، فهو معذور بجهله . وإن أصر ـ بعد البيان والتعريف ـ فهو كافر مرتد .
نسأل الله تعالى أن يحفظ علينا إيماننا ، وأن يجنبنا الفتن ، ما ظهر منها وما بطن .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2019-01-15, 14:33
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
هل كل مسلم يدخل الجنة ولو كان منافقاً أو تاركاً للصلاة أو يقع في الشرك؟
السؤال
هل سيدخل جميع المسلمين ، بمن فيهم المنافقون وتاركو الصلاة ومن يقومون بالشرك ، الجنة ، بعد قضاء مدة في جهنم ؟
الجواب
الحمد لله
ينبغي أن نعلم جيدا الأصل العام في هذا الباب ، باب دخول الجنة ، والخلود في النار ، وهو أمر مختصر ميسر ، موضح في حديث مختصر
رواه مسلم في صحيحه (135) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : مَا الْمُوجِبَتَانِ ؟
فَقَالَ : ( مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ) .
قال النووي رحمه الله : " َأَمَّا قَوْله ( مَا الْمُوجِبَتَانِ ؟ ) فَمَعْنَاهُ الْخَصْلَة الْمُوجِبَة لِلْجَنَّةِ , وَالْخَصْلَة الْمُوجِبَة لِلنَّارِ " انتهى .
فقد بين هذا الحديث أن الذي يوجب للعبد أن يدخل الجنة ، هو موته على التوحيد .
والذي يوجب له الخلود في النار : هو موته على الشرك .
وهو أصل قطعي ، معلوم من دين الإسلام بالضرورة ، وقد تواترت النصوص على تقريره وتأكيده . قال الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ) النساء/48 .
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ، في حديث الشفاعة ، وأحوال العصاة في جهنم ، أنه لا يخرج من النار إلا من مات على التوحيد ، شهادة بلسانه ، وكان في قلبه شيء من الإيمان :
( يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنْ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ شَعِيرَةً ، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنْ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ بُرَّةً
ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مَا يَزِنُ مِنْ الْخَيْرِ ذَرَّةً ) . رواه البخاري (6861) ومسلم (285) .
وبناء على ذلك يمكننا أن نعلم أحوال من ورد ذكره في السؤال :
1- فمن وقع في الشرك الأكبر ، سواء كان مشركا أصليا ، كاليهود والنصارى والبوذيين ، وغيرهم من أصناف الكفار ، أو كان مسلما ثم ارتد عن الإسلام بوقوعه في الشرك الأكبر ، وهذا هو المسؤول عنه
فإنه لا ينفعه انتسابه للإسلام ، ولا تسميه بأسماء المسلمين ، ولا ما يقوم به من أعمال الخير وغيرها ، إذا وقع في الشرك الأكبر
ومات عليه من غير توبة . قال الله تعالى : ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ) الزمر/65-66 .
2-وتارك الصلاة بالكلية ، فلا يصليها لا في بيته ولا في مسجده ، ولا يشهد جمعة ولا جماعة ، هذا أيضا قد أبطل عمله ، ووقع في الكفر بتركه للصلاة بالكلية
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ ـ أي الصفة الفارقة بين المسلمين والكفار
: الصَّلَاةُ ؛ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ ) رواه الترمذي (2545) والنسائي (459) وصححه الألباني .
3-وأما المنافقون ، فإن كان المراد بهم أهل النفاق الأكبر ، الذين يظهرون في الدنيا أنهم من المؤمنين ، في حين أنهم يسرون الكفر في قلوبهم ، ويخفونه عن الناس ؛ فهؤلاء شر حالا من الكفار والمشركين
ولذلك فمصيرهم في أسفل دركات جهنم ، كما قال الله تعالى : ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ) النساء/145 .
4-وأما إن كان المراد بالمنافقين : من وقع في شيء من النفاق العملي ، كالكذب في شيء من حديثه ، أو خيانة الأمانة ، أو الغدر في الوعد ، أو وقع في شيء من الشرك الأصغر ، كيسير الرياء
أو الحلف بغير الله ، أو وقع في شيء من المعاصي الكبيرة ، أو الصغيرة ، فهذا لا يكفر بمجرد ذلك ، ولا يخرج به من الإسلام ، ولا يخلد به في جهنم ، إذا مات على التوحيد ؛ بل أمره إلى الله ؛ إما يعذبه بذنبه
ثم يدخله الجنة بما معه من التوحيد ، وإما أن يتفضل عليه ابتداء ، فيدخله الجنة ، ويعفو له عن ذنبه الذي وقع فيه . روى البخاري (6933) ومسلم (1655) عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ... ذَاكَ جِبْرِيلُ عَرَضَ لِي فِي جَانِبِ الْحَرَّةِ ، فَقَالَ : بَشِّرْ أُمَّتَكَ أَنَّهُ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ !! فَقُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى ؟
قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : قُلْتُ : وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : قُلْتُ : وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَإِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ ) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-15, 14:40
متى يكون اتباع الهوى شركا أكبر ومتى يكون معصية
السؤال
هل يصح ان نطلق على من يتبع هواه ويحب لأجله ويبغض لأجله ويحكم به ويخاف منه بأنه كافر خارج من الملة ؟ مستدلين بقوله تعالى : ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ
وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ) الجاثية/23 ؛ فعلى سبيل المثال : لو أن رجلاً يحب الزنا حباً شديداً ويترك الصلاة من أجله
وإذا دعي للجهاد في سبيل الله تقاعس وأخلد إلى الأرض لأنه يخاف أن تفوته لذة الزنا، وإذا قيل له صم شهر رمضان رفض ، لأنه لا يريد أن ينقطع عن الزنا، وإذا قيل له حج بيت الله رفض لأنه لا يريد أن يطهّر نفسه من الزنا .
.. وليس نادماً على ذلك كله ، ويرفض أن يتوب ؛ فهل يمكن ان يصنف مثل هذا الشخص بأنه كافر؟
الجواب
الحمد لله
ذم الله اتباع الهوى في مواضع كثيرة من كتابه
منها قوله تعالى : ( أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ) الفرقان/43
وقوله : ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ) الجاثية/23
وقوله : ( فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) القصص/50 .
واتباع الهوى ليس على منزلة واحدة ، فمنه ما يكون كفرا أو شركا أكبر ، ومنه ما يكون كبيرة ، ومنه ما يكون صغيرة من الصغائر .
فإن اتبع هواه حتى قاده إلى تكذيب الرسول ، أو الاستهزاء به ، أو الإعراض عنه - كما هو واضح من سياق آيتي الفرقان والجاثية - فهذا مشرك شركا أكبر
. وهكذا كل من قاده الهوى إلى ارتكاب ما دلت الأدلة على أنه شرك أكبر أو كفر أكبر ، كدعاء الأموات ، أو جحد المعلوم بالضرورة ، أو ترك الصلاة ، أو استحلال الزنا أو الخمر .
وإن اتبع هواه فحلف بغير الله تعالى ، أو راءى بعمله ، فهو مشرك شركا أصغر .
وإن اتبع هواه ففعل بدعة غير مكفّرة فهو مبتدع .
وإن اتبع هواه ففعل كبيرة كالزنا أو شرب الخمر من غير استحلال ، فهو فاسق .
وإن اتبع هواه ففعل صغيرة ، فهو عاص غير فاسق .
وبهذا تعلم أن اتباع الهوى يقود إلى أمور متفاوتة ، فلا يصح أن يقال : إن من اتبع هواه فهو كافر بإطلاق .
ولفظ ( من اتخذ إلهه هواه ) تنطبق على من أتى الشرك الأكبر والأصغر ، فكل من تعلق بغير الله ، ففيه عبودية وتأله لهذا الغير ، وهذا قد يكون كفرا أكبر أو أصغر
ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى أن جميع المعاصي تدخل في الشرك بمفهومه العام لأن كل من عصى الله تعالى فهو متبع لهواه ، وعابد لهواه
كما دل عليه قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ ) رواه البخاري (2887).
لكن الحكم على كون الفعل - الذي قاد الهوى إليه - كفرا أكبر أو أصغر يُرجع فيه إلى قواعد الشريعة وأدلتها التفصيلة الأخرى .
وإليك بعض كلام أهل العلم في ذلك .
قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في تفسيره "أضواء البيان" : " قوله تعالى : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا )
. قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه ) أي : مهما استحسن من شيء ، ورآه حسنا في هوى نفسه : كان دينه ومذهبه . إلى أن قال : قال ابن عباس
: كان الرجل في الجاهلية يعبد الحجر الأبيض زمانا ، فإذا رأى غيره أحسن منه عبد الثاني وترك الأول . انتهى منه .
وذكر صاحب الدر المنثور : أن ابن أبي حاتم وابن مردويه أخرجا عن ابن عباس أن عبادة الكافر للحجر الثاني مكان الأول هي سبب نزول هذه الآية
ثم قال صاحب الدر المنثور : وأخرج ابن مردويه عن أبي رجاء العطاردي ، قال : كانوا في الجاهلية يأكلون الدم بالعلهز ويعبدون الحجر
فإذا وجدوا ما هو أحسن منه ، رموا به وعبدوا الآخر ، فإذا فقدوا الآخر أمروا مناديا فنادى : أيها الناس إن إلهكم قد ضل فالتمسوه ، فأنزل الله هذه الآية : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه )
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه ) ، قال : ذلك الكافر اتخذ دينه بغير هدى من الله ولا برهان .
وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن الحسن : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه ) قال : لا يهوى شيئا إلا تبعه .
وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم عن قتادة : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه ) ، قال : كلما هوى شيئا ركبه ، وكلما اشتهى شيئا أتاه ، لا يحجزه عن ذلك ورع ولا تقوى .
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن ، أنه قيل له : أفي أهل القبلة شرك ؟
قال : نعم ، المنافق مشرك ، إن المشرك يسجد للشمس والقمر من دون الله ، وإن المنافق عبد هواه ، ثم تلا هذه الآية : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا ) .
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ما تحت ظل السماء من إله يعبد من دون الله أعظم عند الله من هوى متبع ) ، انتهى محل الغرض من كلام صاحب الدر المنثور .
وإيضاح أقوال العلماء المذكورة في هذه الآية أن الواجب الذي يلزم العمل به ، هو أن يكون جميع أفعال المكلف مطابقة لما أمره به معبوده جل وعلا
فإذا كانت جميع أفعاله تابعة لما يهواه ، فقد صرف جميع ما يستحقه عليه خالقه من العبادة والطاعة إلى هواه ، وإذن فكونه اتخذ إلهه هواه في غاية الوضوح "
انتهى من "أضواء البيان".
*عبدالرحمن*
2019-01-15, 14:40
فأنت ترى فيما ذكره ابن عباس وأبي رجاء العطاردي والحسن وقتادة أن هذا المتخذ إلهه هواه ، عبد الحجر ، أو نافق ، أو ما هوى شيئا إلا ركبه وأتاه ، وهذا الأخير يتضمن فعل الشرك والكفر
فمن كانت جميع أفعاله راجعة للهوى ، فلابد أن يكون فاعلا للشرك والكفر تاركا لجميع الأعمال من صلاة وغيرها ، فلا إشكال في كون هذا مشركا شركا أكبر
ويكون تأليهه للهوى تأليها يخرجه عن الملة ، بخلاف من لم يصل به هواه إلى عبادة الحجر ، أو نحوه من صور الشرك الأكبر أو الكفر الأكبر .
وحديث : ( ما تحت ظل السماء من إله يعبد من دون ...) حديث موضوع
كما ذكر الألباني في السلسلة الضعيفة (14/ 90) ، وفي " ظلال الجنة " رقم (3) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في تفسير قوله تعالى
: ( أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ . مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ . الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ) ق/24- 26
: " ( الذي جعل مع الله إلهاً ءاخر ) : ما أوسع هذه الكلمة ، وإذا كانت هذه الكلمة وصفاً للكفَّار العنيد ، فالمعنى أنه يعبد مع الله غيره ، وكلنا يعلم أن المشركين كانوا يعبدون مع الله غيره
فيعبدون اللات ، ويعبدون العزى ، ويعبدون مناة ، ويعبدون هبل ، وكل قوم لهم طاغية يعبدونها كما يعبدون الله ، يركعون لها ، ويسجدون لها ، ويحبونها كما يحبون الله ، ويخافون منها كما يخافون من الله -
نسأل الله العافية - هذا إذا جعلنا قوله تعالى : ( مع الله إلهاً آخر ) وصف لهذا الكفَّار العنيد.
أما إذا جعلناه أشمل من ذلك ، فإنها تعم كل إنسان تعبد لغير الله ، وتذلل لغير الله ، حتى التاجر الذي ليس له هم إلا تجارته وتنميتها ، فإنه عابد لها ، حتى صاحب الإبل الذي ليس له هم إلا إبله هو عابد لها
والدليل على أن من انشغل بشيء عن طاعة الله فهو عابد له ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة ) . عبد الدينار هذا تاجر الذهب
وعبد الدرهم تاجر الفضة ، وعبد الخميصة تاجر الثياب ؛ لأن الخميصة هي الثوب الجميل المنقوش ، وعبد الخميلة تاجر الفرش ، أو ليس بتاجر
يعني لا يتجر بهذه الأشياء لكن مشغول بها عن طاعة الله ، إن أُعطي رضي ، وإن لم يعط سخط، ، فسمى النبي صلى الله عليه وسلم من اشتغل بهذه الأشياء الأربعة عبداً لها
وفي القرآن الكريم ما يدل على أن العبادة أوسع من هذا ، قال الله تعالى : ( أرءيت من اتخذ إلهه هواه ) فدل ذلك على أن كل من قدم هوى نفسه على هُدى ربه ، فهو قد اتخذ إلهاً غيره
. ولهذا يمكننا أن نقول : إن جميع المعاصي داخلة في الشرك في هذا المعنى ؛ لأنه قدمها على مرضاة الله تعالى وطاعته ، فجعل هذا شريكاً لله - عز وجل - في تعبده له ، واتباعه إياه ، فالشرك أمره عظيم
وخطره جسيم ، حتى الرجل إذا تصدق بدرهم وهو يلاحظ لعل الناس ، يرونه ليمدحوه ، ويقولون : إنه رجل كريم ، يعتبر مشركاً مرائياً ، والرياء شرك ، وأخوف ما خاف النبي عليه الصلاة والسلام على أمته الشرك الخفي
وهو الرياء . فعلى هذا نقول: ( الذي جعل مع الله إلهاً ءاخر ) إن كانت وصفاً خاصًّا بالكفَّار العنيد ، فإنها تختص بمن يعبد الصنم والوثن ، وإن كانت للعموم فهي تشمل كل من اشتغل بغير الله عن طاعته
وتقدم ذكر الأمثلة والأدلة على ما ذكرنا " .
انتهى من "تفسير القرآن" لابن عثيمين (8/ 23)
وهو في "لقاء الباب المفتوح" (136/ 4) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
: " ما هو الضابط في الشرك الأكبر وما هو الضابط في الشرك الأصغر؟ وهل تعتبر المعاصي من الشرك ، علماً بأنه يغلب عليه حب الشهوة وحب المعصية على حب الله ؟
فأجاب : الضابط في الشرك الأكبر أنه ما أخرج من الملة ، وهذا يرجع على أنك إذا وجدت حديثاً ما أن هذا شرك ، انظر إلى قواعد الشريعة بالنصوص الأخرى
فإن كان مثله يخرج من الملة فهو شركٌ أكبر ، وإن كان لا يخرج فهو شركٌ أصغر.
إذاً لا بد إذا جاءت النصوص بأن هذا شرك أن نعيد هذا النص إلى القواعد العامة للشريعة
إذا وردت النصوص بالشرك ، ولكنه بمقتضى القواعد العامة للشريعة لا يخرج من الإسلام ، فهو شركٌ أصغر، مثل قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ) .
أما بالنسبة لجعل المعاصي كلها شركاً : فهذا نعم ، بالمعنى العام ؛ لأن المعاصي إنما تصدر عن هوى ، وقد سمى الله تعالى من اتبع هواه متخذاً له إلهاً
فقال : ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ ) [الجاثية:23] .
إذاً عندنا ثلاثة أشياء:
الإطار العام : وهو أن كل معصية فهي نوعٌ من الشرك ؛ لأنها صادرة عن الهوى ، وقد جعل الله تعالى من اتخذ هواه إلهاً جعله متخذاً له إلهاً.
الثاني : الشرك إذا أطلق ، فهل نحمله على الشرك الأكبر أم الشرك الأصغر؟
نقول : ننظر إلى القواعد العامة في الشريعة ؛ إن اقتضى أن يكون خارجاً عن الإسلام فهو أكبر ، وإلا فلا"
انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (192/ 13) .
والحاصل : أن اتخاذ الهوى إلها يكون باتباعه والانقياد إليه ، وهذا قد يقود صاحبه إلى اقتراف الشرك الأكبر أو الأصغر أو البدعة أو الكبيرة أو الصغيرة .
وفي المثال المذكور ، نقول : لو كان يحب الزنا ، لكنه لم يستحله ، ولم يقترف معه كفرا أكبر كترك الصلاة ، فهو فاسق ، فاجر .. ، لكنه مع ذلك ما زال باقيا في دائرة الإسلام .
وإن قاده حب الزنا استحلاله ، وزواله استقباحه من قلبه ، أو عدم الرضى بتحريم الشرع له ، وعدم الانقياد للنصوص التي تنهى عنه وتحرمه ، أو الضيق بها ، ومحبة زوالها
أو ترك الصلاة ، كان كافرا بذلك كله ، لا لأجل أن الزنا ـ في حد ذاته ـ كفر أكبر ، بل لأجل استحلال الزنا كفر أكبر بحد ذاته ، حتى ولو لم يزن ، وهكذا عدم الرضا بشيء من شرائع الله
مهما كان صغيرا أو كبيرا ، أو عدم الانقياد والإذعان لحكم الله ، أو الضيق بما شرع الله
وعدم شرح الصدر به . قال الله تعالى : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) النساء/65 .
وهكذا لو قاده حب الزنا إلى ترك الصلاة ؛ فإن ترك الصلاة كفر في نفسه ، سواء زنى ، أو لم يزن ، فإذا تركها لأجل الزنى ، كان أقبح له ، وأشد لعقابه.
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-15, 14:44
لم يثبت عن الإمام الشافعي قوله إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يوم
السؤال
سمعت أن الإمام الشافعي ذهب لقبر الإمام أبي حنيفة ليدعو الله لنفسه تيمنا ببركة المكان ، وأرى أن هذا أمر خطير ؛ لأننا لا نتبرك بمكان إلا بقول من الله أو رسوله . سأكون ممتنا إذا ما وضحتم أمر هذه الرواية
فهذا الأمر يربكني كثيرا ؛ لأنه قاله أناس يقومون بعمل الكثير من أجل الدين ، ولكنهم يدافعون عن بعض معتقدات كهذه ؟
الجواب
الحمد لله
أولا : تخريج الأثر عن الإمام الشافعي رحمه الله
هذه القصة يرويها مكرم بن أحمد في كتابه " مناقب أبي حنيفة "
- كما في رواية القاضي أبي عبد الله الحسين بن علي الصيمري للكتاب (ص/94)، وعنه الخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " (1/123) - فيقول مكرم بن أحمد :
ثنا عمر بن إسحاق بن إبراهيم ، قال ثنا علي بن ميمون ، قال سمعت الشافعي يقول :
( إني لأتبرك بأبي حنيفة ، وأجيء إلى قبره في كل يوم - يعني زائرا - فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين ، وجئت إلى قبره ، وسألت الله الحاجة ، فما تبعد عني حتى تقضى )
ثانيا : الحكم على إسناده
في هذا الإسناد مطاعن عدة :
الأول : كتاب مكرم بن أحمد اتهمه الدارقطني باشتماله على الوضع والكذب بسبب أحد شيوخه ، واسمه أحمد بن محمد بن الصلت بن المغلس الحماني .
قال الخطيب البغدادي رحمه الله :
" حدثني أبو القاسم الأزهري ، قال : سئل أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني - وأنا أسمع - عن جمع مكرم بن أحمد فضائل أبى حنيفة فقال : موضوع ، كله كذب
وضعه أحمد بن المغلس الحماني قرابة جبارة ، وكان في الشرقية " انتهى.
" تاريخ بغداد " (4/209)
وانظر ترجمة : أحمد بن محمد بن الصلت بن المغلس الحماني في " لسان الميزان " (1/269)
وينظر أيضا : تعليق العلامة المعلمي على كلام الدارقطني في: " التنكيل " (1/59) .
الثاني : عمر بن إسحاق بن إبراهيم : لم نقف له على ترجمة .
الثالث : علي بن ميمون : إن كان هو الرقي فهو ثقة كما قال أبو حاتم ، ولكننا لم نقف على من أثبت له سماعا عن الشافعي رحمه الله .
ثالثا : أقوال أهل العلم في هذا الأثر
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" المنقول في ذلك إما أن يكون كذبا على صاحبه :
مثل ما حكى بعضهم عن الشافعي أنه قال : ( إني إذا نزلت بي شدة أجيء فأدعو عند قبر أبي حنيفة فأجاب ) أو كلاما هذا معناه .
وهذا كذلك معلوم كذبه بالاضطرار عند من له معرفة بالنقل :
فإن الشافعي لما قدم بغداد لم يكن ببغداد قبر ينتاب للدعاء عنده البتة ، بل ولم يكن هذا على عهد الشافعي معروفا .
وقد رأى الشافعي بالحجاز واليمن والشام والعراق ومصر من قبور الأنبياء والصحابة والتابعين ، من كان أصحابها عنده وعند المسلمين أفضل من أبي حنيفة وأمثاله من العلماء ، فما باله لم يَتَوَخَّ الدعاء إلا عنده .
ثم إن أصحاب أبي حنيفة الذين أدركوه مثل أبي يوسف ومحمد وزفر والحسن بن زياد وطبقتهم ، لم يكونوا يتحرون الدعاء لا عند أبي حنيفة ولا غيره .
ثم قد تقدم عند الشافعي ما هو ثابت في كتابه من كراهة تعظيم قبور المخلوقين خشية الفتنة بها.
وإنما يضع مثل هذه الحكايات من يقل علمه ودينه " انتهى باختصار.
" اقتضاء الصراط المستقيم " (2/692)
ويقول العلامة ابن القيم رحمه الله :
" والحكاية المنقولة عن الشافعي أنه كان يقصد الدعاء عند قبر أبي حنيفة من الكذب الظاهر " انتهى.
" إغاثة اللهفان " (1/246)
ويقول العلامة المعلمي رحمه الله :
" مَن عُمَرُ هذا – يعني عمر بن إسحاق بن إبراهيم الراوي للأثر - ، ومَن شيخُه ، أمُوَثَّقان هما عند الخطيب كما زعم الكوثري ؟!
أما أنا فقد فتشت " تاريخ بغداد " فلم أجد فيه ، لا موثقين ولا غير موثقين ، بل ولا وجدتهما في غيره .
نعم في غيره علي بن ميمون الرقي يروي عن بعض مشايخ الشافعي ونحوهم ، وهو موثق ، لكن لا نعرف له رواية عن الشافعي ، وقد راجعت
" توالي التأسيس " لابن حجر لأنه حاول فيها استيعاب الرواة عن الشافعي فلم أجد فيهم علي بن ميمون ، لا الرقي ولا غيره ، انظر "توالي التأسيس" (ص/81)
هذا حال السند ، ولا يخفى على ذي معرفة أنه لا يثبت بمثله شيء ، ويؤكد ذلك حال القصة ، فإن زيارته قبر أبي حنيفة كل يوم بعيد في العادة
وتحريه قصده للدعاء عنده بعيد أيضاً ، إنما يعرف تحري القبور لسؤال الحوائج عندها بعد عصر الشافعي بمدة ، فأما تحري الصلاة عنده فأبعد وأبعد " انتهى.
" التنكيل " (1/60)
ويقول الشيخ الألباني رحمه الله :
" فهذه رواية ضعيفة بل باطلة ، فإن عمر بن إسحاق بن إبراهيم غير معروف ، وليس له ذكر في شيء من كتب الرجال .
ويحتمل أن يكون هو عمرو - بفتح العين - بن إسحاق بن إبراهيم بن حميد بن السكن أبو محمد التونسي ، وقد ترجمه الخطيب ، وذكر أنه بخاري قدم بغداد حاجا سنة 341هـ ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، فهو مجهول الحال .
ويبعد أن يكون هو هذا ، إذ إن وفاة شيخه علي بن ميمون سنة 247هـ على أكثر الأقوال ، فبين وفاتَيهما نحو مائة سنة ، فيبعد أن يكون قد أدركه .
وعلى كل حال فهي رواية ضعيفة لا يقوم على صحتها دليل " انتهى.
" السلسلة الضعيفة " (رقم/22)
وفي "اقتضاء الصراط المستقيم" لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (2/680-710)
مبحث طويل في حكم قصد الدعاء عند قبر معين تبركا به ، خلاصته الحكم ببدعية هذا الفعل وعدم شرعيته
وقد سبق ذكر ذلك جواب السؤال القادم
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-15, 14:46
حكم قراءة القرآن الكريم على القبور، ودعاء الإنسان لنفسه عند القبر
السؤال
ما حكم قراءة القرآن الكريم على القبور ؟
والدعاء للميت عند قبره ؟
ودعاء الإنسان لنفسه عند القبر ؟
الجواب
الحمد لله
" قراءة القرآن الكريم على القبور بدعة ، ولم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أصحابه ، وإذا كانت لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ، فإنه لا ينبغي لنا نحن أن نبتدعها من عند أنفسنا
لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما صح عنه : ( كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) ، والواجب على المسلمين أن يقتدوا بمن سلف من الصحابة
والتابعين لهم بإحسان حتى يكونوا على الخير والهدى ، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ) .
وأما الدعاء للميت عند قبره فلا بأس به ، فيقف الإنسان عند القبر ويدعو له بما يتيسر مثل أن يقول : اللهم اغفر له ، اللهم ارحمه ، اللهم أدخله الجنة ، اللهم افسح له في قبره ، وما أشبه ذلك .
وأما دعاء الإنسان لنفسه عند القبر فهذا إذا قصده الإنسان فهو من البدع أيضاً ؛ لأنه لا يخصص مكان للدعاء
إلا إذا ورد به النص ، وإذا لم يرد به النص ، ولم تأت به السنة ، فإنه – أعني تخصيص مكان لدعاء – أيًّا كان ذلك المكان يكون تخصيصة بدعة " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (17/228) .
وللفائدة راجع جواب السؤال القادم
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2019-01-15, 14:49
حكم قراءة القرآن عند القبر
السؤال
هل يجوز قراءة القرآن عند القبر؟.
الجواب
الحمد لله
قراءة القرآن عند القبر، غير مشروعة ، لعدم ورودها عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء ما نصه : هل يجوز قراءة الفاتحة أو شيء من القرآن للميت عند زيارة قبره ، وهل ينفعه ذلك ؟
فأجابت :
( ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يزور القبور ، ويدعو للأموات بأدعية علمها أصحابه ، وتعلموها منه ، من ذلك : ( السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين
وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، نسأل الله لنا ولكم العافية ) ، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قرأ سورة من القرآن أو آيات منه للأموات مع كثرة زيارته لقبورهم ، ولو كان ذلك مشروعاً لفعله
وبينه لأصحابه ؛ رغبةً في الثواب ، ورحمةً بالأمة ، وأداءً لواجب البلاغ ، فإنه كما وصفه تعالى بقوله : ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ )التوبة/128.
فلما لم يفعل ذلك مع وجود أسبابه دل على أنه غير مشروع ، وقد عرف ذلك أصحابه رضي الله عنهم فاقتفوا أثره ، واكتفوا بالعبرة والدعاء للأموات عند زيارتهم ، ولم يثبت عنهم أنهم قرأوا قرآناً للأموات
فكانت القراءة لهم بدعة محدثة ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) متفق عليه )
انتهى من فتاوى اللجنة 9/38
والله أعلم.
*عبدالرحمن*
2019-01-15, 14:52
هل توجد صور حقيقية للمسيح عليه السلام ؟
السؤال
المسيحيون يعلقون صورة عيسى عليه السلام في عدة أماكن، فهل فعلاً هذه صورته؟
الجواب
الحمد لله
ليست هذه الصور التي يدعيها النصارى للمسيح عليه السلام وأمه صورا حقيقية ، إنما هي من محض خيالهم الكاذب، الممتد على أصل دينهم الفاسد، القائم على الكذب على الله تعالى ورسله .
فالنصارى يزعمون أنهم رأوا الله في صورة المسيح ابن مريم عليه السلام – تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا - .
راجع : "مجموع الفتاوى" (3/392)
وقد روى أبو داود (4324) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ - يَعْنِي عِيسَى -
وَإِنَّهُ نَازِلٌ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ : رَجُلٌ مَرْبُوعٌ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ بَيْنَ مُمَصَّرَتَيْنِ ( أي بين ثوبين فيهما صفرة خفيفة ) كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ ... )
صححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
فلم يعول صلى الله عليه وسلم على صورته التي بأيدي النصارى ، ولو كانت حقيقية لعول عليها ، ولمَا قال : ( فإذا رأيتموه فاعرفوه ) ثم شرع في وصفه .
وروى البخاري (3352) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَى الصُّوَرَ فِي الْبَيْتِ لَمْ يَدْخُلْ حَتَّى أَمَرَ بِهَا فَمُحِيَتْ ، وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِمَا السَّلَام بِأَيْدِيهِمَا الْأَزْلَام
فَقَالَ : ( قَاتَلَهُمْ اللَّهُ ، وَاللَّهِ إِنْ اسْتَقْسَمَا بِالْأَزْلَامِ قَطُّ ) .
فهذا يدل على أن أولئك المصورين قد يكذبون ، ويصورون ما لا أصل له ، ويفترون المنكر.
ولقد كان بلاء الناس في أصل دينهم من وراء هذه التصاوير التي يصورونها ، فيمجدونها ويعظمونها ثم يعبدونها .
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
" وكَانَ الشِّرْكُ الَّذِي أَضَلَّ أَكْثَرَ بَنِي آدَمَ أَصْلُهُ وَأَعْظَمُهُ مِنْ عِبَادَةِ الْبَشَرِ وَالتَّمَاثِيلِ الْمُصَوَّرَةِ عَلَى صُوَرِهِمْ " .
"مجموع الفتاوى" (17 / 503)
وقال الحافظ رحمه الله في "الفتح" (8/17) :
" غالب كفر الأمم من جهة الصور " انتهى .
فروى البخاري (427) ومسلم (528) عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ فَذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ : ( إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ ، فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) .
قال ابن القيم رحمه الله :
" وتلاعب بهم – أي النصارى - في تصوير الصور في الكنائس وعبادتها فلا تجد كنيسة من كنائسهم تخلو عن صورة مريم والمسيح وجرجس وبطرس وغيرهم من القديسين عندهم والشهداء
وأكثرهم يسجدون للصور ويدعونها من دون الله تعالى . انتهى .
"إغاثة اللهفان" ( 2 / 292 ) .
والخلاصة :
أنه لا يوجد دليل واحد على أن تلك الصور التي بأيدي النصارى للمسيح وأمه عليهما السلام صور حقيقية
بل الدليل على خلافه ، وحتى لو كانت حقيقية ، فالواجب طمسها وإزالتها وعدم النظر إليها والتأمل فيها ؛ فإن هذه التصاوير وأمثالها كانت وراء شرك هذه الأمم .
ولبيان أثر التصاوير السيئ على العقيدة راجع جواب السؤال القادم
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-15, 14:57
تحريم التصوير واتّخاذ التماثيل وأثر ذلك على العقيدة
السؤال
أجد صعوبة في أن أشرح لأحد أخواني المسلمين هنا أن عمل تمثال غير إسلامي حرام
وقد كانت إجابته أن المرأة التي يراد عمل التمثال لها من أبطال البلد إذ أنها حاربت المسلمين دفاعا عن بلادها، وهي من جداتي في الفترة قبل دخول الإسلام .
هل يمكن للمسلم أن يعبد تمثالا ، أو أن يعمل تمثالا كتذكار لأحد الأبطال ؟
حتى لو كان هذا البطل غير مسلم ؟.
الجواب
الحمد لله
أولاً :
قد يُفهم من السؤال أنّ الإنكار لكون التمثال لكافر ، وأنه إن كان لمسلم فإنه يجوز صنعه
وهذا خطأ ، فتماثيل ذوات الأرواح كلها حرام
ولا فرق من حيث كونه صنماً في التحريم سواء كان معمولا على صورة شخص مسلم أو كافر ، لكن صُنع تمثالٍ لكافرٍ أشدَّ في الحرمة لما فيه من جمع بين شرَّين ، شر صنع التمثال ، وصنع تعظيم هذا الكافر .
وفيما يلي تفصيل لمسألة تحريم الأصنام والتماثيل :
1. إن قضية صنع التماثيل لا تتوقف على كونها قضية فقهية ، بل تتعداها إلى أبواب الاعتقاد
وذلك أن الله تعالى اختص بتصوير خلقه وإبداعهم على أحسن صورة ، فكان التصوير مضاهاة لخلق الله تعالى ، وكذا يتعلق الأمر في باب الاعتقاد من حيث اتخاذ هذه الأصنام آلهة تُعبد من دون الله عز وجل .
ومما يدل على أنّ من أفعاله تعالى التصوير ما يلي :
أ. قوله تعالى : هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء ( آل عمران / 6 ) .
وقوله تعالى ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ( الأعراف / 11) .
وقوله تعالى هو الله الذي لا إله إلا هو الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم ( الحشر / 24 ) .
وقوله تعالى : يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم . الذي خلقك فسواك فعدلك . في أي صورة ما شاء ركبك ( الانفطار / 6 - 8 ) .
فهذه الآيات تقرر عقيدة لا شك فيها أن تصوير الخلق هو من قِبل ربهم وخالقهم ومصورهم ، فلا يحل لأحد أن يتعدى على ربه تعالى فيضاهي الله في خلقه وتصويره .
ب. عن عائشة أم المؤمنين أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة ف
يها تصاوير فذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة .
رواه البخاري ( 417 ) ومسلم ( 528 ) .
قال الحافظ ابن حجر :
وفي الحديث دليل على تحريم التصوير . "
فتح الباري " ( 1 / 525 ) .
وقال النووي :
قال أصحابنا وغيرهم من العلماء : تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم ، وهو من الكبائر لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد المذكور في الأحاديث وسواء صنعه بما يمتهن أو بغيره فصنعته حرام
بكل حال لأن فيه مضاهاة لخلق الله تعالى ، وسواء ما كان في ثوب أو بساط أودرهم أو دينار أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرها وأما تصوير صورة الشجر ورحال الإبل
وغير ذلك مما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام هذا حكم نفس التصوير .
" شرح مسلم " ( 14 / 81 ) .
ت. عن سعيد بن أبي الحسن قال كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما إذ أتاه رجل فقال يا أبا عباس إني إنسان إنما معيشتي من صنعة يدي وإني أصنع هذه التصاوير فقال ابن عباس لا أحدثك إلا ما سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سمعته يقول من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها أبدا فربا الرجل ربوة شديدة واصفر وجهه
فقال ويحك إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر كل شيء ليس فيه روح .
رواه البخاري ( 2112 ) ومسلم ( 2110 ) .
ث. عن عبد الله بن مسعود قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إن أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة المصورون .
رواه البخاري ( 5606 ) ومسلم ( 2109 ) .
ج. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم .
رواه البخاري ( 5607 ) ومسلم ( 2108 ) .
ح. عن أبي هريرة أنه دخل داراً بالمدينة فرأى أعلاها مصورا يصور قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا حبة وليخلقوا ذرَّة .
رواه البخاري ( 5609 ) ومسلم ( 2111 ) .
قال النووي :
وأما قوله تعالى " فليخلقوا ذرة أو حبة أو شعيرة " : فالذرَّة بفتح الذال وتشديد الراء ، ومعناه : فليخلقوا ذرة فيها روح تتصرف بنفسها كهذه الذرة التي هي خلق الله تعالى وكذلك فليخلقوا حبة حنطة أو شعير
أي : ليخلقوا حبة فيها طعم تؤكل وتزرع وتنبت ويوجد فيها ما يوجد في حبة الحنطة والشعير ونحوهما من الحب الذي يخلقه الله تعالى وهذا أمر تعجيز كما سبق . "
شرح مسلم " ( 14 / 90 ) . إذ لا يقدر على إنشاء النبات الحيّ من العدم إلا الله عزّ وجلّ .
*عبدالرحمن*
2019-01-15, 14:58
خ. عن أبي جحيفة قال : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب وثمن الدم ونهى عن الواشمة والموشومة وآكل الربا وموكله ولعن المصور . رواه البخاري ( 1980 ) .
2. وقد جاءت الشريعة بهدم الأصنام وتحطيمها لا بصنعها وترميمها ، ومما يدل على ذلك :
أ. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وحول الكعبة ثلاث مائة وستون نصبا فجعل يطعنها بعود في يده وجعل يقول جاء الحق وزهق الباطل الآية .
رواه البخاري ( 2346 ) ومسلم ( 1781 ) .
ب. عن أبي الهياج الأسدي قال : قال لي علي بن أبي طالب :
ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته وفي رواية ( ولا صورة إلا طمستها ) .
رواه مسلم ( 969 ) .
قال ابن القيم :
والتماثيل جمع تمثال وهو الصور الممثلة .
" الفوائد " ( ص 196 ) .
قال شيخ الإسلام :
فأمره بمحو التمثالين الصورة الممثلة على صورة الميت و التمثال الشاخص المشرف فوق قبره فإن الشرك يحصل بهذا و بهذا . " مجموع الفتاوى " ( 17 / 462 ) .
3. وقد توعد النبي صلى الله عليه وسلم صاحب الصور أن يدخلها في بيته ، ورتب على ذلك آثاماً وحرماناً للخير ، ومما يدل على ذلك :
أ. عن أبي طلحة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة تماثيل " .
رواه البخاري ( 3053 ) ومسلم ( 2106 ) .
ب. عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها أخبرته أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخله فعرفت في وجهه الكراهية
فقلت : يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم ماذا أذنبتُ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما بال هذه النمرقة ؟ قلت : اشتريتها لك لتقعد عليها وتوسدها
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أصحاب هذه الصور يوم القيامة يعذبون فيقال لهم أحيوا ما خلقتم وقال : إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة .
رواه البخاري ( 1999 ) ومسلم ( 2107 ) .
4. واتخاذ الصور وسيلة للوقوع في الشرك ، لأن بداية الوقوع فيه التعظيم لصاحب الصورة ، وخاصة مع قلة العلم أو انعدامه ، ويدل على هذا :
عن ابن عباس رضي الله عنهما : صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد أما ( ود ) كانت لكلب بدومة الجندل وأما ( سواع ) كانت لهذيل وأما ( يغوث )
فكانت لمراد ثم لبني غطيف بالجوف عند سبأ وأما ( يعوق ) فكانت لهمدان وأما ( نسر ) فكانت لحمير لآل ذي الكلاع أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم
أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت . رواه البخاري ( 4636 ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وأيضا فإن اللات كان سبب عبادتها تعظيم قبر رجل صالح كان هناك . "
اقتضاء الصراط المستقيم " ( 2 / 333 ) .
وقال :
وهذه العلة - أي : التعظيم - التي لأجلها نهى الشارع هي التي أوقعت كثيراً من الأمم إما في الشرك الأكبر أو فيما دونه من الشرك .
" الاقتضاء " ( 2 / 334 ) .
وقال ابن القيم رحمه الله في بيان تلاعب الشيطان بالنصارى :
وتلاعب بهم في تصوير الصور في الكنائس وعبادتها فلا تجد كنيسة من كنائسهم تخلو عن صورة مريم والمسيح وجرجس وبطرس وغيرهم من القديسين عندهم والشهداء
وأكثرهم يسجدون للصور ويدعونها من دون الله تعالى حتى لقد كتب بطريق الاسكندرية إلى ملك الروم كتابا يحتج فيه للسجود للصور : بأن الله تعالى أمر موسى عليه السلام أن يصور
في قبة الزمان صورة الساروس وبأن سليمان بن داود لما عمل الهيكل عمل صورة الساروس من ذهب ونصبها داخل الهيكل ثم قال في كتابه : وإنما مثال هذا مثال الملك يكتب إلى بعض عماله كتابا فيأخذه العامل
ويقبله ويضعه على عينيه ويقوم له لا تعظيما للقرطاس والمداد بل تعظيما للملك كذلك السجود للصور تعظيم لاسم ذلك المصور لا للأصباغ والألوان .
وبهذا المثال بعينه عبدت الأصنام . "
إغاثة اللهفان " ( 2 / 292 ) .
وقال :
وغالب شرك الأمم كان من جهة الصور والقبور . "
زاد المعاد " ( 3 / 458 ) .
5. فما سبق من الآيات والأحاديث يدل على أن علة تحريم الصور ثلاثة أمور :
الأول : المضاهاة لخلق الله .
والثاني : أنه مشابهة للكفار .
والثالث : أنه وسيلة للتعظيم والوقوع في الشرك .
مما سبق يتبين تحريم عمل التماثيل ، سواء كان ذلك لمسلم أو لكافر ، وأن من فعل ذلك فقد ضاهى الله في خلقه ، واستحق اللعنة ، نسأل الله السلامة والهداية وصلى الله على نبينا محمد .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2019-01-15, 15:03
الأصل في البشرية هو التوحيد والشرك أمر طارئ
السؤال
بحثت في كتب المتخصصين في علم الأديان ، فوجدتهم يقولون : إن الوثنيين لا يؤمنون في الأصل بعدة آلهة, يؤمنون بإله واحد لكن هذا الإله حل في موجودات أخرى ، فأصبحت تلك الموجودات بذلك (ألوهية)
أي يتصفون بصفة الألوهية ، لأن الإله الواحد ظهر فيهم ؛ (الصالحين من الناس و أجزاء من الطبيعة المادية و اللامادية). سؤالي هو: هل يمكن أن هذه في الأصل أديان توحيدية فتم تحريفها كما حدث للنصرانية ؟
الجواب
الحمد لله
الأصل في البشرية هو التوحيد والهداية والاتباع ، والانحراف عن ذلك أمر طارئ وليس أصيلا في فطرة البشر وطبيعتهم ، فقد كان آدم أبو البشر عليه السلام نبيا مؤمنا موحدا وكذلك أبناؤه
ثم حدث الشرك في قوم نوح بعد عشرة قرون ، كما قال تعالى : (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ) البقرة/213
قال ابن عباس في تفسيرها : " كان بين نوح وآدم عشرة قرون، كلهم على شريعة من الحق. فاختلفوا ، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ".
وقال ابن كثير رحمه الله بعد نقله عن ابن عباس وتصحيحه :
" لأن الناس كانوا على ملة آدم، عليه السلام ، حتى عبدوا الأصنام ، فبعث الله إليهم نوحًا عليه السلام ، فكان أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض "
انتهى من "تفسير ابن كثير" (1/569).
وروى مسلم (2865) عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ : ( أَلَا إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا
: كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلَالٌ ، وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمْ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا ).
وأكثر من أشرك وعبد الآلهة مع الله إنما عبدها على اعتقاد أنها تقرب وتشفع عند الله تعالى ، لا على أنها شاركته في الخلق أو الرزق
كما قال تعالى : ( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ
. وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا ) يونس/18، 19
وقال سبحانه : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ) الزمر/3
ومنهم من عبد الآلهة على أنها صور للصالحين أو الملائكة ، أو أن الله يحل فيها كما ذكرت ، ولم يثبت عن أحد من القدماء إثبات ربين متساويين .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " إثبات ربين للعالم لم يذهب إليه أحد من بني آدم ، ولا أثبت أحدٌ إلهين متماثلين ولا متساويين في الصفات ولا في الأفعال ، ولا أثبت أحد قديمين متماثلين ولا واجبي الوجود متماثلين
ولكن الإشراك الذي وقع في العالم إنما وقع بجعل بعض المخلوقات مخلوقة لغير الله في الإلهية ، بعبادة غير الله تعالى واتخاذ الوسائط ودعائها والتقرب إليها
كما فعل عباد الشمس والقمر والكواكب والأوثان وعباد الأنبياء والملائكة أو تماثيلهم ونحو ذلك ، فأما إثبات خالقين للعالم متماثلين فلم يذهب إليه أحد من الآدميين
وقد قال تعالى : ( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله ) لقمان/ 25، وقال تعالى : ( قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون . سيقولون لله قل أفلا تذكرون
. قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم سيقولون لله قل أفلا تتقون . قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون . سيقولون لله قل فأنى تسحرون ) المؤمنون/84 - 89
وقال : ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) يوسف/106 "
انتهى من "درء تعارض العقل والنقل" (5/156).
والحاصل أن الأصل في الناس هو التوحيد والإسلام ، والشرك أمر طارئ ، وليس هناك أديان توحيدية ، وإنما هو دين واحد ارتضاه الله عز وجل وهو الإسلام ، وهو دين جميع الأنبياء والمرسلين وأتباعهم .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2019-01-16, 15:06
CENTER]
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
هل ثمة علاقة بين المعاصي والشرك ؟
السؤال
هل أكون مرتكباً للشرك إذا قمتُ بتكبير بعض أجزاء من جسمي ، وقمت أيضاً بنمص حاجبي , فهل هذا يعد من الشرك , لأنني بذلك أقوم بتغيير خلق الله عز وجل ؟
. وهل أكون مشركاً إذا استمعت إلى أغاني شركية ، أو كفرية ؟
مثلاً : هناك أغاني تحتوي على الكلمات التالية : " أنت كل شيء في حياتي" ، فكلمة " كل شيء " : تتضمن أيضاً الله عز وجلّ , فهل هذه الأغنية حرام ؟
وهل أكون مشركاً إذا استمعتُ مجرد استماع دون أن أغنّي مع المغني ؟ .
الجواب
الحمد لله
أولاً:
مما لا شك فيه أن المعاصي تتفاوت في الحرمة ، وأنه ثمة فرق بين المعصية والشرك
وتغيير خلق الله تعالى بفعل ما نهى عنه الله تعالى طالباً للجمال : لا شك أنه من المحرمات ، وأنه من كبائر الذنوب ، وهو ليس شركاً بالله تعالى من حيث الأصل .
والنمص – وهو إزالة شعر الحاجبين - جاء النص على أن فاعله والمفعول له ممن يستحقون اللعنة
والجراحات التي يجريها الرجال والنساء لتكبير عضو ، أو تصغيره ، أو نفخه ، تغييراً لخلق الله تعالى بقصد الجمال : هو من الكبائر كذلك
والشرك بالله تعالى من أعظم المعاصي وأشدها ، لكن ليست كل معصية شركا .
قال الله تعالى :
ومما يدل على ذلك : تفريق الشرع بين الشرك والذنوب في سياق واحد ، والعطف يقتضي المغايرة .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ )
قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ : ( الشِّرْكُ بِاللَّهِ ، وَالسِّحْرُ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ، وَأَكْلُ الرِّبَا ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ ).
رواه البخاري ( 2615 ) ومسلم ( 89 ) .
فالذنوب والمعاصي ليست من الشرك الأكبر قطعاً ، لكن اقتراف الصغير منها يوشك أن يجرئ صاحبه على الكبير ، والكبير يوشك أن يجرئ صاحبه على الشرك وشعبه
ولهذا قال من قال من السلف : المعاصي بريد الكفر ؛ أي : أنها رسوله الموصل إليه . وأطلق عليها بعض السلف : " الشرك الخفي " ، أو " الشرك الأصغر " .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسْعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ ( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ) شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّنَا لَا يَظْلِمُ نَفْسَهُ ؟ قَالَ :
( لَيْسَ ذَلِكَ ، إِنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ ، أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ ( يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) .
رواه البخاري ( 3246 ) ومسلم ( 124 ) .
فهذا الحديث نصٌّ في المسألة ، وهي أن المعاصي لا تكون شركاً أكبر .
قال النووي – رحمه الله - :
وفي هذا الحديث جمَل من العلم ، منها : أن المعاصي لا تكون كفراً .
" شرح مسلم " ( 2 / 143 ) .
بل إن المعاصي ، وإن لم تكن شركا أكبر مخرجا من الملة في نفسها ، فإنها شعبة من شعبه ، وعمل من أعمال أهله .
ولذلك قال الإمام البخاري رحمه الله ، في كتاب الإيمان من صحيحه :
" بَاب الْمَعَاصِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا يُكَفَّرُ صَاحِبُهَا بِارْتِكَابِهَا إِلَّا بِالشِّرْكِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ " انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
وقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إِنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ ) إن أراد به الشرك الأكبر : فمقصوده : أن مَن لم يكن مِن أهله : فهو آمِن مما وُعد به المشركون من عذاب الدنيا ، والآخرة ، وهو مهتد إلى ذلك
وإن كان مراده جنس الشرك : فيقال : ظُلم العبد نفسه كبخله - لحب المال - ببعض الواجب : هو شرك أصغر ، وحبُّه ما يبغضه الله حتى يكون يقدم هواه على محبة الله : شرك أصغر ، ونحو ذلك
فهذا صاحبه قد فاته من الأمن والاهتداء بحسبه ، ولهذا كان السلف يدخلون الذنوب في هذا الظلم ، بهذا الاعتبار .
" مجموع الفتاوى " ( 7 / 82 ) .
والخلاصة :
أن فعل النمص ، وتكبير أعضاء الجسم ، ليس هو من الشرك الأكبر الذي يُخرج من الملَّة ، ولا خلاف في ذلك بين أهل السنَّة والجماعة .
لكن هذا لا يعني الاستهانة بأمرهما ، بل هما محرمان من غير شك
بل يطلق بعض أهل العلم على أمثالهما : أنه من الشرك الأصغر ، أو الشرك الخفي ؛ لأن صاحبها قدَّم هواه على الشريعة ، فاتخذه إلهاً ، وجعل هذا العاصي ما يحبه هو مقدَّما على ما يُبغضه ربه تعالى .
ثانياً:
الأغاني الحالية التي تشتمل على المعازف : لا نشك في حرمتها
ولا نشك في أثرها السيئ على الناس كباراً وصغاراً ، ذكوراً وإناثاً ، وبخاصة تلك التي تكون مصورة ، ويصحبها من المناظر المخجلة ، والتهتك ما يسوء كل مسلم عفيف .
وإذا احتوت كلمات تلك الأغاني على جمل شركية : فلا شك في كفر قائلها ، سواء كان المؤلف لها ، أو المغني ، والمشارك في غنائها ؛ إذا كان يعلم معناها
ويعلم أن كلامه شرك ، ولا ينفعه أن يكون قال ذلك مغنيا ، أو لا عبا أو مازحا .
وأما مستمعها ، فإن كان يستمع هذه الكلمات ، وهو عالم بما فيها من الشرك ، وراض به ، ومقر لما فيه : فهو شريكهم في إثم قول الشرك .
قال الله تعالى : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً ) النساء/140 .
قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله :
" أي : وقد بيَّن الله لكم ، فيما أنزل عليكم ، حكمَه الشرعي عند حضور مجالس الكفر والمعاصي : أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا أي
: يستهان بها ؛ وذلك أن الواجب على كل مكلف ـ في آيات الله ـ : الإيمان بها ، وتعظيمها وإجلالها وتفخيمها ، وهذا المقصود بإنزالها
وهو الذي خَلَق الله الخَلْق لأجله ، فضد الإيمان : الكفر بها ، وضد تعظيمها : الاستهزاء بها واحتقارها ، ويدخل في ذلك مجادلة الكفار والمنافقين لإبطال آيات الله ونصر كفرهم ...
وكذلك يدخل فيه حضور مجالس المعاصي والفسوق التي يستهان فيها بأوامر الله ونواهيه ، وتُقْتحم حدوده التي حدها لعباده .
ومنتهى هذا النهي عن القعود معهم : حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ؛ أي: غير الكفر بآيات الله والاستهزاء بها.
إِنَّكُمْ إِذًا أي: إن قعدتم معهم في الحال المذكورة مِثْلُهُمْ لأنكم رضيتم بكفرهم واستهزائهم ؛ والراضي بالمعصية كالفاعل لها . "
تفسير السعدي (210) .
وأما بخصوص الجملة الواردة في السؤال : فلا نراها من الشرك ، وهي من كذبات العاشقين والعاشقات
وإنما مراده بذلك : أنه أهم ـ عنده ـ من غيره من الناس ، والظفر به : أهم عنده من غيره من المطالب ، ولا نظن من يقول ذلك ، أو يتغنى به : يطرأ على باله دخول الله ، جل اسمه ، في هذه الإطلاق .
غير أن مثل هذا الكلام ، هو مما ينهى عن سماعه والتغني به ، لأمرين :
الأول : أنها من جمل العشق والغرام المهيجة للشهوة والمسببة للفتنة .
والثاني : أنها جاءت ضمن أغنية يحرم سماعها ؛ لما فيها من معازف محرَّمة .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
فالمراد هنا الغناء المحرم ، وهو يدور على شيئين :
إما أن يكون موضوع الأغنية موضوعاً فاسداً ، وإما أن تكون مصحوبة بآلة لهو محرمة
هذا هو الغناء المحرم ؛ إما أن يكون الموضوع موضوعاً فاسداً ، كوصف النساء ، والمردان ، والخمر ، وما أشبه ذلك ، هذا محرم لذات القصيدة ؛ لأن الموضوع موضوع فاسد محرم ،
أو يكون الموضوع غير محرم في حد ذاته ، فهذا إن صحبه آلة لهو : صار حراماً لما صحبه
وإن لم يصحبه آلة لهو : فليس بحرام ، وإذا كانت الأغنية في مدح آلهة المشركين : فهذا حرام ، ولا يحل ؛ لأن هذا أشد من وصف الزنا ، واللواط ، وما أشبه ذلك .
" الشرح الممتع " ( 10 / 18 ) .
والله أعلم[/CENTER]
*عبدالرحمن*
2019-01-16, 15:09
الكفر العملي قد يكون مخرجاً من الملة
السؤال
هل يمكن صدور كفر عملي مخرج من الملة ؟
الجواب
الحمد لله
"الكفر العملي يخرج من الملة: مثل السجود لغير الله، والذبح لغير الله، هذا كفر عملي يخرج من الملة، الذي يذبح للأصنام أو إلى الكواكب، أو إلى الجن كفر عملي أكبر، وهكذا لو صلى لهم أو سجد لهم، يكفر كفراً عملياً أكبر
وهكذا لو سب الدين أو سب الرسول أو استهزأ بالله أو بالرسول هذا كفر عملي أكبر، عند جميع أهل السنة والجماعة" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (28/146) .
*عبدالرحمن*
2019-01-16, 15:11
هل يكفر من أتى عرافاً وسأله عن شيء؟
السؤال
كيف نجمع بين الحديثين التاليين:
1- (من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوماً) ، رواه مسلم في صحيحه
. 2 – (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد) ، رواه أبو داود . فالحديث الأول لا يدل على الكفر في حين الآخر يدل على الكفر.
الجواب
الحمد لله
"لا تعارض بين الحديثين، فحديث: (من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه فقد كفر بما أنزل
على محمد) يراد منه: أن من سأل الكاهن معتقداً صدقه وأنه يعلم الغيب فإنه يكفر؛ لأنه خالف القرآن في قوله تعالى: (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ) النمل/65 .
وأما الحديث الآخر: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) رواه مسلم وليس فيه (فصدقه).
فبهذا يُعلم أن من أتى عرافا فسأله لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ، فإن صدقه فقد كفر.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (2/48) .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2019-01-16, 15:18
حكم الذهاب إلى من يفك السحر
السؤال
هل من يذهب عند إمام مسجد يدعي أنه يزيل السحر ويتبع ما قاله ظننا منه أنه يزيل السحر دون أن يعلم ذلك حرام قد ارتكب معصية? وما حكم ذلك ?
الجواب
الحمد لله
الذي يفك السحر عن المسحور لا يخلو من حالين :
الحال الأولى : أن يستخدم في ذلك الرقى الشرعية والتعوذات النبوية ، والأدوية المباحة
فهذا لا بأس به ، بل مستحب .
الحال الثانية : أن يعالجه ـ أي السحر ـ بعمل السحرة الذي هو التقرب إلى الجن بالذبح أو غيره من القربات
فهذا لا يجوز ؛ لأنه من عمل الشيطان بل من الشرك الأكبر فالواجب الحذر من ذلك ، كما لا يجوز علاجه بسؤال الكهنة والعرافين والمشعوذين واستعمال ما يقولون .
وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من إتيانهم وسؤالهم وتصديقهم ، فقال عليه الصلاة والسلام : (مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً)
رواه مسلم (4137) .
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )
رواه أحمد في المسند (9171) وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع حديث رقم (5939) .
فالسحرة لا يجوز إتيانهم ولا سؤالهم ولا تصديقهم.
وقد روى أبو داود في سننه (3370) عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النُّشْرَةِ فَقَالَ : (هُوَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) وصححه الألباني .
قال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (4/299) :
" والنشرة : حل السحر عن المسحور , وهي نوعان : حل سحر بسحر مثله , وهو الذي من عمل الشيطان ; فإن السحر من عمل الشيطان فيتقرب إليه الناشر والمنتشر بما يحب ,
فيبطل عمله عن المسحور , والثاني : النشرة بالرقية والتعوذات والدعوات والأدوية المباحة , فهذا جائز , بل مستحب " انتهى .
وبهذا تعلم أخي السائل أن هذا الإمام إن كان من الصنف الذي يحل السحر بالطريقة المحرمة فإن الذهاب إليه معصية ، وقد تكون كفرا ، فالواجب على من ذهب إليه التوبة من ذلك ، والله يتوب على من تاب
فإن كان فعل ذلك جاهلا فنرجو أن لا يكون عليه إثم لكن عليه الإقلاع عن ذلك والعزم على عدم العود إليه في المستقبل .
وإذا كان من الصنف الأول الذين يعالجون المسحور بالقرآن الكريم والأدعية النبوية ، فلا حرج من الذهاب إليه ، وليس ذلك معصية.
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-16, 15:20
المقارنة بين الشريعة والقانون
السؤال
هل المقارنة بين الشريعة والقانون يعد انتقاصاً للشريعة ؟
الجواب
الحمد لله
" إذا كانت المقارنة لقصدٍ صالحٍ كقصد بيان شمول الشريعة وارتفاع شأنها ، وتفوقها على القوانين الوضعية ، واحتوائها على المصالح العامة فلا بأس بذلك ؛ لما فيه من إظهار الحق
وإقناع دعاة الباطل ، وبيان زيف ما يقولون في الدعوة إلى القوانين ، أو الدعوة إلى أن هذا الزمن لا يصلح للشريعة أو قد مضى زمانها .. لهذا القصد الصالح الطيب ، ولبيان ما يردع أولئك
ويبين بطلان ما هم عليه ، ولتطمئن قلوب المؤمنين ، وتثبيتها على الحق
ولهذا كله لا مانع من المقارنة بين الشريعة والقوانين الوضعية ، إذا كان ذلك بواسطة أهل العلم والبصيرة المعروفين بالعقيدة الصالحة ، وحسن السيرة ، وسعة العلم بعلوم الشريعة ومقاصدها العظيمة " انتهى .
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
"مجلة البحوث الإسلامية" (27/89) .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2019-01-16, 15:23
حكم التساهل في الحكم بشريعة الله وعدم تطبيقها
السؤال
كثير من المسلمين يتساهلون في الحكم بغير شريعة الله ، والبعض يعتقد أن ذلك التساهل لا يؤثر في تمسكه بالإسلام ، والبعض الآخر يستحل الحكم بغير ما أنزل الله ولا يبالي بما يترتب على ذلك ، فما هو الحكم في ذلك ؟
الجواب
الحمد لله
"هذا فيه تفصيل ، وهو أن يقال : من حكم بغير ما أنزل الله وهو يعلم أنه يجب عليه الحكم بما أنزل الله ، وأنه خالف الشرع ، ولكن استباح هذا الأمر ، ورأى أنه لا حرج عليه في ذلك
وأنه يجوز له أن يحكم بغير شريعة الله فهو كافر كفراً أكبر عند جميع العلماء
كالحكم بالقوانين الوضعية التي وضعها الرجال من النصارى أو اليهود أو غيرهم ، ممن زعم أنه يجوز الحكم بها ، أو زعم أنها أفضل من حكم الله
أو زعم أنها تساوي حكم الله ، وأن الإنسان مخير إن شاء حكم بالقرآن والسنة ، وإن شاء حكم بالقوانين الوضعية .. من اعتقد هذا كفر بإجماع العلماء كما تقدم .
أما من حكم بغير ما أنزل الله لهوى أو لحظ عاجل ، وهو يعلم أنه عاص لله ولرسوله ، وأنه فعل منكراً عظيماً وأن الواجب عليه الحكم بشرع الله ، فإنه لا يكفر بذلك الكفر الأكبر
لكنه أتى منكراً عظيماً ومعصية كبيرة وكفراً أصغر ، كما قال ذلك ابن عباس ومجاهد وغيرهما من أهل العلم ، وقد ارتكب بذلك كفراً دون كفر ، وظلماً دون ظلم ، وفسقاً دون فسق
وليس هو الكفر الأكبر ، وهذا قول أهل السنة والجماعة
وقد قال الله سبحانه : (وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ) المائدة/49 ، وقال تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ) المائدة/44 ، (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ) المائدة/45
(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ) المائدة/47 ، وقل عز وجل : (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)النساء/65
وقال عز وجل : (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) المائدة/50
فحكم الله هو أحسن الأحكام ، وهو الواجب الاتباع ، وبه صلاح الأمة وسعادتها في العاجل والآجل ، وصلاح العالم كله ، ولكن أكثر الخلق في غفلة عن هذا ، والله المستعان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" انتهى
.
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز .
"مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (5/355-356) .
*عبدالرحمن*
2019-01-16, 15:28
الحلف بغير لله هل تلزم فيه الكفارة؟
السؤال
هل يمكنكم أن تلقوا الضوء على هذه القضية ؟
لو أن شخصا يحلف برأسه ، هل يعد هذا يمينا أم عهدا ؟
وإذا أخل به هل عليه كفارة ؟
الجواب
الحمد لله
الحلف لا يكون إلا بالله تعالى ، أو باسم من أسمائه ، أو صفة من صفاته ، وأما الحلف بغير الله فلا يجوز ، وهو من الشرك ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
( مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ ) رواه الترمذي (1535) وأبو داود (3251) وصححه الألباني في صحيح الترمذي . وقال صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ ) رواه البخاري (2679) ومسلم (1646) .
ويدخل في ذلك الحلف بحياة الإنسان ورأسه وشرفه ، والحلف بأمه وأبيه ، والحلف بالكعبة وغير ذلك من المخلوقات .
واليمين بغير الله يمين غير منعقدة ، ولا تلزم فيها كفارة عند أكثر العلماء .
قال ابن قدامة رحمه الله : " ولا تنعقد اليمين بالحلف بمخلوق ; كالكعبة , والأنبياء , وسائر المخلوقات , ولا تجب الكفارة بالحنث فيها . وهو قول أكثر الفقهاء "
انتهى من "المغني" (9/405) .
وعلى هذا ، فمن حلف برأسه ، فقد ارتكب أمراً محرماً ، وعليه التوبة إلى الله تعالى
والندم على ما فعل ، والعزم على عدم العودة إلى ذلك مرة أخرى ، وليس عليه كفارة إذا أخل بما حلف عليه ، لأن هذه اليمين يمين محرمة لا يترتب عليها ما يترتب على الحلف بالله .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-16, 15:32
كيف تتخلص من التميمة بدون ضرر؟
السؤال
رجل ممن يعملون عندي والدي أقنعه أنه مصاب بالعين ، وأحضر له حجراً وقال : ضعها في جيبك حتى تقيك من العين ، ثم بعد فترة أحضر له ورقة مكتوباً فيها ا ب ع د وأسفل الورقة الله الحامي وبعض الكتابات
الغير مفهومة والطلاسم والخرابيش فنحن نريد أن نتخلص من هذه الورقة لأنها غير مشروعة ولكن لم نعرف الطريقة الصحيحة للتخلص منها دون أي مضرة لنا ، وأرجو من فضيلتك بعض الكلمات المفيدة والناصحة لنا.
الجواب
الحمد لله
أولا :
العين حق كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، والوقاية منها تكون بالرقية الشرعية
والأوراد النبوية ، لا بالتمائم ، ولا بالتعاويذ التي يكتبها الدجاجلة والمشعوذون ، ولمعرفة حقيقة العين وطرق الوقاية .
ثانيا :
حمل الأحجار أو التعاويذ بقصد الحماية من العين أو السحر ، يدخل في تعليق التمائم المنهي عنه ، فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ إِلَيْهِ رَهْطٌ فَبَايَعَ تِسْعَةً وَأَمْسَكَ عَنْ وَاحِدٍ
، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بَايَعْتَ تِسْعَةً وَتَرَكْتَ هَذَا . قَالَ : إِنَّ عَلَيْهِ تَمِيمَةً ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فَقَطَعَهَا فَبَايَعَهُ ، وَقَالَ : ( مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ ) رواه أحمد (16781) ، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ( 492 ) .
وروى أحمد (17440) عن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدَعَةً فَلا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ ) والحديث حسنه الأرنؤوط في تحقيقه على المسند.
والودعة : واحدة الودع ، وهي أحجار تؤخذ من البحر يعلقونها لدفع العين.
قال الخطابي رحمه الله: " التميمة يقال إنها خرزة كانوا يعلقونها يرون أنها تدفع الآفات ".
وقال البغوي رحمه الله : " التمائم: جمع تميمة وهي خرزات كانت العرب تعلقها على أولادهم يتقون بها العين بزعمهم فأبطلها الشرع ". "التعريفات الاعتقادية" ص 121 .
والصحيح من قولي العلماء تحريم التميمة ولو كانت من القرآن
وأما ما اشتمل على الحروف والكلمات المجهولة فلا خلاف في تحريمه ، ولا يؤمن أن تكون سحرا ، أو استعانة بالجن .
ثالثا :
طريقة التخلص من التمائم ومن السحر عند العثور عليه : يكون بحل العقد – إن وجدت - وفصل الأجزاء بعضها عن بعض ثم إتلافها بالحرق ونحوه
لما ثبت من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : ( كان رجل من اليهود يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان يأمنه ، فعقد له عُقَدا فوضعه في بئر رجل من الأنصار
فاشتكى لذلك أياما. وفي حديث عائشة : ( ستة أشهر ) فأتاه ملكان يعودانه فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه ، فقال أحدهما : أتدري ما وجعه ؟
قال : فلان الذي كان يدخل عليه عقد له عُقَدا ، فألقاه في بئر فلان الأنصاري ، فلو أرسل إليه رجلا وأخذ منه العقد لوجد الماء قد اصفر . فأتاه جبريل فنزل عليه بالمعوذتين
وقال : إن رجلا من اليهود سحرك ، والسحر في بئر فلان ، قال : فبعث عليا رضي الله عنه فوجد الماء قد اصفر فأخذ العقد فجاء بها ، فأمره أن يحل العقد ويقرأ آية ، فجعل يقرأ ويحل
فجعل كلما حل عقدة وجد لذلك خفة ، فبرأ ) أورده الألباني في السلسة الصحيحة (6/615) وعزاه للحاكم (4/460) والنسائي (2/172) وأحمد (4/367) والطبراني.
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : " ينظر فيما فعله الساحر ، إذا عرف أنه مثلا جعل شيئا من الشَّعر في مكان
أو جعله في أمشاط ، أو في غير ذلك ، إذا عرف أنه وضعه في المكان الفلاني أزيل هذا الشيء وأحرق وأتلف فيبطل مفعوله ويزول ما أراده الساحر "
انتهى من "مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز" (8/144) .
فالتخلص من الورقة التي مع أبيك ، يكون بتمزيقها ، وحرقها ، مع تذكيره بالتوبة إلى الله تعالى من تعليق التمائم والتعلّق بها .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-16, 15:37
حكم سؤال الله بجاه الصالحين ومكانتهم عنده
السؤال
هل الأموات الصالحون ربنا يكرم بهم العبد الحي إذا سألنا الله بصلاح الشيخ فلان وبفضله عندك وبعبادته لك أن تفرج يا الله كربتي ونحن نعلم أن الفائدة من الله ؟.
الجواب
الحمد لله
لا شك أن الدعاء هو من أعظم العبادات الشرعية التي يتقرب بها العبد لربه سبحانه وتعالى ، ولا شك أيضاً أنه لا يجوز لأحد من العباد أن يعبد الله إلا بما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم
لما روى البخاري ( 2499 ) ومسلم ( 3242 ) من حديث عائشة رضي الله عنها قالت :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ " وفي لفظ لمسلم ( 3243 ) :" من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد "
وبهذا يعلم أن التوجه إلى الله تعالى والتوسل إليه بما لم يرد عن نبيه صلى الله عليه وسلم لا قولاً ولا فعلاً ، وبما لم يفعله أصحابه الكرام الذين كانوا أحرص الناس على الخير وأسبقهم إليه
بدعة منكرة ينبغي للعبد الذي يحب ربه ، ويتابع رسوله صلى الله عليه وسلم ألا يقدم عليها ولا يتعبد بها .
فإذا نظرنا إلى ما ذكرته ـ أيها السائل ـ من التوسل إلى الله بمكانة الصالحين ، وعبادتهم وجاههم عند الله
وجدنا أنه أمر مُحْدَثٌ لم يَرِدْ عنه صلى الله عليه وسلم ، ولا ورد عن صحابته الكرام أنهم توسلوا يوماً ما بجاهه ومكانته عند ربه لا في حياته ولا بعد مماته بل كانوا في حياته يتوسلون إلى الله بدعائه لهم
فلما توفي عليه الصلاة والسلام توسلوا إلى الله بدعاء الصالحين من الأحياء وتركوا التوسل بجاهه ؛ مما يدل بجلاء على أن التوسل بذاته وجاهه لو كان خيراً مشروعا لسبقونا إليه
ومن ذا يزعم أنه أحرص من عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الخير ، وهاهو يُعرِض عن التوسل إلى الله بجاه نبيه صلى الله عليه وسلم ليتوسل إليه بدعاء عم نبيه
والصحابة الكرام يشهدون ذلك منه دون نكير أو مخالفة ؛ كما في صحيح البخاري ( 954 ) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: " أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ
فَقَالَ :" اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا قَالَ فَيُسْقَوْنَ "
ومعنى توسلهم بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بالعباس هو : التوسل بدعائه بدلالة مَا وَرَدَ فِي بَعْض طُرُق الحديث ,َ عن أَنَس قَالَ " كَانُوا إِذَا قَحَطُوا عَلَى عَهْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِسْتَسْقَوْا بِهِ
, فَيَسْتَسْقِي لَهُمْ فَيُسْقَوْنَ فَلَمَّا كَانَ فِي إِمَارَة عُمَر " فَذَكَرَ الْحَدِيث أخرجه الإسماعيلي في مستخرجه على الصحيح . وجاء عند عَبْد الرَّزَّاق مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس " أَنَّ عُمَر اِسْتَسْقَى بِالْمُصَلَّى
, فَقَالَ لِلْعَبَّاسِ : قُمْ فَاسْتَسْقِ , فَقَامَ الْعَبَّاس " فَذَكَرَ الْحَدِيث . نقله الحافظ في الفتح وسكت عليه .
فتبين بهذا أن التوسل الذي قصده عمر رضي الله عنه إنما هو التوسل بدعاء الرجل الصالح وهو توسل صحيح مشروع دلت عليه الأدلة الكثيرة وهو المعروف من حال الصحابة الكرام رضي الله عنهم فإنهم كانوا إذا أقحطوا واحتبس
عنهم المطر طلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعو لهم فيدعو فيسقون ، والأحاديث في ذلك كثيرة مشهورة .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (1/153)
" الدعاء بجاه رسول الله أو بجاه فلان من الصحابة أو غيرهم أو بحياته لا يجوز ، لأن العبادات توقيفية ، ولم يشرع الله ذلك ، وإنما شرع لعباده التوسل إليه سبحانه بأسمائه وصفاته وبتوحيده والإيمان به وبالأعمال الصالحات
وليس بجاه فلان وفلان وحياته من ذلك ، فوجب على المكلفين الاقتصار على ما شرع الله سبحانه ، وبذلك يُعلم أن التوسل بجاه فلان وحياته وحقه من البدع المحدثة في الدين " اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" ليس لأحد أن يُدِلَّ على الله بصلاح سلفه ، فإنه ليس صلاحهم من عمله الذي يستحق به الجزاء كأهل الغار الثلاثة فإنهم لم يتوسلوا إلى الله بصلاح سلفهم وإنما توسلوا إلى الله بأعمالهم ا.هـ .
نسأل الله أن يثبتنا على دينه وشرعه حتى نلقاه .. آمين .
والله أعلم .
انظر ( التوسل أنواعه وأحكامه للشيخ الألباني ص55 وما بعدها
وفتاوى اللجنة الدائمة 1/ 153)
والتوصل إلى حقيقة التوسل للشيخ محمد نسيب الرفاعي ص 180 ).
*عبدالرحمن*
2019-01-16, 15:40
حكم التشاؤم برفة العين
السؤال
عيني اليمنى لها أكثر من أسبوع ترف ، ويقول لي البعض إنها فأل شر ، فبماذا تفتونني ؟؟.
الجواب
الحمد لله
لا علاقة لما ذكرته من رفة العين بفأل الشر ، بل هذا من التشاؤم الذي يجب على المسلم الحذر منه
فإنه من أفعال الجاهلية ، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن التطيّر
وأخبر أنه من الشرك الأصغر المنافي لكمال التوحيد الواجب ، لكون الطيرة من إلقاء الشيطان وتخويفه ووسوسته ، والمراد بالتطير أو الطيرة هو : ( التشاؤم بمرئي أو مسموع أو معلوم )
وقد جاء نهيه صلى الله عليه وسلم عنها في غير ما حديث ، فمن ذلك :
- حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا عدوى ولا طيرة ) رواه البخاري ( 5757 ) ومسلم ( 102 )
- وما رواه أبو داود ( 3910 ) والترمذي ( 1614 ) وصححه ، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الطيرة شرك ، الطيرة شرك ، وما منّا إلا ....، ولكن الله يذهبه بالتوكل ) وقوله : ( وما منا إلا .
.. ) إلخ ، من كلام ابن مسعود ، وليس من كلام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ومعناه : ما منا من أحد إلا وقد يقع في قلبه شيء من الطيرة والتشاؤم إلا أن الله تعالى يذهب ذلك من القلب بالتوكل عليه وتفويض الأمر إليه .
- وما جاء أيضاً من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا عدوى ولا طيرة ، ويعجبني الفأل قالوا : وما الفأل ؟ قال : الكلمة الطيبة ) رواه البخاري ( 5756 ) ومسلم ( 2220 )
فهذه الأحاديث صريحةٌ في تحريم التشاؤم والتحذير منه ، لما فيه من تعلّق القلب بغير الله تعالى ، ولأن كل مَنْ اعتقد أن بعض الأشياء قد تتسبب في نفعه أو ضره ، والله لم يجعلها سببا لذلك
فقد وقع في الشرك الأصغر ، وفتح للشيطان باباً لتخويفه و إيذائه في نفسه وبدنه وماله ، ولذا نفاها الشارع وأبطلها وأخبر أنه لا تأثير لها في جلب نفع أو دفع ضر .
فإذا علمت ذلك ـ وفقك الله ـ فإنْ وقع لك شيء من ذلك فعليك أن تتقي الله ، وأن تتوكل عليه و تستعين به ، ولا تلتفت إلى هذه الخواطر السيئة والأوهام الباطلة
وقد أرشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى علاج التشاؤم ، وذلك فيما أخرجه الإمام أحمد في مسنده ( 2 / 220 ) وصححه الألباني في الصحيحة (
1065 ) من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : ( من ردّته الطيرة عن حاجته فقد أشرك ، قالوا : وما كفارة ذلك ؟ قال : أن تقول : اللهم لا خير إلا خيرك ، ولا طير إلا طيرك ، ولا إله غيرك ) .
فلا ينبغي للمؤمن أن يكون متشائماً ، بل عليه أن يكون دائماً متفائلاً حَسَنَ الظن بربه فإذا سمع شيئاً، أو رأى أمراً؛ ترقب منه الخير؛ وإن كان ظاهره على خلاف ذلك، فيكون مؤملاً للخير من ربه في جميع أحواله
وهذه حال المؤمن ، فإن أمره كله له خير كما قال صلى الله عليه وسلم : " عجبا لأمر المؤمن. إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر
فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر ، فكان خيرا له ". صحيح مسلم ( 2999) ، وبهذا يكون المؤمن دائما في حال من الرضى والطمأنينة والتوكل على الله
وبُعْدٍ عن الهموم والأحزان التي يوسوس له بها الشيطان الذي يحب أن يُحزِن الذين آمنوا، وهو لا يقدر على أن يضرهم بشيء ، نسأل الله لنا ولك السلامة من كل مكروه والله تعالى أعلم .
للاستزادة ( فتاوى الشيخ ابن عثيمين 2 / 210 ).
*عبدالرحمن*
2019-01-16, 15:43
حكم التفاؤل والتشاؤم ببعض الأرقام
السؤال
سمعت بأن رقم 7 هو رقم الحظ الجيد ورقم 13 و 14 هما رقمان للحظ السيئ، فهل هذا صحيح .
الجواب
الحمد لله
لا صحة لما ذكرت ، ولا علاقة بين الأرقام وبين الحظ . والتشاؤم من الرقمين 13 ، 14 أو غيرهما من الأرقام أو الأيام ، أو الشهور ، أو الألوان ، داخل في التطير المنهي عنه شرعا .
فقد روى البخاري (5776) ومسلم (2224) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "َ لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ قَالُوا وَمَا الْفَأْلُ قَالَ كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ " .
وروى أحمد (4194) وأبو داود (3910) والترمذي (1614) وابن ماجه (3538) عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الطِيَرة شرك " وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
وروى أحمد (7045) والطبراني عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من ردته الطِيَرة من حاجة فقد أشرك" قالوا يا رسول الله ما كفارة ذلك ؟ قال :
" أن يقول أحدهم : اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك" [ حسنه الأرنؤوط وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 6264 ].
وروى الطبراني في الكبير عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "ليس منا من تطيَّر و لا من تُطُيِّر له أو تكهَّن أو تُكُهِّن له أو سحَر أو سُحِر له " وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 5435
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم رقم 2224 : ( والتطير : التشاؤم ، وأصله الشيء المكروه من قول أو فعل أو مرئي وكانوا … ينفِّرون ـ أي يهيِّجون ـ الظباء
والطيور فإن أخذت ذات اليمين تبركوا به ومضوا في سفرهم وحوائجهم ، وان أخذت ذات الشمال رجعوا عن سفرهم وحاجتهم وتشاءموا بها فكانت تصدهم في كثير من الأوقات عن مصالحهم
فنفى الشرع ذلك وأبطله ونهي عنه ، وأخبر أنه ليس له تأثير بنفع ولا ضر فهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم "لاطِيَرة " وفى حديث آخر "الطِيَرة شرك"
أي اعتقاد أنها تنفع أو تضر إذا عملوا بمقتضاها معتقدين تأثيرها فهو شرك لأنهم جعلوا لها أثرا في الفعل والإيجاد .
وأما الفأل فقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم بالكلمة الصالحة والحسنة والطيبة .
قال العلماء : يكون الفأل فيما يسر وفيما يسوء ، والغالب في السرور ، والطِيَرة لا تكون إلا فيما يسوء . قالوا : وقد يستعمل مجازا في السرور …
. قال العلماء: وإنما أحب الفأل لأن الإنسان إذا أمَّل فائدة الله تعالى وفضله عند سبب قوي أو ضعيف فهو على خير في الحال وإن غلِط في جهة الرجاء فالرجاء له خير
وأما إذا قطع رجاءه وأمله من الله تعالى فان ذلك شر له، والطِيَرة فيها سوء الظن وتوقع البلاء . ومن أمثال التفاؤل أن يكون له مريض فيتفاءل بما يسمعه فيسمع من يقول: يا سالم
أو يكون طالب حاجة فيسمع من يقول : يا واجد ، فيقع في قلبه رجاء البرء أو الوجدان والله أعلم ) انتهى كلام النووي رحمه الله .
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله ( وإذا ألقى المسلم باله لهذه الأمور فلا يخلو من حالين : الأولى أن يستجيب لها فيقدم أو يحجم ، فيكون حينئذ قد علَّق أفعاله بما لا حقيقة له .
الثانية أن لا يستجيب ، بأن يقدم ولا يبالي لكن يبقى في نفسه شيء من الهم أو الغم وهذا وإن كان أهون من الأول إلا أنه يجب عليه ألا يستجيب لداعي هذه الأمور مطلقا وأن يكون معتمدا على الله عز وجل ) مجموع الفتاوى2/113 .
والحاصل أنه لا يجوز التشاؤم بشيء من الأرقام ، وأن من قرأ أو سمع رقما ، فتشاءم ، فقد وقع في التطير المذموم ، وكفارته – كما مضى في الحديث – أن يقول : اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-16, 15:48
ما هي حقيقة الشرك ، وما هي أقسامه؟
السؤال
أقرأ كثيراً : (هذا الفعل شرك أكبر ، وهذا شرك أصغر ) فهل توضح لي حقيقة الفرق بينهما ؟.
الجواب
الحمد لله
إن من الواجبات المحتمات ، ومن أهم المهمات ؛ أن يعرف العبد معنى الشرك وخطره وأقسامه حتى يتم توحيده ، ويسلم إسلامه ، ويصح إيمانه . فنقول وبالله التوفيق ومنه السداد :
اعلم ـ وفقك الله لهداه ـ أن الشرك في اللغة هو : اتخاذ الشريك يعني أن يُجعل واحداً شريكاً لآخر . يقال : أشرك بينهما إذا جعلهما اثنين ، أو أشرك في أمره غيره إذا جعل ذلك الأمر لاثنين .
وأما في الشرع فهو : اتخاذ الشريك أو الند مع الله جل وعلا في الربوبية أو في العبادة أو في الأسماء والصفات .
والند هو : النظير والمثيل . ولذا نهى الله تعالى عن اتخاذ الأنداد وذم الذين يتخذونها من دون الله في آيات كثيرة من القرآن فقال تعالى : ( فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) البقرة / 22 .
وقال جل شأنه : ( وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ) إبراهيم / 30 .
وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار ) رواه البخاري (4497) ومسلم (92)
أقسام الشرك :
وقد دلت نصوص الكتاب والسنة على أن الشرك والتنديد تارة يكون مخرجاً من الملة ، وتارة لا يكون مخرجاً من الملة ، ولذا اصطلح العلماء على تقسيمه إلى قسمين : ( شرك أكبر ، وشرك أصغر ) وإليك تعريفاً موجزاً بكل قسم :
أولاً : الشرك الأكبر :
وهو أن يصرف لغير اللهِ ما هو محض حق الله من ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته .
وهذا الشرك تارة يكون ظاهراً : كشرك عبَّاد الأوثان والأصنام وعبَّاد القبور والأموات والغائبين .
وتارة يكون خفياً : كشرك المتوكلين على غير الله من الآلهة المختلفة
أو كشرك وكفر المنافقين ؛ فإنهم وإن كان شركهم أكبر يخرج من الملة ويخلد صاحبه في النار ؛ إلا أنه شرك خفي ، لأنهم يظهرون الإسلام ويخفون الكفر والشرك فهم مشركون في الباطن دون الظاهر .
كما أن هذا الشرك تارة يكون في الاعتقادات :
كاعتقاد أن هناك من يخلق أو يحي أو يميت أو يملك أو يتصرف في هذا الكون مع الله تعالى.
أو اعتقاد أن هناك من يطاع طاعة مطلقة مع الله ، فيطيعونه في تحليل ما شاء وتحريم ما شاء ولو كان ذلك مخالفا لدين الرسل .
أو الشرك بالله في المحبة والتعظيم ، بأن يُحب مخلوقا كما يحب الله ، فهذا من الشرك الذي لا يغفره الله ، وهو الشرك الذي قال الله فيه : ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله ) البقرة / 165 .
أو اعتقاد أن هناك من يعلم الغيب مع الله ، وهذا يكثر لدى بعض الفرق المنحرفة كالرافضة وغلاة الصوفية والباطنية عموما ، حيث يعتقد الرافضة في أئمتهم أنهم يعلمون الغيب
وكذلك يعتقد الباطنية والصوفية في أوليائهم نحو ذلك . وكاعتقاد أن هناك من يرحم الرحمة التي تليق بالله عزَّ وجل ، فيرحم مثله وذلك بأن يغفر الذنوب ويعفو عن عباده ويتجاوز عن السيئات .
وتارة يكون في الأقوال :
كمن دعا أو استغاث أو استعان أو استعاذ بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل ؛ سواء كان هذا الغير نبيا أو وليا أو مَلَكا أو جِنِّياًّ ، أو غير ذلك من المخلوقات ، فإن هذا من الشرك الأكبر المخرج من الملة .
وكمن استهزأ بالدين أو مثل اللهَ بخلقه ، أو أثبت مع الله خالقاً أورازقاً أو مدبراً ، فهذا كله من الشرك الأكبر والذنب العظيم الذي لا يغفر .
*عبدالرحمن*
2019-01-16, 15:49
وتارة يكون في الأفعال :
كمن يذبح أو يصلي أو يسجد لغير الله ، أو يسن القوانين التي تضاهي حكم الله ويشرعها للناس
ويلزمهم بالتحاكم إليها ، وكمن ظاهر الكافرين وناصرهم على المؤمنين ، ونحو ذلك من الأفعال التي تنافي أصل الإيمان ، وتخرج فاعلها من ملة الإسلام . نسأل الله عفوه وعافيته .
ثانياً : الشرك الأصغر :
وهو كل ما كان وسيلة إلى الشرك الأكبر ، أو ورد في النصوص أنه شرك ، ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر .
وهذا يكون في الغالب من جهتين :
الأولى : من جهة التعلق ببعض الأسباب التي لم يأذن الله جل وعلا بها ، كتعليق الكَفِّ والخرز ونحو ذلك على أنها سبب للحفظ أو أنها تدفع العين والله تعالى لم يجعلها سبباً لذلك لا شرعاً ولا قدراً .
الثانية : من جهة تعظيم بعض الأشياء التعظيم الذي لا يوصلها إلى مقام الربوبية ، كالحلف بغير الله ، وكقول : لولا الله وفلان ، وأشباه ذلك.
وقد وضع العلماء ضوابط وقواعد يتميز بها الشرك الأكبر عن الأصغر عند وروده في النصوص الشرعية فمن هذه الضوابط ما يلي :
1- أن ينص النبي صلى الله عليه وسلم صراحة على أن هذا الفعل من الشرك الأصغر : كما في المسند ( 27742 )
عن مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ . قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : وَمَا الشِّرْكُ الأَصْغَرُ؟ قَالَ :الرِّيَاء .
إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ تُجَازَى الْعِبَادُ بِأَعْمَالِهِمْ اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ بِأَعْمَالِكُمْ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً " وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (951 )
2- أن يرد لفظ الشرك في نصوص الكتاب والسنة منكَّراً ـ أي غير مقترن بالألف واللام ـ فهذا في الغالب يقصد به الشرك الأصغر وله أمثلة كثيرة كقوله صلى الله عليه وسلم " إن الرقى والتمائم والتِّوَلَة شرك "
أخرجه أبو داود ( 3883 ) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ( 331 )
فالمقصود بالشرك هنا الأصغر دون الأكبر .
والتمائم شيء يعلق على الأولاد كالخرز ونحوه يزعمون أن ذلك يحفظه من العين .
والتولة شيء يصنعونه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها ، والرجل إلى امرأته .
3- أن يفهم الصحابة من النصوص الشرعية أن المراد بالشرك في هذا الموضع هو الأصغر دون الأكبر ، ولا شك أن فهم الصحابة معتبر ، فهم أعلم الناس بدين الله عز وجل ، وأدراهم بمقصود الشارع .
ومن أمثلة ذلك ما رواه أبو داود (3910 ) عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "الطِّيَرَةُ شِرْكٌ الطِّيَرَةُ شِرْكٌ ثَلاثًا ، وَمَا مِنَّا إِلا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّل" فجملة ( وما منا إلا .
. ) هذه من كلام ابن مسعود كما بين ذلك جهابذة المحدثين فهذا يدل على أن ابن مسعود رضي الله عنه فهم أن هذا من الشرك الأصغر
لأنه لا يمكن أن يقصد وما منا إلا ويقع في الشرك الأكبر ، كما أن الشرك الأكبر لا يذهبه الله بالتوكل بل لابد من التوبة .
4- أن يفسر النبي صلى الله عليه وسلم لفظ الشرك أو الكفر بما يدل على أن المقصود به الأصغر وليس الأكبر كما روى البخاري ( 1038 ) ومسلم (71 ) عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ
قَالَ : صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلَةِ فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ : "هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ "
قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : " أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ "
فالكفر هنا جاء تفسيره في الرواية الأخرى عن أبي هريرة قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَمْ تَرَوْا إِلَى مَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ قَالَ : "مَا أَنْعَمْتُ عَلَى عِبَادِي مِنْ نِعْمَةٍ إِلَّا أَصْبَحَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِهَا كَافِرِينَ يَقُولُونَ الْكَوَاكِبُ
وَبِالْكَوَاكِبِ " فبين هنا أن من نسب إنزال المطر إلى الكواكب باعتبارها سبباً لنزوله
الواقع أن الله لم يجعلها سبباً لذلك ـ فكفره كفرٌ بنعمة الله عليه ، ومعلوم أن كفر النعمة كفر أصغر أما من اعتقد أن الكواكب هي التي تتصرف في الكون وأنها هي التي تنزل المطر فهذا شرك أكبر .
والشرك الأصغر تارة يكون ظاهراً كلبس الحلقة والخيط والتمائم ونحو ذلك من الأعمال والأقوال.
وتارة يكون خفياً كيسير الرياء .
كما أنه تارة يكون بالاعتقادات :
كأن يعتقد في شيء أنه سبب لجلب النفع ودفع الضر ولم يجعله الله سبباً لذلك . أو يعتقد في شيء البركة ، والله لم يجعل فيه ذلك .
وتارة يكون بالأقوال :
كمن قال مطرنا بنوء كذا وكذا ؛ دون أن يعتقد أن النجوم هي التي تستقل بإنزال المطر ، أو حلف بغير الله دون أن يعتقد تعظيم المحلوف به ومساواته لله ، أو قال ما شاء الله وشئت . ونحو ذلك .
وتارة يكون بالأفعال :
كمن يعلِّق التمائم أو يلبس حلقة أو خيطا ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه، لأن كل من أثبت سبباً لشيء والله لم يجعله سببا له شرعا ولا قدراً، فقد أشرك بالله . وكذلك من يتمسح بشيء رجاء بركته ولم يجعل الله فيه البركة
كتقبيل أبواب المساجد ، والتمسح بأعتابها ، والاستشفاء بتربتها ، ونحو ذلك من الأفعال .
هذه نبذة مختصرة عن تقسيم الشرك إلى أكبر وأصغر ، وتفصيلات ذلك لا يمكن استيعابها في هذه الإجابة المختصرة .
خاتمة :
وبعد : فالواجب على المسلم أن يحذر الشرك صغيره وكبيره ، فإن أعظم معصية عصي الله بها هي الشرك به ، والتعدي على خالص حقه ؛ وهو عبادته وطاعته وحده لا شريك له .
ولذا فقد أوجب الخلود في النار للمشركين وأخبر أنه لا يغفر لهم ، وحرَّم الجنة عليهم كما قال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً ) النساء / 48
وقال جل شأنه ( إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ) المائدة / 72 .
فوجب على كل ذي عقل ودين أن يخشى على نفسه من الشرك وأن يلوذ بربه طالباً منه أن ينجيه من الشرك ؛ كما قال الخليل عليه السلام : ( وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ ) إبراهيم / 35 ، قال بعض السلف :
" ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم "
فلا يسع العبد الصادق إلا أن يَعظُم خوفه من الشرك ، وأن تشتد رغبته إلى ربه في أن ينجيه منه ، داعياً بالدعاء العظيم الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه حين قال لهم :
" الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل ، وسأدلك على شيء إذا فعلته أذهب عنك صغار الشرك وكباره تقول :
" اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم" . صححه الألباني في صحيح الجامع ( 3731 ) .
ما سبق هو الفرق بين الشرك الأكبر والأصغر من حيث الحقيقة ، وتعريف كل قسم وبيان أنواعه .
وأما الفرق بينهما من حيث الحكم :
فهو أن الشرك الأكبر مخرج من الإسلام ، فيُحكم على فاعله بالخروج من الإسلام والارتداد عنه فيكون كافراً مرتداً .
وأما الشرك الأصغر فلا يخرج من الإسلام ، بل قد يقع من المسلم ويبقى على إسلامه
غير أن فاعله على خطر عظيم ، لأن الشرك الأصغر كبيرة من كبائر الذنوب حتى قال ابن مسعود رضي الله عنه
: ( لأن أحلف بالله كاذباً أحب إليّ من أن أحلف بغيره صادقاً ) فجعل رضي الله عنه الحلف بغير الله ( وهو شرك أصغر ) أقبح من الحلف بالله كاذباً ومعلوم أن الحلف بالله كاذباً من الكبائر .
نسأل الله أن يثبت قلوبنا على دينه حتى نلقاه ، ونعوذ بعزته – سبحانه - أن يضلنا ؛ فهو الحي الذي لا يموت والجن والأنس يموتون . والله أعلم وأحكم ، وإليه المرجع والمآب .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2019-01-17, 19:14
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
الاستهزاء بمظاهر السنة
السؤال
ما حكم الاستهزاء باللحية والثوب القصير وغيرها من مظاهر السنة المطهرة التي أُمرنا بها ؟
ورأي فضيلتكم في الذين إذا أُمروا بهذه العبادات أشار بيده إلى قلبه وقال ( التقوى هاهنا ) ؟.
الجواب
الحمد لله
المستهزئ باللحية أو الثوب الموافق للسنة في الطول أو بغير ذلك من السنة يكفر إذا كان يعلم ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم لأنه يكون مستهزئاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله
. ويكون في هذه الحالة معانداً للنبي عليه الصلاة والسلام ساخراً من سنته والذي يسخر من السنة ويستهزئ بما ثبت في السنة وهو يعلم ليس بمسلم .
قال تعالى : ( قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) التوبة/65-66 .
والذي يقول إذا دُعي لحكم شرعي التقوى في القلب ولا ينفذّ الحكم الشرعي فهذا كذاب أشِر فإن الإيمان قول وعمل وليس بالقلب فقط ويكون كلامه السابق موافقا لقول المرجئة المبتدعة الخبيثة التي تحصر الإيمان
بالقلب دون الجوارح ثم لو كان القلب سليماً والإيمان فيه وافر لظهر ذلك على الأعمال يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب )
رواه البخاري (52) ومسلم (1599)
ويقول أيضاً : ( إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ) رواه مسلم (2564) .
وعلى أية حال فإن هذا القول من هؤلاء المعاندين الرافضين أتباع الحق وتنفيذ الأحكام الشرعية هو علامة على نقص إيمانهم ويريدون بذلك إيقاف الدعاة والناصحين عن دعوتهم ونصيحتهم .
: الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2019-01-17, 19:16
حكم الصلاة في مسجد فيه قبر
السؤال
هل تصح الصلاة في المساجد التي يوجد فيها قبور؟.
الجواب
الحمد لله
المساجد التي فيها قبور لا يصلى فيها ، ويجب أن تنبش القبور وينقل رفاتها إلى المقابر العامة ويجعل رفات كل قبر في حفرة خاصة كسائر القبور
ولا يجوز أن يبقى في المساجد قبور ، لا قبر ولي ولا غيره ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى وحذر من ذلك ، ولعن اليهود والنصارى على عملهم ذلك ، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :
" لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد قالت عائشة رضي الله عنها يحذر ما صنعوا " أخرجه البخاري ( 1330 ) ومسلم ( 529 ) .
وقال عليه الصلاة والسلام لما أخبرته أم سلمة وأم حبيبة بكنيسة في الحبشة فيها تصاوير فقال :
" أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله " متفق على صحته (خ/ 427 ، م/ 528) .
وقال عليه الصلاة والسلام : " ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك " خرجه مسلم في صحيحه (532 )
عن جندب بن عبد الله البجلي . فنهى عليه الصلاة والسلام عن اتخاذ القبور مساجد ولعن من فعل ذلك ، وأخبر : أنهم شرار الخلق ، فالواجب الحذر من ذلك .
ومعلوم أن كل من صلى عند قبر فقد اتخذه مسجدا ، ومن بنى عليه مسجدا فقد اتخذه مسجدا ، فالواجب أن تبعد القبور عن المساجد ، وألا يجعل فيها قبور؛ امتثالا لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم
وحذرا من اللعنة التي صدرت من ربنا عز وجل لمن بنى المساجد على القبور؛ لأنه إذا صلى في مسجد فيه قبور قد يزين له الشيطان دعوة الميت ، أو الاستغاثة به ، أو الصلاة له ، أو السجود له
فيقع الشرك الأكبر ، ولأن هذا من عمل اليهود والنصارى ، فوجب أن نخالفهم ، وأن نبتعد عن طريقهم ، وعن عملهم السيئ . لكن لو كانت القبور هي القديمة ثم بني عليها المسجد
فالواجب هدمه وإزالته ؛ لأنه هو المحدث ، كما نص على ذلك أهل العلم؛ حسما لأسباب الشرك وسدا لذرائعه . والله ولي التوفيق .
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله ( 10 / 246 )
*عبدالرحمن*
2019-01-17, 19:17
حكم التبرك بالصالحين
السؤال
ما حكم التبرك بالصالحين ؟.
الجواب
الحمد لله
التبرك بالصالحين ينقسم إلى قسمين :
أولاً : أن يتبرك بدعائهم بأن يسألهم أن يدعوا له وهذا جائز .. بشرط أن يعرف صلاحهم وتقواهم وان لا يفتتنوا هم بذلك .
ثانياً : التبرك بآثارهم .. كثيابهم وأغراضهم ... الخ وهذا لا يجوز ومن البدعة وما يجب النهي عنه .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
*عبدالرحمن*
2019-01-17, 19:20
حكم بناء المساجد على القبور
السؤال
بعض الناس يقول إنه لا مانع من بناء المساجد على القبور استنادا لقوله تعالى : (قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا ً ) ( الكهف : 21 ) فهل قولهم هذا صحيح ؟ وماذا يكون الجواب عنه ؟.
الجواب
الحمد لله
تشييد المساجد على قبور الأنبياء والصالحين وآثارهم مما جاءت الشريعة الإسلامية الكاملة بالمنع منه والتحذير عنه ، ولعن من فعله ؛ لكونه من وسائل الشرك والغلو في الأنبياء والصالحين
والواقع شاهد بصحة ما جاءت به الشريعة ، ودليل على أنها من عند الله عزوجل ، وبرهان ساطع وحجة قاطعة على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جاء به عن الله وبلغه الأمة
وكل من تأمل أحوال العالم الإسلامي وما حصل فيه من الشرك والغلو بسبب إشادة المساجد على الأضرحة وتعظيمها وفرشها وتجميلها واتخاذ السدنة لها علم يقينا أنها من وسائل الشرك
وأن من محاسن الشريعة الإسلامية المنع منها والتحذير من إشادتها. ومما ورد في ذلك ما رواه الشيخان البخاري ( 1330 ) ومسلم ( 529 )رحمة الله عليهما عن عائشة رضي الله عنها قالت :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " قالت عائشة : يحذِّر ما صنعوا . قالت: ولولا ذلك لأبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا " .
في الصحيحين أيضا أن أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما ذكرتا لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها بأرض الحبشة وما فيها من الصور فقال صلى الله عليه وسلم: "
أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله " . (خ/ 427 ، م/ 528)
وفي صحيح مسلم (532) عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول: " إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل فإن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا
ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك " .
والأحاديث في هذا الباب كثيرة ، وقد نص الأئمة من علماء المسلمين من جميع المذاهب الأربعة وغيرهم على النهي
عن اتخاذ المساجد على القبور وحذروا من ذلك . عملا بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ونصحا للأمة وتحذيرا لها أن تقع فيما وقع فيه من قبلها من غلاة اليهود والنصارى وأشباههم من ضلال هذه الأمة .
وقد تعلق بعض الناس في هذا الباب بقوله عز وجل في قصة أهل الكهف :( قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا )الكهف/21
والجواب عن ذلك أن يقال : إن الله سبحانه وتعالى أخبر عن الرؤساء وأهل السيطرة في ذلك الزمان أنهم قالوا هذه المقالة ، وليس ذلك على سبيل الرضا والتقرير لهم وإنما هو على سبيل الذم والعيب والتنفير من صنيعهم
ويدل على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أنزلت عليه هذه الآية وهو أعلم الناس بتأويلها قد نهى أمته عن اتخاذ المساجد على القبور، وحذرهم من ذلك ولعن وذم من فعله .
ولو كان ذلك جائزا لما شدّد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك التشديد العظيم وبالغ في ذلك حتى لعن من فعله ، وأخبر أنه من شرار الخلق عند الله عز وجل
وهذا فيه كفاية ومقنع لطالب الحق ، ولو فرضنا أن اتخاذ المساجد على القبور جائز لمن قبلنا لم يجز لنا التأسي بهم في ذلك ؛ لأن شريعتنا ناسخة للشرائع قبلها ورسولنا عليه الصلاة والسلام هو خاتم الرسل وشريعته
كاملة عامة وقد نهانا عن اتخاذ المساجد على القبور ، فلم تجز لنا مخالفته
ووجب علينا اتباعه والتمسك بما جاء به وترك ما خالف ذلك من الشرائع القديمة ، والعادات المستحسنة عند من فعلها ؛ لأنه لا أكمل من شرع الله ولا هدي أحسن من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والله المسئول أن يوفقنا والمسلمين جميعا للثبات على دينه والتمسك بشريعة رسوله محمد عليه الصلاة والسلام في الأقوال والأعمال ، والظاهر والباطن
وفي سائر الشئون حتى نلقى الله عز وجل وإنه سميع قريب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين. ا.هـ .
من مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله ( 1 / 434 )
*عبدالرحمن*
2019-01-17, 19:23
علم النجوم
السؤال
هل يجوز لنا قراءة علامات النجوم.
الجواب
الحمد لله
قال البخاري في صحيحه : قال قتادة : " خلق الله هذه النجوم لثلاث : زينةً للسماء ، ورجوماً للشياطين ، وعلاماتٍ يُهتدى بها ، فمن تأول فيها غير ذلك أخطأ وأضاع نصيبه وكُلف ما لا علم له به " .
انتهى صحيح البخاري – باب في النجوم . (2/420)
وعلم النجوم ينقسم إلى قسمين :
أولاً : علم التأثير .
ثانياً : علم التسيير .
فأما علم التأثير فهو على ثلاثة أقسام :
1- أن يعتقد أن هذه النجوم مؤثرة فاعلة بمعنى أنها هي التي تخلق الحوادث والشرور فهذا شرك أكبر ؛ لأن من ادعى أن مع الله خالقاً فهو مشركٌ شركاً أكبر ، وقد جعل المخلوق المُسَخََََّر خالقاً مُسَخِراً .
2- أن يجعلها سبباً يدَّعي به علم الغيب فيستدل بحركاتها وتنقلاتها وتغيراتها على أنه سيكون كذا وكذا لأن النجم الفلاني صار كذا وكذا . كأن يقول
: هذا الإنسان ستكون حياته شقاء ؛ لأنه ولد في النجم الفلاني ، وهذا حياته ستكون سعيدة ؛ لأنه ولد في النجم الفلاني . فهذا الشخص اتخذ تعلم النجوم وسيلة لادعاء علم الغيب وادعاء علم الغيب كفرٌ مُخرجٌ عن الملة
لأن الله يقول : قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله النمل 65 ، وهذا من أقوى أنواع الحصر لأنه حصرٌ بالنفي والاستثناء ، فإذا ادعى علم الغيب فقد كذب القرآن .
3 - أن يعتقدها سبباً لحدوث الخير والشر فهذا شرك أصغر ، أي أنه إذا وقع شيء نسبه إلى النجوم . ( ولا ينسب إلى النجوم شيئاً إلا بعد وقوعه ) والقاعدة أن من اعتقد شيئا سببا لشيء
ولم يجعله الله كذلك فقد تعدى على الله لأن مسبب الأسباب هو الله وحده . كمن يستشفي بربط خيط ما ، ويقول أنا أعتقد أن الشفاء بيد الله وهذا الخيط هو مجرد سبب فنقول له : نجوت من الشرك الأكبر
ووقعت في الشرك الأصغر لأن الله لم يجعل الخيط سببا ظاهرا للشفاء ، وأنت بفعلك هذا قد اعتديت على مقام الربوبية بجعل شيء سببا لشيء والله لم يجعله كذلك
. وهكذا من جعل النجوم سببا لنزول المطر وليست كذلك والدليل ما أخرجه البخاري (
801 ) ومسلم ( 104 ) عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ فِي إِثْرِ السَّمَاءِ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلِ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ
أَعْلَمُ قَالَ قَالَ أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ وَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَب
" فحكم على من نسب المطر إلى النجوم نسبة سبب .
الثاني : علم التسيير . وهو على قسمين :
1- أن يستدل بسيرها على المصالح الدينية فهذا مطلوب ، وإذا كان يُعين على مصالح دينية واجبة كان تعلُمُهَا واجباً كأن يستدل بالنجوم على جهة القبلة .
2- أن يستدل بسيرها على المصالح الدنيوية ، فهذا لا بأس به وهو نوعان :
الأول : أن يستدل بها على الجهات ، كمعرفة أن القطب يقع شمالاً ، والجدي – وهو قريب منه – يدور حوله شمالاً ... فهذا جائز ، قال تعالى : وعلامات وبالنجم هم يهتدون ( النحل 16) .
الثاني : أن يستدل بها على الفصول ، وهو ما يُعرف بتعلم منازل القمر فهذا كرهه بعض السلف
وأباحه آخرون ، والصحيح أنه جائز وليس فيه كراهه ؛ لأنه لا شرك فيه إلا إن تعلمها ليضيف إليها نزول المطر وحصول البرد ، وأنها هي الجالبة لذلك
فهذا نوعٌ من الشرك ، أما مجرد معرفة الوقت بها هل هو الربيع أو الخريف أو الشتاء فهذا لا بأس به .
انظر القول المفيد للشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله (2/102) .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2019-01-17, 19:29
أحكام التمائم وتعليقها وهل تدفع التميمة العين والحسد
السؤال
أريد أن أعرف إن كان يجوز وضع التمائم. لقد قرأت كتاب التوحيد وبعض الكتب الأخرى بقلم بلال فيليبس ، إلا أني وجدت بعض الأحاديث في الموطأ تجيز بعض أنواع التمائم.
كما أن كتاب التوحيد ذكر أن بعض السلف سمحوا بها . وهذه الأحاديث موجودة في الجزء 50 من الموطأ، وقد وردت تحت أرقام : 4 و11 و14. الرجاء الرد
وإعلامي بصحة هذه الأحاديث وإعطائي المزيد من المعلومات عن هذا الموضوع . وشكرا لك .
الجواب
الحمد لله
أولاً :
لم نهتد إلى الأحاديث التي أراد السائل بيان صحتها ؛ وذلك لعدم معرفتنا بعين تلك الأحاديث وقد ذكر لنا أنها في الجزء ( 50 ) من الموطأ ! والموطأ جزء واحد .
لذا سنذكر ما تيسر من الأحاديث الواردة في الموضوع ونبين - إن شاء الله - حكم العلماء عليها ، ولعل بعضها أن يكون مما أراده السائل :
1. عن عبد الله بن مسعود أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يكره عشر خصال
: الصفرة - يعني : الخلوق - وتغيير الشيب وجر الإزار والتختم بالذهب والضرب بالكعاب والتبرج بالزينة لغير محلها والرقى إلا بالمعوذات وتعليق التمائم وعزل الماء عن محله وإفساد الصبي ، غير محرِّمه .
رواه النسائي ( 50880) وأبو داود ( 4222 ) .
الخَلوق : نوع من الطيب أصفر اللون .
عزل الماء عن محله : أي : عزل المني عن فرج المرأة .
إفساد الصبي : وطء المرأة المرضع ، فإنها إذا حملت فسد لبنها . والمعنى أي كره ولم يُحرِّمه والمقصود وطء المرضع .
والحديث : ضعَّفه الشيخ الألباني في " ضعيف النسائي " ( 3075 ) .
2. عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود عن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الرقى والتمائم والتوَلة شرك
قالت : قلت لم تقول هذا ؟ والله لقد كانت عيني تقذف وكنت أختلف إلى فلان اليهودي يرقيني فإذا رقاني سكنت ، فقال عبد الله : إنما ذاك عمل الشيطان كان ينخسها بيده فإذا رقاها كف
عنها إنما كان يكفيك أن تقولي كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أذهب البأس رب الناس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقماً .
رواه أبو داود ( 3883 ) وابن ماجه ( 3530 ) .
والحديث : صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 331 ) و ( 2972 ) .
3. عن عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له " .
رواه أحمد ( 16951 ) .
والحديث : ضعفه الشيخ الألباني في " ضعيف الجامع " ( 5703 ) .
4. عن عقبة بن عامر الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل إليه رهط فبايع تسعة وأمسك عن واحد فقالوا : يا رسول الله بايعتَ تسعة وتركت هذا ، قال : إن عليه تميمة ،
فأدخل يده فقطعها فبايعه وقال : من علق تميمة فقد أشرك .
رواه أحمد ( 16969 ) .
والحديث : صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 492 ) .
ثانياً :
التمائم : جمع تميمة وهي ما يعلق بأعناق الصبيان أو الكبار أو يوضع على البيوت أو السيارات من خرزات وعظام لدفع الشر - وخاصة العين - ، أو لجلب النفع .
وهذه أقوال العلماء في أنواع التمائم وحكم كل واحدة منها ، وفيها تنبيهات وفوائد :
1. قال الشيخ سليمان بن عبد الوهاب :
اعلم أن العلماء من الصحابة والتابعين فمَن بعدهم اختلفوا في جواز تعليق التمائم التي من القرآن وأسماء الله وصفاته :
فقالت طائفة : يجوز ذلك وهو قول عبد الله بن عمرو بن العاص وغيره
وهو ظاهر ما روي عن عائشة وبه قال أبو جعفر الباقر وأحمد في رواية ، وحملوا الحديث على التمائم الشركية ، أمَّا التي فيها القرآن وأسماء الله وصفاته فكالرقية بذلك .
قلت : وهو ظاهر اختيار ابن القيم .
وقالت طائفة : لا يجوز ذلك ، وبه قال ابن مسعود وابن عباس ، وهو ظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر وابن عكيم رضي الله عنه ، وبه قال جماعة من التابعين منهم أصحاب ابن مسعود وأحمد في رواية اختارها كثير من أصحابه
وجزم بها المتأخرون ، واحتجوا بهذا الحديث وما في معناه فإن ظاهره العموم لم يفرق بين التي في القرآن وغيرها بخلاف الرقى فقد فرق فيها
ويؤيد ذلك أن الصحابة الذين رووا الحديث فهموا العموم كما تقدم عن ابن مسعود .
وروى أبو داود عن عيسى بن حمزة قال : دخلت على عبد الله بن عكيم وبه حمرة فقلت : ألا تعلق تميمة ؟ فقال : نعوذ بالله من ذلك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَن تعلق شيئاً وكل إليه " …
هذا اختلاف العلماء في تعليق القرآن وأسماء الله وصفاته فما ظنك بما حدث بعدهم من الرقى بأسماء الشياطين وغيرهم وتعليقها بل والتعلق عليهم والاستعاذة بهم والذبح لهم وسؤالهم كشف الضر وجلب الخير مما
هو شرك محض وهو غالب على كثير من الناس إلا من سلم الله ؟
فتأمل ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابه والتابعون وما ذكره العلماء بعدهم في هذا الباب
وغيره من أبواب الكتاب ثم انظر إلى ما حدث في الخلوف المتأخرة يتبين لك دين الرسول صلى الله عليه وسلم وغربته الآن في كل شيء ، فالله المستعان .
*عبدالرحمن*
2019-01-17, 19:30
" تيسير العزيز الحميد " ( ص 136 - 138 ) .
2. وقال الشيخ حافظ حكمي :
إن تك هي - أي : التمائم - آيات قرآنية مبينات ، وكذلك إن كانت من السنن الصحيحة الواضحات فالاختلاف في جوازها واقع بين السلف من الصحابة والتابعين فمَن بعدهم :
فبعضهم - أي : بعض السلف - أجازها ، يروى ذلك عن عائشة رضي الله عنها وأبي جعفر محمد بن علي وغيرهما من السلف .
والبعض منهم كفَّ - أي : منع - ذلك وكرهه ولم يره جائزاً ، منهم عبد الله بن عكيم وعبد الله بن عمرو وعقبة بن عامر وعبد الله بن مسعود وأصحابه كالأسود وعلقمة ومن بعدهم كإبراهيم النخعي وغيرهم رحمهم الله تعالى .
ولا شك أن منع ذلك أسد لذريعة الاعتقاد المحظور لا سيما في زماننا هذا ؛ فإنه إذا كرهه أكثر الصحابة والتابعين في تلك العصور الشريفة المقدسة والإيمان في قلوبهم أكبر من الجبال فلأن يكره في وقتنا هذا
- وقت الفتن والمحن - أولى وأجدر بذلك ، كيف وهم قد توصلوا بهذه الرخص إلى محض المحرمات وجعلوها حيلة ووسيلة إليها ؟ فمن ذلك أنهم يكتبون
في التعاويذ آية أو سورة أو بسملة أو نحو ذلك ثم يضعون تحتها من الطلاسم الشيطانية ما لا يعرفه إلا من اطلع على كتبهم ، ومنها أنهم يصرفون قلوب العامة عن التوكل على الله عز وجل
إلى أن تتعلق قلوبهم بما كتبوه ، بل أكثرهم يرجفون بهم ولم يكن قد أصابهم شيء فيأتي أحدهم إلى من أراد أن يحتال على أخذ ماله مع علمه أنه قد أولع به فيقول له :
إنه سيصيبك في أهلك أو في مالك أو في نفسك كذا وكذا ، أو يقول له : إن معك قريناً من الجن أو نحو ذلك ويصف له أشياء ومقدمات من الوسوسة الشيطانية موهماً أنه صادق الفراسة فيه شديد الشفقة
عليه حريص على جلب النفع إليه فإذا امتلأ قلب الغبي الجاهل خوفاً مما وصف له حينئذ أعرض عن ربه وأقبل ذلك الدجال بقلبه وقالبه والتجأ إليه وعول عليه دون الله عز وجل وقال له :
فما المخرج مما وصفت ؟ وما الحيلة في دفعه ؟ كأنما بيده الضر والنفع ، فعند ذلك يتحقق فيه أمله ويعظم طمعه فيما عسى أن يبذله له فيقول له إنك إن أعطيتني كذا وكذا كتبت لك من ذلك حجابا طوله كذا
وعرضه كذا ويصف له ويزخرف له في القول وهذا الحجاب علقه من كذا وكذا من الأمراض ، أترى هذا مع هذا الاعتقاد من الشرك الأصغر ؟ لا بل هو تأله لغير الله وتوكل على غيره والتجاء إلى سواه وركون إلى
أفعال المخلوقين وسلب لهم من دينهم ، فهل قدر الشيطان على مثل هذه الحيل إلا بوساطة أخيه من شياطين الإنس قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن بل هم عن ذكر ربهم معرضون [ الأنبياء / 42 ]
ثم إنَّه يكتب فيه مع طلاسمه الشيطانية شيئاً من القرآن ويعلقه على غير طهارة ، ويحدث الحدث الأصغر والأكبر ، وهو معه أبداً لا يقدسه عن شيء من الأشياء ، تالله ما استهان بكتاب الله أحدٌ من أعدائه استهانة
هؤلاء الزنادقة المدَّعين الإسلام به ، والله ما نزل القرآن إلا لتلاوته والعمل به وامتثال أوامره واجتناب نواهيه وتصديق خبره والوقوف عند حدوده والاعتبار بأمثاله والاتعاظ بقصصه والإيمان به كلٌّ من عند ربنا وهؤلاء قد
عطلوا ذلك كله ونبذوه وراء ظهورهم ولم يحفظوا إلا رسمه كي يتأكلوا به ويكتسبوا كسائر الأسباب التي يتوصلون بها إلى الحرام لا الحلال ولو أن ملكا أو أميرا كتب كتابا إلى من هو تحت ولايته أن
افعل كذا واترك كذا وأمر من في جهتك بكذا وانههم عن كذا ونحو ذلك فأخذ ذلك الكتاب ولم يقرأه ولم يتدبر أمره ونهيه ولم يبلغه إلى غيره ممن أمر بتبليغه إليه بل أخذه وعلقه في عنقه أو عضده
ولم يلتفت إلى شيء مما فيه البتة لعاقبه الملك على ذلك أشد العقوبة ولسامه سوء العذاب فكيف بتنزيل جبار السموات والأرض الذي له المثل الأعلى في السموات والأرض وله الحمد في الأولى والآخرة
وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه هو حسبي لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم وإن تكن مما سوى الوحيين فإنها شرك بغير مين ، بل إنها قسيمة الأزلام في البعد عن سيما أولي الإسلام .
وإن تكن - أي : التمائم - مما سوى الوحيين بل من طلاسم اليهود وعباد الهياكل والنجوم والملائكة ومستخدمي الجن ونحوهم أو من الخرز أو الأوتار أو الحلق من الحديد وغيره فإنها شرك
- أي : تعليقها شرك - بدون ميْن - أي : شك - إذ ليست من الأسباب المباحة والأدوية المعروفة بل اعتقدوا فيها اعتقادا محضا أنها تدفع كذا وكذا من الآلام لذاتها لخصوصية زعموا فيها كاعتقاد
أهل الأوثان في أوثانهم بل إنها قسيمة أي شبيهة الأزلام التي كان يستصحبها أهل الجاهلية في جاهليتهم ويستقسمون بها إذا أرادوا أمرا وهي ثلاثة قداح مكتوب على إحداها افعل
والثاني لا تفعل ، والثالث غفل ، فإن خرج في يده الذي فيه افعل مضى لأمره ، أو الذي فيه لا تفعل ترك ذلك ، أو الغفل أعاد استقسامه ، وقد أبدلنا الله تعالى - وله الحمد - خيراً من ذلك صلاة الاستخارة ودعاءها .
والمقصود : أن هذه التمائم التي من غير القرآن والسنة شريكة للأزلام وشبيهة بها من حيث الاعتقاد الفاسد والمخالفة للشرع في البعد عن سيما أولي الإسلام
- أي : عن زي أهل الإسلام - فإن أهل التوحيد الخالص من أبعد ما يكون عن هذا
والإيمان في قلوبهم أعظم من أن يدخل عليه مثل هذا ، وهم أجل شأناً وأقوى يقيناً من أن يتوكلوا على غير الله أو يثقوا بغيره ، وبالله التوفيق .
" معارج القبول " ( 2 / 510 - 512 ) .
والقول بالمنع حتى ولو كانت التمائم من القرآن هو الذي عليه مشايخنا :
3. وقال علماء اللجنة الدائمة :
اتفق العلماء على تحريم لبس التمائم إذا كانت من غير القرآن ، واختلفوا إذا كانت من القرآن ، فمنهم من أجاز لبسها ومنهم من منعها ، والقول بالنهي أرجح لعموم الأحاديث ولسدِّ الذريعة .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 1 / 212 ) .
4. وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
ولا تزال هذه الضلالة فاشية بين البدو والفلاَّحين وبعض المدنيين ، ومثلها الخرزات التي يضعها بعض السائقين أمامهم في السيارة يعلقونها على المرآة ، وبعضهم يعلق نعلاً عتيقة في مقدمة السيارة أو في مؤخرتها
وغيرهم يعلقون نعل فرس في واجهة الدار أو الدكان ، كل ذلك لدفع العين زعموا
وغير ذلك مما عمَّ وطمَّ بسبب الجهل بالتوحيد ، وما ينافيه من الشركيات والوثنيات التي ما بعثت الرسل ولا أنزلت الكتب إلا من أجل إبطالها والقضاء عليها ، فإلى الله المشتكى من جهل المسلمين اليوم ، وبعدهم عن الدين .
" سلسلة الأحاديث الصحيحة " ( 1 / 890 ) ( 492 ) .
والله أعلم.
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2019-01-17, 19:33
الدعاء لله وحده
السؤال
ما حكم دعاء غير الله ؟.
الجواب
الحمد لله
الله سبحانه وتعالى قريب من عباده يرى مكانهم ويعلم أحوالهم ويسمع كلامهم ويستجيب دعائهم ولا يخفى عليه شيء من أمرهم كما قال سبحانه : ( إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ) آل عمران/5 .
والله وحده هو الذي خلقنا و رزقنا بيده الملك و هو على كل شيء قدير ( لله ملك السماوات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير ) المائدة/120 .
والله وحده بيده الخير فإذا دعا إلى شيء في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فينبغي الامتثال
لذلك والاستجابة له : ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحيكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون ) الأنفال/24 .
والله على كل شيء قدير يسمع دعاء عباده .. ويستجيب لهم في كل زمان ومكان على اختلاف
حاجاتهم ولغاتهم كما قال سبحانه : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعانِ فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) البقرة/186 .
وقد أمرنا الله عز وجل أن ندعوه سراً بخضوع وتذلل كما قال سبحانه : ( ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين ) الأعراف/55 .
والله سبحانه له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير تسبح له السماوات والأرض وما فيهن كما قال سبحانه ( تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده
ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليماً غفوراً ) الإسراء/44 .
وقد وعد الله من استكبر عن عبادته ودعائه بنار جهنم فقال تعالى : ( إن الذي يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) غافر/60 .
ودعاء الله يكون بما شرعه الله ورسوله ومن ذلك دعاء الله بأسمائه الحسنى ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ) الأعراف/180 .
فنقول يا رحمن ارحمنا يا غفور اغفر لنا يا رزاق ارزقنا وهكذا .
وإذا دعا العبد فإما أن يعطيه الله ما سأل أو يصرف عنه سوءاً أعظم مما طلب .. أو يدخر له سؤاله في الآخرة ذلك أن الله أمر بالدعاء ووعد بالإجابة فقال ..( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) غافر/60 .
وقد أمرنا الله بعبادته وحده .. وحذرنا من عبادة الشيطان فقال :( ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين - وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ) يس/60 - 61 .
ودعوة غير الله في قضاء الحاجات وتفريج الكربات وشفاء الأمراض لوث عقلي سببه عمى البصيرة ..( قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله ) الأنعام/71 .
وإن دعاء من لا ينفع ولا يضر ولا يأمر ولا ينهي ولا يسمع ولا يستجيب , من الأنبياء والرسل أو الجن والملائكة ..أو الكواكب والنجوم أو الأشجار والأحجار أو الأموات ..كل ذلك ظلم عظيم
وضلال عن الصراط المستقيم , وشرك بالله العظيم ( ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين ) يونس/106 .
وقال سبحانه : ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون ) الأحقاف/5 .
ودعاء غير الله شرك والشرك ذنب عظيم بل هو أعظم الذنوب وكل ذنب يغفره الله لمن يشاء إلا الشرك كما قال سبحانه : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) النساء/48 .
ويوم القيامة يجمع الله المشركين وكل من عبدوه من دون الله فيتبرأ المعبودون من دون الله ممن عبدهم , ويكفرون بشركهم كما قال سبحانه : ( والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير
إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير ، يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ) فاطر/13-15 .
من كتاب أصول الدين الإسلامي للشيخ محمد بن ابراهيم التويجري
*عبدالرحمن*
2019-01-17, 19:35
هل يجوز سؤال ولي ميت أو حضرة علي
السؤال
أقدم اعتذاري فسأطرح عليك أكثر من سؤال.
1- هل النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من المخلوقات -عدا الله- كلي الوجود (موجود في كل مكان في جميع الأوقات)؟
2- هل يجوز أن نسأل أي شخص في أوقات الحاجة، مثلا: ولي ميت أو حضرة علي رضي الله عنه ..الخ؟
أرجو الاستدلال بالأحاديث والآيات ذات العلاقة.
الجواب
الحمد لله
في البداية هناك ملاحظة على قولك في السؤال " أو غيره من المخلوقات - عدا الله - " .
لابد من التنبيه على الخطأ اللفظي لأنه قد يفهم أنك ترى أن الله مخلوق وأنا على يقين بأنك لا ترى هذا .
أولا :
قال الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام : ( إنك ميت وإنهم ميتون )
وقال تعالى : ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم )
وقال تعالى : ( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن متّ فهم الخالدون )
وقال أبو بكر رضي الله عنه في خطبته بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام : "من كان يعبد محمدا فإن محمداً قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت" . رواه البخاري .
فهذه الأدلة وأمثالها تدل على أن محمدا عليه الصلاة والسلام بشر كبقية البشر ، يموت كما يموتون ، ولن يخلّد كما أنه لم يخلّد أحد قبله .
فالذي يريد أن يخرج النبي عن نطاق بشريته ويدعي بأن النبي موجود في كل مكان هو الذي يطالب
بالدليل فما الذي أدراه بأن النبي في كل مكان ، وفي جميع الأوقات ؟ وليس هذا فقط بل حتى من يدعي ذلك في حقّ الله تعالى فهذا كفر وزيغ وضلال
وهذا يقتضي بأن الله موجود حتى في الأماكن المستقذرة كالحمام وغيره تعالى الله عما يقولون .
ثانيا :
_ عليك بقراءة كتاب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد لمؤلفه الشيخ عبد الرحمن بن حسن .
_ إعلم أن الدعاء والسؤال هو العبادة كما قال تعالى : ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين )
وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه الترمذي : " الدعاء هو العبادة " . والعبادة لا يجوز أن تصرف لغير الله سبحانه . لكن دلّت الأدلة على أنه يجوز أن يُسأل المخلوق في بعض الأمور ولكن بشرطين :
1- أن تكون ممكنة ومقدوراً عليها ، كأن تسأل شخصا إعطاءك مالاً حال احتياجك إليه .
أما إن كانت الحاجة غير مقدور عليها فلا يجوز سؤالها مثل أن تسأل رجلا أن تكون من أهل الجنة ، وهذا ليس بمقدوره حتى وإن كان رجلا صالحا تقيا .
2- أن يكون الشخص المسؤول قادرا ، كالحي فلا يجوز دعاء الميت كما قال تعالى : ( والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير . إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ) .
الشيخ سعد الحميد
*عبدالرحمن*
2019-01-17, 19:38
لا يجوز الحلف بالصلاة ولا بالذمة
السؤال
هل يجوز التذميم بقوله لأخيه بذمتك أو بصلاتك أو بقوله أنت بحرج إن فعلت كذا ، فمثل هذه العادات منتشرة بين النساء والأطفال ، نرجو التوجيه جزاكم الله خيراً ؟.
الجواب
الحمد لله
لا يجوز الحلف لا بالصلاة ولا بالذمة ولا بالحرج ولا بغير ذلك من المخلوقات ، فالحلف يكون بالله وحده . فلا يقول : بذمتي ما فعلت كذا ولا بذمة فلان ، ولا بحياة فلان ، ولا بصلاتي
ولا أطالبه فأقول : قل بذمتي ولا بصلاتي ، بزكاتي ، كل هذا لا أصل له ، لأن الصلاة فعل العباد ، والزكاة فعل العباد ، وأفعال العباد لا يحلف بها وإنما الحلف بالله وحده سبحانه وتعالى أو بصفاته
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت ) متفق على صحته
ولقوله عليه الصلاة والسلام : ( من حلف بشيء دون الله فقد أشرك ) أخرجه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن عمر رضي الله عنه وأخرجه الترمذي وأبو داود بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما
عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ : ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ) وقال عليه الصلاة والسلام
: ( من حلف بالأمانة فليس منا ) فالواجب على كل مؤمن ومؤمنة أن يحذر من ذلك وألا يحلف إلا بالله وحده سبحانه وتعالى ، فيقول : بالله ما فعلت كذا ، والله ما فعلت كذا ، إذا دعت الحاجة .
والمشروع أن يحفظ يمينه ، ولا يحلف إلا لحاجة ، قال تعالى : ( واحفظوا أيمانكم ) المائدة/89 ، لكن إذا دعت الحاجة يحلف فيقول : والله ما فعلت كذا إذا كان صادقاً ، والله ما ذهبت إلى فلان
تالله ما ذهبت إلى فلان ، فإذا كان صادقاً فلا حرج عليه ، لأن هذا حلف بالله سبحانه وتعالى عند الحاجة إلى ذلك . أما الحلف بالأمانة أو بالنبي صلى الله عليه وسلم أ
و بالكعبة أو بحياة فلان أو بشرف فلان ، أو بصلاتي أو بذمتي فلا يجوز كما تقدم للأحاديث السابقة .
أما إذا قال : في ذمتي ، فهذا ليس بيمين ، يعني هذا الشيء في ذمتي أمانة . أما إذا قال بذمتي أو بصلاتي أو بزكاتي أو بحياة والدي فهذا لا يجوز ؛ لأنه حلف بغير الله سبحانه وتعالى ، نسأل الله للجميع الهداية .
: كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/9 ص/345
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2019-01-20, 17:05
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
التبرك بالعلماء والصالحين وآثارهم
السؤال
هناك من يرى جواز التبرك بالعلماء والصالحين وآثارهم مستدلاً بما ثبت من تبرك الصحابة - رضي الله عنهم - بالنبي صلى الله عليه وسلم . فما حكم ذلك ؟
ثم أليس فيه تشبيه لغير النبي صلى الله عليه وسلم بالنبي صلى الله عليه وسلم ؟
وهل يمكن التبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ؟
وما حكم التوسل إلى الله تعالى ببركة النبي صلى الله عليه وسلم ؟.
الجواب
الحمد لله
لا يجوز التبرك بأحد غير النبي صلى الله عليه وسلم لا بوضوئه ولا بشعره ولا بعرقه ولا بشيء من جسده ، بل كل هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم لما جعل الله في جسده وما مسه من الخير والبركة .
ولهذا لم يتبرك الصحابة - رضي الله عنهم - بأحد منهم لا في حياته ولا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لا مع الخلفاء الراشدين ولا مع غيرهم فدل ذلك على أنهم قد عرفوا أن ذلك خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم دون غيره
ولأن ذلك وسيلة إلى الشرك وعبادة غير الله سبحانه
وهكذا لا يجوز التوسل إلى الله سبحانه بجاه النبي صلى الله عليه وسلم أو ذاته أو صفته أو بركته لعدم الدليل على ذلك ؛ ولأن ذلك من وسائل الشرك به والغلو فيه عليه الصلاة والسلام .
ولأن ذلك أيضاً لم يفعله أصحابه - رضي الله عنهم - ولو كان خيراً لسبقونا إليه ، ولأن ذلك خلاف الأدلة الشرعية . فقد قال الله عز وجل : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) الأعراف/180
ولم يأمر بدعائه سبحانه بجاه أحد أو حق أحد أو بركة أحد .
ويلحق بأسمائه سبحانه التوسل بصفاته كعزته ، ورحمته ، وكلامه وغير ذلك ، ومن ذلك ماجاء في الأحاديث الصحيحة من التعوذ بكلمات الله التامات ، والتعوذ بعزة الله وقدرته .
ويلحق بذلك أيضاً : التوسل بمحبة الله سبحانه ، ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وبالإيمان بالله وبرسوله والتوسل بالأعمال الصالحات
كما في قصة أصحاب الغار الذين آواهم المبيت والمطر إلى غار فدخلوا فيه فانحدرت عليهم صخرة من الجبل فسدت عليهم باب الغار ، ولم يستطيعوا دفعها ، فتذاكروا بينهم في وسيلة الخلاص منها . .
واتفقوا بينهم على أنه لن ينجيهم منها إلا أن يدعوا الله بصالح أعمالهم ، فتوسل أحدهم إلى الله سبحانه في ذلك : ببر والديه .. فانفرجت الصخرة شيئاً لا يستطيعون الخروج منه ..
ثم توسل الثاني بعفته عن الزنا بعد القدرة عليه ، فانفرجت الصخرة بعض الشيء لكنهم لا يستطيعون الخروج من ذلك .. ثم توسل الثالث بأداء الأمانة فانفرجت الصخرة وخرجوا .
وهذا الحديث ثابت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم من أخبار من قبلنا لما فيه من العظة لنا والتذكير .
وقد صرح العلماء - رحمهم الله -
بما ذكرته في هذا الجواب .. كشيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه ابن القيم ، والشيخ العلامة عبد الرحمن بن حسن في فتح المجيد شرح كتاب التوحيد وغيرهم
وأما حديث توسل الأعمى بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته فشفع فيه النبي صلى الله عليه وسلم ودعا له فرد الله عليه بصره .. فهذا توسل بدعاء النبي وشفاعته وليس ذلك بجاهه وحقه كما هو واضح في الحديث .
. وكما يتشفع الناس به يوم القيامة في القضاء بينهم . وكما يتشفع به يوم القيامة أهل الجنة في دخولهم الجنة ، وكل هذا توسل به في حياته الدنيوية والأخروية .
. وهو توسل بدعائه وشفاعته لا بذاته وحقه كما صرح بذلك أهل العلم ، ومنهم من ذكرنا آنفاً .
: كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله - م/7 ، ص/65
*عبدالرحمن*
2019-01-20, 17:07
ضلال من اعتقد أن الكفر لا يكون إلا بالتكذيب
السؤال
القول بأن الكفر لا يكون إلا بالتكذيب ؟
هل هو متفرع عن قول المرجئة ؟.
الجواب
الحمد لله
الكفر أنواع ، والمرجئة وغيرهم من أهل البدع قالوا لا بد أن يكون أصله التكذيب فقط ، ولكن هذا قول مخالف للأدلة وللحق ، ومعلوم أن الرسل أرسلوا بالمعجزات وبالبراهين التي تخضع لها القلوب
والتكذيب من أقل ما يكون في الأمم ، وإنما أكثر الكفر استكبار وجحود وعناد ، وقد ذكر الله عز وجل عن قريش أنهم لا يكذبون النبي صلى الله عليه وسلم ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون وهذا كثير جدا
ولهذا قسم العلماء الكفر إلى أقسام ، كفر إعراض ، وكفر إباء واستكبار، وكفر تكذيب ، وكفر نفاق ، وكفر شك ، والأدلة على ذلك كثيرة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
وقصة أبي طالب مع النبي صلى الله عليه وسلم واضحة وكان يصدقه ، وكان يقول ابننا لا يكذب ، ولا يأتي بالأكاذيب ، ومع ذلك فهو كافر ، لأنه لم يقر بلسانه وينقاد بعمله .
الشيخ عبد الله الغنيمان
*عبدالرحمن*
2019-01-20, 17:09
كفر من يحكّم القوانين الوضعية
السؤال
تارك الحكم بما أنزل الله إذا جعل القضاء عامة بالقوانين الوضعية هل يكفر ؟
وهل يفرق بينه وبين من يقضي بالشرع ثم يحكـم في بعض القضايا بما يخالف الشرع لهوى أو رشوة ونحو ذلك ؟.
الجواب
الحمد لله
أي نعم، التفرقة واجبة، فرق بين من نبذ حكم الله جل وعلا واطرحه واستعاض به حكم القوانين وحكم الرجال,
فإن هذا يكون كفراً مخرجاً من الملة الإسلامية، وأما من كان ملتزماً بالدين الإسلامي إلا أنه عاص ظالم بحيث أنه يتبع هواه في بعض الأحكام ويتبع مصلحة دنيوية مع إقراره
بأنه ظالم في هذا، فإن هذا لا يكون كفراً مخرجاً من الملة.
ومن يرى أن الحكم بالقوانين مثل الحكم في الشرع ويستحله فإنه يكفر أيضاً كفراً مخرجاً من الملة، ولو في قضية واحدة.
الشيخ عبد الله الغنيمان
*عبدالرحمن*
2019-01-20, 17:11
نصراني يستعمل الموقع في أبحاثه
السؤال
بالرغم من أنني نصراني إلا أنني أستخدم موقعك كمصدر للمعلومات عن الإسلام في بعض أبحاثي .
الجواب
الحمد لله
لا زلت في العشرين من العمر ولا زال الوقت متسعا لديك للاطّلاع والتفكير وإعادة النظر
ولا أعتقد أنّ دخولك في الإسلام أمر ميئوس منه ، وأنت تعلم أنّ كثيرا من أعداء الإسلام بل والقساوسة والرهبان كعدي بن حاتم والنجاشي وغيرهم كانوا على الكفر ثمّ هداهم الله
وعلى أية حال مرحبا بك مستفيدا في صفحتنا هذه وإذا كان لديك سؤال جاد فلا مانع عندنا أبدا .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2019-01-20, 17:15
التوسل الشرعي والبدعي
السؤال
أريد أن أسأل عن التوسل فإنني أعرف أن من يطلب التوسل من القبور أو يسأل الميت دعاء لغير الله وغير صحيح.
لكن أحدهم يقول: ما الخطأ في أن أطلب الدعاء من رجل صالح وهو حي؟ وما الخطأ في أن أطلب الدعاء منه وهو ميت؟
فكيف أرد على هذا الأخ؟
وما هو التوسل المباح؟ وما هو التوسل غير المباح؟.
الجواب
الحمد لله
التوسل لغة : هو التقرب ، ومنه قوله تعالى : ( يبتغون إلى ربهم الوسيلة ) أي : ما يقربهم إليه ، وينقسم إلى قسمين توسل مشروع وتوسل ممنوع :
فالتوسل المشروع :
هو التقرب إلى الله تعالى بما يحبه ويرضاه من العبادات الواجبة أو المستحبة سواء كانت أقوالاً أو أفعالاً أو اعتقادات وهذا أنواع :
الأول : التوسل إلى الله بأسمائه وصفاته ، قال تعالى : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون )
فيقدّم العبد بين يدي دعاء الله تعالى الاسم المناسب لمطلوبه كتقدم اسم الرحمن حال طلب الرحمة ، والغفور حال طلب المغفرة ، ونحو ذلك .
الثاني : التوسل إلى الله تعالى بالإيمان والتوحيد ، قال تعالى : ( ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ) .
الثالث : التوسل بالأعمال الصالحة بأن يسأل العبد ربه بأزكى أعماله عنده وأرجاها لديه كالصلاة والصيام وقراءة القرآن ، والعفّة عن المحرّم ونحو ذلك ، ومن ذلك الحديث المتفق
عليه في الصحيحين في قصة الثلاثة نفر الذين دخلوا الغار ، وانطبقت عليهم الصخرة ، فسألوا الله بأرجى أعمالهم ، ومن ذلك أن يتوسّل العبد بفقره إلى الله كما قال الله تعالى عن نبيه أيوب عليه السلام
: ( أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ) أو بظلم العبد نفسه ، وحاجته إلى الله كما قال تعالى عن نبيه يونس عليه السلام : ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) .
وهذا التوسل المشروع يختلف حكمه من نوع إلى آخر ، فمنه ما هو واجب كالتوسل بالأسماء والصفات والتوحيد ، ومنه ما هو مستحب كالتوسل بسائر الأعمال الصالحة .
أما التوسل البدعي الممنوع :
فهو التقرب إلى الله تعالى بما لا يحبه ولا يرضاه من الأقوال والأفعال والاعتقادات ، ومن ذلك : التوسل إلى الله بدعاء الموتى أو الغائبين والاستغاثة بهم ونحو ذلك ، فهذا شرك أكبر مخرج من الملة مناف للتوحيد
فدعاء الله تعالى سواء كان دعاء مسألة كطلب النفع أو دفع الضر ، أو دعاء عبادة كالذل والانكسار بين يديه سبحانه لا يجوز أن يُتوجه به لغير الله ، وصرفه لغيره شرك في الدعاء
قال تعالى : ( وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) ، فبيّن الله تعالى في هذه الآية جزاء من يستكبر عن دعاء الله إما بأن يدعوا غيره أو بأن يترك دعائه جملة وتفصيلاً
كبْراً وعُجْباً وإن لم يدع غيره ، وقال تعالى : ( ادعوا ربكم تضرعاً وخفية ( فأمر الله العباد بدعائه دون غيره ، والله يقول عن أهل النار : ( تالله إن كنا في ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين )
فكل ما اقتضى تسوية غير الله بالله في العبادة والطاعة فهو شرك به سبحانه ، وقال تعالى : ( ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون
وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين ) .
وقال سبحانه : ( ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون ) فجعل الله تعالى من دعا غيره معه متخذاً إلها من دونه ، وقال سبحانه : ( وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13)
إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) فبين الله تعالى في هذه الآية أنه هو المستحق للدعاء لأنه المالك المتصرف لا غيره
وأن تلك المعبودات لا تسمع الدعاء ، فضلاً عن إجابتها للداعي ، ولو قُدِّر أنها سمعت لما استجابت ، لأنها لا تملك نفعا ولا ضرا ، ولا تقدر على شيء من ذلك .
وإنما كفر مشركوا العرب الذين بعث النبي صلى الله عليه وسلم لدعوتهم بسبب هذا الشرك في الدعاء إذ كانوا يدعون الله تعالى مخلصين له الدين في حال الشدة ، ثم يكفرون به في الرخاء
والنعمة بدعوة غيره معه سبحانه قال تعالى : ( فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ) وقال : ( وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم )
وقال جل وعلا : ( حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتهم ريح عاصف وجاءهم الموت من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين ) .
وشرك بعض الناس اليوم قد زاد على شرك السابقين ، وذلك لأنهم يصرفون أنواعاً من العبادة لغير الله كالدعاء والاستغاثة حتى في وقت الشدة ولا حول ولا قوة إلا بالله ، نسأل الله السلامة والعافية .
والخلاصة في الردّ على ما ذكره صاحبك : أنّ سؤال الميت شرك ، وسؤال الحيّ ما لايقدر عليه إلا الله شرك أيضا والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2019-01-20, 17:17
إهداء ثواب العمل إلى من ذبح لغير الله لجهله
السؤال
إن والده يذبح لغير الله فيما قيل له عن ذلك ، ويريد الآن أن يتصدق عنه ويحج عنه ، ويعزو سبب وقوع والده في ذلك إلى عدم وجود علماء ومرشدين وناصحين له ، فما الحكم في ذلك كله ؟.
الجواب
الحمد لله
إذا كان والده معروفاً بالخير والإسلام والصلاح ، فلا يجوز له أن يصدق من ينقل عنه غير ذلك ممن لا تعرف عدالته ، ويسن له : الدعاء والصدقة عنه ، حتى يعلم يقيناً أنه مات على الشرك
وذلك بأن يثبت لديه بشهادة الثقات العدول اثنين أو أكثر أنهم رأوه يذبح لغير الله من أصحاب القبور أو غيرهم ، أو سمعوه يدعو غير الله ، فعند ذلك يمسك عن الدعاء له ، وأمره إلى الله سبحانه وتعالى
لأن النبي صلى الله عليه وسلم استأذن ربه أن يستغفر لأمه فلم يأذن الله له ، مع أنها ماتت في الجاهلية على دين الكفار ، ثم استأذن ربه أن يزورها فأذن له
فدل ذلك على أن من مات على الشرك ولو جاهلاً لا يدعى له ، ولا يستغفر له ، ولا يتصدق عنه ، ولا يحج عنه ، أما من مات في محل لم تبلغه دعوة الله ، فهذا أمره إلى الله سبحانه .
والصحيح من أقوال أهل العلم : أنه يمتحن يوم القيامة فإن أطاع دخل الجنة ، وإن عصى دخل النار ، لأحاديث صحيحة وردت في ذلك .
: كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/8 ص / 341
*عبدالرحمن*
2019-01-20, 17:19
حكم السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم
السؤال
ما حكم السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من قبور الأولياء والصالحين وغيرهم ؟.
لجواب
الحمد لله
لا يجوز السفر بقصد زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم أو قبر غيره من الناس في أصح قولي العلماء ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد
: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى ) متفق عليه .
والمشروع لمن أراد زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وهو بعيد عن المدينة أن يقصد بالسفر زيارة المسجد النبوي فتدخل زيارة القبر الشريف وقبري أبي بكر وعمر والشهداء وأهل البقيع تبعاً لذلك .
وإن نواهما جاز ؛ لأنه يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً ، أما نية القبر بالزيارة فقط فلا تجوز مع شد الرحال ، أما إذا كان قريباً لا يحتاج إلى شد رحال ولا يسمى ذهابه إلى القبر سفراً
فلا حرج في ذلك ، لأن زيارة قبره صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه من دون شد رحال سنة وقربة , وهكذا زيارة قبور الشهداء وأهل البقيع ، وهكذا زيارة قبور المسلمين في كل مكان سنة وقربة
لكن بدون شد الرحال ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة ) أخرجه مسلم في صحيحه .
وكان صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا : ( السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، نسأل الله لنا ولكم العافية ) أخرجه مسلم أيضاً في صحيحه .
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/8ص / 336
*عبدالرحمن*
2019-01-20, 17:21
الاستشفاء بالمياه المعدنية وذبح الخراف عندها
السؤال
توجد في جنوب الأردن المياه المعدنية والتي يطلق عليها بئر سليمان بن داود ، فيقصدها الناس للاستحمام والشفاء ، ويحضرون معهم الذبائح لذبحها حال وصولها
فما حكم ذبح مثل هذه الذبائح ؟.
الجواب
الحمد لله
إذا كان الماء مجرباً معلوماً ، ينتفع به لبعض الأمراض فلا بأس ؛ لأن الله جعل في بعض المياه فائدة لبعض الأمراض ، فإذا عرف ذلك بالتجارب أن هذا الماء ينتفع به من كان به أمراض معينة
كالروماتيزم وغيره فلا بأس في ذلك .
أما الذبائح ففيها تفصيل :
فإن كانت تذبح من أجل حاجتهم وأكلهم ونحو ذلك ، وما يقع لهم من ضيوف فلا بأس بذلك , وإن كانت تذبح لأي شيء آخر كالتقرب إلى الماء أو الجن أو الأنبياء ، أو لشيء من الاعتقادات الفاسدة
فهذا لا يجوز ؛ لأن الله سبحانه يقول مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم : ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له) الأنعام /162-163
ويقول عز وجل : ( إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر ) الكوثر /1-2.
فالذبح لله سبحانه وتعالى والنسك له وحده ، وهكذا سائر العبادات كلها لله وحده ، لا يجوز صرف شيء منها لغير الله لقول الله عز وجل : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ) البينة /5 ، وقوله سبحانه : (
فاعبد الله مخلصاً له الدين ألا لله الدين الخالص ) الزمر /2-3 ، ولما تقدم من الآيات وما جاء في معناها
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لعن الله من ذبح لغير الله ) خرجه مسلم في صحيحه ، من حديث علي رضي الله عنه .
فليس للمرء أن يذبح للجن ولا النجم الفلاني أوالكوكب الفلاني ، أو الماء الفلاني
أوالنبي الفلاني ، لأي شخص ، أو للأصنام ، بل التقرب كله لله سبحانه وتعالى بالذبائح والصلوات ، وسائر العبادات
لقول الله عز وجل : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) الفاتحة/5
ولما سبق من قوله جل وعلا : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ) البينة /5
وقوله سبحانه : ( فاعبد الله مخلصاً له الدين ألا لله الدين الخالص ) الزمر / 2-3 ، وغيرها من الآيات .
والذبح من أهم العبادات ، وأفضل القربات ، فيجب إخلاصه لله وحده ، لما ذكرنا من الآيات ، ولما سبق من قوله صلى الله عليه وسلم : ( لعن الله من ذبح بغير الله ) .
: كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/8ص / 324
*عبدالرحمن*
2019-01-20, 17:26
معنى تنقض عرى الإسلام عروة عروة
السؤال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة ، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها ، فأولهن نقضاً الحكم وآخرهن الصلاة ). ما معنى هذا الحديث ؟
وما المقصود بنقض الحكم ؟.
الجواب
الحمد لله
الحديث المذكور أخرجه الإمام أحمد في مسنده والطبراني في المعجم الكبير وابن حبان في صحيحه بإسناد جيد عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
: ( لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة ، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها ، وأولهن نقضاً الحكم وآخرهن الصلاة ).ا.هـ ومعناه ظاهر وهو أن الإسلام كلما اشتدت غربته كثر المخالفون له والناقضون
لعراه يعني بذلك فرائضه وأوامره ، كما في قوله صلى الله عليه وسلم : ( بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء ) أخرجه مسلم في صحيحه .
ومعنى قوله في الحديث : ( وأوله نقضاً الحكم ) معناه ظاهر وهو عدم الحكم بشرع الله وهذا هو الواقع اليوم في غالب الدول المنتسبة للإسلام . ومعلوم أن الواجب على الجميع هو الحكم بشريعة الله في كل شئ
والحذر من الحكم بالقوانين والأعراف المخالفة للشرع المطهر لقوله سبحانه : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ) النساء/65
وقال سبحانه : ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيراً من الناس لفاسقون أفحكم الجاهلية
يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون ) المائدة/49-50 . و
قال عز وجل : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) المائدة/44 .
( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) المائدة/45 .
( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ) المائدة/47.
وقد أوضح العلماء رحمهم الله أن الواجب على حكام المسلمين أن يحكموا بشريعة الله في جميع شئون المسلمين , وفي كل ما يتنازعون فيه
عملاً بهذه الآيات الكريمات ، وبينوا أن الحاكم بغير ما أنزل الله إذا استحل ذلك كفر كفراً أكبر مخرجاً له من الملة الإسلامية .. أما إذا لم يستحل ذلك وإنما حكم بغير ما أنزل الله لرشوة أو غرض
آخر مع إيمانه بأن ذلك لا يجوز ، وأن الواجب تحكيم شرع الله ، فإنه بذلك يكون كافراً كفراً أصغر ، وظالماً ظلماً أصغر ، وفاسقاً فسقاً أصغر .
فنسأل الله سبحانه أن يوفق حكام المسلمين جميعاً للحكم بشريعته والتحاكم إليها وإلزام شعوبهم بها ، والحذر مما يخالف ذلك
. إنه جواد كريم ، ولا شك أن في تحكيم الشريعة والتحاكم إليها ، والعمل بها صلاح أمر الدنيا والآخرة وعز الدنيا والآخرة والسلامة من مكائد الأعداء
والإعانة على النصر عليهم ، كما قال سبحانه : ( يأيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) محمد/7 ، وقال سبحانه : ( وكان حقاً علينا نصر المؤمنين ) الروم/47،
وقال عز وجل : ( ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ) الحج/40-41
وقال عز وجل : ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ) غافر/51-52 ، والآيات في هذا المعنى كثيرة .
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المذكور ( وآخرهن الصلاة ) فمعناه كثرة التاركين لها والمتخلفين عنها . وهذا هو الواقع اليوم في كثير من البلدان الإسلامية
. فنسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين , وأن يوفقهم للثبات على دينه والاستقامة عليه .
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/9 ص / 205
*عبدالرحمن*
2019-01-20, 17:29
حكم حسينيات الرافضة والذبائح التي تذبح بهذه المناسبة
السؤال
ما حكم حسينيات الرافضة وما يحصل فيها من لطم وخمش للخدود ونوح وشق للجيوب وضرب يصل أحياناً بالسلاسل مع الاستغاثة بالأموات وآل البيت الكرام ؟.
الجواب
الحمد لله
هذا منكر شنيع وبدعة منكرة ، يجب تركه ولا تجوز المشاركة فيه ، ولا يجوز الأكل مما يقدم فيه من الطعام ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم من أهل البيت وغيرهم لم يفعلوه
قد قال صلى الله عليه وسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) متفق على صحته
وقال عليه الصلاة والسلام :
( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) أخرجه مسلم في صحيحه ، وعلقه البخاري رحمه الله في صحيحه جازماً به . والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .
أما الاستغاثة بالأموات وأهل البيت فذلك من الشرك الأكبر بإجماع أهل العلم
لقول الله سبحانه : ( ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون ) المؤمنون /117
وقال عز وجل : ( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً ) الجن/18 ، وقال سبحانه : ( ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم
أعداءً وكانوا بعبادتهم كافرين) / 5 - 6
وقال سبحانه : ( يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم
لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبؤك مثل خبير ) 13-14 ، والآيات في هذا المعنى كثيرة .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الدعاء هو العبادة )
أخرجه أهل السنن الأربع بإسناد صحيح وروى مسلم في صحيحه ، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ( لعن من ذبح لغير الله ) .
فالواجب على جميع الشيعة وعلى غيرهم إخلاص العبادة لله وحده ، والحذر من الاستغاثة بغير الله ، ودعائهم من الأموات والغائبين ، سواء كانوا من أهل البيت أو غيرهم .
كما يجب الحذر من دعاء الجمادات والاستغاثة بها من الأصنام والنجوم وغير ذلك ؛ لما ذكرنا من الأدلة الشرعية .
وقد أجمع العلماء من أهل السنة والجماعة من الصحابة وغيرهم على ذلك .
الثاني : ما حكم الذبائح التي تذبح في ذلك المكان بهذه المناسبة ؟
وكذلك ما حكم ما يوزع من هذه المشروبات في الطرقات وعلى العامة من الناس ؟
والجواب عن هذا السؤال ، هو الجواب عن السؤال الأول ، وهو أنه بدعة منكرة ، ولا تجوز المشاركة فيه , ولا الأكل من هذه الذبائح ، ولا الشرب من هذه المشروبات
وإن كان الذابح ذبحها لغير الله من أهل البيت أو غيرهم فذلك شرك أكبر ؛ لقول الله سبحانه : (
قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) الأنعام / 162-163 ، وقوله سبحانه : ( إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر ) الكوثر /1-2 .
والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .
ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم وسائر المسلمين لكل ما يحبه ويرضاه ، وأن يعيذنا وإياكم وسائر إخواننا من مضلات الفتن ، إنه قريب مجيب .
المصدر: كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/8ص / 320
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2019-01-21, 14:59
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
الانحناء لغير الله حرام
السؤال
هل يجوز الانحناء عند تحية شخص محترم أو كبير أو أحد الوالدين بدلا عن قول "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" ؟.
الجواب
الحمد لله
التحية المعتادة هي قول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقوله تعالى : ( فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة )
وجاءت الأحاديث ببيان هذه التحية . وأما الانحناء فلا يجوز إلا إذا كان المسلّم عليه كبيرا لا يستطيع القيام
أو أحد الوالدين وتكره أنك تقيمه ، وتكلّـفه أن يقوم ليصافحك أو يعانقك ، فإذا انحنيت وقبلت رأسه أو جبينه على وجه الاحترام له ، لحقه عليك لم يكن ذلك انحناءً يُتعبد به
. ولا شك ان الانحناء عبادة لله تعالى كما في الركوع فإذا فُعل ذلك من غير مصافحة أو تقبيل كان ذلك تعظيما لذلك الشخص فيكون شركا .
: الشيخ عبد الله بن جبرين
*عبدالرحمن*
2019-01-21, 15:01
الذي يذبح للجن ليس بمسلم
السؤال
إذا مات إنسان وهو يذبح للجن ، ومصر على ذلك هل يصلى عليه ويدعى له ؟.
الجواب
الحمد لله
لا يجوز أن يصلى عليه ، ولا يغسل ، ولا يكفن ، ولا يعتبر من المسلمين ، ولا يقبر معهم ؛ لأنه مشرك . وهكذا الذي يدعو الجن أو الأولياء أو أهل القبور ، وينذر لهم والعياذ بالله .
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . ص / 149
*عبدالرحمن*
2019-01-21, 15:04
التحاكم إلى محكمة العدل الدولية
السؤال
ما حكم التحاكم إلى محكمة العدل الدولية ؟.
الجواب
الحمد لله
لقد دلت الأدلة الشرعية الصحيحة من الكتاب والسنة على أنه يجب على المسلمين جميعاً أفراداً وجماعات ، أو حكومات ودولاً : التحاكم فيما شجر بينهم من خصومات و نزاعات إلى شرع الله سبحانه
والرضوخ له والتسليم به .
ومن هذه الأدلة الصريحة قوله تعالى : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً) النساء /65
وقوله تعالى : ( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون) المائدة /50
وقوله عز وجل : (يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً )النساء /59
وقوله سبحانه : ( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ) الشورى/10 .
والآيات في هذا المعنى كثيرة .
ومنها يعلم أنه لا يجوز للمسلم التحاكم إلى القوانين الوضعية ، أو الأعراف القبلية المخالفة للشرع .
كما أوجه نصيحتي الخالصة في هذه الكلمة إلى حكام الدول الإسلامية جميعاً بسبب ما وقع ويقع بينهم من النزاعات المتعددة بأن الطريق الوحيد الذي يجب اللجوء إليه لحل النزاعات بين دولهم في الممتلكات
والحقوق والحدود السياسية وغيرها - هو تحكيم شرع الله ، وذلك بتشكيل لجنة أو محكمة شرعية أعضاؤها من علماء الشرع المطهر ممن هم محل رضا الجميع : علماً وفهماً وعدلاً وورعاً
تنظر في حل النزاعات ثم تحكم بما تقتضيه الشريعة الإسلامية ، وليعلموا أن ما يقع من بعضهم من التحاكم إلى محكمة العدل الدولية وأمثالها من الهيئات غير الإسلامية هو تحاكم إلى غير شرع الله
ولا يجوز التقاضي إليها ، أو تحكيمها بين المسلمين ، فليحذروا ذلك وليتقوا الله ويخشوا عقابه الذي توعد به من يعرض عن شرعه ، كما قال تعالى : ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره
يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى ) طه /124 - 126 وقال : ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك
عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيراً من الناس لفاسقون أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون) المائدة /49- 50
والآيات الدالة على هذا المعنى كثيرة
كلها تؤكد أن طاعة الله ورسوله سبب لسعادة الدنيا ونعيم الآخرة ، وأن معصية رسوله ، والإعراض عن ذكر الله ، والتولي عن حكمه سبب لضنك العيش وشقاء الحياة والعذاب في الآخرة .
والله أسأل أن يهدي الجميع إلى الحق ويزقهم الاستقامة ويصلح أحوالهم ويعينهم على كل ما فيه صلاح أمر دينهم ودنياهم ، وأن يمنح الجميع الرضا بحكم الله ورسوله إنه جواد كريم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وآله وصحبه أجمعين .
: كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز ابن باز رحمه الله م/8-ص/5
*عبدالرحمن*
2019-01-21, 15:07
وضع الأمانات عند قبور الأولياء ليحفظوها
السؤال
يضع بعض الناس أماناتهم وحاجاتهم على قبور الصالحين ظنا منهم أنهم يتولون حراستها فلا تسرق ولا تنهب ولا تؤخذ
الجواب
الحمد لله
اعتقاد أن الموتى يقومون بحراسة ما يوضع على قبورهم من الأمانات كفر بواح وشرك في الربوبية يستوجب من مات عليه الخلود في النار ، ووضع الأمانات أو الحاجات الأخرى على القبور للحفظ أو البركة كله لا يجوز .
والله أعلم .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
: فتاوى اللجنة الدائمة 3/68
.
*عبدالرحمن*
2019-01-21, 15:11
الملحد ذو الأعمال الخيرية أسوأ ممن يقتل أمه ويحسن إلى الكلاب
السؤال
لماذا يُعاقب الناس الذين لا يؤمنون بالله ؟
قرأت أن الأعمال الصالحة التي يؤدونها لا تقبل منهم. إذن, إذا عمل الشخص ما في وسعه لمساعدة الناس ولنفع المجتمع, فسيعاقب إذا كان لا يؤمن بالله. لكن ما هو السبب الحقيقي وراء معاقبة شخصٍ خيّرٍ بسبب الإلحاد؟.
الجواب
الحمد لله
فإن من المعلوم بداهة أن الإنسان مخلوق ، ولا بد من أن يكون للمخلوق خالق ، وخالق الإنسان هو الله الذي خلق السموات والأرض ، وخلق كل شيء . ويجب على الإنسان أن يقر بهذه الحقيقة ،
ومعلوم بداهة أن الخالق لهذا الوجود هو الذي يستحق أن يُعبد ، ويُطاع ، ويُخاف ، ويُرجى ، ويُحب فمن لم يعترف بهذه الحقيقة فهو الملحد الجاحد ، الجاهل الفاسد ، العقل المنحط عن منزلة الإنسانية
ومن لم يقم بحق العبودية لله الذي خلق السموات والأرض بل استكبر عن عبادته ، أو عبد معه غيره من المخلوقين فهو مستنكف عن عبادة الله
أو مشرك ، والمستنكف والمشرك كلاهما كافر ، كالملحد الجاحد . ومن كان جاحداًُ للخالق أو مستكبراً عن عبادته ، أو مشركاً به فإنه مستحق لأشد العقوبات لأن جحد الإنسان لخالقه واستكباره عن عبادته
وتسوية غيره به هو أعظم الخطايا البشرية ، وأقبح الاعتقادات ، وأسوء الانحرافات ومن كان كذلك فلا قيمة لأي عمل خيري يعمله
. فمثل هذا الملحد الذي يعمل أعمالا صالحة في نظره ويقدم للمجتمع ما يستطيع من نفع وإحسان مَثل الذي يقتل أباه وأمه ويحسن إلى الكلاب ، أليس معقولا أنه يستحق العقاب ؟ ولا قيمة إلى إحسانه إلى الكلاب
. فأعظم الحقوق حق الله وهو معرفته وعبادته فالمضيّع لهذا الحق العظيم لا ينفعه ما يقوم به من حقوق الناس ، وعلى هذا فالملحد الذي لا يؤمن بالله ، ولا يعبد الله لا يكون خيّراً بما يقدمه من أعمال نافعة للإنسان
ولكن هذا الملحد أو المشرك الذي يحسن إلى الناس خير من ملحد أو مشرك يظلم الناس ، ويسيء إليهم ، ويعتدي على حقوقهم . وقد يثاب على إحسانه برزق في الدنيا من مطعم ومشرب
وليس له في الآخرة من نصيب ، فانظر لنفسك أيها السائل ، وآمن بالله ورسوله ، واتبع هدى الله الذي بعث به رسوله عليه الصلاة والسلام خاتم النبيين لتنجو من عذاب الله واعرف الفرق بين المؤمن ، والملحد
والموحد ، والمشرك ، قال تعالى : ( مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون ) .
الشيخ عبد الرحمن البراك
*عبدالرحمن*
2019-01-21, 15:13
الاستعانة بالجن في معرفة المرض
السؤال
ما حكم الاستعانة بالجان في معرفة العين أو السحر ، وكذلك تصديق الجني المتلبس بالمريض بدعوى السحر والعين والبناء على دعواه ؟.
الجواب
الحمد لله
لا تجوز الاستعانة بالجن في معرفة نوع الإصابة ونوع علاجها
لأن الاستعانة بالجن شرك
قال تعالى : " وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا " الجن : 6
وقال تعالى : " ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم " الأنعام 128
ومعنى استمتاع بعضهم ببعض أن الإنس عظموا الجن وخضعوا لهم واستعاذوا بهم ، والجن خدموهم بما يريدون وأحضروا لهم ما يطلبون
ومن ذلك إخبارهم بنوع المرض وأسبابه مما يطلع عليه الجن دون الإنس ؛ وقد يكذبون فإنهم لا يُؤمَنون ، ولا يجوز تصديقهم .
والله أعلم .
: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
*عبدالرحمن*
2019-01-21, 15:16
حكم الاستعانة والاستغاثة بالجن
السؤال
بعض الناس إذا أراد أن يدعو على شخص قال : ( يا جن خذوه ، يا عفاريت انفروا به ، سبعة أخذوك ، كسروا ظهرك ، امتصوا دمك ) ، فما حكم هذه الأقوال ؟.
الجواب
الحمد لله
هذا شرك ، ومن الاستغاثة بالجن ، ويفعله بعض الناس لما للجن من رهبة في قلوبهم
وخشية من سطوتهم ، ولأن القلوب الفارغة من صدق الإيمان بالله ، وصدق التوكل عليه ، ركنت إلى هذه الأوهام واستغاثت بمخلوقات لا تملك لنفسها نفعا ولا ضرا فضلا عن أن تملكه لغيرها .
ولما سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن هذا الفعل قال : ( هذا أقبح من الشرك بالله سبحانه ، فالواجب تركه ، والحذر من ذلك ، والتواصي بتركه ، والإنكار على من فعله
ومن عرف من الناس بهذه الأعمال الشركية ، لم تجز مناكحته ، ولا أكل ذبيحته
ولا الصلاة عليه ، ولا الصلاة خلفه ، حتى يعلن التوبة إلى الله سبحانه من ذلك ويخلص الدعاء والعبادة لله وحده )
( إقامة البراهين على حكم من استغاث بغير الله ص 30 ) .
أما اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء فقد نصت فتواها على أن ( الاستعانة بالجن واللجوء إليهم في قضاء الحاجات من الإضرار بأحد أو نفعه شرك في العبادة
لأنه نوع من الاستمتاع بالجن بإجابته سؤاله وقضائه حوائجه في نظير استمتاع الجني بتعظيم الإنسي له ولجوئه إليه ، واستعانته به في تحقيق رغبته
قال الله تعالى : " ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس ، وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا
قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم ، وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون " الأنعام : 128 - 129
وقال تعالى : " وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا " الجن : 6
فاستغاثة الإنسي بالجني في إنزال ضرر بغيره واستعانته به في حفظه من شر من يخاف شره كله شرك
ومن كان هذا شأنه فلا صلاة له ولا صيام لقوله تعالى
: " لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين " الزمر : 65 ، ومن عرف عنه ذلك فلا يصلى عليه إذا مات ، ولا تتبع جنازته ، ولا يدفن في مقابر المسلمين )
( فتاوى اللجنة الدائمة 1/ 407-408 )
أما جاهلية الاستغاثة والاستعانة والتوكل فيما بينهم فاسمع إلى كلماتهم الشركية :
أنا بالله وبك ، أنا في حسب الله وحسبك ، ما لي إلا الله وأنت ، أنا عاني الله وعانيك ، أنا متوكل على الله وعليك ، هذا من الله ومنك ، الله لي في السماء وأنت لي في الأرض .. إلخ .
ولا شك أن هذه الألفاظ من الألفاظ الشركية لأنهم جعلوا المخلوق ندا للخالق ، تعالى ربنا عن ذلك .
أما جبريل عليه السلام ومحمد عليه السلام فيدعيان من دون الله بقول الجهلة : يا جبريل اجبرني ، يا محمد اشفع لي !! والله المستعان .
كتيب عادات وألفاظ تخالف دين الله الحق للدكتور محمد بن سعيد القحطاني
*عبدالرحمن*
2019-01-21, 15:18
لست حراً
السؤال
ما حكم قول بعضهم عند مناصحته على معصية : أنا حر في تصرفاتي ؟.
الجواب
الحمد لله
هذا خطأ ، ونقول : لست حراً في معصية الله
بل إنك إذا عصيت ربك فقد خرجت من الرق الذي تدعيه في عبودية الله إلى رق الشيطان والهوى .
فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*عبدالرحمن*
2019-01-21, 15:21
حكم الاستعانة بالقرين في علاج بعض الرقاة
السؤال
يوجد شخص ظاهره الاستقامة ، ويقول إنه يعالج الناس عن طريق القرين ( أي : أن قرينه يسأل قرين المريض ، ويخبره بالمرض ) ، علماً أنه لا يسأل المريض عن اسم أمه ، فما حكم هذا الفعل ؟ وما حكم الذهاب لهؤلاء ؟
الجواب
الحمد لله
كثيرة هي المخالفات الشرعية التي يقع فيها بعض الرقاة ، ولو كانوا من أهل الاستقامة ، فإن الشيطان وجد طريقه في النيل منهم ، وإيقاعهم فيما يحرم من أفعال ، وأقوال .
ومن تلك المخالفات : الاستعانة بالجن ، سواء كانت تلك الاستعانة بالقرين أم بغيره ، فكل ذلك من كيد الشيطان ، وتلبيسه على أولئك الرقاة .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة :
... وفي بعض الحالات المرضية التي يستعصي علاجها عند الأطباء : نقرأ عليهم آيات الرقية ، ولمرات عديدة ، دون ظهور أي تأثير عليهم
فاكتشفنا طريقة لمخاطبة القرين قرينَ الشخص المريض ! ومن خلالها يتم معرفة المرض ، وقد تم علاج حالات كثيرة بهذه الطريقة ، وهي : نطلب من المريض أن يردد : بسم الله أوله وآخره ، مع الشهيق
ثم بعد مدة نكلم القرين ونحاوره .
سؤالي هو : إن معلوماتنا عن القرين قليلة جدا لعدم وجود الأثر الكافي الذي يتحدث عنه
فمثلا : هل هو داخل الجسد أم خارجه ، وما هي مدة بقائه مع المريض ( الإنسان ) ، وهل لكل إنسان قرين واحد أم إنه ممكن أن يتبدل في فترة من الفترات
وهل يبقى ملازم مع الإنسان أم أنه يتركه في أحيان ويعود إليه ؟ وفي مرات عديدة جدّاً يذكر أن عمره ( القرين ) أصغر من عمر المريض .
فرجائي الكبير من سماحة الشيخ الوالد أن يرد على هذه الأسئلة كتابة لينفع الله به المسلمين ، فأفيدونا وأفتونا .
فأجابوا :
" ..... الرقية الشرعية تكون بسورة الفاتحة ، وآية الكرسي ، وسورة الإخلاص ، والمعوذتين ، والآيات القرآنية ، والأدعية النبوية الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولا تجوز الاستعانة بالجن الذي تسمونه " القرين " ، وسؤاله عن نوع مرض المريض ؛ لأن الاستعانة بالجن :
شرك بالله عز وجل ، فالواجب عليكم : التوبة إلى الله من ذلك ، وترك هذه الطريقة ، والاقتصار على الرقية الشرعية ، وفق الله الجميع لما فيه رضاه .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (24/287– 289) .
وسئلوا – أيضاً – عن :
الاستعانة بالجان في معرفة العين ، أو السحر ، وكذلك تصديق الجني المتلبس بالمريض بدعوى السحر والعين ، والبناء على دعواه .
فأجابوا :
" لا تجوز الاستعانة بالجن في معرفة نوع الإصابة ونوع علاجها ؛ لأن الاستعانة بالجن شرك ، قال تعالى : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا )
وقال تعالى : ( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَامَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ )
ومعنى استمتاع بعضهم ببعض : أن الإنس عظموا الجن ، وخضعوا لهم ، واستعاذوا بهم ، والجن خدموهم بما يريدون ، وأحضروا لهم ما يطلبون
من ذلك : إخبارهم بنوع المرض وأسبابه مما يطلع عليه الجن دون الإنس ، وقد يكذبون ، فإنهم لا يؤمنون ولا يجوز تصديقهم .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .
"فتاوى اللجنة الدائمة المجموعة الثانية " (1/92 – 93) .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2019-01-21, 15:39
حكم تخيل المريض للعائن
السؤال
ما مدى صحة تخيل المريض للعائن من جراء القراءة ، أو طلب الراقي من القرين أن يخيل للمريض من أصابه بالعين ؟.
الجواب
الحمد لله
تخيل المريض للعائن أثناء القراءة عليه وأمر القارئ له بذلك هو عمل شيطاني لا يجوز
لأنه استعانة بالشياطين ، فهي التي تتخيل له بصورة الإنسي الذي أصابه
وهذا عمل محرم لأنه استعانة بالشياطين ، ولأنه يسبب العداوة بين الناس ، ويسبب نشر الخوف والرعب بين الناس ، فيدخل في قوله تعالى : " وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا " الجن : 6 .
والله أعلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
*عبدالرحمن*
2019-01-21, 15:42
هل يجوز أن يتعالج عند من يزعم أنه يتعامل مع طبيب من الجن المسلم ؟
السؤال
إذا تعالجت عند رجل عنده أطباء مسلمون من الجن ، فهل يفسد صومي ؟.
الجواب
الحمد لله
أولاً :
لا يجوز الاستعانة بالجن في العلاج أو غيره ، ولا يجوز الذهاب لمن يزعم ذلك .
ولا ينبغي لمسلم أن يغتر بنجاح علاج أحد ورؤية أثر ذلك في الواقع
فها هو الدجال يقول للسماء أمطري فتمطر ، وللأرض أخرجي كنوزك فتخرج ، فهل يغتر المسلم به ويصدقه في دعواه ؟!
فقد يكون فتنة واستدراجاً من الله تعالى لهم ( سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ) .
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله عن حكم استخدام الجن من المسلمين في العلاج إذا لزم الأمر ؟
فأجاب :
" لا ينبغي للمريض استخدام الجن في العلاج ولا يسألهم ، بل يسأل الأطباء المعروفين ، وأما اللجوء إلى الجن فلا ؛ لأنه وسيلة إلى عبادتهم وتصديقهم ؛ لأن في الجن من هو كافر
ومن هو مسلم ، ومن هو مبتدع ، ولا تعرَف أحوالُهم ، فلا ينبغي الاعتماد عليهم ، ولا يسألون ، ولو تمثلوا لك ، بل عليك أن تسأل أهل العلم والطب من الإنس ، وقد ذم الله المشركين
بقوله تعالى : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) الجن/6 ؛ ولأنه وسيلة للاعتقاد فيهم والشرك ، وهو وسيلة لطلب النفع منهم والاستعانة بهم ، وذلك كله من الشرك " انتهى .
" مجلة الدعوة " ( العدد 1602 ، ربيع الأول 1418 هـ ، ص 34 ) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" لا يستعان بالجان ، لا المسلم منهم ولا الذي يقول إنه مسلم ؛ لأنه قد يقول مسلم وهو كذاب من أجل أن يتدخل مع الإنس ، فيُسد هذا الباب من أصله ، ولا يجوز الاستعانة بالجن ولو قالوا إنهم مسلمون ؛ لأن هذا يفتح الباب .
والاستعانة بالغائب لا تجوز سواء كان جنيّاً أو غير جني ، وسواء كان مسلماً أو غير مسلم ، إنما يستعان بالحاضر الذي يقدر على الإعانة ، كما قال تعالى عن موسى
: ( ... فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ... ) القصص/15 ، هذا حاضر ويقدر على الإغاثة فلا مانع من هذا في الأمور العادية " انتهى .
" السحر والشعوذة " ( ص 86 ، 87 ) .
ثانياً :
وأما الصوم فصحيح إن شاء الله ولا يفسد بذلك ، وإن كان ثواب الصيام يقل وقد ينعدم بالكلية بارتكاب المعاصي
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2019-01-22, 17:07
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
هل دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم شرك
السؤال
هل التلفظ بالكلمات الواردة أدناه يعد شركا:
"اللهم صلِّ وسلم على سيدنا محمد قد ضاقت حيلتي يا رسول الله"؟.
الجواب
الحمد لله
نعم هذه الكلمة تعدُّ شركاً ، لأنها استغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم وشكوى الحال إليه . وذلك يتضمن أن الرسول عليه الصلاة والسلام يسمع نداء من يناديه في أي مكان ، ويغيث من يستغيث به
ويفرِّج كربته وهذا ما لا يقدر عليه الرسول عليه الصلاة والسلام ولا في حياته فكيف بعد مماته ، وهو لا يعلم الغيب ، ولا يملك لنفسه ولا لغيره ضرا ولا نفعا .
قال تعالى : ( قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضراً إلاَّ ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير ) ، وقال تعالى : ( وقال ربكم ادعوني استجب لكم )
وقال تعالى : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان ) . فالواجب على العبد أن لا يدعو إلاَّ الله ، ولا يستغيث إلاَّ به
ولا يرجو غيره ، ولا يتوكل إلاَّ عليه فإن الله وحده هو الذي بيده الملك وبيده الخير ، وهو على كل شيء قدير .
وعلم الغيب ، وتفريج الكروب ، وسماع دعاء الداعين وإجابتهم من خصائص الرب سبحانه وتعالى ، فمن جعل شيئاً من ذلك لغيره كان مشركاً شركاً أكبر .
قال تعالى : ( أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أءله مع الله قليلاً ما تذكَّرون )
وقال تعالى : ( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ) . والله هو الذي يغفر الذنوب
ويفرج الكروب ، ويعلم ما في الصدور سبحانه وتعالى ، فيجب على العبد ألا يقصد في حصول هذه المطالب _ من مغفرة الذنوب
وتفريج الكروب ونحو ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله _ ألا يقصد سوى مولاه فإنه ولي ذلك والقادر عليه .
الشيخ عبد الرحمن البراك
*عبدالرحمن*
2019-01-22, 17:09
حكم إتيان المنجمين وتصديقهم
السؤال
هل يجوز الإتيان إلى المنجمين ، وتصديقهم فيما يقولون أم لا ؟
وروى النسائي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا تقبل صلاة من أتاهم وصدقهم ، هل هذا صحيح ، أوضحوا لنا ما جاء فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وما قاله العلماء ؟.
الجواب
الحمد لله
ثبتت أحاديث كثيرة بتحريم ذلك ، منها : عن صفية بنت أبي عبيد عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من أتى عرافا فسأله عن شي
فصدقه لم تقبل صلاته أربعين يوما " رواه مسلم في صحيحه ، وعن قبيصة بن المخارق قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " العيافة ، والطيرة ، والطرق من الجبت "
رواه أبو داود بإسناد حسن ؛ قال أبو داود : والعيافة والخط والطرق : الزجر ، أي زجر الطير ،
وهو أن يتيامن أو يتشاءم بطيرانه ، فإن طار إلى جهة اليمين تيمن ! وإن طار إلى جهة اليسار تشاءم ! قال الجوهري : الجبت كلمة تقع على الصنم ، والكاهن ، والساحر ، والمنجم ، ونحو ذلك .
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر ، زاد ما زاد " رواه أبو داود بإسناد صحيح .
وعن معاوية بن الحكم رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله إني حديث عهد بجاهلية
وقد جاء الله بالإسلام ، وإن منا رجالا يأتون الكهان ؛ قال : لا تأتهم ؛ قلت : ومنا رجال يتطيرون ؛ قال : ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا تصدقهم " رواه مسلم .
وعن أبي مسعود البدري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب ، ومهر البغي ، وحلوان الكاهن . رواه البخاري ومسلم .
وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قال : " سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناس عن الكهان
فقال : ليسوا بشيء . فقالوا : يا رسول الله إنهم يحدثون أحيانا بشيء فيكون حقا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تلك كلمة من الحق يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه ، فيخلطون معها مائة كذبه " . رواه البخاري ومسلم .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
: " من أتى كاهنا فصدقه بما يقول ، أو أتى امرأة في دبرها ، فقد برئ مما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم " رواه أبو داود ...
قال العلماء فيحرم تعاطي هذه الأمور والمشي إليها ، وتصديقهم ، ويحرم بذل الأموال لهم ، ويجب على من ابتلي بشيء من ذلك المبادرة بالتوبة منه . والله أعلم .
فتاوى الإمام النووي 230
*عبدالرحمن*
2019-01-22, 17:12
أنواع التوسل
السؤال
ما هي أنواع التوسل ؟
الجواب
الحمد لله
التوسل والوسيلة يراد به أحد أمور أربعة :
أحدها : لايتم الإيمان إلا به ، وهو التوسل إلى الله بالإيمان به وبرسوله وطاعته وطاعة رسوله ، وهذا هو المراد بقوله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ) سورة المائدة 35 [
ويدخل في هذا ؛ التوسل إلى الله بأسمائه وصفاته والتوسّل إليه بطاعات عملها المتوسّل يسأل الله بها ونحو ذلك]
والثاني : التوسل إلى الله بطلب دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته وطلب المؤمنين بعضهم بعضاً أن يدعو لهم ؛ فهذا تابع للأول ومرغب فيه .
الثالث :التوسل بجاه المخلوق وذواتهم ، مثل قوله : اللهم ! إني أتوجه إليك بجاه نبيك أو نحوه
فهذا قد أجازه بعض العلماء ، ولكنه ضعيف ، والصواب الجزم بتحريمه ؛ لأنه لا يتوسل إلى الله في الدعاء إلا بأسمائه وصفاته .
الرابع : التوسل في عرف كثير من المتأخرين ، وهو دعاء النبي صلى الله عليه وسلم والاستغاثة به
( والاستغاثة بالأموات والأولياء ) ؛ فهذا من الشرك الأكبر؛ لأن الدعاء والاستغاثة فيما لا يقدر عليه إلا الله عبادة ، فتوجيهها لغير الله شرك أكبر
. والله أعلم.
: الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2019-01-22, 17:17
تحريم التصوير واتّخاذ التماثيل وأثر ذلك على العقيدة
السؤال
أجد صعوبة في أن أشرح لأحد أخواني المسلمين هنا أن عمل تمثال غير إسلامي حرام
وقد كانت إجابته أن المرأة التي يراد عمل التمثال لها من أبطال البلد إذ أنها حاربت المسلمين دفاعا عن بلادها، وهي من جداتي في الفترة قبل دخول الإسلام .
هل يمكن للمسلم أن يعبد تمثالا ، أو أن يعمل تمثالا كتذكار لأحد الأبطال ؟ حتى لو كان هذا البطل غير مسلم ؟.
الجواب
الحمد لله
أولاً :
قد يُفهم من السؤال أنّ الإنكار لكون التمثال لكافر ، وأنه إن كان لمسلم فإنه يجوز صنعه ، وهذا خطأ
فتماثيل ذوات الأرواح كلها حرام ، ولا فرق من حيث كونه صنماً في التحريم سواء كان معمولا على صورة شخص مسلم أو كافر ، لكن صُنع تمثالٍ لكافرٍ أشدَّ في الحرمة لما فيه من جمع بين شرَّين
شر صنع التمثال ، وصنع تعظيم هذا الكافر .
وفيما يلي تفصيل لمسألة تحريم الأصنام والتماثيل :
1. إن قضية صنع التماثيل لا تتوقف على كونها قضية فقهية ، بل تتعداها إلى أبواب الاعتقاد، وذلك أن الله تعالى اختص بتصوير خلقه وإبداعهم على أحسن صورة
فكان التصوير مضاهاة لخلق الله تعالى ، وكذا يتعلق الأمر في باب الاعتقاد من حيث اتخاذ هذه الأصنام آلهة تُعبد من دون الله عز وجل .
ومما يدل على أنّ من أفعاله تعالى التصوير ما يلي :
أ. قوله تعالى : هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء ( آل عمران / 6 ) .
وقوله تعالى ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ( الأعراف / 11) .
وقوله تعالى هو الله الذي لا إله إلا هو الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم ( الحشر / 24 ) .
وقوله تعالى : يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم . الذي خلقك فسواك فعدلك . في أي صورة ما شاء ركبك ( الانفطار / 6 - 8 ) .
فهذه الآيات تقرر عقيدة لا شك فيها أن تصوير الخلق هو من قِبل ربهم وخالقهم ومصورهم ، فلا يحل لأحد أن يتعدى على ربه تعالى فيضاهي الله في خلقه وتصويره .
ب. عن عائشة أم المؤمنين أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير فذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات
بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة .
رواه البخاري ( 417 ) ومسلم ( 528 ) .
قال الحافظ ابن حجر :
وفي الحديث دليل على تحريم التصوير . "
فتح الباري " ( 1 / 525 ) .
وقال النووي :
قال أصحابنا وغيرهم من العلماء : تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم ، وهو من الكبائر لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد المذكور في الأحاديث وسواء صنعه بما يمتهن أو بغيره فصنعته حرام
بكل حال لأن فيه مضاهاة لخلق الله تعالى ، وسواء ما كان في ثوب أو بساط أودرهم أو دينار أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرها وأما تصوير صورة الشجر ورحال الإبل وغير ذلك مما ليس فيه صورة
حيوان فليس بحرام هذا حكم نفس التصوير .
" شرح مسلم " ( 14 / 81 ) .
ت. عن سعيد بن أبي الحسن قال كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما إذ أتاه رجل فقال يا أبا عباس إني إنسان إنما معيشتي من صنعة يدي وإني أصنع هذه التصاوير
فقال ابن عباس لا أحدثك إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سمعته يقول من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها أبدا فربا الرجل ربوة شديدة واصفر وجهه
فقال ويحك إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر كل شيء ليس فيه روح .
رواه البخاري ( 2112 ) ومسلم ( 2110 ) .
ث. عن عبد الله بن مسعود قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إن أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة المصورون .
رواه البخاري ( 5606 ) ومسلم ( 2109 ) .
ج. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم .
رواه البخاري ( 5607 ) ومسلم ( 2108 ) .
ح. عن أبي هريرة أنه دخل داراً بالمدينة فرأى أعلاها مصورا يصور قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا حبة وليخلقوا ذرَّة .
رواه البخاري ( 5609 ) ومسلم ( 2111 ) .
*عبدالرحمن*
2019-01-22, 17:18
قال النووي :
وأما قوله تعالى " فليخلقوا ذرة أو حبة أو شعيرة " : فالذرَّة بفتح الذال وتشديد الراء ، ومعناه : فليخلقوا ذرة فيها روح تتصرف بنفسها كهذه الذرة التي هي خلق الله تعالى وكذلك فليخلقوا حبة حنطة أو شعير
أي : ليخلقوا حبة فيها طعم تؤكل وتزرع وتنبت ويوجد فيها ما يوجد في حبة الحنطة والشعير ونحوهما من الحب الذي يخلقه الله تعالى وهذا أمر تعجيز كما سبق . "
شرح مسلم " ( 14 / 90 ) . إذ لا يقدر على إنشاء النبات الحيّ من العدم إلا الله عزّ وجلّ .
خ. عن أبي جحيفة قال : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب وثمن الدم ونهى عن الواشمة والموشومة وآكل الربا وموكله ولعن المصور . رواه البخاري ( 1980 ) .
2. وقد جاءت الشريعة بهدم الأصنام وتحطيمها لا بصنعها وترميمها ، ومما يدل على ذلك :
أ. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وحول الكعبة ثلاث مائة وستون نصبا فجعل يطعنها بعود في يده وجعل يقول جاء الحق وزهق الباطل الآية .
رواه البخاري ( 2346 ) ومسلم ( 1781 ) .
ب. عن أبي الهياج الأسدي قال : قال لي علي بن أبي طالب : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته وفي رواية ( ولا صورة إلا طمستها ) .
رواه مسلم ( 969 ) .
قال ابن القيم :
والتماثيل جمع تمثال وهو الصور الممثلة .
" الفوائد " ( ص 196 ) .
قال شيخ الإسلام :
فأمره بمحو التمثالين الصورة الممثلة على صورة الميت و التمثال الشاخص المشرف فوق قبره فإن الشرك يحصل بهذا و بهذا . "
مجموع الفتاوى " ( 17 / 462 ) .
3. وقد توعد النبي صلى الله عليه وسلم صاحب الصور أن يدخلها في بيته ، ورتب على ذلك آثاماً وحرماناً للخير ، ومما يدل على ذلك :
أ. عن أبي طلحة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة تماثيل " .
رواه البخاري ( 3053 ) ومسلم ( 2106 ) .
ب. عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها أخبرته أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخله فعرفت في وجهه الكراهية فقلت
: يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم ماذا أذنبتُ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما بال هذه النمرقة ؟ قلت : اشتريتها لك لتقعد عليها وتوسدها
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أصحاب هذه الصور يوم القيامة يعذبون فيقال لهم أحيوا ما خلقتم وقال : إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة .
رواه البخاري ( 1999 ) ومسلم ( 2107 ) .
4. واتخاذ الصور وسيلة للوقوع في الشرك ، لأن بداية الوقوع فيه التعظيم لصاحب الصورة ، وخاصة مع قلة العلم أو انعدامه ، ويدل على هذا :
عن ابن عباس رضي الله عنهما : صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد أما ( ود ) كانت لكلب بدومة الجندل وأما ( سواع ) كانت لهذيل وأما ( يغوث ) فكانت لمراد ثم لبني غطيف بالجوف عند سبأ وأما ( يعوق
) فكانت لهمدان وأما ( نسر ) فكانت لحمير لآل ذي الكلاع أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أ
نصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت .
رواه البخاري ( 4636 ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وأيضا فإن اللات كان سبب عبادتها تعظيم قبر رجل صالح كان هناك .
" اقتضاء الصراط المستقيم " ( 2 / 333 ) .
وقال :
وهذه العلة - أي : التعظيم - التي لأجلها نهى الشارع هي التي أوقعت كثيراً من الأمم إما في الشرك الأكبر أو فيما دونه من الشرك .
" الاقتضاء " ( 2 / 334 ) .
وقال ابن القيم رحمه الله في بيان تلاعب الشيطان بالنصارى :
وتلاعب بهم في تصوير الصور في الكنائس وعبادتها فلا تجد كنيسة من كنائسهم تخلو عن صورة مريم والمسيح وجرجس وبطرس وغيرهم من القديسين عندهم والشهداء
وأكثرهم يسجدون للصور ويدعونها من دون الله تعالى حتى لقد كتب بطريق الاسكندرية إلى ملك الروم كتابا يحتج فيه للسجود للصور :
بأن الله تعالى أمر موسى عليه السلام أن يصور في قبة الزمان صورة الساروس وبأن سليمان بن داود لما عمل الهيكل عمل صورة الساروس من ذهب ونصبها داخل الهيكل ثم قال في كتابه :
وإنما مثال هذا مثال الملك يكتب إلى بعض عماله كتابا فيأخذه العامل ويقبله ويضعه على عينيه ويقوم له لا تعظيما للقرطاس والمداد بل تعظيما للملك كذلك السجود للصور تعظيم لاسم ذلك المصور لا للأصباغ والألوان .
وبهذا المثال بعينه عبدت الأصنام . " إغاثة اللهفان " ( 2 / 292 ) .
وقال :
وغالب شرك الأمم كان من جهة الصور والقبور .
" زاد المعاد " ( 3 / 458 ) .
5. فما سبق من الآيات والأحاديث يدل على أن علة تحريم الصور ثلاثة أمور :
الأول : المضاهاة لخلق الله .
والثاني : أنه مشابهة للكفار .
والثالث : أنه وسيلة للتعظيم والوقوع في الشرك .
مما سبق يتبين تحريم عمل التماثيل ، سواء كان ذلك لمسلم أو لكافر ، وأن من فعل ذلك فقد ضاهى الله في خلقه ، واستحق اللعنة ، نسأل الله السلامة والهداية وصلى الله على نبينا محمد .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2019-01-22, 17:22
أمها أتتها بخبر من كاهن بأن زواجها سيكون تعيسا !!
السؤال
ذهبت أمي إلى عراف حديثاً، والتي ينبغي ألا تذهب إليه لأنه حرام وقالت لي إن العراف قال :
أنني ستكون حياتي تعيسة (سيئة) إذا تزوجت وأننا لن نمكث مع بعضنا أكثر من عامين وأعلم أن الله فقط هو الذي يعلم الغيب ولكني أصبحت قلقاً جداً بسبب ما قالته . ما الذي أستطيع أن أفعله لجعل هذا الأمر لا يحدث ؟
أصبحت حقاً في حيرة ولا أعرف ماذا أعتقد .
الجواب
الحمد لله
أولاً : جزاك الله خيراً لاعتقادك أن الله وحده يعلم الغيب ـ وهذا أملنا بك وبكل مسلمة تقية ـ وهذا من ضروريات الإيمان بالله وحده .
ولكن العجب منك بعد هذا الاعتقاد كيف تخافين ممن لا يعلم الغيب .
فعليك أن تطمئني وتتوكلي على الله ، فإنه لن يصيبك إلا ما كتب الله لك .
ثانياً :
أما حكم العرافة وهي الكهانة وادعاء علم الغيب فهي من المهلكات لصاحبها والتي تخرجه من التوحيد والدين .
ثالثاً :
العرافون يتعاملون مع الجن فهم مشعوذون يتعاملون مع الشياطين وهي لا تعينهم إلا بعد أن يبدلوا دينهم ومن يبدل دينه يقتل ، ومن ذهب إليهم مصدقا لهم فقد وقع في الكفر ، فإن لم يصدقهم فلا تقبل له صلاة أربعين ليلة .
أما دليل الأول : فحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : " من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد "
. رواه الترمذي ( 135 ) وأبو داود ( 3904 ) وابن ماجه ( 639 ) وأحمد ( 9252 ) .
والحديث : صححه الحاكم ( 1 / 49 ) ووافقه الذهبي
وقال الحافظ ابن حجر إن له شاهدين عند البزار بأسانيد جيدة .
انظر " الفتح " ( 10 / 217 ) .
ودليل الثاني :عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أتى كاهناً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة " .
رواه مسلم ( 2230 ) .
رابعاً :
أما كيف يأتي الكهنة بالأخبار فبيانه في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله كأنه سلسلة على صفوان ينفذهم ذلك ، حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا : ماذا قال ربكم ؟ قالوا الحقّ وهو العلي الكبير
فيسمعها مسترق السمع ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض - وصفه سفيان - أحد الرواة
- بكفه - فحرفها وبدّد بين أصابعه فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته ثم يلقيها الآخر إلى من تحته حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها وربما ألقاها قبل أن يدركه فيكذب
معها مائة كذبة ، فقال : أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا ، كذا وكذا فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء " .
رواه البخاري ( 4424 ) .
خامساً :
واستماع الشيطان للخبر من كلام الملائكة بعضهم لبعض مما قضاه الله تعالى في السماء هو من علم الشهادة وليس من معرفة الشياطين بالغيب فيكذب مع هذه الكلمة أو الخبر مائة كذبة
كأن يعلم أن فلانة تلد ذكراً فيخبر الناس فيرى الناس صدقه في ذلك فيطمئنون إليه فيكذب
مع الخبر بأنه سيتزوج عام كذا ويموت عام كذا وما أشبه ذلك من التفصيلات فيعظم في نفوس الناس فيتقربوا إليه بالهدايا والأموال فيجعل هذا الكذب صنعة له بعد اطمئنان الناس إليه ويكتسب بالحرام .
سادساً :
ومما يجدر ذكره أنه ليس كل عراف كاهناً فقد يكون رمَّالاً أو قارئ فنجان لأن الكهّان ممن يطّلعون على أخبار الجن وهؤلاء ليسوا منهم وإنما هم مجرّد كذابين ولكنهم في الحكم سواء من جهة ادّعائهم معرفة
علم الغيب وإن كان الكاهن الذي يتعامل مع الشياطين أكفر لأنّه بالإضافة إلى كفره بالكهانة يكفر بتعامله مع الشّياطين التي لا تُعطيه مطلوبه إلا بعد أن يصرف لهم أنواعا من العبادة ويخرج عن دينه .
سابعاً :
يجب عليك أن تنصحي أمك ألا تقرب أولئك الدجالين لكيلا تقع في الإثم أو أن يحبط عملها .
ولا تعزفي عن الزواج فإن الزواج فوائده عظيمة وأمره جليل تدعو إليه الفطرة كما يدعو إليه الدين ولن تكون حياتك تعيسةً بإذن الله بل تفاءلي بأنها ستكون حياة رضية مرضية ونسأل الله أن يجمعك بصاحب علم وصلاح .
ولو حصل أيّ مكروه وتزّوجت بمن شقيت معه فذلك لقدر الله لا لقول الكاهن اللعين ولا لأنه يعلم الغيب ولكن قد يكون ذلك اتفاقاً للاختبار والابتلاء
وعلى أية حال فإنّ في إقدامك على الزواج - إضافة إلى فوائده العظيمة - إرغاما لأنوف الكهنة والدجالين والمصدّقين بأخبارهم ، وفقنا الله وإياك لكل خير وصلى الله على نبينا محمد .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2019-01-22, 17:24
غضب فسب دين وسماء القلم والورقة
السؤال
رجل يكتب على ورقة ، وفي أثناء الكتابة أخطأ في بعض الكلمات فانزعج كثيراً ومن شدة غضبه سب دين وسماء القلم والورقة
فهل يعتبر سب دين القلم أو الورقة أو الحجر أو الشجر أو الكرسي أو الكأس أو ... الخ
من هذه الأشياء هل يعتبر كفراً ؟.
الجواب
الحمد لله
لا شك أن هذا السب حرام
ولو قيل أن القلم والورقة لا يدينان بالدين الذي هو العبادات
لكن معلوم أن الدين واحد
وأن الله تعالى هو الذي سخر هذه الأقلام والأدوات
ويسر استعمالها
فيخاف أن السب يرجع إلى الله تعالى
فعليه التوبة والاستغفار
وعدم العودة إلى مثل هذا .
كتاب اللؤلؤ المكين في فتاوى ابن جبرين ص 34
*عبدالرحمن*
2019-01-22, 17:27
حكم الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم
السؤال
أسمع كثيراً من الناس عندما يرغب تأكيد أمر ما يقول والنبي ، فهل ذلك جائز ؟ .
الجواب
الحمد لله
هذا حلف بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو حرام ، ونوع من الشرك ، فإن الحلف بالشيء تعظيم للمحلوف به ، والمخلوق لا يعظم المخلوق ( تعظيم عبادة )
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ) صحيح ، رواه احمد ( 2/125 ) ، وأبو داود ( 3251 ) ، والترمذي ( 1535 )
وهو يعم الحلف بالأنبياء والملائكة والصالحين وسائر المخلوقات
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت )
رواه البخاري (4860 فتح 8/611 ) ، ( 6107 فتح 10/516 ) ، ومسلم ( 1647 ) وأحمد ( 2/309 ) وأبو داود ( 3247 ) والنسائي ( 3775 ) والترمذي ( 1545 ) ، وابن ماجه ( 2096 )
فأما ما ورد في القرآن من الحلف بالمرسلات والذاريات والنازعات ، والفجر ، والعصر ، والضحى ، ومواقع النجوم الخ فهو من الله تعالى ، ولله أن يقسم من خلقه بما يشاء ، فأما المخلوق فلا يحلف إلا بربه تعالى .
كتاب اللؤلؤ المكين من فتاوى ابن جبرين ص 32
*عبدالرحمن*
2019-01-22, 17:29
حكم سؤال الله بجاه فلان
السؤال
ما حكم قول الإنسان في الدعاء : اللهم إني أسألك بجاه فلان أو بحق فلان . وهل هناك فرق بينها وبين قول الإنسان لصاحب القبر : يا فلان أغثني ؟.
الجواب
الحمد لله
لا يجوز سؤال الله تعالى بجاه فلان أو بحق فلان
ولو بجاه الأنبياء أو المرسلين
أو بحق الأولياء أو الصالحين
فإنه ليس على الله حق لأحد
ولا يجوز السؤال إلا بأسماء الله تعالى وصفاته
كما قال تعالى : " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها " الأعراف 180
فأما إذا قال لصاحب القبر : يا فلان أغثني ، فإنه شرك ظاهر
لأنه دعاء لغير الله
فالسؤال بالجاه وسيلة إلى الشرك
ودعاء المخلوق شرك في العبادة
والله أعلم .
: الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2019-01-22, 17:32
هل تنفع الأعمال الخيرية صاحبها إذا مات كافرا
السؤال
إذا عاش شخص من غير المسلمين حياته مبتعدا عن المعاصي الكبيرة ، عاملا للخير ما استطاع إلى ذلك سبيلا
وكان يعيش حياة طيبة ثم مات على غير الإسلام ، فهل يدخل الجنة بسبب أعمال الخير التي كان يعملها ، أم يدخل النار لأنه لم يسلم (عن علم أو جهل) ولم يقبل بتوحيد الله ؟ أرجو التوضيح .
الجواب
الحمد لله
إذا مات الإنسان على غير الإسلام فإن الجنة عليه حرام لقوله تعالى إنه من يشرك بالله فقد
حرم الله عليه الجنة ومأواه النار المائدة : 72 وأعمال الخير التي يقوم بها الإنسان مع كفره لا تنفعه في الآخرة بشي لقوله تعالى ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين آل عمران : 85
ولقوله تعالى وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا الفرقان :23 ولقوله تعالى والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة حبطت أعمالهم ، هل يجزون إلا ما كانوا يعملون الأعراف : 147
وقد سألت عائشة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم سؤالا يُشبه ما ورد في سؤال السائل فقالت رضي الله عنها : يَا رَسُولَ اللَّهِ
, ابْنُ جُدْعَانَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ وَيُطْعِمُ الْمِسْكِينَ فَهَلْ ذَاكَ نَافِعُهُ ؟ قَالَ لَا يَنْفَعُهُ إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ." رواه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه 214
وأمّا إذا كان الكافر لم يسمع عن الإسلام ولم تصل إليه الدّعوة فإنّ الله تعالى يمتحنه يوم القيامة
( يراجع السؤال القادم )
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-22, 17:34
مصير الكفّار الذين لم يبلغهم الإسلام
السؤال
ما هو مصير الكفار الذين لم يبلغهم الإسلام ؟ .
الجواب
الحمد لله
من عدل الله عزّ وجلّ أنه لا يُعذّب قوما إلا بعد البلاغ وقيام الحجّة عليهم ولا يظلم ربّك أحدا ، قال الله عزّ وجلّ : ( وما كنّا معذّبين حتى نبعث رسولا ) ،
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية :
قوله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" إخبار عن عدله تعالى وأنه لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه بإرسال الرسول إليه كقوله تعالى "كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير
قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير" وكذا قوله "وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها
وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين" .. "
فالذي لم يسمع عن الإسلام ولا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم تبلغه الدّعوة بشكل صحيح فإنّ الله لا يعذّبه على موته على الكفر ، فإن قيل : فما مصيره فالجواب أنّ الله يمتحنه يوم القيامة فإن أطاع دخل الجنّة
وإن عصى دخل النّار والدليل على ذلك حديث الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَرْبَعَةٌ [يحتجون] يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَصَمُّ لا يَسْمَعُ شَيْئًا وَرَجُلٌ أَحْمَقُ وَرَجُلٌ هَرَمٌ وَرَجُلٌ
مَاتَ فِي فَتْرَةٍ فَأَمَّا الأَصَمُّ فَيَقُولُ رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الإِسْلَامُ وَمَا أَسْمَعُ شَيْئًا وَأَمَّا الأَحْمَقُ فَيَقُولُ رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الإِسْلَامُ وَالصِّبْيَانُ يَحْذِفُونِي بِالْبَعْرِ وَأَمَّا الْهَرَمُ فَيَقُولُ رَبِّي لَقَدْ جَاءَ الإِسْلامُ وَمَا أَعْقِلُ شَيْئًا وَأَمَّا الَّذِي
مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ فَيَقُولُ رَبِّ مَا أَتَانِي لَكَ رَسُولٌ فَيَأْخُذُ مَوَاثِيقَهُمْ لَيُطِيعُنَّهُ فَيُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنْ ادْخُلُوا النَّارَ قَالَ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ دَخَلُوهَا لَكَانَتْ عَلَيْهِمْ بَرْدًا وَسَلامًا
وفي رواية : فَمَنْ دَخَلَهَا كَانَتْ عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلامًا وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْهَا يُسْحَبُ إِلَيْهَا الحديث رواه الإمام أحمد وابن حبان وصححه الألباني :
صحيح الجامع 881
فكلّ من وصلته دعوة الإسلام بطريقة سليمة فقد أُقيمت عليه الحجّة ومن مات ولم تصل إليه أو وصلته غير صحيحة فأمره إلى الله ، هو أعلم بخلقه ولا يظلم ربّك أحدا والله بصير بالعباد .
الشيخ محمد صالح المنجد
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2019-01-23, 16:51
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
الشكوى للمخلوق
السؤال
ما حكم الشرع فيمن اشتكى لغير الله بعد شكواه لله عز وجل ، حيث إن نفس الإنسان تضيق به إذا وقع في محنة
فهل يجوز له أن يجد سلوى في عباد الله فيخرج لهم ما يضيق به صدره وربما سألهم النصح والإرشاد ، أم إن ذلك عدم ثقة في إجابة الله عز وجل ؟
الجواب
الحمد لله
إخبار المخلوق بالحال ، عن كانت للاستعانة بإرشاده أو معاونته أو التوصل إلى إزالة الضرر ، لم يقدح ذلك في الصبر ، كإخبار المريض للطبيب بشكايته
وإخبار المظلوم لمن ينتصر به بحاله ، وإخبار المبتلى ببلائه لمن كان يرجو أن يكون فرجه على يديه ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل المريض يسأل عن حاله ويقول : ( كيف تجدك ؟
) رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما ، وقال النووي : إسناده جيد ، وهذا إستخبار منه واستعلام عن حاله ، وانظر عدة الصابرين للإمام ابن القيم ( 323 ) . والله أعلم .
المرجع : كتاب مسائل ورسائل /محمد المحمود النجدي
*عبدالرحمن*
2019-01-23, 16:53
متى تكون طاعة المخلوق شركاً أكبر
السؤال
متى تكون طاعة المخلوق شركاً أكبر ؟
الجواب
الحمد لله
تكون طاعة المخلوق شركاً في حالات ومنها إذا أطاعه في أمر يحلّ به حراماً ، أو يحرم حلالاً ، أو أنّ المخلوق شرع نظاماً ، أوسن قانوناً ، يخالف شرع الله
واعتقد المتّبع أن هذا التشريع أكمل من شرع الله وأصلح ، أو أنه مثل شرع الله أو أنّ شرع الله أفضل ولكن يجوز العمل بهذا الشّرع البشري ، والدليل على ذلك :
قول الله تعالى : ( اتخذوا أحبـارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله )
قال عدي بن حاتم : يا رسول الله لسنا نعبدهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أليس يحلون لكم ما حرّم الله فتحلونه ، ويحرمون ما أحل الله فتحرمونه ؟ )
قال : بلى . قال النبي صلى الله عليه وسلم ( فتلك عبادتهم ) ، فصارت طاعة النصارى لأحبارهم في المعصية واعتقاد التحليل والتحريم لأجل كلامهم عبادة لغير الله
وهو من الشرك الأكبر المنافي للتوحيد ، وأما بالنسبة لسؤالك فإن كان المطيع لوالديه في المعصية يعتقد أنها معصية وإنما يفعل ما يفعل لهوى نفسه أو خوفا من عقاب والديه ولم يصل إلى درجة الإكراه
فهو عاص آثم مخالف لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
" رواه الإمام أحمد 1041 وهو حديث صحيح ، ولكنه لا يكون مشركا شركا أكبر وأما إذا كان الولد يعتقد أنّ كلام والديه يحلّ ما حرّم الله ويحرّم ما أحلّ الله فإنه يكون مشركا شركا أكبر
وينبغي على المسلم أن يجاهد نفسه ليكون هواه موافقا لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وأن يقدّم طاعة الله ورسوله على طاعة كلّ أحد
وأن يكون الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ . "
رواه البخاري 63
والله الهادي إلى سواء السبيل .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2019-09-25, 17:32
و اخيرا ً
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
مع جذء اخر من سلسلة
اصول العقيدة
و اسال الله ان يجمعني بكم
دائما علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
Sadekzaidi
2019-09-27, 06:40
طلب مشاركة
*عبدالرحمن*
2019-09-27, 15:36
طلب مشاركة
السلام عليكم ورحمه الله و بركاتة
يمكنك مشاركة العمل والاجر اخي الفاضل
بنشر كل ما هو مفيد
بارك الله فيك
*عبدالرحمن*
2020-04-16, 04:16
جزاك الله كل خير شكرا لك
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اسعدني حضورك المميز مثلك
في انتظار المزيد من مرورك العطر
بارك الله فيكِ
و جزاكِ الله عني كل خير
*عبدالرحمن*
2020-11-12, 15:45
طلب مشاركة
يمكنك يا اخي المشاركة
بارك الله فيك
mz312002
2021-04-22, 10:17
بارك الله فيك
*عبدالرحمن*
2021-11-19, 17:07
بارك الله فيك
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اسعدني حضورك المميز مثلك
في انتظار المزيد من مرورك العطر
بارك الله فيك
و جزاك الله خيرا
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir