مشاهدة النسخة كاملة : صلاة قيام الليل
*عبدالرحمن*
2018-04-19, 05:27
اخوة الاسلام
السلام عليكم و رحمه الله و بركاتة
بسم الله و الحمد لله
و الصلاة و السلام علي حببنا و اسوتنا
و قدوتنا و شفيعنا رسول الله صلي الله عليه و سلم
اما بعد ... فامرحبا باخواني و اخواتي
و اهلي و احبابي مرحبا بكم مرة اخري
مكانه الصلاة في الاسلام
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2137434
كيفية الصلاة
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2138008
الأذان
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2138140
أحكام الصلاة
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2138284
شروط الصلاة
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2138360
واجبات الصلاة
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2139174
مبطلات الصلاة
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2139309
سنن الصلاة
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2139486
صلاة النافلة
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2139648
https://f.top4top.net/p_839b13jb1.jpg (https://up.top4top.net/)
وبعد أيها القارئ الكريم
فهذه جملة من النصائح التي ذكرها
أهل العلم نسوقها إليك
عسى الله أن ينفعنا وإياكم بها
>>>>>>
*عبدالرحمن*
2018-04-19, 05:28
السؤال :
ما ثواب قيام الليل ؟.
الجواب :
الحمد لله
قيام الليل سُنة مؤكدة , تواترت النصوص من الكتاب والسنة بالحث عليه , والتوجيه إليه , والترغيب فيه, ببيان عظيم شأنه ، وجزالة الثواب عليه .
وقيام الليل له شأن عظيم في تثبيت الإيمان , والإعانة على جليل الأعمال , قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمْ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا * نِصْفَهُ أَوْ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا * إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلا ) المزمل/1-6.
ومدح الله تعالى أهل الإيمان والتقوى , بجميل الخصال وجليل الأعمال , ومن أخص ذلك قيام الليل , قال تعالى : ( إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) السجدة/15-17.
ووصفهم في موضع آخر بقوله : ( وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا . . .
إلى أن قال : أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ) الفرقان/64-75.
وفي ذلك من التنبيه على فضل قيام الليل , وكريم عائدته ما لا يخفى ، وأنه من أسباب صرف عذاب جهنم , والفوز بالجنة , وما فيها من النعيم المقيم , وجوار الرب الكريم , جعلنا الله ممن فاز بذلك .
وقد وصف الله تعالى المتقين في سورة الذاريات , بجملة صفات - منها قيام الليل - , فازوا بها بفسيح الجنات , فقال سبحانه : ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) الذاريات/15-17.
وقد حث النبي على قيام الليل ورغّب فيه
في أحاديث كثيرة ، فمن ذلك :
قوله صلى الله عليه وسلم :
( أَفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاةُ اللَّيْلِ)
رواه مسلم (1163) .
وقوله صلى الله عليه وسلم :
(عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ ، فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ ، وَهُوَ قُرْبَةٌ إِلَى رَبِّكُمْ ، وَمَكْفَرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ ، وَمَنْهَاةٌ لِلإِثْمِ ) .
رواه الترمذي (3549)
وحسنه الألباني في إرواء الغليل (452) .
(فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ ) أَيْ عَادَتُهُمْ وَشَأْنُهُمْ .
(وَهُوَ قُرْبَةٌ إِلَى رَبِّكُمْ) أَيْ مِمَّا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى .
(وَمَكْفَرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ) أي يكفر السيئات .
(وَمَنْهَاةٌ لِلإِثْمِ) أَيْ ينهى عَنْ اِرْتِكَابِ الإِثْمِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) .
وعن عمرو بن مرة الجهني قال : جاء رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ من قضاعة فقال له : يا رسول الله ، أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله ، وصليت الصلوات الخمس ، وصمت الشهر ، وقمت رمضان ، وآتيت الزكاة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من مات على هذا كان من الصديقين والشهداء )
رواه ابن خزيمة
وصححه الألباني في صحيح ابن خزيمة (2212) .
وروى الترمذي (1984) عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا ، وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا ، فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ : لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : لِمَنْ أَطَابَ الْكَلامَ ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ ، وَصَلَّى لِلَّهِ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ ) .
وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
وروى الحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أتاني جبريل فقال : يا محمد ، عش ما شئت فإنك ميت ، وأحبب من شئت فإنك مفارقه ، واعمل ما شئت فإنك مجزي به ، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل ، وعزه استغناؤه عن الناس ) .
حسنه الألباني في صحيح الجامع (73) .
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنْ الْغَافِلِينَ ، وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنْ الْقَانِتِينَ ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنْ الْمُقَنْطِرِينَ ) .
رواه أبو داود (1398)
وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
(الْمُقَنْطِرِينَ) أي : هم الذين أعطوا قِنْطاراً من الأجر.
والقنطار مقدار كبير من الذهب
وأكثر أهل اللغة على أنه أربعة آلاف دينار.
وقيل : إنَّ القِنطار مِلْء جِلْد ثَور ذَهباً. وقيل : ثمانون ألفاً .
وقيل : هو جُمْلة كثيرة مجهولة من المال .
انظر "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير .
والمراد من الحديث تعظيم أجر من قام بألف آية ، وقد روى الطبراني أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( والقنطار خير من الدنيا وما فيها )
وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (638) .
(فائدة) :
قال الحافظ ابن حجر :
" من سورة (تبارك ) إلى آخر القرآن ألف آية اهـ .
فمن قام بسورة تبارك إلى آخر القرآن فقد قام بألف آية .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-19, 05:30
السؤال :
ما هو الاختلاف بين قيام الليل والتهجد ؟
وما هو أجر من يصلي تلك الصلوات ؟
الجواب :
الحمد لله
قيام الليل :
" هو قضاء الليل ، أو جزءا منه ولو ساعة ، في الصلاة وتلاوة القرآن وذكر الله ، ونحو ذلك من العبادات , ولا يشترط أن يكون مستغرقا لأكثر الليل .
وجاء في مراقي الفلاح :
معنى القيام أن يكون مشتغلا معظم الليل بطاعة , وقيل : ساعة منه , يقرأ القرآن أو يسمع الحديث أو يسبح أو يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم " انتهى .
باختصار من "الموسوعة الفقهية الكويتية" (34/ 117) .
وأما التهجد :
فهو صلاة الليل خاصة ، وقيده بعضهم بكونه صلاة الليل بعد نوم .
قال الحجاج بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه :
" يحسب أحدكم إذا قام من الليل يصلي حتى يصبح أنه قد تهجد , إنما التهجد أن يصلي الصلاة بعد رقدة , ثم الصلاة بعد رقدة , وتلك كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم "
قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (2/ 35) :
" إسناده حسن , فيه أبو صالح كاتب الليث وفيه لين , ورواه الطبراني وفي إسناده ابن لهيعة وقد اعتضدت روايته بالتي قبله " انتهى .
فتبين بهذا أن قيام الليل أعم وأشمل من التهجد ، لأنه يشمل الصلاة وغيرها ، ويشمل الصلاة قبل النوم وبعده .
وأما التهجد فهو خاص بالصلاة ، وفيه قولان :
الأول : أنه صلاة الليل مطلقا ، وعليه أكثر الفقهاء .
والثاني : أنه الصلاة بعد رقدة .
وينظر : الموسوعة الفقهية (2/ 232).
قال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى : ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ) الإسراء/97 :
" والتهجد : من الهجود ، وهو من الأضداد ؛ يقال : هجد : نام ؛ وهجد : سهر ؛ على الضد . قال الشاعر:
أَلا زارَت وَأَهلُ مِنىً هُجودُ وَلَيتَ خَيالَها بِمِنىً يَعودُ
آخر :
ألا طرقَتنا والرفاقُ هجودُ فباتَت بعِلّاتِ النوالِ تجودُ
يعني : نياما .
وهجد وتهجّد بمعنى ، وهجدته أي :
أنمته ، وهجدته أي : أيقظته .
والتهجد التيقظ بعد رقدة ، فصار اسما للصلاة ؛ لأنه ينتبه لها ، فالتهجد القيام إلى الصلاة من النوم . قال معناه الأسود وعلقمة وعبد الرحمن بن الأسود وغيرهم .
وروى إسماعيل بن إسحاق القاضي من حديث الحجاج بن عمرو صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : أيحسب أحدكم إذا قام من الليل كله أنه قد تهجد إنما التهجد الصلاة بعد رقدة ثم الصلاة بعد رقدة ثم الصلاة بعد رقدة كذلك كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقيل : الهجود النوم يقال : تهجد الرجل إذا سهر وألقى الهجود وهو النوم ، ويسمى من قام إلى الصلاة متهجدا لأن المتهجد هو الذي يلقى الهجود الذي هو النوم عن نفسه " انتهى من
"تفسير القرطبي" (10/ 307).
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
" ما هو الفرق بين صلاة التراويح والقيام والتهجد
أفتونا مأجورين ؟
فأجاب :
الصلاة في الليل تسمى تهجدا ، وتسمى قيام الليل ، كما قال الله تعالى : ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ ) .
وقال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ . قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ) .
وقال سبحانه في سورة الذاريات عن عباده المتقين :
( آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ .
كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ).
أما التراويح :
فهي تطلق عند العلماء على قيام الليل في رمضان أول الليل ، مع مراعاة التخفيف وعدم الإطالة ، ويجوز أن تسمى تهجدا ، وأن تسمى قياما لليل ، ولا مشاحة في ذلك ، والله الموفق " انتهى من
"فتاوى الشيخ ابن باز" (11/ 317).
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-19, 05:32
السؤال :
ما هي الأمور التي تساعد على قيام الليل ( التهجد ) .
الجواب :
الحمد لله
الأسباب المعينة على قيام الليل كثيرة منها :
1- الإخلاص لله تعالى : كما أمر الله تعالى بإخلاص العمل له دون ما سواه : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين )
فكلما قوي إخلاص العبد كان أكثر توفيقاً إلى الطاعات والقربات ، وفي حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بشر هذه الأمة بالسناء والدين والرفعة والنصر والتمكين في الأرض ، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب "
رواه أحمد صحيح الجامع 2825 .
قال مطرف بن عبدالله بن الشخير :
صلاح العمل بصلاح القلب ، وصلاح القلب بصلاح النية .
قال ابن القيم رحمه الله :
وعلى قدر نية العبد وهمته ومراده ورغبته يكون توفيقه سبحانه وإعانته ، فالمعونة من الله تنزل على العباد على قدر هممهم ونياتهم ورغبتهم ورهبتهم ، والخذلان ينزل عليهم على حسب ذلك .
ولذا حرص السلف الكرام أشد الحرص على إخفاء الطاعات كقيام الليل ؛ سأل رجل تميم بن أوس الداري رضي الله عنه فقال له : كيف صلاتك بالليل ؟ فغضب غضباً شديداً ثم قال : والله لركعة أصليها في جوف الليل في السر أحب إلي من أن أصلي الليل كله ، ثم أقصه على الناس .
وكان أيوب السختياني يقوم الليل كله ، فإذا قرب الفجر رجع فاضطجع في فراشه ، فإذا طلع الصبح رفع صوته كأنه قد قام تلك الساعة .
2- أن يستشعر مريد قيام الليل أن الله تعالى يدعوه للقيام : فإذا استشعر العبد أن مولاه يدعوه لذلك وهو الغني عن طاعة الناس جميعاً كان ذلك أدعى للاستجابة
قال تعالى : ( يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلاً نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً )
قال سعد بن هشام بن عامر لعائشة رضي الله عنها :
أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : ألست تقرأ ( يا أيها المزمل ) قلت : بلى ، فقالت : إن الله عز وجل افترض قيام الليل في أول هذه السورة فقام النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولاً ، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهراً في السماء حتى أنزل الله في آخر هذه السورة التخفيف ، فصار قيام الليل تطوعاً بعد فريضة .
رواه مسلم .
2- معرفة فضل قيام الليل :
فمن عرف فضل هذه العبادة حرص على مناجاة الله تعالى ، والوقوف بين يديه في ذلك الوقت ، ومما جاء في فضل هذه العبادة ما ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاة في جوف الليل ، وأفضل الصيام بعد شهر رمضان صيام شهر الله المحرم "
رواه مسلم .
وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أحب الصلاة إلى الله صلاة داود ، وأحب الصيام إلى الله صيام داود ، كان ينام نصف الليل ، ويقوم ثلثه ، وينام سدسه ، ويصوم يوماً ويفطر يوماً "
متفق عليه .
وعن عمرو بن عبسة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر ، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن "
رواه الترمذي والنسائي .
وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " عجب ربنا من رجلين : رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين أهله وحبه إلى صلاته فيقول الله جل وعلا : أيا ملائكتي انظر إلى عبدي ثار من فراشه ووطائه من بين حبه وأهله إلى صلاته رغبة فيما عندي ، وشفقة مما عندي "
رواه أحمد وهو حسن ، صحيح الترغيب 258 .
وقيام الليل يطرد الغفلة عن القلب كما جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين "
رواه أبوداود وابن حبان وهو حسن
صحيح الترغيب 635 .
قال يحى بن معاذ :
دواء القلب خمسة أشياء :
قراءة القرآن بالتفكر ، وخلاء البطن ، وقيام الليل
والتضرع عند السحر ، ومجالسة الصالحين .
*عبدالرحمن*
2018-04-19, 05:33
4-النظر في حال السلف والصالحين في قيام الليل ومدى لزومهم له : فقد كان السلف يتلذذون بقيام الليل ، ويفرحون به أشد الفرح
قال عبد الله بن وهب :
كل ملذوذ إنما له لذة واحدة ، إلا العبادة ، فإن لها ثلاث لذات : إذا كنت فيها ، وإذا تذكّرتها ، وإذا أعطيت ثوابها .
وقال محمد بن المنكدر :
ما بقي من لذات الدنيا إلا ثلاث :
قيام الليل ، ولقاء الإخوان ، والصلاة في جماعة .
وقال ثابت البناني :
ما شيء أجده في قلبي ألذّ عندي من قيام الليل
وقال يزيد الرقاشي :
بطول التهجد تقر عيون العابدين
وبطول الظمأ تفرح قلوبهم عند لقاء الله .
قال مخلد بن حسين :
ما انتبهت من الليل إلا أصبت إبراهيم بن أدهم يذكر الله ويصلي ، فأَغتمُّ لذلك ، ثم أتعزى بهذه الآية ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ) .
وقال أبو عاصم النبيل :
كان أبو حنيفة يسمى الوتد لكثرة صلاته .
وعن القاسم بن معين قال : قام أبو حنيفة ليلة بهذه الآية ( بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر) يرددها ويبكي ، ويتضرع حتى طلع الصبح .
وقال إبراهيم بن شماس :
كنت أرى أحمد بن حنبل يُحيي الليل وهو غلام .
وقال أبو بكر المروذي :
كنت مع الإمام أحمد نحواً من أربعة أشهر بالعسكر ولا يدع قيام الليل وقرآن النهار ، فما علمت بختمة ختمها ، وكان يسرّ ذلك .
وكان الإمام البخاري :
يقوم فيتهجد من الليل عند السحر فيقرأ ما بين النصف إلى الثلث من القرآن ، فيختم عند السحر في كل ثلاث ليال .
وقال العلامة ابن عبد الهادي يصف قيام شيخ الإسلام ابن تيمية :
وكان في ليله منفرداً عن الناس كلهم خالياً بربه ، ضارعاً مواظباً على تلاوة القرآن ، مكرراً لأنواع التعبدات الليلية والنهارية ، وكان إذا دخل في الصلاة ترتعد فرائصه وأعضاؤه حتى يميل يمنة ويسرة .
وقال ابن رجب في شيخه الإمام ابن القيم :
وكان ذا عبادة وتهجد وطول صلاة إلى الغاية القصوى ، ولم أشاهد مثله في عبادته وعلمه بالقرآن والحديث وحقائق الإيمان .
وقال الحافظ ابن حجر يصف شيخه الحافظ العراقي :
وقد لازمته ، فلم أره ترك قيام الليل بل صار له كالمألوف .
3- النوم على الجانب الأيمن :
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرشد أمته إلى النوم على الجانب الأيمن ، كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أوى أحدكم إلى فراشه فليفضه بداخلة إزاره ، فإنه لا يدري ما خلّفه عليه
ثم ليضطجع على شقه الأيمن ، ثم ليقل باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين "
متفق عليه .
وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع على شقك الأيمن " متفق عليه ، وعن حفصة رضي الله عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه جعل يده اليمنى تحت خده الأيمن "
رواه الطبراني ، صحيح الجامع 4523 .
قال الإمام ابن القيم رحمه الله :
وفي اضطجاعه صلى الله عليه وسلم على شقه الأيمن سر ، وهو أن القلب معلّق في الجانب الأيسر ، فإذا نام على شقه الأيسر استثقل نوماً ، لأنه يكون في دعة واستراحة فيثقل نومه ، فإذا نام على شقه الأيمن فإنه يقلق ولا يستغرق في النوم لقلق القلب وطلبه مستقره وميله إليه .
4- النوم على طهارة :
تقدم حديث البراء بن عازب رضي الله عنه وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة "
متفق عليه
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من مسلم يبيت على ذكر طاهراً فيتعارّ من الليل ، فيسأل الله خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه "
رواه أبو داود وأحمد ، صحيح الجامع 5754 .
وجاء من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " طهّروا هذه الأجساد طهركم الله ، فإنه ليس عبد يبيت طاهراً إلا بات معه في شعاره ملك ، لا يتقلب ساعة من الليل إلا قال : اللهم اغفر لعبدك ، فإنه بات طاهراً "
رواه الطبراني
قال المنذري :
إسناد جيد ، صحيح الجامع 3831 .
*عبدالرحمن*
2018-04-19, 05:34
6- التبكير بالنوم :
النوم بعد العشاء مبكراً وصية نبوية ، وخصلة حميدة ، وعادة صحية ومما جاء في فضله حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستحب أن يؤخر العشاء ، وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها "
رواه البخاري
نقل الحافظ ابن حجر عن القاضي عياض في قوله : "وكان يكره النوم قبلها " قال : لأنه قد يؤدي إلى إخراجها عن وقتها مطلقاً ، أو عن الوقت المختار ، والسمر بعدها قد يؤدي إلى النوم قبل الصبح ، أو عن وقتها المختار ، أو عن قيام الليل .
وقال ابن رافع :
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينِشّ الناس بدِرّته بعد العتمة ويقول : قوموا لعل الله يرزقكم صلاة .
ومما يتعلق بالنوم :
اختيار الفراش المناسب ، وذلك بعدم المبالغة في حشو الفراش ، وتليينه وتنعيمه لأن ذلك من أسباب كثرة النوم والغفلة ، ومجلبة للكسل والدّعة ، وثبت من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : كانت وسادة النبي صلى الله عليه وسلم التي ينام عليها بالليل من أدم حشوها ليف .
رواه أبوداود وأحمد ، صحيح الجامع 4714 .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على حصير قد أثر في جنبه الشريف فقال عمر : يا نبي الله لو اتخذت فراشاً أوْثر من هذا ؟
فقال صلى الله عليه وسلم : ما لي وللدنيا ، ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف ، فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ، ثم راح وتركها .
رواه أحمد والحاكم ، صحيح الجامع 5545
وكان علي بن بكار رحمه الله تفرش له جاريته فراشه ، فيلمسه بيده ثم يقول : والله إنك لطيب ، والله إنك لبارد ، والله لا علوتك ليلتي ، ثم يقوم يصلي إلى الفجر .
ومن ذلك عدم الإفراط في النوم والاستغراق فيه ، قال إبراهيم ابن أدهم : إذا كنت بالليل نائماً ، وبالنهار هائماً ، وفي المعاصي دائماً ، فكيف تُرضي من هو بأمورك قائماً .
7- المحافظة على الأذكار الشرعية قبل النوم :
فإن هذه الأذكار حصن حصين يقي بإذن الله من الشيطان ، ويعين على القيام ، ومن هذه الأذكار ، ما ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أوى أحدكم إلى فراشه ، فلينفضه بداخلة إزاره ، فإنه لا يدري ما خلّفه عليه ، ثم ليضطجع على شقّه الأيمن
ثم ليقل : باسمك ربي وضعت جنبي ، وبك أرفعه ، إن أمسكت نفسي فارحمها ، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين "
متفق عليه .
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ، ثم نفث فيهما يقرأ (قل هو الله أحد) و (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس) ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده ، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده ، يفعل ذلك ثلاث مرات "
متفق عليه .
وعن أبي مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه "
متفق عليه .
وعن أنس بن مالك رضي الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال : " الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا ، وكفانا فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي له "
رواه مسلم .
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه وقصة الشيطان معه قال له : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي (الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) حتى تختمها ، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح ، فذكر ذلك أبو هريرة للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له : صدقك وهو كذوب "
متفق عليه .
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لابنته فاطمة رضي الله عنها لما جاءت إليه تطلب منه خادماً ، فقال لها ولعلي : ألا أدلكما على خير لكما من خادم ،إذا أويتما إلى فراشكما ، فسبّحا ثلاثاً وثلاثين ، واحمدا ثلاثاً وثلاثين ، وكبرا أربعاً وثلاثين ، فإنه خير لكما من خادم "
متفق عليه .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اقرأ ( قل يا أيها الكافرون) عند منامك ، فإنها براءة من الشرك "
رواه البيهقي ، صحيح الجامع 1172 .
وعن حفصة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه جعل يده اليمنى تحت خده الأيمن وقال : رب قني عذابك يوم تبعث عبادك "
رواه أبو داود ، صحيح الجامع 4532 .
وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أتيت إلى مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع على شقك الأيمن ، ثم قل : اللهم أسلمت نفسي إليك ، ووجهت وجهي إليك ، وفوضت أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك ، رغبة ورهبة إليك ، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت ، وبنبيك الذي أرسلت ، فإن متّ متّ على الفطرة ، واجعلهن آخر ما تقول "
متفق عليه .
وينبغي كذلك أن يحافظ المسلم على الأذكار الشرعية عند الاستيقاظ ، ومنها : ما ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إذا استيقظ أحدكم فليقل : الحمد لله الذي رد علي روحي ، وعافاني في جسدي ، وأذن لي بذكره "
رواه الترمذي والنسائي ، صحيح الجامع 326 .
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من تعارّ من الليل فقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، الحمد لله سبحان الله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم قال : اللهم اغفر لي ، أو دعا استجيب له ، فإن توضأ ثم صلى قُبلت صلاته "
رواه البخاري .
قال الإمام ابن بطال :
وعد الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم أن من استيقظ من نومه لَهِجاً بتوحيد ربه ، والإذعان له بالملك ، والاعتراف بنعمه بحمده عليها ، وينزهه عما لا يليق به بتسبيحه والخضوع له بالتكبير ، والتسليم له بالعجز عن القدرة إلا بعونه ، أنه إذا دعاه أجابه ، وإذا صلى قبلت صلاته ، فينبغي لمن بلغه هذا الحديث أن يغتنم العمل به ، ويخلص نيته لربه سبحانه وتعالى .
وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ من نومه قال : " الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور "
رواه مسلم .
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استيقظ من الليل يمسح النوم عن وجهه بيده ، ثم ينظر إلى السماء ويقرأ العشر آيات الخواتم من سورة آل عمران : ( إن في خلق السماوات والأرض …) الآيات .
رواه مسلم
قال الإمام النووي :
فيه استحباب مسح أثر النوم عن الوجه ، واستحباب قراءة هذه الآيات عند القيام من النوم .
5- الحرص على نومة القيلولة بالنهار :
وهي إما قبل الظهر أو بعده ، فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " قيلوا فإن الشياطين لا تقيل "
رواه الطبراني ، الصحيحة 2647
قال إسحاق بن عبدالله :
القائلة من عمل أهل الخير
وهي مجمة للفؤاد مَقْواة على قيام الليل .
ومرّ الحسن البصري بقوم في السوق في وسط النهار فرأى صخبهم وضجيجهم فقال : أما يقيل هؤلاء ، فقيل له : لا فقال : إني لأرى ليلهم ليل سوء .
6- اجتناب كثرة الأكل والشرب :
فإن الإكثار منهما من العوائق العظيمة التي تصرف المرء عن قيام الليل ، وتحول بينه وبينه كما جاء في حديث المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما ملأ آدمي وعاءاً شراً من بطنه ، حسْب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه ، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه "
رواه الترمذي وابن ماجه ، صحيح الجامع 5674 .
وعن أبي جحيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل تجشأ في مجلسه : أقصر من جشائك ، فإن أكثر الناس شبعاً في الدنيا أكثرهم جوعاً يوم القيامة "
رواه الحاكم ، صحيح الجامع 1190 .
قال سفيان الثوري :
عليكم بقلة الأكل ، تملكوا قيام الليل .
ورأى معقل بن حبيب قوماً يأكلون كثيراً فقال :
ما نرى أصحابنا يريدون أن يصلوا الليلة .
وقال وهب بن منبه :
ليس من بني آدم أحب إلى شيطانه من الأكول النوام .
*عبدالرحمن*
2018-04-19, 05:35
7- مجاهدة النفس على القيام :
وهذا من أعظم الوسائل المعينة على قيام الليل لأن النفس البشرية بطبيعتها أمارة بالسوء تميل إلى كل شر ومنكر فمن أطاعها فيما تدعو إليه قادته إلى الهلاك والعطب ، وقد أمرنا الله تعالى بالمجاهدة فقال : ( وجاهدوا في الله حق جهاده)
وقال سبحانه : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ) وقال تعالى : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ) وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " المجاهد من جاهد نفسه في الله "
رواه الترمذي وابن حبان ، الصحيحة 549 .
وفي حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الرجل من أمتي يقوم من الليل يعالج نفسه إلى الطهور وعليه عُقَد ، فإذا وضأ يديه انحلت عقدة ، وإذا وضأ وجهه انحلت عقدة ، وإذا مسح رأسه انحلت عقدة ، وإذا وضأ رجليه انحلت عقدة ، فيقول الله عز وجل للذين من وراء الحجاب : انظروا إلى عبدي هذا يعالج نفسه ، ويسألني ، ما سألني عبدي فهو له "
رواه أحمد وابن حبان ، صحيح الترغيب 627 .
قال محمد بن المنكدر :
كابدت نفسي أربعين عاماً حتى استقامت لي .
وقال ثابت البناني :
كابدت نفسي على قيام الليل عشرين سنة وتلذذت به عشرين سنة .
وقال عمر بن عبد العزيز :
أفضل الأعمال ما أكرهت عليه النفوس .
وقال عبد الله بن المبارك :
إن الصالحين فيما مضى كانت تواتيهم أنفسهم على الخير ، وإن أنفسنا لا تكاد تواتينا إلا على كره فينبغي لنا أن نكرهها .
وقال قتادة :
يا ابن آدم : إن كنت لا تريد أن تأتي الخير إلا بنشاط ، فإن نفسك إلى السآمة وإلى الفترة وإلى الملل أميل ، ولكن المؤمن هو المتحامل .
8- اجتناب الذنوب والمعاصي :
فإذا أراد المسلم أن يكون مما ينال شرف مناجاة الله تعالى ، والأنس بذكره في ظلم الليل ، فليحذر الذنوب ، فإنه لا يُوفّق لقيام الليل من تلطخ بأدران المعاصي ، قال رجل لإبراهيم بن أدهم : إني لا أقدر على قيام الليل فصف لي دواء ؟ فقال : لا تعصه بالنهار
وهو يُقيمك بين يديه في الليل ، فإن وقوفك بين يديه في الليل من أعظم الشرف ، والعاصي لا يستحق ذلك الشرف .
وقال رجل للحسن البصري :
يا أبا سعيد : إني أبِيت معافى ، وأحب قيام الليل ، وأعِدّ طهوري ، فما بالي لا أقوم ؟ فقال الحسن : ذنوبك قيدتْك .
وقال رحمه الله :
إن العبد ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل ، وصيام النهار .
وقال الفضيل بن عياض :
إذا لم تقدر على قيام الليل ، وصيام النهار ،
فأعلم أنك محروم مكبّل ، كبلتك خطيئتك .
9- محاسبة النفس وتوبيخها على ترك القيام :
فمحاسبة النفس من شعار الصالحين ، وسمات الصادقين قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ) .
قال الإمام ابن القيم :
فإذا كان العبد مسئولاً ومحاسباً على كل شيء حتى على سمعه وبصره وقلبه كما قال تعالى : ( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً ) فهو حقيق أن يحاسب نفسه قبل أن يناقش الحساب .
وقيام الليل عبادة تصل القلب بالله تعالى ، وتجعله قادراً على التغلب على مغريات الحياة الفانية ، وعلى مجاهدة النفس في وقت هدأت فيه الأصوات ، ونامت العيون وتقلب النّوام على الفرش .
ولذا كان قيام الليل من مقاييس العزيمة الصادقة ، وسمات النفوس الكبيرة ، وقد مدحهم الله وميزهم عن غيرهم بقوله تعالى : ( أمّن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب ) .
وقيام الليل سنة مؤكدة حث النبي صلى الله عليه وسلم على أدائها بقوله : " عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم ، ومقربة إلى ربكم ، ومكفرة للسيئات ، ومنهاة عن الإثم مطردة للداء عن الجسد "
رواه الترمذي وأحمد .
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل " ، وقد حافظ النبي صلى الله عليه وسلم على قيام الليل ، ولم يتركه سفراً ولا حضراً ، وقام صلى الله عليه وسلم وهو سيد ولد آدم المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر حتى تفطّرت قدماه ، فقيل له في ذلك فقال : " أفلا أكون عبداً شكوراً "
متفق عليه .
وهكذا كان حال السلف الكرام عليه رحمة الله تعالى ؛ قال أبو الدرداء رضي الله عنه : صلوا ركعتين في ظلم الليل لظلمة القبور .
وقال أحمد بن حرب :
عجبت لمن يعلم أن الجنة تزيّن فوقه
والنار تضرم تحته ، كيف نام بينهما .
وكان عمر بن ذر إذا نظر إلى الليل قد أقبل قال :
جاء الليل ، وللّيل مهابة ، والله أحق أن يهاب
ولذا قال الفضيل بن عياض :
أدركت أقواماً يستحيون من الله في سواد الليل من طول الهجعة إنما هو على الجنب فإذا تحرك قال : ليس هذا لكِ ، قومي خذي حظك من الآخرة .
وقال الحسن :
ما نعلم عملاً أشد من مكابدة الليل ، ونفقة المال ، فقيل له : ما بال المتهجدين من أحسن الناس وجوهاً ؟ قال : لأنهم خلو بالرحمن فألبسهم نوراً من نوره .
وكان نساء السلف يجتهدن في قيام الليل مشمرات للطاعة ، فأين نساء هذه الأيام عن تلك الأعمال العظام .
قال عروة بن الزبير أتيت عائشة رضي الله عنها يوماً لأسلم عليها فوجدتها تصلي وتقرأ قوله تعالى : ( فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم ) ترددها وتبكي ، فانتظرتها فلما مللت من الانتظار ذهبت إلى السوق لحاجتي ثم رجعت إلى عائشة فإذا هي على حالتها الأولى تردد هذه الآية في صلاتها وتبكي .
وفي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال لي جبريل : راجع حفصة فإنها صوامة قوامة .
رواه الحاكم ، صحيح الجامع 4227 .
وقامت معاذة العدوية من التابعيات الصالحات ليلة زفافها هي وزوجها صلة بن أشيم يصليان إلى الفجر ، ولما قتل زوجها وابنها في أرض الجهاد ، كانت تحيي الليل كله صلاة وعبادة وتضرعاً ، وتنام بالنهار ، وكانت إذا نعست في صلاتها بالليل قالت لنفسها : يا نفس النوم أمامك .
وكانت حبيبة العدوية إذا صلت العشاء ، قامت على سطح دارها وقد شدت عليها درعها وخمارها ، ثم تقول : إلهي ، غارت النجوم ، ونامت العيون ، وغلقت الملوك أبوابها ، وبابك مفتوح ، وخلا كل حبيب بحبيبه ، وهذا مقامي بين يديك ، ثم تقبل على صلاتها ومناجاتها لربها إلى السحر
فإذا جاء السحر قالت : اللهم هذا الليل قد أدبر ، وهذا النهار قد أسفر ، فليت شعري هل قبلت مني ليلتي فأهني ، أم رددتها علي فأعزي .
وقامت عمرة زوج حبيب العجمي ذات ليلة تصلي من الليل ، وزوجها نائم ، فلما دنا السحر ، ولم يزل زوجها نائماً ، أيقظته وقالت له : قم يا سيدي ، فقد ذهب الليل ، وجاء النهار ، وبين يديك طريق بعيد وزاد قليل ، وقوافل الصالحين قد سارت قدامنا ، ونحن قد بقينا .
نسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته
وصلى الله على نبينا محمد .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-04-19, 05:36
السؤال:
عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله : « ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم الذي إذا انكشفت فئة قاتل وراءها بنفسه لله عز وجل ، فإما أن يقتل وإما أن ينصره الله ، ويكفيه
فيقول : انظروا إلى عبدي هذا كيف صبر لي بنفسه ، والذي له امرأة حسنة ، وفراش لين حسن فيقوم من الليل ، فيقول : يذر شهوته فيذكرني ولو شاء رقد ، والذي إذا كان في سفر ، وكان معه ركب فسهروا ثم هجعوا ، فقام من السحر في سراء وضراء» [حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب].
نتمنى شرح كل حال من أحوال هؤلاء الثلاثة
وتوضيحه وجزاكم الله خير
الجواب:
الحمد لله
هذا الحديث رواه الحاكم في "المستدرك" (68) والبيهقي في "الأسماء والصفات" (931) – وهذا لفظه - .
وقال الهيثمي في "المجمع" (2/525) :
" رواه الطبراني في الكبير ، ورجاله ثقات " .
وقال المنذري في "الترغيب والترهيب" (1/245) :
" رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن "
وحسنه الألباني في "الصحيحة" (3478)
وفي "صحيح الترغيب والترهيب" (629) .
فهؤلاء الثلاثة أخبر النبي صلى الله عليه
وسلم أن الله تعالى يحبهم ، أما الأول :
فرجل قاتل في سبيل الله ، فإذا انكشفت فئة من أصحابه أو جماعة وانهزمت ثبت هو وقاتل من ورائها صابرا محتسبا ، يحمي حوزة المسلمين ، فلم يفر ولم يجبن ولم يضعف
لأنه موقن بنصر الله أو الموت في سبيله ، كما قال تعالى : ( قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ ) التوبة / 52
يعني : إما النصر وإما الشهادة . ولذلك قال في الحديث: ( فإما أن يقتل وأما أن ينصره الله ويكفيه )
يعني : يكفيه عدوه ، ويحفظه ويكلؤه ، قال تعالى : ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ) الزمر / 36
فيقول الله عز وجل : ( انظروا إلى عبدي كيف صبر لي نفسه ؟ ) أي كيف حبسها لله ، وهيأها للقتل في سبيله .
أما الثاني :
فرجل له زوجة حسنة ، وفراش ناعم مريح
فترك ذلك لله ، وقام للتهجد بالليل .
فيقول الله تعالى : ( يذر شهوته ويذكرني ولو شاء رقد ) يعني يدع شهوته وحاجة نفسه إلى النوم أو إلى امرأته ، من أجل مناجاتي وذكري ، ولو شاء نام ولم يقم .
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله :
" من فضائل التهجد : أن الله تعالى يحب أهله ، ويباهي بهم الملائكة ويستجيب دعاءهم "
انتهى من "لطائف المعارف" (ص 43)
وروى الإمام أحمد (6589) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، يَقُولُ الصِّيَامُ : أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ . وَيَقُولُ الْقُرْآنُ : مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ . قَالَ : فَيُشَفَّعَانِ ) .
صححه الألباني في "صحيح الجامع" (7329)
وقد روى الإمام أحمد (3939) عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( عَجِبَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ مِنْ رَجُلَيْنِ : رَجُلٍ ثَارَ عَنْ وِطَائِهِ وَلِحَافِهِ مِنْ بَيْنِ أَهْلِهِ وَحِيِّهِ إِلَى صَلَاتِهِ فَيَقُولُ رَبُّنَا : أَيَا مَلَائِكَتِي انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي ثَارَ مِنْ فِرَاشِهِ وَوِطَائِهِ وَمِنْ بَيْنِ حِيِّهِ وَأَهْلِهِ إِلَى صَلَاتِهِ رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي .
وَرَجُلٍ غَزَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَانْهَزَمُوا فَعَلِمَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْفِرَارِ وَمَا لَهُ فِي الرُّجُوعِ فَرَجَعَ حَتَّى أُهَرِيقَ دَمُهُ رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي . فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَلَائِكَتِهِ : انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي رَجَعَ رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي وَرَهْبَةً مِمَّا عِنْدِي حَتَّى أُهَرِيقَ دَمُهُ ) .
حسنه الألباني في "صحيح الترغيب" (630)
أما الثالث :
فرجل سافر مع رفقة ، فسهروا بالليل ونصبوا – أي تعبوا - ثم هجعوا – أي ناموا ، ولا شيء هو أحب وأشهى للمسافر من النوم بعد التعب والسهر فقام هو من دونهم يصلي بالسحر ، وهو جوف الليل الآخر ، وترك النوم لله تعالى ، وقام يناجيه بالسحر ويدعوه .
وروى الإمام أحمد (20833) عن أبي ذَرٍّ رضي الله عنه عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( ثَلَاثَةٌ يُحِبُّهُمْ اللَّهُ .. ) فذكر منهم : ( الرَّجُل يَلْقَى الْعَدُوَّ فِي الْفِئَةِ فَيَنْصِبُ لَهُمْ نَحْرَهُ حَتَّى يُقْتَلَ أَوْ يُفْتَحَ لِأَصْحَابِهِ ، وَالْقَوْمُ يُسَافِرُونَ فَيَطُولُ سُرَاهُمْ حَتَّى يُحِبُّوا أَنْ يَمَسُّوا الْأَرْضَ فَيَنْزِلُونَ فَيَتَنَحَّى أَحَدُهُمْ فَيُصَلِّي حَتَّى يُوقِظَهُمْ لِرَحِيلِهِمْ )
صححه الألباني في "صحيح الجامع" (3074) .
وقوله : ( في سراء أو ضراء ) يعني أن ذلك حاله مع ربه لا يختلف ، يذكر الله على كل حال ، سواء كان في مسرة أو في مضرة .
فهؤلاء الثلاثة يحبهم الله تعالى ؛ لأن كلا منهم آثر أمر الله على شهوته وحظ نفسه ، وأعظمهم درجة الأول الذي قاتل بعد انهزام أصحابه ؛ لأنه آثر أمر الله على حظ نفسه من الحياة
ويليه الثاني ؛ لأنه آثر أمر الله على حظ نفسه من الزوجة ومن النوم ، ثم الثالث الذي آثر أمر الله على حظ واحد من حظوظ نفسه .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-19, 05:37
السؤال :
وددت لو علمت الفرق بين القيام والتراويح ؟ .
الجواب :
الحمد لله
صلاة التراويح هي من قيام الليل
وليستا صلاتين مختلفتين كما يظنّه كثير من العوامّ
وإنما سميّ قيام الليل في رمضان بصلاة التراويح لأنّ السّلف رحمهم الله كانوا إذا صلّوها استراحوا بعد كلّ ركعتين أو أربع من اجتهادهم في تطويل صلاة قيام الليل اغتناما لموسم الأجر العظيم وحرصا على الأجر المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم : " مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ .
" رواه البخاري رقم 36
والله تعالى أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-04-19, 05:39
السؤال :
إذا كان المسلم لا يمكنه أن يصلي قيام الليل إلا مرة واحدة في الأسبوع ، فما هي أفضل ليلة لذلك ؟
وإذا كان لا يمكنه أن يقوم الليل إلا مرة في الشهر
فمتى تكون أفضل ليلة ؟.
الجواب :
الحمد لله
ليس هناك ليلة معينة رغَّب الشرع بتخصيصها من بين الليالي لا في الأسبوع ولا في الشهر ، بل يصلي متى تيسر له ذلك ، ومتى رأى من نفسه نشاطاً ، وإن استطاع تكرار الليالي في الأسبوع والشهر فهو خير له من جعلها ليلة واحدة .
وينبغي له اجتناب تخصيص ليلة الجمعة بقيامها ؛ لورود النهي الصريح في ذلك .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي ، وَلا تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الأَيَّامِ ، إِلا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ )
رواه مسلم ( 1144 ) .
قال النووي :
وفي هذا الحديث النهي الصريح عن تخصيص ليلة الجمعة بصلاة من بين الليالي , ويومها بصوم ، وهذا متفق على كراهيته .
" شرح مسلم " ( 8 / 20 ) .
ولكن إن قام ليلة الجمعة لا على وجه التخصيص لكونها يوم الجمعة ، بل لكونها يوم فراغه من العمل ، فهذا لا بأس به ، كما أن من صام يوم الجمعة لكونه يوم فراغه من العمل لا بأس به .
قال الشيخ ابن باز :
" إذا صادف يوم الجمعة يوم عرفة فصامه المسلم وحده فلا بأس بذلك ، لأن هذا الرجل صامه لأنه يوم عرفة لا لأنه يوم جمعة ، وكذلك لو كان عليه قضاء من رمضان ولا يتسنى له فراغ إلا يوم الجمعة فإنه لا حرج عليه أن يفرده
وذلك لأنه يوم فراغه ، وكذلك لو صادف يوم الجمعة يوم عاشوراء فإنه لا حرج عليه أن يفرده لأنه صامه لأنه يوم عاشوراء ، لا لأنه يوم الجمعة ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تَخْتَصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ ، ولا لَيْلَتها بِقِيَامٍ ) .
فنص على التخصيص ، أي على أن يفعل الإنسان ذلك لخصوص يوم الجمعة أو ليلتها " انتهى
من مجموع فتاوى ابن باز (15/414) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/291) :
" يكره إفراد الجمعة – يعني بالصيام - والدليل أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : ( لا تصوموا يوم الجمعة إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده )
وقال : ( لا تخصوا يوم الجمعة بصيام ولا ليلتها بقيام ) وقال لإحدى أمهات المؤمنين وقد وجدها صائمة يوم الجمعة : ( أصمت أمس ؟ قالت : لا ، قال : أتصومين غداً ؟ قالت : لا ، قال : فأفطري ) فإن صامها مع غيرها فلا يكره ، فلو صام الخميس والجمعة فلا بأس ، أو الجمعة والسبت فلا بأس .
وإن صامها وحدها لا للتخصيص ، لكن لأنه وقت فراغه ، كرجل عامل يعمل كل أيام الأسبوع ، وليس له فراغ إلا يوم الجمعة ، فهل يكره ؟
الجواب :
عندي فيه تردد ، فإن نظرنا إلى ما رواه مسلم : ( لا تخصوا يوم الجمعة بصيام ) قلنا : لا بأس ؛ لأن هذا لم يخصه ، وإن نظرنا إلى حديث : ( أصمت أمس ؟ قالت : لا ، قال : أتصومين غداً ؟ قالت : لا ، قال : فأفطري )
فإن هذا قد يؤخذ منه أنه يكره إفرادها ، وإن كان في الأيام الأخرى لا يستطيع ، وقد لا يؤخذ منه ، فيقال : إن قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم : ( أصمت أمس ؟ أو أتصومين غداً ؟ ) يدل على أنها قادرة على الصوم .
فالحاصل أنه إذا أفرد يوم الجمعة بصوم لا لقصد الجمعة ، ولكن لأنه اليوم الذي يحصل فيه الفراغ ، فالظاهر إن شاء الله أنه لا يكره ، وأنه لا بأس بذلك " انتهى .
*عبدالرحمن*
2018-04-19, 05:40
السؤال :
هل يجوز لمجموعة من الرجال أن يجتمعوا لأداء قيام الليل على شكل دائم (كل ليلة تقريبا) في غير شهر رمضان ؟
الجواب :
الحمد لله
لو أراد الناس أن يجتمعوا على قيام الليل في المساجد جماعة في غير رمضان لكان هذا من البدع .
ولكن لا بأس أن يُصلي الإنسان جماعة في غير رمضان في بيته أحياناً ، لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم : (( فقد صلى بابن عباس وابن مسعود وحذيفة بن اليمان جماعة في بيته )) لكن لم يتَّخذ ذلك سنَّة راتبة ولم يكن أيضاً يفعله في المسجد .
انظر الشرح الممتع لابن عثيمين ج/4 ص/82
ومن الملاحظ أن هذه الجماعة التي حصلت في غير رمضان لم تكن عن اتفاق أو إعلان مسبق فإذا حصل أن رأى مسلم مسلماً آخر يقوم الليل فانضم إليه دون اتفاق مسبق كما وقع في حديث ابن عباسٍ - مثلاً - في استيقاظه وانضمامه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فلا بأس بذلك .
وأما الاجتماع المتفق عليه مسبقاً لأداء صلاة الليل على شكل دائم كل ليلة تقريباً كما ورد في السؤال فهو بدعة كما تقدم في أول الجواب .
ونسوق للفائدة حديث ابن عباس رضي الله عنه قال : ( بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ لَيْلَةً فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ اللَّيْلِ فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَوَضَّأَ مِنْ شَنٍّ مُعَلَّقٍ وُضُوءًا خَفِيفًا يُخَفِّفُهُ عَمْرٌو وَيُقَلِّلُهُ وَقَامَ يُصَلِّي فَتَوَضَّأْتُ نَحْوًا مِمَّا تَوَضَّأَ ثُمَّ جِئْتُ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ عَنْ شِمَالِهِ فَحَوَّلَنِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ صَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ اضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ ثُمَّ أَتَاهُ الْمُنَادِي فَآذَنَهُ بِالصَّلاةِ فَقَامَ مَعَهُ إِلَى الصَّلاةِ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ قُلْنَا لِعَمْرٍو إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَامُ عَيْنُهُ وَلا يَنَامُ قَلْبُهُ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ رُؤْيَا الأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ ثُمَّ قَرَأَ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ "
رواه البخاري (138).
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-04-19, 05:42
السؤال :
من المتداول أن من السنن المؤكدة الشفع والوتر .
فهل هناك حديث عن صلاة الشفع ؟.
الجواب :
الحمد لله
الشفع في اللغة هو الزوج ( أي العدد الزوجي )
عكس الوتر الذي هو الفرد
والسنن الثابتة بعد صلاة العشاء ثلاثة :
1- سنة العشاء البعدية : وهي ركعتان .
2- قيام الليل ، فيصلي ما شاء ركعتين ركعتين .
3- الوتر ، فله أن يوتر بركعة واحدة
أو ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع .
وإذا اختار أن يوتر بثلاث فإما أن يصليها متصلة بتشهد واحد ، وإما أن يصلي ركعتين ثم يسلم ثم يصلي ركعة واحدة .
وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن أدنى الكمال الوتر أن يوتر الإنسان بثلاث ركعات ، سواء فعلها متصلة أو منفصلة
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" أدنى الكمال في الوتر أن يصلي ركعتين ويسلم ، ثم يأتي بواحدة ويسلم . ويجوز أن يجعلها بسلام واحد ، لكن بتشهد واحد لا بتشهدين ؛ لأنه لو جعلها بتشهدين لأشبهت صلاة المغرب ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تُشبّه بصلاة المغرب " انتهى
من "الشرح الممتع" (4/21) .
وروى ابن حبان (2435) عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يفصل بين شفعه ووتره بتسليمة ، وأخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك .
قال الحافظ في الفتح (2/482) : إسناده قوي .
وهذا الحديث يدل على أن المراد بالشفع الركعتان قبل ركعة الوتر .
قال الشيخ الألباني رحمه الله في رسالته " صلاة التراويح " بعد أن ذكر صفات صلاة الوتر المتنوعة الواردة في السنة :
" ويتلخص فمن كل ما سبق أن الإيتار بأي نوع من هذه الأنواع المتقدمة جائز حسن ، وأن الإيثار بثلاث بتشهدين كصلاة المغرب لم يأت فيه حديث صحيح صريح ، بل هو لا يخلو من كراهة ، ولذلك نختار أن لا يقعد بين الشفع والوتر ، وإذا قعد سَلَّم ، وهذا هو الأفضل " انتهى .
وبعض الناس يظن أن الشفع هو سنة العشاء البعدية
وليس الأمر كذلك .
جاء في "فتاوى اللجنة الدئمة" (7/255) :
" سنة العشاء البعدية وهي ركعتان ، خلاف الشفع والوتر " انتهى .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي العزيز عجز لساني عن التعبير وشكرك على كل ماذكرته وماكــــتبتــه
فبارك الله فيك وجزاك ألف خير وجعله في ميزان حسناتك
*عبدالرحمن*
2018-04-20, 02:14
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي العزيز عجز لساني عن التعبير وشكرك على كل ماذكرته وماكــــتبتــه
فبارك الله فيك وجزاك ألف خير وجعله في ميزان حسناتك
عليكم السلام ورحمه الله وبركاته
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اسعدني جدا مرورك القيم الرائع مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما
بارك الله فيك
وجزاك الله عني كل خير
*عبدالرحمن*
2018-04-20, 15:25
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
السؤال :
أنا مقصر في ديني كثيرا
يعني أجلس في الليل أقرأ القرآن وأصلي ركعتين ، وأستغفر ، وأصلي على النبي عليه أفضل الصلاة والسلام .
لكن لدي إحساس أني ظالم نفسي ، وأني مقصر ، أرغب بمراتب عليا عند الله ، أجتهد بديني!
سؤالي : كيف أقوم الليل بشكل يرضي الله ، ويقربني منه ، ويرضى علي ، لا أرغب في شيء سوى أن يرضى علي ، ماذا كان يفعل الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام في ليلة ؟
كيف يقوم ، وماذا يقول حتى أعمل مثله ، إن شاء الله ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
من توفيق الله تعالى لعبده أن يبصره بعيب نفسه ، وأن يدرك تقصيره وتفريطه في جنب ربه ، والأهم من ذلك أن تكون هذه محطة انطلاق له لاستدراك ما فاته ، واستكمال ما نقص من دينه
قال الله تعالى : ( وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) هود/114-115 .
والواقع أن الذي ينبغي عليك الانتباه إليه
قبل بيان صفة صلاة الليل ، أمران :
الأمر الأول :
أن العبادة الفاضلة هي ما استمر العبد عليها مع ربه ، ولم ينقطع عنها بعد أن شرع فيها ، وأخذ منها حظا .
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ : ( سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ قَالَ أَدْوَمُهَا ، وَإِنْ قَلَّ . وَقَالَ : اكْلَفُوا مِنْ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ ) .
رواه البخاري (6465) .
وعَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ : سَأَلْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ ، قُلْتُ : يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ، كَيْفَ كَانَ عَمَلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئًا مِنْ الْأَيَّامِ ؟
قَالَتْ : لَا ؛ كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً ، وَأَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَطِيعُ ؟!
رواه البخاري (1987) ومسلم (783) .
فتبين بذلك أن المشروع للعبد أن يحافظ على الطاعة التي شرع فيها ، وأن يرفق بنفسه ، فلا يعزم أو يلزم نفسه إلا بطاعة ، يغلب على ظنه الوفاء بها
وليس معنى ذلك أنه إذا صلى في الليل ركعتين
ـ مثلا ـ ألا يزيد على ذلك ، بل المراد أنه لا يوظف على نفسه ، ولا يدخل بنية الالتزام إلا في القدر الذي يغلب على ظنه الوفاء به مع الله ، ثم إن وجد نشاطا وخفة في بعض الأوقات ، زاد ما شاء الله له من ذلك .
ولمعرفة ثواب قيام الليل ، ولمعرفة الأسباب المعينة على قيام الليل ينظر الاسئلة السابقة
ثانيا :
بين النبي صلى الله عليه وسلم أن المشروع في صلاة الليل أن تكون صلاته مثنى مثنى ، أي : ركعتين ركعتين ، ثم يختم صلاته بركعة ، يوتر بها الصلاة .
وأما هديه صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل ، فقد وصفته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، فقالت : ( مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي )
رواه البخاري (1147) ومسلم (738) .
وليس شرطا أن يبلغ العبد في صلاة الليل هذا العدد :
إحدى عشرة ركعة ، فلا ينقص عنها ، ولا يزيد ؛ بل إن شاء زاد ، وإن شاء نقص عن ذلك ، حسبما يطيق ويتيسر له .
وله أن يصلي ما شاء من هذه الصلاة ، من بعد صلاة العشاء ، إلى صلاة الفجر ، وأفضل وقتها آخر الليل ، فهو وقت النزول الإلهي ، ووقت تفتح فيه أبواب السماء :
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ ، فَإِنَّ صَلَاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ ، وَذَلِكَ أَفْضَلُ )
رواه مسلم (755) .
فمن وجد همة أعلى في تقسيم ليله ، بين راحته وعبادته ، فله أن يقوم قيام نبي الله داود عليه السلام :
عن عبد اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ : كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا . وَأَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ : كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ )
رواه البخاري (3420) ومسلم (1159) .
وننصح بالاستفادة من كتاب "رهبان الليل"
للدكتور سيد حسين العفاني ، حفظه الله .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-20, 15:27
السؤال :
أيهما أفضل أن أصلي صلاة التهجد وصلاة الفجر
ثم أنام قليلاً لأخذ قسطاً من الراحة؟
أم أصلي الفجر فقط ثم أقرأ ورداً من القرآن؟
لا بد لي أن أنام إما قبل الفجر على حساب التهجد أو بعد الفجر على حساب قراءة القرآن لأن لي أطفالا صغاراً يحتاجون إلى الرعاية.
وقد اخبرني شخص ما أن قراءة القرآن أفضل من التهجد والنوم ( وقران الفجر أن قرأن الفجر كان مشهودا).
أرجوا التوجيه وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
الحمد لله
أولا :
ينبغي أن يعلم أن الأفضل في حق المكلف من عبادة التطوع ما كان أنفع له ولقلبه ، ولو كان هذا التطوع مفضولا في نفسه .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" أَيُّمَا أَفْضَلُ إذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ : الصَّلَاةُ أَمْ الْقِرَاءَةُ ؟ .
فَأَجَابَ :
" بَلْ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَئِمَّةُ الْعُلَمَاءِ ... ، لَكِنْ مَنْ حَصَلَ لَهُ نَشَاطٌ وَتَدَبُّرٌ وَفَهْمٌ لِلْقِرَاءَةِ دُونَ الصَّلَاةِ فَالْأَفْضَلُ فِي حَقِّهِ مَا كَانَ أَنْفَعَ لَهُ .
"مجموع الفتاوى" (23/62) .
ثانيا :
الجمع بين فضائل الأعمال من قيام الليل وقراءة
القرآن والأذكار أفضل عند التمكن منه .
قال علماء اللجنة الدائمة :
" الجلوس بعد صلاة الصبح للاشتغال بأذكار الصباح
وقراءة القرآن من السنن التي يستحب
للمسلم أن يحرص عليها " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (24 / 177)
وسئل ابن عثيمين رحمه الله :
استشكل على البعض حفظ كتاب الله وقيام الليل ، فيصعب عليهم القيام ويصعب عليهم الحفظ ، فما النصيحة ؟
فأجاب الشيخ :
" قيام الليل من أفضل الأعمال ، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ، وأما القرآن فلا شك أنه أفضل ما ينطق به ، وهو أفضل الذكر ، وهو كلام الله عز وجل
فنصيحتي لهم : أن يعتنوا بالقرآن ، وأن يعتنوا بالتهجد وصلاة الليل بقدر المستطاع ، يعني : لو قام الإنسان قبل الفجر بنصف ساعة وتوضأ وصلى ولو ثلاث ركعات الوتر فيداوم عليها فهو خير ، ( وأحب العمل إلى الله أدومه وإن قل ) " انتهى باختصار .
"الباب المفتوح" (89 / 17)
ثالثا :
قيام الليل أفضل نوافل العبادات ، فيقدَّم على قراءة القرآن من غير صلاة ، إذا تعذر الجمع ، لا سيما وقيام الليل عبادة مؤقتة بوقت ، تفوت بفواته ، فالمشروع أداؤها في وقتها ، بخلاف قراءة القرآن ، فإنه يقرأ في كل وقت ، بالليل أو النهار
فيمكن استداركه في وقت آخر . ثم إن قيام الليل يتضمن قراءة القرآن ، وزيادة أعمال أخرى ، فهو أزيد في عمل الطاعة من القراءة المجرد ، وما كان أكثر عملا من الطاعات ، كان أعظم أجرا .
قال تعالى : ( لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ) آل عمران / 113
وقال تعالى: ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ) الإسراء/79
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" قِرَاءَة الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ ، وَمَا وَرَدَ مِنْ الْفَضْلِ لِقَارِئِ الْقُرْآنِ يَتَنَاوَلُ الْمُصَلِّيَ أَعْظَمَ مِمَّا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (23 / 282)
ولمعرفة شرف قيام الليل وبيان ثوابه وفضله ينظر الاسئلة السابقة.
رابعا :
ينبغي البدء بأذكار الصباح الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الوقت ، قبل قراءة القرآن ، لمن أراد القراءة ، وقبل الانشغال بالأعمال ، أو النوم ، لمن كان له شغل أو نوم في هذا الوقت
وذلك لأن الأذكار في هذا الوقت :
عبادة مؤقتة تفوت بفوات الوقت ؛ والعبادة المؤقتة تقدم في وقتها على غيرها ، وإن كان غيرها ـ من حيث الأصل ـ أفضل منها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الشَّيْءَ إذَا كَانَ أَفْضَلَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ لَمْ يَجِبْ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ فِي كُلِّ حَالٍ ، وَلَا لِكُلِّ أَحَدٍ ، بَلْ الْمَفْضُولُ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي شُرِعَ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ الْفَاضِلِ الْمُطْلَقِ ، كَمَا أَنَّ التَّسْبِيحَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَمِنْ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ ، وَالتَّشَهُّدِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ وَالدُّعَاءُ بَعْدَهُ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (24 / 236-237)
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" الأوراد الشرعية من الأذكار والدعوات الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم : فالأفضل أن يؤتى بها في طرفي النهار بعد صلاة الفجر وصلاة العصر ، وذلك أفضل من قراءة القرآن ؛ لأنها عبادة مؤقتة تفوت بفوات وقتها ، أما قراءة القرآن فوقتها واسع " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (8 / 312)
وينظر أيضا : (26 / 72) .
خامسا :
المقصود بقوله تعالى : ( إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ) الإسراء / 78 : صلاة الفجر ، كما قال ابن عباس ومجاهد والضحاك وابن زيد وغيرهم ، وليس مجرد القراءة عند الفجر .
راجع : "تفسير الطبري" (17/521-523)
قال ابن كثير رحمه الله :
" المراد صلاة الفجر ، كما جاء مصرحا به في الصحيحين : من أنه يشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار " انتهى .
"تفسير ابن كثير" (1 / 108)
وقد روى البخاري (649) ومسلم (649) عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( تَجْتَمِعُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ ) ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ : فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : ( إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ) .
وروى الترمذي (3135) وصححه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ : ( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ) قَالَ : ( تَشْهَدُهُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ ) .
والخلاصة :
أنه عند تعذر الجمع بين قيام الليل
والجلوس لذكر الله تعالى بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس :
يقدم قيام الليل على تلاوة القرآن بعد صلاة الفجر ؛ كما تقدم أذكار الصباح على التلاوة بعد الفجر ؛ وحينئذ : فالأكمل في حقك أن تجمعي بين التهجد ، والجلوس للذكر والقراءة بعد الفجر حتى تطلع الشمس
فإن لم تتمكني من ذلك :
فحافظي على التهجد بالليل ، وعلى وردك من الصلاة والقراءة قبل الفجر ، وخذي قسطك من الراحة والنوم بعد صلاة الفجر ، لكن عليك أن تنتهي من أذكار الصباح قبل أن تنامي ، وهي يسيرة إن شاء الله ، يمكنك الانتهاء منها في وقت يسير .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-20, 15:28
السؤال :
ما حكم قراءة دعاء القنوت في كل ليلة بعد الوتر؟
الجواب :
الحمد لله
"لا حرج في هذا . دعاء القنوت سنة ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت ، وقد علم الحسن القنوت وكلمات القنوت في الوتر ، فهو سنة ، فإذا قرأت في كل ليلة فلا بأس
وإن تركت في بعض الأحيان حتى يعلم الناس أنه ليس بواجب ، فهذا لا بأس به ، إذا ترك الإمام القنوت بعض الأحيان ليعلم الناس أنه ليس بواجب ، فلا بأس
النبي صلى الله عليه وسلم لما علم الحسن القنوت لم يقل له : دعه في بعض الأيام ، دل ذلك على أنه إذا استمر فلا حرج" انتهى .
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (2/1062) .
*عبدالرحمن*
2018-04-20, 15:29
السؤال :
أريد معرفة صلاة الوتر ذات الركعة الواحدة ما الآية التي تقرأ فيها هل تقرأ سورة ( سبح اسم ربك الأعلى ) ، أم سورة ( الإخلاص ) ، أم سورة ( الكافرون ) أم تقرأ الثلاث السور كلها ؟
الجواب :
الحمد لله
السنة لمن أوتر بثلاث ركعات أن يقرأ في الأولى بعد الفاتحة :
"سبح اسم ربك الأعلى" ، وفي الثانية : "قل يا أيها الكافرون" ، وفي الثالثة : "قل هو الله أحد" .
ودليل ذلك ما رواه أحمد (2715) والترمذي (462) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ : بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ، وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)
وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وروى النسائي (1730) وابن ماجه (1171) عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنهما قَالَ : (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوتِرُ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ، وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)
وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
واستحب بعض الأئمة أن يقرأ المعوذتين بعد سورة الإخلاص في الركعة الثالثة .
واستدلوا بما رواه الترمذي (463) عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت : بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يُوتِرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فقَالَتْ : (كَانَ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ، وَفِي الثَّالِثَةِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ) .
وقد صحح هذا الحديث : الحاكم ووافقه الذهبي ، وحسنه الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وضعفه الإمام أحمد ويحيى بن معين والعقيلي والشوكاني وغيرهم .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/599) :
"ويستحب أن يقرأ في ركعات الوتر الثلاث ، في الأولى بـ (سبح) ، وفي الثانية : (قل يا أيها الكافرون) ، وفي الثالثة : (قل هو الله أحد) وبه قال الثوري وإسحاق وأصحاب الرأي
وقال الشافعي :
يقرأ في الثالثة : (قل هو الله أحد) والمعوذتين
وهو قول مالك في الوتر
وقال في الشفع :
لم يبلغني فيه شيء معلوم ، وقد روي عن أحمد أنه سئل : يقرأ بالمعوذتين في الوتر ؟ قال : ولِمَ لا يقرأ ؟...
وحديث عائشة في هذا لا يثبت ، فإنه يرويه يحيى بن أيوب وهو ضعيف ، وقد أنكر أحمد ويحيى بن معين زيادة المعوذتين" انتهى .
وقول الإمام أحمد رحمه الله :
ولِمَ لا يقرأ ؟ يعني : مع ضعف الحديث ، فلا حرج عليه إذا قرأ المعوذتين مع قل هو الله أحد في الركعة الثالثة ، وإن كان الأصح أن يقتصر على (قل هو الله أحد) فقط .
وبالرغم من ورود حديث ابن عباس وأبي بن كعب وعائشة رضي الله عنهما في قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم هذه السور الثلاثة فقد اختلف العلماء في ذلك ، فذهب أبو حنيفة إلى أنه يقرأ في الوتر ما يشاء ، وكذا الإمام مالك ، في ركعتي الشفع ـ كما ذكره ابن قدامة عنه ، وقد نقلناه آنفاً.
وهو قول بعض التابعين كإبراهيم النخعي رحمه الله ، فقد روى عبد الرزاق في "المصنَّف" (3/34) عن إبراهيم النخعي قال : اقرأ فيهن ما شئت ، ليس فيهن شيء موقوت.أي : محدد .
وجاء في " المدونة " ( 1 / 212 ) :
وقال مالك :
الوتر واحدة ، والذي أقر به وأقرأ به فيها في خاصة نفسي : ( قل هو الله أحد ) ، و ( قل أعوذ برب الفلق ) ، و ( قل أعوذ برب الناس ) في الركعة الواحدة مع أمِّ القرآن : قال ابن القاسم : وكان لا يفتي به أحدا ، ولكنه كان يأخذ به في خاصة نفسه . انتهى.
وظاهر هذا ، أنه لم يثبت شيء عند الإمام مالك رحمه الله في القراءة في الوتر ، وإلا كان أفتى به .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (27/298) :
"ما يقرأ في صلاة الوتر .. اتفق الفقهاء على أنه يقرأ في كل ركعة من الوتر الفاتحة وسورة.
والسورة عند الجمهور سنة ...
ثم ذهب الحنفية إلى أنه لم يوقت في القراءة في الوتر شيء غير الفاتحة , فما قرأ فيه فهو حسن , وما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه قرأ به في الأولى بسورة (سبح اسم ربك الأعلى) , وفي الثانية بـ (الكافرون) وفي الثالثة (بالإخلاص) , فيقرأ به أحيانا , ويقرأ بغيره أحيانا للتحرز عن هجران باقي القرآن . وذهب الحنابلة إلى أنه يندب القراءة بعد الفاتحة بالسور الثلاث المذكورة ...
وذهب المالكية والشافعية إلى أنه يندب في الشفع (سبح , والكافرون) , أما في الثالثة فيندب أن يقرأ بسورة الإخلاص , والمعوذتين)" انتهى .
وإذا كان قد وقع الاختلاف مع ورود هذه الأحاديث في قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الوتر بثلاث ، فأولى أن يقع الاختلاف في القراءة إذا أوتر بركعة واحدة .
ويمكننا حصر أقوى ما ينبغي أن يقال في قراءة
الركعة الواحدة من الوتر في قولين :
1. الإخلاص ، أو الإخلاص والمعوذتان
– عند من يصحح حديثهما - .
2. التخيير ، فيقرأ ما يشاء ، وهذا أكثر ما ورد عن السلف .
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى ركعة الوتر ، وقرأ فيها بمائة آية من النساء، ولم يقرأ فيها بقل هو الله أحد .
فعن أبي مجلز أن أبا موسى : كان بين مكة والمدينة فصلَّى العشاء ركعتين ، ثم قام فصلى ركعة أوتر بها فقرأ فيها بمائة آية من النساء ، ثم قال : ما ألوت أن أضع قدمي حيث وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم قدميه ، وأنا أقرأ بما قرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم .
رواه النسائي ( 1728 ) وصححه الألباني في " صحيح النسائي " ، وهناك كلام لبعض أهل العلم في سماع أبي مجلز من أبي موسى ، وقد اعتمدنا ها هنا تصحيح الشيخ الألباني .
ومعنى " ألَوت " : أي : قصَّرت .
وقد نقل ابن حجر الهيتمي رحمه الله عن البلقيني أن من أوتر بغير ثلاث يقرأ بما يشاء ، غير أن ابن حجر توقف في ذلك .
فقال رحمه الله في
" تحفة المحتاج في شرح المنهاج " (2/227) :
"ويسنُّ في الأولى : قراءة " سبح " ، وفي الثانية " الكافرون " ، وفي الثالثة : " الإخلاص " ، و " المعوذتين " ؛ للاتباع ، وقضيته : أن ذلك إنما يسن إن أوتر بثلاث ؛ لأنه إنما ورد فيهن.
ولو أوتر بأكثر : فهل يسنُّ ذلك في الثلاثة الأخيرة فَصَلَ ، أو وَصَلَ ؟ محل نظر
ثم رأيتُ البلقيني قال : " إنه متى أوتر بثلاث مفصولة عما قبلها كثمان أو ست أو أربع : قرأ ذلك في الثلاثة الأخيرة ، ومن أوتر بأكثر من ثلاث موصولة : لم يقرأ ذلك في الثلاثة ، أي : لئلا يلزم خلو ما قبلها عن سورة ، أو تطويلها على ما قبلها ، أو القراءة على غير ترتيب المصحف ، أو على غير تواليه ، وكل ذلك خلاف السنَّة " اهـ .
نعم ، يمكن أن يقرأ فيما لو أوتر بخمس – مثلاً - : " المطففين " و " الانشقاق " في الأولى ، و " البروج " و " الطارق " في الثانية ، وحينئذ لا يلزم شيء من ذلك .انتهى .
والذي نراه أن تعليل البلقيني رحمه الله فيه نظر ، وقد ردَّ عليه بسهولة الهيتمي رحمه الله ، وكان اللائق أن يقول في السبب المانع من القراءة بما ورد في الثلاث إن صلَّى بأكثر منها : بأنه " إنما ورد فيهن " وهي عبارة الهيتمي نفسها في أول كلامه .
وقال ابن حزم في "المحلى" (3/50) :
"ويقرأ في الوتر بما تيسر من القرآن مع أم القرآن ، وإن قرأ في الثلاث ركعات مع أم القرآن بسبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد : فحسن ، وإن اقتصر على أم القرآن فحسن ، وإن قرأ في ركعة الوتر مع أم القرآن بمائة آية من النساء فحسن ، قال تعالى (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ) المزمل/20" انتهى .
والخلاصة :
الذي يظهر لنا فيمن أوتر بركعة واحدة أنه يقرأ ما يشاء بعد الفاتحة ، وليس هناك قراءة معينة وردت بها السنة ، وإذا قرأ بقل هو الله أحد فلا حرج عليه .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-04-20, 15:30
السؤال :
أرجو التكرم بذكر أقوال العلماء بشأن حكم تقسيم صلاة التراويح في العشر الأواخر من رمضان قسمين :
في أول الليل ، وآخره , كما يفعل كثير من المساجد ، مع ذكر الأدلة إن أمكن .
الجواب :
الحمد لله
المستحب في ليالي رمضان إحياؤها بالقيام والصلاة والعبادة ، وتخصيص العشر الأواخر منه بمزيد تعبد واجتهاد ، طلبا للمغفرة والرحمة ، وتحريا لليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.
ثم إن صلاة التراويح تعتبر من قيام الليل ، وتسميتها بالتراويح لما يتخللها من أخذ قسط يسير من الراحة بين الركعات ، ولذلك فالأمر فيها واسع ، يجوز للعبد أن يصلي في الليلة ما شاء من الركعات ، وفي أي وقت من الليل شاء .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (34/123) :
" لا خلاف بين الفقهاء في سنية قيام ليالي رمضان ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )
وقال الفقهاء : إن التراويح هي قيام رمضان ؛ ولذلك فالأفضل استيعاب أكثر الليل بها ; لأنها قيام الليل " انتهى .
وما يقوم به كثير من الأئمة اليوم – خاصة في العشر الأواخر – من الصلاة بالناس التراويح بعد العشاء مباشرة ، ثم الرجوع إلى المسجد في ساعة متأخرة من الليل للصلاة والقيام
هو من المشروع لا من الممنوع ، وليس هناك ما يمنعه ، والمطلوب هو الاجتهاد في العشر الأواخر على حسب الاستطاعة ، فإذا قَسَّم المرء ليله ما بين صلاة وراحة ونوم وقراءة قرآن فقد أحسن .
قال الشيخ عبد الله أبابطين
– كما في "الدرر السنية" (4/364) - :
" مسألة في الجواب عما أنكره بعض الناس على من صلى في العشر الأواخر من رمضان زيادة على المعتاد في العشرين الأول ، وسبب إنكارها لذلك غلبة العادة ، والجهل بالسنة وما عليه الصحابة والتابعون وأئمة الإسلام .
فنقول: قد وردت الأحاديث عن النبي صلى الله وعليه وسلم بالترغيب في قيام رمضان ، والحث عليه ، وتأكيد ذلك في عشره الأخير .
إذا تبين أنه لا تحديد في عدد التراويح ، وأن وقتها عند جميع العلماء من بعد سنة العشاء إلى طلوع الفجر ، وأن إحياء العشر سنة مؤكدة ، وأن النبي صلى الله وعليه وسلم صلاها ليالي جماعة ، فكيف ينكر على من زاد في صلاة العشر الأواخر عما يفعلها أول الشهر ، فيصلي في العشر أول الليل
كما يفعل في أول الشهر ، أو قليل ، أو كثير ، من غير أن يوتر ، وذلك لأجل الضعيف لمن يحب الاقتصار على ذلك ، ثم يزيد بعد ذلك ما يسره الله في الجماعة ، ويسمى الجميع قياماً وتراويح .
وربما اغتر المنكر لذلك بقول كثير من الفقهاء :
يستحب أن لا يزيد الإمام على ختمة ، إلا أن يؤثر المأمومون الزيادة ، وعللوا عدم استحباب الزيادة على ختمة بالمشقة على المأمومين ، لا كون الزيادة غير مشروعة ، ودل كلامهم على أنهم لو آثروا الزيادة على ختمة كان مستحباً ، وذلك مصرح به في قولهم : إلا أن يؤثر المأمومون الزيادة .
وأما ما يجري على ألسنة العوام من تسميتهم ما يفعل أول الليل تراويح ، وما يصلي بعد ذلك قياماً ، فهو تفريق عامي ، بل الكل قيام وتراويح ، وإنما سمي قيام رمضان تراويح لأنهم كانوا يستريحون بعد كل أربع ركعات من أجل أنهم كانوا يطيلون الصلاة
وسبب إنكار المنكر لذلك لمخالفته ما اعتاده من عادة أهل بلده وأكثر أهل الزمان ، ولجهله بالسنة والآثار ، وما عليه الصحابة والتابعون وأئمة الإسلام ، وما يظنه بعض الناس من أن صلاتنا في العشر هي صلاة التعقيب الذي كرهه بعض العلماء فليس كذلك ؛ لأن التعقيب هو التطوع جماعة بعد الفراغ من التراويح والوتر .
هذه عبارة جميع الفقهاء في تعريف التعقيب أنه التطوع جماعة بعد الوتر عقب التراويح، فكلامهم ظاهر في أن الصلاة جماعة قبل الوتر ليس هو التعقيب " انتهى باختصار .
وقال الشيخ صالح الفوزان في كتاب
"إتحاف أهل الإيمان بمجالس شهر رمضان" :
" وأما في العشر الأواخر من رمضان ، فإن المسلمين يزيدون من اجتهادهم في العبادة ، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وطلباً لليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ، فالذين يصلون ثلاثاً وعشرين ركعة في أول الشهر يقسمونها في العشر الأواخر ، فيصلون عشر ركعات في أول الليل ، يسمونها تراويح
ويصلون عشراً في آخر الليل ، يطيلونها مع الوتر بثلاث ركعات ، ويسمونها قياماً ، وهذا اختلاف في التسمية فقط ، وإلا فكلها يجوز أن تسمى تراويح ، أو تسمى قياماً ، وأما من كان يصلى في أول الشهر إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة فإنه يضيف إليها في العشر الأواخر عشر ركعات ، يصليها في آخر الليل ، ويطيلها ، اغتناماً لفضل العشر الأواخر
وزيادة اجتهاد في الخير ، وله سلف في ذلك من الصحابة وغيرهم ممن كانوا يصلون ثلاثاً وعشرين كما سبق ، فيكونون جمعوا بين القولين : القول بثلاث عشرة في العشرين الأول ، والقول بثلاث وعشرين في العشر الأواخر " انتهى .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-20, 15:33
السؤال :
أتتني رسالة تحتوى على أحاديت فى فضل صلاة الليل عن الرسول عليه الصلاة والسلام ، وهذه الأحاديث لأول مرة أسمعها في حياتي ، أرجو من حضراتكم أن توضحوا لي إذا كانت هذه الأحاديث صحيحة أو لا :
عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال : قال رسول الله عليه الصلاة والسلام : ( من صلى ليلة الجمعة ركعتين ، وقرأ فى كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة الزلزلة 15 مرة ، فاذا فرغ من صلاته يقول : يا حي يا قيوم ، ياذا الجلال والاكرام ( 100 مرة )
آمنه الله من عذاب القبر وظلمته وضيقته ، وأهوال يوم القيامة ، ولا يقوم من مقامه لا جائعا ولا ظمآنا ، ويكسى حلة من نور ، ولا يخرج من الدنيا حتى يرى مقعده فى الجنة ) .
الحديث التاني : عن معاذ بن جبل رضى الله عنه قال رسول الله عليه الصلاة والسلام : ( من صلى ليلة السبت 16 ركعة ، وقرأ فى كل ركعة الفاتحة وسورة الاخلاص ( 31 مرة )
أخرج المكر والوسواس والعجب والرياء من قلبه ، ويجمع الله فى قلبه النور والرحمة والرأفة ، ويلبسه يوم القيامة المغفرة ، ويبقى وجهه كالقمر ليلة البدر ، ويبنى له بكل ركعة قصر فى الجنة ) ...إلى العديد ممَّا هو مكتوب من الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم .
أرجوكم أفيدوني ، هل أصلي هذه الصلوات
وهل هى صحيحة أم ضعيفة ؟
الجواب :
الحمد لله
لم يرد حديث صحيح في فضل تخصيص يوم من أيام الأسبوع أو لياليه بقيام أو صلاة نافلة ، وكل ما ورد في ذلك فهو منكر مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا تجوز روايته فضلا عن العمل به ، ومن عمل بمثل هذه الأحاديث المكذوبة فإنما يبتدع في الدين ما ليس منه ، فليحذر عقوبة الله وغضبه .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في
"مجموع الفتاوى" (23/134) :
" والصلاة يوم الأحد والاثنين وغير هذا من أيام الأسبوع - وإن كان قد ذكرها طائفة من المصنفين فى الرقائق - فلا نزاع بين أهل المعرفة بالحديث أن أحاديثه كلها موضوعة
ولم يستحبها أحد من أئمة الدين ، وفى صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لَا تَخُصُّوا لَيلَةَ الجُمعَةِ بِقِيَامٍ ، وَلَا يَومَ الجُمعَةِ بِصِيَامٍ ) والله أعلم " انتهى .
ويقول ابن القيم في "المنار المنيف" (95) :
" أحاديث صلوات الأيام والليالي ، كصلاة يوم الأحد وليلة الأحد ويوم الاثنين وليلة الاثنين إلى آخر الأسبوع ، كل أحاديثها كذب " انتهى .
ويقول العراقي رحمه الله في "تخريج الإحياء" (1/259) :
" ليس يصح في أيام الأسبوع ولياليه شيء
وكلها ضعيفة منكرة " انتهى .
وقال الشوكاني في "الفوائد المجموعة" (46) :
" قال في المختصر : لا يصح في صلاة الأسبوع شيء " انتهى .
وقد جاء في فضل قيام الليل مطلقا آيات
كريمة وأحاديث صحيحة سبق بيانها
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-20, 15:34
السؤال :
نويت أن أحيى ليلة القدر فى المسجد ، ولكن لم أستطع ، فصليت التراويح فى بيتي أنا وزوجتي وأولادي .
فهل تصح صلاتي هذه أم لا ؟
سؤالي الثاني : لقد صليت ثنتي عشرة ركعة أنا وأسرتي ، وكنت أنا الإمام ، ولكن صليت بهم سرا وليس جهرا .
أفيدونى أفادكم الله ؟
الجواب :
الحمد للَّه
أولا :
صلاة التراويح في البيت جائزة لا حرج فيها ، إلا أن صلاتها جماعة في المسجد أفضل .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
عندما يمر شهر رمضان وحان وقت صلاة التراويح ، هل أذهب إلى المسجد أم أصلي في بيتي ، وأنا لست إماما ولكن مأموم ، وأحب أن أقرأ القرآن ، وأفضل قراءتي عن استماعي ، وإذا صليت في بيتي هل فيه ذنب علي ، نقصد صلاة التراويح فقط ؟
فأجابوا :
"لا حرج عليك في صلاتها في البيت لكونها نافلة ، لكن صلاتها مع الإمام في المسجد أفضل ، تأسِّياً بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه لما صلى بهم التراويح في بعض الليالي إلى ثلث الليل وقال له بعضهم : لو نَفَّلتَنا بقيةَ ليلتنا : ( من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له قيام ليلته )
رواه أحمد (5/159) وأصحاب السنن بإسناد حسن من حديث أبي ذر رضي الله عنه " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (7/201-202) .
ثانيا :
الأصل في صلاة التراويح أنها من الصلوات الجهرية لما ثبت عن الصحابة رضوان الله عليهم في صلاتها زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، حيث كان أبي بن كعب وغيره يقومون بالناس فيطيلون القراءة .
ولكن الجهر في الصلاة الجهرية ، والإسرار في الصلاة السرية بالنسبة للإمام هو من مندوبات الصلاة ، وليس من واجباتها ، كما هو مذهب جمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (16/188) :
" يرى جمهور الفقهاء أنّ الجهر فيما يجهر به والإخفات فيما يخافت فيه سنّة من سنن الصّلاة ، وذهب الحنفيّة إلى أنّه يجب الجهر فيما يجهر به والمخافتة فيما يخافت فيه " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في
"نور على الدرب" (الصلاة/218):
" الجهر بالقراءة في الصلاة الجهرية ليس على سبيل الوجوب ، بل هو على سبيل الأفضلية ، فلو أن الإنسان قرأ سرّاً فيما يشرع فيه الجهر لم تكن صلاته باطلة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن )
ولم يقيد هذه القراءة بكونها جهراً أو سراً ، فإذا قرأ الإنسان ما تجب قراءته سرّاً أو جهراً فقد أتى بالواجب ، لكن الأفضل فيما يسن فيه الجهر كالركعتين الأوليين من صلاتي المغرب والعشاء وكصلاة الفجر وصلاة الجمعة وصلاة العيد وصلاة الاستسقاء وصلاة التراويح وما أشبه ذلك مما هو معروف
ولو تعمد الإنسان وهو إمام أن لا يجهر فصلاته صحيحة ، لكنها ناقصة ، أما المنفرد إذا صلى صلاة جهرية فإنه يخير بين الجهر والإسرار ، وينظر ما هو أنشط له وأقرب إلى الخشوع فيقوم به " انتهى
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء" (6/392) :
"ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر بالقراءة في ركعتي الصبح ، وفي الأوليين من صلاة المغرب وصلاة العشاء ، فكان الجهر في ذلك سنة ، والمشروع في حق أمته أن تقتدي به لقوله تعالى : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ) الأحزاب/21 ، ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( صَلُّوا كَمَا رَأَيتُمُونِي أُصَلِّي ) .
وإن أسر في موضع الجهر كان تاركا للسنة
ولا تبطل صلاته بذلك " انتهى .
والخلاصة : أن صلاتك صحيحة ولا شيء عليك .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-20, 15:36
السؤال :
لا أحفظ الكثير من سور القرآن لأني لا أزال أتعلم
فهل يجوز أن أعيد قراءة نفس السور في صلاة التراويح ؟.
الجواب :
الحمد لله
لا حرج في إعادة قراءة نفس السورة في صلاة التراويح ، أو غيرها من الصلوات ، فيقرأ سورة في الركعة الأولى ، ثم يعيد السورة نفسها في الركعة الثانية .
ودليل ذلك عموم قول الله تعالى : ( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) المزمل/20 .
وروى أبو داود (816) عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ أَنَّ رَجُلا مِنْ جُهَيْنَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ : (إِذَا زُلْزِلَتْ الأَرْضُ) فِي الرَّكْعَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا . فَلا أَدْرِي أَنَسِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ قَرَأَ ذَلِكَ عَمْدًا ؟ حسنه الألباني في صحيح أبي داود .
قال عبد العظيم آبادي :
تردد الصحابي في أن إعادة النبي صلى الله عليه وسلم للسورة هل كان نسيانا لكون المعتاد من قراءته أن يقرأ في الركعة الثانية غير ما قرأ به في الأولى فلا يكون مشروعا لأمته أو فعله عمد البيان الجواز ؟ فتكون الإعادة مترددة بين المشروعية وعدمها وإذا دار الأمر بين أن يكون مشروعا أو غير مشروع فحمل فعله صلى الله عليه وسلم على المشروعية أولى لأن الأصل في أفعاله التشريع والنسيان على خلاف الأصل .
" عون المعبود " ( 3 / 23 ) .
بل لا حرج أن يكرر السورة نفسها أو الآية نفسها في الركعة الواحدة .
روى النسائي (1010) وابن ماجه (1350) عن أَبي ذَرٍّ رضي الله عنه قال : قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِآيَةٍ حَتَّى أَصْبَحَ يُرَدِّدُهَا ، وَالآيَةُ : ( إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) حسنه الألباني في صحيح النسائي .
وروى البخاري (5014) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَجُلا سَمِعَ رَجُلا يَقْرَأُ : ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) يُرَدِّدُهَا ، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ ) .
وفي رواية : ( أَنَّ رَجُلا قَامَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ مِنْ السَّحَرِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ لا يَزِيدُ عَلَيْهَا ) .
فأقره الرسول صلى الله عليه وسلم على تكرار السورة نفسها .
قال الحافظ :
" الْقَارِئ هُوَ قَتَادَةُ بْن النُّعْمَان , أَخْرَجَ أَحْمَد مِنْ طَرِيق أَبِي الْهَيْثَم عَنْ أَبِي سَعِيد قَالَ : ( بَاتَ قَتَادَةُ بْن النُّعْمَان يَقْرَأ مِنْ اللَّيْل كُلّه قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد لا يَزِيد عَلَيْهَا ) الْحَدِيث . . . وَقَدْ أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيق إِسْحَاق بْن الطَّبَّاع عَنْ مَالِك فِي هَذَا الْحَدِيث بِلَفْظِ : ( إِنَّ لِي جَارًا يَقُوم بِاللَّيْلِ فَمَا يَقْرَأ إِلا بـ قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد ) " انتهى .
ونسأل الله أن يوفقك لحفظ كتابه ، والعمل بما فيه .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-20, 15:38
السؤال :
هل يجوز مناداة الزوجة للفراش أو لوضع العشاء أو لأي أمر كان وهى تصلى التراويح قبل أن تكمل الإحدى عشرة ركعة ؟
وهل يجوز أن تصلي جزءاً وتقوم بواجباتها المنزلية وتعود لتكملة ما تبقى من صلاة التراويح ؟.
الجواب :
الحمد لله
يجوز للمسلم أن يصلي التراويح متوالية وله أن يصليها متفرقة ، فمن أراد أن يصليها أول الليل أو أوسطه أو آخره دون الانشغال بعملٍ آخر : فله ذلك ولا حرج عليه ، ومن أراد أن يصلي أول الليل شيئا من القيام ويؤخر الباقي إلى آخر الليل : فلا حرج عليه أيضاً .
وعليه : فيجوز للمرأة أن تصلي التراويح وأن تفصل بين كل ركعتين بما يحتاجه الزوج أو الأولاد من أعمال ، ولا يؤثر هذا على صلاتها ، بل هي مأجورة على صلاها وعلى خدمتها لزوجها وبيتها .
كما أن حق الزوج مقدم على صلاة التراويح لأن حقه واجب على الزوجة والتروايح سنة ، والواجب مقدم على السنة .
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم المرأة عن
صيام النفل إلا بإذن زوجها .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه وما أنفقت من نفقة عن غير أمره فإنه يؤدى إليه شطره ) .
رواه البخاري ( 4899 ) ومسلم ( 1026 ) .
وسبب النهي أنها إن صامت فوتت بذلك حق الزوج عليها من الاستمتاع من أجل فعل نافلة ، ولا يجوز فعل نافلة وتضييع واجب .
قال الحافظ ابن حجر :
وفي الحديث أن حق الزوج آكد على المرأة من التطوع بالخير لأن حقه واجب والقيام بالواجب مقدم على القيام بالتطوع .
" فتح الباري " ( 9 / 296 ) .
فعلى الزوجة أن توفق بين القيام بكلا الأمرين
دون إفراط ولا تفريط .
وعلى الزوج أن لا يُشغل زوجته بأمورٍ تافهة يمكن تأجيلها ووليكن عوناً لها على القيام والدعاء وقراءة القرآن ففي ذلك خير له ولها ولأسرتهما .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-04-20, 15:40
السؤال :
هل يجوز ترك صلاة الوتر ؟
وما يترتب على تركها ؟.
الجواب :
الحمد لله
صلاة الوتر سنة مؤكدة عند جمهور العلماء
ومن الفقهاء من أوجبها .
ويدل على عدم وجوبها : ما رواه البخاري (1891) ومسلم (11) عن طَلْحَةَ بْن عُبَيْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قال : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ الصَّلاةِ ؟ فَقَالَ : ( الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ إِلا أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا ) ولفظ مسلم : ( خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ .
فَقَالَ : هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا ؟ قَالَ : لا ، إِلا أَنْ تَطَوَّعَ ) .
قال النووي :
" فِيهِ : أَنَّ صَلاة الْوِتْر لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ " انتهى .
وقال الحافظ في "الفتح" :
" فيه : أَنَّهُ لا يَجِب شَيْء مِنْ الصَّلَوَات فِي كُلّ يَوْم وَلَيْلَة غَيْر الْخَمْس , خِلافًا لِمَنْ أَوْجَبَ الْوِتْر أَوْ رَكْعَتَيْ الْفَجْر " انتهى .
ومع ذلك فهي آكد السنن ، فقد أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث .
روى مسلم (754) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَوْتِرُوا قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا ) .
وروى أبو داود (1416) عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ ، أَوْتِرُوا ، فَإِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ )
صححه الألباني في صحيح أبي داود .
ولهذا فينبغي المحافظة عليها حضرا وسفرا ، كما كان يفعل صلى الله عليه وسلم ، فقد روى البخاري (1000) ومسلم (700) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ يُومِئُ إِيمَاءً صَلاةَ اللَّيْلِ إِلا الْفَرَائِضَ وَيُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ ) .
قال ابن قدامة رحمه الله :
" الوتر غير واجب وبهذا قال مالك والشافعي .
وقال أبو حنيفة : هو واجب " .
ثم قال : " قال أحمد : من ترك الوتر عمدا فهو رجل سوء ، ولا ينبغي أن تقبل له شهادة ، وأراد المبالغة في تأكيده لما قد ورد فيه من الأحاديث في الأمر به ، والحث عليه " انتهى
بتصرف من "المغني" (1/827) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة :
هل صلاة الوتر واجبة وهل الذي يصليها يوماً
ويتركها اليوم الآخر يؤاخذ ؟
فأجابوا :
" صلاة الوتر سنة مؤكدة ، ينبغي أن يحافظ المؤمن عليها ، ومن يصليها يوما ويتركها يوما لا يؤاخذ ، لكن ينصح بالمحافظة على صلاة الوتر ثم يشرع له أن يصلي بدلها من النهار ما فاته شفعا ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك
كما ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شغله نوم أو مرض عن صلاة الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة .
خرجه مسلم في صحيحه
وكان صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل غالبا إحدى عشرة ركعة ، يسلم من كل اثنتين ويوتر بواحدة ، فإذا شغل عن ذلك بنوم أو مرض صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة
كما ذكرت ذلك رضي الله عنها ، وعلى هذا إذا كانت عادة المؤمن في الليل خمس ركعات فنام عنها أو شغل عنها بشيء شُرع له أن يصلي من النهار ست ركعات يسلم من كل اثنتين
وهكذا إذا كانت عادته ثلاثا صلى أربعا بتسليمتين ، وإذا كانت عادته سبعا صلى ثمان يسلم من كل اثنتين " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (7/172) .
*عبدالرحمن*
2018-04-20, 15:42
و اخيرا ً
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
مع جذء اخر من سلسلة
مكانه الصلاة في الاسلام
و اسال الله ان يجمعني بكم
دائما علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وردة السلام
2018-05-17, 04:26
شكرا بارك اللهةفيكم وجعله في ميزان حسناتكم
tayeb sahnone
2018-05-17, 09:59
شكرا لك جزاك الله خيرا
~ابتسامة~
2018-05-17, 12:17
شكرا بارك الله فيك
أولا بارك الله فيك أخي
*عبدالرحمن* (http://www.djelfa.info/vb/member.php?u=669166)
متميز كعادتك ومواضيع رائع وفريدة
ثانيا رمضان مبارك لنا جميعا و أهله الله علينا بالخير واليمن والبركات
وربي يتقبل منا صالح الأعمال و الصلاة والصيام والقيام
ca4tech.com
2018-05-18, 08:55
رمضان كريم عليك وعلى الأمة الاسلامية كلها
ca4tech.com
2018-05-18, 09:00
رمضان كريم عليك وعلى الجميع
*عبدالرحمن*
2019-10-01, 18:20
شكرا بارك الله فيكم وجعله في ميزان حسناتكم
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
الشكر موصول لحضورك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما
بارك الله فيكِ
و جزاكِ الله عنا كل خير
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir