نبض قلبي
2018-07-13, 16:36
تااااابع ......
أستنجد بكل ممرض أو طبيب أمامي و في نهاية المطاف أرسلوني معها إلى المستشفى الكبير بالوﻻية ، شككت أن باﻷمر سرا أجهله ! كيف لهم أن يوجهونني من مستشفى ﻷخرى ؟ ازداد الوجع بعائشة حتى ظهرت عروق جبهتها ، وصلنا المستشفى اﻷخير فقالت لي القابلة : _ عد إلى بلدتك ، ستلد هناك . لم أتوسل في حياتي قط مثلما توسلت لتلك القابلة لكنها رفضت رفضا قاطعا و السبب كيف لها أن تعمل عمل شخص آخر ، آمنت آنذاك أن هناك بشرا ﻻ رحمة بقلوبهم ، سفاحون بطريقة غير مباشرة ، يرونك تصارع الموت وحدك و ﻻ تهز لهم شعرة ، ﻻ يتجرأ أحدهم و لو المسح على رأسك ، هذا ما يحتاجه المريض من طبيبه الرحمة و حسن المعاملة و ليس كيس أدوية ، وددت لو أدبتها لكن كان هناك ما هو أهم من إثارتي للمشاكل ، توجه بي عبد الرزاق بسرعة البرق إلى بلدتنا فقد أخبرني أن هناك قابلة يعرفها حق المعرفة ، عشنا إثارة ﻻ توصف ذلك اليوم ، لكن عائشة لم تتحمل اﻷلم استأذنت من جاري محرجا للجلوس معها بالخلف ، كانت تتكئ على كتفي و عرقها قد بلل قميصي و أظافرها قد غرزت بمعصمي لكنني تحملت اﻷلم ﻷنها تحملت عني الكثير قبﻼ ، أحسست حينها أنني أمدها بالقوة مخبرا اياها : _ لم يتبق الكثير لنصل ، اصبري يا أم موسى . ابتسمت و انزاحت يدها عن يدي ، هدأ صدرها عن التحرك بجنون ، التفت لها ﻷجدها نائمة على كتفي نومتها اﻷخيرة ، وصلنا للمستشفى ليفحصها الطبيب ، أمضيت على شهادة وفاتها و ابني و أدخلوها في اﻷخير لغرفة حفظ الجثث ، وددت لو أحرقتهم كما حرقوا فؤادي لكن لم يكن لي القوة سوى الجلوس أمام غرفة حفظ الجثث ، ربما كنت أنتظر أن يولدونها الموتى الطيبون الذين تتواجد معهم ! ربما كنت أنتظر سماع صراخ ابني ﻷستقبله بأحضاني و أأذن بأذنه و أدعو الله أن يكون صالحا ، وجع الفقد ﻻ يوصف ، خاصة إذا كنت قد فقدته ظلما ، خاصة إذا كان طيبا ﻻ يستحق شرور هذا العالم ، خاصة إذا مات على كتفك ، خاصة إذا كان بعني لك العالم ، أفقت على تعزية عبد الرزاق : _ عظم الله أجركم في مصابكم ، إنا لله و إنا إليه راجعون . أتدري كم اﻷلم الذي يعتصرك و أن تصلي على أحبابك صﻼة الوداع ؟! أن تدفنهما بيديك و تحسهما خائنتين ؟! أن تصفف الحجارة عليهما و تود لم أنهم بقوا معك أو أنك دفنت معهم ؟ ! اﻷمر من هذا و ذاك أن تكون موضوعا دسما لﻺعﻼم ، تكون محل شفقة ﻻ أكثر و ﻻ أقل فاﻷمر ليس بالجديد و لن تكون عائشة آخر ضحية . في تلك الليلة صليت لربي و شكوتهم له واحدا واحدا و دعوت عليهم حتى أيقنت أن الله لن يضيع المظلومين . بعد أيام دخلت بيتي فوجدته بارد برد صقيع رغم حرارة أوت بالخارج و التي تقتل جمﻼ ، رأيت حقيبتها الكبيرة التي حضرتها و أوصتني أن آخذها لها حالما تلد ، رأيت بالمطبخ علب الدقيق ، القهوة و التمر ، و كأن الجماد كله اتفق على أن يذكرني بطفلتي ، ما نثر حطامي لحظة هو فتحي للثﻼجة لشرب ماء فوجدتها قد حضرت لي مربى التين الذي أحبه ، أربع علب كتبت على كل منها عبارة « هذه لك يا عيسى ، ﻻ تأكلها كلها » « عيسى ان اشتقت لنا فزرنا ، نحن أيضا نشتاق لك » « عيسى لم يتبق الكثير ، سنعود لك فﻼ تقلق » « عيسى أحبك ، أم موسى » اﻹشتياق حرق فؤادي فلم يبق فيه إنشا صالحا ، سأزورها لكن ليس ببيت والدها و لكن بالمقبرة ، أما العودة فﻼ أظنها ستعود . أخبركم أمرا ، ذلك اليوم لم تمت عائشة نحن فقط نحسبها ميتة لكنها حية عند الله كونها شهيدة ، أنا هو من مات.
أستنجد بكل ممرض أو طبيب أمامي و في نهاية المطاف أرسلوني معها إلى المستشفى الكبير بالوﻻية ، شككت أن باﻷمر سرا أجهله ! كيف لهم أن يوجهونني من مستشفى ﻷخرى ؟ ازداد الوجع بعائشة حتى ظهرت عروق جبهتها ، وصلنا المستشفى اﻷخير فقالت لي القابلة : _ عد إلى بلدتك ، ستلد هناك . لم أتوسل في حياتي قط مثلما توسلت لتلك القابلة لكنها رفضت رفضا قاطعا و السبب كيف لها أن تعمل عمل شخص آخر ، آمنت آنذاك أن هناك بشرا ﻻ رحمة بقلوبهم ، سفاحون بطريقة غير مباشرة ، يرونك تصارع الموت وحدك و ﻻ تهز لهم شعرة ، ﻻ يتجرأ أحدهم و لو المسح على رأسك ، هذا ما يحتاجه المريض من طبيبه الرحمة و حسن المعاملة و ليس كيس أدوية ، وددت لو أدبتها لكن كان هناك ما هو أهم من إثارتي للمشاكل ، توجه بي عبد الرزاق بسرعة البرق إلى بلدتنا فقد أخبرني أن هناك قابلة يعرفها حق المعرفة ، عشنا إثارة ﻻ توصف ذلك اليوم ، لكن عائشة لم تتحمل اﻷلم استأذنت من جاري محرجا للجلوس معها بالخلف ، كانت تتكئ على كتفي و عرقها قد بلل قميصي و أظافرها قد غرزت بمعصمي لكنني تحملت اﻷلم ﻷنها تحملت عني الكثير قبﻼ ، أحسست حينها أنني أمدها بالقوة مخبرا اياها : _ لم يتبق الكثير لنصل ، اصبري يا أم موسى . ابتسمت و انزاحت يدها عن يدي ، هدأ صدرها عن التحرك بجنون ، التفت لها ﻷجدها نائمة على كتفي نومتها اﻷخيرة ، وصلنا للمستشفى ليفحصها الطبيب ، أمضيت على شهادة وفاتها و ابني و أدخلوها في اﻷخير لغرفة حفظ الجثث ، وددت لو أحرقتهم كما حرقوا فؤادي لكن لم يكن لي القوة سوى الجلوس أمام غرفة حفظ الجثث ، ربما كنت أنتظر أن يولدونها الموتى الطيبون الذين تتواجد معهم ! ربما كنت أنتظر سماع صراخ ابني ﻷستقبله بأحضاني و أأذن بأذنه و أدعو الله أن يكون صالحا ، وجع الفقد ﻻ يوصف ، خاصة إذا كنت قد فقدته ظلما ، خاصة إذا كان طيبا ﻻ يستحق شرور هذا العالم ، خاصة إذا مات على كتفك ، خاصة إذا كان بعني لك العالم ، أفقت على تعزية عبد الرزاق : _ عظم الله أجركم في مصابكم ، إنا لله و إنا إليه راجعون . أتدري كم اﻷلم الذي يعتصرك و أن تصلي على أحبابك صﻼة الوداع ؟! أن تدفنهما بيديك و تحسهما خائنتين ؟! أن تصفف الحجارة عليهما و تود لم أنهم بقوا معك أو أنك دفنت معهم ؟ ! اﻷمر من هذا و ذاك أن تكون موضوعا دسما لﻺعﻼم ، تكون محل شفقة ﻻ أكثر و ﻻ أقل فاﻷمر ليس بالجديد و لن تكون عائشة آخر ضحية . في تلك الليلة صليت لربي و شكوتهم له واحدا واحدا و دعوت عليهم حتى أيقنت أن الله لن يضيع المظلومين . بعد أيام دخلت بيتي فوجدته بارد برد صقيع رغم حرارة أوت بالخارج و التي تقتل جمﻼ ، رأيت حقيبتها الكبيرة التي حضرتها و أوصتني أن آخذها لها حالما تلد ، رأيت بالمطبخ علب الدقيق ، القهوة و التمر ، و كأن الجماد كله اتفق على أن يذكرني بطفلتي ، ما نثر حطامي لحظة هو فتحي للثﻼجة لشرب ماء فوجدتها قد حضرت لي مربى التين الذي أحبه ، أربع علب كتبت على كل منها عبارة « هذه لك يا عيسى ، ﻻ تأكلها كلها » « عيسى ان اشتقت لنا فزرنا ، نحن أيضا نشتاق لك » « عيسى لم يتبق الكثير ، سنعود لك فﻼ تقلق » « عيسى أحبك ، أم موسى » اﻹشتياق حرق فؤادي فلم يبق فيه إنشا صالحا ، سأزورها لكن ليس ببيت والدها و لكن بالمقبرة ، أما العودة فﻼ أظنها ستعود . أخبركم أمرا ، ذلك اليوم لم تمت عائشة نحن فقط نحسبها ميتة لكنها حية عند الله كونها شهيدة ، أنا هو من مات.