تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الضمان .. المعاملات الإسلامية


*عبدالرحمن*
2018-06-24, 16:03
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


تقدمت مواضيع

مقدمه المعاملات الإسلامية

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2148944

الهدية والهبة والعطية

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2149085

الإرث وتوزيع التركة

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2149234

الأموال المحرمة

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2149373

القرض

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2149496

............

ضمان الأمانات

السؤال

إذا كنت مسافراً وأعطاك شخص أمانة توصلها لآخر عبارة عن مال أو شيء ما وفُقدت منك هذه الأمانة بسبب سرقة أو أمر لا تقدر عليه، فهل يجب عليك أن تعيد المبلغ أو الشيء الذي فقدته للشخص الذي حملك الأمانة ؟ أرجو التوضيح .

الجواب

الحمد لله

بالنسبة لهذه الأمانة الإنسان مؤتمن عليها ، وإذا كان كذلك فإنه يجب عليه أن يحفظها ، لان الله عز وجل يقول : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ) النساء / 58 ومن أدائها حفظها ؛ فلا بد أن يحفظها في حرزها .

فإن حفظها في حرزها التي تحرز فيه وتحفظ فيه ولم يتعدّ ولم يفرط - والتعدي فعل ما لا يجوز ، والتفريط ترك ما يجب - ففي هذه الحال لا شيء عليه .

أما إذا فرط ولم يحفظها في حرزها ، أو تعدى ووضعها في مكان لا يؤمن عليها مع قدرته أن يضعها في مكان يؤمن عليها فيه ، أو تصرف فيها ؛ أو استعملها ونحو ذلك ، ثم بعد ذلك سرقت منه ؛ فإنه يضمن .

فالضابط في ذلك هو التعدي والتفريط فإذا لم يتعدّ ولم يفرط لم يضمن .

الشيخ الدكتور خالد المشيقح

*عبدالرحمن*
2018-06-24, 16:09
باب في أحكام الإتلافات

السؤال

ما الحكم إذا أتلف شخص مالاً لغيره ؟

وهل يختلف الحكم إذا كان بقصد أو بدون قصد ؟.

الجواب

الحمد لله

إن الله تعالى حرم الاعتداء على أموال الناس وابتزازها بغير حق , وشرع ضمان ما أتلف منها بغير حق , ولو عن طريق الخطأ . فمن أتلف مالاً لغيره , وكان هذا المال محترماً , وأتلفه بغير إذن صاحبه ؛ فإنه يجب عليه ضمانه .

قال الإمام الموفق لا نعلم فيه خلافا وسواء في ذلك العمد والسهو والتكليف وعدمه وكذا من تسبب في إتلاف مال كما لو فتح بابا فضاع ما كان مغلقا عليه أو حل وعاء فانساب ما في الوعاء وتلف ضمن ذلك وكذا لو حل رباط دابة أو قيدها فذهبت وضاعت ضمنها

وكذا لو ربط دابة بطريق ضيق فنتج عن ذلك أن عثر بها إنسان فتلف أو تضرر ضمنه لأنه قد تعدى بالربط في الطريق وكذا لو أوقف سيارة في الطريق فنتج عن ذلك أن اصطدم بها سيارة أخرى أو شخص فنجم عن ذلك ضرر ضمنه لما رواه الدارقطني وغيره من وقف دابة في سبيل المسلمين أو في سوق من أسواقهم فوطئت بيد

أو رجل فهو ضامن وكذا لو ترك في الطريق طينا أو خشبة أو حجرا أو حفر فيه حفرة فترتب على ذلك تلف المار أو تضرره أو ألقى في الطريق قشر بطيخ ونحوه أو أرسل فيه ماء فانزلق به إنسان فتلف أو تضرر ضمنه فاعل هذه الأشياء في جميع هذه الصور لتعديه بذلك وما أكثر ما يجري التساهل في هذه الأمور في وقتنا وما أ كثر ما يحفر في الطريق ويسد وتوضع فيه العراقيل وما أكثر الأضرار الناجمة عن تلك التصرفات دون حسيب أو رقيب حتى إن أحدهم ليستولي على الشارع ويستعمله لأغراضه الخاصة ويضايق المارة ويضر بهم ولا يبالي بما يلحقه من الإثم

من جراء ذلك ومن الأمور الموجبة للضمان ما لو اقتنى كلبا عقورا فاعتدى على المارة وعقر أحدا فإنه يضمنه لتعديه باقتناء هذا الكلب وإن حفر بئرا في فنائه لمصلحته ضمن ما تلف بها لأنه يلزمه أن يحفظها بما يمنع ضرر المارة فإذا تركها بدون ذلك فهو متعد وإذا كان له بها بهائم وجب عليه حفظها في الليل من إفساد زروع الناس فإن تركها وأفسدت شيئا ضمنه لأن النبي صلى الله عليه وسلم : ( قضى أن على أهل الأموال حفظها بالنهار وما أفسدت بالليل مضمون عليهم ) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه

فلا يضمن صاحب البهيمة ما أتلف بالنهار إلا إن أرسلها صاحبها بقرب ما تتلفه عادة قال الإمام البغوي رحمه الله : " ذهب أهل العلم إلى ما أفسدت بالليل ضمنه مالكها لأن في العرف أن أصحاب الحوائط والبساتين يحفظونها بالنهار وأصحاب المواشي يحفظونها بالليل فمن خالف هذه العادة كان خارجا عن العرف هذا إذا لم يكن مالك الدابة معها هذا فإن كان معها فعليه ضمان ما أفسدته " انتهى

وقد ذكر الله قصة داود وسليمان وحكمهما في ذلك فقال سبحانه : ( وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ، ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما ) ,

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" صح بنص القرآن الثناء على سليمان بتفهيم الضمان بالمثل فإن النفش رعي الغنم ليلا وكان ببستان عنب فحكم داود بقيمة المتلف فاعتبر الغنم فوجدها بقر القيمة فدفعها إلى أصحاب الحرث وقضى سليمان بالضمان على أصحاب الغنم , وأن يضمنوا ذلك بالمثل , بأن يعمروا البستان حتى يعود كما كان ,

ولم يضيع عليهم مغله من حيث الإتلاف إلى حين العود , بل أعطى أصحاب البستان ماشية أولئك , ليأخذوا من نمائها بقدر نماء البستان , فيستوفوا من نماء غنمه نظير ما فاتهم من نماء حرثهم , واعتبر الضمانين فوجدها سواء , وهذا هو العلم الذي خصه الله به أثنى عليه بإدراكه " انتهى .

وإذا كانت البهيمة بيد راكب أو قائد أو سائق ؛ ضمن جنايتها بمقدمها ؛ كيدها و فمها , لا ما جنت بمؤخرها كرجلها ؛ لحديث : ( الرجل جبار ) وفي رواية أبي هريرة : ( رجل العجماء جبار ) , والعجماء البهيمة , سميت بذلك لأنها لا تتكلم , وجبار- بضم الجيم - ؛ أي : جناية البهائم هدر .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

( كل بهيمة عجماء كالبقر والشاة ؛ فجناية البهائم غير مضمونة إذا فعلت لنفسها كما لو انفلتت ممن هي في يده وأفسدت ؛ فلا ضمان على أحد , ما لم تكن عقوراً , ولا فرط صاحبها في حفظها في الليل أو في أسواق المسلمين ومجامعهم , وكذا قال غير واحد : إنه إنما يكون جباراً إذا كانت منفلتة ذاهبة على وجهها ليس لها قائد أو سائق ؛ إلا الضارية ) .

وإذا صال عليه آدمي أو بهيمة , ولم يندفع إلا بالقتل , فقتله ؛ فلا ضمان عليه ؛ لأنه قتله دفاعاً عن نفسه , ودفاعه عن نفسه جائز , فلم يضمن ما ترتب عليه ولأن قتله لدفع شره , ولأنه إذا قتله دفعاً لشره ؛ كان الصائل هو القاتل لنفسه .

قال الشيخ تقي الدين :

( عليه أن يدفع الصائل عليه , فإن لم يندفع إلا بالقتل ؛ كان له ذلك باتفاق الفقهاء ) .

ومما لاضمان في إتلافه : آلات اللهو , والصليب , وأواني الخمر , وكتب الضلال والخرافة والخلاعة والمجون ؛ لما روى أحمد عن ابن عمر : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يأخذ مدية , ثم خرج إلى أسواق المدينة , وفيها زقاق الخمر قد جلبت من الشام , فشققت بحضرته , وأمر أصحابه بذلك ) . فدل الحديث على طلب إتلافها وعدم ضمانها , لكن لا بد أن يكون لإتلافها بأمر السلطة ورقابتها ؛ ضماناً للمصلحة , ودفعاًُ للمفسدة .

من كتاب الملخص الفقهي للشيخ صالح آل فوزان ص 133

*عبدالرحمن*
2018-06-24, 16:11
تحريم استعمال الأمانة بغير إذن صاحبها

السؤال :

ترك شخص سيارته عندي أمانة حتى يعود من سفره ، فاضطررتُ لاستعمالها بدون أخذ إذن منه ، فهل يجوز استعمالها مدة غيابه أم أعيدها لمكانها ، مع العلم أني محتاج لاستعمالها ؟

الجواب :

الحمد لله

يحرم استعمالها بدون إذن ، فإن العلماء قالوا : ويحرم التصرف في الأمانة بغير إذن صاحبها ، وهذا يتنافى مع الأمانة التي ائتمنك عليها صاحبها ، فلا يجوز لك أن تستعملها إلا بإذنه ، فعليك أن تردها إلى مكانها وأن تحافظ عليها ، وما فعلته من هذا الاستعمال هو استعمال في غير محله وأنت آثم إلا إذا سامحك صاحبها وأباحها لك فلا مانع حينئذ

والله أعلم .

من فتاوى سماحة الشيخ عبد الله بن حميد ص 196

*عبدالرحمن*
2018-06-24, 16:13
السؤال :

ما حكم رفع سعر السلعة لزيادة مدة الضمان ؟

الجواب :

الحمد لله

عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين فأجاب حفظه الله :

لا بأس به إذا كان عن تراض …. أما بيع كروت الضمان مستقلة فلا يجوز

والله أعلم .

الشيخ عبد الله بن جبرين

*عبدالرحمن*
2018-06-24, 16:17
أعطاه صاحب العمل سيارة ليستعملها فجرى له حادث فمن الذي يتحمل ضمان ما تلف من سيارة الغير ؟

السؤال :

أعمل لدى مؤسسة ، وأنا على كفالتهم ، وأعطوني سيارة لأقضي بها متطلباتي الشخصية ، مثل الذهاب للمسجد ، والسوق ، وصار معي حادث بتلك السيارة ، فمن الذي يجب عليه الدفع للطرف الآخر المتضرر ، أنا أم المؤسسة ؟

الجواب :

الحمد لله

إذا أعطتك المؤسسة سيارة لتستعملها في مصالحك أو في عملك، ثم حصل منك حادث نتج عنه تلفيات ضد الغير، فإنك تتحمل ذلك ما دام الخطأ منك، ولا علاقة لمؤسستك بخطئك.

وقد روى البخاري (5225) عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتِ الَّتِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهَا يَدَ الخَادِمِ، فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ، فَجَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ، وَيَقُولُ: «غَارَتْ أُمُّكُمْ» .

ثُمَّ حَبَسَ الخَادِمَ حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا، وَأَمْسَكَ المَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ ).

ورواه الترمذي (1359) وفيه: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (طَعَامٌ بِطَعَامٍ، وَإِنَاءٌ بِإِنَاءٍ).

والحديث : أصل في ضمان المتلفات.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "

والقاعدة عندنا في ضمان المُتلفات: (أن المثلي يضمن بمثله، والمتقوم يضمن بقيمته) ، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إناء بإناء، وطعام بطعام» في قصة معروفة، وهي أنه صلّى الله عليه وسلّم كان عند إحدى زوجاته ـ رضي الله عنهن ـ فأرسلت الزوجة الأخرى خادمها بطعام في صحفة، فدخل الخادم بالطعام والصحفة على الرسول صلّى الله عليه وسلّم في منزل الضرَّة، فأصابتها الغيرة، فضربت بيد الخادم حتى سقطت الصحفة وانكسرت، فأخذ النبي صلّى الله عليه وسلّم طعام المرأة التي هو عندها وصحفتها وأعطاها الخادم، وقال: «إناء بإناء، وطعام بطعام» فهنا ضُمِن بالمثل؛ لأن هذا مثلي" انتهى.

ولا وجه لتحمل صاحب العمل غرامة ما أتلفت؛ فإن الضمان على المتلِف.

ولو أتلف الصغير أو المجنون شيئا، فإن الضمان يكون في مالهما، فكيف بالبالغ الراشد ؟!

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

".. يجب ضمان الأموال التي يتلفها الصبي والمجنون في ماله"

انتهى من مجموع الفتاوى (15/ 173).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "فإذا قال قائل: أليس قد رفع القلم عن ثلاثة؟

قلنا: نعم رفع القلم عن ثلاثة باعتبار حق الله، ولهذا لا يأثم هذا المجنون، ولا يأثم هذا السفيه، ولا يأثم هذا الصغير، ويأثم إذا كان بالغاً .

ولكن الضمان لازم لهم؛ لأن هذا حق للآدمي؛ ولذلك لو أن نائماً انقلب على مال أحد ، وأتلفه ، فإنه يضمنه؛ لأن الإتلاف يستوي فيه العامد والمخطئ والصغير والكبير.

فإن لم يكن عندهم مال فإنه لا يؤخذ من وليهم، لكن يبقى في ذممهم ، حتى يكبروا ويتوظفوا ، أو يتجروا ويؤخذ منهم"

انتهى من الشرح الممتع (9/ 295).

والحاصل :

أن ضمان ما أتلفت عليك، لكن لو تبرع صاحب العمل بذلك، فلا حرج.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-06-24, 16:19
تلف الجهاز بسبب إهمال شركة الكهرباء فهل له التعويض

السؤال

: هل يجوز لنا أن نطلب تعويض مالي على آلة تمارين خرقت بسبب إهمال من شركة الكهرباء لأسلاك الكهرباء ؛ لأن هنا في امريكا يحق لك ذلك ، وتلك الآلة تقدر ب300 $ .

الجواب:

الحمد لله

إذا ثبت أن تلف الآلة كان بسبب ضعف أو تلف في أسلاك الكهرباء وكان ذلك بإهمال الشركة، جاز لكم طلب التعويض المالي.

والتعويض عن الضرر ثابت في الشريعة، كما روى الترمذي (1359) عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَهْدَتْ بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا فِي قَصْعَةٍ، فَضَرَبَتْ عَائِشَةُ القَصْعَةَ بِيَدِهَا، فَأَلْقَتْ مَا فِيهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «طَعَامٌ بِطَعَامٍ، وَإِنَاءٌ بِإِنَاءٍ» وصححه الألباني.

ورواه أحمد (25155) عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ صَانِعَةَ طَعَامٍ مِثْلَ صَفِيَّةَ، أَهْدَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَاءً فِيهِ طَعَامٌ، فَمَا مَلَكْتُ نَفْسِي أَنْ كَسَرْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا كَفَّارَتُهُ؟ فَقَالَ: ( إِنَاءٌ كَإِنَاءٍ، وَطَعَامٌ كَطَعَامٍ).

قال القرطبي رحمه الله:

" ولا خلاف بين العلماء على تضمين المثل في المطعومات والمشروبات والموزونات، لقوله عليه السلام: (طعام بطعام)"

انتهى من تفسير القرطبي (2/ 358).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

" القاعدة : أنَّ كل مَن أتلف شيئاً فعليه الضمان"

انتهى من الشرح الممتع على زاد المستقنع ( 10 / 200 ) .

والقاعدة في الضمان : أن الشيء يضمن بمثله ، فإن تعذر فإنه يضمن بقيمته .

وعليه فإن أمكن إصلاح الآلة بحيث تعود كما كانت، لزم الشركة ذلك، ولو بتبديل (ماتور) الآلة، وإلا لزمها شراء مثلها (مستعملة) أو ما هو قريب من المثل، إن وجدت، أو دفع قيمتها إن لم توجد ، ويُرجع في تقدير القيمة إلى أهل الخبرة.

قال ابن القيم رحمه الله:

" الأصل الثاني: أن جميع المتلفات تضمن بالجنس بحسب الإمكان مع مراعاة القيمة... وإذا كانت المماثلة من كل وجه متعذرة حتى في المكيل والموزون فما كان أقرب إلى المماثلة فهو أولى بالصواب، ولا ريب أن الجنس إلى الجنس أقرب مماثلة من الجنس إلى القيمة؛ فهذا هو القياس وموجب النصوص، وبالله التوفيق"

انتهى من إعلام الموقعين (2/ 20).

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-06-24, 16:23
سُرقت بطاقتها الائتمانية فتأخرت في إبلاغ البنك فهل تتحمل التبعات ؟

السؤال:

سرقت بطاقة الائتمان الخاصة بي ، والسارق قام بشراء مشتريات ب 30000 ،السرقة تمت من 3 سنوات ، وقد أبلغت البنك بعد السرقة ببضعة أيام ، وليس في وقت الواقعة ، البطاقة ليس لها باسوورد أو كود خاص بي مما سهل حدوث الشراء بالسرقة

وأيضا المحلات التي تم الشراء منها لم يتم التحقق من المشتري بالرقم القومي أو صحة التوقيع ، البنك يتصل بي دائما أو محامين تابعين له لمساومتي علي دفع المبلغ أو جزء منه ، علي العلم أني علمت أن الدين قد أتعدم ، والبنك اشتراه بنك آخر ، السؤال : هل علي رد هذا الدين أم ماذا ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا:

قد أخطأت خطأ ظاهرا بعدم إخطار البنك بالسرقة فور وقوعها، لا سيما مع علمك بأن البطاقة ليس لها باسوورد، ولهذا فإنك تتحملين ما ترتب على ذلك ، فتضمنين ما غرمه البنك لأصحاب المحلات؛ لأنه ناتج عن تقصيرك وتفريطك .

والقاعدة العامة أن ما ترتب على غير المأذون فهو مضمون.

لكنك تضمنين أصل المبلغ ، دون الفوائد الربوية المضافة ، إليه إن وجدت.

ولا تضمنين إلا المبلغ الذي تم الشراء به قبل إبلاغك للبنك ، أما بعد إبلاغك للبنك فقد برئت ذمتك، وصارت المسؤولية على البنك ، فلو تأخر في الإجراءات حتى تمكن السارق من استعمال البطاقة في مشتريات أخرى ، فلا تضمنين هذه المبالغ المتأخرة ، ويعرف ذلك بالتاريخ .

ثانيا:

كون البنك قد اشتراه بنك آخر، لا يسقط الدين الذي في ذمتك، والأصل أنك مدينة للبنك الأول، ولا تبرئين إلا بإبرائه لك.
فإذا كان البنك الأول – بعد بيعه – لا يزال ملاكه ، أو هيئته الاعتبارية تطالب بحقوقه ، لزمك أداء الحق لهم .

ثالثا:

لا حرج في إسقاط البنك عنك بعض هذا الدين برضاه. ولا يجوز لك الامتناع من السداد حتى يسقط عنك البعض ؛ لأن هذا من أكل المال بالباطل.

قال في " زاد المستقنع " :

" إذا أقر له بدين أو عين فأسقط أو وهب البعض وترك الباقي صح ، إن لم يكن شرطاه " .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه: "قوله: «إن لم يكن شرطاه» أي: المتنازعان، أو إن لم يكن شرطاً، أي: بشرط ألا يكون المقر أقر للشخص بهذا الشرط، أي: بأن منعه حقه إلا بأن يسقط أو يهب ، فإن كان كذلك فإنه لا يجوز؛ لأنه لا يحل له أن يمنعه حقه إلا إذا تنازل عن بعضه ، فهذا حرام ، ومن أكل المال بالباطل ، ولكن هل لا يجوز للمسقط أو لا يجوز للمسقط عنه ؟ أيهما الظالم ؟

الجواب: الظالم هو المسقَط عنه ، إذا قال: أنا أقر لك بهذا الدين بشرط أن تسقط كذا وكذا، فالظالم المسقط عنه ، إذا كان الدين حقيقة ثابتا، فيشترط ألا يكون شرطاه ، فإن شرطاه ، فإنه لا يصح، لكن في حق المعتدي منهما؛ لأن العبرة بما في الأمر نفسه"

انتهى من "الشرح الممتع" (9/228).

والحاصل :

أنه لا حرج عليك أن تدفعي بعض ما عليك من الدين ، إذا كان البنك هو الذي عرض هذا ابتداء .

وإذا ثبت أن السارق قد استخدم البطاقة بعدما أبلغت البنك ، وأن المسؤولية مشتركة بينك وبين البنك ، فإنما يلزم كل طرف منكما ، ما تم سرقته من المال ، وهو في ضمانه ومسؤوليته .

والظاهر أن أنسب ما يكون لذلك ، لا سيما بعد بيع البنك : أن تتصالحي مع البنك ، على نحو ما سبق ، وما اتفقتما عليه : تدفعينه ، ويسقط عنك البنك الباقي ، ولا حرج على الطرفين في ذلك. لا سيما وقد عرض البنك عليك ذلك صراحة .

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-06-24, 16:30
حكم استصدار خطاب ضمان من بنك ربوي

السؤال:

أعتزم إنشاء شركة جديدة في باكستان، وأود أن أعرف إذا ما كانت هناك قاعدة حكومية أو سياسة للشركات تقضي بالحصول على ضمان مصرفي أو إظهاره (للدخول في العطاء)، فهل سيكون ذلك حلالاً أم حرامًا ؟

وإذا كان ذلك حرامًا ، فهل هناك أي خيار آخر للاستفادة من العطاء؟

يرى بعض أصدقائي عكس ما يقوله الحديث والفتوى التي أصدرتموها وهي أنه حتى الحصول على وظيفة حارس في مؤسسة كهذه حرام .

الجواب :

الحمد لله

خطاب الضمان: "هو تعهد قطعي مقيد بزمن محدد ، غير قابل للرجوع ، يصدر من البنك ، بناءً على طلب طرف آخر (عميل فيه) ، بدفع مبلغ معين ، لأمر جهة أخرى مستفيدة من هذا العميل، لقاء قيام العميل بالدخول في مناقصة، أو تنفيذ مشروع بأداء حسن، ليكون استيفاء المستفيد من هذا التعهد (خطاب الضمان) متى تأخر أو قصر العميل، في تنفيذ ما التزم به للمستفيد، في مناقصة أو تنفيذ مشروع ونحوهما، ويرجع البنك بعدُ على العميل بما دفعه عنه للمستفيد"

انتهى من " فقه النوازل للدكتور " بكر بن عبد الله أبو زيد (1/201).

وعليه : فخطاب الضمان-غير المغطى- كفالة من البنك للعميل، ولهذا لا يجوز أخذ أجرة عليه؛ لأن الكفالة عقد تبرع ، ولما قد يؤدي ذلك إلى الوقوع في الربا .

وذلك أن الكفيل أو الضامن ملزم بدفع الدين عن المكفول إذا لم يقم المكفول بالسداد ، فإذا سدد عنه كان ذلك قرضا ، وكانت الأجرة على الضمان فائدة على القرض ، وهي ربا .

قال ابن المنذر رحمه الله:

" أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الحمالة بجعل يأخذه الحَمِيل، لا تحل، ولا تجوز"

انتهى من " الإشراف على مذاهب أهل العلم " (6/230).

والحمالة: الكفالة.

وقال ابن جرير الطبري في "اختلاف الفقهاء" (ص9)

: " ولو كفل رجل على رجل بمال عليه لرجل ، على جُعل (أجرة) ، جعله له المكفول عليه : فالضمان على ذلك باطل" انتهى .

وقال ابن قدامة في "المغني" (6/ 441)

: "ولو قال : اكفل عني ولك ألف : لم يجز ؛ لأن الكفيل يلزمه الدين ، فإذا أداه ، وجب له على المكفول عنه, فصار كالقرض ، فإذا أخذ عوضا صار القرض جارا للمنفعة ، فلم يجز " انتهى باختصار .

وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن خطاب الضمان ، ما يلي :

" أولاً : إن خطاب الضمان بأنواعه الابتدائي والانتهائي لا يخلو إما أن يكون بغطاء أو بدونه ، فإن كان بدون غطاء ، فهو : ضم ذمة الضامن إلى ذمة غيره ، فيما يلزم ، حالاً أو مآلاً ، وهذه هي حقيقة ما يعني في الفقه الإسلامي باسم : الضمان أو الكفالة .

وإن كان خطاب الضمان بغطاء ، فالعلاقة بين طالب خطاب الضمان وبين مُصْدِره هي الوكالة ، والوكالة تصّح بأجر ، أو بدونه ، مع بقاء علاقة الكفالة لصالح المستفيد ( المكفول له ) .

ثانياً : إن الكفالة هي عقد تبرع يقصد به الإرفاق والإحسان ، وقد قرر الفقهاء عدم جواز أخذ العوض على الكفالة ، لأنه في حالة أداء الكفيل مبلغ الضمان ، يشبه القرض الذي جر نفعاً على المقرض ، وذلك ممنوع شرعاً.

قرر ما يلي :

أولاً : إن خطاب الضمان لا يجوز أخذ الأجر عليه لقاء عملية الضمان - والتي يراعى فيها عادة مبلغ الضمان ومدته - سواء أكان بغطاء أم بدونه .

ثانياً : إن المصاريف الإدارية لإصدار خطاب الضمان بنوعية جائزة شرعاً ، مع مراعاة عدم الزيادة على أجر المثل ، وفي حالة تقديم غطاء كلي أو جزئي ، يجوز أن يراعى في تقدير المصاريف لإصدار خطاب الضمان ما قد تتطلبه المهمة الفعلية لأداء ذلك الغطاء " .

انتهى من "قرارات مجمع الفقه الإسلامي" ص25

وفي المؤتمر الأول للمصرف الإسلامي بدبي صدر القرار التالي:

"خطاب الضمان يتضمن أمرين: وكالة، وكفالة.

ولا يجوز أخذ الأجر على الكفالة، ويجوز أخذ الأجر على الوكالة، ويكون أجر الوكالة مراعى فيه حجم التكاليف التي يتحملها المصرف في سبيل أدائه لما يقترن بإصدار خطاب الضمان من أعمال يقوم بها المصرف ، حسب العرف المصرفي، وتشمل هذه الأعمال بوجه خاص : تجميع المعلومات

ودراسة المشروع الذي سيعطى بخصوصه خطاب الضمان، كما يشمل ما يعهد به العميل إلى المصرف من خدمات مصرفية متعلقة بهذا المشروع ، مثل تحصيل المستحقات من أصحاب المشروع.

وتقدير ذلك الأجر متروك للمصرف بما ييسر على الناس شئون معاملاتهم ، وفقًا لما جرى عليه العرف التجاري".

انتهى من موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة والاقتصاد الإسلامي، د. علي السالوس، ص644.

والحاصل :

أنه إذا احتجت إلى خطاب الضمان، فليكن عن طريق مصرفٍ إسلامي، والأولى أن يكون لك رصيد في المصرف يغطي الضمان، ويجب أن تكون أجرة البنك مقابل الوكالة لا الكفالة، فلا ترتبط الأجرة بمبلغ الضمان ومدته.

وإذا لم تجد مصرفا إسلاميا، فلا حرج في استصدار هذا الخطاب من بنك ربوي، إذا أودعت الغطاء في الحساب الجاري، وكانت أجرة البنك لا ترتبط بمبلغ الضمان ومدته.

والتعامل مع البنك الربوي في غير الربا جائز، وكذلك الإيداع فيه للحاجة عند عدم وجود بنك إسلامي.
وأما العمل فيه : فيحرم ، ولو كان في الحراسة؛ لما في ذلك من الإعانة المباشرة أو القريبة على الربا.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-06-24, 16:36
الوكيل مؤتمن ، فلا ضمان عليه إلا إن تعدّى أو فرّط

السؤال:

طلبت من صديق لي أن يجلب لي ساعة يد من البلد الذي يسكن فيه ، وهو قادم إلى البلد الذي ندرس فيه ، وفي المطار بطريق الخطأ أحد الاشخاص أخذ حقيبته ، بعد التواصل من الأخ تم إعادة الحقيبة لصاحبي ، لكن الساعة لم تكن بداخلها سرقت ، ولم نسطع التواصل من جديد مع الأخ الذي أخذ الحقيبة بالخطأ ، وشركة الطيران لم تعوضنا بثمن الساعة ؛ لأن صديقي عندما قدم بلاغا نسي أن يسجل الساعة بين المفقودات .

السؤال هو :

هل أدفع لصاحبي ثمن الساعة ، مع العلم أني قد أعطيته تقريبا ما يقارب ثلاثة أرباع ثمنها قبل أن يذهب ، وقلت له : عندما تعود أكمل لك المبلغ ، أم هو الذي يجب أن يعيد لي النقود ؟

الجواب :

الحمد لله

إذا كان ضياع الحقيبة بتفريط من الشخص المؤتمن ، كأن تركها في مكان عرضة للسرقة ، أو لم يهتم بالوقوف عليها في مكان استلام الأمتعة ، فإن عليه أن يضمن لك ما دفعته له من قيمة الساعة .

وإذا كان ضياع الحقيبة حصل بغير تفريط منه ، فلا ضمان عليه ، وعليك أن تؤدي إليه بقية المال الذي دفعه نيابة عنك .
والقاعدة عند العلماء في ذلك أن اليد الأمينة لا تضمن إلا إذا حصل منها تعد أو تفريط .

قال ابن قدامة في " الكافي " :

" والوكيل أمين لا ضمان عليه فيما تلف تحت يده بغير تفريط بجعل وبغير جعل لأنه نائب المالك أشبه المودع " انتهى .

قال الشيخ ابن عثيمين في شرحه على الكافي :

" الصحيح أن جميع الأمناء لا ضمان عليهم إلا بتعد أو تفريط والأمناء هم كل من قبض المال بإذن الشرع أو بإذن المالك فهذا هو الأمين فهو كل من كان المال تحت يده بإذن من الشارع ****ل اليتيم أو بإذن من المالك كالوكيل والمستأجر ومن أشبهه " .

انتهى من " شرح الكافي " (5/125) بترقيم الشاملة .

والنصيحة لك : أن تتصالح مع صاحبك على شيء تتراضيان به ، كاقتسام المبلغ بينكما أو نحو ذلك ،

والله أعلم .

........

ضاعت صندوق وقفٍ كان في عهدتها فهل تضمنه ؟

السؤال

ما حكم التصرف بالوقف مما يؤدي إلى ضياعه دون قصد ؟

فقد وضع صندوق للتبرعات في مسجد الجامعة وقفاً لمن أراد الانتفاع به في جمع التبرعات لمن يحتاجها ومن ثم إعادته إلى المسجد مرة أخرى ، وقد استخدمت هذا الصندوق للغرض الذي وقف له ، ثم ضاع مني دون أن أجده فما عليَّ الآن ؟

هل يجب عليَّ ضمان هذا الصندوق ؟.

الجواب

الحمد لله

إذا كان هذا الصندوق قد ضاع منك من غير تفريط أو تقصير في حفظه فلا ضمان عليك ، أما إذا كنت قصرت في حفظه فعليك ضمانه ، وضمان الأموال التي كانت فيه ، إن كان فيه أموال . لأنك كنت مؤتمنة على هذا الصندوق ، والأمين لا يضمنه إلا بالتعدي أو التفريط .

جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 28 / 258 ، 259 ) :

" المشهور تقسيم اليد إلى قسمين : يد أمانة ، ويد ضمان .

ويد الأمانة : حيازة الشّيء أو المال ، نيابةً لا تملّكاً ، كيد الوديع ، والمستعير ، والمستأجر ، والشّريك ، والمضارب ، وناظر الوقف ، والوصيّ .

ويد الضمان : حيازة المال للتّملّك أو لمصلحة الحائز ، كيد المشتري والقابض على سوم الشّراء ، والمرتهن ، والغاصب والمالك ، والمقترض .

وحكم يد الأمانة ، أنّ واضع اليد أمانةً ، لا يضمن ما هو تحت يده ، إلاّ بالتّعدّي أو التّقصير ، كالوديع .

وحكم يد الضّمان ، أنّ واضع اليد على المال ، على وجه التّملّك أو الانتفاع به لمصلحة نفسه ، يضمنه في كلّ حال ، حتّى لو هلك بآفة سماويّة ، أو عجز عن ردّه إلى صاحبه ، كما يضمنه بالتّلف والإتلاف .

فالمالك ضامن لما يملكه وهو تحت يده ، فإذا انتقلت اليد إلى غيره بعقد البيع ، أو بإذنه ، كالمقبوض على سوم الشّراء ، أو بغير إذنه كالمغصوب ، فالضّمان في ذلك على ذي اليد ، ولو انتقلت اليد إلى غيره ، بعقد وديعة أو عاريّة ، فالضّمان - أيضاً - على المالك " انتهى .

وعليه : فما دمت قد استعملت الصندوق فيما أوقف عليه ، ولم يحصل منك تعدٍّ ولا تقصير ولا إهمال في حفظه والعناية به : فلا يلزمك ضمانه ، ولو فعلت وأتيت بغيره أو أحسن منه فهو أطيب لك وأبعد لك عن الشبهة والقيل والقال فيك ، وهو صندوقٌ لجمع التبرعات لا يكلفك كثيراً ولك فيه أجر ، فاحرصي على الإتيان بصندوق آخر من غير إلزام .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-06-28, 17:25
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


حدث لزوجته وللجنين مضاعفات أثناء الولادة فاشتكى الطبيبة للشرطة فأعطته مالا مقابل التنازل عن الشكوى

السؤال:

كانت زوجتي في حالة وضع فحدث لها بعد المضاعفات نتج عنه تهتك في الرحم ونزيف شديد جدا هذا بالنسبة للأم باختصار ، أما بالنسبة للطفل فحدث له نقص أكسجين في المخ مما نتج عنه دمور في خلايا الأعصاب لدي الطفل ، كل ذلك وقامت الدكتورة بطلب إسعاف وأرسلنا الي مستشفي أخري عام

ولم تأت معنا ، قمت بعمل محضر في قسم الشرطة بالحادثة ، فلما علمت قامت بعرض مبلغا من المال عليَّ مقابل التنازل عن المحضر ، وأنا لظروف الطفل المرضية واحتياجه الشديد إلي المال قمت بالمواقفة نظير مبلغ 40000 أربعون ألف جنيه مصري .

فهل يكون علي إثم في ذلك المال ؟ مع العلم أنها قالت لي : لو احتجت أي فلوس أخري للطفل فلتخبرني هل هذا حلال أم حرام ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

إن كانت الطبيبة التي باشرت الولادة لم يحدث منها تفريط في العمل ، ولا إهمال في الاحتياط اللازم لنجاح العملية ، بل قامت بعملها كما ينبغي ، ولكن حدث ما حدث من هذه المضاعفات بمحض قدر الله سبحانه وتعالى : فحينئذ لا يلزمها شيء ، ولا يجوز لك أن تهددها بهذا المحضر لتأخذ منها هذا المال .

أما إن كان قد حدث منها تفريط أو تعدٍّ أثناء إجراء عملية الولادة ، فإنها تكون ضامنة لكل ما يحدث من تلف أو إصابة ، بسبب تفريطها ، سواء أكان التلف في الأم أو الجنين .

وإذا ثبت أن الطبيب ضامن – في واقعة معينة – فالمال المأخوذ منه في هذه الحالة حلال ، لأنه مأخوذ بحق .
هذا من حيث تأصيل متى يضمن الطبيب ، ومتى لا يضمن ، من الناحية الشرعية ؟

أما تطبيق هذا على واقعة معينة ، كالواقعة التي وردت في السؤال ، فذلك يحتاج إلى السماع من الطرفين ، مع تقرير طبي محايد ، ثم بعد ذلك يكون الحكم : هل تضمن هذه الطبيبة أم لا ؟

ثانيا :

اتفاقك مع هذه الطبيبة على أخذ مبلغ معين مقابل التنازل عن الدعوى : هذا يسميه العلماء "الصلح على الإنكار" ، وذلك أن يدعي شخص على آخر حقا ، ثم يتفقان على التنازل عن هذه الدعوى مقابل مبلغ يدفعه المدعَى عليه للمدعي .

وذلك جائز ، وفيه مصلحة لهما ، فالمدعي يوفر على نفسه الوقت والجهد ، وقد لا يمكنه إقامة البينة على دعواه ، والمدعى عليه يوفر أيضا وقته وجهده ، ويخلص نفسه من الحضور إلى المحكمة ..... إلخ . وقد نص العلماء على جواز ذلك .

قال ابن القيم رحمه الله

: "الصلح على الإنكار: "افتداء لنفسه من الدعوى واليمين، وتكليف إقامة البينة ، وليس هذا مخالفًا لقواعد الشرع، بل حكمة الشرع، وأصوله، وقواعده ، ومصالح المكلفين : تقتضي ذلك"

انتهى من " إعلام الموقعين " (3/358) .

وقال ابن قاسم في "حاشيته على الروض المربع" (5/142) :

"ولأن المدعي مُلْجَأ إلى التأخير ، بتأخير حقه ؛ فصح له الصلح ، حيث إنه يأخذه عوضًا عن حقه الذي يعتقد ثبوته .

والمدعى عليه : يعتقد أن لا حق عليه ، وإنما يدفع ما يدفعه افتداء ، [يعني حتى لا يأتي إلى القاضي ويحلف على براءته ... ونحو ذلك] ، والشرع لا يمنع من ذلك " انتهى .

وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (9/240) :

"إذا قال شخص لآخر: أنا أطالبك بمائة ألف ريال ، فسكت ، فلم يقر ولم ينكر، أو أنكر ، وقال : ليس في ذمتي لك شيء ، ثم صالح بمال عوضا عن مائة ألف ، فهو صحيح ؛ لأن الأصل الحل، ولقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل) ؛ فإن مفهومه : كل شرط في كتاب الله فهو حق، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً) ، وهذا لا يحل حراماً ، ولا يحرم حلالاً فيجوز.

وكذلك : إذا جاء إليَّ شخص وقال: إن في ذمتك لي مائة درهم، فقلت: ليس لك عليَّ شيء، فإنكاري هذا قد يكون عن علم ، أو عن نسيان ، وقد يكون عن جهل، أي: إني لا أدري هل الذي يطلبني فلان أو فلان ، فهذا جهل .

فالمهم : أنه ادعى عليّ ، وأنكرتُ ، إما عن علم أو جهل أو نسيان ، مع ذلك قلت: ما دمت تدعي عليَّ بهذا ، وأنا لا أقر به ، فلنجعل بيننا صلحاً، فأعطيك عن مائة الدرهم خمسين درهماً فيجوز ، وينفذ الصلح ، ويلزم كل من الطرفين بما تم عليه الاتفاق "

انتهى بتصرف .

والحاصل :

أن المال الذي اتفقتما عليه ، مقابل التنازل عن الشكوى ، والتحقيق في الأمر : هو مال حلال لك ، ما دمت تعتقد أن لكم حقا ، وأن الطبيبة فرطت ، أو أخطأت في عملها .

هذا ، مع أننا لا نرى لك أن تطلب منها مالا آخر ، سوى ما اتفقتما عليه ، فإن بادرت هي من تلقاء نفسها ، فأعطتك شيئا ، عن طيب نفس ، فلا حرج عليك في قبوله .

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-06-28, 17:36
أقسام الأطباء ، ومن يضمن منهم أخطاءه الطبية في علاجه

السؤال

أريد أن أعرف إذا كان أثناء عملية العلاج حدثت أخطاء طبيَّة غير مقصودة ، وغير متوقعة ، في هذه الحالة ما هي المسئوليات الواقعة على عاتق الأطباء ، وفي علم الطب : الأطباء – غالباً - ما يكشفون الخطأ للمرضى ، هل هناك عقوبة على الأطباء إذا كانت الأخطاء لا تقبل التعديل ؟ .

الجواب

الحمد لله

أولاً :

الأخطاء الطبية باتت مصدر قلق لكثير من الناس في بلدان العالم ، المتقدمة منها وغيرها ، فقد بلغت في الولايات المتحدة - مثلاً – 98.000 حالة وفاة نتيجة الأخطاء الطبية كل عام ! ومثله يقال في دول أخرى كبريطانيا وألمانيا ، ولعلَّ الاستهانة بأرواح الناس من أجل تجريب الأدوية والعلاجات هو من الأسباب في تلك الأخطاء المزعومة

وللأسف نجد كثيراً من القضايا المرفوعة على الأطباء لا يكتب لها النجاح ؛ والسبب في ذلك أن اللجان الطبية تتعاطف مع الطبيب أكثر من تعاطفها مع المعوق أو الميت ، وبالأحرى أكثر من تعاطفها مع الحق .

ثانياً:

أما بخصوص ضمان الطبيب للخطأ – أو العمد – في علاجه للمريض : فإن هناك أصلاً في السنَّة النبوية في هذه المسألة ، وهو حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يُعْرَفْ مِنْهُ طِبٌّ فَهُوَ ضَامِنٌ )

رواه أبو داود ( 4586 )

والنسائي ( 4830 )

وابن ماجه ( 3466 )

وفي إسناده كلام ، وحسَّنه الألباني في " سنن أبي داود " .

قال ابن قيم الجوزية رحمه الله :

وقوله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ تَطَبَّبَ) ولم يقل : "من طبَّ" ؛ لأن لفظ التفعُّل يدل على تكلف الشيء ، والدخول فيه بعسر ، وكلفة ، وأنه ليس من أهله .

"زاد المعاد" (4/127) .

ويضمن الطبيب ما يتلفه من نفس أو أعضاء في الحالات الآتية :

1. المتعدي العامد .

قال الشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله :

وبتعمد الطبيب للقتل ، والقطع للعضو بقصد الضرر : خرج عن كونه طبيباً إلى كونه ظالماً معتدياً ، وأصبح وصفه بكون طبيباً لا تأثير له ؛ لخروجه بتلك الجناية عن حدود الطب مع قصدها .

وهذا الأثر قلَّ أن يوجد عند الأطباء ؛ لما عُرف عنهم من الحرص على نفع مرضاهم ، وهم محل حسن الظن ، ولذلك نجد الفقهاء رحمهم الله يعتبرون هذا الأصل فيهم ، ومن ثم قال بعضهم عند بيانه لعلة إسقاط القصاص عن الطبيب إذا قصَّر : " والأصل عدم العداء إن ادعِيَ عليه بذلك " .

" أحكام الجراحة الطبية " ( ص 365 ) .

2. المعالج الجاهل .

وهو بجهله يعدُّ متعديّاً ، والحديث السابق نصٌّ في أنه يضمن .

قال ابن القيم رحمه الله :

وأما الأمر الشرعي : فإيجاب الضمان على الطبيب الجاهل ، فإذا تعاطى علم الطب ، وعمله ، ولم يتقدم له به معرفة : فقد هجم بجهله على إتلاف الأنفس ، وأقدم بالتهور على ما لم يعلمه ، فيكون قد غرر بالعليل ، فيلزمه الضمان لذلك .

قال الخطابي :

" لا أعلم خلافاً في أن المعالج إذا تعدَّى فتلف المريض كان ضامناً ، والمتعاطي علماً أو عملاً لا يعرفه : متعدٍّ ، فإذا تولد من فعله التلف : ضمن الدية ، وسقط عنه القَوَد [القصاص] ؛ لأنه لا يستبد بذلك بدون إذن المريض" انتهى
.
"زاد المعاد" (4/127 ، 128) .

وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

أما إذا لم يكن حاذقاً : فلا يحل له مباشرة العملية ، بل يحرم ، فإن أجراها : ضمن ما أخطأ فيه وسرايته .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (24/4000) .

وهذا الضمان من الطبيب الجاهل المتعدي يكون حيث لا يعلم المريض أن الطبيب يجهل الطب والعلاج ، فإن علِم أنه جاهل ورضي به معالِجاً : سقط حقه ، ولم يضمن الطبيب، مع استحقاقهما للتعزير .

قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :

إن كان المريض يعلم منه أنه جاهل لا علم له بالطب ، وأذن له في معالجته مقدماً على ما يحصل منه ، وهو بالغ ، عاقل : فلا ضمان على الطبيب في هذه الحالة .

" فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم " ( 8 / 104 ) .

3. الطبيب الماهر الذي أخطأت يدُه .

ويضمن الطبيب الماهر إذا أخطأت يده فأتلفت عضواً صحيحاً ، أو مات المريض بسبب ذلك الخطأ .

قال ابن المنذر رحمه الله :

وأجمعوا على أن قطع الخاتن إذا أخطأ ، فقطع الذَّكر ، والحشفة ، أو بعضها : فعليه ما أخطأ به ، يعقله عنه العاقلة .
"

الإجماع " ( 74 ) .

العاقلة ، هي ما يسمى الآن "العائلة" ، والمراد هنا : الأقارب الذكور الذين ينتسبون إلى نفس العائلة ، كالأب والجد والابن والإخوة والأعمام وأبنائهم .

وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

وكذا إن كان حاذقاً ، لكن جنت يده ، بأن تجاوزت ما تحتاج إليه العملية ، أو أجراها بآلة كالة يكثر ألمها ، أو في وقت لا يصلح عملها فيه ، أو أجراها في غيرها ، ونحو ذلك : ضمن ما أخطأ فيه ، وسرايته ؛ لأن هذا فعل غير مأذون فيه ، بل محرم .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (24/400 ، 401) .

4. الطبيب الماهر إذا أخطأ في وصف الدواء .

كما يضمن الطبيب الماهر إذا اجتهد في وصف دواء لمريض ، ويكون أخطأ في تلك الوصفة ، فأتلفت عضواً ، أو قتلت المريض .

5. الطبيب الماهر الذي فعل ما لا يفعله غيره من أهل الاختصاص .

وهو الطبيب الذي يتجاوز الحدود المعتبرة عند أهل الطب ، أو يقصِّر في التشخيص .

6. الطبيب الذي يعالج وفق أصول المهنة ، لكن من غير إذن ولي الأمر ، ومن غير إذن المريض ، ويتسبب ذلك العلاج بأضرار ، وفاة ، أو ما دونها ، وجمهور العلماء على تضمينه، وهو الذي رجحه الشيخ محمد المختار الشنقيطي في "

أحكام الجراحة الطبية " (362) .

قال الإمام الشافعي رحمه الله :

وإذا أمر الرجل أن يحجمه ، أو يختن غلامه , أو يبيطر دابته ، فتلفوا من فعله : فإن كان فعل ما يفعل مثله مما فيه الصلاح للمفعول به عند أهل العلم بالصناعة : فلا ضمان عليه ، وإن كان فعل ما لا يفعل مثله من أراد الصلاح ، وكان عالماً به : فهو ضامن .

"الأم" (6/166) .

*عبدالرحمن*
2018-06-28, 17:37
وقد قسَّم ابن القيم رحمه الله الأطباء المعالجين خمسة أقسام ، وذكر حكم كل قِسم ، ونحن نذكرها للفائدة ، وفيها جواب السائل وزيادة :

قال رحمه الله :

قلت : الأقسام خمسة :

أحدها : طبيب حاذق ، أعطى الصنعة حقها ، ولم تجنِ يدُه ، فتولَّد من فعله المأذون فيه من جهة الشارع ، ومن جهة من يطبه : تلف العضو ، أو النفس ، أو ذهاب صفة : فهذا لا ضمان عليه ، اتفاقاً ؛ فإنها سراية مأذون فيه [السراية : ما ترتب على الفعل ونتج منه] ، وهذا كما إذا ختن الصبي في وقت وسنُّه قابل للختان ، وأعطى الصنعة حقها ، فتلف العضو ، أو الصبي : لم يضمن .

القسم الثاني : مطبِّب جاهل ، باشرت يدُه من يطبه ، فتلف به : فهذا إن علم المجني عليه أنه جاهل لا علم له ، وأذن له في طبه : لم يضمن ، ولا تخالف هذه الصورة ظاهر الحديث ؛ فإن السياق وقوة الكلام يدل على أنه غرَّ العليل ، وأوهمه أنه طبيب ، وليس كذلك ، وإن ظن المريض أنه طبيب

وأذن له في طبِّه لأجل معرفته : ضمِن الطبيب ما جنت يدُه ، وكذلك إن وصف له دواء يستعمله ، والعليل يظن أنه وصفه لمعرفته ، وحذقه ، فتلف به : ضمنه ، والحديث ظاهر فيه ، أو صريح .

القسم الثالث : طبيب حاذق ، أُذن له ، وأَعطى الصنعة حقها ، لكنه أخطأت يدُه ، وتعدَّت إلى عضو صحيح ، فأتلفه ، مثل : أن سبقت يدُ الخاتن إلى الكَمَرة - وهي : رأس الذَّكَر- : فهذا يضمن

لأنها جناية خطأ ، ثم إن كانت الثلث فما زاد : فهو على عاقلته ، فإن لم تكن عاقلة : فهل تكون الدية في ماله ، أو في بيت المال ؟ على قولين هما روايتان عن أحمد .

القسم الرابع : الطبيب الحاذق الماهر بصناعته ، اجتهد ، فوصف للمريض دواءً ، فأخطأ في اجتهاده ، فقتله : فهذا يخرَّج على روايتين ، إحداهما : أن دية المريض في بيت المال ، والثانية : أنها على عاقلة الطبيب ، وقد نص عليهما الإمام أحمد في خطأ الإمام ، والحاكم .

القسم الخامس : طبيب حاذق أعطى الصنعة حقَّها ، فقطع سِلْعة – لحمة زائدة - مِن رجُل ، أو صبي ، أو مجنون ، بغير إذنه ، أو إذن وليه ، أو ختن صبيّاً بغير إذن وليه ، فتلف

فقال أصحابنا : يضمن ؛ لأنه تولد من فعل غير مأذون فيه ، وإن أذِن له البالغ ، أو ولي الصبي ، والمجنون : لم يضمن ، ويحتمل أن لا يضمن مطلقاً ؛ لأنه محسن ، وما على المحسنين من سبيل ، وأيضاً : فإنه إن كان متعديّاً : فلا أثر لإذن الولي في إسقاط الضمان ، وإن لم يكن متعديّاً :

فلا وجه لضمانه ، فإن قلت : هو متعد عند عدم الإذن ، غير متعد عند الإذن قلت : العدوان ، وعدمه ، إنما يرجع إلى فعله هو ، فلا أثر للإذن وعدمه فيه ، وهذا موضع نظر .

"زاد المعاد" (4/128 – 130) .

وذكر ابن القيم رحمه الله بعد ذلك فصلاً نافعاً في " الطبيب الحاذق " وأنه هو الذي يراعي عشرين أمراً ! وذكرها هناك ، فلتنظر .

ومن أعطى المهنة حقَّها ، وعالج وفق الأصول المهنية المعروفة ، وترتب على عمله خطأ ، كتلف عضو أو وفاة : لم يضمن الطبيب شيئاً ؛ لأنه مأذون له في العلاج من ولي الأمر ، ومن المريض أو وليه ؛ ولأنه حاذق في مهنته ، ولو ضمِّن مثل هذا لكان فيه ظلم له .

قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :

إذا كان الطبيب حاذقاً ، وأعطى الصنعة حقَّها ، ولم تجن يده ، أو يقصر في اختيار الدواء الملائم بالكمية ، والكيفية ، فإذا استكمل كل ما يمكنه ، ونتج من فعله المأذون من المكلف ، أو ولي غير المكلف تلف النفس ، أو العضو : فلا ضمان عليه ، اتفاقاً ؛ لأنها سراية مأذونة فيها ، كسراية الحد ، والقصاص .

"فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم" (8/104) .

قال علماء اللجنة الدائمة :

إذا فعل الطبيب ما أُمر بفعله ، وكان حاذقاً في صناعته ، ماهراً في معرفة المرض الذي يجري من أجله العملية وفي إجرائها ، ولم يتجاوز ما ينبغي أن يفعله : لم يضمن ما أخطأ فيه ، ولا ما يترتب على سرايته من الموت ، أو العاهة ؛ لأنه فعل ما أذن له فيه شرعاً ، ونظيره ما إذا قطع الإمام يد السارق ، أو فعل فعلاً مباحاً له ، مأذوناً له فيه .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 24 / 400 ) .

فهذه أقسام الأطباء ، وهذه أحوالهم وأحكامهم ، وتنطبق هذه الأحكام على كل من يشتغل بالطب ، وتصدق هذه الأحكام على : الحجّام ، والفاصد ، والمجبِّر ، والكوَّاء ، والمعالج للحيوانات ، كما ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله بعد ذِكره تلك الأقسام للأطباء .

والواجب على الأطباء أن يتقوا الله تعالى في مرضاهم ، وأن لا يتعجلوا التشخيص ، وأن يتعاون مع غيره ممن هم أعلم منه ، وأن يعترف من أخطأ منهم .

قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

يجب على الطبيب أن يتحرى في تشخيص المرض ، ويتعاون مع زملائه في ذلك قبل إجراء العملية ، ويستعين في التشخيص بقدر الإمكان بالآلات الحديثة ، ولا يتعجل بالعملية قبل التأكد من التشخيص

وإذا أجراها بعد ذلك وأخطأ : فعليه أن يعلن خطأه لمن هو مسئول أمامهم ، ولا يموه ، ولا يعمِّي ، ويسجل ذلك في ملف المريض ؛ خوفاً من الله تعالى ؛ وأداء لواجب الأمانة ؛ وإيثاراً لمصلحة المريض ؛ وتقديما لها على مصلحة المعالج ؛ ودفعا لما قد يترتب على التعمية والتمويه من العواقب السيئة للمريض .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (24/401) .

ونسأل الله تعالى التوفيق والسداد .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-06-28, 17:41
قامت بتوليد جارتها ثم توفي الطفل ولا تدري هل السبب سحبه من رأسه أو عسر الولادة ، فماذا يلزمها؟

السؤال:

أرجو منكم المساعدة ، حيث إن جدتي البالغة من العمر 84 سنة دائمة السؤال عن هذه الفتوى منذ أكثر من أربعين سنة ، لشعورها الدائم بتأنيب الضمير ، وشعورها بالذنب ، ورغبتها في أن تكفر عنه إذا ما كان عليها ذنب ، القصة بدأت حيث إن جدتي قامت بمساعدة جارتها في عملية الولادة حيث كان في ذلك الوقت لا وجود للمراكز الصحية ولا المستشفيات

وأثناء الولادة قامت جدتي بسحب الجنين مع تعسر الولادة من رأسه ؛ لأن الجنين كان عالقا في الرحم ، فأخرجت جدتي الجنين ووجدته قد فارق الحياة ووجهه أزرق

وهي لا تعلم إذا كان الجنين قد مات بسبب سحبها لرأسه أو أنه اختنق عندما كان عالقا في الرحم ، أرجو منكم بيان ما إذا كان عليها ذنب ، وما يتوجب عليها فعله كي تريح ضميرها الذي دائما ما يؤنبها ، وهي حاجة كبيرة ومتدينة ومقدمة على أعمال الخير دائما ، وربما في الماضي كانت تجهل ما يمكن أن تقوم به أثناء عسر الولادة ، ولكن رغبتها في فعل الخير دفعها إلى مساعدة جارتها ؟

الجواب :

الحمد لله

لا يخلو تفصيل الحكم الشرعي في سؤالكم من أحوال ثلاثة :

أولا :

إما أن يقول الأطباء والمختصون في عمليات الولادة إن الغالب أن لا شأن لجدتك بوفاة الطفل أثناء الولادة ، وأن ما تحكيه من تفاصيل تتذكرها من العملية تدل على أن الوفاة قد وقعت بشكل طبيعي نتيجة عسر الولادة ، ففي هذه الحالة لا يجب على جدتك ضمان ولا يترتب عليها إثم ، وليس عليها دية ولا كفارة لعدم مسؤوليتها وبُعد تأثيرها في الوفاة .

ثانيا :

وإذا شك الأطباء المستشارون ، ولم تسعفهم التفاصيل التي تحكيها السائلة في تحديد سبب الوفاة ، فلا يجب على جدتك شيء أيضا ؛ إذ الأصل براءة الذمة ، ولا ينتقل عن هذا الأصل إلى ببرهان ودليل .

ثالثا :

أما إذا غلب على ظن الأطباء أن سبب وفاة الطفل هو خطأ أثناء عملية التوليد ، وأن سحب الرأس بهذه الطريقة يؤدي إلى الاختناق ، فهذا قتل خطأ ، يجب على من وقعت فيه التوبة النصوح ، وصيام كفارة قتل الخطأ شهرين متتابعين ، وأيضا يجب عليها دفع الدية إلى ورثة الجنين إلا أن يعفوا عن ذلك ؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ تَطَبَّبَ وَلَا يُعْلَمُ مِنْهُ طِبٌّ فَهُوَ ضَامِنٌ ) رواه أبوداود وحسنه الألباني " صحيح الجامع " (6153) .

قال الإمام الشافعي رضي الله عنه :

" إذا أمر الرجل أن يحجمه ، أو يختن غلامه ، أو يبيطر دابته ، فتلفوا من فعله ، فإن كان فَعَل ما يُفعَل مثله مما فيه الصلاح للمفعول به عند أهل العلم بتلك الصناعة فلا ضمان عليه ، وإن كان فعل ما لا يَفعَل مثله مَن أراد الصلاح وكان عالما به فهو ضامن "

انتهى من " الأم " (6/185) .

وقال الإمام الخطابي رحمه الله :

" لا أعلم خلافاً في المعالج إذا تعدى فتلف المريض كان ضامناً ، والمتعاطي علماً أو عملاً لا يعرفه متعدٍّ ، فإذا تولد من فعله التلف ضمن الدية ، وسقط عنه القَوَد ؛ لأنه لا يستبد بذلك دون إذن المريض ، وجناية الطبيب في قول عامة الفقهاء على عاقلته "

انتهى من " معالم السنن " (4/39) .

وللتوسع ينظر " الموسوعة الفقهية الكويتية " (12/ 138)،

" أحكام الجراحة الطبية " للشنقيطي (ص/519-534)

والخلاصة

أنه لا بد أن تقوموا باستشارة الأطباء المختصين ، فإن غلبوا جانب وقوع الخطأ من جدتك فلا بد من الضمان بأداء الدية وصيام الكفارة ، وإلا فلا شيء عليها ، والله عز وجل يعفو عنا وعنها.

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-28, 17:43
وجد خدشاً في السيارة التي استأجرها ، فماذا يفعل؟

السؤال

: ما حكم من اكترى سيارة وعندما أراد أن يرجعها لصاحبها الأصلي وجد فيها خدشا بسيطا جدا وهو لا يعلم هل هو الذي تسبب فيه أم كان من قبل

الجواب :

الحمد لله :

أولا: الأسلم لك أن تراجع صاحب السيارة إن كان ثقة أميناً وتستفسر منه عن هذا الخدش ، فإن أخبرك أنه قد حدث لديه قبل استئجارك للسيارة : فلا يلزمك شيء.

أما إن أخبرك أن هذا الخدش لم يكن موجودا في السيارة ، وأنه قد حدث فترة استئجارك لها ، أو أنه لا يعلم متى حدث ، فهنا يحكم بأن هذا الخدش حدث فترة استئجارك ؛ لأن الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته .

جاء في "شرح القواعد الفقهية" للزرقا (1/125):

" الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته ، يَعْنِي أَنه إِذا وَقع الِاخْتِلَاف فِي زمن حُدُوث أَمر ، فَحِينَئِذٍ ينْسب إِلَى أقرب الْأَوْقَات إِلَى الْحَال ، مَا لم تثبت نسبته إِلَى زمن بعيد , فَإِذا ثبتَتْ نسبته إِلَى الزَّمن الْبعيد يحكم بذلك ، وَهَذَا إِذا كَانَ الْحُدُوث مُتَّفقا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا وَقع الِاخْتِلَاف فِي تَارِيخ حُدُوثه" انتهى.

ثانيا:

إذا ثبت أن هذا العيب قد حدث فترة استئجارك : فالأصل أن يد المستأجر يد أمانة ، وأنه لا يضمن ما تلف من العين المستأجرة دون حصول تعدٍّ منه أو تفريط.

جاء في "الموسوعة الفقهية" (1/270)

:" وَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ، فَلَوْ هَلَكَتْ دُونَ اعْتِدَاءٍ مِنْهُ أَوْ مُخَالَفَةِ الْمَأْذُونِ فِيهِ إِلَى مَا هُوَ أَشَدُّ، أَوْ دُونَ تَقْصِيرٍ فِي الصِّيَانَةِ وَالْحِفْظِ : فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ" انتهى .

وعليه :

إذا لم يحصل منك أي تعدٍ أو تفريط في حفظ السيارة ، فلا يلزمك الضمان وإصلاح العيب ولو كان قد حدث في فترة استئجارك لها .

وأما إذا وقع منك تعدٍ أو تفريط ، كإيقاف السيارة في محل قد تتعرض فيه لمثل هذه الخدوش مثلاً : فهنا يلزمك إصلاح هذا العيب .

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-06-28, 17:48
هل يقبل التعويض المبذول من الوكيل الذي بذله خشية المساءلة القانونية ؟

السؤال:

من شهرين تقريبا اشتريت ظ¤ اطارات لسيارتي وعليها ضمان سنة ، والآن من حوالي أسبوع واحد ، الإطارات الأمامية صار فيه انتفاخ بسيط من الجانب ، وأصبح يخرج سواد من الإطار، ذهبت للشركة صاحبة وكالة الإطار ، فقالوا لي : هذه المشكلة لا يشلمها الضمان ، فهي نتيجة للسير بالسيارة على مطب صناعي أو حفرة ، لم اقتنع بكلامهم

، وخرجت ، واتصلت بوزاره التجارو وقدمت ببلاغ، بعد ما قدمت البلاغ بحثت في الانترنت عن ناس صادفتهم نفس المشكلة ووجدت أحد الأشخاس حصل له مثل مشكلتي ، ومن نفس شركة المنتجة للإطارات التي عندي ، ويقول : إن سبب المشكلة أنه مشى على حفرة من غير عمد

ولم يغير له الوكيل الإطار التالف واضطر أن يشتري إطارا جديد ا، بعد يوم من تقديم البلاغ اتصل بي الوكيل ، وقال لي : هل قدمت بلاغا للوزاره ، قلت : نعم ، فقال لي : تفضل يزيارتنا ؛ لكي نحل الموضوع ، ذهبت له

وقال لي : أن هذا الأمر يحدث بالسير على حفرة أو مطب صناعي ، لكن سوف نغير لك الإطار ، فقلت له تغيره إذا كنت ترى أني على حق ؛ لأني لا أريد أن آخذ شيئا حراما

وقلت له : حتى لو أني مشيت على حفرة أو مطب صناعي فعلا فالمفروض ألا يحدث ذلك للإطار ؛ لأنه جديد لم يمضي عليه الإ شهرين من الاستخدام ، ولم أتعمد أن أمشي عليهم ، فقال لي : لا عليك ، وإذا كان فيه شي مسامح دنيا وآخرة . والسؤال : هل تصرفي صحيح أن استبدل الإطار بالضمان ؛ لأني لم أتعمد إتلافه أو الضرر به أم لا ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

هذا الضمان المذكور ، والذي التزم به الوكيل ، هو ما يعرف باسم "ضمان الأداء" ؛ وهو ضمان صلاحية المبيع وقيامه بالعمل سليماً مدة معينة، بحيث إذا ثبت صلاحه وسلامته في هذه المدة كان ذلك دليلا على عدم وجود عيوب صناعية فيه .

وبموجب هذا الضمان يتعهد البائع بإصلاح الخلل المصنعي والفني الطارئ على المبيع ، أو تبديل غيره به إذا اقتضى الأمر تبديله .

وهذا الضمان هو نوع من ضمان العيب الحادث عند المشتري ، والمستند إلى سبب سابق على قبض السلعة ، وهذا السبب هنا : هو عدم إتقان الصنعة ، أو ضعف مواصفات المواد الخام التي صنعت منها السلعة المبيعة
.
أو هو نوع من ضمان العيب الذي لا يعلم إلا بالتجربة والاستعمال .

وعلى كلا القولين : فالذي يظهر هو جواز مثل هذا النوع من الضمان ؛ والحاجة داعية إلى مثله ؛ فإن كثيرا من عيوب السلع لا تظهر بمجرد تشغيلها لعرضها على المستهلك ، وإنما تظهر بعد الاستعمال الفعلي للسلعة .

ثم إن اشتراط البائع ذلك على نفسه ، وهو المعروف الآن بمصطلح "الضمان" ، فيه معنى التوثيق ، لطمأنة المشتري بأنه مسؤول عن جودة سلعته ، وصلاحها لما اشتريت له .

ينظر : " الحوافز التجارية التسويقية " د. خالد المصلح (254) وما بعدها .

ثانيا :

ما ذكره البائع لك ، أو لغيرك ، من أن سبب هذا الخلل المتكرر ، هو المشي فوق مطب صناعي ، أو حفرة بالشارع ، هو أمر معتاد لا ينفك عنه المشي بسيارة في أي طريق ، وليس جناية منك على السيارة (ما دمت تمشي بالطريقة المعتادة) ، حتى يتذرع به للتخلي عن التزامه بالضمان المشترط بينكما

فإن عدم المشي في مكان فيه مطبات ، أو حفر ، وتوقي ذلك كله ، متعذر عادة ؛ وعامة الطرق والشوارع لا تخلو من ذلك ، والتقييد بهذا الشرط : هو ، فيما يظهر والله أعلم ، حيلة للتخلي عن الالتزام بالضمان ، وبالإمكان ادعاؤه على كل من يطالب بحقه في الضمان .

بل إنه في حقيقته يعود على أصل منفعة السيارة بالبطلان ؛ لأنه لا يمكن استيفاء منفعتها عادة إلا بذلك .

ويقوي عدم استحقاق البائع لدعواه ، أو عدم صدقه فيها : أنه لم يشترط على المشتري ذلك عند البيع ، إذا رغب في الاستفادة من الضمان المذكور ، وقد كان يجب عليه أن يفعل ذلك ، كما هي عادة من يقيد هذا النوع من الضمان ، بقيود معينة ، تعود - عنده - إلى تعدي المشتري ، وسوء استعماله للسلعة

أو تفريطه في صيانتها والحفاظ عليها .

ولأجل ذلك ، لجأ البائع إلى التصالح معك على ما ذكره ، خوفا من تدخل الجهات المعنية في الأمر .

والحاصل :

أن الذي يظهر : هو استحقاقك لمقتضى الضمان المذكور ، وأن من حقك تبديل الإطار .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-28, 17:54
يعمل أمينا على خزينة في شركة , ويجد أحيانا زيادة في المال الوارد ، فهل يجوز له أخذه ؟

السؤال:

أعمل كأمين خزينة لشركة سيارات وحسب المعاملات اليومية قد يظهر فائض فى الايراد بسيط ، فهل أخذ هذا الفائض حلال أم حرام ، علما بأنه إذا كان هناك عجز أقوم بدفع هذا العجز من أموالي الخاصة ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

لا يجوز للموظف الذي يعمل أمينا للخزينة في مؤسسة ما أن يأخذ المال الفائض في الإيراد ؛ لأنه لا حق له فيه , فهذا المال إما أن يكون ملكا للمؤسسة التي يعمل بها , أو ملكا لبعض العملاء الذين يتعاملون مع المؤسسة , وفي كل الأحوال فهذا المال ليس ملكا له ,

ثانيا :

أما النقص الذي يحدث في المال الوارد إلى الخزينة ، فهذا لا يلزمك ضمانه ، إلا إذا ثبت أنك قصرت عند استلام المال من العملاء ، فلم تقم بحسابه أو عدِّه جيدا ، أو قصرت في حفظه بعد ذلك .

والقاعدة في هذا : أن الأمين لا يضمن إلا إذا ثبت أنه فرط أو تعدى , وأنت أمين على هذا المال ، فالأصل أنك لا تضمنه إلا في حال التفريط .

جاء في كتاب " القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة " (1 / 605) :

" الشأن والعادة فيمن يأتمنه الناس على أموالهم وودائعهم أن يحافظ عليها ، فإن ضاعت فلا يضمنها ؛ لعدم تفريطه ، فإن ثبت تفريطه فإنه يضمن ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( على اليد ما أخذت حتى تؤديه ) ، وروي عن أنس رضي الله عنه : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ضمَّنه وديعة كانت معه فسرقت أو ضاعت منه . وفسر ذلك بأنه ضمنها بتفريطه فيها. ، وهكذا في كل ما يتلفه الإنسان عمداً وتفريطاً ، وبتسبب منه " انتهى .

والله أعلم .

....

يعمل محاسبا ووجد عنده زيادة في المال فكيف يتصرف فيها؟

السؤال :

أعمل محاسب وفي بعض الأحيان يحصل عندي زيادة في المال لا أعرف ماذا أفعل بها لأني لو ذهبت به إلى مسئولي سيقول خذه لك ، لأني لو أخبرت الإدارة سيقال : إني سارق وستحصل مشاكل.

الجواب :

الحمد لله

الظاهر أن هذه الزيادة لا تنشأ إلا عن خطأ في الحساب ، وأنها مستحقة للغير ، إما لجهة العمل أو غيرها ، ولهذا يجب أن تتحرى الدقة في عملك ، وأن تفتش في حساباتك الماضية لتعرف المستحق لهذا المال ، فإن لم يتبين لك الأمر فاحتفظ به مدة ، رجاء أن يتضح لك ، ثم إن كان إخبار الإدارة يترتب عليه مفسدة واضحة

مع جزمك بأن المال ليس للإدارة ، فلا يلزمك إخبارها ، وإنما تتصدق بالمال على نية صاحبه ، فإن علمته يوما من الدهر ، خَيَّرته بين إمضاء الصدقة ، ويكون ثوابها له ، أو دفع ماله إليه ، ويكون الثواب لك .

وإن كان المال للشركة ، لزمك رده إليها ، وإدخاله في حسابها بأي وسيلة ممكنة ، ولا يشترط إخبار الإدارة بذلك .
قال في "مطالب أولي النهى" (4/65) : " قال الشيخ تقي الدين : إذا كان بيد الإنسان غصوب أو عواري أو ودائع أو رهون قد يئس من معرفة أصحابها ;

فالصواب أنه يتصدق بها عنهم , فإنَّ حَبْسَ المالِ دائما لمن لا يُرجى ، لا فائدة فيه , بل هو تعريض لهلاك المال واستيلاء الظلمة عليه , وكان عبد الله بن مسعود قد اشترى جارية , فدخل بيته ليأتي بالثمن فخرج فلم يجد البائع فجعل يطوف على المساكين ويتصدق عليهم بالثمن , ويقول : اللهم عن رب الجارية .

وكذلك أفتى بعض التابعين , من غَلَّ (أي : سرق) من الغنيمة , وتاب بعد تفرقهم أن يتصدق بذلك عنهم , ورضي بهذه الفتيا الصحابة والتابعون الذين بلغتهم كمعاوية وغيره من أهل الشام" انتهى.

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (15/406)

فيمن عنده أمانة لغيره وقد غاب صاحبها سنوات ، ولا يعلم له عنواناً ولا وارثاً ، ويظن أنه قد مات : "إذا كان الواقع كما ذكر فإن شئت فاحفظه واجتهد في التعرف على الرجل المذكور ، وإن شئت فتصدق بالمبلغ الموجود لديك على الفقراء، أو ادفعه في مشروع خيري بنية أن يكون ثوابه لصاحبه، فإن جاءك بعدُ صاحبه أو وارثه فأخبره بالواقع ، فإن رضي فبها ، وإلا فادفع له المبلغ ، ولك الأجر إن شاء الله" انتهى.

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-28, 17:56
إذا تلف الشيء عند الصانع فهل يدفع عوضه أم لا؟

السؤال:

قمت بإعطاء صانع ستائر الحائط بعض الستائر لإصلاحها ، وشاء الله أن تعرض محله للحريق ، فاحترقت الستائر الخاصة بي ، وسائر البضاعة في المحل .

فهل يحق لي أن أطلب منه ثمنها أو عوضاً عنها ؟

الجواب

الحمد لله

أصحاب الصناعات الذين يعطون الأشياء لصناعتها أو إصلاحها ، كالنجار والخياط ونحوهما يسمون عند العلماء ( أجراء مشتركين) ، والأجير المشترك : هو من يتقبل العمل لأكثر من شخص في وقت واحد ، كما أنه لا يستحق الأجرة إلا بتسليم العمل .

قال ابن قدامة رحمه الله

: " سُمِّيَ مُشْتَرَكًا ؛ لِأَنَّهُ يَتَقَبَّلُ أَعْمَالًا لِاثْنَيْنِ وَثَلَاثَةٍ وَأَكْثَرَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَيَعْمَلُ لَهُمْ , فَيَشْتَرِكُونَ فِي مَنْفَعَتِهِ وَاسْتِحْقَاقِهَا , فَسُمِّيَ مُشْتَرَكًا لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي مَنْفَعَتِهِ ، فَالْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ هُوَ الصَّانِعُ "

انتهى من " المغني " (5/306) .

والأجير المشترك إذا تلف الشيء عنده بغير فعل منه ، كما لو احترق أو سرق فلا ضمان عليه في تلك الحال إذا لم يحصل منه تقصير ، لأنه مؤتمن على ذلك المال والأمين لا ضمان عليه ، إلا في حال التعدي أو التفريط .

قال الشيخ منصور البهوتي رحمه الله

: " وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَيْ : الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ فِيمَا تَلِفَ مِنْ حِرْزِهِ بِنَحْوِ سَرِقَةٍ أَوْ تَلِفَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ إذَا لَمْ يُفَرِّطْ ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ أَشْبَهَ الْمُودَعَ " .

انتهى من " كشاف القناع " (4/35) .

وجاء في " الموسوعة الفقهية " (32/295) :

" أَمَّا مَا تَلِفَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ ( يعني الأجير المشترك ) , فَلَا يَضْمَنُهُ ، إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ تَعَدٍّ أَوْ تَفْرِيطٌ , وَهَذَا هُوَ رَأْيُ الْحَنَابِلَةِ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الْمَذْهَبِ , وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ " انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

: " ما تلف بغير فعله (يعني الأجير المشترك) ، فإنه لا يضمن ، كما لو احترق الدكان فتلف الثوب الذي استؤجر لخياطته ، فهذا التلف ليس من فعله ، إذاً لا ضمان عليه ؛ وذلك لأنه لم يتعدَّ ولم يفرط "

انتهى من " الشرح الممتع " (10/84) .

وعليه ، فإذا كان الحريق قد حدث بدون تقصير من صاحب المحل فإنه ليس لك طلب العوض منه .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-28, 18:02
تسبب في حرمان جده من راتب الضمان الاجتماعي فهل يلزمه الضمان ؟

السؤال:

قبل عشر سنوات أو أكثر تقريبا كان جدي لأبي متسببا عن العمل لكبر سنه ، وكان يصرف له الضمان الاجتماعي مبلغا من المال كل عام ، ثم استخرجت على اسمه سجلا تجاريا وعمالة ، ثم بعد ذلك حرمه الضمان الاجتماعي المبلغ الذي يتقاضاه كل عام بسبب السجل التجاري الذي استخرجته باسمه ، طبعا كانت جميع الأموال التي اكسبها من المؤسسة كانت لي بحكم أني موظف حكومي ولا يسمح لي باستخراج سجل تجاري

فاضطررت إلى اسم جدي فأخذت الموافقة منه فأذن لي ، مع العلم بأن جدي كان لا يعي شيئا بسبب كبر سنه ، إذ أنه يبلغ سن الثمانين تقريبا ثم توفي رحمه الله بعد خمس سنوات تقريبا من تاريخ استخراج السجل التجاري ، ثم بعد وفاته نقلت جميع العمالة الذين تحت كفالته ، وشطبت على السجل التجاري .

السؤال الآن :

هل أنا ملزم بتلك المعاشات التي كان يصرفها له الضمان الاجتماعي طوال الخمس سنوات التي منعها عنه الضمان الاجتماعي بسبب استخراجي السجل التجاري وتغيير مهنته من متسبب إلى تاجر ؟

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

إذا كان جدك قد أذن لك بهذا التصرف ، وهو بكامل قواه العقلية ، عالم بما يترتب على إذنه لك : فلا يلزمك ضمان ما ترتب على هذا الإذن من حرمانه من الرواتب .

قال الكاساني :

" وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْ الْفِعْلِ الْمَأْذُونِ فِيهِ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا " .

انتهى من " بدائع الصنائع" (7/ 305) .

وقال السبكي :

" الرضا بالشيء : رضا بما يتولد منه " .

انتهى من "الأشباه والنظائر"(1/ 152).

وقال ابن القيم :

" وَمَا تَوَلَّدَ مِنْ مَأْذُونٍ فِيهِ لَمْ يُضْمَنْ " .

انتهى من "إعلام الموقعين " (2/ 33).

وقال الشيخ ابن عثيمين

: " وكل ما يحصل ، مما قد أذن : فليس مضمونا وعكسه ضمن "

انتهى من "منظومة في أصول الفقه" ص15 .

ثانياً :

إذا كان جدك لا يعي شيئاً وقت موافقته على استخراج السجل التجاري باسمه ، فإن إذنه لا يعتد به شرعاً .
وحيث كنت المتسبب بحرمانه من راتبه في الضمان الاجتماعي ، فيلزمك أن تضمن له رواتب جميع السنوات التي تم حرمانه فيها ، والضمان يكون على إتلاف شيء موجود ، أو تفويته على صاحبه .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

" الْإِتْلَاف نَوْعَانِ : إعْدَامُ مَوْجُودٍ ، وَتَفْوِيتٌ لِمَعْدُومٍ انْعَقَدَ سَبَبُ وُجُودِهِ ".

انتهى من " الفتاوى الكبرى" (5/ 406) .

وهذه المبالغ يتم توزيعها على الورثة وفق القسمة الشرعية .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-07-03, 03:39
العطل الناتج عن سوء الاستخدام هل يدخل في ضمان الشركة ؟

السؤال:

أنا الحمد لله شاب التزمت منذ فترة قريبة ، وبدأت أهتم بأمور ديني بفضل الله ، ولكن هناك ما يشغل عقلي كثيرا ويقلقني وهو رد حقوق الناس ، حيث إني قمت بشراء هاتف منذ فترة ، وقد حصلت على ضمان من الشركة ، يأتي مع الجهاز دون دفع مبالغ زائدة ، وخلال فترة الضمان قمت بالعبث في الجهاز فخرب الجهاز دون قصد مني ، ثم ذهبت إلى المحل الذي قمت بشراء الهاتف منه ، وطلبت تصليحه ، فقامت الشركة بإرسال جهاز جديد إلي ، وبعدها شعرت بالذنب .

وسؤالي هنا :

هل يعتبر قيمة الضمان هدية من الشركة لي وأنه من حقي، ولا يجب رد قيمة الضمان؟!

وإذا كان فعلي هذا تعديا على أموال الشركة ، فكيف يمكن أن أرد المال ؟

وماذا أجعل نيتي عند التبرع ؟!

أنا طالب لا أملك غير مصروفي وقد عرض علي أهلي أن يساعدوني في المبلغ ولكني رفضت ، فهل أكون آثما لأني رفضت المساعدة - وبالتالي أكون مؤخرا لرد الدين- وأردت الاعتماد على نفسي؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

نحمد الله تعالى الذي وفقك وهداك وأنعم عليك بنعمة الالتزام ، ونسأله سبحانه أن يزيدك إيمانا وهدى وتقى .

ثانيا:

بيع السلعة مع الضمان من البائع أو من الشركة المنتجة للسلعة : جائز ، ولو زاد ثمن السلعة بذلك ، مادام تابعا ومندرجا ضمن ثمن السلعة ، ولم يكن للضمان ثمن منفصل عن ثمن السلعة.

ثالثا:

الأصل أن العيوب الحادثة بعد قبض المبيع : هي من ضمان المشتري ، سواء كان هذا العيب من فعل المشتري ، أو من فعل غيره .

قال النووي رحمه الله :

"إذَا حَدَثَ الْعَيْبُ بَعْدَ الْقَبْضِ ، وَلَمْ يَسْتَنِدْ إلَى سَبَبٍ قَبْلَ الْقَبْضِ : فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهِ الرَّدُّ ." .

انتهى من "المجموع شرح المهذب" (12/ 127) .

وقال ابن قدامة رحمه الله :

"فأما - العيب - الحادث بعد القبض ، فهو من ضمان المشتري ، ولا يثبت به خيار، وبهذا قال أبو حنيفة ، والشافعي."

انتهى من " المغني " (4/ 114) .

قال ابن رشد رحمه الله :

" ولا خلاف بين المسلمين أنه - أي المبيع - من ضمان المشتري بعد القبض إلا في العهدة، والجوائح"

انتهى من "بداية المجتهد" (3/ 202 ) .

ومما يشبه ذلك العيوب المَصْنَعِيَّة فيكون البائع " الشركة المصنعة " مسؤولة عنها .

رابعا:

إذا التزم البائع ضمانا لا يلزمه بأصل الشرع ، كأن يلتزم صيانة ، أو ردا بعيب لم يكن يلزمه أصلا ، لولا أنه اشترط ذلك على نفسه ، من باب الترويج والترغيب في سلعته : فلا بأس من الانتفاع بهذا الضمان .

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" لو اشتريت سيارة جديدة من الوكالة ، وأصابها عطل ، فجئت بها إليهم ، فقالوا نصلحها لك مجاناً لأنها في فترة الضمان ، فهل يلزمني الامتناع ؟ فأجاب : لا يلزم . " .

انتهى من "ثمرات التدوين" مسألة ( 383 ) .

ولكن التزام البائع بالضمان أو الصيانة : يكون وفق الشروط المنصوص عليها في العقد ؛ فإذا كان هذا الضمان لا يشمل الأعطال الناتجة عن سوء الاستعمال ، أو الإهمال من قبل المشتري : فلا يحل التدليس على الشركة ، ليدخل في الضمان ؛ بل يلزم المستخدم توضيح حقيقة الحال للشركة ، وهي تنظر : هل تبذل له الضمان ، أو لا .

خامسا :

في حال تم التدليس على الشركة ليضمنوا ما لم يلتزموه في العقد ، فالواجب إعادة الجهاز الجديد إليهم ، وتعويضهم عما نقص من قيمته ، ويحق لك استرداد الجهاز المعيب .

فإن تعذر ذلك : لزم إما دفع قيمة الجهاز الجديد إليهم ، أو الصلح معهم بما يتم التراضي عليه.

فإن تعذر إيصال القيمة إليهم مباشرة أو وضعها في حسابهم ، فإنك تتصدق بها نيابة عنهم .

وعند عجزك يبقى ذلك دينا في ذمتك حتى تؤديه .

سادسا

أما قبولك مساعدة أهلك في أداء الدين فلا يجب عليك ، سواء كان على جهة الهبة أم القرض ، ولو قبلتها لكان أفضل إذا كنت لا تخشى المنة منهم في المستقبل .

قال النووي رحمه الله :

"إذا عرض عليه مال من حلال ، على وجه يجوز أخذه ، ولم يكن منه مسألة ، ولا تطلع إليه : جاز أخذه بلا كراهة ، ولا يجب ."

انتهى من "المجموع" (6/234) ، وينظر : " المغني " ، لابن قدامة (4/337) .

وقد سألنا الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله :

هل يأثم الابن بعدم قبول هبة أبيه لقضاء دين عليه أو ضمان تلف ترتب في ذمته وهو عاجز عن الوفاء به ؟

فأجاب : " لا يظهر لي أنه يأثم ." انتهى .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-03, 03:43
حفر بئرا في ملكه ، فسقطت فيه بقرة ، فماتت ؛ فهل يضمنها ؟

السؤال:

لي قطعة أرض قرب القرية التي أعيش فيها في بيت والدي ، لم أقم بتحويطها بعد ، ولكن بدأت أعمال بناء البيت ، وحفرت حفرة عميقة لمياه الحمام ، تركت هذه الحفرة مفتوحة في الليل ، ولم أغطها بشيء ، وعندما جئت صباحا وجدت بقرة سقطت في الحفرة وماتت .

هل علي ضمان هذه البقرة ؟ وهل أنا مقصر بترك الحفرة مفتوحة ؟

الجواب :

الحمد لله

من حفر بئرا في ملكه فسقط فيه إنسان أو حيوان فتلف لم يضمن إذا لم يتسبب في ذلك إلا بمجرد الحفر في ملكه ؛ لأنه غير متعد .

قال البخاري رحمه الله :

" بَابُ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ لَمْ يَضْمَنْ " .

ثم روى (2355) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( المَعْدِنُ جُبَارٌ، وَالبِئْرُ جُبَارٌ، وَالعَجْمَاءُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الخُمُسُ ) .

وكذا رواه مسلم (1710) ومعنى جبار : هدر ، لا يعوض عنه .

قال النووي رحمه الله :

" الْبِئْرُ جُبَارٌ : مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَحْفِرُهَا فِي مِلْكِهِ ، أَوْ فِي مَوَاتٍ ، فَيَقَعُ فِيهَا إِنْسَانٌ أَوْ غَيْرُهُ ، وَيَتْلَفُ : فَلَا ضَمَانَ ، وَكَذَا لَوِ اسْتَأْجَرَهُ لِحَفْرِهَا ، فَوَقَعَتْ عَلَيْهِ ، فَمَاتَ : فَلَا ضَمَانَ .

فَأَمَّا إِذَا حَفَرَ الْبِئْرَ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ ، أَوْ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ ، فَتَلِفَ فِيهَا إِنْسَانٌ : فَيَجِبُ ضَمَانُهُ عَلَى عَاقِلَةِ حَافِرِهَا ، وَالْكَفَّارَةُ فِي مَالِ الْحَافِرِ ، وَإِنْ تَلِفَ بِهَا غَيْرُ الْآدَمِيِّ : وَجَبَ ضَمَانُهُ فِي مَالِ الْحَافِرِ " انتهى .

وقال ابن قدامة رحمه الله :

" وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِ نَفْسِهِ ، أَوْ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ بِحَفْرِهَا ، وَإِنْ حَفَرَهَا فِي مَوَاتٍ، لَمْ يَضْمَنْ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ بِحَفْرِهَا "

انتهى من "المغني" (8/ 424) .

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (15/ 88-89) :

" مِنَ الصُّوَرِ الَّتِي اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى اعْتِبَارِهَا جُبَارًا : مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِ نَفْسِهِ ، أَوْ فِي مَوَاتٍ فَسَقَطَ فِيهِ إِنْسَانٌ ، أَوْ بَهِيمَةٌ ، فَمَاتَ أَوْ جُرِحَ ، أَوْ عَطِبَ، فَلاَ ضَمَانَ عَلَى الْحَافِرِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ تَسَبُّبٌ فِي ذَلِكَ أَوْ تَغْرِيرٌ " انتهى .

فعلى ما تقدم : لا ضمان عليك حيث لم يحصل منك تعد أو تفريط تؤاخذ به ، إنما التفريط من صاحب البقرة ؛ لأن عليه حفظها ، خاصة بالليل .

ولكن ينبغي عليك بعد ذلك التحويط على الموقع ، أو تعليم البئر ، أو تغطيته ؛ لئلا يقع فيه أحد ، فإنه ربما تسلل الصبيان إلى هناك بالليل وهم يلعبون فيقع فيه أحدهم ، فينبغي مراعاة مثل ذلك .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-03, 03:48
باب في أحكام الإتلافات

السؤال:

ما الحكم إذا أتلف شخص مالاً لغيره ؟

وهل يختلف الحكم إذا كان بقصد أو بدون قصد ؟.

الجواب :

الحمد لله

إن الله تعالى حرم الاعتداء على أموال الناس وابتزازها بغير حق , وشرع ضمان ما أتلف منها بغير حق , ولو عن طريق الخطأ . فمن أتلف مالاً لغيره , وكان هذا المال محترماً , وأتلفه بغير إذن صاحبه ؛ فإنه يجب عليه ضمانه .

قال الإمام الموفق لا نعلم فيه خلافا وسواء في ذلك العمد والسهو والتكليف وعدمه وكذا من تسبب في إتلاف مال كما لو فتح بابا فضاع ما كان مغلقا عليه أو حل وعاء فانساب ما في الوعاء وتلف ضمن ذلك وكذا لو حل رباط دابة أو قيدها فذهبت وضاعت ضمنها وكذا لو ربط دابة بطريق ضيق فنتج عن ذلك أن عثر بها إنسان فتلف

أو تضرر ضمنه لأنه قد تعدى بالربط في الطريق وكذا لو أوقف سيارة في الطريق فنتج عن ذلك أن اصطدم بها سيارة أخرى أو شخص فنجم عن ذلك ضرر ضمنه لما رواه الدارقطني وغيره من وقف دابة في سبيل المسلمين أو في سوق من أسواقهم فوطئت بيد أو رجل فهو ضامن وكذا لو ترك في الطريق طينا أو خشبة أو حجرا أو حفر فيه حفرة فترتب على ذلك تلف المار أو تضرره أو ألقى في الطريق قشر بطيخ ونحوه

أو أرسل فيه ماء فانزلق به إنسان فتلف أو تضرر ضمنه فاعل هذه الأشياء في جميع هذه الصور لتعديه بذلك وما أكثر ما يجري التساهل في هذه الأمور في وقتنا وما أ كثر ما يحفر في الطريق ويسد وتوضع فيه العراقيل وما أكثر الأضرار الناجمة عن تلك التصرفات دون حسيب أو رقيب حتى إن أحدهم ليستولي على الشارع ويستعمله لأغراضه الخاصة ويضايق المارة ويضر بهم

ولا يبالي بما يلحقه من الإثم من جراء ذلك ومن الأمور الموجبة للضمان ما لو اقتنى كلبا عقورا فاعتدى على المارة وعقر أحدا فإنه يضمنه لتعديه باقتناء هذا الكلب وإن حفر بئرا في فنائه لمصلحته ضمن ما تلف بها لأنه يلزمه أن يحفظها بما يمنع ضرر المارة فإذا تركها بدون ذلك فهو متعد وإذا كان له بها بهائم وجب عليه حفظها في الليل من إفساد زروع الناس فإن تركها وأفسدت شيئا ضمنه لأن النبي صلى الله عليه وسلم : (

قضى أن على أهل الأموال حفظها بالنهار وما أفسدت بالليل مضمون عليهم ) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه ، فلا يضمن صاحب البهيمة ما أتلف بالنهار إلا إن أرسلها صاحبها بقرب ما تتلفه عادة قال الإمام البغوي رحمه الله : " ذهب أهل العلم إلى ما أفسدت بالليل ضمنه مالكها لأن في العرف أن أصحاب الحوائط والبساتين يحفظونها بالنهار وأصحاب المواشي يحفظونها بالليل فمن خالف هذه العادة

كان خارجا عن العرف هذا إذا لم يكن مالك الدابة معها هذا فإن كان معها فعليه ضمان ما أفسدته " انتهى

وقد ذكر الله قصة داود وسليمان وحكمهما في ذلك فقال سبحانه : ( وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ، ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما ) ,

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" صح بنص القرآن الثناء على سليمان بتفهيم الضمان بالمثل فإن النفش رعي الغنم ليلا وكان ببستان عنب فحكم داود بقيمة المتلف فاعتبر الغنم فوجدها بقر القيمة فدفعها إلى أصحاب الحرث وقضى سليمان بالضمان على أصحاب الغنم , وأن يضمنوا ذلك بالمثل , بأن يعمروا البستان حتى يعود كما كان

, ولم يضيع عليهم مغله من حيث الإتلاف إلى حين العود , بل أعطى أصحاب البستان ماشية أولئك , ليأخذوا من نمائها بقدر نماء البستان , فيستوفوا من نماء غنمه نظير ما فاتهم من نماء حرثهم , واعتبر الضمانين فوجدها سواء , وهذا هو العلم الذي خصه الله به أثنى عليه بإدراكه " انتهى .

وإذا كانت البهيمة بيد راكب أو قائد أو سائق ؛ ضمن جنايتها بمقدمها ؛ كيدها و فمها , لا ما جنت بمؤخرها كرجلها ؛ لحديث : ( الرجل جبار ) وفي رواية أبي هريرة : ( رجل العجماء جبار ) , والعجماء البهيمة , سميت بذلك لأنها لا تتكلم , وجبار- بضم الجيم - ؛ أي : جناية البهائم هدر .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( كل بهيمة عجماء كالبقر والشاة ؛ فجناية البهائم غير مضمونة إذا فعلت لنفسها كما لو انفلتت ممن هي في يده وأفسدت ؛ فلا ضمان على أحد , ما لم تكن عقوراً , ولا فرط صاحبها في حفظها في الليل أو في أسواق المسلمين ومجامعهم , وكذا قال غير واحد : إنه إنما يكون جباراً إذا كانت منفلتة ذاهبة على وجهها ليس لها قائد أو سائق ؛ إلا الضارية ) .

وإذا صال عليه آدمي أو بهيمة , ولم يندفع إلا بالقتل , فقتله ؛ فلا ضمان عليه ؛ لأنه قتله دفاعاً عن نفسه , ودفاعه عن نفسه جائز , فلم يضمن ما ترتب عليه ولأن قتله لدفع شره , ولأنه إذا قتله دفعاً لشره ؛ كان الصائل هو القاتل لنفسه .

قال الشيخ تقي الدين : ( عليه أن يدفع الصائل عليه , فإن لم يندفع إلا بالقتل ؛ كان له ذلك باتفاق الفقهاء ) .

ومما لاضمان في إتلافه : آلات اللهو , والصليب , وأواني الخمر , وكتب الضلال والخرافة والخلاعة والمجون ؛ لما روى أحمد عن ابن عمر : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يأخذ مدية , ثم خرج إلى أسواق المدينة , وفيها زقاق الخمر قد جلبت من الشام , فشققت بحضرته , وأمر أصحابه بذلك ) . فدل الحديث على طلب إتلافها وعدم ضمانها , لكن لا بد أن يكون لإتلافها بأمر السلطة ورقابتها ؛ ضماناً للمصلحة , ودفعاًُ للمفسدة .

من كتاب الملخص الفقهي للشيخ صالح آل فوزان ص 133

*عبدالرحمن*
2018-07-03, 03:51
أتلف في السابق أشياء تخص مدرسته ، فكيف يضمنها الآن ؟

السؤال:

شخص في جاهليته أتلف أشياء تخص المدرسة التي كان يدرس فيها عن قصد ، منها ميكروفونات ، تكسير زجاج النوافذ ، إعطاب صنابير المياه ، وإتلافها ، تحطيم بعض المعازف التي تخص حصة الموسيقى ، وأشياء من هذا القبيل ، والآن ندم وتاب إلى الله .

فماذا يفعل ليرد المظالم إلى أصحابها ، ومن هم أصحابها ، وهي مؤسسة حكومية ؟

وماذا يفعل إن لم يستطع الأداء لضيق ذات اليد ؟

وهل رد المظالم تقدر بالقيمة الحالية أم القيمة وقت إتلافها ؟

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

إتلاف الأموال والممتلكات المحترمة ، وما فيه منفعة للناس ، سواء كانت ملكيته خاصة أو عامة : هو نوع من الفساد الذي تأباه الفطر السليمة ، ويحرمه الشرع الحنيف ؛ وقد قال الله تعالى : ( وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ) البقرة/60 ، وقال تعالى : ( وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ) الشعراء/183 .

ثانياً :

المتلفات من حيث الضمان وعدمه قسمان :

القسم الأول : ما فيه الضمان ، وهو أن يتلف الإنسان شيئاً محترماً يجوز استعماله شرعاً ، كالأواني والسيارات والنوافذ وغير ذلك من الأشياء ، التي لم يأت الشرع بتحريم استعمالها ، فإتلاف هذا النوع من الأشياء فيه الضمان .

القسم الثاني : ما لا ضمان فيه ، وهو إتلاف ما لا يباح استعماله شرعاً ، كآلات المعازف ، والخمر ، والصليب ، فهذه لا ضمان على من أتلفها ؛ لأنه لا حرمة ولا قيمة لها شرعاً .

قال الشيخ منصور البهوتي رحمه الله :

"ومن أتلف مالا محترما لغيره بغير إذنه ضمنه ; لأنه فوّته عليه فوجب عليه ضمانه ، وغير المحترم ، كآلات لهو ، وآنية خمر ، وآنية ذهب وفضة ، وصليب وصنم ونحوها لا يضمنه متلفه ؛ لعدم احترامه "

انتهى بتصرف من " كشاف القناع " (4/117) .

وعليه : فيلزمك ضمان ما أتلفته من ميكروفونات وزجاج النوافذ وصنابير المياه ؛ لأنها أشياء يجوز استعمالها شرعاً ، وأما آلات المعازف التي أتلفتها ، فلا ضمان عليك فيها ؛ لأنها غير محترمة شرعاً .

ثالثاً :

يشترط لصحة التوبة في حق من حقوق الناس : أن يرد الإنسان ذلك الحق إلى أصحابه ، أو أن يتحلل منهم – أي : يطلب منهم المسامحة – في رد ذلك الحق .

ولا فرق في الحكم بين أن تكون تلك الجهة التي وقع عليها الظلم ، جهة خاصة أو جهة حكومية ، فكلها يجب رد المظلمة عليها ، بل الخطر في الجهات العامة أشد ؛ فإن الحق الشخصي يمكن التحلل من صاحبه ، وأما هذه فليس لها صاحب معين يمكن التحلل منه .

فإذا أتلف الشخص شيئاً معيناً في أي دائرة حكومية ، فإنه يضمن ذلك الشيء المتلف لتلك الجهة التي حصل فيها الإتلاف ، فإن تعذر الوصول إلى تلك الجهة ؛ لكونها غير موجودة الآن ، فإن الضمان يصرف في مدرسة حكومية أخرى مثلها ، فإن تعذر ذلك أيضاً : صرف في مصالح المسلمين العامة ، كإصلاح الطرقات ، وبناء المدارس ، ونحو ذلك مما ينتفع به عموم المسلمين .

فإن عجز الإنسان عن رد تلك الحقوق في الوقت الحالي ، فإنها تبقى في ذمته يردها متى قدر على ذلك .

ولا يشترط أن يرد جميع ما أتلفه دفعة واحدة ، إلا إذا كان قادرا عليه ، فإن عجز عن بعضه : وجب عليه رد ما قدر عليه ، وما عجز عنه : بقي في ذمته إلى وقت القدرة .

رابعاً :
الأصل في ضمان المتلفات : أن المثلي يضمن بمثله ، وما ليس بمثلي ، فإنه يضمن بالقيمة ، وحساب القيمة إنما يكون بيوم التلف .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والقول الراجح أن المثلي ما له مثيل أو مشابه ، سواء كان مكيلاً أو موزوناً أو حيواناً أو جماداً أو مصنوعاً أو غير مصنوع ، فكل ما له مثيل أو مشابه فإنه مثلي .

وقاعدة : أن المثلي يُضمن بمثله ؛ لأن مطابقة المثلي لمثله أقوى من مطابقة القيمة للشيء ، فالقيمة تقدير وتخمين ، والمماثلة مماثلة .

فعلى هذا ، لو أن شخصاً كسر فنجالاً لشخص ، فهل نلزمه أن يأتي بفنجال مثله لصاحب الفنجال الأول ؟ على المذهب : لا ، بل له قيمة الفنجال ، وعلى القول الراجح يلزمه أن يأتي بفنجال .

قوله : ( ويضمن غير المثلي بقيمته يوم تلفه ) وذلك لأن غير المثلي تثبت القيمة من حين الغصب ، فلو تلف هذا الذي ليس بمثلي فقيمته وقت التلف ؛ لأنه قبل التلف لا يزال ملكا لصاحبه فزيادته ونقصه على صاحبه "
.
انتهى بتصرف من " الشرح الممتع " (10/177 – 180) .

والحاصل ، إذا كانت تلك الأشياء المتلفة يمكن توفيرها الآن ، فعليك شراؤها وردها لتلك المدرسة ، ولا يلزمك إخبارهم بما جرى منك سابقاً ، بل يكفي أن تردها إليهم بطريقة لا تشق عليك ، ولا تحرجك .

فإن لم توجد تلك المدرسة ، وأمكن صرفها في مدرسة أخرى حكومية ، فهو المطلوب ، فإن لم يمكن ذلك – أي : توفير المثل – بأن كانت المدرسة التي حصل فيها التلف لا تقبل الأشياء العينية ، فقدر ثمن تلك الأشياء التي تلفت بسعرها يوم تلفها ، وادفعها لهم إن قبلوا ، وإلا فاصرفها في مصلحة عامة .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-03, 03:54
جاءه ضيف غير مسلم وكسر له قطعة أثاث في بيته فهل من حقه مطالبته بالضمان؟

السؤال:

عندي قطعه من أثاث في بيتي كسرها ضيف لي وهو من غير المسلمين ، وأنا أسكن بالولايات المتحدة الامريكية ، فهل التعويض المالي عن تلك القطعه جائز؟

وإذا كان غير جائز فهل يعني هذا أن لا آخذ التعويض سواء مَن كسرها مِن المسلمين أو غير المسلمين ؟

وإذا كان التعويض المالي عن القطعة المكسورة غير جائز فهل التعويض العيني جائز ؟

يعني : أن يذهب ويشتري ما يشابه القطعة المكسورة ويعطيني إياها ؟ .

الجواب :

الحمد لله

أولاً:

من الآداب الواجب العناية بها من قبَل الضيف أن يحافظ على أثاث ومتاع المضيف ، وإذا كان معه أولاده فإن عليه تنبيههم إلى هذا الأمر ، ولا ينبغي للضيف التصرف في بيت مضيفه إلا وفق مراد صاحب البيت فهو أدرى بالمكان المناسب لجلوسه ، فقد يختار الضيف ما لا يصلح أن يجلس عليه فيتسبب في كسره ، أو ما لا يصلح إمساكه فيُكسر
.
ثانياً :

والقاعدة في المتلفات من حيث الأصل : أنه يجب الضمان على من أتلف المال ، ولا فرق في ذلك بين المسلم وغيره ، ولا بين الكبير والصغير ، ولا بين المكلف وغيره .

قال النووي رحمه الله :

"وأما إذا أتلف النائم بيده أو غيرها من أعضائه شيئاً في حال نومه : فيجب ضمانه بالاتفاق ، وليس ذلك تكليفاً للنائم ؛ لأن غرامة المتلفات لا يشترط لها التكليف بالإجماع ، بل لو أتلف الصبي أو المجنون أو الغافل وغيرهم ممن لا تكليف عليه شيئاً : وجب ضمانه بالاتفاق..

" انتهى من " شرح مسلم " ( 5 / 186 ، 187 ) .

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :

القاعدة : أنَّ كل مَن أتلف شيئاً فعليه الضمان .

" الشرح الممتع على زاد المستقنع " ( 10 / 200 ) .

وهذه القطعة من الأثاث التي كسرها الضيف ، إن كان قد أخذها أو أمسكها بإذنك ثم انكسرت في يده فلا ضمان عليه إلا إذا كان قد أخطأ أو قصر في حفظها .

أما إن كان قد أخذها بدون إذنك أو اصطدم بها فانكسرت ، فعليه الضمان

والقاعدة في ضمان المتلفات : أن ما له مثل يلزم المتلف أن يأتي بمثله ، فإن كان لا مثل له فإنه يدفع قيمته لصاحبه .

انظر : " الشرح الممتع على زاد المستقنع " ( 10 / 119 ، 120 ) .

وعليه : فإن قطعة الأثاث المكسورة يكون ضمانها بتصليحها لإرجاعها كما كانت قبل كسرها ، فإن لم يمكن ذلك وكان التصليح لا يرجعها كما كانت : فإذا وُجد في السوق قطعة تماثلها أو تقرب منها : فعليه أن يأتي بها ، وإن اتفقتما على دفع ثمنها فلا حرج في ذلك .

وقد يكون الأفضل في حقك أن تعفو عن هذا الضيف ولا تأخذ منه شيئاً ، ولعل ذلك يكون سبباً لتأليف قلبه وتحبيبه في الإسلام .

قال الله تعالى (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) الشورى/ 40 .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-07-03, 03:57
حكم خطاب الضمان البنكي

السؤال

أنا أعمل في مؤسسة أهلية. وبحكم عملي يطلب مني أحياناً عمل ضمان بنكي (أعمله في مصرف الراجحي وأحياناً البنك الأهلي) وهو من شروط تقديم العطاءات في المناقصات الحكومية...وسؤالي هل عمل الضمان البنكي جائز أو لا؟

الجواب :

الحمد لله

خطاب الضمان البنكي فيه تفصيل :

1- إن كان بغطاء كامل من العميل ، فلا حرج أن يأخذ البنك أجرة من العميل ؛ لأن هذا من باب الوكالة ، والوكالة تجوز بأجرة كما تجوز تبرعا .

2- وإن كان بدون غطاء كامل ، فلا يجوز دفع أجرة للبنك في مقابل الضمان ؛ لأن هذا من باب الضمان ، والضمان عقد تبرع وإرفاق ، وقد قرر الفقهاء عدم جواز أخذ أجرة على الضمان ، لأنه في حالة أداء الضامن مبلغ الضمان فيكون هذا المبلغ دَيْناً للضامن على المضمون عنه ، فإذا أخذ أجرة على ذلك ، صار قرضاً جر نفعاً على المقرض ، وذلك ممنوع شرعاً .

3- يجوز للبنك أخذ مصاريف إدارية لإصدار خطاب الضمان في الحالتين السابقتين ، مع مراعاة عدم الزيادة على الأجرة الفعلية في حالة عدم وجود غطاء كامل من العميل .

وقد صدر بشأن خطاب الضمان قرار من مجمع الفقه الإسلامي .في اجابه السؤال الاني

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-03, 04:00
لا يجوز أخذ الأجرة على الكفالة

السؤال

طلب مني أحد الأشخاص أن أكفله في شراء سيارة بالتقسيط فرفضت فقال لي أنا نويت أعطي من سيكفلني ألفين ريال فأخذتها منه وكفلته لحاجتي للفلوس ، فهل هذا المبلغ حلال لي ؟

الجواب :

الحمد لله

لا يجوز أخذ أجرة على الكفالة والضمان ؛ لأن هذه الأجرة ستحول عقد الكفالة إلى عقد ربوي .

وبيان ذلك :

أن الكفيل ملزم بدفع الدين عن المكفول إذا لم يقم المكفول بالسداد ، وفي حالة سداد الكفيل للدين فإنه يكون قرضا منه للمكفول ، يلزمه سداده له ، وسيضاف إلى ذلك الأجرة التي اتفقا عليها مقابل الكفالة ، فيكون قرضا بزيادة ، وهذا عين الربا .

قال ابن قدامة في "المغني" (6/441) :

"ولو قال : اكفل عني ولك ألف لم يجز ; لأن الكفيل يلزمه الدين , فإذا أداه وجب له على المكفول عنه, فصار كالقرض , فإذا أخذ عوضا صار القرض جارا للمنفعة , فلم يجز " انتهى باختصار .

وقال ابن جرير الطبري في "اختلاف الفقهاء" (ص9)

: " ولو كفل رجل على رجل بمال عليه لرجل ، على جُعل (أجرة) جعله له المكفول عليه ، فالضمان على ذلك باطل" انتهى .

وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن خطاب الضمان ، ما يلي :

" أولاً : إن خطاب الضمان بأنواعه الابتدائي والانتهائي لا يخلو إما أن يكون بغطاء أو بدونه ، فإن كان بدون غطاء ، فهو : ضم ذمة الضامن إلى ذمة غيره فيما يلزم حالاً أو مآلاً ، وهذه هي حقيقة ما يعني في الفقه الإسلامي باسم : الضمان أو الكفالة .

وإن كان خطاب الضمان بغطاء فالعلاقة بين طالب خطاب الضمان وبين مصدره هي الوكالة ، والوكالة تصّح بأجر أو بدونه مع بقاء علاقة الكفالة لصالح المستفيد ( المكفول له ) .

ثانياً : إن الكفالة هي عقد تبرع يقصد به الإرفاق والإحسان ، وقد قرر الفقهاء عدم جواز أخذ العوض على الكفالة ، لأنه في حالة أداء الكفيل مبلغ الضمان يشبه القرض الذي جر نفعاً على المقرض ، وذلك ممنوع شرعاً .

وبناء على ذلك يتقرر ما يلي :

أولاً : إن خطاب الضمان لا يجوز أخذ الأجرة عليه لقاء عملية الضمان - والتي يُراعى فيها عادة مبلغ الضمان ومدته - وسواء أكان بغطاء أم بدونه .

ثانياً : إن المصاريف الإدارية لإصدار خطاب الضمان بنوعيه جائزة شرعاً ، مع مراعاة عدم الزيادة على أجر المثل ، وفي حالة تقديم غطاء كلي أو جزئي ، يجوز أن يُراعى في تقدير المصارف لإصدار خطاب الضمان ما قد تتطلبه المهمة الفعلية لأداء ذلك الغطاء " انتهى من "قرارات مجمع الفقه الإسلامي" ص25 .

وبناء على ذلك ؛ فلا يحل لك أخذ هذا المال ، ويجب عليك رده إلى صاحبه .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-03, 04:02
حكم أخذ أجرة مقابل ضمان المدين

السؤال

: أنا تاجر أشتري البضاعة من الصين أتعامل مع مكتب في الصين ليقوم بالإشراف على البضاعة وشحنها من المصنع ويأخد منى نسبة من إجمالي الفاتورة 1.5% . وفي إحدى المشتريات نقص علي مبلغ فقلت لصاحب المصنع أمهلني فترة من الزمن حوالي 6شهور فقال لي :

هل يضمنك صاحب المكتب الذي أتعامل معه . فقال صاحب المكتب : أنا أضمنه. . وعند تخليص صاحب المكتب علي النسبة التي في الفاتورة وهى المتفق عليها 1.5% قال لي أريد زيادة على النسبة المبلغ الذي ضمنتك فيها . هل يجوز أن أدفع إليه هذه الزيادة التي لم نتفق عليها؟

الجواب :

الحمد لله

لا يجوز أخذ أجرة على الكفالة والضمان ؛ لما قد يؤدي ذلك إلى الوقوع في الربا .

وذلك أن الكفيل أو الضامن ملزم بدفع الدين عن المكفول إذا لم يقم المكفول بالسداد ، فإذا سدد عنه كان ذلك قرضا ، وكانت الأجرة على الضمان فائدة على القرض ، وهي ربا .

قال أبو محمد البغدادي الحنفي في "مجمع الضمانات" ص 282

: " ولو كفل بمال على أن يجعل الطالب له جُعلا ، فإن لم يكن مشروطا في الكفالة ؛ فالشرط باطل ، وإن كان مشروطا في الكفالة ، فالكفالة باطلة " انتهى .

وقال ابن قدامة في "المغني" (6/ 441) :

"ولو قال : اكفل عني ولك ألف لم يجز ; لأن الكفيل يلزمه الدين , فإذا أداه وجب له على المكفول عنه, فصار كالقرض , فإذا أخذ عوضا صار القرض جارا للمنفعة , فلم يجز " انتهى باختصار .

وقال ابن جرير الطبري في "اختلاف الفقهاء" (ص9) : " ولو كفل رجل على رجل بمال عليه لرجل ، على جُعل (أجرة) جعله له المكفول عليه ، فالضمان على ذلك باطل" انتهى .

وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن خطاب الضمان ، ما يلي :

" أولاً : إن خطاب الضمان بأنواعه الابتدائي والانتهائي لا يخلو إما أن يكون بغطاء أو بدونه ، فإن كان بدون غطاء ، فهو : ضم ذمة الضامن إلى ذمة غيره فيما يلزم حالاً أو مآلاً ، وهذه هي حقيقة ما يعني في الفقه الإسلامي باسم : الضمان أو الكفالة .

وإن كان خطاب الضمان بغطاء فالعلاقة بين طالب خطاب الضمان وبين مصدره هي الوكالة ، والوكالة تصّح بأجر أو بدونه مع بقاء علاقة الكفالة لصالح المستفيد ( المكفول له ) .

ثانياً : إن الكفالة هي عقد تبرع يقصد به الإرفاق والإحسان ، وقد قرر الفقهاء عدم جواز أخذ العوض على الكفالة ، لأنه في حالة أداء الكفيل مبلغ الضمان يشبه القرض الذي جر نفعاً على المقرض ، وذلك ممنوع شرعاً "

انتهى من "قرارات مجمع الفقه الإسلامي" ص25

والحاصل :

أنه لا يجوز لك أن تدفع شيئا مقابل الضمان الذي قام به المكتب .

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-07-03, 04:06
هل له قتل الخيول بالسم لأنها تفسد زرعه ؟

السؤال

: أحد أقربائي يملك قطعة أرض مزروعة بالقمح ، وبعض الخيول تأتي لتأكل من هذا القمح لكونه في أرض مفتوحة ، ولا يعرف لمن تعود ملكية هذه الخيول ، وهو منزعج كثيراً من هذا العمل ؛ لأن محصوله كله يذهب طعاما للخيول . اقترح عليه بعض الناس أن يسمم الفرس الذي يأتي ويأكل من محصوله

لكونها الطريقة الوحيدة التي يمكنه حماية محصوله من خلالها ، خاصة وأن جميع أصحاب الخيول أنكروا أنهم يطعمون خيولهم من محصوله .

فهل يحل له أن يسمم الحصان لأنه يضر بمحصوله الزراعي؟.

الجواب :

الحمد لله :

أولا ً:

الواجب على أهل الزرع حفظُ زرعهم وصيانته من المواشي والحيوانات خلال النهار ، فإن قصروا في حفظه تَحمَّلوا نتيجة تقصيرهم .

والواجب على أهل المواشي والخيول والجمال حفظها في الليل ، فإن قصروا في ذلك لزمهم ضمان ما أتلفته حيواناتهم ليلاً .

ويدل لذلك ما جاء عن مُحَيِّصَةَ أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ دَخَلَتْ حَائِطَ رَجُلٍ (بستان) فَأَفْسَدَتْهُ عَلَيْهِمْ ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (عَلَى أَهْلِ الْأَمْوَالِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ ، وَعَلَى أَهْلِ الْمَوَاشِي حِفْظَهَا بِاللَّيْلِ) رواه أبو داود (3569) وصححه الألباني .

قال ابن قدامة المقدسي

: "لأن العادة من أهل المواشي إرسالها في النهار للرعي ، وحفظها ليلاً ، وعادة أهل الحوائط [البساتين] حفظها نهاراً دون الليل ، فإذا ذهبت ليلاً كان التفريط من أهلها ، لتركهم حفظها في وقت عادة الحفظ ، وإن أتلفت نهاراً كان التفريط من أهل الزرع ، فكان عليهم"

انتهى من "المغني" (10/351) .

وقال ابن عبد البر: "وخبر البراء بن عازب هذا في طرح الضمان عن أهل المواشي فيما أتلفت ماشيتهم من زروع الناس نهاراً ، إنما معناه عند أهل العلم : إذا أُطلقت للرعي ولم يكن معها صاحبها ، وأما إذا كانت ترعى ومعها صاحبها فلم يمنعها من زرع غيره ، وقد أمكنه ذلك حتى أتلفته ، فعليه الضمان ؛ لأنه لا مشقة عليه في منعها"

انتهى من "التمهيد" (11/88).

وواضح من سؤالك وجود تقصير من صاحب الأرض في حفظ زرعه بترك الأرض مفتوحة من غير حراسة ولا تحويط .

ثانياً :

ما دخل من هذه الحيوانات إلى أرضك ، فلك منعها وإخراجها حتى لا تفسد زرعك ، ويكون ذلك بأسهل ما يمكن ، وليس لك الاعتداء عليها بالقتل ؛ لوجود وسائل أخرى يمكن من خلالها تفادي إفسادها ، كالزجر ، والضرب ، وتسوير الأرض .

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عَنْ قَوْمٍ دَخَلَ فِي زَرْعِهِمْ جَامُوسَانِ ، فَعَرْقَبُوهُمَا [أي قطعوا عروقهما] فَمَاتَا ، وَقَدْ يُمْكِنُ دَفْعُهُمَا بِدُونِ ذَلِكَ ، فَمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ ؟

فَأَجَابَ :

"لَيْسَ لَهُمْ دَفْعُ الْبَهَائِم الدَّاخِلَةِ إلَى زَرْعِهِمْ إلَّا بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَلِ ، فَإِذَا أَمْكَنَ إخْرَاجُهُمَا بِدُونِ الْعَرْقَبَةِ فَعَرْقَبُوهُمَا ، عُزِّرُوا عَلَى تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ بِغَيْرِ حَقٍّ ، وَعَلَى الْعُدْوَانِ عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ بِمَا يَرْدَعُهُمْ عَنْ ذَلِكَ ، وَضَمِنُوا لِلْمَالِكِ بَدَلَهُمَا .

وَعَلَى أَهْلِ الزَّرْعِ حِفْظُ زَرْعِهِمْ بِالنَّهَارِ ، وَعَلَى أَهْلِ الْمَوَاشِي حِفْظُ مَوَاشِيهِمْ بِاللَّيْلِ ، كَمَا قَالَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"

انتهى من "مجموع الفتاوى" (30/377) .

وقال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ : "هي كالصائل ، يدفع بالأسهل فالأسهل" انتهى من "الفتاوى والرسائل" (8 / 108) .

فعلى هذا ، على صاحب المزرعة أن يحفظ مزرعته بالنهار ، ولا يحل له قتل الخيول التي تأكل منها .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-03, 04:11
هل يلزمها إعادة الإناء لأصحاب الشقة المفروشة ؟

السؤال

كنت مستأجرةً شقة مفروشة وقمت بإهداء الطعام لأحد المعارف لنا في إناء من أواني الشقة ، ولا أذكر أنه أرجع لي الإناء ، والعرف عندنا أنه يجب على المرء أن يعيد الإناء الذي أهدي فيه الطعام ! وأنا الآن قد تركت الشقة

فهل علي أنا أم على معارفي إرجاع الإناء ، أو تعويض ثمنه لأصحاب الشقة المفروشة ؟.

الجواب :

الحمد لله

أولا :

استئجار الشقق المفروشة داخلٌ تحت أحكام عقد الإجارة التي بينها الفقهاء في كتبهم .

" هذا العقد يتكرر في حياة الناس في مختلف مصالحهم وتعاملهم اليومي والشهري والسنوي ، فهو جدير بالتعرف على أحكامه ، إذ ما مِن تعامُلٍ يجري بين الناس في مختلف الأمكنة والأزمنة ، إلا وهو محكوم بشريعة الإسلام ، وفق ضوابط شرعية ترعى المصالح وترفع المضار "

انتهى من "الملخص الفقهي" (2/114)

ومن أحكام الإجارة التي بيّنها العلماء : أنه يجوز للمستأجر أن يعير ما استأجره

كما في "مغني المحتاج" (3/315) ويستعمله ثم يردّه .

وعلى هذا لا حرج عليك في إعارة هذا الإناء لمعارفك .

ثانيا :

الشقة المستأجرة أو غيرها مما يستأجره الناس أمانة في يد المستأجِر ، ومعنى ذلك : أنه لا يضمن ما يتلف فيها بغير تعد ولا تقصير .

جاء في "الموسوعة الفقهية" (1/27) :

" ولا خلاف في أن العين المستأجَرةَ أمانة في يد المستأجِر ، فلو هلكت دون اعتداء منه أو مخالفة المأذون فيه إلى ما هو أشد ، أو دون تقصير في الصيانة والحفظ ، فلا ضمان عليه " انتهى .

انظر "بدائع الصنائع" (4/210) ، "المغني" (5/311)

فإذا ذهبت العين المستأجرة بتقصير أو تعدٍّ من المستأجِر فإنه يضمن مثلها إن كان لها مثل ، أو قيمتها إن لم يكن لها مثل .

والذي يظهر من سؤال الأخت السائلة أنها كانت مقصِّرَةً في متابعة الإناء الذي أعارته معارفها ، فكان عليها أن تطلبه من الذين استعاروه ، فلما لم يحصل ذلك كان التقصير واقعا ، والواجب عليها حينئذ ضمان الإناء لأصحاب الشقة

المفروشة ، فإما أن تتابع معارفها الذين أخذوا الإناء فتأخذه منهم وتعطيه أصحاب الشقة ، أو تشتري لهم بدله مماثلا له ، فإن لم يوجد تدفع لهم قيمته .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-07-06, 05:18
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


صورة من صور عقد الاستصناع

السؤال:

أنا عامل في أحد الشركات بالعراق ، نبيع مواد الماء والصرف الصحي للشركات التجارية ، و أخذنا توكيلا لإحدى الشركات الألمانية في مجال تخصصنا ، وأحيانا يأتي المشتري ليشتري هذه المواد ؛ فأحياناً تكون عندنا بالمخزن ، وأحياناً لا تكون عندنا ، ونأخذ بعض المال مثلاً ظھ ظ¥ظ* من المشتري

ونتصل بالموكل في ألمانيا ليصنع هذا المواد ، ويقوم بإرسالها لنا خلال 15 يوما ، وبعد ذلك نتصل بالمشتري وإذا جاء يستلم المواد ، ونأخذ باقي المال ظھ ظ¥ظ* من المشتري بعد الفترة المحددة ، مثلاً بعد الشهر أو شهرين . السؤال:

ظ،. هل هذا البيع جائز؟

ظ¢. هل هذا الراتب التي أخذه من هذا شركتي حلال ؟

علماً بأن معظم هذه المعاملات أقوم بها عبر الإيميلات وعبر الإنترنت ، وكلا الشركتين ؛ شركتنا والشركة الألمانية مشهورة ، ولها سمعة طيبة من الصدق والأمانة في البيع والضمان .

الجواب :

الحمد لله

هذا العقد يسمى عند العلماء " عقد استصناع " ، ومعنى عقد الاستصناع أن يتفق المشتري مع البائع أن يبيع له شيئاً مصنوعاً ، بالمواصفات التي يتفقان عليها .

ولا يشترط في عقد الاستصناع أن يقدم الثمن كله أو بعضه ، فيجوز تقديم الثمن أو تأجيله أو تقسيطه ، حسب الاتفاق .

وعليه : فلا حرج عليك من العمل في هذه الشركة .

والله أعلم .

..........

عقد الاستصناع

السؤال :

ما هو عقد الاستصناع ؟

وما حكمه ؟

وما شروطه ؟

الجواب :

الحمد لله

أولاً : إن عقد الاستصناع - وهو عقد وارد على العمل والعين في الذمة - ملزم للطرفين إذا توافرت فيه الأركان والشروط .

ثانياً : يشترط في عقد الاستصناع ما يلي :

أ - بيان جنس المستصنع ونوعه وقدره وأوصافه المطلوبة .

ب - أن يحدد فيه الأجل .

ثالثاً : يجوز في عقد الاستصناع تأجيل الثمن كله ، أو تقسيطه إلى أقساط معلومة لآجال محددة .

رابعاً : يجوز أن يتضمن عقد الاستصناع شرطاً جزائياً بمقتضى ما اتفق عليه العاقدان ما لم تكن هناك ظروف قاهرة .

والله أعلم .

مجمع الفقه الإسلامي ص 144

*عبدالرحمن*
2018-07-06, 05:23
الوساطة في عقد استصناع

السؤال :

أرغب بشراء عقار يقع ضمن مشروع سكني لا يزال قيد الإنشاء ، والهدف من شراء هذا العقار القيام ببيعه بعد مدة قصيرة لتحقيق الربح ، وعند توقيع عقد البيع والشراء مع صاحب المشروع أدفع نسبة معينة يتفق عليها من قيمة العقار ، وبعد ذلك أقوم بالبحث عن مشتر آخر وبيعه العقار مرة أخرى وتحقيق الربح

ولكن في هذه الحالة يكون عقد البيع والشراء بين المشتري الجديد وصاحب العقار فقط ، وهذه من العمليات المنتشرة بين الجميع هنا، فهل هذا النوع من العمليات جائز شرعاً ؟ وإن لم يكن جائزاً فما الذي يجب تعديله في العملية حتى تصبح وفقاً لأحكام الشريعة ؟

وما حكم أخذ عمولة في حال كنت الوسيط بين المشتري الأول والمشتري الثاني في هذه العملية؟ وإن كان الحكم عدم الجواز فما الذي يجب فعله حتى تصبح العمولة جائزة شرعاً ؟

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

يجوز شراء العقارات تحت الإنشاء نقدا أو بالتقسيط ، وهو صورة من صور عقد الاستصناع

وعقد الاستصناع يشبه عقد السلم ولكنه أوسع منه في بعض الأحكام ، في عقد السلم يجب تقديم الثمن كله دفعة واحدة ، وفي عقد الاستصناع يجوز تقديم الثمن أو تقسيطه

جاء في " الموسوعة الفقهية " (25/192)

: " يجوز عقد الاستصناع - وهو عقد مقاولة مع أهل الصّنعة على أن يعمل شيئاً - مع أنّه يخالف القواعد ؛ لأنّه عقد على المعدوم ، إلاّ أنّه أجيز للحاجة الماسّة إليه وفي منعه مشقّة وإحراج " انتهى .

أما بيعك للعقار فلا يجوز لك أن تبيعه حتى تستلمه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم : ( نهى أن يبيع الرجل ما ليس عنده)

رواه الترمذي (1232) ، والنسائي (4613) ، وأبو داود (3503) ، وابن ماجه (2187) ، وأحمد (14887) ، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1292). ونهى عن ربح ما لم يضمن . رواه الترمذي (1234) وقال : وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ، وأبو داود (3504) ، والنسائي (4629) ، وابن ماجه (2188) ، وأحمد (6591) ، وصححه الألباني في " الصحيحة" (1212)

وأنت إلى الآن لم يدخل العقار في ملكك ، وتربح في شيء لم يدخل في ضمانك .

والطريق لتصحيح هذه المعاملة : أن تفسخ العقد الذي بينك وبين البائع (صاحب العقار) ، ثم يعقد البائع عقدا جديدا مع هذا المشتري ، وتكون أنت مجرد وسيط في هذا العقد . والظاهر من سؤالك أن هذا هو الذي يقع ، لأنك ذكرت أن العقد يكون بين المالك والمشتري مباشرة .

وأما المقدم الذي دفعته فيكون صاحب العقار قد أجاز لك أن تأخذه من المشتري ، وتأخذ منه أيضا ربحا مقابل هذه الوساطة ، وهذا لا بأس به .

ثانيا:

أما توسطك بين المشتري الأول والثاني ، فهذه الوساطة - وهي ما تعرف بالسمسرة - جائزة على الصحيح من أقوال أهل العلم ، ويأخذ الوسيط أجره من أحد الطرفين أو منهما حسب ما يتم الاتفاق عليه .

وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : ما حكم أخذ الأجرة على السمسرة ؟

فأجاب رحمه الله بقوله : " لا حرج ، أخذ الأجرة ، كونه يكون دلالا يبيع البيوت ، يبيع الأراضي ، يبيع الإبل ، يبيع الغنم ، يبيع الرقيق ويأخذ أجرة ، لا بأس " . انتهى من موقع الشيخ ابن باز رحمه الله .

وما دام يجوز للمشتري الأول أن يبحث عمن يشتري هذا العقار ويفسخ هو عقده مع المالك ، فلا حرج عليه أن يبحث عن مشتر آخر بنفسه أو عن طريق وسيط .

وبناء عليه ؛ فلا حرج عليك أن تكون وسيطا في هذه المعاملة .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-06, 05:26
هل يأثم بركوب الحافلة واقفاً ؛ لأن النظام يمنع من ذلك ؟

السؤال:

قانون السير عندنا يمنع على الحافلات نقل أكثر من 50 راكب ، وأحيانا يتم خرق القانون ، وأنا أكون ضمن الركاب الواقفين فهل علي ذنب ؟

الجواب :

الحمد لله

إذا كان ذلك يؤدي إلى ضرر كسقوط الواقف أو أذية البقية بمزاحمتهم : فلا يجوز .

وخصوصاً إذا كانت الواقفة امرأة تتعرض للابتذال والمهانة بهذا الوقوف ومقاربة أجساد الرجال في هذا المكان الضيق .
وأما الضرورات ، فإنها تقدر بقدرها كنقل الناس في أماكن الكوارث والحروب .

والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-07-06, 05:30
حكم صداقة غير المسلمين ومساعدتهم عند الحاجة

السؤال:

أعيش في بلد غير إسلامي يشهد عنفاً غير مسبوق ضد المسلمين في الآونة الأخيرة ، ولدي صديق مقرب من غير المسلمين (بوذي) ، وقد طلب مني أن أقرضه بعض المال ، لسداد رسوم دراسته ، وقد ساعدته كثيراً ، وساعدني بالمثل في مرات عديدة ، ولا أدري حقيقة ما موقفه مما يحدث للمسلمين هذه الأيام

لأننا لم نتحدث في هذا الموضوع على الإطلاق . وصرت أتساءل عمّا إذا كان يجب علي المحافظة على أصدقائي من غير المسلمين ومساعدتهم متى اقتضت الحاجة أم لا ، هل أبقي الصداقة مع شخص يحارب قومه الإسلام ؟

الجواب :

الحمد لله

أولاً:

لا يجوز للمسلم أو المسلمة اتِّخاذ غير المسلم صديقًا أو وليًّا؛ لقول الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) المائدة/51.

وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) آل عمران/118، والبطانة هم الأشخاص المقربون من الإنسان .

يقول الإمام القرطبي رحمه الله:

" نَهَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُؤْمِنِينَ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنْ يَتَّخِذُوا مِنَ الْكُفَّارِ وَالْيَهُودِ وَأَهْلِ الْأَهْوَاءِ دُخَلَاءَ وَوُلَجَاءَ ، [يعني : أصدقاء ومقربين ] يُفَاوِضُونَهُمْ فِي الْآرَاءِ ، وَيُسْنِدُونَ إِلَيْهِمْ أُمُورَهُمْ

" انتهى من " الجامع لأحكام القرآن " (4 /178) .

وقال سبحانه وتعالى: ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ) الآية المجادلة/22.

فنهى الله تعالى المسلمين عن مودَّة الكافرين وموالاتهم واتِّخاذهم بطانة وأولياء ، وأخبر أنَّ هذا ليس من صفات مَن يؤمن بالله واليوم الآخر .

وثبتَ في الحديث ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تُصَاحِبْ إِلاَّ مُؤْمِنًا ، وَلا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلاَّ تَقِيٌّ ) رواه أبو داود (4832) ، والترمذي (2395) ، وحسَّنه الألباني في " صحيح الجامع " (7341).

قال في " دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين "

: " فيه نهي عن موالاة الكفَّار ومودَّتهم ومصاحبتهم " انتهى (3 /229) .

فنهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم " عَنْ مُصَاحَبَةِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ ؛ لِأَنَّ مُصَاحَبَتَهُمْ مُضِرَّةٌ فِي الدِّينِ" انتهى من " مرقاة المفاتيح " (8 /3141).

ومعلوم أنَّ الصداقة والصُّحبة تَجْلِب المودَّة والحُبّ ، وقد يترتَّب عليها مَيل القلب للصاحب والرِّضا بدينه ، وهذا قد يؤدِّي إلى الكفر عياذًا بالله تعالى ، ومن شأن الصداقة أن يكتسب الصَّديق من صديقه أخلاقَه وتصرُّفاته ؛ كما في الحديث: ( الرَّجُلُ عَلَى دِينِ [أي: عادة وطريقة وسيرة ] خَلِيلِهِ ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ ) رواه أبو داود (4833) ، والترمذي (2378) ، وهو في " السلسلة الصحيحة " للألباني (927) .

ومَنْع صداقة غير المسلم لا يعني مقاطعته مقاطعة تامَّة - إذا كان غير محاربٍ أو معروف بالعداء للمسلمين - ، خاصَّة إذا كان جارًا في السكن أو في العمل ، ولا تعني المَنْع من بِرِّه والإحسان إليه ، وقبول هديَّته ، وعيادته ، ومعاملته ماليًّا ؛ بل كلُّ هذا جائز إذا لم يُخشَ الوقوع في الحرام – من غير مودَّة قلبيَّة ، ومُشاركة في محرَّم أو معاونة عليه - ، خاصَّة إذا كان بنيَّة الدَّعْوَة إلى الإسلام والترغيب في الدِّين .

كما قال تعالى: ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) الممتحنة/8.

يقول الشيخ السعدي رحمه الله : " أي : لا ينهاكم الله عن البِرّ والصلة ، والمكافأة بالمعروف ، والقسط للمشركين ، من أقاربكم وغيرهم ، حيث كانوا بحال لم ينتصبوا لقتالكم في الدِّين والإخراج من دياركم ؛ فليس عليكم جناح أن تَصِلوهم ؛ فإنَّ صِلتهم في هذه الحالة لا محذور فيها ولا مفسدة

كما قال تعالى عن الأبوين المشركين إذا كان ولدهما مسلمًا: ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ) " .

انتهى من تفسيره (ص 856).

وقد سُئلَ علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : هل يجوز للمسلم أن يتخذ صديقًا نصرانيًّا، يسير معه ويزوره ويذاكر معه ، ونحو ذلك ؟

فأجابوا: "يجوز للمسلم أن يُعامِل الكافر غير الحربي بالمعروف ، ويقابل بِرَّه بالبر ، ويتبادل معه المنافع والهدايا ، لكن لا يواليه ولاءَ وُدٍّ ومحبَّة "

انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (26 /89).

ثانيًا:

الأصل في المعاملات الماليَّة بين المسلمين وغير المسلمين الجواز - طالما كانت معاملةً مُباحة محكومة بالشرع - ، لا فرق بين المحارِب وغيره ، بيعًا وشراءً وقرضًا وإقراضًا وإجارةً وغيرها؛ فقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يتعامل مع المشركين واليهود بيعًا وشراءً.

وثبتَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: " تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ ، بِثَلاَثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِير " رواه البخاري (2916).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:

" تجوز مُعَامَلَةُ الْكُفَّارِ فِيمَا لَمْ يَتَحَقَّقْ تَحْرِيمُ عَيْنِ الْمُتَعَامَلِ فِيهِ "

انتهى من " فتح الباري" (5 /141).

وقد سُئِلَ شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله عن مُعاملة التتار: هل هي مُباحة لمَن يعاملونه ؟

فأجاب: " أما معاملة التتار فيجوز فيها ما يجوز في أمثالهم ، ويحرم فيها ما يحرم من معاملة أمثالهم ؛ فيجوز أن يبتاع الرجل من مواشيهم وخيلهم ونحو ذلك كما يبتاع من مواشي التركمان والأعراب والأكراد وخيلهم ، ويجوز أن يبيعهم من الطعام والثياب ونحو ذلك ما يبيعه لأمثالهم.

فأمَّا إن باعَهم وباع غيرهم ما يُعينهم به على المحرَّمات ، كالخيل والسلاح لمَن يقاتل به قتالاً محرَّمًا ؛ فهذا لا يجوز ..."

انتهى من " مجموع الفتاوى " (29 /275).

ثالثًا:

وعلى هذا ؛ فلا مانع من إقراض المسلم غيرَ المسلم - قرضًا حسنًا - بعضَ المال لسداد رسوم دراسته، خاصَّة إذا كان هذا في مقابل إحسانه ومساعدته لك قبل ذلك .

فاحرص على أن يكون صاحبك مؤمنا تقيا ، يذكرك بالله إن نسيته ، ويعينك على طاعة الله تعالى ، ولا تمتنع من الإحسان إلى غير المسلمين الذين لا يحاربون المسلمين ولا يؤذونهم .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-06, 05:33
مصادقة الكافرة

السؤال:

هل يجوز لمسلمة أن تتخذ كافرة صديقة لها إذا كانت محتشمة ومؤدبة جدّاً دون إهمال دينها ؟ .

وهل هناك عقوبة شديدة إذا فعلت هذا ؟ .

الجواب :

الحمد لله

لا شك أن مصاحبة المسلمة للكافرة مضرة لها في دينها ، لأن الكافرة لا تتخلق بما تتخلق به المسلمة ولا تَدين لله تعالى بدين الإسلام ، فلا تتورع عن فعل ما يضر هذه المسلمة التي قد تغتر باحتشام أو أدب هذه الكافرة خاصة ما يضر في الدين .

كما أن مصادقتها والأنُس معها قد تولد في القلب نوعاً من الرضا ببعض ما هي عليه وتُضعف البراءة والمعاداة في الله .

ومن هنا قال النَّبي صلى الله عليه وسلم " لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامَك إلا تقي " رواه الترمذي ( 2395 ) وأبو داود ( 4832 ) ، وصححه ابن حبان ( 2 / 314 ) وحسَّنه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 7341 ) .

ولا نعني بهذا المقاطعة التامة بين المسلمة والكافرة بل لها أن تزورها وتعودها وتهديها هدايا – من غير مودة قلبية ولا مشاركة في أعيادهم - ،وتقصد مثل هذه الزيارت والهدايا دعوتها للإسلام ، وقد فعل ذلك نبيُّنا صلى الله عليه وسلم :

1. وعن سعيد بن المسيب عن أبيه قال : لما حضرت أبا طالب الوفاةُ دخل عليه النَّبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية ، فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم :

أي عم قل لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله ، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم : لأستغفرن لك ما لم أنه عنك ، فنزلت { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم } التوبة / 113 .

رواه البخاري ( 4398 ) ومسلم ( 24 ) .

2. وعن أنس رضي الله عنه قال : كان غلام يهودي يخدم النَّبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه النَّبي صلى الله عليه وسلم يعودُه فقعد عند رأسه ، فقال له : أسلِم ، فنظر إلى أبيه وهو عنده ، فقال له : أطع أبا القاسم صلَّى الله عليه وسلم فأسلَم ، فخرج النَّبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : الحمد لله الذي أنقذه من النَّار . رواه البخاري ( 1290 ) .

وقد أذن النَّبي صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت أبي بكر باستقبال أمها المشركة ، وأهدى عمر رضي الله عنه أخاه المشرك ثوباً .

فعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : قدمتْ عليَّ أمِّي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي راغبة أفأصِلُ أمِّي ؟ قال : نعم صِلِي أمَّكِ . رواه البخاري ( 2477 ) ومسلم ( 1003 ) .

ومعنى " راغبة " : أي : راغبة في بر ابنتها .

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : رأى عمر بن الخطاب حلة سيراء عند باب المسجد فقال : يا رسول الله لو اشتريتَها فلبستَها يوم الجمعة وللوفد ، قال : إنَّما يلبسها من لا خَلاق له في الآخرة ، ثم جاءت حُلَل فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر منها حلة ، وقال أكسوتنيها وقلت في حلة عطارد ما قلت ؟

فقال : إني لم أكسكها لتلبسها ، فكساها عمر أخا له بمكة مشركاً .

رواه البخاري ( 2470 ) ومسلم ( 2068 ) .

قال الشيخ صالح الفوزان :

"زيارة الكفار من أجل دعوتهم إلى الإسلام لا بأس بها ، فقد زار النبي صلى الله عليه وسلم عمَّه أبا طالب وهو يحتضر ودعاه إلى الإسلام ، وزار اليهودي ودعاه إلى الإسلام .

أما زيارة الكافر للانبساط له والأنس به فإنها لا تجوز لأن الواجب بغضهم وهجرهم ، ويجوز قبول هداياهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قبِل هدايا بعض الكفار ، مثل هدية المقوقس ملك مصر ، ولا تجوز تهنئتهم بمناسبة أعيادهم لأن ذلك موالاة لهم وإقرار لباطلهم" . "

المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 1 / 255 ) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-06, 05:35
لا حرج من الإحسان إلى غير المسلمين إذا لم يكونوا يقاتلوننا

السؤال

: أنا امرأة تعمل وأريد أن أعرف ما إذا كان يجوز لي أن أعطي الماء أو الطعام لغير المسلمين؟

يوجد غلام يهودي في عملي ، وعندما أخرج أو أذهب لأحضر الماء، فإنه يطلب مني أن أحضر له الماء أيضا، فهل يجوز لي ذلك ؟

الجواب :

الحمد لله

لا حرج من الإحسان إلى غير المسلمين بشرط ألا يكونوا معروفين بعداء المسلمين ، أو مساعدة أعدائنا علينا

قال الله تعالى : (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ) الممتحنة/8 ، 9 .

قال ابن كثير رحمه الله :

"أي : لا ينهاكم عن الإحسان إلى الكفرة الذين لا يقاتلونكم في الدين ، كالنساء والضعفة منهم ، (أَنْ تَبَرُّوهُمْ) أي : تحسنوا إليهم (وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) أي : تعدلوا (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)" انتهى .

"تفسير ابن كثير" (4/446) .

وقال الشيخ ابن عثيمين في تفسير سورة البقرة (2/294) :

"وأما الكافر فلا بأس من بره ، والإحسان إليه بشرط أن يكون ممن لا يقاتلوننا في ديننا ، ولم يخرجونا من ديارنا ؛ لقوله تعالى : (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)" انتهى .

ويثاب المسلم على إحسانه إلى هؤلاء ، وله على ذلك أجر ، فقد ذكر الله تعالى من صفات الأبرار الذين هم أهل الجنة : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) والأسير لا يكون إلا كافراً .

قَالَ قَتَادَةَ رحمه الله ، قَوْلُهُ : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) . قَالَ : لَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِالأُسَرَاءِ أَنْ يُحْسَنَ إِلَيْهِمْ ، وَإِنَّ أَسْرَاهُمْ يَوْمَئِذٍ لِأَهْلُ الشِّرْكِ .

انظر : تفسير الطبري (10/8364) .

وقال النووي رحمه الله في "المجموع" (6/237) :

"فلو تصدق على فاسق أو على كافر من يهودي أو نصراني أو مجوسي جاز , وكان فيه أجر في الجملة . قال صاحب البيان : قال الصيمري : وكذلك الحربي , ودليل المسألة : قول الله تعالى : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) ومعلوم أن الأسير حربي" انتهى .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-07-06, 05:41
: امرأة يهودية تسأل عن حكم الزيارات والصداقات بينها وبين المسلمات في الإسلام

السؤال:

هل يجوز للمرأة المسلمة أن تصادق نساء غير مسلمات ؟

وهل يحق للزوج أن يغضب إذا علم أن زوجته تصادق أو تُدخل بيته نساء غير مسلمات ؟

فأنا امرأة يهودية ولديَّ الكثير من الصديقات من كل الديانات ، وكل منّا يحترم الآخر وما يحمله من معتقدات وأفكار ، ولكن مع هذا ليس لديَّ حتى الآن أي صديقة مسلمة ، أقصد : مسلمة حقيقية ، ترتدي الحجاب والنقاب وتتمثل الإسلام بكل معانيه . وأريد أن أسألكم ما إذا كان دينكم يتيح لمثل هؤلاء النساء التعرف عليَّ ومصادقتي .

الجواب :

الحمد لله

أولاً:

يسرنا أنك توجهتِ بالسؤال لموقع إسلامي حتى تحصلي على جواب شرعي موثق ، ونحن دوماً ندعو غير المسلمين لمثل هذا وأن لا يسأل أحدُهم عن شيء من أحكام الإسلام غيرَ المسلمين ، أو غير المختصين بالعلوم الشرعية من المسلمين .

ثانياً:

في شرعنا المطهَّر ليس هناك ما يمنع المسلمة من أن تكون لها علاقة بغير المسلمات ، خاصة إذا كانت من أهل الكتاب ، اليهود والنصارى ، فالأمر معهن أوسع من غيرهن .

وإنما العبرة في شرعنا في هذا الباب : الفائدة والمصلحة من الزيارة ، أو المضرة والمفسدة في الدين ؛ بل قد توجد أسباب للزيارة بين المسلمة وغيرها من غير المسلمات توصي بها الشريعة الإسلامية استحباباً ، ومن ذلك
:
1. أن تكون المرأة غير المسلمة أمّاً للمسلمة أو قريبة لها ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أسماء بنت أبي بكر الصدِّيق أن تصل أمَّها المشركة .

عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قَالَتْ : قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ ، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي ، وَهِيَ رَاغِبَةٌ ، أَفَأَصِلُ أُمِّي ؟ قَالَ : ( نَعَمْ ، صِلِي أُمَّكِ ) .

رواه البخاري ( 2620 ) ومسلم ( 1003 ) .

ومعنى راغبة : أي : تطلب بر ابنتها لها .

وفي الحديث جواز زيارة أسماء رضي الله عنها لأمها المشركة ، وجواز دخول الأم بيت ابنتها المسلمة .

2. أن تكون المرأة غير المسلمة جارة للمسلمة .

قال الله تعالى ( وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً ) النساء/ 36 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - :

( وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى ) أي : الجار القريب الذي له حق الجوار وحق القرابة .

( وَالْجَارِ الْجُنُبِ ) الذي ليس بقريب ، فعلى العبد القيام بحق جاره مطلقا ، مسلماً كان أو كافراً ، قريباً أو بعيداً ، بكف أذاه عنه ، وتحمل أذاه ، وبذل ما يهون عليه ويستطيعه من الإحسان ، وتمكينه من الانتفاع بجداره

أو طريق ماء على وجه لا يضر الجار ، وتقديم الإحسان إليه على الإحسان على من ليس بجار ، وكلما كان الجار أقرب باباً كان آكد لحقه ، فينبغي للجار أن يتعاهد جاره : بالصدقة والهدية والدعوة واللطافة بالأقوال والأفعال ؛ تقربا إلى الله وإحسانا إلى أخيه صاحب الحق .

" تيسير اللطيف المنَّان في خلاصة تفسير الأحكام " ( ص 57 ) .

عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو ذُبِحَتْ لَهُ شَاةٌ فِي أَهْلِهِ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ " أَهْدَيْتُمْ لِجَارِنَا الْيَهُودِيِّ ؟ أَهْدَيْتُمْ لِجَارِنَا الْيَهُودِيِّ ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ( مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ ) .
رواه الترمذي ( 1943 ) وحسَّنه وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

وكما أوصت الشريعة ببعث الهدايا للجيران ولو كانوا يهوداً ، فقد أباحت الشريعة قبول هدايا غير المسلمين وقبول دعوتهم للطعام في بيوتهم ، وقد ثبت في صحيح السنَّة قبول النبي صلى الله عليه وسلم لدعوة يهودي في بيته على طعام ، كما رواه أحمد في مسنده ( 20 / 424 ) بسند صحيح .

3. أن تكون المرأة غير المسلمة مريضة فتعودها المسلمة في بيتها أو في المستشفى .

عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ ( أَسْلِمْ ) فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ : أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ ) .

رواه البخاري ( 1290 ) .

وكما كان للنبي صلى الله عليه وسلم غلام يهودي يخدمه فقد كان لعائشة رضي الله عنها امرأة يهودية تخدمها ، كما رواه الإمام أحمد في " مسنده " ( 41 / 66 ) بإسناد صحيح .

وكل ما سبق فيه دخول اليهودي واليهودية بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، اليهودي لخدمة النبي صلى الله عليه وسلم ، واليهودية لخدمة عائشة رضي الله عنها ، ثم فيه دخول النبي صلى الله عليه وسلم لبيت اليهودي لعيادة ابنه .

4. أن تكون هناك خصومة بين غير المسلمة وامرأة أخرى فتزورها المسلمة للإصلاح .

قال الله تعالى ( لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ) النساء/ 114 .

فقوله تعالى ( إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ) عام يشمل كل متخاصِمين من أي دين كانوا ، وسواء زارت المرأة المسلمة أولئك المتخاصمات هي ، أو هنَّ زرنها في بيتها ، فلا فرق .

وهناك أسباب غير ما ذكرنا ، وكلها تدعو المسلمة لأن تزور امرأةً غير مسلمة وعكسه ، ومن أعظم الأسباب التي تدعو المرأة المسلمة لمثل تلك الزيارة – زائرة ومزورة - الدعوة إلى الله

أداءً لواجب النصح الذي أوجبه الله تعالى على المسلمين تجاه الناس لدعوتهم إلى الدين الخاتم الذي ختم الله تعالى به الرسالات ، وأرسل به النبيَّ صلى الله عليه وسلم للناس كافَّة .

ثالثاً:

مع ما سبق ذِكره من بيان أن الإسلام لا يمانع أن تزور المرأةُ المسلمة امرأة غير مسلمة في بيتها فإننا ننبه إلى أن ذلك لا بدَّ أن يكون وفق ضوابط شرعية ، منها :

1. أن لا تخرج المرأة من بيتها إلا بإذن زوجها ، وقد ذكرنا الأدلة وأقوال العلماء في ذلك في جواب السؤال رقم ( 83360 ) .

وإذا كانت المرأة المسلمة مزورة فإن الأصل أن تستقبل من شاءت في بيتها ، إلا أن يمنعها زوجها من ذلك ، فتمتنع الزوجة عن استقبال من يكره زوجها دخولها بيته ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ أَلاَّ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ وَلاَ يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ أَلاَ وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ ) رواه الترمذي ( 1163 ) وصححه ، وابن ماجه ( 1851 ) .

2. أن تكون الزيارة للقاء بنات جنسها من النساء ، فلا يجوز أن يكون هناك رجال أجانب في مجلس الزيارة ، فلا تزور المسلمة جاراً ، ولا تعود مريضاً من الرجال ، لا من المسلمين ولا من غير المسلمين .

3. أن تخلو زيارة المرأة المسلمة للنساء غير المسلمات من محرمات تشاهَد أو تُسمع ، فلا يكون في مجلس الزيارة

موسيقى ولا أفلام فيها ما يحرم مشاهدته ، كما يجب أن يخلو المجلس من الغيبة والطعن والقذف وغير ذلك من المحرمات .
4. أن لا تكون الزيارة لغير المسلمة – ولا الاستقبال لها -

إن كانت محاربة للمسلمين أو مشاركة في احتلال أرضهم أو إخراجهم من ديارهم ، فما ذكرناه سابقاً لا ينطبق على اليهودية التي جاءت من أوربا أو أفريقيا لتسكن في بقعة أرض احتلها جنود الصهاينة ، وأولى بالمنع أن تكون اليهودية هي نفسها من المشاركات في الحرب والاحتلال

فالصنف الأول من غير المسلمين ، وهو من لا يحاربنا ، ولا يشارك في حربنا ، هو الذي يحق لنا أن نعامله بالبر والقسط ، دون الصنف الآخر الذي احتل بلادنا ، أو أخرجنا من ديارنا ، أو شارك في ذلك بنفسه ، أو بماله ، أو برأيه . قال الله تعالى – في الصنف الأول - : ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) الممتحنة/ 8 ، وقال الله تعالى –

في الصنف الآخر – ( إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) الممتحنة/ 9 .

رابعاً:

هذا بخصوص الزيارات واللقاءات بين المسلمة وغير المسلمة ، وأما الصداقة : فلها شأن عظيم في الدين والواقع ، ومن شأن الصداقة أن يكتسب الصديق من صديقه أخلاقه وتصرفاته

والأخطر من ذلك أن ينتقل له أسوأ ما عنده ، ولذلك ليس في الشريعة ترغيب بصداقة كل أحد حتى من المسلمين ، ولا ينبغي للمسلمة أن تتخذ صديقة لها من النساء إلا أن تكون على عقيدة التوحيد ، وعلى أخلاق الإسلام ، فهذان شرطا الصداقة ، ولا يعني هذا مقاطعة من تخلف عندها الشرطان أو أحدهما

فقد ذكرنا جواز الزيارة والعيادة بين المسلمة وغيرها من غير المسلمات ، ولكن الصداقة معنى خاص ، ولها شأن عظيم ولذا مُنع المسلم من مصادقة من قد يضره في دينه أو سلوكه

كما نرجو النظر في جواب السؤال رقم ( 128862 ) ففيه مسائل مهمَّة تبيِّن نظرة الإسلام لغير المسلمين كيف هي .

ونرجو أخيراً أن نكون قد أوفينا سؤالك حقَّه من الإجابة ، ولتعلمي أننا لم نجاملكِ على حساب ديننا ، بل ذكرنا لك أحكام الشرع بأدلتها ، داعين الله تعالى أن يشرح صدركِ للحق والالتزام به ، وأن يختارك الله لتكوني على دين موسى عليه السلام الحق ، وهو دين أخيه محمد صلى الله عليه وسلم

فكلاهما دينه الإسلام ، وكلاهما على عقيدة واحدة وإن اختلفت شرائعهم ، وتجدين في موقعنا هذا مزيداً من الفوائد والمسائل ، وخاصة في قسم " تعرَّف على الإسلام ".

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-07-06, 05:48
هدي النبي صلى الله عليه وسلم في معاملة اليهود

السؤال:

كيف كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع اليهود ؟

الجواب :

الحمد لله

فإن أحسن الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، فهو أكمل الخلق وسيد الرسل ، وقد أمرنا بالتمسك بهديه ، فقال : ( عَلَيكُم بِسُنَّتِي ) رواه أبو داود ( 4607 ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .

وقد جاء هديه وسنته بأحسن الأحوال وأقوم الأخلاق ، خاصة في تعامله صلى الله عليه وسلم مع أهل الديانات الأخرى ، ونستطيع أن نجمل هديه صلى الله عليه وسلم في التعامل مع اليهود في المسائل التالية :

1. اتخاذ الموقع الصحيح من اليهودية وجميع الأديان ، وهذا الموقع يتمثل باعتقاد أحقية دين الإسلام والتوحيد ، وكفر وفساد كل ديانة أخرى ، وتقرير أن الله تعالى لا يقبل يوم القيامة إلا أن يكون العبد مسلما حنيفا لله تعالى ، كما قال سبحانه : ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل عمران/85 .

وقد كان هذا التقرير هو المحور الذي تدور عليه صلى الله عليه وسلم دعوته صلى الله عليه وسلم ، ويتخذ المواقف تبعا له ؛ لأنه من ضرورات عقيدة المسلم التي تعرضت في العصور الأخيرة للتحريف والتشويه من دعاة " توحيد الأديان " !

2. ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يحرص على دعوتهم للإسلام ، ولا يفوت فرصة يمكن أن يبلغهم فيها دين الله تعالى إلا وفعل ، حتى إنه صلى الله عليه وسلم لم يبدأ حربا معهم – بسبب غدرهم وخيانتهم – إلا ويسبقها بدعوتهم وتذكيرهم ، كما قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم فتح خيبر : ( انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى

الْإِسْلَامِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ ) رواه البخاري ( 2942 ) ومسلم ( 2406 ) .

3. التأكيد على أن عقد الموالاة إنما هو بين المؤمنين ، وأن البراء واجب من كل كفر مبين ، وجعل صلى الله عليه وسلم مناط الأخوة الإسلام ، فلا يجوز لمسلم أن يوالي أهل أي ملة بالمحبة والمودة ، لذلك تجده صلى الله عليه وسلم يسارع في أول قدومه المدينة في تقرير المفارقة بين الإسلام واليهودية

فكان في نص الوثيقة " الدستور " التي أمر النبي صلى الله عليه سلم بكتابته لتنظيم العلاقات بين سكان المدينة : " المؤمنون أمة واحدة دون الناس " رواه القاسم بن سلام في " الأموال " ( 517 ) من مراسيل الزهري .

يقول الدكتور أكرم العمري :

" الروابط تقتصر على المسلمين ولا تشمل غيرهم من اليهود والحلفاء ، ولا شك أن تمييز الجماعة الدينية كان أمرا مقصودا يستهدف زيادة تماسكها واعتزازها بذاتها " انتهى .

انظر " السيرة النبوية الصحيحة " للدكتور أكرم العمري ( 1 / 272 – 291 )

فقد توسع في الحكم على الوثيقة وتحليلها .

4. ولكنه صلى الله عليه وسلم كان يعترف بحقوق اليهود والنصارى ، ويخطئ من يتوهم أن التبرأ من ديانة اليهود المحرفة يلزم منه ظلمهم ومصادرة حقوقهم ، فقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم وجود اليهود في المدينة ، وكتب في دستور المدينة : "

وإن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين " ، وتكفل لهم بجميع أنواع الحقوق :

أ. حق الحياة : فلم يقتل يهوديا إلا من خان وغدر .

ب. وحق اختيار الدين : حيث أقرهم على ديانتهم ولم يكره أحداً على الإسلام ، عملا بقوله سبحانه وتعالى : ( لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) البقرة/256 ، وكتب في ميثاق المدينة : " لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم " .

ج. حق التملك : فلم يصادر أملاك أحد منهم ، بل أقر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين على تجارتهم معهم .

د. حق الحماية والدفاع : فقد جاء في ميثاق المدينة : " وإن على اليهود نفقتهم ، وعلى المسلمين نفقتهم ، وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة "

هـ. حق العدل في المعاملة ورفع الظلم : وذلك مقرر في صحيفة المدينة حيث جاء فيها : " وأنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم "

وقد عدل النبي صلى الله عليه وسلم في الحكم ولو كان ذلك على حساب المسلمين ، فلما قتل أهلُ خيبر عبدَ الله بن سهل رضي الله عنه لم يقض النبي صلى الله عليه وسلم عليهم بالدية ، ولم يعاقبهم على جريمتهم ، لعدم وجود البينة الظاهرة ضدهم ، حتى دفع النبي صلى الله عليه وسلم ديته من أموال المسلمين

والقصة في البخاري ( 6769 ) ومسلم ( 1669 ) ، ولما اختصم الأشعث بن قيس ورجل من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم في أرض باليمن ولم يكن لعبد الله بيِّنة قضى فيها لليهودي بيمينه ، كما في البخاري ( 2525 ) ومسلم ( 138 ) .

و. بل منحهم النبي صلى الله عليه وسلم حق التحاكم فيما بينهم إلى قوانين دينهم ، ولم يلزمهم بقوانين المسلمين ما دام طرفا القضية من أتباعهم ، إلا إذا ترافعوا إليه صلى الله عليه وسلم ، وطلبوا منه الحكم بينهم ،

فكان حينئذ يحاكمهم بشريعة الله ودين المسلمين ، يقول الله سبحانه وتعالى : ( فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) المائدة/42 .

5. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحسن معاملة جميع الناس ، ومنهم اليهود ، فقد أمر الله سبحانه بالقسط والبر وحسن الخلق وأداء الأمانة مع اليهود وغيرهم ، حيث قال سبحانه : ( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) الممتحنة/8 .

ومن بره صلى الله عليه وسلم في معاملة اليهود :

أ. أنه كان يعود مريضهم : روى البخاري ( 1356 ) عن أنس بن مالك رضي الله عنه : ( أَنَّ غُلَامًا مِنَ اليَهُودِ كَانَ يَخدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَمَرِضَ ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ ، فَقَعَدَ عِندَ رَأسِهِ ، فَقَالَ : أََسلِم . فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِندَ رَأسِهِ ، فَقَالَ لَه : أَطِع أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ . فَأَسلَمَ ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ : الحَمدُ لِلَّهِ الذِي أَنقَذَهُ مِنَ النَّارِ ) .

ب. وكان صلى الله عليه وسلم يقبل هداياهم : فقد روى البخاري ( 2617 ) ومسلم ( 2190 ) عن أنس بن مالك رضي الله عنه : ( أَنَّ امرَأَةً يَهُودِيَّةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ مَسمُومَةٍ فَأَكَلَ مِنهَا ) .

ج. كما كان صلى الله عليه وسلم يعفو عن مسيئهم : إذ لم ينه عن قتل تلك المرأة التي وضعت السم في الشاة ، ففي تكملة الحديث السابق : ( فَجِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ : أَرَدْتُ لِأَقْتُلَكَ ، قَالَ : مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَى ذَاكِ - قَالَ : أَوْ قَالَ : عَلَيَّ - قَالَ : قَالُوا : أَلَا نَقْتُلُهَا ؟ قَالَ : لَا )

بل وفي حديث أبي هريرة في صحيح البخاري ( 3169 )

أن ذلك كان بعلم من اليهود وأنهم اعترفوا بمحاولة القتل بالسم ، ومع ذلك لم يأمر صلى الله عليه وسلم بالانتقام لنفسه ، لكنه قتلها بعد ذلك لموت الصحابي الذي كان معه صلى الله عليه وسلم وكان أكل من الشاة المسمومة , وهو بشر بن البراء رضي الله عنه .

وكذلك لما سحره اليهودي لبيد بن الأعصم ، وعافاه الله من السحر ، لم ينتقم منه ولا أمر بقتله ، بل جاء في " سنن النسائي " ( 4080 ) وصححه الألباني عن زيد بن أرقم قال : ( فَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ لِذَلِكَ اليَهُودِيِّ وَلَا رَآهُ فِي وَجهِهِ قَط ) .
د. وكان صلى الله عليه وسلم يعامل اليهود بالمال ، ويفي لهم معاملتهم

: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :( أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ الْيَهُودَ أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا ) رواه البخاري ( 2165 ) ومسلم ( 1551 ) .

وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا بِنَسِيئَةٍ وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ ) رواه البخاري ( 1990 ) ومسلم ( 1603 ) .

هـ. وفي أول قدومه صلى الله عليه وسلم المدينة كان يحب موافقة اليهود في أعمالهم وعاداتهم ليتألف قلوبهم على الإسلام ، ولكنه لما رأى عنادهم وجحودهم ومكابرتهم أمر بمخالفتهم ، ونهى عن التشبه بهم .

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْدِلُ شَعَرَهُ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ فَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ رُءُوسَهُمْ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ ثُمَّ فَرَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ ) رواه البخاري ( 3728 ) ومسلم ( 2336 ) .

و. ولم يكن صلى الله عليه وسلم يترفع عن محاورتهم ، بل كان يتواضع لهم ، ويجيب على أسئلتهم وإن كان مرادهم منها العنت والمجادلة بالباطل .

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : ( بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرْثٍ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَسِيبٍ إِذْ مَرَّ بِنَفَرٍ مِنْ الْيَهُودِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ سَلُوهُ عَنْ الرُّوحِ فَقَالُوا مَا رَابَكُمْ إِلَيْهِ لَا يَسْتَقْبِلُكُمْ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ

فَقَالُوا سَلُوهُ فَقَامَ إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ فَسَأَلَهُ عَنْ الرُّوحِ قَالَ فَأَسْكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ قَالَ فَقُمْتُ مَكَانِي فَلَمَّا نَزَلَ الْوَحْيُ قَالَ : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ) رواه البخاري ( 4444 ) ومسلم ( 2794 ) .

ز. وكان يدعو لهم بالهداية وصلاح البال : فعَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ : ( كَانَ الْيَهُودُ يَتَعَاطَسُونَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُونَ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ فَيَقُولُ : يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ ) رواه الترمذي ( 2739 ) وقال : حسن صحيح ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

6. وفي المقابل : لم يكن صلى الله عليه وسلم يرضى أن ينتهك اليهود حرمات المسلمين ، ويتمادوا في ذلك ، فكان يعاقب كل من يعتدي على المسلمين ويظلمهم ويتجاوز حدوده في ذلك ، فلما اعتدى بعض يهود بني قينقاع على امرأة مسلمة في السوق واحتالوا لكشف عورتها ، وتوعدوا النبي صلى الله عليه وسلم بالقتال

وقالوا : ( يا محمد ، لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نفرا من قريش كانوا أغمارا لا يعرفون القتال ، إنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس ) نقله ابن حجر في "

فتح الباري " وحسَّنه ( 7 / 332 )

فقام النبي صلى الله عليه وسلم إليهم وأجلاهم من المدينة ، وكان ذلك في شوال من السنة الثانية للهجرة .

ثم لما عَظُمَ أذى كعب بن الأشرف اليهودي للمسلمين ، وبدأ يخوض في أعراضهم ، ويشبب بنسائهم في شعره ، وارتحل إلى مكة يحرض زعماء قريش على المسلمين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله في قصة طويلة حدثت في ربيع الأول من السنة الثالثة للهجرة ، رواها البخاري ( 2375 ) ومسلم ( 1801 ) .

وكذلك لما تكررت محاولات بني النضير لقتل النبي صلى الله عليه وسلم في قصص مشهورة يذكرها أهل المغازي والسير ، ودسوا إلى قريش يحضونهم على غزو المدينة ، ويدلونهم على العورة ، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإجلائهم من المدينة في السنة الرابعة من الهجرة .

انظر " المغازي " للواقدي ( 1 / 363 – 370 ) و " سيرة ابن هشام " ( 3 / 682 ) .

وأما يهود بني قريظة فقد قتل النبي صلى الله عليه وسلم مقاتلتهم لما غدروا به يوم الأحزاب ، وتحالفوا مع قريش والعرب ضد المسلمين ، وخانوا العهود معهم ، وكان ذلك في العام الهجري الخامس .

انظر " سيرة ابن هشام " ( 3 / 706 ) .

وقد وردت أخبار كثيرة في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعفو عن كل من أظهر الوفاء بالعهد من اليهود ، ولا يعاقب إلا من شارك في الغدر أو أقر ورضي .

انظر " السيرة النبوية الصحيحة " أكرم العمري ( 1 / 316 ) ، وقد جاء في ميثاق المدينة : " لليهود دينهم وللمسلمين دينهم ، مواليهم وأنفسهم ، إلا من ظلم نفسه وأثم ، فإنه لا يوتِغ – أي : يُهلِك - إلا نفسه وأهل بيته " .

وأخيرا لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم غدر اليهود وخيانتهم ، أوحى الله إليه أن يُخلِصَ جزيرة العرب لديانة التوحيد ، فلا يبقى فيها غير الدين الذي ارتضاه الله لنفسه .

عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصاهم في مرض موته فقال: ( أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ ) رواه البخاري ( 2888 ) ومسلم ( 1637 ) .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-07-06, 05:55
موقف الإسلام من الديانات الأخرى

السؤال:

لدي شبه حول الإسلام فهل يمكن أن توضحها لي ؟

ما هو رأي الإسلام في الناس من الديانات الأخرى ؟

هل جميع الناس غير المسلمين يُعتبرون مذنبين لأنهم لا يتبعون الله والإسلام ؟

هل يمكن لأي شخص غير مسلم بأن يدخل الجنة دون أن يتبع الإسلام ؟.

الجواب :

الحمد لله

حكم الإسلام في الديانات الأخرى أنها كلها إما موضوعة باطلة أو منسوخة .

فالموضوع الباطل منها : كعبادة العرب الأقدمين للأصنام والأحجار .

والمنسوخ من الديانات : هي ما كان عليه الأنبياء الذين سبقوا نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم فهي صحيحة لأن أصلها من عند الله ولكن جاء الإسلام فحل محلها ، لا في أصل المعتقد كمعرفة الله أو الملائكة والجنة والنار

فهذا متفق عليه بين الرسل أجمعين ، ولكن الاختلاف بينهم في طرق العبادات والتقرب إلى الله تعالى من صلاة وصيام وحج وزكاة وغير ذلك , وإن كان أتباع الأنبياء قد وقع في المتأخرين منهم التحريف في الاعتقاد والوقوع في الشرك ما جاء الإسلام بتبيينه وإرجاع الناس إلى العقيدة الصحيحة التي جاء بها الأنبياء السابقون .

عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : جاء عمر بجوامع من التوراة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله جوامع من التوراة أخذتُها من أخ لي من " بني زريق " فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عبد الله بن زيد – الذي أُري الأذان – أَمَسَخَ الله عقلك ؟ ألا ترى الذي بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال عمر : رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً وبالقرآن إماماً ، فسرّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : ( والذي نفس محمد بيده لو كان موسى بين أظهركم ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم ضلالاً بعيداً أنتم حظي من الأمم وأنا حظكم من النبيين ) رواه أحمد/15437 .

وقال ابن حجر :

.. جميع طرق هذا الحديث ، وهي إن لم يكن فيها ما يحتج به لكن مجموعها يقتضي أن لها أصلاً .

( فتح الباري 13/525 ) .

والدليل على ذلك قوله تعالى : ( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) آل عمران/85 .

قال الإمام الطبري في تفسير هذه الآية :

يعني بذلك جل ثناؤه : ومن يطلب ديناً غير دين الإسلام ليدين به : فلن يقبل الله منه ، " وهو في الآخرة من الخاسرين " ، يقول : من الباخسين أنفسهم حظوظها من رحمة الله عز وجل .

( تفسير الطبري 3/339 ) .

والإسلام لا ينظر إليهم على أنهم مذنبون فحسب بل على أنهم كافرون مخلدون في نار جهنم كما سبق في الآية السابقة .

هو خاسر في جهنم لا يخرج منها ، ولا يمكن للكافر أن يدخل الجنة إلا أن يسلم ، قال الله تعالى : ( إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين ) الأعراف/40 .

وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله : ( والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار ) رواه مسلم

ونسأل الله تعالى أن يهدي الباحث عن الحق من أتباع الديانات الأخرى على أن يمعن النظر في دين الإسلام وكتابه القرآن عسى الله أن يهديه ويشرح صدره للدخول فيه .

*عبدالرحمن*
2018-07-06, 05:58
حكم بيع السلع المشحونة قبل وصولها الميناء

السؤال:

هل يجوز للتاجر الذي استورد بضاعة أن يبيعها قبل أن تصل إلى الميناء ؟

الجواب :

الحمد لله

هذه المسألة لها صورتان :

الأولى :

أن يتم البيع ، ثم يقوم البائع بشحن البضاعة للمشتري من خلال أحد وسائط النقل التي اختارها .

ففي هذه الحال تكون البضاعة ما زالت على ملك البائع حتى يتسلمها المشتري وتصل إليه في بلده ، وخلال ذلك هي تحت ضمان البائع ، فلو تلفت أو أصابها نقص فهي من ضمانه وتحت مسئوليته .

وعليه : فلا يحق للمشتري بيعها ، ولا التصرف فيها ، قبل وصولها للميناء واستلامها ، لما في ذلك من البيع قبل القبض ، وربح ما لم يُضمن المنهي عنه في السنة النبوية .

وقد سبق بيان أدلة تحريم ذلك في جواب السؤال القادم

ولا يعد قبض سند الشحن أو بوليصته قبضاً للبضائع ؛ لأن تسلمه لا يترتب عليه انتقال ضمانها إلى المشتري
.
قال الشيخ الصديق محمد الأمين الضرير : " ومن صور البيع الفاسدة : بيع السلعة وهي في الطريق على ظهر السفينة ، بناء على تسلم مستند الشحن ، إذا كان البيع الأول تم بشرط التسليم في ميناء الوصول ، فإن المشتري لا يجوز له أن يبيع السلعة قبل وصولها الميناء وتسلمها ، ولو تسلم سند الشحن "

انتهى من " مجلة مجمع الفقه الإسلامي " (6/1/491).

الصورة الثانية :

أن يتم البيع ، ثم يقوم المشتري بتوكيل شخص ما أو شركة شحن باستلام البضاعة وشحنها له ، بحيث تكون البضاعة قد خرجت من عهدة البائع وضمانه ، ودخلت في ضمان المشتري
.
ففي هذه الحال تكون البضاعة ملكاً له ويحق له التصرف فيها بالبيع وغيره ، لأن قبض الوكيل كقبض موكّله .

فإذا باعها في هذه الحال قبل وصولها ، فإن هذا البيع يعد من " بيع العين الغائبة " ، وهو جائز عند جمهور العلماء ، على أن للمشتري الحق في فسخ العقد إذا وصلت البضاعة مخالفة للوصف المتفق عليه .

والحاصل : أن مبنى المسألة على التفريق بين أن تكون البضاعة خلال الشحن تحت ضمان البائع أو المشتري ، فإن كانت تحت ضمان البائع "

المصدِّر" فليس للمشتري بيعها ، وإن كان تحت ضمان المشتري " المستورد" فله بيعها .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-06, 06:03
بيع ما ليس عندك

السؤال :

ما هو حكم هذه الطريقة في التجارة ؟

مثال : شخص ما يضع إعلانا لبيع هاتف جوال ب 100 دينار ، أضع أنا هذا الإعلان على الانترنت ، يسألني شخص على الانترنت إن كنت أوافق على البيع ب 90 دينارا ، فأتصل بصاحب الإعلان

واقترح عليه 80 ديناراً فيوافق على بيعي الهاتف ، ثم أذهب أنا وأوافق الذي اقترح الشراء ب 90 دينارا، ثم اشتري ب 80 ، وأبيع ب 90 ، وأكون قد ربحت 10 دنانير .

الجواب :

الحمد لله

إن كان السائل لا يبيع الهاتف لمن أراد شراءه إلا بعد أن يشتريه ويقبضه ثم يبيعه ، فهذا لا بأس به .

أما إذا كان يبيع الهاتف قبل حيازته وإتمام شرائه من صاحبه الأول فلا تجوز هذه الطريقة في التجارة ؛ لأنه لا يجوز للمرء أن يبيع ما لا يملك ، ولا يجوز له أن يبيع ما اشتراه حتى يقبضه ويستوفيه ، فعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه قَالَ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : يَأْتِينِي الرَّجُلُ يَسْأَلُنِي مِنْ الْبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدِي ، أَبْتَاعُ لَهُ مِنْ السُّوقِ ثُمَّ أَبِيعُهُ ؟ قَالَ : (لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ) رواه الترمذي (1232) والنسائي (4613) وأبو داود (3503) وابن ماجه (2187) وأحمد (14887). وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1292).

وعَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (نَهَى أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ طَعَامًا حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ). قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ : كَيْفَ ذَاكَ ؟ قَالَ : ذَاكَ دَرَاهِمُ بِدَرَاهِمَ وَالطَّعَامُ مُرْجَأٌ. رواه البخاري (2132) ومسلم (1525).

قال ابن حجر في "فتح الباري" (4/349) :

" مَعْنَاهُ أَنَّهُ اسْتَفْهَمَ عَنْ سَبَبِ هَذَا النهى فَأَجَابَهُ ابن عَبَّاسٍ بِأَنَّهُ إِذَا بَاعَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ وَتَأَخَّرَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَكَأَنَّهُ بَاعَهُ دَرَاهِم بدارهم ، وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَن ابن طَاوُسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ قَالَ طَاوُسٌ : قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: لِمَ ؟ قَالَ : أَلَا تَرَاهُمْ يَتَبَايَعُونَ بِالذَّهَبِ وَالطَّعَامُ مُرْجَأٌ

. أَيْ فَإِذَا اشْتَرَى طَعَامًا بِمِائَةِ دِينَار مَثَلًا وَدَفَعَهَا لِلْبَائِعِ وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْهُ الطَّعَامَ ، ثُمَّ بَاعَ الطَّعَامَ لِآخَرَ بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا وَقَبَضَهَا وَالطَّعَامُ فِي يَدِ الْبَائِعِ ، فَكَأَنَّهُ بَاعَ مِائَةَ دِينَارٍ بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا . وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ لَا يَخْتَصُّ النَّهْيُ

بِالطَّعَامِ ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ ابن عَبَّاسٍ : لَا أَحْسَبُ كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا مِثْلَهُ . وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ : (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إِلَى رحالهم) . أخرجه أَبُو دَاوُد وَصَححهُ بن حِبَّانَ "

انتهى.

وقال العيني في "عمدة القاري" (11/250) :

" مَعْنَاهُ: أَن يَشْتَرِي من إِنْسَان طَعَاما بدرهم إِلى أجل ثمَّ يَبِيعهُ مِنْهُ أَو من غَيره قبل أَن يقبضهُ بِدِرْهَمَيْنِ مثلا ، فَلَا يجوز لِأَنَّهُ فِي التَّقْدِير : بيع دِرْهَم بدرهم، وَالطَّعَام غَائِب ، فَكَأَنَّهُ قد بَاعه درهمه الَّذِي اشْترِي بِهِ الطَّعَام بِدِرْهَمَيْنِ ، فَهُوَ ربا، لِأَنَّهُ بيع غَائِب بناجز فَلَا يَصح " انتهى.

وقال الشيخ ابن باز :

" لا يجوز للمسلم أن يبيع سلعة بنقد أو نسيئة إلا إذا كان مالكا لها وقد قبضها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام : (لا تبع ما ليس عندك) وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : (لا يحل سلف وبيع ، ولا بيع ما ليس عندك) رواه الخمسة بإسناد صحيح

وهكذا الذي يشتريها ليس له بيعها حتى يقبضها أيضا ؛ للحديثين المذكورين ؛ ولما رواه الإمام أحمد وأبو داود وصححه ابن حبان والحاكم عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم) ؛ ولما روى البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : (لقد رأيت الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتاعون جزافا -

يعني الطعام - يضربون أن يبيعوه في مكانه حتى يؤوه إلى رحالهم) والأحاديث في هذا المعنى كثيرة "

انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " (19/64).

والله أعلم .

و اخيرا ً

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

مع جذء اخر من سلسلة

المعاملات الاسلامية

و من لاديه استفسار بهذا الجزء يتقدم به هنا

و اسال الله ان يجمعني بكم
دائما علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد

walid-youcef
2018-08-11, 16:38
جزاك الله خيرا

سي يوسف مشرقي
2018-08-11, 18:38
جزاك الله خيرا]//

*عبدالرحمن*
2019-10-28, 17:24
جزاك الله خيرا

اسعدني حضورك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير

ombody
2019-11-09, 13:16
مشكور على هذا الموضوع