مشاهدة النسخة كاملة : أصول عقيدة أهل السنة والجماعة
*عبدالرحمن*
2018-07-24, 16:49
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d./p_7927bchs1.gif (https://up./)
تقدمت مواضيع
أصول عقيدة أهل السنة والجماعة (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2153427)
الولاء والبراء (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2153762)
الشرك وأنواعه (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2153606)
السياسة الشرعية تعريف وتأصيل (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2155782)
الأنكحة الباطلة (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2156187)
مذاهب و فرق (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2156742)
أديان (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2158431)
مناقب التاريخ الاسلامي (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2159353)
العلم والدعوة (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2160223)
آداب طالب العلم (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2161814)
تربيه النفس (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2162070)
تربية الأولاد (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2162238)
المرأة ومكانتها في المجتمع (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2164903)
التوبة (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2168834)
الطريق إلى الفردوس الأعلى
(https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2183734)
>>>
حقوق الأبناء على الوالدين
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2313955
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d./p_7927bchs1.gif (https://up./)
البناء التربوي السليم لا بد أن يقوم على عقيدة صحيحة تجافي الشرك والجهل والخرافات
لذا فقد كان أول شيء دعا إليه الرسل الكرام هو تصحيح العقيدة التي هي أساس كل شيء
فكان التوحيد الخالص المنزه عن الشركيات والبدعيات هو شعارهم جميعا ,
قال الله تعالى : " لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59) سورة الأعراف
, وقال الله تعالي : " وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (65) سورة الأعراف ,وقال : " وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) سورة الأعراف.
لذا فقد مكث النبي صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة بعد بعثـته ثلاث عشرة سنة يدعو الناس لتصحيح العقيدة وإلى التوحيد، ولم تـنزل عليه الفرائض ولا التشريعات إلا في المدينة.
فالعقيدة ينبني عليها العبادات
والمعاملات وجميع التصرفات
وبدون صحة العقيدة وسلامتها تسقط
الأعمال وتصبح هباءً لا وزن لها ,
قال الله تعالى مخاطباً صفيه محمداً صلى الله عليه وسلم : " وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66) سورة الزمر .
وحينما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل رضي الله عنه أوصاه فقال : " إِنَّكَ سَتَأْتِى قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ في كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ
فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ.
أخرجه أحمد 1/233(2071و"البُخَارِي" 2/130(1395) و"مسلم" 1/38(30) .
فالعقيدة الصحيحة هي التي ترتقي بالإنسان إلى المكان اللائق به
وهي التي تنقذه من رق العبودية لغير الله، وتحرره من استعباد الإنسان، ومن استعباد الخرافة والأهواء
وهي التي تنقذه من المحتالين والمضلين .
والعقيدة الصحيحة تتضمن الإيمان الصحيح بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقضاء والقدر , والبعد عن كل ما ينافي هذه العقيدة ويضادها من الشركيات والبدع والخرافات .
وهذه العقيدة الصحيحة تستمد صحتها وسلامتها من أصلين واضحين هما : كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم , وهما أساسان مهمان للبناء التربوي الدعوي السليم .
التعريف:
أهل السنة والجماعة هم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة الذين أخبر النبي صلى الله عنهم بأنهم يسيرون على طريقته وأصحابه الكرام دون انحراف
فهم أهل الإسلام المتبعون للكتاب والسنة ، المجانبون لطرق أهل الضلال .
عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنهما قَالَ : أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِينَا فَقَالَ : ( أَلَا إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً ، وَإِنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ ، ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ ، وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ )
رواه أبو داود ( 4597 )
والحاكم (443) وصححه
وحسنه ابن حجر في " تخريج الكشاف " ( ص : 63 )
وصححه ابن تيمية في " مجموع الفتاوى " ( 3 / 345 )
والشاطبي في " الاعتصام " ( 1 / 430 )
والعراقي في " تخريج الإحياء " ( 3 / 199 )
وقد ورد عن جماعة من الصحابة بطرق كثيرة .
وورد بلفظ : ( ... وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً ، قَالُوا : وَمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي )
رواه الترمذي ( 2641 )
وحسَّنه ابن العربي في " أحكام القرآن " ( 3 / 432 )
والعراقي في " تخريج الإحياء " ( 3 / 284 )
والألباني في " صحيح الترمذي " .
وقد سموا " أهل السنة "
لاستمساكهم واتباعهم لسنة النبي صلى الله عليه وسلم .
وسموا بالجماعة
لقوله صلى الله عليه وسلم في إحدى روايات الحديث السابق : " هم الجماعة "
. ولأنهم جماعة الإسلام الذي اجتمعوا على الحق ولم يتفرقوا في الدين
وتابعوا منهج أئمة الحق ولم يخرجوا عليه في أي أمر من أمور العقيدة .
وهم أهل الأثر أو أهل الحديث أو الطائفة المنصورة أو الفرقة الناجية
*عبدالرحمن*
2018-07-24, 16:52
أصول عقيدة أهل السنة والجماعة:
• هي أصول الإسلام الذي هو عقيدة بلا فِرَق ولا طرق ولذلك فإن قواعد وأصول أهل السنة الجماعة في مجال التلقي والاستدلال تتمثل في الآتي:
ـ مصدر العقيدة هو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع السلف الصالح.
ـ كل ما ورد في القرآن الكريم هو شرع للمسلمين وكل ما صَحَّ من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجب قبوله وإن كان آحادًا
ـ المرجع في فهم الكتاب والسنة هو النصوص التي تبينها، وفهم السلف الصالح ومن سار على منهجهم.
ـ أصول الدين كلها قد بينها النبي صلى الله عليه وسلم فليس لأحد تحت أي ستار، أن يحدث شيئًا في الدين زاعمًا أنه منه.
ـ التسليم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ظاهرًا وباطنًا فلا يعارض شيء من الكتاب أو السنة الصحيحة بقياس ولا ذوق ولا كشفٍ مزعوم ولا قول شيخ موهوم ولا إمام ولا غير ذلك.
ـ العقل الصريح موافق للنقل الصحيح ولا تعارض قطعيًّا بينهما وعند توهم التعارض يقدم النقل على العقل.
ـ يجب الالتزام بالألفاظ الشرعية في العقيدة وتجنب الألفاظ البدعية.
ـ العصمة ثابتة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، والأمة في مجموعها معصومة من الاجتماع على ضلالة، أما آحادها فلا عصمة لأحد منهم، والمرجع عند الخلاف يكون للكتاب والسنة مع الاعتذار للمخطئ من مجتهدي الأمة.
ـ الرؤيا الصالحة حق وهي جزء من النبوة والفراسة الصادقة حق وهي كرامات ومبشرات ـ بشرط موافقتها للشرع ـ غير أنها ليست مصدرًا للعقيدة ولا للتشريع.
• التوحيد العلمي الاعتقادي:
ـ الأصل في أسماء الله وصفاته: إثبات ما أثبته الله تعالى لنفسه أو أثبته له رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير تمثيل؛ ولا تكييف ؛ ونفي ما نفاه الله تعالى عن نفسه أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل
كما قال تعالى: (ليس كمِثْلِه شيءٌ وهو السميع البصير) مع الإيمان بمعاني ألفاظ النصوص، وما دلّت عليه.
ـ الإيمان بالملائكة الكرام إجمالاً، وأما تفصيلاً، فبما صحّ به الدّليل من أسمائهم وصفاتهم، وأعمالهم بحسب علم المكلف.
ـ الإيمان بالكتب المنزلة جميعها، وأن القرآن الكريم أفضلها، وناسخها، وأن ما قبله طرأ عليه التحريف، وأنه لذلك يجب إتباعه دون ما سبقه.
ـ الإيمان بأنبياء الله، ورسله ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ وأنهم أفضل ممن سواهم من البشر، ومن زعم غير ذلك فقد كفر
ـ الإيمان بانقطاع الوحي بعد محمد صلى الله عليه وسلم وأنه خاتم الأنبياء والمرسلين، ومن اعتقد خلاف ذلك كَفَر.
ـ الإيمان باليوم الآخر، وكل ما صح فيه من الأخبار، وبما يتقدمه من العلامات والأشراط.
ـ الإيمان بالقدر، خيره وشره من الله تعالى، وذلك: بالإيمان بأن الله تعالى علم ما يكون قبل أن يكون وكتب ذلك في اللوح المحفوظ، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فلا يكون إلا ما يشاء، والله تعالى على كل شيء قدير وهو خالق كل شيء، فعال لما يريد.
ـ الإيمان بما صحّ الدليل عليه من الغيبيات، كالعرش والكرسي، والجنة والنار، ونعيم القبر وعذابه، والصراط والميزان، وغيرها دون تأويل شيء من ذلك.
ـ الإيمان بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعة الأنبياء والملائكة، والصالحين، وغيرهم يوم القيامة. كما جاء تفصيله في الأدلة الصحيحة.
ـ رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة في الجنة وفي المحشر حقّ، ومن أنكرها أو أوَّلها فهو زائغ ضال، وهي لن تقع لأحد في الدنيا.
ـ كرامات الأولياء والصالحين حقّ، وليس كلّ أمر خارق للعادة كرامة، بل قد يكون استدراجًا. وقد يكون من تأثير الشياطين والمبطلين، والمعيار في ذلك موافقة الكتاب والسنة، أو عدمها.
ـ المؤمنون كلّهم أولياء الرحمن، وكل مؤمن فيه من الولاية بقدر إيمانه.
ـ المراء في الدين مذموم والمجادلة بالحسنى مشروعة، ولا يجوز الخوض فيما صح النهي عن الخوض فيه.
ـ يجب الالتزام بمنهج الوحي في الرد، ولا ترد البدعة ببدعة ولا يقابل الغلو بالتفريط ولا العكس.
ـ كل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار.
• التوحيد الإرادي الطلبي (توحيد الألوهية).
ـ الله تعالى واحد أحد، لا شريك له في ربوبيته، وألوهيته، وأسمائه، وصفاته وهو رب العالمين، المستحق وحده لجميع أنواع العبادة.
ـ صرف شيء من أنواع العبادة كالدعاء، والاستغاثة، والاستعانة، والنذر، والذبح، والتوكل، والخوف، والرجاء، والحبّ، ونحوها لغير الله تعالى شرك أكبر، أيًّا كان المقصود بذلك، ملكًا مُقرّبًاً، أو نبيًّا مرسلاً، أو عبدًا صالحًا، أو غيرهم.
ـ من أصول العبادة أن الله تعالى يُعبد بالحبّ والخوف والرجاء جميعًا، وعبادته ببعضها دون بعض ضلال.
ـ التسليم والرضا والطاعة المطلقة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم والإيمان بالله تعالى حَكَمًا من الإيمان به ربًّا وإلهًا، فلا شريك له في حكمه وأمره .
وتشريع ما لم يأذن به الله، والتحاكم إلى الطاغوت ، واتباع غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم وتبديل شيء منها كفر، و من زعم أن أحدًا يسعه الخروج عنها فقد كفر.
ـ الحكم بغير ما أنزل الله كفر أكبر، وقد يكون كفرًا دون كفر.
فالأول كتجويز الحكم بغير شرع الله ، أو تفضيله على حكم الله ، أو مساواته به ، أو إحلال ( القوانين الوضعية ) بدلا عنه .
والثاني العدول عن شرع الله، في واقعة معينة لهوى مع الالتزام بشرع الله.
ـ تقسيم الدين إلى حقيقة يتميز بها الخاصة وشريعة تلزم العامة دون الخاصة، وفصل السياسة أو غيرها عن الدين باطل؛ بل كل ما خالف الشريعة من حقيقة أو سياسة أو غيرها، فهو إما كفر ، وإما ضلال، بحسب درجته.
ـ لا يعلم الغيب إلا الله وحده، واعتقاد أنّ أحدًا غير الله يعلم الغيب كُفر، مع الإيمان بأن الله يُطْلع بعض رسله على شيء من الغيب.
ـ اعتقاد صدق المنجمين والكهان كفر، وإتيانهم والذهاب إليهم كبيرة
ـ الوسيلة المأمور بها في القرآن هي ما يُقرّب إلى الله تعالى من الطاعات المشروعة.
*عبدالرحمن*
2018-07-24, 16:56
ـ والتوسل ثلاثة أنواع:
1 ـ مشروع: وهو التوسل إلى الله تعالى، بأسمائه وصفاته، أو بعمل صالح من المتوسل، أو بدعاء الحي الصالح.
2 ـ بدعي: وهو التوسل إلى الله تعالى بما لم يرد في الشرع، كالتوسل بذوات الأنبياء، والصالحين، أو جاههم، أو حقهم، أو حرمتهم، ونحو ذلك.
3 ـ شركي: وهو اتخاذ الأموات وسائط في العبادة، ودعاؤهم وطلب الحوائج منهم والاستعانة بهم ونحو ذلك.
ـ البركة من الله تعالى، يَخْتَصُّ بعض خلقه بما يشاء منها، فلا تثبت في شيء إلا بدليل. وهي تعني كثرة الخير وزيادته، أو ثبوته لزومه.
والتبرك من الأمور التوقيفية، فلا يجوز التبرك إلا بما ورد به الدليل.
أفعال الناس عند القبور وزيارتها ثلاثة أنواع:
1 ـ مشروع: وهو زيارة القبور؛ لتذكّر الآخرة، وللسلام على أهلها، والدعاء لهم.
2 ـ بدعي يُنافي كمال التوحيد، وهو وسيلة من وسائل الشرك، وهو قصد عبادة الله تعالى والتقرب إليه عند القبور، أو قصد التبرك بها، أو إهداء الثواب عندها، والبناء عليها، وتجصيصها وإسراجها، واتخاذها مساجد، وشدّ الرّحال إليها، ونحو ذلك مما ثبت النهي عنه، أو مما لا أصل له في الشرع.
3 ـ شركيّ ينافي التوحيد، وهو صرف شيء من أنواع العبادة لصاحب القبر، كدعائه من دون الله، والاستعانة والاستغاثة به، والطواف، والذبح، والنذر له، ونحو ذلك.
ـ الوسائل لها حكم المقاصد، وكل ذريعة إلى الشرك في عبادة الله أو الابتداع في الدين يجب سدّها، فإن كل محدثة في الدين بدعة. وكل بدعة ضلالة.
الإيمان:
ـ الإيمان قول، وعمل، يزيد، وينقص، فهو: قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح. فقول القلب: اعتقاده وتصديقه، وقول اللسان: إقراره. وعمل القلب: تسليمه وإخلاصه، وإذعانه، وحبه وإرادته للأعمال الصالحة.
وعمل الجوارح: فعل المأمورات، وترك المنهيات.
- فالمؤمنون الذين يموتون على الإيمـان إذا كانوا قد ارتكبوا في حياتهم معصيةً دون الكفر والشرك المخرج من الملة ، لهم حالتان:
الأولى : أن يكونوا قد تابوا من المعصية في حياتهم ، فإن تابوا منها توبة نصوحاً قبلها الله منهم . فيعودون كمن لا ذنب له، ولا يعاقبون على معصيتهم في الآخرة ، بل ربما أكرمهم ربهم فبدل سيئاتهم حسنات .
الثانية : الذين يموتون و لم يتوبوا من المعاصي أو كانت توبتهم ناقصة لم تستوف الشروط، أو لم تقبل توبتهم فيها، فإن الذي أثبتته الآيات القرآنية والسنن النبوية واتفق عليه السلف الصالح أن هؤلاء ـ العصاة من أهل التوحيد ـ على ثلاثة أقسام :
القسم الأول : قوم تكون لهم حسنات كثيرة تزيد وترجح على هذه السيئات، فهؤلاء يتجاوز الله عنهم ، ويسامحهم في سيئاتهم ، ويدخلهم الجنة ، ولا تمسهم النار أبداً إحساناً من الله وفضلاً وإنعاماً. كما جـاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال :"إن الله سبحانه وتعالى يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره فيقول: أتعرف ذنب كذا، أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم، أي رب، حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه هلك قال: سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، فيُعطى كتاب حسناته، وأما الكفار والمنافقون فيقول الأشهاد: هؤلاء الذين كذبوا ربهم ألا لعنة الله على الظالمين" رواه البخاري (2441) ومسلم (2768) .
وقال تعالى: { فمن ثقلت موازينه فأولئك المفلحون} الأعراف/8 .
وقال سبحانه : {فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية * وأما من خفت موازينه فأمه هاوية } القارعة/:6-7 .
القسم الثاني : قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم فقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة وتجاوزت بهم حسناتهم عن النار ، وهؤلاء هم أصحاب الأعراف الذين ذكر الله تعالى أنهم يوقفون بين الجنة والنار ما شاء الله أن يوقفوا ثم يؤذن لهم في دخول الجنة
كما قال تعالى بعد أن أخبر بدخول أهل الجنةِ الجنةَ وأهل النارِ النارَ
فقال سبحانه : ( وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلّاً بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ . وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين َ)
إلى قوله : ( أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) الأعراف/46-49
القسم الثالث : قوم لقوا الله تعالى مصرين على الكبائر والإثم والفواحش فزادت سيئاتهم على حسناتهم فهؤلاء هم الذين يستحقون دخول النار بقدر ذنوبهم فمنهم من تأخذه إلى كعبيه ومنهم من تأخذه إلى أنصاف ساقيه ، ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه حتى أن منهم من لا يحرم على النار منه إلا أثر السجود
وهؤلاء هم الذين يأذن الله في خروجهم من النار بالشفاعة فيشفع فيهم النبي صلى الله عليه وسلم ،و سائر الأنبياء ، والملائكة والمؤمنون ومن شاء الله أن يكرمه. فمن كان من هؤلاء العصاة أعظم إيمانا و أخف ذنبا كان أخف عذاباَ وأقل مكثا فيها وأسرع خروجا منها ، وكل من كان أعظم ذنباً وأضعف إيماناً كان أعظم عذاباً و أكثر مكثاً نسأل الله السلامة والعافية من كل سوء .
فهذه حال عصاة المؤمنين في الآخرة .
وأما في الدنيا فهم ما داموا لم يرتكبوا عملاً يخرجهم من الملة فهم مؤمنون ناقصوا الإيمان كما أجمع على ذلك السلف الصالح مستدلين بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية ؛ فمن تلك الآيات :
قوله تعالى في آية القصاص فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف ) البقرة/178 فجعل الله القاتل أخاً لأولياء المقتول وهذه الأخوَّة هي أخوة الإيمان فدل ذلك على أن القاتل لم يكفر مع أن قتل المؤمن كبيرة من أكبر الكبائر .
وقوله جل شأنه : ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ .
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) الحجرات/9 :10
فسمى الله الطائفتين المقتتلتين مؤمنين مع أن الاقتتال من كبائر الذنوب ، بل وجعل المصلحين بينهم أخوة لهم ؛ فدل هذا على أن مرتكب المعصية والكبيرة التي لا تصل إلى حد الشرك والكفر ؛ يثبت له اسم الإيمان وأحكامه . لكنه يكون ناقص الإيمان .
وبهذا تجتمع النصوص الشرعية وتأتلف .والله أعلم .
ـ لا يجوز القطع لمعيَّن من أهل القبلة بالجنة أو النار إلا من ثبت النص في حقه.
ـ الكفر من الألفاظ الشرعية وهو قسمان: أكبر مخرج من الملة، وأصغر غير مخرج من الملة ويسمى أحيانًا بالكفر العملي.
ـ التكفيرمن الأحكام الشرعية التي مردها إلى الكتاب والسنة، فلا يجوز تكفير مسلم بقول أو فعل ما لم يدل دليل شرعي على ذلك، ولا يلزم من إطلاق حكم الكفر على قول أو فعل ثبوت موجبه في حق المعيَّن إلا إذا تحققت الشروط وانتفت الموانع. والتكفير من أخطر الأحكام فيجب التثبت والحذر من تكفير المسلم ، ومراجعة العلماء الثقات في ذلك .
القرآن والكلام:
القرآن كلام الله (حروفه ومعانيه) مُنزل غير مخلوق؛ منه بدأ؛ وإليه يعود، وهو معجز دال على صدق من جاء به صلى الله عليه وسلم. ومحفوظ إلى يوم القيامة.
القدر:
من أركان الإيمان، الإيمان بالقدر خيره وشره، من الله تعالى، ويشمل:
ـ الإيمان بكل نصوص القدر ومراتبه؛ (العلم، الكتابة، المشيئة، الخلق)، وأنه تعالى لا رادّ لقضائه، ولا مُعقّب لحكمه.
ـ هداية العباد وإضلالهم بيد الله، فمنهم من هداه الله فضلاً. ومنهم من حقت عليه الضلالة عدلاً.
ـ العباد وأفعالهم من مخلوقات الله تعالى، الذي لا خالق سواه، فالله خالقٌ لأفعال العباد، وهم فاعلون لها على الحقيقة.
ـ إثبات الحكمة في أفعال الله تعالى، وإثبات الأسباب بمشيئة الله تعالى.
الجماعة والإمامة:
ـ الجماعة هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعون لهم بإحسان، المتمسكون بآثارهم إلى يوم القيامة، وهم الفرقة الناجية.
ـ وكل من التزم بمنهجهم فهو من الجماعة، وإن أخطأ في بعض الجزئيات.
ـ لا يجوز التفرّق في الدين ولا الفتنة بين المسلمين، ويجب ردّ ما اختلف فيه المسلمون إلى كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه السلف الصالح.
ـ من خرج عن الجماعة وجب نصحه، ودعوته، ومجادلته بالتي هي أحسن، وإقامة الحجة عليه، فإن تاب وإلا عوقب بما يستحق شرعًا.
ـ إنما يجب حمل الناس على الجُمَل الثابتة بالكتاب، والسنة، والإجماع ولا يجوز امتحان عامة المسلمين بالأمور الدقيقة، والمعاني العميقة.
ـ الأصل في جميع المسلمين سلامة القصد المعتقد، حتى يظهر خلاف ذلك، والأصل حمل كلامهم على المحمل الحسن، ومن ظهر عناده وسوء قصده فلا يجوز تكلّف التأويلات له.
ـ الإمامة الكبرى تثبت بإجماع الأمة، أو بيعة ذوي الحل والعقد منهم، ومن تغلّب حتى اجتمعت عليه الكلمة وجبت طاعته بالمعروف، ومناصحته، وحرم الخروج عليه إلا إذا ظهر منه كفر بواح فيه من الله برهان.وكانت عند الخارجين القدرة على ذلك .
ـ يحرم القتال بين المسلمين على الدنيا، أو الحمية الجاهلية وهو من أكبر الكبائر وإنما يجوز قتال أهل البدعة والبغي، وأشباههم، إذا لم يمكن دفعهم بأقل من ذلك، وقد يجب بحسب المصلحة والحال.
ـ الصحابة الكرام كلهم عدول، وهم أفضل هذه الأمة، والشهادة لهم بالإيمان والفضل أصل قطعي معلوم من الدين بالضرورة، ومحبّتهم دين وإيمان، وبغضهم كفر ونفاق
وأفضلهم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، وهم الخلفاء الراشدون. وتثبت خلافة كل منهم حسب ترتبيهم.
ـ من الدين محبة آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتولّيهم، وتعظيم قدر أزواجه ـ أمهات المؤمنين، ومعرفة فضلهن، ومحبة أئمة السلف، وعلماء السنة والتابعين لهم بإحسان ومجانبة أهل البدع والأهواء.
ـ الجهاد في سبيل الله ذورة سنامِ الإسلام، وهو ماضٍ إلى قيام الساعة.
ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم شعائر الإسلام. وأسباب حفظ جماعته، وهما يجبان بحسب الطاقة، والمصلحة معتبرة في ذلك.
*عبدالرحمن*
2018-07-24, 16:59
أهم خصائص وسمات منهج أهل السنة والجماعة
• لهم منهجًا اعتقاديًّا فإن لهم أيضًا منهجهم وطريقهم الشامل الذي ينتظم فيه كل أمر يحتاجه كل مسلم لأن منهجهم هو الإسلام الشامل الذي شرعه النبي صلى الله عليه وسلم. وهم على تفاوت فيما بينهم، لهم خصائص وسمات تميزهم عن غيرهم منها:
ـ الاهتمام بكتاب الله: حفظًا وتلاوة، وتفسيرًا، والاهتمام بالحديث: معرفة وفهمًا وتمييزًا لصحيحه من سقيمه، (لأنهما مصدرا التلقي)، مع إتباع العلم بالعمل.
ـ الدخول في الدّين كله، والإيمان بالكتاب كله، فيؤمنون بنصوص الوعد، ونصوص الوعيد، وبنصوص الإثبات، ونصوص التنزيه ويجمعون بين الإيمان بقدر الله، وإثبات إرادة العبد، ومشيئته، وفعله، كما يجمعون بين العلم والعبادة، وبين القُوّة والرحمة، وبين العمل مع الأخذ بالأسباب وبين الزهد.
ـ الإتباع، وترك الابتداع، والاجتماع ونبذ الفرقة والاختلاف في الدين.
ـ الإقتداء والاهتداء بأئمة الهدى العدول، المقتدى بهم في العلم والعمل والدعوة من الصحابة ومن سار على نهجهم، ومجانبة من خالف سبيلهم.
ـ التوسط: فَهُمْ في الاعتقاد وسط بين فرق الغلو وفرق التفريط، وهم في الأعمال والسلوك وسط بين المُفرطين والمفرِطين.
ـ الحرص على جمع كلمة المسلمين على الحقّ وتوحيد صفوفهم على التوحيد والإتباع، وإبعاد كل أسباب النزاع والخلاف بينهم.
ـ ومن هنا لا يتميزون عن الأمة في أصول الدين باسم سوى السنة والجماعة، ولا يوالون ولا يعادون، على رابطة سوى الإسلام والسنة.
ـ يقومون بالدعوة إلى الله الشاملة لكل شيء في العقائد والعبادات وفي السلوك والأخلاق وفي كل أمور الحياة وبيان ما يحتاجه كل مسلم كما أنهم يحذرون من النظرة التجزيئية للدين فينصرون الواجبات والسنن كما ينصرون أمور العقائد والأمور الفرعية ويعلمون أن وسائل الدعوة متجددة فيستفيدون من كل ما جد وظهر ما دام مشروعًا.
والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر بما يوجبه الشرع، والجهاد وإحياء السنة، والعمل لتجديد الدين وإقامة شرع الله وحكمه في كل صغيرة وكبيرة ويحذرون من التحاكم إلى الطاغوت أو إلى غير ما أنزل الله.
ـ الإنصاف والعدل: فهم يراعون حق الله ـ تعالى ـ لا حقّ النفس أو الطائفة، ولهذا لا يغلون في مُوالٍ، ولا يجورون على معاد، ولا يغمطون ذا فضل فضله أيًّا كان، ومع ذلك فهم لا يقدسون الأئمة والرجال على أنهم معصومون وقاعدتهم في ذلك: كلٌ يؤخذ من قوله ويرد إلا النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه لا عصمة إلا للوحي وإجماع السلف.
ـ يقبلون فيما بينهم تعدد الاجتهادات في بعض المسائل التي نقل عن السلف الصالح النزاع فيها دون أن يُضلل المخالف في هذه المسائل فهم عالمون بآداب الخلاف التي أرشدهم إليها ربهم جلّ وعلا ونبيهم صلى الله عليه وسلم.
ـ يعتنون بالمصالح والمفاسد ويراعونها، ويعلمون أن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتعطيل المفاسد وتقليلها، حيث درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
ـ أن لهم موقفًا من الفتن عامة: ففي الابتلاء يقومون بما أوجب الله تعالى تجاه هذا الابتلاء.
ـ وفي فتنة الكفر يحاربون الكفر ووسائله الموصلة إليه بالحجة والبيان والسيف والسنان بحسب الحاجة والاستطاعة.
ـ وفي الفتنة يرون أن السلامة لا يعدلها شيء والقعود أسلم إلا إذا تبين لهم الحق وظهر بالأدلة الشرعية فإنهم ينصرونه ويعينونه بما استطاعوا.
ـ يرون أن أصحاب البدع متفاوتون قربًا وبعدًا عن السنة فيعامل كل بما يستحق ومن هنا انقسمت البدع إلى: بدع لا خلاف في عدم تكفير أصحابها مثل المرجئة والشيعة المفضلة، وبدع هناك خلاف في تكفير أو عدم تكفير أصحابها مثل الخوارج والروافض وبدع لا خلاف في تكفير أصحابها بإطلاق مثل الجهمية المحضة.
ـ يفرقون بين الحكم المطلق على أصحاب البدع عامة بالمعصية أو الفسق أو الكفر وبين الحكم على المعين حتى يبين له مجانبة قوله للسنة وذلك بإقامة الحجة وإزالة الشبهة.
ـ ولا يجوزون تكفير أو تفسيق أو حتى تأثيم علماء المسلمين لاجتهاد خاطئ أو تأويل بعيد خاصة في المسائل المختلف فيها.
ـ يفرقون في المعاملة بين المستتر ببدعته والمظهر لها والداعي إليها.
ـ يفرقون بين المبتدعة من أهل القبلة مهما كان حجم بدعتهم وبين من عُلم كفره بالاضطرار من دين الإسلام كالمشركين وأهل الكتاب وهذا في الحكم الظاهر على العموم مع علمهم أن كثيرًا من أهل البدع منافقون وزنادقةفي الباطن.
ـ يقومون بالواجب تجاه أهل البدع ببيان حالهم، والتحذير منهم وإظهار السنة وتعريف المسلمين بها وقمع البدع بما يوجبه الشرع من ضوابط.
ـ يصلون الجمع والجماعات والأعياد خلف الإمام مستور الحال ما لم يظهر منه بدعة أو فجور فلا يردون بدعة ببدعة.
ـ لا يُجٍوزون الصلاة خلف من يظهر البدعة أو الفجور مع إمكانها خلف غيره، وإن وقعت صحت، ويُؤَثِّمون فاعلها إلا إذا قُصد دفع مفسدة أعظم، فإن لم يوجد إلا مثله، أو شرّ منه جازت خلفه، ولا يجوز تركها، ومن حُكِمَ بكفره فلا تصح الصلاة خلفه.
ـ فِرقُ أهل القبلة الخارجة عن السنة متوعدون بالهلاك والنار، وحكمهم حكم عامة أهل الوعيد، إلا من كان منهم كافرًا في الباطن.
ـ والفرق الخارجة عن الإسلام كُفّار في الجملة، وحكمهم حكم المرتدين.
• ولأهل السنة والجماعة أيضًا منهج شامل في تزكية النفوس وتهذيبها، وإصلاح القلوب وتطهيرها، لأن القلب عليه مدار إصلاح الجسد كله وذلك بأمور منها:
ـ إخلاص التوحيد لله تعالى والبعد عن الشرك والبدعة مما ينقص الإيمان أو ينقصه من أصله.
ـ التعرف على الله جل وعلا بفهم أسمائه الحسنى وصفاته العلى ومدارستها وتفهم معانيها والعمل بمقتضياتها؛ لأنها تورث النفس الحب والخضوع والتعظيم والخشية والإنابة والإجلال لله تعالى .
ـ طاعة الله ورسوله بأداء الفرائض والنوافل كاملة مع العناية بالذكر وتلاوة القرآن الكريم والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والصيام وإيتاء الزكاة وأداء الحج والعمرة وغير ذلك مما شرع الله تعالى.
ـ اجتناب المحرمات والشبهات مع البعد عن المكروهات.
ـ البعد عن رهبانية النصرانية والبعد عن تحريم الطيبات
ـ يسيرون إلى الله تعالى بين الخوف والرجاء ويعبدونه تعالى بالحب والخوف والرجاء.
• ومن أهم سماتهم: التوافق في الأفهام، والتشابه في المواقف، رغم تباعد الأقطار والأعصار، وهذا من ثمرات وحدة المصدر والتلقي.
ـ الإحسان والرّحمة وحسن الخُلق مع الناس كافةً فهم يأتمون بالكتاب والسنة بفهم السلف الصالح في علاقاتهم مع بعضهم أو مع غيرهم.
ـ النصيحة لله ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم.
ـ الاهتمام بأمور المسلمين ونصرتهم، وأداء حقوقهم، وكفّ الأذى عنهم.
ـ موالاة المؤمن لإيمانه بقدر ما عنده من إيمان ومعاداة الكافر لكفره ولو كان أقرب قريب.
*عبدالرحمن*
2018-07-24, 17:03
إعداد الندوة العالمية للشباب الإسلامي
.......
مراجع للتوسع:
ـ الإيمان ـ لأبي عبيد القاسم بن سلاّم.
ـ الإيمان ـ لابن منده.
ـ الإبانة ـ لابن بطة.
ـ شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ـ أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي.
ـ عقيدة أصحاب الحديث ـ الإمام أبو عثمان الصابوني.
ـ الإبانة ـ لأبي الحسن الأشعري.
ـ التوحيد وصفات الرب ـ لابن خزيمة.
ـ شرح العقيدة الطحاوية ـ لابن أبي العز الحنفي.
ـ منهاج السنة النبوية في الرد على الشيعة والقدرية ـ ابن تيمية.
ـ درء تعارض العقل والنقل ـ ابن تيمية.
ـ طريق الهجرتين ـ ابن قيم الجوزية.
ـ مجموع الفتاوى ـ لابن تيمية.
ـ كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد ـ محمد بن عبد الوهاب.
ـ معارج القبول شرح سلم الوصول ـ حافظ أحد الحكمي.
ـ مجمل أصول أهل السنة والجماعة في العقيدة ـ د. ناصر بن عبد الكريم العقل.
ـ منهج الاستدلال عند أهل السنة والجماعة ـ عثمان علي حسن.
ـ أهل السنة والجماعة معالم الانطلاقة الكبرى ـ محمد عبد الهادي المصري.
ـ نواقض الإيمان القولية والعملية ـ د. عبد العزيز العبد اللطيف.
ـ منهج أهل السنة في تقويم الرجال ـ أحمد الصويان.
ـ مفهوم أهل السنة عند أهل السنة ـ د. ناصر بن عبد الكريم العقل.
ـ الأصول العلمية للدعوة السلفية ـ عبد الرحمن عبد الخالق.
ـ الزهاد الأوائل ـ د. مصطفى حلمي.
ـ معالم السلوك في تزكية النفوس عند أهل السنة والجماعة ـ د. عبد العزيز العبد اللطيف.
ـ قواعد المنهج السلفي ـ د. مصطفى حلمي.
ـ السلفية بين الفلسفة الإسلامية والفلسفة الغربية ـ د. مصطفى حلمي.
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-07-25, 04:20
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
لماذا كان الإيجاد من العدم نعمة؟
السؤال
: لفت انتباهي دعاء تكرر في قناة للقرآن الكريم بين الأذان والإقامة يقول فيه حمدًا لله عز وجل : "الحمد لله أن أوجدتنا من العدم " ، وحقيقة أنا أتعجب لم تعتبر هذه نعمة
وكل ما رزقنا الله عز وجل نِعَم ، لكن أليس في عدم إيجادي من الأصل نعمة ، وهي كفايتي من التردد بين الذنوب والتوبة ، وخشية التقصير في جنب الله ، وهو واقع لا محاله ، وبين رأي الشرع في ما فعلت يوم كذا وكذا ، وخشيتي من أن يختم الله لي بالسوء ؛ فأكون من أهل النار بدل أن أكون من أهل الجنة برحمة الله لي إلى أخره
لو لم يوجدني الله لما كنت لأدرك النعمة ولا النقمة ، ولا لأتساءل طوال الوقت ، هل أستحق في هذا الموقف رحمة الله ، وأنه سبحانه وفقني لما يحب ويرضى أم لا
وهل هذه نعمة أم فتنة ، وهل هذا استدراج من الله أم ابتلاء ورحمة. سؤالي هذا ليس من الجانب العقدي ، فأنا على يقين بأن الله لا يُسأل عما يفعل سبحانه ، وأنه يستحق الحمد على أنه هو الله لا إله إلا هو ، وأنه ربي
وأنه هداني للإسلام ، لكن لا يسعني إلا التساؤل عن سر النعمة في الإيجاد من العدم ، والعدم في نظري القاصر نعمة ما بعدها نعمة ، والحمد لله على كل حال ، لعله خاطر من الشيطان والله أعلم.
الجواب :
الحمد لله
الإيجاد من العدم نعمة، لأن الوجود أفضل من العدم ، بلا ريب ؛ بل العدم ليس بشيء ؛ فلا يقال فيه : إنه نعمة في نفسه ، أو إنه أفضل من نعمة الإيجاد .
ثم هو ليس مجرد إيجاد، بل إيجاد محفوف بنعم كثيرة ، كجعل هذا الموجود إنسانا سميعا بصيرا عاقلا، فهذه نعمة، ثم إذا جعله مؤمنا شاكرا فهذه أعظم النعم.
وقد امتن الله على عباده بأن خلقهم- أي أوجدهم من النعم-
وجعل لهم السمع والبصر والفؤاد، فقال: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) النحل/78 .
قال ابن كثير رحمه الله:
" ثم ذكر تعالى منته على عباده، في إخراجه إياهم من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئا، ثم بعد هذا يرزقهم تعالى السمع الذي به يدركون الأصوات، والأبصار اللاتي بها يحسون المرئيات، والأفئدة
-وهي العقول-التي مركزها القلب على الصحيح، وقيل: الدماغ ، والعقل به يميز بين الأشياء ضارها ونافعها. وهذه القوى والحواس تحصل للإنسان على التدريج قليلا قليلا كلما كبر زيد في سمعه وبصره وعقله حتى يبلغ أشده.
وإنما جعل تعالى هذه في الإنسان، ليتمكن بها من عبادة ربه تعالى، فيستعين بكل جارحة وعضو وقوة على طاعة مولاه
كما جاء في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يقول تعالى: من عادى لي وليا فقد بارزني بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه.
ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه
ولئن دعاني لأجيبنه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه، وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته، ولا بد له منه).
*عبدالرحمن*
2018-07-27, 17:00
فمعنى الحديث:
أن العبد إذا أخلص الطاعة، صارت أفعاله كلها لله عز وجل، فلا يسمع إلا الله، ولا يبصر إلا الله، أي: ما شرعه الله له، ولا يبطش ولا يمشي إلا في طاعة الله عز وجل، مستعينا بالله في ذلك كله؛ ولهذا جاء في بعض رواية الحديث في غير الصحيح، بعد قوله: (ورجله التي يمشي بها): (فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش، وبي يمشي)؛
ولهذا قال تعالى: {وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون} كما قال في الآية الأخرى: {قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون . قل هو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون} [الملك: 23، 24] "
انتهى من "تفسير ابن كثير" (4/ 589).
وقال تعالى: (هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا) الإنسان/1-3
وقال الشنقيطي رحمه الله في "أضواء البيان" (8/ 379):
" وقد ذكر تعالى نعمتين عظيمتين:
الأولى: إيجاد الإنسان من العدم ، بعد أن لم يكن شيئا مذكورا
وهذه نعمة عظمى لا كسب للعبد فيها.
والثانية: الهداية بالبيان والإرشاد إلى سبيل الحق والسعادة، وهذه نعمة إرسال الرسل وإنزال الكتب، ولا كسب للعبد فيها أيضا.
وقد قال العلماء: هناك ثلاث نعم لا كسب للعبد فيها:
الأولى: وجوده بعد العدم.
الثانية: نعمة الإيمان.
الثالثة: دخول الجنة.
وقالوا: الإيجاد من العدم، تفضل من الله تعالى كما قال: (لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير) [42 49 - 50] ، ومن جعله الله عقيما فلن ينجب قط.
والثانية: الإنعام بالإيمان، كما في قوله تعالى: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) [28 56] .
وقد جاء في الحديث: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه ). الحديث.
وكون المولود يولد بين أبوين مسلمين، لا كسب له في ذلك.
والثالثة: الإنعام بدخول الجنة كما في الحديث: ( لن يدخل أحدكم الجنة بعمله . قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا ; إلا أن يتغمدني الله برحمته ) .
وقد ذكر تعالى نعمتين صراحة، وهما خلق الإنسان بعد العدم، وهدايته السبيل.
والثالثة: تأتي ضمنا في ذكر النتيجة: (إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا) [76 5] ;
لأن الأبرار هم الشاكرون بدليل التقسيم: (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا * إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا * إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا) الإنسان/3 - 5 " انتهى.
وقال سبحانه معددا نعمه على عباده: (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (10) وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) الأعراف/10، 11
قال ابن عاشور رحمه الله
: "عطف على جملة: (ولقد مكناكم في الأرض) [الأعراف: 10] تذكيرا بنعمة إيجاد النوع، وهي نعمة عناية، لأن الوجود أشرف من العدم، بقطع النظر عما قد يعرض للموجود من الأكدار والمتاعب
" انتهى من "التحرير والتنوير" (8ب/ 36).
قال في موضوع آخر:
" وبقطع النظر عن كون الخلق نعمة، لأن الخلق إيجاد والوجود أفضل من العدم، فإن مجرد الخلق موجب للعبادة ؛ لأجل العبودية"
انتهى من "التحرير والتنوير" (8أ/ 206).
وبيان هذا المعنى: أن الإيجاد من العدم، إنما يراد لغاية عظيمة هي أعظم الغايات وأشرفها ، وهي عبادة الله تعالى، وهذه الغاية لا تكون إلا بالإيجاد، فكيف يُشك في أن الإيجاد من العدم نعمة، والنعم والفضائل كلها متوقفة عليه؟!
قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) الذاريات/56 .
فتبين بهذا أن الإيجاد من العدم نعمة من وجوه:
الأول: أن العدم ليس شيئا، والوجود أفضل منه.
الثاني: أن هذا الإيجاد يراد لأعظم غاية وأجل نعمة، وهي العبودية لله، وما توقفت عليه النعم فهو نعمة.
الثالث: أن هذا الإيجاد لا يعني خلق شيء أيَّ شيء، بل إيجاد إنسان سميع بصير عاقل، فهو إيجاد مصحوب بالنعم.
وأما ما ذكرت من المنغصات والاحتمالات
فهذا من تحقيق العبودية لله تعالى ، أن يجاهد الإنسان نفسه والشيطان ، ويلزم نفسه بطاعة الله تعالى ، والصبر على ذلك ، وبهذا تكتمل النعم بدخول الجنة ، برحمة الله تعالى وفضله .
وأما الكافر، فهذا هو الخاسر حقا، وهو الكافر بنعم الله تعالى، ومنها نعمة الإيجاد، ونعمة السمع والبصر والعقل، ونعمة إرسال الرسل وإنزال الكتب
ولهذا قال تعالى: ( قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَاعِبَادِ فَاتَّقُونِ) الزمر/14، 16 .
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الشاكرين لنعمه، المثنين عليه بها.
والله أعلم.
*عبدالرحمن*
2018-07-27, 17:05
هل يجب تفويض الأمر إلى الله في كل أمورنا ؟
السؤال
: سمعت الشيخ الشعراوي يقول : إن جعفر الصادق قال : أعجب لمن مكر الناس به ، ولم يفزع لقول الله تعالى : (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ) ، فهل يقتصر هذا القول على مكر الناس ؟
أم يمكن استعماله في معاني أخرى ؟ وماهي ؟
وهل يجوز أن أفوض أمري إلى الله في تأديب أبنائي بآداب الإسلام ، وأن يحبب إليهم حبه ؟
الجواب :
الحمد لله
هذا القول المنسوب إلى جعفر الصادق هو إشارة إلى قوله تعالى وهو يعظنا بقصة مؤمن آل فرعون وما قال لقومه:
( فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ ) غافر /44 - 45.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى:
" وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ( وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا ) : دليل واضح على أن التوكل الصادق على الله، وتفويض الأمور إليه سبب للحفظ والوقاية من كل سوء ...
فقد دلت هذه الآية الكريمة، على أن فرعون وقومه أرادوا أن يمكروا بهذا المؤمن الكريم وأن الله وقاه، أي حفظه ونجاه من أضرار مكرهم وشدائده ، بسبب توكله على الله، وتفويضه أمره إليه "
انتهى، من "أضواء البيان" (7 / 96 - 97).
وهذه الآية كمثل الآية الأخرى:
( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ) آل عمران /173 – 174.
فتفويض الأمر إلى الله تعالى، معناه التوكل على الله تعالى وحده.
قال الطبري رحمه الله تعالى:
" وقوله: (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ) يقول: وأسلم أمري إلى الله، وأجعله إليه وأتوكل عليه، فإنه الكافي مَنْ توكَّل عليه "
انتهى، من "تفسير الطبري" (20 / 335).
وقال ابن كثير رحمه الله تعالى:
" ( وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ) أي: وأتوكل على الله وأستعينه " انتهى، من "تفسير ابن كثير" (7 / 146).
ثانيا:
تفويض الأمر إلى الله تعالى ، والتوكل عليه : مطلوب في كل أمر مراد من أمور الدين والدنيا؛ وقد أمر به الوحي في نصوص كثيرة؛ ومن ذلك:
قال الله تعالى: ( وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) المائدة /23.
وقال الله تعالى: ( وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ) النساء /81.
وقال الله تعالى: ( وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) هود /123.
وقال الله تعالى: ( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ) الفرقان /58.
فالحاصل؛ أن تفويض الأمر إلى الله في تربية الأولاد هو بمعنى التوكل على الله تعالى ، واللجوء إليه ، في تحقيق هذا المبتغى، والتفويض في أمر العبد كله : حسن مطلوب ، والتوكل على الله: من أجل العبادات .
لكن التوكل والتفويض الصحيح : لا بد أن يقترن به القيام بالأسباب المشروعة ، كما يشير إليه حديث أَنَس بْن مَالِكٍ؛ حيث قال: ( قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْقِلُهَا وَأَتَوَكَّلُ، أَوْ أُطْلِقُهَا وَأَتَوَكَّلُ؟ قَالَ: اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ ) .
رواه الترمذي (2517)
وحسنه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" (2 / 610).
قال المباركفوري رحمه الله تعالى:
" قوله (أعقلها) بصيغة المتكلم ، وحرف الاستفهام محذوف ، قال في القاموس: عَقَل البعير: شَدَّ وَظِيفَه إلى ذِراعِه، كعَقَّلَه ، واعْتَقَلَه، انتهى. (وأتوكل) : أي على الله ، بعد العقل .
(أو أطلقها) أي أرسلها ، (وأتوكل) : أي على الله بعد الإرسال ؟
(قال : اعقلها) قال المناوي: أي شُد رُكبة ناقتك مع ذراعيها بحبل ، (وتوكل) أي اعتمد على الله، وذلك لأن عقلها لا ينافي التوكل "
انتهى. "تحفة الأحوذي" (7 / 186).
فالمتوكل على الله حقيقة : يباشر الأسباب المشروعة ؛ خاصة إذا كانت واجبة.
قال ابن رجب رحمه الله تعالى:
" واعلم أن تحقيق التوكل لا ينافي السعي في الأسباب التي قدر الله سبحانه المقدورات بها، وجرت سنته في خلقه بذلك، فإن الله تعالى أمر بتعاطي الأسباب
مع أمره بالتوكل، فالسعي في الأسباب بالجوارح طاعة له، والتوكل بالقلب عليه : إيمان به ...
ثم إن الأعمال التي يعملها العبد ثلاثة أقسام:
أحدها: الطاعات التي أمر الله عباده بها، وجعلها سببا للنجاة من النار ودخول الجنة، فهذا لابد من فعله مع التوكل على الله فيه، والاستعانة به عليه، فإنه لا حول ولا قوة إلا به، وما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن .
فمن قصر في شيء مما وجب عليه من ذلك، استحق العقوبة في الدنيا والآخرة شرعا وقدرا "
انتهى، من "جامع العلوم والحكم" (2 / 498 - 499).
وتربية الأولاد لا بد أن يجتمع فيها التوكل على الله تعالى ، مع مباشرة أسباب ووسائل التربية الصحيحة
كما أمر الشرع. قال الله تعالى: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) التحريم /6.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى :
" ويجب على الإنسان أن يأمر أهله بالمعروف كزوجته، وأولاده، ونحوهم، وينهاهم عن المنكر
: لقوله تعالى: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ) الآية ، وقوله صلى الله عليه وسلم: ( كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته ) الحديث "
انتهى، من "أضواء البيان" (2 / 209) .
والله أعلم.
*عبدالرحمن*
2018-07-27, 17:13
لا يمكن لأحد أن يرى الله تعالى في الدنيا
السؤال :
هل يمكن لأحد أن يرى الله تعالى في الدنيا ، سواء كان مؤمنا أو كافرا ؟ أو أن ذلك يمكن للمؤمنين فقط ؟
الجواب:
الحمد لله
رؤية الله تعالى في الدنيا لا يمكن تحققها لأحد ، لا من المؤمنين ولا من الكفار ، روى مسلم (169) في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
يَوْمَ حَذَّرَ النَّاسَ الدَّجَّالَ : ... ( تَعَلَّمُوا أَنَّهُ لَنْ يَرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَمُوتَ ) .
وقد سأل موسى عليه السلام أن يرى الله تعالى ، ولكن الله لم يجبه إلى ذلك.
قال الله تعالى : ( وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ) الأعراف/143.
فمن ادعى أنه يرى الله في الدنيا فقد زعم أنه أفضل من موسى عليه السلام .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" وقد ثبت بنص القرآن أن موسى قيل له : ( لَنْ تَرَانِي ) وأن رؤية الله أعظم من إنزال كتاب من السماء ، كما قال تعالى : ( يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً )
فمن قال إن أحدا من الناس يراه ؛ فقد زعم أنه أعظم من موسى بن عمران ، ودعواه أعظم من دعوى من ادعى أن الله أنزل عليه كتابا من السماء " .
انتهى . " مجموع الفتاوى " (2 / 336) .
وقال أيضًا :
" كل من ادعى أنه رأى ربه بعينيه قبل الموت فدعواه باطلة باتفاق أهل السنة والجماعة ؛ لأنهم اتفقوا جميعهم على أن أحدا من المؤمنين لا يرى ربه بعيني رأسه حتى يموت " .
انتهى من " مجموع الفتاوى " (3 / 389) .
وبيّن أن الخلاف الحاصل هو بخصوص النبي صلى الله عليه وسلم فقط .
فقال رحمه الله تعالى :
" اتفق أئمة المسلمين على أن أحدا من المؤمنين لا يرى الله بعينه في الدنيا ، ولم يتنازعوا إلا في النبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، مع أن جماهير الأئمة على أنه لم يره بعينه في الدنيا
وعلى هذا دلت الآثار الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة وأئمة المسلمين "
انتهى من " مجموع الفتاوى " (2 / 335) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-07-27, 17:21
المرأة في الإسلام غايةٌ لإعمار الكون بطاعة الله وليست جسدا وشهوة
السؤال:
تساؤلاتي هي تساؤلات تدور في أذهان كثير من الإناث: هل نحن الإناث خُلقنا من أجل عبادة الله ، ومن ثم لنكون متعة ولذة وشهوة الرجال ؟
هل خلقنا الله من أجل أن نكون تكملة لحياة الرجال في الأساس ، فنخدمهم بقضاء شهوتهم بالحلال، فلهذا يتزوجوننا، والناس كثيرا عندما يتكلمون عن المرأة لا يتكلمون إلا عن جمالها وجسدها، وكأنها صورة
وليست روحا تشعر ، وترغب بأن يحبها الناس، وأن يحبها زوجها من أجلها هي، من أجل شخصيتها وأخلاقها وسلوكها؟ أنا لا أقول بأن الجمال غير مهم إطلاقا، فحتى نحن النساء نحب أن يكون شريكنا متزينا مرتبا لنا مثل ما يحب هو.
ولكن لا يكون الجمال هو الأساس وكأننا لسنا إلا جسدا ، عندما أفكر بهذه تجتاحني كآبة قوية، وأشعر بأنني لا فائدة مني إلا أن أمتع الرجل ، فإذا استثنينا أن المرأة تحمل وتلد، وأنها أم
فهل حقا خلقت المرأة من أجل أن تكون متعة الرجل في الدنيا والآخرة ، وأن خلق حواء من ضلع آدم يعبر عن أنها جزء وتكملة له ، وأن الأمومة هي الشيء الوحيد الذي يميز المرأة ويجعلها لغير الشهوة ؟
الجواب :
الحمد لله
جوابنا بكل وضوح وتلقائية على أسئلتك المتتالية : هو أنه ليس صحيحا إطلاقا أن المرأة خلقت لعلة غائية جسدية، أو لأهداف دونية شهوانية، لأجل أن تكون متعة للرجل أو محلا لملذاته.
هذا ليس تصورا خاطئا فحسب، بل نراه مفهوما مرتكسا في حبائل النفس الأمارة بالسوء، ومنتكسا في الشهوات التي تطغى على تفكير الكثير من الناس، حين يفقدون بوصلتهم الحقيقية في غاية الخلق والحياة.
ونحن هنا ننطلق معك من إسلامنا الذي يظلنا جميعا والحمد لله، ونستيقن أنه الدين الكامل الذي يعبر عما يريده الله عز وجل من هذا الخلق كله، عبادةً، وعملًا، واعتقادًا، وأخلاقًا.
فنعلم من خلاله أن الغاية الأساسية لخلق الإنس والجن – ذكورهم وإناثهم – هو الصلاح بالإرادة الحرة والعقل المستقل الذي هو مناط التكليف، وفي جميع جوانب الحياة، صلاح العبادة
وصلاح الأعمال، وصلاح الأخلاق، وصلاح العلم والفهم والتصورات، إلى قمة الارتقاء الممكن في هذه الروح البشرية، نحو معالي الأمور ومكارمها، واجتناب كل صور الفساد والظلم والجهل وسوء الأخلاق والأعمال، تعبدا لله تعالى
وتقربا إليه، ومحاولة لبلوغ الكمال البشري الممكن الذي يحبه الله لنا، فنسعى لأجله بجميع كلياتنا وقلوبنا وعقولنا، وتملأ علينا غايتنا هذه همومنا وأفكارنا، ونقضي لأجلها أعمارنا، ونفني بها أموالنا وطاقات أجسادنا
حتى نبلغ الحياة الحقيقية الكاملة، دار الحيوان كما سماها القرآن، لا فرق في هذا المفهوم الكلي بين الذكور والإناث إطلاقا.
يقول الله تعالى: (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) الأنعام/161-163.
فيا ترى أين ترين شهوة الجسد – للذكر أو الأنثى – من هذا المنهج ، والطريق القويم ؛ وهل تجدين لها محلا يذكر في أي محور من محاور الغايات الجليلة هذه!
إن نظرة منصفة بعيدة عن تأثيرات الرهاب المجتمعي الذي تسببه المفاهيم المغلوطة لدى الناس، ستقودك حتما إلى إدراك أن الجسد –
ما يشتمل عليه من آفات النقص والشهوات – لا مكان له في منظومة القيم التصورية عن غايات خلق الإنسان وحكمة وجوده، ومكان الجسد إنما يتحقق في جانب الوسائل والأدوات التي يمكن أن تساعد في تحقيق هذه الغاية، ولكنها لا تبلغ درجة أعلى من درجة الوسيلة
بل وليست الوسيلة الحصرية، ولا الوحيدة، وإنما إحدى الوسائل التي تتفاوت في الناس من حيث القدرة والقوة، والصحة والمرض، اقتضت حكمة الله تعالى أن يجعلها وسيلة جاذبة، كي تُسَخَّر في سبيل بقاء الذرية وعمارة الأرض
وفي سبيل تحقيق المودة والرحمة في البيوت، وفي سبيل خلق توازن الابتلاء، فيعلم الله المفسد من المصلح. قال الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم/21.
ولكننا لو استقرأنا الآيات القرآنية كلها، والأحاديث النبوية من أولها حتى آخرها، لن نجد دليلا واحدا يشير إلى أن غاية خلق المرأة أن تكون متعة الرجل في الدنيا والآخرة
كما لن نجد دليلا واحدا يفرق بين الرجل والمرأة في الغايات النبيلة والسامية لخلقهم ووجودهم، بل هم جميعا في ذلك سواء؛ لأن العقل – الذي هو مناط التكليف ومستودع الإرادة الحرة
وَهَبه الله عز وجل لكلا الجنسين، فكان كلاهما مخاطبًا بجميع النصوص الربانية التي ترسم للإنسانية منهاج مسيرها نحو المعالي، وطريق سيرها نحو سعادة الدنيا والآخرة.
وكذلك لو تأملت في السيرة النبوية - وهي تمثل النموذج البشري الأسمى في امتثال غاية خلق الإنسان - لعلمت أن صورة "الجسد" لا يمكن أن تؤخذ خارج إطارها الحقيقي، إطار "الوسائل"، وأن الغايات الأسمى تتلخص في التقوى والعمل الصالح.
يقول سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات/13.
ويقول جل وعلا: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النحل/97.
ويقول عز وجل: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) الأحزاب/35.
ويقول تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) التوبة/71 .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ) رواه مسلم في "صحيحه" (2564) .
يقول ابن القيم رحمه الله :
" اعلم أن الجمال ينقسم قسمين: ظاهر، وباطن:
فالجمال الباطن هو المحبوب لذاته، وهو جمال العلم والعقل والجود والعفة والشجاعة، وهذا الجمال الباطن هو محل نظر الله من عبده، وموضع محبته، وهذا الجمال الباطن يزين الصورة الظاهرة، وإن لم تكن ذات جمال
فتكسو صاحبَها من الجمال والمهابة والحلاوة بحسب ما اكتست روحُه من تلك الصفات، فإن المؤمن يُعطَى مهابةً وحلاوةً بحسب إيمانه، فمن رآه هابه، ومن خالطه أحبه، وهذا أمر مشهود بالعيان
فإنك ترى الرجل الصالح المحسن ذا الأخلاق الجميلة من أحلى الناس صورة، وإن كان أسود أو غير جميل، ولا سيما إذا رزق حظا من صلاة الليل، فإنها تُنَوِّرُ الوجه وتحسنه"
انتهى من "روضة المحبين" (221-223) .
ومن أشهر الأدلة التي تبين لك أن الجسد ليس هو المناط في تقدير شخصية المرأة حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تُنكَحُ المرأةُ لأربَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظفَر بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَت يَدَاكَ) رواه البخاري (4802) ، ومسلم (1466)
يقول النووي رحمه الله:
"الصحيح في معنى هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بما يفعله الناس في العادة، فإنهم يقصدون هذه الخصال الأربع، وآخرها عندهم ذات الدين، فاظفر أنت أيها المسترشد بذات الدين"
انتهى من "شرح مسلم" (10/52) .
والحاصل : أننا نربأ بأحد من المسلمين أن يتشوه مفهومه لجنس الأنوثة في إطار شهوة الجسد، فهو إطار دوني أرضي لا يقترب من المعاني السامية التي علمنا إياها القرآن الكريم، وأكدها لنا رسولنا عليه الصلاة والسلام.
والله أعلم.
*عبدالرحمن*
2018-07-27, 17:30
من هم الأولياء ، وما هي درجاتهم؟
السؤال:
أرجو مساعدتي في فهم ما يلي : 1) من هم الأولياء ؟
2) ما هي درجات الولاية ؟
3) هل يجوز تسمية الأولياء " أصحاب الله " ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
أولياء الله – بكل وضوح واختصار – هم أهل الإيمان والتقوى ، الذين يراقبون الله تعالى في جميع شؤونهم ، فيلتزمون أوامره ، ويجتنبون نواهيه .
قال الله تعالى : ( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ . لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) يونس/62-64.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في "تفسير القرآن العظيم" (4/278) :
" يخبر تعالى أن أولياءه هم الذين آمنوا وكانوا يتقون ، كما فسرهم ربهم ، فكل من كان تقيا كان لله وليا : أنه ( لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ) فيما يستقبلون من أهوال القيامة ، ( وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) على ما وراءهم في الدنيا .
وقال عبد الله بن مسعود ، وابن عباس ، وغير واحد من السلف : أولياء الله الذين إذا رُؤوا ذُكِر الله . وقد ورد هذا في حديث مرفوع .
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن من عباد الله عبادا يغبطهم الأنبياء والشهداء . قيل : من هم يا رسول الله ؟
لعلنا نحبهم . قال : هم قوم تحابوا في الله من غير أموال ولا أنساب ، وجوههم نور على منابر من نور ، لا يخافون إذا خاف الناس ، ولا يحزنون إذا حزن الناس . ثم قرأ : ( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ )
رواه أبو داود بإسناد جيد –
وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (7/1369) - "
انتهى باختصار وتصرف يسير .
ثانيا :
الولاية متفاوتة بحسب إيمان العبد وتقواه ، فكل مؤمن له نصيب من ولاية الله ومحبته وقربه ، ولكن هذا النصيب يتفاوت بحسب الأعمال الصالحة البدنية والقلبية التي يتقرب بها إلى الله
وعليه يمكن تقسيم درجات الولاية إلى ثلاث درجات :
1- درجة الظالم لنفسه : وهو المؤمن العاصي ، فهذا له من الولاية بقدر إيمانه وأعماله الصالحة .
2- المقتصد : وهو المؤمن الذي يحافظ على أوامر الله ، ويجتنب معاصيه ، ولكنه لا يجتهد في أداء النوافل : وهذا أعلى درجة في الولاية من سابقه .
3- السابق بالخيرات : وهو الذي يأتي بالنوافل مع الفرائض ، ويبلغ بالعبادات القلبية لله عز وجل مبالغ عالية ، فهذا في درجات الولاية العالية .
ثم لا شك أن النبوة هي أعلى وأرقى درجات الولاية لله عز وجل .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – كما في "مجموع الفتاوى" (10/6) – :
" الناس على ثلاث درجات : ظالم لنفسه ، ومقتصد ، وسابق بالخيرات .
فالظالم لنفسه : العاصي بترك مأمور أو فعل محظور .
والمقتصد : المؤدي الواجبات والتارك المحرمات .
والسابق بالخيرات : المتقرب بما يقدر عليه من فعل واجب ومستحب ، والتارك للمحرم والمكروه .
وإن كان كل من المقتصد والسابق قد يكون له ذنوب تمحى عنه : إما بتوبة - والله يحب التوابين ويحب المتطهرين - وإما بحسنات ماحية ، وإما بمصائب مكفرة ، وإما بغير ذلك . وكل من الصنفين المقتصدين والسابقين من أولياء الله الذين ذكرهم في كتابه بقوله :
( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون . الذين آمنوا وكانوا يتقون ) ، فحد أولياء الله هم : المؤمنون المتقون .
ولكن ذلك ينقسم : إلى " عام " : وهم المقتصدون .
و " خاص " وهم السابقون ، وإن كان السابقون هم أعلى درجات كالأنبياء والصديقين .
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم القسمين في الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال :
(يقول الله : من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة ، وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه ، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به
وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، فبي يسمع وبي يبصر ، وبي يبطش
وبي يمشي ؛ ولئن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن ، يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه) .
وأما الظالم لنفسه من أهل الإيمان : فمعه من ولاية الله بقدر إيمانه وتقواه ، كما معه من ضد ذلك بقدر فجوره ، إذ الشخص الواحد قد يجتمع فيه الحسنات المقتضية للثواب
والسيئات المقتضية للعقاب ، حتى يمكن أن يثاب ويعاقب ، وهذا قول جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة الإسلام وأهل السنة والجماعة الذين يقولون : إنه لا يخلد في النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين – كما في "فتاوى مهمة" (ص/83) -:
" من كان مؤمناً تقيّاً كان لله وليّاً ، ومَن لم يكن كذلك فليس بولي لله ، وإن كان معه بعض الإيمان والتقوى كان فيه شيءٌ من الولاية " انتهى .
ثالثا :
الولاية ليست حكرا على أحد ، وليست علامة مميزة لطبقة معينة من الناس ، ولا تنال بالوراثة ولا بالأوسمة ، بل هي رتبة ربانية تبدأ بالقلب محبة وتعظيما لله عز وجل ، وتترجم إلى واقع عملي ، فيكسب صاحبها حب الله تعالى وولايته .
رابعا :
الولاية لا تبيح لصاحبها فعل المحرمات ولا ترك الواجبات ، بل إن فعل ذلك فهو دليل على نقص ولايته لله ، وكذلك لا تبيح لأحد أن يتوجه إلى من يسمون بالأولياء
وقد لا يكونون يستحقون ذلك ـ فيرفعونهم إلى مقام النبوة فلا يردون لهم أمرا ، ولا يناقشون لهم فكرا ولا رأيا ، وهذا كله من الغلو الذي نهى الله تعالى عنه ، ومن أعظم أسباب وقوع الشرك في الناس .
وقد يتعدى بعض الناس هذا الحد فيقع في الشرك الأكبر بسبب الفهم الخاطئ للولاية ومنزلة الأولياء فتراه يدعوهم من دون الله ويذبح لهم ويقدم لهم القرابين ويطوف حول أضرحتهم . خامساً :
أما إطلاق "أصحاب الله" على الأولياء ، فلا نعلم ما يدل على صحة هذه التسمية .
وأفضل أولياء الله تعالى هم الرسل والأنبياء ثم أصحاب الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ، ولا نعلم أنه ورد إطلاق اسم "أصحاب الله" على أحد منهم .
وإنما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم تسمية "أهل القرآن" بـ "أهل الله" .
فقد روى الإمام أحمد (11870) وابن ماجة (215)
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ هُمْ ؟
قَالَ : هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة .
(أهلين) جمع أهل .
(أهل القرآن) حفظته القارئون له العاملون بما فيه .
(أهل الله) أي : أولياؤه المختصون به اختصاص أهل الإنسان به .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-07-27, 17:35
أعمال تُخرج صاحبها من الإسلام
السؤال:
ما هي الأعمال التي إذا عملها المسلم يكون مرتداً عن الإسلام ؟.
الجواب :
الحمد لله
قال الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله :
اعلم أيها المسلم أن الله *سبحانه* أوجب على جميع العباد الدخول في الإسـلام والتمسك به والحـذر مما يخالفه، وبعث نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم للدعوة إلى ذلك ، وأخبر عزّ وجلّ أن من اتبعه فقد اهتدى
ومن أعرض عنه فقد ضل ، وحذر في آيات كثيرات من أسباب الردة، وسائر أنواع الشرك والكفر ، وذكر العلماء *رحمهم الله* في باب حكم المرتد ، أن المسلم قد يرتد عن دينه بأنواع كثيرة من النواقض التي تحل دمه وماله
ويكون بها خارجاً عن الإسلام ، ومن أخطرها وأكثرها وقوعاً عشرة نواقض ذكرها الشيخ محمد بن عبد الوهاب وغيره من أهل العلم *رحمهم الله جميعاً* ونذكرها لك فيما يلي على سبيل الإيجاز ، لتَحْذَرَها وتُحَذِّر منها غيرك ،
رجاء السلامة والعافية منها ، مع توضيحات قليلة نذكرها بعدها :
الأول :
الشرك في عبادة الله تعالى
قال الله تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يٌشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) النساء / 116
وقال تعالى :( إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ) المائدة / 72
ومن ذلك دعاء الأموات ، والاستغاثة بهم ، والنذر والذبح لهم كمن يذبح للجن أو للقبر .
الثاني :
من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ، ويسألهم الشفاعة ، ويتوكل عليهم ، فقد كفر إجماعاً .
الثالث :
من لم يُكَفِّر المشركين ، أو شَكَّ في كفرهم ، أو صحّح مذهبهم كفر .
الرابع :
من اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه ، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه ، كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه فهو كافر .
الخامس :
من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به فقد كفر ،
لقوله تعالى : ( ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم ) محمد / 9 .
السادس :
من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أو ثوابه ، أو عقابه كفر،
والدليل قوله تعالى : ( قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) التوبة / 65 و 66 .
السابع :
السحر ومنه الصرف والعطف ، فمن فعله أو رضي به كفر
والدليل قوله تعالى : ( وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ) البقرة / 102 .
الثامن :
مظاهـرة المشـركين ومعاونتهـم على المسـلمين، والدليـل قولـه تعالى : ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين) المائدة / 51 .
التاسع :
من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليه السلام فهو كافر
لقوله تعالى : ( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) آل عمران / 85
العاشر :
الإعراض عن دين الله، لا يتعلمـه ولا يعمـل به
والدليل قوله تعالى : ( ومن أظلم ممن ذٌكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون ) السجدة / 22 .
ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف، إلا المكره، وكلها من أعظم ما يكون خطراً، وأكثر ما يكون وقوعاً . فينبغي للمسلم أن يحذرها
ويخاف منها على نفسه ، نعوذ بالله من موجبات غضبه ، وأليم عقابه ، وصلى الله على خير خلقه محمد وآله وصحبه وسلم. انتهى كلامه رحمه الله .
ويدخل في القسم الرابع : من اعتقد أن الأنظمة والقوانين التي يسنها الناس ، أفضل من شريعة الإسلام ، أو أنها مساوية لها ، أو أنه يجوز التحاكم إليها
ولو اعتقد أن الحكم بالشريعة أفضل ، أو أن نظام الإسلام لا يصلح تطبيقه في القرن العشرين ، أو أنه كان سبباً في تخلف المسلمين ، أو أنه يحصر في علاقة المرء بربه دون أن يتدخل في شؤون الحياة الأخرى .
ويدخل في القسم الرابع : أيضاً من يرى أن إنفاذ حكم الله بقطع يد السارق ، أو رجم الزاني المحصن لا يناسب العصر الحاضر.
ويدخل في ذلك *أيضاً *: كل من اعتقد أنه يجوز الحكم بغير شريعة الله في المعاملات ، أو الحدود ، أو غيرهما ، وإن لم يعتقد أن ذلك أفضل من حكم الشريعة
لأنه بذلك يكون قد استباح ما حرم الله إجماعاً وكل من استباح ما حرّم الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة ، كالزنى والخمر والربا ، والحكم بغير شريعة الله فهو كافر بإجماع المسلمين .
ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لما يرضيه ، وأن يهدينا وجميع المسلمين صراطه المستقيم إنه سميع قريب وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-07-30, 18:17
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
الحكم بالإسلام بمجرد الادعاء والانتساب .
السؤال
: ما مقصود الفقهاء بأن الرجل يكون مسلما بالإدعاء والانتساب ، أرجو التفصيل .
الجواب :
الحمد لله
الطريق لإثبات الإسلام لشخص ما؛ يكون إما بتصريحه بدخول الإسلام ، أو بنطقه الشهادة، والالتزام بمضمونها، أو بأن يُرى وهو يقوم بأركان الإسلام كالصلاة.
جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (4 / 266):
" ما يصير به الكافر مسلما:
ذكر الفقهاء أن هناك طرقا ثلاثة يحكم بها على كون الشخص مسلما وهي: النص - والتبعية - والدلالة.
أما النص فهو أن يأتي بالشهادتين صريحا.
وأما التبعية فهي أن يأخذ التابع حكم المتبوع في الإسلام، كما يتبع ابن الكافر الصغير أباه إذا أسلم مثلا، وسيأتي الكلام عليها مستوفى.
وأما طريق الدلالة فهي سلوك طريق الفعل للدخول في الإسلام " انتهى.
والإسلام بالنص أو بالتصريح؛ الأصل فيه أن يكون بالنطق بكلمة التوحيد، واظهار الالتزام بها.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الإِسْلاَمِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ )
رواه البخاري (25) ومسلم (22).
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا، وَصَلَّوْا صَلاَتَنَا، وَاسْتَقْبَلُوا قِبْلَتَنَا، وَذَبَحُوا ذَبِيحَتَنَا، فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ، إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ )
رواه البخاري (392).
لكن الشخص ربما يصرح بادّعاء الإسلام والانستاب إليه؛ كأن يقول أنا مسلم ؛ أو أنه من المسلمين ؛ فإنه يحكم بإسلامه ، ولو لم يُسْمَع منه النطق بالشهادتين .
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:
" وإن قال: أنا مؤمن، أو أنا مسلم. فقال القاضي: يحكم بإسلامه بهذا، وإن لم يلفظ بالشهادتين؛ لأنهما اسمان لشيء معلوم معروف ، وهو الشهادتان، فإذا أخبر عن نفسه بما تضمن الشهادتين؛ كان مخبرا بهما "
انتهى، من "المغني" (12 / 289).
وروي هذا عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى:
" قال الخلال: حدثنا محمد بن علي، قال: حدثنا مهنا، قال: سألت أحمد عن رجل من أهل الذمّة يهودي أو نصراني أو غير ذلك من الأديان يقول: أنا مسلم ، وإن محمدًا نبي؟
قال: هو مسلم، ثم قال: أما أنا فكنت أجبره على الإسلام.
وقال: عجبًا لأبي حنيفة
بلغني عنه أنه يقول: لا يكون مسلمًا حتى يقول أنا بريء من الكفر الذي كنت فيه، وإلَّا فلا يكون مسلمًا ، ولا يجبر على الإسلام حتى يقول: وإني بريء من الكفر "
انتهى، من "الجامع لعلوم الإمام أحمد" (4 / 172).
وجاء في "الاختيار لتعليل المختار" في الفقه الحنفي (4 / 150):
" ولو قال: أنا مسلم كان أبو حنيفة يقول: لا يكون مسلما حتى يتبرأ، ثم رجع وقال: ذلك إسلام منه." انتهى.
ويستدل لهذا بحديث عِمْرَان بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: كَانَتْ ثَقِيفُ حُلَفَاءَ لِبَنِى عُقَيْلٍ، فَأَسَرَتْ ثَقِيفُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَسَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَجُلًا مِنْ بَنِي عُقَيْلٍ، وَأَصَابُوا مَعَهُ الْعَضْبَاءَ، فَأَتَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الْوَثَاقِ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ! فَأَتَاهُ، فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: بِمَ أَخَذْتَنِي؟ وَبِمَ أَخَذْتَ سَابِقَةَ الْحَاجِّ؟
فَقَالَ، إِعْظَامًا لِذَلِكَ : أَخَذْتُكَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ ثَقِيفَ .
ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ، فَنَادَاهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! يَا مُحَمَّدُ! وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِيمًا رَقِيقًا، فَرَجَعَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ .
قَالَ: لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ ... ) رواه مسلم (1641).
وأخرج النسائي في "السنن الكبرى" (9 / 11 - 12)
تحت باب "قَوْلُ الْمُشْرِكِ: إِنِّي مُسْلِمٌ" عن عُقْبَة بْن مَالِكٍ، قَالَ: ( بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فَغَارَتْ عَلَى قَوْمٍ فَشَذَّ مِنَ الْقَوْمِ رَجُلٌ، فَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنَ السَّرِيَّةِ ، مَعَهُ السَّيْفُ شَاهِرُهُ ، فَقَالَ الشَّاذُّ من الْقَوْم: إِنِّي مُسْلِمٌ.
فَلَمْ يَنْظُرْ إِلَى مَا قَالَ، فَضَرَبَهُ، فَقَتَلَهُ .
فَنُمِيَ الْحَدِيثُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ فِيهِ قَوْلًا شَدِيدًا ...
قَالَ الْقَاتِلُ: وَاللهِ مَا كَانَ الَّذِي قَالَ إِلَّا تَعَوُّذًا مِنَ الْقَتْلِ ...
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللهَ أَبَى عَلَيَّ الَّذِي قَتَلَ مُؤْمِنًا. ثَلَاثَ مَرَّاتٍ )
ورواه الإمام أحمد في "المسند" (28 / 221)، وصححه محققو المسند.
وروى أبو داود في "السنن" (2652)
نْ فُرَاتِ بْنِ حَيَّانَ: ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِهِ، وَكَانَ عَيْنًا لِأَبِي سُفْيَانَ، وَكَانَ حَلِيفًا لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَمَرَّ بِحَلَقَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّهُ يَقُولُ: إِنِّى مُسْلِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِنْكُمْ رِجَالًا نَكِلُهُمْ إِلَى إِيمَانِهِمْ، مِنْهُمْ فُرَاتُ بْنُ حَيَّانَ )
وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (4 / 276).
وكذا؛ إذا كان الشخص مجهول الحال ، وادعى أنه مسلم؛ فإن هذه الدعوى تُصدّق.
قال الخطابي رحمه الله تعالى:
" إذا جاءنا من نجهل حاله بالكفر والإيمان فقال إني مسلم قبلناه، وكذلك إذا رأينا عليه أمارة المسلمين من هيئة وشارة ونحوهما حكمنا بإسلامه إلى أن يظهر لنا منه خلاف ذلك "
انتهى، من "معالم السنن" (1 / 223).
وهذا كله أخذا بظاهر الحال، من غير تنقيب عن سريرته فهذه حكمها إلى الله تعالى.
قال القرطبي رحمه الله تعالى:
وفي هذا من الفقه باب عظيم، وهو أن الأحكام تناط بالمظان والظواهر، لا على القطع واطلاع السرائر "
انتهى، من "تفسير القرطبي" (7 / 51).
ثانيا:
المنتسب إلى الإسلام إذا ارتكب شيئا من المكفرات ونواقض الإسلام، واجتمعت فيه شروط التكفير، فمثل هذا لا ينفعه الانتساب إلى الإسلام، وهو يباشر شيئا من نواقض الإسلام ويصر عليه.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى :
" وقد أجمع العلماء على أن من أتى بناقض من نواقض الإسلام : يحكم عليه بذلك الناقض وإن قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. وإن صلى وصام؛ لأن هذه الشهادة تنفع إذا أدى حقها، أما إذا ضيع حقها لم تنفع قائلها، والله المستعان."
انتهى. "فتاوى نور على الدرب" (1 / 52).
والله أعلم.
*عبدالرحمن*
2018-07-30, 18:24
ضوابط التكفير
السؤال
نرجو من سيادتكم معرفة الضوابط التي يمكن الحكم بها على شخص ما بالكفر أو النفاق
حتى لا أقع في البدع التي وقع فيها كثير من الفرق ، وبأي كتب توصيني أن أقرأ فيها ، مع العلم أني طالب علم مبتدئ ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
الحكم بالتكفير والتفسيق ليس إلينا ، بل هو إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فهو من الأحكام الشرعية التي مردها إلى الكتاب والسنة
فيجب التثبت فيه غاية التثبت ، فلا يكفر ولا يفسق إلا من دل الكتاب والسنة على كفره أو فسقه .
والأصل في المسلم الظاهر العدالة بقاء إسلامه وبقاء عدالته ، حتى يَتَحَقَّقَ زوال ذلك عنه بمقتضى الدليل الشرعي . ولا يجوز التساهل في تكفيره أو تفسيقه ؛ لأن في ذلك محذورين عظيمين :
أحدهما : افتراء الكذب على الله تعالى في الحكم ، وعلى المحكوم عليه في الوصف الذي نبزه به .
الثاني : الوقوع فيما نبز به أخاه إن كان سالماً منه .
ففي صحيحي البخاري (6104) ومسلم (60) ع
ن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَقَد بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا ) وفي رواية : ( إِن كَانَ كَمَا قَالَ ، وَإِلاَّ رَجَعَتْ عَلَيهِ )
ثانيا :
وعلى هذا فيجب قبل الحكم على المسلم بكفر أو فسق أن ينظر في أمرين :
أحدهما : دلالة الكتاب أو السنة على أن هذا القول أو الفعل موجب للكفر أو الفسق
.
الثاني : انطباق هذا الحكم على القائل المعين أو الفاعل المعين ، بحيث تتم شروط التكفير أو التفسيق في حقه ، وتنتفي الموانع .
ومن أهم الشروط :
1- أن يكون عالماً بمخالفته التي أوجبت أن يكون كافراً أو فاسقاً
لقوله تعالى :
( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً ) النساء/115
وقوله : ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) التوبة/115
ولهذا قال أهل العلم : لا يكفر جاحد الفرائض إذا كان حديث عهد بإسلام حتى يُبَيَّنَ له .
2- ومن الموانع أن يقع ما يوجب الكفر أو الفسق بغير إرادة منه ، ولذلك صور :
منها : أن يكره على ذلك ، فيفعله لداعي الإكراه ، لا اطمئناناً به ، فلا يكفر حينئذ ؛ لقوله تعالى : ( مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) النحل/106
ومنها : أن يُغلَقَ عليه فِكرُهُ ، فلا يدري ما يقول لشدة فرح أو حزن أو خوف أو نحو ذلك .
ودليله ما ثبت في صحيح مسلم (2744)
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ )
3- ومن الموانع أن يكون متأولا : يعني أن تكون عنده بعض الشبه التي يتمسك بها ويظنها أدلة حقيقية ، أو يكون لم يستطع فهم الحجة الشرعية على وجهها ، فالتكفير لا يكون إلا بتحقق تعمد المخالفة وارتفاع الجهالة .
قال تعالى : ( ولَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ) الأحزاب/5
يقول ابن تيمية رحمه الله "مجموع الفتاوى" (23/349) :
" فالإمام أحمد رضي الله تعالى عنه ترحم عليهم ( يعني الخلفاء الذين تأثروا بمقالة الجهمية الذين زعموا القول بخلق القرآن ، ونصروه ) واستغفر لهم ، لعلمه بأنه لم يتبين لهم أنهم مكذبون للرسول
ولا جاحدون لما جاء به ، ولكن تأولوا فأخطأوا ، وقلدوا من قال ذلك لهم " انتهى .
ويقول رحمه الله "مجموع الفتاوى" (12/180) :
" وأما التكفير فالصواب أن من اجتهد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم وقصد الحق فأخطأ لم يكفر ، بل يغفر له خطؤه ، ومن تبين له ما جاء به الرسول ، فشاق الرسول من بعد ما تبين له الهدى واتبع غير سبيل المؤمنين فهو كافر
ومن اتبع هواه وقصر في طلب الحق وتكلم بلا علم فهو عاص مذنب ، ثم قد يكون فاسقاً . وقد يكون له حسنات ترجح على سيئاته " انتهى .
وقال رحمه الله (3/229) :
" هذا مع أني دائماً ومن جالسني يعلم ذلك مني ، أني من أعظم الناس نهياً عن أن ينسب معين إلى تكفير وتفسيق ومعصية ، إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافراً تارة
وفاسقاً أخرى ، وعاصياً أخرى ، وإني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها ، وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبرية القولية والمسائل العملية .
وما زال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل ، ولم يشهد أحد منهم على أحد لا بكفر ولا بفسق ولا بمعصية ... "
وذكر أمثلة ثم قال :
" وكنت أبين أن ما نقل عن السلف والأئمة من إطلاق القول بتكفير من يقول كذا وكذا ، فهو أيضاً حق ، لكن يجب التفريق بين الإطلاق والتعيين .. "
إلى أن قال : " والتكفير هو من الوعيد ؛ فإنه وإن كان القول تكذيباً لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم ، لكن قد يكون الرجل حديث عهد بإسلام ، أو نشأ ببادية بعيدة
ومثل هذا لا يكفر بجحد ما يجحده حتى تقوم عليه الحجة ، وقد يكون الرجل لم يسمع تلك النصوص ، أو سمعها ولم تثبت عنده ، أو عارضها عنده معارض آخر أوجب تأويلها وإن كان مخطئاً .
وكنت دائماً أذكر الحديث الذي في الصحيحين في الرجل الذي قال : ( إذا أنا مت فأحرقوني ، ثم اسحقوني ، ثم ذروني في اليم ، فوالله لئن قدر الله عليَّ ليعذبني عذاباً ما عذبه أحداً من العالمين . ففعلوا به ذلك ، فقال الله : ما حملك على ما فعلت ؟ قال : خشيتك . فغفر له )
فهذا رجل شك في قدرة الله وفي إعادته إذا ذري ، بل اعتقد أنه لا يعاد ، وهذا كفر باتفاق المسلمين ، لكن كان جاهلاً لا يعلم ذلك ، وكان مؤمناً يخاف الله أن يعاقبه ، فغفر له بذلك .
والمتأول من أهل الاجتهاد الحريص على متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم أولى بالمغفرة من مثل هذا " انتهى .
( مستفاد من خاتمة القواعد المثلى للشيخ ابن عثيمين رحمه الله مع بعض الزيادات ) .
وإذا كان أمر التكفير بهذه المثابة ، والخطر والخطأ فيه شديد ؛ فالواجب على طالب العلم ، خاصة إذا كان مبتدئا ، أن يتوقى الخوض في ذلك ، وأن ينشغل بتحصيل العلم النافع الذي يصلح به أمر معاشه ومعاده .
ثالثا :
قبل أن نشير عليك بشيء من الكتب ، فإننا ننصحك بأن تستعين في تعلمك بأهل العلم من أهل السنة ؛ فإن ذلك هو الطريق الأسهل والأكثر أمنا ، لكن شريطة أن يكون ذلك الذي تأخذ عنه من الموثوق في علمه ودينه ، واتباعه للسنة ، وبعده عن الأهواء والبدع .
قال مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ رحمه الله :
( إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ ) رواه مسلم في مقدمة صحيحه .
فإن لم يتيسر لك ، في مكانك أن تحضر دروس أهل العلم ، فيمكنك أن تستعين بأشرطتهم ، وقد أصبح الحصول عليها عن طريق الأقراص ، أو المواقع الإسلامية أكثر سهولة
والحمد لله . ثم يمكنك أيضا أن تنتفع ببعض طلاب العلم ، الذين يحرصون على العلم الشرعي ، واتباع السنة ، وقلما يخلو منهم مكان ، إن شاء الله .
رابعا :
من الكتب التي ينبغي أن تعتني باقتنائها ، والنظر والدراسة فيها :
- التفسير : تفسير الشيخ ابن سعدي ، وتفسير ابن كثير .
- الحديث : الأربعين النووية ، مع أحد شروحها ، والاهتمام بجامع العلوم والحكم لابن رجب ، ثم رياض الصالحين ، مع زيادة العناية بهذا الكتاب المبارك ، ويمكنك الاستعانة بشرح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله له .
- العقيدة : تهتم بكتاب التوحيد ، للشيخ محمد بن عبد الوهاب ، مع شرح ميسر له ، والعقيدة الواسطية ، لشيخ الإسلام ابن تيمية . مع بعض الرسائل النافعة في هذا الباب ، مثل : تحقيق كلمة الإخلاص لابن رجب ، والتحفة العراقية في الأعمال القلبية لابن تيمية .
- الاستعانة بزاد المعاد لابن القيم رحمه الله ، وكثير من كتبه ، مثل : الوابل الصيب ، والداء والدواء .
وهذه مجموعة مبدئية ، ومع المطالعة ، لا سيما إن وجدت من يعينك على القراءة والفهم ، فسوف تزداد معرفتك بالكتب النافعة والمهمة لك ، شيئا فشيئا ، إن شاء الله .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-07-30, 18:28
لا يقدَّم قولُ أحد ورأيه على سنة النبي صلى الله عليه وسلم
السؤال :
مامدى صحة هذا الحديث : " يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء ، أقول لكم قال الرسول ، وتقولون : قال أبو بكر وعمر ؟ وما معناه ؟
وكيف ينطبق على وقتنا الحالي ؟
الجواب :
الحمد لله
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" كَانَ بَعْضُ النَّاسِ يُنَاظِرُ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي الْمُتْعَةِ فَقَالَ لَهُ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " يُوشِكُ أَنْ تَنْزِلَ عَلَيْكُمْ حِجَارَةٌ مِنْ السَّمَاءِ! أَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقُولُونَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ؟ "
انتهى من "مجموع الفتاوى" (20/ 215) .
وهكذا ذكره بنحوه في غير موضع من "الفتاوى"
فانظر : (20/ 251) ، (26/ 50) ، (26/ 281)
كما ذكره ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" (2/182)
و"إعلام الموقعين" (2/ 168).
وتابعهما على ذكره بهذا اللفظ غير واحد من أهل العلم المعاصرين .
ولم نجده بهذا اللفظ في كتب السنة ، ولكنه صحيح من حيث المعنى :
فروى الإمام أحمد (3121)
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " تَمَتَّعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: نَهَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ عَنِ الْمُتْعَةِ ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا يَقُولُ عُرَيَّةُ؟ قَالَ: يَقُولُ: نَهَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ عَنِ الْمُتْعَةِ ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أُرَاهُمْ سَيَهْلِكُونَ أَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَقُولُ: نَهَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ؟ "
ورواه الطبراني في "الأوسط" (21)
عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ : " أَنَّهُ أَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ ، فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، طَالَمَا أَضْلَلْتَ النَّاسَ ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ يَا عُرَيَّةُ؟ قَالَ: الرَّجُلُ يَخْرُجُ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ عَمْرَةٍ، فَإِذَا طَافَ، زَعَمْتَ أَنَّهُ قَدْ حَلَّ ، فَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَنْهَيَانِ عَنْ ذَلِكَ ؟
فَقَالَ: أَهُمَا، وَيْحَكَ، آثَرُ عِنْدَكَ أَمْ مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ ، وَمَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَصْحَابِهِ وَفِي أُمَّتِهِ؟
فَقَالَ عُرْوَةُ: هُمَا كَانَا أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللَّهِ ، وَمَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنِّي وَمِنْكَ ".
قال الهيثمي في "المجمع" (3/ 234):
" رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ " انتهى .
ورواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/ 189)
عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ : " أَنَّ عُرْوَةَ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَضْلَلْتَ النَّاسَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: وَمَا ذَاكَ يَا عُرَيَّةُ؟ قَالَ: تُفْتِي النَّاسَ أَنَّهُمْ إِذَا طَافُوا بِالْبَيْتِ فَقَدْ حَلُّوا , وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَجِيئَانِ مُلَبِّيَيْنِ بِالْحَجِّ فَلَا يَزَالَانِ مُحْرِمَيْنِ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ ؟
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بِهَذَا ضَلَلْتُمْ؟ أُحَدِّثُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُحَدِّثُونِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا؟
فَقَالَ عُرْوَةُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا كَانَا أَعْلَمَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْكَ ".
وروى ابن حزم في "حجة الوداع" (ص: 353)
وابن عبد البر في "الجامع" (2/1209)
عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: " قَالَ عُرْوَةُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ؟ تُرَخِّصُ فِي الْمُتْعَةِ ؟
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَلْ أُمَّكَ يَا عُرْوَةُ .
فَقَالَ عُرْوَةُ: أَمَّا أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ فَلَمْ يَفْعَلَا .
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَاللَّهِ مَا أَرَاكُمْ مُنْتَهِينَ حَتَّى يُعَذِّبَكُمُ اللَّهُ، أُحَدِّثُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُحَدِّثُونَنَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، فَقَالَ عُرْوَةُ هُمَا أَعْلَمُ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَتْبَعُ لَهَا مِنْكَ " .
فهذا خبر ثابت ، إلا أنا لم نجده باللفظ المذكور في السؤال ، وهو صحيح المعنى .
ومعنى هذا الأثر :
أنه لا يجوز أن تترك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول أحد ورأيه ، فقول رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدم على قول غيره ، وفعله مقدم على فعل غيره ، ولا تعارض سنته بقول أحد أو فعله ، كائنا من كان .
قال الخطيب البغدادي رحمه الله –
معلقا على قول عروة: هُمَا وَاللَّهِ كَانَا أَعْلَمَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاتْبَعَ لَهَا مِنْكَ - :
" قُلْتُ: قَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ عَلَى مَا وَصَفَهُمَا بِهِ عُرْوَةُ ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَلَّدَ أَحَدٌ فِي تَرْكِ مَا ثَبَتَتْ بِهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
انتهى من "الفقيه والمتفقه" (1/ 378).
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:
" معنى هذا: أن العبد يجب عليه الانقياد التام لقول الله تعالى، وقول رسوله، وتقديمهما على قول كل أحد، وهذا أمر معلوم من الدين بالضرورة " .
انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (1/ 77) .
وقال ابن عثيمين رحمه الله :
" لا يجوز لأحد من الناس أن يعارض كلام الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأي كلام، لا بكلام أبي بكر الذي هو أفضل الأمة بعد نبيها، ولا بكلام عمر الذي هو ثاني هذه الأمة بعد نبيها، ولا بكلام عثمان الذي هو ثالث هذه الأمة بعد نبيها، ولا بكلام علي الذي هو رابع هذه الأمة بعد نبيها،
ولا بكلام أحد غيرهم؛ لأن الله تعالى يقول: ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) "
انتهى من"مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (5/ 249) .
وقال ابن عبد البر في "الجامع" (2/ 1210):
" قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: " مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ مُعَاوِيَةَ ، أُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُخْبِرُنِي بِرَأْيِهِ، لَا أُسَاكِنُكَ بِأَرْضٍ أَنْتَ بِهَا " . وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ مِثْلَ ذَلِكَ بِمَعْنَاهُ " انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" قَالَ أَحْمَد: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ قَالَ:
سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ ، فَأَمَرَ بِهَا .
فَقِيلَ لَهُ: إنَّك تُخَالِفُ أَبَاك ؟!
فَقَالَ: عُمَرُ لَمْ يَقُلْ الَّذِي تَقُولُونَ ، إنَّمَا قَالَ عُمَرُ: إفْرَادُ الْحَجِّ مِنْ الْعُمْرَةِ ، فَإِنَّهَا أَتَمُّ لِلْعُمْرَةِ ، أَوْ أَنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَتِمُّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ إلَّا أَنْ يُهْدَى.
وَأَرَادَ أَنْ يُزَارَ الْبَيْتُ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ ، فَجَعَلْتُمُوهَا أَنْتُمْ حَرَامًا ، وَعَاقَبْتُمْ النَّاسَ عَلَيْهَا ؛ وَقَدْ أَحَلَّهَا اللَّهُ ، وَعَمِلَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ !!
فَإِذَا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ قَالَ: أَفَكِتَابَ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ تَتَّبِعُوا أَمْ عُمَرُ؟
وَكَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يُنَاظِرُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيهَا ، فَقَالَ: إنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ أَعْلَمُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْك ؟!
فَقَالَ لَهُ ابْنِ عَبَّاسٍ : يَا عرية ؛ سَلْ أُمَّك .
يَعْنِي أَنَّهَا تُخْبِرُهُ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالْإِحْلَالِ ؛ وَكَانَتْ أَسْمَاءُ مِمَّنْ أَحَلَّتْ.
وَهَذِهِ الْمُشَاجَرَةُ إنَّمَا وَقَعَتْ؛ لِأَنَّ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ يُوجِبُ الْمُتْعَةَ ، بَلْ كَانَ يُوجِبُ الْفَسْخَ ، وَكَانَ يَقُولُ: كُلُّ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، وَلَمْ يَسُقْ الْهَدْيَ : فَقَدْ حَلَّ مِنْ إحْرَامِهِ.
وَيَحْتَجُّ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ بِالتَّحَلُّلِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} .
وَإِيجَابُ الْمُتْعَةِ هُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالظَّاهِرِيَّةِ: كَابْنِ حَزْمٍ وَغَيْرِهِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشِّيعَةِ أَيْضًا .
لَكِنَّ الْجَمَاهِيرَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ التَّمَتُّعُ وَالْإِفْرَادُ؛ وَالْقِرَانُ "
انتهى من "مجموع الفتاوى" (26/ 50) .
على أن الواجب أن ننبه هنا إلى أمر مهم في ذلك ، وهو :
أن المخاطب باتباع محض الدليل ، وعدم تقديم كلام الصحابة ، فمن دونهم من أهل العلم عليه : إنما هو العالم ، وطالب العلم المتأهل المنتهي ، القادر على الاستنباط ، والاجتهاد في المسألة ، ومعرفة أطراف القول فيها ، وموارد أدلتها .
وأما العامي ومن أشبهه : فإنما فرضه سؤال أهل العلم ، واتباع ما يفتونه به ؛ كما أمر الله عباده بذلك ، فقال : ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) النحل/43
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-07-30, 18:32
الأدلة الشّرعية على حجيّة السنّة النبوية
السؤال :
هل يجب علينا اتباع السنة أم القرآن فقط ؟
وهل المسلم ملزم باتّباع مذهب معيّن ؟
الجواب :
الحمد لله
السؤال الأول يبدو للمسلم الجادّ سؤالا عجيبا ومثيرا للدهشة فكيف يتحوّل الشيء البدهي المسلّم به والذي هو من أساسيات الدين ، كيف يتحوّل مجالا للتساؤل ؟
ولكن حيث أنّ التساؤل قد حصل فنقدّم مستعينين بالله هذا التأصيل العلمي الشرعي لمسألة حجية السنة ووجوب اتّباعها وأهميتها وحكم من رفضها وفي ذلك ردّ على المتشككين
وعلى أتباع الطائفة الضّالة المتسمين بالقرآنيين - والقرآن منهم بريء- وهذا التأصيل نافع أيضا -إن شاء الله - لكل من يريد معرفة الحقّ في هذه القضية :
أدلة حجية السنّة :
أولا : دلالة القرآن الكريم على حجية السنة :
وذلك من وجوه :
الأول - قال الله تعالى : ( من يطع الرّسول فقد أطاع الله ) ، فجعل الله تعالى طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم من طاعته .
ثم قرن طاعته بطاعة رسوله ، قال تعالى : ( يـا أيّها الّذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرّسول ) .
الثاني - حذر الله عز وجل من مخالفة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وتوعد من عصاه بالخلود في النار ، قال تعالى : ( فليحذر الّذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبُهم عـذاب ألـيم) .
الثالث - جعل الله تعالى طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم من لوازم الإيمان ، ومخالفته من علامات النفاق ، قال تعالى : ( فلا وربك لا يؤمنون حتّى يحكمُّوك فيما شجر بينهم ثمّ لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مـمّا قضيت ويسلموا تسليماً ) .
الرابع :- أمر سبحانه وتعالى عباده بالاستجابة لله والرسول ، قال تعالى : ( يا أيّـُها الّذين أمنوا استجيبوا لله وللرّسول إذا دعاكم لما يُحييكم ..) .
الخامس : - ثم أمرهم سبحانه برد ما تنازعوا فيه إليه ، وذلك عند الاختلاف ، قال تعالى : ( فإن تنازعتم في شيء فردّوُه إلى الله والرّسول ) .
ثانياً : دلالة السنة النبوية على حجية السنة :
وذلك من وجوه :
أحدها : ما رواه الترمذي عن أبي رافع وغيره رفعه ( أي : إلى النبي صلى الله عليه وسلم ) قال لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه أمر مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح سنن الترمذي ط. شاكر رقم 2663
وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أيحسب أحدكم متكئا على أريكته قد يظن أن الله لم يحرم شيئا إلا ما في هذا القرآن ألا وإني والله قد وعظت وأمرت ونهيت عن أشيا
إنها لمثل القرآن أو أكثر .. الحديث رواه أبو داود كتاب الخراج والإمارة والفيء
الثاني : ما رواه أبو داود أيضا في سننه عن العرباض بن سارية رضي الله عنه ، أنه قال : ( صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، ثم أقبل علينا
فوعظنا موعظة بليغة ) وفيها : ( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين ، تمسكوا بـها ، وعضوا عليها بالنواجذ ..) في كتاب السنّة من صحيح أي داود
ثالثاً : دلالة الإجماع على حجية السنة :
قال الشافعي رحمه الله :
ولا أعلم من الصحابة ولا من التابعين أحدا أُخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قبل خبره ، وانتهى إليه ، وأثبت ذلك سنة .. وصنع ذلك الذين بعد التابعين ، والذين لقيناهم
كلهم يثبت الأخبار ويجعلها سنة ، يحمد من تبعها ، ويعاب من خالفها ، فمن فارق هذا المذهب كان عندنا مفارق سبيل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل العلم بعدهم إلى اليوم ، وكان من أهل الجهالة .
رابعا: دلالة النظر الصحيح على حجية السنة :
كون النبي صلى الله عليه وسلم رسول الله ، يقتضي تصديقه في كل ما يخبر به ، وطاعته في كل ما يأمر به ، ومن المُسلَّم به أنه قد أخبر وحكم بأمور زائدة على ما في القرآن الكريم
فالتفريق بينها وبين القرآن ، في وجوب الالتزام بـها ، والاستجابة لها ، تفريق بما لا دليل عليه ، بل هو تفريق باطل ، فلزم أن يكون خبره صلى الله عليه وسلم واجب التصديق ، وكذا أمره واجب الـطـاعة .
حكم من أنكر حجية السنة أنه كافر لإنكاره ما هو معلوم من الدين بالضرورة .
أما السؤال الثاني وهو هل المسلم ملزم باتّباع مذهب معيّن فالجواب : لا يلزم ذلك ، وكل عامي من المسلمين مذهبه مذهب مفتيه ، وعليه أن يسأل من يثق به من أهل العلم والفتوى وإذا كان الشّخص طالب علم يميّز بين الأدلة والأقوال فعليه أن يتبّع القول الراجح من أقوال أهل العلم بدليله الصحيح من الكتاب والسنّة .
هذا ويجوز للمسلم أن يتبع مذهبا معينا من المذاهب الفقهية الأربعة المشهورة بشرط أنّه إذا عرف أنّ الحقّ في المسألة المعيّنة خلاف المذهب وجب عليه أن يخالف المذهب ويتّبع الحقّ ولو كان في مذهب آخر
لأنّ المقصود هو اتّباع الحقّ الذي يُعرف بالكتاب والسنة ، والمذاهب الفقهية ما هي إلا طرق لمعرفة الأحكام الشرعية دالّة على أحكام الكتاب والسنّة وليست هي الكتاب والسنّة .
نسأل الله أن يرينا الحقّ حقّا ويرزقنا اتّباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وصلى الله على نبينا محمد .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-07-30, 18:41
تحقيق الإسلام لا يكون إلا باتباع الكتاب والسنة .
السؤال :
أخبرتُ الناس أن اتباع الإسلام يكون باتباع التوراة والإنجيل والقرآن ، بدلا من القرآن والسنة فقط . فقالوا : إنني مخطئ ؛ لأنني لست عالما ، لذلك أردت أن توضح لي خطئي
وعلي كل الأحوال سأصدق وسأتفق مع ما تعتقد . وهذا نص نقاشي معهم : السورة الخامسة من القرآن الكريم : ( سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ *
وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ). وهذه هي الترجمة للمعني العربي ، وهذا دليل علي أن النبي محمد قد احتكم للقرآن والتوراة
ويقول الله تعالي أيضا في سورة القصص : (فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ * قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ *
فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) .
الجواب :
الحمد لله
أولا :
أصل دين الأنبياء والرسل واحد لا يختلف ، وهو توحيد الله وعبادته وحده ، ونبذ عبادة ما يعبد من دونه
قال الله تعالى : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ) النحل/ 36 ، وقال تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) الأنبياء/ 25 .
فالتوراة والإنجيل والقرآن متفقون على هذا الأصل .
أما أحكام الحلال والحرام وتفاصيل العبادات فلكل نبي شرعه
قال الله تعالى : ( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ) المائدة/48.
ثانيا :
لما كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ، وكانت شريعته أكمل الشرائع وأتمها ، وكانت سنته من كمال شرعه وجب التحاكم إلى الكتاب والسنة إلى يوم القيامة
لأنه لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم ، ولا بد للناس من شريعة تحكمهم ، وشريعة النبي صلى الله عليه وسلم أكمل الشرائع وآخرها ، فوجب اتباع شريعته ، وهي الكتاب والسنة .
وقد قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ، وَمِثْلَهُ مَعَهُ ) .
رواه أبو داود (4604) ، وصححه الألباني .
فكانت شريعة الكتاب والسنة هي التي يجب اتباعها إلى يوم القيامة
ولا يجوز لأحد الخروج عنها ، كما لا يجوز الرجوع إلى شريعة التوراة أو الإنجيل ؛ لأن الله تعالى قد نسخ بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم ما سبقه من الشرائع إلا ما أُقر منها ، بخلاف الاعتقاد ومسائل الإيمان فإنها ثابتة .
قال الله تعالى :( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ) المائدة/ 48 .
قال ابن كثير رحمه الله :
" فالقرآن أَمِينٌ وَشَاهِدٌ وَحَاكِمٌ عَلَى كُلِّ كِتَابٍ قَبْلَهُ ، جَعَلَ اللَّهُ هَذَا الْكِتَابَ الْعَظِيمَ، الَّذِي أَنْزَلَهُ آخِرَ الْكُتُبِ وَخَاتَمَهَا، أَشْمَلَهَا وَأَعْظَمَهَا وَأَحْكَمَهَا ؛ حَيْثُ جَمَعَ فِيهِ مَحَاسِنَ مَا قَبْلَهُ، وَزَادَهُ مِنَ الْكَمَالَاتِ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهِ ؛ فَلِهَذَا جَعَلَهُ شَاهِدًا وَأَمِينًا وَحَاكِمًا عَلَيْهَا كُلِّهَا، وَتَكَفَّلَ تَعَالَى بِحِفْظِهِ بِنَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ
.
وَقَوْلُهُ: (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ) أَيْ : فَاحْكُمْ يَا مُحَمَّدُ بَيْنَ النَّاسِ : عَرَبهم وَعَجَمِهِمْ ، أُميهم وَكِتَابَيِّهِمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فِي هَذَا الْكِتَابِ الْعَظِيمِ ، وَبِمَا قَرَّرَهُ لَكَ مِنْ حُكْمِ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَلَمْ يَنْسَخْهُ فِي شَرْعِكَ "
.
انتهى باختصار من "تفسير ابن كثير" (3/ 128) .
وقال ابن عثيمين رحمه الله :
" جميع الأديان السماوية منسوخة بالدين الإسلامي ، وهي الآن ليست مما يدان به لله عز وجل لأن الذي شرعها ووضعها ديناً هو الذي نسخها بدين محمد صلى الله عليه وسلم "
انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (4/ 2) بترقيم الشاملة .
ثالثا :
ولذلك فإن قولك : " اتباع الإسلام يكون باتباع التوراة والإنجيل والقرآن بدلا من القرآن والسنة فقط " قول مردود لعدة أسباب :
الأول : أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى قد حرفوا التوراة والإنجيل ، فكيف يكون اتباع الإسلام يعني اتباع الكتب المحرفة ؟!
الثاني : هذا القول لا يصلح عند الكلام عن الشرائع والأحكام لما تقدم من أن تفاصيل الأحكام مختلفة في شرائع الرسل ، والواجب على جميع الأمم اتباع شريعة محمد صلى الله عليه وسلم وحده ، والتي هي الكتاب والسنة .
وقد روى أحمد (14736)
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما : " أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُتُبِ فَقَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَضِبَ فَقَالَ : ( أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ؟
- يعني أمتحيرون ؟ - وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً ، لَا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي ) .
حسنه الألباني في "الإرواء" (6/34) .
الثالث : أن الله عز وجل أكمل الدين وأتم النعمة بالكتاب والسنة ، فلا خروج لأحد عن حكمهما .
قال الله عز وجل : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) المائدة/3 .
وعن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بين لكم ) .
رواه الطبراني في الكبير (1647) ، وصححه الألباني في الصحيحة (1803) .
سادسا : أن تحقيق شهادة أن محمدا رسول الله لا يتم إلا باتباع السنة .
قال ابن القيم رحمه الله :
" فقد بيَّن الله - سبحانه - على لسان رسوله بكلامه وكلام رسوله جميع ما أمره به ، وجميع ما نهى عنه ، وجميع ما أحله ، وجميع ما حرمه ، وجميع ما عفا عنه , وبهذا يكون دينُه كاملا كما قال تعالى : ( اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُم دينَكُم وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُم نعْمَتي) "
انتهى من " إعلام الموقعين " ( 1 / 250 ) .
ثالثا :
أما قول الله تعالى : ( سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ) المائدة/ 42، 43 .
فمعنى هاتين الآيتين تبكيت هؤلاء اليهود الذين لا يرضون بحكم الله ولا بحكم رسوله ، وهم إنما جاءوه ليحكم بينهم ، عسى أن يوافق أهواءهم ، فخيره الله عز وجل بين أن يحكم بينهم، أو يعرض عن الحكم بينهم ، فإن حكم بينهم : وجب عليه أن يحكم بالقسط ولا يتبع أهواءهم .
ثم قال متعجبا لهم : ( وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ )
فإنهم - لو كانوا مؤمنين عاملين بما يقتضيه الإيمان ويوجبه - لم يعرضوا عن حكم الله الذي في التوراة التي بين أيديهم ، ويبحثوا عما لعله يوافق أهواءهم في غيره .
وحين حكمت بينهم بحكم الله الموافق لما عندهم أيضا ، لم يرضوا بذلك ، بل أعرضوا عنه ، فلم يرتضوه .
قال تعالى: (وَمَا أُولَئِكَ) الذين هذا صنيعهم (بِالْمُؤْمِنِينَ) أي: ليس هذا دأب المؤمنين ، وليسوا أهلا للإيمان ، لأنهم جعلوا آلهتهم أهواءهم ، وجعلوا أحكام الإيمان تابعة لأهوائهم .
انظر : " تفسير السعدي" (ص232) .
واليهود قوم بهت ، يحرفون الكلم من بعد مواضعه ، وقد تبين أنهم يحرفون الكتاب ، ولا يؤمنون بالتوراة التي أنزلها الله إنما يتبعون أهواءهم .
وقد روى البخاري (3635) ، ومسلم (1699)
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : " أَنَّ اليَهُودَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ ؟ )، فَقَالُوا: نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ : كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا، فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ ، فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ : ارْفَعْ يَدَكَ ، فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ
فَقَالُوا: صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ ، فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ ، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَجْنَأُ عَلَى المَرْأَةِ يَقِيهَا الحِجَارَةَ " .
وفي رواية مسلم : " فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَاءَ يَهُودَ ، فَقَالَ: ( مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ عَلَى مَنْ زَنَى؟ ) ، قَالُوا: نُسَوِّدُ وُجُوهَهُمَا، وَنُحَمِّلُهُمَا، وَنُخَالِفُ بَيْنَ وُجُوهِهِمَا، وَيُطَافُ بِهِمَا، قَالَ: ( فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) " .
فلما كان حكم التوراة في هذه المسألة ، موافقا لحكم القرآن : لم يمتنع النبي صلى الله عليه وسلم من الحكم بما في التوراة ، ولأن ذلك مما يدل على أنهم كانوا يحرفون كلام الله ويبدلون حكم الله .
رابعا :
الآيات التي أوردها السائل : إنما هي في معرض محاجة الكافرين الذين كفروا بالتوراة من قبل ، وكفروا بالقرآن بعد ذلك ، فقالوا أولا : ( لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى)
قال الله تعالي: ( أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا )
أي: القرآن والتوراة ، تعاونا في سحرهما ، وإضلال الناس ( وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ) فثبت بهذا أن القوم يريدون إبطال الحق بما ليس ببرهان ، ويقولون الأقوال المتناقضة المختلفة ، وهذا شأن كل كافر، ولهذا صرح أنهم كفروا بالكتابين والرسولين .
انظر : "تفسير السعدي" (ص 618) .
فأراد الله تعالى أن يبين للناس أنهم يكفرون بكل رسول ، ويكفرون بكل كتاب .
فمثل هذا في معرض المحاجة ليبين لهم أنهم لا يؤمنون لا بمحمد ولا بموسى ولا بغيرهما من رسل الله ، ولا يقرون بشريعة التوراة ولا شريعة القرآن
ولذلك قال : ( فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) القصص/ 50 .
والخلاصة :
أنه لا يجوز الخروج عن حكم الكتاب والسنة إلى يوم القيامة ، ومن ترك حكم السنة ولم يلتزمه زاعما أن اتباع الإسلام إنما يكون باتباع القرآن والتوراة والإنجيل فقد ضل سواء السبيل .
وهذا أمر معلوم بالضرورة من دين الإسلام ، أنه لا يحل لأحد الخروج عن حكمه في كتابه وسنة نبيه ، ولا طلب الهدى فيما سواهما ، بعد بعثة نبيه صلى الله عليه وسلم .
ولا حرج إن كان عندك شيء من شبهة ، أو رأي ، أن تعرضه على أهل العلم الثقات الذي يمكنك التواصل معهم .
نسأل الله لنا ولك الثبات على الدين ، والاستقامة على منهج الكتاب والسنة .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-07-30, 18:46
سبب اختلاف أحكام التوراة والقرآن
السؤال:
أعلم أن نقطة الاتفاق بين الإسلام واليهودية هي عبادة الله الواحد وحرمة عبادة الأصنام ، والفرق الأساسي بينهما هو كتاب كل دين - أقصد القرآن والتوراة -
فكيف تختلف تعاليم القرآن عن تعاليم التوراة ؟ .
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
نرحب بك في موقعنا ، ونسأل الله أن يعيننا على تقديم المفيد من المعلومات لك ، وأن يكون ذلك نافعاً لك في دينك ودنياك .
ثانياً :
إذا كنت تتحدث عن اليهودية التي شرعها الله ، والتوراة التي أنزلها الله ، فالإسلام واليهودية متفقان - كما قلت - في عبادة الله وحده لا شريك له ،
وتحريم عبادة غيره أياً كان ، وكذلك متفقون في قضايا الإيمان بالأنبياء والرسل ، واليوم الآخر والحساب والجنة والنار .... إلخ .
أما الأحكام كالحلال والحرام ، وتفاصيل العبادات ، فهذا هو الذي يختلف فيه الإسلام عن اليهودية ، ويختلف فيه القرآن عن التوراة
وقد قال الله تعالى في القرآن الكريم : ( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ) المائدة/48 ، فكل أمة لها شريعتها في الحلال والحرام ، ولها عبادتها التي تعبد الله بها .
وشبه نبينا صلى الله عليه وسلم اتفاق الأنبياء جميعاً على أصل الدين وهو التوحيد والعقائد وعبادة الله وحده لا شريك له ، واختلافهم في الشرائع بقوله : ( الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ
) رواه البخاري ومسلم .
والإخوة لعلات هم الإخوة من أب واحد ، وأمهات مختلفة .
إذاً فأصل دين الأنبياء واحد ، وهو التوحيد ، وعبادة الله وحده لا شريك له ، لكن تفاصيل الشرائع والأحكام هي التي تختلف .
وهذا هو الموافق للحكمة .
فآدم عليه السلام كانت له شريعته التي تناسبه ، وتناسب أولاده ، وتلائم الزمان الذي هم فيه ؛ فكان من شريعته ـ مثلا ـ أن الأخ يتزوج من أخته ، لأنه لا يمكن حصول التناسل ووجود الذرية في هذا الوقت إلا بذلك .
ثم طال الزمان ، وتغيرت الشرائع بما يناسب الأمم الجديدة والأزمنة الجديدة ، ولذلك كان من شريعة اليهود تحريم نكاح الأخ لأخته ، مع أنه كان مباحاً في شريعة آدم .
ويعقوب عليه السلام كان كل الطعام حلالاً له ، وهو الذي حرم على نفسه بعض الأشياء ، وثبت ذلك التحريم ، وصار شرعاً له ولأولاده ، وفي هذا يقول الله تعالى في القرآن الكريم : (كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ) آل عمران/93 .
ثم جاءت شريعة عيسى عليه السلام ، وكانت أخف من شريعة موسى ، فأحل الله للنصارى (أتباع المسيح عليه السلام) بعض المحرمات التي كانت في شريعة موسى ، وفي هذا يقول الله تعالى على لسان عيسى عليه السلام : (وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ) آل عمران/50 .
ثم جاءت شريعة القرآن ، شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ، فخالفت الشرائع السابقة ـ أيضا ـ في بعض الأحكام ؛ كما حدث ذلك من قبل في اليهودية ، والنصرانية .
ولما كانت شريعة القرآن هي الشريعة الخاتمة الباقية إلى يوم القيامة ، كانت أكمل الشرائع وأحسنها ، وأخفها ، وفيها من المرونة ما يتناسب مع كل زمان ومكان إلى قيام الساعة .
وهذا هو السبب في اختلاف أحكام التوراة مع أحكام القرآن ، حيث كانت التوراة خاصة ببني إسرائيل فقط ، ولم تكن أحكامها مستمرة ثابتة إلى يوم القيامة ، وإذا كانت أكثر أحكام التوراة معتمدة بعد ذلك في المسيحية
وإنما تغير ذلك في تحليل بعض ما كان محرما ، فقد كانت أحكام التوراة والإنجيل من بعده مقيدتين بزمن ، ينتهي ذلك كله عنده ، وهو مجيء النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، الذي أخذ العهد على الأنبياء من قبله : أنه متى بعث
وأحدهم حي : أن يترك ما عنده ، ويتبعه
. قال الله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ * فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) آل عمران/81-82
وشريعة القرآن خالفت كل الشرائع قبلها حتى تكون متناسبة مع كل أجناس البشر ، في كل وقت إلى آخر الدنيا .
أما إذا كان حديثك عن التوراة الموجودة الآن ، فلا بد من مصارحتك بالحقيقة التي نعتقدها
وإن كان ذلك سيؤلمك ـ غير أننا نرجو أن يكون عندك من قوة العقل ، وحسن التدبير ما تميز به بين الحق والباطل ، وأن يكون ذلك دافعاً لك لمزيد من البحث حتى تصل إلى الحق .
وهذه الحقيقة هي أن هذه التوراة الموجودة الآن ليست هي التي أنزلها الله على موسى عليه السلام ، بل دخلها التحريف بكل أنواعه ، بالزيادة
والنقصان ، وتغيير المعنى ، وليس هذا موضع البسط في هذا الموضوع ، ولكن هذه إشارة فقط ، لعلها تكون دافعاً لك لمزيد من البحث .
فالتوراة الموجودة اليوم تشتمل على ما يجب القطع بأنه ليس من كلام الله ، وإنما هو من تحريف المحرفين ، الذين نسبوه زوراً إلى الله تعالى .
فمن ذلك مثلاً :
1- اشتمالها على تنقص الرب جل وعلا وتشبيهه بالمخلوقين ، ومن ذلك قولهم : " إن الله تصارع مع يعقوب ليلة كاملة فصرعه يعقوب ! "
ومن ذلك قولهم : " إن الله ندم على خلق البشر لما رأى من معاصيهم ، وأنه بكى حتى رمد فعادته الملائكة ! " ، تعالى الله عما يقول الظالمون علوّاً كبيراً .
2- اشتمالها على سبِّ الأنبياء والطعن فيهم ، ومن ذلك قولهم : " إن نبي الله هارون صنع عجلاً وعبده مع بني إسرائيل ! " ، وقولهم : " إن لوطاً شرب خمراً حتى سكر ، ثم قام على ابنتيه فزنى بهما الواحدة تلو الأخرى ! " ،
وقولهم : " إن سليمان عليه السلام ارتد في آخر عمره ، وعَبَدَ الأصنام ، وبنى لها المعابد ! " .
3- اشتمالها على المغالطات والمستحيلات والمتناقضات .
ومن الكتب التي تكلمت عن هذا الموضوع كتابان هما : " أصل الإنسان " و " التوراة والإنجيل والقرآن بمقياس العلم الحديث " للعالم الفرنسي الطبيب " موريس بوكاي
" حيث أثبت وجود أخطاء علمية في التوراة والإنجيل ، وأثبت في الوقت نفسه عدم تعارض القرآن مع العلم الحديث وحقائقه .
وقد قال في مقدمة كتابه الثاني صـ 29
: "ولقد قمت بفحص ودراسة نصوص القرآن الكريم بهذا الصدد ، بروح موضوعية تماماً وبدون أية أفكار وأحكام مسبقة . ولقد كنت أبحث في حقيقة الأمر عن مدى اتفاق نصوص القرآن الكريم مع معطيات العلم الحديث
ولقد كنت قد عرفت من ترجمة معاني القرآن الكريم أن القرآن الكريم فيه كثير من الإشارت إلى الظواهر الطبيعية ، ولكن لم أحظ إلا بإشارة موجزة إلى ذلك . وعندما فحصت نصوص القرآن كما هي باللغة العربية
فقط استطعت أن أحتفظ بقائمة للظواهر الطبيعية الكثيرة التي أشار إليها القرآن الكريم ، ويتعين علي في النهاية وبعد هذا الفحص الدقيق الشامل أن أعلن النتيجة الحاسمة التي وجدتها أمامي وهي أن : القرآن الكريم لا تتضمن نصوصه خبراً واحداً يمكن نقضه من وجهة نظر العلم الحديث
ولقد كررت نفس الاختبار فيما يتعلق بالعهد القديم ، وفيما يتعلق بالأناجيل ، محتفظاً بنفس النظرة الموضوعية في البحث والفحص والتدقيق .
وفيما يتعلق بشأن التوراة لم أحتج أن أذهب إلى أكثر من السفر الأول من أسفار التوراة وهو "سفر التكوين ، لكي أجد أحكاماً ومعطيات توراتية لا تتسق إطلاقاً مع الحقائق العلمية المسلم بصحتها تمام التسليم في العلم الحديث" انتهى
وبناء على هذا يكون عندنا سببان لاختلاف التوراة الموجودة الآن مع القرآن :
1- اختلاف شرائع الأنبياء .
2- التحريف الذي امتد إلى التوراة والتلاعب الذي حصل فيها على مر الزمان .
نسأل الله تعالى أن يـرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-07-30, 18:55
يزعم عدم وجوب اتباع الرسول في كل أمر
السؤال:
ما رأيكم بمن يقول : إنه لا يجب أن نتبع الرسول عليه الصلاة والسلام في كل شيء ؛ ﻷنه بشر ويجتهد فيخطأ ويصيب ؟
الجواب :
الحمد لله
طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم واجبة
بل هي أصل من أصول الإيمان كما دل القرآن الكريم على ذلك
قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا )النساء/ 59
وقال الله تعالى : ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ) المائدة/ 92 ، وقال تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ) النساء/ 64 .
وقد أخبر الله تعالى أنه لا يؤمن شخص حتى يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم فيما نزل به من نوازل ، ولا يجد في نفسه حرجا من حكمه الشريف ويسلم تسليما،
قال الله تعالى : (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)النساء/ 65 .
قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره (2 / 349)
: "وَقَوْلُهُ : ( فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ) : يُقْسِمُ تَعَالَى بِنَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ الْمُقَدَّسَةِ : أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ أَحَدٌ حَتَّى يُحَكم الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ، فَمَا حَكَمَ بِهِ فَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي يَجِبُ الِانْقِيَادُ لَهُ بَاطِنًا وَظَاهِرًا
؛ وَلِهَذَا قَالَ : ( ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) ، أَيْ: إِذَا حَكَّمُوكَ يُطِيعُونَكَ فِي بَوَاطِنِهِمْ ، فَلَا يَجِدُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا حَكَمْتَ بِهِ ، وَيَنْقَادُونَ لَهُ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ
فَيُسَلِّمُونَ لِذَلِكَ تَسْلِيمًا كُلِّيًّا مِنْ غَيْرِ مُمَانِعَةٍ ، وَلَا مُدَافِعَةٍ ، وَلَا مُنَازِعَةٍ ، كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ" انتهى.
وقد بوب الإمام النووي رحمه الله في كتابه النافع المبارك "رياض الصالحين" : باب في الأمر بالمحافظة على السنة وآدابها .
وذكر فيه طائفة من آيات القرآن الكريم ، التي تدل على ذلك الأصل الإيماني العظيم ، دلالة بينة واضحة ، لا لبس فيها ، ولا شبهة :
" قَالَ الله تَعَالَى : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) الحشر / 7
وَقالَ الله تَعَالَى : ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى ) النجم /3-4
وَقالَ الله تَعَالَى : ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) آل عمران / 31
وَقالَ الله تَعَالَى : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِر ) الأحزاب /21
وَقالَ الله تَعَالَى : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) النساء / 65
وَقالَ الله تَعَالَى : ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ ) النساء / 59
قَالَ العلماء : معناه إِلَى الكتاب والسُنّة
وَقالَ الله تَعَالَى : ( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ الله )النساء/80
وَقالَ الله تَعَالَى : ( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِراطِ اللهِ ) الشورى/ 52-53
وَقالَ الله تَعَالَى : ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) النور /63
وَقالَ الله تَعَالَى : ( وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ ) الأحزاب /34 ،
والآيات في الباب كثيرة " انتهى .
وذكر في الباب طائفة من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في تقرير ذلك الأصل ، ومن ذلك:
عَنْ أَبي هريرةَ - رضي الله عنه -
: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : ( كُلُّ أُمَّتِي يَدخُلُونَ الجَنَّةَ إلاَّ مَنْ أبَى ) ، قيلَ : وَمَنْ يَأبَى يَا رَسُول الله ؟ قَالَ : ( مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أبَى ) رواه البخاري .
وإن العجب لا ينقضي ممن يزعم أن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم غير واجب ، والله تعالى قد رتب الهدى والفلاح على طاعته واتباعه صلى الله عليه وسلم،
قال الله عالى: ( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) الأعراف/ 158
ويقول سبحانه : ( وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ) النور/ 54.
ومما يجب على كل مسلم أن يعتقده أن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهي طريقته في الدين من أقوال وأفعال : معصومة .
وكان صلى الله عليه وسلم إذا ما اجتهد في أمر ، فلم يصادف وجه الصواب : نزل الوحي فورا بتصحيح الأمر ، وبيان مراد الله وحكمه في النازلة المعينة
وهذا ما ثبت في القرآن الكريم
في مثل قوله تعالى : ( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ . لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ . فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )الأنفال/ 67 – 69
وقوله تعالى : ( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ . وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ) التوبة/ 113، 114
وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ . قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ )التحريم/1، 2 .
والحاصل :
أن هذا المعترض : لم يفهم شيئا عن أصول اتباع النبي صلى الله عليه وسلم ، ومكانها من دين الله جل جلاله ، ولم يفهم ما يدل على ذلك
ولم يعترض ـ حين اعترض على ذلك الأصل المقرر بشيء ينفعه أو له تعلق بمحل بحثه ونظره .
فليت هذا المرتاب إذا أشكل عليه أمر رده إلى أولي الأمر من العلماء والفقهاء ليجيبهوه على شبهته .
هدانا الله جميعا إلى ما فيه الهدى والرشاد .
والله أعلم.
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-08-03, 16:31
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
هل مسائل العقيدة فيها خلاف سائغ ؟
السؤال :
سدد الله خطاكم بارك الله فيكم هنالك من يقول أن المسائل العقدية فيها خلاف ويسوغها الاجتهاد
ويستدلون بذلك بأن الصحابة اختلفوا في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه
فابن عباس يقول برؤية النبي لربه أما السيدة عائشة أنكرت
فهل هذا القول صحيح وكيف يمكننا أن يرد عليهم؟
الجواب :
الحمد لله
أولا:
مسائل العقيدة منها ما يسوغ فيه الخلاف، وهو قليل، ويعتبر من فروع العقيدة، ومنها ما لا يسوغ فيه الخلاف، وهو الأصل، وهذا يرجع إلى ظهور أدلة المسائل وخفائها.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" لا يمكن أن نقول: إن جميع مسائل العقيدة يجب فيها اليقين؛ لأن من مسائل العقيدة ما اختلف فيه العلماء رحمهم الله، وما كان مختلفا فيه بين أهل العلم فليس يقينيا؛ لأن اليقين لا يمكن نفيه أبدا.
فمثلا اختلف العلماء رحمهم الله في عذاب القبر؛ هل هو واقع على البدن أو على الروح؟
واختلف أيضاً العلماء رحمهم الله أيضاً في الذي يوزن؛ هل هي الأعمال أو صحائف الأعمال أو صاحب العمل؟
واختلف العلماء رحمهم الله أيضاً في الجنة التي أُسكنها آدم؛ هل هي جنة الخلد أم جنة في الدنيا؟
واختلف العلماء رحمهم الله أيضاً في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه؛ هل رآه بعينه - يعني في الحياة - أم رآه بقلبه؟
واختلف العلماء رحمهم الله في النار؛ هل هي مؤبدة أم مؤمدة؟
وكل هذه المسائل من العقائد، والقول بأن العقيدة ليس فيها خلاف على الإطلاق غير صحيح، فإنه يوجد من مسائل العقيدة ما يعمل فيه الإنسان بالظن.
فمثلا في قوله تعالى في الحديث القدسي: (من تقرب إلى شبرا تقربت منه ذارعا) ، لا يجزم الإنسان بأن المراد بالقرب القرب الحسي، فإن الإنسان لا شك أنه ينقدح في ذهنه أن المراد بذلك القرب المعنوي.
وقوله تعالى: (من أتاني يمشي أتيته هرولة) هذا أيضاً لا يجزم الإنسان بأن الله يمشي مشيا حقيقيا هرولة، فقد ينقدح في الذهن أن المراد الإسراع في إثابته، وأن الله تعالى إلى الإثابة أسرع من الإنسان إلى العمل
ولهذا اختلف علماء أهل السنة في هذه المسألة، بل إنك إذا قلت بهذا أو هذا فلست تتيقنه كما تتيقن نزول الله عز وجل، الذي قال فيه الرسول عليه الصلاة والسلام: (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا)
فهذا ليس عند الإنسان شك في أنه نزول حقيقي، وكما في قوله: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طه: 5) فلا يشك إنسان أنه استواء حقيقي.
والحاصل : أن مسائل العقيدة ليست كلها مما لابد فيه من اليقين؛ لأن اليقين أو الظن حسب تجاذب الأدلة، وتجاذب الأدلة حسب فهم الإنسان وعلمه. فقد يكون الدليلان متجاذبين عند شخص
ولكن عند شخص آخر ليس بينهما تجاذب إطلاقا، لأنه قد اتضح عنده أن هذا له وجه وهذا له وجه، فمثل هذا الأخير ليس عنده إشكال في المسألة بل عنده يقين، وأما الأول فيكون عنده إشكال وإذا رجح أحد الطرفين فإنما يرجحه بغلبة الظن.
ولهذا لا يمكن أن نقول إن جميع مسائل العقيدة مما يتعين فيه الجزم ، ومما لا خلاف فيه؛ لأن الواقع خلاف ذلك، ففي مسائل العقيدة ما فيه خلاف، وفي مسائل العقيدة ما لا يستطيع الإنسان أن يجزم به، لكن يترجح عنده.
إذا هذه الكلمة التي نسمعها بأن مسائل العقيدة لا خلاف فيها، ليس على إطلاقها؛ لأن الواقع يخالف ذلك"
انتهى من "شرح العقيدة السفارينية" (1/ 307).
وينظر للفائدة : "مجموع فتاوى شيخ الإسلام" (19/204) وما بعدها
"منهاج السنة النبوية" (5/84) وما بعدها .
ثانيا:
ضابط ما يسوغ فيه الخلاف من المسائل العلمية والعملية:
1. أن لا يكون في المسألة دليل صريح من الكتاب أو السنَّة أو إجماع متحقق .
وما لم تكن المسألة فيها نص من الوحي أو إجماع منعقد: فستكون مبنية على النظر والاجتهاد ، والعلماء ليسوا سواسية في هذا الباب ، وقد وهب الله تعالى لبعضهم ما لم يهبه لغيره من قوة النظر والقدرة على الاستنباط .
ولا فرق في هذا بين مسائل العقيدة ومسائل الفقه ، وأكثر ما يقع فيه الخلاف والعفو عنه هو دقيق مسائل العلم ؛ لأنه يندر إجماع العلماء على هذه الدقائق .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله
- : " ولا ريب أن الخطأ في دقيق العلم مغفور للأمَّة وإن كان ذلك في المسائل العلمية ، ولولا ذلك لهلك أكثر فضلاء الأمَّة "
انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 20 / 165 ).
2. أن تكون المسألة فيها نص صحيح ، لكنه غير صريح في الدلالة على المراد .
ووقوع الخلاف هنا في الفهم الذي جعله الله تعالى متفاوتاً بين الخلق .
3. أن تكون المسألة فيها نص صريح في الدلالة لكنه متنازع في صحته، أو يكون له معارض قوي من نصوص أخرى .
مع التنبيه أن الخلاف السائغ المقبول : هو ما كان صادراً من أهل العلم والدين ، وأما العامة ، وأشباههم ، فلا قيمة لخلافهم ، ولا عبرة بفتواهم أصلا .
ثالثا:
من أهل العلم من لا يرى خلافا حقيقيا بين الصحابة في مسألة رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه ليلة المعراج.
قال ابن القيم رحمه الله
: "وقد حكى عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب الرؤية له : إجماع الصحابة على أنه لم ير ربه ليلة المعراج، وبعضهم استثنى ابن عباس فيمن قال ذلك .
وشيخنا [أي ابن تيمية] يقول: ليس ذلك بخلاف في الحقيقة، فإن ابن عباس لم يقل رآه بعيني رأسه ، وعليه اعتمد أحمد في إحدى الروايتين حيث قال: إنه رآه عز وجل ، ولم يقل بعيني رأسه، ولفظ أحمد لفظ ابن عباس رضي الله عنهما.
ويدل على صحة ما قال شيخنا في معنى حديث أبي ذر رضي الله عنه ، قوله في الحديث الآخر: (حجابه النور) ؛ فهذا النور ، هو - والله أعلم - النور المذكور في حديث أبي ذر رضي الله عنه: (رأيت نورا) "
انتهى من اجتماع الجيوش الإسلامية (1/ 12).
والحاصل :
أنه لا يصح الإطلاق بأن المسائل العقدية فيها خلاف سائغ، ولا العكس، والصواب أن أكثر المسائل العقدية لا خلاف فيها، وإنما الخلاف في بعض الفروع الدقيقة التي لا نص فيها، أو فيها نص غير صريح.
والله أعلم.
*عبدالرحمن*
2018-08-03, 16:47
هل يمكن لأرواح الأنبياء والصحابة وآل البيت التواصل مع البشر
السؤال
: كنت أريد اخذ رأي حضرتكم في أمر بالغ الأهمية نحن أسره على خلق وتدين ملتزمون بقراءة القرآن والصلاة
والتسبيح دائما ومنذ فتره تعرفنا على رجل من أسرة بني هاشم وأخذ يحدثنا عن كرامات لأخيه الذي دخل الخلوة منذ ثلاثون عاما ولا يأكل ولا يشرب
وكان يحدث القطط ويرى الرؤى وتتحقق وأخبرته أمي أنها رأت السيدة نفيسة في الرؤيا فنصحها بزيارتها وأخذ يحثنا على زيارة قبور آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم .
. السيدة نفيسة رضي الله عنها والحسين رضي الله عنه .. مع الحفاظ على آداب زيارة القبور بإلقاء السلام عليهم وقراءة الفاتحة وأن تخبر السيدة نفيسة أنها لبت دعوتها وعندما ذهبت أمي سمعت من يهمس في إذنها وأخبرتها أنها السيدة نفيسة ونصحتها بأن تتقي الله
وتقرأ سورة الصافات والدخان والمؤمنين وخرجت أمي وبعدها بفترة قليله بدأت تحدث مثل هذه الأشياء في منزلنا وزيارة من الأنبياء والصحابة وآل بيت رسول الله ونشعر بهم وانأ فقط رأيت السيدة نفيسة يقظة مرتين وأنا أبلغ من العمر 32 عاما وأم لطفلين وأمي 55
عاما وأختي 20 عاما وهم يتواصلون معنا بالهمس وينصحوننا بأشياء عديدة كالصلاة وقراءة القرآن أو عمل الخير أو غيرها من الأمور وعندما سألنا الرجل الذي سبق وأخبرتكم
عنه أخبرنا بأن ما يحدث معنا صحيح وأخذ يخبرنا عن مواقف ومعجزات عاصرها مع أخيه وبعض شيوخ الصوفية ولكن بقي في القلب شك وريبه لعلمي أن لايمكن للأرواح أن تتواصل مع البشر
والأمر بدأ في التطور وعند زيارة أمي قبور ذويها بدؤوا بالتواصل معها أيضا وأخيرا أمرونا بالاختلاء ساعة في اليوم وعبادة الله ولا أعلم من هم هل يمكن لأرواح الأنبياء والصحابة وآل البيت التواصل مع الناس ؟
الجواب :
الحمد لله
رؤية الأنبياء والصالحين بعد موتهم، وتواصل أرواحهم مع الأحياء، ومحادثتهم بالهمس، من بدع الصوفية وضلالاتهم.
قال شيخ الإسلام رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (27/391-393)
: "وَالضُّلَّالُ مَنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ يَرَوْنَ مَنْ يُعَظِّمُونَهُ: إمَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِمَّا غَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ يَقَظَةً وَيُخَاطِبُهُمْ وَيُخَاطِبُونَهُ. وَقَدْ يَسْتَفْتُونَهُ وَيَسْأَلُونَهُ عَنْ أَحَادِيثَ فَيُجِيبُهُمْ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّ الْحُجْرَةَ قَدْ انْشَقَّتْ ، وَخَرَجَ مِنْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعَانَقَهُ هُوَ وَصَاحِبَاهُ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالسَّلَامِ ، حَتَّى وَصَلَ مَسِيرَةَ أَيَّامٍ ، وَإِلَى مَكَانٍ بَعِيدٍ.
وَهَذَا وَأَمْثَالُهُ أَعْرِفُ مِمَّنْ وَقَعَ لَهُ هَذَا وَأَشْبَاهَهُ عَدَدًا كَثِيرًا.
وَقَدْ حَدَّثَنِي بِمَا وَقَعَ لَهُ فِي ذَلِكَ ، وَبِمَا أَخْبَرَ بِهِ غَيْرَهُ مِنْ الصَّادِقِينَ ، مَنْ يَطُولُ هَذَا الْمَوْضِعُ بِذِكْرِهِمْ.
وَهَذَا مَوْجُودٌ عِنْدَ خَلْقٍ كَثِيرٍ ، كَمَا هُوَ مَوْجُودٌ عِنْدَ النَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ .
لَكِنْ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يُكَذِّبُ بِهَذَا ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ إذَا صَدَّقَ بِهِ يَظُنُّ أَنَّهُ مِنْ الْآيَاتِ الْإِلَهِيَّةِ ، وَأَنَّ الَّذِي رَأَى ذَلِكَ رَآهُ لِصَلَاحِهِ وَدِينِهِ.
وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ الشَّيْطَانِ ، وَأَنَّهُ بِحَسَبِ قِلَّةِ عِلْمِ الرَّجُلِ يُضِلُّهُ الشَّيْطَانُ.
وَمَنْ كَانَ أَقَلَّ عِلْمًا ، قَالَ لَهُ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلشَّرِيعَةِ خِلَافًا ظَاهِرًا.
وَمَنْ عِنْدِهِ عِلْمٌ مِنْهَا : لَا يَقُولُ لَهُ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلشَّرِيعَةِ ، وَلَا مُفِيدًا فَائِدَةً فِي دِينِهِ؛ بَلْ يُضِلُّهُ عَنْ بَعْضِ مَا كَانَ يَعْرِفُهُ ؛ فَإِنَّ هَذَا فِعْلُ الشَّيَاطِينِ ، وَهُوَ ، وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ اسْتَفَادَ شَيْئًا ؛ فَاَلَّذِي خَسِرَهُ مِنْ دِينِهِ أَكْثَرُ.
وَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ قَطُّ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ: إنَّ الْخَضِرَ أَتَاهُ ، وَلَا مُوسَى وَلَا عِيسَى ، وَلَا أَنَّهُ سَمِعَ رَدَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ.
وَابْنُ عُمَرَ كَانَ يُسَلِّمُ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ ، وَلَمْ يَقُلْ قَطُّ إنَّهُ يَسْمَعُ الرَّدَّ. وَكَذَلِكَ التَّابِعُونَ وَتَابِعُوهُمْ ؛
وَإِنَّمَا حَدَثَ هَذَا مِنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ .
وَكَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - يَأْتِيهِ فَيَسْأَلُهُ عِنْدَ الْقَبْرِ عَنْ بَعْضِ مَا تَنَازَعُوا فِيهِ ، وَأَشْكَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْعِلْمِ ؛ لَا خُلَفَاؤُهُ الْأَرْبَعَةُ ، وَلَا غَيْرُهُمْ.
مَعَ أَنَّهُمْ أَخَصُّ النَّاسِ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ حَتَّى ابْنَتُهُ فَاطِمَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لَمْ يَطْمَعْ الشَّيْطَانُ أَنْ يَقُولَ لَهَا: اذْهَبِي إلَى قَبْرِهِ فَسَلِيهِ : هَلْ يُورَثُ أَمْ لَا يُورَثُ" انتهى .
فهذه المرئيات من وساوس الشيطان، ومن تلاعب الجن بالإنس ، وإضلالهم لمن يطيعهم من بني آدم .
قال شيخ الإسلام في "الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان" (1/174) :
"ومنهم من يرى أشخاصا في اليقظة ، يدعي أحدهم أنه نبي أو صديق أو شيخ من الصالحين .
وقد جرى هذا لغير واحد ، وهؤلاء منهم من يرى ذلك عند قبر الذي يزوره، فيرى القبر قد انشق وخرج إليه صورة، فيعتقدها الميت، وإنما هو جني تصور بتلك الصورة .
ومنهم من يرى فارسا قد خرج من قبره ، أو دخل في قبره، ويكون ذلك شيطانا .
وكل من قال: أنه رأى نبيا بعين رأسه فما رأى إلا خيالا" انتهى .
وقد أنكر العلماء على من ادعى رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة ، فكيف بغيره من الأنبياء والصالحين.
قال القرطبي في "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" (6/23):
"اختلف في معنى الحديث، فقال قوم من القاصرين: هو على ظاهره، فمن رآه في النوم رآه على حقيقته، كمن يراه في اليقظة سواء .
وهو قول يُدْرَك فساده ببادئ العقل ؛ إذ يلزم عليه أن لا يراه أحد إلا على صورته التي مات عليها، وأن لا يراه اثنان في وقت واحد في مكانين
وأن يحيا الآن، ويخرج من قبره ، ويمشي في الأسواق، ويخاطب الناس ويخاطبوه، ويخلو قبره عنه ، فيزار مجرد القبر، ويسلم على غائب، لأنه يُرى ليلا ونهارًا ، على اتصال الأوقات !!
وهذه جهالات ، لا يلتزمها من له أدنى مسكة من عقل ؛ وملتزم ذلك مختل مخبول" انتهى .
وقال ابن الجوزي في "صيد الخاطر" (ص 534):
"من ظن أن جسد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المودعَ في المدينة خرج من القبر، وحضر في المكان الذي رآه فيه : فهذا جهل ؛ لا جهلَ يُشبهه.
فقد يراه في وقتٍ واحدٍ ألفُ شخص، في ألف مكان، على صور مختلفة، فكيف يتصور هذا في شخص واحد" انتهى .
وينظر أيضا حول ضلالات مخاطبي الأرواح ، والمتواصلين معهم : كتاب "الروحية الحديثة" ، لفضيلة الدكتور محمد محمد حسين ، رحمه الله .
والنصيحة في ذلك : البعد عن البدع وأهلها ، والتمسك بما كان عليه سلف الأمة ، ومطالعة كتب العقيدة الصحيحة فمن ذلك كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ، وسماع شروح الشيخ ابن باز وابن عثيمين وأمثالهم.
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-08-03, 16:53
حكم كتابة ( ص ) و ( صلعم )
السؤال
هل يجوز كتابة (ص) أو (صلعم) إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ، بدلاً من كتابتها كاملة ؟.
الجواب :
الحمد لله
المشروع هو أن نكتب جملة " صلى الله عليه وسلم " ، ولا ينبغي الاكتفاء باختصاراتها ، مثل " صلعم " أو " ص " .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
وبما أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مشروعة في الصلوات في التشهد ، ومشروعة في الخطب والأدعية والاستغفار
وبعد الأذان وعند دخول المسجد والخروج منه وعند ذكره وفي مواضع أخرى : فهي تتأكد عند كتابة اسمه في كتاب أو مؤلف أو رسالة أو مقال أو نحو ذلك .
والمشروع أن تكتب كاملةً تحقيقاً لما أمرنا الله تعالى به
وليتذكرها القارئ عند مروره عليها ، ولا ينبغي عند الكتابة الاقتصار في الصلاة على رسول الله على كلمة ( ص ) أو ( صلعم ) وما أشبهها من الرموز التي قد يستعملها بعض الكتبة والمؤلفين
لما في ذلك من مخالفة أمر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بقوله : ( صلُّوا عليهِ وسلِّموا تسْليماً ) الأحزاب/56 ، مع أنه لا يتم بها المقصود وتنعدم الأفضلية الموجودة في كتابة ( صلى الله عليه وسلم ) كاملة .
وقد لا ينتبه لها القارئ أو لا يفهم المراد بها ، علما بأن الرمز لها قد كرهه أهل العلم وحذروا منه .
فقد قال ابن الصلاح في كتابه علوم الحديث المعروف بمقدمة ابن الصلاح في النوع الخامس والعشرين من كتابه : " في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده " قال ما نصه :
التاسع : أن يحافظ على كتابة الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذكره ، ولا يسأم من تكرير ذلك عند تكرره فإن ذلك من أكبر الفوائد التي يتعجلها طلبة الحديث وكتبته
ومن أغفل ذلك فقد حرم حظا عظيما . وقد رأينا لأهل ذلك منامات صالحة ، وما يكتبه من ذلك فهو دعاء يثبته لا كلام يرويه فلذلك لا يتقيد فيه بالرواية . ولا يقتصر فيه على ما في الأصل .
وهكذا الأمر في الثناء على الله سبحانه عند ذكر اسمه نحو عز وجل وتبارك وتعالى ، وما ضاهى ذلك
إلى أن قال : ( ثم ليتجنب في إثباتها نقصين :
أحدهما : أن يكتبها منقوصةً صورةً رامزاً إليها بحرفين أو نحو ذلك ،
والثاني : أن يكتبها منقوصةً معنىً بألا يكتب ( وسلم ) .
وروي عن حمزة الكناني رحمه الله تعالى أنه كان يقول : كنت أكتب الحديث ، وكنت أكتب عند ذكر النبي ( صلى الله عليه ) ولا أكتب ( وسلم ) فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي : ما لك لا تتم الصلاة عليَّ ؟ قال : فما كتبت بعد ذلك ( صلى الله عليه ) إلا كتبت ( وسلم ) .
.. إلى أن قال ابن الصلاح : قلت : ويكره أيضا الاقتصار على قوله : ( عليه السلام ) والله أعلم . انتهى المقصود من كلامه رحمه الله تعالى ملخصاً .
وقال العلامة السخاوي رحمه الله تعالى في كتابه " فتح المغيث شرح ألفية الحديث للعراقي " ما نصه : ( واجتنب أيها الكاتب ( الرمز لها ) أي الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطك بأن تقتصر منها على حرفين ونحو ذلك فتكون منقوصة - صورة
- كما يفعله ( الكتاني ) والجهلة من أبناء العجم غالبا وعوام الطلبة ، فيكتبون بدلا من صلى الله عليه وسلم ( ص ) أو ( صم ) أو ( صلعم ) فذلك لما فيه من نقص الأجر لنقص الكتابة خلاف الأولى ) .
وقال السيوطي رحمه الله تعالى في كتابه
" تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي "
: ( ويكره الاقتصار على الصلاة أو التسليم هنا وفي كل موضع شرعت فيه الصلاة كما في شرح مسلم وغيره لقوله تعالى : ( صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) إلى أن قال : ويكره الرمز إليهما في الكتابة بحرف أو حرفين كمن يكتب ( صلعم ) بل يكتبهما بكمالها ) انتهى المقصود من كلامه رحمه الله تعالى ملخصا .
هذا ووصيتي لكل مسلم وقارئ وكاتب أن يلتمس الأفضل ويبحث عما فيه زيادة أجره وثوابه ويبتعد عما يبطله أو ينقصه . نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعا لما فيه رضاه
إنه جواد كريم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 2 / 397 – 399 ) .
*عبدالرحمن*
2018-08-03, 16:59
عنده تساؤل حول حركة الأرض ودورانها .
السؤال
: ينص القرآن على أن الأرض لا تتحرك ، وأن الشمس والقمر يدوران حولها ، وهو الرأي الذي يقول به الشيخ ابن عثيمين ، وابن باز ، والفوزان ، ولكن هذا القول مخالف لما تعلمناه في المدرسة في بريطانيا ، وأن هذه من الحقائق العلمية ، ولكنني أتبع القران والسنة
ولذلك أتجاهل هذه النظريات العلمية متى ما تعارضت مع الإسلام ، ولكن تأتيني خواطر سيئة ، ومتى ما حصل ذلك أتجهم ، وأشعر بالغثيان بسبب هذه الأفكار ، فأنا دائمًا أقول : إنني أؤمن بما في القرآن والسنة
وفي بعض الأحيان أقول لنفسي : تجاهل هذه الوساوس ، ولكن هذه الوساوس لا تغادرني ، لذا أبحث عن الأجوبة على الانترنت ، وهذا جعلني أفكر أن سبب بحثي عن الجواب هو لإنني شككت في البداية في صحة ما جاء به القرآن وعليه فقد كفرت ، مع العلم أنني قرأت في الماضي بعض المواد المعادية للإسلام مما جعلني في ضيق
فبحثت عن الأجوبة عن طريق الانترنت ، فهل هذا الشك الذي يساوروني مخرج من الملة ؟
مع العلم لو شكك أحدهم بالقرآن أو النبي صلى الله عليه وسلم أمامي أشعر بالضيق مباشرة ، وأرفض ما يقال أمامي
الجواب :
الحمد لله
أولا :
لا بد أن تعرف أولاً : أن ما نص عليه الكتاب والسنة الصحيحة نصاً لا يحتمل إلا معنى واحداً ، فإن منكره كافر لا محالة .
فمن ذلك : أن الله خالق كل شيء ، الكون بما فيه ، ومن فيه ؛ فمن زعم أن شيئا في الكون ، لم يخلقه الله : فهو كافر كفرا أكبر ، خارج من ملة الإسلام .
وأما ما لم يذكره الكتاب والسنة الصحيحة بخصوصه ، أو لم ينصا عليه ، فهو دون الأول .
ويخبو وهج الإنكار على المختلفين فيه ووصمهم بالبدعة أو الكفر ، كلما تضاءلت درجة دلالة النصوص على المسألة ، وظهورها فيما هو محل الإشكال ؛ حسبما هو مقرر في علم أصول الفقه.
ثانيا :
ومن الأمور التي لم ينص عليها صراحة ، بخصوصها : حركة الأرض ؛ فإن الكتاب والسنة الصحيحة ، لم يعمدا إلى بيان حال ذلك ؛ إثباتاً أو نفياً .
نعم توجد بعض النصوص التي تشير إليها ، كعادة القرآن والسنة في الإشارة إلى بعض الظواهر العلمية التي لم يتوصل إليها أهل ذلك العصر ، فيشير إليها القرآن بإشارة تثبتها ، ولكن دون صراحة تُنَفِّرُ الناس حينها وتشككهم في القرآن لقصور معارفهم العلمية الطبيعية
. وتكون هذه الإشارة دليلاً لأهل العصور التالية ، حين يتقدم العلم وينكشف المزيد من الحقائق ، فيتطابق حينها العلم مع إشارات القرآن ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) سورة فصلت /53 .
قال الزحيلي في " التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج " (25/16)
" أي سنظهر لهم دلالات صدق القرآن، وعلامات كونه من عند الله ، في أقطار السموات والأرض ، المشتملة على خلق الشمس والقمر والنجوم، وتعاقب الليل والنهار، وأحداث الكون الرهيبة من الأعاصير والبراكين والصواعق
وعظمة الجبال والبحار، وإبداع صنع النباتات والأشجار، وما يحدث في الأرض من فتوحات كبري على أيدي المسلمين في أرجاء الأرض المحيطة بمكة والجزيرة العربية. وهذا الإخبار عن الغيب معجزة .
وسنظهر صدق القرآن وأنه منزل من عند الله أيضا في خلق أنفس البشر، وما فيها من إبداع الصنعة، وعظمة التركيب : ( وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ ) ، وفي مصائر الناس وتبدل أحوال أهل مكة العتاة من سادة متكبرين إلى أذلة صاغرين .
كل ذلك ليعرفوا من هذه الوقائع والأحداث والخلائق ، ويتبينوا بجلاء : أن القرآن ، ومُنْزِلَه ، ومن أُنزل عليه : حق وصدق لا شك فيه .
وإذا لم ينظروا ويتأملوا ، فتكفي شهادة الله بأن القرآن حق، فقال تعالى : ( أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) ؟ أي كفى بالله شاهدا على أفعال عباده وأقوالهم ، من الكفار وغيرهم ، وكفى به شاهدا على أن القرآن منزل من عنده " انتهى .
وقد سئل الشيخ الألباني رحمه الله : في هذا المعنى " س - ماذا تقولون في دوران الأرض ؟
الشيخ : نحن الحقيقة لا نشك في أن قضية دوران الأرض حقيقة علمية لا تقبل جدلا .
في الوقت الذي نعتقد أن ليس من وظيفة الشرع عموما ، والقرآن خصوصا : أن يتحدث عن علم الفلك .
ودقائق علم الفلك وإنما هذه تدخل في عموم قوله عليه الصلاة والسلام الذي أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في قصة تأبير النخل حينما قال لهم ( إنما هو ظن ظننته فإذا أمرتكم بشيء من أمر دينكم فأتوا منه ما استطعتم وما أمرتكم من شيء من أمور دنياكم فأنتم أعلم بأمور دنياكم ) .
فهذه قضايا ليس من المفروض أن يتحدث عنها الرسول عليه السلام ، وإن تحدث هو في حديثه، أو ربنا عز وجل في كتابه ؛ فإنما لبالغة أو لآية أو معجزة ، أو نحو ذلك .
ولذلك فنستطيع أن نقول : إنه لا يوجد في الكتاب ولا في السنة ما ينافي هذه الحقيقة العلمية المعروفة اليوم ، أو التي تقول بأن الأرض كروية ، وأنها تدور بقدرة الله عز وجل في هذا الفضاء الواسع .
بل يمكن للمسلم أن يجد ما يشعر ، إن لم نقل ما ينص على أن الأرض ، كالشمس وكالقمر ، من حيث إنها كلها في هذا الفراغ ، كما قال عز وجل ( وكل في فلك يسبحون ) .
لا سيما إذا استحضرنا أن قبل هذا التعميم الإلهي بلفظة ( وكل ) ؛ هي تعني الكواكب الثلاثة ، حيث ابتدأ بالأرض فقال ( وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون )
ثم قال ( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) سورة يس / 33- 40 .
لفظة (كل) تشمل الآية الأولى ؛ الأرض ، ثم الشمس ، ثم القمر ، ثم قال تعالى ( وكل في فلك يسبحون ) هذا ظاهر من سياق الآيات هذه ......
هذا أقوله ؛ فإن صح ، فبها ونعمت .
وإن لم يصح ، فأقل ما يقال : إنه لا يوجد في القرآن ، كما قلت آنفا ، ولا في السنة ، ما ينفي هذه الحقيقة العلمية "
انتهى من "سلسلة الهدى والنور" للشيخ الألباني - الإصدار 4 (497/ 10) .
وعلى كلٍ ، فمنكر حركة الأرض لا تثريب عليه شرعاً إذا لم تتضح له الإشارة القرآنية السابقة .
ومثبت الحركة لا تثريب عليه كذلك شرعاً، إذا فهمها من القرآن، أو علمها من العلوم الطبيعية .
وذلك أن حركة الأرض لا تُعد من العقائد الدينية التي يجب إثباتها ، أو نفيها .
وإنما هي – أصالة - مسألة من مسائل العلوم الطبيعية والتجريبية ، تبحث في علمها وفي بابها ، بحسب الأدوات الموصلة إلى اليقين ، أو الظن فيها . وقد جعل الله لكل شيء قدرا .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" وفي قوله تعالى: (إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ) (وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُم) : دليل على أن الشمس هي التي تتحرك ، وهي التي بتحركها يكون الطلوع والغروب .
خلافاً لما يقوله الناس اليوم ، من أن الذي يدور هو الأرض، وأما الشمس فهي ثابتة .
فنحن لدينا شيء من كلام الله، الواجب علينا أن نجريه على ظاهره ، وألا نتزحزح عن هذا الظاهر إلاَّ بدليل بَيِّن .
فإذا ثبت لدينا بالدليل القاطع : أن اختلاف الليل والنهار بسبب دوران الأرض
فحينئذ يجب أن نؤول الآيات ، إلى المعنى المطابق للواقع . فنقول: إذا طلعت في رأي العين ، وإذا غربت في رأي العين، تزاور في رأي العين، تقرض في رأي العين .
أما قبل أن يتبين لنا بالدليل القاطع ، أن الشمس ثابتة ، والأرض هي التي تدور ، وبدورانها يختلف الليل والنهار ؛ فإننا لا نقبل هذا أبداً، علينا أن نقول: إنَّ الشمس هي التي بدورانها يكون الليل والنهار
لأن الله أضاف الأفعال إليها ، والنبي صلى الله عليه وسلم حينما غربت الشمس قال لأبي ذر: "أتدري أين تذهب؟ " ؛ فأسند الذَّهاب إليها .
ونحن نعلم علم اليقين أن الله تعالى أعلم بخلقه ، ولا نقبل حدْساً ولا ظناً، ولكن لو تيقنا يقيناً أن الشمس ثابتة في مكانها ، وأن الأرض تدور حولها، ويكون الليل والنهار، فحينئذ تأويل الآيات واجب ، حتى لا يخالف القرآن الشيء المقطوع به. "
انتهى من "تفسير سورة الكهف" (32-33) .
والحاصل :
أن مسألة دوران الأرض من عدمها : لا مدخل لها في زعزعة إيمانك ، أو تثبيته ؛ فاحذر من همزات الشيطان ، ووساوسه ، وتلبيسه .
وإنما الواجب أن تقدر المسألة بقدرها ؛ فمتى ثبت دوران الأرض ، أمكن تأويل ظواهر النصوص ؛ فإن الشرع لم يعمد إلى بيان ذلك صريحا ، ولا هو مما نزل القرآن لأجله .
والله أعلم .
.
*عبدالرحمن*
2018-08-03, 17:08
هل يكشف الله تعالى لبعض خلقه عن الغيب ؟
السؤال :
في سورة الجن الآيات 72:26,27,28، من الواضح أن الله لم يُطلِع أيّ أحدٍ على الغيب باستثناء الذين اصطفاهم من الرسل ، لكن الآية 11:71,72 في سورة هود ، والآية 19:16-19 سورة مريم
تشير أن الله يكشف عن الغيب ليس فقط للرسل ولكن أيضاً لأولياء الله ، فكيف يمكننا تفسير الآيات في سورة الجن 72: 26،27،28 ؟
البعض يقول أنّ الآيات في سورة هود ومريم تخبر عن إرسال الرسل ، لذلك فهي تأتي تحت المعجزة ، والبعض الآخر يقولون : إن الله يكشف عن الغيب لمن يشاء ، بهذا أنا مشوّشٌ جدا.
الجواب :
الحمد لله
أولًا :
الغيب نوعان:
1- غيب مطلق، كمعرفة موعد الساعة، ونزول الغيث، ونحو ذلك؛ وهذا النوع لا يعلمه إلا الله .
2- غيب نسبي، وهو ما غاب عن بعض الخلق عِلْمُه، وبلغ بعضَهم، فهذا إنما يسمى غيبا بالنسبة للجاهل به الذي لا يعلمه، وليس بغيب للذي يعلمه.
وهذا الغيب النسبي يمكن للإنسان أن يعرفه إما بطريق الوحي ، أو بالتجربة ، أو بالعلم الحديث ، أو غير ذلك مما يمكن به الاستعلام عما يخفى على كثير من الناس بالطرق الممكنة ، كمعرفة ما في قعر البحار ، وأغوار الأرض ، وأجواء السماء .
قال ابن تيمية:
" وأما ما يعلمه بعض المخلوقين: فهو غيب عمن لم يعلمه، وهو شهادة لمن علمه "
انتهى من "النبوات " (2/ 1022).
ثانيًا:
أما قوله تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ) الجن/26-27.
فقد قال ابن كثير:
" وقوله: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول) هذه كقوله تعالى: ( ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ) [البقرة: 255] ، وهكذا قال هاهنا: إنه يعلم الغيب والشهادة
وإنه لا يطَّلِع أحدٌ من خلقه على شيء من علمه ، إلا مما أطلعه تعالى عليه؛ ولهذا قال: (فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول) .
وهذا يعم الرسول الملكي والبشري "
انتهى من "تفسير ابن كثير" (8/ 247).
قال ابن عاشور:
" يطلع الله بعض رسله لأجل ما أراده الله من الرسالة إلى الناس .
فيعلم من هذا الإيمان :
أن الغيب الذي يطلع الله عليه الرسل هو من نوع ما له تعلق بالرسالة، وهو غيب ما أراد الله إبلاغه إلى الخلق أن يعتقدوه ، أو أن يفعلوه، وما له تعلق بذلك من الوعد والوعيد من أمور الآخرة، أو أمور الدنيا، وما يؤيد به الرسل عن الإخبار بأمور مغيبة
كقوله تعالى: ( غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين ) [الروم [2- 4].
والمراد بهذا : الاطلاع المحقق ، المفيد علما ، كعلم المشاهدة "
انتهى من "التحرير والتنوير"( 29/ 248 ).
أما ما يحصل لبعض الصالحين، فإنها كرامة عارضة، يعرفون الشيء بعد الشيء، والحادثة بعد الحادثة، بالإلهام، ونحوه.
قال شيخ الإسلام
: " وآيات الأولياء ، هي من جملة آيات الأنبياء؛ فإنّها مستلزمة لنبوّتهم، ولصدق الخبر بنبوّتهم؛ فإنه لولا ذلك، لما كان هؤلاء أولياء، ولم يكن لهم كرامات "
انتهى من "النبوات"(2/ 824).
وذكر بعض العلماء أن إطلاع الأولياء على الغيب ، يكون بواسطة الملائكة، فهو كاطلاعنا على أحوال الآخرة، وهي من الغيب عن طريق الرسل ، فهو ، على ذلك ، ليس إخبارًا بالغيب ، كإخبار الرسول .
ثالثًا:
أما الآيات المشار إليها : فليس فيها ما يوحي بعلم الغيب، وإنما فيها الوحي لبعض الأولياء، ولعل هذا سبب الإشكال لدى السائل : أن فيها ذكر الوحي لغير الأنبياء ؟!
والجواب عن ذلك :
أن الوحي نوعان:
الأول: وحي خاص، وهو إرسال الرسول من الملائكة ، لنبي أو رسول .
الثاني: الوحي العام، وهو الذي وقع لبعض الأولياء، ووقع للملائكة، ووقع لبعض المخلوقات، ويكون بالإلهام، والرؤيا، ونحو ذلك .
قال شيخ الإسلام:
" وليس كل من أوحي إليه الوحي العام يكون نبيًّا؛ فإنه قد يوحى إلى غير الناس "
انتهى من "النبوات"(2/ 690).
وقال: " وكذلك لفظ الوحي : قد يكون عامًا ...
والوحي العام الذي هو لآحاد العباد "
انتهى من "مجموعة المسائل" رشيد رضا (3/ 96).
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-08-03, 17:13
الغيب المطلق لا يعلمه إلا الله
السؤال :
أود معرفة كيف يتوافق إخبار القرآن بأنه لا يعلم الغيب إلا الله مع اكتشافي بأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا في أحد الأحاديث بأن تنبؤ الجن بما سيحدث في المستقبل يحمل جزءا من الصدق
ثم يدخل الجن به مئات الأكاذيب ويخبرونا بها ، كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث أخرى بأن التنجيم يقوم على الأكاذيب " الشمس والقمر هما آيتان فقط من آيات الله " .
فكيف تخبرنا الجن بما سيحدث فى المستقبل مع أنه لا يعلم بذلك إلا الله ؟
الجواب :
الحمد لله :
فإن علم الغيب مما استأثر الله تعالى بعلمه كما دلت على ذلك نصوص الكتاب و السنة
فقد قال الله تعالى : ( قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) النمل/65
وقال سبحانه : ( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) الأنعام/59 .
وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم هذه المفاتيح بالأمور الخمسة التي وردت في سورة لقمان
في قوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الآية/34
وروى البخاري في صحيحه حديث رقم (4477) عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( من حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب ثم قرأت : وما تدري نفس ماذا تكسب غدا ) .
ولكن من المهم في هذه المسألة أن نعلم ما هو الغيب الذي استأثر الله تعالى بعلمه فإن الغيب معناه ما كان غائبا ؛ وهذا الغائب إما أن يكون غائبا عن الخلق كلهم - أهل السماء وأهل الأرض -
فهذا النوع من الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وهو الذي يسمى بالغيب المطلق .
وإما أن يكون هذا الغائب غائبا عن بعض الخلق ، ومعلوما لخلق آخرين ، فهذا إنما يسمى غيبا بالنسبة للجاهل به ، وليس هو غيبا عن جميع الخلق ، فلا يختص الله عز وجل بعلمه .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "شرح العقيدة الواسطية" (ص/158) :
" المراد بالغيب : ما كان غائباً ، والغيب أمر نسبي ، لكن الغيب المطلق علمه خاص بالله " انتهى .
وما يخبر به الكهان ، مما سيقع في المستقبل ليس من علم الغيب في شيء ، وليس من علم الغيب في شيء ، وليس من علم ما في غد ، بل هم كذابون في دعاواهم ؛ لكن قد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنهم سرقوا علم ذلك
مما أوحاه الله على ملائكته ، فعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عنها قالت : سَأَلَ أُنَاسٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْكُهَّانِ ، فَقَالَ : ( إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِشَيْءٍ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ بِالشَّيْءِ يَكُونُ حَقًّا
قَالَ : فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنْ الْحَقِّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ فَيُقَرْقِرُهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ كَقَرْقَرَةِ الدَّجَاجَةِ فَيَخْلِطُونَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ ) رواه البخاري برقم (7561) .
وقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم كيفية استراق الجن لهذه الكلمة فقال : ( وَلَكِنْ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى اسْمُهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا سَبَّحَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ ، ثُمَّ سَبَّحَ أَهْلُ السَّمَاءِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ
حَتَّى يَبْلُغَ التَّسْبِيحُ أَهْلَ هَذِهِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، ثُمَّ قَالَ الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ لِحَمَلَةِ الْعَرْشِ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ، فَيُخْبِرُونَهُمْ مَاذَا قَالَ . قَالَ : فَيَسْتَخْبِرُ بَعْضُ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ بَعْضًا حَتَّى يَبْلُغَ الْخَبَرُ هَذِهِ السَّمَاءَ الدُّنْيَا
فَتَخْطَفُ الْجِنُّ السَّمْعَ فَيَقْذِفُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ وَيُرْمَوْنَ بِهِ فَمَا جَاءُوا بِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَهُوَ حَقٌّ ، وَلَكِنَّهُمْ يَقْرِفُونَ فِيهِ وَيَزِيدُونَ ) رواه مسلم برقم (2229) .
فتبين من هذا أن الجن لا يعلمون الغيب وإنما يسترقون السمع من الكلام الذي تردده الملائكة ، والملائكة أنفسهم لم يكن عندهم شيء من علم ذلك ، إلا بعد أن أعلمهم الله عز وجل به
وبعد علمهم به لم يعد غيبا مطلقا ، وأما قبل ذلك فإنهم كغيرهم من الخلق لايعلمون من الغيب شيئا ، فرجع هذا إلى إخبار الله ، وإعلامه لهم ، قال تعالى : ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً ) الجن/26 .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" إن أشرف الرسل الملكي وهو جبريل سأل أشرف الرسل البشري وهو محمد عليه الصلاة والسلام قال أخبرني عن الساعة ؟
قال : ( ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ) ، والمعنى : كما أنه لا علم لك بها ، فلا علم لي بها أيضا ) انتهى .
"شرح العقيدة الواسطية" (ص/158) .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-08-03, 17:17
ما هو الغيب النسبي ؟
وما حكم من ادعى معرفته ؟
السؤال :
ما هو الغيب النسبي ( أريد أمثلة )؟
ما حكم من ادعى معرفة الغيب النسبي؟
وما الدليل؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
الغيب نوعان: غيب مطلق ، وغيب نسبي .
فالغيب المطلق : هو ما غيبه الله عن جميع خلقه ، فلم يطلع عليه أحدا منهم ؛ بل استأثر الله تعالى بعلمه .
قال الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) لقمان/34
وروى البخاري في صحيحه (992) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مِفْتَاحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ ، لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ : لَا يَعْلَمُ أَحَدٌ مَا يَكُونُ فِي غَدٍ ، وَلَا يَعْلَمُ أَحَدٌ مَا يَكُونُ فِي الْأَرْحَامِ
وَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا ، وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ، وَمَا يَدْرِي أَحَدٌ مَتَى يَجِيءُ الْمَطَرُ ) .
وأما الغيب النسبي : فهو ما غاب عن بعض الخلق علمه ، وعلمه بعضهم ، فهذا إنما يسمى غيبا بالنسبة للجاهل به الذي لا يعلمه ، وليس بغيب للذي يعلمه .
فما أخفيته في بيتي ـ مثلا ـ هو معلوم بالنسبة لي ، لكنه غيب بالنسبة لغيري ، ممن لم يعلم به .
وما يحدث في مكان آخر ، لم أطلع أنا عليه ، هو غيب بالنسبة لي ، لكنه ليس غيبا بالنسبة لمن كان حاضرا في ذلك المكان .
وهذا الغيب النسبي يمكن للإنسان أن يعرفه إما بطريق الوحي ، أو بالتجربة ، أو بالعلم الحديث ، أو غير ذلك مما يمكن به الاستعلام عما يخفى على كثير من الناس بالطرق الممكنة ، كمعرفة ما في قعر البحار ، وأغوار الأرض ، وأجواء السماء .
وقال الشيخ محمد الددو الشنقيطي :
" الله يكشف لبعض عباده بعض المغيبات ، فلا تكون غيباً بالنسبة إليهم وإنما تكون من عالم الشهادة، كما حصل لـعمر مع سارية.
وهذا النوع من الغيب يمثل له بالجزار قبل أن يفتح بطن الشاة، فما في بطنها غيب بالنسبة إليه، لكنه إذا فتحه واطلع عليه زال ذلك ، فلم يكن غيباً بالنسبة إليه .
ومثل الغائب عنك، فإن من في بيتك الآن يرى ما لا تراه، فما في بيتك غيب بالنسبة إليك ، وشهادة بالنسبة للحاضر عندهم .
فالغيب غيبان: غيب عن كل الناس، وهذا لا يطلع عليه أحد ، مثل ما يقع في غد، ومنه مفاتيح الغيب الخمسة.
وغيب عن بعض الناس ، شهادة لبعضهم، مثل: ما يراه الطبيب بالتشخيص، فهذا بالنسبة لك أنت غيب ، وأنت واقف بجنبه، لكنه ليس غيباً بالنسبة إليه؛ لأنه يراه بالمرصد والمنظار ونحو ذلك " انتهى .
"دروس للشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي" (12/ 12) بترقيم الشاملة.
ثانيا :
يمكن معرفة الغيب النسبي إما بطرق مشروعة مباحة ، وإما بطرق غير مشروعة وغير مباحة .
- فمن الطرق المشروعة : ما يعرفه أنبياء الله ورسله صلى الله عليهم وسلم عن طريق الوحي ، قال تعالى : ( تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ) هود/ 49.
وقال تعالى : ( ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ) آل عمران/ 44.
- ومن الطرق المشروعة : ما يعرفه أهل الصلاح عن طريق التحديث والإلهام الصحيح ، كما حصل لعمر رضي الله عنه وهو محدَّث هذه الأمة
فروى البيهقي في "دلائل النبوة" (6/ 370)
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بَعَثَ جَيْشًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا يُدْعَى سَارِيَةَ فَبَيْنَمَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَخْطُبُ فَجَعَلَ يَصِيحُ: يَا سَارِيَ , الْجَبَلَ . فَقَدِمَ رَسُولٌ مِنَ الْجَيْشِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , لَقِينَا عَدُوَّنَا فَهَزَمُونَا , فَإِذَا صَائِحٌ يَصِيحُ: يَا سَارِيَ , الْجَبَلَ , فَأَسْنَدْنَا ظُهُورَنَا إِلَى الْجَبَلِ فَهَزَمَهُمُ اللهُ , فَقُلْنَا لِعُمَرَ: كُنْتَ تَصِيحُ بِذَلِكَ.
وحسنه الألباني في "الصحيحة" (1110) .
- ومن الطرق المباحة : ما يعرفه أهل الطب عن طريق الأشِعات والأجهزة الحديثة ، فيطلعون في داخل الجسم ، ويرون ويعرفون ما لا يراه ولا يعرفه غيرهم من غير أهل الاختصاص
كمعرفتهم حال الجنين في بطن أمه ، وهل هو ذكر أو أنثى ، وكاطلاعهم على الأورام الداخلية والخلايا الدقيقة ونحو ذلك .
ومن الطرق غير المشروعة :
- معرفة المغيبات بالتجسس والتصنت المحرم .
ومنها : معرفة أماكن الأشياء المفقودة عن طريق الاستعانة بالجن .
ثالثا :
حكم من ادعى الغيب النسبي يختلف باختلاف أداة العلم التي توصل بها إلى هذه المعرفة ؛ فما كان منها مشروعا أو مباحا : فمعرفته صحيحة ، كمعرفة أخبار الأمم السابقة بنصوص الكتاب المجيد
وكمعرفة حال الجنين ، ومعرفة الأمراض والآفات التي تصيب دم الإنسان ، ومعرفة حال الطقس ، ونحو ذلك ، مما يتمكن المرء من معرفته بالطرق المعروفة المشروعة .
وما كان منها محرما : فحكم معرفته أنها محرمة ، كمن يتعرف على المفقودات ويعلم أماكنها بالاستعانة بالجن ، أو نحو ذلك .
ومن ذلك أيضا : ادعاء بعض جهلة الصوفية معرفة الغيب والاطلاع عليه وما سيكون بدعوى وصولهم إلى العلوم اللدنية التي يختص بها الله من شاء من عباده ، فهذا ونحوه ليس من معرفة الغيب في شيء ، وإنما هو دجل وكذب وشعوذة .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-03, 17:50
اخوة الاسلام
هذا الموضوع متشعب و مهم لنا جميعا و سوف ندرسه بشكل مفصل
و كل ما تقدم مقدمه و لنا عوده حتي الانتهاء منه و من لاديه استفسار يتقدم به و الله المتعان من قبل و من بعد
.....
أنواع الوحي وصوره ، وأثرها على النبي ، ورد على ادعاء إصابته بالصرع
السؤال :
المناصرون للمسيحية يقولون : إن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم كان يهدر مثل الجمل ، ويحنق عند فمه ، ويتمدد على الأرض عندما يأتيه الوحي ، فهل هذا صحيح ؟
وهم يقولون أيضا - كما قال أحمد بن حنبل – ( كان النبي يتوجع ويعض على شفتيه ويغلق عينيه ، وفي بعض الأوقات كان يهدر مثل الجمل ) - أحمد بن حنبل 1 ، 34 ، 464
الفصل 163 ) -. ولكن الأمر الخطير أنهم يقولون : إن محمداً كان به صرع ! . فهل يمكنكم أن تردوا على هذا الأمر بسرعة ؟ فأنا بحاجة إلى إجابتكم . جزاكم الله خيراً .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
إن مزاعم الكذبة والمفترين على ديننا وعلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لا تنتهي ، فمنذ أن بُعث النبي صلى الله عليه وسلم للناس بدأت الحرب على النبي صلى الله عليه وسلم فاتُّهم بأنه ساحر
وأنه مجنون ، وليس هذا ببدع في الاتهامات ، فقد نال إخوانه الرسل من قبل مثل هذا ، ولم يتآمر المبطلون على إطلاق هذه الاتهامات ، بل كان اتفاقهم فيها ناشئا عن طغيانهم
قال تعالى ( كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ . أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ) الذاريات/ 52 ، 53 .
ثانياً:
تعددت طرق الوحي التي كان يوحي بها الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، ومنها :
1. تكليم الله تعالى مباشرة من وراء حجاب ، يقظة كما حصل ليلة المعراج ، ومناماً كما في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَتَانِي رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ -
أي : في المنام - فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، قُلْتُ : لَبَّيْكَ رَبِّ وَسَعْدَيْكَ ، قَالَ : فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى ؟ قُلْتُ : رَبِّ لَا أَدْرِي ... ) رواه الترمذي ( 3234 ) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
وانظر الحديث وشرحه في جواب السؤال القادم
2. النفث في الرُّوع .
وهو ما يقذفه الله في قلب الموحَى إليه مما أراد الله تعالى ، وهو داخل في " الوحي " المذكور
في قوله تعالى ( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ) الشورى/ 51 .
وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوعي أَنّه لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتكْمِلَ رِزْقَهَا فَاتَّقُوا اللهَ وَأَجْمِلُوا في الطَّلَبِ وَلاَ يَحْمِلَنّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ عَلَى أَن تَطْلُبُوهُ بِمَعْصِيَةِ اللهِ فَإِنَّ مَا عِنْدَ اللهِ لاَ يُنَالُ إِلاَّ بِطَاعَتِهِ ) .
رواه الحاكم في " المستدرك " ( 2 / 4 ) من حديث أبي أمامة
وصححه الألباني في " صحيح الجامع " ( 2085 ) .
قال المناوي – رحمه الله - :
( في رُوعِي ) بضم الراء ، أي : ألقى الوحي في خلَدي وبالي ، أو في نفسي ، أو قلبي ، أو عقلي ، من غير أن أسمعه ولا أراه .
" فيض القدير " ( 2 / 571 ) .
3. الرؤيا الصادقة .
عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : " أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ فَكَانَ لا يَرَى رُؤْيَا إِلا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ .
رواه البخاري .
وقال عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ – وهو من كبار التابعين - : " رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ ثُمَّ قَرَأَ ( إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ) " .
رواه البخاري ( 138 ) .
4. عن طريق جبريل عليه السلام ، وكان يأتيه على صور ، منها :
أ. أن يأتيه على صورته الحقيقية التي خلقه الله عليها .
عن مسروق أنه سأل عائشة رضي الله عنها عن قوله تعالى ( وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ) التكوير/ 23
وقوله ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ) النجم/ 13 ، 14 :
فَقَالَتْ : أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ( إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنْ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ) .
رواه مسلم ( 177 ) .
ب. أن يأتيه في مثل صلصلة الجرس .
عن عائشة رضي الله عنها : أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ فَيُفْصَمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ ) .
رواه البخاري ( 2 ) ومسلم ( 2333 )
قال البغوي – رحمه الله - :
قوله ( يأتيني في مثل صلصلة الجرس ) فالصلصلة : صوت الحديد إذا حرك ، قال أبو سليمان الخطابي : يريد - والله أعلم
- أنه صوت متدارِك يسمعه ولا يثبته عند أول ما يقرع سمعه حتى يتفهم ، ويستثبت ، فيتلقفه حينئذٍ ويعيه ، ولذلك قال : وهو أشده عليَّ .
" شرح السنَّة " ( 13 / 322 ) .
وقال أبو العباس القرطبي – رحمه الله - :
وقوله ( وهو أشده عليَّ ) إنما كان أشد عليه لسماعه صوت الملك الذي هو غير معتاد ، وربما كان شاهَدَ الملَك على صورته التي خُلق عليها ، كما أخبر بذلك عن نفسه في غير هذا الموضع
وكان يشتد عليه أيضاً ؛ لأنه كان يريد أن يحفظه ويفهمه مع كونه صوتا متتابعا مزعجاً ، ولذلك كان يتغير لونه ، ويتفصد عرقه ، ويعتريه مثل حال المحموم
ولولا أن الله تعالى قواه على ذلك ، ومكَّنه منه بقدرته : لما استطاع شيئا من ذلك ، ولهلك عند مشافهة الملك ؛ إذ ليس في قوى البشر المعتادة تحمل ذلك بوجه .
" المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم " ( 6 / 172 ) .
وقال المباركفوري – رحمه الله - :
( وهو أشده علي ) أي : هذا القسم من الوحي أشد أقسامه على فهم المقصود ؛ لأن الفهم من كلام مثل الصلصلة ، أشكلُ من الفهم من كلام الرجل بالتخاطب المعهود
وفائدة هذه الشدة : ما يترتب على المشقة من زيادة الزلفى ورفع الدرجات .
" تحفة الأحوذي " ( 10 / 79 ) .
ج. أن يتمثل له رجلاً ، قد يُرى من الصحابة ، كما في حديث جبريل المشهور ، وقد تمثل للنبي صلى الله عليه وسلم بصورة الرجل الغريب ، فسأله عن الإيمان والإسلام والإحسان .
وقد لا يُرى منهم ، كما جاء عن عائشة رضي الله عنها : أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ... وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ رَجُلا فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ ) .
رواه البخاري ( 2 ) ومسلم ( 2333 ) .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعاني من التنزيل عليه بالوحي ، ويظهر ذلك بالعرق الذي كان يسيل من جبهته وجبينه في اليوم الشديد البرد
إلا أن بعض صور الوحي كانت عليه يسيرة كتشكل جبريل بصورة رجل ، إلا أن أشدَّها عليه صلى الله عليه وسلم كانت مجيئ الوحي على مثل صلصلة الجرس – كما سيأتي - .
وكانت تحصل مع النبي صلى الله عليه وسلم بنزول الوحي عليه أحوال ، يراها ويسمعها ويشعر بها من حوله من أصحابه رضي الله عنهم ، وفي بعضها معاناة شديدة ، ومن ذلك :
1. أنهم كانوا يسمعون عند وجهه دويّاً كدويّ النحل .
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه الوحي سمع عند وجهه كدوي النحل " .
رواه الترمذى ( 3173 ) .
ويمكن أن يكون صوت دوي النحل باعتبار ما يسمعه من حول النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما هو صلى الله عليه وسلم فيسمعه كصلصلة الجرس .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
فدوي النحل لا يعارض صلصلة الجرس ؛ لأن سماع الدوي بالنسبة إلى الحاضرين - كما في حديث عمر " يُسمع عنده كدوي النحل " - والصلصلة بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فشبهه عمر بدوي النحل بالنسبة إلى السامعين ، وشبهه هو صلى الله عليه وسلم بصلصلة الجرس بالنسبة إلى مقامه .
" فتح الباري " ( 1 / 19 ) .
2. أن جبينه وجبهته تفيضان بالعَرَق حتى في اليوم الشديد البرد .
قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : " وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا " .
رواه البخاري ( 2 ) ومسلم ( 2333 ) ولفظه : " ثُمَّ تَفِيضُ جَبْهَتُهُ عَرَقًا " .
( يفصم ) : ينقطع .
( يتفصد ) : يسيل .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
وفي قولها في اليوم الشديد البرد دلالة على كثرة معاناة التعب والكرب عند نزول الوحي لما فيه من مخالفة العادة وهو كثرة العرق في شدة البرد ، فإنه يشعر بوجود أمر طارئ زائد على الطباع البشرية .
" فتح الباري " ( 1 / 21 ) .
وعن عائشة – في حديث البراءة من الإفك – قالت :
حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ مِنَ الْعَرَقِ فِى الْيَوْمِ الشَّاتِ مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الذي أُنْزِلَ عَلَيْهِ .
رواه مسلم ( 2770 ) .
( الجمان ) هو حب من فضة يعمل على شكل اللؤلؤ ، وقد يسمى به اللؤلؤ .
3. أنه يثقل وزنه صلى الله عليه وسلم جدّاً حتى إن البعير الذي يكون عليه يكاد يبرك ، وحتى خشي زيد بن ثابت على فخذه أن ترضَّ وقد كانت فخذه رضي الله عنه تحت فخذ النبي صلى الله عليه وسلم .
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : " إِنْ كَانَ لَيُوحَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَتَضْرِبُ بِجِرَانِهَا " .
رواه أحمد ( 41 / 362 ) وصححه المحققون .
زاد البيهقي في " دلائل النبوة " ( 7 / 53 ) قولها " مِن ثقل ما يوحي إلى رسول الله " .
الجِران : باطن عنق الناقة .
قال السندي – رحمه الله - :
قوله ( فَتَضْرِبُ بِجِرَانِهَا ) - بكسر الجيم - : باطن العنق ، والبعير إذا استراح مدَّ عنقه على الأرض .
حاشية " مسند أحمد " ( 41 / 362 ) .
وعن زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قال : " ... فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي فَثَقُلَتْ عَلَيَّ حَتَّى خِفْتُ أَنَّ تَرُضَّ فَخِذِي " .
رواه البخاري ( 2677 ).
4. وكان تصيبه الشدة .
وعن عائشة – في حديث البراءة من الإفك – قالت : فَوَاللَّهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَجْلِسَهُ وَلاَ خَرَجَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ أَحَدٌ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ عِنْدَ الْوَحْيِ .
رواه مسلم ( 2770 ) .
قال بدر الدين العيني – رحمه الله - :
( البُرَحاء ) بضم الباء الموحدة وفتح الراء وبالحاء المهملة الممدودة ، وهو شدة الكرب ، وشدة الحمَّى أيضاً .
" عمدة القاري " ( 1 / 43 ) .
5. وكان يتغير وجهه صلى الله عليه وسلم فيتربَّد ثم يحمرُّ .
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ : " كَانَ نبي اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الوحي كُرِبَ لِذَلِكَ وَتَرَبَّدَ وَجْهُهُ " .
رواه مسلم ( 2334 ) .
قال النووي – رحمه الله - :
( وتربَّد وجهُه ) أي : علته غبرة ، والربد تغير البياض إلى السواد ، وإنما حصل له ذلك لعظم موقع الوحي ، قال الله تعالى ( إنا سنلقي عليك قولا ثقيلاً ) .
" شرح مسلم " ( 11 / 190 ) .
وفي ( 15 / 89 ) قال :
ومعنى تربد أي تغير وصار كلون الرماد .
انتهى
وقد وصف الصحابي الجليل يعلى بن أمية وجه النبي صلى الله عليه وسلم عند نزول الوحي عليه بقوله " فَإِذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُحْمَرُّ الْوَجْهِ يَغِطُّ سَاعَةً ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ فَقَالَ ( أَيْنَ الَّذِي سَأَلَنِي عَنْ الْعُمْرَةِ آنِفًا )
كما رواه رواه البخاري ( 1463 ) ومسلم ( 1180 ) .
وقد جمع بينهما النووي رحمه الله فقال :
وجوابه : أنها حمرة كدرة ، وهذا معنى " التربد " ، أو : أنه في أوله يتربد ثم يحمر ، أو بالعكس .
" شرح مسلم " ( 15 / 89 ) .
6. وكان صلى الله عليه وسلم ينكس رأسه ، ويغطيه بثوب .
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ : " كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْىُ نَكَسَ رَأْسَهُ وَنَكَسَ أَصْحَابُهُ رُءُوسَهُمْ فَلَمَّا أُتْلِىَ عَنْهُ رَفَعَ رَأْسَهُ ) .
رواه مسلم ( 2335 ) .
أتلى : ارتفع عنه الوحى
وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : " ... وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ اشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَعَرَفْنَا ذَلِكَ فِيهِ فَتَنَحَّى مُنْتَبِذًا خَلْفَنَا قَالَ فَجَعَلَ يُغَطِّي رَأْسَهُ بِثَوْبِهِ وَيَشْتَدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى عَرَفْنَا أَنَّهُ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ فَأَتَانَا فَأَخْبَرَنَا أَنَّهُ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ ( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ) .
رواه أحمد ( 7 / 426 ، 427 ) وحسنه المحققون .
7. كان صلى الله عليه وسلم يحرِّك لسانه بسرعة وشدة ليحفظ عن جبريل حتى نهاه الله عن ذلك وطمأنه أنه سيجمع القرآن له في صدره .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ( لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ) قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَالِجُ مِنْ التَّنْزِيلِ شِدَّةً
وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ بِهِ شَفَتَيْهِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : ( لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ) قَالَ : جَمْعُهُ لَه فِي صَدْرِكَ وَتَقْرَأَهُ ( فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ )
قَالَ : فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ تَقْرَأَهُ ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ اسْتَمَعَ ، فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَرَأَهُ .
رواه البخاري ( 5 ) ومسلم ( 448 ) .
ورواه مسلم ( 447 ) بلفظ : " يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ فَيَشْتَدُّ عَلَيْهِ فَكَانَ ذَلِكَ يُعْرَفُ مِنْهُ " .
قال ابن الجوزي – رحمه الله - :
تفسير هذا أنه كان يحرك شفتيه بما قد سمعه من جبريل قبل إتمام جبريل الوحي مخافة أن يذهب عنه جبريل وما حفظ فقيل له ( لا تحرك به ) أي القرآن ( لسانك لتعجل به ) أي بأخذه (
إن علينا جمعه وقرآنه ) أي علينا جمعه وضمه في صدرك ( فإذا قرأناه ) أي إذا فرغ جبريل من قراءته ( فاتبع قرآنه ) قال ابن عباس فاستمع وأنصت .
" كشف المشكل من حديث الصحيحين " ( 1 / 528 ) .
8. وكان يُسمع له غطيط كغطيط البَكر ، وهو الفتي من الإبل .
عن يعلى بن أمية رضي الله عنه قال :
" وددت أنى قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أنزل عليه الوحي فقال عمر : تعال ، أيسرك أن تنظر إلى النبى صلى الله عليه وسلم وقد أنزل الله عليه الوحي ؟ قلت : نعم ، فرفع طرف الثوب ، فنظرت إليه له غطيط ، وأحسبه قال : كغطيط البَكر .
رواه البخارى ( 1789 ) ومسلم ( 1180 ) .
*عبدالرحمن*
2018-08-03, 17:51
ثالثاً:
وكل ما أصاب النبيَّ صلى الله عليه وسلم من كربٍ وشدَّة لا شك أنه بسبب ثقل الوحي الذي أخبره الله تعالى به قبل إنزاله عليه ، وقد هيَّأه تعالى لذلك التلقي .
قال أبو شامة المقدسي – رحمه الله - :
وهذا العرق الذي كان يغشاه صلى الله عليه وسلم كما في هذا الحديث ، واحمرار الوجه ، والغطيط ، المذكوران في حديث يعلى بن أمية ، وثقله على الراحلة
وعلى فخذ زيد بن ثابت كما ورد في حديثين آخرين : إنما كانت لثقل الوحي عليه كما أخبره سبحانه في ابتداء أمره بقوله ( إنِّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً )
وذلك لضعف القوة البشرية عن تحمل مثل ذلك الوارد العظيم من ذلك الجناب الجليل ، وللوجل من توقع تقصير فيما يخاطب به من قول أو فعل .
قال ابن إسحاق
: " وللنبوة أثقال ومؤنة لا يحملهما ولا يستطيع لها إلا أهل القوة والعزم من الرسل بعون الله عز وجل " .
" شرح الحديث المقتفى في مبعث النبي المصطفى " ( ص 73 ، 74 ) .
رابعاً:
لم يثبت فيما وقفنا عليه من أحاديث أنه كان صلى الله عليه وسلم : يحنق عند فمه ، ولا أنه يتمدد على الأرض عندما يأتيه الوحي ، ولا أنه كان يعض على شفتيه ، ولا أنه يغلق عينيه .
ويمكن لمن شاء أن يقول ما يشاء ، لكن ليس يستطيع أن يثبت ما يقول إلا القليل ، وها نحن أوردنا جميع ما وقفنا عليه من حالٍ للنبي صلى الله عليه وسلم حين نزول الوحي عليه .
وبخصوص قول الصحابي إنه كان يُسمع للنبي صلى الله عليه وسلم غطيط كغطيط البَكر : فلنا معه وقفات :
1. أن الواصف لهذا الصوت هو محب للنبي صلى الله عليه وسلم ، وليس بمبغض له ، ولو كان فيه إساءة له صلى الله عليه وسلم فما يحمله على إخبار الأرض به ؟!
ولو كان في ذلك أدنى منقصة أو مذمة لتكلمت بها العرب ، ولذموا صاحبهم بذلك ، وهيهات !!
2. أن التشبيه بالإبل في أصواتها وهيئاتها وبروكها وتحملها وحقدها وغير ذلك : أمرٌ معروف عند العرب قديماً وحديثاً ، وليس فيه ما يعيب ؛ لأن المقصود ضرب المثل ، وتقريب الصورة
وأكثر ما يرونه ويعرفونه هو الإبل ، فكان التشبيه بها لمناسبة حال المتكلم والسامع .
خامساً:
وأما اتهام النبي صلى الله عليه وسلم بأنه كان يصيبه الصرع ، وأنه ليس ثمة وحي من الله إنما هي أعراض مرض الصرع : فكلام ساقط
يغني نقله عن نقده ، لكن لا مانع أن نبين للناس فساده لأجل أن يعلموا أن أولئك القوم إنما يسوِّقون الأكاذيب لنشر دينهم ، وليس عندهم في دينهم ما يدعو الناس للدخول فيه
إنما هي الوثنية ، والأكاذيب ، واستغلال حاجة الناس وفقرهم ، وقد ساءهم أن الدين الإسلامي برغم كل المؤامرات عليه من أهله ومن أعدائه لا يزال هو الدين الأسرع والأكثر انتشاراً في الأرض .
ومما يبين فساد ادعائهم أن النبي صلى الله عليه وسلم مصاب بداء الصرع وأن ما كان يعانيه من الشدة والأحوال التي ذكرناه سابقاً ليست بسبب الوحي من الله ، أمور كثيرة ، منها :
1. أن الصرع كان معروفاً عند العرب ، وكانوا يميزون المصروعين من غيرهم ، فلو رأوا آثار الصرع عليه صلى الله عليه وسلم لما وفَّروا تلك التهمة .
2. بل إن الذين كانوا يبتلون بداء الصرع – بل بعموم الأمراض حتى لو كان مرض العمى – كانوا يأتون للنبي صلى الله عليه وسلم ليدعوَ الله لهم أن يشفيهم من مرضهم ذاك
فكيف لا يدعو لنفسه ويدعو للآخرين وهو يعلم من نفسه منزلته عند ربِّه وأن دعاءه مظنة الاستجابة ؟.
ومما يدل على كلا المسألتين السابقتين :
عن عَطَاء بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ : قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ : أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟
قُلْتُ : بَلَى ، قَالَ : هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : إِنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي قَالَ ( إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ ) قَالَتْ : أَصْبِرُ
قَالَتْ : فَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ ، فَدَعَا لَهَا .
رواه البخاري ( 5328 ) ومسلم ( 2576 ) .
3. ومن علامات كذب أولئك القوم من المستشرقين وأتباعهم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أنهم ربطوا كذبهم عليه بإصابته بمرض الصرع بوقت النبوة ! فأين كان هذا المرض قبل ذلك لو كانوا صادقين ؟! .
4. ثم إننا تعمدنا ذِكر أنواع الوحي وطرقه لنبين للناس كذبهم ودجلهم ؛ فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم يعاني من شدة الوحي في بعض الصور فالأمر ليس كذلك في بعضها الآخر
فماذا هم قائلون عن تلك الصور الأخرى كالنفث في الروع والرؤيا ومجيء جبريل بصور رجل من البشر ؟! .
5. وقد تعمدنا ذِكر الأحوال التي يكون عليها النبي صلى الله عليه وسلم حين نزول الوحي عليه في صوره المشهورة لنبين للناس – أيضاً – نفي تلك التهمة الساذجة الممجوجة عنه
فثمة علامات للمصاب بمرض الصرع وجدنا عكسها في حال النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن ذلك :
أ. أن المريض بالصرع يبرد جسمه أثناء الصرع ، وواقع النبي صلى الله عليه وسلم عكس ذلك فقد كان يصاب بالبُرَحاء ، وكان يعرق شديداً حتى في اليوم الشديد البرد ! .
ب. أن المصروع يتخبط ويتمايل ويُلقى على الأرض ويتمدد ولا يملك نفسه ، وواقع النبي صلى الله عليه وسلم على العكس من ذلك ، فهو ثابت القلب ، قوي البدن ، وهو إما يكون قائماً على منبره
أو جالساً على دابته ، أو بين أصحابه ، ويبقى هكذا حين نزول الوحي عليه لا يميل يميناً ولا شمالاً ، ولا يُلقى على الأرض ولا يتمدد ، وليس يظهر عليه أي أثر من أولئك المصابين بالصرع
والأدلة السابقة خير شاهد على هذا .
وها هو دليل آخر أخَّرناه لمناسبة وضعه هنا :
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ خَرَجَتْ سَوْدَةُ بَعْدَمَا ضُرِبَ الْحِجَابُ لِحَاجَتِهَا وَكَانَتْ امْرَأَةً جَسِيمَةً لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُهَا فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ يَا سَوْدَةُ أَمَا وَاللَّهِ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا فَانْظُرِي كَيْفَ تَخْرُجِينَ ؟!
قَالَتْ : فَانْكَفَأَتْ رَاجِعَةً ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي ، وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى وَفِي يَدِهِ عَرْقٌ ، فَدَخَلَتْ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي فَقَالَ لِي عُمَرُ كَذَا وَكَذَا ؟! قَالَتْ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ
ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُ وَإِنَّ الْعَرْقَ فِي يَدِهِ مَا وَضَعَهُ ، فَقَالَ : ( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ ) .
رواه البخاري ( 4517 ) ومسلم ( 2170 ) .
( عَرْق ) هو العظم الذي أخذ عنه أكثر اللحم .
قال ابن كثير – رحمه الله - :
فدلَّ هذا على أنه لم يكن الوحي يغيِّب عنه إحساسه بالكلية ، بدليل أنه جالس ولم يسقط العَرْق أيضا من يده صلوات الله وسلامه دائماً عليه .
" السيرة النبوية " ( 1 / 423 ) .
ولعلَّ هذا الحديث وحده كافٍ لأن يكون سبباً في إصابة أولئك المفترين بالصرع ! .
ج. المصروع لا يذكر ما حصل معه أثناء صرعه ، وواقع النبي صلى الله عليه وسلم على العكس من ذلك ، فهو يأتي بما يسمعه على أتم وجه ، ويسأل عن الذي كان الوحي السبب في نزوله
كما سأل عن صاحب الجبَّة في العمرة ، كما في حديث يعلى بن أمية ، وغيره من المواضع .
د. المصروع يأتي بالهذيان والكلام الذي لا معنى له أثناء صرعه ، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي بالحكَم الجليلة والمواعظ الحسنة والأحكام العظيمة ، فأين هذا من ذاك ؟! .
هـ. والمصروع يحتاج بعد نوبة صرعه إلى فترة راحة ؛ لشدة ما عاناه من تعب وألم ، وواقع النبي صلى الله عليه وسلم على العكس من ذلك ، فبعد انتهاء مهمة الوحي يسرَّى عنه
ويكون على حاله الذي كان عليه من قبل في قوة بدنه وعظمة فكره .
و. والمصروع يسقط ما يكون قابضاً عليه في يده ، وواقع النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف ذلك ، وسيأتي بعد قليل الدليل على ذلك .
ز. والمصروع يحزن على حاله ويتأسف عليها ، بل وكثيرون انتحروا أو حاولوا الانتحار بسبب إصابتهم بذلك المرض ، وواقع النبي صلى الله عليه وسلم على العكس من هذا
فإنه لما انقطع عنه الوحي لفترة " حزن حزناً شديداً " ! فأين هذا من ذاك ؟! .
ح. والمصاب بالصرع يصفر وجهه ، وواقع النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتغير بالحمرة ، والمصاب بالصرع يصيح صيحات عالية ، وليس هذا واقع النبي صلى الله عليه وسلم ، وكثيراً ما يُغمى على المصروع
وليس هذا واقعه صلى الله عليه وسلم ، ويؤذي المصروع نفسه بجرحها أو تقريب بدنه من نار ، ولم يكن شيء من هذا في واقع النبي صلى الله عليه وسلم ، والمصروع يعض لسانه ويمتزج لعابه بالدم
وليس هذا واقع النبي صلى الله عليه وسلم ، وكل ما يُذكر في آثار الصرع على المصابين به لا تجده عند نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولا شيئاً يسيراً منه .
فتبين بذلك كذبهم وافتراؤهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والويل لهم مما يصفون .
ينظر : " الرسل والرسالات "، لفضيلة الشيخ الدكتور عمر سليمان الأشقر( ص 65 ، 66 ) .
6. كان المشركون في جاهليتهم يأتمنون النبي صلى الله عليه وسلم على أغراضهم ، وبقي الأمر على ذلك حتى بعد أن دعاهم إلى الإسلام ، وقد أوصى بإرجاعها قبل أن يهاجر إلى المدينة
أفيمكن أن يكون مصاباً بذلك المرض ثم يأتمنه أهله وأقرباؤه وجيرانه ؟! إنهم أعلم به من هؤلاء المستشرقين الكذبة ، ولو كان ما افتروه عليه صحيحاً لكان للكفار شأن آخر معه فيما يختص بأغراضهم التي ائتمنوه عليها .
7. وكيف يقود هذا المصاب بالصرع – حاشاه – أمة كاملة ، ويقود الجيوش ، ويحارب الكفار ، ويراسل الملوك ، ويصلح بين الناس ؟!
8. ونختم بذكر شهادات مضادة لأولئك الكذبة من المستشرقين ، ليست شهادات من أئمة الإسلام وعلماء ، بل هي شهادات لكتاب ومؤرخين غربيين ، من بلدان مختلفة :
أ. قال الكاتب والمؤرخ الإنجليزي السير "توماس كارليل" :
" لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد متمدين من أبناء هذا العصر أن يصغي إلى ما يظن من أن دين الإسلام كذب ، وأن محمدا خَدَّاع مُزَوِّر ؛ وآن لنا أن نحارب ما يشاع من مثل هذه الأقوال السخيفة المخجلة ؛ فإن الرسالة التي أداها ذلك الرسول ما زالت السراج المنير مدة اثني عشر قرنا [ توفي كارليل (1881م) ]
لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا ، خلقهم الله الذي خلقنا ؛ أفكان أحدكم يظن أن هذه الرسالة التي عاش بها ومات عليها هذه الملايين من الفائتة الحصر والإحصار أكذوبة وخدعة ؟
! أما أنا فلا أستطيع أن أرى هذا الرأي أبدا ، ولو كان الكذب والغش يروجان عند خلق الله هذا الرواج ، ويصادفان منهم مثل ذلك التصديق والقبول : فما الناس إلا بُلْهٌ ومجانين ، وما الحياة إلا سخف وعبث وأضلولة ، كان الأولى بها ألا تخلق !!
فوا أسفاه ؛ ما أسوأ مثل هذا الزعم ، وما أضعف أهله ، وأحقهم بالرثاء والمرحمة !!
وبعد ؛ فعلى من أراد أن يبلغ منزلةً ما في علوم الكائنات أن يصدق شيئا ألبتة من أقوال أولئك السفهاء ؛ فإنها نتائج جيل كفر ، وعصر جحود وإلحاد
وهي دليل على خبث القلوب ، وفساد الضمائر ، وموت الأرواح في حياة الأبدان ، ولعل العالم لم ير قط رأيا أكفر من هذا ولا ألأم!!" . انتهى .
"الأبطال" (45-55) ترجمة محمد السباعي .
ب. ويقول الكاتب والمؤرخ الأمريكي " ول ديورانت " :
ولم يكن المحيطون بالنبي في هذه الأوقات يرون جبريل أو يسمعونه ، وقد يكون ارتجافه ناشئاً من نوبات صرع فقد كان يصحبه في بعض الأحيان صوت وصفه بأنه يشبه صلصلة الجرس
وتلك حال كثيراً ما تحدث مع هذه النوبات ، ولكننا لا نسمع أنه عض في خلالها لسانه ، أو حدث ارتخاء في عضلاته كما يحدث عادة في نوبات الصرع , وليس في تاريخ محمَّد ما يدل على انحطاط قوة العقل التي يؤدي إليها الصرع عادة ، بل نراه على العكس يزداد ذهنه صفاء
ويزداد قدرة على التفكير ، وثقة بالنفس ، وقوة بالجسم والروح والزعامة ، كلما تقدمت به السن ، حتى بلغ الستين من العمر .
وقصارى القول : أنا لا نجد دليلاً قاطعاً على أن ما كان يحدث للنبي كان من قبيل الصرع ، ومهما يكن ذلك الدليل : فإنه لا يقنع أي مسلم مستمسك بدينه .
" قصة الحضارة " ( 13/26 ) ط الهيئة المصرية العامة للكتاب .
ج. ويقول المستشرق الألماني " ماكس مايرهوف " :
لقد أراد بعضهم أن يَرى في محمَّد رجلاً مصاباً بمرض عصبي ، ولكن تاريخ حياته من أوله إلى آخره ليس فيه شيء يدل على هذا ، كما أن ما جاء به فيما بعدُ من أمور التشريع والإدارة يناقض هذا القول " .
بواسطة " آراء المستشرقين حول القرآن وتفسيره " ( 1 / 403 ) للدكتور عمر بن إبراهيم رضوان ، وفيه نقض لتلك الشبهة .
هذا ما تيسر ذِكره لنقض تلك المفتريات على نبي الأمَّة صلى الله عليه وسلم ، وإننا لنزداد قناعة كل مرة نشهد كذب المفترين عليه أنهم أهل أهواء وضلالة
ونزداد حبّاً وتعظيماً لذلك النبي الكريم ، وكل كذب وافتراء عليه يكشف لنا جوانب خفية عنه تُعلم بالبحث والدراسة ، وهذا من العجائب أن تزيدنا تلك الشبهات والافتراءات قناعة بصحة ديننا وعظمة نبينا صلى الله عليه وسلم
وتزيدنا قناعة بإفلاس أولئك الخصوم ، فلا دين عندهم ولا دنيا ! بل خرافات وضلالات مع جهل وكذب وافتراء .
ونسأل الله تعالى أن يهدي ضالَّ المسلمين ، وأن يعلي قدر نبيه في الدارين ، وأن يتوفنا على الإيمان .
والله أعلم
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-08-06, 17:01
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
تتنبأ بأشياء تكاد تكون صحيحة ويعتقدون أنها تعلم الغيب
السؤال
امرأة تقول إنها أخلصت في طاعة الله ، وأثناء نومها زارها رجل يلبس جلباباً أبيض ، وطاف حولها ، وبعد ذلك أصبحت تتنبأ بأشياء تكاد تكون صحيحة ، فعرف الناس بها
وأخذوا يترددون عليها ، ويقولون : إنها تعلم الغيب ، ولا يعلم الغيب إلا الله ، فما حكم هذه المرأة ؟
وبم ننصحها ؟.
الجواب
الحمد لله
لا يجوز لأحد أن يدَّعي علم الغيب ، ومن ادَّعاه فقد كفر ، ولا يجوز لأحدٍ أن يعتقد أن أحداً يعلم الغيب ، ومن اعتقد ذلك فقد كفر .
وقد أخبر الله تعالى أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب ، وأخبر أن الجن لا يعلمون الغيب .
وإنما قصدنا بذلك الغيب المطلق الذي لا يعلمه إلا الله ، وأما الغيب النسبي وهو ما يعلمه أناس دون آخرين : فهذا قد يستطيع بعض الناس علمه وإنما يكون البحث في كيفية اطلاعهم عليه ، فمنهم من يعرفه بالتجسس ومنهم من يعرفه عن طريق الجن ، وكلاهما طريق لا يجوز سلوكه .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
هل الجن يعلمون الغيب ؟ .
فأجاب :
الجن لا يعلمون الغيب لقوله تعالى : ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ )
واقرأ قوله تعالى : ( فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ )
ومن ادعى علم الغيب فهو كافر ، ومن صدَّق من يدعي علم الغيب فإنه كافر أيضاً لقوله تعالى : ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ ) ، فلا يعلم غيب السماوات والأرض إلا الله وحده
وهؤلاء الذين يدعون أنهم يعلمون الغيب في المستقبل كل هذا من الكهانة ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أن من أتى عرافاً فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يوماً "
فإن صدَّقه فإنه يكون كافراً لأنه إذا صدَّقه بعلم الغيب فقد كذَّب قوله تعالى : ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ ) .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 1 / السؤال رقم 115 ) بتصرف .
وسئل الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - :
عن حكم من يدعي علم الغيب ؟ .
فأجاب :
الحكم فيمن يدَّعي علم الغيب أنه كافر ؛ لأنه مكذِّّّب لله عز وجل ، قال الله تعالى : ) قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ )
وإذا كان الله عز وجل يأمر نبيه محمداً صلي الله عليه وسلم أن يعلن للملأ أنه لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله ، فإن من ادَّعى علم الغيب فقد كذب الله عز وجل في هذا الخبر .
ونقول لهؤلاء : كيف يمكن أن تعلموا الغيب والنبي صلي الله عليه وسلم لا يعلم الغيب ؟
هل أنتم أشرف أم الرسول صلي الله عليه وسلم ؟
! فإن قالوا : نحن أشرف من الرسول : كفروا بهذا ، وإن قالوا : هو أشرف ، فنقول : لماذا يحجب عنه الغيب وأنتم تعلمونه ؟ ! وقد قال الله عز وجل عن نفسه : ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً )
وهذه آية ثانية تدل على كفر من ادعى علم الغيب ، وقد أمر الله تعالى نبيَّه صلي الله عليه وسلم أن يعلن للملأ بقوله : ( قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى )
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 1 / السؤال رقم 22 ) .
والذي يتنبأ بالمستقبل يسمَّّّى " كاهناً " ، ولا يحل سؤاله ولا إتيانه ، وأما صدقهم أحياناً في تنبؤاتهم فإما أن يكون من باب موافقة القدَر ، وإما أن يكون من الجن الذي يسترق السمع ، فيلقي الجنُّ الكلمة على الكاهن فيكذب معها مئة كذبة .
عن عائشة رضي الله عنها قالت : سأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ناسٌ عن الكهان فقال : ليس بشيء ، فقالوا : يا رسول الله إنهم يحدثونا أحياناً بشيء فيكون حقا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تلك الكلمة من الحق يخطفها من الجني فيقرها في أذن وليه فيخلطون معها مائة كذبة .
رواه البخاري ( 5429 ) ومسلم ( 2228 ) .
قال الحافظ ابن حجر :
قال القرطبي :
كانوا في الجاهلية يترافعون إلى الكهان في الوقائع والأحكام ويرجعون إلى أقوالهم , وقد انقطعت الكهانة بالبعثة المحمدية , لكن بقي في الوجود من يتشَّبه بهم , وثبت النهي عن إتيانهم فلا يحل إتيانهم ولا تصديقهم .
قوله : " إنهم يحدثوننا أحيانا بشيء فيكون حقا " في رواية يونس " فإنهم يتحدثون " هذا أورده السائل إشكالا على عموم قوله " ليسوا بشيء "
لأنه فهِم أنهم لا يصدقون أصلا فأجابه صلى الله عليه وسلم عن سبب ذلك الصدق , وأنه إذا اتفق أن يصدق لم يتركه خالصا بل يشوبه بالكذب ...
قال الخطابي : بيَّن صلى الله عليه وسلم أن إصابة الكاهن أحيانا إنما هي لأن الجني يلقي إليه الكلمة التي يسمعها استراقا من الملائكة فيزيد عليها أكاذيب يقيسها على ما سمع , فربما أصاب نادرا وخطؤه الغالب ."
فتح الباري " ( 10 / 219 ، 220 ) .
أما ما ذكر في السؤال من ما رأته تلك المرأة في منامها ، فإن مثل هذه الأحلام لا يؤخذ منها أي دليل على حكم شرعي فضلا عن أن تدل على مصادمة لقضية من قضايا العقيدة المقررة وعليه فيُعدُّ ما رأته في منامها نوعا من أنواع تلاعب الشيطان بها واستغلاله لجهلها.
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-06, 17:05
الرؤى والأحلام
السؤال
أرجو أن يكون بإمكانكم مساعدتي في حيرتي ، صليت الاستخارة قبل خمسة أيام ، سألت الله إن كان باستطاعتي أن أحول رجلاً غير مسلم إلى مسلم وأن أُريه طريق الصواب لحبي للإسلام ولله
أنا مهووس بهذه الفكرة لأنها أمنيتي في الحياة ولو لمرة واحدة في حياتي لأني أحب الله كثيرا من كل قلبي . لقد سألت الله في صلاة الاستخارة إن كان حلمي سيتحقق وأيضا سألته الهداية لذلك .
لكن حلمت اليوم صباحا أني وابن عمي نقضي إجازتنا في فندق و ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) وجدت أننا نمسك بخمر لونه أخضر وأننا مشتاقين لتذوقه وتذوقناه بالفعل ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) .
وبعد فترة قصيرة رأيت أخي الأكبر يدخل فخفت أنا وابن عمي جدا . ثم رأيت أختي الكبرى في سلوار أسود ويجري خلفها كلب بني اللون يجري خلفها .
عندما كنت أحلم كنت فعلا خائفاً وخفت أن أكون قد ارتكبت إثما وعندما استيقظت وكنت مستلقيا على الجهة اليسرى شعرت بالارتياح كونه مجرد حلم. كانت الساعة الخامسة والنصف وعندها كان علي الإسراع لصلاة الفجر
وعندما كنت أصلي كنت سعيدا للغاية وشعرت بداخلي بإحساس جميل وأن هذا الشعور يؤكد لي أن الله معي ويعلم ما في نفسي . لم أشعر بهذا الإحساس من قبل ولا أعرف معنى ذلك ، هل علي أن أستمع إلى الحلم أم إلى قلبي .
الجواب
الحمد لله
اعلم أن ما يراه النائم في المنام ينقسم إلى قسمين :
1- الرؤى .
2- أضغاث الأحلام .
وأضغاث الأحلام تنقسم بدورها إلى قسمين كذلك :
1- تخويف الشيطان .
2- أحاديث النفس .
ويمكن أن يقال أن ما يراه النائم ينقسم إلى أقسام ثلاثة :
1- الرؤيا من الله .
2- تخويف الشيطان .
3- أحاديث النفس .
يدل على هذا التقسيم ما ثبت في صحيح مسلم برقم 2263 من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ وَالرُّؤْيَا ثَلاثَةٌ :
فَالرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللَّهِ
وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ
وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ ، فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ وَلا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ ...) .
وعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الرُّؤْيَا ثَلاثٌ :
مِنْهَا أَهَاوِيلُ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ بِهَا ابْنَ آدَمَ ، وَمِنْهَا مَا يَهُمُّ بِهِ الرَّجُلُ فِي يَقَظَتِهِ فَيَرَاهُ فِي مَنَامِهِ ، وَمِنْهَا جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ ) صحيح سنن ابن ماجه 3155 .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: (الرُّؤْيَا ثَلاثٌ : فَبُشْرَى مِنَ اللَّهِ ، وَحَدِيثُ النَّفْسِ ، وَتَخْوِيفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا تُعْجِبُهُ فَلْيَقُصَّ إِنْ شَاءَ وَإِنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلا يَقُصَّهُ عَلَى أَحَدٍ وَلْيَقُمْ يُصَلِّي ) صحيح سنن ابن ماجه 3154 .
وإليك جملة من الأحاديث الصحيحة التي فيها إرشاد إلى أدب الرائي تجاه ما يراه في منامه :
1- عن أبي قتادة قال : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ وَالْحُلُمُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ حُلُمًا يَخَافُهُ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا فَإِنَّهَا لا تَضُرُّهُ ) رواه البخاري 3292 .
2- عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ كُنْتُ أَرَى الرُّؤْيَا أُعْرَى مِنْهَا غَيْرَ أَنِّي لا أُزَمَّلُ حَتَّى لَقِيتُ أَبَا قَتَادَةَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ حُلْمًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفُثْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلاثًا وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ )
رواه مسلم 2261.
3- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلْيَتَحَوَّلْ وَلْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَسْأَلِ اللَّهَ مِنْ خَيْرِهَا وَلْيَتَعَوَّذْ مِنْ شَرِّهَا ) . صحيح سنن ابن ماجه .
4- عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ثَلَاثًا وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ) رواه مسلم 2262.
5- وقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم الفرق بين الرؤيا وبين الحلم فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يُحِبُّهَا فَإِنَّهَا مِنَ اللَّهِ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيُحَدِّثْ بِهَا وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا وَلا يَذْكُرْهَا لِأَحَدٍ فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ )
رواه البخاري 7045 . فتبين أن الرؤيا الطيبة السارة من الله وأن الرؤيا السيئة التي يكرها الإنسان فإنها حلم من الشيطان فعليه أن يستعيذ من شرها .
6- عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (... فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ وَلا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ ) رواه مسلم 2263 .
7- عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لأَعْرَابِيٍّ جَاءَهُ فَقَالَ : إِنِّي حَلَمْتُ أَنَّ رَأْسِي قُطِعَ فَأَنَا أَتَّبِعُهُ ، فَزَجَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : ( لا تُخْبِرْ بِتَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ بِكَ فِي الْمَنَامِ ) رواه مسلم 2268 .
ويمكن أن يستخلص الإنسان أهم الآداب المتعلقة لمن رأى ما يكره في منامه من هذه الأحاديث فأهم الآداب :
1- أن يعلم أن هذا الحلم إنما هو من الشيطان يريد إحزانه فليرغم الشيطان ولا يلتفت إليه.
2- ليستعذ بالله من الشيطان الرجيم .
3- ليستعذ بالله من شر هذه الرؤيا .
4- أن ينفث عن يساره ثلاثا ، والمتأمل في روايات هذا الأدب من الأحاديث يلحظ أنه قد ورد الأمر بالنفث والتفل والبصق فلعل المراد أن ينفخ العبد مع شيء يسير من الريق .
5- أن لا يحدث بها أحدا .
6- أن يتحول عن جنبه الذي كان عليه فإن كان على جنبه الأيسر تحول للأيمن والعكس بالعكس .
7- أن يقوم فيصلي .
فإن التزم العبد هذه الآداب فيُرجى له أن لا تضره هذه الرؤيا المكروهة كما ورد في النصوص
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-06, 17:13
آداب الرؤى وتفسير الأحلام
السؤال
أريد شيئا عن تفسير الأحلام في الإسلام .....
لديّ كتاب لابن سيرين وأريد معلومات إضافية ؟
الجواب
الحمد لله
1. الرؤيا الصادقة وهي من أجزاء النبوة كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الرؤيا الصادقة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة .( البخاري 6472 ومسلم 4201)
2. والرؤيا مبدأ الوحي .( البخاري 3 وسلم 231 )
3. وصدقها بحسب صدق الرائي ، وأصدق الناس رؤيا أصدقهم حديثا . ( مسلم 4200 )
4. وهي عند اقتراب الزمان لا تكاد تخطىء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وذلك لبعد العهد بالنبوة وآثارها فيكون للمؤمنين شيء من العوض بالرؤيا التي فيها بشارة لهم أو تصبير وتثبيت على الدّين . ( البخاري 6499 وسلم 4200 )
ونظير هذا الكرامات التي ظهرت بعد عصر الصحابة ولم تظهر عليهم لاستغنائهم عنها بقوة إيمانهم واحتياج من بعدهم إليها لضعف إيمانهم .
5. والأحلام ثلاثة أنواع منها رحماني ومنها نفساني ومنها شيطاني وقال النبي صلى الله عليه وسلم "الرؤيا ثلاثة رؤيا من الله ورؤيا تحزين من الشيطان ورؤيا مما يحدث به الرجل نفسه في اليقظة فيراه في المنام" . ( البخاري 6499 ومسلم 4200 )
6. ورؤيا الأنبياء وحي فإنها معصومة من الشيطان وهذا باتفاق الأمة ولهذا أقدم الخليل على تنفيذ أمر الله له في المنام بذبح ابنه إسماعيل عليهما السلام .
7. وأما رؤيا غير الأنبياء فتُعرض على الوحي الصريح فإن وافقته وإلا لم يعمل بها . وهذا مسألة خطيرة جدا ضلّ بها كثير من المُبتدعة من الصوفية وغيرهم .
8. ومن أراد أن تصدق رؤياه فليتحرّ الصدق وأكل الحلال والمحافظة على الأمر الشرعي واجتناب ما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم وينام على طهارة كاملة مستقبل القبلة ويذكر الله حتى تغلبه عيناه فإن رؤياه لا تكاد تكذب البتة .
9. وأصدق الرؤى رؤى الأسحار فإنه وقت النزول الإلهي واقتراب الرحمة والمغفرة وسكون الشياطين وعكسه رؤيا العَتَمة عند انتشار الشياطين والأرواح الشيطانية .
انظر لما سبق " مدارج السالكين " ( 1 / 50 - 52 ) .
وقال الحافظ ابن حجر :
10. جميع المرائي تنحصر على قسمين :
أ.الصادقة ، وهي رؤيا الأنبياء ومَن تبعهم مِن الصالحين ، وقد تقع لغيرهم بندور ( أي نادرا كالرؤيا الصحيحة التي رآها الملك الكافر وعبّرها له النبي يوسف عليه السلام ) والرؤيا الصّادقة هي التي تقع في اليقظة على وفق ما وقعت في النوم .
ب. والأضغاث وهي لا تنذر بشيء ، وهي أنواع :
الأول : تلاعب الشيطان ليحزن الرائي كأن يرى أنه قطع رأسه وهو يتبعه ، أو رأى أنه واقع في هَوْل ولا يجد من ينجده ، ونحو ذلك .
والثاني : أن يرى أن بعض الملائكة تأمره أن يفعل المحرمات مثلا ، ونحوه من المحال عقلاً.
الثالث : أن يرى ما تتحدث به نفسه في اليقظة أو يتمناه فيراه كما هو في المنام ، وكذا رؤية ما جرت به عادته في اليقظة ، أو ما يغلب على مزاجه ويقع عن المستقبل غالبا وعن الحال كثيراً وعن الماضي قليلاً .
انظر : " فتح الباري " ( 12 / 352 - 354 ) .
11. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها : فإنما هي من الله ، فليحمد الله عليها ، وليحدث بها
وإذا رأى غير ذلك مما يكره : فإنما هي من الشيطان ، فليستعذ من شرها ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره " . رواه البخاري ( 6584 ) ومسلم ( 5862 ) .
- وعن أبي قتادة قال ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الرؤيا الصالحة من الله ، والحلُم من الشيطان ، فمَن رأى شيئا يكرهه فلينفث عن شماله ثلاثا وليتعوذ من الشيطان فإنها لا تضره".
رواه البخاري (6594) ومسلم (5862) .
والنفث : نفخ لطيف لا ريق معه .
- وعن جابر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثاً ، وليستعذ بالله من الشيطان ثلاثاً ، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه " .
رواه مسلم (5864).
قال ابن حجر : فحاصل ما ذكر من أدب الرؤيا الصالحة ثلاثة أشياء :
أ . أن يحمد الله عليها .
ب . وأن يستبشر بها .
ج. وأن يتحدث بها لكن لمن يحب دون من يكره .
وحاصل ما ذكر من أدب الرؤيا المكروهة أربعة أشياء :
أ . أن يتعوذ بالله من شرها .
ب . ومن شر الشيطان .
ج . وأن يتفل حين يهب من نومه عن يساره ثلاثا .
د . ولا يذكرها لأحد أصلاً .
هـ. ووقع ( في البخاري ) في باب القيد في المنام عن أبي هريرة خامسة وهي الصلاة ولفظه فمن رأى شيئا يكرهه فلا يقصّه على أحد وليقم فليصلّ ووصله الإمام مسلم في صحيحه .
و. وزاد مسلم سادسة وهي : التحول من جنبه الذي كان عليه ...
..
وفي الجملة فتكمل الآداب ستة ، الأربعة الماضية ، وصلاة ركعتين مثلا والتحوّل عن جنبه إلى النوم على ظهره مثلا .
انظر : " فتح الباري " ( 12 / 370 ) .
21. وفي حديث أبي رزين عند الترمذي ولا يقصها إلا على وادّ بتشديد الدال اسم فاعل من الوُدّ أو ذي رأي وفي أخرى ولا يحدِّث بها إلا لبيبا أو حبيبا وفي أخرى ولا يقص الرؤيا إلا على عالم أو ناصح قال القاضي أبو بكر بن العربي أما العالم فإنه يؤولها له على الخير
مهما أمكنه وأما الناصح فإنه يرشده إلى ما ينفعه ويعينه عليه وأما اللبيب وهو العارف بتأويلها فإنه يعْلِمه بما يعوّل عليه في ذلك أو يسكت وأما الحبيب فان عرف خيرا قاله وإن جهل أو شك سكت .
انظر : " فتح الباري " ( 12 / 369 ) .
قال الإمام البغوي :
13 . واعلم أن تأويل الرؤيا ينقسم أقساماً ، فقد يكون بدلالة من جهة الكتاب ، أو من جهة السنة،أو من الأمثال السائرة بين الناس ، وقد يقع التأويل على الأسماء والمعاني ، وقد يقع على الضد والقَلْب ( أي العكس )
. أ.هـ " شرح السنة " ( 12 / 220 ) .
قلت : وذكر رحمه الله أمثلة ، ومنها :
= فالتأويل بدلالة القرآن : كالحَبْل ، يعبَّر بالعهد ، لقوله تعالى { واعتصموا بحبل الله } .
= والتأويل بدلالة السنة : كالغراب يعبر بالرجل الفاسق ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سماه فاسقاً .
= والتأويل بالأمثال : كحفر الحفرة يعبَّر بالمكر ، لقولهم : من حفر حفرة وقع فيها .
= والتأويل بالأسماء : كمن رأى رجلا يسمى راشداً يعبَّر بالرُشْد .
= والتأويل بالضد والقلب : كالخوف يعبر بالأمن لقوله تعالى { وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً } .
14 . أما كتاب " تفسير المنام " المنسوب لابن سيرين : فقد شكك كثير من الباحثين في نسبته إليه، وعليه : فلا يجزم بتلك النسبة لهذا الإمام العلَم .
والله أعلم
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-08-06, 17:17
رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام
السؤال
حدث أني رأيت في منامي محمَّداً صلى الله عليه وسلم ، لكنه كان في صورة فتى أو صغير، وبالطبع فإن صورته لم تكن تشابه ما قرأته عن صفاته صلى الله عليه وسلم
لكني أتمنى أن الذي رأيته في المنام هو النبي صلى الله عليه وسلم ؛ وذلك لأني سألته صلى الله عليه وسلم: "هل أنت (حقّاً) محمد صلى الله عليه وسلم؟ " ، فقال صلى الله عليه وسلم : "نعم" ، فمن يمكنه أن يقول ذلك عن نفسه غيره هو صلى الله عليه وسلم ؟
وفي المرة الثانية ، كان هناك صوت مثل الأيام القديمة ، عندما يأتي شخص إلى قصر الملك ، وقال الصوت : " محمد صلى الله عليه وسلم ! " وأتى رجال في غاية الوسامة
أعمارهم بين 40 إلى 45، وأروني ورقة ، وانتهى الحلم بهذا .
فكيف أعرف ما إذا كان الذي رأيته في المنامين هو النبي صلى الله عليه وسلم ؟ .
الجواب
الحمد لله
أولاً :
ليُعلم أنه يمكن أن يرى الإنسانُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في المنام ، وأن الشيطان لا يتمثَّل بصورة النبي صلى الله عليه وسلم ، لكنه لا يتمثَّل بصورته الحقيقيَّة ، أما في صورةٍ أخرى فيمكن للشيطان أن يأتي ويزعم أنَّه النبي صلى الله عليه وسلم .
عن أبي هريرة قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " مَن رآني في المنام فسيراني في اليقظة ، ولا يتمثل الشيطان بي " .
رواه البخاري ( 6592 ) ومسلم ( 2266 ) .
زاد البخاري : قال ابن سيرين إذا رآه في صورته .
وفي رواية عند أحمد ( 3400 ) : " فإن الشيطان لا يستطيع أن يتشبه بي " .
قال الحافظ ابن حجر :
وقد رويناه موصولاً من طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي عن سليمان بن حرب - وهو من شيوخ البخاري - عن حماد بن زيد عن أيوب قال : كان محمَّد - يعني : ابن سيرين - إذا قصَّ عليه رجلٌ أنَّه رأى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم
قال : صِف لي الذي رأيتَه ، فإن وَصف له صفةً لا يعرفها قال : لم تره ، وسنده صحيح ، ووجدتُ له ما يؤيِّده فأخرج الحاكم من طريق عاصم بن كليب حدثني أبي قال
: قلتُ لابن عباس رأيتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم في المنام ، قال : صِفه لي ، قال ذكرتُ الحسن بن علي فشبَّهتُه به ، قال : قد رأيتَه ، وسنده جيد .
" فتح الباري " ( 12 / 383 ، 384 ) .
وأما من يقول إنه صلى الله عليه وسلم يأتي بكل صورة ، ويستدل على ذلك بما أخرجه ابن أبي عاصم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَن رآني في المنام فقد رآني فإنِّي أُرى في كل صورة " : فحديث ضعيف .
قال الحافظ ابن حجر :
وفي سنده صالح مولى التوأمة ، وهو ضعيف ؛ لاختلاطه ، وهو مِن رواية مَن سمع منه بعد الاختلاط .
" فتح الباري " ( 12 / 384 ) .
ثانياً :
وما جاء في السؤال من رؤية النبي صلى الله عليه وسلم وهو فتى أو صغير : فممكن لكن بالشرط السابق وهو أن تكون هي صورته في سنِّه ذاك .
قال الحافظ ابن حجر :
وقوله " لا يستطيع " يشير إلى أن الله تعالى وإن أمكنه مِن التصور في أي صورة أراد ؛ فإنه لم يمكنه من التصور في صورة النَّبي صلى الله عليه وسلم ، وقد ذهب إلى هذا جماعة ، فقالوا في الحديث : إن محل ذلك إذا رآه الرائي على صورته التي كان عليها .
ومنهم مَن ضيَّق الغرض في ذلك حتى قال : لا بدَّ أن يراه على صورته التي قبض عليها حتى يعتبر عدد الشعرات البيض التي لم تبلغ عشرين شعرة .
والصواب : التعميم في جميع حالاته بشرط أن تكون صورته الحقيقية في وقت ما ، سواء كان في شبابه أو رجوليته أو كهوليته أو آخر عمره .
" فتح الباري " ( 12 / 386 ) .
ثالثاً :
وإذا تبين هذا فإنه يمكن أن يأتي الشيطان للإنسان في منامه ويدَّعي أنه النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاء على غير صفته الحقيقية التي خلقه الله عليها في جميع مراحل حياته .
ووجود صوت مثل الأصوات القديمة أو وجود رجال وسيمين أو وجود من يقول " محمد صلى الله عليه وسلم " : فكل ذلك ليس له علاقة برؤية النبي صلى الله عليه وسلم على الحقيقة .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-06, 17:22
العلاج بالطاقة والريكي
السؤال :
ظهر في أيامنا هذه ما يعرف بالطب البديل ، ومن أنواعه ما اسمه العلاج بالطاقة ، أو ما يعرف كذلك باسم الريكي أو شيء من هذا القبيل ، وقد أصبح يدرس لدينا في دورات تدريبية بشهادات عالمية كذلك
وبما إنني مهتمة بهذا المجال أردت أن أتعلمه صدقا ، لكن وجدت في نفسي ريبة منه ، فارتأيت أن أبحث عن ماهيته ، فوجدت أنه علاج قائم على الانحراف العقائدي ، وأيضا أن ما يسمونه البوذا لا حول ولا قوة إلا بالله هي ديانة ، ولن يحصل هذا التداوي
وهذا النفع منه إلا إذا كان المرء بوذيا ـ والعياذ بالله ـ أي أن العلاج بالطاقة هذه حرام بالإجماع ؛ لأنه دعوة بالأساس إلى الشرك ، لكنني أردت التاكد أكثر
فقد ذكرت لكم من قبل أنه علم يدرس حاليا لدينا بشكل منفصل ، ويتخرج منه المتدرب بشهادة عالمية في هذا المجال ، فأردت أن أسال الأستاذ القائم على هذه الدورة ..
. ، فرد علي هذا الأخير قائلا : وعليكم السلام أهلا ، في رأيك لو كان حراما أو مبنيا على ما قرأتي في النت سأدربه وأعلمه للاخرين ؟ فيه معلومات كثيرة مغلوطة موجودة في الإنترنت
هذه العلوم ليست موضوعا واحدا ، ولعلك تعرفي واحدا منها الحجامة ليست اختراعا إسلاميا ، وهو من العلاجات التي تعتمد على الطاقة
والإبر الصينية فرع آخر من علوم الطاقة ، وتم الاعتراف بها من قبل منظمة الصحة العالمية في السبعينات ، وما سيتم تدريسه في شهر ديسمبر يعتمد على طاقة الجسم ، وكيف نستغلها في العلاج
مثلما يعرف الممارس للفنون القتالية كيف يتحكم في طاقته من أجل القتال أو الدفاع عن النفس ، ولا يمكن شرح كل شيء هنا ، ولكن أحببت أن أقرب لك الفكرة ، إن ارتاحت نفسك فاحضري الدورة مثلما حضرها قبلك أطباء
ورقاة وشيوخ دين ، وأساتذة ، ومعالجين، وغيرهم ، ولم يجدوا فيها حرجا. فما حكمه ؟ وهل إذا تم إزالة علة التحريم يمكن تعلمه ؟
الجواب :
الحمد لله
العلاج بالطاقة الحيوية من العلاجات الحديثة القائمة على الدجل والشعوذة لأكل أموال الناس بالباطل ، وهو علاج له أصوله البوذية القائمة على الخرافة .
وقد تصدَّت الدكتور فوز كردي - حفظها الله - لكثير من هذه العلاجات بالنقد والنقض في مقالاتها المنتشرة ، وفي موقعها الخاص ، ثم في رسالتها للدكتوراه والتي كانت بعنوان " المذاهب الفلسفية الإلحادية الروحية وتطبيقاتها المعاصرة " .
وقد نقلنا شيئا من كلامها في جواب السؤالين القادمين
وتجدين فيه بيان " العلاج بالريكي "، و "العلاج بالتشي كونغ"، وأنها ممارسات وثنية يختلط فيها الدجل بالشعوذة والسحر ، وإن ادعى أصحابها تنمية القوى البشرية أو المعالجة النفسية .
وينبغي أن تعلمي أن هذا الأمر شديد التحريم، عظيم الخطر، وأن العالم اليوم يشهد دعوة نشطة للبوذية، تتستر بالعلاج والرياضة.
ولا مقارنة بين هذه الطقوس الوثنية، والشعوذة، وبين الحجامة، التي تقوم على استخراج الدم.
وأما الإبر الصينية، ففيها تفصيل:
1- فإن اقتصر الأمر على وخز أماكن معينة بالبدن ثبت بالتجربة المتكررة انتفاعها بالوخز، فلا حرج في ذلك، على أن يكون العلاج على يد طبيب موثوق.
2- وإن ادعى المعالج أن مناطق الوخز ، هي نقاط في مسارات (تشي وكي) التي تربط المخلوقات بالمطلق، وأن الإبرة تعالج الخلل الحاصل في هذه المسارات، فهذا ربط بعقائد الصينين الوثنية الباطلة ؛ فلا يجوز العلاج عند من يدعي ذلك ويمرر هذا المعتقد الفاسد.
ومما يؤسف له أن الإبر الصينية لم تر رواجا في العصر الحديث إلا بتبني الباطنية العالمية لها لتمرير المعتقدات ، قبل أن تكون للصحة والعلاج.
ولا يُلتفت لما يقوله المدربون، فمنهم جاهل لا يدري، ومنهم من أعماه المال والشهرة ، نسأل الله العافية.
وللاستزادة: يراجع:
1-التطبيقات المعاصرة لفلسفة الاستشفاء الشرقية، دراسة عقدية، د. هيفاء بنت ناصر الرشيد. 2-الاحتساب على منكرات الطب البديل، أ. عائشة بنت محمد الشمسان.
3-أثر الفلسفة الشرقية والعقائد الوثنية في برامج التدريب والاستشفاء المعاصرة، د. فوز بنت عبد اللطيف كردي.
والله أعلم.
*عبدالرحمن*
2018-08-06, 17:33
حكم العلاج بـ " الطاقة الحيوية " وبيان حال المدعو " أحمد عمارة "
السؤال:
جزاكم الله خيراً على جهدكم ، وما لمسته منكم من الوقوف على الأمر والبحث فيه قبل إصدار الفتوى هو ما شجعني على إرسال طلب الفتوى ، وإني أحبكم في الله
لاحظت مؤخراً بزوغ نجم ما يسمى بـ " العلاج بالطاقة الحيوية " ، وأيضا ما يسمى بـ " جلسات السلام " التي يروج لها بعض الأشخاص كحل لكل المشكلات والأزمات ، لأنها تتسبب في زيادة الطاقات الايجابية ، ومن ثم تحل المشكلات كلها . وهنا رابط لكلام غريب عن الدين
: https://www.********.com/note.php?note_id=286283151420423
وقد لاحظت اهتمام كثير من الشباب والفتيات بكلام هذا الرجل واقتناعهم به وتنفيذهم لما يقول ، وأنا أحس أن هناك خللاً شرعيّاً فيما يقول ، وأنه يستغل الدين لترويج بضاعته
فأرجو من فضيلتكم توضيح حكم الشرع في موضوع " الطاقة الحيوية " وجلسات السلام هذه ، ونشر الفتوى لتعم الفائدة ، وجزاكم الله خيراً .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
العلاج بالطاقة الحيوية من العلاجات الحديثة القائمة على الدجل والشعوذة لأكل أموال الناس بالباطل ، وهو علاج له أصوله البوذية القائمة على الخرافة .
وقد تصدَّت الدكتور فوز كردي - حفظها الله -
لكثير من هذه العلاجات بالنقد والنقض في مقالاتها المنتشرة ، وفي موقعها الخاص ، ثم في رسالتها للدكتوراة والتي كانت بعنوان " المذاهب الفلسفية الإلحادية الروحية وتطبيقاتها المعاصرة "
ومما جاء في كلامها بياناً للعلاج بالطاقة الحيوية وذِكراً لحكم استعمالها ما جاء في قولها :
" العلاج بالطاقة الحيوية :
وفكرته قائمة على اعتقاد مشوَّه للغيب ، مبني على استنتاجات العقل فقط وتلاعب الشياطين دون التلقي عن عالِم الغيب والشهادة عن طريق أنبيائه صلوات الله وسلامه عليهم
ويزعم متبنُّوه أنه علاج نفسي بدني روحي مبني على فهم المؤثرات الغيبية على الإنسان التي اكتشفها الشرقيون القدماء وأهمها وجود قوة سارية في الكون اسمها " الكي " ، أو " التشي " ، أو " البرانا "
يمكن للإنسان استمدادها وتدفيقها في أجساده غير المرئية للوصول إلى السلامة من الأمراض البدنية المستعصية ، والوقاية من الاضطرابات النفسية والاكتئاب
بل لاكتساب قدرات نفسية تأثيرية تمكنه من الوصول للنجاح وتغيير الناس ومعالجة أبدانهم ونفسياتهم بصورة كبيرة !
وتحت العلاج بـ " الطاقة الحيوية " تندرج كثير من الممارسات منها :
" العلاج بالريكي " :
وهو فرع علاجي متخصص من فروع العلاج بالطاقة تشمل تمارين وتدريبات يزعم المدربون فيها أنهم يفتحون منافذ الاتصال بالطاقة الكونية " كي "
ويساعدون الناس على طريقة تدفيقها في أجسامهم مما يزيد قوة الجسم وحيويته ، ويعطي الجسم قوة إبراء ومعالجة ذاتية كما تعطي صاحبها بعد ذلك القدرة على اللمسة العلاجية – بزعمهم - التي تجعلهم معالجين روحيين محترفين .
وهي ممارسات وثنية يختلط فيها الدجل بالشعوذة والسحر وإن ادَّعى أصحابها تنمية القوى البشرية أو المعالجة النفسية .
" العلاج بالتشي كونغ " :
وهو فرع من فروع الطاقة الباطني ، تشمل تمارين وتدريبات لتدفيق طاقة " التشي " في الجسم ، يزعمون أنها تحافظ عليه قويّاً ومتوازناً
وتحافظ على سلاسة سريان الطاقة في مساراتها ما يزيد مناعة الجسم ومقاومته للأمراض ، فيعتبرونه علاجاً وقائيّاً من سائر الأمراض البدنية والنفسية والروحية ! .
وهي كذلك ممارسة وثنية يختلط فيها الدجل بالشعوذة والسحر وإن ادعى أصحابها تنمية القوى البشرية أو المعالجة النفسية .
ويتداخل العلاج بالتنفس العميق والتنفس التحولي والتأمل الارتقائي مع العلاج بالطاقة من حيث تأكيد المعالجين أن ما يدخل الجسم أثناء التنفس العميق ليس هو الأكسجين وإنما هو طاقة "
البرانا " التي تمنحه القوة والسعادة والشعور بالنشوة وتساعده على الدخول في مرحلة الاسترخاء الكامل والشعور بالتناغم مع الكون والوحدة مع الطاقة الكونية .
كما تم قولبة فكرة العلاج بالطاقة المبني على هذه الفكرة المنحرفة للغيب في قوالب إسلامية ! فزعم البعض أن الله هو الطاقة – تعالى الله عما يقولون – وفسروا على ذلك اسمه " النور " – تعالى عما يصفون
- ومن ثم استحدثوا : " العلاج بطاقة الأسماء الحسنى " ، و" العلاج بأشعة لا إله إلا الله " ، و" العلاج بتفريغ الطاقة السلبية المسببة للأمراض العضوية والنفسية "
عن طريق تفريغ هذه الطاقة - المتكونة في الجسم من الشهوات والضغوط الاجتماعية ومن الأشعة الكهرومغناطيسية للأجهزة الإلكترونية –
في السجود على الأرض عبر منافذ التفريغ في الأعضاء السبعة التي أمرنا بالسجود عليها !! سواء كان ذلك أثناء السجود في الصلاة المفروضة أو بممارسة السجود فقط للمعالجة ! " . انتهى
http://www.alfowz.com/topic.php?action=topic&id=73
وقال الشيخ سفر الحوالي – حفظه الله -
: " يجب علينا جميعا أن نعلم أن الأمر إذا تعلق بجناب التوحيد وبقضية " لا إله إلا الله " وبتحقيق العبودية لله تبارك وتعالى : فإننا لابدَّ أن نجتنب الشبهات ولا نكتفي فقط بدائرة الحرام
وهذه " البرمجة العصبية " وما يسمَّى بـ " علوم الطاقة " تقوم على اعتقادات وعلى قضايا غيبية باطنية مثل " الطاقة الكونية " و " الشكرات " و " الطاقة الأنثوية والذكرية " و " الإيمان بالأثير " وقضايا كثيرة جدّاً
وقد روَّج لها - مع الأسف - كثير من الناس ، مع أنه لا ينبغي - بحال - عمل دعاية لها .
أعجب كيف بعد كل هذه الحجج يتشبث المدربون بتدريبات أقل ما يقال عنها أنها تافهة ، فكيف وهي ذات جذور فلسفية عقدية ثيوصوفية خطيرة ؟! " . انتهى
http://www.alfowz.com/documents.php?action=documents&id=2
ثانياً:
أما ما جاء في الرابط الثالث : فإن ما احتواه من كلام للمعالج بالطاقة الحيوية المدعو " أحمد عمارة " ففيه الكفر الصريح ! وهو يؤكد ما قلناه من أصل ذلك العلاج وأنه وثني ! وخاصة أنه يعتقد أن " بوذا " نبي من الأنبياء !
ومن حاول جعله إسلاميّاً فلن يخلو أمره من بدعة أو زندقة ، وقد عنون لمقاله بقوله " الديانات السماوية نظرة نفسية متعمقة مدعمة بالأدلة " ! ومما قاله من الكفر الصريح والردة البيِّنة – مع تجاوزنا عن الأخطاء النحوية الكثيرة - :
1. اعتقاده أن من ( يعلم ) ـ لم يشترط القول ـ أنه " لا إله إلا الله " يدخل الجنة ولو لم يشهد للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة !
قال :
" تأكد أنه لن يكون في النار مخلوق واحد يعلم أن الله لا إله إلا هو .. مهما كانت ديانته أو منهجه أو شريعته " .
إلى أن يقول :
" من هنا نستنبط أن شرط دخول الجنة هو أن تكون مسلما بأن هناك إله واحد يحكم هذا الكون . هذا هو الشرط الوحيد لدخول الجنة " .
انتهى
2. عدم تكفيره لليهود والنصارى ! بل يرى أنهم قد يدخلون الجنة ويُحرم منها بعض المسلمين .
قال :
" مِن أتباع التوراة والإنجيل أمة مقتصدة ، يعني : ليسوا كلهم كفار كما يقول من لا يعلمون ! وهذا لا يمنع أن كثير منهم ساء ما يعملون ، ساء ما يعملون لكن ليسوا كفار " .
انتهى
وقال :
" واليوم يكرر المسلمون أيضا نفس الخطأ النفسي الذي وقع فيه بعض أصحاب الكتب السماوية الأخرى ، ولعب الشيطان معهم نفس اللعبة ، فبدأوا يقولون : لن يدخل الجنة إلا من كان مسلما
وهذا في حد ذاته يشعر المسلم بالتعالي والكبر على غيره ، ويدفعه تلقائيا للتعامل معه بدونية وهنا المصيبة التي يريد الشيطان أن يوقع فيها الشخص ، لأن هذه هي الطريقة الوحيدة التي ستنفر الناس كلها من الدين بالعند والمكابرة أيضا .. " .
انتهى
3. اعتقادة بتحريف القرآن الكريم .
قال :
" أريد أن أخبركم شيئاً صادماً ، كل الكتب السماوية بلا استثناء تم تحريفها ، وهذا ينطبق على الجميع بما فيها القرآن " .
وكل ما سبق آنفاً هو مضاد لدين الله تعالى ، وفيه إنكار لما هو معلوم من الإسلام على وجه القطع واليقين
ومخالف للإجماع القطعي ، وفيه ارتكاب لنواقض الإسلام الواضحة البيِّنة .
ومن تخريفاته وضلالاته :
1. إثباته لكتاب سماوي من غير دليل .
قال :
وعلى هذا فالأنبياء الأُوَل ( آدم وشيت ونوح وسام بن نوح وادريس ويحيى بن زكريا ) كان دينهم الإسلام ، وديانتهم أو شريعتهم هي التعاليم التي نزلت في أول كتاب سماوي والذي يسميه العلماء ( الجنزاريا أو الكنز العظيم )
وهو أول وأقدم كتاب سماوي ، وأشار إليه القرآن في سورة مريم ( يا يحيى خذ الكتابَ بقوّة وآتيناهُ الحُكمَ صبيّاً ) .
انتهى
2. ادعاؤه أن " بوذا " من الأنبياء ! .
قال :
" وسيدنا بوذا ( وهو في أغلب الأحوال نبي قبل أن يعبده قومه ) كان دينه الإسلام ، وديانته أو شريعته هي التعاليم الموجودة في الكتاب الذي أنزل عليه " .
انتهى
وعليه :
فلا يحل لأحد من المسلمين القراءة لهذا المدعو " أحمد عمارة " ، أو الاستماع منه في دين أو علاج ، إلا أن يكون عالماً أو طالب علم يتتبع ضلالاته ليحذر المسلمين منها
وما جاء به من العلاج بالطاقة الحيوية فهو اتباع للدين البوذي الوثني ، وما جاء به من كلام مما ذكرناه عنه آنفاً هو ردة صريحة عن الإسلام ، ويجب عليه النجاة بنفسه قبل أن يأتيه الموت فيخسر آخرته وذلك هو الخسران المبين .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-08-06, 17:44
اخوة الاسلام
بعض الروابط لا تعمل هنا و لا اعرف السبب
.......
حكم ممارسة الـ ( تشي كونج ) للتحكم بطاقة الجسم
السؤال:
ما حكم ممارسة أسلوب ( تشي كونج ) أو التحكم بالطاقة ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا : تعريف موجز بممارسة ( تشي كونج )
" الـ ( تشي كونغ ) تدريبات صينية ، تعتمد على إدخال طاقة " التشي " الكونية ، وتدفيقها في الجسم الأثيري للإنسان ، ليتم توافقه مع أجسامه الأخرى ، وتناغمه مع الطاقة الكونية
. وتقدم دورات " التشي كونغ " في عدد من المستويات ، ولكل مستوى أجزاء يختص كل منها بتدريبات خاصة ، تبدأ بدراسة الجسم الأثيري ، والتعرف على مواضع " الشكرات "
وممارسة تدليك كامل لها تدريجي مع الأيام ، وفهم فلسفة النقيضين المتناغمين " الين واليانغ " مع الالتزام بحمية وآداب " الماكروبيوتيك " الغذائية .
ثم التدرب على استرخاء " فان سونغ كونغ " في ضوء خافت وهدوء ، مع صوت رتيب ، وتنظيم للتنفس ، مع تركيز التأمل على الداخل
فلا يسمع إلا صوت المدرب وصوت النفس . ثم تدريبات " كونغ جي فا " الرياضية الهادئة مع أهمية الشعور بالسلام والحب لكل العالم ، وطرد الطاقة السلبية من الجسم ، ثم استمداد الطاقة الكونية من الأعلى
ولابد من تخيلها وهي تدخل بشكل قوي من المنفذ العلوي في الرأس " الشاكرا " مع إغماض العينين وتحريكهما مغمضتين بشكل دائري .
مع التنقل بالتركيز ووضع اليد من منفذ لمنفذ من منافذ الطاقة " الشكرات " وتخيل العضو الخاص بكل " شكرا " مع محيطه وهو يمتلئ مع الشهيق بطاقة " التشي " مع كل المشاعر الإيجابية
ويطرد الطاقة السلبية مع كل زفير . إلا أنه يجب الانتباه عند تدريب القلب والدماغ فلا ينبغي تخيل طاقة " التشي " متجهة لهما مباشرة ؛ لأن ذلك خطر ، ويسبب تلفا فيهما !!
هذه تدريبات الجزء الأول من المستوى الأول من مستويات دورات "التشي كونغ" التي تقدم ويتهافت عليها مجموعات من الخائفين والخائفات على الصحة والأمراض المستعصية وأمراض تقدم السن
وفئام من الدعاة والداعيات والتربويين والتربويات لتنشيط الطاقة والشعور بالروحانية لمواصلة الحياة على درب التربية والدعوة الشاق !!
ويزعم المدربون أنه مع مواصلة التدريب والترقي في مستويات التدريبات يصبح الجسم صحيحاً والروحانية عالية والأخلاق فاضلة والذهن وقاداً .
وما لا يقوله المدربون المسلمون : أن المآل يصبح كذلك مأمونا ومضمونا ، إذ فرص الوصول للتنور والنجاة من جولان الروح ، تزيد مع مشاعر السلام والحب التي تغمر النفس والعقل والروح ، فتصرفه عن البغض والجدال والحروب " انتهى
من كلام الدكتورة فوز كردي في موقعها على الرابط الآتي :
http://www.alfowz.com/topic.php?action=topic&id=36
ثانيا :
يتبين بما سبق أن رياضة الـ " تشي كونج " ما هي إلا إحدى طرق استمداد " الطاقة الكونية " على أمل الوصول إلى " الاتحاد الكامل " معها لنيل قوتها وكمالها المطلقين .
وهذه " الطاقة الكونية " مفهوم فلسفي عقائدي نابع من الديانات الشرقية ، تولدت هذه الطاقة عن " الكلي الواحد " الذي منه بدأ الكون
فهي لذلك طاقة خارقة ، يسعى ممارسو هذه الرياضات - من أتباع الديانات الشرقية - إلى التوحد معها من خلال برامج خاصة ، رياضية أو غذائية أو روحية .
فالـ ( تشي كونج ) ممارسة عريقة في القدم ، أصيلة في المفاهيم الفلسفية الشرقية ، وارتباطها وثيق بتفاصيل تلك الديانات ، ولهذا فإن ادعاء انفكاك الجهة بين الممارسة الرياضية المجردة
وبين الجذور العقائدية القديمة هو ادعاء لا يسلم ، ولا يسنده الدليل ، ولم تُثبته النتائج ، حيث رأينا كثيرا من المسلمين المشتغلين بهذه الأمور فقدوا أكثر تصوراتهم عن خالق هذا الكون
واختفت من قلوبهم معاني " السببية " التي خلق الله الكون عليها ، وقيم " التوكل "، و " الالتجاء " إلى الله عز وجل .
ولعل أهم خطر تشكله عقيدة ( الطاقة الكونية ) هو إسقاط المنهج العلمي الذي يحكم العقل المسلم عبر التاريخ ، والذي جاء الإسلام به ، حيث رفض كل ادعاء ( سببية ) لا يثبته الشرع ، أو العقل أو التجربة الصحيحة
وعد كل ادعاء يخالف ذلك المنهج العلمي من ( الشرك الأصغر )، فالتأثير المطلق في هذا الكون لله سبحانه وتعالى وحده ، ونسبة شي
من التأثير بغير المنهج العلمي ( العقل أو التجربة ) ذريعة واضحة لإشراك مؤثر مع الله في هذا الكون ، وهذا أخطر ما تحمله أفكار " الطاقة الكونية " المزعومة .
ولذلك سبق مجموعه من الفتاوى التي تعارض فكرة الرياضات الروحية ذات الخلفيات العقائدية ، أو التي أثرت فيها فكرة " الطاقة " ونحوها ، يمكن مراجعتها في الاسئلة القادمه
والخلاصة :
أننا ندعو المسلمين جميعا إلى تحكيم العقل والعلم فيما يمارسون ويعملون ، وأن لا يتسرعوا في الانسياق وراء كل نظرية جديدة ، فثمة جذور دينية وثنية ستنعكس على الممارِس ولا بد ، وإن ادعى أنه يمارسها في إطارِ معتقده الإسلامي .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-06, 17:53
حكم استخدام " هرم الطاقة " للعلاج
السؤال:
هل يجوز استخدم " هرم الطاقة " للعلاج ، أم أنه يعتبر من قبيل الخرافات ، ويدخل فى الشرك ؛ لأنه أصبح منتشراً ، وهذا توضيح له : العلاج بطاقة الهرم وتجربتها ، قرأت مرة أن الكثير من الإنجازات العظيمة تبدأ بحلم
هكذا بدأت قصة الهرم ، ففي أحد الأيام كان أحد ملوك الفراعنة ، وهو الملك خوفو نائماً ، وحلم بأنه داخل شكل هرمي كبير وبقي فيه ، استيقظ من نومه ، جمع المقربين من حوله وقص عليهم الحلم
ولم يعرف بالضبط ما الذي دار تحديداً بينهم ، كل ما هو أكيد أن الملِك فيما بعد أمر أن يتم جمع العمال ، والتجهيز لبناء هرم ضخم ، يشرف عليه أفضل المهندسين ، ويكون مقبرة تناسب مكانة الملك
وتتالت بعدها الأهرامات الأصغر حجماً ، وبعد وفاة الملك تحقق حلمه ، وبقي داخل الهرم ، إنما لمئات السنين دون أن تتفسخ جثته ؛ فقد حفظها الهرم من التعفن ، ليس هي فقط بل أيضا كل ما كان موجوداً داخل الهرم
و اختصرت كثير من السؤال حتي لا اطيل عليكم
ه : http://www.4shared.com/file/elH-OBY/__online.html
ونتمنى التوضيح لهذا الأمر ؟ وجزاكم الله خيراً .
الجواب :
الحمد لله
بعد قراءة لكثير من المقالات والبحوث فيما يسمى " هرم الطاقة " أو " طاقة الهرم " : تبين لنا أن الأمر خرافة وليس له وجه من الصواب ، وقد ألَّف الدكتور عبد المحسن صالح كتاباً أسماه " الإنسان الحائر بين العلم والخرافة " ،
وقد ضمَّنه ردّاً على مدَّعي هذا الأمر ، والدكتور عبد المحسن مختص بالكائنات الدقيقة ، وهو مصري الجنسية ، وقد قام بتجارب في معمله وفي الهرم نفسه ! فتبين له زيف تلك الادعاءات
فنحن مطمئنون لهذا الرأي ، ونرى أن الأمر لا يعدو خرافة من الخرافات ، وسنذكر من كلامه ما تطمئن له النفس ، ويمكن الرجوع لكتابه للوقوف على كلامه كاملاً .
قال الدكتور عبد المحسن صالح – رحمه الله
- : " لماذا قام الفراعنة إذن بتحنيط الجثث، وحفظها بالتجفيف، والكيماويات ، قبل أن توضع في قبورها ، أو أهرامها ، ما دام الشكل الهرمي قادراً على أن يحفظ الجثث من التعفن
خاصة لو عرفنا أنه لا فرق هنا بين جثث الملوك والصعاليك والقطط والكلاب بعد الموت ؟ بمعنى أنه يسري عليها بالضرورة ما يسري على أي كائن ميت من تحلل
والتحلل سنَّة من سنن الطبيعة التي لا مفر منها ولا مهرب ! ثم إذا كانت هذه النظرية صحيحة ، فلماذا لا نطبقها في حياتنا ؟ بمعنى " أن هذه المواد سريعة الفساد إذا وضعت تحت شكل هرمي بضع ساعات أو أيام فإنه يستحيل أن تتعفن " كما ورد
وهذا يعني أيضاً أن هذا الكشف العظيم للسيد " بوفيس " سوف يفيد البشرية فائدة عظيمة ، فما عليهم إلا أن يشيِّدوا في دُورهم أشكالاً هرمية صغيرة ورخيصة ، ويحفظون فيها الطبيخ، واللبن ، واللحم، والشوربة
وسائر المواد سريعة الفساد ، فهذا أوفر من الثلاجات التي تستهلك طاقة كهربية نحن أحوج إليها في شؤون أخرى ، ثم إن أغلب الظن أن هذا الكشف الكبير سوف يوفر على مؤسسات اللحوم والدواجن المحفوظة بالتبريد الشيء الكثير
فليكن هناك شكل هرمي كبير بدلاً من هذه الثلاجات الضخمة التي تحتاج إلى صيانة دائمة ، وقد تستهلك يوما ، في حين أن الشكل الهرمي يبقى صامدا عشرات أو مئات السنوات ! .
هذه إذن بضع نقاط تدعو إلى التأمل والدراسة ، لكن علينا أن نعود سريعا للاحتكام إلى أبسط مبادئ المنطق والعقل ، فإذا كانت تلك المبادئ غير مقنعة للذين يعتقدون في الأوهام والخرافات
فعلينا أن نحتكم إلى التجربة ، فهي الحد الفاصل بين الأنماط الفكرية القويمة ، والأغلاط المعوجة أو المضللة .
... .
ويذكر " واطسون " أنه وضع تحت هذا النموذج بيْضاً وقطعاً من اللحم وفئراناً ميتة ... الخ
ووضع نفس الشيء تحت صندوق عادي من نفس الورق ( للمقارنة بين نتائج هذا الشكل وذاك )
واكتشف أن الأشياء الموجودة في الشكل الهرمي قد حفظت بطريقة جيدة ، في حين أن التي كانت داخل الصندوق قد فاحت رائحتها ، وكان لا بد من التخلص منها .
إن هذا الهراء ما زالت تفوح رائحته بين العامة والخاصة ، ولقد تحدث به المفكرون والكتاب في إذاعاتنا وتليفزيوناتنا ، وسمعته بأذني ممن يشغلون مناصب كبيرة
وكان من الواجب عليهم أن يرشدوا الناس لصنع هذه النماذج في بيوتهم ، ليحفظوا في داخلها بصلهم وثومهم ولحومهم وأسماكهم ... الخ ، إذ مما لا شك فيه أن هذا " العلم النافع " لا بد أن يجد التطبيق النافع
فالفرق بين الخطأ والصواب هو التجربة ، وهي لن تكلفنا شيئاً ، فخاماتُها رخيصة ، لكننا لا شك خاسرون طعامنا ! ...
.
إذ لا بد من التجربة أولا ؛ حتى نعرف القول الفصل في المسائل التي تغم علينا ، حتى لو كانت تافهة ! .
ولقد قمنا بدورنا بعمل نموذج للهرم من الورق المقوى ، ونموذج لصندوق من نفس الورق ، ووضعنا في هذا وذاك عينات من أسماك ولحوم ومكعبات من البطاطس ... الخ
فلم يكن الشكل الهرمي بأحسن حالا من الصندوق ، إذ دبت العفونة في محتويات هذا وذاك بنفس الدرجة ، كما أن فقد الماء من مكعبات البطاطس ( عملية التجفيف التي وردت ) لم تختلف في هذا النموذج عن ذاك .
وطرأت لنا فكرة أخرى : أن الهرم الأكبر في بلادنا ، ولن يكلفنا ذلك إلا السفر إلى " الجيزة " ، وإجراء التجربة ذاتها داخل الهرم ، فكان أن كتبنا إلى مصلحة الآثار نستأذن منها في إجراء عدد من التجارب تحت إشرافها ، فوافقت مشكورة على ذلك .
وفي داخل سرداب أرضي يمتد حوالي ٧٠ متراً أسفل الهرم ، وفي حجرة " الملِك " التي تعلو سرداباً يتجه إلى أعلى ، وضعنا عينات من لحوم داخل أطباق زجاجية معقمة ، وعينات أخرى من مرق ( شوربة ) في أنابيب الاختبار
كما وضعنا في خارج الهرم عينات مشابهة للمقارنة ، ومرَّ يومان ، كنا قد سجلنا فيهما درجات الحرارة في الداخل والخارج ، وكانت الحرارة في الخارج أعلى منها في الداخل بحوالي ٨ – ١٠ درجات في المتوسط
وأخرجنا العينات فوجدناها جميعا قد فاحت رائحتها بشكل منفر ، ولم نجد اختلافا واضحا بين ما كان داخل الهرم ، وما كان خارجه ( فالأنف لا يستطيع أن يقرر ذلك على وجه التحديد ) .
ثم قمنا بخطوة أخرى تدخل في صميم تخصصنا ، وفيها أجرينا العد البكتيري لعينات اللحوم بطريقة من طرق التحليل البكتيري ، وكان عدد البكتيريا في الجرام الواحد منها كالآتي :
عينات خارج الهرم ١٤٬٠٠٠٬٠٠٠٬٠٠٠ ( ١٤ بليونا/ ١ جم ) .
عينات في حجرة الملك ٢٨٬٠٠٠٬٠٠٠٬٠٠٠ ( ٢٨ بليونا/ ١ جم ) .
عينات في سرداب تحت الهرم ٥٨٬٠٠٠٬٠٠٠٬٠٠٠ ( ٥٨ بليونا/ ١ جم ) .
وتشير هذه الأرقام إلى حقيقة واضحة ، فلقد كان نمو البكتيريا على اللحوم داخل الهرم أكبر من نموها خارجه بمقادير تتراوح ما بين ٢ – ٤ مرات ، وهذا يعني أن التعفن أو التحلل كان أسرع داخل الهرم من خارجه
رغم أن الحرارة في الداخل كانت أقل ، والحرارة الأقل تؤدي دائما إلى سرعة في النمو والتكاثر أبطأ ، لكن يبدو أن الظروف في داخل الهرم كانت مهيأة لتكاثر أعظم ، رغم الاختلاف في الحرارة .
والنتيجة الحتمية : أننا قد حطمنا خرافة من الخرافات السائدة ، وطبيعي أن بحثا مثل هذا لا يقبل للنشر في مجلة علمية مهما كانت متواضعة ، كما أننا لا نستطيع أن نجازف بإرساله لهيئة علمية
فأغلب الظن أنهم قد يظنون بنا الظنون ، لأن النتيجة معروفة مقدما ، وأن ما قمنا به قد يكون من قبيل العبث ، لكننا أرضينا ضميرنا في مسألة غمت على العامة والخاصة .
إن التعفن وظهور الروائح الكريهة يعنيان أن كائنات البكتيريا قد بدأت تهاجم المادة العضوية وتتغذى عليها ( اللحوم والمرق والأسماك والجثث ... الخ ) ولا شيء داخل الهرم يمنعها من ذلك
اللهم إلا إذا كانت الأهرام مصدراً لأشعة قاتلة ، وهذا ما لم يهتد إليه أحد ، ولا هو وارد على أي تفكير علمي مهما كان متواضعا ، ثم إن الشيء الذي يقتل البكتيريا قد يقتل الإنسان .
ولو توقفت اللحوم أو الجثث عن التعفن والتحلل ، فإن ذلك يعتبر خرقا للنواميس الطبيعية ، فمصير كل مادة عضوية تترك لقدرها ، لابد أن تعود إلى أصلها ، إلى غازات وعناصر بسيطة وتراب
حتى لو كانت في بروج مشيدة ، أو صروح ضخمة ، وهذه عملية مستمرة بدأت يوم أن بدأت الحياة على الأرض ، ولن تنتهي إلا بانتهاء الحياة كلية من الأرض
ولن توقفها أهرام ولا صلوات ولا نوايا طيبة ؛ إذ لو توقفت البكتيريا عن رسالتها العظيمة لعمت الجثث هذا الكوكب ، ولتوقفت الحياة تبعا لذلك ، لكنها لم تتوقف حقا ، لأن كل شيء يسير بحساب ومقدار ، وحسب شرائع لا خلل فيها ولا فوضى .
ومن ضمن الخرافات الغريبة أن الفراغ الهرمي يستطيع أن يعيد الأمواس الكليلة أو الثالمة ( غير الحادة ) إلى حدتها ، وصاحب هذا الاكتشاف " العبقري " أحد العلماء ( هكذا !! وهو ليس بعالم
إنما هو " درابل " الذي سبق ذكره ، لكنهم يزجون دائماً بأسماء العلماء في هذه الخرافات ) ، وقد ذهب وسجله تحت رقم ( ٣٦٧ ) ، وفي رواية أخرى تحت رقم ( ٩١٣٠٤ ) من قائمة براءات الاختراعات التشيكوسلوفاكية (
حتى الأرقام يختلفون فيها ) ، وكان عنوان هذا الكشف " من هرم خوفو إلى أمواس الحلاقة " ، ويقال إن الموسى الواحدة إذا وضعت تحت الشكل الهرمي بحيث تكون حافتاها الحادتان مواجهتين للشرق والغرب ، فإنها لا " تبرد "بل قد تبقى حادة لشهور طويلة .
على أي حال جرب لتعرف ! .
ويقولون أيضاً : إن الشكل الهرمي يؤدي إلى شفاء المصابين بأمراض انفصام الشخصية ، وأن بعض سحرة القبائل يضعون على رؤوسهم أوعية على شكل هرم " وإذا مرض أحد من رجاله وضع الوعاء الهرمي على رأسه
وراح يدق الطبول حوله بشكل خاص ، وأن الموجات الصوتية التي ترتد على الشكل الهرمي و يمتصها تنفذ إلى المراكز العصبية للمريض ، ويتم الشفاء ! " ، وطوبى للعقلاء ! . "
انتهى مختصراً من " الإنسان الحائر بين العلم والخرافة " للدكتور عبد المحسن الصالح – تخصص علم الكائنات الدقيقة - ( ص 222 – 229 ) نشر عالم المعرفة .
وقالت الدكتورة فوز كردي – وفقها الله -
: " وهذه بعض أمثلة لأنواع العلاج النفسي أو المسمَّى علاج تكاملي ( أي : نفسي وجسدي وعقلي ) المبني على فكر عقدي منحرف وتطبيقات وثنية
التي انتشر التدريب عليها والمعالجة بها على أيدي مدربين أكثرهم بعيد الصلة عن العلم الطبي أو النفسي وعن العلم الشرعي :
... .
= العلاج بالطاقة الحيوية ويشمل تطبيقات كثيرة منها :
1. العلاج بالريكي والتش كونغ .
2. العلاج بقوة الأهرام النفسية .
= العلاج النفسي بتأثير خصائص نفسية لبعض الأشكال والأحجار والرموز:
وهي أنواع علاج تنبع من نفس التصور المشوه للكون ، والاعتقاد بالباطل بالألوهية ، والعلاقة التأثيرية بين الغيب والشهادة ، فمَن لا يعرف حقيقة المؤثرات الغيبية من نور الوحي يتخرص، ويظن
وقد يصيب أحياناً ، ولكنه يخطئ أكثر ؛ لقصور العقل عن تمام إدراك المغيبات ، ولتلاعب الجن والشياطين به ، ومن هنا ظن كثير من الكفار بتأثير سري خفي لبعض الأشكال ، أو الحروف ، أو النجوم ، أو غير ذلك ، وتنوع العلاج بها على ضربين :
1. ما أدخلوه مع تحليل الشخصية وعلاجها:
2. العلاج بالخصائص السرية ( الفينغ شوي) :
ومنه العلاج بالقوة النفسية للأهرام : وفيه يُوجَّه الشخص طالب العلاج لاقتناء شكل هرمي ويفضل أن يكون أخضر اللون ، يجلس فيه ؛ ليستمد طاقة
وقوة نفسية كونية تعالج أمراضه كلها النفسية والعضوية ، وتمنحه الراحة ، والحيوية ، والقدرة على مواجهة ضغوط الحياة ! هكذا يزعمون غافلين عما يقعون فيه من الشرك بالله والاعتماد على أسباب يدل العقل والشرع على بطلانها "
انتهى من مقال بعنوان " سؤال حول ما انتشر من "علاجات نفسية " .
http://www.alfowz.com/topic.php?action=topic&id=73
والله أعلم
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
بـــيِسَة
2018-08-07, 10:02
بارك الله فيك اخي
شكرا لك على ما تعده لنا
*عبدالرحمن*
2018-08-07, 17:00
بارك الله فيك اخي
شكرا لك على ما تعده لنا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
الشكر لحضورك القيم مثلك
ادام الله مرورك العطر
بارك الله فيكِ
وجزاكِ اللله عني كل خير
*عبدالرحمن*
2018-08-09, 17:32
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
ما رأيكم فيما يُطلق عليه " الخروج من الجسد " ؟
وهل هو واقع أم خيال ؟
السؤال
: قرأتُ موضوعاً في منتدى ، ولا أعرف الحكم ، وأخاف أن ينتشر ذلك في المنتديات بسرعة ، وهذا هو الموضوع : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : الخروج من الجسد ظاهرة عجيبة غريبة ، تستحق التجربة
وهي من الظواهر التي أثَّرت على مجرى حياتي ، وعلى مدى فهمي للأمور واستيعابها . فالأشياء ليست كما نراها دائماً ، ولكل نومٍ قصة ، ولذا كان هذا التقرير : ما هو الخروج من الجسد ؟
. الخروج من الجسد ( الإسقاط النجمي ) : الخروج من الجسد ظاهرة طبيعية ، تحصل لكل البشر عند النوم ، ونحن كمسلمين نعلم علم اليقين بانفصال النفس عن الجسد عند النوم ، ثم تعود النفس للجسد المادي حين نستيقظ
قال صلى الله عليه وسلم : ( الأرواح جنود مجندة ، ما تعارف منها ائتلف ، وما تنافر منها اختلف ) ، ويظهر هذا واضحاً في قوله تعالى : ( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) الزمر/ 42
ولذا سمي النوم بالموتة الصغرى . الفرق الوحيد بين النوم وبين الخروج من الجسد هو أننا عندما ننام لا ندرك الوعي ، أما في الخروج من الجسد : فتخرج النفس باصطحاب الوعي ، ويرافق عقلنا هذا الجسد غير المرئي لعالم الأثير ( عالم الأحلام ) . قد تكون الفكرة لمن لم يسمع من قبل بالخروج من الجسد غريبة بعض الشئ
وقد يظنها البعض ضرباً من ضروب الخيال ، والحقيقة هي أن تجربة الخروج من الجسد من أرقى ما يمكن أن يمر به الإنسان من تجارب ، ويعجز عن وصفها حتى الكلام
عندما تتحرر من جسدك المادي ، وتنزع عنك مادية هذا العالم بما في ذلك جسدك أنت ، وتبقى عبارة عن وعي وجسد شفاف . والخروج من الجسد أمر ليس فيه لبس ، أي : لا ينفع أن يقول شخص أظن أني قد خرجت من جسمي ؛ لأنه ما إن يحصل له خروج من الجسد سيعرف تمام المعرفة أنه حصل
ولا يمكن أن يظن ( أي : الشخص ) أن الخروج من الجسد نوع من التأمل ، أو من الخيال ، أو من التنويم الإيحائي ، إنه باختصار واضح ستعرفه ما إن تجربه ، فما يخرج هو وعيك أنت : يحمله الجسم اللامرئي الذي ندعوه النفس ، ويدعوه الغرب بـ " الجسم النجمي " ، والبعض بـ " الجسم الأثيري "
في النهاية هو جسم شفاف غير مرئي ، جزء منا نحن ينفصل عنَّا عندما ننام ، ثم يعود عندما نستيقظ . إلى أين تذهب بعد الخروج ؟ : إلى العالم الأثيري ، وهو العالم الذي تتحقق فيه الأحلام
فلو تخيلت بعد الخروج من جسدك بأن هناك شجرة في منتصف غرفتك ستجدها أمامك في لمح البصر !! . هو عالم يتجرد عن قوانين الفيزياء بشتى أنواعها ، حيث يمكنك فيه التنقل بين المكان والزمان في لحظات ، وحيث الثواني قد تعني الأيام في هذا العالم . وفيه قد تلتقي بأناس آخرين قد دخلوا لهذا العالم الأثيري
. أنواع الخروج : النوع الأول : وهو النوع الذي نتكلم عنه ، وهو الخروج من الجسد في حال الوعي التام خارج الجسد . النوع الثاني : وهو الوعي بعد الدخول في النوم ، وهو الوعي داخل الأحلام ، ويمكنك حينها التحكم في الأحلام كفيما تشاء . كيف نستطيع الخروج من الجسد ؟ : هناك الكثير من التمارين والدورات بهذا الخصوص ،
حيث تكون عبارة عن ورشات عمل ، حيث يبدؤون فيها بالاسترخاء ، وإتقان هذه المهارة مهم جدّاً لعملية الخروج من الجسد ، وتختلف الطرق باختلاف المدربين ، واختلاف مدارس الطاقة وعلومها ، ولذا ينصح بأخذ دورة متخصصة لإتقان هذه المهارة ، وحتى يتسنى لكم التحكم فيها ، والبقاء لمدة أطول في العالم الأثيري .
تجربتي الشخصية : لقد كانت بدايتي مع هذه الظاهرة منذ 4 سنوات ، حيث جذبتني جدّاً لاهتمامي بهذه الأمور الغير اعتيادية ، فحاولت جاهداً البحث في كل مكان عن الطرق والتدريبات ، وحاولت تدريب نفسي بداية من الاسترخاء والتنويم الإيحائي الذاتي ، ووصولاً إلى الإسقاط النجمي ، والتحكم في مراكز الطاقة .
ونجحت في الوصول للنوع الثاني عدة مرات ، وكانت تجارب مثيرة بالفعل استحقت عناء التجربة ، ولأنني لم أتعلم على يد مدرب ، وإنما كانت عن طريق بحث وتدريب ذاتي ، لم أصل للنوع الأول ، وهو الوعي الكامل خارج الجسد إلا في مناسبات قليلة لم تتجاوز الثلاث مرات خلال المدة الماضية
مع كونها قصيرة جدّاً إلا أنها كانت من التجارب التي لا تُنسى . بالنسبة لتجربتي كانت في محيط المنزل ، ولم أستطع الذهاب إلى أي مكان ؛ لكثرة توارد الأفكار ؛ ولدهشتي ؛ واستغرابي .
في إحدى المرات كنت خارج جسدي في غرفتي ، فذهبت إلى الصالة ، فرأيت والدي ممسكاً الصحيفة ويكلم أخي الأصغر ، ثم رأيت والدتي متجهة إلى غرفتي ، فأردت الرجوع بسرعة قبل أن تأتي د
فشعرت بشيء يشدني إلى الخلف بسرعة حتى استيقظت ، فرأيت والدتي وهي تفتح باب الغرفة ، قمت بعدها مسرعاً لأتأكد فإذا بوالدي على نفس الهيئة والوضعية التي رأيت وهو يكلم أخي ، فكان شعوراً لا يوصف . انتهى الموضوع ، أرجوا الإفادة .
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
ليس كل ما يُسمع ويُقرأ يستحق الاحترام والتقدير ، ونأسف أن وصل المسلمون – ومنهم بعض الخاصة – إلى تلقي قمامات الغرب وجعلها كنوزاً ! وتلقي أوهامهم وخيالاتهم وجعلها حقائق لا تقبل المناقشة
ومثل ما في السؤال أنموذج لتلك القمامات والترهات التي ينبغي أن يربأ المسلم بنفسه عنها
فليس عليها سيما العلم ، ولا تحمل من الحقيقة ولو قطميراً ! بل هي أوهام وخيالات وترهات استطاع مخترعوها وكاذبوها أن يجدوا سوقاً بين المسلمين لترويج تلك البضاعات الكاسدة
ونعجب من بعض من يصدق هذه الترهات من المسلمين ممن يرد أحاديث في صحيحي البخاري ومسلم بدعوى أنها آحاد ! ثم يصدق بوجود " جسد أثيري " يتصل بالجسد الحقيقي بـ " خيط فضي " !
ثم يصدق أن ثمة من يرجع إلى الزمن الماضي ، أو يصل إلى الزمن المستقبل ! ويصدق أنه يمكن أن يلتقي بعالم الملائكة وعالم الجن ! كل ذلك يسوقه المرضى ، ويصدقه الحمقى .
ثانياً:
العجيب ممن يصدق هذا الكلام وهو يرى أن الإنسان وهو على قيد الحياة ، بروحه ، وبدنه ، وعقله ، يستطيع أن يقوم بأشياء خارقة ، وعظيمة ، بسبب ما سخَّره الله له من علم ، وهو أمر يشاهد ، وليس ثمة من يكذبه
فكيف يكون عند الإنسان وهو نائم من القوة ما ليس عنده وهو مستيقظ ؟! وما هذا إلا كما يفعله ويعتقده الوثنيون في أمواتهم الذين يقدسونهم ويعظمونهم
فأولياؤهم وهم على قيد الحياة يجوعون ويعطشون ويتبلون ويتبرزون ويمرضون ، بل ويقتلون ، ثم إذا ماتوا أثبتوا لهم من الخوارق والأفعال ما يعجزون عن جزء يسير منه وهم على قيد الحياة ! فمتى تُرجع كلا الطائفتين عقلها لبدنها ، وتقف على حقيقة التوحيد
وتلتزم الأخذ بالحقائق المشاهدة المحسوسة وتترك الخرافات والأوهام ؟ .
*عبدالرحمن*
2018-08-09, 17:33
ثالثاً:
من تأمل ما يشاع في هذا الزمن من العامة وبعض الخاصة من نحو ما في السؤال يجد قوة تأثير العقائد البوذية وعقائد الإلحاد على ما يعتقدونه نافعاً صواباً ، ابتداء بالبرمجة اللغوية العصبية
إلى تغيير العقل ، إلى العلاج بالطاقة ، في قائمة تطول ، كلها تقوم على الخرافة والوهم ، وهي تصلح لبعض المرضى النفسيين لا أكثر
وما نحن فيه الآن – وهو الخروج من الجسد – من يتأمله يجد أهله الذين يعتقدونه لا يدينون بالإسلام ، ولا يعترفون بالله تعالى ربّاً ، وكلها أمور غيبية نأسف أن يتلقفها المسلمون من مثل أولئك الملحدين
ومن ينظر في المنتديات التي تنشر ترهات الخروج من الجسد يجد الأمر أشبه ما يكون بالرسوم المتحركة الفضائية ، والخيالية .
وها نحن نرى ما جاءت الشريعة الإسلامية المطهرة بمحاربته ، والحكم عليه بالشرك والوثنية : أصبح الآن " علماً " ! تُعقد له الدورات ، وتُعطى فيه الألقاب والشهادات
وتُدفع له أعلى الأثمان لحضوره ، وتعلمه ! وتجد هذا المسلم يحكم على من ينظر في " فنجان القهوة " ليخبرك بمستقبلك وحقيقة شخصيتك بأنه كاهن ، دجال – وهو كذلك -
لكنه في الوقت نفسه يعطيك من المعلومات الغيبية عنك أضعافاً مضاعفة من ذلك الكاهن الدجال بالنظر في " توقيعك " !! حتى صار هذا الأمر " علماً " وله اختصاصيون من المسلمين !! فبمجرد النظر في " توقيعك " يخبره بصفاتك
فيخبرك بأنك – مثلاً - انطوائي ، كريم ، متسامح ، متعاون ، يحب السلام ، له نظرة مستقبلية ، كتوم بعض الشيء ! – انظر للدقة " بعض الشيء " ! – ويخبرك بما تحب من الألوان ! وغير ذلك من الترهات والكهانة العصرية
وما ذكرناه ليس نسجاً من الخيال ، بل نقلنا بعضه من مقابلة مع شخصية إسلامية مشهورة ، وعلى الجانب الآخر كان " الكاهن " ! يخبره بما نقلنا جزء منه ، بمجرد رؤية توقيعه ، والله المستعان .
وحقّاً إن هؤلاء " حمقى " يقودهم " مرضى " ، وإليكم خرافة أخرى من خرافاتهم " العلمية " وتُعطى فيما يسمَّى " دورات الريكي " ! فتجد الأحمق منهم يقول مخاطباً معدته : " معدتي ! كيف حالك ؟ أرجو أنك بخير
أرجو أن لا تسببي لي المتاعب !! " ويخاطب سنَّه وقلبه وكليته وباقي أعضاء وأجزاء جسمه بالطريقة الساذجة نفسها ، يحيي العضوء أو الجزء
ويسأل عن حاله وأخباره ! ويرجوه أن لا يسبب له ألماً وأن لا يُمرضه !!! ، فهل هذا فعل العقلاء فضلاً أن يكون فعل المسلمين ؟!!!
أليس لو رأى ذلك أحد العقلاء فإنه سيحكم على فاعله بأنه مجنون ويستحق الحجر عليه ؟! .
رابعاً:
خرافة " الخروج من الجسد " ، أو " السفر بالجسد " ، ويطلق عليه " الإسقاط النجمي " : هو من هذا الباب ، فأصحابه يوهمونك أنك باستطاعتك السفر بجسدك " الأثيري " إلى عوالم مختلفة
كعالم الملائكة ، وعالم الجن ، وعالم البرزخ ! فترى الأموات وأرواحهم ، بل وتتنقل في أزمنة مختلفة ، فلك أن ترجع للماضي ، ولك أن تذهب للمستقبل ! لترى من سيولد ! ويزعمون أنك تنتقل بوعيك وأنت نائم ، يعني :
أن الجسد فقط يكون نائماً ، بينما يكون عقلك في حالة يقظة تامة ! ويعتقدون أنك تنتقل إلى تلك العوالم والأزمنة بجسد " أثيري " - وهو جسم من الطاقة – وهو ينفصل عن الجسم المادي النائم
ويبقى بقربه أثناء النوم ، ويكون هذان الجسمان متصلان بـ " حبل فضي " يربط بينهما ! .
سذاجة ، وخرافة ، وأوهام ، وترهات ، وزندقة ، وإلحاد ، كل ذلك صار " علماً " ، وله مدربوه ، وله زبائنه التي تتعلق بالأوهام والخيالات ، وصرنا بحاجة لأن نرجع مع هؤلا
الناس إلى أبجديات التوحيد ، ونعلمهم بأن الجن لا يُرى ، وأن الملائكة كذلك ، وأن الغيب لا يعلمه إلا الله ، وأنه لا يمكن الرجوع للوراء لمعرفة ماضيك ورؤيتك وأنت طفل ترضع وتكبر
ولا لقاء الأموات قبل موتك ، وهكذا في سلسلة من المسائل والأحكام من المفترض أن تكون عقائد راسخة عند المسلمين ، ولعلَّ في هذا عبرة وعظة لمن يتزعم من الدعاة محاربة تدريس التوحيد
وغرس العقيدة الحقة في نفوس المسلمين ، زاعمين أن الأمة ليست بحاجة لهذا ، وها هي الأمور تنكشف ، ويتبين أن الناس يُقدمون على الشرك ، والكهانة بإرادتهم ، ويدفعون المبالغ الطائلة لأجل هذا
بل يكون له منصب فيها ورتبة ، ويحمل في " علومها " شهادة مصدَّقة .
خامساً:
ليس ثمة ما يسمى " الجسد الأثيري " ، ويستطيع أن يزعم صاحب أية خرافة مثل هذه الأشياء ، ويبني عليها صروحاً من الكذب ، وهذا الذي حصل هنا ، فأثبتوا فعلا وأطلقوا عليه اسماً
واخترعوا جسداً وأطلقوا عليه اسماً ، ثم أوهموا الناس أنهم دقيقون فذكروا لون " الخيط " الذي يربط بين الجسدين ، وأنه " فضي " ! وهكذا في سلسلة أكاذيب ليس لها واقع في الوجود
وبالطبع لا بد أن يضعوا شروطاً للشخص حتى يصح له " خروجه وسفره " من جسده ، وأول ذلك الاسترخاء التام ، ومن عجز عنه : فله أن يستعين بطاغوت " البرمجة العصبية " فيردد " أريد أن أسترخي
أريد أن أسترخي " ويكررها بحماقة حتى يوهم نفسه أنه استرخى ! ، والواقع أنه ليس ثمة ما يسمى بالجسد الأثيري إلا في أذهان أولئك الذين يصلحون لإنتاج الرسوم المتحركة الفضائية والخيالية .
1. سئلت الدكتورة فوز كردي – حفظها الله – وهي من أوائل من تنبه لطاغوت البرمجة العصبية وأخواتها ، ولها ردود منتشرة عليهم ، بل حازت على رسالتي الماجستير والدكتوراة في العقيدة وضمنتهما الرد على تلك البرامج والادعات والعلاجات -
:
هل " الجسم الأثيري " له أصل في الشرع ، أم أنه مجرد توقعات ، أو سحر ، وخزعبلات ؟ .
فأجابت:
بالنسبة للجسم الأثيري : فهو أولاً: قول مبني على نظرية قديمة ، تفترض وجود مادة " الأثير " ، وهي مادة مطلقة قوية غير مرئية ! تملأ الفراغ في الكون ، سمَّاها " أرسطو " : العنصر الخامس ، وعدّها عنصراً ساميًا
شريفًا ، ثابتًا ، غير قابل للتغيير ، والفساد ، وقد أثبت العلم الحديث عدم وجود الأثير ، ولكن الفلسفات القديمة المتعلقة بالأثير بقيت كما في الفلسفات المتعلقة بالعناصر الخمسة ، أو الأربعة .
ثانياً: قول تروج له حديثاً التطبيقات الاستشفائية ، والتدريبية ، المستمدة من الفلسفة الشرقية ، ومع أن التراث المعرفي المستمد من الوحي المعصوم بيّنٌ أوضح البيان ، وغنيٌّ كل الغنى بأصول ما يعرّف الإنسان بنفسه وقواه الظاهرة والخفيَّة : إلا أن عقدة المفتونين بالعقل
والمهووسين بالغرب والشرق من المسلمين : جعلتهم يلتمسون ذلك فيما شاع هناك باسم " الأبحاث الروحية " ، فنظروا إليها على أنها حقائق علمية ، أو خلاصة حضارة شرقية عريقة
وأعطوا لأباطيلها وتخرصات أهلها ما لم يعطوا لمحكمات الكتاب وقواطع السنَّة ، ومن ذلك القول بتعدُّد أجساد الإنسان ، وقد يسمونها " الأبعاد " ، أو " الطاقات " ؛ للقطع بأنها اكتشافات علميّة
وهذا القول حقيقته : بعث لفلسفة الأجساد السبعة المعروفة في الأديان الشرقيَّة ، ومفادها أنّ النفس الإنسانيّة تتكوَّن من عدَّة أجساد - اختلفوا في عدِّها ما بين الخمسة إلى التسعة بحسب وجهات نظر فلسفيّة تتعلّق بمعتقدهم في ألوهية الكواكب أو المؤثرات الخارجية - والمتَّفق عليه من هذه الأجساد :
الجسم البدنيّ أو الأرضيّ ، والجسم العاطفيّ ، والجسم العقليّ ، والجسم الحيويّ ، والجسم الأثيريّ ، فالجسم البدنيّ : هو الظاهر الذي نتعامل معه
وتنعكس عليه حالات الأجساد الأخرى ، والجسم الأثيري : هو أهم هذه الأجساد ، وأساس حياتها ، وهو منبع صحة الإنسان ، وروحانيته ، وسعادته ! .
وقد سرى هذا المعتقد في أوساط المسلمين بعد أن عُرض على أنه كشف علمي عبر التطبيقات الشرقية المروجة على شكل دورات تدريبية ، أو تمارين استشفائية مفتوحة لعامة الناس ، بعد أن كان هذا المعتقد غامضًا محصورًا في حُجَر تحضير الأرواح ! عند خبراء حركة الروحية الحديثة .
فالاعتقاد بالجسم الأثيريّ كالاعتقاد بالعقل الباطن وقوى النفس ، إنما شاع ذكره عند من غفل عن حقائق الغيب ، ورام الوصول إليها من غير طريق الرُّسُل
فأصل هذه المعتقدات مأخوذ من التراث المنقول في الديانات الوثنيّة الشرقيّة ، والمعتقدات السرِّية الباطنيّة
وكلّ تطبيقاتها الرياضيّة والعلاجيّة الحديثة تدعو إلى تطوير قوى هذا الجسد لتنمية الجنس البشريّ حيث يصبح بإمكان الإنسان في المستقبل فعل ما كان يُعدّ خارقة في العصور الماضية
كأن يصبح صاحب لمسة علاجيّة ، أو قدرة على التنبُّؤ ، أو التأثير عن بُعد ، وغير ذلك ، دون أن يكون متنبِّئًا ، أو كاهنًا ، ومن ثم لا يحتاج لأيِّ مصدر خارج عن نفسه ! ويستغني عن فكرة الدين ، أو معتقد الألوهية - عياذاً بالله - .
انتهى
http://www.alfowz.com/index.php?option=com_content&task=view&id=135&Itemid=2
2. وسئل الدكتور وهبة الزحيلي – وفقه الله - :
هل علوم " الميتافيزقيا " حرام ؟ هل علوم ما وراء الطبيعة والخوارق حلال أو حرام ؟ وهي " التلبثة " - التواصل عن بُعد - ، " قراءة الأفكار " telepahtic
" الخروج الأثيري عن الجسد " out of body experience ، " تحريك الأشياء بالنظر النظر المغناطيسي " ، " اليوجا ، و " التنويم الإيحائي " ، " التاي شي " ، " الريكي " ، " التشي كونغ " ، " المايكروبيوتك "
" الشكرات " ، " الطاقة الكونية " ، " مسارات الطاقة " ، " الين واليانغ " ؛ لأني وجدت موقعاً يحرِّمها - موقع الأستاذة فوز كردي - السعودية- ؟ .
فأجاب:
هذه وسائل وهمية ، وإن ترتب عليها أحياناً بعض النتائج الصحيحة ، ويحرم الاعتماد عليها وممارستها ، سواء بالخيال ، أو الفعل ، فإن مصدر العلم الغيبي : هو الله وحده ، ومن اعتمد على هذه الشعوذات : كفر بالله
وبالوحي ، كما ثبت في صحاح الأحاديث النبوية الواردة في العَّراف ، والكاهن ، ونحوهما .
http://www.zuhayli.net/fatawa_p56.htm
وللوقوف على حقيقة النوم ، وعلاقته بالموت ، وشعور النائم بنفسه وهو يعلم : يُنظر جواب السؤال رقم : القادم
ففيه تفصيل ذلك بالكتاب والسنَّة وأقوال العلماء الثقات .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-08-09, 17:36
هل يشعر النائم بنفسه وهو يحلم ؟
السؤال
ماذا يمكنك أن تقول عن الأحلام ، إذا كان الشخص يحلم وفي نفس الوقت علم أنه يحلم وهو نائم ؟.
الجواب
الحمد لله
لا يمكن للنائم أن يشعر بنفسه وأن يعلم أنه يحلم ؛ وذلك لأن النائم أشبه بالميت ، وقد سمي النوم موتاً في الكتاب والسنة :
قال الله عز وجل : { اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } الزمر / 42 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
فبيَّن أنه يتوفى الأنفس على نوعين :
فيتوفاها حين الموت ، ويتوفى الأنفس التى لم تمت بالنوم ، ثم إذا ناموا : فمن مات فى منامه : أمسك نفسه ، ومن لم يمت : أرسل نفسه
ولهذا كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه قال : " باسمك ربي وضعتُ جنبى وبك أرفعه ، فإن أمسكتَ نفسي فارحمها ، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين " .
" مجموع الفتاوى " ( 4 / 275 ) .
وقال تعالى : { وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمّىً ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } الأنعام / 60 .
عن حذيفة بن اليمان قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه قال : " باسمك أموت وأحيا ، وإذا قام قال : الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور " .
رواه البخاري ( 5953 ) . و مسلم ( 2711 ) من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه .
قال النووي :
المراد بـ " أماتنا " : النوم ، وأما النشور فهو الإحياء للبعث يوم القيامة , فنبَّه صلى الله عليه وسلم بإعادة اليقظة بعد النوم الذي هو كالموت على إثبات البعث بعد الموت ,
قال العلماء : وحكمة الدعاء عند إرادة النوم أن تكون خاتمة أعماله كما سبق , وحكمته إذا أصبح أن يكون أول عمله بذكر التوحيد والكلم الطيب . "
شرح مسلم " ( 17 / 35 ) .
وعليه : فلا يمكن للنائم أن يعلم أنه يحلم ، وهو في حال نومه ليس معه عقله الذي في اليقظة ولا تجري عليه أحكام اليقظة بالطبع ، ولذلك كان النائم معذوراً في ترك الواجبات كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " مَن نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها "
رواه البخاري ( 572 ) ومسلم ( 684 ) – واللفظ له - .
قال الحافظ ابن حجر :
قال أبو إسحاق الزجاج : ... وسمى النوم " موتاً " ؛ لأنه يزول معه العقل والحركة تمثيلاً وتشبيهاً قاله في " النهاية " .
" فتح الباري " ( 11 / 14 ) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-09, 17:42
"تمارين النظر المغنطيسي" و "تمارين التنفس العميق"
السؤال :
1. ما حكم الإسلام في تعلم تمارين " النظر المغناطيسي " من أجل تقوية العينين ، وتقوية التركيز الفكري ، واستخدامها في الحياة العملية ؟
. 2. وما حكم الإسلام في تعلم تمارين " التنفس العميق " لعلاج القلق ، والضغوطات النفسية ، وتقوية الإرادة ؟ .
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
تمارين " النظر المغناطيسي " – ويطلق عليه كذلك " النظر الممغنط " - هي إحدى الترهات التي تسوَّق من خلال خديعة الناس وجعلهم يعيشون في أوهام التقدم ، والرقي ، والطاقة الفعَّالة ، وقوة الشخصية ، وغير ذلك مما يعقد لكل فرع منها دورات بآلاف الدنانير .
واعتماد مدَّعي هذه النظرية كان – كالعادة – على كلام لأحدِ كفَّار الغرب ، أو مخرفي الشرق ، وهذا الكلام هو المسطور في كتاب " القوة الفكرية في المغناطيسية الحيوية " تأليف : الأمريكي " وليم ووكر أتكنسون " .
وبالنظر في مقتطفات في الكتاب نجد أنه لا يخرج عن تسويق الأوهام ، والخيالات ، والخرافات ، وهو يرسم الطريق لمن أراد إتقان " التنويم المغناطيسي " وهو ضرب من ضروب الكهانة والدجل
كما بيناه في جواب السؤال القادم
وقد سوق بعضهم لهذه النظرية على أنها حقيقة علمية لا تقبل النقاش والجدال ، وكعادة هؤلاء فإنهم ينظرون لمخالفيهم نظر ازدراء ، ويتهمونهم بالتخلف
والناظر لهؤلاء وعلمهم المزعوم يرثي لحالهم ، فبعض أساطين هذه العلوم تخلوا عنها ، وبعضهم اكتشف دجله ، وبعضهم تبين أنه يسوق لعقيدة وثنية ، وكثيرون كان هدفهم المال
وقد حصلوا عليه بتسويق كتبهم باهظة الثمن ، وعقد الدورات بأغلى الأسعار .
وحتى يتم التسويق لتمارين " النظر المغناطيسي " فلا بد من إيهام المتدرب أنه سيحوز على علم لا يبدله بمال الدنيا ! ولم لا وهو سيؤثر في المخاطَب ، وسيكسبه من طاقته ، أو يسحب منه طاقته ، ويؤثر على عقله ، بل تعدى ذلك إلى التأثير على الحيوانات المفترسة ! فإنها ستفر من أمام من ينظر إليها ممن أكسب عينيه " القوة المغناطيسية " !
وهذه مقتطفات مما جاء في ذلك الكتاب :
1. " وستشعر بالتدريج بلذة هذه الاختبارات عندما تطبقها على الأشخاص الذين يلوذون بك ! ويتحقق لديك أنهم لا يقوون على احتمال حدة نظراتك التي تصوبها إليهم ، ويشعرون ببعض القشعريرة إذا حدجتهم ببصرك بضع دقائق " .
2. وقال :
" ومتى حصلت على هذه النتيجة ، واكتسبت البصر الـممغنط : لن ترغـب في استبداله ، ولا بمال العالم " .
3. وقال :
" ومتى وصلت إلى هذه الدرجة دون أن تغرورق عيناك بالدموع : فتأكد أن نظرك قد حاز على القوة المغنطيسية المطلوبة , وبها تستطيع التأثير على مخاطبك , حتى إن الحيوانات سوف تضطرب من نظراتك ، وتفزع منها ! " .
" تستطيع أيضا أن تجرِّب قوة نظرك في أي حيوان ، وستتحقق من أنه يخشاك ، ويفر من أمامك فزعاً " .
4. ومما في الكتاب من الفجور :
" ولا تقنط من الوصول إلى غرضك ، بل ثابر على العمل فمن لم يخاطر بشيء لا ينال شيئاً ، كما أن القلب الخائف الوجل لا يربح حب المرأة الجميلة ! .
وإذا صدقنا المثل القائل "ما فاز باللذة إلا الجسور" : لوجب علينا أن نعلم أن من الناس من يستسلم بسهولة والبعـض بصعـوبة ، فيجب إذن المثـابرة ، والثبات لنيل المراد .
لا تكتفي بكلمة " كـلا " جواباً على سؤالـك ، بل تمشي في الأفعال ، كما تتمشى مع امرأة جميلة ! تتحبب إليها ، فتتدلل عليك ، وبلا شك أنها كلما تجنبت ورفضـت مبادلتها غرامك : كلما زدت هياماً بها ! ولم تأبه برفضها مرة ، وثانية ، وثالثة " .
وملخص التمرين : هو تحديق النظر بالتدرج نحو بقعة ، وإبقاء العين مفتوحة من غير أن ترمش ، ويستمر على ذلك لأيام حتى يصل إلى القدرة على التحديق ربع ساعة من غير أن ترمش عيناه ! .
وقد سئل الدكتور وهبه الزحيلي وفقه الله :
هل علوم " الميتافيزقيا " حرام ؟
هل علوم ما وراء الطبيعة والخوارق حلال أو حرام ؟ وهي " التلبثة " - التواصل عن بُعد - ، " قراءة الأفكار " telepahtic ، " الخروج الأثيري عن الجسد " out of body experience
" تحريك الأشياء بالنظر " ، " النظر المغناطيسي " ، " اليوجا ، و " التنويم الإيحائي " ، " التاي شي " ، " الريكي " ، " التشي كونغ " ، " المايكروبيوتك " ، " الشكرات "
" الطاقة الكونية " ، " مسارات الطاقة " ، " الين واليانغ " ؛ لأني وجدت موقعاً يحرِّمها - موقع الأستاذة فوز كردي - السعودية - ؟ .
فأجاب :
"هذه وسائل وهمية ، وإن ترتب عليها أحياناً بعض النتائج الصحيحة ، ويحرم الاعتماد عليها وممارستها ، سواء بالخيال ، أو الفعل ، فإن مصدر العلم الغيبي : هو الله وحده
ومن اعتمد على هذه الشعوذات : كفر بالله ، وبالوحي ، كما ثبت في صحاح الأحاديث النبوية الواردة في العَّراف ، والكاهن ، ونحوهما"
انتهى من موقع الشيخ على الشبكة .
وللفائدة : فإن نظرية " المغنيطسية الحيوانية " هي أقدم بكثير من زمن ذلك المدعي لاكتشافها ، وهي تسمى هكذا أصلاً
وقد حرِّفت الكلمة في بعض الترجمات العربية إلى " الحيوية " ! حتى إن مترجماً صرَّح بذلك فقال : " لا أدري لمَ نجد في الترجمة العربية للكتاب استخدام لفظ " المغناطيسية الحيوانية " ، ولقد استبدلتها بـ " المغناطيسية الحيوية " ! ؛ لأنني وجدت ذلك أفضل ! " .
وأول من قال بهذه النظرية هو طبيب نمساوي ، وقد ثبت بحكم لجان طبية كذب هذه النظرية ، وعدم ثبوت شفاء مرضى بها ، وأن من شُفي منهم فإنما هو وليد خياله ! .
وقد جاء في " الموسوعة العربية العالمية " :
" المسمرية " :
يُعزى التطور العلمي للتنويم المغنطيسي إلى جهود " فرانز أنطون مسمر " ، وهو طبيب نمساوي ، اشتهر خلال السبعينيات من القرن الثامن عشر الميلادي ، وقد أطلق على نظريته " المغنطيسية الحيوانية " .
اعتقد بعض الناس يومئذ أن المرض ينشأ ويتطور عندما يُقطع سبيل سوائل مغنطيسية خفية ، أو يساء توزيعها ، واستخدم مسمر حوض استحمام وعصيّاً مغنطيسية ؛ لتوجيه السوائل المزعومة نحو مرضاه ، وادّعى كثير من المرضى شفاءهم بهذه المعالجة .
وفي عام 1784م تشكّلت لجنة فرنسية للتحقيق في مزاعم " مسمر " ، وأتباعه ، وقررت اللجنة أنه لا وجود للسوائل المغنطيسية ! وفُسرت حالات الشفاء بأنها : وليدة خيالات المرضى ! .
ساعد كثير من مرضى " مسمر " ، وطلابه ، على نشر فكرة " المغنطيسية الحيوانية " ، حتى صارت تدعى بـ " المسمرية " .
واصل تلاميذ هذه المدرسة إجراء تجاربهم باستخدام بعض وسائله ، لكن سرعان ما اكتشف بعضهم أنه لا لزوم للمغنطيسات ، أو السوائل . انتهى .
ثانياً :
أما تمارين " التنفس العميق " فلا تخرج عن صاحبتها السابقة من حيث المبالغة ، والتهويل ، وهي من الفروع التابعة للبرمجة العصبية ، ومن دعايات هذه التمارين :
" التنفس العميق يعالج كل شيء ! "
" التنفس العميق يحافظ على صحتك ! "
" التنفس العميق يطيل العمُر ! "
" التنفس العميق يشحن جهاز الإثارة ! "
" التنفس العميق يقضي على المشاكل ! "
وكل ذلك من المبالغات ، والتهويلات ، وقد يكون هناك بعض فوائد لمثل هذا العمل ، لكن ليس له تلك الآثار المنسوبة له ، بل هناك من ينبه على خطر المداومة على هذه التمارين
أو المبالغة في أدائها ؛ وأن ذلك يزيد في عدد ضربات القلب ، ويسبب الدوار لصاحبه .
والعجيب أن كثيراً من هؤلاء المفتونين بتلك الحضارة الزائفة ، وبتلك العلوم القائمة على الوهم والخيال يخجل أحدهم من ذِكر آيات من القرآن ، وأحاديث صحيحة من السنَّة النبوية تدل على العلاج بالعسل
والحبة السوداء ، والقسط الهندي ، وغير ذلك ، ويحاول كتم هذه النصوص ، وفي الوقت نفسه يعظم تلك الخرافات ، ويجعل من تمارينه وقاية من الأمراض جميعها ! بل وعلاجاً لها إن وقعت .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-08-09, 17:45
حكم العلاج بالتنويم المغناطيسي
السؤال :
هل يجوز للمسلمين العلاج بالتنويم المغناطيسي ؟
هناك دعاوي بأنه يساعد الناس بطرق شتى . على سبيل المثال يقضي على الخوف والفوبيا (الهلع المرضي) وفي نفس الوقت يساعد على إكتساب الثقة في مجالات الحياة عامةً .
الجواب :
الحمد لله
لقد أفتى علماؤنا المعاصرون بأن مسألة التنويم المغناطيسي لها علاقة باستخدام الجن ، وبناء عليه فلابد من معرفة الأمرين التاليين :
أولاً : لا يجوز الاستعانة بالجن وغيرهم من المخلوقات في معرفة المغيبات ، لا بدعائهم والتزلف إليهم ، ولا بغير ذلك ، بل ذلك شرك لأنه نوع من العبادة
وقد أعلم الله عباده أن يخصوه بها فيقولوا : إياك نعبد وإياك نستعين . وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لابن عباس : ( إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ) رواه الترمذي (2516) { صححه الألباني في صحيح الترمذي (2043) } .
ثانياً : التنويم المغناطيسي ضرب من ضروب الكهانة باستخدام جني حتى يسلطه المنوِّم على المنوَّم فيتكلم بلسانه ويكسبه قوة على بعض الأعمال بالسيطرة عليه
إن صدق الجني مع المنوِّم وكان طوعاً له مقابل ما يتقرب به المنوَّم إليه ، ويجعل ذلك الجني المنوَّم طوع إرادة المنوِّم ، بما يطلبه من الأعمال أو الأخبار بمساعدة الجني له ، إن صدق ذلك الجني مع المنوِّم
وعلى ذلك يكون استغلال التنويم المغناطيسي واتخاذه طريقاً للدلالة على مكان سرقة أو ضالة أو علاج مريض أو القيام بأي عمل آخر بواسطة المنوِّم غير جائز ، بل هو شرك لما تقدم
ولأنه التجاء إلى غير الله فيما هو من وراء الأسباب العادية التي جعلها سبحانه إلى المخلوقات وأباحها لهم . اهـ
الجنة الدائمة للإفتاء 1/74 . سلسلة الفتاوى الشرعية.
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-08-11, 17:12
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
خوارق العادات قد تجري على يد غير المسلمين فتنة وابتلاء
السؤال:
ما حكم هذه الحوادث
: 1. القسيس/الراهب يضع الصليب على وجه ولد مسلم أعمى ، ويتكلم باسم المسيح ، ويضع ماء عليه ، وينقلب بصيرا ، هل هو غير حقيقي ، وأنه فقط تمثيلي , أم أنه حقيقي واستخدم فيه سحر ليرد البصر , أم أنه حكمة من الله ؟
2. راهبة نصرانية دعت إلى قديس ميت تطلب منه الشفاء من مرض parkinsons disease فاستجاب لها , مع العلم أنه قد مات فذهب المرض فشفيت . هل هي قصة أكذوبة أم حقيقية ؟
ماذا يجب علينا نحن المسلمين أن نعمل ونعتقد حينما نرى الكفار مثل القساوسة والرهبان يعالجون المرضى بالصليب ، وباسم المسيح ، فيحدث الشفاء
هل نقول سحر وشعوذة وحيل , أم نقول تمثيل , أم نقول حدث الشفاء من الله وحده لحكمة من الله ليمتحن المؤمنين ؟
الجواب :
الحمد لله
إذا سمعت أو شاهدت مثل هذه الحكايات والأخبار والأحوال ، فتذكر أمرين مهمين ، لا يغيبان عن ذهنك وقلبك :
أولهما :
تذكر المسيح الدجال ، الذي جاءت الأحاديث المتواترة بخروجه آخر الزمان ، وامتلأت بها كتب الصحاح والسنن ، وقد ثبت فيها أن الله عز وجل يُجري على يديه العديد من خوارق العادات الظاهرة
اختبارا للناس أيتبعونه أم يكفرون به ، حيث لا تكون الفتنة إلا بمثل هذا النوع من الخوارق العظيمة ، إلى درجة إحياء الموتى ، وإنبات الزرع ، وإنزال المطر ، وتكليم الدواب ، ونحو ذلك .
فهل ستصدق بعد ذلك مبطلا يدَّعي تصديق باطله بخارق من خوارق العادات ؟!!
وهل سيكون غير المسيح الدجال ، من السحرة والمشعوذين والقساوسة والرهبان والبوذيين والسيخ والهندوس والملاحدة ، وغيرهم ممن نراهم اليوم يتظاهرون بخوارق العادات –
هل سيكون هؤلاء جميعا أقوى تأثيرا ، وأعظم في خوارقهم ، وتصرفاتهم ، من المسيح الدجال ، فنؤمن بأديانهم ونكذب الدجال !!
يقول الإمام الشاطبي رحمه الله :
" ليس كل ما يظهر على يدي الإنسان من الخوارق بكرامة ، بل منها ما يكون كذلك ، ومنها ما لا يكون كذلك .
وبيان ذلك بالمثال أن أرباب التصريف بالهمم
والتقربات بالصناعة الفلكية ، والأحكام النجومية ، قد تصدر عنهم أفاعيل خارقة ، وهي كلها ظلمات بعضها فوق بعض ، ليس لها في الصحة مدخل ...
وإن كان بغير دعاء كتسليط الهمم على الأشياء حتى تنفعل ، فذلك غير ثابت النقل ، ولا تجد له أصلا ، بل أصل ذلك : حال حِكْمي ، وتدبير فلسفي لا شرعي ؛ هذا وإن كان الانفعال الخارق حاصلا به
فليس بدليل على الصحة ، كما أنه قد يتعدى ظاهرا بالقتل والجرح ، بل قد يوصل بالسحر والعين إلى أمثال ذلك ، ولا يكون شاهدا على صحته
بل هو باطل صرف ، وتعد محض ، وهذا الموضع مزلة قدم للعوام ، ولكثير من الخواص ".
انتهى باختصار من " الموافقات " (2/444-446) .
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" تجد كثيرا من هؤلاء عمدتهم في اعتقاد كونه وليا لله : أنه قد صدر عنه مكاشفة في بعض الأمور ، أو بعض التصرفات الخارقة للعادة ، مثل أن يشير إلى شخص فيموت
أو يطير في الهواء إلى مكة ، أو غيرها ، أو يمشي على الماء أحيانا ؛ أو يملأ إبريقا من الهواء ؛ أو ينفق بعض الأوقات من الغيب
أو أن يختفي أحيانا عن أعين الناس ؛ أو أن بعض الناس استغاث به وهو غائب أو ميت فرآه قد جاءه فقضى حاجته ؛ أو يخبر الناس بما سرق لهم ؛ أو بحال غائب لهم ، أو مريض ، أو نحو ذلك من الأمور .
وليس في شيء من هذه الأمور ما يدل على أن صاحبها ولي لله . بل قد اتفق أولياء الله على أن الرجل لو طار في الهواء ، أو مشى على الماء
لم يغتر به حتى ينظر متابعته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وموافقته لأمره ونهيه .
وكرامات أولياء الله تعالى أعظم من هذه الأمور ؛ وهذه الأمور الخارقة للعادة - وإن كان قد يكون صاحبها وليا لله - فقد يكون عدوا لله ؛ فإن هذه الخوارق تكون لكثير من الكفار والمشركين وأهل الكتاب والمنافقين
وتكون لأهل البدع ، وتكون من الشياطين .
فلا يجوز أن يظن أن كل من كان له شيء من هذه الأمور أنه ولي لله ؛ بل يعتبر أولياء الله بصفاتهم وأفعالهم وأحوالهم التي دل عليها الكتاب والسنة
ويعرفون بنور الإيمان والقرآن ، وبحقائق الإيمان الباطنة ، وشرائع الإسلام الظاهرة " .
انتهى باختصار من " مجموع الفتاوى " (11/213) .
ويقول أيضا رحمه الله :
" في أصناف المشركين ، من مشركي العرب ، ومشركي الهند والترك واليونان وغيرهم ، من له اجتهاد في العلم والزهد والعبادة ؛ ولكن ليس بمتبع للرسل ، ولا يؤمن بما جاءوا به ولا يصدقهم بما أخبروا به
ولا يطيعهم فيما أمروا ، فهؤلاء ليسوا بمؤمنين ، ولا أولياء لله ، وهؤلاء تقترن بهم الشياطين ، وتنزل عليهم ، فيكاشفون الناس ببعض الأمور ، ولهم تصرفات خارقة من جنس السحر
وهم من جنس الكهان والسحرة الذين تنزل عليهم الشياطين
قال تعالى : (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ . تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ . يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ )
. وهؤلاء جميعهم الذين ينتسبون إلى المكاشفات وخوارق العادات ، إذا لم يكونوا متبعين للرسل : فلا بد أن يكذبوا ، وتكذبهم شياطينهم ، ولا بد أن يكون في أعمالهم ما هو إثم وفجور
مثل نوع من الشرك أو الظلم أو الفواحش أو الغلو أو البدع في العبادة ؛ ولهذا تنزلت عليهم الشياطين واقترنت بهم فصاروا من أولياء الشيطان لا من أولياء الرحمن .
قال الله تعالى : ( وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ) "
انتهى من " مجموع الفتاوى " (11/ 172).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
" خرق العادة قد يقع للزنديق بطريق الإملاء والإغواء ، كما يقع للصديق بطريق الكرامة والإكرام ، وإنما تحصل التفرقة بينهما باتباع الكتاب والسنة "
انتهى من " فتح الباري " (12/385) .
ثانيا :
تذكر أيضا في مثل هذا المقام أن أكثر ما ينتشر على وسائل الإعلام اليوم ، إن لم يكن جميعها ، وما يشاهده الناس عيانا مما يظنونه خارقا للعادة ، إنما هي حيل وخدع بصرية
أو مشاهد تمثيلية ، لا أكثر ولا أقل . حتى غدا تصديق أحد بدعواه خرق العادة ، في مثل ذلك ، من السذاجة بمكان ، فثمة العشرات من البرامج الوثائقية البحثية ، التي توضح هذه الحيل
وتسمي الأشياء بمسمياتها ، وتشرح للناس طرائق التمثيل التي يتبعها هؤلاء المشتغلون بالخوارق ، حتى كان آخرها ما وقع لأحد أشهر السحرة العالميين من طيران في الهواء على مرأى من الناس
ثم لم تلبث وسائل الإعلام أن أظهرت حقيقة ما جرى ، وأنه كان معلقا بخيوط دقيقة جدا ، ومتينة جدا ، لا تكاد تشاهدها العين بسهولة .
وينظر للفائدة : " تلبيس إبليس " لابن الجوزي (ص 340-342) .
.
والخلاصة :
أن عامة ما يظهر من خوارق العادات التي تجري على أيدي غير عباد الله الصالحين إنما هي حيل وخداع وتمثيل ، وإن وقع منها شي
حقيقة فهو من جنس أعمال السحرة والكهان ، ومن إعانة الجن والشيطان ، وغاية الواحد منهم : أن يكون شأنه كالمسيح الدجال ؛ فكان ماذا ؟!
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-11, 17:22
كل موحد سيدخل الجنة ، فلماذا يعمل المسلمون ؟
السؤال:
قال لي شخص سمعت الشيخ عدنان إبراهيم يقول : كل المسلمين سيدخلون الجنة فافعل ما شئت ، فقال لي : لماذا نصلي بينما كلنا سندخل الجنة ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
هذا الرجل : " عدنان إبراهيم " لا ينبغي أن يتدين بقوله ، ولا أن يصغى إليه في فكره ، لما هو عليه من الانحرافات العلمية والفكرية .
وليس هو من أهل العلم الذين يُرجع إليهم ، بل له كثير من الانحرافات العلمية والمنهجية والعقدية ، التي نبه عليها أهل السنة في زماننا .
ثانيا :
الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وأجمع عليه سلف الأمة : أنه لا يخلد في النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان ، فإن دخل النار بذنبه ، فإنه يمكث فيها ما شاء الله ، ثم يخرج منها إلى الجنة .
روى البخاري (44) ، ومسلم (193) عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ ).
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" من مات على التوحيد لا يشرك بالله شيئا فإنه من أهل الجنة وإن زنى وإن سرق، وهكذا لو فعل معاصي أخرى كالعقوق والربا وشهادة الزور ونحو ذلك، فإن العاصي تحت مشيئة الله
إن شاء ربنا غفر له، وإن شاء عذبه على قدر معاصيه إذا مات غير تائب، ولو دخل النار وعذب فيها فإنه لا يخلد، بل سوف يخرج منها إلى الجنة بعد التطهير والتمحيص "
انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (6/ 51) .
ثالثا :
قول القائل : " كل المسلمين سيدخلون الجنة ، فافعل ما شئت " قول باطل ، مخالف لما هو معلوم من الدين بالضرورة ، من الدعوة إلى طاعة الله ، والترغيب فيها ، والتحذير من معصيته ، والترهيب منها
بل هو مناقض لرسالات الأنبياء جميعا ؛ التي جاءت بطلب " العبادة " ، والأمر بها
قال الله تعالى : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ) النحل/36 .
ولقد بعث الله الأنبياء بإصلاح عقائدهم ، وأعمالهم ، وأخلاقهم ، حتى قرر النبي صلى الله عليه وسلم أصل دعوته في باب الإصلاح الشامل لحياة المرء :
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ ) رواه أحمد (8952) وغيره ، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (2349) .
والنصوص المتظاهرة على وجوب طاعة الله وطاعة رسوله ، والتحذير من مخالفة ذلك : أكثر وأظهر من أن نذكرها هنا . فمن ذلك :
قال الله تعالى : ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) آل عمران/132
وقال الله تعالى : ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ) المائدة/92.
وحذر من معصية الله ورسوله ، وترك أمره ، فقال : ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) النور/63
وقال الله تعالى : (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ) النساء/14
وقال الله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ) الأحزاب/36 .
ثم هو كذلك مناقض لحكمة الله في خلق الجن والإنس
قال الله تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات/56 !!
وأما السؤال الباطل : لماذا نعمل ، ما دام كل مسلم في الجنة ؟
فجوابه من وجوه :
الأول :
أن المؤمن إنما ينال الجنة بعمله هو ، وليس باسمه ، ولا ميراثه ...
فقد قال الله تعالى : ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) الأعراف/43
وقال الله تعالى : ( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) النحل/32 ، وقال تعالى: ( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) الطور/19
وقال الله تعالى : ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) المرسلات/41-43 .
الثاني :
أنه إذا افترضنا أن الله تعالى قد قدر لعبد ما أن يدخل الجنة ، فإنه مأمور كذلك بالعمل ، وميسر له عمل أهل الجنة ، ليدخلها بعمله
فلا تعارض بين القدر السابق ، وبين الشرع الواجب ، وهذا أمر معلوم من الدين بالضرورة ؛ أن الله أمر عباده بالإيمان بالقدر ، ومع ذلك : أوجب عليهم العمل .
فعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:" كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةٍ، فَأَخَذَ شَيْئًا فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِ الأَرْضَ ، فَقَالَ: ( مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ )
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلاَ نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا، وَنَدَعُ العَمَلَ؟
قَالَ: ( اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ ) ، ثُمَّ قَرَأَ: ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى ) الليل/ 6 ، الآيَةَ .
رواه البخاري (4949) ، ومسلم (2647) .
الثالث :
أنه يقال : نعم ، لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، ولا يبقى في النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان ؛ لكن ما يؤمنك أن يلقي الله في قلبك الفتنة والشرك والزيغ والضلال
جزاء لزيغك عن أمره ، وضلالك عن طاعته ، وقد حذر الله تعالى أهل معصيته ، كما سبق
وقد قال الله تعالى : ( فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) الصف/5 .
وليعلم العبد أن عمله ، ومنزلته : إنما تكون بحسب خاتمته ؛ فمن يضمن له خاتمة الإيمان ، إن بقي على زيغه وعصيانه ؟
عن عبد اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه ، قال : حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ قَالَ : ( إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ
ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ ، وَيُقَالُ لَهُ : اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ ؛ فَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ إِلَّا ذِرَاعٌ
فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ كِتَابُهُ ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ ، وَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ إِلَّا ذِرَاعٌ ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ) متفق عليه .
وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ
وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؛ وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ ) متفق عليه .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-11, 17:25
مصير أصحاب الكبائر إذا ماتوا وهم مصرون عليها
السؤال :
قال تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ) ، وقال تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً)
وقال تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) .
فهؤلاء الذين يرتكبون مثل هذه الكبائر ولا يوجد من يطبق عليهم الأحكام وماتوا وهم غير تائبين، فما حكم الله فيهم يوم القيامة؟
الجواب:
الحمد لله
"عقيدة أهل السنة والجماعة : أن من مات من المسلمين مصرا على كبيرة من كبائر الذنوب كالزنى والقذف والسرقة يكون تحت مشيئة الله سبحانه إن شاء الله غفر له
وإن شاء الله عذبه على الكبيرة التي مات مصرا عليها، ومآله إلى الجنة
لقوله سبحانه وتعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) النساء/48
وللأحاديث الصحيحة المتواترة الدالة على إخراج عصاة الموحدين من النار، ولحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه: (كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتبايعوني على ألا تشركوا بالله شيئا ولا تزنوا ولا تسرقوا..
.. فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب في ذلك شيئا فعوقب فهو كفارة له، ومن أصاب منها شيئا من ذلك فستره الله فهو إلى الله ، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له) .
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (1/728) .
*عبدالرحمن*
2018-08-11, 17:32
: شرح حديث: لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذر من إيمان
السؤال:
سمعت أنه لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان، وأنه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر.. فهل هذا صحيح؟
الجواب :
الحمد لله
الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وأجمع عليه سلف الأمة : أنه لا يخلد في النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان
فالمسلم العاصي إذا مات ولم يتب من معصيته فأمره إلى الله ، إن شاء عفا عنه ، وإن شاء عذبه ، لكنه لا يخلد في النار بحال .
روى البخاري (44) ومسلم (193) عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ ).
وهذا المعنى جاء مقررا في أحاديث أخر ، وبألفاظ متقاربة .
وأما قولك : لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان ، فهذا ثابت أيضا ، لكنه محمول عند أهل العلم على أنه : لا يدخلها دخول الكفار ، أي لا يخلد فيها ، مع أنه قد يدخلها
جمعا بين هذا وبين النصوص الكثيرة التي تدل على أن من عصاة المؤمنين من يدخل النار مع وجود الإيمان في قلوبهم ، ثم يخرجون منها بالشفاعة وبغيرها .
روى الترمذي (1999) وأبو داود (4091) وابن ماجه (59) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ يَعْنِي مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ .
قَالَ : فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : إِنَّهُ يُعْجِبُنِي أَنْ يَكُونَ ثَوْبِي حَسَنًا وَنَعْلِي حَسَنَةً قَالَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْجَمَالَ وَلَكِنَّ الْكِبْرَ مَنْ بَطَرَ الْحَقَّ وَغَمَصَ النَّاسَ ). والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي .
قال الإمام الترمذي رحمه الله عقب إيراد الحديث : " و قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ لَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ إِنَّمَا مَعْنَاهُ لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ ،
وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ ، وَقَدْ فَسَّرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ التَّابِعِينَ هَذِهِ الْآيَةَ (رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلْ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ ) فَقَالَ : مَنْ تُخَلِّدُ فِي النَّارِ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ " انتهى .
وأما الجملة الثانية ، وهي قولك : لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ، فهذا ثابت أيضا ، كما في الحديث السابق ، وقد رواه مسلم مقتصرا على هذه الجملة (91)
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ قَالَ رَجُلٌ إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً قَالَ إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ ).
ومعنى الحديث : أنه لا يدخل الجنة دون تعرض لاحتمال المجازاة والعقاب ، فقد يعذب وقد يعفى عنه ، بخلاف المؤمن المطيع السالم من هذه الكبيرة فإنه يدخل الجنة دون تعرض لاحتمال دخول النار .
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" : " بَلْ الظَّاهِرُ مَا اِخْتَارَهُ الْقَاضِي عِيَاض وَغَيْره مِنْ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهُ لَا يَدْخُل الْجَنَّة دُون مُجَازَاةٍ إِنْ جَازَاهُ .
وَقِيلَ : هَذَا جَزَاؤُهُ لَوْ جَازَاهُ , وَقَدْ يَتَكَرَّم بِأَنَّهُ لَا يُجَازِيه , بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَدْخُل كُلّ الْمُوَحِّدِينَ الْجَنَّة إِمَّا أَوَّلًا , وَإِمَّا ثَانِيًا بَعْد تَعْذِيبِ بَعْضِ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ الَّذِينَ مَاتُوا مُصِرِّينَ عَلَيْهَا . وَقِيلَ : لَا يَدْخُل مَعَ الْمُتَّقِينَ أَوَّل وَهْلَة " انتهى .
والحاصل :
أن ما سألت عنه هو نص حديث أو حديثين صحيحين ، وأن معناهما على ما ذكرنا ، فلا يصح أن يتوهم أحد أن من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان أنه يستحيل دخوله النار مهما أتى من الكبائر
ولا أن يتوهم أن المسلم الذي في قلبه ذرة من كبر يستحيل أن يدخل الجنة مهما كان معه من الإيمان .
وهذه النصوص ضل في فهمها فرقتان من الناس: الخوارج والمرجئة ، فالخوارج غلّبوا نصوص الوعيد كالحديث الثاني ، والمرجئة غلّبوا نصوص الوعد كالحديث الأول
وهدى الله أهل السنة للقول الحق الذي تجتمع به النصوص وتتآلف ولا تتعارض .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-11, 17:37
ما الحكم فيمن : يتلفظ بألفاظ كفرية والعياذ بالله مع تغيير بعض الألفاظ ؟
السؤال:
سؤالي عن بعض الضالين ببلدي : إنهم يتلاعبون بألفاظ في الكفر - والعياذ بالله - ، ويقولون : بأنه ليس كفرا ، ومثال على ذلك يلعن رئك أو يلعن الص أو يلعن رفك وهو تغير أحرف فقط فهل أنا محق بزجرهم أم لا ؟
واستغفر الله العلي القدير على كل شيء .
الجواب :
الحمد لله
لا شك أنك محقٌ في زجرهم ؛ لأنهم قاربوا الكفر بلفظهم ، وتغييرهم للحرف لا يزيل عنهم المحذور العظيم في اقترابهم من لفظ الكفر .
والدين له حِمَىً لا بد من حمايته ، والحذر من الوقوع فيه .
وهذا المقاربة اللفظية فيها انتهاكٌ لهذا الحِمَى ، وما بين المتكلم وبين الكفر إلا هذا الحرف الذي غيَّره ، وقد قال الله تعالى محذرا : (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ) سورة آل عمران/167.
فالاقتراب من الكفر درجات ، ولا يجوز للمسلم أن يقترب من أيِّ درجةٍ منه
بل الواجب البعد التام عن هذه المقاربة .
ثم إنَّ مقاربة الكفر بهذه الألفاظ تُهَوِّنه في نفوس السامعين ، وربما ظنَّ بعضهم الحرفَ المغيَّر على صفته ، ولم ينتبه للتغيير .
وكذلك فإن تغيير هذا الحرف لا يلغي أثر الكلمة عند السامع ، فإن هذه اللفظة المغيَّرة تعدُّ رمزاً أو إشارةً إلى الكفر ، فكأن السامع يقول : عرفت قصدك وإشارتك .
والواجب على المسلم أن يحفظ لسانه ، فرُبَّ كلمة يتكلم بها الإنسان ، وهو لا يظن أن لها شأناً ، تكون سبب هلاكه وعذابه ، والعياذ بالله .
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا ، يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ) رواه البخاري (6477) ، ومسلم (2988).
وفي رواية الترمذي (2314) : ( إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ لاَ يَرَى بِهَا بَأْسًا يَهْوِي بِهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا فِي النَّارِ) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
وعن بلال المزني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ) رواه الترمذي (2319) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
ثم إن اللعن بحد ذاته كبيرة ، فكيف وقد انضم له ما يوهم الكفر ويقاربه .
وهذه المرجلة المزعومة عند بعض العامة - التي لا تحصل عندهم إلا بمثل هذا اللعن والشتم - : مرجلةٌ زائفةٌ وباطلة ، ولو كانوا رجالا حقيقةً لأثبتوا رجولتهم بغير هذا من الكلام الصادق الصحيح الذي يلتزمون به.
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-08-14, 05:00
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
هل الحكم فيمن يسب الدين عادة مثل حكم من يسب الدين اعتقادا؟
السؤال:
قرأت بشأن الذي سبّ الدين أنه : كافر ومرتدّ ، وعليه التوبة وإعلانها . لكن السؤال هو : هل التوبة تكون : بِنطق الشهادتين أمام أحد الذين سمعوه أثناء سبّه للدين ؟
أم يكفي أن يقول لأحد السامعين - الذين علموا بكفره - " أنّي تبت ولن أعود إلى هذا مرة أخرى" ، هل هذا يعتبر توبة كافية ويصبح مسلما ؟
وهل الذي يسب الدين اعتقادا وعمدا كالذي يسب الدين كعادة جرت على لسانه سواء عمدا أم ساهيا ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
من "سب الدين" ، وهو يعي أن ذلك سب لـ"دين الإسلام" ، سواء كان مازحاً أو جاداً ، معتقدا الكفر ، أو جرت عادته بذلك من غير اعتقاد للكفر وقصده لا شك أنه كافر خارج عن الملة
لعموم قوله تعالى : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) التوبة / 65 - 66 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -
: " إن سب الله أو سب رسوله كفرٌ ، ظاهراً وباطناً ، سواء كان السابُّ يعتقد أن ذلك محرم ، أو كان مستحلا له ، أو كان ذاهلاً عن اعتقاده ، هذا مذهب الفقهاء ، وسائر أهل السنَّة القائلين بأن الإيمان قول وعمل "
انتهى من " الصارم المسلول " (ص512 ) .
وقال أيضا : " وبالجملة : فمن قال أو فعل ما هو كفر : كفر بذلك ، وإن لم يقصد أن يكون كافرا ؛ إذ لا يقصد الكفر أحد إلا ما شاء الله " .
انتهى من "الصارم المسلول" (ص 184) ..
فمن سب الدين قاصدا متعمدا لذلك ، أو جرت به عادته : فهما في الحكم سواء ، ومن اعتاد سب الدين فصار يجري على لسانه عن قصد ودون قصد ، عامدا وساهيا أشد كفرا ؛ لأنه اتخذ من الكفر عادة .
ثانياً :
من سب "دين الإسلام" وجب عليه أن يتدارك نفسه بالتوبة إلى الله ، والتوبة من هذا تكون بنطق الشهادتين ، والندم على ما صدر منه ، والعزم على عدم العودة إليه .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" فإذا تاب الإنسان من أي ذنب - ولو كان ذلك سب الدين - : فإن توبته تقبل إذا استوفت الشروط التي ذكرناها " .
انتهى ملخصا من " فتاوى نور على الدرب ".
وإن كان سبه للدين علانية ، فيستحب أن يظهر التوبة أمام الناس ، ويعلن رجوعه إلى الله ويعترف بجرمه ؛ حتى يعلم الناس توبته ، ولا يتجرأ أحد على ما تجرأ عليه
فإن تاب فيما بينه وبين ربه توبة نصوحا : قبلت منه ، ولا يلزمه إعلانها أمام الناس.
ثالثاً:
من المهم في هذا المقام التفريق بين سب " دين الإسلام" ، وسب " دين الشخص " ، فالأول كفر بلا خلاف .
وأما الثاني ، وهو سب " دين الإنسان " فمحتمل ، لأن الساب قد يقصد بهذا القول دين الإسلام ، فيكون كافراً ، وقد يقصد به : حال الشخص المعين ، وطريقته في التدين
وما هو عليه من الخُلق ونحو ذلك ، وقد لا يقصد شيئا من ذلك أصلا ، وإنما هي كلمة ووصلة في كلام الجهال والسفهاء ، يتوصلون بها لتحقيق السب ، وتأكيده فلا يكفر الساب بشيء من ذلك .
وهذه حال كثير من العامة في البلدان ، أو أكثرهم .
جاء في " فتاوى البرزلي ":
" نَزَلَتْ مَسْأَلَةٌ وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَزْدَرِي الصَّلَاةَ وَرُبَّمَا ازْدَرَى الْمُصَلِّينَ ، وَشَهِدَ عَلَيْهِ مَلَأٌ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ ... فَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى الِازْدِرَاءِ بِالْمُصَلِّينَ لِقِلَّةِ اعْتِقَادِهِ فِيهِمْ : فَهُوَ مِنْ سِبَابِ الْمُسْلِمِ
فَيَلْزَمُهُ الْأَدَبُ عَلَى قَدْرِ اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ ، وَمَنْ يَحْمِلْهُ عَلَى ازْدِرَاءِ الْعِبَادَةِ ، فَالْأَصْوَبُ أَنَّهُ رِدَّةٌ ا هـ .
قال شيخ المالكية في وقته :
"الشيخ عليش " معلقاً : " قُلْت : يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا : الْحُكْمُ فِيمَنْ سَبَّ الدِّينَ ، أَوْ الْمِلَّةَ ، أَوْ الْمَذْهَبَ ، وَهُوَ يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ بَعْضِ سَفِلَةِ الْعَوَّام كَالْحَمَّارَةِ وَالْجَمَّالَةِ وَالْخَدَّامِينَ ، وَرُبَّمَا وَقَعَ مِنْ غَيْرِهِمْ .
وَذَلِكَ أَنَّهُ : إنْ قَصَدَ الشَّرِيعَةَ الْمُطَهَّرَةَ ، وَالْأَحْكَامَ الَّتِي شَرَّعَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم : فَهُوَ كَافِرٌ قَطْعًا .
ثُمَّ إنْ أَظْهَرَ ذَلِكَ فَهُوَ مُرْتَدٌّ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَإِنْ لَمْ يُظْهِرْهُ فَهُوَ زِنْدِيقٌ يُقْتَلُ وَلَوْ تَابَ .
وَإِنْ قَصَدَ حَالَةَ شَخْصٍ وَتَدَيُّنَهُ : فَهُوَ سَبُّ الْمُسْلِمِ ؛ فَفِيهِ الْأَدَبُ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ .
وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْقَصْدَيْنِ : بِالْإِقْرَارِ ، وَالْقَرَائِنِ .
وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ الْقَصْدَ الثَّانِيَ كَالْأَوَّلِ فِي الْحُكْمِ " .
انتهى من " فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك" (5/252) .
وقد سألنا الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى عن هذه المسألة ، وعرضنا عليه كلام الشيخ عليش المالكي ، فأقره ، وقال بهذا التفصيل .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-14, 05:15
يسأل : لماذا أغلب أهل الأرض كفار ولماذا يرضى الله لهم بدخول جهنم ؟!
السؤال:
إني أتساءل : لماذا أغلب أهل الأرض غير مسلمين ؟
فعلى حد علمي أن حبَّ الله لخلقه يزيد على حب الوالدة لولدها بسبعين مرة ، فلماذا الأغلبية غير مسلمين ؟
وهل صحيح أنه لن يدخل الجنة إلا المسلمون ، وأهل السنَّة على وجه التحديد ؟
إذا كان هذا صحيحاً فإن معنى ذلك أنه لن يدخل الجنة إلا نسبة قليلة مقارنة بتعداد أهل الأرض كلهم ، فلماذا إذاً يرضى الله لأغلب خلقه أن يدخلوا النار ؟ .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
ننبه في بداية الجواب إلى أن ما ذكره السائل مِن " أن حبَّ الله لخلقه يزيد على حب الوالدة لولدها بسبعين مرة " : لا أصل له في القرآن ولا في السنَّة
والله تعالى لا يحب الظالمين
ولا يحب الفاسقين
ولا يحب الكافرين
فكيف يُثبَت حبُّ الله تعالى لعموم خلقه والكثرة الكاثرة هم من تلك الأصناف ؟!
بل إنَّ الله تعالى يحب المحسنين
ويحب المتقين
ويحب التوابين
ويحب المتطهرين
ويحب الصابرين
ويحب المتوكلين
ويحب المقسطين – العادلين -
فهذه الأصناف مِن خلقه هم الذين أثبت الله تعالى حبَّه لهم ، ولن يكون هؤلاء – بطبيعة الحال – إلا موحِّدين له غير مشركين به .
لكن مع ذلك كله ، فمن أسماء الله سبحانه : الرحمن الرحيم ، ورحمته سبقت غضبه ، وعفوه سبق عقابه ، وهو أرحم بعباده من الوالدة بولدها :
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْيٍ ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنْ السَّبْيِ تَبْتَغِي ، إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ
فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ ؟ قُلْنَا : لَا وَاللَّهِ ، وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لَا تَطْرَحَهُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا .
رواه البخاري (5999) ومسلم (2754) .
وهناك فرق بين الرحمة والمحبة ، فقد أنزل الله جل جلاله من رحمته قسطا يتراحم به الخلق ، ويرزق به عباده ، ويمهلهم ، ويحلم عليهم ، ويصبر على كفرهم وأذاهم سبحانه
وذلك كله في الدنيا ، وأما في الآخرة فرحمته خاصة بمن آمن به ، وأسلم وجهه إليه .
ثانياً:
أما السؤال : " لماذا أغلب أهل الأرض غير مسلمين ؟ " :
فالجواب عليه : لأنهم هم الذين اختاروا الكفر على الإسلام ، ودعنا هنا من المعذورين ممن لم تبلغهم الرسالة ، ولنسأل : ما بال من قرأوا عن الإسلام وبلغتهم الدعوة ورأوا الآلاف من أهل دينهم قد سبقوهم إلى الإسلام
ورأوا الملايين تدين بهذا الدين العظيم ، ورأوا الآيات البينات تدل على صدق النبي صلى الله عليه وسلم وصدق دعوته وصدق القرآن وإعجازه
وسمعوا المناظرات التي ألجمت خصوم الإسلام ودحرت شبهاتهم ، ومع هذا كله – ومعه غيره كثير – لم يؤمنوا بالإسلام ولم يرضوه لأنفسهم دِيناً
بل رضي مليارات منهم بعبادة صليب صنعوه ، أو صنم نحتوه ، أو قبرٍ شيدوه ، أو بقرة يعبدونها من دون الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
إن الحقَّ واضح بيِّن ، وإن الآيات الدالات على عظمة الإسلام أكثر من أن تُحصر ، وإن الأدلة على بطلان ما يفعله أولئك الكفار لا يُجادل بها عاقل
وإن الفطرة السليمة والعقل الصريح ليرفضان تلك العبادات واتخاذ أولئك الآلهةَ أرباباً من دون الله الواحد الأحد ، فها قد بيَّن الله تعالى الحجة وأقام عليهم المحجة ، ومع ذلك أبى أكثر الناس إلا كفوراً
ولا تجد أكثر الناس شاكرين موحدين بل كافرين مشركين .
ثالثاً:
أما جواب السؤال : " فلماذا إذاً يرضى الله لأغلب خلقه أن يدخلوا النار ؟ "
: فهو أن الله تعالى لم يرض كفرَ أولئك ، ولا يحبه منهم ، ولكنهم رضوه لأنفسهم ، وأما الرب الجليل عز وجل فقد نصَّ في كتابه الكريم على عدم رضاه عن كفر الكافرين
فقال تعالى ( إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ) الزمر/ 7 ،
فهذا نصٌّ جلي أن الله تعالى لا يرضى لعباده الكفر ، بل يرضى لهم التوحيد والإسلام ، لكنَّهم هم الذين ارتضوا الكفر دينا لأنفسهم ، وأبوا الدخول في سلك الموحدين
والله تعالى لا يجبر أحداً على إسلام ولا على كفر ، بل هو عز وجل قد بيَّن طريقي الحق والباطل ، والصواب والخطأ ، والإسلام والكفر ، ثم جعل للخلْق أن يختاروا ،
مع وعده للمسلمين بالثواب ، ووعيده للكفار بالنار
قال تعالى ( وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا . إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً . أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ) الكهف/ 29 – 31
وقال تعالى ( إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا . إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا . إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلا وَأَغْلالاً وَسَعِيرًا . إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا . عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ) الإنسان/ 2 – 6 .
وهاك مثالاً على بيان هداية الله تعالى لقومٍ هداية دلالة وإرشاد بإرسال الرسول مع الآيات البينات واختيارهم للكفر على الإسلام ، وهم قوم ثمود
قال تعالى ( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ . وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ) فصِّلت/ 17 ، 18
وهؤلاء مثال ، ومثلهم كل قوم كفروا بربهم وكذبوا رسولهم ، فرضوا بالكفر في الدنيا والخلود في النار في الآخرة ، ولهؤلاء الكفار المعاصرين سلف
فقد جاءتهم رسل ربهم بالحق ، وجعل الله تعالى رسول كل قوم منهم ، يعرفونه بصدقه وأمانته ، وجعل الله تعالى مع كل واحد منهم آية على مثلها يؤمنها البشر
ومع ذلك فإنهم قالوا عن رسلهم ساحر أو مجنون ! وقد طلب كفار قريش من النبي صلى الله عليه وسلم آية ليؤمنوا فأراهم انشقاق القمر فقالوا " سحر "
فصدق فيهم قول الله تعالى ( وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا ) الأنعام/ 25
ولم تكتف تلك الأقوام بتكذيب رسل ربهم بل تآمروا عليهم لقتلهم أو نفيهم من ديارهم
قال تعالى ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ ) إبراهيم/ 13
وقال تعالى – على لسان قوم إبراهيم عليه السلام – ( فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) العنكبوت/ 24
وقال تعالى – عن نبينا عليه السلام - ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ) الأنفال/ 30
فإذا كان هذا هو حال من جاءه الرسول من ربه ممن يعرفه ، ورأى الآيات بعيني رأسه : فكيف سيكون حال هؤلاء الهنود والصينيين والأوربيين لو أنه جاءهم النبي العربي محمد صلى الله عليه وسلم بشيراً ونذيراً ؟! .
ولما زعم بعض المشركين أن الله تعالى يرضى منهم الكفر ، وأنه لو لم يكن كذلك لصرفهم عنه : كذَّبهم ربنا تبارك وتعالى وبيَّن أنهم إنما يتبعون أهواءهم وآباءهم الضالين
قال تعالى ( وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا ) النحل/ 35
فردَّ الله تعالى عليهم بقوله ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ ) النحل/ 36 .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - :
"فأوضح في هذه الآية الكريمة أنه لم يكن راضياً بكفرهم ، وأنه بعث في كل أمَّة رسولاً ، وأمرهم على لسانه أن يعبدوا الله وحده ويجتنبوا الطاغوت
أي : يتباعدوا عن عبادة كل معبود سواه ، وأن الله هدى بعضهم إلى عبادته وحده ، وأن بعضهم حقَّت عليه الضلالة ، أي : ثبت عليه الكفر والشقاء .
\
وقال تعالى في آية الأنعام ( قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ) الأنعام/ 149
فملكُه تعالى وحده للتوفيق والهداية هو الحجة البالغة على خلقه
يعني : فمن هديناه وتفضلنا عليه بالتوفيق : فهو فضل منَّا ورحمة ، ومَن لم نفعل له ذلك : فهو عدل منَّا وحكمة
لأنه لم يكن له ذلك ديْناً علينا ولا واجباً مستَحقّاً يستحقه علينا ، بل إن أعطينا ذلك ففضل ، وإن لم نعطه فعدل "
انتهى من " أضواء البيان " ( 7 / 95 ، 96 ) .
*عبدالرحمن*
2018-08-14, 05:15
رابعاً:
قول السائل : " وهل صحيح أنه لن يدخل الجنة إلا المسلمون ، وأهل السنَّة على وجه التحديد ؟ " :
ففيه تفصيل :
أما بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم : فنعم ، لن يدخل الجنة إلا مسلم ؛ لأن الإسلام نسخ الأديان السابقة كلها ، وأوجب الله تعالى على خلْقه كلهم الدخول في هذا الدِّين
وأخبر أنه لن يقبل من أحدٍ دِيناً غيره ، وأنه مَن لقيه منهم بدين آخر غيره فهو من الخاسرين
قال تعالى ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل عمران/ 85 .
ولأجل ذلك : أَمَرَ الني صلى الله عليه وسلم بِلاَلًا فَنَادَى بِالنَّاسِ : ( إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ ) . رواه البخاري (3062) ومسلم (178) .
وأمَّا مِن الأمم السابقة : فإن الجنة يدخلها كل من آمن بنبيِّه وصدَّق رسوله ، وهؤلاء هم المسلمون في زمانهم .
قال تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) البقرة/ 62 .
وأما أن الجنة هي لأهل السنَّة على وجه التحديد : فهو قول غير صحيح ، ومثل ذلك لا يقول به أحد من أهل العلم ؛ بل إن أمة محمد صلى الله عليه وسلم التي أجابت دعوته كلهم سيدخلون الجنة
ولا يُحرم منها إلا من ارتد على عقبيه ، ونقض إسلامه بما يخرجه منه بالكلية ، وأهل البدع الذين خالفوا الشرع
وخاصموا أهل السنة ، هم كغيرهم من عصاة الموحدين : في مشيئة الله جل جلاله ؛ إن شاء عذبهم ، وإن شاء غفر لهم ، ثم إن مآل الواحد منهم إلى الجنة حتما ، إذا كان قد مات على التوحيد .
وهكذا من تلبس بشيء من المعاصي ، أو وقع في بدعة ، وكان من أهل السنة ، على وجه العموم ، هو أيضا في مشيئة الله جل جلاله ، إن شاء عذبه ، وإن شاء غفر له
وإن كان القيام بالسنة ، والذب عنها ، والتحلي بها علما وعملا ، أرجى لصاحبه ، وأنجى له من عذاب الله وسخطه .
خامسا :
من فهم مِن حديث الافتراق ومن قوله صلى الله عليه وسلم في الفرَق الثنتين وسبعين المختلفة المخالفة لأهل السنَّة ( كُلُّها في النَّار ) أنهم مخلَّدون في نار جهنم : فقد أخطأ
وخالف إجماع المسلمين ، فضلال هذه الفرَق وتوعدها بالنار لا يعني خلودها فيها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
"ومَن قال إن الثنتين والسبعين فِرقة كل واحد منهم يكفر كفراً ينقل عن الملة : فقد خالف الكتاب والسنَّة وإجماع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين
بل وإجماع الأئمة الأربعة وغير الأربعة ؛ فليس فيهم مَن كفَّر كلَّ واحد من الثنتين وسبعين فرقة".
انتهى من" مجموع الفتاوى " ( 7 / 218 ) .
والتكفير للمخالفين هو من منهج أهل البدع والضلال ، لا من منهج أهل السنَّة والجماعة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
"والخوارج هم أول من كفَّر المسلمين ، يكفرون بالذنوب ، ويكفرون مَن خالفهم في بدعتهم ويستحلون دمه وماله ، وهذه حال أهل البدع ، يبتدعون بدعة ويكفرون مَن خالفهم فيها .
وأهل السنَّة والجماعة يتبعون الكتاب والسنَّة ، ويطيعون الله ورسوله ، فيتبعون الحق ويرحمون الخلق" .
انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 3 / 279 ) .
وقال – عن الفرق الثنتين والسبعين - :
"وإنما يكفِّر بعضُهم بعضاً ببعض المقالات"
.انتهى من" مجموع الفتاوى " ( 7 / 218 ) .
سادساً:
من رحمة الله تعالى بعباده أنه لا يعذِّب بالنار من لم تصله دعوة الإسلام ، فالذين يعيشون في زماننا أو قبله ولم يصل لهم خبر الإسلام : فإنهم يختبرون يوم القيامة
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-08-14, 05:27
هل يؤخذ بأحاديث الآحاد في العقيدة؟
السؤال :
سمعت من يقول : إن أحاديث الآحاد لا تثبت بها العقيدة ، لأنها تفيد الظن ، ولا تفيد اليقين . فما هو جوابكم على هذا؟
الجواب :
الحمد لله
"جوابنا على من يرى أن أحاديث الآحاد لا تثبت بها العقيدة لأنها تفيد الظن والظن لا تبنى عليه العقيدة . أن نقول : هذا رأي غير صواب ؛ لأنه مبني على غير صواب ، وذلك من عدة وجوه :
1-القول بِأَن حديث الآحاد لا يفيد إلا الظن ليس على إطلاقه ، بل في أخبار الآحاد ما يفيد اليقين إذا دلت القرائن على صِدْقه ، كما إذا تلقته الأمة بالقبول
مثل حديث عمر بين الخطاب رضي الله عنه : (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ) فإنه خبر آحاد
ومع ذلك فإننا نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله
وهذا ما حققه شيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ ابن حجر وغيرهما .
2-أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرسل الآحاد بأصول العقيدة ـ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ـ وإرساله حُجَّة مُلْزِمة ، كما بعث مُعَاذاً إلى اليمن ، واعتبر بَعْثَه حُجَّةً مُلْزِمَةً لأهل اليمن بقبوله .
3-إذا قلنا بأن العقيدة لا تثبت بأخبار الآحاد ، أمكن أن يُقال : والأحكام العملية لا تثبت بأخبار الآحاد ، لأن الأحكام العملية يصحبها عقيدة أن الله تعالى أمر بهذا أو نهى عن هذا
وإذا قُبل هذا القول تعطَل كثير من أحكام الشريعة ، وإذا رُدّ هذا القول فليردّ القول بأن العقيدة لا تثبت بخبر الآحاد إذ لا فرق كما بيّنا .
والحاصل :
أن خبر الآحاد إذا دلت القرائن على صِدْقه أفاد العلمَ ، وثبت به الأحكام العَملية والعِلمية ، ولا دليل على التفريق بينهما ، ومَنْ نَسَبَ إلى أحدٍ من الأئمِة التفريقَ بينهما فعليه إثباتُ ذلك بالسند الصحيح عنه . ثم بيان دليله المستَند إليه .
4- أن الله تعالى أمر بالرجوع إلى قول أهل العلم لمن كان جاهلاً فيما هو من أعظم مسائل العقيدة وهي الرسالة : فقال تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ) النحل/43 ، 44 .
وهذا يشمل سؤال الواحد والمتعدّد" انتهى .
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله
"فتاوى العقيدة" (صـ 18) .
*عبدالرحمن*
2018-08-14, 05:40
جواب مجمل عن بعض المستهزئين بأحاديث البخاري
السؤال
أعيش في إحدى الدول الغربية ، حيث يوجد مجموعات من المسلمين لا بأس بها من مختلف التيارات والأجناس والألوان , ولكن بشكل عام يوجد جهل بالإسلام وأحكامه من مختلف الجوانب
, وقد لفت انتباهي بعض الإخوة هنا - هدانا الله وإياهم - ممن يشككون في الأحاديث النبوية ، وخاصةً التي وردت في صحيح البخاري
وفيها : (يَكْشِفُ رَبُّنَا عَنْ سَاقِهِ فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ فَيَبْقَى كُلُّ مَنْ كَانَ يَسْجُدُ فِي الدُّنْيَا رِيَاءً وَسُمْعَةً فَيَذْهَبُ لِيَسْجُدَ فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا ) ، وأحاديث تجلي الله لعباده يوم القيامة
ورؤيتهم له ، وحديث ما جاء في النجوى : ( .. يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ فَيَقُولُ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ أَيْ رَبِّ حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ
قَالَ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ )
وحديث نكاح المتعة ، وحديث المرأة التي عرضت نفسها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!
أرجو منكم التكرم بإرسال الرد المناسب حتى يتسنى لنا الرد على هؤلاء الجهلة ممن يشككون ، وربما يضلون البعض من المسلمين .
الجواب
الحمد لله
ليس بعد الكفر ذنب ، والذي يبلغ به تفكيره أن يجعل مثل هذه الأحاديث الشريفة الصحيحة مثارا للتشكيك والاستهزاء فقد أضحك الناس على عقله ، والملحد يستهزئ بكل شيء
بالله ورسوله وملائكته وكتبه واليوم الآخر ، فليس من الصواب مناقشته في تفاصيل العقيدة ، وهو لم يؤمن بعد بأصولها الكبيرة .
ولو رحنا نتتبع كل من يسخر من الآيات أو الأحاديث لضاق بنا وبكم العمر الطويل ، ولما انتهينا من أصوات الحاقدين الناعقين بكل سوء وجهالة .
أما أولئك المنتسبون إلى الإسلام ، الذين يتنكرون لتراث الأمة وتاريخها وثقافتها وقيمها ، ويتسترون وراء ألقاب " العقلانية " ، و " التنويرية " فوالله لا نراهم إلا منادين على أنفسهم بالجهل والعمى
ومسلمين عقولَهم التي يتفاخرون بها لبعض المستشرقين الحاقدين ، فيكررون على ألسنتهم كل سوء وبذاءة فاهت بها ألسنتهم ، وهم واقعون تحت تخدير وهم "العقلانية"
حتى أصبح كل جاهل يريد أن يروج لبضاعته ينتسب إلى هذا الاسم ، وهو أبعد ما يكون عن العقل الصحيح .
وحاصل ما جاء في هذا السؤال من طعون تجتمع في مسائل ثلاثة :
الأولى : الطعن في الأحاديث الكثيرة التي جاءت بذكر تفاصيل ما يحصل للناس في المحشر ، وعند الصراط ، وفي عرصات – أي : ساحات - يوم القيامة .
ونحن نشير إلى الجواب المجمل أيضا عنها بالنقاط الآتية :
1- هذه الأحاديث كلها تتحدث عن عالم غيبي ، لا ندرك كنهه ولا حقيقته إلا رموزا يسيرة بينتها لنا الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة الصحيحة
ومن استهزأ بها فلم يبعد أن يستهزئ أيضا بما جاء في القرآن الكريم من ذكر تفاصيل يوم القيامة ، كيف تُطوى السماوات ، وتسير الجبال سيرا
وتكون كالعهن المنفوش ، وبما جاء في القرآن الكريم من ذكر مجيئ الرب تعالى للحساب والفصل بين الناس ، وسؤاله لهم عن كل صغير وكبير
إلى غير ذلك الكثير الكثير مما لو استهزأ بشيء منه لظهر كفره للقاصي والداني ، وبان إلحاده ، ولكان لنا وله شأن آخر في المناظرة والمناقشة .
أما أن يعمد إلى أحاديث صحيحة ، رواها العشرات من الثقات والحفاظ ، وتناقلها العلماء والأئمة بالإقرار ، ثم يستهزئ بما جاء فيها ، بدعوى أنه اكتشف بعقله الفذ !! نقدا لم يكتشفه أحد قبله
فهذا تدليس على الناس وأعظم تدليس ، وإلا فليخبرنا عن الرب سبحانه وتعالى ، كيف هو على كل شيء قدير ، وبكل شيء عليم ، وكيف هو الأول الذي ليس قبله شيء
والآخر الذي ليس بعده شيء ، فإن أجاب بالتسليم لعجز العقل القاصر عن الخوض في الغيبيات ، قلنا له : وليسلم عقلك القاصر عن التفاصيل التي جاءت في السنة النبوية الصحيحة عن أحوال الآخرة ، وإلا كنت متناقضا .
2- ثم ما هو الشيء الذي يحيله العقل وتذكره هذه الأحاديث ، فما الذي يمنع من رؤية المؤمنين لله سبحانه وتعالى ، وما الذي يحيل أن يكشف لهم عن شيء من صفاته التي تليق بجلاله
كما أنه سبحانه بذاته وجلاله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير .
وأين مثار السخرية في مرور الناس بالصراط ، وتجاوزهم على قدر أعمالهم ، أو في خروج العصاة من النار بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم
فليخبرنا من يدعي أن ذلك كله مستحيل ما وجه استحالة ذلك في منطق العقل السليم ، وليبين لنا ذلك بحجته الباهرة !! وليس بالكلام البذيء ولا بالاستهزاء بعقول القراء الكرام .
الشبهة الثانية : الاستهزاء بأحاديث جواز نكاح المتعة في بداية الإسلام .
ونحن نحب أن نبين لهذا المستهزئ الجاهل أن نكاح المتعة في بداية الإسلام كان نكاحا قائما على شروط وأركان
ولم يكن عبثا ولا فسادا مستترا ، فقد كان بموافقة الولي ، وحضور الشهود ، والإعلان ، ووجود المهر ، والرضا من كلا الطرفين ، وتبنى عليه أحكام الزواج الحقيقي جميعها
: من نسب ، وميراث ، ومحرمية ، وطلاق ، وعدة ، ونحوها ، تماما كأي نكاح شرعي يتم اليوم في عرف الناس وشرعهم .
يقول الإمام القرطبي رحمه الله :
" من قال : المتعة أن يقول لها : أتزوجك يوماً - أو ما شابه ذلك - على أنه لا عدة عليك ، ولا ميراث بيننا ، ولا طلاق ، ولا شاهد يشهد على ذلك ؟! هذا هو الزنا بعينه ، ولم يُبَح قط في الإسلام " انتهى.
"الجامع لأحكام القرآن" (5/87)
غير أن الفارق الوحيد بينهما هو التأقيت والتحديد الزمني ، ليكون كل من الزوجين بعد هذه المدة بالخيار ، إن أحبا أن ينفصلا أو يستمر زواجهما إلى ما شاء الله
وقد كان لجوازه في بداية الإسلام ظرف خاص ، تعددت الروايات في شرحه وبيانه
وأقوى ما جاء فيه ما قاله الحافظ ابن حجر رحمه الله
: " فهذه أخبار يقوي بعضها ببعض ، وحاصلها أن المتعة إنما رخص فيها بسبب العزبة في حال السفر "
انتهى. "فتح الباري" (9/172)
وعلى كل حال فقد نسخ هذا النوع من النكاح ، ومنعته الشريعة بعد تجاوز الظرف الخاص الذي جاز فيه ، وصحت الكثير من الأحاديث في تحريمه
واتفق على المنع منه الأئمة الأربعة والعلماء جميعهم . بل في نفس الحديث الذي ذكره المعتر ض ، نص الإمام البخاري في روايته (5119) على نسخ هذا النكاح :
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَا : كُنَّا فِي جَيْشٍ فَأَتَانَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُمْ أَنْ تَسْتَمْتِعُوا فَاسْتَمْتِعُوا ) ...
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ [ هو الإمام البخاري ] : وَبَيَّنَهُ عَلِيٌّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ .
وانظر : فتح الباري ، للحافظ ابن حجر ، رحمه الله .
3- حديث المرأة التي عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوجها. ونحن نتساءل عن الضير في ذلك
هل من العيب أو الخزي أو من مثارات السخرية أن تسأل إحدى النساء الصالحات المؤمنات العفيفات النبيَّ صلى الله عليه وسلم أن يتزوجها
فتنال مرتبةً عظيمةً في الدين في صحبة سيد المرسلين ، وتكون مع خير الخلق زوجةً في الدنيا والآخرة ، هل تُلام المرأة إن أبدت رغبتها في الزواج الشرعي من خير الخلق وسيد الأولين والآخرين
أليس من حقها أن تبحث عما يسعد حالها ويرفع شأنها في الدنيا والآخرة ، أين هو المحرم أو الممنوع الذي وقعت فيه تلك المرأة الصالحة ، أم هو الطعن والاستهزاء لأجل التشويش والفتنة .
أما إيماننا بما في صحيحي البخاري ومسلم فليس من قبيل التقليد الأعمى ، أو التسليم الاعتباطي، بل هو إيمان مبني على دراسات استقرائية محكمة لجميع رواة وأسانيد ومتون هذين الصحيحين
استغرقت آلاف الصفحات ومئات السنين وعشرات العلماء ، منها القديم والمعاصر ، كلها تثبت - بما لا يدع مجالا للشك – صحة الإجماع الواقع تلقي الكتابين بالقبول
وترجيحهما على ما سواهما ، ومن أوائل هذه الدراسات مقدمة ابن حجر لكتابه فتح الباري، المسماة " هدي الساري "
فقد تكلم فيها بتطويل عن الأسس والأركان التي قام عليها صحيح البخاري ، والتي اقتضت التسليم له بالصحة والثبوت .
هذا جواب مجمل مختصر ، وأما الجواب المطول المفصل فيقتضي أن نعرف هوية المسيء بهذه الكلمات ، كي يكون جوابنا مناسبا لحاله واعتقاده
وإن كنا لا ننصح إخواننا المسلمين بالاشتغال بالرد على هؤلاء المتنطعين من المتكلمين ، حفظا لأوقاتهم وأعمارهم ، ولكن إذا اقتضى الأمر ضرورة المناقشة والمجادلة
فبالدليل والبرهان ، وليس بالتهويش والتهويل .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-08-16, 17:28
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
هل يمكن أن يتوحد المسلمون مع اختلاف ما بينهم في العقيدة والمنهج؟
السؤال
هل يمكن أن يتوحد المسلمون مع اختلاف ما بينهم في العقيدة والمنهج ؟
الجواب
الحمد لله
أولاً:
إن اختلاف الناس فيما بينهم في العقيدة والمنهج سنَّة كونية
وقد أخبر الله تعالى عن وقوعها في خلقه
وأخبر عن قدرته بتوحيدهم جميعاً على دين واحدٍ
لكنَّ الله تعالى له حكمة بالغة في عدم فعل ذلك
ليثيب الطائعين الموحدين
ويعاقب العاصين والمشركين
ولو جعل الله تعالى الناس أمة واحدة لم يظهر فضل التوحيد والموحدين
ولم يظهر قبح المعصية والعاصين
ولله تعالى أسماء وصفات اقتضت حكمته في الاختلاف أن تظهر في خلقه .
قال الله تعالى : ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ . إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) هود /118 ، 119 .
قال ابن جرير الطبري – رحمه الله - :
يقول تعالى ذِكره : ولو شاء ربك ، يا محمد ، لجعل الناس كلها جماعة واحدة ، على ملة واحدة ، ودين واحد .
" تفسير الطبري " ( 15 / 531 ) .
وقال الحافظ ابن كثير – رحمه الله - :
يخبر تعالى أنه قادر على جعل الناس كُلِّهم أمَّةً واحدة ، من إيمان أو كفران
كما قال تعالى : ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ) يونس / 99
وقوله : ( وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ )
أي : ولا يزال الخُلْفُ بين الناس في أديانهم ، واعتقادات مللهم ، ونِحلهم ، ومذاهبهم ، وآرائهم .
" تفسير ابن كثير " ( 4 / 361 ) .
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - :
يخبر تعالى أنه لو شاء لجعل الناس كلهم أمة واحدة على الدين الإسلامي ، فإن مشيئته غير قاصرة
ولا يمتنع عليه شيء ، ولكنه اقتضت حكمته أن لا يزالوا مختلفين
مخالفين للصراط المستقيم
متبعين للسبل الموصلة إلى النار
كل يرى الحق فيما قاله ، والضلال في قول غيره .
( إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ) فهداهم إلى العلم بالحق والعمل به
والاتفاق عليه
فهؤلاء سبقت لهم سابقة السعادة
وتداركتهم العناية الربانية والتوفيق الإلهي .
وأما من عداهم : فهم مخذولون ، موكولون إلى أنفسهم .
وقوله : ( وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ) أي : اقتضت حكمته أنه خلقهم ، ليكون منهم السعداء والأشقياء ، والمتفقون والمختلفون ، والفريق الذين هدى الله
والفريق الذين حقت عليهم الضلالة ، ليتبين للعباد عدلُه ، وحكمتُه ، وليظهر ما كمن في الطباع البشرية من الخير والشر ، ولتقوم سوق الجهاد والعبادات التي لا تتم ولا تستقيم إلا بالامتحان والابتلاء .
" تفسير السعدي " ( ص 392 ) .
ثانياً:
وكيف سيتوحد المسلمون على شيء يجمعهم جميعاً غير التوحيد والعقيدة ؟! إن الناظر في أحوال المسلمين يجدهم مدارس وجماعات وأحزابا وأفكارا شتى
رضي كل واحد لنفسه طريقاً في فهم نصوص الوحي ، والعمل للإسلام ، فحصل الاختلاف ، والتفرق ، والتشتت ، ولو أنهم رضوا لأنفسهم منهجاً واحداً
واعتقاداً واحداً لاجتمعوا ، وصاروا أمة واحدة ، ولكنهم لم ينظر أكثرهم – وخاصة رؤوس الجماعات والأحزاب – للعقيدة الحقة أنها سبيل توحيد
بل رأوا أنهم تفرِّق المسلمين ! كما زعم بعض أقطابهم ، وهذه كلمة منكرة ، ولا يمكن أن يكون توحيد للمسلمين وفيهم أمثال هذا القائل ! .
جاء النبي صلى الله عليه وسلم على الناس وهم أحزاب وجماعات وأمم وأفكار وأديان مختلفة ، وفيهم الأبيض والأسود ، والرجل والمرأة ، والعامي والمتعلم
والغني والفقير ، والسادة والضعفاء ، فلم يجمعهم على لغة ، ولا على أرض ، ولا على فكر بشر ، بل جمعهم على شيء معصوم ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، جمعهم على القرآن ، والتوحيد
وهذا هو السبيل الوحيد لأن يجتمع الناس كلهم على اختلاف مشاربهم وأهوائهم ولغاتهم وأماكنهم ، ولن يجدوا خيراً من هذا السبب في توحدهم
واجتماعهم وتآلفهم ، وأما عندما يراد تجميع الناس وتوحيدهم على فكر بشر قابل للنقض والرد والتعديل والحذف : فهذا ما لا يمكن أن يكون سبيلاً لتوحد المسلمين
وعندما يراد تجميع الناس وتوحيدهم على قضية سياسية : فهذا لا يمكن أن يجتمع عليه الناس ؛ لاختلاف أفهامهم وآرائهم فيها ، كما لا يمكن لأرض أن تجمع المسلمين ؛ لتعلق كل نفس بوطنها وأرضها
فلم يبق أمام المسلمين من سبيل لتوحدهم وتجمعهم إلا العقيدة الصحيحة ، والتي منبعها نصوص الوحي المعصومة ، ولن يَصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلَح به أولُّها .
ثالثاً:
بما أن أسباب تفرق المسلمين قائمة : فإن تفرقهم هو الثمرة ، وهو النتيجة ، وقد تنوع ذِكر الأسباب في كلام أهل العلم ، وقد جمعها الإمام الشاطبي في ثلاثة أسباب : الجهل ، والهوى ، واتباع الآباء والأشياخ على عمى .
قال الشاطبي – رحمه الله - :
كل خلاف على الوصف المذكور وقع بعد ذلك : فله أسباب ثلاثة ، قد تجتمع ، وقد تفترق :
أحدها : أن يعتقد الإنسان في نفسه ، أو يُعتقد فيه أنه من أهل العلم ، والاجتهاد في الدين ، ولم يبلغ تلك الدرجة ، فيعمل على ذلك
ويعد رأيَه رأياً ، وخلافَه خلافاً ، ولكن تارة يكون ذلك في جزئيٍّ ، وفرعٍ من الفروع ، وتارة يكون في كلِّي وأصلٍ من أصول الدين ، كان من الأصول الاعتقادية
أو من الأصول العملية ، فتارة آخذاً ببعض جزئيات الشريعة في هدم كلياتها حتى يصير منها ما ظهر له بادىء رأيه من غير إحاطة بمعانيها ولا رسوخ في فهم مقاصدها
وهذا هو المبتدع ، وعليه نبه الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يقبض الله العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء
حتى إذا لم يَبقَ عالمٌ اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ) .
والثاني من أسباب الخلاف : اتباع الهوى ، ولذلك سمِّي أهلُ البدع أهل الأهواء ؛ لأنهم اتبعوا أهواءهم ، فلم يأخذوا الأدلة الشرعية مأخذ الافتقار إليها
والتعويل عليها حتى يصدروا عنها ، بل قدموا أهوءاهم ، واعتمدوا على آرائهم ، ثم جعلوا الأدلة الشرعية منظوراً فيها من وراء ذلك ، وأكثر هؤلاء هم أهل التحسين والتقبيح
ومن مال إلى الفلاسفة ، وغيرهم ، ويدخل في غمارهم من كان منهم يخشى السلاطين لنيل ما عندهم ، أو طلباً للرياسة
فلا بد أن يميل مع الناس بهواهم ، ويتأول عليهم فيما أرادوا حسبما ذكره العلماء ونقله من مصاحبي السلاطين
فالأولون ردُّوا كثيراً من الأحاديث الصحيحة بعقولهم ، وأساؤوا الظن بما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وحسَّنوا ظنَّهم بآرائهم الفاسدة ، حتى ردوا كثيراً من أمور الآخرة وأحوالها ، من الصراط ، والميزان ، وحشر الأجساد
والنعيم ، والعذاب الجسمي ، وأنكروا رؤية الباري ، وأشباه ذلك ، بل صيَّروا العقل شارعاً جاء الشرع أو لا ، بل إن جاء فهو كاشف لمقتضى ما حكم به العقل إلى غير ذلك من الشناعات .
والثالث من أسباب الخلاف : التصميم على اتباع العوائد وإن فسدت ، أو كانت مخالفة للحق
وهو اتباع ما كان عليه الآباء ، والأشياخ ، وأشباه ذلك ، وهو التقليد المذموم ؛ فإن الله ذم ذلك في كتابه بقوله : ( إنا وجدنا آباءنا على أمة ) الآية
ثم قال : ( قال أو لو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون ) ، وقوله : هل يسمعونكم إذ تدعون . أو ينفعونكم أو يضرون ) فنبههم على وجه الدليل الواضح فاستمسكوا بمجرد تقليد الآباء
فقالوا : ( بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون ) وهو مقتضى الحديث المتقدم أيضا في قوله : ( اتخذ الناس رؤساء جهالاً ) إلى آخره ، فإنه يشير إلى الاستنان بالرجال كيف كان .
" الاعتصام " ( 1 / 421 – 423 ) باختصار .
وعليه : فإنه من المستحيل اتفاق المسلمين واجتماعهم على غير التوحيد والعقيدة ، وفي الإسلام مظاهر اجتماع واتفاق لا توجد في غيره ، كالقبلة الواحدة ، والقرآن
ومناسك الحج ، وغيرها ، فنرجو أن يتوحد المسلمون ويجتمعوا على اعتقاد واحد ، ومنهج واحد في فهم القرآن والسنَّة ، وما يحصل من خلافٍ محتمل بعد هذا فإن أمره يسير .
سئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان – حفظه الله-
ما هي المسائل التي يجوز الاختلاف فيها ؟ وتلك التي ينبغي التّوقُّفُ عن الخلاف فيها ؟ وما واجب المسلمين تُجاه دينهم ؟ .
فأجاب :
الاختلاف على قسمين :
القسم الأول : الاختلاف في مسائل العقيدة ، وهذا لا يجوز ؛ لأنّ الواجب على المسلمين اعتقاد ما دلَّ عليه الكتاب والسُّنَّة ، وعدم التّدخُّل في ذلك بعقولهم واجتهاداتهم
لأنّ العقيدة توقيفيّة ، ولا مجال للاجتهاد والاختلاف فيها .
القسم الثاني : اختلاف في المسائل الفقهيَّة المستنبطة من النُّصوص ، وهذا لابدّ منه ؛ لأنّ مدارك الناس تختلف ، ولكن يجب الأخذ بما ترجّح بالدّليل من أقوالهم ، وهذا هو سبيل الخروج من هذا الخلاف .
ويجب على المسلم أن يهتمَّ بأمور دينه ، ويحافظ على أداء ما أوجب الله عليه ، ويترك ما حرَّمَ الله عليه ، وأن يتحلَّى بالأخلاق الفاضلة مع إخوانه ، وأن يصدُقَ في معاملته ، ويحفظ أمانته ، ويكون قدوةً صالحةً لغيره .
ويجب أن يتربَّوا على التّمسّك بالدّين والأخلاق الفاضلة ، وأن يبتعدوا عن الأخلاق الرّذيلة وقرناء السُّوء ، وأن يهتمُّوا بما ينفعهم في دينهم ودُنياه ، وأن يكونوا قوَّة للإسلام والمسلمين . "
المنتقى من فتاوى الفوزان " ( 1 / 407 ، 408 ، السؤال رقم 241 ) .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-08-16, 17:46
مختصر لمسائل العقيدة الصحيحة للمسلم وما يضادها من العقائد الباطلة
السؤال
ما هو المعتقد الحق ؟
وأريد معرفة بعض المعتقدات الباطلة ؟
الجواب
الحمد لله
1. معلوم بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنَّة أن الأعمال والأقوال إنما تصح وتُقبل إذا صدرت عن عقيدة صحيحة ،
فإن كانت العقيدة غير صحيحة :
بطل ما يتفرع عنها من أعمال وأقوال
كما قال تعالى : ( وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) المائدة/ 5
وقال تعالى : ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ) الزمر/ 65 ، والآيات في هذا المعنى كثيرة .
2. وقد دل كتاب الله المبين وسنَّة رسوله الأمين عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم على أن العقيدة الصحيحة تتلخص في : الإيمان بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله
واليوم الآخر ، وبالقدر خيره وشره ، فهذه الأمور الستة هي أصول العقيدة الصحيحة التي نزل بها كتاب الله العزيز، وبعث الله بها رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم .
وأدلة هذه الأصول الستة في الكتاب والسنة كثيرة جدّاً
فمن ذلك قول الله سبحانه : ( لَيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ) البقرة/ 177
وقوله سبحانه : ( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ) الآية البقرة/ 285
وقوله سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً ) النساء/ 136 .
أما الأحاديث الصحيحة الدالة على هذه الأصول فكثيرة جدّاً
منها : الحديث الصحيح المشهور الذي رواه مسلم في صحيحه من حديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن جبريل عليه السلام سأل النبي صلى الله وعليه وسلم عن الإيمان
فقال له : الإيمان : أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره . الحديث ، وأخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة .
وهذه الأصول الستة يتفرع عنها جميع ما يجب على المسلم اعتقاده في حق الله سبحانه ، وفي أمر المعاد ، وغير ذلك من أمور الغيب .
3. الإيمان بالله سبحانه : ويشمل الإيمان بأنه الإله الحق المستحق للعبادة دون كل ما سواه لكونه خالق العباد ، والمحسن إليهم
والقائم بأرزاقهم والعالم بسرِّهم وعلانيتهم ، والقادر على إثابة مطيعهم ، وعقاب عاصيهم، ولهذه العبادة خلق الله الثقلين وأمرهم .
وحقيقة هذه العبادة : هي إفراد الله سبحانه بجميع ما تعبّد العباد به ، من دعاء ، وخوف ، ورجاء ، وصلاة ، وصوم ، وذبح ، ونذر
وغير ذلك من أنواع العبادة ، على وجه الخضوع له ، والرغبة ، والرهبة ، مع كمال الحب له سبحانه ، والذل لعظمته .
ومن الإيمان بالله أيضاً : الإيمان بجميع ما أوجبه على عباده
وفرضه عليهم ، من أركان الإسلام الخمسة الظاهرة وهي : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمَّداً رسول الله ، وإقام الصلاة
وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلاً ، وغير ذلك من الفرائض التي جاء بها الشرع المطهر .
وأهم هذه الأركان وأعظمها : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمَّداً رسول الله ، فشهادة أن لا إله إلا الله تقتضي إخلاص العبادة لله وحده
ونفيها عما سواه ، وهذا هو معنـى لا إله إلا الله ، فإن معناها : لا معبـود بحـق إلا الله ، فكل ما عبد من دون الله من بشر أو ملك أو جني أو غيـر ذلك
: فكله معبود بالباطل ، والمعبود بالحق هو الله وحده
كما قال سبحانه : ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ ) الحج/ 62 .
ومن الإيمان بالله أيضاً : الإيمان بأسمائه الحسنى ، وصفاته العليا الواردة في كتابه العزيز ، والثابتة عن رسوله الأمين ، من غير تحريف ، ولا تعطيل ، ولا تكييف
ولا تمثيل ، بل يجب أن تُمرَّ كما جاءت به ، بلا كيف ، مع الإيمان بما دلت عليه من المعاني العظيمة التي هي أوصاف الله عز وجل ، يجب وصفه بها على الوجه اللائق به ، من غير أن يشابه خلقه في شيء من صفاته
كما قال تعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ) الشورى/ 11 .
4. الإيمان بالملائكة : ويتضمن الإيمان بهم إجمالاً ، وتفصيلاً ، فيؤمن المسلم بأن لله ملائكة خلقهم لطاعته ، ووصفهم بأنهم عبَاد مُكرَمون
لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ، ( يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ) الأنبياء/ 28 .
وهم أصناف كثيرة ، منهم الموكلون بحمل العرش ، ومنهم خزنة الجنَّة والنَّار ، ومنهم الموكلون بحفظ أعمال العباد .
ونؤمن على سبيل التفصيل بمن سمى الله ورسوله منهم : كجبريل
وميكائيل ، ومالك خازن النار ، وإسرافيل الموكل بالنفخ في الصور ، وقد جاء ذكره في أحاديث صحيحة
وقد ثبت في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خُلقت الملائكة من نور ، وخُلق الجان من مارج من نار ، وخُلق آدم مما وصف لكم ) أخرجه مسلم في صحيحه .
*عبدالرحمن*
2018-08-16, 17:47
5. الإيمان بالكتب : يجب الإيمان إجمالاً بأن الله سبحانه قد أنزل كتباً على أنبيائه ورسله لبيان حقه والدعوة إليه
كما قال تعالى : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) الآية الحديد/ 25 .
ونؤمن على سبيل التفصيل بما سمى الله منها ، كالتوراة ، والإنجيل ، والزبور ، والقرآن .
والقرآن الكريم هو أفضلها ، وخاتمها ، وهو المهيمن عليها ، والمصدق لها ، وهو الذي يجب على جميع الأمة اتباعه ، وتحكيمه ، مع ما صحت به السنَّة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
؛ لأن الله سبحانه بعث رسوله محمد صلى الله عليه وسلم رسولاً إلى جميع الثقلين ، وأنزل عليه هذا القرآن ليحكم به بينهم وجعله شفاءً لما في الصدور ، وتبيانا لكل شيء
وهدى ورحمة للمؤمنين
كما قال تعالى : ( وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) الأنعام/ 155 .
6. الإيمان بالرسل : يجب الإيمان بالرسل إجمالاً ، وتفصيلاً ، فنؤمن أن الله سبحانه أَرسل إلى عباده رسلاً منهم مبشرين ومنذرين ودعاة إلى الحق
فمن أجابهم : فاز بالسعادة ، ومن خالفهم باء بالخيبة والندامة ، وخاتمهم وأفضلهم هو نبينا محمــد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم
كما قال الله سبحانه : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ ) النحل/ 36 .
ومَن سمَّى الله منهم أو ثبت عن رسول الله تسميته آمنَّا به على سبيل التفصيل والتعيين ، كنوح ، وهود ، وصالح ، وإبراهيم ، وغيرهم ، عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة ، وأزكى التسليم .
7. الإيمان باليوم الآخر ، وأما الإيمان باليوم الآخر فيدخل فيه الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم ما يكون بعد الموت
كفتنة القبر ، وعذابه ، ونعيمه ، وما يكون يوم القيامة من الأهوال ، والشدائد ، والصراط ، والميزان ، والحساب ، والجزاء ، ونشر الصحف بين الناس
فآخذٌ كتابه بيمينه ، وآخذٌ كتابه بشماله أو من وراء ظهره ، ويدخل في ذلك أيضاً : الإيمان بالحوض المورود لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، والإيمان بالجنَّة والنَّار
ورؤية المؤمنين لربهم سبحانه ، وتكليمه إياهم ، وغير ذلك مما جاء في القرآن الكريم والسنَّة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيجب الإيمان بذلك كله
وتصديقه على الوجه الذي بيَّنه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
8. الإيمان بالقدر ، وأما الإيمان بالقدَر فيتضمن الإيمان بأمور أربعة : العلم ، والكتابة ، والخلق ، والمشيئة
و يمكن النظر للتفاصيل علي الرابط التالي
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2135405
9. ويدخل في الإيمان بالله : اعتقاد أن الإيمان قول وعمل ، يزيد بالطاعة ، وينقص بالمعصية ، وأنه لا يجوز تكفير أحد من المسلمين بشيء من المعاصي التي دون الشرك والكفر ، كالزنا ، والسرقة ، وأكل الربا ، وشرب المسكرات
وعقوق الوالدين ، وغير ذلك من الكبائر ، ما لم يستحل ذلك ؛ لقول الله : ( إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ ) النساء/ 48
وما ثبت في الأحاديث المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله يُخرج من النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان .
10. ومن الإيمان بالله : الحب في الله ، والبغض في الله ، والموالاة في الله ، والمعاداة في الله ، فيحب المؤمنُ المؤمنينَ ويواليهم ، ويبغض الكفار ويعاديهم .
وعلى رأس المؤمنين من هذه الأمة : أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأهل السنة والجماعة يحبونهم ،
ويوالونهم ، ويعتقدون أنهم خير الناس بعد الأنبياء لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ) متفق على صحته .
ويعتقدون أن أفضلهم : أبو بكر الصدِّيق ، ثم عمر الفاروق ، ثم عثمان ذو النورين ، ثم علي المرتضى ، رضي الله عنهم أجمعين ، وبعدهم بقية العشرة المبشرين بالجنَّة
ثم بقية الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ، ويمسكون عما شجر بين الصحابة ، ويعتقدون أنهم في ذلك مجتهدون ، من أصاب فله أجران
ومن أخطأ فله أجر ، ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمنين به ، ويتولونهم ، ويتولون أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين ، ويترضون عنهم جميعاً .
ويتبرؤون من طريقة الروافض الذين يبغضون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويسبونهم ، ويغلون في أهل البيت
ويرفعونهم فوق منزلتهم التي أنزلهم الله عز وجل إياها ، كما يتبرؤون من طريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل .
11. وجميع ما ذكرناه هو العقيدة الصحيحة التي بعث الله بها رسوله محمَّداً صلى الله عليه وسلم ، وهي عقيدة الفرقة الناجية ، أهل السنة والجماعة
التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله سبحانه )
وقال صلى الله عليه وسلم : ( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، فقال الصحابة : من هي يا رسول الله ؟
قال : من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي ) ، وهي العقيدة التي يجب التمسك بها ، والاستقامة عليها ، والحذر مما خالفها .
12. وأما المنحرفون عن هذه العقيدة ، والسائرون على ضدها فهم أصناف كثيرة ؛ فمنهم عبَّاد الأصنام والأوثان والملائكة والأولياء والجن والأشجار والأحجار وغيرها
فهؤلاء لم يستجيبوا لدعوة الرسل ، بل خالفوهم ، وعاندوهم ، كما فعلت قريش وأصناف العرب مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وكانوا يسألون معبوداتهم قضاء الحاجات
وشفاء المرضى ، والنصر على الأعداء ، ويذبحون لهم ، وينذرون لهم ، فلما أنكر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك
وأمرهم بإخلاص العبادة لله وحده : استغربوا ذلك وأنكروه ، وقالوا : ( أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ) ص/ 5 .
ثم تغيرت الأحوال ، وغلب الجهل على أكثر الخلق حتى عاد الأكثرون إلى دين الجاهلية ، بالغلو في الأنبياء ، والأولياء ، ودعائهم ، والاستغاثة بهم ، وغير ذلك من أنوع الشرك
ولم يعرفوا معنى لا إله إلا الله كما عرف معناها كفار العرب ، ولم يزل هذا الشرك يتفشى في الناس إلى عصرنا هذا بسبب غلبة الجهل ، وبُعد العهد بعصر النبوة .
13. ومن العقائد الكفرية المضادة للعقيدة الصحيحة ، والمخالفة لما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام : ما يعتقده الملاحدة في هذا العصر من أتباع " ماركس " ، و " لينين "
وغيرهما من دعاة الإلحاد والكفر ، سواء سموا ذلك " اشتراكية " ، أو " شيوعية " ، أو " بعثية " ، أو غير ذلك من الأسماء ، فإن من أصول هؤلاء الملاحدة : أنه لا إله
والحياة مادة ، ومن أصولهم : إنكار المعاد ، وإنكار الجنَّة والنَّار ، والكفر بالأديان كلها ، ومن نظر في كتبهم ودرس ما هم عليه : علَم ذلك يقيناً
ولا ريب أن هذه العقيدة مضادة لجميع الأديان السماوية ، ومفضية بأهلها إلى أسوأ العواقب في الدنيا والآخرة .
14. ومن العقائد المضادة للحق : ما يعتقده بعض الباطنية ، وبعض المتصوفة من أن بعض من يسمونهم بالأولياء يشاركون الله في التدبير ، ويتصرفون في شؤون العالم
ويسمونهم بالأقطاب ، والأوتاد ، والأغواث ، وغير ذلك من الأسماء التي اخترعوها لآلهتهم ، وهذا من أقبح الشرك في الربوبية ، وهو شرٌّ من شرك جاهلية العرب ؛ لأن كفار العرب لم يشركوا في الربوبية
وإنما أشركوا في العبادة ، وكان شركهم في حال الرخاء ، أما في حال الشدة : فيخلصون لله العبادة
كما قال سبحانه : ( فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ) العنكبوت/ 65
أما الربوبية : فكانوا معترفين بها لله وحده
كما قال سبحانه : ( وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ) الزخرف/ 87
وقال تعالى : ( قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ ) يونس/ 31 ، والآيات في هذا المعنى كثيرة .
15. ومن العقائد المضادة للعقيدة الصحيحة في باب الأسماء والصفات : عقائد أهل البدع ، من الجهمية ، والمعتزلة
ومن سلك سبيلهم في نفي صفات الله عز وجل ، وتعطيله سبحانه من صفات الكمال ، ووصفه عز وجل بصفة المعدومات ، والجمادات ، والمستحيلات ، تعالى الله عن قولهم علوّاً كبيراً .
ويدخل في ذلك : مَن نفى بعض الصفات وأثبت بعضها ، كالأشاعرة ، فإنه يلزمهم فيما أثبتوه من الصفات نظير ما فروا منه في الصفات التي نفوها وتأولوا أدلتها
فخالفوا بذلك الأدلة السمعية ، والعقلية ، وتناقضوا في ذلك تناقضاً بيِّناً .
باختصار من رسالة " العقيدة الصحيحة وما يضادها "
للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
والله أعلم.
*عبدالرحمن*
2018-08-16, 18:27
نصوص من الوحي تفيد أن الإسلام دين رباني
السؤال
المرجو حصولي على نصوص قرآنية تفيد أن الإسلام ربّاني المصدر .
الجواب
الحمد لله
أولاً :
لا فرق في الاستدلال والحجية بين القرآن الكريم وبين السنَّة النبويَّة
فكلاهما وحيٌ من الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم
والسنة النبوية تفسر القرآن وتبينه
وقد أمر الله تعالى بالأخذ بما جاء به نبيه صلى الله عليه وسلم ، والانتهاء عما نهى عنه فقال : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) الحشر/7
والسنَّة هي " الحكمة " الواردة في كتاب الله تعالى في آيات كثيرة
منها قوله تعالى ( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ) البقرة/151
وقوله تعالى : ( وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) البقرة/231 .
والذي دعانا لهذا التنبيه ما جاء في السؤال من طلب نصوص قرآنية تفيد ربانية الإسلام ، ولو كان السؤال عن نصوص الوحي أو أدلة من القرآن والسنة لكان أولى وأفضل .
ثانياً :
الإسلام دين ربَّاني ، فهو وحيٌ من الله تعالى ، والقرآن الكريم والسنَّة المطهرة كلاهما من الله تعالى ، وقد جعل الله تعالى هذا الدين خاتماً للأديان ، وجعل نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين .
وكل محاولة للقضاء على الإسلام ، أو لتحريفه أو تبديله من الكفار والملحدين فستبوء بالفشل والخسران ؛ لأن الله تعالى تكفَّل بحفظ دينه كتاباً وسنَّة .
ويكفي هذا دليلاً على ربانية الإسلام ، ومن اطلع على محاولات القضاء على الإسلام والنيل من القرآن وتحريف السنَّة ، واطلع على حفظ الله تعالى لدينه :
علم أن هذا الدين لو كان مصدره البشر وعقولهم وأفكارهم لكان الآن في المجهول ، لكن أبى الله تعالى إلا أن يتكفل بحفظ دينه ، بل بشرنا بظهوره على الأديان كلها ، وانتشاره في الآفاق .
وإليكِ بعض النصوص القرآنية التي تفيد أن الإسلام رباني المصدر :
1. قال تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا ) المائدة/3 .
2. قال تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) الحِجر/9 .
3. قال تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ) آل عمران/81 .
4. قال تعالى : ( أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ) آل عمران/83 .
5. قال تعالى : ( قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ ) الأنعام/50 .
6. قال تعالى : ( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآَنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ . قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ ) يونس/15، 16 .
7. قال تعالى : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) النحل/44 ، وهذا دليل على أن السنة من مصادر التشريع الرباني .
8. قال تعالى : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ) الحديد/25 .
9. قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ) النساء/174 .
10. قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) يونس/57 .
11. قال تعالى : ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ . صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ ) الشورى/52 ، 53 .
12- قال تعالى : ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى ) النجم / 1-4
13- وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) المائدة/67
والآيات في بيان هذا الأصل كثيرة جدا ، ننصحك بأن تتدبري كتاب الله تعالى بنفسك ، أثناء قراءتك له ، وسوف تجدين في هذا ما تطلبين وأكثر إن شاء الله تعالى
مع استعانتك ببعض التفاسير الموثوقة ، كتفسير ابن كثير ، أو ابن سعدي ، ونحوهما .
وقد جاء في سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ربانية الإسلام ، وأن مصدره من الله عز وجل ، وأن النبي صلى الله عليه ليس إلا مبلغ عن ربه تعالى ما يوحيه له ، ومنها :
1. عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَلا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ ) رواه أبو داود (4604) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".
2. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا أُعْطِيكُمْ وَلا أَمْنَعُكُمْ إِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ أَضَعُ حَيْثُ أُمِرْتُ ) .رواه البخاري ( 2949 ) .
3. عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْبُلْدَانِ شَرٌّ ؟ قَالَ : فَقَالَ : لا أَدْرِي ، فَلَمَّا أَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ
: يَا جِبْرِيلُ أَيُّ الْبُلْدَانِ شَرٌّ ؟ قَالَ : لا أَدْرِي حَتَّى أَسْأَلَ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ
فَانْطَلَقَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلام ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ سَأَلْتَنِي أَيُّ الْبُلْدَانِ شَرٌّ فَقُلْتُ لا أَدْرِي ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَيُّ الْبُلْدَانِ شَرٌّ ؟ فَقَالَ : أَسْوَاقُهَا .
رواه أحمد ( 16302 ) وصححه الألباني في " صحيح الترغيب " ( 325 ) .
4. عَنْ جَابِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، فَإِذَا قَالُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ ، ثُمَّ قَرَأَ ( إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ . لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ ) ) .
رواه البخاري ( 2786 ) ومسلم ( 21 ) .
5- وفي حديث أبي سفيان الطويل مع هرقل ، وهو حديث جليل ، عظيم الفوائد ، وفيه أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ
وَكَانُوا تِجَارًا بِالشَّأْمِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ ، فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسِهِ وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ ، ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ فَقَالَ : أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ؟!
فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : فَقُلْتُ أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا ؟
فَقَالَ : أَدْنُوهُ مِنِّي وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ ، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ : قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ !! )
وكان من جملة هذه الأسئلة الحكيمة التي طرحها هرقل على أبي سفيان أن قال :
( فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ ؟! )
فقال أبو سفيان : ( قُلْتُ : لا !!)
وفي نهاية أسئلته ، بين هرقل لأبي سفيان مراده بكل سؤال سأله ، فقال في هذا السؤال :
( وَسَأَلْتُكَ : هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ : لا ؛ فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ .. )
رواه البخاري (7) ومسلم (1773) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-08-16, 18:33
العقيدة الإسلامية منهج عملي جاد
والكتب المهمة في العقيدة
السؤال
هل العقيدة الإسلامية منهج نظري أم منهج عملي جاد ؟
ما هي الكتب التي يرجع إليها لتعلم العقيدة ؟
كيف يمكن تطبيق العقيدة في ظل هذا الواقع ؟ ما هي طرق تعلم العقيدة ؟
هل عمل شيء من الإسلام وعدم عمل شيء آخر ( يصلي ولا يزكي أو لا يغض البصر وما ينتج عنه ) يعتبر هذا خللا في العقيدة ؟ هل المسلمون اليوم بحاجة إلى من يعلمهم العقيدة ؟
الرجاء بث بعض التعليمات لمن أراد أن يتعلم العقيدة الصحيحة على منهج الصحابة رضوان الله عليهم.
الجواب
الحمد لله
أولاً :
العقيدة الإسلامية ليست منهجا نظريا فلسفيا ، بل هي منهج عملي جاد ، فالعمل ركن ركين في هذه العقيدة ، ولهذا اتفق أهل السنة على أن الإيمان قول وعمل ، أو قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالجوارح والأركان .
فمن آمن بالله تعالى ربا وإلها ، عبده وأطاعه بالصلاة والزكاة ونحوها .
ومن آمن باليوم الآخر وما فيه من حساب وجزاء ، دعاه ذلك إلى فعل ما أمر الله به وترك ما نهى عنه .
ومن آمن بأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قاده ذلك إلى طاعته وتطبيق سنته ، ونشر ملته .
وهكذا تترجم المبادئ التي يعتقدها الإنسان إلى أعمال وأقوال ، وسعي ، واجتهاد . وكلما زاد الإيمان في القلب زادت آثاره على الجوارح .
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) رواه البخاري (52) ومسلم (1599).
وقال الحسن البصري رحمه الله : " ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ، ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل " .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
( فإذا كان القلب صالحا بما فيه من الإيمان علما وعملا قلبيا لزم ضرورةً صلاح الجسد بالقول الظاهر والعمل بالإيمان المطلق ، كما قال أئمة أهل الحديث : قول وعمل ، قول باطن وظاهر
وعمل باطن وظاهر ، والظاهر تابع للباطن لازم له ، متى صلح الباطن صلح الظاهر ، وإذا فسد فسد ، ولهذا قال من قال من الصحابة عن المصلى العابث : لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه ).
اهـ مجموع الفتاوى (7/187)
ثانياً :
وأما الكتب التي يرجع إليها في العقيدة فكثيرة ، وأعظمها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ففيهما العصمة والنجاة لمن تمسك بهما . وقد اهتم العلماء ببيان العقيدة الصحيحة ونشرها
وألفوا لذلك ما لا يحصى من الكتب ، ومن أشهر هذه المؤلفات
: السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل
والتوحيد لابن خزيمة
وشرح أصول اعتقاد أهل السنة لللالكائي
وعقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني
والعقيدة الواسطية لابن تيمية
والعقيدة الطحاوية وشرحها لابن أبي العز الحنفي
ولوامع الأنوار البهية للسفاريني
ومعارج القبول لحافظ حكمي
والإرشاد إلى صحيح الاعتقاد للشيخ صالح الفوزان ، وهذا الأخير كتاب سهل مبسط نافع .
ثالثاً :
وأما تطبيق العقيدة في هذا الواقع ، فيكون بتعلمها ، ونشرها ، والدعوة إليها ، والرد على مخالفيها بالحكمة والموعظة الحسنة ، فبهذا تنتشر العقيدة ، وتظهر آثارها ، وينعم الناس في ظلالها.
رابعاً :
وأما طرق تعلم العقيدة ، فبالتلقي المباشر عن أهلها العالمين بها ، العاملين بمقتضاها ، وهذا هو الطريق الأسلم والأنفع
لمن تيسر له ذلك . وأما من كان بعيدا عن أهل العلم فعليه الرجوع إلى شروحهم ومؤلفاتهم وأشرطتهم ، مع السؤال عما أشكل وغمض فهمه عليه .
خامساً :
إذا عمل الإنسان بعض شرائع الإسلام وترك البعض الآخر ، بأن ترك بعض الواجبات أو فعل بعض المحرمات ، كان ذلك نقصا في إيمانه ، وضعفا في يقينه ومحبته لربه ودينه ، وهذا خلل في العقيدة ولا شك .
ولذلك كان من أصول أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، وقد يكون هذا النقص والخلل مزيلاً للإيمان بالكلية ، فيصير صاحبه مرتداً عن الإسلام ، كما لو ترك الصلاة
وأما المعاصي التي لا تصل إلى حد الكفر ، كمنع الزكاة الواجبة ، أو إطلاق البصر المحرم ونحو ذلك فهذه ينقص بها الإيمان .
سادساً :
المسلمون بحاجة إلى من يوضح لهم العقيدة الصحيحة الصافية ، المبنية على الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح ، وذلك لوجود الجهل ، وانتشار البدع والخرافات ، والمذاهب الفكرية المنحرفة .
فالواجب على كل مسلم أن ينصح لنفسه أولا بتعلم العقيدة الصحيحة ، وتلقيها من مصادرها المأمونة ، ثم نشرها وتعليمها للناس
عن طريق الدروس والمحاضرات ، والكتب والنشرات والمجلات ، قياما بواجب البلاغ والبيان ، كما قال سبحانه : ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ ) آل عمران/187
وقال : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) آل عمران/104
وقال : ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) يوسف/108
والله تعالى أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-08-19, 07:44
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
جهاد المنافقين
السؤال
لا تزال رؤوس المنافقين تطل بين الحين والحين ، كلما سنحت لهم الفرصة ، من أجل الطعن في شيء من ثوابت الأمة ، أو التشكيك في مسلماتها ، وسلخ المجتمع من هويته الإسلامية
فما واجبنا نحو هؤلاء ، وكيف نصون الأمة عن شرهم ؟.
الجواب
الحمد لله
لا ريب أن هذه البلية لا تزال الأمة تعاني منها في كل حين وحين ، ولا سيما حينما تحل المحن والنكبات بالأمة ، ويأمن هؤلاء المنافقون من أخذهم بالعقوبة إن هم طعنوا في أصول هذا الدين ، وأطلعوا رؤوس فتنتهم .
ولا شك أن ضرر هؤلاء أعظم من ضرر الكفار المعلنين بكفرهم ، كما قال الله تعالى في أمثالهم : ( هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) المنافقون/4 .
ولأجل ذلك جاء الشرع بجهادهم ، والحث على الغلظة عليهم .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في شأن النصيرية ، وفيهم من يظهر الكفر والإلحاد وفيهم من يظهر محبة آل البيت نفاقاً :
( لا ريب أن جهاد هؤلاء وإقامة الحدود عليهم من أعظم الطاعات وأكبر الواجبات ، وهو أفضل من جهاد من لا يقاتل المسلمين من المشركين وأهل الكتاب ؛ فإن جهاد هؤلا هؤلاء من جنس جهاد المرتدين
والصديق وسائر الصحابة بدؤوا بجهاد المرتدين قبل جهاد الكفار من أهل الكتاب ؛ فإن جهاد هؤلاء حفظ لما فتح من بلاد المسلمين
وأن يدخل فيه من أراد الخروج عنه ، وجهاد من لم يقاتلنا من المشركين وأهل الكتاب من زيادة إظهار الدين ؛ وحفظ رأس المال مقدم على الربح .
وأيضا فضرر هؤلاء على المسلمين أعظم من ضرر أولئك ، بل ضرر هؤلاء من جنس ضرر من يقاتل المسلمين من المشركين وأهل الكتاب
وضررهم في الدين على كثير من الناس أشد من ضرر المحاربين من المشركين وأهل الكتاب ، ويجب على كل مسلم أن يقوم في ذلك بحسب ما يقدر عليه من الواجب
فلا يحل لأحد أن يكتم ما يعرفه من أخبارهم ، بل يفشيها ويظهرها ليعرف المسلمون حقيقة حالهم ، ولا يحل لأحد أن يعاونهم على بقائهم في الجند والمستخدمين
ولا يحل لأحد السكوت عن القيام عليهم بما أمر الله به ورسوله ، ولا يحل لأحد أن ينهى عن القيام بما أمر الله به ورسوله
فإن هذا من أعظم أبواب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والجهاد في سبيل الله تعالى ، وقد قال الله تعالى لنبيه
( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ) التوبة/73 ، وهؤلاء لا يخرجون عن الكفار والمنافقين . والمعاون على كف شرهم وهدايتهم بحسب الإمكان له من الأجر والثواب ما لا يعلمه إلا الله تعالى
فإن المقصود بالقصد الأول هو هدايتهم ، كما قال الله تعالى : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) آل عمران/110 .
قال أبو هريرة : كنتم خير الناس للناس ، تأتون بهم في القيود والسلاسل حتى تدخلوهم الإسلام [ البخاري 4557 بنحوه ] .
فالمقصود بالجهاد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر هداية العباد لمصالح المعاش والمعاد ، بحسب الإمكان فمن هداه الله سعد في الدنيا والآخرة ، ومن لم يهتد كف الله ضرره عن غيره ) .
[ مجموع الفتاوى 35/159-160] .
ويقول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى :
( الواجب على الأمة الإسلامية أن تقابل كل سلاح يصوب نحو الإسلام بما يناسبه ، فالذين يحاربون الإسلام بالأفكار والأقوال يجب أن يبين بطلان ما هم عليه بالأدلة النظرية العقلية
إضافة إلى الأدلة الشرعية ، حتى يتبين بطلان ما هم عليه .
والذين يحاربون الإسلام من الناحية الاقتصادية يجب أن يدافعوا ، بل أن يُهاجموا إذا أمكن بمثل ما يحاربون به الإسلام ، ويبين أن أفضل طريقة لتقويم الاقتصاد على وجه عادل هي طريقة الإسلام
والذين يحاربون الإسلام بالأسلحة ، يجب أن يقاوموا بما يناسب تلك الأسلحة ، ولهذا قال الله تعالى :
( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) التوبة/73 .
ومن المعلوم أن جهاد المنافقين ليس كجهاد الكفار ، لأن جهاد المنافقين يكون بالعلم والبيان ، وجهاد الكفار يكون بالسيف والسهام ) .
[ فتاوى علماء البلد الحرام ص 1733 ].
*عبدالرحمن*
2018-08-19, 07:50
مراتب الدين الإسلامي
السؤال
هل للدين الإسلامي مراتب ، وما هي مراتبه ؟.
الجواب
الحمد لله
وبعد : فإن للدين الإسلامي ثلاث مراتب وهي : الإسلام ، والإيمان ، والإحسان . وكل مرتبة لها معنى ، ولها أركان .
فالمرتبة الأولى : الإسلام وهو لغة : الانقياد والإذعان .
وأما في الشرع : فيختلف معناه بحسب إطلاقه وله حالتان :
الحالة الأولى : أن يطلق مفرداً غير مقترن بذكر الإيمان فهو حينئذ يراد به الدين كله أصوله وفروعه من اعتقاداته وأقواله وأفعاله ، كقوله تعالى : ( إن الدين عند الله الإسلام ) آل عمران/19
وقوله تعالى : ( ورضيت لكم الإسلام دينا ) المائدة/3 ، وقوله : ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ) آل عمران/85 .
ولذا عرفه بعض أهل العلم بقوله : هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله .
الحالة الثانية : أن يطلق مقترنا بالإيمان فهو حينئذ يراد به الأعمال والأقوال الظاهرة كقوله تعالى : ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ) الحجرات/14
وفي صحيح البخاري ( 27 ) ومسلم ( 150 ) عن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى رَهْطًا وَسَعْدٌ جَالِسٌ فِيهِمْ قَالَ سَعْدٌ :
فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُعْطِهِ وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ . فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ ؟ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَوْ مُسْلِمًا" قَالَ :
فَسَكَتُّ قَلِيلا ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ ؟
فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَرَاهُ مُؤْمِنًا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "أَوْ مُسْلِمًا" قَالَ : فَسَكَتُّ قَلِيلا ثُمَّ غَلَبَنِي مَا عَلِمْتُ مِنْهُ ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : مَا لَكَ عَنْ فُلانٍ ؟ فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَرَاهُ مُؤْمِنًا .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَوْ مُسْلِمًا إِنِّي لأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ "
فقوله صلى الله عليه وسلم : "أو مسلما " ؛ لما قال له سعد رضي الله عنه مالك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنا : يعني أنك لم تطلع على إيمانه وإنما اطلعت على إسلامه من الأعمال الظاهرة .
والمرتبة الثانية : الإيمان وهو في اللغة : التصديق المستلزم للقبول والإذعان .
وفي الشرع : يختلف معناه بحسب إطلاقه وله حالتان أيضا :
الحالة الأولى : أن يطلق على الإفراد غير مقترن بذكر الإسلام فحينئذ يراد به الدين كله كقوله عز وجل : ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ) البقرة /257
وقوله تعالى : ( وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ) المائدة/23
وقوله صلى الله عليه وسلم : " إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون " أخرجه مسلم ( 114 ) . ولهذا أجمع السلف على أنه : " تصديق بالقلب ـ ويدخل فيه أعمال القلب
وقول باللسان ، وعمل بالجوارح ، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية "
ولهذا حصر الله الإيمان فيمن التزم الدين كله باطنا وظاهرا
في قوله عز وجل : ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم ) الأنفال/2-4
وقد فسر الله تعالى الإيمان بذلك كله
في قوله تعالى : ( ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون ) البقرة/177
وفسره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كله في حديث وفد عبد القيس في صحيح البخاري ( 53 ) ومسلم ( 17 ) فقال : " آمركم بالإيمان بالله وحده قال : أتدرون ما الإيمان بالله وحده ؟
قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة وصيام رمضان ، وأن تؤدوا من المغنم الخمس " .
وقد جعل صلى الله عليه وسلم صيام رمضان إيمانا واحتسابا من الإيمان وكذا قيام ليلة القدر وكذا أداء الأمانة وكذا الجهاد والحج واتباع الجنائز وغير ذلك وفي صحيح البخاري ( 9) ومسلم ( 35 ) :
" الإيمان بضع وسبعون شعبة فأعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق " والآيات والأحاديث في هذا الباب يطول ذكرها .
والحالة الثانية : أن يطلق الإيمان مقرونا بالإسلام وحينئذ يفسر بالاعتقادات الباطنة كما في حديث جبريل وما في معناه وكما في قول النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء الجنازة :
"اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان " أخرجه الترمذي ( 1024 ) وقال : حسن صحيح
وصححه الألباني كما في صحيح سنن الترمذي ( 1 / 299 ) وذلك أن الأعمال بالجوارح وإنما يتمكن منها في الحياة فأما عند الموت فلا يبقى غير قول القلب وعمله .
والحاصل أنه إذا أفرد كل من الإسلام والإيمان بالذكر فلا فرق بينهما حينئذ بل كل منهما على انفراده يشمل الدين كله وإن فرق بين الاسمين كان الفرق بينهما بما ذكر ( وهو أي الإسلام يختص بالأمور الظاهرة على الجوارح والإيمان
بالأمور القلبية الباطنة ) وهو الذي دل عليه حديث جبريل الذي رواه مسلم في صحيحه ( 8 )
عن عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ لا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ
وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ وَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنْ الإِسْلامِ ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
\
" الإِسْلامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتُقِيمَ الصَّلاةَ ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ ، وَتَصُومَ رَمَضَان ،َ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنْ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلا . قَالَ : صَدَقْتَ . قَالَ : فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ .
قَالَ : فَأَخْبِرْنِي عَنْ الإِيمَانِ . قَالَ : " أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ " قَالَ : صَدَقْتَ . قَالَ : فَأَخْبِرْنِي عَنْ الإِحْسَانِ ؟ قَالَ : أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ
فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ . قَالَ : فَأَخْبِرْنِي عَنْ السَّاعَةِ ؟ قَالَ : "مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ" قَالَ : فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا ؟
قَالَ : " أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ " قَالَ : ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا ، ثُمَّ قَالَ لِي:" يَا عُمَرُ أَتَدْرِي مَنْ السَّائِلُ " ؟
قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : " فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ"
والمرتبة الثالثة : الإحسان وهو في اللغة : إجادة العمل وإتقانه وإخلاصه .
وفي الشرع يختلف معناه بحسب إطلاقه وله حالتان :
الحالة الأولى : أن يطلق على سبيل الإفراد غير مقترن بذكر الإسلام والإيمان ، فيراد به الدين كله كما سبق في الإسلام والإيمان .
الحالة الثانية : أن يقترن بهما أو أحدهما فيكون معناه : تحسين الظاهر والباطن وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم تفسيراً لا يستطيعه أحد من المخلوقين غيره صلى الله عليه وسلم لما أعطاه الله من جوامع الكلم
فقال صلى الله عليه وسلم : " الإحسان : أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" وهي أعلى مراتب الدين وأعظمها خطرا وأهلها هم السابقون بالخيرات المقربون في أعلى الدرجات .
وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن مرتبة الإحسان على درجتين وأن للمحسنين في الإحسان مقامين متفاوتين :
المقام الأول وهو أعلاهما : أن تعبد الله كأنك تراه وهذا يسميه بعض العلماء (مقام المشاهدة ) وهو أن يعمل العبد كأنه يشاهد الله عز وجل بقلبه فيتنور القلب بالإيمان حتى يصير الغيب كالعيان فمن عبد الله عز وجل
على استحضار قربه منه وإقباله عليه وأنه بين يديه كأنه يراه أوجب له ذلك الخشية والخوف والهيبة والتعظيم .
المقام الثاني : مقام الإخلاص [والمراقبة ] وهو أن يعمل العبد على استحضار مشاهدة الله إياه واطلاعه عليه وقربه منه فإذا استحضر العبد هذا في عمله وعمل عليه فهو مخلص لله تعالى
لأن استحضاره ذلك في عمله يمنعه من الالتفات إلى غير الله ، وإرادته بالعمل . وهذا المقام إذا حققه العبد سهل عليه الوصول إلى المقام الأول .
ولهذا أتى به النبي صلى الله عليه وسلم تعليلا للأول فقال : " فإن لم تكن تراه فإنه يراك " وفي بعض ألفاظ الحديث : " فإنك إلا تكن تراه فإنه يراك"
فإذا تحقق في عبادته بأن الله تعالى يراه ويطلع على سره وعلانيته وباطنه وظاهره ولا يخفى عليه شيء من أمره فحينئذ يسهل عليه الانتقال إلى المقام الثاني
وهو دوام استشعار قرب الله تعالى من عبده ومعيته حتى كأنه يراه . نسأل الله من فضله العظيم .
يراجع معارج القبول للشيخ حافظ الحكمي ( 2 / 20 – 33 ، 326 – 328 )
( المجموع الثمين 1 / 49 ، 53 ) ( جامع العلوم والحكم 1/ 106 ).
*عبدالرحمن*
2018-08-19, 07:54
أقسام العبودية
السؤال
أقرأ في بعض الآيات ما يدل على أن عباد الرحمن هم المؤمنون فقط مثل قوله تعالى : ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ) الفرقان/63 ، وفي بعضها الآخر ما يدل على أن جميع الناس عباد الله
كقوله تعالى : ( إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً ) مريم/93 فكيف نجمع بين الآيتين ؟.
الجواب
الحمد لله
اعلم أرشدك الله لطاعته أن العبودية نوعان :عبودية خاصة ، وعبودية عامة .
فالعبودية الخاصة هي :
عبودية المحبة والانقياد والطاعة التي يشرف بها العبد ويعظم ،وهي التي وردت في مثل قول الله تعالى : ( الله لطيف بعباده ) الشورى/19
وقوله : ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً ) الفرقان/63 ، وهذه العبودية خاصة بالمؤمنين الذين يطيعون الله تعالى ، لا يشاركهم فيها الكفار الذين خرجوا عن شرع الله تعالى وأمره ونهيه
والناس يتفاوتون في هذه العبودية تفاوتاً عظيما ؛ فكلما كان العبد محباً لله متبعاً لأوامره منقاداً لشرعه كان أكثر عبودية . وأعظم الناس تحقيقاً لهذا المقام هم الأنبياء والرسل
وأعظمهم على الإطلاق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولهذا لم يرد ذكر أحد بوصف بالعبودية المجردة في القرآن إلا هو عليه الصلاة والسلام فذكره الله بوصف العبودية في أشرف المقامات كمقام الوحي
فقال سبحانه : ( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً ) الكهف/1
وفي مقام الإسراء فقال جل شأنه : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ) الإسراء/1
وفي مقام الدعوة فقال تعالى : ( وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبداً ) الجن/19 إلى غير ذلك من الآيات .
فالشرف كل الشرف في استكمال هذه العبودية وتحقيقها ولا يكون ذلك إلا بتمام الافتقار إلى الله تعالى ، وتمام الاستغناء عن الخلق
وذلك لا يتأتى إلا بأن يجمع الإنسان بين محبة الله تعالى والخوف منه ورجاءِ فضله وثوابه .
وأما العبودية العامة :
فهذه لا يخرج عنها مخلوق وتسمى عبودية القهر فالخلق كلهم بهذا المعنى عبيد لله يجري فيهم حكمه ، و ينفذ فيهم قضاؤه
لا يملك أحد لنفسه ضراً ولا نفعاً إلا بإذن ربه ومالكه المتصرف فيه . وهذه العبودية هي التي جاءت في مثل قوله تعالى : ( إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً ) مريم/93
وهذه العبودية لا تقتضي فضلاً ولا تشريفاًُ ، فمن أعرض عن العبودية الخاصة فهو مأسور مقهور بالعبودية العامة فلا يخرج عنها بحال من الأحوال .
فالخلق كلهم عبيد لله فمن لم يعبد الله باختياره فهو عبد له بالقهر والتذليل والغلبة .
نسأل الله أن يجعلنا من عباده المخلَصين وأوليائه المقربين ، إنه سميع قريب مجيب . والله أعلم وأحكم .
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
يراجع ( مفاهيم ينبغي أن تصحح للشيخ محمد قطب 20- 23 ، 174- 182 )
و ( العبودية لشيخ الإسلام ابن تيمية ) .
*عبدالرحمن*
2018-08-19, 08:02
شروط العبادة في الإسلام
السؤال
ما هي شروط العبادة الصحيحة في الإسلام ؟.
الجواب
الحمد لله
قال الشيخ الفقيه محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله تعالى :
أولا : أن تكون العبادة موافقة للشريعة في ( سببها ) فأي إنسان يتعبد لله بعبادة مبنية على سبب لم يثبت بالشرع فهي عبادة مردودة ، ليس عليها أمر الله ورسوله
ومثال ذلك الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك الذين يحتفلون بليلة السابع والعشرين من رجب يدّعون أن النبي صلى الله عليه وسلم عرج به في تلك الليلة فهو غير موافق للشرع مردود .
1 - لأنه لم يثبت من الناحية التاريخية أن معراج الرسول صلى الله عليه وسلم كان ليلة السابع والعشرين
وكتب الحديث بين أيدينا ليس فيها حرف واحد يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم عرج به في ليلة السابع والعشرين من رجب ومعلوم أن هذا من باب الخبر الذي لا يثبت إلا بالأسانيد الصحيحة .
2 - وعلى تقدير ثبوته فهل من حقنا أن نحدث فيه عبادة أو نجعله عيدا ؟ أبدا . ولهذا لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ورأى الأنصار لهم يومان يلعبون فيهما قال :
( إن الله أبدلكم بخير منهما ) وذكر لهم عيد الفطر وعيد الأضحى وهذا يدل على كراهة النبي صلى الله عليه وسلم لأي عيد يحدث في الإسلام سوى الأعياد الإسلامية وهي ثلاثة
عيدان سنويان وهما عيد الفطر والأضحى وعيد أسبوعي وهو الجمعة . فعلى تقدير ثبوت أن الرسول صلى الله عليه وسلم عرج به ليلة السابع والعشرين من رجب - وهذا دونه خرط القتاد
لا يمكن أن نحدث فيه شيئا بدون إذن من الشارع .
وكما قلت لكم إن البدع أمرها عظيم وأثرها على القلوب سيئ حتى وإن كان الإنسان في تلك اللحظة يجد من قلبه رقة ولينا فإن الأمر سيكون بعد ذلك بالعكس قطعا
لأن فرح القلب بالباطل لا يدوم بل يعقبه الألم والندم والحسرة وكل البدع فيها خطورة لأنها تتضمن القدح في الرسالة ، لأن مقتضى هذه البدعة أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يتم الشريعة
مع أن الله سبحانه وتعالى يقول : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) . والغريب أن بعض المبتلين بهذه البدع تجدهم يحرصون غاية الحرص على تنفيذها
مع أنهم متساهلون فيما هو أنفع وأصح وأجدى .
لذلك نقول إن الاحتفال ليلة سبع وعشرين على أنها الليلة التي عرج فيها برسول الله صلى الله عليه وسلم هذه بدعة ؛ لأنها بنيت على سبب لم يأت به الشرع .
ثانيا : أن تكون العبادة موافقة للشريعة في ( جنسها )
مثل أن يضحي الإنسان بفرس ، فلو ضحى الإنسان بفرس ، كان بذلك مخالفا للشريعة في جنسها . ( لأن الأضحية لا تكون إلا من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم ) .
ثالثا : أن تكون العبادة موافقة للشريعة في ( قدرها ) لو أن أحدا من الناس قال إنه يصلي الظهر ستا ، فهل هذه العبادة تكون موافقة للشريعة ؟
كلا ؛ لأنها غير موافقة لها في القدر . ولو أن أحدا من الناس قال سبحان الله والحمد لله والله أكبر خمسا وثلاثين مرة دبر الصلاة المكتوبة فهل يصح ذلك ؟
فالجواب : إننا نقول إن قصدت التعبد لله تعالى بهذا العدد فأنت مخطئ ، وإن قصدت الزيادة على ما شرع الرسول صلى الله عليه وسلم
ولكنك تعتقد أن المشروع ثلاثة وثلاثون فالزيادة لا بأس بها هنا ، لأنك فصلتها عن التعبد بذلك .
رابعا : أن تكون العبادة موافقة للشريعة في ( كيفيتها )
لو أن الإنسان فعل العبادة بجنسها وقدْرها وسببها ، لكن خالف الشرع في كيفيتها ، فلا يصح ذلك . مثال ذلك : رجل أحدث حدثا أصغر
وتوضأ لكنه غسل رجليه ثم مسح رأسه ، ثم غسل يديه ، ثم غسل وجهه ، فهل يصح وضوؤه ؟ كلا لأنه خالف الشرع في الكيفية .
خامسا : أن تكون العبادة موافقة للشريعة في ( زمانها )
مثل أن يصوم الإنسان رمضان في شعبان ، أو في شوال ، أو أن يصلي الظهر قبل الزوال ، أو بعد أن يصير ظل كل شيء مثله
لأنه إن صلاها قبل الزوال صلاها قبل الوقت ، وإن صلى بعد أن يصير ظل كل شيء مثله ، صلاها بعد الوقت فلا تصح صلاته .
ولهذا نقول إذا ترك الإنسان الصلاة عمدا حتى خرج وقتها بدون عذر فإن صلاته لا تقبل منه حتى لو صلى ألف مرة . وهنا نأخذ قاعدة مهمة في هذا الباب وهي كل عبادة مؤقتة
إذا أخرجها الإنسان عن وقتها بدون عذر فهي غير مقبولة بل مردودة .
ودليل ذلك حديث عائشة رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد .
سادسا : أن تكون العبادة موافقة للشريعة في ( مكانها )
فلو أن إنسانا وقف في يوم عرفة بمزدلفة ، لم يصح وقوفه ، لعدم موافقة العبادة للشرع في مكانها . وكذلك على سبيل المثال لو أن إنسانا اعتكف في منزله
فلا يصح ذلك ؛ لأن مكان الاعتكاف هو المسجد ، ولهذا لا يصح للمرأة أن تعتكف في بيتها ؛ لأن ذلك ليس مكانا للاعتكاف
. والنبي صلى الله عليه وسلم لما رأى بعض زوجاته ضربن أخبية لهن في المسجد أمر بنقض الأخبية وإلغاء الاعتكاف
ولم يرشدهن إلى أن يعتكفن في بيوتهن وهذا يدل على أنه ليس للمرأة اعتكاف في بيتها لمخالفة الشرع في المكان .
فهذه ستة أوصاف لا تتحقق المتابعة إلا باجتماعها في العبادة :
1- سببها .
2- جنسها .
3- قدرها .
4- كيفيتها .
5- زمانها .
6- مكانها .
انتهى .
*عبدالرحمن*
2018-08-19, 08:06
أعمال تُخرج صاحبها من الإسلام
السؤال
ما هي الأعمال التي إذا عملها المسلم يكون مرتداً عن الإسلام ؟.
الجواب
الحمد لله
قال الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله :
اعلم أيها المسلم أن الله *سبحانه* أوجب على جميع العباد الدخول في الإسـلام والتمسك به والحـذر مما يخالفه، وبعث نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم للدعوة إلى ذلك ، وأخبر عزّ وجلّ أن من اتبعه فقد اهتدى
ومن أعرض عنه فقد ضل ، وحذر في آيات كثيرات من أسباب الردة، وسائر أنواع الشرك والكفر ، وذكر العلماء *رحمهم الله* في باب حكم المرتد
أن المسلم قد يرتد عن دينه بأنواع كثيرة من النواقض التي تحل دمه وماله ، ويكون بها خارجاً عن الإسلام ، ومن أخطرها وأكثرها وقوعاً عشرة نواقض ذكرها الشيخ محمد بن عبد الوهاب وغيره من أهل العلم *رحمهم الله جميعاً*
ونذكرها لك فيما يلي على سبيل الإيجاز ، لتَحْذَرَها وتُحَذِّر منها غيرك ، رجاء السلامة والعافية منها ، مع توضيحات قليلة نذكرها بعدها :
الأول :
الشرك في عبادة الله تعالى ، قال الله تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يٌشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) النساء / 116
وقال تعالى :( إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ) المائدة / 72 ، ومن ذلك دعاء الأموات ، والاستغاثة بهم ، والنذر والذبح لهم كمن يذبح للجن أو للقبر .
الثاني :
من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ، ويسألهم الشفاعة ، ويتوكل عليهم ، فقد كفر إجماعاً .
الثالث :
من لم يُكَفِّر المشركين ، أو شَكَّ في كفرهم ، أو صحّح مذهبهم كفر .
الرابع :
من اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه ، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه ، كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه فهو كافر .
الخامس :
من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به فقد كفر ، لقوله تعالى : ( ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم ) محمد / 9 .
السادس :
من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أو ثوابه ، أو عقابه كفر، والدليل قوله تعالى : ( قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) التوبة / 65 و 66 .
السابع :
السحر ومنه الصرف والعطف ، فمن فعله أو رضي به كفر، والدليل قوله تعالى : ( وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ) البقرة / 102 .
الثامن :
مظاهـرة المشـركين ومعاونتهـم على المسـلمين، والدليـل قولـه تعالى : ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين) المائدة / 51 .
التاسع :
من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليه السلام فهو كافر
لقوله تعالى : ( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) آل عمران / 85
العاشر :
الإعراض عن دين الله، لا يتعلمـه ولا يعمـل به ؛ والدليل قوله تعالى : ( ومن أظلم ممن ذٌكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون ) السجدة / 22 .
ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف، إلا المكره، وكلها من أعظم ما يكون خطراً، وأكثر ما يكون وقوعاً . فينبغي للمسلم أن يحذرها ، ويخاف منها على نفسه
نعوذ بالله من موجبات غضبه ، وأليم عقابه ، وصلى الله على خير خلقه محمد وآله وصحبه وسلم. انتهى كلامه رحمه الله .
ويدخل في القسم الرابع : من اعتقد أن الأنظمة والقوانين التي يسنها الناس ، أفضل من شريعة الإسلام ، أو أنها مساوية لها
أو أنه يجوز التحاكم إليها ، ولو اعتقد أن الحكم بالشريعة أفضل ، أو أن نظام الإسلام لا يصلح تطبيقه في القرن العشرين ، أو أنه كان سبباً في تخلف المسلمين
أو أنه يحصر في علاقة المرء بربه دون أن يتدخل في شؤون الحياة الأخرى .
ويدخل في القسم الرابع : أيضاً من يرى أن إنفاذ حكم الله بقطع يد السارق ، أو رجم الزاني المحصن لا يناسب العصر الحاضر.
ويدخل في ذلك *أيضاً *: كل من اعتقد أنه يجوز الحكم بغير شريعة الله في المعاملات ، أو الحدود ، أو غيرهما ، وإن لم يعتقد أن ذلك أفضل من حكم الشريعة
لأنه بذلك يكون قد استباح ما حرم الله إجماعاً وكل من استباح ما حرّم الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة ، كالزنى والخمر والربا ، والحكم بغير شريعة الله فهو كافر بإجماع المسلمين .
ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لما يرضيه ، وأن يهدينا وجميع المسلمين صراطه المستقيم إنه سميع قريب وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-08-23, 16:48
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
كلمة عقيدة : اشتقاقها ومدلولها
السؤال
ما معنى كلمة عقيدة ؟.
الجواب
الحمد لله
العقائد هي الأمور التي تصدق بها النفوس، وتطمئن إليها القلوب، وتكون يقيناً عند أصحابها، لا يمازجها ريب ولا يخالطها شك.
وكلمة عقيدة في اللغة مأخوذة من مادة (عقد) ومدارها على اللزوم والتأكد والاستيثاق، ففي القرآن : ( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذاكم بما عقدتم الأيمن )
وتعقيد الأيمان إنما يكون بقصد القلب وعزمه . ويُقال (عقد الحبل) أي : شدّ بعضه ببعض ، والاعتقاد : من العقد وهو الربط والشد ، يقال: اعتقدت كذا ، يعني : جزمت به في قلبي ، فهو حكم الذهن الجازم .
والعقيدة في الشّرع هي : أمور علمية يجب على المسلم أن يعتقدها في قلبه ويؤمن بها إيمانا جازما دون شكّ ولا ريب ولا تردّد ، لأن الله أخبره بها بطريق كتابه ، أو بطريق وحيه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم .
وأصول العقائد التي أمرنا الله باعتقادها هي المذكورة في قوله تعالى : ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل أمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير )
وحددها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل المشهور بقوله : ( الإيمان : أن تؤمن بالله، وملائكته ، وكتابه ، ولقائه ، ورسله ، وتؤمن بالبعث الآخر ) .
إذن العقيدة في الإسلام : هي المسائل العلمية التي صح بها الخبر عن الله ورسوله ، والتي يجب أن ينعقد عليها قلب المسلم تصديقاً لله ورسوله .
المصدر : شرح لمعة الاعتقاد لابن عثيمين والعقيدة في الله لعمر الأشقر
*عبدالرحمن*
2018-08-23, 16:51
شروط العمل الصالح
السؤال
متى يقبل الله عمل العبد ؟
وما هي الشروط في العمل كي يكون صالحاً مقبولاً عند الله ؟.
الجواب
الحمد لله
وبعد : فإن العمل لا يكون عبادة إلا إذا كمل فيه شيئان وهما : كمال الحب مع كمال الذل
قال الله تعالى : ( والذين آمنوا أشد حبا لله ) البقرة/165 ، وقال سبحانه : ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ) الأنبياء/90 .
فإذا علم هذا فليعلم أن العبادة لا تقبل إلا من المسلم الموحد
كما قال تعالى عن الكفار : ( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً ) الفرقان/23 .
وفي صحيح مسلم ( 214 ) عن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ جُدْعَانَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ وَيُطْعِمُ الْمِسْكِينَ فَهَلْ ذَاكَ نَافِعُهُ قَالَ لا يَنْفَعُهُ إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ" يعني أنه لم يكن يؤمن بالبعث ، ويعمل وهو يرجو لقاء الله .
ثم إن المسلم لا تقبل منه العبادة إلا إذا تحقق فيها شرطان أساسيان :
الأول : إخلاص النية لله تعالى : وهو أن يكون مراد العبد بجميع أقواله وأعماله الظاهرة والباطنة ابتغاء وجه الله تعالى دون غيره .
الثاني : موافقة الشرع الذي أمر الله تعالى أن لا يعبد إلا به ، وذلك يكون بمتابعة النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به ، وترك مخالفته ، وعدم إحداث عبادة جديدة أو هيئة جديدة في العبادة لم تثبت عنه عليه الصلاة والسلام .
والدليل على هذين الشرطين قوله تعالى : ( فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدا ً) الكهف/110
قال ابن كثير رحمه الله
: " ( فمن كان يرجوا لقاء ربه ) أي ثوابه وجزاءه الصالح ( فليعمل عملا صالحا ) أي ما كان موافقا لشرع الله ( ولا يشرك بعبادة ربه أحدا )
وهو الذي يراد به وجه الله وحده لا شريك له وهذان ركنا العمل المتقبل لابد أن يكون خالصا لله صوابا على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم .ا.هـ
وكلما كان الإنسان أعلم بربه وأسمائه وصفاته كان أكثر إخلاصاً ، وكلما كان أعرف بنبيه صلى الله عليه وسلم وسنته كلما كان أكثر اتباعاً ، وبالإخلاص والمتابعة تحصل النجاة للعبد في الدارين .
نسأل الله الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة.
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-08-23, 16:55
معنى كلمة الإسلام
السؤال
ما معنى كلمة الإسلام ؟.
الجواب
الحمد لله
إذا رجعت إلى معاجم اللغة و علمت أن معنى كلمة الإسلام هو الانقياد والخضوع والإذعان والاستسلام و الامتثال لأمر الآمر ونهيه بلا اعتراض ,
وإخلاص العبادة له سبحانه وتصديق خبره والإيمان به
وأصبح اسم الإسلام عَلَماً على الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم
لماذا سمي الدين بالإسلام ؟
إن جميع ما في الأرض من مختلف الديانات , قد سميت بأسمائها , إما نسبة إلى اسم رجل خاص و أو أمة معينة و فالنصرانية أخذت اسمها من ( النصارى ) ,
وتسمت البوذية على اسم بانيها : ( بوذا ) , واشتهرت الزرادشتية بهذا الاسم لأن مؤسسها وحامل لوائها كان ( زرادشت ) , وكذلك اليهودية ظهرت بين ظهراني قبيلة تعرف ( بيهوذا ) ,
فسميت باليهودية , وهلم جرا . إلا الإسلام , فإنه لا ينتسب إلى رجل خاص , ولا إلى أمة بعينها , وإنما يدل اسمه على صفة خاصة يتضمنها معنى كلمة الإسلام ,
ومما يظهر من هذا الاسم أنه ما عني بإيجاد هذا الدين وتأسيسه رجل من البشر , وليس خاصاً بأمةً معينة دون سائر الأمم , وإنما غايته أن يحلي أهل الأرض جميعاً بصفة الإسلام
, فكل من اتصف بهذه الصفة , من غابر الناس وحاضرهم فهو مسلم , ويكون مسلماً كل من سيتحلى بها في المستقبل .
من كتاب الإسلام أصوله ومبادؤه تأليف د . محمد بن عبد الله بن صالح السحيم .
*عبدالرحمن*
2018-08-23, 17:02
هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه ليلة المعراج
السؤال
هل رأى النبي محمد صلى الله عليه وسلم الله تعالى مباشرة في اليوم الذي رأى فيه الجنة والنار .. الخ؟
وإذا كان الجواب بنعم ، فأنا أرجو أن ترسل إلي بدليل ذلك من الكتاب السنة.
الجواب
الحمد لله
ذهب أغلب الصحابة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير الله عز وجل بعينه ليلة المعراج
فقد ثبت عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ وَهُوَ يَقُولُ لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ... ) رواه البخاري( التوحيد/6832)
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ قَالَ نُورٌ أَنَّى أراه رواه مسلم ( الإيمان/261)
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى قَالَ رَآهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ رواه مسلم (الإيمان/258) ،
قال ابن القيم :
وقد حكى عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب الرؤية له إجماع الصحابة على أنه لم ير ربه ليلة المعراج ، وبعضهم استثنى ابن عباس فيمن قال ذلك
وشيخنا يقول ليس ذلك بخلاف في الحقيقة ، فإن ابن عباس لم يقل رآه بعيني رأسه وعليه اعتمد أحمد في إحدى الروايتين حيث قال إنه رآه عز وجل ولم يقل بعيني رأسه
ولفظ أحمد لفظ ابن عباس رضي الله عنهما ويدل على صحة ما قال شيخنا في معنى حديث أبي ذر رضي الله عنه قوله في الحديث الآخر حجابه النور فهذا النور هو
والله أعلم النور المذكور في حديث أبي ذر رضي الله عنه رأيت نورا .
اجتماع الجيوش الإسلامية ج: 1 ص: 12
وقال شيخ الإسلام رحمه الله : فصل وأما الرؤية فالذى ثبت فى الصحيح عن ابن عباس انه قال راى محمد ربه بفؤاده مرتين ، وعائشة أنكرت الرؤية .
فمن الناس من جمع بينهما فقال عائشة أنكرت رؤية العين وابن عباس أثبت رؤية الفؤاد ، والألفاظ الثابتة عن ابن عباس هى مطلقة أو مقيدة بالفؤاد ، تارة يقول راى محمد ربه ، وتارة يقول رآه محمد
ولم يثبت عن ابن عباس لفظ صريح بأنه رآه بعينه . وكذلك الامام أحمد تارة يطلق الرؤية وتارة يقول رآه بفؤاده ولم يقل أحد أنه سمع أحمد يقول رآه بعينه
لكن طائفة من أصحابه سمعوا بعض كلامه المطلق ففهموا منه رؤية العين ، كما سمع بعض الناس مطلق كلام ابن عباس ففهم منه رؤية العين
وليس فى الادلة ما يقتضى أنه رآه بعينه ولا ثبت ذلك عن أحد من الصحابة ولا فى الكتاب والسنة ما يدل على ذلك بل النصوص الصحيحة على نفيه أدل
كما فى صحيح مسلم عن أبى ذر قال سألت رسول الله هل رأيت ربك فقال نور أنى أراه . وقد قال تعالى : ( سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذى باركنا حوله لنريه من آياتنا ) ولو كان قد أراه
نفسه بعينه لكان ذكر ذلك أولى ، وكذلك قوله : أفتمارونه على ما يرى لقد رأى من آيات ربه الكبرى . ولو كان رآه بعينه لكان ذِكْرُ ذلك أولى .
قال : وقد ثبت بالنصوص الصحيحة واتفاق سلف الامة انه لا يرى الله أحد فى الدنيا بعينه الا ما نازع فيه بعضهم من رؤية نبينا محمد خاصة واتفقوا على أن المؤمنين يرون الله يوم القيامة عيانا كما يرون الشمس والقمر . أهـ
والله أعلم
مجموع الفتاوى ج: 6 ص: 509-510.
*عبدالرحمن*
2018-08-23, 17:10
استحباب العزلة عند الفتن وخوف المسلم على دينه
السؤال
قرأت الحديث التالي والذي أخرجه البخاري ولم أفهم معناه ، وهذا الحديث فيما معناه: (سيأتي زمان يكون خير مال المسلم غنيمات يأوي بها إلى الجبال فاراً بدينه من الفتن).أرجو أن توضحوا لي معنى هذا الحديث.
الجواب
الحمد لله
شرح الحديث :
هذا الحديث رواه البخاري في عدة مواضع من صحيحه منها ( 7088 ) كتاب الفتن
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَن ) .
وروى مسلم في صحيحه نحوه ( 1888 ) عن أبي سعيد الخدري أيضاً رضي الله عنه الله عنه أَنَّ رَجُلا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ ؟
فَقَالَ : رَجُلٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ. قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنْ الشِّعَابِ يَعْبُدُ اللَّهَ رَبَّهُ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ ) .
قوله : (شَعَفَ الْجِبَالِ ) أي : رؤوس الجبال . وَأَمَّا ( الشِّعْب ) : فَهُوَ مَا انْفَرج بَيْن جَبَلَيْنِ .
قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم ( 13/34) :
وَلَيْسَ الْمُرَاد نَفْس الشِّعْب خُصُوصًا ; بَلْ الْمُرَاد الانْفِرَاد وَالاعْتِزَال , وَذَكَرَ الشِّعْب مِثَالا لأَنَّهُ خَالٍ عَنْ النَّاس غَالِبًا اهـ.
والحديث يدل على أفضلية العزلة عن الناس وترك الاختلاط بهم ، في حال خوف المسلم على دينه لكثرة الفتن ، بحيث إنه لو خالط الناس لا يأمن على دينه من أن يرتد عنه
أو يزيع عن الحق ، أو يقع في الشرك ، أو يترك مباني الإسلام وأركانه ، ونحو ذلك .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (13/42) :
وَالْخَبَر دَالّ عَلَى فَضِيلَة الْعُزْلَة لِمَنْ خَافَ عَلَى دِينه اهـ .
وقال السندي في حاشيته على النسائي (8/124) :
فِيهِ أَنَّهُ يَجُوز الْعُزْلَة بَلْ هِيَ أَفْضلُ أَيَّام الْفِتَن اهـ .
وفي الحديث الثاني المذكور آنفاً جعل النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم المؤمنَ المعتزلَ يتلو المجاهد في سبيل الله في الفضيلة ، قال الحافظ في الفتح ( 6/6 )
: وَإِنَّمَا كَانَ الْمُؤْمِن الْمُعْتَزِل يَتْلُوهُ فِي الْفَضِيلَة لأَنَّ الَّذِي يُخَالِط النَّاس لا يَسْلَم مِنْ ارْتِكَاب الآثَام ، وَقَدْ تكون هذه الآثام أكثر من الحسنات التي يحصلها بسبب اختلاطه بالناس
. ولكن تفضيل الاعتزال خاص بحالة وقوع الفتن اهـ بمعناه .
وأما العزلة في غير وقت الفتن وخوف المسلم على دينه فاختلف العلماء في حكمها ، وذهب الجمهور إلى أن الاختلاط بالناس أفضل من العزلة واستدلوا على ذلك بعدة أدلة ، منها :
1- أن ذلك هو حال النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم ، والأنبياء من قبله صلوات الله وسلامه عليهم ، وجماهير الصحابة رضي الله عنهم .
شرح مسلم للنووي ( 13/34) .
2- ما رواه الترمذي ( 5207 ) وابن ماجه ( 4032 )
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ) .
صححه الألباني في صحيح الترمذي ( 2035 ) .
قال السندي في حاشيته على ابن ماجه ( 2 / 493 ) :
الْحَدِيث يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْمُخَالِطَ الصَّابِرَ خَيْرٌ مِنْ الْمُعْتَزِل اهـ
وقال الصنعاني في سبل السلام ( 4/416 ) :
فيه أفضلية من يخالط الناس مخالطة يأمرهم فيها بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحسن معاملتهم فإنه أفضل من الذي يعتزلهم ولا يصبر على المخالطة اهـ
3- ما رواه الترمذي (1574) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : مَرَّ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشِعْبٍ فِيهِ عُيَيْنَةٌ مِنْ مَاءٍ عَذْبَةٌ فَأَعْجَبَتْهُ لِطِيبِهَا
. فَقَالَ : لَوْ اعْتَزَلْتُ النَّاسَ فَأَقَمْتُ فِي هَذَا الشِّعْبِ ، وَلَنْ أَفْعَلَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم . فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : ( لا تَفْعَلْ
فَإِنَّ مُقَامَ أَحَدِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاتِهِ فِي بَيْتِهِ سَبْعِينَ عَامًا . أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ الْجَنَّةَ ؟ اغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ . مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَوَاقَ نَاقَةٍ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ )
وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (1348).
4- ما يحصله المسلم في المخالطة من المصالح الشرعية من مَنَافِع الاخْتِلاط بالناس كَالْقِيَامِ بِشَعَائِر الإِسْلام وَتَكْثِير سَوَاد الْمُسْلِمِينَ وَإِيصَال أَنْوَاع الْخَيْر إِلَيْهِمْ مِنْ إِعَانَة وَإِغَاثَة ونَحْو ذَلِكَ .
وشُهُودِ الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة وَالْجَنَائِز وَعِيَادَة الْمَرْضَى وَحِلَق الذِّكْر . . . وَغَيْر ذَلِكَ .
فتح الباري ( 13/43 )
شرح مسلم للنووي (13/34).
والله الموفق
والله تعالى أعلم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
الشيخ محمد صالح المنجد
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-08-29, 04:59
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
معنى كلمة الإسلام
السؤال
ما معنى كلمة الإسلام ؟.
الجواب
الحمد لله
إذا رجعت إلى معاجم اللغة و علمت أن معنى كلمة الإسلام هو : الانقياد والخضوع والإذعان والاستسلام و الامتثال لأمر الآمر ونهيه بلا اعتراض ,
وإخلاص العبادة له سبحانه وتصديق خبره والإيمان به ,
وأصبح اسم الإسلام عَلَماً على الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم
لماذا سمي الدين بالإسلام ؟
إن جميع ما في الأرض من مختلف الديانات , قد سميت بأسمائها , إما نسبة إلى اسم رجل خاص و أو أمة معينة و فالنصرانية أخذت اسمها من ( النصارى ) ,
وتسمت البوذية على اسم بانيها : ( بوذا ) ,
واشتهرت الزرادشتية بهذا الاسم لأن مؤسسها وحامل لوائها كان ( زرادشت )
, وكذلك اليهودية ظهرت بين ظهراني قبيلة تعرف ( بيهوذا ) , فسميت باليهودية , وهلم جرا .
إلا الإسلام , فإنه لا ينتسب إلى رجل خاص , ولا إلى أمة بعينها ,
وإنما يدل اسمه على صفة خاصة يتضمنها معنى كلمة الإسلام
, ومما يظهر من هذا الاسم أنه ما عني بإيجاد هذا الدين وتأسيسه رجل من البشر ,
وليس خاصاً بأمةً معينة دون سائر الأمم ,
وإنما غايته أن يحلي أهل الأرض جميعاً بصفة الإسلام ,
فكل من اتصف بهذه الصفة
, من غابر الناس وحاضرهم فهو مسلم ,
ويكون مسلماً كل من سيتحلى بها في المستقبل .
من كتاب الإسلام أصوله ومبادؤه
تأليف د . محمد بن عبد الله بن صالح السحيم .
*عبدالرحمن*
2018-08-29, 05:02
الحقوق الإسلامية
السؤال
ما هي أهم الحقوق التي يحترمها الإسلام ؟.
الجواب
الحمد لله
الحقوق الإسلامية كثيرة ومن أهم هذه الحقوق :
حق الله
نِعم الله على العباد لا تعد ولا تحصى وكل نعمة تستوجب شكراً وحقوق الله على العباد كثيرة ومن أهمها :
1. التوحيد ومعناه أن يوحدوا الله في ذاته , وأسمائه, وصفاته وأفعاله فيعتقدوا أن الله وحده هو الرب المالك المتصرف الخالق الرازق الذي بيده الملك و
هو على كل شيء قدير : ( تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير ) الملك/1 .
2. العبادة وهي أن يعبدوا الله وحده لأنه ربهم , وخالقهم ورازقهم وذلك بصرف جميع أنواع العبادة لله وحده كالدعاء , والذكر والاستعانة , والاستغاثة والتذلل ,
والخضوع والرجاء , والخوف والنذر والذبح ونحو ذلك قال تعالى : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ) النساء/36 .
3. الشكر فالله هو المنعم المتفضل على جميع الخلق فعليهم شكر هذه النعم بألسنتهم , وقلوبهم , وجوارحهم وذلك بحمد الله والثناء عليه واستعمال هذه النعم
في طاعة الله وفيما أحل الله : ( فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون ) البقرة/152 .
حق الرسول
بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم نعمة كبرى للبشرية كافة فقد أرسله الله ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ويبين لهم ما يسعدهم في الدنيا والآخرة .
ومن حق الرسول علينا أن نحبه , ونطيعه , ونصلي عليه , ومحبته عليه السلام تكون بطاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر واجتناب ما نهى عنه وزجر , وأن لا يعبد الله إلا بما شرع .
حق الوالدين
يهتم الإسلام بالأسرة ويؤكد على المحبة والاحترام داخلها والوالدان قاعدتها و أساسها لذا كان بر الوالدين من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله تعالى .
بر الوالدين يكون بطاعتهما واحترامهما والتواضع لهما والإحسان إليهما والإنفاق عليهما والدعاء لهما وصلة أرحامهما وإكرام صديقهما : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً ) الإسراء/23 .
والأم في هذه الحقوق حقها أعظم , لأنها هي التي حملته , وولدته وأرضعته : ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي
قال : أمك , قال: ثم من ؟ قال : أمك , قال : ثم من ؟ قال: أمك . قال : ثم من ؟ قال : أبوك ) متفق عليه واللفظ للبخاري/الأدب/78 .
حق المسلم على المسلم
المؤمنون أخوة وهم أمة متماسكة , كالبنيان يشد بعضه بعضاً يتراحمون فيما بينهم ويتعاطفون ويتحابون ولحفظ هذا البنيان , وتلك الأخوة شرع الله حقوقاً للمسلم على أخيه المسلم ومنها محبته ونصيحته وتفريج كربته وستر زلته ونصرته في الحق واحترام جواره وإكرام ضيفه .
ومنها رد السلام وعيادة المريض وإجابة الدعوة وتشميته إذا عطس واتباع جنازته قال عليه الصلاة والسلام : ( حق المسلم على المسلم خمس رد السلام وتشميت العاطس وإجابة الدعوة , وعيادة المريض , واتباع الجنائز ) رواه مسلم/2625 .
حق الجار
الإسلام يهتم بشأن الجار مسلماً كان أو غيره , لما في ذلك من المصالح التي تجعل الأمة كالجسد الواحد قال عليه الصلاة والسلام : ( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ) متفق عليه .
ومن الحقوق التي قررها الإسلام للجار على جاره أن يبدأه السلام ويعوده إذا مرض ويعزيه في المصيبة ويهنئه في الفرح ويصفح عن زلاته ويستر عوراته ويصبر على أذاه ويهدي
له ويقرضه إذا احتاج ويغض بصره عن محارمه ويرشده إلى ما ينفعه في دينه ودنياه قال عليه الصلاة والسلام : ( خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه , وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره ) رواه البخاري في الأدب المفرد/115 .
وفي حق الجار يقول تعالى : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب ) النساء/36 .
وقد حذر الإسلام من إيذاء الجار , والإساءة إليه , وبين الرسول صلى الله عليه وسلم أن ذلك سبب للحرمان من الجنة بقوله : ( لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه ) متفق عليه .
وأوجب الإسلام تحقيقاً للمصلحة حقوقاً للوالي على الرعية وحقوقاً للرعية على الوالي وحقوقاً للزوج على زوجته وحقوقاً للزوجة على زوجها , وغير ذلك من الحقوق العادلة التي أوجبها الإسلام .
من كتاب أصول الدين الإسلامي للشيخ محمد بن ابراهيم التويجري .
*عبدالرحمن*
2018-08-29, 05:05
: الإنسان محاسب
السؤال
هل يحاسب الإنسان على كل ما عمل في الدنيا ؟.
الجواب
الحمد لله
كل إنسان بما كسب رهين فمن آمن وعمل صالحاً دخل الجنة ومن كفر بالله ورسوله دخل النار
قال تعالى : ( إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناراً كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزاً حكيماً ، و الذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلاً ظليلاً ) النساء/56-57 .
والأعمال الصالحة , إنما تنفع صاحبها , والله غني عنا والأعمال السيئة إنما تضر صاحبها , ولا تضر الله شيئاً , كما قال سبحانه : ( من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد ) فصلت/46 .
وقال سبحانه : ( ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين ) العنكبوت/6 .
والله سبحانه كريم يضاعف الحسنات ، كما قال تعالى : ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها و من جاء بالسيئة فلا يجزي إلاّ مثلها وهم لا يظلمون ) الأنعام/160 .
والأعمال الصالحة كالصلاة والزكاة والصوم والحج والأمر بالمعروف والنهي من المنكر والجهاد , وتلاوة القرآن وغيرها من شعائر الإسلام كلها جزاؤها الجنة
كما قال تعالى : ( ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيراً ) النساء/124 .
والأعمال السيئة والمعاصي كالظلم والشرك والقتل والفساد والكبر وغيرها من المعاصي كلها جزاؤها النار إلاّ من تاب قال تعالى : ( ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين ) النساء/14 .
والأقوال والأعمال , خيراً كانت أو شراً , كلها مقيدة عند رب العالمين , قال تعالى : ( هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنّا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ) الجاثية /29 .
ولا يقبل الله من الأعمال إلاّ ما كان خالصاً لله موافقاً لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال سبحانه : ( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً ) الكهف/110 .
ويوم القيامة يرى كل إنسان ما عمل من طاعة أو معصية من خير أو شر كما قال سبحانه : ( يومئذٍ يصدر الناس أشتاتاً ليروا أعمالهم ، فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ) الزلزلة/6 - 8 .
وفي يوم القيامة كل إنسان سيعطى كتابه ويقال له : ( اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً ) الإسراء/14 .
فمن آمن وعمل صالحاً أخذ كتابه بيمينه مسروراً ودخل الجنة ومن عصى الله ورسوله أخذ كتابه بشماله , أو من وراء ظهره , ودخل النار
كما قال سبحانه : ( فأما من أوتي كتابه بيمينه ، فسوف يحاسب حساباً يسيراً ، و ينقلب إلى أهله مسروراً ، و أما من أوتي كتابه وراء ظهره ، فسوف يدعو ثبوراً ، ويصلي سعيراً ) الانشقاق/7 - 12 .
وشتان بين الإيمان والكفر وبين الطاعات والمعاصي وبين أهل الجنة وأهل النار : ( أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون ،
أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلاً بما كانوا يعملون ، وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون ) السجدة/18 - 20 .
وقد بين الله أن أهل الإيمان هم الفائزون وأهل الكفر هم الخاسرون كما قال سبحانه : ( والعصر ، إن الإنسان لفي خسر ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) سورة العصر .
اللهم ارزقنا الجنة وأجرنا من النار وارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين ..
من كتاب أصول الدين الإسلامي للشيخ محمد بن ابراهيم التويجري .
*عبدالرحمن*
2018-08-29, 05:10
كلمة عقيدة : اشتقاقها ومدلولها
السؤال
ما معنى كلمة عقيدة ؟.
الجواب
الحمد لله
العقائد هي الأمور التي تصدق بها النفوس، وتطمئن إليها القلوب، وتكون يقيناً عند أصحابها، لا يمازجها ريب ولا يخالطها شك.
وكلمة عقيدة في اللغة مأخوذة من مادة (عقد) ومدارها على اللزوم والتأكد والاستيثاق، ففي القرآن : ( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذاكم بما عقدتم الأيمن )
وتعقيد الأيمان إنما يكون بقصد القلب وعزمه . ويُقال (عقد الحبل) أي : شدّ بعضه ببعض ، والاعتقاد : من العقد وهو الربط والشد ، يقال: اعتقدت كذا ، يعني : جزمت به في قلبي ، فهو حكم الذهن الجازم .
والعقيدة في الشّرع هي : أمور علمية يجب على المسلم أن يعتقدها في قلبه ويؤمن بها إيمانا جازما دون شكّ ولا ريب ولا تردّد ، لأن الله أخبره بها بطريق كتابه ، أو بطريق وحيه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم .
وأصول العقائد التي أمرنا الله باعتقادها هي المذكورة
في قوله تعالى : ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل أمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير )
وحددها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل المشهور بقوله : ( الإيمان : أن تؤمن بالله، وملائكته ، وكتابه ، ولقائه ، ورسله ، وتؤمن بالبعث الآخر ) .
إذن العقيدة في الإسلام : هي المسائل العلمية التي صح بها الخبر عن الله ورسوله ، والتي يجب أن ينعقد عليها قلب المسلم تصديقاً لله ورسوله .
المصدر : شرح لمعة الاعتقاد لابن عثيمين والعقيدة في الله لعمر الأشقر
*عبدالرحمن*
2018-08-29, 05:14
مذهب أهل السنة في الصحابة وإمامة أبي بكر الصديق
السؤال
ما هو الدليل الذي يجعلك تقول بأن الإمام علي (عليه السلام) لم يكن ليصبح القائد بعد النبي محمد (عليه السلام) ؟.
الجواب
الحمد لله
أولاً : من أصول أهل السنة والجماعة ، سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سلامة القلب من البغض والغل والحقد والكراهة ، وسلامة ألسنتهم من كل قولٍ لا يليق بهم
لقول الله تعالى : { وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيم } سورة الحشر/10 .
وطاعةً للنبي صلى الله عليه وسلم في قوله : " لا تسبوا أصحابي ؛ فوالذي نفسي بيده ؛ لو أن أحدكم أنفق مثل أحدٍ ذهباً ما بلغ مدُّ أحدهم ولا نصيفه " رواه البخاري ( 3673 ) ومسلم ( 2541 ) .
ومن أصول أهل السنة قبول ما جاء به الكتاب والسنة والإجماع من فضائلهم ومراتبهم ، ويفضلون من أنفق من قبل الفتح ـ وهو صلح الحديبية ـ وقاتل على من أنفق من بعد وقاتل
لقول الله تعالى : { لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير} سورة الحديد/10 .
ويقدمون المهاجرين على الأنصار
لقول الله تعالى : { وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } سورة التوبة/100 .
فقدم المهاجرين على الأنصار .
ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر ـ وكانوا ثلاث مئة وبضعة عشر ـ : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ قَدْ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ "
رواه البخاري ( 3007 ) ومسلم ( 2494 ) من حديث علي بن أبي طالب.
ويؤمنون بأنه لا يدخل النار أحدٌ بايع تحت الشجرة ؛ كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، بل لقد رضي الله عنهم ورضوا عنه ، وكانوا أكثر من ألف وأربع مئة
لقول الله تعالى : { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا } الفتح/18
. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها " رواه مسلم ( 2496 ) فكان من جملة المبايعين أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين .
ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم كالعشرة ، وثابت بن قيس بن شماس ، وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ وَسَعْدٌ فِي الْجَنَّةِ وَسَعِيدٌ فِي الْجَنَّةِ
وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي الْجَنَّةِ " رواه أبو داود ( 4649 ) والترمذي ( 3747 ) وصححه الألباني .
ويُقرون بما تواتر به النقل عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه وغيره من أن خير هذه الأمة بعد نبيها : أبو بكر ثم عمر . فعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ قُلْتُ لأَبِي ( علي ابن أبي طالب )
أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ عُمَرُ وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ عُثْمَانُ قُلْتُ ثُمَّ أَنْتَ قَالَ مَا أَنَا إِلا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ "
رواه البخاري ( 3671 ) ، ويُثلثون بعثمان ، ويربعون بعلي ، رضي الله عنهم .
أنظر الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية مع شرحها .
ثانياً : ومن مذهب اهل السنة أن أحق الناس بالخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه . وإليك الأدلة على إمامة أبي بكر رضي الله عنه :
1ـ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَتْ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ قَالَتْ أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْتُ وَلَمْ أَجِدْكَ كَأَنَّهَا تَقُولُ الْمَوْتَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ لَمْ تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ "
رواه البخاري (3659 ) .
2ـ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ " رواه الترمذي (3805) وصححه الألباني .
3ـ عنَ ابن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَا أَنَا عَلَى بِئْرٍ أَنْزِعُ مِنْهَا إِذْ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ الدَّلْوَ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ ثُمَّ
أَخَذَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ يَدِ أَبِي بَكْرٍ فَاسْتَحَالَتْ فِي يَدِهِ غَرْبًا فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنْ النَّاسِ يَفْرِي فَرْيَهُ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ " رواه البخاري (3676) قال ابن حجر في شرح هذا الحديث :
" قَوْله : ( بَيْنَا أَنَا عَلَى بِئْر ) أَيْ فِي الْمَنَام. قَوْله : ( أَنْزِع مِنْهَا ) أَيْ أَمْلأ الْمَاء بِالدَّلْوِ .
قَوْله : ( فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ ) الذنوب : الدَّلْو الْكَبِيرَة إِذَا كَانَ فِيهَا الْمَاء , وَالَّذِي يَظْهَر لِي أَنَّ ذَلِكَ إِشَارَة إِلَى مَا فُتِحَ فِي زَمَانه مِنْ الْفُتُوح الْكِبَار وَهِيَ ثَلاثَة ,
وَلِذَلِكَ لَمْ يَتَعَرَّض فِي ذِكْر عُمَر إِلَى عَدَد مَا نَزَعَهُ مِنْ الدِّلاء وَإِنَّمَا وَصَفَ نَزْعه بِالْعَظَمَةِ إِشَارَة إِلَى كَثْرَة مَا وَقَعَ فِي خِلافَته مِنْ الْفُتُوحَات وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيّ تَفْسِير هَذَا الْحَدِيث فِي " الأُمّ " فَقَالَ بَعْد أَنْ سَاقَهُ : وَمَعْنَى قَوْله : " وَفِي نَزْعه ضَعْف " قِصَر مُدَّته وَعَجَلَة مَوْته وَشُغْله بِالْحَرْبِ لأَهْلِ الرِّدَّةِ عَنْ الافْتِتَاح وَالازْدِيَاد الَّذِي بَلَغَهُ عُمَر فِي طُول مُدَّته , اِنْتَهَى .
قَوْله : ( وَاَللَّه يَغْفِر لَهُ ) قَالَ النَّوَوِيّ : هَذَا دُعَاء مِنْ الْمُتَكَلِّم , أَيْ أَنَّهُ لا مَفْهُوم لَهُ . وَقَالَ غَيْره : فِيهِ إِشَارَة إِلَى قُرْب وَفَاة أَبِي بَكْر ,
وَهُوَ نَظِير قَوْله تَعَالَى لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلام ( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ) فَإِنَّهَا إِشَارَة إِلَى قُرْب وَفَاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قُلْت
: وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ قِلَّة الْفُتُوح فِي زَمَانه لا صُنْع لَهُ فِيهِ , لأَنَّ سَبَبه قِصَر مُدَّته , فَمَعْنَى الْمَغْفِرَة لَهُ رَفْع الْمَلامَة عَنْهُ .
قَوْله : ( فَاسْتَحَالَتْ فِي يَده غَرْبًا ) أَيْ دَلْوًا عَظِيمَة . قَوْله : ( فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا ) وَالْمُرَاد بِهِ كُلّ شَيْء بَلَغَ النِّهَايَة , قَوْله ( فَرِيَّهُ ) وَمَعْنَاهُ يَعْمَل عَمَله الْبَالِغ . "
4ـ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ ادْعِي لِي أَبَا بَكْرٍ أَبَاكِ وَأَخَاكِ حَتَّى أَكْتُبَ كِتَابًا فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ وَيَقُولُ قَائِلٌ أَنَا أَوْلَى وَيَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلا أَبَا بَكْرٍ " رواه مسلم (2387) .
5- أنه صلى الله عليه وسلم في مرض موته عين أبا بكر الصديق إماماً للمسلمين في الصلاة ولم يرض بغيره بدلاً منه فكان استخلافه في الإمامة الصغرى تنبيهاً على استخلافه في الإمامة الكبرى .
والله أعلم.
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-08-29, 05:15
و اخيرا ً
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
مع جذء اخر من سلسلة
اصول العقيدة
و اسال الله ان يجمعني بكم
دائما علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
*عبدالرحمن*
2018-12-08, 18:54
السلام عليكم و رحمه الله و بركاته
تم اضافه روابط السلسة بالكامل داخل الموضوع الرئيسي
نفعنا الله و اياكم بهذا الخير
و مازل لادينا المزيد فابقوا معنا
malekbba
2019-05-27, 10:26
أعلم " إذا أصبح العبد وأمسى وليس همه إلا الله وحده : تحمل الله سبحانه حوائجه كلها ، وحمل عنه كل ما أهمه ، وفرغ قلبه لمحبته ، ولسانه لذكره ، وجوراحه لخدمته وطاعته ..
*عبدالرحمن*
2019-12-11, 18:01
أعلم " إذا أصبح العبد وأمسى وليس همه إلا الله وحده : تحمل الله سبحانه حوائجه كلها ، وحمل عنه كل ما أهمه ، وفرغ قلبه لمحبته ، ولسانه لذكره ، وجوراحه لخدمته وطاعته ..
السلام عليكم ورحمه الله و بركاتة
جزاك الله عنا كل خير
بـــيِسَة
2019-12-11, 19:03
جزآكـ الله كل خير .
*عبدالرحمن*
2020-08-12, 17:49
جزآكـ الله كل خير .
السلام عليكم ورحمه الله و بركاتة
و جزاكِ الله عنا كل خير
و بارك الله فيكِ
شريف وكال الاسماعيلي
2024-09-16, 18:49
#القول_البديع_في_الانتصار_للشيخ_ربيع
#المداخلة
#هذا_بحث_عن_المداخلة_نقلتُ_فيه_حقائق_وأمور_تاريخية _وكلاما_لأهل_العلم_من_مصادره
#وأتحدى_الإخوان وبعض أدعياء السلفية -زورا- أن يثبتوا خلافه بالحجة والبيان لا بإطلاقات سافلة أو شعارات رنانة.. وما قام به الدليل لاتسقطه الدعاوى والإطلاقات.
لمّا رأيت ما انتشر في الفضاء الأزرق الماكر من وصف الناس لفئة أهل السنة بوصف باطنه السب والتنقص، ارتأيت أن أتطرق لهذا الأمر بالبيان والتبيان، وكاتم الحق شيطان أخرس.
وقسّمتُ هذا الموضوع إلى أبواب حتى يتسنى معرفة الحق وتقوم الحجة على المفتري ليهلك من هلك على بينة :
#الباب_الأول #من_هم_المداخلة
لقد وجّه الناس مثقفهم وجاهلهم سهامهم إلى اتجاه واحد وفي وقت واحد، وتوحّدوا جميعا ضد فئة ثابتة على الحق، فئة لا يضرها من خذلها ولا من عاداها، هي تلك الفئة التي تتخذ من الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة منهجا ودستورا في عصر أخذ الناس في مواقع الاتصالات كل مأخذ؛ فاتخذ أعداء السنة بجميع طوائفهم أسماءا وأوصافا نعتوا بها كل من ثبت على هذا المنهج القويم، محاولين بتلك الأسماء والأوصاف ثني الناس عن اتباع الحق الذي جاؤوا به، وذلك الطريق هو نفس طريق أهل البدع منذ القديم، كانوا يسمون أهل السنة من أصحاب الإمام أحمد بالحنابلة، ثم أصحاب اللالكائي باللالكائية، ثم عهد ابن تيمية: التيمية، ثم المجسمة، ثم الوهابية، وفي عصرنا سموهم الجامية وأخيرا المداخلة، وجميعها تسميات لنفس الفرقة هي أهل السنة والجماعة الفرقة الناجية والطائفة المنصورة أهل الحديث، وكل تلك الأسماء السابقة إنما أطلقها أصحابها عليهم تنقصا، محاولة منهم لتطويقهم داخل سجن ضيق، وموهمين أتباعهم بأنهم فرقة جديدة لا تمتد إلى قرون السنة الثلاثة، فانقلبت تلك التسميات على أهل البدع وبالا وصارت ممدحة ومحمدة لأصحابها، وأي محمدة أعظم من أن يُنعت الناس باتباع عالم جهبذ مبجل كمثل الإمام أحمد وشيخ الإسلام ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وأخيرا الشيخ ربيع المدخلي.
وبعد فشلهم في مسعاهم الدنيء دخل أعداء السنة في ذلك المنهج السني أفرادا وجماعات سرا وخفية، فأولجوا فيه ما ليس فيه، ونشروا تحت مسماه أمورا تخالف أصوله وفروعه، حريصين على توغير قلوب العامة عليه وعلى أهله.
وللأسف بدؤوا بالنجاح في ذلك الأمر شيئا فشيئا، وصرنا في الأعوام الأخيرة نشهد ذلك الكم من الحقد والغل على أهل السنة ومن جميع فصائل المجتمع، مبررين حقدهم بمبررات إما كاذبة لا أصل لها، وإما واهمة لم يفهموا أصلها وفصلها.
وبعد هاته المقدمة التي تشرح في عجالة منبِت هاته التسمية التي نشهدها اليوم للفرقة الناجية الثابتة على السنة، لابد أن يعرف الناس من هم المداخلة، ومن هو أول من نسبوا إليه هاته الفرقة السُّنية، وما سبب إطلاقهم هاته التسمية عليهم...
وقبل أن نبدأ، أستعرض وإياكم تعريف الكفار والإخوان لِما أطلقوا عليه "المدخلية" :
👈تعريف الويكيبيديا :
(المَدْخَلِيَّةُ أو السلفية المدخلية أو التيار المدخلي، نسبةً إلى ربيع المدخلي، أو حزب التجريح اشتقاقًا من كلمة الجرح، ومعناها عند علماء الحديث الطعن بالشخص، هو تيار ديني يقوم أساسه المنهجي على رفض الطائفية والفرقة والتحزب وهي تصنف من ضمن التيارات السلفية. من أدبيات المداخلة عدم جواز معارضة الحاكم وعدم إبداء النصيحة له في العلن، وترى النصيحة له في السر أولى وتعتبر ذلك أصلا من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة، ومخالفة هذا الأصل يعتبر خروجا على الحاكم المسلم.
يتميز التيار المدخلي عن غيره من التيارات في اعتباره أن الجماعة المسلمة هي الدولة والسلطان كما ورد عن رسول الله ومن هذا الأصل والمنطلق تشن هجومها على الجماعات الإسلامية والحزبية التي ترى جواز الخروج على الحاكم لأنها ضد مفهوم الجماعة ومن ثم فهم خوارج ومبتدعة في الدين تجب معاداتهم ومحاربتهم. فالهدف الرئيسي عند المداخلة يتمثل في إنهاء الفرقة وتجنب الفتنة في الأمة بالتفافها حول سلطانها)
👈وأما موقع الجزيرة الإخواني المعادي لأهل السنة فإنه يقول عن المداخلة : (تيار سلفي نشأ في السعودية بداية تسعينيات القرن الماضي وتمدد إلى دول أخرى، وهو يعتمد في دعوته ومنهجه على أمرين الولاء المطلق للسلطة الحاكمة والطاعة الكاملة للحكام والدفاع عن مواقفهم وسياساتهم مهما كانت، والهجوم المستمر على المخالفين وخاصة من التيارات الإسلامية)
وبغض النظر عن هذا الكلام وبعيدا عن بيان أخطائه التي لا تعد ولا تحصى كذبا وزورا، سواءا في وصف الاسم أو اعتقاد الطائفة، فإن أغلب السفهاء في زماننا -للأسف- يستقون أحكامهم على الناس أفرادا أو جماعات من هاته المواقع المعادية للإسلام والسنة، عوض أن يتأكدوا بأنفسهم في مواقع أصحابها، فكانوا بهذا أحقر من النصارى الذين يتحرون الصدق عند انتقاد أمور الناس.
1️⃣#قبيلة_المداخلة_في_السعودية
الحقيقة التي يتغافل عنها مطلقوا تلك التسمية على أهل السنة هي أن المداخلة نسبة إلى قبيلة في جنوب السعودية في منطقة جازان من الجبل إلى البحر بمحافظة سامطة (أو صامطة أو صامدة) وهي فخذ من أفخاذ بني شبيل من القبائل الأزدية المعروفة (من أوصافهم شرابة الهيل، ركابة الخيل، أهل الكروس الحمر، أصحاب الخيول الزرق)، كانت تسمى قبل 1100هـ "مصبرى" ويعود تاريخها إلى القرن السادس هجري (كما في طبقات فقهاء اليمن لعمر بن علي بن سمرة الجعدي)
وبنو شبيل ينتسبون إلى شبيل بن لايد بن عامر بن عبيد بن عمران بن ربيعة بن عبس بن شحارة بن غالب بن عك بن عدنان بن عبد الله بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن الهميسع بن تيمن بن نبت(نابت) بن إسماعيل بن إبراهيم الخليل.
وعادة العرب أن لكل قبيلة شيخ مسؤول عن أمورها، وشيخ قبيلة المداخلة اليوم هو أحمد بن عبده جابر المدخلي أحد أكبر أعيان منطقة جازان.
ومدينة صامطة مدينة علم إذ استقر بها الداعية الكبير من أهل السنة والجماعة الشيخ عبد الله بن محمد القرعاوي عام 1358هـ وأسس فيها أول مدرسة سميت بالمدرسة السلفية في عام 1359هـ وتتلمذ على يديه عدد كبير من أبناء المنطقة في العلوم الشرعية وعلوم اللغة العربية، منهم علماء أجلاء كمثل : الشيخ أحمد بن يحيى النجمي، والشيخ عمر بن أحمد جردي المدخلي، والشيخ جابر بن سلمان المدخلي، والشيخ عبد الله البسام التميمي.
2️⃣#العلماء_المداخلة_المتخرجون_من_المدرسة_السلفية_ في_سامطة
#على_يد__مؤسسها_الشيخ_عبد_الله_القرعاوي
الشيخ هادي بن هادي المدخلي، الكاتب الصحفي علي بن محمد العمير المدخلي، الشيخ عمر بن أحمد جردي المدخلي، الشيخ جابر بن سلمان بن جابر المدخلي.
#على_يد_الشيخ_حافظ_الحكمي
الشيخ أحمد محمد جابر المدخلي، الشيخ جابر بن سلمان المدخلي، الشيخ جابر بن ناصر المدخلي، الشيخ محمد بن محمد جابر المدخلي، الشيخ منصور بن منصور بهلول المدخلي، الشيخ أحمد بن علي علوش المدخلي، الشيخ زيد بن محمد هادي المدخلي، الشيخ علي بن محمد أبو زيد المدخلي، الشيخ محمد بن عبده جابر المدخلي، الشيخ أحمد جابر المدخلي، الشيخ هادي بن أحمد بن علي طالبي المدخلي، الشيخ طاهر بن أحمد طالبي المدخلي، الشيخ الدكتور ربيع بن هادي عمير المدخلي.
#على_يد_الشيخ_أحمد_بن_يحي_النجمي
الشيخ ربيع بن هادي المدخلي، الشيخ محمد بن هادي المدخلي، الشيخ زيد بن محمد المدخلي
كما تخرج من تلك المدرسة علماء وشيوخ مداخلة آخرون على يد مختلف العلماء المدرسين فيها فكان ممن تخرج منها كذلك : الشيخ عبد الرحمان بن عمر بن أحمد جردي المدخلي، الشيخ محمد بن إبراهيم عمير المدخلي، الشيخ جابر بن محمد المدخلي، الشيخ هادي بن جابر محمد علي مهجري المدخلي، الشيخ جابر محمد علي مهجري المدخلي، الشيخ علي بن محمد حاج المدخلي...
مما مضى تستنتج أن منطقة جازان عامة ومدخلي بشكل خاص هي منطقة علم وفقه وثبات على العقيدة، والمداخلة منذ القديم معروفون بالعلم الشرعي عامة وبشتى العلوم الأخرى ففيها المؤرخ والأديب والاقتصادي والصحفي والتاجر وغير ذلك.
كما تستنتج أن مطلقوا تسمية المداخلة على السلفيين وأهل السنة والجماعة إنما هم أهل شر وفتنة وكذب وفساد عريض، والدليل أنهم أطلقوا هذا الاسم حديثا موهمين الناس أنهم جاؤوا بمنهج ودين جديد، والحقيقة أن أهله قد عرفوا منذ القديم بالثبات على عقيدة السلف ومنهجهم.
3️⃣#ممن_ينتسب_إلى_قبيلة_المداخلة_صحفيون_وأدباء_ويو توبريون_وشعراء
في قبيلة المداخلة من هو على السنة والدين، كما فيها غير ذلك، ورغم أن أغلب المداخلة من أهل السنة إلا أن فيهم بعض الصحفيين والأدباء والشعراء وحتى المغنيين، ولا يخفى على الجميع أن هاته المهن أغلب من ينتمي إليها بعيدون عن السنة وعن الثبات عليها.
من هؤلاء نذكر :
الروائي والصحفي جابر محمد المدخلي
الصحفي والمذيع في قناة العربية خالد المدخلي
اليوتوبر بندر المدخلي متخصص في الألعاب والملهيات والقمار
الشاعر الحليق ابراهيم جابر المدخلي رحمه الله
المغنية في قناة الأطفال دانة المدخلية
ومن هذا تعلم أن قبيلة المداخلة هي قبيلة كبيرة تضم الصالح والطالح، وإن كان أغلب ما يميز أهل السنة فيها الثبات على الحق ومحاربة أهل البدع وخاصة الجماعات الإسلامية المبتدعة.
#الباب_الثاني #سبب_نبز_أهل_السنة_بالمداخلة
بدأ أهل البدع وخاصة الإخوان المسلمون في معاداة أهل السنة وخاصة علماءها ومن أخصهم الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله، منذ انتهائه من كتابة ذلك الكتاب الذي قسم ظهورهم، وأجلى منهجهم المتعفن، وشق رأسهم وأسقط صنمهم وإمامهم ومهندس عقيدتهم "سيد قطب"، فبعد أن نشر علّامة السنة وربيعها كتابه (العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم) سنة 1995م، وقبله كتاب (أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره) فنقض مذهبه بالحجة والبرهان، وأسقط قواعده بالعلم والإيمان، ثم بعد ذلك ثارت ثائرة الإخوان فوجهوا سهامهم على الشيخ ربيع كل يضرب ضربته ويطعن طعنته فهذا يشكك وذاك يشهر وآخر يسب ويطعن، وبدؤوا يكيدون له ولدعوته السلفية بكل الوسائل والطرق، وسخروا لذلك الإعلام والإذاعات، والشيخ ربيع ثابت ثبات الجبال بحول الله وقوته.
ومثال ذلك قول عبدالرحمن عبدالخالق المصري أحد دعاة الجماعات الإسلامية المتحزبة : ( لقد أجمع العلماء منذ ثلاثين سنة على السكوت عن سيد قطب حتى جاء ربيع المدخلي وانتقده ).
وبعده رد عبد الرزاق الشايجي على الشيخ ربيع في مسألة سيد قطب، وانتصر لسيدهم قطب بالباطل والكذب لا بالحق والبيان، وتبعه دعاة آخرون كأبي الحسن المأربي نزيل اليمن ثم محمد حسان، والغريب أن جميع هؤلاء المنتصرين لسيد قطب وللإخوان المسلمين جميعهم مصريون وإن اختلفت أماكن إقامتهم، فلله در الشيخ ربيع كيف أخرج هؤلاء الأفاعي من جحورهم، وبيّن كذب ادعائهم للسلفية.
قال الشيخ ربيع عن ضلالات سيدهم قطب :
(اذا كان الذي رد على سيد قطب ضالا بينوا بالبراهين والأدلة أنه ضال،وأن سيد قطب على منهج أحمد بن حنبل! وعلى منهج الصديق رضي الله عنه في العقيدة والعبادة! ونسلم له بالأدلة. وإذا تبين أن سيد قطب على منهج ابن عربي في وحدة الوجود، وعلى منهج جهم بن صفوان في تعطيل الصفات، والقول بخلق القرآن، وعلى منهج ماركس في القول بالإشتراكية، وعلى منهج الماسونية في حرية الأديان، يدعو إلى حرية الأديان ويقول إن الإسلام جاء لحرية الأديان والقضاء على التعصب الديني، ويقول إن العبادة ليست وظيفة حياة، ويقول أفكارا مادية علمانية ماسونية، وتُقدّم لشبابنا أنها الإسلام، وبعد ذلك يقال أنا أسبُّه! يا أخي أنا ما أسبّه -والله- قد أفضى إلى ما قدم، لكن هذا موجود في كتبه، هل يجوز لمسلم يحترم الإسلام ويحترم الحق أن يرى هذا الضلال الكبير العريض ثم يسكت عنه خوفا، أو مجاملة، أو نفاقا، أو تقيّة؟!
والله لو تراق دماؤنا، والله لو تذهب أموالنا ونفوسنا إنها فداء الإسلام، لنقولنّ كلمة الحق وربّ السماء والأرض. والله لنقولنّها وإن رغمت أنوفٌ ورب السماء. والله والله ما رأيت في كتب البدع أضلّ من كتب سيد قطب ورب السماء والأرض، إنها جمعت البدع من كل أطرافها، وما ترك أصلا من أصول البدع إلا أحياه.)
فبالله عليكم ماذا تنتظر من أتباع هذا القطب أن يتعاملوا مع من نسف رأسهم بهاته الطريقة الرادعة العظيمة! نعم الشيخ ربيع حفظه الله هو أعظم واحد من أهل العلم مرمد رأس الإخوان ومنظرهم، ولهذا السبب هم يكرهونه ويحاربونه ويحاربون منهجه السلفي.
قال الشيخ الألباني –رحمه الله- معلقاً على كتاب الشيخ ربيع "العواصم" :
(كل ما رددته على سيد قطب حق وصواب، ومنه يتبين لكل قارئ مسلم على شيء من الثقافة الإسلامية أن سيد قطب لم يكن على معرفة بالإسلام بأصوله وفروعه. فجزاك الله خيراً أيها الأخ الربيع على قيامك بواجب البيان والكشف عن جهله وانحرافه عن الإسلام).
وازداد غيظهم وسخطهم على الشيخ ربيع المدخلي بعد أن عرّى الجماعات الإسلامية الحزبية من لباسهم السلفي الذي يدعونه كذبا، فبيّن ضلالهم، وأنهم على خلاف مذهب السلف عقيدة واتباعا ومنهاجا، وخاصة لما كتب كتابه القاصم (جماعة واحدة لا جماعات و صراط واحد لا عشرات).
فكان شيخ السنة وناصرها سيفا بتارا في وجوههم، يحاربهم في كل موطن، فبفضله تمت تصفية الإسلام مما علق به من قذر وأوساخ، وتصفية السنة ممن يدعي اتباعها قولا ويخالفها عقيدة وعملا.
واتخذ أهل البدع من الجماعات المتحزبة كل الطرق من أجل الانتقام من الشيخ، وكانوا يتحينون الفرص للتنقص منه ومن دعوته السلفية، تماما كما كان يفعل الروافض مع دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وكما فعل الصوفية مع دعوة الشيخ ابن تيمية، وقبلهم كما كان يفعل المعتزلة مع دعوة الإمام أحمد بن حنبل، والأشاعرة مع دعوة اللالكائي...
وفي الأعوام الأخيرة وبعد تصدر بعض الحدثاء للمشهد في الدعوة السلفية، بدأ التشتت وسط الصف السلفي، فانتهز ذلك الإخوانجية بكل أطيافهم، وصاروا يخوفون الناس من اتباع السلفيين، ويحذرون من دعوتهم، واختلقوا لذلك اسما جديدا ادّعوا أنهم على خلاف منهج السلف كذبا وزورا، حتى لا ينفر منهم العوام هو (المداخلة) لتيقنهم أنهم إذا حذروا من السلفيين فلن يتبعهم الناس، فحاولوا تقسيم السلفيين إلى قسمين مداخلة وسلفيون، والحقيقة أن الجميع واحد هم أهل السنة والجماعة الفرقة الناجية.
#الباب_الثالث #ترجمة_موجزة_للشيخ_ربيع_المدخلي
هو الشيخ العلامة المحدث ربيع بن هادي بن محمد عمير المدخلي.
ولد بقرية الجرادية غربي مدينة صامطة سنة 1351 هـ / 1933 م، وقد توفي والده بعد ولادته بسنة ونصف تقريباً فنشأ وترعرع في حجر أمه رحمها الله تعالى، فأشرفت عليه وقامت بتربيته خير قيام، وعلمته الأخلاق الحميدة من الصدق والأمانة وحثته على الصلاة و تتعاهده عليها، مع إشراف عمه عليه.
تعلم الخط على يد الشيخ شيبان العريشي وكذلك القاضي أحمد بن محمد جابر المدخلي، والشيخ محمد بن حسين مكي. وقرأ القرآن على الشيخ محمد بن محمد جابر المدخلي كما قرأ عليه التوحيد والتجويد.
قرأ بالمدرسة السلفية بمدينة صامطة، وممن قرأ عليهم بها :
♦️الشيخ العالم الفقيه ناصر خلوفة طياش مباركي ـ رحمه الله ـ عالم مشهور من كبار طلبة الشيخ القرعاوي ـ رحمه الله ـ
♦️الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي العلامة المشهور رحمه الله تعالى.
♦️صاحب الفضيلة الشيخ محمد بن أحمد الحكمي.
♦️العلامة المحدث أحمد بن يحي النجمي ـ رحمه الله ـ
♦️الشيخ العلامة الدكتور محمد أمان بن علي الجامي ـ رحمه الله ـ في العقيدة.
♦️الشيخ الفقيه محمد صغير خميسي في الفقه.
وغيرهم ممن درس عليهم في العربية والأدب والبلاغة والعروض
وفي عام 1380 هـ/ 1961 م تخرج من المعهد العلمي بمدينة صامطة ثم التحق بكلية الشريعة بالرياض واستمر بها مدة شهر أو شهر ونصف، ثم فتحت الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، فانتقل إلى المدينة والتحق بالجامعة الإسلامية بكلية الشريعة ودرس بها مدة أربع سنوات وتخرج منها عام 1384هـ/1965 م بتقدير ممتاز.
#شيوخه_في_الجامعة_الإسلامية
♦️سماحة الشيخ العلامة المفتي العام للمملكة العربية السعودية عبدالعزيز بن عبدالله بن باز ـ رحمه الله تعالى ـ في العقيدة.
♦️العلامة المحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله ـ في الحديث والأسانيد.
♦️صاحب الفضيلة الشيخ العلامة عبد المحسن العباد في الفقه.
♦️صاحب الفضيلة الشيخ العلامة الحافظ المفسر الأصولي النحوي اللغوي الفقيه البارع محمد الأمين الشنقيطي ـ صاحب أضواء البيان ـ درس عليه في التفسير وأصول الفقه مدة أربع سنوات.
♦️الشيخ صالح العراقي في العقيدة.
♦️الشيخ المحدث عبد الغفار حسن الهندي في علم الحديث والمصطلح.
وبعد تخرجه عمل مدرساً بالمعهد بالجامعة الإسلامية مدة، ثم التحق بعد ذلك بالدراسات العليا وواصل دراسته وحصل على درجة ” الماجستير ” في الحديث من جامعة الملك عبد العزيز فرع مكة عام 1397 هـ/1976 م برسالته المشهورة ” بين الإمامين مسلم والدار قطني “، وفي عام 1400 هـ/1979 م حصل على الدكتوراه من جامعة الملك عبدالعزيز أيضاً بتقدير ممتاز بتحقيقه لكتاب ” النكت على كتاب ابن الصلاح ” للحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى، ثم عاد بعد ذلك للجامعة يعمل بها مدرساً بكلية الحديث الشريف، يدرِّس الحديث وعلومه بأنواعها. وترأس قسم السنة بالدراسات العليا مرارا، ثم عمل برتبة ” أستاذ كرسي ” في المسجد النبوي.
الشيخ ربيع من الدعاة الغيورين على الكتاب والسنة وعقيدة السلف يمتلئ غيرة وحرقة على السنة والعقيدة السلفية قل نظيره في هذا العصر وهو من المدافعين في زماننا هذا عن نهج السلف الصالح ليلاً ونهاراً وسراً وجهاراً من غير أن تأخذه في الله لومة لائم.
مجالسه عامرة بقراءة الحديث والسنة، والتحذير من البدع وأهلها كثيراً، حتى يخيل لمن يراه ولم يعرفه ويخالطه أنه لاشغل له إلا هذا.
#مؤلفاته هي كثيرة جدا ونافعة للإسلام والدعوة :
1/بين الإمامين مسلم والدار قطني ” مجلد كبير وهو رسالة الماجستير.
2/النكت على كتاب ابن الصلاح ” مطبوع في جزئين وهو رسالة الدكتوراه .
3/تحقيق كتاب المدخل إلى الصحيح ” للحاكم النيسابوري سماه : التكميل والتوضيح للمدخل إلى الصحيح .
4/تحقيق كتاب التوسل والوسيلة ” للإمام ابن تيمية – مجلد.
5/منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله فيه الحكمة والعقل .
6/منهج أهل السنة في نقد الرجال و الكتب و الطوائف .
7/تقسيم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف بين واقع المحدثين ومغالطات المتعصبين رد على عبد الفتاح أبو غدة ومحمد عوامه.
8/كشف موقف الغزالي من السنة وأهلها. وقد قال عن هذا الكتاب الشيخ الألباني في كتابه “صفة الصلاة” (ص:68) عند حديثه عن الغزالي: ((وقد قام كثير من أهل العلم والفضل –جزاهم الله خيراً- بالردّ عليه، وفصّلوا القول في حيرته وانحرافه، ومن أحسن ما وقفت عليه رد صاحبنا الدكتور ربيع بن هادي المدخلي في مجلّة (المجاهد) الأفغانية (العدد:9-11) )).
9/صد عدوان الملحدين وحكم الاستعانة بغير المسلمين.
10/مكانة أهل الحديث .
11/منهج الإمام مسلم في ترتيب كتابه الصحيح ودحض شبهات حوله وهو رد على حمزة الميليباري .
12/أهل الحديث هم الطائفة المنصورة الناجية ـ حوار مع سلمـــان العودة ـ .
13/مذكرة في الحديث النبوي للدورات التدريبية لمعلمي اللغة العربية والثقافة الإسلامية للمستوى المتقدم والجامعي.
14/أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره.
15/مطاعن سيد قطب في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
16/العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم .
17/الحد الفاصل بين الحق والباطل حوار مع بكر أبو زيد .
18/مجازفات الحداد ومخالفاته لمنهج السلف .
19/المحجة البيضاء في حماية السنة الغراء .
20/جماعة واحدة لا جماعات و صراط واحد لا عشرات حوار مع عبد الرحمن عبد الخالق .
21/النصر العزيز على الرد الوجيز .
22/التعصب الذميم وآثاره .
23/بيان فساد المعيار حوار مع حزبي متستر .
24/التنكيل بما في توضيح المليباري من الأباطيل .
25/دحض أباطيل موسى الدويش .
26/إزهاق أباطيل عبداللطيف باشميل .
27/انقضاض الشهب السلفية على أوكار عدنان الخلفية .
28/النصيحة هي المسؤولية المشتركة في العمل الدعوي .
29/الكتاب والسنة أثرهما ومكانتهما والضرورة إليهما في إقامة التعليم في مدارسنا .
30/حكم الإسلام في من سبَّ رسول الله أو طعن في شمول رسالته .
31/أضواء إسلامية على بعض الأفكار الخاطئة
32/مكانة أهل الحديث ومآثرهم وآثارهم الحميدة في الدين وشهادات العدول الصادقين لهم بأنهم على الصراط المستقيم والحق الواضح المبين.
33/ردّ على سعيد حوى.
34/تقديم لكتاب “كشف الحجاب عن كتاب الدعاء المستجاب”، للأخ أبي ياسر خالد الردادي.
35/كتاب الرد المفحم على من اعتدى على صحيح الإمام مسلم وهو رد على حمزة الميليباري.
36/القول الحق المبين في حياة النبيين.
37/بحث حول التصوف والصوفية.
38/نصيحة لعبدالرحمن عبدالخالق حول مجلة الفرقان التابعة لإحياء التراث الإسلامي.
39/نصيحة ثانية لعبدالرحمن عبدالخالق تتعلق بالملاحظات على مجلة الفرقان وعلى بعض كتبه وتوجيه له وإرشاد.
40/أسماء الرجال المتكلم فيهم ببدعة، أو من رمي ببدعة ممن أخرج لهم البخاري ومسلم، وهو ردّ على الحدادية.
41/ثناء ابن تيمية على أهل الحديث (ملخص من نقض المنطق).
42/وقفات مع مقال سعود الفنيسان حول منهج الموازنات، وهو رد على مقال للدكتور سعود بن عبدالله الفنيسان بعنوان “منهج الاعتدال في الحكم على الرجال”.
43/تقديم لكتاب “سل السيوف والأسنّة على أهل الهوى وأدعياء السنّة” للشيخ عبدالله بن صلفيق الظفيري.
44/تقديم لرسالة “إيقاف النبيل على حكم التمثيل” للشيخ عبدالسلام البرجس.
45/تقديم لكتاب “جناية الشيخ محمد الغزالي على الحديث وأهله”، للأخ أشرف بـن عبـدالمقصود.
46/تقديم لكتاب “الأدلة اللماعة على وجوب صلاة الجماعة” للأخ محمود الجزائري.
47/شرح عقيدة السلف أصحاب الحديث.
48/قرة العينين بتوضيح معاني عقيدة الرازيين.
49/نظرة سيد قطب إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
50/نظرات في كتاب التصوير الفني في القرآن الكريم لسيد قطب.
إلى جانب كل هذا للشيخ العديد من المقالات والرسائل وكذلك الشروحات المسجلة في أشرطة، والردود الكثيرة على أهل البدع والتي هي مسجلة كذلك.
#الباب_الرابع #موازنة_بين_عقيدة_الشيخ_ربيع_وعقيدة_السلف
إذا أردت معرفة مدى موافقة عقيدة ومنهج عالم أو شيخ للكتاب والسنة، اعرضها على عقيدة السلف فإن وافقتها فاحكم عليه بالسلفية وإن خالفتها فهو من أهل البدع.
والشيخ ربيع دائما يصدع بعقيدته ولا يخفيها، وهي معروفة عند الجميع، فلننظر فيها سويا ونرى هل هي موافقة لعقيدة السلف أم مخالفة لها؟
#عقيدة_الشيخ_ربيع_المدخلي
♦️الإيمان قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية وأن مرتكب الكبيرة لا يخرج من الإيمان
♦️أهل السنة وسط في باب الوعد و الوعيد بين المرجئة و بين الخوارج و المعتزلة، فالخوارج و المعتزلة يتعلقون بنصوص الوعيد، و المرجئة يتعلّقون بنصوص الوعد، و أهل السنّة وسط بين الطّائفتين، يؤمنون بنصوص الوعيد وأنّها تلحق بمشيئة الله العصاة.
♦️الأنبياء عليهم الصَّلاَةُ وَالسَّلاَم جاؤوا كُلُّهم بعقيدةٍ واحدة ودينٍ واحد أخبر الله عنه بقوله تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ﴾
♦️التوحيد : توحيد الرُّبوبية وتوحيد الأسماء والصِّفات وتوحيد العبادة.
♦️ القرآن كلام الله
♦️ إثبات الصفات من غير تأويل ولا تشبيه ولا تكييف ولا تعطيل
♦️العلم والقدرة والإرادة صفات ذاتية، أما الاستواء والنزول والمجيء والرضا والغضب فهذه صفات فعلية ترجع إلى اختيار الله سبحانه وتعالى وهي من أفعاله الاختيارية.
♦️خبر الآحاد الذي تلقته الأمة بالقبول يفيد العلم اليقيني القطعي.
♦️أولى الناس بوصف الفرقة الناجية والطائفة المنصورة هم أهل الحديث وأولهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرون الثلاثة المفضلة.
♦️الذي يقدح في عائشة ويرميها بالزنا كافر بإجماع المسلمين ويجب قتله؛ لأن الطعن فيها طعن في رسول الله عليه الصلاة والسلام والطعن فيها من أخبث أنواع الطعن في نبي الله
♦️وجوب الكلام في أهل البدع والتحذير منهم ومن بدعهم أعضاءًا وجماعات؛ الماضون منهم والحاضرون: من الخوارج والروافض؛ والجهمية؛ والمرجئة؛ والكرامية؛ وأهل الكلام الذين جرهم علم الكلام إلى عقائد فاسدة مثل تعطيل صفات الله أو بعضها.
فهؤلاء يجب التحذير منهم ومن كتبهم وطرقهم الضالة وما أكثرها، وكذلك من سار على نهجهم من الفرق -الجماعات- المعاصرة ممن باين أهل التوحيد والسنة ونابذهم وجانب مناهجهم بل حاربها ونفّر عنها وعن أهلها، ويلحق بهم من يناصرهم ويدافع عنهم؛ ويذكر محاسنهم؛ ويشيد بها ويشيد بشخصياتهم وزعمائهم، وقد يفضل مناهجهم على منهج أهل التوحيد والسنة والجماعة.
♦️التعصب واتّباع الهوى من طرق أهل الجاهلية، المؤمن يحاول أن يعرف الحق ويتمسك به ولو خالف هذا الحق من خالف، ولا يتعصب أبدا لخطأ فلان أو فلان أو رأي فلان وفلان، إنما يتمسك بكتاب الله وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام ويوالي ويعادي على ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن يعرف أن محمدا جاء به وليس بالأوهام.
♦️للمتكلِّمين دورٌ كبير في تجهيل النَّاس بمعنى لا إله إلا الله.
♦️نحن ليس عندنا تقديسٌ للأشخاص والغلوُّ والإطراءُ فيهم.
♦️الذي لا يعتمد الكتاب والسنة منهجا في عقيدته وعبادته لا يكون متبعا لأصحاب رسول الله بإحسان.
♦️الخوارج ضلوا في الحاكمية.
♦️فساد منهج الموازنات، يعني إنسان وقع في معصية؛ تحذِّره من معصيته ولا يلزم سرد حسناته، هذا ليس إلا للصحابة، نذكر محاسنهم ولا نذكر شيئا من مثالبهم، وأما أهل البدع والضلال فنذكر بدعهم ونحذِّر منها، ولا يلزم ذكر محاسنهم، أما أئمة الهدى فإنهم إن أخطؤوا نبين أن هذا خطأ مع احترامنا وتقديرنا لهم.
♦️رؤوس أهل الضلال ومخترعي البدع في دين الله أشدّ ظلمًا، وأشدّ فجورًا وأشدّ خطورة من الحكام الفاسدين الذين يتلّقون التشريعات من اليهود والنصارى وغيرهم. لأنّ هذا الفاجر وهو فاجر يقول لك هذه القوانين أخذتُها من الغرب من أوربا وأمريكا، وما يقول لك: نزلَت من السماء، لكنّ هذا المبتدع الخطير يقول لك: هذا دين الله هذا شرع الله.
♦️ لاتجوز الثورات والمظاهرات والاعتصامات.
♦️وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر في غير معصية.
والأمور التي بسببها ثار الإخوان والصوفية والخوارج والأشاعرة ومن على شاكلتهم على الشيخ ربيع هي :
👈رده على بدعة الموازنات التي ابتدعوها وهي قولهم بوجوب ذكر محاسن أهل البدع قبل نقدهم!!!
👈اعتماده على قاعدة تقديم الجرح المفسر على التعديل.
👈رده على الجماعات واعتبارها مبتدعة، والتحذير منهم، واعتبار بدعهم أعظم خطورة من فجور الحكام الذين يحكمون بغير شرع الله.
👈تحريمه للثورات والمظاهرات، وقوله بقول علماء السنة بوجوب طاعة أولياء الأمور في غير ما يحرمه الله.
وحتى تعرف أن الشيخ ربيع لم يخرج عن منهج أهل السنة والجماعة الفرقة الناجية وعن كلام علماء السنة، ننقل بعض أقوال العلماء المتأخرين والمتقدمين في هاته المسائل التي حاول أعداء السنة وخاصة الإخوان بجميع أطيافهم أن يكيفوها على فهمهم السقيم وأن يبدلوا معناها ليبغّضوا الناس في أهل السنة السلفيين :
1️⃣نقض بدعة الموازنات :
👈قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: ((إذا ذكرث محاسنهم معناه دعوتَ لهم! لا لا تذكر، اُذكر الخطأ الذي هم عليه فقط؛ لأنه ما هو موكول لك أن تدرس وضعهم، فقط أنت موكول لك بيان الخطأ الذي عندهم من أجل أن يتوبوا منه ومن أجل أن يحذره غيرهم...))
👈قال الشيخ الألباني رحمه الله: ((هذه طريقة المبتدعة؛ عندما يتكلم العالم بالحديث برجل صالح وعالم وفقيه، فيقول له : سيء الحفظ، هل يقول : إنه مسلم وإنه صالح، و أنه فقيه و أنه يرجع إليه في استنباط الأحكام الشرعية.. الله أكبر الحقيقة القاعدة السابقة مهمة جدا تشتمل فرعيات جديدة خاصة في هذا الزمان.
من أين لهم أن الإنسان إذا وصلوا لبيان خطأ مسلم -إن كان داعية أو غير داعية- لازم ما يعمل محاضرة ويذكر محاسنه من أولها إلى آخرها؟! اللّه أكبر شيء عجيب والله شيء عجيب.))
وقد ألف العلماء القدامى كتبا كثيرة في الجرح وتكلموا على أهل البدع بالتجريح والانتقاد ولم يذكر واحد منهم محاسن أولائك المبتدعة ولم يشر إلى وجوب ذكرها، فقد ألّف البخاري كتابين في الوضع (الكبير والصغير). وألّف النسائي كتابًا في (الضعفاء والمتروكين). وألف العقيلي كتابا في (الضعفاء).
وألف ابن عدي كتابه (الكامل) في من تكلم فيهم. وألف ابن حبان كتابًا خاصًا بـ (المجروحين). وللداراقطني وابن معين عددا من الكتب عن (الضعفاء والمتروكين). وألف الحاكم كتاب (الضعفاء). وألف أبو نعيم وابن الجوزي في(الضعفاء).
كل هؤلاء العلماء لم يذكروا محاسن من جرحوهم من أهل البدع ولم يوجبوا ذكر ذلك.
وكذلك فإننا نشهد في عبارات التجريح عند السلف غلظة وقسوة دون ذكر محاسن المجرَّحين، ومن تلك العبارات القاسية في أهل البدع : متروك، كذاب، ليس بشيء، ليس بذاك، أحاديثه أباطيل، ما الآفة إلا "فلان"، منكر الحديث... وغيرها من العبارات التي تدل على كذب المجرَّح أو ابتداعه، دون أي ذكر لمحاسنه.
فدل كل ذلك على أن هذا المنهج في وجوب ذكر المحاسن هو منهج أهل البدع وأن الشيخ ربيع موافق لأهل السنة في نقده لهذا المنهج الخبيث الفاسد.
2️⃣اعتماد الشيخ على قاعدة عظيمة في الجرح والتعديل وهي قاعدة تقديم الجرح المفسر على التعديل وإن كثر عدد المعدلين :
لقد رد الشيخ ربيع على الكثير ممن كان يتستر وسط السلفيين ومنهجه منهج أهل البدع معتمدا في جروحاته على قاعدة تقديم الجرح المفسر على التعديل وإن كثر، ولهذا فإن أغلب من كان متسترا تحت سقف السلفية لم يعجبه ذلك وراح يبحث عن التعديلات لشيوخه وعن التجريحات للشيخ ربيع، فكان ذلك من بين الأسباب التي حركت أهل البدع المتخفين وسط أهل السنة ضد الشيخ ربيع وضد من يحبه ويتبع ردوده وبياناته في أهل البدع، وبقي أهل السنة الواضحين ثابتين عليها لا يضرهم مخالفة أولائك الدعاة للمنهج السلفي الواضح.
قال الشيخ ربيع -حفظه الله- :
((علماء الجرح والتعديل وعلماء الشريعة الإسلامية فصلوا في هذا الأمر، منهم الحافظ ابن كثير في مختصر مقدمة ابن الصلاح، إذا جرح عالم معتبر يعلم أسباب الجرح والتعديل والخلاف في هذه الأمور ولم يعارضه أحد في هذا الجرح فأنه يقبل – بارك الله فيكم – أما إذا عارضه عالم معتبر مثله بتزكية فحينئذ يطلب من المجرح أن يقدم الأدلة على ثبوت جرحه وأسبابه، فإذا قدم الأدلة فلو عارضه مائة عالم من كبار العلماء وأبرزهم لا قيمة لمعارضتهم لأنهم يعارضون الحجة والبرهان، وهم يعارضون بغير حجة ولابرهان، والله يقول :(قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) فالبرهان يسكت الألوف من الذين خلت أيديهم من الحجج ولو كانوا علماء، فهذه قواعد يجب أن تعرف وعليكم بمراجعة كتب علوم الحديث ولا سيما الموسعة منها مثل تدريب الراوي ومثل فتح المغيث للسخاوي شرح ألفية العراقي، فهذه أمور بديهية عند أهل العلم فالمنازعة فيها والكلام فيها بالباطل لا يجوز لأنه يفسد العلوم الإسلامية ويخرب القواعد و…….إلى آخره بمثل هذه الأساليب، فلا يجوز للمسلم أن يطرح للناس إلا الحق ويبتعد عن التلبيس والتحيل))
وهذه أقوال بعض العلماء الآخرين في هاته المسألة :
👈قال الإمام الحافظ الخطيب البغدادي رحمه الله في (الكفاية في علم الرواية ص177)
((فصل: إذا عدل جماعة رجلا وجرحه أقل عددا من المعدلين
فإنّ الذي عليه جمهور العلماء أنّ الحكم للجرح والعمل به أولى.
وقالت طائفة بل الحكم للعدالة وهذا خطأ لأجل ما ذكرناه من أن الجارحين يصدقون المعدلين في العلم بالظاهر ويقولون عندنا زيادة علم لم تعلموه من باطن أمره.
وقد اعتلت هذه الطائفة بأن كثرة المعدّلين تقوى حالهم وتوجب العمل بخبرهم وقلة الجارحين تضعف خبرهم.
وهذا يعد ممن توهموه لأنّ المعدلين وإن كثروا ليسوا يخبرون عن عدم ما أخبر به الجارحون ولو أخبروا بذلك وقالوا نشهد أن هذا لم يقع منه لخرجوا بذلك من أن يكونوا أهل تعديل أو جرح لأنها شهادة باطلة على نفي ما يصح ويجوز وقوعه وإن لم يعلموه فثبت ما ذكرناه))
👈قال العلامة المحدّث أبو الأشبال أحمد شاكر رحمه الله تعالى: ((إذا اجتمع في الراوي جرحٌ مُبيّن السبب وتعديل، فالجرحُ مُقدّمٌ، وإن كثُر عدد المُعدّلين، لأنّ مع الجارح زيادة علم لم يطّلع عليها المُعدّل، ولأنّهُ مُصدّقٌ للمُعدّل فيما أخبر به عن ظاهر حاله، إلا أنّهُ يُخبرُ عن أمر باطن خفي عنه.
وقيّد الفُقهاء ذلك بما إذا لم يقل المعدّلُ: عرفتُ السبب الذي قاله الجارح، ولكنّهُ تاب وحسُنت حاله، أو إذا ذكر الجارحُ سبباً مُعيّناً للجرح، فنفاهُ المُعدّلُ بما يدلُّ يقيناً على بُطلان السبب. قاله السيوطيُّ في التدريب.))
(الباعثُ الحثيث شرحُ اختصار علوم الحديث ص89 مكتبة المعارف، الرياض)
👈قال الإمام المحدّث مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله في (المُقترح في أجوبة أسئلة المُصطلح) :
((إذا اختلفوا –أي علماء الجرح والتعديل- في الراوي ومنهم من يجرّحه، فإن كان الجرح مفسّرًا أخذ بالجرح المفسر، لأن الجارح اطّلع على ما لم يطلع عليه المعدّل، فمثلاً رجل يقول: فلان محدّث وهو سنيّ من أهل السنة ويفهم، فجاء آخر ممن يعتمد قوله وقال: هو كذّاب. فالذي حكم عليه أنه كذاب اطلع على ما لم يطلع عليه المعدل، فعنده زيادة يجب الأخذ بها، ..))
3️⃣الرد على بدع الجماعات واعتبار ذلك أعظم من الكلام عن فجور الحكام :
لقد ظل الشيخ ربيع المدخلي كغيره من أئمة السنة المتقدمين والمتأخرين يرد على المفسدين ممن يدعي الانتساب إلى السلفية زورا، ولطالما قدّم ذلك الأمر على الكثير من الأمور العظيمة، واعتبر أن الكلام على جور الحكام علنا مخالف للسنة، فظهر بعض من يصطادون في المياه العكرة محاولين اصطياد بعض من تسخن -فرافرهم- بسرعة، معتمدين على أن أولائك الدعاة الذين رد عليهم الشيخ ربيع المدخلي إنما يدعون إلى الإصلاح وأما الحكام فإنهم يقررون الفساد والفسق والظلم، فكيف يرد الشيخ المدخلي على الدعاة ويترك الحكام؟!!!
هو تساؤل ظاهره حب الإسلام والدعوة إليه، وباطنه خبث ودعوة إلى الفرقة والحقد والخراب والإفساد. ألا يعلم هؤلاء الغوغاء أن الإسلام يحرّم انتقاد الحكام علنا لما يترتب على ذلك من فساد وفرقة وقد يصل إلى التقاتل وإسالة الدماء، والأحاديث في ذلك متواترة كثيرة، لا داعي لذكرها هنا، فقد قرر هذا الأصل علماء السنة المتقدمين في كتبهم، كما أفرد بعض العلماء حديثا تصانيف فيها، نذكر منها :
كتاب "بيان حقوق ولاة الأمور على الأمة بالأدلة من الكتاب والسنة وبيان ما يترتب على الإخلال بذلك" للشيخ العلّامة ابن باز.
كتاب "حقوق ولاة الأمر" للشيخ سليمان بن عبد الله أبو الخيل.
وقد بين العلماء أهمية نقد أهل البدع وأنه أفضل من الجهاد في سبيل الله، والجهاد ذروة سنام الإسلام فبالأولى أن يكون أفضل من بيان فساد الحكام، خاصة وأن الشريعة جاءت بتحريم هذا الأخير :
👈قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (28/ 232) :
((تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء -أي: المبتدعة- وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب)
👈وقال أيضا في "مجموع الفتاوى" (4/13) :
((فالراد على أهل البدع مجاهد حتى كان يحيى بن يحيى يقول: "الذب عن السنة أفضل من الجهاد"))
👈قال ابن القيم في "مفتاح دار السعادة" :
((فقوام الدين بالعلم والجهاد، ولهذا كان الجهاد نوعين: جهاد باليد والسنان وهذا المشارك فيه كثير، والثاني الجهاد بالحجة والبيان وهذا جهاد الخاصة من اتباع الرسل، وهو جهاد الأئمة، وهو أفضل الجهادين لعظم منفعته وشدة مؤنته وكثرة أعدائه))
4️⃣تحريم المظاهرات والثورات :
لقد حرم علماء السنة الربانيون جميعهم كل تلك الطرق التي فعلها أولائك الغوغاء في هذا القرن، واعتبروا ذلك امتدادا لما كان يفعله الكفار أثناء الثورة الصناعية وبعدها إلى اليوم، فحرموا المظاهرات والثورات والمسيرات والاعتصامات، وليس فقط الشيخ ربيع المدخلي من حرم تلك الأفعال المستنبطة من أعمال الكفار، وفيما يلي كلام أهل العلم السلفيين في هذا الأمر :
👈قال الشيخ الفوزان حفظه الله تعالى:
((ديننا ليس دين فوضى، ديننا دين انضباط، دين نظام، ودين سكينة، والمظاهرات ليست من أعمال المسلمين وما كان المسلمون يعرفونَها، ودين الإسلام دين هدوء ودين رحمة لا فوضى فيه، ولا تشويش، و لا إثارة فتن، هذا هو دين الإسلام، والحقوق يتوصل إلها دون هذه الطريقة، بالمطالبة الشرعية، والطرق الشرعية، هذه المظاهرات تحدث فتناً، وتحدث سفك دماء، وتحدث تخريب أموال، فلا تجوز هذه الأمور))
👈قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى :
(( لا أرى المظاهرات النسائية و الرجالية من العلاج، ولكنها من أسباب الفتن، ومن أسباب الشرور، ومن أسباب ظلم بعض الناس، والتعدي على بعض الناس بغير حق.
ولكن الأسباب الشرعية المكاتبة والنصيحة والدعوة إلى الخير، بالطرق السلمية، هكذا سلك أهل العلم، وهكذا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، بالمكاتبة والمشافهة مع المخطئين ومع الأمير ومع السلطان، بالاتصال به و مناصحته والمكاتبة له، دون التشهير في المنابر وغيرها بأنه فعل كذا وصار منه كذا. والله المستعان))
👈قال الشيخ ابن العثيمين رحمه الله تعالى :
((الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد :
فإن المظاهرات أمر حادث، لم يكن معروفاً في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم -، ولا في عهد الخلفاء الراشدين، ولا عهد الصحابة رضي الله عنهم.
ثم إن فيه من الفوضى والشغب ما يجعله أمراً ممنوعاً، حيث يحصل فيه تكسير الزجاج والأبواب وغيرها .. ويحصل فيه أيضاً اختلاط الرجال بالنساء، والشباب بالشيوخ، وما أشبه من المفاسد والمنكرات.
وأما مسألة الضغط على الحكومة : فهي إن كانت مسلمة فيكفيها واعظاً كتاب الله تعالى وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم -، وهذا خير ما يعرض على المسلم.
وإن كانت كافرة فإنها لا تبالي بهؤلاء " المتظاهرين " وسوف تجاملهم ظاهراً، وهي ما هي عليه من الشر في الباطن، لذلك نرى أن المظاهرات أمر منكر.
وأما قولهم إن هذه المظاهرات سلمية، فهي قد تكون سلمية في أول الأمر أو في أول مرة ثم تكون تخريبية، وأنصح الشباب أن يتبعوا سبيل من سلف فإن الله سبحانه وتعالى أثنى على المهاجرين والأنصار، وأثنى على الذين اتبعوهم بإحسان )) "الجواب الأبهر لفؤاد سراج" ص75
👈قال الشيخ أحمد النجمي رحمه الله تعالى في معرض ملاحظاته على جماعة ( الإخوان المسلمين ) :
((الملاحظة الثالثة والعشرون: تنظيم المسيرات والتظاهرات والإسلام لايعترف بهذا الصنيع ولا يقره بل هو محدث من عمل الكفار وقد انتقل من عندهم إلينا، أفكلما عمل الكفار عملا جاريناهم فيه وتابعناهم عليه.
إن الإسلام لا ينتصر بالمسيرات والتظاهرات، ولكن ينتصر بالجهاد الذي يكون مبنيا على العقيدة الصحيحة والطريقة التي سنها محمد بن عبد الله – صلى الله عليه وسلم - ولقد ابتلي الرسل وأتباعهم بأنواع من الابتلاءات فلم يؤمروا إلا بالصبر فهذا موسى عليه السلام يقول لبني إسرائيل رغم ما كانوا يلاقونه من فرعون وقومه من تقتيل الذكور من المواليد واستحياء الإناث يقول لهم: ما أخبر الله عزّ وجلّ به عنه قال موسى لقومه : {استعينوا بالله واصبروا إنّ الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين}
وهذا رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يقول لبعض أصحابه لما شكوا إليه ما يلقونه من المشركين (إنّ من كان قبلكم كان يؤتى بالرجل منهم فيوضع المنشار في مفرقه حتى يشق ما بين رجليه ما يصده ذلك عن دينه وليتمنّ الله هذا الأمر حتى يسير الرجل من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلى الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون فهو لم يأمر أصحابه بمظاهرات ولا اغتيالات)) "المورد العذب الزلال"
ص 228
👈قال الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله تعالى عند جوابه عن سؤال حول حكم المظاهرات والثورات والاضرابات :
((الحكم في هذا أنه تقليد لأعداء الإسلام، و صدق الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ يقول: "لتتبعن سنن من كان قبلكم، حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن"، فالمهم أنه يعتبر تقليدا لأعداء الإسلام، فليذكروا مظاهرة صحيحة عند أن ضُرب أبو بكر في الحرم، ويذكروا لنا مظاهرة صحيحة في وقت علي بن أبي طالب ومعاوية، وليذكروا لنا مظاهرة في الزمن الأموي، أو في الزمن العباسي، فهي جاءت من قبل أعداء الإسلام، وتلقاها الإخوان المفلسون.
يا إخواننا، دعوة الإخوان المفلسين تعتبر بلاءا، كلما جاء شيء من قبل أعداء الإسلام: مرحبا هاتوا، سواء يسمعوا مظاهرات وتمثيليات، أي شيء يأتي من قبل أعداء الإسلام صبغوه بصبغة، إن استطاعوا أن يأتوا بشبهة وإلا كذبوا))
👈قال الشيخ عبد العزيز الراجحي رحمه الله تعالى :
((المظاهرات ليست من أعمال المسلمين هذه دخيلة، ما كان معروف إلا من الدول الغربية الدول الكافرة.
فأين السنُّة في هذا ؟ السنُّة هي : فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله وتقريره فعلى هذا المفتي أن يأتي بالدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل المظاهرة أو أقر أحد على فعل المظاهرة))
👈قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى :
((صحيح ان الوسائل إذا لم تكن مخالفة للشريعة فهي الأصل فيها الإباحة، هذا لا إشكال فيه، لكن الوسائل إذا كانت عبارة عن تقليد لمناهج غير إسلامية فمن هنا تصبح هذه الوسائل غير شرعية، فالخروج للتظاهرات او المظاهرات وإعلان عدم الرضا او الرضا وإعلان التاييد أو الرفض لبعض القرارات أو بعض القوانين، هذا نظام يلتقي مع الحكم الذي يقول الحكم للشعب، من الشعب وإلى الشعب، أما حينما يكون المجتمع إسلاميا فلا يحتاج الأمر إلى مظاهرات وإنما يحتاج إلى إقامة الحجة على الحاكم الذي يخالف شريعة الله.))
👈قالت اللجنة الدائمة للبحوث والافتراء في السعودية بعد المظاهرات والثورات التي شهدتها الدول العربية مؤخرا :
((وبما أن المملكة العربية السعودية قائمة على الكتاب والسنة والبيعة ولزوم الجماعة والطاعة، فإن الإصلاح والنصيحة فيها لا تكون بالمظاهرات والوسائل والأساليب التي تُثير الفتن وتفرِّق الجماعة، وهذا ما قرَّره علماء هذه البلاد قديماً وحديثاً من تحريمها، والتحذير منها.
والهيئة إذ تؤكِّد على حرمة المظاهرات في هذه البلاد، فإن الأسلوب الشرعي الذي يحقِّق المصلحة، ولا يكون معه مفسدة، هو المناصحة، وهي التي سنّها النبي صلى الله عليه وسلم، وسار عليها صحابته الكرام وأتباعهم بإحسان)).
👈قال الشيخ عبيد الجابري رحمه الله تعالى :
((فهؤلاء أهلُ المظاهرات وأهلُ الإعتِصامات والاحتِجاجات، هؤلاءِ سلفُهُم هو: ذو الخويصِرة التَّميمي، ولهُم سلفٌ آخر وهُم السَّبئِيَّة أتباعُ عبد الله ابنِ سبأ ابنِ وهبْ الرَّاسبي اليهودي اليمني الذَّي أسلَم نِفاقًا وكيْدًا لأهلِ الإسلام. فإنَّهُ يُجمِّع النَّاس حولَه ويَجمعُ أخطاء ولاةِ عثمان –رضي الله عنه- ويُهيِّج النَّاس عليه، بِحُجةِ الأمر بالمعْروف والنَّهي عن المنْكر. إذًا لاتسْتغربوا عليْكم بالسُّنة))
👈قال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله تعالى :
((لا أعلم شيئا يدل على مشروعية هذه المظاهرات، لا نعلم أساساً في الدين يدل على هذه الأشياء، وإن هذه من الأمور المحدثة، التي أحدثها الناس والتي استوردوها من أعدائهم من البلاد الغربية والشرقية، يعني ليس لها أساس في الدين، ولا نعلم شيئاً يدل على جوازها وعلى مشروعيتها، لهذا الناس يسلكون المسالك الشرعية التي شرعت لهم ويتركون الأشياء التي ليس لها أساس ويترتب عليها أضرار، ويترتب عليها مفاسد ويترتب عليها قتل ويترتب عليها تضييق، لو لم يكن من أضرارها إلا التضييق على الناس في طرقاتهم وفي مسيراتهم لأن ذلك يكون كافياً في بيان سوءها وأنه ليس لأحد أن يقدم على مثل هذه الأشياء))
🤌مما سبق تستنتج -رحمك الله- أن تلك الأمور التي حاول الإخوان المفلسون تعيير وشتم الشيخ ربيع المدخلي بها -اعتقادا منهم أنها سيئة- إنما هي نفس عقيدة ونفس كلام جميع مشايخ السنة قديما وحديثا، فبها كان يقول السلف وبها قال شيخ الإسلام ابن تيمية وبها قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، وبها قال علماء السنة المتأخرون، هي عقيدة الشيخ ابن باز وابن العثيمين ومقبل الوادعي والراجحي والألباني والنجمي والجابري والعبّاد و الفوزان وبقية العلماء السلفيين.
🤌كما تستنتج أن الإخوان وأذنابهم ممن يدعي السلفية زورا وكذبا إنما خصوا الشيخ ربيع المدخلي بالمعاداة فسموا السلفيين "مداخلة" نسبة إليه، إنما فعلوا ذلك لأن المدخلي عرّاهم ونزع عنهم لباسهم المزركش في نظر الناس وبيّن أنه لباسا متسخا تفوح منه رائحة المجاري.
🤌كما تستنتج أن السلفيين جميعا تحت ذلك الاسم الذي اخترعه الإخوان، وأن من يفرق بين السلفيين فيجعل منهم صنفين سلفي ومدخلي إنما لا يفقه من الدين والسنة شيئا، وهو في قرارة نفسه مبغض للسلف وللسلفيين، وهو مختبئ فقط تحت عباءة (نحن سلفيون وأولائك مداخلة) النتنة.
#وأخيرا_لي_قادر_يثبت_عكس_واش_قلنا_يتفضل
يثبت ذلك إنما بالبينة والبرهان لا بالجهل والطغيان
#أتحدى_الجميع
#أنا_همّكم_أنا_غمّكم_أنا_سقمكم
#أنا_سمّكم_في_السر_والإعلان
#شريف_أوكال_الإسماعيلي
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir