تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المعاملات الإسلامية


*عبدالرحمن*
2018-06-19, 16:35
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


اهلا و مرحبا بكم في سلسله جديده
بعنوان المعاملات الإسلامية

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد

فإن المتأمل لواقع الأمة يدرك تماما ما يحيط بها من أزمات تتفاوت على حسب كيفيتها ومحاورها ومدى تأثيرها والطبقة الفئوية التي تتعلق بها

, كما تتنوع أيضاَ بحسب اهتماماتها والمؤسسات والأصعدة التابعة لها ,

وبعرضها وبصورة مختصرة وسريعة فإن هناك أزمات يعيشها الإنسان مع نفسه وطالما لازمته في حياته , الأمر الذي صعب عليه أن يعالج ولو جزء يسير من الداء الذي سببته هذه الأزمات ويتمثل هذا النوع من الأزمات في بعد الإنسان عن ربه جل وعلا وعصيانه لأوامره , واقتراف ما نهى عنه وزجر , وعدم تبعيته لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم , والتمادي في الباطل , والزهد عن الحق والفضيلة , والاهتمام بسفا سف الأمور , والسعي وراء ملذات الدنيا بدون مراقبة أو محاسبة ,

وتتنقل هذه الأزمات وتتوسع دائرتها حتى تصبح على مستوى البيت المسلم , فتجد فيه تمرد الأبناء على آبائهم , وسطحية معظم الآباء في فنون التربية الإسلامية الصحيحة , ويئن البيت المسلم أيضاَ منذ زمن بعيد من دخول المنكرات والمعاصي إليه , وضعف القوامة لدى كثير من الرجال وانتقالها إلى الزوجة وهكذا حتى تتوسع دائرة الأزمات فتصبح على صعيد المسجد أو الجامع وتتمثل في التأخر عن صلاة الجماعة ,

والتحاسد والتباغض والتدابر بين جيران المسجد أو الحي , وعزوف إمام المسجد عن جماعته وبعده عنهم وقلة النشاطات التوعوية وحلقات القرآن في المسجد , وتتوسع تلك الدئراة حتى تكون علي المستوي المؤسسة التعليمة فمن إهمال الطلاب في التلقي ,إلي عدم كفاءة من أوكل إليهم مهمة تعليم أبناءنا , إلي اختلاف التربويين في المناهج وطرق التدريس ,

وهكذا حتي تنتقل تلك الأزمات على مستوي جميع قطاعات القطر أو الدولة فتجد تسيب الموظفين في أعمالهم , وانعدام معني الأمانة عند بعضهم وتعطيل مصالح المسلمين وتأخير معاملاتهم , وهكذا حتى تصبح الأزمات على مستوي الوطن فتجد العصيان لولاة الأمر ,

ومن ثم التمزق والتمذهب في البلد الواحد إلى أن جاءت مسألة التكفير والتفجير عند البعض , الأمر الذي جعل الأمة بأجمعها تقع تحت الكثير من ألازمات فاحتل العدو أرض المسلمين, وهّمشت الأصول , وحوربت الثوابت , وانتشرت كلمة الضلال والفساد والعدوان .

ومع كل ما تقدم وغيرة فإن السؤال الذي يضع نفسه هنا هو ما واجب المسلم تجاه هذه الأزمات ؟ وكيف له أن يخلص نفسه وغيره منها ؟

وللإجابة على هذا السؤال فإليكم ــ أخوة الاسلام ــ

ثلاث وصايا أوصي بها نفسي وإياك وجميع المؤمنين لعلها تكون علاجاَ ناجعاَ في التصدي لهذه الأزمات ومحاولة التقليل من تأثيرها أو إزالتها إن أمكن ذلك .

الوصية الأولي :.

إن صلاح مجتمعك من صلاح نفسك , وصلاح نفسك يعتمد على لزوم طاعة الله سبحانه وتعالي وطاعة نبيه محمد صلي الله وسلم , واجتناب ما نهيا عنه , ولقد أوصت الشريعة الإسلامية بضرورة تقويم الإنسان لنفسه , ومحاسبتها وتنقيتها من كل ذنب وخطيئة قال الله تعالي {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }المائدة105:."

, بل إن من محاسنها أن أوصى الإنسان بأن يقي نفسه من نار جهنم قبل الآخرين ولو كانوا أهله أو أولاده قال الله تعالي {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }التحريم6:.",

حتي في دعاء المسلم لربه فحريّ أن يدعوا لنفسه أولاَ وهذه من سنن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قال تعالي علي لسان نبيه نوح عليه السلام "{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَاراً }نوح28,

ثم إن العبد المسلم إذا أراد إصلاح من حوله فلا بد أن يكون قدوة صالحة لمن حوله كالأب لأبنائه , أو الرئيس لمرؤوسيه , أو المدرس لتلاميذه , إذ يستحيل أن يطاع بشيء هو لا يعمل به أصلا , بل إن ذلك من الأمور المنهي عنها في الشرع أصلا قال تعالي{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }البقرة44

" , ثم إن ذلك من أكبر المقت وأعظم الجرم قال تعالي {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ }الصف 3,2"

"وقال أحدهم :.

لا تنهى عن خلق وتأتي بمثله عار عليك إذا فعلت عظيم

والجميع مطالب بأن يسجل كل واحد منا اعترافاته , ويدون تقصيره , ويعلم تماما بأنة جزء من هذه الأمة يتحمل الكثير من المسئوليات , وأنه ليس بهامشي أو صفر على الشمال أو لا يستفاد منه , بل لدى كل واحد منا الكثير من الخير , ويختزن من الأمور النافعة ما يفيد الأمة بإذن الله , تعمد كما قال عمر رضي الله عنة "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا, وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا" وكما قال أيضا:.

عليك نفسك فتـــش عن معايبها وخل عن عثرات الناس للناس

الوصية الثانية :.

كن داعياً:.

إن الدعوة إلي الله ــ أخي الكريم ــ وظيفة الأنبياء والرسل عليهم أفضل الصلاة والسلام وهي صمام الأمان لمسيرة هذا الدين العظيم , والدعوة إلى الله تأتي مباشرة بعد تنقية النفس من شوابئها , وتطهيرها من الأكدار , فمتى ما قوم المسلم معوج نفسه , وعدل مائلها , فعليه بالاتجاه إلي طريق الدعوة وأن يكون داعياً إلي الخير آمرا بالمعروف وناهياً عن المنكر.

كن داعياً

– يا رعاك الله - واعلم أن خيرية هذه الأمة مرتبط ارتباطا وثيقاً بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال تعالي {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَر....الآية}آل عمران110.

كن داعياً

-- واعلم أن الله تعالى قد قرن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالإيمان بالله قال تعالي :{كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ }آل عمران110.

كن داعيا -

-ولا تأبه بما ستواجه من عوائق وعقبات في طريق الدعوة وتذكر أن آدم تعب من أجلها , وناح لأجلها نوح , وقذف في النار إبراهيم , وأدخل السجن يوسف , وشكى الضر أيوب , ونشر بالمناشير زكريا , والتقم الحوت يونس , وسافر من بلاده موسي , وعاصر أنواع الأذى وأشكال العذاب نبينا محمد صلي الله علية وسلم .

كن داعياً -

- في كل مكان وتحت أي ظرف فلقد دعا حبيبك محمد صلي الله علية وسلم في السر والعلن , وفي السفر والحضر , وفي السلم والحرب , وعلى الصفا, وفي الشعب, ودعا في البيت والسوق وعلي البغلة والفرس, حتى وهو يكابد سكرات الموت يدعو بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم .

كن داعيا -

- ولا تهتم بأباطيل المرجفين , واستهزاء المثبطين , وسخرية المقصرين .

كن داعياً

-- ولا تستعجل النتائج , ولا تيأس إذا لم يصغ لك أحد فإن من الأنبياء من لم يتبعه إلا النفر القليل , ومنهم من لم يتبعه إلا شخصيين ومنهم من لم يتبعه إلا شخص واحد بل جاء في الحديث "يأتي النبي يوم القيامة وليس معه أحد"أو كما قال صلي الله علية وسلم.

كن داعياً --

واعلم بأنك منارة في الأرض , وقدوة صالحة , ونجم يهتدى به , وأن الشجر والحجر والطير والحوت يستغفرون لك .

كن داعيا

--ً وليس شرطاً أن تعتلي المنابر أو تقف أمام الجموع فإن الدعوة طرقها شتى , ومجالاتها متعددة , وأساليبها متنوعة فالنصيحة دعوة , والهدية دعوة , والمعاملة الحسنة دعوة , والابتسامة دعوة , وإصلاح ذات البين دعوة , وزيارة الأقارب والأحبة في الله دعوة, والصدقة دعوة , وبناء المساجد ودور الرعاية دعوة .......الخ وإذا لم تستطيع أن تقوم بشيء مما تقدم فيكفي أن تكفي المسلمين من شر لسانك ويدك.

قد هيئوك لأمر لو فطنت له فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل

الوصية الثالثة :

."أدعوني أستجب لكم"

يعلم الجميع بأن الدعاء من أهم الأسلحة التي يمتلكها الفرد المسلم . فهو سهام الليل ويستطيعه كل شخص , ولكن مع الأسف الشديد أن معظم أهل القبلة يهملون هذا السلاح المهم , بل وصل حال بعضهم إلى الاعتقاد بعدم جدواه ومنفعته والعياذ بالله , متناسين قوله تعالى : {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ }غافر60 ,

وقال تعالى أيضاً {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }البقرة 186و

هو نهج الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام , وسنة الأولياء والصالحين رحمهم الله , والدعاء مرضاة للرب , واطمئنان للقلب , وراحة للنفس , وسهام على الأعداء , ومفتاح للخير , ومغلاقاً للشر , وجالباً للولد والرزق والمطر .

وإن ما أقصد في إيرادي لهذه الوصية في مقالي هذا هو الدعاء للإسلام وأهله بالنصر والتمكين , والدعاء على الكفر وأهلة بالذل والخسران والمهانة , خاصة في ظل ما يواجهه هذا الدين الشريف من نكبات ومصائب تتوالى عليه تتمثل في القتل والتشريد والاحتلال والعدوان والقهر ......الخ ,

ومع كل هذا فإني أسأل أين نحن من إخواننا ؟ وماذا قدمنا لهم ؟وهل عجزنا حتي في أبسط الأمور التي تعينهم على أعداهم وهو الدعاء لهم ؟ هل رضينا بواقعنا المؤلم ؟ أم هو ذل اعتبرناه في أنفسنا فاقتنعنا به؟.

إن وقوف المسلم بجانب أخيه المسلم في السعة أمر لابد منه فمن باب أولى وقوفه معه في الضيق والمعاناة , وهذه من تعاليم ديننا الشريف ومن محاسنه النقية الطاهرة .

وفي نهاية مقالي هذا أقول إن اهتمام المسلم بنفسه وإخوانه الأقربين والأباعد أمر ضروري في شريعتنا الإسلامية السمحة , كيف لا وهو دين المحبة والإخاء والسلام , وان اهتمامنا بالوصايا المتقدمة وغيرها تضن بإذن الله مستقبلاً حافلاً ومشرقاً لهذا الدين العظيم.

والصلاة والسلام على أشرف خلقه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

حسين بن سعيد الحسنية

اخوة الاسلام

ومن المعاملات الاسلامية

الهدية والهبة والعطية

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2149085

الإرث وتوزيع التركة

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2149234

الأموال المحرمة

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2149373

الميسر والقمار

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2151341

القرض

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2149496

الضمان

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2149599

التأمين .

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2149772

البيوع

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2151577
.
الربا ... البيوع

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2151808

حقوق النشر

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2153897

الاستثمار

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2154108

العقود التجارية

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2154404

الشركة

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2155301

الصرف

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2155455

البيوع المحرمة

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2156040
......

*عبدالرحمن*
2018-06-19, 16:38
حكم بيع الرهن إذا لم يحضر الراهن ولا يوجد قضاء شرعي

السؤال

: هل يجوز بيع الرهن إذا لم يكن هناك الحاكم الشرعي ؟

مثلا: إذا اشترى شخص من شخص آخر سلعة مثلا ، أو أخذ منه قرضا، فترك المشتري عند البائع رهنا - ساعته مثلا- ، ومضى زمن ، وحل الأجل فالمشتري لم يسدد الدين - أي الثمن-

فهل يجوز للبائع أن يبيع الرهن لكي يأخذ حقه ، وإن لم يأذن المشتري ؟

علملا بأنه ليس هناك في بلادنا الحاكم الشرعي ، أو من يقوم مقامه ، فهل يمكن العمل بالعرف في ذلك ، إذا كان هناك العرف أن البائع يبيع الرهن إذا لم يسدد المشتري دينه حتى لو لم يأذن؟ من فضلكم بأدلة أو تعليلات.

الجواب :

الحمد لله

من اقترض، أو اشترى بالأجل، وقد ترك رهنا، فإنه إذا حان الأجل ولم يسدد، بِيع الرهن بإذنه، أو بإذن الحاكم، وسُدد الدين، وكان الباقي له ، إن بقي شيء من ثمنه.

قال في "زاد المستقنع" : " ومتى حلّ الدين وامتنع من وفائه ، فإن كان الراهن أذن للمرتهن في بيعه ، باعه ووفّى الدين ، وإلا أجبره الحاكم على وفائه أو بيع الرهن ، فإن لم يفعل باعه الحاكم ووفّى دينه " انتهى .

فإن لم يأذن الراهن، ولم يوجد قضاء شرعي، فإن الرهن يدفع إلى رجل ثقة، فيبيعه بشرط ألا يبيعه بأقل من ثمن المثل، وينبغي الإشهاد على ذلك.

جاء في مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (29/ 538): " وسئل:

عمن له على شخص دين ، وأرهن عليه رهنا ، والدين حال ورب الدين محتاج إلى دراهمه، فهل يجوز له بيع الرهن؟ أم لا؟

فأجاب:

إذا كان أذن له في بيعه : جاز ، وإلا باع الحاكم إن أمكن ، ووفاه حقه منه .

ومن العلماء من يقول: إذا تعذر ذلك دفعه إلى ثقة يبيعه ، ويحتاط بالإشهاد على ذلك ، ويستوفي حقه منه، والله أعلم" انتهى.

وقال الشيخ عبد القادر التغلبي رحمه الله في نيل المآرب (1/ 400) في الولاية على الصغير والمجنون: " (فإن عُدم الحاكم : فأمينٌ يقوم مقامه) ؛ أي مقام الحاكم. اختاره الشيخ تقي الدين، وقال في حاكم عاجز: كالعدم" انتهى.

فإذا كان الحاكم أي القاضي الشرعي عاجزا، أو معدوما : فإن الأمين الثقة يقوم مقامه.

وقال الشيخ حمد الحمد حفظه الله: " قوله: (ومتى حل الدين وامتنع من وفائه فإن كان الراهن أذن للمرتهن أو العدل في بيعه باعه ووفى الدين، وإلا أجبره الحاكم على وفائه أو بيع الرهن، فإن لم يفعل باعه الحاكم ووفى دينه).

إذا اشترى منه أرضا إلى سنة، وقال: هذه السلعة رهن عندك، فإذا حل الدين ومضت السنة، وامتنع من وفاء دينه، كأن يقول: لا أوفي لك حقك، أو يدعي الإعسار، أو يماطل أو نحو ذلك ، فهنا المسألة فيها تفصيل:

1- إن كان الراهن قد أذن للمرتهن ، أو للعدل ، في بيعه : باعه ووفى الدين .

والعدل هو من يختارانه لكي يكون الرهن عنده، فقد لا يرضى الراهن بأن يكون الرهن عند المرتهن، بل يقول الرهن بيد فلان، فهذا هو العدل .

فإن كان الراهن قد أذن للمرتهن ببيعه ، أو أذن للعدل : فله أن يبيعه .

وليس له أن يبيعه بدون إذن . وسواء كان الإذن قديما في العقد أو جديدا فلا حرج.

2- إن لم هناك إذن للمرتهن ، قديم ولا جديد : فحينئذ يجبره الحاكم على وفاء الدين ، وإعطاء الحق ، أو بيع الرهن . فإن لم يفعل - أي لم يعطه حقه ، ولم يبع الرهن - فإن الحاكم يبيع الرهن ، ويعطي المرتهن حقه.

3- فإن تعذر هذا كأن يكون في بعض البلاد التي ليس فيه قضاة يقضون بالشرع ، وقد وضع الراهن عند المرتهن هذا الرهن ، وأبى أن يوفيه حقه = فالحكم ، كما ذكر شيخ الإسلام عن بعض أهل العلم : أن المرتهن يضعه في يد ثقة ، دفعا للتهمة ، ويبيعه هذا الثقة ، ويشهد على البيع ، وعلى الثمن ، ثم يأخذ المرتهن حقه .

وما ذكره المؤلف وما ذكره شيخ الإسلام عن بعض أهل العلم : هو مقتضى العقد ؛ فإن الرهن إنما وضع لهذا القصد، وإلا فلا فائدة منه ، ولا يحصل به الاستيثاق"

انتهى من "شرح زاد المستقنع" (13/ 195) ترقيم الشاملة.

ويشترط في حق من يبيع الرهن أن يتحرى في بيعه، وألا يبيعه بأقل من ثمن المثل.

قال في "مغني المحتاج" (3/71) : "

( ولا يبيع العدل ) المرهون ( إلا بثمن مثله ، حالاً ، من نقد بلده ) ؛ كالوكيل .

فإن أخل بشيء منها : لم يصح البيع ، لكن لا يضر النقص عن ثمن المثل بما يتغابن به الناس، لأنهم يتسامحون فيه " انتهى .

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-06-19, 16:43
هل يجوز الشرط الجزائي مطلقاً ؟

السؤال :

توجد شركة تقوم ببناء مجمعات سكنية ، وبيع وحدات سكنية بالتقسيط للمواطنين حسب نظام دفعات محدد ، وفي العقد بين الشركة والمشتري توجد فقرة تنص على أنه في حالة نكول أو عدول المشتري عن الشراء تقوم الشركة بمصادرة كامل قيمة الدفع المقدمة والأقساط المستحقة السداد وبنسبة 100%

كما ويحق للشركة احتساب ما نسبته 15% من قيمة العقد الكلية كتعويض للشركة عن الأضرار جراء عدول المشتري عن الشراء ، فهل هذا العقد جائز شرعاً ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا:

الشرط الجزائي في العقود المالية جائز ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها دَيْناً. فيجوز أن يشترط على المشتري أنه في حال عدوله عن الشراء- وليس عن مجرد الوعد- يتنازل عن العربون أو الدفعة المقدمة.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن الشرط الجزائي:

"رابعا: يجوز أن يشترط الشرط الجزائي في جميع العقود المالية ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها دينًا؛ فإن هذا من الربا الصريح.

وبناء على هذا، فيجوز هذا الشرط - مثلاً في عقود المقاولات بالنسبة للمقاول، وعقد التوريد بالنسبة للمورد، وعقد الاستصناع بالنسبة للصانع (البائع)، إذا لم ينفذ ما التزم به، أو تأخر في تنفيذه.

ولا يجوز - مثلاً- في البيع بالتقسيط بسبب تأخر المدين عن سداد الأقساط المتبقية، سواء كان بسبب الإعسار، أو المماطلة، ولا يجوز في عقد الاستصناع بالنسبة للمستصْنِع (المشتري) إذا تأخر في أداء ما عليه.

خامسًا: الضرر الذي يجوز التعويض عنه يشمل الضرر المالي الفعلي، وما لحق المضرور من خسارة حقيقية، وما فاته من كسب مؤكد، ولا يشمل الضرر الأدبي أو المعنوي.

سادسًا: لا يعمل بالشرط الجزائي إذا أثبت من شُرط عليه أن إخلاله بالعقد كان بسبب خارج عن إرادته، أو أثبت أن من شُرط له لم يلحقه أي ضرر من الإخلال بالعقد" انتهى من "قرارات المجمع" (ص 371) طبعة وزارة الأوقاف القطرية.

وعليه فيجوز للشركة أن تشترط أخذ أكثر من الدفعة المقدمة، تعويضا عن الضرر الفعلي الذي لحقها.

والضرر الفعلي هنا هو أن تبيع الشركة البيت لغيره بخسارة، فيتحمل المشتري هذه الخسارة.

فإن كان احتساب ما نسبته 15% من قيمة العقد الكلية، يعتبر تعويضا عن الضرر الفعلي، فلا حرج، وإلا كان من أكل أموال الناس بالباطل .

وفي قرار هيئة كبار العلماء: " إذا كان الشرط الجزائي كثيرًا عرفًا بحيث يراد به التهديد المالي، ويكون بعيدًا عن مقتضى القواعد الشرعية، فيجب الرجوع في ذلك إلى العدل والإنصاف على حسب ما فات من منفعة أو لحق من مضرة. ويرجع تقدير ذلك عند الاختلاف إلى الحاكم الشرعي عن طريق أهل الخبرة والنظر، عملاً بقوله تعالى: (وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) وقوله سبحانه: (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) وبقوله صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار) وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.

ثانيا:

قولك: " والاقساط المستحقة السداد وبنسبة 100%".

إن كان المراد أن المشتري دفع أقساطا إضافة إلى الدفعة المقدمة، وأنه في حال توقفه عن دفع الأقساط، أو رغبته في الفسخ، فإن الشركة تصادر جميع ما دفع، فهذا غرر فاحش وأكل للمال بالباطل.

وهذا الشرط يتضمن أمرين:

الأول: فسخ العقد، عند عدم سداد الأقساط. وهذا لا حرج فيه.

جاء في المعايير الشرعية، ص 115: " للمؤسسة أن تشترط على العميل: أنه إذا امتنع عن تسلم السلعة في الموعد المحدد بعد إبرام عقد المرابحة يحق للمؤسسة فسخ العقد أو بيع السلعة نيابة عن العميل ولحسابه وتستوفي مستحقاتها من الثمن وترجع عليه بالباقي إن لم يكف الثمن" انتهى.

وجاء فيها ص 126: " مستند جواز اشتراط الفسخ هو: أن الأصل في الشروط الجواز والصحة وهذا الشرط لا يحل حراما ولا يحرم حلالاً فينطبق عليه حديث : (المسلمون عند شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً) انتهى.

والثاني: أخذ الشركة لجميع ما دفع المشتري في حال عدم سداده الأقساط. وهذا غرر فاحش، وظلم بين، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر. رواه مسلم (1513).

وعليه فلا يجوز الدخول في هذا العقد المشتمل على الغرر الفاحش.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-06-19, 16:47
بيع العربون

من موضوع البيوع ... المعاملات الاسلامية


السؤال :

بعض الباعة يشترطون على من يريد شراء سلعة أو استئجارها أن يدفع مبلغا مقدما فإذا عَدَل المشتري أو المستأجر عن رأيه يكون المقدَّم من حقّ البائع ، فما حكم ذلك ؟

الجواب:

الحمد لله

موضوع هذا السؤال هو بيع العربون والمراد ببيع العربون هو بيع السلعة مع دفع المشتري مبلغاً من المال إلى البائع على أنه إن أخذ السلعة احتسب المبلغ من الثمن وإن تركها فالمبلغ للبائع . ويجري مجرى البيع الإجارة ، لأنها بيع المنافع ، وقد ورد حديث في النهي عن بيع العربون لكنّه ضعيف لا يصحّ

ويستثنى من جواز بيع العربون حالات معينة منها بيع السَّلم لأنه يُشترط فيه تسليم الثمن كاملا في مجلس العقد ، وكذلك بيع النقد بالنقد وبيع الذهب والفضة لأنّه لا بدّ فيه من التقابض الكامل في مجلس العقد ، فلا يجوز بيع العربون في هذه العقود .

هذا ويجوز بيع العربون إذا قيدت فترة الانتظار بزمن محدد ، ويحتسب العربون جزءاً من الثمن إذا تم الشراء ، ويكون من حق البائع إذا عدل المشتري عن الشراء ما داما قد تراضيا على ذلك .

والله أعلم .

انظر قرارات مجمع الفقه الإسلامي ص 165

*عبدالرحمن*
2018-06-19, 16:50
حكم بيع العربون

من موضوع البيوع ... المعاملات الاسلامية

السؤال

إذا اتفق البائع والمشتري على البيع ، ودفع المشتري ( عربون ) ثم عدل بعد ذلك عن الشراء ، فهل من حق البائع أن يأخذ العربون ولا يرده للمشتري ؟.

الجواب

الحمد لله

نعم ، من حقه ذلك ، وفعله عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وهو مذهب الإمام أحمد رحمه الله .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

( لا حرج في أخذ العربون في أصح قولي العلماء إذا اتفق البائع والمشتري على ذلك ولم يتم البيع ) اهـ .

فتاوى للتجار ورجال الأعمال (ص49) .

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (13/133) :

( بيع العربون جائز ، وهو أن يدفع المشتري للبائع أو وكيلاً مبلغاً من المال أقل من ثمن المبيع بعد تمام عقد البيع ، لضمان المبيع ؛ لئلا يأخذه غيره على أنه إن أخذ السلعة احتسب به من الثمن ، وإن لم يأخذها فللبائع أخذه وتملكه وبيع العربون صحيح ، سواء حدد وقتاً لدفع باقي الثمن أو لم يحدد وقتاً

وللبائع مطالبة المشتري شرعاً بتسليم الثمن بعد تمام البيع وقبض المبيع ، ويدل لجواز العربون فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه

قال الإمام أحمد في بيع العربون : لا بأس به ، وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، أنه أجازه ، وقال سعيد بن المسيب ، وابن سيرين : لا بأس به إذا كره السلعة أن يردها ، ويرد معها شيئاً ، أما الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه : ( نهى عن بيع العربون ) فهو حديث ضعيف ، ضعفه الإمام أحمد وغيره ، فلا يحتج به ) اهـ .

*عبدالرحمن*
2018-06-19, 16:53
: أخذ مالا لتصنيع آلة فصنع أكثرها ثم أخذت في الحرب فما يلزمه؟

السؤال :

لدي منشأة لصناعة الآلات في سوريا ، أحد زبائني قام بدفع مبلغ 10 آلاف دولارا كعربون لكي أقوم بصناعة آلة لتعبئة الرمال ، وبالفعل قمنا بصناعة الآلة ، وأنهينا تصنيعها بنسبة 85‎%‎ تقريباً ، ولكن حسب المدة المتفق عليه تأخرنا عليه بالتسليم بسبب الوضع في بداية الأزمة السورية

ونظرا لبدء الحرب اضطررنا لمغادرة سوريا هربا من الحرب ، وقد تم تدمير جزء كبير من مصنعي ، وتم سرقة كل شيء حتى آلالات الزبون ، وأصبحنا لا نملك شيئا من المال ، وأصبحت أوضاعنا صعبة جداً ، الآن والحمد لله قمت بإنشاء مصنع جديد في إسطنبول ، وقمت بالاتصال بالزبون

وأخبرته أنني أريد أن أبرأ ذمتي أمام الله عز وجل ، وهو لم يعد بحاجة للآلة ؛ لأنه اشترى آلة من دولة أخرى ، فكيف أبرئ ذمتي من هذا الأمر ، مع إنني متضرر ، وقمت بتجهيز الآلات ، ودفعت أكثر مما دفع لي لقاء تصنيع الآلات ، وهو الآن كما أخبرني أنه بحاجة للمبلغ ؟

الجواب :

الحمد لله

ما تم بينك وبين الزبون هو عقد استصناع، وقد أنجزت منه 85% كما ذكرت، وتأخرت في التسليم نظرا لظروف الحرب، ثم تم تدمير مصنعك وأخذ ما فيه ومنه آلات الزبون.

وعليه : فإن الزبون يستحق ما دفع وهو 10 آلاف دولار؛ لأن السلعة في ضمان الصانع حتى يقبضها المستصنع ، أو يتمكن من قبضها ويفرط في أخذها .

والزبون هنا لم يتمكن من قبض آلاته، ولو حكما، فيكون ضمانها عليك .

أي : إن تلفت ، أو أُخذت : فأنت المتحمل لذلك، ولا يلزم الزبون شيء.

قال الإمام محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله: " إذا قبض المشتري ما اشترى ، وخلى البائع بينه وبينه : فصار في ضمانه، فما هلك منه ، من قليل أو كثير : فهو من مال المشتري.

وإذا لم يقبض المشتري ما اشترى، فما ذهب منه ، من قليل أو كثير : فهو من مال البائع؛ لأنه هلك في ضمان البائع قبل أن يسلمه الى المشتري" انتهى من "الحجة على أهل المدينة" (2/ 557).

وقال الماوردي في الحاوي (5/ 136):

" إذا تلفت السلعة المبيعة في يد بائعها قبل قبض المشتري لها: بطل البيع ، وكانت من ضمان البائع، واستحق المشتري استرجاع الثمن" انتهى.

وجاء في المعايير الشرعية، ص180:

" 6ـ1 تبرأ ذمة الصانع بتسليم المصنوع إلى المستصنع ، أو تمكينه منه، أو تسليمه إلى من يحدده المستصنع....

6ـ 4 يجوز أن يكون تسليم المصنوع بطريقة القبض الحكمي ، بتمكين الصانع للمستصنع من قبض المصنوع بعد إنجازه ، وبذلك ينتهي ضمان الصانع، ويبدأ ضمان المستصنع .

فإذا حصل بعد التمكن تلف للمصنوع ، غير ناشئ عن تعدي الصانع ، أو تقصيره : يتحمله المستصنع .

وبذلك يتم الفصل بين الضمانين: ضمان الصانع، وضمان المستصنع .

6ـ5 إذا امتنع المستصنع عن قبض المصنوع بدون حق ، بعد تمكينه من القبض : يكون أمانة في يد الصانع ؛ لا يضمنه إلا بالتعدي أو التقصير، ويتحمل المستصنع تكلفة حفظه" انتهى.

وعلم منه : أن الصانع لا يبرأ ، ما دام لم يفرغ من إنجاز المصنوع ، ولم يمكن المستصنع من تسلمه.

وعليه : فيلزمك رد الثمن للزبون .

ونسأل الله أن يخلف عليك خيرا، ويبارك لك في مالك.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-06-19, 16:56
باع الوارث نصيبه في البيت لأحد الشركاء دون علم البقية فهل لهم الشفعة ؟

السؤال :

لدينا بيت مشترك بين والدي ـ رحمه الله ـ وبين ثلاثة عمات متزوجات ، منهم واحدة توفاها الله ، واثنان من الأعمام ، منهم واحد متوفي أيضا ، أي لم يبق على قيد الحياة إلا عم واحد فقط، ولا يوجد لديه أولاد ،و بنات ، ووالدي أيضا توفي العام الماضي عن زوجة ، وثلاث بنات

وسؤالي هو : عمي المتوفي الآخر لديه ولد واحد فقط ، وهذا الولد منذ شهرين إشترى حق عماته الثلاث في هذا البيت دون علمنا ، ولم يسألنا أحد عن ما إذا كان لدينا نية في شراء حق العمات جميعا أو مناصفة

أم لا ، ونحن كما أشرت مشتركون جميعا في هذا البيت معه ، وذلك برضا ، وبمباركة عمي وعمه الذي لم ينجب ، وبذلك سيكون لإبن العم النصيب والمساحة الأكبر في البيت ، فهل هذه البيعة دينيا صحيحة ؟

وهل يأثما عمي وابن عمي لعدم إخطارنا بذلك قبل صياغة هذا العقد ؟

الجواب :

الحمد لله

إذا اشترك جماعة في أرض أو دار، فلا يحل لواحد منهم أن يبيع حصته حتى يُعلم شركاءه؛ لما روى مسلم (1068) عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: (قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ شِرْكَةٍ لَمْ تُقْسَمْ، رَبْعَةٍ أَوْ حَائِطٍ، لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، فَإِذَا بَاعَ وَلَمْ يُؤْذِنْهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ).

وفي رواية له: قَالَ: (قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ شِرْكَةٍ لَمْ تُقْسَمْ، رَبْعَةٍ أَوْ حَائِطٍ، لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، فَإِذَا بَاعَ وَلَمْ يُؤْذِنْهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ).

فإن باع الشريك دون إعلام شركائه، كان لهم حق الشفعة.

وعليه : فقد أخطأت عماتكن في بيع حصصهن لابن عمك دون إعلامكن. ولكُنَّ الآن حق الشفعة.

ثانيا:

إذا اشترك في العقار أكثر من شريكين، فباع أحدهما نصيبه لأحد الشركاء، فلبقية الشركاء الشفعة، على قدر أملاكهم.

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (5/ 271):

" وإن كان المشتري شريكا، فللشفيع الآخر أن يأخذ بقدر نصيبه. وبهذا قال أبو حنيفة، والشافعي .... لأنهما تساويا في الشركة، فتساويا في الشفعة" انتهى مختصرا.

وقال في "كشاف القناع" (4/ 149):

" (وإن كان المشتري شريكا) لآخر غير البائع (فالشفعة بينه وبين الآخر) بحسب ملكيهما؛ لأنهما تساويا في الشركة ، فتساويا في الشفعة ، كما لو اشتراه غير الشريك.

والمعنى: أن المشتري يستقر ملكه على ما يقابل ما كان له، فلا يُنتزع منه ؛ وإلا فلا شفعة له على نفسه" انتهى.

وعليه؛ فإن أردت ، أو أرادت إحدى أخواتك شراء شيء من نصيب العمات : فلكُنَّ حق الشفعة، وهي تثبت على الفور عند الجمهور، فإن تراخيتن في طلبها سقط حقكن.

وبناء على هذا ، فنصيب العمات الذي اشتراه ابن عمكن يقسم بينكن وبينه ، بحسب ملك كل من الطرفين في البيت المشترك .

وأما العم الباقي : فلا شفعة له لأن موافقته على هذا البيع ، وعدم مطالبته بحق الشفعة يكون إسقاطا لحقه فيها .

قال ابن قدامة رحمه الله: " الصحيح في المذهب أن الشقص المشفوع إذا أخذه الشفعاء، قسم بينهم على قدر أملاكهم. اختاره أبو بكر.

وروي ذلك عن الحسن، وابن سيرين، وعطاء. وبه قال مالك، وسوار، والعنبري، وإسحاق، وأبو عبيد. وهو أحد قولي الشافعي".

إلى أن قال: " ولو مات رجل، وخلف ثلاثة بنين وأرضا، فمات أحدهم عن ابنين، فباع أحد العمين نصيبه، فالشفعة بين أخيه وابني أخيه"

انتهى من المغني (5/ 269- 271).

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-06-19, 17:00
أيهما يقدم في ولاية مال اليتيم ، العمة التي أوصي لها بالولاية أم الأم ؟

السؤال

: توفى الأب وترك ابن وابنه و نقلت الوصاية للجد۔ و مرض الجد فتنازل عن الوصاية لابنته، أي عمة الأولاد۔ أرملة المتوفي و أبناؤه يريدون أن تكون الأم هي الوصية۔ فالآن لمن تثبت الولاية على مال؟

هل يجوز للأم و الأولاد رفض نقل الوصاية لمن أوصى به الجد؟

و هل كان يجب أخذ موافقتها قبل نقل الوصاية لغيرها؟

و في حالة رفضها لا يتم نقل الوصاية لغيرها؟

و هل يجب عليها تسليم جميع ما يعين الولي على المال من القيام بواجبه في مال الأولاد؟

و هل يجوز لها التصرف في هذا المال بدون علم الولي أو موافقته؟ و جزاكم الله خيراً

لجواب :

الحمد لله

أولا :

الولاية على أموال الأيتام ، تعني : الإشراف على شئون القاصر المالية ، من حفظ المال ، وتنميته والإنفاق عليه منه .

فهي تختص بالصغار ونحوهم ممن ليس أهلاً للتصرف بالمال ، كالمجنون ، والمعتوه .

فإن بلغ الصغار سن التكليف ، وكانوا رشيدين حسني التصرف في المال : فلا ولاية عليهم في أموالهم ذكورا كانوا أو إناثا ، بل تُدفع إليهم أموالهم ؛ لقوله تعالى : (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا) النساء/ 6 .

ولا يجوز لمن يتولى شؤون أموالهم ، أن يأخذ منها شيئاً ولا يعمل فيها إلا بالأنفع لهم .

ثانيا :

الأم لها حق الولاية على أيتامها ، عند عدم الأب والجد، على القول الراجح من أقوال أهل العلم .

فقد أُثِر عن عائشة رضي الله عنها، أنها كانت تلي أموال أبناء أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر .

فعن الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ أنه قال : " كَانَتْ عَائِشَةُ تُبْضِعُ بِأَمْوَالِنَا فِي الْبَحْرِ [أي : تدفعها لمن يتاجر بها] ، وَإِنَّهَا لَتُزَكِّيهَا " أخرجه عبدالرزاق في مصنفه (6983) .

وفي رواية أخرى قَالَ: " كُنَّا يَتَامَى فِي حِجْرِ عَائِشَةَ، فَكَانَتْ تُزَكِّي أَمْوَالَنَا، ثُمَّ دَفَعَتْهُ مُقَارَضَةً، فَبُورِكَ لَنَا فِيهِ " .

وهذا القول : رواية عن أحمد ، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية ، واختارها الشيخ ابن عثيمين أيضا .

قال البهوتي رحمه الله :

"سأل الأثرمُ الإمامَ [يعني الإمام أحمد بن حنبل] عن رجل مات وله ورثة صغار ، كيف يُصنع [يعني بمالهم] ؟

فقال : "إن لم يكن لهم وصي، ولهم أم مشفقة= تدفع إليها"

انتهى من "كشاف القناع" (3/447).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

: "وتكون الولاية لغير الأب والجد والحاكم ، وهو مذهب أبي حنيفة ، ومنصوص أحمد في الأم .

وأما تخصيص الولاية بالأب والجد والحاكم فضعيف جدا ، والحاكم العاجز كالعدم"

انتهى، من "الاختيارات" (137) ط الفقي . وينظر: "الإنصاف" ، للمرداوي (5/324) .

وقال الشيخ ابن عثيمين : " الولاية تكون لأولى الناس به ، ولو كانت الأم ، إذا كانت رشيدة ؛ لأن المقصود حماية هذا الطفل الصغير ، أو حماية المجنون أو السفيه ، فإذا وجد من يقوم بهذه الحماية من أقاربه : فهو أولى من غيره . وهذا هو الحق إن شاء الله تعالى .

وعليه ؛ فالجد أو الأب يكون ولياً لأولاد ابنه ، والأخ الشقيق ولياً لأخيه الصغير .

والأم ، إذا عدم العصبة : تكون ولية لابنها .

نعم ؛ إذا قدر أن أقاربه ليس فيهم الشفقة والحب والعطف ، فحينئذٍ نلجأ إلى الحاكم ليولي من هو أولى " .

انتهى من "الشرح الممتع" (9/86) .

وإذا تقرر ثبوت الولاية للأم ، على القول الراجح : فإنها تكون مقدمة على القاضي ، وعلى الوصي - وهي العمة ، التي أوصى لها الجد هنا - .

قال المرداوي الحنبلي رحمه الله في "الإنصاف" (5/324) .

"قُلْت: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ حَيْثُ قُلْنَا: لِلْأُمِّ وَالْعَصَبَةِ وِلَايَةٌ: أَنَّهُمْ كَالْجَدِّ فِي التَّقْدِيمِ عَلَى الْحَاكِمِ وَعَلَى الْوَصِيِّ، عَلَى الصَّحِيحِ" انتهى .

ولا شك أنه : إذا دار الأمر بين امرأتين ، إحداهما تلي مال الأيتام ، وتكون وصية عليهما ؛ إحداهما أم ، والأخرى ليست أما ، عمة أو غيرها ؛ فلا شك أن الأم مقدمة على من سواها من النساء ، وهي أعرف بمصالح أبنائها ، وأشد شفقة عليهم ، وأعظم قياما بأمرهم ممن سواها ، لعيشها معهم ، وملابستها لأمرهم ، وخصوصياتهم .

غير أننا ننصح أن يتم التفاهم في ذلك بين الأم والعمة ، وحل النزاع بينهما بشكل ودي ، وتوسيط بعض الأقارب ، وأهل الخير ، لتصفية ما قد يكون بينهما من المشاحنات ؛ حرصا على الأرحام ، ألا تقطع ، ومصلحة الأيتام ألا تضيع .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-19, 17:11
يتوسط في بيع المنح الدراسية مقابل عمولة

السؤال :

سؤالي عن بيع المنح الدراسية في روسيا ، فروسيا تقدم كل سنه مجموعة من المنح الدراسية للدول الفقيرة أو ما يسمى بدول العالم الثالث ، وكثير منها يقدم للفلسطينيين، ومن يقدم للمنحة يحصل عليها إذا استوفى الشروط ، ولكن المنح هذه بشكل أساسي لا تذهب للمستحق

بل للذي يدفع ثمنها ، فعدم ذهابها للمستحق له أسباب كثيره ومنها ، عدم قدرة الشخص على السفر للدراسة أصلا وتحمل المصاريف ، اعتبار بعض الناس أنها بلاد كفر لا يسافر إليها، الخوف من الوقوع في المعاصي أو العصابات وغيرها ، ومنهم بسبب أن سمعة روسيا ليست الأفضل في التعليم

أي أن الكثيرين ممن يستحقون لا يتقدمون للمنحة أصلا ، وهنالك أناس يشترون المنح ، ويحصّلون أعلى العلامات ، وهم من أوائل الطلاب مع أنهم حسب معدل المدرسة غير مؤهلين ، ولست هنا أحاول جعل اأمر حلالاً ، فهل يجوز لي التوسط في بيع هذه المنح مع عمولة لي ؟

الجواب:

الحمد لله

المنح الدراسية التي تقدمها بعض الدول أو الجامعات أو المؤسسات ليست سلعة تباع ، وإنما هي كما تُسمى "منحة" ؛ فهي منحة مجانية تقدمها الدولة لمن استوفى شروطها .

فإذا كان بعض المسئولين يستغل منصبه ، ويبيع هذه المنح ، ويعطيها لغير المستحق ، ما دام قد دفع له مالا .. فإن هذا العمل محرم .

وفيه غش وخيانة للجهة المانحة حيث لا يهتم باستيفاء شروط المنحة .

وفيه كذلك أن هذا المسئول يبيع شيئا لا يملكه ، لأن المنحة ليست ملكا له حتى يبيعها ، ولا يجوز للإنسان أن يبيع شيئا لا يملكه .

وإذا ثبت هذا فإنه لا يجوز لك أن تعاونه في بيع هذه المنح .

لأنه لا يجوز معاونة العاصي على معصيته ، لقول الله تعالى : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2 .

على أن إيصال هذه المنح الدراسية للمستحق لها مجانا ليس جائزا هكذا بإطلاق ، وذلك لأن الإقامة بالدول الغربية من أجل الدراسة ينطوي على مخاطر كثيرة ، تتعلق بالدين والأخلاق ، وكثير ممن نالوا الشهادات من تلك الدول رجعوا إلى بلادهم وكانوا مصدر بلاء وشقاء ، لأنهم رجعوا منسلخين من دينهم ، مفتونين بما عند الغرب ، فصاروا يدعون للعلمانية وتقليص دور الإسلام في المجتمع ، وهم يعلمون أنهم بهذا يخالفون الإسلام ، أو لا يعلمون .

ولذلك .. فلا يجوز لك أن تساعد أحدا على الحصول على هذه المنحة – ولو كان ذلك مجانا – إلا إذا كان ظاهر حاله الدين والاستقامة ، وغلب على ظنك أنه لن يغرق كما غرق الكثير غيره في بحور الشبهات والشهوات .

وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " نحن طلبة مسلمون ندرس في أمريكا لفترات تتراوح ما بين ستة أشهر وأربع سنوات ، وجئنا للدراسة هنا بمحض إرادتنا - أي لسنا مبتعثين من أي جهة - والدراسة هنا في أمريكا لا تختلف عن الدراسة في بلادنا سوى بالحصول على اللغة الإنجليزية ، فما حكم جلوسنا في هذه البلاد للدراسة؟ جزاكم الله خيرا.

فأجاب: "من كان منكم لديه علم وبصيرة بدين الله ، يمكنه أن يدعو إلى الله ويعلم الناس الخير ويدفع الشبهة عن نفسه ، ويظهر دينه بين من لديه من الكفار : فلا حرج عليه; لأن إقامته والحال ما ذكر ، وتزوده من العلم الذي يحتاج إليه : ينفعه وينفع غيره ، وقد يهدي الله على يديه جمعا غفيرا إذا اجتهد في الدعوة ، وصبر ، وأخلص النية لله سبحانه وتعالى .

أما من ليس عنده علم وبصيرة ، أو ليس عنده صبر على الدعوة ، أو يخاف على نفسه الوقوع في ما حرم الله ، أو لا يستطيع إظهار دينه بالدعوة إلى توحيد الله والتحذير من الشرك به وبيان ذلك لمن حوله : فلا تجوز له الإقامة بين أظهر المشركين; لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين» ، ولما عليه من الخطر في هذه الإقامة ، والله ولي التوفيق" انتهى من مجموع الفتاوى والمقالات (9/ 401).

وقال أيضا وهو يبين ضوابط ابتعاث الطلاب إلى الخارج :

" أما إذا اقتضت الضرورة ابتعاث بعض الطلاب إلى الخارج لعدم وجود بعض المعاهد الفنية المتخصصة ، لا سيما في مجال التصنيع وأشباهه ، فأرى أن يكون لذلك لجنة علمية أمينة لاختيار الشباب الصالح في دينه وأخلاقه المتشبع بالثقافة والروح الإسلامية ، واختيار مشرف على هذه البعثة معروف بعلمه وصلاحه ونشاطه في الدعوة ليرافق البعثة المذكورة ، ويقوم بالدعوة إلى الله هناك ، وفي الوقت نفسه يشرف على البعثة ، ويتفقد أحوالها وتصرفات أفرادها ، ويقوم بإرشادهم وتوجيههم ، وإجابتهم عما قد يعرض لهم من شبه وتشكيك وغير ذلك .

وينبغي أن يعقد لهم دورة قبل ابتعاثهم ، ولو قصيرة ، يدرسون فيها جميع المشاكل والشبهات التي قد تواجههم في البلاد التي يبتعثون إليها ، ويبين لهم موقف الشريعة الإسلامية منها ، والحكمة فيها حسب ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وكلام أهل العلم مثل أحكام الرق ، وتعدد الزوجات بصفة عامة ، وتعدد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بصفة خاصة ، وحكم الطلاق ، وحكمة الجهاد ابتداء ودفاعا وغير ذلك من الأمور التي يوردها أعداء الله على شباب المسلمين حتى يكونوا على استعداد تام للرد على ما يعرض لهم من الشبه "

انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (1/387) .

وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء

: " إذا كان الواقع كما ذكر من أن التخصص الذي تدرسه موجود في بلدك الإسلامي ، وأن الدراسة في الخارج مشتملة على مفاسد كثيرة في الدين والأخلاق وعلى الزوجة والأولاد - فإنه لا يجوز لك السفر لهذه الدراسة ؛ لأنها ليست من الضرورات ، مع وجودها في بلدك الإسلامي ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة في التحذير من الإقامة في بلاد الكفار من غير مسوغ شرعي ؛ كقوله صلى الله عليه وسلم : (أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين) وغيره من الأحاديث ... "

انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء" (26/ 93)
والخلاصة :

لا يجوز لك التوسط في بيع هذه المنح الدراسية ، وإذا أردت مساعدة بعض الطلبة بالحصول عليها مجانا ، فلا يجوز لك أن تساعد إلا من يغلب على ظنك انتفاعه بها ، مع سلامته من المفاسد ومخاطر الابتعاث .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-06-26, 02:10
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


اشتراط التنازل عن الدفعة المقدمة وتحمل الضرر الفعلي عند عدول المشتري عن الشراء

السؤال :

توجد شركة تقوم ببناء مجمعات سكنية وبيع البيوت بالتقسيط للمواطنين حسب نظام دفعات محدد ، وفي العقد بين الشركة والمشتري توجد فقرة تنص على أنه في حالة نكول أو عدول المشتري عن الشراء تقوم الشركة بمصادرة كامل قيمة الدفع المقدمة والأقساط المستحقة السداد وبنسبة 100%

كما ويحق للشركة احتساب ما نسبته 20% من قيمة العقد الكلية كتعويض للشركة عن الأضرار جراء عدول المشتري عن الشراء ، فهل هذا العقد جائز شرعاً ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا:

الشرط الجزائي في العقود المالية جائز ، ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها دَيْناً. فيجوز أن يشترط على المشتري أنه في حال عدوله عن الشراء- وليس عن مجرد الوعد- يتنازل عن العربون ، أو الدفعة المقدمة.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن الشرط الجزائي:

"رابعا: يجوز أن يشترط الشرط الجزائي في جميع العقود المالية ، ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها دينًا ؛ فإن هذا من الربا الصريح .

وبناء على هذا ، فيجوز هذا الشرط – مثلاً في عقود المقاولات بالنسبة للمقاول ، وعقد التوريد بالنسبة للمورد ، وعقد الاستصناع بالنسبة للصانع (البائع) ، إذا لم ينفذ ما التزم به ، أو تأخر في تنفيذه .

ولا يجوز – مثلاً– في البيع بالتقسيط بسبب تأخر المدين عن سداد الأقساط المتبقية ، سواء كان بسبب الإعسار ، أو المماطلة ، ولا يجوز في عقد الاستصناع بالنسبة للمستصْنِع (المشتري) إذا تأخر في أداء ما عليه .

خامسًا : الضرر الذي يجوز التعويض عنه يشمل الضرر المالي الفعلي ، وما لحق المضرور من خسارة حقيقية ، وما فاته من كسب مؤكد ، ولا يشمل الضرر الأدبي أو المعنوي .

سادسًا : لا يعمل بالشرط الجزائي إذا أثبت من شُرط عليه أن إخلاله بالعقد كان بسبب خارج عن إرادته ، أو أثبت أن من شُرط له لم يلحقه أي ضرر من الإخلال بالعقد" انتهى من "قرارات المجمع" (ص371) طبعة وزارة الأوقاف القطرية .

وعليه : فيجوز للشركة أن تشترط أخذ أكثر من الدفعة المقدمة، تعويضا عن الضرر الفعلي الذي لحقها.

والضرر الفعلي هنا هو أن تبيع الشركة البيت لغيره بخسارة، فيتحمل المشتري هذه الخسارة.

فإن كان احتساب ما نسبته 20% من قيمة العقد الكلية، يعتبر تعويضا عن الضرر الفعلي، فلا حرج .

وإلا ؛ كان من أكل أموال الناس بالباطل، لكن هذا لا يحرم الدخول في العقد، فمن كان عازما على الشراء، فلا حرج عليه أن يشتري بهذه الطريقة.

وفي قرار هيئة كبار العلماء: " إذا كان الشرط الجزائي كثيرًا عرفًا بحيث يراد به التهديد المالي ، ويكون بعيدًا عن مقتضى القواعد الشرعية ، فيجب الرجوع في ذلك إلى العدل والإنصاف على حسب ما فات من منفعة أو لحق من مضرة .

ويرجع تقدير ذلك عند الاختلاف إلى الحاكم الشرعي عن طريق أهل الخبرة والنظر ، عملاً بقوله تعالى : (وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) وقوله سبحانه : (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) وبقوله صلى الله عليه وسلم : (لا ضرر ولا ضرار) وبالله التوفيق ، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .

ثانيا:

لم يتضح لنا المراد من قولك: " والاقساط المستحقة السداد وبنسبة 100%".

فإن كان المراد أن المشتري دفع أقساطا إضافة إلى الدفعة المقدمة، وأنه في حال توقفه عن دفع الأقساط، أو رغبته في الفسخ، فإن الشركة تصادر جميع ما دفع : فهذا غرر فاحش وأكل للمال بالباطل.

وهذا الشرط يتضمن أمرين:

الأول: فسخ العقد، عند عدم سداد الأقساط. وهذا لا حرج فيه.

جاء في المعايير الشرعية، ص115: " للمؤسسة أن تشترط على العميل: أنه إذا امتنع عن تسلم السلعة في الموعد المحدد ، بعد إبرام عقد المرابحة : يحق للمؤسسة فسخ العقد ، أو بيع السلعة نيابة عن العميل ، ولحسابه ، وتستوفي مستحقاتها من الثمن ، وترجع عليه بالباقي إن لم يكف الثمن" انتهى.

وجاء فيها ص126: " مستند جواز اشتراط الفسخ هو: أن الأصل في الشروط الجواز والصحة، وهذا الشرط لا يحل حراما ، ولا يحرم حلالاً ؛ فينطبق عليه حديث : ( المسلمون عند شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً ) " انتهى.

والثاني: أخذ الشركة لجميع ما دفع المشتري في حال عدم سداده الأقساط : وهذا غرر فاحش، وظلم بين، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر. رواه مسلم (1513).

وعليه : فلا يجوز الدخول في هذا العقد المشتمل على الغرر الفاحش.

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-06-26, 02:15
الشرط الجزائي في العقود ، متى يصح ومتى لا يصح؟

السؤال :

عندي شركة استيراد وتصدير ، أستورد بضاعة من الخارج ، وأبيعها على التجار في الداخل.

ما حكم العقد الجزائي الذي يجبر الزبون بدفع تعويض إذا تأخر عن تسديد ثمن السلعة ، وكذلك لتعويض الربح المتوقع في بعض الحالات ؟

وإذا ما تم هذا العقد الجزائي علي هل يحل لي أن أقوم بشرطه على زبوني أيضا ؟

الجواب :

الحمد لله

الشرط الجزائي في العقود المالية جائز ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها دَيْناً . فلا يجوز مثلاً أن يُشترط على من اشترى سلعة بالتقسيط أن يدفع شيئا زائدا على هذا الثمن إن تأخر في السداد ، لأن هذه الزيادة ستكون زيادة على الدَّيْن ، وهذا ربا صريح ، أما ما عدا الدَّيْن من الحقوق والالتزامات ، فيجوز الشرط الجزائي فيها للتعويض عن الضرر ، الواقع فعلا . جاء في قرار "مجمع الفقه الإسلامي" بشأن موضوع الشرط الجزائي :

"أولاً : الشرط الجزائي في القانون هو اتفاق بين المتعاقدين على تقدير التعويض الذي يستحقه من شُرِط له عن الضرر الذي يلحقه إذا لم ينفذ الطرف الآخر ما التزم به ، أو تأخر في تنفيذه .

ثانيًّا : يؤكد المجلس قراراته السابقة بالنسبة للشرط الجزائي

الواردة في قراره في السَّلَم رقم 85 ( 2 / 9 )

ونصه : ( لا يجوز الشرط الجزائي عن التأخير في تسليم المُسْلَم فيه ؛ لأنه عبارة عن دَيْن ، ولا يجوز اشتراط الزيادة في الدين عند التأخير)

وقراره في الاستصناع رقم 65 ( 3/7 )

. ونصه : (يجوز أن يتضمن عقد الاستصناع شرطًا جزائيًّا بمقتضى ما اتفق عليه العاقدان ما لم تكن هناك ظروف قاهرة) ،

وقراره في البيع بالتقسيط رقم 51 ( 2 / 6 )

ونصه : (إذا تأخر المشتري (المدين) في دفع الأقساط بعد الموعد المحدد فلا يجوز إلزامه أي زيادة على الدين ، بشرط سابق ، أو بدون شرط ، لأن ذلك ربا محرم) .

ثالثًا : يجوز أن يكون الشرط الجزائي مقترنًا بالعقد الأصلي ، كما يجوز أن يكون في اتفاق لاحق قبل حدوث الضرر .
رابعًا : يجوز أن يشترط الشرط الجزائي في جميع العقود المالية ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها دينًا ؛ فإن هذا من الربا الصريح .

وبناء على هذا ، فيجوز هذا الشرط – مثلاً في عقود المقاولات بالنسبة للمقاول ، وعقد التوريد بالنسبة للمورد ، وعقد الاستصناع بالنسبة للصانع (البائع) ، إذا لم ينفذ ما التزم به ، أو تأخر في تنفيذه .

ولا يجوز – مثلاً– في البيع بالتقسيط بسبب تأخر المدين عن سداد الأقساط المتبقية ، سواء كان بسبب الإعسار ، أو المماطلة ، ولا يجوز في عقد الاستصناع بالنسبة للمستصْنِع (المشتري) إذا تأخر في أداء ما عليه .

خامسًا : الضرر الذي يجوز التعويض عنه يشمل الضرر المالي الفعلي ، وما لحق المضرور من خسارة حقيقية ، وما فاته من كسب مؤكد ، ولا يشمل الضرر الأدبي أو المعنوي .

سادسًا : لا يعمل بالشرط الجزائي إذا أثبت من شُرط عليه أن إخلاله بالعقد كان بسبب خارج عن إرادته ، أو أثبت أن من شُرط له لم يلحقه أي ضرر من الإخلال بالعقد .

سابعًا : يجوز للمحكمة بناء على طلب أحد الطرفين أن تعدل في مقدار التعويض إذا وجدت مبررًا لذلك ، أو كان مبالغًا فيه" انتهى من "قرارات المجمع" (ص371) طبعة وزارة الأوقاف القطرية .

وبمثل هذا قالت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية ، إذ جاء في مجلة البحوث الإسلامية (2/143) بعد مناقشة البحوث حول الشرط الجزائي :

" فإن المجلس يقرر بالإجماع : أن الشرط الجزائي الذي يجري اشتراطه في العقود شرط صحيح معتبر يجب الأخذ به ، ما لم يكن هناك عذر في الإخلال بالالتزام الموجب له يعتبر شرعًا ، فيكون العذر مسقطًا لوجوبه حتى يزول . وإذا كان الشرط الجزائي كثيرًا عرفًا بحيث يراد به التهديد المالي

ويكون بعيدًا عن مقتضى القواعد الشرعية ، فيجب الرجوع في ذلك إلى العدل والإنصاف على حسب ما فات من منفعة أو لحق من مضرة . ويرجع تقدير ذلك عند الاختلاف إلى الحاكم الشرعي عن طريق أهل الخبرة والنظر ، عملاً بقوله تعالى : (وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) وقوله سبحانه : (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) وبقوله صلى الله عليه وسلم : (لا ضرر ولا ضرار) وبالله التوفيق ، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .

وبهذا يتبين أن المشتري له أن يشترط عليكم شرطاً جزائياً إذا تأخرتم عن تسليم السلعة في الوقت المتفق عليه ، ولكن ليس لكم أن تشترطوا هذا الشرط عليه إن تأخر في سداد باقي الثمن ، ولكم أيضاً أن تشترطوا هذا الشرط الجزائي على الشركة المُصَدِّرة لكم إن حصل منها إخلال بالعقد المتفق عليه بينكم .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-26, 02:18
حكم الاقتراض من مال الوالد المصاب بالزهايمر

لسؤال :

عمي صاحب محل تجاري ، ولديه 14 من الأبناء ، منهم ثلاثة يعملون في المحل برواتب ، كبر عمي في السن ، وأصيب بالزهايمر ، وزوجي يعتبر هو مدير المحل ، فأخذ من أموال من المحل مبلغا على أساس أنه سيسدد من راتبه ، وتزوج بهذا المال ، فهل يجوز له ذلك ؟ علما بأن عمي قبل مرضه كان شديدا جدا من ناحيةإهمال المحل ، وسحب الأموال

يعني لو كان بوعيه ما أظنه سيوافق أن يسحب ابنه مبلغ عشرين ألفا من المحل ليتزوج بالثانية ، ثم إنه سافر ، وغاب عن عمله 3 أشهر عند زوجته الأخرى ، وعمي أيضا كان لا يسمح له بالسفر قبل ذلك ، إلا أقل من شهر لزيارة مكة في رمضان ، فماحكم اقتراضه وسفره ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا:

المصاب بالزهايمر يحجر عليه في ماله مِن قِبَل القاضي الشرعي، ويعيِّن القاضي قيّما على المال، ليحفظه ويتصرف فيه لمصلحة المحجور عليه، من النفقة عليه ، وعلاجه ، وإخراج زكاته.

وليس للقيم أن يتبرع بشيء من ماله ، أو أن يقرض منه؛ لأن القرض نوع من التبرع.

وفي تحفة المحتاج في شرح المنهاج (5/ 41): "ويشترط في المقرِض (أهلية التبرع) المطلق.... فلا يصح من محجور عليه، وكذا وليه، إلا لضرورة بالنسبة لغير القاضي" انتهى.

وفي الموسوعة الفقهية (45/ 162): " لا خلاف بين الفقهاء في أنه لا يجوز للولي أن يتصرف في مال المحجور، إلا على النظر والاحتياط، وبما فيه حظ له واغتباط؛ لحديث: (لا ضرر ولا ضرار) .

وقد فرعوا على ذلك: أن ما لا حظ للمحجور فيه ، كالهبة بغير العوض والوصية والصدقة والعتق والمحاباة في المعاوضة : لا يملكه الولي . ويلزمه ضمان ما تبرع به من هبة أو صدقة أو عتق، أو حابى به ، أو ما زاد في النفقة على المعروف ، أو دفعه لغير أمين، لأنه إزالة ملكه من غير عوض ؛ فكان ضررا محضا ...

ولا خلاف بين الفقهاء في أن على الولي الإنفاق من ماله على موليه ، وعلى من تلزمه مؤنته بالمعروف ، من غير إسراف ولا تقتير، لقوله تعالى: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما).

وزاد الشافعية والحنابلة: فإن قتر أثم، وإن أسرف أثم وضمن لتفريطه" انتهى.

ثانيا:

ليس لمدير المحل أن يقترض لنفسه ، أو أن يقرض أحدا ، إلا بإذن صاحب المحل، لأنه وكيل في التصرف، والوكالة مقيدة بالإذن.

وعليه فسواء كان عمك سليما أو مريضا، فقد أخطأ زوجك في الاقتراض من المحل، وتعدى على الأمانة، والواجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يعجل بسداد القرض.

وأما سفره، فيرجع فيه إلى نظام العمل في المحل ، وما يسمح به من الإجازات للموظفين.

والأمر المهم هو ما قدمناه من أن المصاب بالخرف ، أو الزهايمر : يحجر عليه في ماله من قبل القاضي، الذي يعيّن قيما على ماله ، لحفظه وتنميته ، ويدخل في ذلك الإشراف على المحل وطريقة تسييره.

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

:" امرأة كبيرة في السن تسكن عند إحدى بناتها، وهذه المرأة عندها مال، والآن هي ليست جيدة العقل، ومعتادة قبل أن يكون عقلها بهذا الشكل أن تعطي أطفال بناتها في رمضان أو في العيد، وكذلك تطعم في رمضان، والآن تقوم البنت بما كانت تقوم به الأم في السابق، والناس أنكروا عليها قالوا: ما يجوز أن تفعلي هذا الشيء، فما رأي سماحتكم؟

فأجاب: نعم .. الصحيح الإنكار، أنه يُنْكَر على البنت أن تتصرف بشيء من مال أمها الآن؛ لأن أمها لما كانت عاقلة : فالأمر بيدها، فلما اختل عقلها صار لا بد لها من ولي.

ولهذا نقول: لا تتصرف في شيء من مالها إلا بعد أخذ ولاية من المحكمة .

فالواجب عليها الآن : أن تذهب إلى المحكمة ، وتبلغ القاضي بالواقع، وتطلب الولاية على أمها.

السائل: هل يحق للولي عمل نفس العمل؟

الشيخ: إذا صار ولياً فإنه لا يتصرف في مالها إلا فيما هو لازم .

أما التبرع : فلا يتصرف فيه بشيء"

انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (13/ 18).

وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:

"عندي الوالِد فاقد الذاكرة ، من أربع وعشرين سنة، الوالدة تتصرف براتبه، وتتصدق من الراتب؟

فأجاب: الوالِد إذا كان فاقد للذاكرة : تذهبون إلى المحكمة ، وتُقيم وليًا على أمواله، لابد من أن المحكمة تُقيم مَن يتولى أمواله ويَحفظها ، ويُخرج الزكاة مِنها ، والديون الذي عَليه، لابُدّ من هذا، ولا يُترَك كلٌ يُتصرَف فيها من غير بصيرة." انتهى من موقع الشيخ:

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-06-26, 02:23
حكم مال لمريضة بالزهايمر تركته قبل مرضها أمانة عند غيرها

السؤال:

والدة زوجي كبيرة في السن ، ومنذ فترة ليست بالقصيرة أعطتني شنطة خاصة بها ، وطلبت مني أن أحتفظ بها لها ، والآن وقد أصبحت طاعنة في السن أصيبت بمرض الزهايمر ، وهو كثرة النسيان وبشكل كبير

ولذلك اضطررت إلى أن أفتح الشنطة لأعرف ما بها ، فوجدت بها بعض المال ، مع بعض الذهب الخاص بها ، وقد قررت أنا وزوجي أن نعين لها خادمة تقوم بشؤونها .

فهل يجوز لي أن أستخدم نقودها وذهبها في ذلك ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

" مرض الزهايمر هو : الشكل الأكثر انتشاراً للخرف عند كبار السن ، والخَرَف هو : اضطراب دماغي يؤثر بشكل خطير على إمكانية قيام الشخص المُسِنّ بنشاطاته اليومية " .

انتهى من " موسوعة الملك عبد الله العربية للمحتوى الصحي "
.
فمرض الزهايمر إذا هو ما يعرف عند الفقهاء ، وفي مجتمعاتنا العربية حاليا بـ ( الخَرَف ) .

والخَرِف في الأحكام الشرعية حكمه حكم المجنون .

قال تقي الدين السبكي رحمه الله تعالى :

" وأما سقوط التكليف عن الخرف الذي زال عقله ، فلا شك فيه " .

انتهى من " إبراز الحكم من حديث رفع القلم " ( ص 98 ) .

وقال أيضا : " الخرف والجنون : أحكامهما واحدة ، وليس بينهما تفاوت " .

انتهى من " إبراز الحكم من حديث رفع القلم " ( ص 99 ) .

ثانيا :

من جنّ وزال عقله :

1- مادام على قيد الحياة ، فملكيته لأمواله باقية ، فلا يجوز أن تقسم على ورثته ، ولا تصرف في غير مصلحته ، ويحفظ هذا المال إلى أن يشفى ، أو يموت فيقسم على ورثته .

2- يحجر عليه ويُمنَع من التصرف في أمواله .

قال الله تعالى : ( وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا ) النساء/5 .

قال ابن كثير رحمه الله :

" ينهى سبحانه وتعالى عن تمكين السفهاء من التصرف في الأموال التي جعلها الله للناس قياما ، أي تقوم بها معايشهم من التجارات وغيرها .

ومن هاهنا يؤخذ الحَجْر على السفهاء ، وهم أقسام : فتارة يكون الحَجْر للصغر ، فإنّ الصغير مسلوب العبارة ، وتارة يكون الحَجْر للجنون ، وتارة لسوء التصرف ؛ لنقص العقل أو الدين ... "

انتهى من " تفسير القرآن العظيم " ( 3 / 350 ) .

قال ابن قدامة رحمه الله تعالى :

" قال أحمد : والشيخ الكبير يُنْكَرُ عقله ، يُحْجَرُ عليه ، يعني : إذا كبر ، واختلّ عقله ، حُجِرَ عليه ، بمنزلة المجنون ؛ لأنّه يعجز بذلك عن التصرف في ماله على وجه المصلحة ، وحفظه ، فأشبه الصبي والسفيه "

انتهى من " المغني " ( 6 / 610 ) .

ثالثا :

في حالة أم زوجك : الواجب أن تُرفع قضيتها إلى المحكمة الشرعية ، إن وجدت في بلدكم ، لتنظر في أمرها وتعين من يكون الولي على مالها ، فإن تعيين من يستحق الحجر عليه ، وضبط ذلك ، هو من مسائل الاجتهاد التي يرجع فيها إلى حكم الحاكم .

جاء في " كشاف القناع عن الإقناع " من كتب المذهب الحنبلي (8 /394 ) :

" ( ولا يَحجر عليهما ) أي : على من سفه ، أو جُنَّ بعد بلوغه ورشده ، إلا حاكم " انتهى.

وسُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :

" لي والد كبير في السن وهو قد وصل إلى مرحلة التخريف ، وله أرض كبيرة ونرغب في تخطيطها وبيعها على شكل قطع سكنية ، ولكن يقول البعض من الأخوة ما دام الوالد على قيد الحياة فلا حق لكم في التصرف ؛ هل يجوز لي أن آخذ صك ولاية من المحكمة لأجل مصلحته ؟

فأجاب رحمه الله تعالى : إذا كان تصرفه غير سديد : فلا بد أن تبلغ بذلك المحكمة حتى تتخذ الإجراء اللازم "

انتهى من " فتاوى نور على الدرب " ( 16 / 2 بترقيم الشاملة ) .

فإذا لم توجد محكمة شرعية ، ففي هذه الحالة لأبنائها أن يتفقوا ويختاروا من يقوم على مالها ، ويحفظه لها ؛ فإن الولاية إنما تكون لأولى الناس بالمحجور عليه ، وأحسنهم نظرا في مصلحته .

وقد نقل الروياني عن الشافعي أن القاضي إذا حجر على البالغ السفيه : " استحب أن يردّ أمره إلى الأب والجد ، فإن لم يكن فسائر العصبات ؛ لأنهم أشفق " .

انتهى من " مغني المحتاج " ( 2 / 222 ) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :

" الولاية تكون لأولى الناس به ، ولو كانت الأم إذا كانت رشيدة ؛ لأن المقصود حماية هذا الطفل الصغير أو حماية المجنون أو السفيه ، فإذا وجد من يقوم بهذه الحماية من أقاربه فهو أولى من غيره "

انتهى من " الشرح الممتع " ( 9 / 306 ) ـ

وإذا وقع بين الأولاد خلاف ، فليذهبوا إلى مجلس الإفتاء ، أو ما شابهه في مدينتكم ، ليرشدهم إلى ما عليهم فعله .

وإذا تمَ تعيين ولي على مالها سواء كان ابنها الذي هو زوجك ، أو غيره من أبنائها ، فالواجب عليه أن يسعى في حفظ مالها ، ولا يصرفه إلا في مصالحها ، كعلاج ونفقة تحتاجها ، ونحو ذلك ؛ ومن جملة هذه النفقة : أجر الخادمة ، بالمعروف ، إذا احتاجت إليها ، ولم يكن لها من يخدمها .

جاء في " الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب الأمام مالك " ( 3 / 393 – 394 ) :

" ( ويتصرف الولي ) على المحجور وجوبا ( بالمصلحة ) العائدة على محجوره ، حالا أو مآلا " انتهى.

وفي كتاب " منار السبيل في شرح الدليل " في الفقه الحنبلي ( 1 / 388 )
:
" ويحرم على ولي الصغير والمجنون والسفيه أن يتصرف فى مالهم إلا بما فيه حظ ومصلحة لقوله تعالى : ( وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) والسفيه والمجنون في معناه " انتهى .

مع التنبيه على أن ولي المحجور عليه أن يخرج من ماله الزكاة الواجبة فيه إذا كان يبلغ النصاب .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-26, 02:26
زكاة الحلي المعد للاستعمال

السؤال

قدم والد زوجتي حلية تزن 560 جراما من الذهب وقت زواجنا عام 1994. ولدينا بعض القطع الذهبية التي حصلنا عليها كهدايا من أقربائنا عندما وضعت زوجتي . كما أني اشتريت بعض المجوهرات لزوجتي في الفترة من 1994 حتى 2004. والآن فإن زوجتي تخبرني بأن علينا دفع زكاة تبلغ 240 جراما من الذهب .

وسؤالي هو : هل علي أنا دفع الزكاة عن كل الأصناف الثلاثة المذكورة آنفا ؟ أرجو التوضيح بالتفصيل والدليل .

الجواب

الحمد لله

الحلي المعد للبس والزينة ، مما اختلف الفقهاء في وجوب زكاته ، فذهب الحنفية إلى وجوب زكاته ، وذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة إلى عدم الوجوب .

والقول الراجح هو ما ذهبت إليه الحنفية ، وذلك لأدلة كثيرة ، منها :

1- عموم الأدلة الدالة على وجوب زكاة الذهب والفضة دون تفريق بين الحلي المستعمل وغيره .

2- عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى فِي يَدَيَّ فَتَخَاتٍ مِنْ وَرِقٍ ، فَقَالَ : مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ ؟ فَقُلْتُ : صَنَعْتُهُنَّ أَتَزَيَّنُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : أَتُؤَدِّينَ زَكَاتَهُنَّ ؟ قُلْتُ : لا . قَالَ : هُوَ حَسْبُكِ مِنْ النَّارِ . رواه أبو داود (155) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

و (الفتخات) خواتيم كبار . و (الوَرِق) الفضة .

3- وعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا ، وَفِي يَدِ ابْنَتِهَا مَسَكَتَانِ (إسورتان) غَلِيظَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ ، فَقَالَ لَهَا : أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا ؟ قَالَتْ : لا . قَالَ : أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ ؟ قَالَ : فَخَلَعَتْهُمَا ، فَأَلْقَتْهُمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَتْ : هُمَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ . رواه أبو داود (1563) والنسائي (2479) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود.

ثانيا :

يجب عليكم إخراج الزكاة من حين علمتم بوجوبها ، أما الأعوام التي مضت ولم تعلموا فيها بوجوب الزكاة في الحلي المعد للاستعمال فلا يلزمكم إخراج الزكاة عنها .

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن امرأة كان عندها حلي للزينة وبقي عندها سنوات ، ثم علمت بوجوب الزكاة فيه ، فهل يلزمها إخراج الزكاة عن السنوات الماضية ؟ فأجاب :

" يجب عليك الزكاة من حين علمت وجوبها في الحلي ، وأما ما مضى قبل علمك فليس عليك زكاة ، لأن الأحكام الشرعية إنما تلزم بعد العلم "

فتاوى إسلامية (2/84) .

وفي سؤال مماثل قال أيضا (2/85) :

" عليها أن تخرج الزكاة مستقبلا عن حليها كل سنة إذا بلغ النصاب .... وأما السنوات الماضية قبل علمها بوجوب الزكاة في الحلي ، فلا شيء عليها عنها ، لجهلها وللشبهة في ذلك ، لأن بعض أهل العلم لا يرى وجب الزكاة في الحلي التي تلبس أو المعدة لذلك ، ولكن الأرجح وجوب الزكاة فيها إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول ، لقيام الدليل من الكتاب والسنة على ذلك " .

ثالثا : زكاة الحلي المعد للاستعمال إنما تجب فيه إذا كان من الذهب أو الفضة ، وعلى هذا فالمجوهرات التي اشتريتها إذا كانت من غير الذهب والفضة فلا زكاة فيها .

رابعاً :

الزكاة تجب على مالك الحلي ، لا على الزوج .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " والزكاة على مالكة الحلي ، وإذا أداها زوجها أو غيره عنها بإذنها فلا بأس ، ولا يجب إخراج الزكاة منه ، بل يجزئ إخراجها من قيمته ، كلما حال عليها الحول ، حسب قيمة الذهب والفضة في السوق عند تمام الحول " فتاوى إسلامية 2/85 .

لكن . . إن كانت الهدايا المقدمة لكما ، لم تتبرع بنصيبك منها لزوجتك ، فالواجب عليك إخراج زكاة نصيبك ، إن بلغ نصابا ، وهو 85 جراما.

وأما القدر الواجب إخراجه ، فهو ربع العشر (2.5%) ففي 100 جرام : جرامان ونصف.

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-26, 02:29
لا زكاة في الأحجار الكريمة إلا إذا كانت للتجارة

السؤال

ما مقدار النصاب الواجب على زكاة الأحجار الكريمة مثل الماس حيث إنها ليست ذهباً ؟ .

الجواب

الحمد لله

ذهب جمهور العلماء إلى أن الأحجار الكريمة لا زكاة فيها إلا إذا كانت للتجارة ، ولا زكاة عندهم في غير الذهب والفضة .

قال الإمام مالك في "المدونة" (1/341) :

لَيْسَ فِي الْجَوْهَرِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْعَنْبَرِ زَكَاةٌ اهـ .

وقال الشافعي في "الأم" :

وَمَا يُحَلَّى النِّسَاءُ بِهِ , أَوْ ادَّخَرْنَهُ , أَوْ ادَّخَرَهُ الرِّجَالُ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ وَيَاقُوتٍ وَمَرْجَانَ وَحِلْيَةِ بَحْرٍ وَغَيْرِهِ فَلا زَكَاةَ فِيهِ , وَلا زَكَاةَ إلا فِي ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ اهـ . وحلية البحر كُلُّ مَا يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ . والوَرِق هو الفضة .

وقال النووي في "المجموع" :

لَا زَكَاةَ فِيمَا سِوَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنْ الْجَوَاهِرِ كَالْيَاقُوتِ وَالْفَيْرُوزَجِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ وَالزُّمُرُّدِ وَالزَّبَرْجَدِ وَالْحَدِيدِ وَالصُّفْرِ وَسَائِرِ النُّحَاسِ وَالزُّجَاجِ , وَإِنْ حَسُنَتْ صُنْعُهَا وَكَثُرَتْ قِيمَتُهَا , وَلا زَكَاةَ أَيْضًا فِي الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ .

وَلا خِلافَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا عِنْدَنَا , وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَغَيْرِهِمْ . وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالزُّهْرِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ أَنَّهُمْ قَالُوا : يَجِبُ الْخُمْسُ فِي الْعَنْبَرِ , قَالَ الزُّهْرِيُّ : وَكَذَلِكَ اللُّؤْلُؤُ , وَحَكَى أَصْحَابُنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ

أَنَّهُ قَالَ : يَجِبُ الْخُمْسُ فِي كُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَحْرِ سِوَى السَّمَكِ . وَحَكَى الْعَنْبَرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَيْنِ ، إحْدَاهُمَا : كَمَذْهَبِ الْجَمَاهِيرِ . وَالثَّانِيَةُ : أَنَّهُ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا إذا بَلَغَتْ قِيمَتُهُ نِصَابًا حَتَّى فِي الْمِسْكِ وَالسَّمَكِ . وَدَلِيلُنَا :

1- الأَصْلُ أَنْ لا زَكَاةَ إلا فِيمَا ثَبَتَ الشَّرْعُ فِيهِ .

2- وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ : لَيْسَ فِي الْعَنْبَرِ زَكَاةٌ إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ دَسَرَهُ الْبَحْرُ . أَيْ قَذَفَهُ وَدَفَعَهُ .

فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي دَلِيلِ الْمَسْأَلَةِ , وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : ( لا زَكَاةَ فِي حَجَرٍ ) فَضَعِيفٌ جِدًّا , رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَبَيَّنَ ضَعْفَهُ اهـ .

وسئل فضيلة الشيخ ابن باز (14/121) :

"تعددت في هذا الوقت أنواع المصوغات كالألماس والبلاتين وغيرهما المعدة للبس وغيره فهل فيها زكاة ؟

وإن كانت على شكل أواني للزينة أو للاستعمال ؟ أفيدونا أثابكم الله .

فأجاب :

إن كانت المصوغات من الذهب والفضة ففيها زكاة إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول . ولو كانت للبس أو العارية في أصح قولي العلماء ، لأحاديث صحيحة وردت في ذلك ، أما إن كانت من غير الذهب والفضة كالماس والعقيق ونحو ذلك فلا زكاة فيها ، إلا إذا أريد بها التجارة فإنها تكون حينئذ من جملة عروض التجارة فتجب فيها الزكاة كغيرها من عروض التجارة ، ولا يجوز اتخاذ الأواني من الذهب والفضة ولو للزينة

لأن اتخاذها للزينة وسيلة إلى استعمالها في الأكل والشرب ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم - يعني الكفار - في الدنيا ولكم في الآخرة) متفق على صحته.

وعلى من اتخذها زكاتها مع التوبة إلى الله عز وجل ، وعليه أيضا أن يغيرها من الأواني إلى أنواع أخرى لا تشبه الأواني كالحلي ونحوه اهـ .

وقال أيضاً (14/124) :

المجوهرات من غير الذهب كالماس ليس فيها زكاة إلا أن يراد بها التجارة اهـ .

وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

ما حكم اقتناء المجوهرات مثل الألماس ؟ وهل تجب فيها الزكاة ؟ وهل يعتبر حكم الألماس حكم الذهب والفضة ؟

فأجاب فضيلته بقوله :

" اقتناء المجوهرات لاستعمالها جائز بشرط ألا يصل إلى حد الإسراف ، فإن وصل إلى حد الإسراف كان ممنوعا بمقتضى القاعدة العامة التي تحرم الإسراف ، وهو مجاوزة الحد لقول الله تعالى : ( وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) الأنعام/141 .

وإذا لم يخرج اقتناء هذه المجوهرات من الألماس وغيره إلى حد الإسراف فهي جائزة ، لعموم قوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ) البقرة/29 .

وليس فيها زكاة إلا أن تعد للتجارة ، فإنها تكون كسائر الأموال التجارية " اهـ .

فتاوى الزكاة (ص 97) .

*عبدالرحمن*
2018-06-26, 02:32
وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون

السؤال

هل تجب الزكاة في مال الصبي الصغير ، مع أنه غير مكلف ؟.

الجواب

الحمد لله

ذهب جمهور العلماء إلى وجوب الزكاة في مال الصبي الصغير والمجنون ، وهو مذهب الأئمة مالك والشافعي وأحمد ، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة :

1- قوله تعالى : ( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ) . فالزكاة واجبة في المال ، فهي عبادة مالية تجب متى توفرت شروطها ، كملك النصاب ، ومرور الحول .

2- قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل لما أرسله إلى اليمن : ( أَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ ) رواه البخاري (1395) . فأوجب الزكاة في المال على الغني ، وهذا بعمومه يشمل الصبي الصغير والمجنون إن كان لهما مال .

3- ما رواه الترمذي (641) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ : ( أَلا مَنْ وَلِيَ يَتِيمًا لَهُ مَالٌ فَلْيَتَّجِرْ فِيهِ وَلا يَتْرُكْهُ حَتَّى تَأْكُلَهُ الصَّدَقَةُ ) وهو حديث ضعيف ، ضعفه النووي في المجموع (5/301) والألباني في ضعيف الترمذي . وقد ثبت ذلك من قول عمر رضي الله عنه ، رواه عنه البيهقي (4/178) وقال : إسناده صحيح . وأقره النووي على تصحيحه كما في "المجموع" .

4- وكذلك روي هذا عن على وابن عمر وعائشة والحسن بن علي وجابر رضي الله عنهم .

وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أن الزكاة لا تجب في ماله ، كما لا تجب عليه سائر العبادات ؛ كالصلاة والصيام ، غير أنه أوجب عليه زكاة الزروع وزكاة الفطر .

وأجاب الجمهور عن هذا بأن عدم وجوب الصلاة والصيام على الصبي فلأنهما عبادات بدنية ، وبدن الصبي لا يتحملها ، أما الزكاة فهي حق مالي ، والحقوق المالية تجب على الصبي ، كما لو أتلف مال إنسان ، فإنه يجب عليه ضمانه من ماله ، وكنفقة الأقارب ، يجب عليه النفقة عليهم إذا توفرت شروط وجوب ذلك .

وقالوا أيضا : ليس هناك فرق بين وجوب زكاة الزروع وزكاة الفطر على الصبي ، وبين زكاة سائر الأموال كالذهب والفضة والنقود ، فكما وجبت الزكاة عليه في الزروع تجب عليه في سائر الأموال ، ولا فرق .

ويتولى ولي الصغير والمجنون إخراج الزكاة عنهما من مالهما ، كلما حال عليه الحول ، ولا ينتظر بلوغ الصبي .

قال ابن قدامة في المغني :

" إذا تقرر هذا – يعني وجوب الزكاة في مال الصغير والمجنون - فإن الولي يخرجها عنهما من مالهما ; لأنها زكاة واجبة , فوجب إخراجها , كزكاة البالغ العاقل , والولي يقوم مقامه في أداء ما عليه ; ولأنها حق واجب على الصبي والمجنون , فكان على الولي أداؤه عنهما , كنفقة أقاربه " انتهى .

وقال النووي في المجموع (5/302) :

" الزكاة عندنا واجبة في مال الصبي والمجنون بلا خلاف ، ويجب على الولي إخراجها من مالهما كما يخرج من مالهما غرامة المتلفات ، ونفقة الأقارب وغير ذلك من الحقوق المتوجهة إليهما , فإن لم يخرج الولي الزكاة وجب على الصبي والمجنون بعد البلوغ والإفاقة إخراج زكاة ما مضى ; لأن الحق توجه إلى مالهما , لكن الولي عصى بالتأخير فلا يسقط ما توجه إليهما " انتهى .

وقد روي عن ابن مسعود وابن عباس أن الزكاة واجبة على الصبي إلا أنه لا يخرجها حتى يبلغ ، وكلاهما ضعيف لا يصح . ضعفهما النووي في المجموع (5/301) .

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :

توفي رجل وخلف أموالا وأيتاما ، فهل تجب في هذه الأموال زكاة ؟ وإن كان كذلك فمن يخرجها ؟

فأجاب :

" تجب الزكاة في أموال اليتامى من النقود والعروض المعدة للتجارة وفي بهيمة الأنعام السائمة وفي الحبوب والثمار التي تجب فيها الزكاة ، وعلى ولي الأيتام أن يخرجها في وقتها . . . ويعتبر الحول في أموالهم من حين توفي والدهم ، لأنها بموته دخلت ملكهم ، والله ولي التوفيق " انتهى .

فتاوى ابن باز (14/240) .

وسئل علماء اللجنة الدائمة :

هل تجب الزكاة في أموال اليتامى والمجانين ؟

فأجابوا :

" تجب الزكاة في أموال اليتامى والمجانين ، وهذا قول علي وابن عمر وجابر بن عبد الله وعائشة والحسن بن علي حكاه عنهم ابن المنذر ، ويجب على الولي إخراجها ، والذي يدل على وجوبها في أموالهم عموم أدلة إيجابها من الكتاب والسنة ، ولـمَّا بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن وبين له ما يقول لهم كان مما قال له : ( أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ) رواه الجماعة

ولفظة : (الأغنياء) تشمل : الصغير والمجنون ، كما شملهما لفظ الفقراء ، وروى الشافعي في مسنده عن يوسف بن ماهك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ابتغوا في أموال اليتامى لا تذهبها أولا تستهلكها الصدقة ) وهو مرسل . وروى مالك في الموطأ أنه بلغه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة ، وقد قال ذلك عمر للناس وأمرهم

وهذا يدل على أنه كان من الحكم المعمول به والمتفق على إجازته . وروى مالك في الموطأ عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه قال : كانت عائشة تليني وأخا لي يتيمين في حجرها فكانت تخرج من أموالنا الزكاة " انتهى .

فتاوى اللجنة الدائمة (9/410) .

وقد اختار أيضاً القول بوجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

كما في الشرح الممتع (6/14) .

*عبدالرحمن*
2018-06-26, 02:35
حكم لعب كرة القدم في أرض الغير دون علمه

السؤال :

ما حكم لعب كرة القدم في الأراضي الخالية مع عدم علم من أصحابها ؟

الجواب :

الحمد لله

الأصل منع تصرف الإنسان في ملك غيره إلا بإذنه، ولو لم يضر به؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1459).

قال في درر الحكام شرح مجلة الأحكام (3/ 201):

" لا يجوز التصرف في ملك الغير بدون إذنه، سواء كان هذا التصرف مضرا بصاحب الملك أو غير مضر" انتهى.

وقال في مواهب الجليل (5/ 274) وهو يعرف التعدي على مال الغير : " الانتفاع بمال الغير دون حق فيه، أو التصرف فيه بغير إذنه ، أو إذن قاض ، أو من يقوم مقامه لفقدهما " انتهى.

لكن إذا غلب على الظن رضا صاحب الملك بذلك، فلا حرج في الانتفاع بملكه، كما يدل عليه قوله تعالى: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ ) النور/61.

ويقوى جانب الرخصة في ذلك : إذا اعتاد أهل المكان اللعب في مثل هذه الأراضي ، دون أن يمنع أصحابها من ذلك ؛ فإن الإذن العرفي ، في الإباحة ، أو التمليك : ينزل منزلة الإذن اللفظي .

ينظر : "موسوعة القواعد الفقهية" للبورنو" (4/341) .

وأيضا : "القواعد النورانية" لشيخ الإسلام (167) ، "القواعد" لابن رجب (3/453) ، "إعلام الموقعين" (4/316) ، "قواعد الأحكام" للعز ابن عبد السلام (2/126) وما بعدها .

ومثل ذلك أيضا : ما لو كان صاحب الأرض المعينة ، يعلم بلعب الناس ، أو جلوسهم في أرضه ، أو ارتفاقهم بها ، ثم لم يمنع أحدا من ذلك ، ولم يجعل عليها سورا ، يمنع ارتفاق الناس بها .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" فإن الإذن : تارة يكون بالقول ، وتارة بالفعل ، وتارة بالإقرار على ذلك .

فالثلاث في هذا الباب سواء ، كما في إباحة المالك في أكل طعامه ، ونحو ذلك .

بل لو عرف أنه راض بذلك ، بدون أن يصدر منه قول ظاهر ، أو فعل ظاهر ، أو إقرار . فرضا من يعتبر إذنه : بمنزلة إذنه الدال على ذلك ...

فإن الإذن العرفي عندنا : كاللفظي . والرضا الخاص : كالإذن العام .

فيجوز للإنسان أن يأكل طعام من يعلم رضاه بذلك ، لما بينهما من المودة .

وهذا أصل في الإباحة والوكالة والولايات" .

انتهى، من "الاختيارات" للبعلي (454) .

والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-06-26, 02:39
حكم أخذ التعويض الناتج عن ضرر حجز السيارة.

السؤال :

منحت سيارة من مخدمي لكنها حجزت بعد حين بواسطة السلطات بعد مضي أكثر من خمس سنوات طالبت السلطات بالتعويض هل يجوز التصرف في بعض المبلغ المتبقي عن التعوض بعد خصم قيمة السيارة كتعويض عن عدم استغلال السيارة وهو حق ممنوح من صاحب العمل طبعا

الجواب :

الحمد لله

السؤال غير واضح، ولم يتبين منه هل كان حجز السلطات للسيارة بحق أم بباطل، وإذا كان الحجز بحق فما وجه أخذ التعويض؟

وما علاقة قيمة السيارة بالمسألة؟ ولمن تعطى هذه القيمة؟

وعلى كل ، فيمكننا أن نجيب على مسألة التعويض هنا ، فنقول :

إنه إذا كان حجز السيارة بغير حق، فلصاحب السيارة أن يطلب تعويضا عن منفعة السيارة خلال مدة الحجز، ويقدّر التعويض بأجرة المثل، فينظر كم أجرة مثل هذه السيارة خلال مدة الحجز، وتعطى لصاحبها.

جاء في الموسوعة الفقهية (13/ 37): " التعويض عن تفويت المنفعة:

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن منافع الأموال مضمونة بالتفويت بأجرة المثل، مدة مقامها في يد الغاصب أو غيره؛ لأن كل ما ضمن بالإتلاف جاز أن يضمن بمجرد التلف في يده، كالأعيان، على خلاف وتفصيل يذكره الفقهاء في مصطلح (غصب، وضمان)...

وأما منافع المغصوب، فقد اختلف الفقهاء في ضمانها:

فذهب الشافعية والحنابلة: إلى ضمان منافع المغصوب، وعليه أجر المثل - تعويضا - عما فاته، سواء استوفى الغاصب المنافع أم لا؛ لأن المنفعة مال متقوم.

وقال المالكية - في المشهور -: يضمن الغاصب غلة مغصوب مستعمل، دون غير المستعمل، ويضمن غلة ما عطل من دار أغلقها، وأرض بورها، ودابة حبسها" انتهى.

وينظر أيضاً : (31/ 237).

وإذا كانت السيارة قد منحت لك، وصرت المالك لها : فحيث جاز التعويض فهو لك كله.

وإذا كان المقصود أنها منحت لك للاستعمال في العمل، ولم تملّك لك، فليس لك شيء من هذا التعويض، بل هو لمالك السيارة، إلا أن يعطيك بدلا عن عدم استعمال السيارة خلال مدة الحجز، وهذا قد يجب عليه ، وقد لا يجب بحسب ما تم من الاتفاق بينكما ، ولا يمكننا الحكم عليه لعدم ذكرك له .

والله أعلم.

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-06-30, 01:27
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


هل يحق للدائن مطالبة ابن المدين بسداد دين والده ؟

السؤال:

استدان مني أحد الإخوة مبلغا ماليا لأجل ، وفات موعد السداد ، ولهذا الاخ ولد يتيم الأم يعمل معي ، فهل أطالبه بسداد دين أبيه كونه يماطل ؟

وهل يحق لي الأخذ إن أحالني على ابنه كونه يعمل معي بذات الموقع ؟

وهل في ذلك تعدٍ على مال اليتيم ؟ وبماذا تنصحون ؟

الجواب :

الحمد لله

لا يحق لأحد أن يطالب أبناء المدين أن يسددوا له من أموالهم ، حتى لو كان هؤلاء الأبناء أغنياء ؛ إلا إذا كانوا قد ضمنوا له الدين الذي على أبيهم ، أو كان للأب دين مستقر على ابنه ، وأحال صاحبَ الدين عليه ، فلابد في الإحالة أن تكون على دين مستقر ، حتى تكون إحالة صحيحة .

قال في " الروض المربع " (5/115) :

" ولا تصح الحوالة إلا على دين مستقر " انتهى .

أما إذا لم يكن الابن قد ضمن دين أبيه ، ولا لأبيه عليه دين ، فلا يحق لصاحب الدين أن يطالبه ، وبأي حق يطالبه ؟!
وقد نص العلماء على أن الولد لا يجب عليه أن يسدد دين أبيه .

جاء في "مواهب الجليل" (2/505) :

"إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَضَاؤُهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْحَجِّ بِلَا خِلَافٍ ، بِخِلَافِ دَيْنِ أَبِيهِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ الْحَجُّ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ قُلْنَا: الْحَجُّ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ عَلَى التَّرَاخِي ، وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا أَوْ حَالًّا ...

وَدَيْنُ أَبِيهِ لَيْسَ عَلَيْهِ حَالًّا وَلَا مُؤَجَّلًا ، فَفِعْلُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَوْلَى مِنْ فِعْلِ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ" انتهى . ففيه التصريح بأن دين الأب ليس على الابن ، ولا يجب عليه سداده .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-30, 01:36
بعض المسائل والأحكام المتعلقة باليتيم

السؤال:

أريد معرفة بعض التفاصيل والأحكام حول كفالة اليتيم في البيت .

هل من الضروري معرفة من هم والدا اليتيم ؟ وما إذا كان ولداً شرعياً أم لا ؟ فمثل هذه المعلومات صعبة الإيجاد في بعض الأحيان .

هل من الضروري معرفة ما إذا كان اليتيم مسلماً أم لا ؟ وهل كفالة اليتيم مقتصرة على الأولاد المسلمين فقط أم يجوز ذلك حتى في حق اليتامى من غير المسلمين ، على أن تتم تربيتهم تربية إسلامية ؟

ما حقوق اليتيم علينا ؟ وما هي حقوقنا عليه ؟ إلى أي مرحلة عمرية ينبغي الاعتناء باليتيم ؟ لأننا بذلك سنعرف متى تنتهي مسئوليتنا تجاهه .

هل يجب في الأبوين أن يكونا ميّتين حتى يُطلق على الولد لقب " يتيم " ؟

إنني أنوي أن اكفل أحد اليتامى وأربيه هنا في بيتي مع ابنتي وابني الآخر الذي نتوقع مجيئه في الأيام المقبلة ، وبإجابتكم على أسئلتي سأتمكن من إيجاد يتيم بسهولة ، فأدعوا الله أن يسهل لي السبيل في مسعاي .

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

ليس من الضروري في كفالة اليتيم ، أن يعرف الكافل لليتيم من هم والدا اليتيم ، وما إذا كان اليتيم ولداً شرعياً أم لا ، فالكفالة تصح حتى لمجهول النسب ، بل الغالب أن أمثال هؤلاء أحوج إلى الكفالة من غيرهم ؛ فهم لا ذنب لهم في أن نسبهم مجهول ، ولا يعرف لهم قريب ولا عصبة تعتني بأمرهم ، ولهذا : إن لم يكونوا أحوج من غيرهم إلى الكفالة ، فليسوا بأقل حاجة منهم إليها ، على كل حال .

ثانياً :

كفالة اليتيم من باب الإحسان ، وصدقة التطوع ، والإحسان كما يجوز ويستحب في حق المسلم ، فكذلك يجوز في حق الكافر غير الحربي ، قال تعالى : ( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) الممتحنة / 8 ، ولعموم قوله عليه الصلاة والسلام : ( فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ ) رواه البخاري (2363) ، ومسلم (2244) .

وعليه ، فيجوز للمسلم أن يقوم بكفالة يتامى الكفار ، خاصةً من رُجي إسلامه ، وأمكن تربيته ورعايته على الأخلاق الإسلامية ، وإن كان الأفضل والأكثر أجراً ، أن تكون الكفالة في أبناء المسلمين ، لا سيما من كانوا في البلاد الفقيرة التي تنتشر فيها منظمات تنصيرية

تسعى في تنصير أبناء المسلمين ؛ فهؤلاء أولى بالرعاية والعناية ، والفقراء في المسلمين أكثر وأكثر بكثير من الكفار ، ومن يعنيه شأنهم ، أقل ممن يعتني بالكفار وأولادهم ؛ فلا ينبغي العدول عن أطفال المسلمين ، إلا لمصلحة راجحة ، كأن يمكن كفالته وتربيته تربية إسلامية ، ترغبه في الدين .

وأما أن تكون الكفالة عامة : لأطفال بيت معين ، أو ملجأ معين ، أو مدرسة معينة ، ويكون فيهم المسلم والكافر ، فهذا أيضا جائز لا حرج فيه ، وتكون كفالة أبناء الكفار منهم ، تبعا لكفالة أبناء المسلمين .

ثالثاً :

اليتيم هو من مات أبوه ، وهو دون البلوغ ، واليتم يستمر مع الشخص حتى يبلغ الحلم

جاء في " فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى " (14/224)

: " ما الحكم في عمر اليتيم شرعا ، أي : إلى كم سنة يعتبر اليتيم يتيما ؟

الجواب

: يعتبر يتيما إلى أن يبلغ الحلم ، ولبلوغ الحلم أمارات يعرف بها ، منها : نزول المني منه نوما أو يقظة بشهوة ، ومنها : إنبات شعر العانة الخشن ، ذكرا كان أو أنثى ، ومنها : حيض الأنثى ، فإن لم يظهر عليه شيء من أمارات البلوغ ، اعتبر بالغا بنهاية السنة الخامسة عشرة من عمره على الصحيح من قولي العلماء ... " انتهى .

نسأل الله أن يسهل لك أعمال الخير والطاعة ، وأن يسر لك القيام بكفالة الأيتام ، وأن يكتب لك نصيباً من قوله عليه الصلاة والسلام : ( أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا ، وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى ) رواه البخاري (6005) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-30, 01:38
كفالة طفل مفقود

السؤال :

هل يمكن كفالة طفل فقد والده من مشروع كفالة الأيتام ، أم أن ذلك خاص بالأيتام ؟

الجواب :

الحمد لله

اليتيم هو من يموت أبوه كما قرر ذلك أهل اللغة كما في لسان العرب وغيره ، وهو يتيم حتى يبلغ الحلم ، وهو بلوغ سن الخامسة عشرة ، أو ظهور علامات البلوغ قبل ذلك وهي إنزال الماء الدافق في جماع أو احتلام ، أو نبات الشعر الخشن حول الفرج ، وتزيد الأنثى بعلامة رابعة وهي الحيض فهو عَلم على البلوغ . (

انظر المغني لابن قدامة 6/597 )

أما من فقد أباه ، فإنه لا يعتبر يتيماً حتى يتيقن من موته ، أو يمضي عليه مدة لا يعيش في مثلها ، ويرجع في ذلك إلى اجتهاد الحاكم ، كما قرر ذلك جمهور الفقهاء في أبواب ميراث المفقود .

فإذا كان هذا الطفل فقيراً أو من عائلة فقيرة فإنه يمكن الصرف عليه من الزكاة والصدقات ، وأما كفالة اليتيم فلا تنطبق عليه .

والله أعلم .

المرجع : مسائل ورسائل/محمد الحمود النجدي ص13

*عبدالرحمن*
2018-06-30, 01:40
كفالة اليتيم القريب

السؤال

أحد أخوالي توفاه الله وله ستة أبناء هل يمكن أن أكفل أحد أبنائه أم أن كفالة اليتيم لا تكون للأرحام ؟

وإن جازت كفالتي هل تعتبر صالحة إذا كنت في بلد عربي وهم في بلد عربي آخر وأكتفي بإرسال مبلغ مالي شهريا إلي جانب تقديمي للهدايا عند زيارتي لهم علما باني لي إجازة كل سنة ؟

وهل يجوز أن يكون المال المرسل على دفعتين سنويا ؟ .

الجواب

الحمد لله

لا شك أن كفالة اليتيم من أعمال البر العظيمة ، وخصال الخير الحميدة ، فقد أمر الله تعالى بها في كتابه ، وذكر فضلها نبينا - صلى الله عليه وسم - في سنته .

قال الله تعالى : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا ) النساء/36 ، وقال تعالى : ( ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى ) البقرة/177

وعن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وقال بإصبعيه السبابة والوسطى ) رواه البخاري برقم 5659

عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة وأشار مالك بالسبابة والوسطى ) رواه مسلم برقم 2983

وكفالة اليتيم لا تقتصر على الأباعد ، فتستحب في الأقارب والأباعد ، بل أجر كفالة اليتيم القريب يشمل كفالة اليتيم ، وأجر صلة الرحم .

ويدل لذلك حديث أبي هريرة - رضي الله عنه – السابق .

قال الحافظ في الفتح :" ومعنى قوله له بأن يكون جدا أو عما أو أخا أو نحو ذلك من الأقارب أو يكون أبو المولود قد مات فتقوم أمه مقامه " 10/436

وقال النووي :" وأما قوله له أو لغيره فالذي له أن يكون قريبا له كجده وأمه وجدته وأخيه وأخته وعمه وخاله وعمته وخالته وغيرهم من أقاربه والذي لغيره أن يكون أجنبيا " شرح مسلم 18/113

إذا علم هذا فيجوز أن ترسل مال كفالة اليتيم ، وأنت في بلد آخر ، ويجوز أن ترسله على دفعتين أو أكثر ، وينبغي أن تلحظ في ذلك مصلحة اليتيم ، حتى لا يحتاج إلى المال .

وإذا أرسلت المال إلى بلد اليتيم ، فإن الناظر على شأن اليتيم عليه أن ينفق منه على اليتيم بالمعروف دون إسراف أو تقتير .

واعلم أخي أن من أهم معاني كفالة اليتيم السعي في تنشئتة التنشئة الإسلامية الصحيحة فاحرص على تعاهده بما يناسب عمره مما يكون له أثر في ذلك من كتيبات وأشرطة واهتمام وعناية في وقت إجازتك بما يكون له الأثر الحسن بإذن الله في إعطائه شيئاً من شفقة وحنان من فقده .

ونسأل الله أن يثبت أجرك ويكثر في الأمة من أمثالك .

*عبدالرحمن*
2018-06-30, 01:44
الفرق بين كفالة الأيتام وتبنيهم

السؤال

الكثير من اللاجئين الكوسوفيين يدخلون أمريكا وربما ترعاهم منظمات نصرانية .

بعض الأخوة يريدون أن يكفلوا الأيتام بأن يأخذوهم ليعيشوا في بيوتهم ويطعموهم .

أحد الشيوخ قال بأن هذا حرام فلا يجوز التبني في الإسلام ولم يشجع الناس على كفالة الأيتام . هل الإسلام يسمح لنا بأن نتبنى الأيتام وبدون تغيير أسم اليتيم ؟

هل يعتبر اليتيم المكفول كطفل للكافل ؟.

الجواب[

الحمد لله

هناك فروق بين التبني وكفالة اليتيم .

أ‌- أما التبني : فهو أن يتخذ الرجل يتيماً من الأيتام فيجعله كأحد أبنائه الذين هم من صلبه ويدعى باسمه ولا تحل له محارم ذلك الرجل فأولاد المتبني إخوة لليتيم وبناته أخوات له وأخواته عماته وما أشبه ذلك . وهذا كان من فعل الجاهلية الأولى ، حتى أن هذه التسميات لصقت ببعض الصحابة كالمقداد بن الأسود حيث أن اسم أبيه ( عمرو ) ولكنه يقال له ابن الأسود باسم الذي تبناه .

وظل كذلك في أول الإسلام حتى حرم الله ذلك في قصة مشهورة حيث كان زيد بن حارثة يدعى زيد بن محمد ، وكان زوجاً لزينب بنت جحش فطلقها زيد .

عن أنس قال : لما انقضت عدة زينب قال رسول الله لزيد بن حارثة : " اذهب فاذكرها علي فانطلق حتى أتاها وهي تخمر عجينهاقال : يا زينب ابشري أرسلني رسول الله يذكرك قالت : ما أنا بصانعة شيئاً حتى أُوامر ربي فقامت إلى مسجدها و جاء رسول الله صلى الله فدخل عليها ".

و في هذا أنزل الله قوله : ( و إذ تقول للذي أنعم الله عليه و أنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطراً وكان أمر الله مفعولاً) الأحزاب/37

. رواه مسلم ( 1428 ) .

ب‌- وقد حرم الله تعالى التبني لأن فيه تضييعاً للأنساب وقد أُمرنا بحفظ أنسابنا .

عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر ومن ادَّعى قوما ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار ".

رواه البخاري ( 3317 ) ومسلم ( 61 ) .

ومعنى كفر : أي جاء بأفعال الكفار لا أنه خرج من الدين .

لأن فيه تحريم لما أحل الله وتحليل لما حرم .

فإن تحريم بنات المتبني مثلاً على اليتيم فيه تحريم للمباح الذي لم يحرمه الله تعالى واستحلال الميراث من بعد موت المتبني مثلاً فيه إباحة ما حرم الله لأن الميراث من حق الأولاد الذين هم من الصلب .

قد يُحدث هذا الشحناء والبغضاء بين المُتَبنَّى وأولاد المُتبنِّي .

لأنه سيضيع عليهم بعض الحقوق التي ستذهب إلى هذا اليتيم بغير وجه حق وهم بقرارة أنفسهم يعلمون أنه ليس مستحقاً معهم .

وأما كفالة اليتيم فهي أن يجعل الرجل اليتيم في بيته أو أن يتكفل به في غير بيته دون أن ينسبه إليه ، ودون أن يحرم عليه الحلال أو أن يحل له الحرام كما هو في التبني ، بل يكون الكفيل بصفة الكريم المنعم بعد الله تعالى ، فلا يقاس كافل اليتيم على المتبني لفارق الشبه بينهما ولكون كفالة اليتيم مما حث عليه الإسلام .

قال تعالى : ( … ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير ، وإن تخالطوهم فإخوانكم . والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم ) البقرة/220 .

وقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم كفالة اليتيم سبباً لمرافقته في الجنة مع الملازمة .

عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وأنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا - وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً – " .

رواه البخاري ( 4998 ) .

ولكن يجب التنبيه على أن هؤلاء الأيتام متى بلغوا الحلم يجب فصلهم عن نساء الكافل وبناته وألا يُصلح من جانب ويُفسد من جانب آخر كما أنه ينبغي العلم بأن المكفول قد تكون يتيمة وقد تكون جميلة تشتهى قبل البلوغ فيجب على الكافل أن يراقب أبناءه من أن يقعوا بالمحرمات مع الأيتام لأن هذا قد يحدث ويكون سبباً للفساد الذي قد يعسر إصلاحه .

ثم إننا نحث إخواننا على كفالة الأيتام وأن هذا من الأخلاق التي يندر فعلها إلا عند من وهبه الله الصلاح وحب الخير والعطف على الأيتام والمساكين ، لاسيما إخواننا في كوسوفو والشيشان فقد لاقوا من الضنك والعذاب ما نسأل الله تعالى أن يفرّج عنهم كربهم و شدائدهم .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-30, 01:47
هل كفالة أيتام غير المسلمين جائزة ؟

السؤال

هل يمكن كفالة الأيتام غير المسلمين ، من أمهات نصرانيات ، أو هندوسيات ، أو بوذيات ، أو غير ذلك ؟

الجواب

الحمد لله

كفالة الأيتام غير المسلمين : تجوز بشرطين :

الأول : عدم تأثيرها على كفالة المسلمين .

والثاني : أن يكون أولئك الأيتام في رعاية وعناية المسلمين ، وبين أظهرهم ، فإن كانوا عند أهليهم الكفار ، أو في ديار الكفر عند مؤسساتهم ومراكزهم : لم يجز كفالتهم .

سئل الشيخ عبد الله بن جبرين – حفظه الله - :

مما لا يخفى عليكم الأجر العظيم والثواب الجزيل لكافل اليتيم ، وتوجد بعض اللجان أو الهيئات الخيرية التي تُساهم مشكورة في كفالة بعض الأيتام في بعض الدول ، وقد يوجد في المجتمع مسلمون ، ونصارى ، وغيرهم

فهل يجوز كفالة أيتام النصارى لتحقيق المصالح التالية :

1. دعوتهم للإسلام .

2. المساهمة في التأثير على ذويهم ، ومن ثم إسلامهم .

مع العلم أنه يوجد أيتام مسلمون بعضهم قد كفلوا والبعض الآخر لم يكفلوا بعد ؟ .

فأجاب :

" لا يجوز كفالة أيتام النصارى إذا كانوا في بلادهم ، وبين ظهرانيهم ؛ حيث إنهم في الغالب بعد البلوغ يكونون بين النصارى ، ويبقون على دينهم وكفرهم ، فيكون الذي كفلهم قد أعان الكُفار وتعاون معهم على بقاء الكفر وتمكنه ، بخلاف ما إذا كان أولاد النصارى قد نزحوا عن بلاد الكفر واستوطنوا بين المسلمين وانقطعت صلتهم بأهل دين النصرانية ؛ فإنهم يتربون على دين مَن نشأوا عنده

وذلك لأن كل مولود يولد على الفطرة ، وإنما يتغير بسبب التربية ، ثم إذا وجد أولاد المسلمين اليتامى في بعض البلاد التي هي بحاجة إلى الدعم : فإنهم أحق بالحضانة ، والكفالة ، من أولاد النصارى ، ومن أولاد المبتدعة كالرافضة ، والصوفية ، والإباضية ، ونحوهم ، والله أعلم ، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم " .

فتوى رقم ( 7907 ) من موقعه .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-06-30, 01:52
هل "مجهولو النسب" لهم حكم الأيتام؟

السؤال

هل يدخل الطفل مجهول الأب في مسمى اليتيم ؟ وإن دخل فهل تمكن كفالته كعبادة ؟

سبب السؤال هو أنه عندنا في السجون مجموعة من النساء ومعهن أطفال دخلوا معهن ، والظاهر أنهم من علاقات غير مشروعة ، لذا يسمونهم مجهولو الأب ، ولنا رغبة في أن نقدم برنامجاً لكفالة الأيتام داخل السجون ، ثم صادفتنا هذه المشكلة ، فما هو التحليل والتفصيل ؟

الجواب

الحمد لله

أولاً:

اليُتم هو فقد الأب قبل البلوغ .

والإحسان إلى اليتيم وكفالته والعناية به من شعب الإيمان ، قال تعالى : ( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) البقرة/ 177

وكفالة اليتيم من أسباب دخول العبد الجنة ، بل والقرب من النبي صلى الله عليه وسلم ، كما جاء عَنْ سَهْل بنِ سَعْد رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَأَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا - وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا - )

رواه البخاري ( 4998 ) .

وكفالة اليتيم من أعظم الطاعات والأعمال التي فيها صلاح المجتمعات ، ولذا لم تكن كفالة اليتيم القيام على مصالحه الدنيوية من طعام وشراب وكساء فقط ، بل وكذا القيام على مصالحه الدينية في التوجيه والتربية والتعليم .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

" كفالة اليتيم هي القيام بما يصلحه في دينه ودنياه ؛ بما يصلحه في دينه من التربية والتوجيه والتعليم ، وما أشبه ذلك ، وما يصلحه في دنياه من الطعام والشراب والمسكن " انتهى .

" شرح رياض الصالحين " ( 5 / 113 ) .

ومجهولو النسب لهم أحكام اليتامى ، بل هم أولى بالعناية لعدم وجود أحد من والديهم وأهلهم ، واليتيم قد تكون أمه بجانبه ، وقد يزوره خاله وعمه وخالته وعمته ، أما مجهول النسب : فإنه منقطع عن كل أحد ، ولذا كانت العناية به أوجب من اليتيم معروف النسب .

سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء :

نظراً لتقدم كثير من الأسَر لمكتبنا بطلب احتضان الأطفال من دار الحضانة الاجتماعية بالدمام ، وعند تعريفهم بوضعهم الاجتماعي ( بأنهم مجهولو النسب ) يتردد الكثير منهم خوفاً من أنهم لا ينطبق عليهم الأجر المترتب على تربية اليتيم الذي حث عليه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ، عليه نرجو من فضيلتكم التكرم بتوضيح نظرة الإسلام لهذه الفئة مع إفادتنا بفتوى شرعية تبين الأجر المترتب على تربيتهم لنشر هذه الفتوى بين الناس حتى يقبلوا على احتضانهم واحتوائهم وإحاطتهم بالانتماء الأسري المفقود عندهم .

فأجابوا :

مجهولو النسب في حكم اليتيم ؛ لفقدهم لوالديهم ، بل هم أشد حاجة للعناية والرعاية من معروفي النسب ؛ لعدم معرفة قريب لهم يلجئون إليه عند الضرورة ، وعلى ذلك : فإن من يكفل طفلا من مجهولي النسب : فإنه يدخل في الأجر المترتب على كفالة اليتيم

لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : ( َأَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا ) ، لكن يجب على مَن كفل مثل هؤلاء الأطفال أن لا ينسبهم إليه ، أو يضيفهم معه في بطاقة العائلة ؛ لما يترتب على ذلك من ضياع الأنساب والحقوق

ولارتكاب ما حرَّم الله ، وأن يعرف من يكفلهم أنهم بعد أن يبلغوا سن الرشد فإنهم أجانب منه كبقية الناس ، لا يحل الخلوة بهم أو نظر المرأة للرجل أو الرجل للمرأة منهم ، إلا إن وجد رضاع محرم للمكفول ، فإنه يكون محرماً لمن أرضعته ولبناتها وأخواتها ونحو ذلك مما يحرم بالنسب .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 14 / 255 ) .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-06-30, 01:56
هل يعتبر كافلاً لليتيم إذا كان يدفع المال فقط لجمعية خيرية تكفله

السؤال

أنا كافل لأحد الأيتام في جمعية البر في جده بمبلغ 200 شهريا تعطى لوالدة الطفل عن طريقهم وأنا لست مسؤولا عن أي شي آخر في الطفل غير الدفع فهل هذا ما وصى به الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال (أنا وكافل اليتيم في الجنة) أرشدوني ؟.

الجواب

الحمد لله

أولا :

كفالة اليتيم من أعمال البر التي ندبنا إليها الشرع ، ودل على أنها من أسباب دخول الجنة ، بل من أسباب نيل أعلى درجاتها ، ويكفي لحث المؤمن على الحرص عليها ، قول النبي ، صلى الله عليه وسلم : ( أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين ، وأشار بالسبابة والوسطى ، وفرق بينهما )

البخاري (5304).

قال ابن بطال ، رحمه الله :

( حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ، ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة )

نقله ابن حجر في فتح الباري 10/436

ثانيا :

إنفاق المال على اليتيم قد ورد الحث عليه بخصوصه ؛ قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( َإِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ فَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ ، مَا أَعْطَى مِنْهُ الْمِسْكِينَ وَالْيَتِيمَ وَابْنَ السَّبِيلِ ، أَوْ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )

رواه البخاري (1465) ومسلم (1052)

لكن هذه النفقة ليست هي كل الكفالة التي ندب إليها الشرع ، ووعد فاعلها المنزلة العظيمة في الجنة ، وإنما هي نوع منها ، وشعبة من شعبها ، وإنما الكفالة التامة : القيام بأمره ، والنظر في مصالحه الدينية والدنيوية ، وتربيته ، و الإحسان إليه حتى يزول يتمه .

قال ابن الأثير :

( الكافل هو القائم بأمر اليتيم ، المربي له ) النهاية 4/192

ولما عرف النووي ، رحمه الله ، في كتابه رياض الصالحين ، كافل اليتيم بأنه القائم بأموره ، قال شارحه : ( دينا ودنيا ، وذلك بالنفقة والكسوة ، وغير ذلك ) .

دليل الفالحين 3/103

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

( كفالة اليتيم هي القيام بما يصلحه في دينه ودنياه ؛ بما يصلحه في دينه من التربية والتوجيه والتعليم ، وما أشبه ذلك ، وما يصلحه في دنياه من الطعام والشراب والمسكن . )

شرح رياض الصالحين 5/113 .

ودخول مصالح اليتيم الدينية والتربوية في معنى الكفالة ، ليس أقل من دخول المصالح المادية الدنيوية ، بل هي أولى ، كما أن قيام الأب على تربية أبنائه ، وتأديبهم ، أعظم من مجرد إنفاقه عليهم

. قال الشيخ ابن سعدي ـ في تربية الإنسان لأبنائه ـ : ( كما أنك إذا أطعمتهم وكسوتهم وقمت بتربية أبدانهم ، فأنت قائم بالحق مأجور ، فكذلك ، بل أعظم من ذلك ، إذا قمت بتربية قلوبهم وأرواحهم بالعلوم النافعة ، والمعارف الصادقة ، والتوجيه للأخلاق الحميدة ، والتحذير من ضدها ) بهجة قلوب الأبرار 128

وتلك هي الكفالة الحقيقية لليتيم ؛ أن يربيه تربية ابنه ، ولا يقتصر على الشفقة عليه والتلطف به ، ويؤدبه أحسن تأديب ، ويعلمه أحسن تعليم . فيض القدير للمناوي 1/108

واستظهر العراقي ، رحمه الله ، أن يكون هذا المعنى هو السر في مرافقة كافل اليتيم للنبي ، صلى الله عليه وسلم ، في الجنة ؛ قال : ( لعل الحكمة في كون كافل اليتيم .. شبهت منزلته في الجنة بالقرب من النبي ، أو منزلة النبي ، لكون النبي شأنه أن يبعث إلى قوم لا يعقلون أمر دينهم ، فيكون كافلا لهم ومعلما ومرشدا ، وكذلك كافل اليتيم يقوم بكفالة من لا يعقل أمر دينه ، بل ولا دنياه ن ويرشده ويعلمه ، ويحسن أدبه )

نقله الحافظ في الفتح 10/437

ثم إن الاقتصار على النفقة ، لاسيما مع تباعد الأمكنة ، يحرم العبد من واحد من أسباب لين القلب وقضاء الحوائج ؛ وهو ضم اليتيم ، والإلطاف له . قال صلى الله عليه وسلم : ( أدن اليتيم ، وامسح برأسه ، وأطعمه من طعامك ، فإن ذلك يلين قلبك ، ويدرك حاجتك )

السلسلة الصحيحة (854)

والحاصل أن أعلى مقامات كفالة اليتيم هي أن يضمه الإنسان إلى ولده ؛ فيربيه تربيتهم ، وينفق عليه كما ينفق عليهم

فإن لم يكن للكافل مال يسع اليتيم ، أو كان لليتيم من المال ما يستغني به ، وضمه الإنسان إلى أولاده ، فهذا ، وإن كان دون المنزلة الأولى ، فهو من أعظم معاني الكفالة ، ومن أعظم مقاصدها ؛ حتى قال النووي رحمه الله : ( وهذه الفضيلة تحصل لمن كفل اليتيم من مال نفسه ، أو مال اليتيم بولاية شرعية )

نقله ابن علان في دليل الفالحين 3/104

فإن كان للإنسان مال ينفق منه على اليتيم ، كحال السائل ، فهذا على خير عظيم إن شاء الله ، ويكفي أنه توقى من فتنة المال والشح به ، وأدى شرط النبي صلى الله عليه وسلم عليه : ( لمن أَعْطَى مِنْهُ الْمِسْكِينَ وَالْيَتِيمَ وَابْنَ السَّبِيلِ ) , لكن ليست هذه هي الكفالة التامة التي وعد صاحبها مرافقة النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في الجنة ، ولعله أن يحصل بإخلاص النية

وصدق الإرادة ، ما عجز عن أن يناله بعمله ، فعنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي غَزَاةٍ فَقَالَ : ( إِنَّ أَقْوَامًا بِالْمَدِينَةِ خَلْفَنَا مَا سَلَكْنَا شِعْبًا وَلا وَادِيًا إِلا وَهُمْ مَعَنَا فِيه ؛ِ حَبَسَهُمْ الْعُذْر )

رواه البخاري (2839) .

*عبدالرحمن*
2018-06-30, 01:59
إذا انقطع عن نفقة اليتيم معذورا فهل ينقطع أجره؟

السؤال:

فاعل خير يقوم بكفالة الأيتام في إحدى الأقليات خارج المملكة العربية السعودية مستشعر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك ، تكون غالبا مدة الكفالة سنة واحدة ومن ثم بعدها لابد من تجديد الكفالة

حتى لا ينقطع عن اليتيم المال المدفوع بعد مرور السنة لا يجد المال لكي يجدد الكفالة ووالله إنه ليحزنه ذلك أن ينقطع عن هذا اليتيم مثل ذلك وأن يحرم الأجر فهل عليه إثم أو ينقص من أجره شيء ؟.

الجواب :

الحمد لله

نسأل الله أن يجزيك خيراً ، ويعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته

كفالة اليتيم لها منزلة في الدين ، وقد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا) وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى .

رواه البخاري (6005) – واللفظ له - ومسلم (2983) .

ٍقال ابن بطال :

"حق على كل مؤمن يسمع هذا الحديث أن يرغب في العمل به ؛ ليكون في الجنة رفيقًا للنبي عليه السلام ولجماعة النبيين والمرسلين - صلوات الله عليهم أجمعين - ولا منزلة عند الله في الآخرة أفضل من مرافقة الأنبياء " انتهى .

"شرح ابن بطال" (17/260).

وكافل اليتيم : هو المربي له ، القائم بأمره من نحو نفقة وكسوة وتأديب وغير ذلك ، وليس من ينفق عليه فقط ، إنما الإنفاق بعض كفالته ، وجانب منها .

قال الحافظ في "الفتح" : " (كَافِل الْيَتِيم) أَيْ : الْقَيِّم بِأَمْرِهِ وَمَصالحه " .

وقال ابن علان :

" وذلك بالنفقة والكسوة والتربية والتأديب وغير ذلك ، قال في «شرح مسلم» وهذه الفضيلة تحصل لمن كفل اليتيم من مال نفسه أو مال اليتيم بولاية شرعية " انتهى .

"دليل الفالحين" (2/366) .

وقال الشيخ ابن عثيمين :

" وكفالة اليتيم هي القيام بما يصلحه في دينه ودنياه : بما يصلحه في دينه من التربية والتوجيه والتعليم وما أشبه ذلك ، وما يصلحه في دنياه من الطعام والشراب والمسكن " انتهى .

"شرح رياض الصالحين" (ص 311) .

ومن كان ينفق على اليتيم ، وحصل له ما يمنع هذه النفقة ، وكان عازماً على استمرارها لولا هذا المانع ، فإنه يُرجى له أن ينال ثواب الصدقة ، وفضل الله تعالى واسع .

وقد روى البخاري (4423) ومسلم (1911)

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا مِنْ الْمَدِينَةِ فَقَالَ : (إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ) قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ ؟ قَالَ : (وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ ، حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ) .

قال النووي :

" فِي هَذَا الْحَدِيث : فَضِيلَة النِّيَّة فِي الْخَيْر , وَأَنَّ مَنْ نَوَى الْغَزْو وَغَيْره مِنْ الطَّاعَات فَعَرَضَ لَهُ عُذْر مَنَعَهُ حَصَلَ لَهُ ثَوَاب نِيَّته " انتهى .

وقال الحافظ :

" وَالْمُرَادُ بِالْعُذْرِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمَرَضِ وَعَدَمُ اَلْقُدْرَةِ عَلَى اَلسَّفَرِ " انتهى .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

" فَهَذَا وَمِثْلُهُ يُبَيِّنُ أَنَّ الْمَعْذُورَ يُكْتَبُ لَهُ مِثْلُ ثَوَابِ الصَّحِيحِ , إذَا كَانَتْ نِيَّتُهُ أَنْ يَفْعَلَ , وَقَدْ عَمِلَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ " انتهى .

"إقامة الدليل على إبطال التحليل" (2/437) .

وقال أيضا :

" مَنْ نَوَى الْخَيْرَ وَعَمِلَ مِنْهُ مَقْدُورَهُ , وَعَجَزَ عَنْ إكْمَالِهِ : كَانَ لَهُ أَجْرُ عَامِلٍ " انتهى .

"إقامة الدليل على إبطال التحليل" (5/463) .

وقال ابن القيم :

" قاعدة الشريعة أن العزم التام إذا اقترن به ما يمكن من الفعل أو مقدمات الفعل نُزِّل صاحبه في الثواب والعقاب منزلة الفاعل التام " انتهى .

"طريق الهجرتين" (ص 532) .

ونسأل الله تعالى أن يبارك لك في مالك ، وأن يتقبل منك .

*عبدالرحمن*
2018-06-30, 02:01
هل يجوز لوالي اليتيم أن يأخذ شيئا من ماله عند الحاجة؟

السؤال :

شخص توفي والده وهو الكفيل على إخوته وأخواته . وعندنا في البلاد إذا كان للمتوفى أولاد يصرف راتب أبيهم دون انقطاع .. الأخ الأكبر وهو الكفيل يدخر هذا الراتب لوقت الشدة ويصرف على إخوته وأخواته من جيبه الخاص

ولكن أحياناً يحتاج مبلغاً لنفسه فيسحب من المال المدخر فما حكم ذلك ؟

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

كفالة اليتيم من أجلّ أعمال البر ، وخاصة إذا كان أولئك اليتامى ذوي رحم ، ويكفي في فضل كفالة اليتيم قول النبي صلى الله عليه وسلم : (أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا)

رواه البخاري (5304) ومسلم (2983) .

قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : " ( كَافِل الْيَتِيم ) الْقَائِم بِأُمُورِهِ مِنْ نَفَقَة وَكِسْوَة وَتَأْدِيب وَتَرْبِيَة وَغَيْر ذَلِكَ , وَهَذِهِ الْفَضِيلَة تَحْصُل لِمَنْ كَفَلَهُ مِنْ مَال نَفْسه , أَوْ مِنْ مَال الْيَتِيم بِوِلَايَةٍ شَرْعِيَّة " انتهى .

ثانياً :

إذا كان لليتيم مال ، كما لو ورث مالاً عن أبيه ، أو جاءه راتب من الدولة ، فلا يلزم وليه أن ينفق عليه ، بل تكون النفقة على اليتيم من ماله .

فإن كان الولي ينفق على اليتيم من ماله (أي من مال الولي) ويدخر مال اليتيم لوقت الشدة ، كما ذكرت في السؤال ، فلا يخلو من حالين :

الأولى : أن يكون متبرعاً بالنفقة على اليتيم ولا ينوي أن يستردها في يوم من الأيام ، فلا يجوز له أخذ شيء من مال اليتيم على أنه مقابل النفقة التي أنفقها عليه .

الثانية : أن ينوي استرداد جزء مما ينفقه على اليتيم إذا احتاج إلى ذلك ، فهو على نيته ، فإذا احتاج إلى مال فله الأخذ من مال اليتيم ، بشرط أن لا يزيد ما أخذه على ما أنفقه عليه .

ثالثاً :

إذا احتاج ولي اليتيم إلى الأخذ من مال اليتيم مقابل قيامه بمصالحه وتربيته ... إلخ ، فله ذلك ، لقول الله تعالى في ولي اليتيم : (وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) النساء/6 .

قال الحجاوي رحمه الله : "ويأكل الولي الفقير من مال مَوْلِيِّه الأقلَّ من كفايته أو أجرته" .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه :

"(ويأكل الولي الفقير) وهو الذي ليس عنده ما يكفيه من كسب يده أو غلة أو راتب أو مكافأة ، ليس عنده إلا مال هذا اليتيم .

قوله : (من مال موليه الأقل من كفايته أو أجرته) ، فإذا قدرنا أن كفايته ألف ريال وأجرته خمسمائة ريال ، فنعطيه خمسمائة ؛ لأنها الأقل ، فإذا قال هذه ما تكفيني ، أنا إلى الآن فقير ، نقول : ليس لك إلا الأجرة فقط .

وبالعكس ، أجرته ألف ريال وكفايته خمسمائة ، فنعطيه خمسمائة ، وهذه لا إشكال فيها ، الإشكال في المسألة الأولى ، إذا كانت الأجرة أقل من الكفاية فإنه سوف يبقى فقيراً ، وظاهر الآية الكريمة : (وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) النساء/6

أنه يأكل بالمعروف ، وأنه إذا كانت الأجرة أقل تُكمل له الكفاية ، وعلى هذا فنقول : يأكل كفايته سواءً كانت بقدر الأجرة أو أقل أو أكثر ؛ لأن هذا هو ظاهر القرآن : (وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ)" انتهى .

"الشرح الممتع" (9/312) .

وعلى هذا ؛ فلك الأخذ من مال إخوتك اليتامى في حالين :

الأولى : إذا كنت تنفق عليهم من مالك وتنوي استرداد هذه النفقة إذا احتجت إليها .

الثانية : إذا كنت فقيراً محتاجاً إلى المال ، ولكن يجب عليك في هذه الحالة أن يكون أخذك من أموالهم بالمعروف ، كما قال الله تعالى : (وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) ، فتأخذ من أموالهم ما يكفيك بلا زيادة ، ولا يجوز لك أن توسع على نفسك في النفقة من مال اليتيم .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-06-30, 02:05
حكم أخذ الوصي من أموال الأيتام

السؤال

أنا الوكيل لورثة أخي وأقوم بمراجعة مستحقاتهم ومصالحهم كما أقوم بزيارتهم أسبوعيّاً وذلك لإسعاد أولاده مع أولادي ، والسؤال عن طلباتهم ( راتبهم 15000 ألف ، وحقوقهم 400000 )

وأنا لدي ديون مؤقتة 4 سنوات بسبب البنيان ، فأيهما أفضل أن أضغط على نفسي وأولادي قليلا أو أن آخذ من دون علمهم مصاريف البنزين وغيره ( بسبب العادات ) ؟.

الجواب

الحمد لله

جعل الشرع أكل مال اليتيم بالباطل من السبع الموبقات المهلكات – كما روى ذلك البخاري ( 2615 ) ومسلم ( 89 ) عن النبي صلى الله عليه وسلم : ولكونه أمانة عظيمة قد يعجز عنها كثيرون قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر – ضمن نصائح له – : ( ولا تولينَّ مال يتيم ) رواه مسلم ( 1826 ) .

وقد أوجب الشرع على من قام بالوصاية على الأيتام أن يحسن رعايتهم وتربيتهم ، وإذا كان لهم أموال أن يحسن حفظها وتنميتها ، وأن يؤدي زكاتها ، وإن كان غنيّاً فالأولى له أن يستعفف عن أموالهم ، وإن كان فقيراً أن يأكل بالمعروف ، وإن كان عاملاً بأموالهم أن يأخذ أجرة المثل ، هذه أحكام الشرع ، وهي غايةٌ في الحكمة والعدل .

قال الله تعالى : ( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفًا . وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ) النساء /5،6 .

قال ابن كثير :

وقوله : ( ولا تأكلوها إسرافاً وبداراً أن يكبروا ) ينهى تعالى عن أكل أموال اليتامى من غير حاجة ضرورية ( إسرافاً وبداراً ) أي : مبادرة قبل بلوغهم ، ثم قال تعالى : ( ومن كان غنيّاً فليستعفف ) عنه ولا يأكل منه شيئاً ، وقال الشعبي : هو عليه كالميتة والدم ، ( ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف ) نزلت في والي اليتيم الذي يقوم عليه ويصلحه إذا كان محتاجاً أن يأكل منه ، عن عائشة قالت : أنزلت هذه الآية في والي اليتيم ( ومن كان غنيّاً فليستعفف ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف ) بقدر قيامه عليه .

قال الفقهاء : له أن يأكل من أقل الأمرين أجرة مثله أو قدر حاجته ، واختلفوا هل يرد إذا أيسر ؟ على قولين : أحدهما : لا ؛ لأنه أكل بأجرة عمله وكان فقيراً ، وهذا هو الصحيح عند أصحاب الشافعي ؛ لأن الآية أباحت الأكل من غير بدل ... .

والثاني : نعم ؛ لأن مال اليتيم على الحظر ، وإنما أبيح للحاجة ، فيرد بدله كأكل مال الغير للمضطر عند الحاجة ... .

( ومن كان غنياً فليستعفف ) يعني : من الأولياء ، ( ومن كان فقيراً ) أي : منهم ، ( فليأكل بالمعروف ) أي : بالتي هي أحسن ، كما قال في الآية الأخرى : ( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده ) أي : لا تقربوه إلا مصلحين له ، فإن احتجتم إليه أكلتم منه بالمعروف .

" تفسير ابن كثير " ( 1 / 454 ، 455 ) باختصار .

وعن عبد الله بن عمرو أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني فقير ، ليس لي شيء ، ولي يتيم ، قال : كُل من مال يتيمك غير مسرف ولا مباذر ولا متأثل " .

رواه أبو داود ( 2872 )

والنسائي ( 3668 )

وابن ماجه ( 2718 ) .

والحديث : حسَّنه الألباني في " صحيح الجامع " ( 4497 ) .

مباذر : مسرف للمال تبذيراً له .

متأثل : آخذ من أصل المال .

فإن أردت أن تأخذ مالا مقابل ما تعمله لهم ، من مراعاة مصالحهم ، وكان عملك هذا يستحق أجرة فلا حرج عليك في ذلك ، أما إن أردت أن تأخذ أجرة الزيارة فلا ، لأنه لم تجرِ العادة بجعل مصاريف زيارة الأيتام عليهم من أموالهم ، وهذا بخلاف ما تنفقه عليهم من لباس وأثاث وطعام لهم ، فإنه يكون من أموالهم .

وحيث إنك في بلد يوجد بها قضاء شرعي فلا بد من مراجعة المحكمة الشرعية في ذلك ، حتى يحكم القاضي بما يراه من مصلحة الأيتام ، والله أعلم .

ونرجو منك التأمل كثيراً في قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ( 1400 ) ومسلم ( 1053 ) : ( من يستعفف يعفَّه الله ، ومن يستغن يغنه الله ، ومن يصبر يصبِّره الله وما أعطي أحد من عطاء خير وأوسع من الصبر ) لتعلم أن الطريق إلى قضاء دينك هو الاستعفاف والاستغناء والصبر .

قال المباركفوري :

( ومن يستغن ) أي : يظهر الغنى بالاستغناء عن أموال الناس ، والتعفف عن السؤال حتى يحسبه الجاهل غنيا من التعفف .

( يغنه الله ) أي : يجعله غنيّاً أي : بالقلب ففي الحديث : ( ليس الغني عن كثرة العرَض إنما الغني غنى النفس ) ، أو يعطيه ما يغنيه عن الخلق .

( ومن يستعفف ) الاستعفاف : طلب العفاف والتعفف وهو الكف عن الحرام والسؤال من الناس , أي : من طلب العفة وتكلفها أعطاه الله إياها .

( يعفه الله ) : أي يجعله عفيفا ، فيحفظه عن الوقوع في المناهي ، يعني : من قنع بأدنى قوت وترك السؤال تسهل عليه القناعة وهي كنز لا يفنى .

( ومن يتصبَّر ) أي : يطلب توفيق الصبر من الله ؛ لأنه قال تعالى : ( واصبر وما صبرك إلا بالله ) ، أو : يأمر نفسه بالصبر ويتكلف في التحمل عن مشاقه .

" يصبِّره الله " : أي يسهل عليه الصبر .

"تحفة الأحوذي" (6/143، 144) باختصار .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-06-30, 02:08
ما جاء في فضل كفالة اليتيم ، وعلاقة اليتيمة بمن تبناها بعد بلوغها

السؤال :

لو أن رجلاً تبنى فتاة يتيمة وهي لا تمت له بأي صلة ، فهل يجب على هذه الفتاة حين تكبر أن تتحجب أمام هذا الرجل ؟

وما هي الأمور التي يجب عليه أن يضعها نصب عينيه بخصوص مسألة التبني . مع الأخذ في الاعتبار أنه لم يعطها اسمه . كل ما يريده الرجل هو تحصيل الثواب الوارد في حديث النبي صلى الله عليه و سلم : ( من ربى فتاتين حتى يبلغا ويتزوجا ، فأنا وهو كهاتين يوم القيامة ) وشبك بين أصابعه . رواه مسلم ، والترمذي .

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ ، وَضَمَّ أَصَابِعَهُ ) رواه مسلم (2631) ، وفي رواية الترمذي (1914) : ( مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ دَخَلْتُ أَنَا وَهُوَ الْجَنَّةَ كَهَاتَيْنِ ، وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ ) .

والشراح حملوا الفضل الوارد في الحديثين على البنات والأخوات ، فقد أورد الإمام مسلم الحديث السابق ( من عال جاريتين ... الحديث ) في باب " فضل الإحسان إلى البنات " ، وكذلك الإمام الترمذي أورده في باب " ما جاء في النفقة على البنات والأخوات " .

فمن قام على رعاية بناته وأخواته حق القيام ناله ذلك الفضل الوارد في الأحاديث ، وهو مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة .

لكن ثبت في فضل كفالة اليتيم وعظم ثوابها ، ما رواه مسلم (2983) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كَافِلُ الْيَتِيمِ ، لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ ، أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ ) ، وأشار مالك بالسبابة والوسطى .

قال النووي رحمه الله : " وَأَمَّا قَوْله : ( لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ ) ، فَاَلَّذِي لَهُ : أَنْ يَكُون قَرِيبًا لَهُ كَجَدِّهِ وَأُمّه وَجَدَّته وَأَخِيهِ وَأُخْته وَعَمّه وَخَاله وَعَمَّته وَخَالَته وَغَيْرهمْ مِنْ أَقَارِبه , وَاَلَّذِي لِغَيْرِهِ : أَنْ يَكُون أَجْنَبِيًّا " انتهى من " شرح مسلم للنووي " .

وثبت عند الترمذي (1918) عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ ، وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ يَعْنِي السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى ) ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح سنن الترمذي " .

ثانيا :

سبق في جواب الكلام عن التبني ، وأنه نوعان : جائز وممنوع ، والجائز منه ضابطه : هو القيام على رعاية اليتيم والقيام على شؤونه ، دون نسبة ذلك اليتيم إلى من تبناه .

وجاء - أيضاً – في تلك الإحالة ، أن الطفلة إذا بلغت ، فإن كافلها يعد أجنبيا عنها ، فلا يجوز لها أن تكشف وجهها عنده ، ولا أن يخلو بها ، لكنها تصله بالسلام والسؤال عن حاله ؛ وذلك ردا لجميله ومكافأة له على إحسانه لها في صغرها .

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة :

" لا يجوز لك أن تبقي مع هذا الرجل الذي تبناك ، ولا يجوز أن تكشفي وجهك له ؛ لأنه أجنبي عنك ، والتبني لا يثبت نسبا .... ، ولكن لا مانع من السلام عليه كلاما بدون مصافحة ، والدعاء له وشكره على إحسانه " انتهى اختصارا بتصرف يسير من "

فتاوى اللجنة الدائمة " ( 20 / 363 - 364 ) .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-06-30, 02:16
هل للوالدين في التبني الحكم نفسه للوالدين الحقيقيين ؟

وهل أبحث عن والديَّ ؟

السؤال :

إذا تبنت عائلة غير مسلمة طفلاً , وعندما كبر هذا الطفل أصبح مسلماً , فهل يجب عليه أن يعتني بهم ، وأن يحسن إليهم ؟

فقد ورد أن على الانسان أن يطيع أبويه حتى ولو كانا غير مسلمين ، ما لم يأمراه بمعصية

, فهل ينطبق هذا على التبني ؟

وفي حال أن هذا الطفل لم يرَ والديه الحقيقيين , لكنه علم فيما بعد أنهما لا يزالان على قيد الحياة , فهل يجب عليه أن يبحث عنهما ، وأن يعتني بهما ، حتى ولو لم يعرف الوالدان من يكون هذا الولد لأنهما لم يربياه ؟

الجواب:

الحمد لله

أولاً:

يُطلق " التبني " في عرف الناس ويُراد به أمران :

الأول : القيام على تربيته ، والعناية به ، مع عدم تغيير نسبه .

والثاني : القيام على تربيته ، والعناية به ، مع نسبة ذلك المُتبنَّى إلى أسرة المتبنِّي ، وجعله واحداً من أفرادها .

ولا شك أن الأمر الثاني هذا كان جائزاً أول الإسلام ، فنُسب زيد بن حارثة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فصار اسمه " زيد بن محمد " ، ونُسب " سالم " لأبي حذيفة ، وكان يدعى : سالم بن أبي حذيفة ، ثم لما شرع الله تعالى إبطال التبني ، وأمر بأن يُدعى كل واحدٍ لأبيه من النسب ، ومن لا يُعرف له أب :

فيقال : فلان أخو فلان ، أو : فلان مولى فلان : استجاب الناس لأمر الله تعالى ، فنُسب زيد إلى أبيه " حارثة " ، ودُعي سالم بـ " سالم مولى أبي حذيفة " .

قال تعالى : ( ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الأحزاب/ 5 .

والنسب يتبعه كثير من الأحكام ، كالرضاع ، والحضانة ، والولاية ، والنفقة ، والميراث ، والقصاص ، وحد السرقة ، والقذف ، والشهادة ، وغيرها .

وأما الأمر الأول ، وهو العناية بطفل ، يتيم أو فقير ، وتربيته كتربية المرء لولده ، من غير تغيير نسبه الحقيقي : فليس بمحرّم ، بل هو من أجلِّ الأعمال ، وخاصة في حال كون ذلك المربَّى من الأطفال المشردين في الحروب ، أو من الذين فقدوا أسرتهم جميعها في حادث ، أو حرب .

وفي كلا الحالين السابقين لا تأخذ الأسرة المتبنية ، أو المربية حكم أسرة الطفل الحقيقية ، من حيث البر ، والصلة ، والطاعة ؛ لأن ذلك إنما هو للوالدين في النسب .

و سبق بيان الفرق بين التبنِّي ، وكفالة اليتيم .

و سبق بيان الفرق بين الحالين السابقين .

وهذا لا يعني قطع العلاقة بالكلية مع تلك الأسر الثلاث ، ولا يعني تحريم زيارتهم ، والسؤال عنهم ، وصلتهم ، وبرهم ، بل إن هذا من خلق الإسلام ، وهديه ، وإذا كان هذا من الواجبات مع الغرباء فإنه يتحتم أكثر تجاه من له فضل عليه بتربية ، وعناية ، ورضاعة ، ومعرفة حق مثل هذا المحسن ، ومكافأته على إحسانه : مما يعرفه كل ذي فطرة سليمة ، وحث عليه أدب الشرع .

قال الله عز وجل : ( هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ) الرحمن /60 .

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( مَنْ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ وَمَنْ سَأَلَ بِاللَّهِ فَأَعْطُوهُ وَمَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ ) .

رواه أبو داود (1762) والنسائي (2567) ، وصححه الألباني .

قال العظيم آبادي في عون المعبود :

" ( وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا ) : أَيْ أَحْسَنَ إِلَيْكُمْ إِحْسَانًا قَوْلِيًّا أَوْ فِعْلِيًّا ( فَكَافَئُوهُ ) : مِنْ الْمُكَافَأَة أَيْ أَحْسِنُوا إِلَيْهِ مِثْل مَا أَحْسَنَ إِلَيْكُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ } { وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْك } .

( فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُوا بِهِ ) : أَيْ بِالْمَالِ ، .. ( فَادْعُوَا لَهُ ) : أَيْ لِلْمُحْسِنِ ؛ يَعْنِي : فَكَافِئُوهُ بِالدُّعَاءِ لَهُ ، ( حَتَّى تَرَوْا ) : بِضَمِّ التَّاء أَيْ تَظُنُّوا ، وَبِفَتْحِهَا أَيْ تَعْلَمُوا أَوْ تَحْسَبُوا ، ( أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ ) : أَيْ كَرِّرُوا الدُّعَاء حَتَّى تَظُنُّوا أَنْ قَدْ أَدَّيْتُمْ حَقّه . " انتهى .

وإنما الذي نقوله : إن هؤلاء ، بمجرد الإحسان والتربية ، لا يكونون كالآباء والأمهات ، لا في الأحكام الشرعية ، ولا في الحقوق والواجبات المتبادلة بينهم وبين هؤلاء الأبناء .

وقد ذكر علماء اللجنة الدائمة أمر التبني وتحريمه في الشرع المطهَّر ، ثم قالوا :

تبيَّن مما تقدم : أن القضاء على التبني ليس معناه القضاء على المعاني الإنسانية ، والحقوق الإسلامية ، من الإخاء ، والوداد ، والصلات ، والإحسان ، وكل ما يتصل بمعاني الأمور ، ويوحي بفعل المعروف .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 20 / 347 ) .

وقالوا – في بيان العلاقة بين بنت متبنَّاة ومتبنيها - :

التبني لا يجعلكِ بنتاً لمن تبناكِ كما كان الحال في زمن الجاهلية ، إنما القصد منه الإحسان ، وتربية الصغير ، والقيام بمصالحه ، حتى يكبر ، ويرشد ، ويتولى شؤون نفسه ويستقل في الحياة

فنرجو الله أن يحسن إلى من أحسن إليك ، لكنه ليس أباً ، ولا محرَماً لك ، فيجب أن تحتجبي عنه ، شأنك معه في هذا كأي أجنبي ، مع مقابلة إحسانه بالإحسان ، ومعروفه بالمعروف ، مع الحجاب ، وعدم الخلوة .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 20 / 360 ) .

ثانياً:

سواء كان الواقع أحد الأمرين السابقين في معنى " التبني " : فإننا نرى لزاماً على ذلك الرجل البحث عن والديه ؛ لما يترتب عليه من أحكام شرعية ، وآثار نفسية ، فلا يُدرى السبب الحقيقي لابتعادهما عنه ، وقد يكونان في حالة يُرثى لها نفسيّاً وبدنيّاً ، ويكون بلسم شفائهما : رؤية ولدهم ، وملامسته ، كما حصل مع يعقوب وابنه يوسف عليهما السلام .

والبحث عن الوالدين للقائهما ، ورؤيتهما ، والعناية بهما قضية فطرية ، لا تحتاج إلى استدلال على جوازها – بل وجوبها – بأدلة من الكتاب والسنَّة ، وحتى لو كان تخلي الوالدين عن ولدهم عن قصد : فإن ذلك لا يبيح للولد التخلي عنهما ، ولا التبرؤ منهما

والله أعلم

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-07-04, 15:34
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

أسئلة عن الأكل في مطاعم الجامعة

السؤال:

أنا مشترك بمطعم تابع للحي الجامعي ، ونطلب الوجبات قبل يوم الوجبة بيوم أو أكثر ، وذلك بدفع ثمن رمزي ، وقد قمت بالتسجيل في هذه الخدمة ، وأراد صديقي أن يسجل ، لكن انتهى الأجل المخصص لذلك. سؤالي : هل يمكنني أن أطلب تذكرة الوجبة ، ثم أعطيها لصديقي ليتناول الغداء ، وذلك بالمجان

أو مقابل الثمن الرمزي الذي أدفعه ، مع العلم أنه غير مسجل . في بعض الأحيان : آكل أنا وصديقي ، وينفد لنا الخبز ، فنجد بعض قطع الخبز المتبقية بعد انتهاء الآخرين ، فنأخذها

ونكمل الغداء . وفي أحد المرات دخلت أنا وصديقي لنحصل على الوجبة ، فعندما رأى العامل أن صديقي سيتغدى معي : أضاف قطعة لحم أخرى إلى الصحن . فما حكم هذه الحالات ؟

الجواب :

الحمد لله

ذكرت في سؤالك ثلاث صور :

الصورة الأولي :

أن تتنازل أنت عن تذكرة من تذاكرك لزميلك مجانا أو بمقابل الثمن الذي اشتريتها به ، ففي هذه الحالة لا حرج ؛ لأنك تملك هذه التذكرة ، فيحق لك أن تهبها لمن يستحق هذه الخدمة من الطلاب

وزميلك من المستحقين لهذه الخدمة ، باعتباره طالبا من طلاب الجامعة ، لاسيما والمعتاد أن الجهات المسؤولة في الأحياء الجامعية لا تمنع مثل هذه التصرفات ، ولا ترى فيها مخالفة للتعليمات ، لأن الوجبة في النهاية قد استفاد منها أحد طلاب الجامعة .

الصورة الثانية :

أن تشرك زميلك في وجبتك ، ولتكثير الطعام تأخذون الخبز المتبقي على الطاولات ، فهذه الصورة أيضا جائزة ، لأنك لم تأخذ أكثر من حقك من مطعم الجامعة ، وبقايا الخبز الذي على الطاولات قد تركه أصحابه رغبة عنه ، ومثل هذا لا يكون ملكا لأحد ، وإنما يمتلكه من أخذه ، والغالب أن بقايا الطعام ستلقى ولن يستفيد منها أحد ، فمن أخذها فلا حرج عليه .

قال الشيخ محمد بن عثيمين في "الشرح الممتع" (10/360) :

"من وجد مالاً فعلى ثلاثة أقسام:

الأول: أن يعلم أن صاحبه تركه رغبة عنه : فهذا لواجده ، كما يوجد الآن بعض الكراسي المكسرة ترمى في الأسواق ، أو بعض الزنابيل ، أو بعض الأواني ، أو ما أشبه ذلك، نعلم أن صاحبها تركها رغبة عنها، هذه يملكها واجدها...." انتهى.

الصورة الثالثة :

أن تطلب وجبة لك وحدك ، لكن يحابيك العامل بزيادة قدر ظاهر ، أكثر مما جرت العادة بالتسامح فيه ، فهذه الصورة ممنوعة من حيث الأصل ، لأنك تأخذ ما لا تستحق ، لكن إذا وقع هذا أحيانا فنرجو ألا يكون عليك حرج في ذلك ، لأن الغالب أن المسئولين عن مطعم الجامعة يسمحون بمثل هذا

بل أخبرنا بعضهم أنهم ـ في بعض الأماكن ـ يسمحون للطالب الذي يأتيه ضيف أن يصطحبه إلى مطعم الجامعة ، ويأخذ له وجبة كاملة ، ما دام ذلك يقع أحيانا ، وليس بصفة مستمرة .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-04, 15:37
التخفيضات الوهمية في المواسم والمناسبات

السؤال:

حكم بيع منتج ما عن طريق التليفون وإقناع العميل به ؟

وليكن مثلا أن سعر البيع هو 30، وأنا أخبره بأن سعر البيع 50 وبمناسبة عيد أو مناسبة ما تم عمل خصم له ، وأصبح السعر 30 ، هل هذا حلال أم حرام ؟

الجواب :

الحمد لله

خداع المشتري وإخباره بأن سعر المنتج خمسون ريالا ، وتم تخفيض سعره إلى ثلاثين لمناسبة موسمية كالعيد مثلا ، مع أنه لم يحصل تخفيض أصلا كذب صريح .

والكذب حرام ، وهو في البيوع أشد ، وما يحصل عليه البائع بالكذب لا خير فيه ، ويعود على صاحبه بمضار كثيرة قد يشعر بها وقد لا يشعر .

ولو لم يكن في التحذير من الكذب في البيوع إلا أنه ممحقة للبركة لكفى .

فعن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا ، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا

وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا ) رواه البخاري (1973) ، ومسلم (1532) .

فالصدق والبيان من آكد أسباب المباركة في الرزق والمال ، والكذب والكتمان من أعظم أسباب المحق والخسار.

وإذا كان البائع لا يرضى بهذا لنفسه ، فكيف يرضاه لإخوانه من المسلمين ؟! فهذا دليل على نقص إيمانه ، قال صلى الله عليه وسلم : (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ) روى البخاري (13) ، ومسلم (45) .

وقال صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ ، وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ ) رواه مسلم (1844) .

فليحذر من يفعل ذلك ، فإن عقوبة الله تعالى له بالمرصاد .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-04, 15:43
استيلاء أصحاب المحلات على الأرصفة التي أمام محلاتهم

السؤال:

عندي محل في سوق تجاري ، وكل المحلات التي بجانبي أخذت الرصيف الذي أمام المحل و جزء من الشارع خارج حدود المحل مم اضطرني إلي أن آخذ أنا أيضا جزءا ، فهل هذا حرام ؟

و إن كان حرام هل يمكنني عرض البضائع فقط علي هذا الجزء ؟

الجواب :

الحمد لله

أخذ قطعة من الرصيف والبناء عليها وإلحاقها بدكانك ، بحيث تصبح من أملاكك أو تتصرف فيها كتصرف الملاك ؛ هذا الفعل لا يجوز ، وهو من أخذ الأرض ظلما بغير حق .

عَنْ عبد الله بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ أَخَذَ مِنَ الْأَرْضِ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِفَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ ) رواه البخاري ( 2454 ) .

أمّا عرض السلعة عليه في وقت البيع فقط فإذا كان ذلك متعارفا بين الناس على التسامح فيه فلا حرج فيه ، إذا لم يضرّ بالمارين والمتسوقين ، ولم يضيق عليهم طريقهم .

قال ابن قدامة رحمه الله تعالى :

" وما كان من الشوارع والطرقات والرحاب بين العمران ، فليس لأحد إحياؤه [يعني : كالبناء عليه ونحوه من التصرفات التي يفعلها المالك بملكه] ، سواء كان واسعا أو ضيقا ، وسواء ضيق على الناس بذلك أو لم يضيق ؛ لأن ذلك يشترك فيه المسلمون ، وتتعلق به مصلحتهم ، فأشبه مساجدهم .

ويجوز الارتفاق بالقعود في الواسع من ذلك للبيع والشراء ، على وجه لا يضيق على أحد ، ولا يُضِر بالمارة ؛ لاتفاق أهل الأمصار في جميع الأعصار على إقرار الناس على ذلك ، من غير إنكار ، ولأنه ارتفاق مباح من غير إضرار ، فلم يمنع منه ، كالاجتياز "
.
انتهى من " المغني " (8 / 161) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-04, 15:46
هل يجوز لصاحب العمل أن يركب كاميرات مراقبة بدون علم الموظف؟

السؤال:

هل يجوز لي كصاحب عمل أن أقوم بتركيب كاميرات المراقبة وذلك لأمرين : 1- مراقبة سير العمل وقيام الموظفين بواجباتهم . 2- كشف حالات السرقة في حال حدوثها وحفظ المحل من الناحية الأمنية. وهل يجوز تركيبها بدون علم الموظفين ؟

الجواب :

الحمد لله

يجوز لصاحب العمل أن يضع كاميرات لمراقبة عمل الموظفين تحت إدارته ، بشرط أن يكونوا على علم بوجود الكاميرات ؛ لئلا يطلع منهم على عورة أو تصرف لا يحتشم فيه أحدهم من نفسه ، لوثوقه من اختفائه عن أعين الناس .

فإنْ وُضعت الكاميرات دون علمهم كان هذا عين التجسس المنهي عنه ، بنص كتاب الله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا ) الحجرات/ 12 .

وبنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ، ولا تحسسوا ، ولا تجسسوا ، ولا تحاسدوا ، ولا تدابروا ، ولا تباغضوا ، وكونوا عباد الله إخوانا ) . أخرجه البخاري (5144) ، ومسلم (2563) .

والتجسس : البحث عن عيوب الناس وعوراتهم .

والمصلحة التي تطلب من وضع الكاميرات لضبط الموظفين وحماية المنشأة من اللصوص – تحصل على وجهها بوضع الكاميرات ، مع إعلامهم بوجودها ، وما زاد على ذلك فهو من التجسس وتتبع العورات .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :

"التجسس : طلب المعايب من الغير ، أي : أن الإنسان ينظر ، ويتصنت ، ويتسمع ، لعله يسمع شرًّا من أخيه ، أو لعله ينظر سوءاً من أخيه ، والذي ينبغي للإنسان أن يُعرض عن معايب الناس ، وأن لا يحرص على الاطلاع عليها ... فلا ينبغي للإنسان أن يتجسس ، بل يأخذ الناس على ظاهرهم ، ما لم يكن هناك قرينة تدل على خلاف ذلك الظاهر " .

انتهى من " تفسير سورة الحجرات " (ص50 ، 51) .

وإذا كان الوعيد الشديد قد جاء فيمن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون بأن يصب في أذنه الآنك [الرصاص المذاب] ، كما جاء في صحيح البخاري (7042) ، فكيف بمن جعل جهازا يصور هذا الموظف طيلة فترة وجوده في مقر العمل ، فيتتبع حركاته وسكناته ، ويحتفظ بهذا التسجيل

وقد يكون الموظف خاليا ، أو مطمئنا إلى احتجابه عن أعين الناس ، فيتصرف تصرفا ليس محرما في ذاته ، ولا مسقطا لمروءة من يصدر منه حال كونه خاليا ، أو بين أهله وولده ، لكنه معيب مبتذل لمن يعمله أمام الناس ، فيستغل رب العمل هذا المقطع ، ويهدد الموظف بنشره أو التشهير به أو يبتزه به ، إلى غير ذلك من المساوئ التي هي أشد من مجرد الاستماع إلى حديث عابر بين شخصين يكرهان استماعه .

وإذا كان صاحب العمل لا يرضى ذلك لنفسه أو لأحد من أولاده ، فعليه كذلك ألا يرضاه لغيره من الناس ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ ) أخرجه مسلم (1844) .

ومن سوّغ لنفسه التجسس على الناس وتتبع عوراتهم ، واختلق لذلك المبررات ، فهو مهدد بجزاء من جنس عمله ، بأن يتتبع الله عورته ويفضحه ، كما جاء في الحديث عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : " صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ

فَقَالَ : ( يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الْإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ : لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ ، وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ ؛ فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ : تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ ، وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ ) . رواه الترمذي (2032) ، وصححه الألباني .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-04, 15:48
بنى جدهم على جزء من أرض بـ(وضع اليد) فهل باقيها يكون ملكا له ؟

السؤال :

بنى والدي منزلا ومتجرين على أرض غير مملوكة (تابعة للدولة) لكنها ملتصقة بمنزل الجد من الخلف . بعد مدة 15 سنة إخوة أبي إن لهم حقا في تلك الأرض ، وإنها تابعة للأصل ، ويجب أن تقسم كالميراث . فهل لهم حق فيها ؟

والأرض ليست من أملاك الجد المتوفى ، المسجلة ، ( منزل الجد فقط ملكه وبعقد ، وهذا ليس فيه نقاش ) ، أما ما بنى فيه أبي فهو زيادة تابعة للدولة، وهي من غير وثائق إلى الآن .

الجواب :

الحمد لله

ما دامت هذه الأرض ليست ملكا لأحد ، وقد بنى الجد على بعضها ، وثبت تملكه لهذا الجزء ، فالذي يظهر في حكم هذه الأرض أنها نوعان :

الأول : أن يظهر أنها تابعة للأصل ، ويُعلم ذلك بتعامل الناس وتصرفاتهم في مثل هذه الأرض :

فإذا اشتهر بين الناس أن مثل هذه الأرض تكون تابعة للأصل ، وأنهم يتعارفون فيما بينهم على أنها مختصة بمن يملك الأصل ، ولا أحد يعتدي على اختصاصه بها = فهي في هذه الحالة : من جملة أملاك الجد ، وتتبعه ملكه الأصلي ، وتنتقل إلى ورثته كما لو كانت ملكا له ، حتى وإن لم يكن لها أوراق تثبت ملكيتها لأحد .

وحكمها ـ حينئذ ـ حكم الميراث ، فتقسم على الورثة حسب الأنصبة الشرعية .

النوع الثاني : أن لا يجري تعامل الناس على أنها تابعة للأصل ، بل تكون مستقلة بنفسها ، ويتم تملكها بـ (وضع اليد) ، فمن سبق إليها ، ووضع يده عليها : فله الانتفاع بها ، ثم بعد ذلك يتم تسوية الأمر مع الحكومة ، وتكون ملكا له ، ويتسلم الأوراق التي تفيد ذلك .

فإذا كانت الأرض من هذا النوع : فليست ميراثا من الجد ، بل هي ملك لوالدكم لا يشاركه فيها أحد من إخوته .

فإن حصل تردد عندكم هل هي من النوع الأول أو الثاني ؟ فلا يبقى أمامكم إلا الصلح ، فيجتمع جميع الأطراف ، وتتراضون فيما بينكم على أن تدفوا مبلغا من المال لأعمامكم وعماتكم ، مقابل تنازلهم عن دعوى استحقاق المشاركة في هذه الأرض .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-04, 15:51
حكم استعمال رصيد الهاتف ثمناً للمشتريات

السؤال :

يوجد اليوم ما يسمى بالفواتير المخصومة مباشرة من رصيد الهاتف حيث تسمح هذه الخدمة للمشترك بشراء المنتجات من جهة ثالثة لا علاقة لها بشركة الهاتف وذلك من خلال خصم قيمة هذه المشتريات من رصيد الهاتف

فهل يأخذ رصيد الهاتف في هذه الحالة حكم النقود ؟

الجواب :

الحمد لله

إن العقد القائم بين العملاء وشركات الاتصال هو عقد إجارة ، فالعميل مستأجر والشركة مؤجِّرة ، ومحل العقد : منفعة أبراج الاتصالات التي يتمكن المستأجر من خلالها من الحصول على الخدمات المطلوبة من اتصال وغيره .

والأجرة يتم دفعها مسبقاً في البطاقات مسبقة الدفع ، أو لاحقاً في البطاقات المفوترة .

والرصيد الموجود لدى العميل يمثل المنفعة التي ملكها من الشركة .

وبمقتضى عقد الإجارة يثبت للعميل ملك المنفعة وهو الرصيد الموجود في البطاقة ، كما يثبت ملك الأجرة للمؤجر ؛ لأنه عقد معاوضة .

وبما أن هذه المنفعة ملك للمستأجر ، فيحق له التصرف بها كما يشاء استعمالا واستغلالاً ، إذا لم يوجد شرط يقيد ذلك .
وعليه :

فشراء الإنسان لبعض السلع من المحلات التجارية بجزء من رصيده في بطاقة الاتصال ، هو من باب شراء السلع بالمنافع ، وهو أمر جائز لا حرج فيه ، ولا يشترط في البيع أن يكون بالنقد

بل قد يكون بالنقد وغيره من المنافع والأعيان .

وإذا طلبت شركة الاتصال أجرة مقابل هذه الخدمة : فلا بأس بذلك ، وهي بمثابة الأجرة على تقديم خدمة نقل المنفعة من العميل للتاجر ، وسواء تم تحويها للتاجر على شكل رصيد أم سيولة نقدية .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-04, 15:59
ما حكم أخذ رسوم مقابل تحويل رصيد الجوال لشخص آخر؟

السؤال :

ما حكم تحويل رصيد بمبلغ 5 دولارات إلى شخص آخر باعتبار أنه قرض على أن يقوم هذا الشخص بإعادة الرصيد المحول له بالإضافة إلى رصيد إضافي بقيمة دولار واحد كرسوم ؟

الجواب :

الحمد لله

سبق في جواب السؤال السابق بيان أن الرصيد الموجود في بطاقة الجوال يمثل المنفعة التي ملكها من الشركة .
ولذلك فتحويل الرصيد الموجود في البطاقة إلى شخص آخر له صورتان :

الأولى :

أن يكون ذلك على سبيل البيع ، وفي هذه الحال لا حرج على من ملك رصيداً من الاتصال أن يبيعه على غيره ، بمثل قيمته أو أقل أو أكثر ، لأن هذا من باب "بيع المنافع" ، وليس بيع نقد بنقد مثله حتى يشترط فيه التساوي .

وقد سئلت اللجنة الدائمة عن بيع بطاقات الاتصال المدفوع بأكثر من ثمنها .

فكان الجواب : " لا مانع من بيع وشراء هذا النوع من البطاقات الهاتفية ؛ لأن حقيقتها بيع منفعة مباحة "

انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (11/46) .

الثاني:

أن يكون هذا التحويل على سبيل القرض
.
ففي جواز هذه المسألة خلاف ؛ نظراً لاختلاف العلماء في حكم " قرض المنافع " ، والأقرب أنه لا حرج في ذلك .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية

: " وَيَجُوزُ قَرْضُ الْمَنَافِعِ ، مِثْلُ أَنْ يَحْصُدَ مَعَهُ يَوْمًا وَيَحْصُدَ مَعَهُ الْآخَرُ يَوْمًا ، أَوْ يُسْكِنَهُ دَارًا لِيَسْكُنهُ الْآخَرُ بَدَلهَا"

انتهى من "الفتاوى الكبرى" (5/394).

وفي هذه الحال لا يجوز على صاحب الرصيد أن يشترط على المقترض رد أي زيادة على الرصيد المحوَّل له ، بل يرد له مثل الرصيد الذي أخذه منه ؛ لأن كل قرض جر نفعاً فهو ربا.

قال ابن قدامة رحمه الله

: " وَكُلُّ قَرْضٍ شَرَطَ فِيهِ أَنْ يَزِيدَهُ ، فَهُوَ حَرَامٌ ، بِغَيْرِ خِلَافٍ ".

انتهى من " المغني " (6/436).

ولكن يجوز لكم في وقت السداد أن تتفقا على دفع مقابل منفعة الرصيد نقداً مالياً ، ويكون هذا من باب رد القرض بشيء من غير جنسه ، ويشترط في هذه الحال أن يكون المال مساويا لقيمة الرصيد يوم السداد .

وهاتان المعاملتان (البيع والقرض) متشابهتان من حيث الصورة ، ولكن الفرق بينهما يتحدد بحسب نية المتعاملين ، هل نيتهما البيع أم القرض ؟

والحاصل :

أنه يجوز بيع الرصيد بنقد مالي أكثر منه ، ولكن في حال القرض يتوجب رد مثله رصيداً .

والله أعلم .

......

حكم بيع رصيد مكالمات قيمته 10 جنيهات ب 12 جنيها

السؤال :

ما حكم تحويل رصيد مكالمات للجوال فالبائع يحول لك رصيد 10 جنيهات مقابل 12 جنيه سمعنا أنه ربا فما الحكم في ذلك ؟

الجواب :

الحمد لله

يجوز لمن ملك رصيدا من الاتصال أن يبيعه على غيره ، بمثل قيمته أو أقل أو أكثر ، لأن هذا من بيع المنافع ، وليس بيع مال بمالٍ حتى يشترط فيه التساوي .

فالبائع أو صاحب الرصيد ملك منفعة الاتصال التي تقدر قيمتها ب 10 جنيهات ، ويجوز له أن يبيعها ب 12 جنيها ، ولا حرج في ذلك ، وهذا ينطبق أيضا على بيع كروت الشحن ، فيجوز لمن ملك كرتا قيمته 100 أن يبيعه بأكثر أو أقل
.
والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-04, 16:01
اشترى أرضا ثم علم أنها مغصوبة من المال العام

السؤال:

اشتريت أرضا من شخص وبنيت عليها عمارة ، ثم تبين لي أنه غصبها من المال العام ، فماذا أفعل ؟

الجواب :

الحمد لله

عرضت هذا السؤال على شيخنا عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى فقال :

" إن كان اشتراها منه بقيمة المثل فلا يلزمه شيء إلا أنه يعظ الغاصب وينصحه بأن يرجع المال إلى المصارف العامة ، وإن كان اشتراها بأقل من قيمة المثل فيلزم هذا المشتري أن يخرج الفرق لصالح المصالح العامة" انتهى
.
والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-07-04, 16:07
يجب التثبت من عمل البنوك الحقيقي قبل التعامل معها

السؤال:

هل يجوز العمل في بنك إسلامي في الإمارات ؟

على حد علمي أن (***) على رأس مجلس الإدارة ، أرجو النصح على ضوء الكتاب والسنة.

الجواب :

الحمد لله

أولا :

القاعدة في التعامل مع البنوك التي توصف بأنها بنوك إسلامية :

أنها إذا كانت تتعامل حقيقةً وفق الشريعة الإسلامية ، فلا تتعامل بالربا المحرم ، ولا تدلس في الأسماء والأوصاف ، فتصف المعاملة الربوية بغير اسمها تدليسا وغشا ، ولا تتعامل بالمعاملات غير الشرعية كبيع ما لا يملك أو بيع العينة أو غير ذلك : فهي بنوك شرعية حقا ، لا بأس بالتعامل معها.

أما إن كانت هذه البنوك إسلامية اسماً فقط ، ولكنها في الحقيقة تتعامل بالربا والمعاملات المحرمة: فالتعامل معها حرام ، وإن سموها " بنوكاً إسلامية " لأن العبرة بحقيقة المسميات لا بمجرد الأسماء.

ثانيا :

لا ينبغي الحكم على الشيء بتحليل أو تحريم إلا بعد تبينه ومعرفته الصحيحة الواضحة ، حتى تظهر معالمه ، وتبين دلائل تحريمه أو تحليله بمقتضى نصوص الشرع وقواعده وأصوله .

فيجب التعرف على حقيقة تعاملات البنك محل السؤال بصورة جلية ، أما مجرد وصول معلومة أن فلانا العالم على رأس مجلس إدارة هذا البنك : فلا يكفي للحكم عليه ، فربما كانت هذه المعلومة غير صحيحة ، وربما كان هذا العالم أو هذا الشيخ في مجلس إدارة البنك قبل ذلك ، ثم ترك العمل من مدة

فغير البنك سياسته ، وربما كان يعمل معهم حيث كانوا على الصواب ، فلما تبين له أنهم يدلسون على الناس في معاملاتهم ، ترك العمل معهم ، ولم يعرف الناس بتركه العمل ، إلى غير ذلك من الاحتمالات .

فالخلاصة :

أنه يجب على من يتعامل مع أي بنك أن ينظر في تعاملاته مع عملائه : إن كانت تعاملات شرعية ، لا مخالفات فيها ، فالتعامل معه لا حرج فيه ، وإن كان في تعاملاته يخالف الشرع وأحكامه فإنه لا ينبغي التعامل معه .

ويمكن للواحد من أفراد الناس أن يستعين في ذلك بسؤال أهل العلم والاختصاص في بلد هذا البنك المسئول عنه ، حيث يتمكن بواسطتهم من التعرف الصحيح على تعاملاته .

والعاقل الرشيد من ينأى بنفسه عن كل تعاملات محرمة ، وكل جهة تتعامل على خلاف شريعة الله ، وخاصة في المعاملات الربوية التي يحتالون فيها على محارم الله بأدنى الحيل ، ويسمون الأشياء بغير اسمها

كتسميتهم الربا فائدة بنكية ، وتسميتهم الشرط الباطل أو الفاسد بندا من بنود العقد ، ويدلسون على الناس ، كتدليسهم عليهم في التأمين التجاري المحرم ، فيوهمونهم أنه من أنواع التأمين التعاوني المباح ، وغير ذلك .

فلا بد من الاطلاع على حقيقة تعاملات البنك المعين ، ومعرفة أحكامها في الشرع .

والله أعلم .

..........

البنوك الإسلامية

السؤال:

هل البنوك الإسلامية حلال أم حرام ؟ .

الجواب :

الحمد لله

إذا كانت هذه البنوك تتعامل حقيقةً وفق الشريعة الإسلامية ، فلا تتعامل بالربا المحرم ، ولا تأخذ ما يسمى فائدة مقابل الأجل الذي هو في الحقيقة ربا الجاهلية وإن سموه بغير اسمه ، ولا تتعامل بالمعاملات غير الشرعية كبيع ما لا يملك أو بيع العينة أو غير ذلك من المعاملات التي لا تبيحها الشريعة فلا شك أن هذه البنوك حلال والتعامل معها شرعي .

أما إن كانت هذه البنوك إسلامية اسماً فقط ولكنها تتعامل بالربا ، والمعاملات المحرمة فالتعامل معها حرام ، وإن سموها " بنوكاً إسلامية " لأن العبرة بالحقائق والمعاني ، لا بالمباني ، والعبرة بالمسميات لا بالأسماء .

وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء :

هل يجوز التعامل مع البنوك الإسلامية ؟ مع أن بعضها يتحايل على الشريعة ويتعامل معاملات محرمة ؟

فأجابت : " المصارف والبنوك التي لا تتعامل بالربا يجوز التعامل معها ، وإذا كانت تتعامل بالربا فلا يجوز التعامل معها ، وليست بنوكاً إسلامية .

فتاوى اللجنة الدائمة (13/310)

وجاء في فتاوى اللجنة أيضاً : (13/365)

" إذا كان البنك الإسلامي ليس بربوي ، وإنما يستثمر الأموال وفق الأسس الشريعة جاز لك إيداع المال به لاستثماره " اهـ .

*عبدالرحمن*
2018-07-04, 16:11
حكم وضع (تندة) أو (مظلة) يتأذى منها الجيران

السؤال:

هل يعتبر تركيب " التندة " من صور الإيذاء للجار ، فقد قمنا بتركيب التندة في الشبابيك الخاصة بنا ، تفاديا للماء الذي ينزل من غسيل الجيران ، وأيضا لما يلقيه الأطفال من أطعمة على التكييف الخاص بنا ، ولكن الجيران فوقنا اشتكوا من أمرين : الأول هو أنهم لا يرون الشارع في الجزء أسفل التندة مباشرة ، والثاني أنهم لا يستطيعون تنزيل ما يسمى بـ (السبت) ، مع ملاحظة أنه :

1-لايوجد أي شكوى منهم فيما يخص صعوبة نشر الغسيل فالمسافة جيدة بالنسبة لهم لنشر غسيلهم . 2-وأيضا الفت نظر حضرتكم إلى أن التندة ثابتة . 3- يصعب على جدا أن أزيل التندة خاصة في الجزء الذى أنشر فيه غسيلي ؛ لأن أطفالهم يقفون كثيرا في البلكونة والشباك ، ويلقون أشياء كثيرة ، وأيضا يضايقني جدا أن ينزل ماء على غسيلي .

فأرجو إفادتي في أسرع وقت لأنني قلقة من أن يكون هذا من إيذاء الجار ولكنه وربى يعلم غير مقصود .

الجواب :

الحمد لله

حكم عمل (التندة) يشبه ما ذكره الفقهاء من إنشاء "الروشن" (البلكونة) ، وقد نصوا على أنه لا يجوز إنشاء (الروشن) إذا كان يضر بالمارة أو الجيران .

جاء في " فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ " (7 / 245):

" (لا إخراج روشن على أطراف خشب) , ويقال له: (جناح) . ويقال له: (طَرْمَة) . سواء كان صغيراً أو كبيراً .

واختيار الثلاثة [ أي الأئمة الثلاثة ، سوى الإمام أحمد ] : الجواز ، إذا لم يكن ضرر على المارة ولا على الجيران ، وهذا أولى , ونحو الخشب أعمدة من حديد طوال يوضع الخشب على رؤوسها , وهذا في الحقيقة هو (البلكونة) وأمثالها كل شيء يؤخذ من هواء الطريق " انتهى .

وفي " البيان في مذهب الإمام الشافعي " (6 / 252) :

" إذا أخرج جناحا ، أو روشنا إلى شارع نافذ (أي : مفتوح غير مسدود) نظرت: فإن كان لا يضر بالمسلمين : جاز، ولا يمنع من ذلك، وبه قال مالك، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو يوسف، ومحمد رحمة الله عليهم" انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في حكمه : "والصحيح أنه لا بأس أن يُخْرِجَ ما جرت به العادة ، مما لا يضر الناس وبإذن الإمام ، فإن كان مما يضرهم فإنه لا يجوز ، حتى لو أذن من له الولاية على البلد ، كرئيس البلدية ـ مثلاً " .

انتهى من " الشرح الممتع على زاد المستقنع "(9 / 254).

وقد جرى عمل الناس على تركيب هذه التندة للوقاية من الشمس والمطر ، ولستر أهل البيت ولدفع الأذى الحاصل من الطوابق العليا – كما ذكر ذلك في السؤال- فالذي يظهر هو جواز تركيبها

لكن ينبغي عليكم أن تعدلوا في تركيبها حتى يترك مكان للجيران ينزلون منه السبت ، لأنهم يتأذون بذلك أذى ظاهرا ، على أن يلتزموا هم بدفع الضرر الحاصل من جهتهم ، فإن لم يلتزموا بذلك فلا حرج في إبقائها لأنكم لم تقوموا بتركيبها نكاية ولا إضرارا بالجار ، وإنما فعلتموها دفعا للأذى الحاصل منه .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-07-07, 04:58
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


حكم العينات المجانية

السؤال:

أنا طبيبة ، وتوزع لنا بعض الشركات عينات مجانية لتعريفنا بالصنف ، فأنا إما أستخدمها ، أو أوزعها ، أو أبيعها وآخذ علاجات أحتاجها ، علما أني لا أطلبها ، ولا تفرض علينا كتابة أصنافها ، فهل هي حلال ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

هذه العينات التي تهديها شركات الأدوية للأطباء لا حرج في قبولها ، مادامت بغرض تجربة المنتَج واختباره ، والتعرف على الجديد من الأدوية ، ما لم يُشترط على الطبيب ترويجها ، أو يُجعل له حافز على اختيارها على غيرها ، أو يدفعه ذلك إلى ترك ما هو أفضل للمريض .

ثانيا :

أما التصرف في تلك العينات : فللطبيب أن يتصرف فيما يجوز قبوله منها تصرف الملاك في أملاكهم ، فله استعمالها أو إهداؤها أو بيعها لأنها ملكه .

لكن : إذا كانت الشركات تشترط على الطبيب ألا يبيعها ، أو اطرد عرفها بذلك : فالأحوط له أن يراعي شرط الشركة المانحة ، فيهديها لمرضاه ، أو لغيرهم مجانا ، أو يتبرع بها لبعض الجهات الخيرية .

وأما إذا لم تشترط الشركة عليه ألا يبيعها ، ولم يكن هناك عرف مضطرد بذلك بين الشركات والأطباء : فللطبيب أن يتصرف في العينة التي تعطى له ، كيفما شاء .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-07, 05:01
هل يلبي الطبيب دعوات شركات الأدوية

السؤال:

أنا طبيب . (وأسأل) هل يجوز لي أن أقبل الهدايا وأجيب الدعوات إلى الغداء التي يقدمها ممثلو الشركات الطبية . إنهم يقدمون هذه الأمور كي نختار ونرشح الأدوية التي تصنعها تلك الشركات بغض النظر عن الأسعار والنوعية ؟.

الجواب :

الحمد لله

إن كنت طبيبا تعمل لحسابك الخاص ( عيادة تملكها ) فيجوز لك إجابة دعوات هذه الشركات بشرط ألا يؤثر ذلك على نوعية الأدوية التي تصرفها للمرضى

وإنما تكتب للمريض الدواء الأفضل مع مراعاة السعر أو ترك حرية الاختيار له

وعليه فيكون حضورك لدعوات هذه الشركات من باب التعرف على ما عندهم من أدوية ونحو ذلك .

وكذا إن كنت لا تعمل لحسابك الخاص

فإن كان حضورك للتعرف فقط فلا بأس

وأما إن كان ذلك سيجعلك متحيزا لشركة دون أخرى بسبب هذه الدعوات أو بسبب هدايا تقدم لك فلا

. مع مراعاة أنك إذا كنت لا تعمل لحسابك الخاص ولك أثر على المستشفى الذي تعمل فيه بحيث يشترون نوعية الدواء الذي تنصحهم به

فالأولى الابتعاد عن هذه الدعوات براءة لذمتك .

الشيخ سعد الحميد

*عبدالرحمن*
2018-07-07, 05:04
شركة أدوية تقدم رشوة للأطباء خوفاً من كساد منتجاتها

السؤال:

أنا صيدلي أعمل بإحدى شركات الأدوية كمندوب دعاية لأدوية تلك الشركة وحيث إننا نقوم بإهداء الأطباء بالمستشفيات والمستوصفات الخاصة والعامة هدايا مثل قلم أو ساعة مكتوب عليها اسم المنتج أو اسم الشركة الموزعة

وذلك حتى يقوم الطبيب بوصف هذا الدواء أو الأدوية التي نقوم بتوريدها للمرضى علما بأن معظم الشركات المنافسة تقوم بذلك وبكثرة ، حيث نجد أنفسنا مضطرين وإلا تعرضت المنتجات للكساد . وبهذا يكون المريض ضحية التنافس

. فما حكم مثل هذا العمل ؟.

الجواب :

الحمد لله

هذا العمل لا يجوز ، ويعتبر رشوة محرمة لأنه يحمل الموظف على أن يحيف مع الشركة التي تهدي إليه ويترك الشركات الأخرى ، وهذا فيه أكل للمال بالباطل ، وفيه إضرار بالآخرين ، فالواجب تجنبه والتحذير منه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الراشي والمرتشي .

نسأل الله العافية والسلامة . وبالله التوفيق .

من فتاوى اللجنة الدائمة (23/576) .

وهناك مفسدة أخرى أشار إليها السائل ، وهي :

أن هذا التصرف قد يضر بالمريض ، فقد يقدم الطبيب على كتابة هذا الدواء للمريض طمعاً في الهدية من الشركات المنتجة مع أن غيره قد يكون أنفع للمريض .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-07, 05:07
هل يحق لهم الحجر على أموال والدهم لكبر سنه وتبذيره في المال ؟

السؤال:

يبلغ الأب أربعا وثمانين عاما ، أحيانا يكون مالكا للعقل ، وأحيانا ï»» يعرف أبناءه ، وقد بدأ يزوره أناس من عمان ، ويحضرون له بعض الأشربة ، ويشتريها منهم بمبالغ كبيرة ، قد تصل للمليون .

فهل يحق لأبنائه أن يحجروا عليه ؟

الجواب :

الحمد لله

أجاز جمهور العلماء الحجر على الرجل البالغ إذا لم يكن رشيداً يُحسن التصرف في أمواله ، أو كان مفسداً لها ، أو فاقداً لعقله ، أو أصيب بخلل فيه .

" فالْمُسْرِفُ فِي الأْمْوَال : يُعْتَبَرُ سَفِيهًا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ ، لأِنَّهُ يُبَذِّرُ الأْمْوَال وَيُضَيِّعُهَا عَلَى خِلاَفِ مُقْتَضَى الشَّرْعِ وَالْعَقْل ...
وَعَلَى ذَلِكَ : فَالإْسْرَافُ النَّاشِئُ عَنِ السَّفَهِ سَبَبٌ لِلْحَجْرِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ : الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ ، وَهُوَ رَأْيُ الصَّاحِبَيْنِ: أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى عِنْدَهُمْ ".

انتهى من "الموسوعة الفقهية" (4/194) .

وجاء في "الموسوعة الفقهية" أيضاً (17/92) :

" وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي الْحَجْرِ عَلَى الْمَجْنُونِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْجُنُونُ أَصْلِيًّا أَمْ طَارِئًا ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ قَوِيًّا أَمْ ضَعِيفًا ، وَالْقَوِيُّ : الْمُطْبِقُ ، وَالضَّعِيفُ : غَيْرُهُ ".

ويلحق بالمجنون : الرجل الذي كبرت سنه واختل عقله ، بحيث لا يحسن التصرف ولا التدبير.

قال ابن قدامة

: " قَالَ أَحْمَدُ : وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ يُنْكَرُ عَقْلُهُ ، يُحْجَرُ عَلَيْهِ ، يَعْنِي : إذَا كَبِرَ ، وَاخْتَلَّ عَقْلُهُ ، حُجِرَ عَلَيْهِ ، بِمَنْزِلَةِ الْمَجْنُونِ ؛ لِأَنَّهُ يَعْجِزُ بِذَلِكَ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ ، وَحِفْظِهِ ، فَأَشْبَهَ الصَّبِيَّ وَالسَّفِيهَ ".

انتهى من "المغني " (6/610) .

وقال العمراني :

" والدليل على ثبوت الحجر على السفيه والصبي والمجنون أيضاً ، قَوْله تَعَالَى : ( فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ) ، والسفيه يجمع : المبذر بماله ، والمحجور عليه لصغر.

والضعيف يجمع : الشيخ الكبير الفاني ، والصغير ، والمجنون.

فأخبر الله تعالى : أن هؤلاء ينوب عنهم أولياؤهم فيما لهم وعليهم ، فدل على ثبوت الحجر عليهم ".

انتهى من "البيان في مذهب الإمام الشافعي" (6/207) .

وقد روى ابن أبي شيبة في "مصنفه" (6/ 291): عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، قَالَ : " كَتَبَ نَجْدَةُ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنِ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ الَّذِي قَدْ ذَهَبَ عَقْلُهُ ، أَوْ أُنْكِرَ عَقْلُهُ ، فَكَتَبَ إلَيْهِ : " إذَا ذَهَبَ عَقْلُهُ ، أَوْ أُنْكِرَ عَقْلُهُ : حُجِرَ عَلَيْهِ".

وقال المرداوي :

" وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: أَرَى أَنْ يَحْجُرَ الِابْنُ عَلَى الْأَبِ إذَا أَسْرَفَ ، أَوْ كَانَ يَضَعُ مَالَهُ فِي الْفَسَادِ".

انتهى من "الإنصاف" (5/333).

وبناء على هذا :

إذا ظهر من والدكم ما يُنكر عليه في عقله أو تصرفاته المالية ، فلا حرج عليكم من رفع الأمر للقاضي الشرعي لينظر في حالته ، ويحكم عليه بالحجر أو عدمه ، حسب ما يتبين له من دراسة حالته من خلال كلام أهل الخبرة والاختصاص .

وذلك لأن الحجر حكم قضائي لا يتم إلا بحكم القاضي الشرعي ، كما هو مذهب جمهور العلماء.

قال ابن قدامة

: " وَلَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ إلَّا الْحَاكِمُ [ أي القاضي ]، وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ ... لأَنَّ التَّبْذِيرَ يَخْتَلِفُ ، وَيُخْتَلَفُ فِيهِ ، وَيَحْتَاجُ إلَى الِاجْتِهَادِ ، فَإِذَا افْتَقَرَ السَّبَبُ إلَى الِاجْتِهَادِ ، لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ "

انتهى من "المغني" (6/610)

وينظر : "الموسوعة الفقهية الكويتية" (17/96-97) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-07, 05:11
حكم من يضطر للدخول في معاملة مالية غير شرعية أثناء إجراءات التقديم للحج

السؤال:

عندنا في بلدنا الحج تنظمه الدولة ، وعند اختيار الأشخاص ، تلزمهم الدولة بدفع مبلغ مالي بالدينار يتضمن تكاليف الإيواء ، وقيمة من العملة (الريال) التي لا تسلم لنا إلا يوم الرحلة إلى الحج .

فما حكم هده المعاملة ؟

وهل المال المستلم حلال ؟

علما أنه لا يوجد طريقة أخرى للحج في بلدنا إلا عبر الدولة .

الجواب :

الحمد لله

فهذه المعاملة التي يجري فيها أخذ الأموال بالدينار ثم رد جزء منها يوم رحلة الحج بعملة أخرى معاملة غير جائزة ؛ لأن هذا يعتبر من الصرف , والصرف لا يجوز التأخير فيه ؛ لأنه يؤدي لربا النسيئة .

روى البخاري في صحيحه (2060 ) عَنْ : " أَبَي المِنْهَالِ، يَقُولُ: سَأَلْتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ عَنِ الصَّرْفِ ، فَقَالاَ : كُنَّا تَاجِرَيْنِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّرْفِ ، فَقَالَ: ( إِنْ كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَلاَ بَأْسَ، وَإِنْ كَانَ نَسَاءً فَلاَ يَصْلُحُ ).

وروى مسلم في صحيحه (1587) عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ ، يَدًا بِيَدٍ ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ).

والذي عليه عامة علمائنا المعاصرين ، والمجامع العلمية والفقهية : أن النقود والعملات المتداولة بين الناس اليوم ، لها نفس أحكام النقدين ( الذهب والفضة ) .

وعلى ذلك : فلا يجوز للمسئولين أن يتعاملوا بهذه المعاملة , بل الواجب عليهم أن يعدلوها ويخرجوا من المخالفة الشرعية

إما بأن يطلبوا من الحاج أن يدفع لهم المال بنفس العملة التي سيسلمونها له بعد ذلك ( الريال السعودي ) ، إذا كان لهم غرض في توثيق طلبه وأوراقه ، وأن عنده من الكفاية المالية ما يسمح له بنفقات الرحلة . أو بأن يردوها عليه بنفس العملة التي قبضوها ، وهو يصرفها بعد ذلك ، أو نحو ذلك من المعاملات الصحيحة .

فإن تعذر ذلك ، أو لم تستجب الجهات المسئولة لتصحيح المعاملة ، ولم يكن لكم سبيل إلى الحج ، إلا بمثل ذلك : فلا حرج عليكم فحينئذ من الدخول فيها ، والإثم لاحق بالجهة المسئولة عن تنظيم الحج في دولتك .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-07, 05:18
دفع الرشوة ليأخذ حقه

السؤال:

لي أعمال مع بعض الدوائر الحكومية ، وإذا لم يأخذ الموظف رشوة فإنه يعطل أعمالي ، فهل يجوز لي أن أعطيه رشوة ؟.

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

الرشوة من كبائر الذنوب ، لما رواه أحمد (6791) وأبو داود (3580) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ : لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي . صححه الألباني في "إرواء الغليل" (2621) .

و"الراشي" هو معطي الرشوة ، و"المرتشي" هو آخذها .

فإذا استطعت إنهاء أعمالك من غير دفع للرشوة حرم عليه دفعها .

ثانياً :

إذا لم يستطع صاحب الحق أخذ حقه إلا بدفع رشوة فقد نص العلماء رحمهم الله على جواز دفعه للرشوة حينئذ ويكون التحريم على الآخذ لها لا المعطي

واستدلوا بما رواه أحمد (10739) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَسْأَلُنِي الْمَسْأَلَةَ فَأُعْطِيهَا إِيَّاهُ فَيَخْرُجُ بِهَا مُتَأَبِّطُهَا ، وَمَا هِيَ لَهُمْ إِلا نَارٌ ، قَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَلِمَ تُعْطِيهِمْ ؟ قَالَ : إِنَّهُمْ يَأْبَوْنَ إِلا أَنْ يَسْأَلُونِي ، وَيَأْبَى اللَّهُ لِي الْبُخْلَ ) صححه الألباني في صحيح الترغيب (844) .

فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي هؤلاء المال مع أنه حرام عليهم ، حتى يدفع عن نفسه مذمة البخل .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" فأما إذا أهدى له هدية ليكف ظلمه عنه أو ليعطيه حقه الواجب كانت هذه الهدية حراما على الآخذ , وجاز للدافع أن يدفعها إليه , كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إني لأعطي أحدهم العطية ...الحديث )"

انتهى من "الفتاوى الكبرى" (4/174) .

وقال أيضا :

" قَالَ الْعُلَمَاءُ : يَجُوزُ رِشْوَةُ الْعَامِلِ لِدَفْعِ الظُّلْمِ لا لِمَنْعِ الْحَقِّ ، وَإِرْشَاؤُهُ حَرَامٌ فِيهِمَا ( يعني : أخذه للرشوة حرام ) . . .

وَمِنْ ذَلِكَ : لَوْ أَعْطَى الرَّجُلُ شَاعِرًا أَوْ غَيْرَ شَاعِرٍ ; لِئَلا يَكْذِبَ عَلَيْهِ بِهَجْوٍ أَوْ غَيْرِهِ ، أَوْ لِئَلا يَقُولَ فِي عِرْضِهِ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ كَانَ بَذْلُهُ لِذَلِكَ جَائِزًا وَكَانَ مَا أَخَذَهُ ذَلِكَ لِئَلا يَظْلِمَهُ حَرَامًا عَلَيْهِ ; لأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَرْكُ ظُلْمِهِ . . .

فَكُلُّ مَنْ أَخَذَ الْمَالَ لِئَلا يَكْذِبَ عَلَى النَّاسِ أَوْ لِئَلا يَظْلِمَهُمْ كَانَ ذَلِكَ خَبِيثًا سُحْتًا ; لأَنَّ الظُّلْمَ وَالْكَذِبَ حَرَامٌ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَهُ بِلا عِوَضٍ يَأْخُذُهُ مِنْ الْمَظْلُومِ فَإِذَا لَمْ يَتْرُكْهُ إلا بِالْعِوَضِ كَانَ سُحْتًا " انتهى باختصار .

"مجموع الفتاوى" (29/252) .

وقال أيضا : (31/278) :

" قَالَ الْعُلَمَاءُ : إنَّ مَنْ أَهْدَى هَدِيَّةً لِوَلِيِّ أَمْرٍ لِيَفْعَلَ مَعَهُ مَا لا يَجُوزُ كَانَ حَرَامًا عَلَى الْمَهْدِيِّ وَالْمُهْدَى إلَيْهِ . وَهَذِهِ مِنْ الرَّشْوَةِ الَّتِي قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : ( لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي ) .

فَأَمَّا إذَا أَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً لِيَكُفَّ ظُلْمَهُ عَنْهُ أَوْ لِيُعْطِيَهُ حَقَّهُ الْوَاجِبَ : كَانَتْ هَذِهِ الْهَدِيَّةُ حَرَامًا عَلَى الآخِذِ وَجَازَ لِلدَّافِعِ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِ كَمَا ، كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ( إنِّي لأُعْطِي أَحَدَهُمْ الْعَطِيَّةَ فَيَخْرُجُ بِهَا يَتَأَبَّطُهَا نَارًا . قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلِمَ تُعْطِيهِمْ ، قَالَ : يَأْبَوْنَ إلا أَنْ يَسْأَلُونِي ، وَيَأْبَى اللَّهُ لِي الْبُخْلَ ) .

وَمِثْلُ ذَلِكَ : إعْطَاءُ مَنْ كَانَ ظَالِمًا لِلنَّاسِ ، فَإِعْطَاءُه جَائِزٌ لِلْمُعْطِي ، حَرَامٌ عَلَيْهِ أَخْذُهُ .

وَأَمَّا الْهَدِيَّةُ فِي الشَّفَاعَةِ : مِثْلُ أَنْ يَشْفَعَ لِرَجُلِ عِنْدَ وَلِيِّ أَمْرٍ لِيَرْفَعَ عَنْهُ مَظْلِمَةً أَوْ يُوَصِّلَ إلَيْهِ حَقَّهُ أَوْ يُوَلِّيَهُ وِلَايَةً يَسْتَحِقُّهَا أَوْ يَسْتَخْدِمُهُ فِي الْجُنْدِ الْمُقَاتِلَةِ - وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لِذَلِكَ - أَوْ يُعْطِيَهُ مِنْ الْمَالِ الْمَوْقُوفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ الْفُقَهَاءِ أَوْ الْقُرَّاءِ أَوْ النُّسَّاكِ أَوْ غَيْرِهِمْ - وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ .

وَنَحْوَ هَذِهِ الشَّفَاعَةِ الَّتِي فِيهَا إعَانَةٌ عَلَى فِعْلٍ وَاجِبٍ أَوْ تَرْكُ مُحَرَّمٍ : فَهَذِهِ أَيْضًا لا يَجُوزُ فِيهَا قَبُولُ الْهَدِيَّةِ وَيَجُوزُ لِلْمهْدِي أَنْ يَبْذُلَ فِي ذَلِكَ مَا يَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى أَخْذِ حَقِّهِ أَوْ دَفْعِ الظُّلْمِ عَنْهُ . هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ السَّلَفِ وَالأَئِمَّةِ الأَكَابِرِ " انتهى بتصرف يسير .

وقال تقي الدين السبكي رحمه الله :

" والمراد بالرشوة التي ذكرناها ما يعطى لدفع حق أو لتحصيل باطل ، وإن أعطيت للتوصل إلى الحكم بحق فالتحريم على من يأخذها , وأما من يعطيها فإن لم يقدر على الوصول إلى حقه إلا بذلك جاز ، وإن قدر إلى الوصول إليه بدونه لم يجز " "

فتاوى السبكي" (1/204) .

وقال السيوطي في "الأشباه والنظائر" (ص 150) :

" القاعدة السابعة والعشرون : ( ما حرم أخذه حرم إعطاؤه ) كالربا ، ومهر البغي , وحلوان الكاهن والرشوة , وأجرة النائحة والزامر .

ويستثنى صور : منها : الرشوة للحاكم , ليصل إلى حقه , وفك الأسير ، وإعطاء شيء لمن يخاف هجوه " انتهى .

و"حلوان الكاهن" : ما يأخذه الكاهن مقابل كهانته .

وقال الحموي (حنفي ) في "غمز عيون البصائر" :

" القاعدة الرابعة عشرة : ( ما حرم أخذه حرم إعطاؤه ) كالربا ، ومهر البغي ، وحلوان الكاهن ، والرشوة ، وأجرة النائحة والزامر , إلا في مسائل :

1- الرشوة لخوفٍ على ماله أو نفسه .

وهذا في جانب الدافع أما في جانب المدفوع له فحرام " انتهى بتصرف .

وجاء في "الموسوعة الفقهية" :

" وفي "الأشباه" لابن نجيم (حنفي) , ومثله في "المنثور" للزركشي (شافعي) : ما حرم أخذه حرم إعطاؤه , كالربا ومهر البغي وحلوان الكاهن والرشوة للحاكم إذا بذلها ليحكم له بغير الحق , إلا في مسائل : في الرشوة لخوفٍ على نفسه أو ماله أو لفك أسير أو لمن يخاف هجوه " انتهى .

وقال الأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي

: " إذا تعينت الرشوة دون غيرها سبيلاً للوصول إلى الغرض جاز الدفع للضرورة‏ ،‏ ويحرم على الآخذ " انتهى .

والخلاصة : أنه يجوز لك دفع الرشوة ويكون التحريم على الموظف الذي يأخذها

لكن بشرطين :

1- أن تدفعها لتأخذ حقك أو لتدفع بها الظلم عن نفسك ، أما إذا كنت تدفعها لتأخذ ما لا تستحق فهي حرام ، ومن كبائر الذنوب .

2- ألا يكون هناك وسيلة أخرى لأخذ حقك أو دفع الظلم عنك إلا بهذه الرشوة .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-07, 05:24
حكم التجارة فيما يسمى بـ "بلورات الشفاء"

السؤال :

إنني شاب هندي أعمل في مجال تصدير بلورات الشفاء إلى الخارج ، فهناك من غير المسلمين من يستخدم هذه البلورات والأحجار الكريمة في الطب البديل ، إنهم يعتقدون أنها مصدر للأمن والسكينة ، فعلى الرغم من أنها أحجار لا علاقة لها بديانة بعينها إلا أني غير متأكد من هذه التجارة أحلال هي أم حرام ؟

إن كانت حراماً فإني مستعد للتوقف عن المتاجرة بها فوراً .

الجواب :

الحمد لله :

أولا :

حكم التجارة في هذه البلورات وتصديرها لمن يستعملها في التداوي يتوقف على حكم استعمالها في التداوي , والأصل في التداوي أن كل ما ثبت نفعه وفائدته في علاج مرض ما فلا حرج في التداوي به , ويلزم من ذلك جواز بيعه وشرائه وهبته وغير ذلك من وجوه التصرف

, وسواء ثبت نفعه من طريق شرعي كالقرآن والعسل أو عن طريق الحس والتجربة كسائر الأدوية المباحة والعقاقير الطبية , لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن في التداوي، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً ) رواه البخاري (5678)

. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله خلق الداء والدواء ، فتداووا ، ولا تتداووا بالحرام " رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (24 / 254 ) وصححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 1633 ) .

وكل ما لم يثبت نفعه بالشرع أو العادة والحس والتجربة فلا يجوز استخدامه في العلاج والتداوي, ويلزم من ذلك عدم جواز بيعه لغرض التداوي والعلاج لأن في ذلك إعانة على الإثم والمعصية.

يقول الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله

– في بيان الأسباب التي يجوز استعمالها للتداوي "والأسباب التي جعلها الله تعالى أسباباً نوعان:

النوع الأول : أسباب شرعية كالقرآن الكريم ، والدعاء , كما قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سورة الفاتحة: ( وما يدريك أنها رقية ) ، وكما كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يرقي المرضى بالدعاء لهم فيشفي الله تعالى بدعائه من أراد شفاءه به.

النوع الثاني : أسباب حسية كالأدوية المادية المعلومة عن طريق الشرع كالعسل ، أو عن طريق التجارب مثل كثير من الأدوية , وهذا النوع لابد أن يكون تأثيره عن طريق المباشرة لا عن طريق الوهم والخيال

فإذا ثبت تأثيره بطريق مباشر محسوس صحَّ أن يتخذ دواء يحصل به الشفاء بإذن الله تعالى ، أما إذا كان مجرد أوهام وخيالات يتوهمها المريض فتحصل له الراحة النفسية بناء على ذلك الوهم والخيال ويهون عليه المرض , وربما ينبسط السرور النفسي على المرض فيزول

فهذا لا يجوز الاعتماد عليه ولا إثبات كونه دواء ؛ لئلا ينساب الإنسان وراء الأوهام والخيالات ، ولهذا نُهي عن لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع المرض أو دفعه ، لأن ذلك ليس سبباً شرعيًّا ولا حسيًّا

وما لم يثبت كونه سبباً شرعيًّا ولا حسيًّا لم يجز أن يجعل سبباً؛ لأن جعله سبباً نوع من منازعة الله تعالى في ملكه وإشراك به حيث شارك الله تعالى في وضع الأسباب لمسبباتها "

انتهى من مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (17 / 70) .

ثانيا :

ما يسمى بـ " بلورات الشفاء" عبارة عن أحجار مثل المرو والعقيق الأحمر والزبرجد وأحيانا تكون قطعا من الكريستال يستخدمها بعض الناس لطلب الشفاء والعافية من الأمراض النفسية والبدنية, لاعتقادهم أن فيها قوى خارقة تؤثر في تقوية الجسم والقلب وجلب الراحة النفسية ودفع القلق والتوتر والكآبة وغيرها عن الإنسان.

وبناء على ذلك فلا يجوز استعمال هذه الأحجار في التداوي ، والظاهر أنه لا يجوز بيعها ولا بذلها لمن يستعملها في هذا الغرض , لأنه لم يثبت نفعها وفائدتها في العلاج لا بطريق شرعي ولا بطريق عادي معتمد على حس أو تجربة ؛ فما علاقة الأحجار أو البلورات بالشفاء من مرض

سواء كان حسيا أو نفسيا ؛ وإنما هذه من باب تعليق التمائم والودع الذي كان معروفا قديما .

روى أحمد (17440) عن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدَعَةً فَلا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ ) والحديث حسنه الأرنؤوط في تحقيقه على المسند.

وبناء على ذلك : فلا يحل بيع مثل هذه الأحجار ، أو البلورات ونحوها ، لغرض التداوي والاستشفاء بها ، والاعتقاد في نفعها في مثل ذلك : هو من الشرك بالله تعالى .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

" ولبس الحلقة ونحوها إن اعتقد لابسها أنها مؤثرة بنفسها دون الله؛ فهو مشرك شركًا أكبر في توحيد الربوبية ؛ لأنه اعتقد أن مع الله خالقًا غيره .

وإن اعتقد أنها سبب ولكنه ليس مؤثرًا بنفسه ؛ فهو مشرك شركًا أصغر ؛ لأنه لما اعتقد أن ما ليس بسبب سببًا ؛ فقد شارك الله تعالى في الحكم لهذا الشيء بأنه سبب ، والله تعالى لم يجعله سببًا "

انتهى من " مجموع فتاوى ورسائل العثيمين " (9 / 155) .
.
والله أعلم.

*عبدالرحمن*
2018-07-07, 05:29
أحكام التمائم وتعليقها وهل تدفع التميمة العين والحسد

السؤال :

أريد أن أعرف إن كان يجوز وضع التمائم. لقد قرأت كتاب التوحيد وبعض الكتب الأخرى بقلم بلال فيليبس ، إلا أني وجدت بعض الأحاديث في الموطأ تجيز بعض أنواع التمائم.

كما أن كتاب التوحيد ذكر أن بعض السلف سمحوا بها . وهذه الأحاديث موجودة في الجزء 50 من الموطأ، وقد وردت تحت أرقام : 4 و11 و14. الرجاء الرد

وإعلامي بصحة هذه الأحاديث وإعطائي المزيد من المعلومات عن هذا الموضوع . وشكرا لك .

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

لم نهتد إلى الأحاديث التي أراد السائل بيان صحتها ؛ وذلك لعدم معرفتنا بعين تلك الأحاديث وقد ذكر لنا أنها في الجزء ( 50 ) من الموطأ ! والموطأ جزء واحد .

لذا سنذكر ما تيسر من الأحاديث الواردة في الموضوع ونبين - إن شاء الله - حكم العلماء عليها ، ولعل بعضها أن يكون مما أراده السائل :

1. عن عبد الله بن مسعود أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يكره عشر خصال : الصفرة - يعني : الخلوق - وتغيير الشيب وجر الإزار والتختم بالذهب والضرب بالكعاب والتبرج بالزينة لغير محلها والرقى إلا بالمعوذات وتعليق التمائم وعزل الماء عن محله وإفساد الصبي ، غير محرِّمه .

رواه النسائي ( 50880) وأبو داود ( 4222 ) .

الخَلوق : نوع من الطيب أصفر اللون .

عزل الماء عن محله : أي : عزل المني عن فرج المرأة .

إفساد الصبي : وطء المرأة المرضع ، فإنها إذا حملت فسد لبنها . والمعنى أي كره ولم يُحرِّمه والمقصود وطء المرضع .

والحديث : ضعَّفه الشيخ الألباني في " ضعيف النسائي " ( 3075 ) .

2. عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود عن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الرقى والتمائم والتوَلة شرك ، قالت : قلت لم تقول هذا ؟ والله لقد كانت عيني تقذف وكنت أختلف إلى فلان اليهودي يرقيني فإذا رقاني سكنت ، فقال عبد الله : إنما ذاك عمل الشيطان كان ينخسها بيده فإذا رقاها كف عنها إنما كان يكفيك أن تقولي كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أذهب البأس رب الناس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقماً .

رواه أبو داود ( 3883 ) وابن ماجه ( 3530 ) .

والحديث : صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 331 ) و ( 2972 ) .

3. عن عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له " .

رواه أحمد ( 16951 ) .

والحديث : ضعفه الشيخ الألباني في " ضعيف الجامع " ( 5703 ) .

4. عن عقبة بن عامر الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل إليه رهط فبايع تسعة وأمسك عن واحد فقالوا : يا رسول الله بايعتَ تسعة وتركت هذا ، قال : إن عليه تميمة ، فأدخل يده فقطعها فبايعه وقال : من علق تميمة فقد أشرك .

رواه أحمد ( 16969 ) .

والحديث : صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 492 ) .

ثانياً :

التمائم : جمع تميمة وهي ما يعلق بأعناق الصبيان أو الكبار أو يوضع على البيوت أو السيارات من خرزات وعظام لدفع الشر - وخاصة العين - ، أو لجلب النفع .

وهذه أقوال العلماء في أنواع التمائم وحكم كل واحدة منها ، وفيها تنبيهات وفوائد :

1. قال الشيخ سليمان بن عبد الوهاب :

اعلم أن العلماء من الصحابة والتابعين فمَن بعدهم اختلفوا في جواز تعليق التمائم التي من القرآن وأسماء الله وصفاته :

فقالت طائفة : يجوز ذلك وهو قول عبد الله بن عمرو بن العاص وغيره ، وهو ظاهر ما روي عن عائشة وبه قال أبو جعفر الباقر وأحمد في رواية ، وحملوا الحديث على التمائم الشركية ، أمَّا التي فيها القرآن وأسماء الله وصفاته فكالرقية بذلك .

قلت : وهو ظاهر اختيار ابن القيم .

وقالت طائفة : لا يجوز ذلك ، وبه قال ابن مسعود وابن عباس ، وهو ظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر وابن عكيم رضي الله عنه ، وبه قال جماعة من التابعين منهم أصحاب ابن مسعود وأحمد في رواية اختارها كثير من أصحابه

وجزم بها المتأخرون ، واحتجوا بهذا الحديث وما في معناه فإن ظاهره العموم لم يفرق بين التي في القرآن وغيرها بخلاف الرقى فقد فرق فيها ، ويؤيد ذلك أن الصحابة الذين رووا الحديث فهموا العموم كما تقدم عن ابن مسعود .

وروى أبو داود عن عيسى بن حمزة قال : دخلت على عبد الله بن عكيم وبه حمرة فقلت : ألا تعلق تميمة ؟ فقال : نعوذ بالله من ذلك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَن تعلق شيئاً وكل إليه " …

هذا اختلاف العلماء في تعليق القرآن وأسماء الله وصفاته فما ظنك بما حدث بعدهم من الرقى بأسماء الشياطين وغيرهم وتعليقها بل والتعلق عليهم والاستعاذة بهم والذبح لهم وسؤالهم كشف الضر وجلب الخير مما هو شرك محض وهو غالب على كثير من الناس إلا من سلم الله ؟

فتأمل ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابه والتابعون وما ذكره العلماء بعدهم في هذا الباب وغيره من أبواب الكتاب ثم انظر إلى ما حدث في الخلوف المتأخرة يتبين لك دين الرسول صلى الله عليه وسلم وغربته الآن في كل شيء ، فالله المستعان .

" تيسير العزيز الحميد " ( ص 136 - 138 ) .

2. وقال الشيخ حافظ حكمي :

إن تك هي - أي : التمائم - آيات قرآنية مبينات ، وكذلك إن كانت من السنن الصحيحة الواضحات فالاختلاف في جوازها واقع بين السلف من الصحابة والتابعين فمَن بعدهم :

فبعضهم - أي : بعض السلف - أجازها ، يروى ذلك عن عائشة رضي الله عنها وأبي جعفر محمد بن علي وغيرهما من السلف .

والبعض منهم كفَّ - أي : منع - ذلك وكرهه ولم يره جائزاً ، منهم عبد الله بن عكيم وعبد الله بن عمرو وعقبة بن عامر وعبد الله بن مسعود وأصحابه كالأسود وعلقمة ومن بعدهم كإبراهيم النخعي وغيرهم رحمهم الله تعالى .

ولا شك أن منع ذلك أسد لذريعة الاعتقاد المحظور لا سيما في زماننا هذا ؛ فإنه إذا كرهه أكثر الصحابة والتابعين في تلك العصور الشريفة المقدسة والإيمان في قلوبهم أكبر من الجبال فلأن يكره في وقتنا هذا

- وقت الفتن والمحن - أولى وأجدر بذلك ، كيف وهم قد توصلوا بهذه الرخص إلى محض المحرمات وجعلوها حيلة ووسيلة إليها ؟ فمن ذلك أنهم يكتبون في التعاويذ آية أو سورة أو بسملة أو نحو ذلك ثم يضعون تحتها من الطلاسم الشيطانية ما لا يعرفه إلا من اطلع على كتبهم

ومنها أنهم يصرفون قلوب العامة عن التوكل على الله عز وجل إلى أن تتعلق قلوبهم بما كتبوه ، بل أكثرهم يرجفون بهم ولم يكن قد أصابهم شيء فيأتي أحدهم إلى من أراد أن يحتال على أخذ ماله مع علمه أنه قد أولع به فيقول له : إنه سيصيبك في أهلك أو في مالك أو في نفسك كذا وكذا

أو يقول له : إن معك قريناً من الجن أو نحو ذلك ويصف له أشياء ومقدمات من الوسوسة الشيطانية موهماً أنه صادق الفراسة فيه شديد الشفقة عليه حريص على جلب النفع إليه فإذا امتلأ قلب الغبي الجاهل خوفاً مما وصف له حينئذ أعرض عن ربه وأقبل ذلك الدجال بقلبه وقالبه والتجأ إليه وعول عليه دون الله عز وجل وقال له : فما المخرج مما وصفت ؟ وما الحيلة في دفعه ؟ كأنما بيده الضر والنفع

فعند ذلك يتحقق فيه أمله ويعظم طمعه فيما عسى أن يبذله له فيقول له إنك إن أعطيتني كذا وكذا كتبت لك من ذلك حجابا طوله كذا وعرضه كذا ويصف له ويزخرف له في القول وهذا الحجاب علقه من كذا وكذا من الأمراض ، أترى هذا مع هذا الاعتقاد من الشرك الأصغر ؟ لا بل هو تأله لغير الله وتوكل على غيره والتجا

إلى سواه وركون إلى أفعال المخلوقين وسلب لهم من دينهم ، فهل قدر الشيطان على مثل هذه الحيل إلا بوساطة أخيه من شياطين الإنس { قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن بل هم عن ذكر ربهم معرضون } [ الأنبياء / 42 ] ، ثم إنَّه يكتب فيه مع طلاسمه الشيطانية شيئاً من القرآن ويعلقه على غير طهارة

ويحدث الحدث الأصغر والأكبر ، وهو معه أبداً لا يقدسه عن شيء من الأشياء ، تالله ما استهان بكتاب الله أحدٌ من أعدائه استهانة هؤلاء الزنادقة المدَّعين الإسلام به

والله ما نزل القرآن إلا لتلاوته والعمل به وامتثال أوامره واجتناب نواهيه وتصديق خبره والوقوف عند حدوده والاعتبار بأمثاله والاتعاظ بقصصه والإيمان به { كلٌّ من عند ربنا } وهؤلاء قد عطلوا ذلك كله ونبذوه وراء ظهورهم ولم يحفظوا إلا رسمه كي يتأكلوا به ويكتسبوا كسائر الأسباب التي يتوصلون بها إلى الحرام لا الحلال ولو أن ملكا أو أميرا كتب كتابا إلى من هو تحت ولايته أن افعل كذا

واترك كذا وأمر من في جهتك بكذا وانههم عن كذا ونحو ذلك فأخذ ذلك الكتاب ولم يقرأه ولم يتدبر أمره ونهيه ولم يبلغه إلى غيره ممن أمر بتبليغه إليه بل أخذه وعلقه في عنقه أو عضده ولم يلتفت إلى شيء مما فيه البتة لعاقبه الملك على ذلك أشد العقوبة ولسامه سوء العذاب فكيف بتنزيل جبار السموات والأرض الذي له المثل الأعلى في السموات والأرض وله الحمد في الأولى والآخرة

وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه هو حسبي لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم وإن تكن مما سوى الوحيين فإنها شرك بغير مين ، بل إنها قسيمة الأزلام في البعد عن سيما أولي الإسلام .

وإن تكن - أي : التمائم - مما سوى الوحيين بل من طلاسم اليهود وعباد الهياكل والنجوم والملائكة ومستخدمي الجن ونحوهم أو من الخرز أو الأوتار أو الحلق من الحديد وغيره فإنها شرك

- أي : تعليقها شرك - بدون ميْن - أي : شك - إذ ليست من الأسباب المباحة والأدوية المعروفة بل اعتقدوا فيها اعتقادا محضا أنها تدفع كذا وكذا من الآلام لذاتها لخصوصية زعموا فيها كاعتقاد أهل الأوثان في أوثانهم بل إنها قسيمة أي شبيهة الأزلام التي كان يستصحبها أهل الجاهلية في جاهليتهم ويستقسمون بها إذا أرادوا أمرا وهي ثلاثة قداح مكتوب على إحداها افعل ، والثاني لا تفعل

والثالث غفل ، فإن خرج في يده الذي فيه افعل مضى لأمره ، أو الذي فيه لا تفعل ترك ذلك ، أو الغفل أعاد استقسامه ، وقد أبدلنا الله تعالى - وله الحمد - خيراً من ذلك صلاة الاستخارة ودعاءها .

والمقصود : أن هذه التمائم التي من غير القرآن والسنة شريكة للأزلام وشبيهة بها من حيث الاعتقاد الفاسد والمخالفة للشرع في البعد عن سيما أولي الإسلام - أي : عن زي أهل الإسلام

- فإن أهل التوحيد الخالص من أبعد ما يكون عن هذا ، والإيمان في قلوبهم أعظم من أن يدخل عليه مثل هذا ، وهم أجل شأناً وأقوى يقيناً من أن يتوكلوا على غير الله أو يثقوا بغيره ، وبالله التوفيق . "

معارج القبول " ( 2 / 510 - 512 ) .

والقول بالمنع حتى ولو كانت التمائم من القرآن هو الذي عليه مشايخنا :

3. وقال علماء اللجنة الدائمة :

اتفق العلماء على تحريم لبس التمائم إذا كانت من غير القرآن ، واختلفوا إذا كانت من القرآن ، فمنهم من أجاز لبسها ومنهم من منعها ، والقول بالنهي أرجح لعموم الأحاديث ولسدِّ الذريعة .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 1 / 212 ) .

4. وقال الشيخ الألباني رحمه الله :

ولا تزال هذه الضلالة فاشية بين البدو والفلاَّحين وبعض المدنيين ، ومثلها الخرزات التي يضعها بعض السائقين أمامهم في السيارة يعلقونها على المرآة ، وبعضهم يعلق نعلاً عتيقة في مقدمة السيارة أو في مؤخرتها ، وغيرهم يعلقون نعل فرس في واجهة الدار أو الدكان ، كل ذلك لدفع العين زعموا ،

وغير ذلك مما عمَّ وطمَّ بسبب الجهل بالتوحيد ، وما ينافيه من الشركيات والوثنيات التي ما بعثت الرسل ولا أنزلت الكتب إلا من أجل إبطالها والقضاء عليها ، فإلى الله المشتكى من جهل المسلمين اليوم ، وبعدهم عن الدين .

" سلسلة الأحاديث الصحيحة " ( 1 / 890 ) ( 492 ) .

والله أعلم.

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-07-07, 05:39
اخوة الاسلام

و قد تقدم كل ما يخص السحر و العين في موضوع

الايمان بوجود الجن والسحر والعين

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2135246

.......

حكم استعمال القرص الحيوي ، وحكم لبس القلادة الحيوية ، للنفع والعلاج

السؤال

: بدأت مؤخراً انتشار منتجيْن من شركة ألمانية ، تعرفان باسم Chi Pendant و Biodisc وهما عبارة عن قرص زجاجي يجلي الشفاء من الأمراض , ويمنح الطاقة ، والآخر قلادة تعلق على الرقبة للغرض ذاته

نريد أن نعرف ما حكمهما في الشرع ، وتنبيه الشباب من الوقوع في الشرك ، نحن نقوم بما يجب علينا اتجاه ديننا ، وننتظر ما تقول يا شيخ لنبلغ الشباب .

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

اطلعنا على مواقع متعددة فيها بيان حال هذين المنتَجين ، ويمكن تلخيص ذلك بأمور :

أ. الشيئان الوارد ذِكرهما في السؤال هما : " القرص الحيوي "Bio Disc ، و : " القلادة الحيوية " Chi Pendant.

ب. هذه المخترعات هي نتاج أبحاث قام بها لسنوات طويلة : الدكتور " إيان ليونز " Ian Lyons .

وهو ألماني الأصل ، وتايلاندي الجنسية .

جـ . هذا المنتجان يستعملان في توليد " الطاقة الطبيعية " , وهما منتجان مكونان من معادن طبيعية تمت معالجتها بطريقة تقنية ، وتم تدميج القرص الحيوي بالزجاج ، فأصبح بمقدوره توليد ترددات "طاقة كمية" .

دـ. ذُكرت فوائد كثيرة لاستعمال "القرص الحيوي" و "القلادة" ، ولا نستطيع إثبات صحة ذلك أو نفيه .

ثانياً :

أما بخصوص حكم استعمال تلك المنتجات : فذلك راجع إلى أهل الاختصاص من أهل الطب ، ودوائر الصحة في العالَم ، فهي التي تقرر وجود منافع لها ، أو لا ، وفي حال ثبوت منافع لهما على الصحة ، وعلاجهما للأمراض : فيكون حكمهما كحكم سائر الأدوية والأعشاب التي ثبت نفعها للبدن ، أو علاجها للمرض .

غير أنه ينبغي التنبيه على أمور تتعلق بلبس " القلادة الحيوية " :

أ. أنه لا يجوز لبسها إلا إن ثبت أنها نافعة للبدن ، أو دافعة للمرض .

ب. أنه لا يجوز للرجال لبسها ، بل تلبسها النساء فقط ؛ لأن لبس القلادة على الصدر خاص بالنساء دون الرجال ، وخاصة أنه يمكن وضع القلادة في الجيب ، ولا يتعين لبسها على الصدر .

ج. ومن لبستها من النساء فلا يجوز أن تكون القلادة فيها صليب ؛ لأن الصليب شعار الكفر والكفار ، ولذا كان من هديه صلى الله عليه وسلم طمس الصليب ، ونقضه ، ففي الحديث عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت : (إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إِلا نَقَضَهُ) رواه البخاري (5952) .

د. تجنب لبس القلادة التي كتب عليها اسم الله تعالى ، أو آيات قرآنية – وهذا والذي قبله موجود في الواقع في القلادة موضع السؤال - .

ومع ذلك ، فإنه لو ثبت نفعها : فينبغي التنزه عنها ؛ لما في لبسها من مشابهة ما عليه الجاهليون من لبس أشياء كهذه لجلب الحظ أو دفع العين ... وغير ذلك ، وقد ظهرت أسورة مغناطيسية ، ونحاسية ، ادعي في لبسها النفع ، كعلاج الروماتزم ، وقد أجاب العلماء عن حكم لبسها بأنه ينبغي اجتنابها .

سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : عن حكم استعمال الأسورة المغناطيسية ؟ .

فأجاب :

"والذي أرى في هذه المسألة : هو ترك الأسورة المذكورة ، وعدم استعمالها ؛ سدّاً لذريعة الشرك ، وحسماً لمادة الفتنة بها ، والميل إليها

وتعلق النفوس بها ، ورغبة في توجيه المسلم بقلبه إلى الله سبحانه ، ثقة به ، واعتماداً عليه ، واكتفاء بالأسباب المشروعة المعلومة إباحتها بلا شك ، وفيما أباح الله ويسَّر لعباده : غنيةٌ عمَّا حرم عليهم ، وعما اشتبه أمره

وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه) – متفق عليه - ، وقال صلى الله عليه وسلم : (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) – رواه الترمذي وهو صحيح - .

ولا ريب أن تعليق الأسورة المذكورة يُشبه ما تفعله الجاهلية في سابق الزمان ، فهو إما من الأمور المحرمة الشركية ، أو من وسائلها ، وأقل ما يقال فيه : أنه من المشتبهات ، فالأولى بالمسلم والأحوط له : أن يترفع بنفسه عن ذلك ، وأن يكتفي بالعلاج الواضح الإباحة ، البعيد عن الشبهة ، هذا ما ظهر لي ، ولجماعة من المشايخ ، والمدرسين .

وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم لما فيه رضاه ، وأن يمنَّ علينا جميعاً بالفقه في دينه ، والسلامة مما يخالف شرعه ، إنه على كل شيء قدير" انتهى .

"فتاوى الشيخ ابن باز" (1/207) .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-07-07, 05:48
هل يأثم بمساعدة والده في فاتورة الكهرباء لأن إخوانه يشاهدون المسلسلات والأفلام

السؤال

: إنني أسكن عند والدي وإخوتي، وعندما تعينت في وظيفتي في نفس المدينة أصبحت أساعد الوالد في تسديد فاتورة الكهرباء، ولكن لدينا التلفاز والإنترنت، وإخوتي يشاهدون بعض المسلسلات والأفلام والمباريات. هل يلحقني إثم في تسديد هذه الفاتورة ؟

الجواب :

الحمد لله

لا حرج في مساعدة والدك في تسديد فاتورة الكهرباء ، بل هذا من البر والإحسان والخير ، ولا يضرك ما ذكرت من مشاهدة إخوتك لبعض المسلسلات والأفلام ؛ لأن الإعانة إنما تعطى للأب لا لهم ، ولأن النفع المقصود أصالة من استعمال الكهرباء نفع مباح ، وهذا تبع

التابع يغتفر فيه ما لا يغتفر في المتبوع ، وينبغي للوالد أن ينصح لإخوتك ، وأن يحول بينهم وبين رؤية ما هو منكر

لقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم/6.

وعَنْ ابْنِ عُمَر رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : (أَلا كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، ..... وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ) رواه البخاري (7138) ومسلم (1829) .

وروى البخاري (7151) ومسلم (142) عن مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ الْمُزنِيَّ رضي الله عنه قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

suzuki19
2018-07-08, 11:26
بارك الله فيكم

*عبدالرحمن*
2018-07-10, 16:01
بارك الله فيكم

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

بارك الله فيك

و جزاك الله عنا كل خير

و في انتظار مرورك المميز مثلك دائما

*عبدالرحمن*
2018-07-10, 16:05
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

ملخص في أحكام الحجر والإفلاس

السؤال :

أرغب في معرفة ما إذا كان يجوز في الإسلام إشهار الإفلاس أم لا ؟

وإذا تقدمتُ مشهراً إفلاسي مدركاً أن الديْن لا يزال ديْني أنا فلمن أرد المال عندما يكون في وسعي ذلك ؟

وما هي توجيهاتكم في هذا الشأن ؟ .

الجواب :

الحمد لله

المفلس هو من يكون دَيْنه الذي عليه أكثر من المال الذي معه .

فإذا طلب الغرماء (الدائنون) من الحاكم أن يحجر عليه ، ويقسم عليهم المال الذي معه ، وجب عليه إجابتهم إلى ذلك .

قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في بيان أحكام الحجر والمفلس :

"1. معنى الحجر في الشرع : منع إنسان من تصرفه في ماله .

ودليله من القرآن الكريم : قوله تعالى : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً * وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ)

النساء/5 ، 6 ، فدلت الآيتان على الحجر على السفيه واليتيم في ماله ; لئلا يفسده ويضيعه , وأنه لا يدفع إليه إلا بعد تحقق رشده فيه ، وقد حجر النبي صلى الله عليه وسلم على بعض الصحابة لأجل قضاء ما عليه من الديون .

2. والحَجر نوعان :

النوع الأول : حجر على الإنسان لأجل حظ غيره , كالحجر على المفلس لحظ الغرماء .

النوع الثاني : حجر على الإنسان لأجل مصلحته هو ; لئلا يضيع ماله ويفسده , كالحجر على الصغير والسفيه والمجنون .

3. النوع الأول : الحجر على الإنسان لحظ غيره ، والمراد هنا : الحجر على المفلس , والمفلس : هو من عليه ديْن حالٌّ لا يتسع له ماله الموجود , فيُمنع من التصرف في ماله ; لئلا يضر بأصحاب الديون .

أما المدين المعسر الذي لا يقدر على وفاء شيءٍ من ديْنه : فإنه لا يطالب به , ويجب إنظاره ; لقوله تعالى : ( وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ) .

أما من له قدرة على وفاء ديْنه : فإنه لا يجوز الحجر عليه ؛ لعدم الحاجة إلى ذلك , لكن يؤمر بوفاء ديونه إذا طالب الغرماء بذلك ; لقوله صلى الله عليه وسلم : ( مطل الغني ظلم ) أي : مطل القادر على وفاء ديْنه : ظلم ;

لأنه منع أداء ما وجب عليه أداؤه من حقوق الناس , فإن امتنع من تسديد ديونه : فإنه يسجن ، قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله : " ومَن كان قادراً على وفاء ديْنه , وامتنع , أجبر على وفائه بالضرب والحبس , نصَّ على ذلك الأئمة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم " , قال : " ولا أعلم فيه نزاعاً " انتهى .

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لي الواجد ظلم يُحلُّ عرضَه وعقوبتَه ) رواه أحمد وأبو داود وغيرهما , وعِرضه : شكواه , وعقوبته : حبسه ; فالمماطل بقضاء ما عليه من الحق يستحق العقوبة بالحبس والتعزير ,

ويكرر عليه ذلك حتى يوفي ما عليه , فإن أصر على المماطلة : فإن الحاكم يتدخل فيبيع ماله ويسدد منه ديونه ؛ لأن الحاكم يقوم مقام الممتنع , ولأجل إزالة الضرر عن الدائنين , وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا ضرر ولا ضرار ) .

4. ومما مرَّ يتضح أن المدين له حالتان :

الحالة الأولى : أن يكون الديْن مؤجَّلاً عليه ، فهذا لا يطالب بالديْن حتى يحلَّ , ولا يلزمه أداؤه قبل حلوله , وإذا كان ما لديه من المال أقل مما عليه من الدين المؤجل : فإنه لا يحجر عليه من أجل ذلك , ولا يمنع من التصرف في ماله .

الحالة الثانية : أن يكون الدين حالاًّ .

فللمدين حينئذ حالتان :

الأولى : أن يكون ماله أكثر من الديْن الذي عليه : فهذا لا يُحجر عليه في ماله , ولكن يؤمر بوفاء الديْن إذا طالب بذلك دائنه , فإن امتنع : حُبس وعزِّر حتى يوفي ديْنَه , فإن صبر على الحبس والتعزير , وامتنع من تسديد الدين : فإن الحاكم يتدخل ويوفي ديْنه من ماله ، ويبيع ما يحتاج إلى بيع من أجل ذلك .

والثانية : أن يكون ماله أقل مما عليه من الديْن الحالِّ ; فهذا يُحجر عليه التصرف في ماله إذا طالب غرماؤه بذلك ; لئلا يضر بهم ; لحديث كعب بن مالك رضي الله عنه : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حجر على معاذ وباع ماله) رواه الدارقطني والحاكم وصححه , وقال ابن الصلاح : " إنه حديث ثابت "

, وإذا حجر عليه في هذه الحالة : فإنه يُعلن عنه , ويظهر للناس أنه محجور عليه ; لئلا يغتروا به ويتعاملوا معه , فتضيع أموالهم .

5. ويتعلق بالحجر عليه أربعة أحكام :

الحكم الأول : أنه يتعلق حق الغرماء بماله الموجود قبل الحجر , وبماله الحادث بعد الحجر ; فيلحقه الحجر كالموجود قبل الحجر , فلا ينفذ تصرف المحجور عليه في ماله بعد الحجر بأي نوع من أنواع التصرف , وحتى قبل الحجر عليه يحرم عليه التصرف في ماله تصرفا يضر بغرمائه .

قال الإمام ابن القيم رحمه الله : " إذا استغرقت الديون ماله : لم يصح تبرعه بما يضر بأرباب الديون , سواء حجر عليه الحاكم أو لم يحجر عليه , هذا مذهب مالك واختيار شيخنا – يريد :

شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله -

" , قال : " وهو الصحيح , وهو الذي لا يليق بأصول المذهب غيره , بل هو مقتضى أصول الشرع وقواعده ؛ لأن حق الغرماء قد تعلق بماله , ولهذا يحجر عليه الحاكم , ولولا تعلق حق الغرماء بماله , لم يسع الحاكم الحجر عليه , فصار كالمريض مرض الموت , وفي تمكين هذا المدين من التبرع إبطال حقوق الغرماء ,

والشريعة لا تأتي بمثل هذا ; فإنما جاءت بحفظ حقوق أرباب الحقوق بكل طريق , وسد الطريق المفضية إلى إضاعتها " انتهى كلامه رحمه الله .

الحكم الثاني : أن من وجد عين ماله الذي باعه عليه أو أقرضه إياه أو أجره إياه قبل الحجر عليه : فله أن يرجع به ويسحبه من عند المفلس ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من أدرك متاعه عند إنسان أفلس فهو أحق به ) متفق عليه ; وقد ذكر الفقهاء رحمهم الله أنه يشترط لرجوع من وجد ماله عند المفلس المحجور عليه ستة شروط :

الشرط الأول : كون المفلس حيّاً إلى أن يأخذ ماله منه ; لما رواه أبو داود أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( فإن مات فصاحب المتاع أسوة الغرماء ) .

الشرط الثاني : بقاء ثمنها كله في ذمة المفلس , فإن قبض صاحب المتاع شيئاً من ثمنه : لم يستحق الرجوع به .

الشرط الثالث : بقاء العين كلها في ملك المفلس , فإن وجد بعضها فقط : لم يرجع به ; لأنه لم يجد عين ماله , وإنما وجد بعضها .

الشرط الرابع : كون السلعة بحالها , لم يتغير شيء من صفاتها .

الشرط الخامس : كون السلعة لم يتعلق بها حق الغير ; بأن لا يكون المفلس قد رهنها ونحو ذلك .

الشرط السادس : كون السلعة لم تزد زيادة متصلة كالسِّمَن , فإذا توافرت هذه الشروط : جاز لصاحب السلعة أن يسحبها إذا ظهر إفلاس من هي عنده ؛ للحديث السابق .

الحكم الثالث : انقطاع المطالبة عنه بعد الحجر عليه إلى أن ينفك عنه الحجر , فمن باعه أو أقرضه شيئا خلال هذه الفترة : طالبه به بعد فك الحجر عنه .

الحكم الرابع : أن الحاكم يبيع ماله , ويقسم ثمنه بقدر ديون غرمائه الحالَّة ; لأن هذا هو المقصود من الحجر عليه , وفي تأخير ذلك مطل وظلم لهم , ويترك الحاكم للمفلس ما يحتاج إليه من مسكن ومؤنة ونحو ذلك .

أما الدين المؤجل : فلا يحل بالإفلاس , ولا يزاحم الديون الحالَّة ؛ لأن الأجل حق للمفلس ، فلا يسقط ، كسائر حقوقه , ويبقى في ذمة المفلس , ثم بعد توزيع ماله على أصحاب الديون الحالة

: فإن سدَّدها ولم يبق منها شيء : انفك عنه الحجر بلا حكم حاكم ; لزوال موجبه , وإن بقي عليه شيء من ديونه الحالة : فإنه لا ينفك عنه الحجر إلا بحكم الحاكم ; لأنه هو الذي حكم بالحجر عليه , فهو الذي يحكم بفك الحجر عنه" انتهى باختصار .

" الملخص الفقهي " ( 2 / 89 – 95 ) .

وإذا بقي شيء من الديون لم تسدد لأصحابها فإنها تبقى في ذمته ، حتى يرزقه الله تعالى مالاً ، فيجب عليه سداد ما بقي من هذه الديون .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-07-10, 16:09
إذا لم تكف أموال المفلس لسداد دينه فالباقي دين عليه لا يسقط بالإفلاس

السؤال:

في القانون الأمريكي يقوم الشخص الذي عليه ديون ولا يستطيع أن يسددها بالحصول على مذكرة من المحكمة تسمى مذكرة الإفلاس (حتى ولو كانت هذه الديون المستحقة لأصحابها من الربا) ، وفي هذه المذكرة يقوم المدين بكتابة كل الديون المستحقة لأصحابها الدائنين بالإضافة إلى كتابة اسم كل دائن على حدة

ويقوم المدين بإعطاء الدائن وثائق تشتمل على الدخل الذي يتقاضاه والذي يشير إلى عدم مقدرته على سداد هذه الديون . ويقوم المدين كذلك بكتابة كل الأصول والممتلكات التي يمتلكها

وتقوم المحكمة بالتحفظ والحجز على هذه الممتلكات ثم بيعها في مزاد علني لمن يشتريها بأعلى سعر ، وللمدين أن يستثني بعض الأصول والممتلكات من هذه العملية أي لا تقدم للبنك للتحفظ عليها

وبعد ذلك يتم توزيع المال الذي جاء من المزاد على عدد الدائنين بناء على المبلغ المستحق لكل دائن بحسب الأولوية . وفي أغلب الأوقات فإن المال الذي تم تحصيله من المزاد لا يكون كافياً لسداد كل الدين المستحق للدائنين

إلا أن المحكمة تخلي ساحة المدين من كافة المسؤوليات القانونية حتى يتمكن من سداد أي أرصدة متبقية عليه . وعلى ضوء ما سبق ، هل يكون واجباً على المدين المسلم سداد الدين أو الرصيد الذي لم تتمكن المحكمة من سداده (فيما عدا الربا) ، حتى ولو كانت الأصول والممتلكات التي تم أخذها لسداد الديون عبارة عن متجر أو سوق وقيمته أعلى مما تم الحصول عليه من المزاد ؟

وهل لو تم تسليم هذا المتجر للمحكمة فهل سيتبقى مال كاف لسداد كافة الديون المستحقة لأصحابها ؟

وعلى أية حال فإن كل مدين يعلم يقيناً أن هذا سيكون هو الدخل الوحيد لهم عندما يتم عمل الإجراء السالف الذكر عن طريق المحكمة وهو إشهار الإفلاس .

الجواب :

الحمد لله

يحسن التعرف على بعض أحكام الحجر في الشريعة الإسلامية ثم نتعرض لما ذكر في السؤال .

فالإِْفْلاَسُ مَعْنَاهُ فِي الاِصْطِلاَحِ : أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى الشَّخْصِ أَكْثَرَ مِنْ مَالِهِ .

فإذا كان المدين كذلك ، وكانت الديون حالَّة (غير مؤجلة) وطلب الغرماء (الدائنون) من الحاكم أن يحجر عليه ، وجب على الحاكم أن يحجر على أمواله ، ويمنعه من التصرف فيها ، ويترتب على هذا الحجر أحكام :

1- منع المدين من التصرف في ماله .

2- تعلق حق الغرماء بهذا المال .

3- من وجد من الغرماء عين ماله عند المفلس فهو أحق به من غيره من الغرماء ، كما لو كان أعطاه قرضاً ، أو باعه سلعة بالتقسيط ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ أَوْ إِنْسَانٍ قَدْ أَفْلَسَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ) رواه البخاري (2402) ومسلم (1559) .

4- أن للحاكم أن يبيع ماله ويعطي للغرماء حقوقهم .

ودليل ذلك : أن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان عليه ديون ، فكلم غرماؤه الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك ، فحجر عليه وباع ماله . رواه البيهقي والحاكم ، وهو حديث مختلف فيه ، صححه ابن كثير في "إرشاد الفقيه" (2/48) ، وضعفه الألباني في "إرواء الغليل" (1435) .

ويُترك للمفلس من ماله : ما يحتاج إليه ولا يستغني عنه مثل : الثياب ، والكتب ، والبيت الذي يسكنه ، وآلات الصنعة ، والقوت الضروري ، ورأس مال التجارة .... إلخ

ويؤخذ الزائد عن حاجته من هذه الأشياء ، ويترك له ما يكفيه بلا زيادة .

وذهب بعض العلماء (الإمامان مالك والشافعي) إلى أنه إذا كان يقيم في بيت يملكه فإنه يؤخذ منه ويُباع ، ويُستأجر له بيت يسكنه .

وإذا باع الحاكم ماله فإنه لا يقسمه على الغرماء بالتساوي ، وإنما على نسبة ديونهم ، فلو كان أحدهما له ألف والآخر له خمسمائة ، فيقسم المال بينهما : لصاحب الألف : الثلثان ، ولصاحب الخمسمائة : الثلث .

قال الحافظ في الفتح :

" َذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ مَنْ ظَهْر فَلَسُهُ فَعَلَى الْحَاكِمِ الْحَجْر عَلَيْهِ فِي مَالِهِ حَتَّى يَبِيعَهُ عَلَيْهِ وَيَقْسِمَهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ عَلَى نِسْبَةِ دُيُونِهِمْ " انتهى .

وهذا ؛ إذا لم يكف المال جميع الديون ، فإن كفى أخذ كل دائن حقه بلا زيادة ، ثم رُدَّ الباقي ـ إن بقي شيء ـ إلى المفلس ، لأنه حقه .

فإذا كان ماله لا يكفي الديون كلها ، فإنه يوزع الموجود على الدائنين ، وتبقى سائر حقوقهم دَيْناً عليه ، متى قدر أن يقضيها وجب عليه ذلك .

انظر : "المغني" (4/265-266)

"المجموع" (13/278-284) (طبعة دار الفكر) –

"المبسوط" (24/156-166)

"فتح الباري" (5/66)

(دار المعرفة - بيروت ، 1379) -

"الموسوعة الفقهية" (5/246 ، 301 - 322) –

"الشرح الممتع" (9/78-81) .

وعلى هذا ، فقول السائل : هل يكون واجباً على المدين المسلم سداد الدين أو الرصيد الذي لم تتمكن المحكمة من سداده ؟

فالجواب : نعم ، ويبقى ديناً عليه في ذمته حتى يتمكن من سداده .

قال ابن قدامه رحمه الله في "المغني" (6/581) :

"وإذا فُرِّق مال المفلس وبقيت عليه بقية وله صنعة فهل يجبره الحاكم على إيجار نفسه ليقضي دينه؟ على روايتين ...." انتهى . ثم ذكر القولين بأدلتهما ، ولم يصرح بالراجح منهما ، غير أنه يظهر من كلامه أنه يميل إلى القول بأن الحاكم يجبره على العمل ليقضي دينه .

فعلى كلا القولين : يستفاد من هذا : أن باقي حق الغرماء لا يزال متعلقاُ بذمته .

ثم قال ابن قدامة (6/582) :

"وإن فُكَّ الحجر عليه [يعني : بعد بيع ماله] لم يكن لأحد مطالبته ولا ملازمته حتى يملك مالاً ...." انتهى .

فيستفاد منه أيضاً : أن ما بقي من حق الغرماء لم يسقط ، بل لا يزال دَيناً عليه .

وقول السائل : حتى ولو كانت الأصول والممتلكات التي تم أخذها لسداد الديون عبارة عن متجر أو سوق وقيمته أعلى مما تم الحصول عليه من المزاد ؟

فالجواب :

أن الواجب على الحاكم ألا يبيع ممتلكات المفلس إلا بثمن المثل ، فلا يبيعها بأقل من ذلك .

انظر : "الموسوعة الفقهية" (5/318) .

ولما كانت هذه القضية منظورة في بلاد غير إسلامية ، فمن الطبيعي أن يكون لهم قوانينهم وأنظمتهم التي يتحاكمون إليها ويحكمون بها ، وتكون مخالفة لما شرعه الله عز وجل .

ولهذا ؛ لا ينبغي للمسلم أن يتساهل في الإقامة في تلك البلاد ، إلا أن يكون مضطراً لذلك ، لأنه سيخضع لتلك القوانين ، شاء أم أبى .

تنبيه :

المديونية الربوية لا يجوز القيام بسدادها ، فليس عليه إلا دفع رأس المال فقط ، إلا إذا أُكره على دفعها وهُدِّد بالسجن ونحوه فلا حرج عليه ، ويكون مكرهاً ، مع وجوب التوبة إلى الله من الاقتراض بالربا .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-07-10, 16:13
خلط مال الأم بمال أيتامها

السؤال :

لي صديقة توفي عنها زوجها ولها ثلاثة أولاد : ابن وبنتان ، لهم ميراث أرض لها إيراد سنوي للام والأولاد ، وأيضاً معاش محول على البنك تحصل عليه الأم عند دفع مصاريف المدارس أو للترفية عن الأولاد في نهاية العام إذا كان مصيف. والأم تعمل ولها دخل مادي شهري

. السؤال : أن الأم لا تفصل المال الذي تحصل عليه من عملها عن باقي الأموال فقد تنفق بعض المال في الصدقة أو بعض المجاملات باسم الأسرة للأقارب أو باسمها لصديقاتها

وهي تخشي أن تكون بذلك تضيع الأمانة علماً بأنها لا تحصل على أي من هذه الأموال سواء كان المعاش أو إيراد الأرض الخاص بها (نصيبها من الميراث) فهل يجب عليها فصل هذه الأموال عن بعضها وكذلك استخدام مالها الخاص في الترفية والمجاملات حتى تتجنب الوقوع في تضيع الأمانة .

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

لا يجوز التبرع بشيء من مال اليتيم ، لا بالقرض ولا بالهبة ، ولا بغير ذلك من أنواع التبرعات التي لا تعود عليه بالنفع ؛ لقوله تعالى : (وَلاَ تَقْرَبُوا مَال الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) سورة الأنعام/152 ، وقوله تعالى : (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ)

البقرة/220 .

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (43/198)

: "ذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه ليس للوصي أن يتبرع بمال الصغير سواء أكان بالصدقة أم بالهبة بغير عوض ؛ لأن التبرع بمال الصغير لا حظ له فيه ، وأنه ينافي مقصود الوصاية من الحفاظ على المال وتنميته والتصرف بما فيه نفع يعود على الصغير

مستندين في ذلك إلى قوله تعالى : (وَلاَ تَقْرَبُوا مَال الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) فقد نهى عن قربان مال اليتيم إلا بما فيه مصلحة له ، والتبرع بالمال لا مصلحة لليتيم فيه ، بل هو تصرف في ماله على غير الوجه الذي أمر الله به ، فيكون ممنوعاً ومنهيا عنه" انتهى .

وقال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج (3/151):

"ويتصرف له [يعني : اليتيم] الولي بالمصلحة وجوباً ، لقوله تعالى : (وَلاَ تَقْرَبُوا مَال الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) وقوله تعالى : (وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ) ، فالتصرف الذي لا خير فيه ولا شر ممنوع منه ، إذ لا مصلحة فيه وهو كذلك ، ويجب على الولي حفظ مال الصبي عن أسباب التلف ، واستنماؤه [استثماره] قدر ما تأكله المؤن من نفقة وغيرها إن أمكن" انتهى بتصرف .

وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء (14/221) :

يوجد لديه فلوس لأيتام والفلوس هذه موضوعة في أحد بنوك المملكة دون فائدة لهؤلاء الأيتام ، وحضر أحد المواطنين يطلب من هذه الفلوس سلف مبلغ وقدره ستون ألف ريال وعندئذ قال: أنا سوف أقوم بهذه الفلوس تقسيط على (35 شهر) وكل شهر قسط بمقدار (2400) ، وقال : أنا سوف أعطي الأيتام من خاطري مقدار (12000 ريال) زود على فلوسهم ، وهذا من خاطري وليس شرطاً ، بل ما دام إنها سوف تجلس مدة يمكن هذا ما فيه شيء .

فأجابت :

"إذا كان الواقع كما ذكرت ، فلا يجوز لك أن تقرض من مال الأيتام لا للمذكور ولا لغيره ، ولا مع نية أن يكافأهم بزيادة ، ولا بعدم نية ، ولكن يشرع لك التماس من يتجر فيها بجزء مشاع معلوم من ربحها ، كالنصف ونحوه ، بشرط أن يكون من الثقات .

وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وحبه وسلم" انتهى .

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي... الشيخ عبد الله ابن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يجوز أن يتصرف بمال الأيتام وهم قاصرون ؟

فأجاب :

"نعم يجوز أن يتصرف ولي اليتيم في ماله بما ينفع اليتيم . قال الله سبحانه وتعالى (وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) .

فولي اليتيم يتصرف في مال اليتيم بما ينميه ، وما هو من مصلحته ، أما أن يتصرف فيه بما ينقصه أو بما يضره ، فهذا لا يجوز"

انتهى من " فتاوى إسلامية " (4/453) .

ثانياً :

لا يلزم السائلة فصل مالها عن مال أولادها ؛ لقول الله تعالى : (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) البقرة/220 .

قال الشيخ السعدي رحمه الله في "تفسيره" (1/99 ) :

"لما نزل قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) شق ذلك على المسلمين ، وعزلوا طعامهم عن طعام اليتامى ، خوفاً على أنفسهم من تناولها ، ولو في هذه الحالة التي جرت العادة بالمشاركة فيها

وسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فأخبرهم تعالى أن المقصود ، إصلاح أموال اليتامى ، بحفظها وصيانتها ، والاتجار فيها ، وأن خلطتهم إياهم في طعام أو غيره جائز على وجه لا يضر باليتامى ، لأنهم إخوانكم ، ومن شأن الأخ مخالطة أخيه ، والمرجع في ذلك إلى النية والعمل

فمن علم الله من نيته أنه مصلح لليتيم ، وليس له طمع في ماله ، فلو دخل عليه شيء من غير قصد لم يكن عليه بأس ، ومن علم الله من نيته ، أن قصده بالمخالطة ، التوصل إلى أكلها وتناولها ، فذلك الذي فيه حرج وإثم .

وهذه الرخصة ، لطف من الله تعالى وإحسان ، وتوسعة على المؤمنين ، وإلا فـ (لَوْ شَاءَ اللَّهُ لأعْنَتَكُمْ) أي : شق عليكم بعدم الرخصة بذلك ، فحرجتم . وشق عليكم وأثمتم" انتهى .

وعليه ، فالذي ينبغي لهذه الأم أن تتحرى الدقة في صرفها لأموال الأيتام بقدر استطاعتها من غير إسراف ولا تبذير .

وكون الأم خلطت مالها بمال أيتامها ، وتنفق منه في المناسبات والمجاملات ... ، يُخشى منه الوقوع في المحظور ؛ وهو الأخذ من أموال اليتامى لغير مصلحتهم ، لاحتمال أن المال الذي يُصرف في المناسبات والمجاملات أكثر من مالها الخاص بها .

وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء (14/277) :

حيث إنني تزوجت أرملة ابن عمي "أم الأيتام" وهي في عصمتي وزوجتي الوحيدة ، وهي في منزلي هي وأبناؤها المذكورون ، وعددهم أربعة ، أما البنت الأخرى فهي متزوجة والباقون لا زالوا صغاراً

وحيث إنني أنفق على البيت نصف من مالي ، ونصف من مال الأيتام ، وفي بعض الأحيان يقيم عندي والدي أو أحد إخوتي أو إحدى أخواتي مدة قد تصل إلى شهرين أو أكثر والمصروف كما وضحت لكم ، أما ملابسهم من مالهم الخاص ، وسؤالي : هل أنا عدلت في تقسيم النفقة أم ماذا ؟

فأجابت

: "إذا كنت ترى أن النصف الذي أخذته من مال الأيتام مقارب لنفقاتهم ، فلا حرج عليك ، وعليك في تقديم نفقتهم تحري العدل والاجتهاد ؛ لقول الله سبحانه : (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) الآية .

وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود.

فعلى هذه الأم أن تجتهد في تقدير نفقات أولادها ولا تأخذ من مالهم الخاص بهم أكثر من ذلك ، فإن حصل وأخذت من مالهم من غير قصد منها ولا تعمد ، فلا حرج عليها إن شاء الله .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-07-10, 16:15
إعطاء منحة دراسية مقابل العمل في الجامعة

السؤال:

بارك الله فيكم زوجتي متفوقة في الجامعة في كلية الشريعة ولتفوقها حصلت على منحة دراسية ماجستير ودكتوراه ، لكن لهذه المنحة شروط

ومن شروطها : أن تعمل في الجامعة بعد أخذها للدكتوراه مقابل كل عام دراسي عامان من العمل في الجامعة ، أو تدفع غرامة مالية مقدارها تكلفة مصاريف المنحة مع خمسين بالمئة زيادة على المنحة ، فهل يعتبر هذا العقد ربويا؟

أفيدونا بارك الله فيكم سريعا قبل انتهاء مدة المنحة .

الجواب :

الحمد لله

لا حرج في قبول المنحة الدراسية المذكورة مقابل واحد من الأمرين على سبيل التعيين : العمل في الجامعة المدة المتفق عليها ، أو دفع المال ، وهذا عقد معاوضة بين منفعة (المنحة) وعمل ، أو منفعة ومال ، وهو عقد جائز ، وينبغي الاتفاق والجزم بواحد من الخيارين ، إما العمل وإما دفع المال .

فإذا رغبت زوجتك في هذه المنحة فلتتفق مع الجامعة على العمل ، أو على دفع المال .

ومن الممكن اعتبار الاتفاق في الأصل على العمل ، وهو المقصود للجامعة ، ويكون دفع الغرامة شرطاً جزائياً ، عوضاً عن عدم الوفاء بالشرط ، وهذا لا حرج فيه أيضاً .

وعلى كل حال ، لا حرج من قبول هذه المنحة .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-10, 16:18
الشراء ببطاقة التخفيض لأقاربه

السؤال:

فضيلة الشيخ بارك الله فيك. عندي تخفيض أو خصم لدى أحد المحلات، فإذا طلب مني أبي أو أحد أقاربي أو أحد أصدقائي أن يستخدم هذا الخصم أو التخفيض، وذلك بأن يعطيني المال و أنا أشتري له من المحل ما يريده ولكن السلعة و الفاتورة ستكون حينئذ باسمي لأني صاحب التخفيض، وأيضًا المحل لا يعلم بحقيقة الأمر..

.فهل يجوز هذا الفعل؟ وجزاكم الله خيرًا

الجواب :

الحمد لله

لا حرج في شراء ما يريده والدك أو قريبك باستعمال التخفيض المتاح لك ، إذا كان هذا التخفيض يعطى لفئة عامة من المشترين - كما هو الغالب - وليس لاعتبار شخصي .

ومن المعلوم أن بعض المحلات والمجمعات التجارية تعطي بطاقة تخفيض هدية للمشتري ، أو لمن اشترى منها سلعا بمبلغ محدد ، وهذه بطاقة لا يراعى فيها شخص المشتري ، ويراد منها تشجيع المشتري على الشراء من نفس المحل ، فلا يظهر فرق بين أن يشتري لنفسه أو يشتري لغيره ، ولا يترتب على ذلك ضرر لأحد .

ومن أراد الاحتياط والورع فليسأل أصحاب المحل عن استعمال التخفيض لغيره .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-10, 16:20
يعمل في فندق ويحول الزبائن إلى الشركات الحاجزة لدى الفندق مقابل عمولة

السؤال :

أعمل بإدارة مبيعات الغرف بفندق بمكة المكرمة , أثناء موسم الحج ورمضان يقوم الفندق بتأجير جميع غرفه إلى مجموعة من شركات السياحة . بعد ذلك يتم استمرار اتصال شركات سياحة أخرى أو أشخاص بالفندق للحجز - وعلما أنه قد تم حجز جميع الغرف إلى الشركات الآنف ذكرها - فإننا نخبرهم بعدم إمكانية تأكيد حجزهم . ف

ي بعض الأحيان يكون الزبون متشبثا بالحجز في فندقنا ويطلب منا إمكانية إيجاد غرفة له أو أكثر ويكون مستعدا وعالما أنه سيدفع ثمنا مرتفعا على الذي يقترحه الفندق , لأن الغرف في هذه الأثناء ستباع بالسعر الذي تعرضه شركات السياحة الحاجزة لدينا . نحن وكعاملين بهذا الفندق وبحكم علاقتنا بتلك الشركات

, نعرض عليهم الصفقة مقابل عمولة يتم الاتفاق عليها معهم وقد يعطينا أيضا الزبون الراغب في الحجز قدرا ماليا أو هدية للتعبير عن امتنانه وشكره وعن طيب خاطره من دون أي اشتراط أو طلب منا .

وفي بعض المواسم كموسم الصيف ومع وجود إمكانية الحجز المباشر مع الفندق لكننا نحول الطلبات للشركات الحاجزة لبعض الغرف لدينا لكسب العمولة ، فماذا ترون فضيلتكم في هذه المعاملات وفي تلك العمولة وفي البقشيش والهدية؟ نرجو من فضيلتكم إجابة مفصلة مبينة أسباب التحريم إذا كان في الأمر حرمة أو شبهة .

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

الواجب على الموظف أن يؤدي الأمانة التي ائتمن عليها ، وأن يقوم بالعمل الذي كلف به على أحسن وجه .

سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : كيف يكون الإخلاص في العمل ، وهل هو من الأمانة المذكورة في القرآن ؟

فأجابوا :

"الإخلاص في العمل الوظيفي أو المستأجر عليه هو : أداؤه على الوجه المطلوب والمتفق عليه في العقد أو النظام الوظيفي ، وهو من الأمانة التي يجب أداؤها ، كما في قوله تعالى :

(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)" انتهى .

فتاوى اللجنة الدائمة (5/156) .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

"الواجب على الموظف أن يؤدي الأمانة بصدق وإخلاص وعناية , وحفظا للوقت ، حتى تبرأ الذمة ، ويطيب الكسب ، ويرضي ربه ، وينصح لدولته في هذا الأمر أو للشركة التي هو فيها أو لأي جهة يعمل فيها , هذا هو الواجب على الموظف أن يتقي الله وأن يؤدي الأمانة بغاية الإتقان وغاية النصح ، يرجو ثواب الله ويخشى عقابه ويعمل بقوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) .

ومن خصال أهل النفاق : الخيانة في الأمانات ، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : (آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان) متفق عليه .

فلا يجوز للمسلم أن يتشبه بأهل النفاق ، بل يجب عليه أن يبتعد عن صفاتهم ، وأن يحافظ على أمانته ، وأن يؤدي عمله بغاية العناية ، ويحفظ وقته ، ولو تساهل رئيسه ، ولو لم يأمره رئيسه ، فلا يقعد عن العمل أو يتساهل فيه ، بل ينبغي أن يجتهد حتى يكون خيرا من رئيسه في أداء العمل ، والنصح في الأمانة ، وحتى يكون قدوة حسنة لغيره" انتهى .

"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (5/40) .

ثانياً :

أما جواب سؤالك ، فقد ذكرت حالتين .

الحالة الأولى : أن يكون في الفندق أماكن فارغة ثم تحيل الزبون إلى الشركة السياحية من أجل الحصول على العمولة ، فهذا العمل محرم ، لأن فيه الإضرار بصاحب الفندق ، وفيه خيانة للأمانة التي ائتمنك عليها ، فإنك تتقاضى راتباً من أجل العمل لمصلحة الفندق لا مصلحتك الشخصية ، ولا شك أنك تكره أن يطلع الناس على هذا التصرف منك ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (الإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس) رواه مسلم .

ولا شك أيضاً أنك لو كنت أنت صاحب الفندق لم تقبل مثل هذا التصرف من الموظفين عندك ، فعليك أن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به .

الحالة الثانية : أن تكون جميع الغرف محجوزة للشركة ، وتقوم أنت بالتوسط بين الشركة والزبون ، فهذا لا حرج فيه ، وهو نوع من السمسرة الجائزة ، ولا يؤثر ذلك على عملك بالفندق ، لأن الفندق لا يتضرر بذلك ، لعدم وجود غرف فارغة .

وفي هذه الحالة لا حرج عليك من أخذ عمولة أو هدية من الشركة أو من الزبون أو من الطرفين معاً .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-10, 16:22
ذهبت من المحل على أن تأتي بباقي الثمن ولكنها لم تتمكن من التعرف على المحل

السؤال :

نزلت مرة إلى السوق واشتريت قطعة من القماش ونقص الثمن الذي معي ، فقال صاحب المحل : اذهبي وائتي بالبقية في وقت آخر ، لكنني قد أضعت المحل ولا أدري ما اسم صاحبه ، أفيدوني ماذا أفعل؟

الجواب :

الحمد لله

"إذا أضعت المحل ولم تعرفيه فتصدقي بالباقي على بعض الفقراء بالنية عن صاحب المحل . أما إن استطعت أن ترديه إليه فافعلي ، وهذا واجب عليك أن تردي إليه حقه ، وقد ائتمنك وأحسن الظن بك ، فالواجب عليك أن تؤدي له حقه ، فإن لم تستطيعي فالله يقول : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) التغابن/16

فتصدقي به عنه بالنية وأعطيه لبعض الفقراء بالنية عن صاحبه" انتهى .

سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

"فتاوى نور على الدرب" (3/1440) .

*عبدالرحمن*
2018-07-10, 16:25
: اشتركت معه زوجته في بناء البيت بالثلث فهل يكتبه باسمها؟

السؤال

: أنا موظف وزوجتي موظفة ومنذ زواجنا لم نكن نفصل بين أموالنا فهي مشتركة تماما وقمنا بشراء أرض وبنينا فوقها بيتا لنا . وتم كتابة الأرض باسمي فأصبح المنزل بعد ذلك باسمي أيضا علما بأن مساهمتها في المنزل والأرض حوالي الثلث . ولأن ذلك اتفاق بيني وبينها فقط

فأرجو من فضيلتكم أن تفيدوني بأفضل طريقة شرعية لإثبات نسبة ملكيتها في العقار (الثلث) . فهل يمكن شرعا أن أجعل ما في الصك مشترك بيني وبينها بالنسبة التي ذكرتها (الثلث مقابل الثلثين) .

علما بأن لدينا 3 أولاد وبنت كما أن زوجتي لا تطالبني حاليا بأي شي إلا أنني أسأل عن ذلك إبراءً لذمتي .

الجواب :

الحمد لله

ما دمتما قد اتفقتما على أن يكون لها من العقار بمقدار ما أنفقت وهو الثلث ، فينبغي تسجيل ذلك وإثباته في الأوراق الرسمية حفظاً للحقوق .

وعلى هذا ، فينبغي أن تجعل ما في الصك مشتركاً بينك وبين زوجتك بالنسبة التي ذكرتها ، فيكون لك الثلثان ، ولها الثلث .

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

أنا رجل طاعن في السن ، وسبق لي أن اشتريت قطعة أرض بمبلغ قدره خمسة وثمانون ألف ريال ، ولي ولدان ذكران ، وقمت أنا وأبنائي الأولاد بعمارتها سواء ، ودفعنا مبلغ التعمير سواء ، فدفعت أنا مبلغا وقدره مائتان وسبعة عشر ألف ريال ، ودفعوا هم الاثنان مبلغا وقدره مائة وخمسة وسبعون ألف ريال . سؤالي : هل يجوز لي أن أكتب لهم بأنهم شركاء بالنصيفة بمبلغهم الذي دفعوه ؟ علما بأنني راض بذلك ، علما أن لي غيرهم بنات .

فأجابوا :

"إذا كان الأمر كما ذكر فلا مانع من أن تكتب العمارة بينك وبين أبنائك ، وأنهم شركاء لك فيها على قدر ما دفعوا لك من المال ، غير متبرعين به لك" انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (14 / 303-304)

وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :

نحن سبعة أشقاء ، أربع إناث وثلاثة ذكور ، وقد منَّ الله علينا بشراء قطعة أرض زراعية ، فجمعنا كل ما نملك ، حتى أخذنا حلي نسائنا ودفعناها ثمنًا لها ، ومن حرصنا على رضا والدنا سجلنا باسمه نصف هذه المساحة

وقد توفي ، ولم نعط أخواتنا البنات شيئًا منها ، وهن لم يطلبن شيئًا ؛ لعلمهن بظرف شرائها والظروف المعيشية ، ولم نعط نساءنا شيئًا أيضًا ، وذلك عن طيب نفس منهن ، فما رأيكم في أخواتي أولاً ؟ وكذلك في نسائنا هل لهن حق على ذلك أم لا ؟

فأجاب :

"أما بالنسبة للأخوات : فإن كان تسجيلكم نصف الأرض لوالدكم بمعنى أنكم أعطيتموه هذا النصف : فإنه حينئذ يكون تركة له تورث عنه لأولاده الذكور والإناث ولمن ترك من الورثة على فرائض الميراث التي شرعها الله ، فتكون تركة تقسم على ورثته ، ومن ورثته : أخواتكم ، فلهن نصيب في هذه الأرض على حسب الميراث من نصيب والدهن .

أما بالنسبة لزوجاتكم : فإذا كن أيضًا قد اشتركن معكم في شرائها ، ودفعن الحلي على أنه اشتراك معكم في شرائها ؛ فيكون لهن نصيب في هذه الأرض ، أما إذا كن دفعن هذا الحلي من باب الهبة لكم ، وإعانة لكم على شرائها : فهي من اختصاصكم" انتهى .

"المنتقى من فتاوى الفوزان" (54/2) .

*عبدالرحمن*
2018-07-10, 16:27
يشتري السلع وقت توفرها ثم يبيعها إذا ارتفع سعرها ، فهل هذا احتكار؟

السؤال :

لقد وجد بعض الناس عندنا يحتكرون السلع الاستهلاكية وقت الوفرة خاصة ثم يقومون بتخزينها حتى تتصاعد أسعارها ويغلو ثمنها فيبيعونها بما يشتهون .

فبماذا ينصح الإسلام مثل هؤلاء؟

وما موقف الشرع من كسبهم هذا؟

الجواب :

الحمد لله

"المحتكر هو الذي يشتري السلع وقت مضايقة الناس ، وقد جاء في الأحاديث لعن ذلك والوعيد فيه والنبي صلى الله عليه وسلم قال : (لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ) وقال : (مَنْ احْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئٌ) يعني فهو آثم .

قال العلماء :

هم الذين يشترون السلع من الطعام ونحوه مما يحتاجه الناس في وقت الشدة ويخزنه ليشتد الغلاء حتى يبيع بأكثر ، هذا لا يجوز ، وهو منكر وصاحبه آثم ،

ويجب على ولي الأمر إذا كان في البلاد ولي أمر ينفذ أمور الشرع أن يمنعه من ذلك ، وأن يلزمه بيع الطعام بسعر المثل . بسعر الوقت الحاضر الموجود في الأسواق ولا يمكنه من خزانته ، هذا إذا كان في وقت الشدة .

أما الذي يشتري الطعام أو غير الطعام مما يحتاجه الناس في وقت الرخاء وكثرته في الأسواق وعدم الضرر على أحد ثم إذا تحركت السلع باعه مع الناس بدون أن يؤخره إلى شدة الضرورة ، بل متى تحركت وجاءت الفائدة باعه فلا حرج عليه . وهذا عمل التجار من قديم الزمان وحديثه" انتهى .

سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

"فتاوى نور على الدرب" (3/1442) .

*عبدالرحمن*
2018-07-10, 16:31
هل يجوز للمرتهن الانتفاع بالرهن ؟

السؤال

: رهن شخصٌ عندي قطعةً من الأرض لمدة ثلاث سنوات، وخلال هذه السنوات قمت بحرثها وزراعتها فهل الارباح الناتجة عن ذلك تُعد رباً؟

الجواب :

الحمد لله

أولا:

انتفاع المرتهن بالرهن : إذا كان بغير إذن الراهن فلا يجوز بحال ؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ ) رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في "الإرواء" (5/279) .

ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ : دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ ) .

رواه مسلم (2564) .

ثانيا:

فإذا أذن الراهن للمرتهن بالانتفاع : فإن كان الدين دين قرض لم يجز للمرتهن الانتفاع بالرهن ، وإن أذن الراهن ؛ لأنه قرض جر نفعا فهو ربا .

قال البيهقي رحمه الله في "السنن الصغرى" (4 / 353) :

" روينا عن فضالة بن عبيد ، أنه قال : كل قرض جر منفعة فهو وجه من وجوه الربا . وروينا عن ابن مسعود ، وابن عباس ، وعبد الله بن سلام ، وغيرهم في معناه ، وروي عن عمر ، وأبي بن كعب ، رضي الله عنهما " انتهى .

ثالثا:

إذا لم يكن الدين الذي رهنت فيه الأرض قرضا ، كأن يكون ثمن مبيع أو أجرة دار ونحو ذلك ، وأذن مالك الرهن ( المدين ) للمرتهن ( الدائن ) في الانتفاع به : فلا حرج عليه في ذلك .

جاء في "المدونة" (4/149) :

" قُلْتُ : أَرَأَيْتَ الْمُرْتَهِنَ , هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ شَيْئًا مِنْ مَنْفَعَةِ الرَّهْنِ ؟ قَالَ : إنْ كَانَ مِنْ بَيْعٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ , وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ قَرْضٍ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ يَصِيرُ سَلَفًا جَرَّ مَنْفَعَةً . قُلْتُ : وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ ... " انتهى .

وقال ابن قدامة رحمه الله :

" ما لَا يَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ , كَالدَّارِ وَالْمَتَاعِ وَنَحْوِهِ , فَلَا يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ بِحَالٍ . لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا ; لِأَنَّ الرَّهْنَ مِلْكُ الرَّاهِنِ , فَكَذَلِكَ نَمَاؤُهُ وَمَنَافِعُهُ , فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَخْذُهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ ,

فَإِنْ أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الِانْتِفَاعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ , وَكَانَ دَيْنُ الرَّهْنِ مِنْ قَرْضٍ , لَمْ يَجُزْ ; لِأَنَّهُ يُحَصِّلُ قَرْضًا يَجُرُّ مَنْفَعَةً , وَذَلِكَ حَرَامٌ . قَالَ أَحْمَدُ : أَكْرَهُ قَرْضَ , الدُّورِ , وَهُوَ الرِّبَا الْمَحْضُ . يَعْنِي : إذَا كَانَتْ الدَّارُ رَهْنًا فِي قَرْضٍ يَنْتَفِعُ بِهَا الْمُرْتَهِنُ .

وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ بِثَمَنِ مَبِيعٍ , أَوْ أَجْرِ دَارٍ , أَوْ دَيْنٍ غَيْرِ الْقَرْضِ , فَأَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ فِي الِانْتِفَاعِ , جَازَ ذَلِكَ " انتهى .

"المغني" (4/250) .

رابعا :

يشترط في الانتفاع بالرهن ، على الوجه السابق ، ألا يكون هذا الانتفاع في مقابل تأخير مدة سداد الدين ، فإن كان انتفاعه بالرهن في مقابل ذلك لم يجز للمرتهن الانتفاع بالرهن ، لأنه يكون ـ حينئذ ـ من باب : قرض جر نفعا .

سئلت اللجنة الدائمة :

رجل عليه دين لرجل آخر ، رهن المدين به قطعة أرض فهل لرب الدين أن ينتفع بتلك الأرض المرهونة بالزراعة أو الإيجار أو نحوها ؟

فأجابت اللجنة :

" إذا كان المرهون مما لا يحتاج إلى مؤونة وعناية ، كالمتاع والعقارات من الأراضي والدور ، وكانت مرهونة في دين غير دين قرض ، فإنه لا يجوز للمرتهن أن ينتفع بها بالزراعة أو الإيجار، إلا بإذن الراهن

لأنه ملكه فكذلك نماؤه من حق الراهن ، فإن أذن الراهن للمرتهن بالانتفاع بهذه الأرض ولم يكن الدين دين قرض ، جاز انتفاع المرتهن بها ولو بغير عوض ، ما لم يكن ذلك في مقابل تأخير مدة وفائه ، فإن كان انتفاعه بالرهن في مقابل ذلك لم يجز للمرتهن الانتفاع به .

أما إن كانت هذه الأرض المرهونة رهنت في دين قرض ، فإنه لا يجوز للمرتهن الانتفاع بها مطلقا ؛ لكونه قرضا جر نفعا ، وكل قرض جر نفعا فهو ربا بإجماع أهل العلم " انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (14 / 176-177)

خامسا :

إن كان الانتفاع بالرهن بغير إذن مالكه ، أو كان بإذنه لكن الدين الذي بينهما عبارة عن قرض ، على ما سبق ، أو كانت مقابل تأخير مدة الوفاء بالدين : لم يجز أخذ شيء من غلة هذه الأرض ، أو الانتفاع بشيء من ربحها .

فإن كان المرتهن ـ الذي في يده الرهن ـ قد قام بحرثها وزراعتها : فإنه يحسب من غلتها وثمرتها : أجرة المثل ، على حرثه وزرعه ، وما بقي من ذلك يرده على مالك الأرض ، أو يخصم من دينه .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-10, 16:34
انتفاع المرتهن بالرهن

السؤال

ما هو الحكم الشرعي بهذه الصورة : رهن أحد الأشخاص أرضاً زراعية معلومة المساحة ، بمبلغ معين ، لأحد الناس ، لحين قدرته على سداد المبلغ ، ويستلم المرتهن الأرض ويقوم باستثمارها ، ويأخذ إنتاجها لنفسه ولا يُعطي الراهن منه شيئاً ، وذلك لحين سداد مبلغ الرهن

وقد تطول مدة الرهن إلى عشرات السنين ، ولا يُسلِّم المرتهن الأرض لصاحبها إلا بعد أن يأخذ مبلغ الرهن كاملاً . فأولاً : ما حكم هذا الإنتاج الذي يحصل عليه المرتهن طول هذه المدة ، هل هو حلال أم حرام ؟

وماذا يفعل من فعل هذا إن كان هذا الفعل محرماً هل يجب التوبة منه ؟

ثانياً : ما موقف الراهن الذي أجبرته ظروفه المالية على هذا الرهن ؟

ثالثاً : ما موقف الشهود على العقد الخاص بهذا الرهن ، علماً أن الراهن يُقر في هذا العقد بأنه أباح للراهن منفعة هذه الأرض بلا حصة ولا أجرة لحين تسديد المبلغ ؟

الجواب :

الحمد لله

"انتفاع المرتهن بالرهن فيه تفصيل :

أولاً : إذا كان انتفاعه به بغير إذن الراهن فهذا لا يجوز بحال ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبةٍ من نفسه) ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا ، في بلدكم هذا ، في شهركم هذا ) وقوله صلى الله عليه وسلم : ( كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه )

والأحاديث في هذا كثيرة ، فلا يجوز للمرتهن أن ينتفع بالرهن بغير إذن الراهن .

قال في المغني : لا نعلم في هذا خلافاً يعني بين أهل العلم .

أما إذا أذن الراهن للمرتهن بالانتفاع بالرهن ، فإن كان الدَّيْن ، دَيْنَ قرض ، فإنه لا يجوز للمرتهن أن ينتفع بالرهن ، وإن أذن الراهن ، لأن هذا يُصبح من الربا ، لقوله صلى الله عليه وسلم :

( كل قرضٍ جر نفعاً فهو رباً) والحديث وإن كان فيه مقال ؛ ولكن إجماع أهل العلم على ذلك ، أن المقرض لا يجوز أن ينتفع من مال المقترض بسبب القرض ، فيكون هذا من الربا ، ولا يجوز كتابة هذا الشيء ولا الشهادة عليه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ( لعن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه ) ، وهذا من الربا .

فإذا كان الدين قرضاً ، ورهن المقترض شيئاً عند المقرض فلا يجوز له الانتفاع به ، سواء أذن أو لم يأذن ، لأن هذا من الربا .

أما إذا كان الدين غير قرض ، بأن كان ثمن مبيع مثلاً ، وما أشبه ذلك ، وأذن له الانتفاع به ، فلا حرج عليه في ذلك ، لعدم المحذور" انتهى .

والله أعلم

"مجموع فتاوى الشيخ صالح الفوزان" (2/505) .

*عبدالرحمن*
2018-07-10, 16:40
هل يجوز لهم بيع المسجد لمن يحتمل اتخاذه كنيسة ؟

السؤال

نحن نعيش في أحد المدن الأمريكية ، ومنذ ما يزيد على 30 عاماً اشترى المسلمون كنيسة ، وعدلوها لتصبح مسجداً , الآن نظراً لقدم البناية ، وصغر مساحة المسجد : نريد بيعه ، واستخدام قيمته في تكملة بناء مسجد أكبر في حي مجاور , المعضلة : أنه يغلب على ظننا أنه سيشتريه منَّا بعض النصارى

ثم يجعلونه كنيسة ، وخاصة أصحاب كنيسة مجاورة للمسجد ، يصدر منها أحياناً أصوات موسيقى عالية تسمع من داخل المسجد , ما هو حكم بيع المسجد لمن يرغب في جعله كنيسة ؟

وهل فِعْل ذلك يعدُّ مِن معاونتهم على ما هم فيه من الشرك ، والضلال ؟ .

الجواب:

الحمد لله

أولاً:

اتفق العلماء على حرمة بيع المسجد الذي لم تتعطل منافعه ، ولم يهجره أهله ، وأن من فعل ذلك فهو آثم ، ولا يتملكه من اشتراه .

واختلفوا في حكم بيع المسجد الذي تعطلت منافعه ، أو هجره أهله :

فذهب بعضهم إلى أنه يجوز بيع المسجد إذا كان ذلك هو حاله ، وإذا بيع : فيصرف ثمنه إلى مسجد آخر ، وإن كان قريباً من الأول فهو أفضل .

وهو رواية عن الإمام أحمد ، وهو الذي عليه مذهب الحنابلة .

وذهب آخرون إلى أنه لا يصح بيع الوقف بحال عموماً ، والمسجد لا يكون إلا وقفاً ، وعليه : فلا يصح عندهم بيعه ، وإن تعطلت منافعه ، وهجره المصلون .

وهو قول الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية ، ورواية عن الإمام أحمد .

والقول بالجواز هو الأصح من القولين .

ثانياً:

إذا تقرر جواز بيع مسجد القديم ذاك : فهل يجوز لكم بيعه لمن يتخذه كنيسة ، أو لإقامة محل يُعصى فيه الله تعالى ، كخمارة ، أو مؤسسة ربوية ؟

والجواب : قطعاً لا يجوز ؛ فالوسائل لها حكم الغايات ، فالوسيلة إلى فعل المعصية تكون معصية ، والوسيلة إلى فعل الطاعة تكون طاعة ، ولذلك حرم بيع السلاح وقت الفتنة

وحرم بيع العنب لمن يعصره خمراً ، ويقال هنا : يحرم بيع أرض للنصارى بقصد بنائها كنيسة ، أو لليهود بقصد بنائها بيعة ، ونحو ذلك ، كما يحرم تأجيرهم دوراً لإقامة شعائر الكفر فيها .

وفي " الموسوعة الفقهية " ( 38 / 157 ، 158 ) :

نصَّ جمهور الفقهاء على أنّه يمنع المسلم من بيع أرضٍ أو دارٍ لتتّخذ كنيسةً :

قال الحنفيّة : إن اشتروا دوراً في مصرٍ من أمصار المسلمين فأرادوا أن يتّخذوا داراً منها كنيسةً ، أو بيعةً ، أو بيت نارٍ في ذلك لصلواتهم : منعوا عن ذلك .

وقال المالكيّة : يمنع - أي : يحرم - بيع أرضٍ لتتّخذ كنيسةً ، وأجبر المشتري من غير فسخٍ للبيع على إخراجه من ملكه ، ببيع ، أو نحوه .

روى الخلال عن المروذيّ أنّ أبا عبد اللّه سئل عن رجلٍ باع داره من ذمّيٍّ وفيها محاريب فاستعظم ذلك ، وقال : نصراني ؟! لا تباع ، يضرب فيها النّاقوس وينصب فيها الصلبان ؟ وقال : لا تباع من الكافر ، وشدّد في ذلك .

وعن أبي الحارث أنّ أبا عبد اللّه سئل عن الرّجل يبيع داره وقد جاء نصراني فأرغبه وزاده في ثمن الدّار , ترى أن يبيع منه وهو نصراني ، أو يهودي ، أو مجوسي , قال : لا أرى له ذلك , قال : ولا أرى أن يبيع داره من كافرٍ يكفر فيها باللّه تعالى .

إذا اشترى أو استأجر ذمّي داراً على أنّه سيتّخذها كنيسةً : فالجمهور على أنّ الإجارة فاسدة , أمّا إذا استأجرها للسكنى ، ثمّ اتّخذها معبداً : فالإجارة صحيحة , ولكن للمسلمين عامّةً منعه حسبةً . انتهى

ثالثاً:

المشتري من الكفار لا ندري ما يصنع بهذا المسجد إن اشتراه ، فمتى يكون البيع له محرَّماً ؟.

والجواب : أنه يكون محرَّماً في حال العلم باتخاذه له كنيسة ، بتصريحه ، أو بقرائن قوية ، أو بغلبة الظن الراجحة ، وما عدا ذلك : فلا يحرم بيعه له .

قال أحمد الصاوي – رحمه الله - :

ويمنع أيضاً بيع التوراة ، والإنجيل لهم ؛ لأنها مبدَّلة ، ففيه إعانة لهم على ضلالهم ، وكما يُمنع بيع ما ذُكر لهم : يُمنع الهبة ، والتصدق ، وتمضي الهبة ، والصدقة ، ويجبرون على إخراجها من ملكهم كالبيع .

تنبيه : كذلك يُمنع بيع كل شيءٍ عُلم أن المشتري قصد به أمراً لا يجوز ؛ كبيع جارية لأهل الفساد ، أو مملوك ، أو بيع أرض لتتخذ كنيسة ، أو خمارة ، أو خشبة لتتخذ صليباً ، أو عنباً لمن يعصره خمراً ، أو نحاساً لمن يتخذه ناقوساً ، أو آلة حرب للحربيين ، وكذا كل ما فيه قوة لأهل الحرب .

" بلغة السالك " ( 3 / 8 ) .

وقال ابن قدامة – رحمه الله - :

إذا ثبت هذا : فإنما يحرم البيع ، ويبطل إذا علم البائع قصْد المشتري ذلك ، إما بقوله ، وإما بقرائن مختصة به تدل على ذلك ، فأما إن كان الأمر محتملاً مثل أن يشتريها مَن لا يُعلم حالُه ، أو من يَعمل الخل والخمر معاًً ، ولم يلفظ بما يدل على إرادة الخمر : فالبيع جائز ، وإذا ثبت التحريم : فالبيع باطل ، ويحتمل أن يصح ، وهو مذهب الشافعي ...

ولنا : أنه عقد على عين لمعصية الله بها فلم يصح ، كإجارة الأمَة للزنا ، والغناء ... .

" المغني "( 4 / 306 ) .

والخلاصة :

أنه لا يحل لكم بيع المسجد إذا لم تتعطل منافعه ، وأمكن الانتفاع به ، ويحل لكم بيعه إن تعطلت منافعه ، وصار مهجوراً من أهله ، والنصيحة لكم : عدم بيعه ، وإبقاؤه وقفاً ، وجعله مكتبة ، أو مؤسسة خيرية ، في حال تعطله عنه الانتفاع به في الصلاة .

وإن لم يتيسر لكم هذا ، وتعين عليكم بيعه : فيجوز لكم بيعه لنصراني وغيره ، إلا إذا علمتم ، أو غلب على ظنكم أنه سيحوله كنيسة ونحوها من دور الكفر : فلا يجوز لكم ذلك البيع ، وعليكم تحري من يشتريه لاستخدام مباح ، فإن جهلتم حال المشتري ، ولم تعلموا نيته : فالبيع له جائز ، والاحتياط : التورع بالتحري عن نيته .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-07-14, 19:18
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)


الحكمة من مشروعية الرهن

السؤال :

ما السبب في ضرورة الرهن في الإسلام؟

الجواب :

الحمد لله

الرَّهْنُ فِي الشَّرْعِ : الْمَالُ الَّذِي يُجْعَلُ وَثِيقَةً بِالدَّيْنِ ، لِيُسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِهِ إنْ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاؤُهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ .

والرهن جائز بالكتاب والسنة والإجماع.

أما الكتاب ؛ فقوله تعالى : (وَإِنْ كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ) البقرة/283،

وأما السنة ؛ فقد ثبت : (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ إِلَى أَجَلٍ وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ) رواه البخاري (2068) ومسلم (1603) .

وأجمع العلماء على جواز الرهن في الجملة .

وانظر : "المغني" (4/215)

"بدائع الصنائع" (6/145)

"مواهب الجليل" (5/2)

"الموسوعة الفقهية" (23/175-176) .

واتفق الفقهاء على أن الرهن من الأمور الجائزة وأنه ليس بواجب .

قال ابن قدامة في "المغني" (4/215) :

"الرَّهْنُ غَيْرُ وَاجِبٍ . لَا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا" انتهى .

فللدائن أن لا يأخذ رهناً من المدين .

والحكمة من تشريع الرهن : أنه من الوسائل التي يستوثق بها صاحب الدين من دينه ، فكما أمر الله توثيق الدين بالكتابة ، أمر كذلك بتوثيقه بالرهن .

فإذا جاء وقت سداد الدين ، وامتنع المدين من سداد الدين ، أو عجز ، فإن الرهن يباع ويأخذ الدائن حقه ، وإن بقى من الثمن شيء رده إلى صاحبه (المدين) .

والرهن من محاسن هذه الشريعة ، لأن فيه مصلحة للدائن والمدين معاً .

وبيان ذلك : أن الدائن يستوثق من حقه ، فيكون هذا مشجعاً له على إقراض أخيه المسلم ، فيستفيد من ذلك المقترض ، لأنه سيجد من يقرضه .

وإذا منع الرهن ، فقد يمتنع كثير من الناس من الإقراض خوفاً على أموالهم من الضياع .

وانظر : "الشرح الممتع" (9/121) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-14, 19:20
حكم مشاركة المسلم للنصراني أو غيره في التجارة

السؤال

: هل يجوز للمسلم أن يكون شريكاً للنصراني في تربية الأغنام أو تجارتها أو أي تجارة أخرى؟

الجواب :

الحمد لله

"اشتراك مسلم مع نصراني أو غيره من الكفرة في المواشي أو في الزراعة أو في أي شيء آخر ، الأصل في ذلك جوازه إذا لم يكن هناك مولاة ، وإنما تعاون في شيء من المال كالزراعة أو الماشية أو نحو ذلك ، وقال جماعة من أهل العلم : بشرط أن يتولى ذلك المسلم ، أي : أن يتولى العمل في الزراعة ، أو في الماشية المسلم ، ولا يتولى ذلك الكافر لأنه لا يؤمن .

وهذا فيه تفصيل ؛ فإن كانت هذه الشركة تجر إلى مولاة ، أو لفعل ما حرم الله ، أو ترك ما أوجب الله حرمت هذه الشركة لما تفضي إليه من الفساد ، أما إن كانت لا تفضي لشيء من ذلك ، والمسلم هو الذي يباشرها ، وهو الذي يعتني بها حتى لا يخدع فلا حرج في ذلك .

ولكن بكل حال فالأولى به السلامة من هذه الشركة ، وأن يشترك مع إخوانه المسلمين دون غيرهم ، حتى يأمن على دينه ويأمن على ماله ، فالاشتراك مع عدو له في الدين فيه خطر على خلقه ودينه وماله ، فالأولى بالمؤمن في كل حال أن يبتعد عن هذا الأمر ، حفظاً لدينه ، وحفظاً لعرضه ، وحفظاً لماله ، وحذراً من خيانة عدوه في الدين ، إلا عند الضرورة والحاجة التي قد تدعو إلى ذلك ، فإنه لا حرج عليه بشرط مراعاة ما تقدم .

أي : بشرط أن لا يكون في ذلك مضرة على دينه أو عرضه أو ماله ، وبشرط أن يتولى ذلك بنفسه ، فإنه أحوط له ، فلا يتولاه الكافر ، بل يتولى الشركة والأعمال فيها المسلم ، أو مسلم ينوب عنهما جميعاً" انتهى .

سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

"فتاوى نور على الدرب" (1/294) .

*عبدالرحمن*
2018-07-14, 19:24
إذا لم تكف أموال المفلس لسداد دينه فالباقي دين عليه لا يسقط بالإفلاس

السؤال:

في القانون الأمريكي يقوم الشخص الذي عليه ديون ولا يستطيع أن يسددها بالحصول على مذكرة من المحكمة تسمى مذكرة الإفلاس (حتى ولو كانت هذه الديون المستحقة لأصحابها من الربا)

وفي هذه المذكرة يقوم المدين بكتابة كل الديون المستحقة لأصحابها الدائنين بالإضافة إلى كتابة اسم كل دائن على حدة ، ويقوم المدين بإعطاء الدائن وثائق تشتمل على الدخل الذي يتقاضاه والذي يشير إلى عدم مقدرته على سداد هذه الديون . ويقوم المدين كذلك بكتابة كل الأصول والممتلكات التي يمتلكها

وتقوم المحكمة بالتحفظ والحجز على هذه الممتلكات ثم بيعها في مزاد علني لمن يشتريها بأعلى سعر ، وللمدين أن يستثني بعض الأصول والممتلكات من هذه العملية أي لا تقدم للبنك للتحفظ عليها

وبعد ذلك يتم توزيع المال الذي جاء من المزاد على عدد الدائنين بناء على المبلغ المستحق لكل دائن بحسب الأولوية . وفي أغلب الأوقات فإن المال الذي تم تحصيله من المزاد لا يكون كافياً لسداد كل الدين المستحق للدائنين

إلا أن المحكمة تخلي ساحة المدين من كافة المسؤوليات القانونية حتى يتمكن من سداد أي أرصدة متبقية عليه . وعلى ضوء ما سبق ، هل يكون واجباً على المدين المسلم سداد الدين أو الرصيد الذي لم تتمكن المحكمة من سداده (فيما عدا الربا) ، حتى ولو كانت الأصول والممتلكات التي تم أخذها لسداد الديون عبارة عن متجر أو سوق وقيمته أعلى مما تم الحصول عليه من المزاد ؟

وهل لو تم تسليم هذا المتجر للمحكمة فهل سيتبقى مال كاف لسداد كافة الديون المستحقة لأصحابها ؟

وعلى أية حال فإن كل مدين يعلم يقيناً أن هذا سيكون هو الدخل الوحيد لهم عندما يتم عمل الإجراء السالف الذكر عن طريق المحكمة وهو إشهار الإفلاس .

الجواب :

الحمد لله

يحسن التعرف على بعض أحكام الحجر في الشريعة الإسلامية ثم نتعرض لما ذكر في السؤال .

فالإِْفْلاَسُ مَعْنَاهُ فِي الاِصْطِلاَحِ : أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى الشَّخْصِ أَكْثَرَ مِنْ مَالِهِ .

فإذا كان المدين كذلك ، وكانت الديون حالَّة (غير مؤجلة) وطلب الغرماء (الدائنون) من الحاكم أن يحجر عليه ، وجب على الحاكم أن يحجر على أمواله ، ويمنعه من التصرف فيها ، ويترتب على هذا الحجر أحكام :

1- منع المدين من التصرف في ماله .

2- تعلق حق الغرماء بهذا المال .

3- من وجد من الغرماء عين ماله عند المفلس فهو أحق به من غيره من الغرماء ، كما لو كان أعطاه قرضاً ، أو باعه سلعة بالتقسيط ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ أَوْ إِنْسَانٍ قَدْ أَفْلَسَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ) رواه البخاري (2402) ومسلم (1559) .

4- أن للحاكم أن يبيع ماله ويعطي للغرماء حقوقهم .

ودليل ذلك : أن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان عليه ديون ، فكلم غرماؤه الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك ، فحجر عليه وباع ماله . رواه البيهقي والحاكم ، وهو حديث مختلف فيه ، صححه ابن كثير في "إرشاد الفقيه" (2/48) ، وضعفه الألباني في "إرواء الغليل" (1435) .

ويُترك للمفلس من ماله : ما يحتاج إليه ولا يستغني عنه مثل : الثياب ، والكتب ، والبيت الذي يسكنه ، وآلات الصنعة ، والقوت الضروري ، ورأس مال التجارة .... إلخ

ويؤخذ الزائد عن حاجته من هذه الأشياء ، ويترك له ما يكفيه بلا زيادة .

وذهب بعض العلماء (الإمامان مالك والشافعي) إلى أنه إذا كان يقيم في بيت يملكه فإنه يؤخذ منه ويُباع ، ويُستأجر له بيت يسكنه .

وإذا باع الحاكم ماله فإنه لا يقسمه على الغرماء بالتساوي ، وإنما على نسبة ديونهم ، فلو كان أحدهما له ألف والآخر له خمسمائة ، فيقسم المال بينهما : لصاحب الألف : الثلثان ، ولصاحب الخمسمائة : الثلث .

قال الحافظ في الفتح :

" َذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ مَنْ ظَهْر فَلَسُهُ فَعَلَى الْحَاكِمِ الْحَجْر عَلَيْهِ فِي مَالِهِ حَتَّى يَبِيعَهُ عَلَيْهِ وَيَقْسِمَهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ عَلَى نِسْبَةِ دُيُونِهِمْ " انتهى .

وهذا ؛ إذا لم يكف المال جميع الديون ، فإن كفى أخذ كل دائن حقه بلا زيادة ، ثم رُدَّ الباقي ـ إن بقي شيء ـ إلى المفلس ، لأنه حقه .

فإذا كان ماله لا يكفي الديون كلها ، فإنه يوزع الموجود على الدائنين ، وتبقى سائر حقوقهم دَيْناً عليه ، متى قدر أن يقضيها وجب عليه ذلك .

انظر : "المغني" (4/265-266)

"المجموع" (13/278-284) (طبعة دار الفكر)

"المبسوط" (24/156-166)– "فتح الباري" (5/66)

(دار المعرفة - بيروت ، 1379)

- "الموسوعة الفقهية" (5/246 ، 301 - 322)

"الشرح الممتع" (9/78-81) .


وعلى هذا ، فقول السائل : هل يكون واجباً على المدين المسلم سداد الدين أو الرصيد الذي لم تتمكن المحكمة من سداده ؟

فالجواب : نعم ، ويبقى ديناً عليه في ذمته حتى يتمكن من سداده .

قال ابن قدامه رحمه الله في "المغني" (6/581) :

"وإذا فُرِّق مال المفلس وبقيت عليه بقية وله صنعة فهل يجبره الحاكم على إيجار نفسه ليقضي دينه؟ على روايتين ...." انتهى . ثم ذكر القولين بأدلتهما ، ولم يصرح بالراجح منهما ، غير أنه يظهر من كلامه أنه يميل إلى القول بأن الحاكم يجبره على العمل ليقضي دينه .

فعلى كلا القولين : يستفاد من هذا : أن باقي حق الغرماء لا يزال متعلقاُ بذمته .

ثم قال ابن قدامة (6/582) :

"وإن فُكَّ الحجر عليه [يعني : بعد بيع ماله] لم يكن لأحد مطالبته ولا ملازمته حتى يملك مالاً ...." انتهى .

فيستفاد منه أيضاً : أن ما بقي من حق الغرماء لم يسقط ، بل لا يزال دَيناً عليه .

وقول السائل : حتى ولو كانت الأصول والممتلكات التي تم أخذها لسداد الديون عبارة عن متجر أو سوق وقيمته أعلى مما تم الحصول عليه من المزاد ؟

فالجواب :

أن الواجب على الحاكم ألا يبيع ممتلكات المفلس إلا بثمن المثل ، فلا يبيعها بأقل من ذلك .

انظر : "الموسوعة الفقهية" (5/318) .

ولما كانت هذه القضية منظورة في بلاد غير إسلامية ، فمن الطبيعي أن يكون لهم قوانينهم وأنظمتهم التي يتحاكمون إليها ويحكمون بها ، وتكون مخالفة لما شرعه الله عز وجل .

ولهذا ؛ لا ينبغي للمسلم أن يتساهل في الإقامة في تلك البلاد ، إلا أن يكون مضطراً لذلك ، لأنه سيخضع لتلك القوانين ، شاء أم أبى .

تنبيه :

المديونية الربوية لا يجوز القيام بسدادها ، فليس عليه إلا دفع رأس المال فقط ، إلا إذا أُكره على دفعها وهُدِّد بالسجن ونحوه فلا حرج عليه ، ويكون مكرهاً ، مع وجوب التوبة إلى الله من الاقتراض بالربا .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-07-14, 19:26
هل يجوز للمرتهن الانتفاع بالرهن ؟

السؤال

: رهن شخصٌ عندي قطعةً من الأرض لمدة ثلاث سنوات، وخلال هذه السنوات قمت بحرثها وزراعتها فهل الارباح الناتجة عن ذلك تُعد رباً؟

الجواب :

الحمد لله

أولا:

انتفاع المرتهن بالرهن : إذا كان بغير إذن الراهن فلا يجوز بحال ؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ ) رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في "الإرواء" (5/279) .

ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ : دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ ) .

رواه مسلم (2564) .

ثانيا:

فإذا أذن الراهن للمرتهن بالانتفاع : فإن كان الدين دين قرض لم يجز للمرتهن الانتفاع بالرهن ، وإن أذن الراهن ؛ لأنه قرض جر نفعا فهو ربا .

قال البيهقي رحمه الله في "السنن الصغرى" (4 / 353) :

" روينا عن فضالة بن عبيد ، أنه قال : كل قرض جر منفعة فهو وجه من وجوه الربا . وروينا عن ابن مسعود ، وابن عباس ، وعبد الله بن سلام ، وغيرهم في معناه ، وروي عن عمر ، وأبي بن كعب ، رضي الله عنهما " انتهى .

ثالثا:

إذا لم يكن الدين الذي رهنت فيه الأرض قرضا ، كأن يكون ثمن مبيع أو أجرة دار ونحو ذلك ، وأذن مالك الرهن ( المدين ) للمرتهن ( الدائن ) في الانتفاع به : فلا حرج عليه في ذلك .

جاء في "المدونة" (4/149) :

" قُلْتُ : أَرَأَيْتَ الْمُرْتَهِنَ , هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ شَيْئًا مِنْ مَنْفَعَةِ الرَّهْنِ ؟ قَالَ : إنْ كَانَ مِنْ بَيْعٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ , وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ قَرْضٍ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ يَصِيرُ سَلَفًا جَرَّ مَنْفَعَةً . قُلْتُ : وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ ... " انتهى .

وقال ابن قدامة رحمه الله :

" ما لَا يَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ , كَالدَّارِ وَالْمَتَاعِ وَنَحْوِهِ , فَلَا يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ بِحَالٍ . لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا ; لِأَنَّ الرَّهْنَ مِلْكُ الرَّاهِنِ , فَكَذَلِكَ نَمَاؤُهُ وَمَنَافِعُهُ , فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَخْذُهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ , فَإِنْ أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الِانْتِفَاعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ , وَكَانَ دَيْنُ الرَّهْنِ مِنْ قَرْضٍ , لَمْ يَجُزْ ; لِأَنَّهُ يُحَصِّلُ قَرْضًا يَجُرُّ مَنْفَعَةً , وَذَلِكَ حَرَامٌ . قَالَ أَحْمَدُ : أَكْرَهُ قَرْضَ , الدُّورِ , وَهُوَ الرِّبَا الْمَحْضُ . يَعْنِي : إذَا كَانَتْ الدَّارُ رَهْنًا فِي قَرْضٍ يَنْتَفِعُ بِهَا الْمُرْتَهِنُ .

وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ بِثَمَنِ مَبِيعٍ , أَوْ أَجْرِ دَارٍ , أَوْ دَيْنٍ غَيْرِ الْقَرْضِ , فَأَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ فِي الِانْتِفَاعِ , جَازَ ذَلِكَ " انتهى .

"المغني" (4/250) .

رابعا :

يشترط في الانتفاع بالرهن ، على الوجه السابق ، ألا يكون هذا الانتفاع في مقابل تأخير مدة سداد الدين ، فإن كان انتفاعه بالرهن في مقابل ذلك لم يجز للمرتهن الانتفاع بالرهن ، لأنه يكون ـ حينئذ ـ من باب : قرض جر نفعا .

سئلت اللجنة الدائمة :

رجل عليه دين لرجل آخر ، رهن المدين به قطعة أرض فهل لرب الدين أن ينتفع بتلك الأرض المرهونة بالزراعة أو الإيجار أو نحوها ؟

فأجابت اللجنة :

" إذا كان المرهون مما لا يحتاج إلى مؤونة وعناية ، كالمتاع والعقارات من الأراضي والدور ، وكانت مرهونة في دين غير دين قرض ، فإنه لا يجوز للمرتهن أن ينتفع بها بالزراعة أو الإيجار، إلا بإذن الراهن ؛ لأنه ملكه فكذلك نماؤه من حق الراهن ، فإن أذن الراهن للمرتهن بالانتفاع بهذه الأرض ولم يكن الدين دين قرض ، جاز انتفاع المرتهن بها ولو بغير عوض ، ما لم يكن ذلك في مقابل تأخير مدة وفائه ، فإن كان انتفاعه بالرهن في مقابل ذلك لم يجز للمرتهن الانتفاع به .
أما إن كانت هذه الأرض المرهونة رهنت في دين قرض ، فإنه لا يجوز للمرتهن الانتفاع بها مطلقا ؛ لكونه قرضا جر نفعا ، وكل قرض جر نفعا فهو ربا بإجماع أهل العلم " انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (14 / 176-177)

خامسا :

إن كان الانتفاع بالرهن بغير إذن مالكه ، أو كان بإذنه لكن الدين الذي بينهما عبارة عن قرض ، على ما سبق ، أو كانت مقابل تأخير مدة الوفاء بالدين : لم يجز أخذ شيء من غلة هذه الأرض ، أو الانتفاع بشيء من ربحها .

فإن كان المرتهن ـ الذي في يده الرهن ـ قد قام بحرثها وزراعتها : فإنه يحسب من غلتها وثمرتها : أجرة المثل ، على حرثه وزرعه ، وما بقي من ذلك يرده على مالك الأرض ، أو يخصم من دينه .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-07-14, 19:28
رهن ساعته عند البائع ولم يأت في موعد السداد

السؤال :

عندي محل فجاء بعض الزبائن وأخذ مني شيئاً وترك عندي ساعته هنا لوقت محدد ، وجاء الموعد ولم يأتيني فاحتجت للساعة ولبستها ، فهل علي إثم في ذلك؟

الجواب :

الحمد لله

"الواجب عليك أن تصبر حتى يأتي صاحب الساعة فيعطيك حقك فإن شق عليك ذلك ولم ترض بالصبر فإنك تبيعها بالمزاد العلني في السوق بأقصى ما تساوي ، ثم تأخذ حقك وتحفظ الباقي إلى صاحبه ، فإن أتى يوماً من الدهر أعطيته حقه وإن طال الزمن ولم تعرفه ولم تتمكن من إرسال حقه إليه تصدقت به على بعض الفقراء بالنية عن صاحبه ، هذا هو الطريق الشرعي في هذه المسألة" انتهى .

سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

"فتاوى نور على الدرب" (3/1457) .

*عبدالرحمن*
2018-07-14, 19:31
هل يسقط وجود جائع واحد في المسلمين حق الملكية الفردية ؟

السؤال :

( أيما أهل عرصة - منطقة أو حي سكن - أصبح فيهم امرؤ جائعاً ، فقد برئت منهم ذمة الله ورسوله ) ثم هذا الحديث الخطير في مدلوله : ( إذا بات المؤمن جائعاً فلا مال لأحد ) ويعلق الدكتور علي البارودي على هذا الحديث في كتابه " دروس في الاشتراكية العربية "

بقوله : " إنه ما دام في المجتمع جائع واحد أو عارٍ واحد فإن حق الملكية لأي فرد من أفراد هذا المجتمع لا يمكن أن يكون شرعياً ، ولا يجب احترامه ، ولا تجوز حمايته ، ومعنى ذلك أن هذا الجائع يسقط شرعية حقوق الملكية إلى أن يشبع ". وقد حدث في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن أصاب بعض المسلمين عطش شديد

فمروا على بئر ، ولكن أصحابه رفضوا أن يشربوا منه ، فلما وفدوا على عمر بالأمر فقال : هلا وضعتم فيهم السلاح . ومشهور بيننا قول الصحابي أبو ذر الغفاري : عجبت لمسلم لا يجد قوت يومه ولا يخرج على الناس شاهرا سيفه !

الجواب :

الحمد لله

حق الملكية الفردية من أركان قواعد الاقتصاد الإسلامي ، امتاز به عن النظام الاشتراكي الذي خالف الفطرة والعقل والشرع حين ألغى هذا الحق ، وامتاز به أيضاً عن النظام الرأسمالي حين أطلق العنان للحرية الفردية حتى أصبحت غولاً يأكل الأخضر واليابس .

وقد حاول بعض الناس في القديم والحديث التنظير للاشتراكية من خلال نصوص الشريعة ، والتأصيل لمبادئها من خلال بعض الأحاديث والآثار التي أساؤوا فهمها .

والعلة التي أصابت هذا المنهج في التفكير فلبَّست عليه فهمَ حقيقة النظام الاقتصادي الإسلامي: هي إخراج النصوص عن سياقها وإطارها المقيد ، ونقلها إلى الإطار العام والتقعيد المطلق المناقض لقواعد الاقتصاد الإسلامي .

فمثلاً :

الحديث الوارد في السؤال ، وهو حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أَيُّمَا أَهْلُ عَرْصَةٍ أَصْبَحَ فِيهِمْ امْرُؤٌ جَائِعٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ تَعَالَى ) رواه أحمد في " المسند " (8/482) .

أولاً :

هذا الحديث ضعيف ، فقد قال أبو حاتم في " العلل " (2/238): منكر . وكذا قال الشيخ الألباني في " ضعيف الترغيب " (1/275)، وقال محققو المسند بإشراف الشيخ شعيب الأرنؤوط : " إسناده ضعيف لجهالة أبي بشر "

انتهى . وينظر : المسند (8/486) – ط الرسالة ـ .

ثانياً :

غاية ما في الحديث الحث على إطعام الجائع والإحسان إلى الفقير ، وليس فيه من قريب ولا من بعيد إلغاء حق الملكية الفردية إلغاء تاماً ، كما هي النظرة الاشتراكية ، وكما فهم بعض الناس خطأ وأشكل عليهم الأمر .

ومثله الآثار التي ذُكرت في السؤال ، يرويها الحنفية ، ومنهم أبو يوسف القاضي في كتاب "الآثار" (رقم/899) عن أبي حنيفة النعمان رحمه الله ، عن الهيثم : أن قوماً مروا بماء ، فسألوا أهلها : أين البئر ؟ فأبوا أن يدلوهم ، وأبوا أن يعطوهم الدلو . فقالوا : ويحكم ، إن أعناقنا وأعناق ركابنا قد كادت تقطع عطشاً ، فأبوا أن يعطوهم أو يدلوهم ، فذكروا ذلك لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فقال : ألا وضعتم فيهم السلاح .

فهي – رغم أنها مرسلة منقطعة – إنما جاءت تبين حكما مخصوصاً في حالة مقيدة ، فيما إذا اضطر المسلم ، فلم يجد طعاماً ولا شراباً وأشرف على الهلاك ، فله حينئذ – وحينئذ فقط – أن يأكل من أموال المسلمين القادرين ولو بغير رضاهم ، ولو اضطره الأمر إلى مقاتلتهم على سد ضرورته بالسلاح ، أما أن يُستدل بهذا الأثر على إلغاء حق الملكية مطلقاً فهذا أيضاً فهم خاطئ للنصوص .

وأما حديث : ( إذا بات المؤمن جائعاً فلا مال لأحد ) فليس هو بحديث أصلاً ، ولا وجود له في كتب السنة والآثار .

ونحن نعلم أن بعض الناس يورد الكلام الوارد في السؤال على محمل حسن ، وليس دعوة منه إلى الاشتراكية الكاملة .

جاء في " مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " رحمه الله (7/394) :

" إنكار النظام الاشتراكي في العراق : برقية :

فخامة رئيس الجمهورية أخذ الله بيده إلى الحق :

إن الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة تستنكر ما أصدرته الحكومة العراقية من القرارات الاشتراكية , وتضم صوتها إلى صوت علماء العراق وغيرهم من العلماء في إنكار النظام الاشتراكي

, وتؤكد بأنه نظام كفري يصادم نظام الإسلام ويناقضه , وتنصح حكومة العراق بالرجوع إلى نظام الإسلام وتطبيقه في البلاد , لكونه أعدل نظام وأصلح تشريع عرفته البشرية , وهو كفيل بتحقيق العدالة الاجتماعية السليمة ، وحل للمشاكل الاقتصادية وغيرها , وإيصال حق الفقير إليه على خير وجه إذا أخلص المسلمون في تطبيقه .

والإسلام يحرم على المسلم دم أخيه وماله وعرضه ، ويعطيه حرية التصرف الكامل في ماله في ظل الحكم الشرعي , وتصرح تعاليمه بأن ما يزعمه بعض الناس من أن النظام الاشتراكي مستمد من روح الإسلام زعم باطل ، لا يستند لأي أساس من الصحة " انتهى.

ومن أراد المزيد فليرجع إلى كتاب " حكم الإسلام في الاشتراكية " للشيخ عبد العزيز البدري رحمه الله .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-07-14, 19:34
حكم قراءة الفاتحة على نية التوفيق في الخطبة أو الشراكة أو غير ذلك

السؤال :

هل يجوز قراءة الفاتحة على نية التوفيق :

1- عند الاتفاق على الشراكة في أمر ما .

2-عند الخطبة

. 3 في المعاملات التجارية

. 4- في باقي الحالات؟ .

الجواب :

الحمد لله

لا تشرع قراءة الفاتحة عند الاتفاق على الشراكة في أمر ما أو عند الخِطْبة أو في المعاملات التجارية أو غير ذلك من الأمور ، بل هذا من البدع المحدثة ، ولم يكن من فعل سلفنا الصالح ، من الصحابة والتابعين ، ولو كان خيراً ، لكانوا أسبق الناس إليه

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (19/146) :

"قراءة الفاتحة عند خِطْبة الرجل امرأة أو عقد نكاحه عليها بدعة" انتهى .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

قراءة الفاتحة عند عقد الزواج حتى قد أصبح البعض يطلق عليها قراءة الفاتحة وليس العقد فيقول قرأت فاتحتي على فلانة هل هذا مشروع ؟

فأجاب : "هذا ليس بمشروع ، بل هذا بدعة ، وقراءة الفاتحة أو غيرها من السور المعينة لا تقرأ إلا في الأماكن التي شرعها الشرع ، فإن قرأت في غير الأماكن تعبداً فإنها تعتبر من البدع ، وقد رأينا كثيراً من الناس يقرؤون الفاتحة في كل المناسبات حتى إننا سمعنا من يقول : اقرءوا الفاتحة على الميت ، وعلى كذا وعلى كذا

وهذا كله من الأمور المبتدعة ومنكرة ؛ فالفاتحة وغيرها من السور لا تقرأ في أي حال وفي أي مكان وفي أي زمان إلا إذا كان ذلك مشروعاً بكتاب الله أو بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وإلا فهي بدعة ينكر على فاعلها" انتهى .

"فتاوى نور على الدرب" (10/95) .

والمشروع فيما يتعلق بأمر الزواج أو غيره من الأمور التي يريد الإنسان فعلها أن يستشير أهل الخبرة والمعرفة ، ثم إذا هم بالأمر استخار الله تعالى ، ثم يعزم على ما يريد فعله .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-07-14, 19:45
الفقر وآثاره السيئة ووسائل القضاء عليه في الإسلام

السؤال :

كيف حارب الإسلام الفقر ؟

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

الفقر من المصائب التي قدَّر الله وقوعها ، إما على شخص بعينه أو أسرة أو مجتمع ، وللفقر آثاره السيئة على الاعتقاد والسلوك ، فإن كثيراً من المنصرين يستغلون فقر الشعوب وقلة ذات يدهم لنشر النصرانية في صفوفهم ، وكذا فإنه ينتشر بسبب الفقر من الأخلاق الرذيلة الشيء الكثير ؛ وذلك لجبر فقرهم ، وسد حاجتهم ، فينتشر بينهم السرقة ،

والقتل ، والزنا ، وبيع المحرمات ، ولا شك أن لتلك الأمور أثرها السيئ على الفرد والمجتمع ، وقد ذكر الله تعالى عن المشركين أن بعضهم كان يقتل ولده فلذة كبده إما من الفقر الذي يعيشه ، أو خشية أن يصيبه الفقر ! ، قال تعالى في الصنف الأول : ( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ) الأنعام/من الآية151

وقال تعالى في الصنف الثاني : ( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً ) الإسراء/31 .

وقد ورد في الصحيحين قصة المرأة من بني إسرائيل عندما احتاجت لمال وضاقت عليها الأرض فلم تجد إلا ابن عمها الذي راودها عن نفسه مقابل أن يعطيها المال ، ثم نجاها الله تعالى بعد أن ذكَّرته بالله تعالى وخوفته به .

وعلى كل حال : فقد أصبح أمراً معروفاً أن الفقر ينتج الجرائم والفساد ، ولذا فإن الأمم تعاني منه ، وعبثاً تحاول إيجاد الحلول له ، ولا حلَّ له إلا بالإسلام ، الذي جاءت أحكامه للناس جميعاً ، وإلى قيام الساعة .

*عبدالرحمن*
2018-07-14, 19:45
ثانياً :

ومن الوسائل التي وردت في شرعنا المطهَّر لحل مشكلة الفقر ومحاربتها :

1. تعليم الناس الاعتقاد الصحيح بأن الرزق من الله تعالى ، وأنه هو الرزاق ، وأن كل ما يقدِّره الله تعالى من المصائب فلحكمٍ بالغة ، وعلى المسلم الفقير الصبر على مصيبته ، وبذل الجهد في رفع الفقر عن نفسه وأهله .

قال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ) الذاريات/58

وقال تعالى : ( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) هود/6

وقال تعالى : ( أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ ) الملك/21

وقال تعالى : ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ) الإسراء/70 .

ومن شأن هذه الاعتقادات أن تصبِّر الإنسان على ما يصيبه من فقر ، وأن يلجأ إلى الله تعالى وحده في طلب الرزق ، وأن يرضى بقضاء الله ، ويسعى بطلب الرزق .

عَنْ صُهَيْبٍ الرومي رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ) .
رواه مسلم ( 2999 ) .

ويمكننا أن نعرف أثر هذه العقيدة على المسلمين من خلال النظر في واقع غيرهم ، ففي اليابان

مثلاً – انتحر في عام 2003 ثلاثة وثلاثون ألفاً ! ومن أبرز الأسباب : البطالة ! ففي تقرير في موقع " البي بي سي " بتاريخ 1 / 9 / 2004 م قالوا :

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن ثلاثة وثلاثين ألف شخص قتلوا أنفسهم العام الماضي في اليابان ، ويقول

المسؤولون اليابانيون : إن من بين أسباب ارتفاع معدلات الانتحار حالة الكساد الاقتصادي التي تمر بها اليابان ، والتي تعد الأسوأ منذ خمسين عاماً ، وأدت إلى ارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات غبر مسبوقة ، فارتفع عدد حالات الإصابة بالاكتئاب ، وخاصة بين الرجال في مرحلة الكهولة . انتهى

قال تعالى : ( إِِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً ) الإسراء/30 .

قال ابن كثير – رحمه الله - :

وقوله تعالى ( إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ) إخبار أنه تعالى هو الرزاق ، القابض ، الباسط ، المتصرف في خلقه بما يشاء ، فيُغني من يشاء ، ويُفقر من يشاء ، بما له في ذلك من الحكمة ؛ ولهذا قال : ( إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ) أي : خبير بصير بمن يستحق الغنى ، ومن يستحق الفقر ... .

وقد يكون الغنى في حق بعض الناس استدراجًا ، والفقر عقوبة ، عياذًا بالله من هذا وهذا .

" تفسير ابن كثير " ( 5 / 71 ) .

2. الاستعاذة بالله تعالى من الفقر .

وقد ورد في السنة ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ، ويعلِّمه أمته ، وهو الاستعاذة بالله تعالى من الفقر ؛ لما له من أثر على النفس ، والأسرة ، والمجتمع .

عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ : كَانَ أَبِي يَقُولُ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ " فَكُنْتُ أَقُولُهُنَّ ، فَقَالَ أَبِي : أَيْ بُنَيَّ عَمَّنْ أَخَذْتَ هَذَا ؟ قُلْتُ : عَنْكَ ، قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُهُنَّ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ .

رواه النسائي ( 1347 ) ، وصححه الألباني في " صحيح النسائي " .

وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ ) .
رواه البخاري ( 6007 ) ومسلم ( 589 ) .

3. الحث على العمل ، والكسب ، والمشي في الأرض لكسب الرزق .

قال تعالى : ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ) الملك/15

وقال تعالى : ( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) الجمعة/10 .

عَنْ الْمِقْدَامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ) .

رواه البخاري ( 1966 ) .

عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ الْحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ ) .
رواه البخاري ( 1402 ) .

4. إيجاب الزكاة في أموال الأغنياء .

وقد جعل الله تعالى للفقراء نصيباً في الزكاة ، ويُعطى الفقير تمليكاً ، ويُعطى حتى يغتني ، ويزول فقره .
قال تعالى : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة/60

وقال تعالى : ( وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ . لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) المعارج/24 ، 25 .

5. الحث على الصدقات ، والأوقاف ، وكفالة الأيتام والأرامل .

قال تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) سورة التغابن الآية 16

وقال تعالى ( وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) سورة سبأ الآية 39 ، وقال تعالى وقوله سبحانه وتعالى : ( وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ) سورة المزمل الآية 20 .

عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَتِرَ مِنْ النَّارِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ ) .\

رواه البخاري ( 1347 ) ومسلم ( 1016 ) – واللفظ له -
.
عَنْ سَهْل بنِ سَعْد قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَأَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا - وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا - ) .

رواه البخاري ( 4998 ) .

ومسلم ( 2983 ) من حديث أبي هريرة بلفظ قريب .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ ) .

رواه البخاري ( 5038 ) ومسلم ( 2982 ) .

6. تحريم الربا و القمار ، والغش في البيع .

قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) البقرة/278 ، 279

وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) المائدة/90 .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا فَقَالَ مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ ؟ قَالَ : أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ ؟ مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي .

رواه مسلم ( 102 ) .

وهذه الأمور من شأن وجودها وانتشارها بين الناس أن تأخذ أموال الناس بالباطل ، وقد يفقد الناس أموالهم كلها بسببها ، لذا جاءت النصوص البينة بتحريمها .

7. الحث على إعانة المحتاج ، والوقوف بجانب الضعيف .

عَن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى )

رواه البخاري ( 5665 ) ومسلم ( 2586 ) .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

(ليس المسلم الذي يشبع ويجوع جاره ) .

رواه البيهقي في الشعب (9251) وغيره ، وحسنه الألباني .

وفي موطأ الإمام مالك (1742) عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَدْرَكَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَمَعَهُ حِمَالُ لَحْمٍ ، فَقَالَ : مَا هَذَا ؟

فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَرِمْنَا إِلَى اللَّحْمِ فَاشْتَرَيْتُ بِدِرْهَمٍ لَحْمًا !!

فَقَالَ عُمَرُ : أَمَا يُرِيدُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَطْوِيَ بَطْنَهُ عَنْ جَارِهِ أَوْ ابْنِ عَمِّهِ ؟!! أَيْنَ تَذْهَبُ عَنْكُمْ هَذِهِ الْآيَةُ : ( أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمْ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا ) .

وبعد :

فهذه لمحة عن حقيقة الفقر ، وفيها إشارة إلى بعض آثاره السيئة ، والمسلم يعلم أن الفقر والغنى ، والعطاء والمنع ، من تقدير الله تعالى

فيصبر الضراء متى نزلت ، ويشكر الله تعالى على السراء إن أدركته ، لكنه مطلوب منه العمل والتكسب لرفع الفقر عن نفسه وأهله ، ومن عجز لظرف بدنه أو بلده : فإن الإسلام يرفع فقره بزكاة الفقراء وصدقاتهم ، وهو حق له في أموالهم .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-07-14, 19:48
حكم تدريس القوانين الوضعية

السؤال

ما حكم تدريس القوانين الوضعية ؟ وما حكم أخذ الراتب على ذلك ؟.

الجواب

الحمد لله

" تدريس القوانين الوضعية أو دراستها لتبيين زيفها ، وتمييز حقها من باطلها ، ولتوضيح سمو الشريعة الإسلامية وكمالها وشمولها لكل ما يصلح به حال العباد في عباداتهم ومعاملاتهم جائز ، وقد يجب إذا دعت إليه الحاجة ، إحقاقا للحق ، وإبطالا للباطل ، وتنبيها للأمة ، وتوعية لها حتى تعتصم بدينها ، ولا تنخدع بشبه المنحرفين ، ومن يروج لتحكيم القوانين ، ومثل هذا العمل يجوز أخذ الأجر عليه .

أما تدريس القوانين الوضعية رغبة فيها ، وترويجا لها ، ومضاهاة لها بالتشريع الإسلامي ، أو مناوأة له فهذا محادة لله ولرسوله ، وكفر صراح ، وحيدة عن سواء السبيل ، فأخذ الأجر عليه سحت وشر على شر ، نسأل الله العافية ونعوذ به من الخذلان .

وبالله التوفيق .

من فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (23/497).

وراجع السؤال رقم (12874) .

*عبدالرحمن*
2018-07-14, 19:50
البنوك الإسلامية

السؤال

هل البنوك الإسلامية حلال أم حرام ؟ .

الجواب

الحمد لله

إذا كانت هذه البنوك تتعامل حقيقةً وفق الشريعة الإسلامية ، فلا تتعامل بالربا المحرم ، ولا تأخذ ما يسمى فائدة مقابل الأجل الذي هو في الحقيقة ربا الجاهلية وإن سموه بغير اسمه ، ولا تتعامل بالمعاملات غير الشرعية كبيع ما لا يملك أو بيع العينة أو غير ذلك من المعاملات التي لا تبيحها الشريعة فلا شك أن هذه البنوك حلال والتعامل معها شرعي .

أما إن كانت هذه البنوك إسلامية اسماً فقط ولكنها تتعامل بالربا ، والمعاملات المحرمة فالتعامل معها حرام ، وإن سموها " بنوكاً إسلامية " لأن العبرة بالحقائق والمعاني ، لا بالمباني ، والعبرة بالمسميات لا بالأسماء .

وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : هل يجوز التعامل مع البنوك الإسلامية ؟ مع أن بعضها يتحايل على الشريعة ويتعامل معاملات محرمة ؟

فأجابت : " المصارف والبنوك التي لا تتعامل بالربا يجوز التعامل معها ، وإذا كانت تتعامل بالربا فلا يجوز التعامل معها ، وليست بنوكاً إسلامية . فتاوى اللجنة الدائمة (13/310)

وجاء في فتاوى اللجنة أيضاً : (13/365)

" إذا كان البنك الإسلامي ليس بربوي ، وإنما يستثمر الأموال وفق الأسس الشريعة جاز لك إيداع المال به لاستثماره " اهـ .

*عبدالرحمن*
2018-07-14, 19:53
كيفية تملك الأراضي التي لا مالك لها

السؤال

كانت القبائل في جنوب المملكة السعودية تسيطر على الأراضي الجبلية العامة قبل تأسيس البلديات التي أصبحت تسيطر الآن على تلك الأراضي بحكم نظام الدولة ولم يعد للقبائل سيطرة عليها.

فما حكم التملك في هذه الأراضي بالإحياء الشرعي على الرغم من معارضة بعض أفراد القبيلة لمن يحاول ذلك كونهم شركاء سابقين في تلك الأراضي قبل أن تتولى الدولة أمرها خاصة وان البعض يستطيع الإحياء والبعض لا يستطيع ,علماً بأن الإحياء في المملكة يجب أن يكون قبل عام 1382هـ حسب نظام وزارة العدل وشكرا.

الجواب

الحمد لله

الصحيح أن الإحياء يحصل به التملك في كل وقت لعموم قوله عليه الصلاة والسلام : " من أحيا أرضاً ميتة فهي له " . وحيث أن بعض العلماء كالأحناف يشترطون إذن الإمام فإنه يُتقيّد بذلك ، فلا بد من إذن الإمام ، وهو ما يسمى بالإقطاع الذي كان النبي عليه الصلاة والسلام يفعله ، حيث يُقطع إنسانا قطعة أرض ليستثمرها

ففي هذه الحال من أحيا أرضاً قبل عام 1382 هجرية فهي له ، ومن أحياها بإذن الإمام بعد عام 82 هجرية فهي له . وأما تلك القبائل فإن كانوا قد ملكوها بالإحياء قديما فهم أولى بها لقدم ملكهم ، وأما إن لم يكونوا أحيوها وإنما هي تابعة لقريتهم فإن لهم منع إحياءها إذا تعلقت بها مصالح قريتهم ، فكانت متسعا لهم يتنزهون بها

ويتوسعون وإذا أحياها أحد تضرروا فلهم أن يطلبوا من الحكومة منع إحياءها حتى لو كان هؤلاء الأفراد الذين يريدون إحياءها من نفس القبيلة وذلك خشية الضرر . أما إن لم يكن هناك ضرر فكانت بعيدة عن البلد ، ولم يتضرر أحد وحصل الإذن من الإمام فيجوز تملكها ، ولا حق لهم في المعارضة

وإن كانوا يريدون الاستقلال بها فعليهم طلبها من الدولة لأنهم أولى بها ، ولا يريدون أن يسكن بجوارهم من ليس من قبيلتهم ، ويكون القرار حينها للدولة .

الشيخ : عبد الله بن جبرين

*عبدالرحمن*
2018-07-14, 19:54
و اخيرا ً

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

مع جذء اخر من سلسلة

المعاملات الاسلامية

و من لاديه استفسار بهذا الجزء يتقدم به هنا

و اسال الله ان يجمعني بكم
دائما علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد

*عبدالرحمن*
2019-03-10, 19:38
رفع للتذكير

قال الله تعالي

ان الذكري تنفع المؤمنين

amira120
2019-03-29, 18:52
لا زكاة في الأحجار الكريمة إلا إذا كانت للتجارة

السؤال

ما مقدار النصاب الواجب على زكاة الأحجار الكريمة مثل الماس حيث إنها ليست ذهباً ؟ .

الجواب

الحمد لله

ذهب جمهور العلماء إلى أن الأحجار الكريمة لا زكاة فيها إلا إذا كانت للتجارة ، ولا زكاة عندهم في غير الذهب والفضة .

قال الإمام مالك في "المدونة" (1/341) :

لَيْسَ فِي الْجَوْهَرِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْعَنْبَرِ زَكَاةٌ اهـ .

وقال الشافعي في "الأم" :

وَمَا يُحَلَّى النِّسَاءُ بِهِ , أَوْ ادَّخَرْنَهُ , أَوْ ادَّخَرَهُ الرِّجَالُ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ وَيَاقُوتٍ وَمَرْجَانَ وَحِلْيَةِ بَحْرٍ وَغَيْرِهِ فَلا زَكَاةَ فِيهِ , وَلا زَكَاةَ إلا فِي ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ اهـ . وحلية البحر كُلُّ مَا يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ . والوَرِق هو الفضة .

وقال النووي في "المجموع" :

لَا زَكَاةَ فِيمَا سِوَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنْ الْجَوَاهِرِ كَالْيَاقُوتِ وَالْفَيْرُوزَجِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ وَالزُّمُرُّدِ وَالزَّبَرْجَدِ وَالْحَدِيدِ وَالصُّفْرِ وَسَائِرِ النُّحَاسِ وَالزُّجَاجِ , وَإِنْ حَسُنَتْ صُنْعُهَا وَكَثُرَتْ قِيمَتُهَا , وَلا زَكَاةَ أَيْضًا فِي الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ .

وَلا خِلافَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا عِنْدَنَا , وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَغَيْرِهِمْ . وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالزُّهْرِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ أَنَّهُمْ قَالُوا : يَجِبُ الْخُمْسُ فِي الْعَنْبَرِ , قَالَ الزُّهْرِيُّ : وَكَذَلِكَ اللُّؤْلُؤُ , وَحَكَى أَصْحَابُنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ

أَنَّهُ قَالَ : يَجِبُ الْخُمْسُ فِي كُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَحْرِ سِوَى السَّمَكِ . وَحَكَى الْعَنْبَرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَيْنِ ، إحْدَاهُمَا : كَمَذْهَبِ الْجَمَاهِيرِ . وَالثَّانِيَةُ : أَنَّهُ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا إذا بَلَغَتْ قِيمَتُهُ نِصَابًا حَتَّى فِي الْمِسْكِ وَالسَّمَكِ . وَدَلِيلُنَا :

1- الأَصْلُ أَنْ لا زَكَاةَ إلا فِيمَا ثَبَتَ الشَّرْعُ فِيهِ .

2- وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ : لَيْسَ فِي الْعَنْبَرِ زَكَاةٌ إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ دَسَرَهُ الْبَحْرُ . أَيْ قَذَفَهُ وَدَفَعَهُ .

فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي دَلِيلِ الْمَسْأَلَةِ , وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : ( لا زَكَاةَ فِي حَجَرٍ ) فَضَعِيفٌ جِدًّا , رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَبَيَّنَ ضَعْفَهُ اهـ .

وسئل فضيلة الشيخ ابن باز (14/121) :

"تعددت في هذا الوقت أنواع المصوغات كالألماس والبلاتين وغيرهما المعدة للبس وغيره فهل فيها زكاة ؟

وإن كانت على شكل أواني للزينة أو للاستعمال ؟ أفيدونا أثابكم الله .

فأجاب :

إن كانت المصوغات من الذهب والفضة ففيها زكاة إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول . ولو كانت للبس أو العارية في أصح قولي العلماء ، لأحاديث صحيحة وردت في ذلك ، أما إن كانت من غير الذهب والفضة كالماس والعقيق ونحو ذلك فلا زكاة فيها ، إلا إذا أريد بها التجارة فإنها تكون حينئذ من جملة عروض التجارة فتجب فيها الزكاة كغيرها من عروض التجارة ، ولا يجوز اتخاذ الأواني من الذهب والفضة ولو للزينة

لأن اتخاذها للزينة وسيلة إلى استعمالها في الأكل والشرب ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم - يعني الكفار - في الدنيا ولكم في الآخرة) متفق على صحته.

وعلى من اتخذها زكاتها مع التوبة إلى الله عز وجل ، وعليه أيضا أن يغيرها من الأواني إلى أنواع أخرى لا تشبه الأواني كالحلي ونحوه اهـ .

وقال أيضاً (14/124) :

المجوهرات من غير الذهب كالماس ليس فيها زكاة إلا أن يراد بها التجارة اهـ .

وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

ما حكم اقتناء المجوهرات مثل الألماس ؟ وهل تجب فيها الزكاة ؟ وهل يعتبر حكم الألماس حكم الذهب والفضة ؟

فأجاب فضيلته بقوله :

" اقتناء المجوهرات لاستعمالها جائز بشرط ألا يصل إلى حد الإسراف ، فإن وصل إلى حد الإسراف كان ممنوعا بمقتضى القاعدة العامة التي تحرم الإسراف ، وهو مجاوزة الحد لقول الله تعالى : ( وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) الأنعام/141 .

وإذا لم يخرج اقتناء هذه المجوهرات من الألماس وغيره إلى حد الإسراف فهي جائزة ، لعموم قوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ) البقرة/29 .

وليس فيها زكاة إلا أن تعد للتجارة ، فإنها تكون كسائر الأموال التجارية " اهـ .

فتاوى الزكاة (ص 97) .

samirk78
2019-04-16, 18:12
جزاك الله خيرا ..

عديل 13
2019-04-24, 21:18
بارك الله فيكم

*عبدالرحمن*
2019-11-21, 17:16
جزاك الله خيرا ..

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيكِ
و جزاكِ الله عنا كل خير

senawe
2019-11-25, 13:17
مشكووووووووووووووور عالطرح

yasein
2019-11-30, 23:02
إن المتقين فى جنات ونهر

بلال ابو اسحاق
2019-12-01, 11:10
بارك الله فيكم وجزاكم كل خير

*عبدالرحمن*
2020-10-10, 17:23
مشكووووووووووووووور عالطرح

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

الشكر موصول لحضورك الطيب

بارك الله فيك