مشاهدة النسخة كاملة : القرض .. المعاملات الإسلامية
*عبدالرحمن*
2018-06-23, 17:01
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
تقدمت مواضيع
مقدمه المعاملات الإسلامية
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2148944
الهدية والهبة والعطية
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2149085
الإرث وتوزيع التركة
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2149234
الأموال المحرمة
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2149373
............
أُقرِض مالا ليشتري به غرضا معينا فهل له أن يشتري به غيره ؟
السؤال :
أنا من الجزائر، أنا أعمل في شركة تقدم قرضا ماليا بدون فوائد ، واالسداد بالتقسيط ، ولأخذ هذا القرض لابد من دفع ملف يحتوي على فاتورة نمودجية تستخرج من محلات بيع الأجهزة الكهرومنزلية .
فهل يجوز استغلال هذا القرض في أغراض أخرى ، مع العلم أن القرض يقدم لشراء اﻷجهزة الكهرومنزلية ؟
وهل يمكن الشراء من بائع غير الذي استخرجت من عنده الفاتورة ؟
الجواب :
الحمد لله
من أُقرض مالا ليستعمله في غرض معين كشراء أجهزة، لم يجز له أن يستعمله في غير ذلك؛ لأن الأصل في الشروط الصحة ، فيلزمه ما شرط على نفسه.
قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ) رواه أبو داود (3594) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
وروى البيهقي (14826) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ عن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " إِنَّ مَقَاطِعَ الْحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ " وصححه الألباني في " الإرواء" (6/ 303).
وقال البخاري في صحيحه: " وقال ابن عون عن ابن سيرين: قال رجل لكريِّه: أدخل ركابك، فإن لم أرحل معك يوم كذا وكذا، فلك مائة درهم، فلم يخرج، فقال شريح: من شرط على نفسه طائعا غير مكره : فهو عليه" انتهى من "صحيح البخاري"، كتاب الشروط، باب ما يجوز من الاشتراط والثنيا في الإقرار.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (9 / 29): "والأصل في الشروط الحل والصحة ، إلا ما قام الدليل على منعه " انتهى.
وقال أيضا: "فالحاصل: أن الأصل في الشروط الحل والصحة، سواءً في النكاح، أو في البيع، أو في الإجارة، أو في الرهن، أو في الوقف .
وحكم الشروط المشروطة في العقود ، إذا كانت صحيحة : أنه يجب الوفاء بها في النكاح وغيره؛ لعموم قوله تعالى: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) المائدة / 1 ؛ فإن الوفاء بالعقد يتضمن الوفاء به ، وبما تضمنه من شروط وصفات؛ لأنه كله داخل في العقد" .
انتهى من الشرح الممتع (12 / 164) .
وأما الشراء من محل آخر، فيرجع فيه إلى المقرض، فإن كان مراده التأكد من استعمال القرض في شراء الأجهزة ، ولا يعنيه الشراء من مكان بعينه : فلا حرج في الشراء من محل آخر .
وإن كان المقرض يشترط الشراء من المحل الذي صدرت منه الفاتورة، ولا منفعة تعود على المقرض بالشراء من ذلك المحل : لزم الوفاء بالشرط.
والله أعلم.
.....
تقرضهم الوزارة قرضاً بشرط شراء شيء معين ، فهل يجوز صرفه في شيء آخر؟
السؤال :
أصدرت وزارة التربية في بلدنا قراراً يستحق بموجبه المدرس قرض بدون فائدة أسموها سلفة ، بشرط أن يشتري المدرس بهذا القرض حاسب محمول ، وعليه أن يرفق مع الأوراق فاتورة أنه اشترى حاسب بالفعل , ويتم سداد هذا القرض على أقساط لمدة عشرين شهر, فهل يجوز أن آخذ هذا القرض ولا أشتري به حاسب ؟
, بل أصرفه في أي وجه من وجوه الحياة , وهل يجوز لي كصاحب محل أن أعطي فواتير وهمية لبعض المدرسين لكي يأخذ القرض من باب المساعدة لا أكثر ؟ .
الجواب :
الحمد لله
الواجب على المسلم أن يفي بوعده وأن يتجنب نقض العهود والمواثيق , فقد قال الله جل وعلا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) المائدة/1 ، وقال سبحانه (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً) الإسراء/34 .
وعليه : فيلزم هؤلاء المدرسين أن يلتزموا بما اشترطته عليهم الوزارة ولا يجوز لهم أخذ السلفة ثم مخالفة الشرط ؛ لأن هذا الشرط صحيح , والشروط الصحيحة يجب الوفاء بها ؛ لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ ، إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا ، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا) رواه الترمذي (1352) , وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وقد صرح أهل العلم أن الأصل في الشروط الصحة والإباحة ما لم يقم الدليل على المنع .
يقول ابن القيم في إعلام الموقعين (1 / 259)
: " وَأَمَّا الْعُقُودُ وَالشُّرُوطُ وَالْمُعَامَلَاتُ فَهِيَ عَفْوٌ حَتَّى يُحَرِّمَهَا ،........ فَكُلُّ شَرْطٍ وَعَقْدٍ وَمُعَامَلَةٍ سَكَتَ عَنْهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقَوْلُ بِتَحْرِيمِهَا، فَإِنَّهُ سَكَتَ عَنْهَا رَحْمَةً مِنْهُ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ وَإِهْمَالٍ، فَكَيْفَ وَقَدْ صَرَّحَتْ النُّصُوصُ بِأَنَّهَا عَلَى الْإِبَاحَةِ فِيمَا عَدَا مَا حَرَّمَهُ؟ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ - تَعَالَى - بِالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ وَالْعُهُودِ كُلِّهَا،
فَقَالَ – تَعَالَى) -: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ) الإسراء/ 34 ، وَقَالَ: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) المائدة / 1، وَقَالَ:( وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ) المؤمنون / 8 ، وَقَالَ - تَعَالَى -: ( وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ) البقرة / 177
وَقَالَ - تَعَالَى -: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ ) الصف/ 2- 3
وَقَالَ: ( بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) آل عمران/ 76
وَقَالَ: ( إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ) الأنفال/ 58 ، وَهَذَا كَثِيرٌ مِنْ الْقُرْآنِ" انتهى.
ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (9 / 29): "والأصل في الشروط الحل والصحة إلا ما قام الدليل على منعه " انتهى.
ويقول أيضا "فالحاصل: أن الأصل في الشروط الحل والصحة، سواءً في النكاح، أو في البيع، أو في الإجارة، أو في الرهن، أو في الوقف، وحكم الشروط المشروطة في العقود إذا كانت صحيحة أنه يجب الوفاء بها في النكاح وغيره؛ لعموم قوله تعالى: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) المائدة / 1 ، فإن الوفاء بالعقد يتضمن الوفاء به وبما تضمنه من شروط وصفات؛ لأنه كله داخل في العقد"
انتهى من الشرح الممتع (12 / 164) .
وإذا ثبت عدم جواز مخالفة هذا الشرط ، فلا يجوز حينئذ لأصحاب المحلات أن يعطوا فواتير وهمية تفيد الشراء في حين أنه لم يحصل شراء أصلا ؛ لأن هذا من باب الكذب والتدليس والتعاون على الإثم والعدوان وكل هذا حرام.
والله أعلم.
....
*عبدالرحمن*
2018-06-23, 17:06
جمع مالاً لعلاج والده ، فما حكم المال الزائد ؟
السؤال :
والدي مريض بالفشل الكلوي الكامل ويحتاج إلى زراعة كلى في الخارج ، وهذه الزراعة مكلفة جدا فقمت أنا بجهد شخصي مني بالبحث عن فاعلين خير من رجال أعمال وأمراء ليتكفلوا بتكاليف الزراعة والعلاج .
سؤالي : هل يحق لي أن أخذ المال الزائد من العلاج ، خاصة إذا كان المبلغ كبيرا ، أم أن المال الزائد يرد لصاحبه ؟ وهل يعتبر هذا المال مال والدي ويحق لأخوتي وأخواتي بالتساوي ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
نشكر لك سعيك في أمر علاج الوالد ، نسأل الله أن يكتب لك الأجر ، وأن يمنّ على أبيك بالشفاء العاجل ، وأن يجعل ما أصابه رِفعةً في درجاته ، وحطاً من سيئاته .
ثانياً :
الأموال الزائدة عن حاجة المريض ، يُرجع فيها إلى نية المتبرع ، فإن قصد المتبرع بتبرعه الصدقة على المريض ، فالمال الزائد عن تكاليف العلاج يعتبر ملكاً للمريض ، يتصرف فيه كما شاء .
أما لو قصد المتبرع من ذلك المال العلاج فقط ، أو كان ما دفعه للعلاج من زكاة ماله ، ففي هذه الحال لا يجوز للمريض أن يأخذ المال الزائد ، بل يأخذ ما يكفيه ويرد الزائد للمتبرع .
قال الدردير رحمه الله :
" وإن أعانه جماعة أو واحد ، فأدى وفضلت فضلة أو عجز ، فإن لم يقصدوا بما أعانوه به الصدقة ، بأن قصدوا فك الرقبة أو لا قصد لهم رجعوا بالفضلة على العبد .. ، وإلا بأن قصدوا الصدقة على المكاتب فلا رجوع لهم بالفضلة "
انتهى من " الشرح الكبير للدردير " .
وظاهر الحال يدل على قصد المتبرع ؛ فإن أعطاه حين عرض عليه حاله المذكور ، أو بناء على طلبه المساعدة في غرض معين ، دل ذلك على أنه إنما قصد به دفع هذه الحاجة ، وليست مساعدة مطلقة .
جاء في "أسنى المطالب" ، للشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله (2/479) :
" (وَلَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ وَقَالَ اشْتَرِ لَك) بِهَا (عِمَامَةً أَوْ اُدْخُلْ بِهَا الْحَمَّامَ) أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (تَعَيَّنَتْ) لِذَلِكَ مُرَاعَاةً لِغَرَضِ الدَّافِعِ هَذَا (إنْ قَصَدَ سَتْرَ رَأْسِهِ) بِالْعِمَامَةِ (وَتَنْظِيفَهُ) بِدُخُولِهِ الْحَمَّامَ لِمَا رَأَى بِهِ مِنْ كَشْفِ الرَّأْسِ وَشَعَثِ الْبَدَنِ وَوَسَخِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّبَسُّطِ الْمُعْتَادِ (فَلَا) تَتَعَيَّنُ لِذَلِكَ بَلْ يَمْلِكُهَا أَوْ يَتَصَرَّفُ فِيهَا كَيْفَ شَاءَ." انتهى .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين : رجل أخذ مالاً من أهل الخير يستعين به على الزواج فزاد المال ، هل يرجعه لمن أعطاه أم يتصرف به على ما يعينه على أمور دينه ودنياه ؟
فأجاب رحمه الله :
" يقول أهل العلم رحمهم الله : إن الصدقات تحل حتى للغني ، فإذا كان الذين أعطوه من المال أعطوه على أنه صدقة ، فهو له يتصرف فيه كما يشاء ، وإن كان الذي أعطوه من المال من الزكاة لهذا الغرض نفسه – أي : غرض الزواج - ، فإن ما زاد يجب عليه أن يرده لهم ؛ لأنه غني عنه
فإن احتاجه لشيء آخر كتأثيث البيت مثلاً ، فليستأذن من هؤلاء . يقول : المهر وما يتعلق بالزواج انتهى وبقي معي فلوس ، ولكني محتاج إلى أشياء أخرى ، فهل تسمحون أن أصرفها فيها ؟ فإذا قالوا : نعم ، فلا بأس ، وإلا ردها عليهم .
والقاعدة عندنا في هذا : أن من أخذ من الناس أموالاً لشيء معين ، فإنه لا يصرفها في غيره إلا بعد استئذانهم " انتهى من " اللقاء الشهري " .
فإذا تبين أن المتبرعين قد قصدوا الحاجة التي عرضتها عليهم : لم يكن لك صرف المال الزائد في شيء من حاجات نفسك الأخرى ، أو حاجات أسرتك ؛ بل يستأذن صاحب المال ، متى كان ذلك ممكنا ، فإن تعذرت معرفته ، أو تعذر إذنه ، وضع في حال كالتي تبرع لأجلها ، كما هو الحال في المال الموقوف لغرض معين .
والله أعلم .
....
إذا أخذ هبة أو قرضا بشرط أن يصرفه في أمر فهل له أن يصرفه في غيره؟
السؤال :
شاركت في مسابقة نظمتها إحدى الشركات لعرض فكرة مشروع تنموي ، وفزت بالمسابقة ، وتم منحي مبلغاً من المال من قبل الشركة المنظمة لبدء مشروعي
وأنا الآن متورط في دين وكنت أفكر في حكم أن أصرف هذا المال في تسديد ديني ثم أوفّر مستقبلاً مبلغاً آخر خلال هذا العام للبدء بالمشروع ، والدين المذكور هو دين للجامعة
أي لن أتمكن من التخرج هذا الترم والحصول على الشهادة إلا إذا سددت ما عليّ في أقرب وقت ، فما نصيحتكم؟
الجواب :
الحمد لله
لا يجوز لك أن تصرف هذه المنحة في غير ما حددته الجهة المانحة .
وذلك أن المسلم مأمور بالوفاء بالعهود والوعود ، كما قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) المائدة/1 ، وقال سبحانه : (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً) الإسراء/34 ، وَقَالَ : ( وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ) المؤمنون / 8 .
فلا يجوز لك أن تصرف هذه المبالغ في غير المشروع المشروط عليك إلا إن أذن لك المانحون.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" والقاعدة عندنا في هذا: أن من أخذ من الناس أموالا لشيء معين، فإنه لا يصرفها في غيره إلا بعد استئذانهم "
انتهى من " اللقاء الشهري " التاسع .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-06-23, 17:11
أعطى لزوجته مالاً لتحج ثم مات فهل لها أن تصرفه في غير الحج
السؤال:
لو أن شخصاً دفع لزوجته مبلغاً لكي تحج ، ثم مات قبل أن يأتي موسم الحج ، فهل يجب على المرأة أن تحج بهذا المبلغ ؟
أم إنها تستطيع أن تستخدم هذا المبلغ في أشياء أخرى ، آمل بيان السبب في كلا الحالين؟
الجواب :
الحمد لله
نعم ، يلزم المرأة أن تحج بهذا المال متى استطاعت ووجدت محرما ، لأن الزوج إنما أعطاها المال لتحج به ، فالظاهر أنه لو كان يعلم منها أنها لن تحج بالمال لم يعطها إياه . والأصل في أموال التبرعات أن تنفق فيما حدده المنفق من أوجه البر ، فلا تتعدى إلى غيرها ؛ بخلاف التبرعات العامة التي لم يقصد بها غرض معين ، فإنها تصرف في كافة أعمال البر .
قال الشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله :
" ( وَلَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ وَقَالَ اشْتَرِ لَك ) بِهَا ( عِمَامَةً أَوْ اُدْخُلْ بِهَا الْحَمَّامَ ) أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ ( تَعَيَّنَتْ ) لِذَلِكَ مُرَاعَاةً لِغَرَضِ الدَّافِعِ هَذَا ( إنْ قَصَدَ سَتْرَ رَأْسِهِ ) بِالْعِمَامَةِ ( وَتَنْظِيفَهُ ) بِدُخُولِهِ الْحَمَّامَ لِمَا رَأَى بِهِ مِنْ كَشْفِ الرَّأْسِ وَشَعَثِ الْبَدَنِ وَوَسَخِهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّبَسُّطِ الْمُعْتَادِ ( فَلَا ) تَتَعَيَّنُ لِذَلِكَ بَلْ يَمْلِكُهَا أَوْ يَتَصَرَّفُ فِيهَا كَيْفَ شَاءَ " انتهى .
""أسنى المطالب شرح روض الطالب" (2/479-480) .
وقال الشيخ سليمان بن عمر الجمل رحمه الله :
" لَوْ دَفَعَ لَهُ تَمْرًا لِيُفْطِرَ عَلَيْهِ تَعَيَّنَ لَهُ عَلَى مَا يَظْهَرُ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِهِ نَظَرًا لِغَرَضِ الدَّافِعِ " انتهى .
"حاشية الجمل على شرح المنهج" (2/328) .
والله تعالى أعلم .
.....
إذا زاد المال الموقوف عن الحاجة صرف في وقف آخر مماثل
السؤال
اشترينا قطعة أرض لبناء مسجد لكن مؤخرا وجدنا أن هناك مسجدا مجاورا يكفي ، فقررنا أن أن نبيع هذه الأرض ونبني المسجد في منطقة أخرى لكننا سنربح مبلغا زيادة حينما نبيع الأرض ، هل يمكننا إعطاء المبلغ الزيادة فقط لأخينا الفقير مع عائلته وهم بأمس الحاجة للدعم المادي ؟
الجواب
الحمد لله
إذا وقفت الأرض لبناء مسجد ، أو كانت قد اشتريت بمال وُقف لأجل بناء المسجد ، فإنه عند الاستغناء عنها بالمسجد المجاور ، تباع ويجعل ثمنها في مسجد آخر ، فإن زاد المال ولم يوجد مسجد آخر يوضع فيه – وهذا بعيد – صرف المال في المصالح العامة وعلى الفقراء .
وأما إذا كانت الأرض لم توقف للمسجد ، وليست من مال موقوف لبناء المسجد ، بل هي من صدقات عامة مثلا ، فيجوز أن يصرف من ثمنها لأخيكم الفقير وعائلته .
والأصل في ذلك أن المال الموقوف يُصرف فيما وقف له ، فإن تعذر الاستفادة منه ، أو حصل الاستغناء عنه ، صُرف في مثله .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
يوجد مسجد في الولايات المتحدة الأمريكية جُمع له مال وبني ، وبقي من المال كثير ، ويوجد في منطقة أخرى مسجد وحوله جالية إسلامية كبيرة , ويتطلب بناء مكتبة ومدرسة وبعض الملاحق ، ويريد بعض القائمين عليه أخذ شيء من المال الموجود عند القائمين على المسجد الأول ، ويمانع أصحاب المسجد الأول بحجة أن المال للمسجد الأول , ويقولون : إذا أفتى الشيخ عبد العزيز بن باز في جواز نقل المال من ذاك إلى هذا ، فلا مانع لدينا من ذلك ، فنرجو الإفادة عن ذلك ؟
فأجاب :
"إذا كان المسجد الأول الذي جمع له المال قد كمل واستغنى عن المال , فإن الفاضل من المال يصرف لتعمير مساجد أخرى ، مع ما يضاف إليها من مكتبات ودورات مياه ونحو ذلك
كما نص على ذلك أهل العلم في كتاب الوقف ؛ ولأنه من جنس المسجد الذي تبرع له ، ومعلوم أن المتبرعين إنما قصدوا المساهمة في تعمير بيت من بيوت الله ، فما فضل عنه يصرف في مثله ، فإن لم يوجد مسجد محتاج صرف الفاضل في المصالح العامة لله والمسلمين ، كالمدارس والصدقات على الفقراء ونحو ذلك ، والله ولي التوفيق "
انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (20/14) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-06-23, 17:15
سعى لشخص في اقتراض مبلغ من المال مع اشتراط الزيادة عند التسديد ؟
السؤال
: قمت بالاقتراض أنا( ر) مبلغ 110 ألف ريال سعودي من شخص (ب) ؛ لأكمال شقق لشخص آخر (س) ، ثم تأجيرها ، وإعادة المبلغ للشخص من إيجارات الشقق ، وكان المقدر أنه خلال سنتين انتهى وتم التسديد ، الشخص اشترط علىَّ إرجاع ال 110 ألفا 130 ألفا ، وكتبت ورقة له باستلام 130 ألفا
مع أنني استلمت منه 110 ألفا ، وتم الموضوع ، وأكمل الشخص(س) الثالث الشقق ، وتم التأجير ، والدفع من كل إيجار يأتي ، الآن بقي 43 ألفا وننهي المبلغ 130
لكن الشك يراودني منذ بداية الموضوع بأن ما نفعله حرام أو شبة حرام ، عموما الآن ما العمل ؟
خاصة أن الشخص (ب) سيجن جنونه لو قلت له نعيد لك فقط الأصل 110 وسيشكوني بموجب الورقة ، والأهم إن كان ما فعلناه حرام ، كيف الخروج منه ؟ و
هل أنا رائش؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
القرض مع اشتراط رده بزيادة هو الربا المحرم بالكتاب والسنة والإجماع ، وهو ربا الجاهلية، وهو من كبائر الذنوب، ومن الموبقات السبع، ومن فعله يدخل في اللعن، ومن يتعامل به متوعد بحرب من الله ورسوله، ولم يشددِ الشرع في شيء ما شدد في الربا وآكله وموكله وشاهديه ومن يعين عليه.
قال تعالى : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ) البقرة/278- 279 .
وقال سبحانه : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) البقرة/275- 276 .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ [أي المهلكات] . . . وذكر منها : وأكل الربا...)
رواه البخاري (2767) ، ومسلم (89) .
وروى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ, وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ) .
ثانياً:
هذا العقد باطل، لا يجوز الاستمرار فيه، ويجب عليك أن تبين لصاحبك حكم هذا العقد، ويجب عليكم ، ثلاثتكم : التوبة من هذه المعصية الكبيرة، والعزم على الإقلاع، وعدم الرجوع لمثله أبدا.
ولا يجوز للمقرض أخذ الزيادة منك ؛ لقوله تعالى : ( وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) .
فإن قاضاكم ، وأصر على أخذ الزيادة ، وأراد أن يرفع أمركم للمحاكم : فبإمكانكم أن تبينوا حقيقة الأمر للقاضي الشرعي ، وهو يتثبت من حقيقة العقد الذي كان بينكم .
فإن خشيتم الضرر في ذلك ، أو خفتم أن يكذب ، لو حلفه القاضي ، وليست لكم بينة على حقيقة ما كان : فالظاهر أن لكم أن تدفعوا كامل المبلغ ، كما في الوثيقة ، وتستلموا وثيقتكم ، وتدفعوا الضرر عن أنفسكم في ذلك .
ويبوء هو بإثم ما أكل من الزيادة الربوية المحرم .
ولا شك أنكم شركاؤه في الإثم ، سواء معه في انتهاك الحرمة ، بدخولكم في العقد المحرم ، وأكل الربا الذي أكلتموه أول الأمر ، وتأخركم كل هذا الزمان ، حتى إذا اقتربت نهاية الأجل : تذكرتم أن ذلك : حرام !!
لكننا نرجو لكم عفو الله عما فعلتم ، إذا صحت توبتكم منه ، واستغفرتم ربكم . ولم يكن ذلك لأجل توفير مالكم ، وجلب المصلحة لأنفسكم ، في الحالين !!
ولأجل ما ذكرنا من هذه التهمة ، التي تلحقكم ، وفهمنا أنه لن يصدقكم ، ولن يتقبل منكم ؛ فإننا نقترح عليكم أن توسطوا بعض الثقات من أهل الخير والديانة ، ليتكلم هو معه ، ويعرفه بحكم الشرع في ذلك، وأنه إن أخذ الزيادة الربوية: أكل حراما ، ولا بد ، وباء بإثمه عند رب العالمين .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-06-23, 17:18
التوبة من الاقتراض بالربا
السؤال
لقد قمت بأخذ قرض من بنك وذلك لظروف مادية شديدة لأني أردت أن أجهز شقة الزوجية مع العلم بأن هذه الشقة لا يوجد بها أدنى أنواع التظاهر فهي شقة بسيطة جدا . وأنا مدرس وتم تحويل راتبي إلي هناك علي أن يخصم منه مبلغ كل شهر وذلك خلال 5 سنوات حتى ينتهي القرض ومر عامان ونصف وعزمت على أن أذهب إلي البنك وأغلق هذا القرض لأني أشعر أن كل ما يحدث أي شئ أشعر أنه بسب هذا القرض .
ولكن اكتشفت أن المبلغ المراد سداده ما زال فوق قدراتي بالإضافة إلي أني كنت أنوي العمرة هذا العام أنا وزوجتي وابني وابنتي فهل يجوز أن أسافر لأداء العمرة متمنيا من الله شفاء ابني المريض وأعود لأنهي ذلك القرض في شهر 11 القادم إن شاء الله أم ماذا أفعل ؟.
الجواب
الحمد لله
لا يجوز الاقتراض بالربا ، من البنك أو غيره ، ولو كان ذلك لتجهيز منزل الزوجية ؛ لما ورد في الربا من التحريم المؤكد ، والوعيد الشديد ، قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) البقرة/278- 279 .
وروى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ , وَقَالَ : هُمْ سَوَاءٌ ) .
قال ابن قدامة رحمه الله : " وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف . قال ابن المنذر : أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية ، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا " انتهى من "المغني" (6/436) .
والواجب على من اقترض بالربا أن يتوب إلى الله تعالى ، ويندم على ما فات ، ويعزم عزما أكيدا على عدم العود إلى هذا الذنب العظيم ، والجرم الخطير ، الذي ورد فيه من الوعيد ما لم يرد في غيره ، نسأل الله العافية .
ثم إنه لا يلزمك شرعا إلا سداد رأس المال ، أما الزيادة المحرمة فلا تلزمك ، ولا يجوز للمقرض أخذها منك ؛ لقوله تعالى : ( وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) . لكن إن خشيت الضرر والمساءلة بعدم دفع الفائدة ، فادفعها ، مع توبتك إلى الله تعالى وكراهتك لهذا المنكر العظيم .
سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله ما نصه : اقترضت من أحد الأصدقاء مبلغ مائة جنيه على أن أوفيه بعد سنة مائة وخمسين، وحينما حان وقت الوفاء حاولت إعطاءه مائة فقط ولكنه أصر على أخذ زيادةٍ قدرها خمسون جنيهًا مقابل التأجيل ، فما الحكم في هذه الزيادة ؟ وإن كان هذا من قبيل الربا فهل علي أنا إثم وكيف أتخلص من ذلك علمًا أن تلك النقود التي اقترضتها منه قد اختلطت مع مالي فماذا عليَّ أن أفعل ؟
فأجاب : " الله سبحانه وتعالى حرم الربا وشدد الوعيد فيه ، قال سبحانه وتعالى: ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ) البقرة/275 , إلى أن قال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ . فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) البقرة/ 278، 279 .
والربا له صور وأنواع ومن أنواعه هذا الذي ذكرته في السؤال وهو القرض بالفائدة ؛ لأن القرض الشرعي هو القرض الحسن الذي تقرض به أخاك لينتفع بالقرض ثم يرد عليك بدله من غير زيادة مشترطة ولا نقص , هذا هو القرض الحسن ، أما القرض الذي يجر نفعًا أو القرض الذي يقصد من وراءه الزيادة الربوية فهذا حرام بإجماع المسلمين ، حرام بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين وعلى فاعله الوعيد الشديد
فالواجب هو رد مثل المبلغ الذي اقترضه أما الزيادة التي اشترطها عليك وأخذها منك فهي حرام وربًا، والنبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه ، فلعن صلى الله عليه وسلم من أكل الربا ومن أعانه على أكله من هؤلاء ، فهذا الذي فعلتموه حرام وكبيرة من كبائر الذنوب وعليكم التوبة إلى الله سبحانه وتعالى
وعليه هو أن يرد عليك هذه الزيادة التي أخذها منك لأنها لا تحل له ، وأنت فعلت محرمًا بإعطائه الزيادة ، وكان الواجب عليك أن تمتنع من إعطائه الزيادة . . . .
فهذا الذي أقدمتما عليه هو صريح الربا ، فعليكما جميعًا التوبة إلى الله سبحانه وتعالى وعدم الرجوع إلى هذا التعامل ، وعلى الآخر أن يرد الزيادة التي أخذها ، والله أعلم "
انتهى من "المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " (5/210) .
واعلم أنه كلما عجلت بالتخلص من هذا القرض كان ذلك أفضل وأحسن وأبرأ ؛ لتتخلص من الربا وآثاره .
ولذلك فالأولى لك أن تبادر بسداده ، وأن توفر الأموال التي ستنفقها لأداء العمرة للتخلص من هذا الدين .
نسأل الله أن يشفي ولدك ، ويفرج كربك ، ويغنيك بالحلال عن الحرام .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-06-23, 17:24
اتفقا على أداء الدين على فترات، ثم توفي المستدين، فهل نفسه متعلقة بدينه؟
السؤال :
توفي والدي منذ سنتين ، وله دين مع عمي ، وخلال حياته اتفق مع عمي أن ياخذ دينه من ثمن كراء محل لأبي ، بدأت هذه العملية من قبل وفاة أبي ، وهي مستمرة إلى الآن ، علما بأن عمي يرضيه هذا الحل ، ويقول السماح بيني وبين أخي ، فهل نفس أبي معلقة بدينه حتى يقضى عنه ؟
الجواب :
الحمد لله
رغم أن الشرع أباح للمسلم أن يستدين لحاجاته مع العزم على رد الدين ؛ إلا أنه شدد في شأنه حتى تحفظ أموال الناس ولا تحدث مظالم بينهم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( نَفْسُ المُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ ) .
رواه الترمذي (1079) وقال: " هذا حديث حسن "، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" (1 / 547).
قال ابن عبد البرّ رحمه الله تعالى:
" الميت إنما يحبس عن الجنة بدينه : إذا كان له وفاء ولم يوص به، ولم يشهد عليه .
والوصية بالدين فرض عند الجميع ، إذا لم يكن عليه بينة؛ فإذا لم يوص به كان عاصيا، وبعصيانه ذلك يحبس عن الجنة، والله أعلم "
انتهى من "التمهيد" (23 / 238).
فيؤخذ من هذا أن الميت إنما يحبس عن الجنة : إذا فرَّط ، وتسبب في ضياع الدين على صاحبه.
وجمهور أهل العلم على أن الديون المؤجلة تصبح حالّة ينبغي تعجيلها بموت المستدين.
قال ابن رشد رحمه الله تعالى:
" وجمهور العلماء على أن الديون تحل بالموت ، وقال ابن شهاب: مضت السنة بأن دينه قد حل حين مات.
وحجتهم: أن الله تبارك وتعالى لم يبح التوارث إلا بعد قضاء الدين ... " .
انتهى من "بداية المجتهد" (4 / 77).
فإن كان الدائن مسامحًا له ، كما وصفت وجعله في حلّ ، ولا يريد الاستعجال ، ورضي أن يأخذ دينه بالطريقة التي اتفقا عليها، والتزم الورثة بذلك : ففي هذه الحال، لا بأس بذلك، وتبرأ ذمة الميت من هذا الدين .
سُئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:
" هل قرض البنك العقاري والزراعي يعتبر دينا على الشخص إذا استقرضه وتوفي قبل أن يسدده. ثم ماذا يجب على الورثة تجاه ذلك لأنهم يريدون في الواقع راحة الميت إذا لم يستطيعوا أن يسددوا البنك بسرعة فما الحكم؟
فأجاب: القرض الذي للبنك العقاري ولغيره مثل غيره من الديون : يجب أن يسدد في وقته في حق الحي والميت، فإذا مات الإنسان وعليه دين للبنك وجب تسديده من التركة في أوقاته ، إذا التزم به الورثة ، فإن لم يلتزموا ، سدد في الحال من التركة حتى يستريح الميت من تبعة الدين.
وقد جاء في الحديث عنه عليه الصلاة السلام أنه قال: ( نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه ). لكن إذا كان الدين مؤجلا والتزم الورثة أو بعضهم بأنه يؤدى في وقته فإنه يتأجل ولا يحل ولا يضر الميت لأنه مؤجل. فإن لم يلتزم به أحد في وقته وجب أن يسدد من التركة حتى يسلم الميت من تبعة ذلك "
انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (20 / 226 - 227).
والله أعلم.
.....
مات أبوهم وعليه دين قد أوصاهم بقضائه فهل يجوز لهم تأخير قضائه ؟
السؤال :
توفي قريب لي وترك دينا ، وقبل وفاته كان قد أوصى أبنائه بقضاء هذا الدين , فهل إذا تأخر الأبناء في قضائه ، ولم يؤدوه ، فهل علي المتوفي شيء ؟
الجواب :
الحمد لله
فإذا مات الميت وترك مالا فالواجب على ورثته أن يبدؤوا بتجهيزه وتكفينه من التركة , ثم بعد ذلك يلزمهم إخراج الديون , ثم إخراج الوصايا من ثلث التركة ,
كل ذلك قبل قسمة التركة , والدليل على ذلك قوله تعالى : ( يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ...." إلى قوله تعالى ( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ) النساء/11 .
قال القرطبي في تفسيره (5 / 61) " ولا ميراث إلا بعد أداء الدين والوصية ، فإذا مات المتوفى أخرج من تركته الحقوق المعينات ، ثم ما يلزم من تكفينه وتقبيره ، ثم الديون على مراتبها ، ثم يخرج من الثلث الوصايا ، وما كان في معناها على مراتبها أيضا، ويكون الباقي ميراثا بين الورثة " انتهى.
وقال الكاساني " الدَّيْن مقدَّم على الإرث قليلا كان أو كثيرا ، قال الله تبارك وتعالى : ( من بعد وصية يوصى بها أو دين ) النساء/ 12 "
انتهى من " بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع " (7 / 30) .
وتقدم الديون على الوصايا , قال ابن كثير في تفسيره (2 / 201)
" الدين مقدم على الوصية، وبعده الوصية ثم الميراث ، وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء " انتهى.
وفي هذه الحالة يلزمهم تعجيل قضاء الدين إذا كان قد حل الأجل ولا يجوز لهم تأخيره , فقد روى الترمذي (1078) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ ) صححه الألباني في "صحيح الجامع" (6779) وغيره .
قال السندي : " أَيْ مَحْبُوسَة عَنْ الدُّخُول فِي الْجَنَّة " انتهى .
وقال في " تحفة الأحوذي " : " قَالَ السُّيُوطِيُّ : أَيْ مَحْبُوسَةٌ عَنْ مَقَامِهَا الْكَرِيمِ , وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ : أَيْ أَمْرُهَا مَوْقُوفٌ لَا حُكْمَ لَهَا بِنَجَاةٍ وَلَا هَلَاكٍ حَتَّى يُنْظَرَ هَلْ يُقْضَى مَا عَلَيْهَا مِنْ الدَّيْنِ أَمْ لَا " اِنْتَهَى .
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي " نيل الأوطار " (4/30) :
" فيهِ الْحَثُّ لِلْوَرَثَةِ عَلَى قَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ , وَالْإِخْبَارُ لَهُمْ بِأَنَّ نَفْسَهُ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ " انتهى .
وقال الصنعاني :" وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَزَالُ الْمَيِّتُ مَشْغُولًا بِدَيْنِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ ، فَفِيهِ حَثٌّ عَلَى التَّخَلُّصِ عَنْهُ قَبْلَ الْمَوْتِ , وَأَنَّهُ أَهَمُّ الْحُقُوقِ " .
انتهى من " سبل السلام " (1/469).
أما إذا كان الدين مؤجلا فقد قال ابن باز رحمه الله " إذا مات الإنسان وعليه دين مؤجل فإنه يبقى على أجله إذا التزم الورثة بتسديده واقتنع بهم صاحب الدين ، أو قدموا ضمينا مليئا أو رهنا يفي بالدين ، وبذلك يسلم الميت من التبعة إن شاء الله "
انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (19/305) .
أما إذا لم يكن الميت قد ترك مالا فلا يجب على الورثة حينئذ قضاء الدين, قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " فإن دين الميت لا يجب على الورثة قضاؤه لكن يقضى من تركته ".
انتهى من " منهاج السنة " ( 5/ 232 ).
ووصية الأب لأبنائه بقضاء دينه لا توجب على الأبناء تنفيذها إذا لم يكن للميت مال بل يستحب لهم تنفيذها ؛ لأن في ذلك برا بأبيهم بعد موته , جاء في سنن أبي داود (5142 ) عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي قال :
" بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال : يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما ؟ قال: ( نعم الصلاة عليهما ، والاستغفار لهما ، وإنفاذ عهدهما من بعدهما ، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما" .
مع التنبيه على أن من مات وعليه دين قد استدانه في حق ولم يترك له وفاء لفقره وعسرته فإنه لا يدخل - إن شاء الله - في الوعيد السابق ولا يكون دينه سببا في حبسه عن الجنة .
يقول ابن عبد البر في "التمهيد" (23/238) :
" والدين الذي يُحبَسُ به صاحبُه عن الجنة ، والله أعلم ، هو الذي قد تَرك له وفاءً ولم يوص به ، أو قدر على الأداء فلم يؤد ، أو ادَّانه في غير حق ، أو في سرف ومات ولم يؤده .
وأما من ادَّان في حق واجب لفاقةٍ وعسرةٍ ، ومات ولم يترك وفاء ، فإن الله لا يحبسه به عن الجنة إن شاء الله " انتهى .
وسئل علماء اللجنة الدائمة : من مات وعليه دين لم يستطع أداءه لفقره هل تبقى روحه مرهونة معلقة ؟
فأجابوا : " أخرج أحمد والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه ) .
وهذا محمول على من ترك مالاً يقضى منه دينه ، أما من لا مال له يقضى منه فيرجى ألا يتناوله هذا الحديث ؛ لقوله سبحانه وتعالى : ( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) ، وقوله سبحانه: ( وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ) .
كما لا يتناول من بيّت النية الحسنة بالأداء عند الاستدانة ، ومات ولم يتمكن من الأداء ؛ لما روى البخاري رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله ) "
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (8/344) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-06-23, 17:26
حكم أخذ قرض من مؤسسة تفرض زيادة تحت بند (رسوم إدارية وبنكية)
السؤال :
يوجد مؤسسة اسمها مؤسسة الإسكان ، تقوم بإعطاء قروض للبناء وإرجاعها بنفس المبلغ ، ولكن حسب كلامهم يوجد مبلغ اسمه تحت بند رسوم إدارية وبنكية ، والمبلغ هو 3500$ ، ومبلغ القرض 30000$ علي عشر سنوات
فما حكم ذلك ، حيث إنني حاولت أن آخذ من بنوك إسلامية ، ولكن نسبة المرابحه عالية جدا تقريبا زيادة 12000$ علي مبلغ 30000$ ؟
الجواب :
الحمد لله
يجوز للمقرض أن يأخذ رسوما إدارية على القرض، تمثل التكلفة الفعلية التي يحتاجها لإجراء القرض، ولا يجوز له أن يشترط أزيد من ذلك ، بحيث ينتفع من القرض، فذلك ربا مجمع عليه.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بخصوص أجور خدمات القروض في البنك الإسلامي للتنمية :
أولاً : يجوز أخذ أجور عن خدمات القروض ، على أن يكون ذلك في حدود النفقات الفعلية .
ثانياً : كل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة لأنها من الربا المحرم شرعاً " انتهى من مجلة المجمع - ع 2، ج 2/ص 527
وفي قرار مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس، بخصوص موضوع التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائها :
" أن تقدم الدولة للراغبين في تملك مساكن، قروضاً مخصصة لإنشاء المساكن، تستوفيها بأقساط ملائمة بدون فائدة، سواء أكانت الفائدة صريحة، أم تحت ستار اعتبارها (رسم خدمة) .
على أنه إذا دعت الحاجة إلى تحصيل نفقات لتقديم عمليات القروض ومتابعتها، وجب أن يُقتصر فيها على التكاليف الفعلية لعملية القرض"
انتهى من مجلة المجمع (ع5ج4ص2773، ع6ج1ص81 ).
وفي "المعايير الشرعية" ص 333 : " مستند جواز أن يأخذ المقرض ما يعادل التكلفة الفعلية فقط : أنها ليست زيادة على القرض، والمقرض محسن ، وما على المحسن من سبيل" انتهى.
وبناء على ذلك : فإذا كان للمؤسسة هيئة رقابة شرعية وقالت: إن هذه الزيادة هي التكلفة الفعلية لإجراء القرض ، أو قال ذلك أهل الخبرة المطلعين على الواقع في بلدك = فلا حرج عليك في الاقتراض حينئذ.
والله أعلم.
*عبدالرحمن*
2018-06-23, 17:32
اشتراط الشركة في القرض وحكم أخذ المضارب راتبا.
السؤال :
قبل خمس سنوات أعطيت لشخص مالا 100000 على أن يتاجر بهذا المال ، والربح بيننا ، واعتبرت هذا كالمضاربة ، لا يضمن إن خسر ، ثم بعد أشهر أعطيته 10000 لكن كالقرض ، يضمن على كل حال لنفس العمل في شركتنا ، فهل يجوز ذلك ؟ ثم بعد ذلك ادعى صاحبي بأنه لا يربح ، وحقيقة أنا ما استفدت شيئا ، مع أن صاحبي ـ العامل
كان يأخذ راتبا على عمله في شركتنا ، وقد سمعت بأن هذا لا يجوز ، وعندما ادعى العامل الإفلاس اقترحت له أن نبيع السلع وننهي شركتنا ، ولكنه رفض ذلك قائلا : ليس عندي السلع للبيع ،
الآن هو يريد أن يرجع لي القرض ورأس المال في المضاربة مقسطا ، فهل يجوز لي أن آخذ منه هذا المال ، وهو : المال ألذي أعطيته للمضاربة ، المال الذي أعطيته كالقرض ؟ وهل يجوز لي أن أطلب منه تعويضا على الرواتب التي كان يأخذها ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا:
إذا أقرضت صاحبك، ولم تشترط عليه الدخول بهذا المال في الشركة، فلا حرج في ذلك، ثم إن أراد المشاركة بها، واتفقتما على ذلك، فلا حرج أيضا.
وإن أقرضته على أن يشارك به، فهذا محل خلاف بين الفقهاء.
وقد اتفق الفقهاء على منع اشتراط شيء من عقود المعاوضة كالبيع في القرض؛ عملا بحديث عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لاَ يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنُ وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ) رواه الترمذي (1234) ، وأبو داود (3504) ، والنسائي (4611) ، وصححه الترمذي والألباني.
واختلفوا في الشركة، لأنها ليست من عقود المعاوضة، بل هي مشاركة في الربح.
فأجاز ذلك الحنفية ، والجمهور على المنع منه :
قال السرخسي رحمه الله: " لو دفع ألف درهم إلى رجل على أن يكون نصفها قرضا عليه ، ويعمل في النصف الآخر بشركته : يجوز ذلك "
انتهى من " المبسوط" (12/ 114).
وقال ابن قدامة رحمه الله: " قال: ولو قال: أقرضني ألفا ، وادفع إليّ أرضك أزرعها بالثلث كان خبيثا.
والأولى : جواز ذلك إذا لم يكن مشروطا؛ لأن الحاجة داعية إليه، والمستقرض إنما يقصد نفع نفسه، وإنما يحصل انتفاع المقرض ضمنا ، فأشبه أخذ السفتجة به ، وإيفاءه في بلد آخر .
ولأنه مصلحة لهما جميعا ، فأشبه ما ذكرنا " انتهى من "المغني" (4/ 394).
قال الدكتور عبد الله العمراني في "العقود المالية المركبة" ص 96: "وأما اشتراط عقد ليس عقد معاوضة، والمقصود منه الربح كالشركة والمضاربة مع عقد القرض، فقد اختلف فيه الفقهاء، والذي يظهر جوازه ، ما لم يؤد إلى زيادة في مقابل القرض" انتهى.
ثانيا:
لا يجوز أن يكون لعامل المضاربة راتب، ولا أي مبلغ مقطوع، وليس له إلا نسبته من الربح التي يأخذها مقابل عمله، فإن اشترط ذلك، بطلت المضاربة.
قال ابن قدامة رحمه الله: "(ولا يجوز أن يجعل لأحد من الشركاء فضل دراهم) .
وجملته : أنه متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معلومة ، أو جعل مع نصيبه دراهم ، مثل أن يشترط لنفسه جزءا وعشرة دراهم ، بطلت الشركة.
قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا شرط أحدهما ، أو كلاهما ، لنفسه ، دراهم معلومة"
انتهى من "المغني" (5/ 23).
وإذا بطلت المضاربة، فإن لعامل المضاربة ربح المثل، على الراجح ؛ وهو السهم الذي يأخذه مثله ، عادة ، من الأرباح ، في مثل هذا النوع من المضاربات ، مثل : نصف الربح ، أو أكثر أو أقل .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" الصواب أنه يجب في المضاربة الفاسدة : رِبْح المثل ، لا أجرة المثل .
فيعطى العامل ما جرت به العادة أن يعطاه مثله من الربح : إما نصفه، وإما ثلثه، وإما ثلثاه " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (20 / 509) .
ثالثا:
إذا وقعت الخسارة بغير تفريط أو تعد من المضارب، فلا شيء عليه، والخسارة على رب المال.
وإن تعدى أو فرط : ضمن .
ويُرجع في معرفة التعدي والتفريط ، إن التبس الأمر : إلى أهل الخبرة.
وعليه : فلك أن تطالبه بالقرض؛ لأنه مضمون عليه شرعا.
وأما رأس مال المضاربة ، ففيه التفصيل السابق، فإن لم يكن منه تعد أو تفريط ، فليس لك مطالبته بما خسره ، أو نقص منه . وإنما لك ما تبقى منه . وإن كان تعدى أو فرط : ضمنه جميعه .
رابعا:
الراتب الذي أخذه : يلزمه رده، لأننا قدمنا أنه عند بطلان المضاربة يكون للعامل ربح المثل، وحيث إنه لا ربح ، فلا شيء له، فيلزمه رد ما أخذ من الرواتب.
والله أعلم.
.....
استثمر أمواله في محطة محروقات ، ولم يحدد نسبة الربح فماذا يفعل ؟
السؤال:
قام والدي باستثمار مبلغ عند محطة محروقات ليتم تشغيلها ، ويحصل على ربح شهري نتيجة تشغيل هذه الأموال ، لم نقم بتحديد النسبة ، بل اتفقنا على احتساب أجور العمال والضرائب وبعض المصاريف ليكون حلالاً ، السؤال : هل تدخل المصاريف الإدارية كالرواتب والإدارة ليحتسب الربح ؟
الجواب :
الحمد لله
أولًا :
هذه النوع من العقود يدخل في شركة المضاربة ؛ ومعنى المضاربة : " دفع المال لمن يتجر به بجزء مشاع معلوم من الربح "
انتهى من " الشرح الممتع " (9 / 310) .
وهي في أصلها جائزة بالإجماع .
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى :
" أصل هذا الباب إجماع العلماء على أن المضاربة سنة معمول بها ، مسنونة قائمة " .
انتهى من " الاستذكار " (21 / 121) .
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى :
" باب المشاركة التي يكون العامل فيها شريك المالك ؛ هذا بماله ، وهذا بعمله ، وما رزق الله فهو بينهما ، وهذا عند طائفة من أصحابنا أولى بالجواز من الإجارة ، حتى قال شيخ الإسلام: هذه المشاركات أحل من الإجارة ، قال : لأن المستأجر يدفع ماله ، وقد يحصل له مقصوده ، وقد لا يحصل
فيفوز المؤجر بالمال والمستأجر على الخطر ، إذ قد يكمل الزرع ، وقد لا يكمل ، بخلاف المشاركة ؛ فإن الشريكين في الفوز وعدمه على السواء ، إن رزق الله الفائدة كانت بينهما ، وإن منعها استويا في الحرمان ، وهذا غاية العدل ؛ فلا تأتي الشريعة بحل الإجارة وتحريم هذه المشاركات .
وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم المضاربة على ما كانت عليه قبل الإسلام ، فضارب أصحابه في حياته وبعد موته ، وأجمعت عليها الأمة " .
انتهى من " إعلام الموقعين " (5 / 417 – 418) .
فأبيحت هذه المعاملة لما فيها من العدل ، ولهذا العدل شروط يلزم تحقيقها في هذه المعاملة كما بيّن ذلك أهل العلم ؛ ومما يتعلق بسؤالك :
الشرط الأول : أن يكون نصيب كل مشارك من الربح معلوما ، ومحددا بالنسبة ، وليس بمقدار محدد .
جاء في " الموسوعة الفقهية الكويتية " (38 / 53 - 54) :
" اتفق الفقهاء على أنه يشترط لصحة المضاربة أن يكون نصيب كل من العاقدين من الربح معلوما ، لأن المعقود عليه هو الربح ، وجهالة المعقود عليه توجب فساد العقد ...
وذهب الفقهاء إلى أنه يشترط أن يكون المشروط لكل من المضارب ورب المال من الربح جزءا شائعا ؛ نصفا أو ثلثا أو ربعا ، فإن شرطا عددا مقدرا ، بأن شرطا أن يكون لأحدهما مائة من الربح ، أو أقل أو أكثر
والباقي للآخر : لا يجوز ، والمضاربة فاسدة ، لأن المضاربة نوع من الشركة ، وهي الشركة في الربح ، وهذا شرط يوجب قطع الشركة في الربح ، لجواز أن لا يربح المضارب إلا هذا القدر المذكور، فيكون ذلك لأحدهما دون الآخر فلا تتحقق الشركة ، فلا يكون التصرف مضاربة " انتهى .
الشرط الثاني :
يجب خصم جميع النفقات التشغيلية من الربح قبل قسمته ؛ حتى تسلم رؤوس الأموال .
قال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (2/317-318) : " وَمَا يَأْخُذُهُ الرَّصَدِيُّ وَالْخَفِيرُ يُحْسَبُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ [المضاربة] ، وَكَذَا الْمَأْخُوذُ ظُلْمًا ، كَأَخْذِ الْمَكْسَةِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ .
وَعَلَى الْعَامِلِ فِعْلُ مَا يُعْتَادُ فِعْلُهُ مِنْ أَمْثَالِهِ مِنْ عُمَّالِ الْقِرَاضِ بِحَسَبِ الْعُرْفِ ..
وَمَا لَا يَلْزَمُهُ كَأُجْرَةِ كَيْلٍ وَحِفْظٍ ، لَهُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ التِّجَارَةِ وَمَصَالِحِهَا، وَلَوْ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً .
وَمَا يَلْزَمُهُ فِعْلُهُ لَوْ اكْتَرَى عَلَيْهِ مَنْ فَعَلَهُ فَالْأُجْرَةُ فِي مَالِهِ لَا فِي مَالِ الْقِرَاضِ، فَلَوْ شَرَطَ عَلَى الْمَالِكِ الِاسْتِئْجَارَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ حَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ، وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا عَدَمُ الصِّحَّةِ" انتهى .
وبناء على هذا ؛ فالاتفاق الذي أجراه والدك غير صحيح شرعا ، ولتصحيحه لابد من تحديد
نسبة الأرباح ، وتكون هذه النسبة من صافي الربح ، أي : بعد خصم جميع المصروفات .
وهذا إنما هو فيما يستقبل ، أما الاتفاق الذي تم في الماضي فإنه يكون لاغيا ، ويُسأل أهل الخبرة : إذا أجريت هذه المشاركة ، فكم يكون لكل واحد من الشريكين من الربح ؟ ويتم التقسيم على هذا .
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله
بعد أن ذكر أن مذهب الحنابلة أن المضاربة إذا كانت فاسدة [كالصورة الواردة في السؤال] فإن الربح كله يكون لصاحب المال ، ويكون للعامل الأجرة التي يأخذها من قام بهذا العمل .
قال : "والصحيح في هذه المسألة أن للعامل سهم المثل، فيقال: لو اتجر الإنسان بهذا المال كم يعطى في العادة؟ فقالوا ـ مثلاً ـ: يعطى نصف الربح، فيكون له نصف الربح، وهكذا؛ لأن العامل إنما عمل على أنه شريك، لا على أنه أجير، ولأنا لو قلنا: يعطى الأجرة فربما تحيط الأجرة بالربح كله، وحينئذٍ يخسر رب المال، ورب المال لم يعطه على أنه أجير" .
انتهى من "الشرح الممتع" (9/422) ، وهذا القول الذي صححه الشيخ رحمه الله هو مذهب المالكية . ينظر : " الموسوعة الفقهية" (38/79) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-06-23, 17:40
حكم العمل في بنك يأخذ رسوما على القروض تكون نسبة من المبلغ المقترض
السؤال :
أحد البنوك الشرعية تقدم قروضا ، وتأخذ مقابلها رسوم أتعاب ، وفعلاً هذا البنك يبذل مجهودات كبيرة لعمل الدراسة ، وتقديم المشورة ، لكن الرسوم تكون نسبة من المبلغ المقرض
والبنك يأخذ الرسوم من المقترض قبل أن يتم إعلامه بقيمة القرض الذي سيصرف له أو النسبة المحددة . فما حكم نشاط هذا البنك ؟ وما حكم العمل فيه ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا:
يجوز للمقرض أن يأخذ رسوما عن خدمات القروض بشرط أن لا تزيد عن الأجرة الفعلية التي يتكلفها .
وفي قرار " مجمع الفقه الإسلامي " بخصوص أجور خدمات القروض في " البنك الإسلامي للتنمية " جاء ما يلي :
" أولاً : يجوز أخذ أجور عن خدمات القروض ، على أن يكون ذلك في حدود النفقات الفعلية .
ثانياً : كل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة ، لأنها من الربا المحرم شرعاً " .
انتهى من " مجلة المجمع " عدد 2 ، ( 2 / ص 527 ) ، وعدد 3 ( 1 / ص 77 ).
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن السحب ببطاقة الائتمان غير المغطاه:
" السحب النقدي من قبل حامل البطاقة اقتراض من مصدرها، ولا حرج فيه شرعا إذا لم يترتب عليه زيادة ربوية، ولا يعد من قبيلها الرسوم المقطوعة ، التي لا ترتبط بمبلغ القرض أو مدته ، مقابل هذه الخدمة.
وكل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة لأنها من الربا المحرم شرعا" انتهى.
فمما يتضح به كون الرسوم لا تزيد عن الأجرة الفعلية: أن تكون مبلغا مقطوعا، فلا تزيد بزيادة المبلغ، ولا بتأخير مدة السداد.
وعليه : فلا يجوز للبنك أن يجعل تكاليف القرض نسبة من المبلغ المقترض؛ لأن هذا يؤدي إلى أخذ زيادة على التكلفة الفعلية، وهو ربا، فلا فرق في الإجراءات من دراسة وغيرها بين من يقترض ألفا، ومن يقترض مائة ألف.
ثانيا:
حيث اشترط البنك نسبة على القرض، كان هذا ربا، ولا يجوز العمل في ذلك.
فإن فرض أنه بنك إسلامي تنضبط معاملاته في الأغلب بالضوابط الشرعية، جاز العمل فيه بعيدا عن مجال الإقراض المحرم.
والله أعلم
الشيخ محمد صالح المنجد.
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-06-28, 05:02
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
الجمع بين القرض والإجارة
السؤال
: رجل يقرض أشخاصا مالا ، وفي أغلب الأحيان يقرضهم في صورة شراء طعام لهم ، وهو يملك سيارة فيذهب لكي يشتري لهم بذلك المال الذي أقرضهم طعاما ، فيحسب عليهم زيادة على ما أقرضهم إيجار سيارته مع علمهم بذلك
فما الحكم في المسألة ؟
الجواب :
الحمد لله
لا يجوز الجمع بين القرض والإجارة ، لأنه إما حيلة على ارتكاب الربا ، وإما ذريعة للوقوع في الربا ، والشرع يحرم طرق الاحتيال على ارتكاب الحرام ، ويحرم الذرائع الموصلة إليه .
ووجه الحيلة أو الذريعة هنا : أن أجرة السيارة قد تكون خمسين ، فتجعلها أنت ستين ، ويرضى بذلك المقترض من أجل القرض ، فتكون هذه العشرة زيادة من أجل القرض ، وهذا هو الربا .
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يحل سلف وبيع )
. رواه أبو داود (3504) والترمذى (1234) وحسنه الألباني في " إرواء الغليل " (1307) .
قال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (5/18) :
" ومعلوم أنه لو أفرد أحدَهما عن الآخر صح ، وإنما ذاك لأن اقتران أحدهما بالآخر ذريعة إلى أن يُقْرِضه ألفًا ويبيعه سلعة تساوي ثمانمئة بألف أخرى ؛ فيكون قد أعطاه ألفًا وسلعة بثمانمئة ليأخذ منه ألفين، وهذا هو معنى الربا " انتهى .
والجمع بين القرض والإجارة داخل تحت هذا النهي ؛ لأن الإجارة في معنى البيع .
قال الحطاب في "مواهب الجليل" (6/146) :
" كل عقد معاوضة لا يجوز أن يقارنه السلف " .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " فإذا جمع بين سلف وإجارة : فهو جمع بين سلف وبيع ، أو مثله ، وكل تبرع يجمعه إلى البيع والإجارة - مثل الهبة والعارية والعرية والمحاباة في المساقاة والمزارعة وغير ذلك - هي مثل القرض .
فجماع معنى الحديث : أن لا يجمع بين معاوضة وتبرع ؛ لأن ذلك التبرع إنما كان لأجل المعاوضة ، لا تبرعا مطلقا ، فيصير جزءا من العوض ، فإذا اتفقا على أنه ليس بعوض ، جمعا بين أمرين متنافيين .
فإن من أقرض رجلا ألف درهم ، وباعه سلعة تساوي خمسمائة بألف = لم يرض بالإقراض إلا بالثمن الزائد للسلعة ، والمشتري لم يرض ببذل ذلك الثمن الزائد إلا لأجل الألف التي اقترضها ، فلا هذا باع بيعا بألف ، ولا هذا أقرض قرضا محضا ، بل الحقيقة: أنه أعطاه الألف والسلعة بألفين "
انتهى ، من " مجموع الفتاوى " (29/62).
وقال أيضا : " وقد اتفق العلماء على أن المقرض ، متى اشترط زيادة على قرضه : كان ذلك حراما ، وكذلك إذا تواطآ على ذلك في أصح قولي العلماء ..
وحرم النبي صلى الله عليه وسلم الجمع بين السلف والبيع؛ لأنه إذا أقرضه وباعه: حاباه في البيع لأجل القرض ، وكذلك إذا آجره "
انتهى ، من " مجموع الفتاوى " (29/334).
قال ابن القيم رحمه الله في "إعلام الموقعين" (5/184): " فإن الشارع لمْ يشرع القَرْضَ إلا لمن قصد أن يسترجع مثل قرضه، ولم يشرعه لمن قصد أن يأخذ أكثر منه ، لا بحيلةٍ ولا بغيرها " انتهى .
وجاء في " المعايير الشرعية " ص 523 : " لا يجوز اشتراط عقد البيع والإجارة ونحوهما في عقد القرض " .
وجاء فيها أيضا ص 660 في ضوابط جواز الجمع بين العقود : ألا يكون ذلك محل نهي في نص شرعي ، كالنهي عن البيع والسلف .. وألا يكون ذريعة إلى الربا ، مثل الجمع بين القرض والمعاوضة .. " انتهى .
وقال الدكتور عبد الله بن محمد العمراني :
" يتبين أن مجرد اشتراط عقد البيع ونحوه من عقود المعاوضات في عقد القرض : محرم ؛ لورود النص به بسبب كونه ذريعة إلى القرض الربوي ، مع أن المنفعة احتمالية ، ومتوقعة ، وذلك أنه ربما يزاد في الثمن، وقد لا يزاد ، ولكن الغالب أن يزاد ، وهذا مما يكثر القصد إليه عند من يتعاقد بهذه الصفة .
أما لو اتفق المقرض مع المقترض على أن يؤجره داره مثلا بأقل من أجرتها ، أو على أن يستأجر المقترض دار المقرض بأكثر من أجرتها : فهو أبلغ في التحريم " .
بحث "أحكام القرض وتطبيقاته" ضمن "دراسات المعايير الشرعية" (2/1140).
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-06-28, 05:07
يعطي صاحبه ريالات على أن يأخذها من أهله في اليوم التالي ليرات
السؤال :
أنا من سوريا ، ونتيجة الظروف أعمل بالحوالات المالية ، بحيث يستلم العميل في السعودية قيمة ١٠٠ ريالا ، وأنا اعطي قريب الزبون هنا في سوريا قيمة ١٠٠ ريالا سوري بالعملة السورية ، وذلك نتيجة عدم توفر ريالات ، وهناك عدة مسائل واجهتني : 1. إذا استلم العميل قيمة ١٠٠ ريالا في المساء وكان السعر لنفترض أنه 138 ليرة سورية لكل ريال
وفي اليوم الثاني أصبح السعر 140 قبل أن أقوم بتسليم الحوالات لأهله فهل أسلمه على السعر القديم أم الجديد ؟
وهل إذا سلمته على السعر البارحة أكون وقعت في الربا ؟
2. من ممكن أن يحتاج أحد الزبائن مبلغا ماليا فيأتي إلي كي يستدين قيمة ١٠٠٠ ريالا على أن يسلمني أخوه في السعودية ألف ريالا بعد أسبوع حتى عند استلامه لراتبه مثلا ، المشكلة أنه عندما يأخذها لنفرض كان الريال قيمته 138 ، وبعد أسبوع عندما سلمني أخوه في السعودية ألف ريالا أصبح السعر 145
فأنا حاليا عندما يأتي الزبون أقرضه بالعملة السورية ، وأسجلها دينا عليه ، وأثناء تسليم الحوالة أخصم ديني بالرغم أنه من الممكن أن يرتفع السعر أو ينقض فهل هذا ربا ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا:
تبديل العملات كالريالات بالليرات أو العكس يسمى "الصرف"، ويشترط فيه التقابض في مجلس العقد
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ ...مِثْلًا بِمِثْلٍ ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ ، يَدًا بِيَدٍ ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ) رواه مسلم (2970) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه .
والريالات والدولارات وغيرها من العملات أجناسٌ مستقلة لها ما للذهب والفضة من الأحكام ، فلا يجوز شراء عملة بعملة إلا يدا بيد، وتأخير القبض في ذلك يدخل في ربا النسيئة.
وعليه :
فلا يجوز أن تعطي شخصا ريالات على أن تسلّم مقابلها من الليرات لأهله في اليوم الثاني، بل لا يجوز ذلك ولو كان التسليم بعد ساعة؛ لاشتراط التقابض في المجلس.
والمخرج الشرعي: أن يتم مجلس رباعي يجتمع فيه أربعة نفر في وقت واحد: أنت مع صاحبك في السعودية، ووكيل عنك مع وكيل عنه في بلدك، ويتم التواصل بين المجلسين عبر الهاتف أو غيره من وسائل الاتصال، فإذا أعطيت الريالات لصاحبك، أعطى وكيلُه وكيلَك الليرات في نفس المجلس.
وبذلك يتحقق القبض المشروط في الصرف؛ لأن قبض الوكيل كقبض موكّله.
قال في "كشاف القناع" (3/ 266) :
" ( ولو وكل المتصارفان ) من يقبض لهما ، ( أو ) وكل أحدهما من يقبض له ، فتقابض الوكيلان ) ... ( قبل تفرق الموكلين ) : ( جاز ) العقد , أي صح لأن قبض الوكيل كقبض موكله .
( وإن تفرقا ) أي الموكلان .. ( قبل القبض : بطل الصرف , افترق الوكيلان ، أو : لا ) ؛ لتعلق القبض بالعقد .
ولو تفرق الوكيلان ثم عادا بالمجلس ، وموكلاهما باقيان لم يتفرقا إلى التقابض : صح العقد ؛ لما تقدم " انتهى مختصرا .
ثانيا:
لا يجوز أن يقرض الإنسان غيره ، على أن يستلم القرض بعملة أخرى؛ لاشتمال ذلك على الصرف المؤجل، مع القرض، وقد تقدم أن الصرف المؤجل ربا.
فلا يجوز أن تقرض بالليرة ، على أن تسترده بالريال، ولا بالعكس.
بل تقرض بالليرة، وتسترد القرض بنفس العملة. فالقرض يسدد بمثله.
لكن إذا لم تتفقا عند القرض على السداد بعملة أخرى، ثم جاء وقت السداد ، وأراد أن يسدد بعملة أخرى : فلا حرج ؛ إذا أخذت منه العملة الأخرى بسعر صرف يوم السداد، وتفرقتما وليس بينكما شيء .
لما روى أحمد (6239) وأبو داود (3354) والنسائي (4582) والترمذي (1242) وابن ماجه (2262) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ : كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ [أي مؤجلا] وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال ( لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ ) .
والحديث صححه بعض العلماء كالنووي ، وأحمد شاكر ، وصححه آخرون من قول ابن عمر ، لا من قول النبي صلى الله عليه وسلم منهم الحافظ ابن حجر والألباني .
وانظر : "إرواء الغليل" (5/173).
فالمحذور هو الاتفاق المسبق على السداد بعملة مغايرة.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم: 75 (6/ 8) بشأن قضايا العملة، ما يلي:
" ثانياً: يجوز أن يتفق الدائن والمدين يوم السداد - لا قبله - على أداء الدين بعملة مغايرة لعملة الدين ، إذا كان ذلك بسعر صرفها يوم السداد.
وكذلك يجوز في الدين على أقساط بعملة معينة : الاتفاق يوم سداد أي قسط ، على أدائه كاملاً، بعملة مغايرة ، بسعر صرفها في ذلك اليوم.
ويشترط في جميع الأحوال أن لا يبقى في ذمة المدين شيء مما تمت عليه المصارفة في الذمة"
انتهى من مجلة المجمع (ع 3، ج 3 ص 1650).
وعليه :
فإذا أقرضت شخصا بالليرة، فالأصل أن يسدد بنفس العملة، ولا يجوز أن تتفق معه على أنه سيسدد بعملة أخرى.
لكن إذا جاء وقت السداد واتفقتما على السداد بعملة أخرى فلا بأس، ويكون ذلك بسعر يوم السداد، فتنظر كم تساوي الليرات من الريالات في هذا اليوم، فتأخذ ذلك دون زيادة، دون اعتبار لسعر العملة يوم القرض.
ولا يجوز أن تقرض شخصا ، بشرط أن يصرف ريالاته ، أو يحولها من خلالك ، لأن ذلك : قرض جر نفعا ، ولو لم تشترط ذلك لفظا ، لكن جرى العرف به ، والعمل عليه ، بحيث لو لم يصرف من عندك : لم تقرضه ، لم يجز أيضا ؛ لأن صرف العملات بيع ؛ وقد فقال صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل سلف وبيع ) .
رواه أبو داود (3504) والترمذى (1234) وحسنه الألباني في " إرواء الغليل " (1307) .
والله أعلم.
*عبدالرحمن*
2018-06-28, 05:10
لا يجوز أن يؤجره البيت بشرط أن يقرضه
السؤال
يوجد عندنا نظام كراء البيوت وهو كالتالي: يتم كراء البيت مقابل أخذ مبلغ رمزي محدد مقداره مثلا 5000 درهم كقرض لمدة محدودة سنة . رغم أنه ليس محتاجا لهذا المبلغ وفي غنى عنه ، ولكن فقط لضمان خروج المكتري بعد مرور مدة العقد. مقابل السكن في البيت لمدة محدودة سنة
وبعد انقضاء الفترة يتم إعادة المبلغ نفسه بدون زيادة أو نقصان مع أخذ إيجار سنويا 10000 درهم فهل هذا يعتبر هذا شكلاً من أشكال الربا ؟
الجواب
الحمد لله
نعم ، لا يجوز أن يقترن البيع باشتراط القرض ، وإذا انتفع المقرض بهذا القرض في تخفيض الثمن أو بغير ذلك كان ذلك من أوجه الانتفاع صورة من صور الربا .
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الجمع بين البيع والقرض ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل سلف وبيع ) . رواه أبو داود (3504) والترمذى (1234) وحسنه الألباني في "
إرواء الغليل " (1307) .
قال في "تحفة الأحوذي" (4/361) :
" قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ : أَيْ : لَا يَحِلُّ بَيْعٌ مَعَ شَرْطِ سَلَفٍ ، بِأَنْ يَقُولَ مَثَلًا : بِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ بِعَشْرَةٍ عَلَى أَنْ تُقْرِضَنِي عَشْرَةً " انتهى .
وذكر شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله أن من المعاملات الربوية : أن يجمع بين القرض والبيع.
"مجموع الفتاوى" (28/73) .
وقال أيضا :
" وَقَدّ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرِطَ مَعَ الْبَيْعِ عَقْدًا مِثْلَ هَذَا ؛ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهُ عَلَى أَنْ يُقْرِضَهُ " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (30/83) .
وقال ابن جُزيّ :
" البيع باشتراط السلف من أحد المتابعين لا يجوز بإجماع إذا عزم مشترطه عليه " انتهى .
"القوانين الفقهية" (2/125)
وعلى ذلك : فاشتراط القرض في عقد الإيجار لا يجوز .
أما الاستيثاق في الحقوق ، فهو أمر تدعو إليه حاجة الناس ، خصوصاً عند خراب الذمم ، واستيلاء الدنيا على قلوب كثير منهم .
ويمكنك لضمان خروج المكتري أن تكتب عليه "شيكاً" أو "وصل أمانة" حتى يتسنى لك إخراجه في ميعاده دون مماطلة منه
*عبدالرحمن*
2018-06-28, 05:12
أخذ مالا ليضارب فيه فهل يصح أن يكتب على نفسه شيكا بالمبلغ؟
السؤال
شخص أعطى لآخر مبلغا من المال ليضارب له به في الأسهم نظير نسبة محددة . فكتب الآخذ للمعطي شيكا بقيمة المبلغ وترك التاريخ مفتوحا ، ليكون المعطي مطمئنا على ماله فما حكم ذلك ؟
الجواب
الحمد لله
إذا أعطى الإنسان ماله لغيره ليضارب له في تجارة مباحة ، من أسهم أو غيرها ، فإنه لا يجوز أن يشترط عليه ضمان المال ، بل المضارب أمين ، فلا يضمن إلا إذا تعدى أو قَصَّر أو خالف شرط صاحب المال .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (5/22) :
" الخسران في الشركة على كل واحد منهما بقدر ماله , فإن كان مالهما متساويا في القدر , فالخسران بينهما نصفين , وإن كان أثلاثا , فالوضيعة أثلاثا . لا نعلم في هذا خلافا بين أهل العلم . وبه يقول أبو حنيفة , والشافعي وغيرهما ...
والوضيعة (الخسارة) في المضاربة على المال خاصة , ليس على العامل منها شي
; لأن الوضيعة عبارة عن نقصان رأس المال , وهو مختص بملك ربه , لا شيء للعامل فيه , فيكون نقصه من ماله دون غيره ; وإنما يشتركان فيما يحصل من النماء " انتهى .
وقال أيضا : " متى شرط على المضارب ضمان المال , أو سهماً من الوضيعة , فالشرط باطل . لا نعلم فيه خلافا. نص عليه أحمد . وهو قول أبي حنيفة , ومالك"
انتهى من "المغني" (5/40).
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الرابع بجدة 1408هـ ، الموافق 1988م بشأن سندات المقارضة :
"لا يجوز أن تشتمل نشرة الإصدار أو صكوك المقارضة على نص بضمان عامل المضاربة رأس المال أو ضمان ربح مقطوع أو منسوب إلى رأس المال ، فإن وقع النص على ذلك صراحة أو ضِمنا بطل شرط الضمان واستحق المضارب ربح مضاربة المثل "
انتهى من "مجلة مجمع الفقه الإسلامي" (4/3/2159) .
وعلى هذا ، فالذي ينبغي أن يكتب بينكما عقد مضاربة ، يذكر فيه رأس المال ، وكيفية توزيع الأرباح ، ومجال التجارة ، ومدة العقد ... ونحو ذلك مما يقطع النزاع ، ويحفظ لكل واحد من المتعاقدين حقه ، ويشهد على ذلك شاهدان .
ولكن .. إذا نظرنا إلى الواقع ، فنظراً لفساد ذمم كثير من الناس ، وقلة أمانتهم ،
وتكرار قضايا الاحتيال ، وأكل الأموال بالباطل ، فإن أصحاب الأموال يلجأون إلى كتابة "شيك" أو "وصل أمانة" ليضمن حقه ، حتى لا يتلاعب به شريكه ويأكل عليه أمواله ، فإذا ذهب إلى المحكمة ومعه عقد الشركة فإن القضية قد تبقى في المحكمة سنوات حتى يأخذ حقه ، أما قضايا "الشيك " أو "وصل الأمانة" فهي أسرع
وأَضمن لحقه، وهذا التصرف لا بأس به ، لكن لا يجوز لصاحب المال أن يطالب بماله إلا في الأحوال التي حصل يثبت فيها تقصير العامل أو تسببه في تضييع المال.
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-06-28, 05:17
سداد القرض بعملة أخرى.. الصور الجائزة والممنوعة
السؤال
اقترضت مبلغا من صديق لي بالدولار ، ورددت له المبلغ بالريال السعودي على دفعات بنفس قيمة المبلغ في ذلك الوقت فما حكم ذلك ؟ .
الجواب
الحمد لله
الأصل أن يسدد القرض بنفس العملة التي أخذها المقترض ، إلا أن يصطلح الطرفان وقت السداد على أخذه بعملة أخرى ، فلا حرج في ذلك ، بشرط أن يتم ذلك بسعر يوم السداد ، لا بالسعر الذي كان يوم القرض . وهكذا في كل دفعة ، يجوز أن يتفق الطرفان عند وقت سدادها على الدفع بعملة أخرى ، بسعر اليوم .
وينبغي أن تعلم أن الصور المحرمة في هذه المعاملة ثلاث :
الصورة الأولى :
أن يتفق الطرفان عند عقد القرض على السداد بعملة أخرى ، فهذا محرم ؛ لأن حقيقة المعاملة حينئذ : بيع عملة حاضرة بعملة أخرى مؤجلة ، وهذا من ربا النسيئة ؛ لأن من شرط بيع العملات المختلفة ، بعضها ببعض أن يكون ذلك يدا بيد
كما دل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الذهب بالذهب والفضة بالفضة مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد ... ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد ) رواه مسلم ( 1578 ) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه .
والعملات الحالية تقوم مقام الذهب والفضة ، ولها ما لهما من الأحكام .
الصورة الثانية :
ألا يتفقا على ذلك عند ابتداء العقد ، لكن يتفقان وقت السداد على عملة أخرى ، ويقدّران ذلك بسعر يوم القرض . وهذا محرم أيضا ، وهو في معنى الصورة السابقة
واستدل الفقهاء على التحريم بالحديث المشهور الذي رواه أحمد (6239) وأبو داود (3354) والنسائي (4582) والترمذي (1242) وابن ماجه (2262) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ : كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ [أي مؤجلا] وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال (
لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ ) والحديث صححه بعض العلماء كالنووي ، وأحمد شاكر ، وصححه آخرون من قول ابن عمر ، لا من قول النبي صلى الله عليه وسلم منهم الحافظ ابن حجر والألباني .
وانظر : "إرواء الغليل" (5/173).
وهناك علة أخرى للتحريم ، وهي أنك إذا أخذت أكثر من سعر يوم السداد ، فقد ربحت فيما لم يدخل في ضمانك ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن . رواه أصحاب السنن بإسناد صحيح .
الصورة الثالثة :
أن يصطلحا وقت السداد على السداد بعملة أخرى ، لكن يفترقا وبينهما شيء ، ومثاله أن يكون القرض ألف دولار ، فيصطلحا عند حلول الأجل على السداد بالجنيهات ، على 5000 مثلا ، فيأخذ منه 4000 ويبقى في ذمة المقترض 1000 ، فلا يجوز ذلك ؛ لأنه يشترط في بيع العملات بعضها ببعض أن يكون ذلك يداً بيد ، كما تقدم .
قال الخطابي رحمه الله في شرح حديث ابن عمر السابق :
" وَاشْتُرِطَ أَنْ لَا يَتَفَرَّقَا وَبَيْنهمَا شَيْء لِأَنَّ اِقْتِضَاء الدَّرَاهِم مِنْ الدَّنَانِير صَرْف ( بيع عملة بأخرى ) وَعَقْد الصَّرْف لَا يَصِحّ إِلَّا بِالتَّقَابُضِ " انتهى نقلا عن "عون المعبود".
لكن إن كان القرض يسدد على دفعات ، فلا حرج أن يتفقا عند سداد كل دفعة على أخذها بسعر يوم السداد ، فهذا لا محذور فيه ، لسلامته من التأخير في عملية الصرف .
وإليك بعض ما قاله أهل العلم في هذه المسألة :
سئل علماء اللجنة الدائمة للافتاء
: " تسلفت دراهم من إنسان (عملة فرنسية) على أن أرجعها له في فرنسا ولكن لما جاء إلى الجزائر طلب مني أن أعطيه دراهم جزائرية بالزيادة. ما الحكم في ذلك ؟
فأجابوا : يجوز أن تسددها له في الجزائر بمثلها عملة فرنسية أو بقدر صرفها يوم السداد من العملة الجزائرية، مع القبض قبل التفرق "
انتهى "فتاوى اللجنة الدائمة" (14/143) .
وسئلوا أيضا (14/144) :
" ما حكم الاقتراض بعملة ثم سداد الدين بعد عدة شهور بعملة أخرى، وقد يكون هناك اختلاف في سعر العملة خلال مدة الدين؟
فأجابوا : إذا اقترض شخص عملة دون أن يشرط عليه فائدة، أو رَدَّ عملة أخرى بقيمتها وقت السداد دون أن يشرط عليه ما فيه جر نفع للمقرض جاز ذلك؛ لما فيه من التعاون بين المسلمين وقضاء حوائجهم. أما إن اشترط عليه فائدة لهذا القرض، أو رد بديله بعملة (ما) أو تقديم أي نفع للمقرض - حرم ذلك؛ لكونه من الربا المحرم بالكتاب والسنة وإجماع أهل العلم" انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
: طلب مني أحد أقاربي المقيمين بالقاهرة قرضاً وقدره 2500جنيه مصري وقد أرسلت له مبلغ 2000دولار باعهم وحصل على مبلغ 2490جنيها مصريا، ويرغب حاليا في سداد الدين، علما بأننا لم نتفق على موعد وكيفية السداد
والسؤال : هل أحصل منه على مبلغ 2490 جنيهاً مصرياً وهو يساوي حاليا1800دولار أمريكي ( أقل من المبلغ الذي دفعته له بالدولار) أم أحصل على مبلغ 2000 دولار علماً بأنه سوف يترتب على ذلك أن يقوم هو بشراء (الدولارات) بحوالي 2800جنيه مصري (أي أكثر من المبلغ الذي حصل عليه فعلاً بأكثر من 300جنيه مصري) ؟
فأجاب : " الواجب أن يرد عليك ما أقرضته دولارات لأن هذا هو القرض الذي حصل منك له. ولكن مع ذلك إذا اصطلحتما أن يسلم إليك جنيهات مصرية فلا حرج، قال ابن عمر رضي الله عنهما كنا نبيع الإبل بالبقيع أو بالنقيع بالدراهم فنأخذ عنها الدنانير، ونبيع بالدنانير فنأخذ عنها الدراهم،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء ) فهذا بيع نقد من غير جنسه فهو أشبه ما يكون ببيع الذهب بالفضة ، فإذا اتفقت أنت وإياه على أن يعطيك عوضاً عن هذه الدولارات من الجنيهات المصرية بشرط ألا تأخذ منه جنيهات أكثر مما يساوي وقت اتفاقية التبديل
فإن هذا لا بأس به ، فمثلاً إذا كانت 2000دولار تساوي الآن 2800جنيه لا يجوز أن تأخذ منه ثلاثة آلاف جنيه ولكن يجوز أن تأخذ 2800جنيه، ويجوز أن تأخذ منه 2000دولار فقط يعنى أنك تأخذ بسعر اليوم أو بأنزل
أي لا تأخذ أكثر لأنك إذا أخذت أكثر فقد ربحت فيما لم يدخل في ضمانك، وقد نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن ربح ما لم يضمن، وأما إذا أخذت بأقل فإن هذا يكون أخذاً ببعض حقك، وإبراء عن الباقي، وهذا لا بأس به " انتهى
نقلا عن "فتاوى إسلامية" (2/414).
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-06-28, 05:21
يحرم دفع الفوائد بسبب التضخم
السؤال
هل يحرم دفع الفوائد في القروض بسبب التضخم ؟
الجواب
الحمد لله
نعم ، يحرم دفع الفوائد في القروض ولو بسبب التضخم .
وقد اتفق العلماء على أن القرض إذا اشترط فيه أن يرد بزيادة ، فذلك الربا الذي حرمه الله ورسوله
قال ابن قدامة في "المغني" (6/436) :
"وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف .
قال ابن المنذر : أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية ، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا .
وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة" انتهى .
وقد نص العلماء على أنه يجب على المقترض أن يدفع مثل المال الذي اقترضه ، ولو زادت قيمته يوم الوفاء أو نقصت عن قيمته يوم القرض .
غير أن الإمام أحمد رحمه الله استثنى صورة وهي إذا منع الحاكم التعامل بالعملة التي وقع القرض بها ، فإنه يقومها يوم أخذها ويسدد القرض من العملة الجديدة . وذلك لأن منع التعامل بها قد أذهب ماليتها ، وصارت لا قيمة لها .
قال ابن قدامة في "المغني" (6/441) :
"ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ يَرُدُّ الْمِثْلَ , سَوَاءٌ رَخُصَ سِعْرُهُ أَوْ غَلا , أَوْ كَانَ بِحَالِهِ . . . .
وَإِنْ كَانَ الْقَرْضُ فُلُوسًا فَحَرَّمَهَا السُّلْطَانُ , وَتُرِكَتْ الْمُعَامَلَةُ بِهَا , كَانَ لِلْمُقْرِضِ قِيمَتُهَا , وَلَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهَا . .
. وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالشَّافِعِيُّ : لَيْسَ لَهُ إلا مِثْلُ مَا أَقْرَضَهُ ; لأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِعَيْبٍ حَدَثَ فِيهَا , فَجَرَى مَجْرَى نَقْصِ سِعْرِهَا . والدليل على ما قالناه : أَنَّ تَحْرِيمَ السُّلْطَانِ لَهَا يمنع إنْفَاقِهَا , ويبطل مَالِيَّتِهَا , فَأَشْبَهَ تَلَفَ أَجْزَائِهَا , وَأَمَّا رُخْصُ السِّعْرِ فَلا يَمْنَعُ رَدَّهَا , سَوَاءٌ كَانَ كَثِيرًا , أَوْ قَلِيلا ; لأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ فِيهَا شَيْءٌ , إنَّمَا تَغَيَّرَ السِّعْرُ , فَأَشْبَهَ الْحِنْطَةَ إذَا رَخُصَتْ أَوْ غَلَتْ " اهـ باختصار .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-06-28, 05:24
دفع الفوائد بسبب التضخم ربا
السؤال
أعلم بأن دفع الربا حرام ، ولكن ما حكم دفع الربا الناتج عن التضخم ؟ مثلا : إذا اقترضت مبلغ 50 جنيها وأريد أن أعيدها بعد 5 سنوات ، قيمة ال50 جنيها بعد 5 سنوات ستتغير ولذلك فإنني سأدفع القيمة المساوية للمبلغ الذي اقترضته بعد 5 سنوات .
أريد أن آخذ قرضاً للطلاب وعليه فائدة تضخم فهل هذا يجوز ؟.
الجواب
الحمد لله
أولاً :
إذا اقترضت من شخص أو جهة مبلغ 50 جنيها لمدة خمس سنوات ، فلا يجب عليك إلا تسديد هذا المبلغ بنفس العملة ، ولو انخفضت قيمتها ، ما دام التعامل بهذه العملة جارياً .
وقد سبق في السؤال السابق أن دفع زيادة في القرض بسبب نقص قيمة العملة حرام ، ويعتبر من الربا . وهو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء .
ثانياً :
من اقترض بعملة ، واتفق على التسديد بغيرها فقد وقع في الربا ، لأن حقيقة عمله هي : بيع عملة حاضرة بعملة أخرى مؤجلة ، وهذا محرم وهو نوع من نوعي الربا ، ويسمى "ربا النسيئة".
لكن للمقترض أن يصطلح مع مقرضه – عند موعد السداد – على أن يسلم له قرضه بعملة أخرى.
ففي المثال السابق ، إذا مضت خمس سنوات ، وجب عليك أن تسدد 50 جنيها ، ولك أن تصطلح مع المقرض – يوم السداد - على أن تسلمه ما يعادلها من العملات الأخرى كالدولار مثلا، ولكن بشرط أن يكون ذلك بسعر الصرف يوم السداد .
ثالثاً :
وأما أخذ القرض وعليه فائدة تضخم ، فقد سبق أن الزيادة في القرض مقابل التضخم حرام ، وأنه من الربا ، وعلى هذا ، فلا يجوز لك أخذ هذا القرض . لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ . رواه مسلم (1598) . و"آكل الربا" هو الآخذ ، و "مؤكله" المعطي .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-06-28, 05:28
ورثوا أرضا فباعوها من عشرين عاما وأخذ الثمن أحدهم فهل يرد نفس المال الآن مع انخفاض قيمته
السؤال
: والدي له أم و5 إخوة ، إثنان من الإخوة ترك لهم والده أرضا ورثة ، بيعت قبل 20 عاما ، الأرض كانت قيمتها آنذاك 5000 جنيها، أخذ أبي المبلغ كله بعد الاتفاق مع الأطراف كلها ليشتري له بيتا لأسرته نظرا لظروفه المادية علي أن يتم سداد المبلغ لإخوته لاحقا ، لم يتمكن أبي طيلة هذه الفترة من سداد المبلغ
والآن بصدد إرجاع هذا المال. السؤال: هو كيف توزع التركة ؟
وهل تقسم التركة بقيمتها السابقة قبل 20 عاما مع العلم أن ال 5000 جنيه ليس لها قيمة كبيرة كقيمتها آنذاك؟
مثلا 5000 جنيها كانت قبل 20 عاما تشتري أرضا ، ولكن قيمتها الآن لا تشتري ـ فكيف تكون قيمة التركة هل تحسب بقيمتها السابقة ؟
أحد الأطراف الوارثة يقول : بأن التركة يجب أن تكون هي منزلنا الذي نسكن فيه الآن ؛ علي أساس أن والدي اشتري بيتنا بعد أن باع الأرض ، واتفق مع الأطراف علي أن يأخذ هذا المال ويرد المال لاحقا ، واشترى لنا منزلنا الذي نسكن فيه الآن .
الجواب :
الحمد لله
إذا كان المتوفى ترك أرضا، وبيعت قبل عشرين عاما بخمسة آلاف، ثم إن أباك أخذ هذا المال لحاجته، برضى بقية الورثة، فإنه يكون دينا عليه باستثناء نصيبه منه.
فلا يقال الآن إن التركة أرض، وإنما هي الخمسة آلاف التي أخذها والدك.
وانخفاض قيمة العملة لا يؤثر، ما دامت العملة قائمة لم تُلْغ، وما دام والدك قد أخذ المال عن رضا، ولم يكن قادرا على السداد وماطل في سداده ؛ فيلزمه الآن سداد المال بمثله ، ولو انخفضت قيمته .
لكن إن استطاع أن يعوض إخوانه ويكرمهم ، مراعيا إحسانهم وصبرهم، فليفعل، فقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( فَإِنَّ خَيْرَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً) رواه البخاري (2390) ومسلم (1601).
جاء في "قرار مجمع الفقه الإسلامي" رقم: (42) ، ( 4/5) :
" العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما : هي بالمثل ، وليس بالقيمة؛ لأن الديون تقضى بأمثالها، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة أيا كان مصدرها بمستوى الأسعار " انتهى.
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء
: "يجب على المقترض أن يدفع الجنيهات التي اقترضها وقت طلب صاحبها، ولا أثر لاختلاف القيمة الشرائية، زادت أو نقصت"
انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (14/146) .
وأما من أخذ المال غصبا، أو ماطل في السداد، ونقصت قيمته الثلثَ فأكثر، فإنه يلزمه تعويض المدين، وذلك برد المال بحسب قيمته يوم أخذه ، وكم كانت قوة شرائه ، أو ما يساوي من الذهب في ذلك الوقت، كما بيناه في جواب السؤال القادم
والله أعلم.
*عبدالرحمن*
2018-06-28, 05:40
هل يرد الدين والمسروقات بمثلها يوم الدين أم بقيمتها اليوم ؟
السؤال:
أود الاستفسار عن كيفية رد الحقوق إلى أصحابها بعد تغير الأسعار ونزول قيمة العملة .
فهل ترد الديون والمسروقات بنفس قدرها وقت الدين أو السرقة أم بحسب قيمتها الآن ؟
لأن قيمة العملة تغيرت كثيرا ، يعني مثلا :أن 100 دينار في عام 1970 ، تساوي 1000 دينار الآن.
الجواب
الحمد لله :
أولاً :
إذا كان الدَّين الثابت في الذمَّة من الأشياء العينية التي لها قيمة ذاتية ولها ما يماثلها ، كالأشياء التي تُقدَّر بالكيل أو الوزن ، والذهب والفضة : فالذي عليه عامة العلماء وجوب رد المثل دون نظرٍ لتغير القيمة والسعر بين يوم الدين ويوم السداد .
قال ابن قدامة :
" الْمُسْتَقْرِض يَرُدُّ الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيَّاتِ ، سَوَاءٌ رَخُصَ سِعْرُهُ أَوْ غَلَا ، أَوْ كَانَ بِحَالِهِ"
انتهى من " المغني" (6/441) .
وقال : " وَيَجِبُ رَدُّ الْمِثْلِ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ ، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا "
انتهى من " المغني" (6/434).
وكذلك الحكم فيما يتعلق بالأعيان المسروقة والمغصوبة ، فإنَّه يرد مثلها دون اعتبار لتغيُّر الأسعار عند جمهور العلماء.
وذهب الإمام أبو ثور والإمام أحمد في رواية اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية : أن الواجب على الغاصب في حال رخص السعر : ضمان نقص السعر .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (25/10) : " ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْغَاصِبِ ضَمَانُ نَقْصِ قِيمَةِ الْعَيْنِ بِسَبَبِ تَغَيُّرِ الأْسْعَارِ.
وَحُكِيَ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ النَّقْصَ ؛ لأِنَّهُ يَضْمَنُ النَّقْصَ إِذَا تَلِفَتِ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبَةُ ، فَكَذَلِكَ يَضْمَنُهُ إِذَا رَدَّ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ بَعْدَمَا نَقَصَ سِعْرُهَا" انتهى
وقال المرداوي :
" وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الْعَيْنِ ؛ لِتَغَيُّرِ الْأَسْعَارِ : لَمْ يَضْمَنْ [ أي الغاصب] ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ.
وعَنْهُ [ يعني : الإمام أحمد] : يَضْمَنُ ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ابن تيمية رَحِمَهُ اللَّهُ "
انتهى من "الإنصاف" (6/ 155)
وقال الشيخ ابن عثيمين :
" والصواب أن ما نقص بالسعر فهو مضمون ؛ وذلك لأن هذه السلعة كانت تساوي خمسين ألفاً ، والآن لا تساوي إلا أربعين ، فهو قد حال بين صاحبها وبين هذه الزيادة ، فيلزمه النقص .
.. فالصواب أن ما نقص بالسعر فهو مضمون كالذي ينقص بالعين أو الوصف ، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ".
انتهى من "تعليقات ابن عثيمين على الكافي" (5/343، بترقيم الشاملة آليا).
ثانياً :
أما إذا كان الدين الثابت في الذمة بإحدى العملات الورقية الجاري التعامل بها في هذا الزمن ، ثم نقص سعرها قبل السداد : فإذا كان النقص في قيمة العملة يسيراً لا يبلغ ثلث قيمة الدَّين ، فالواجب رد مثل النقود التي أخذها عدداً ، دون زيادة ولا نقصان .
وتعد هذه الحال مندرجةً تحت "قرار مجمع الفقه الإسلامي" رقم: (42) ، ( 4/5) :
" العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما هي بالمثل وليس بالقيمة ؛ لأن الديون تقضى بأمثالها ، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة أيا كان مصدرها بمستوى الأسعار " . انتهى
*عبدالرحمن*
2018-06-28, 05:41
ثالثاً :
وأما إذا كان التغير في قيمة العملة كثيراً ، فقد اختلف العلماء المعاصرون في الواجب سداده على المدين في حال انخفاض قيمة العملة انخفاضاً شديداً ، هل يرد المثل أم القيمة ؟.
وسبب الخلاف : أن النقود الورقية والعملات الجاري التعامل بها في هذا الزمن ليس لها قيمة ذاتية ، وإنما تكتسب قيمتها الاعتبارية من تعامل الناس بها واعتراف الدول والتزامهم بقبولها .
وقد بحث "مجمع الفقه الإسلامي" هذه المسألة في أكثر من دورة ( الثالثة ، والخامسة ، والثامنة ، والتاسعة ، والثانية عشرة) ، وكانت مجمل الآراء في المسألة ترجع إلى ثلاثة أقوال :
الأول : التمسك بالأصل من وجوب رد المثل ، مهما كان حجم الانخفاض في قيمة العملة ما دام التعامل بهذه العملة جارياً بين الناس .
وقد اختار هذا القول كثير من العلماء المعاصرين ، منهم : الشيخ ابن باز ، والشيخ ابن عثيمين ، والشيخ الصديق محمد الأمين الضرير ، والشيخ علي السالوس ، وعليه فتوى اللجنة الدائمة.
\
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
"يجب على المقترض أن يدفع الجنيهات التي اقترضها وقت طلب صاحبها ، ولا أثر لاختلاف القيمة الشرائية ، زادت أو نقصت"
انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (14/146) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" إذا كانت الفلوس قد ألغيت واستبدلت بعملة أخرى : فله أن يطالب بقيمتها في ذلك الوقت أو بقيمتها حين ألغيت ، وأما إذا بقيت العملة على ما هي عليه فليس للمُقرض إلا هذه العملة سواء زادت أم نقصت ... [ كما] لو أقرضه صاعاً من البر قبل سنوات وكان الصاع يساوي خمسة ريالات ثم نزل إلى ريالين مثلاً
فهل يقول أعطه الصاع وأعطه ثلاثة ريالات ، لا ليس له إلا الصاع ، فالأشياء المثلية لا يلزم فيها إلا رد المثل، وكذلك النقود ما لم تلغ المعاملة بها"
انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (72/9، بترقيم الشاملة آليا) .
القول الثاني : وجوب رد قيمة العملة وقت نشوء الالتزام [أي : وقت أخذ الدين] ( إما من خلال مراعاة القوة الشرائية للنقود ، أو مراعاة قيمة النقود بالذهب وقت الدين).
وقال بهذا القول كثير من العلماء والباحثين المعاصرين ، ومنهم : الشيخ الألباني ، والشيخ مصطفى الزرقا ، والشيخ عبد الله البسام ، والشيخ محمد سليمان الأشقر ، والشيخ عبد الرحمن البراك ، والشيخ محمد المختار السلامي ، والشيخ علي القرة داغي ، والشيخ وهبة الزحيلي .
ينظر : " مجلة مجمع الفقه الإسلامي" الأعداد ( 3 ، 5، 8، 9 ، 12) .
قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى :
"لو أنك أقرضتني مائة دينار قبل سنة ، واليوم المائة دينار تساوي خمسين دينارا ، الخمسون دينارا لا يشتري ما كنت أشتريه بالمائة دينار اليوم ، من القمح والشعير واللبن والأشياء الضرورية من ضروريات الحياة ، فضلاً عن غيرها ، فلا يجوز لي أن أكون شكلياً ظاهرياً ، فأوفيك مائة دينار
وأقول لك : يا أخي أنا هذا الذي استقرضته منك ، وهذا هو أنقده لك نقدا".
وقال : " وإنما يرد له الدينار بقوته الشرائية يوم استقرضه ".
انتهى من " سلسلة الهدى والنور" شريط رقم (285) ما بعد الدقيقة (57) .
القول الثالث: أن يؤخذ في مثل هذه الحالات بمبدأ الصلح الواجب ، بعد تقدير أضرار الطرفين (الدائن والمدين) ، أي : يتم التراضي بينهما على مبلغ يدفعه المدين .
ومن توصيات "الندوة الفقهية الاقتصادية لدراسة قضايا التضخم" التي عقدها مجمع الفقه الإسلامي بجدة بالتعاون مع مصرف فيصل الإسلامي بالبحرين في عام (1420 هـ ، 1999م) :
" إن كان التضخم عند التعاقد غير متوقع الحدوث وحدث، فإما أن يكون وقت السداد كثيرًا أو يسيرًا ، وضابط التضخم الكثير أن يبلغ ثلث مقدار الدين الآجل :
1- إذا كان التضخم يسيرًا فإنه لا يعتبر مسوغًا لتعديل الديون الآجلة ؛ لأن الأصل وفاء الديون بأمثالها ، واليسير في نظائر ذلك من الجهالة أو الغرر أو الغَبْن مغتفر شرعًا .
2- وإذا كان التضخم كثيرًا ، فإن وفاء الدين الآجل حينئذ بالمثل ( صورةً ) يُلحق ضررًا كثيرًا بالدائن يجب رفعه ، تطبيقًا للقاعدة الكلية ( الضرر يزال ) .
والحل لمعالجة ذلك هو اللجوء إلى : الصلح .
وذلك باتفاق الطرفين على توزيع الفرق الناشئ عن التضخم بين المدين والدائن بأي نسبةٍ يتراضيان عليها "
انتهى من " مجلة مجمع الفقه الإسلامي" (12/4/286) بتصرف يسير .
والذي يظهر - والله أعلم - أن أقرب الأقوال في هذه المسألة هو القول بوجوب رد القيمة أو الصلح بين الطرفين إذا كان التغير كثيراً يصل إلى الثلث .
وتم اعتماد الثلث فاصلاً بين اليسير والكثير ؛ لأن الشرع اعتبره في كثير من المسائل حداً فارقاً بين القلَّة والكثرة .
قال ابن قدامة
: " وَالثُّلُثُ قَدْ رَأَيْنَا الشَّرْعَ اعْتَبَرَهُ فِي مَوَاضِعَ : مِنْهَا ؛ الْوَصِيَّةُ ، وَعَطَايَا الْمَرِيضِ ، وَتَسَاوِي جِرَاحِ الْمَرْأَةِ جِرَاحَ الرَّجُلِ إلَى الثُّلُثِ.
قَالَ الْأَثْرَمُ : قَالَ أَحْمَدُ : إنَّهُمْ يَسْتَعْمِلُونَ الثُّلُثَ فِي سَبْعَ عَشَرَةَ مَسْأَلَةً .
وَلِأَنَّ الثُّلُثَ فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ ، وَمَا دُونَهُ فِي حَدِّ الْقِلَّةِ ، بِدَلِيلِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوَصِيَّةِ : (الثُّلُثُ ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ) ، فَيَدُلُّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ آخِرُ حَدِّ الْكَثْرَةِ ، فَلِهَذَا قُدِّرَ بِهِ "
انتهى من " المغني" (6/179) .
رابعاً :
القول برد القيمة أو الصلح بين الطرفين لتوزيع الأضرار يتوافق مع عمومات النصوص الشرعية الآمرة بالعدل والإنصاف ، ورفع الضرر ، والنهي عن الظلم .
وأما القول برد المثل مع وجود التغير الكبير في قيمة العملة فيشكل عليه :
1= أن فيه ضرراً على الدائن ، ويخالف مقتضى العدل وما جاءت به الشريعة من دفع الضرر ورفعه .
2= أن فيه مراعاة للصورة الظاهرة الشكلية للنقود ، دون اعتبار للمعنى الحقيقي لها ، فالمثلية الحقيقية لا تتحقق في هذه النقود إلا بتماثل قوتها الشرائية ، وهذا متعذر في حال تغير قيمة العملة تغيراً كثيراً .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح المحرر
: " إذا أقرضه أو غصبه طعاماً ، فنقصت قيمته فهو نقص النوع ، فلا يجبر على أخذه ناقصاً فيرجع إلى القيمة ، وهذا هو العدل ، فإن المالين إنما يتماثلان إذا استوت قيمتهما ، وأما مع اختلاف القيمة : فلا تماثل ".
انتهى ، نقله عنه البهوتي في "المنح الشافيات" صـ 443 .
وقال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن
أبا بُطَيْن مفتى الديار النجدية في عهده : " وأما رخص السعر، فكلام الشيخ صريح في أنه يوجب رد القيمة أيضاً ; وهو أقوى ، فإذا رُفع إلينا مثل ذلك ، وسطنا بالصلح بحسب الإمكان "
انتهى من " الدرر السنية " (6/206)..
وكذا قال الشيخ حسن بن حسين آل الشيخ عن قول شيخ الإسلام : "وهو المعتمد لدينا في الفتوى"
انتهى من " الدرر السنية" (7/212).
وقال الشيخ عبد الله البسام رحمه الله تعالى
: " واختار الشيخ تقي الدين وشمس الدين ابن القيم وبعض علماء الدعوة النجدية السلفية : أن النقد إذا غلا أو رخص أو كسد ، فإن للدائن القيمة كما لو حرَّمها ولي الأمر ، وألحق الشيخ تقي الدين سائر الديون بالقرض وتابعه كثير من الأصحاب"
انتهى نقلا من " مجلة مجمع الفقه الإسلامي" (9/2/443).
وقال الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى
: " أما إذا كسدت وبلغ من كسادها ما يكون سبباً في الإجحاف بمال المقرض ، فحينئذ لا يجزئ السداد بها ، بل يجب تقويمها يوم الإقراض ، فتجب معادلة الجنيه بالدولار يوم الاقتراض، وإيفاء القرض على هذا الأساس، أو الاصطلاح مع المقرض".
تاريخ الفتوى: 19-11-1425 هـ.
3= لا يصح قياس العملات الورقية على ما ذكره العلماء من وجوب رد المثل في الذهب والفضة ؛ لأن الدنانير الذهبية والدراهم الفضية لا تبطل قيمتها بحال
وقد ترخص بنسبة معينة لكنها لا تفقد قيمتها ، ولذا لا ضرر في ردها بالمثل ، بخلاف العملات الورقية فهي مجرد أوراق لا قيمة لها في ذاتها لولا اعتراف الدول بها .
*عبدالرحمن*
2018-06-28, 05:43
خامساً :
إذا كان الحق ثابتاً في الذمة بسبب غصبٍ أو سرقةٍ أو مماطلةٍ في أداء الدين ، فيتوجب القول برد القيمة ؛ لأن الغاصب والسارق والمماطل معتدٍ ، فيتحمل كامل الضرر الناتج عن اعتدائه .
فـ " الغاصب يضمن الأوراق النقدية بقيمتها إذا طرأ تضخم نقدي أو زادت نسبته ، إذا كان تضخماً يَلْحق الأوراق النقدية فيه نقصٌ لا يتسامح الناس بالتغابن في مثله عادة ".
انتهى من كتاب "التضخم النقدي" للشيخ خالد المصلح (صـ 222).
وأما إذا كان الحق الثابت في الذمة ناشئاً عن معاملة تراضى عليها الطرفان كالقرض الحسن ، وثمن المبيع ، والمهر المؤجل ، فيتأكد القول بوجوب المصالحة بين الطرفين ، بتوزيع الضرر عليهما بالنسبة التي يتراضيان عليها ؛ لأن المدين لا ذنب له في التغير الفاحش الذي طرأ على العملة .
ولأن الإلزام بدفع المثل فيه ضرر بيِّن على الدائن ، والإلزام بدفع القيمة فيه ضرر بيِّن على المدين ، والعدل يقتضي أن لا يُخص أحدهما بالضرر ، بل يتوزع الضرر عليهما بالصلح .
والصلح وإن كان في أصله مندوباً ليس واجباً ، لكن قد يَعرض له من العوارض ما يجعله واجباً متحتماً على كلا الطرفين .
قال ابن عرفة : " وَهُوَ - أَيْ : الصُّلْحُ - مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ ، وَقَدْ يَعْرِضُ وُجُوبُهُ عِنْدَ تَعْيِينِ مَصْلَحَةٍ "
. نقله عنه في "مواهب الجليل" (5/80).
سادساً :
في الحال التي قيل فيها بوجوب السداد بحسب قيمة الدين يوم ثبوته في الذمة ، فالواجب أن يكون السداد بعملة أخرى درءاً للوقوع في صورة الربا من سداد القرض بأكثر منه عدداً من جنسه.
قال المرداوي
: " قَوْلُهُ ( فَيَكُونُ لَهُ الْقِيمَةُ ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ مِمَّا يَجْرِي فِيهِ رِبَا الْفَضْلِ ، فَإِنَّهُ يُعْطِي مِمَّا لَا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا ، فَلَوْ أَقْرَضَهُ دَرَاهِمَ مُكَسَّرَةً [ أي من الفضة ] ، فَحَرَّمَهَا السُّلْطَانُ : أَعْطَى قِيمَتَهَا ذَهَبًا ، وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ.
صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ، وَالْمُبْهِجِ ، وَهُوَ وَاضِحٌ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَلَهُ الْقِيمَةُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ ".
انتهى من "الإنصاف" (5/127).
وقال البهوتي :
" وله الطلب بقيمة ذلك يوم القرض ، وتكون من غير جنس النقد إن أفضى إلى ربا الفضل ، فإذا كان دراهم أعطى عنها دنانير ، وبالعكس ؛ لئلا يؤدي إلى الربا ".
انتهى من " المنح الشافيات بشرح مفردات الإمام أحمد" (1/439).
والحاصل :
أن الواجب على الغاصب والسارق رد العملة بحسب قيمتها يوم الغصب والسرقة ، وإن كان المسروق من الأشياء العينية فإنه يضمن ما طرأ عليها من نقص في السعر.
وأما الديون الأخرى ، فيفرق فيها بين التغير اليسير والتغير الكثير في قيمة العملة : فإن كان التغير يسيراً لا يصل إلى ثلث الدين : فالواجب رد المثل ، ولا ينظر إلى القيمة .
وأما إذا كان التغير كثيراً يصل إلى الثلث فأكثر : فالواجب الصلح بينهما بتوزيع الضرر على الطرفين .
وفي حال الرجوع للقيمة : يتم تقديرها بحسب سعر الذهب وقت الدين أو بحسب قوة النقد الشرائية في ذلك الوقت ، ويكون السداد بعملة مختلفة عن العملة التي تم بها القرض .
والله أعلم
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-07-02, 17:32
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
كيفية أداء مؤخر الصداق عند انخفاض قيمة العملة
السؤال:
يرجى التفضل بإعلامي عن كيفية احتساب مؤخر صداق زوجة مات عنها زوجها ، وكان مؤخر صداقها 600 دينار عراقي عام 1950م ، وبعلمكم تغير قيمة العملة العراقية ، وهبوط قيمتها في الوقت الحاضر ، حيث أصرت الزوجة على احتساب المؤخر بالذهب ، علما أن سعر مثقال الذهب في حينه 2 دينار
والمثقال 5غرامات ، أي أنها تطلب مؤخرها كيلو ونص ذهب بالسعر الحالي ، مما حجب كل التركة عن أولادها الخمسة ، يرجى إعلامنا هل يجوز ذلك شرعا ؟ وكيفية احتساب المؤخر؟
الجواب :
الحمد لله
مؤخر الصداق كغيره من الديون، الأصل فيه سداده بالعملة المتفق عليها، دون مراعاة لارتفاع قيمتها أو انخفاضها، ما دامت العملة قائمة لم تلغ.
وهذا ما عليه جمهور أهل العلم.
وذهب بعضهم إلى أنه إن نقصت القيمة نقصا كثيرا يصل إلى الثلث، فإن الدين يسدد بقيمته وقت نشوء التزامه، وهو عقد النكاح هنا.
وذهب بعض أهل العلم إلى وجوب الصلح في هذه الحالة.
وقد سبق بيان هذه الأقوال وأدلتها في جواب السؤال السابق كما بينا أن أقرب الأقوال في هذه المسألة هو القول بوجوب رد القيمة ، أو الصلح بين الطرفين إذا كان التغير كثيراً يصل إلى الثلث .
ومن توصيات "الندوة الفقهية الاقتصادية لدراسة قضايا التضخم" التي عقدها مجمع الفقه الإسلامي بجدة بالتعاون مع مصرف فيصل الإسلامي بالبحرين في عام 1420 هـ ، 1999م :
" إن كان التضخم عند التعاقد غير متوقع الحدوث ، وحدث، فإما أن يكون وقت السداد كثيرًا أو يسيرًا ، وضابط التضخم الكثير أن يبلغ ثلث مقدار الدين الآجل :
1. إذا كان التضخم يسيرًا فإنه لا يعتبر مسوغًا لتعديل الديون الآجلة ؛ لأن الأصل وفاء الديون بأمثالها ، واليسير في نظائر ذلك من الجهالة أو الغرر أو الغَبْن مغتفر شرعًا.
2. وإذا كان التضخم كثيرًا ، فإن وفاء الدين الآجل حينئذ بالمثل ( صورةً ) يُلحق ضررًا كثيرًا بالدائن يجب رفعه ، تطبيقًا للقاعدة الكلية ( الضرر يزال ).
والحل لمعالجة ذلك هو اللجوء إلى : الصلح.
وذلك باتفاق الطرفين على توزيع الفرق الناشئ عن التضخم بين المدين والدائن بأي نسبةٍ يتراضيان عليها "
انتهى من " مجلة مجمع الفقه الإسلامي" (12/4/286) بتصرف يسير.
وعليه : فنرى أن يتم الصلح بين الزوجة وأولادها على توزيع الفرق الناشيء عن انخفاض العملة بينهم بالتراضي.
والله أعلم.
*عبدالرحمن*
2018-07-02, 17:37
الفرق بين القرض والبيع
السؤال
: أخذتُ من بعض الأخوات مقدارا من الذهب كقرض حسن ، و تعهدتُ بإرجاعه بعد مده من الزمن ذهبا ( وزناً بوزن ) . أرجو أن تبينوا لنا : هل يدخل ذلك في باب الربا ؟ و جزاكم الله خيرا
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
جاءت النصوص المتكاثرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في بيان أجناس الربا ، وأنواعه ، ومنها حديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ) رواه مسلم (1587) .
ثانيا :
القرض جائز ، ومندوب إليه ، بإجماع المسلمين ، سواء في الأموال الربوية ، أو غيرها .
قال ابن القطان في " الإقناع في مسائل الإجماع" (ص197) :
" وأجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن استقراض الدنانير والدراهم ، والقمح والشعير والتمر والذهب ، وكل ما له مثل من سائر الأطعمة المكيل منها والموزون : جائز " انتهى .
ثالثا :
استشكل السائل قرض الذهب بالذهب بناء على أنه مبادلة ربوي بجنسه مع تأخر القبض .
والجواب عن ذلك من وجوه :
الأول : أن النصوص في اشتراط التقابض " يداً بيد " إنما هي في البيع " فبيعوا كيف شئتم " ، وليس فيها ذكر للقرض .
الثاني : أن القرض تبرع وإرفاق وإحسان بخلاف البيع فإنه مبادلة أصل المال من غير إرجاع .
قال ابن القيم رحمه الله في "إعلام الموقعين عن رب العالمين" (2/11) :
" وأما القرض فمن قال إنه على خلاف القياس فشبهته أنه بيع ربوي بجنسه مع تأخر القبض ، وهذا غلط ؛ فإن القرض من جنس التبرع بالمنافع كالعارية ؛ ولهذا سماه النبي صلى الله عليه وسلم منيحة فقال: "أو منيحة ذهب أو منيحة ورق" وهذا من باب الإرفاق لا من باب المعاوضات
فإن باب المعاوضات يعطي كل منهما أصل المال على وجه لا يعود إليه ، وباب القرض من جنس باب العارية والمنيحة ... وليس هذا من باب البيع في شيء بل هو من باب الإرفاق والتبرع والصدقة " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع على زاد المستقنع (9/93) :
(وهو عقد إرفاق يقصد به تمليك المُقرَض للمقترض، أي: تمليك الرجل الذي أقرضتَه لِمَا تُقْرِضُه ... فهو إذاً عقد إرفاق ولا يقصد به المعاوضة والمرابحة، وإنما هو إحسان محض، ولهذا جاز القرض مع أن صورته صورة ربا، فإنه إذا باع درهماً بدرهم ولم يحصل بينهما تقابض : كان ربا، وإذا أقرضه درهماً وبعد شهر أعطاه إياه : لم يكن ربا، مع أن الصورة صورة ربا ، ولا يختلف إلا بالقصد، ولما كان المقصود بالقرض الإرفاق والإحسان صار جائزاً) .
الثالث : معلوم أن الناس يقترضون من بعضهم النقود والدراهم والدنانير وسائر الأموال والأمتاع كالشعير والإبل ... ويردون مثلها منذ عهد النبوة إلى اليوم ، ولا يقال إن هذا ربا فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ بِنَسِيئَةٍ وَرَهَنَهُ دِرْعًا لَهُ مِنْ حَدِيدٍ )
رواه البخاري (2251) ، ومسلم (1603) . – والشعير من الأجناس الربوية - .
ولو أوجبنا التقابض في القرض لانعدم القرض في الأموال الربوية جميعها .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-07-02, 17:40
هل التأخر في سداد الدين يعتبر صدقة للدائن ؟
السؤال:
سمعت أحد شيوخ السلف في إحدى الفضائيات يقول : بأنه عند تأخر المدين في سداد ما عليه من نقود للدائن ، فإنه يحتسب للدائن كأنه يتصدق كل يوم بقيمة الدين حتى السداد ، فهل هذا صحيح ؟
الجواب :
الحمد لله
أمر الله تعالى بإنظار المعسر حيث لم يجد وفاء فقال : ( وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ) البقرة/ 280.
ثم ندب إلى الوضع عنه والتصدق عليه به أو ببعضه فقال : ( وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) البقرة/ 280 .
وروى مسلم (3014) عن أبي الْيَسَرِ رضي الله عنه عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عَنْهُ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ ) .
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من أنظر معسرا كان له بكل يوم مثل قرضه صدقة قبل أن يحل ميعاد الدين ، وله مِثْلَا قرضه صدقة بعد حلول الدين عن كل يوم من أيام التأجيل والتوسعة على المدين ؛ وذلك ترغيبا في إعانة المسلم وإنظار المعسر لئلا يلجئه إلى التعامل بالربا المحرم الذي يوبق عليه كسبه ويؤذنه بحرب من الله ورسوله ، أو يضيق عليه أمره ، ويوقعه في الحرج .
روى الإمام أحمد (22537) عَنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلِهِ صَدَقَةٌ ) قَالَ ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ : ( مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ ) قُلْتُ : سَمِعْتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَقُولُ مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلِهِ صَدَقَةٌ ، ثُمَّ سَمِعْتُكَ تَقُولُ مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ ؟ قَالَ : ( لَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الدَّيْنُ ، فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ فَأَنْظَرَهُ فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ ) .
والحديث صححه الألباني في "الصحيحة" (86) ، ومحققو المسند ، ط الرسالة .
فالذي سمعته من أنه يحتسب للدائن كأنه تصدق بقيمة قرضه الذي أقرضه أخاه المسلم كل يوم : إنما هو قبل حلول أجل الدين ، فإذا حل الدين ولم يزل المدين معسرا غير قادر على السداد ، فسمح له صاحب الدين ، وأفسح له في الأجل : فإن له بكل يوم من أيام إنظاره صدقة بقدر ضعف ماله الذي أقرضه أخاه ، حتى يوفيه دينه الذي عليه .
وفي هذا من الشرع الحكيم ومن رحمة الله بعباده ما هو ظاهر بأدنى تأمل .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-07-02, 17:47
كيف يقضي دينه وهو لا يستطيع الوصول إلى صاحبه ؟
السؤال :
أنا واثنان من أصدقائي كنا قادمين من بلد ما ولم يكن معنا نقود, فقابل صديق من أصدقائي شخصا يعرفه, فاقترض منه نقوداً لنا؛ لكي ندفع ثمن المواصلات ( لكل منا عشرة جنيهات ) ، علي أساس أننا سنردها فيما بعد . وذلك منذ فترة بعيدة , والآن أنا لا أعرف هل أنا ملزم برد العشرة جنيهات خاصتي أم لا ؟
وإذا كنت ملزما بذلك , فلمن أردها ؟
لصديقي أم لصديق صديقي الذي أقرضه المال ؟
ملاحظات: صديقي أخلاقه سيئة جداً ، وأنا على شبه يقين أني إذا أعطيته النقود ليردها للرجل , فلن يردها ، مع العلم أني قاطعته نهائيا منذ عدة سنوات بعد خلاف كبير بيننا . 2- الرجل المقرض ليس ببلدي، ولا أعرف له عنوانا. يمكن أن أعثر عليه، ولكن بعد عنا
الجواب:
الحمد لله
إن كان صاحبك هذا قد أخذ المال من صديقه على وجه القرض: فلا شك أنكم ملزمون برد ما اقترضتم، كل ملزم بما يخصه من هذا المال .
فإن كان صاحب المال لا يعرف منكم أحدا ، كما هو ظاهر الحال التي ذكرتها ، وإنما صاحبه هذا قد اقترض منه باسمه ، فهو الضامن لهذا المال ، وأنتم ملزمون برده لهذا المقترض ، وسواء أكان أمينا عليه ، أو لا ؛ فهو المؤتمن عليه من صاحب المال ، على كل حال ؛ وصاحب المال هو المسئول عن استئمانه إن لم يكن أهلا لذلك .
وبإمكانك أن تعرف من صاحبك هذا إن كان ما زال على اتصال بصاحب المال أولا ، وأن تطلب منه رقم هاتفه إن كان عنده ، ثم تسأل صاحب المال : ماذا تفعل في ماله الذي عندك؟
وأما إن كان الدين قد أخذه صاحبك بوجاهته ، على أن كل واحد منكم مسئول بعد ذلك عن رد نصيبه من القرض لصاحب المال : فالواجب عليكم رد الدين للمُقِرض ، خاصة إذا أخبرك أنه قد أدى المال لصاحبه ، نيابة عنكم .
فإن لم يُعثر على صاحب الدين..بعد البحث ويئست من العثور عليه، فالواجب عليك أن تتصدق بهذا المال عن صاحبه ، وبهذا تبرأ ذمتك إن شاء الله، فإن جاءك هو أو وارثه يوماً من الدهر، فخيره بين إمضاء الصدقة أو سداد القرض، فإن اختار الإمضاء فالحمد لله ، وإن أبى ذلك وطالب بنقوده ، ضمنتها له وصار ما دفعته صدقة لك.
سئل علماء "اللجنة الدائمة" (14/41):
" نفيد سماحتكم بأنه يوجد عندنا مبالغ لأشخاص غير معروفين، ولا يوجد لهم لدينا عناوين أو تليفونات، وإنما أسماء فقط، ومضى عليها من 5- 10 سنوات، ولم يراجعنا أحد لطلبها، وننقلها من دفتر لآخر كل عام، وقد يئسنا من اتصالهم بنا أو حصولنا عليهم، لذلك أحببنا أن نستفتي سماحتكم في حكم هذه المبالغ، وما هي الطريقة التي يمكن معالجة هذه المبالغ بها؟
فأجابوا: إذا كان الواقع كما ذكر من عدم معرفة عناوينهم أو أرقام تليفوناتهم، وإنما تعرفون أسماءهم فقط، فاضبطوا مقدار ما يخص كلا منهم من المبالغ، ثم تصدقوا بها عنهم، فإن جاءكم منهم أحد فأخبروه بما فعلتم، فإن رضي بذلك فالحمد لله، وإن طلب حقه فأعطوه إياه ولكم الأجر وتبرأ ذمتكم " انتهى .
هذا هو الحكم العام في مثل الحال المذكورة ، مع أنه لا يظهر لنا أن المبلغ المذكور مما تبقى همة صاحبه متعلقة به ، خاصة مع طول الزمان المذكور ، بل هو كاللقطة اليسيرة التي لا تتبعها همة أوساط الناس ، ولا يظهر لنا أنه يلزم تكلف الانتقال لأجل ذلك من بلد إلى بلد ، أو تحمل مشقة وعناء زائد لأجله . وهذا أرجى لأن تبرأ ذمتك بالصدقة عنه ، إن شاء الله .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-07-02, 17:51
مذاهب العلماء في زكاة الدَّيْن، والراجح من أقوالهم
السؤال
دخلت مع أحد الأشخاص كشريك مساهم بالمال فقط ، وهو يتولى العمل ، ولكنني لم يعجبني العمل ، فلم أطلب منه أي فوائد ، كما أنه لم يعطني شيئاً ، بعد ثلاث سنوات طلبت منه أن يعطيني المال الذي أعطيته
ولكنه يقول : إن ظرفه لا يسمح له في الوقت الحالي ، ويبرم لي مواعيد من حين لآخر ، غير أني متأكد من أنه سيرد لي هذا المال ، إلا أني أتساءل ما إذا كان على هذا المبلغ من زكاة يجب دفعها
الجواب
الحمد لله
الدَّين الذي للمسلم على غيره لا يخلو من أن يكون على أحد حالين :
الأولى : أن يكون عند مقرٍّ به ، معترف بمقداره ، باذل له .
والثانية : أن يكون عند معترف به ، لكنه معسر ، أو مماطل ، أو يكون عند جاحد له .
ففي الحال الأولى : يزكي الدَّين بإضافته إلى ما معه من مال ، فيزكي عن جميع ماله ، وذلك كل عام ، ولو لم يقبضه من المدين ؛ لأنه بمثابة الوديعة ، ويجوز له أن يؤجل أداء زكاة الدَّيْن لحين قبضه ، ويؤدي زكاته عن الأعوام كلها .
وفي الحال الثانية : ليس عليه زكاة ، لكنه إذا قبضه فالأحوط له : أن يزكيه عن عامٍ واحد ، ولو مكث عند المعسر ، أو المماطل ، أو الجاحد ، أعواماً عديدة .
هذا ملخص للراجح من أقوال العلماء في هذه المسألة ، وهناك اختلاف بينهم فيما ذكرنا من مسائل ، وهذا عرض مختصر لأقوالهم في ذلك :
جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 23 / 238 ، 239 ):
"الدَّيْن مملوك للدائن ، ولكنه لكونه ليس تحت يد صاحبه : فقد اختلفت فيه أقوال الفقهاء : فذهب ابن عمر ، وعائشة ، وعكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهم : إلى أنه لا زكاة في الدَّين ، ووجهه : أنه غير نامٍ ، فلم تجب زكاته ، كعروض القُنية - وهي العروض التي تقتنى لأجل الانتفاع الشخصي - .
وذهب جمهور العلماء : إلى أن الدَّيْن الحالَّ قسمان : دين حال مرجو الأداء ، ودين حال غير مرجو الأداء .
فالدَّين الحالُّ المرجو الأداء : هو ما كان على مقرٍّ به ، باذلٍ له ، وفيه أقوال : فمذهب الحنفية ، والحنابلة ، وهو قول الثوري : أن زكاته تجب على صاحبه كلَّ عام ؛ لأنه مال مملوك له ، إلا أنه لا يجب عليه إخراج الزكاة منه ما لم يقبضه ، فإذا قبضه زكاه لكل ما مضى من السنين .
ووجه هذا القول : أنه ديْن ثابت في الذمة ، فلم يلزمه الإخراج قبل قبضه ؛ ولأنه لا ينتفع به في الحال ، وليس من المواساة أن يخرج زكاة مال لا ينتفع به ، على أن الوديعة التي يقدر صاحبها أن يأخذها في أي وقت ليست من هذا النوع ، بل يجب إخراج زكاتها عند الحول .
ومذهب الشافعي في الأظهر ، وحماد بن أبي سليمان ، وإسحاق ، وأبي عبيد : أنه يجب إخراج زكاة الديْن المرجو الأداء في نهاية كل حول ، كالمال الذي هو بيده ، لأنه قادر على أخذه والتصرف فيه .
وجعل المالكية الديْن أنواعا : فبعض الديون يزكَّى كل عام ، وهي دين التاجر المدير [أي الذي يبيع ويشتري للتجارة] عن ثمن بضاعة تجارية باعها .
وبعضها يزكَّى لحولٍ من أصله لسنَة واحدة عند قبضه ، ولو أقام عند المدين سنين ، وهو ما أقرضه لغيره من نقد ، وكذا ثمن بضاعة باعها محتكر .
وبعض الديون لا زكاة فيه ، وهو ما لم يقبض ، من نحو هبة ، أو مهر ، أو عوض جناية .
وأما الديْن غير المرجو الأداء : فهو ما كان على معسرٍ ، أو جاحد ، أو مماطل ، وفيه مذاهب : فمذهب الحنفية فيه ، وهو قول قتادة وإسحاق ، وأبي ثور ، ورواية عن أحمد ، وقول للشافعي : أنه لا زكاة فيه ؛ لعدم تمام المِلك ؛ لأنه غير مقدور على الانتفاع به .
والقول الثاني : وهو قول الثوري ، وأبي عبيد ورواية عن أحمد ، وقول للشافعي هو الأظهر : أنه يزكيه إذا قبضه لما مضى من السنين ؛ لما روي عن علي رضي الله عنه في الدين المظنون : (إن كان صادقا فليزكه إذا قبضه لما مضى) .
وذهب مالك إلى أنه: يزكيه إذا قبضه لعامٍ واحد وإن أقام عند المدين أعواماً ، وهو قول عمر بن عبد العزيز ، والحسن والليث ، والأوزاعي" انتهى باختصار يسير .
والذي رجحناه هنا : هو ما يفتي به علماء اللجنة الدائمة للإفتاء ، والشيخ محمد بن صالح العثيمين.
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بعد عرض الأقوال في المسألة - :
"والصحيح : أنه تجب الزكاة فيه كل سنة ، إذا كان على غني باذل ؛ لأنه في حكم الموجود عندك ؛ ولكن يؤديها إذا قبض الدين ، وإن شاء أدى زكاته مع زكاة ماله ، والأول : رخصة ، والثاني : فضيلة ، وأسرع في إبراء الذمة .
أما إذا كان على مماطل ، أو معسر : فلا زكاة عليه ، ولو بقي عشر سنوات ؛ لأنه عاجز عنه ، ولكن إذا قبضه : يزكيه مرة واحدة في سنَة القبض فقط ، ولا يلزمه زكاة ما مضى .
وهذا القول قد ذكره الشيخ العنقري في حاشيته عن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ، وأحفاده ، رحمهم الله ، وهو مذهب الإمام مالك رحمه الله ، وهذا هو الراجح ؛ لما يلي :
أولاً : أنه يشبه الثمرة التي يجب إخراج زكاتها عند الحصول عليها ، والأجرة ، التي اختار شيخ الإسلام وجوب الزكاة فيها حين القبض ، ولو لم يتم عليها حول .
ثانياً : أن من شرط وجوب الزكاة : القدرة على الأداء ، فمتى قدر على الأداء : زكَّى .
ثالثاً : أنه قد يكون مضى على المال أشهر من السنَة قبل أن يخرجه ديْناً .
رابعاً : أن إسقاط الزكاة عنه لما مضى ، ووجوب إخراجها لسنَة القبض فقط : فيه تيسير على المالك ؛ إذ كيف نوجب عليه الزكاة مع وجوب إنظار المعسر ، وفيه أيضاً تيسير على المعسر ؛ وذلك بإنظاره .
ومثل ذلك : المال المدفون المنسي ، فلو أن شخصاً دفن ماله خوفاً من السرقة ، ثم نسيه : فيزكيه سنة عثوره عليه فقط .
وكذلك المال المسروق إذا بقي عند السارق عدة سنوات ، ثم قدر عليه صاحبه : فيزكيه لسنَة واحدة ، كالديْن على المعسر" انتهى .
" الشرح الممتع على زاد المستقنع " ( 6 / 27 ، 28 ) .
والخلاصة :
عليك أن تزكي هذا المال عن السنوات الثلاثة التي كنت مشاركاً فيها لصاحبك .
وبعد ذلك ـ من أول اتفاقك معه على رد المال ـ فقد تحول هذا المال من مال مشاركة إلى دَيْن على صاحبك ، والظاهر من حال صاحبك أنه معسر ، فلا زكاة عليك في هذا المال حتى تقبضه ، فتزكيه عن سنة واحدة فقط ، وإن كان قد بقي في ذمة صاحبك عدة سنوات .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-07-02, 17:53
حسن القضاء للدائن بإعطائه زيادة لا يعد ربا
السؤال:
استدنت مبلغا من شخص وتأخرت عليه فترة طويلة، وأراه تضرر من ذلك وكرهه، هل إذا أهديت إليه شيئا بعد أن سددت دينه له على سبيل الهدية وفي نيتي أنه محاولة تعويض ما أصابه من ضرر دون علمه يكون ربا؟
الجواب:
الحمد لله
"إذا سددت الدين الذي عليك وزدت عليه شيئا بطيب نفس منك وبدون شرط سابق من الدائن، أو أهديت له شيئا جبرا لما حصل من التأخير، فهذا حسن ، ولا بأس به؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استسلف من رجل بَكْرا [الصغير من الإبل] ، ورَدَّ خيارا رباعيا [البعير إذا دخل في السنة السابعة] ، وقال: (خيار الناس أحسنهم قضاء) خرجه مسلم في صحيحه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/182) .
*عبدالرحمن*
2018-07-02, 17:59
تحويل العملات إلى بلد آخر وأخذ الأجرة على ذلك
السؤال
نحن لدينا شركة تحويل أموال إلى القرن الإفريقي ونحب أن نستوضح عن معاملاتنا . السؤال جاءني رجل يريد التحويل إلي السودان ودفع لي مائة ريال وقلت له أدفع لك خمسمائة وعشرين جنيها سودانيا وطلبت منه أيضا دفع رسوم تحويل عشرين ريالا ثم سلمته إيصالا بالتحويل واتفقت معه علي دفع المال في السودان بعد ثلاثة أيام.
-هل رسوم التحويل جائزة ؟
- سعر الصرف في السودان خمسمائة وخمس وعشرون هل يجوز أن أقول للمرسل سعر التحويل خمسمائة وعشرون لأربح خمسة جنيهات ؟
- هل دفع المال في السودان بعملة غير التي استلمتها من المرسل جائز؟
- هل إعطاء الإيصال يغني عن التقابض لتعذر التسليم في نفس الوقت ؟ -
إذا اتصل المرسل وطلب تحويل مائة دولار إلي السودان علي أن يدفع بعد أسبوع أو شهر فقبلت المعاملة وأرسلت له سند تحويل عبر الفاكس أو الإيميل مدون عليها أنه دين علي المرسل لأجل ، على أن يدفع المال بالريال بسعر صرف نفس يوم السداد هل هذه المعاملة جائزة ؟
الجولب
الحمد لله
أولا :
تبديل عملة بعملة ، يسمى بالصرف ، ويشترط فيه التقابض في مجلس العقد ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ ...مِثْلًا بِمِثْلٍ ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ ، يَدًا بِيَدٍ ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ) رواه مسلم (2970) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه .
والريالات والدولارات وغيرها من العملات أجناسٌ مستقلة لها ما للذهب والفضة من الأحكام ، فلا يجوز شراء عملة بعملة إلا يدا بيد .
وقد ذهب كثير من أهل العلم إلى أن القبض يحصل باستلام الشيك المصدق ، أو ورقة الحوالة .
جاء في قرار مجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الحادية عشرة ما نصه :
" بعد الدراسة والبحث قرر المجلس بالإجماع ما يلي:
" أولا: يقوم استلام الشيك مقام القبض عند توفر شروطه في مسألة صرف النقود بالتحويل في المصارف .
ثانياً: يعتبر القيد في دفاتر المصرف في حكم القبض لمن يريد استبدال عملة بعملة أخرى سواء كان الصرف بعملة يعطيها الشخص للمصرف أو بعملة مودعة فيه " انتهى .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء
: ما حكم المال المحول من عملة لعملة أخرى ، مثلاً أقبض راتبي بالريال السعودي ، وأحوله للريال السوداني ، علماً بأن الريال السعودي يساوي ثلاثة ريالات سودانية ، هل هذا رباً ؟
فأجابوا : "يجوز تحويل الورق النقدي لدولة إلى ورق نقدي لدولة أخرى ، ولو تفاوت العوضان في القدر ؛ لاختلاف الجنس ، كما في المثال المذكور في السؤال ، لكن بشرط التقابض في المجلس ، وقبض الشيك أو ورقة الحوالة حكمه حكم القبض في المجلس "
انتهى. "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/448) .
وعليه ؛ فإذا أعطيت العميل إيصالا معتمدا بالتحويل ، كان هذا بمثابة القبض .
ثانيا :
يجوز للشركة أو البنك أخذ رسوم على التحويل ، لأنها أجرة في مقابل توفير المال في البلد الآخر .
ثالثا :
للشركة أن تصارف العميل بما يتفقان عليه من السعر ، ولو كان أقل أو أكثر من سعر السوق ، بشرط عدم خديعة العميل .
فيجوز أن تصارف العميل على أن المائة ريال بخمسمائة وعشرين جنيها ، وإن كان سعر الصرف في السودان بخمسمائة وخمسة وعشرين جنيها ؛ وقد تسامح العلماء في بيع السلعة بأكثر من ثمن السوق ، إذا كان الفارق يسيراً ، أما إذا كان الفارق كبيراً ، فهذا محرم ، لما فيه من خداع المشتري وأكل ماله بالباطل
.
رابعا :
الصورة الأخيرة المسؤول عنها لا تجوز ، لأن الشركة تكون أقرضت العميل 100 دولارا ، أو ما يعادلها من العملة السودانية التي تم تحويلها إلى السودان ، واتفقت معه على أن يكون السداد بالريال
ولا يجوز في القرض أن يتم الاتفاق على أن يكون السداد بعملة أخرى غير عملة القرض
ولأن في هذه المعاملة تم بيع عملة بأخرى من غير أن يحصل التقابض في مجلس العقد ، وهذا محرم كما سبق [صرف 100 دولار بما يقابلها بالعملة السودانية ثم تحويلها إلى السودان] .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-07-02, 18:03
حكم الكفالة المالية وهل تتأثر إذا انتقل الدين إلى دائن آخر؟
السؤال
رجل أعطى كفالة مالية لشركة استقرضت من بنك تقليدي ، ومع مرور الوقت اندمج البنك مع بنك آخر وانتقلت كل حقوق ومسؤليات البنك الأول إلى البنك الثاني ، فهل يحق للبنك الجديد أن يطالب الكفيل بالمبلغ المكفول ؟
بعبارة أخرى : هل تتأثر الكفالة مع تغير الدائن أم لا ؟
الجواب
الحمد لله
أولاً :
الكفالة المعطاة للشركة إن كانت كفالة قرض ربوي – وهذا هو الظاهر من كلامك ، لأنك ذكرت أن البنك تقليدي ، أي ربوي - فهي كفالة محرمة ، وهي من التعاون على الإثم والعدوان ، وقد نهى الله تعالى عن ذلك بقوله : (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْم وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2 .
والواجب عليك أن تتوب إلى الله من فعلك ، وأن تعزم أن لا تعود لمثله ، ويجب عليك أن تنصح الشخص الذي كفلته أن يتخلص من قرضه ومعاملته المحرمة ، كما يجب عليك أن تسحب كفالتك إن أمكنك ذلك .
أما إن كانت الكفالة شرعيَّة ، وكانت المعاملة غير محرمة : فكفالتك له جائزة ، بل هي من فعل الخير ، ولك فيها أجر ، وهي من الإحسان إلى الناس .
ثانياً :
المعروف في نظام الشركات – وهو غير مخالف للشرع – أنه في حال بيعها أو اندماجها مع أخرى أنه تنتقل
بموجوداتها وذممها إلى الشركة الأخرى ، وكل ما للشركة الأولى على الآخرين يصبح للشركة الثانية ، وما على الأولى ينتقل ليصبح على الثانية .
وعلى هذا فللبنك الجديد أن يطالبك بالمال المكفول .
وفي القرض الربوي ليس له شرعاً أن يطالبك إلا برأس المال فقط ، دون الفوائد الربوية ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ) رواه مسلم (1218) .
قال النووي في شرح مسلم : "قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرِّبَا : ( أَنَّهُ مَوْضُوع كُلّه ) مَعْنَاهُ الزَّائِد عَلَى رَأْس الْمَال كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى : ( وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوس أَمْوَالكُمْ ) وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْته إِيضَاح , وَإِلَّا فَالْمَقْصُود مَفْهُوم مِنْ نَفْس لَفْظ الْحَدِيث , لِأَنَّ الرِّبَا هُوَ الزِّيَادَة , فَإِذَا وُضِعَ الرِّبَا فَمَعْنَاهُ وَضْع الزِّيَادَة , وَالْمُرَاد بِالْوَضْعِ الرَّدّ وَالْإِبْطَال" انتهى .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-07-02, 18:09
خطورة أمر الدَّيْن
السؤال
أنا أعمل لأساعد زوجي في تكاليف المعيشة ، فمُرَتَّبُه لا يكفي لسد احتياجاتنا الأساسية وتعليم أبنائنا، وكنت قد اقترضت مبلغا من المال من بعض الناس لسداد بعض الديون ، والحمد لله
يمكنني أن أقول إن الله يختبر إيماننا فيما يتعلق " بالمال ". وفي يوم من الأيام كنت أستمع لمحاضرة حول العقوبة الشديدة على المسلم الذي لم يسدد ديونه ، كما ذكر أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي على الميت الذي لم يسدد ديونه ، وقد أورد المحاضر دعاءً لكني لم أتمكن من كتابته .
أرجو أن تخبرني ما هي العقوبات ؟
وتزودني بالدعاء لمساعدتي في تسديد ديوني ؟
الجواب
الحمد للَّه
أولا :
يعرف الفقهاء الدَّين بأنه " لزوم حق في الذمة "
كما في "الموسوعة الفقهية" (21/102)
ومعاني الدَّينِ اللغوية تدور حول الانقياد والذل ، وبين المعنى الشرعي والمعنى اللغوي رابط ظاهر ، فإن المَدين أَسيرٌ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ صَاحِبَكُمْ مَأْسُورٌ بِدَيْنِهِ ) رواه أبو داود (3341) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود .
ثانيا :
قد جاءت الشريعة الإسلامية بالتشديد في أمر الدين ، والتحذير منه ، والترغيب في احتراز المسلم منه ، ما أمكنه ذلك :
فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة :
( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ . فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ : مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ الْمَغْرَمِ ؟! فَقَالَ : إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ [أي : استدان] حَدَّثَ فَكَذَبَ ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ ) رواه البخاري (832) ومسلم (589)
وروى النسائي (4605) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ رضي الله عنه قَالَ :
( كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ ، ثُمَّ وَضَعَ رَاحَتَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ ثُمَّ قَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ! مَاذَا نُزِّلَ مِنَ التَّشْدِيدِ ؟ فَسَكَتْنَا وَفَزِعْنَا ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ سَأَلْتُهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا هَذَا التَّشْدِيدُ الَّذِي نُزِّلَ ؟ فَقَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ! لَوْ أَنَّ رَجُلا قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيِيَ ، ثُمَّ قُتِلَ ، ثُمَّ أُحْيِيَ ، ثُمَّ قُتِلَ ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مَا دَخَلَ الْجَنَّةَ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ دَيْنُهُ ) حسنه الألباني في صحيح النسائي (4367)
وقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على من مات وعليه ديناران ، حتى تكفل بسدادهما أبو قتادة رضي الله عنه ، فلما رآه من الغد وقال له قد قضيتها ، قال صلى الله عليه وسلم : ( الْآنَ بَرَدَتْ عَلَيْهِ جِلْدُهُ ) مسند أحمد (3/629) وحسنه النووي في "الخلاصة" (2/931) وابن مفلح في "الآداب الشرعية" (1/104) وحسنه محققو مسند أحمد .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" (4/547) :
" وفي هذا الحديث إشعار بصعوبة أمر الدين وأنه لا ينبغي تحمله إلا من ضرورة " انتهى .
وعَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( مَنْ مَاتَ وَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ ثَلَاثٍ : الْكِبْرِ وَالْغُلُولِ وَالدَّيْنِ ، دَخَلَ الْجَنَّةَ )
رواه الترمذي (1572) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ ) رواه الترمذي (1078)
قال المباركفوري في "تحفة الأحوذي" (4/164) :
" قوله : ( نفس المؤمن معلقة ) قال السيوطي : أي محبوسة عن مقامها الكريم . وقال العراقي : أي أمرها موقوف لا حكم لها بنجاة ولا هلاك حتى ينظر هل يقضى ما عليها من الدين أم لا " انتهى .
وقد جاء عن كثير من السلف التحذير من الدين أيضا :
فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال :
( َإِيَّاكُمْ وَالدَّيْنَ فَإِنَّ أَوَّلَهُ هَمٌّ وَآخِرَهُ حَرْبٌ ) رواه مالك في الموطأ (2/770)
وفي "مصنف عبد الرزاق" (3/57) :
قال ابن عمر رضي الله عنهما :
( يا حمران ! اتق الله ولا تمت وعليك دين ، فيؤخذ من حسناتك ، لا دينار ثَمَّ ولا درهم )
ثالثا :
لم يأت كل هذا التشديد في أمر الدين إلا لما فيه من المفاسد على مستوى الفرد وعلى مستوى المجتمع .
أما على مستوى الفرد فيقول القرطبي
في "الجامع لأحكام القرآن" (3/417) :
" قال علماؤنا : وإنما كان شينا ومذلة لما فيه من شغل القلب والبال ، والهم اللازم في قضائه ، والتذلل للغريم عند لقائه ، وتحمل منته بالتأخير إلى حين أوانه ، وربما يعد من نفسه القضاء فيخلف ، أو يحدث الغريم بسببه فيكذب ، أو يحلف له فيحنث ، إلى غير ذلك ، وأيضا فربما قد مات ولم يقض الدين فيرتهن به ، كما قال عليه السلام : ( نسمة المؤمن مرتهنة في قبره بدينه حتى يقضى عنه ) رواه الترمذي 1078 وكل هذه الأسباب مشائن في الدين تذهب جماله وتنقص كماله " انتهى .
وأما على مستوى المجتمع ، فيذكر المتخصصون من المفاسد ما هو خطير على وضع الاقتصاد الأمثل :
1- نمو النزعة إلى تفضيل العاجل أو التلهف الزمني .
2- ضعف روح المسؤولية والاعتماد على الذات .
3- سوء توزيع الثروة .
وللتوسع في فهم هذه المفاسد ينظر دراسة فضيلة الشيخ سامي السويلم بعنوان "
موقف الشريعة الإسلامية من الدين" (6-11)
رابعا :
وانطلاقا مما سبق اشترط العلماء لجواز الدين شروطا ثلاثة :
1- أن يكون المستدين عازما على الوفاء .
2- أن يعلم أو يغلب على ظنه قدرته على الوفاء .
3- أن يكون في أمر مشروع .
يقول ابن عبد البر في "التمهيد" (23/238) :
" والدين الذي يُحبَسُ به صاحبُه عن الجنة ، والله أعلم ، هو الذي قد تَرك له وفاءً ولم يوص به ، أو قدر على الأداء فلم يؤد ، أو ادَّانه في غير حق ، أو في سرف ومات ولم يؤده .
وأما من ادَّان في حق واجب لفاقةٍ وعسرةٍ ، ومات ولم يترك وفاء ، فإن الله لا يحبسه به عن الجنة إن شاء الله " انتهى .
خامسا :
وما دمت - أختي السائلة الكريمة – قد ابتليت بالدين لقيامك بواجب مساعدة الزوج والأسرة على النهوض بأعباء الحياة ، فلك الأجر عند الله سبحانه وتعالى على هذه العشرة الحسنة ، فأسأل الله أن يجزل لك الأجر والمثوبة ، واعلمي أنه سبحانه سيعينك على سداد هذا الدين ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ ) رواه البخاري (2387) .
واستعيني على ذلك بالحرص والسعي الجاد لسداد الدين ، وبالتوكل على الله تعالى ، وبدعائه سبحانه أن ييسر لك ما تقضين به دينك .
وفي السنة النبوية مجموعة من الأدعية التي جاءت بخصوص الاستعانة بالله على قضاء الدين ، وهي :
1- عَنْ سُهَيْلٍ قَالَ : كَانَ أَبُو صَالِحٍ يَأْمُرُنَا إِذَا أَرَادَ أَحَدُنَا أَنْ يَنَامَ أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ يَقُولُ :
( اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنْ الْفَقْرِ )
وَكَانَ يَرْوِي ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . رواه مسلم (2713)
2- وعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ مُكَاتَبًا جَاءَهُ فَقَالَ : إِنِّي قَدْ عَجَزْتُ عَنْ كِتَابَتِي فَأَعِنِّي .
قَالَ : أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ دَيْنًا أَدَّاهُ اللَّهُ عَنْكَ ؟! قَالَ : قُلْ :
( اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ )
رواه الترمذي (2563) وقال : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ . وحسنه الألباني في صحيح الترمذي
الكتابة : المال الذي كاتب به السيد عبده ، جبل صِير : هو جبل لطيء ، ويروى صبير .
3- وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ :
دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَامَةَ ، فَقَالَ يَا أَبَا أُمَامَةَ ! مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ ؟! قَالَ : هُمُومٌ لَزِمَتْنِي وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : أَفَلَا أُعَلِّمُكَ كَلَامًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ ، وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ! قَالَ :
( قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ )
قَالَ : فَفَعَلْتُ ذَلِكَ ، فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمِّي ، وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي .
رواه أبو داود (1555) وفيه غسان بن عوف قال الذهبي : غير حجة. لذلك ضعف الشيخ الألباني الحديث في ضعيف أبي داود . ولكن الدعاء المذكور ، وهو قوله : اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن.. ثابت في الصحيحين من غير قصة أبي أمامة هذه
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-07-02, 18:25
هل يجوز إقراض الأسهم؟
السؤال
احتجت إلى مال ، فسألت صاحبي أن يقرضني إياه ، فقال : ليس عندي سيولة ، ولكن عندي خمسة أسهم في شركة الأسمنت أقرضك إياها وتعيدها لي خمسة أسهم من نفس الشركة ، وسأقوم بأخذ الأسهم وبيعها لقضاء حاجتي ثم أشتري له بعد ذلك من سوق الأسهم بنفس العدد لنفس الشركة ، فهل يجوز ذلك ؟
الجواب
الحمد لله :
لا يظهر مانع من ذلك ما دام سيردها بنفس العدد لنفس الشركة ، ولا يؤثر الارتفاع أو الانخفاض في سعر السهم على القرض .
الشيخ عبد الرحمن البراك .
بشرط أن لا تكون الأسهم أسهماً لمؤسسة نقدية ، كأسهم البنوك الإسلامية – مثلاً – لأن غالب الموجود فيها سيولة نقدية
. والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-07-02, 18:27
هل يجوز أن يضمن شخصاً في قرض من البنك ؟
السؤال
ما هو حكم الإسلام في ضمان أخ في قرض من البنك ؟.
الجواب
الحمد لله
إذا كان هذا القرض ربوياً ( كما هو واقع أكثر البنوك ) بمعنى أن البنك يأخذ عليه فائدة فإنه لا يجوز لك أن تضمن المقترض ، لأن في ذلك إعانة للمتقرض والبنك على الربا الذي حرمه الله ورسوله وأجمع المسلمون على تحريمه .
سئل علماء اللجنة عن حكم كفالة المقترض من بنك ربوي فأجابوا :
إذا كان الواقع كما ذُكر من أخذ البنك فائدة على القرض : لم يجز للمدير ولا للمحاسب ولا لأمين الصندوق التعاون معهم في ذلك ؛ لقوله تعالى : ( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/2 ؛ ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم " لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ، وقال : هم سواء " .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 13 / 410 ) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-07-02, 18:30
يستحي أن يرد المال لجاره لأنه زهيد جدا
السؤال
كنت صغيرا حوالي 11 أو 12 سنة على ما أتذكر، وفي ذهابي إلى المدرسة وأخذ وسيلة المواصلات وجدت أن مالي قد فقدته ولم يتبق معي غير مبلغ لم يكمل ثمن الأجرة ولم يكن معي 5 قروش مصرية لكي تكمل الأجرة وهي أصغر عملة مصرية فأعطاني شخص يسكن بجواري ولكني لا أعرفه شخصيا ولا هو يعرفني
أعطاني ما يكمل الأجرة على أن يأتي إلى المنزل و يأخذ المبلغ بعد ذلك وفات من العمر الكثير الآن ولم يأخذ شيئا مني لأنه لم يأت وعمري الآن 18 عاما فهل هذا يعتبر دينا يجب رده أم لا علما بأني أخجل أن أذهب له وأعطه هذا المبلغ لأنه صغير جدا و بعد هذه المدة كلها من السنين .
الجواب
الحمد لله
مثل هذا المبلغ الزهيد الغالب أن من يدفعه يدفعه على سبيل الهدية لا على سبيل القرض ، ولذلك لم يأت لأخذه ، وربما يكون أخبرك أنه سيأتي لأخذه دفعاً للحرج عنك ، حتى تقبل أخذ هذا المبلغ منه ولا ترده
وعليك أن تقابل إحسانه بالإحسان فتكافئه عليه إما بهدية أو بدعاء أو نحو ذلك
ومع ذلك فإنه بإمكانك ـ حتى تتغلب على مسألة الخجل ـ أن تذهب وتسلم عليه وتسأل عن أحواله ، وتخبره بأنك لا تنسى موقفه القديم ، وتشكره على ذلك ، مبينا أن هذا المبلغ باق في ذمتك ، ولم يمنعك من رده له إلا الحرج ، فإن أعفاك فالحمد لله ، وإلا فادفعه له. وهذا باب من أبواب الدعوة إلى الله
يدرك منه المخاطب عظم شأن الحقوق ، وأهمية التحلل منها أو سدادها مهما بلغت .
زادك الله حرصاً وأمانة ، ووفقك لكل خير .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-07-02, 18:33
هل يقدم الزواج على دفع الديون
السؤال
إذا كان على الشخص مظالم في شكل ديون ، وإمكانيته في الوقت الحاضر لا تسمح له برد المظالم ، وفي نيته رد تلك المظالم متى ما استطاع ذلك
علماً بأن أصحاب تلك المظالم ( الديون ) غير موجودين معه في نفس البلد ، وإذا مثلاً حصل له مالاً وهو خائف على نفسه من الفتن ، ويرغب أن يتزوج فهل يقدم الزواج أم رد المظالم ؟.
الجواب
الحمد لله
يجب تقديم رد المظالم من الديون ونحوها على الزواج ، إلا إذا أذن أصحاب الديون له بتقديم الزواج على تسديد ديونه فيجوز حينئذ .
أما بالنسبة لخشيته الفتنة على نفسه فعليه أن يصوم حفظاً لنفسه منها ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أحصن للفرج وأغض للبصر ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) متفق عليه
وبالله التوفيق
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء 14/39
*عبدالرحمن*
2018-07-02, 18:37
كتابة الدين والإشهاد عليه
السؤال
ما هي الطريقة الصحيحة للمداينة ؟
هل أكون آثماً إذا لم أحضر شهودا عندما أقرض بعض المال لشخص أخر؟.
الجواب
الحمد لله
الطريقة الصحيحة للمداينة هي ما ذكرها الله تعالى في سورة البقرة في آية الدين ، وهي قوله عز وجل
: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمْ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282) وَإِنْ كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) البقرة/282-283 .
فالطريقة الصحيحة للدين هي :
1- تحديد أجل الدين ، أي المدة التي سيسدد بعدها الدين .
2- كتابة الدين وأجله .
3- إذا كان الذي سيكتب الدين شخصاً آخر غير المدين ، فالمدين هو الذي يملي عليه صيغة الكتابة.
4- إذا كان المدين لا يستطيع الإملاء لمرض أو غيره ، فإن الذي يتولى الإملاء هو وليه .
5- الإشهاد على الدين ، فتشهد عليه رجلين ، أو رجلاً وامرأتين .
6- للدائن أن يطالب المدين بتوثيق الدين برهن يقبضه الدائن ، والفائدة من الرهن أنه إذا جاء موعد سداد الدين وامتنع المدين من الوفاء ، فإن الرهن يباع ويُستوفى منه الدين ، ثم إن بقي من ثمنه شيء رُدَّ لصاحبه وهو المدين .
وتوثقة الدين بإحدى هذه الطرق الثلاثة (الكتابة ، والإشهاد ، والرهن) إنما هو على سبيل الاستحباب والأفضل ، وليس ذلك بواجب ، وذهب بعض العلماء إلى وجوب كتابة الدين ، ولكن أكثر العلماء على الاستحباب وهو الراجح .
انظر : تفسير القرطبي 3/383 .
والحكمة من ذلك : توثيق الحقوق حتى لا تكون عرضة للضياع ، لكثرة النسيان ، ووقوع المغالطات ، والاحتراز من الخونة الذين لا يخشون الله تعالى .
فإذا لم تكتب الدين ولم تشهد عليه ولم تأخذ رهنا فلا تأثم بذلك ، والآية نفسها تدل على هذا ( فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ ) والائتمان يكون بعدم توثيق الدين بالكتابة أو الشهود أو الرهن . ولكن في هذه الحال يُحتاج إلى التقوى والخوف من الله ، ولهذا أمر الله في هذه الحال من عليه الحق أن يتقي الله ويؤدي أمانته ( فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ ) .
انظر : تفسير السعدي ص : 168-172 .
وإذا لم يُكتب الدين ثم أنكره المدين أو ماطل بسداده ، فلا يلومَنَّ الدائنُ إلا نفسَه لأنه هو الذي عَرَّض حقه للضياع ، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الدين إذا لم يُكتب ، فإنه لا يقبل دعاء الدائن على المدين إذا ماطله أو أنكر الدين . فقال صلى الله عليه وسلم : ( ثلاثة يدعون الله فلا يستجاب لهم . . . وذكر منهم : ورجلٌ كان له على رجل مال فلم يُشهد عليه ) صحيح الجامع (3075) .
ومن تأمل في هذه التشريعات وغيرها علم كمال الشريعة الإسلامية ، ومدى حرصها على حفظ الحقوق ، وعدم تعريضها للضياع ، فالله سبحانه وتعالى يأمر صاحب المال أن يحافظ على ماله ، وأن لا يعرضه للضياع ، مهما كان قليلاً ( وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ) .
فهل توجد شريعة جمعت بين مصالح الدين والدنيا على وجه كامل كما جمعت بينهما الشريعة الإسلامية ؟!
وهل يمكن أن يأتي أحدٌ بأكمل من هذه التشريعات ؟!
وصدق الله العظيم إذ يقول : ( وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) المائدة/50 .
نسأل الله تعالى أن يثبتنا على دينه حتى نلقاه عليه .
والله تعالى أعلم . وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
*عبدالرحمن*
2018-07-02, 18:45
يقترضون ولا يعيدون فما العمل
السؤال :
نحن في حالة سيئة جداً حيث أن الناس هنا لا يحفظون الأمانة ولا الكلمة الحمد لله فزوجي يعمل وقلبه عطوف جداً وعندما يسأله الناس أن يقترضوا منه مالاً أو كتباً إسلامية(غير رخيصة) فإن هؤلاء الأخوة (أغلبهم لا يعملون ويعيشون على معونات الحكومة) لا يعيدون ما اقترضوه وربما يعطون تلك الكتب لشخص آخر بدون علم زوجي
وزوجي يجده من الصعب أن يطلب منهم ما اقترضوه ، أشعر بأنني سأطلب منهم أن يعيدوا ما اقترضوه ولكن زوجي لا يحب هذا ولا أنا كذلك فماذا نفعل ؟.
الجواب :
الحمد لله
اعلمي أنّ الله عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملاً ، والقرض الحسن من أفضل القربات وأجل الطاعات .
ولكن إن علم زوجك أنّ هذا المقترض لا يحفظ الأمانة ولا يؤديها ويماطل في سداد الدّين فلا حرج عليه إذا امتنع عن إقراضه المال وإعارته الكتب .
وأما إن كان معسراً لا مال عنده فالأفضل إنظاره والرفق به قال الله عز وجل : ( وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ) .
وأما لو طلبت حق زوجك أو طلبه هو : فلا حرج عليه لأنه حق له ولكن عليه أنْ يرفق ويحسن فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مات رجل فقيل له : ما كنت تقول ؟
قال : كنت أبايع الناس فأتجوز عن الموسر وأخفف على المعسر ، فغفر له ) رواه البخاري رقم 2216
ويجب على من استدان أنْ يردّ الدين قال الله : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ ) البخاري 2212
واعلمي أنه لا يضيع شيء عند الله وأنكما ستستردان ما ذهب وضاع عليكما في الدنيا وأنكما ستأخذانه حسنات يوم القيامة أحوج ما يكون الناس إلى الحسنات
والله ولي التوفيق .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2019-10-27, 14:11
و اخيرا ً
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
مع جذء اخر من سلسلة
المعاملات الاسلامية
و من لاديه استفسار بهذا الجزء يتقدم به هنا
و اسال الله ان يجمعني بكم
دائما علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir