المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإيمان بالكتب السماويه


*عبدالرحمن*
2018-03-20, 06:14
اخوة الاسلام


السلام عليكم ورحمه الله وبكاته

الإيمان بالكتب السماويه


أنزل الله عز وجل كتبه هداية للعباد، وجعل لها المنزلة السامية، والمكانة الرفيعة، وجعل الإيمان بها ركناً من أركان دينه، لا يصح إيمان العبد إلا بالإيمان بها.

وقد رتب سبحانه على الإيمان بكتبه ثمرات عظيمة، لعل من أهمها السعادة في الدنيا والفوز في الآخرة، ذلك أنَّ من لم يؤمن بتلك الكتب فقد خالف أمر الله تعالى، وضل ضلالا بعيداً، قال تعالى: { ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا } ( النساء:136) فقد قرن سبحانه الإيمان بكتبه بالإيمان به، وجعل عاقبة الكفران بها كعاقبة الكفران به، سواء بسواء.

ومن ثمرات الإيمان بالكتب السماوية استشعار المسلم لنعم الله عليه

وآلاءه التي لا تعد ولا تحصى، فقد جعل له كتباً تهديه سبل الرشاد، فلم يتركه سبحانه هملاً تتخطفه الأهواء والشهوات، وتتقاذفه الميول والرغبات، بل هيأ له من الأسباب ما يصلح أمره ويسدد وجهته. ولن يقدِّر العبد ما أسبغ الله عليه من نعمة الإيمان به، وما يتبعه من إيمان بما أنزله من كتب إلا عندما يتأمل حال من حُرم هذه النعم

وحال من كان يحيا حياة الغي والضلال، لا يدري الهدف من سيره، وما هي الغاية التي يسعى إليها من مسيره، قال تعالى: { أفمن يمشي مكباً على وجهه أهدى أمن يمشي سوياً على صراط مستقيم } (الملك:22) وقال أيضاً في حق الضالين عن هديه: { أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون }( الأعراف:179).

ومن ثمرات الإيمان بالكتب السماوية - علاوة على ما ذكر

- أنه يمنح المؤمن الشعور بالراحة والطمأنينة، وذلك بمعرفته أن الله سبحانه قد أنزل على كل قوم من الشرائع ما يناسب حالهم، ويحقق حاجتهم، ويهديهم لما فيه صلاح أمرهم في الدنيا والآخرة، قال تعالى:{ لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا } (المائدة: 48)، فإذا كان المؤمن على بينة من هذه السنة الإلهية ازداد إيماناً مع إيمانه، ويقيناً فوق يقينه، فيزداد حباً لربه ومعرفة له وتعظيماً لقدره

فتنطلق جوارحه عاملة بأوامر الله فتتحقق الغاية العظيمة من الإيمان بالكتب - وهي العمل بما فيها - فينال ثمرة هذا الإيمان سعادة في الدنيا وفوزاً في الآخرة، وقد وعد الله عز وجل العاملين بشرعه الخير والبركات في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: { ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض }(الأعراف:96) وقال أيضاً: { ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون }(المائدة:66).

هذه بعض فوائد الإيمان بالكتب السماوية، وهي فوائد عظيمة وجليلة. ولا ريب أن للإيمان بالكتب السماوية فوائد أخرى لم نأتِ على ذكرها، لكن يمكن أن يستشعرها كل من أمعن النظر وعاش تجربة الإيمان بها .

.....

أركان الايمان بشكل عام

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2134391

الإيمان بالله

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2134558

الإيمان بالملائكه

https://www.djelfa.info/vb/showthrea...post3997428968

مجمل الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2134705

عذاب القبر ونعيمه

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?p=3997430760#post3997430760

و اخيرا

اسالكم الدعاء بظهر الغيب

*عبدالرحمن*
2018-03-20, 06:17
السؤال :

في كتاب "الزمرد" لابن الراوندي ذكر فيه أن العرب عجزوا عن الإتيان بمثل هذا القرآن بسبب انشغالهم بالقتال ، أرجو الرد علي هذه الشبهة ، مع وضع أدلة قاطعة علي نبوة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم ، مع استخدام ألفاظ سهلة .

الجواب :

الحمد لله

أولًا:

سنقدم بين يدي الجواب ملخصًا، لإثبات أن القرآن من الله سبحانه، وقد قمنا بتلخيص هذه الأوجه، من كتاب النبأ العظيم، للدكتور محمد عبدالله دراز رحمه الله .

وقد أخبر القرآن عن مصدره، لكننا سننطلق في الإجابة عن هذا السؤال، بذكر الحجج التي يمكننا أن نصل عبرها للإيمان بأن الله تعالى هو مصدر هذا الكتاب المجيد .

الحجة الأولى: حجة الإقرار .

لقد أقر محمد صلى الله عليه وسلم أن القرآن الذي جاء به ليس من كلامه، وإنما هو وحي أوحاه الله إليه، ونحن نعلم أنه لم يكن لينسب هذا الكلام الذي عجز العرب عن مجاراته ليستجلب مزيدًا من الأتباع، فقد جاء الأمر في القرآن باتباعه، ونعلم أيضًا أن شواهد أحواله، ومعرفتنا بصدقه قبل البعثة، أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس، ويكذب على الله .

الحجة الثانية: أمية النبي صلى الله عليه وسلم .

لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ممن يرجع بنفسه لكتب العلم ودواوينه، ومن المتفق عليه : كونه صلى الله عليه وسلم لم يكن يمارس القراءة والكتابة قبل بعثته.

ولا يمكن أن يكون القرآن من استنباط النبي بالذكاء الفطري الذي كان يتمتع به، لأن القرآن قد احتوى على ما لا يمكن أن يستنبط بالعقل ولا بالتفكير، وفيه أيضًا ما لا يدرك بالوجدان ولا بالشعور، كالوقائع التاريخية، والحقائق الدينية الغيبية، والتي جاءت في القرآن بصورة مفصلة، والإخبار بالأمور المستقبلية، والتي وقعت كما أخبر .

الحجة الثالثة: عدم أخذ القرآن عن معلم .

لا يمكن أن يكون القرآن قد أخذ عن معلم، لأن قوم النبي صلى الله عليه وسلم كانوا من الجهل بحيث لا يمكن أن يكون أحدهم معلمًا لمحمد .

ولو فرضنا أن فيهم من يصلح لذلك، فلِمَ لم يأخذوا عنه ، كما أخذ محمد ، بدلًا من مقارعته بالسيوف ؟!

ومن المستحيل أن يكون القرآن قد أخذ عن اليهود والنصارى، ولينظر قائل تلك المقالة إلى حديث القرآن عن أهل الكتاب، وذكره لهم، وكيف يصور القرآن علومهم بأنها الجهالات، وعقائدهم بأنها الخرافات، وأعمالهم بأنها الجرائم والمنكرات .

وفي القرآن ما لا يوجد في كتب أهل الكتاب، كقصة هود وشعيب عليهما السلام، فمن أين أتى بها ؟!

ولا يمكن أن يكون القرآن قد أُخذ عن شعر بعض العرب، كأمية بن أبي الصلت وغيره، لأن القرآن نفى أن يكون شعرًا، ولأن في الشعر ما لا يوجد في القرآن، كوصف الخمر، ونحوها، ولأن العرب لم يدع أحد منهم أن القرآن مسروق أو منحول من الشعر الموجود في ذلك العصر ، أيًا كان قائله .

الحجة الرابعة: التحدي وعجز العرب .

لقد تحدى القرآن العرب، وكرر التحدي عليهم أن يأتوا بمثل القرآن، وظل يتدرج بهم إلى أن وصل أن يأتوا بسور من مثل القرآن، فعجزوا .

أفإن كان القرآن من كلام محمد، فلم عجزت العرب عنه ؟!

إن أحدًا منهم لم يستطع أن يجاريه، ولا أن يطعن في عربيته، ولذا: فإن أي طعن يوجه للقرآن من جهة عربيته ، من طاعن متأخر عن أبي جهل، وأبي لهب ، وأضرابهما : فاعلم أنه باطل في ذاته؛ إذ لو كان صحيحًا لما غفل عنه هؤلاء الأعداء، وهم أبصر الناس باللغة، وأحرصهم على الطعن في القرآن .

الحجة الخامسة: ظاهرة الوحي .

لم يكن الوحي حالة اختيارية تعتري محمدًا صلى الله عليه، بل كان حالة غير اختيارية، وهذا - لمن يؤمن بالغيب - دليل على كون القرآن من عند الله، فقوة الوحي قوة خارجية، لأنها تتصل بنفس محمد حينًا بعد حين، وهي قوة عالمة، وهي قوة أعلى من قوته، لأنها تحدث آثارًا في بدنه، وهي قوة خيرة معصومة، لا توحي إليه إلا الحق، فماذا عسى أن تكون تلك القوة إن لم تكن قوة ملك كريم ؟!

ولم يكن الوحي يعكس شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، ففي أكثر الأوقات لا يذكر عنه شيئًا، وتأمل - مثلًا -: حين مات عمه أبو طالب، وزوجته خديجة، وحزن لذلك حزنًا شديدًا، ومع ذلك لم يشر الوحي إلى ذلك .

بل نجد في الوحي آيات اللوم والعتاب له عليه الصلاة والسلام .

الحجة السادسة: إعجاز القرآن .

لقد جاء القرآن نموذجًا لا يبارى في الأدب العربي، إنه المثل الأعلى لما يمكن أن يسمى أدبًا بوجه عام، فلغته تأخذ بالقلوب، وتفحم بالحجة، وتجلب السرور الهادئ لا الصاخب .

1- لغة القرآن مادة صوتية، تبعد عن طراوة لغة أهل الحضر، وخشونة لغة أهل البادية، إنها تجمع بين رقة الأولى، وجزالة الثانية .

2- إنها ترتيب في مقاطع الكلمات ، في نظام أكثر تماسكًا من النثر، وأقل نظمًا من الشعر .

3-كلماته منتقاة، لا توصف بالغريب إلا نادرًا، تمتاز بالإيجاز العجيب، والنقاء في التعبير .

4- إنه أسلوب يجمع بين العقل والعاطفة على رغم ما بينهما من تباعد .

5- وهو في وحدة سوره، وترتيبها، وتناسق أجزائها : آية ؛ وأي آية ! .

ثانيًا:

لا يصح القول : إن العرب انصرفت هممهم عن معارضة القرآن، لأمور:

1- لأن الأسباب الباعثة على المعارضة كانت موفورة متضافرة، سيما مع استثارة حميتهم، والدعوة التي تكررت لهذه المعارضة، ولهي أهون عليهم مما قاموا به .

2- أن العرب قعدوا حتى عن تجربة المعارضة، ولم يشرع منهم إلا أقلهم عددًا، وأسفههم رأيًا، إذًا: فلقد كانوا في غنى بهذا العلم الضروري عن طلب الدليل عليه بالمحاولات والتجارب .

لقد كان القرآن نفسه مثار عجبهم وإعجابهم، ولقد كانوا يخرون سجدًا لسماعه .

يقول الدكتور دراز: " الشبهة الثالثة : شبهة القائل بأن عدم معارضة العرب لأسلوب القرآن ، ربما كان بسبب انصرافهم ، لا بسبب عجزهم:

فإن قال لنا: نعم، قد علمتُ أنه لم يأتِ أحد بشيء في معارضة القرآن، ولكن ليس كل ما لم يفعله الناس ، يكون خارجًا عن حدود قدرتهم، فربما ترك الإنسان فعلًا هو من جنس أفعاله الاختيارية :

لعدم قيام الأسباب التي من شأنها أن تبعث عليه .

أو لأن صارفًا إلهيًّا ثبط همته ، وصرف إرادته عنه ، مع توافر الأسباب الداعية إليه .

أو لأن عارضًا فجائيًّا عطَّل آلاته ، وعاق قدرته عن إحداث ذلك الفعل ، بعد توجه إرادته نحوه .

فعلى الفرضين الأولين : يكون عدم معارضة القرآن : قلة اكتراث بشأنه ، لا عجزًا عن الإتيان بمثله، وعلى الفرض الأخير يكون تركه عجزًا عنه حقًّا، لكن ليس لمانع فيه من جهة علو طبقته عن مستوى القدرة البشرية، بل لمانع خارجي ، هو حماية القدرة العليا له، وصيانتها إياه عن معارضة المعارضين، ولو أزيل هذا المانع لجاء الناس بمثله.

= قلنا له:

هذه الفروض كلها لا تنطبق على موضوعنا بحال :

أما الأول: فإن الأسباب الباعثة على المعارضة ، كانت موفورة متضافرة، وأي شيء أقوى في استثارة حمية خصمك من ذلك التقريع البليغ المتكرر الذي توجهه إليه ، معلنًا فيه عجزه عن مضاهاة عملك؟

إن هذا التحدي كافٍ وحده في إثارة حفيظة الجبان ، وإشعال همته للدفاع عن نفسه بما تبلغه طاقته ؛ فكيف لو كان الذي تتحداه مجبولًا على الأنفة والحمية؟ وكيف لو كان العمل الذي تتحداه به هو صناعته التي بها يفاخر، والتي هو فيها المدرب الماهر؟ وكيف لو كنت مع ذلك ترميه بسفاهة الرأي وضلال الطريق؟ وكيف لو كنت تبتغي من وراء هذه الحرب الجدلية هدم عقائده، ومحو عوائده وقطع الصلة بين ماضيه ومستقبله؟

وأما الثاني: فإن هذه الأسباب قد رأيناها آتت بالفعل ثمراتها، وأيقظت همم المعارضين إلى أبعد حدودها. حتى كان أمر محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والقرآن هو شغلهم الشاغل، وهمهم الناصب، فلم يَدَعُوا وسيلة من الوسائل لمقاومته ، باللطف ، أو بالعنف ؛ إلا استنبطوها ، وتذرعوا بها:

أيخادعونه عن دينه ليلين لهم ، ويركن قليلًا إلى دينهم ؟

أم يساومونه بالمال والملك ليكف عن دعوته ؟

أم يتواصون بمقاطعته، وبحبس الزاد عنه وعن عشيرته الأقربين، حتى يموتوا جوعًا أو يُسلموه ؟

أم يمنعون صوت القرآن أن يخرج من دور المسلمين ، خشية أن يسمعه أحد من أبنائهم ؟

أم يلقون فيه الشبهات والمطاعن ؟

أم يتهمون صاحبه بالسحر والجنون، ليصدوا عنه من لا يعرفه من القبائل القادمة في المواسم؟

أم يمكرون به ، ليثبتوه أو يقتلوه أو يخرجوه ؟

أم يخاطرون بمهجهم وأموالهم وأهليهم في محاربته ؟

= أفكان هذا كله تشاغلًا عن القرآن ، وقلة عناية بشأنه ؟!

ثم لماذا كل هذا ، وهو قد دلهم على أن الطريق الوحيد لإسكاته : هو أن يجيئوه بكلام مثل الذي جاءهم به؟

ألم يكن ذلك أقرب إليهم ، وأبقى عليهم ، لو كان أمره في يدهم؟

ولكنهم طرقوا الأبواب كلها ؛ إلا هذا الباب، وكان القتل والأسر والفقر والذل ؛ كل أولئك أهون عليهم من ركوب هذا الطريق الوعر ، الذي دلهم عليه !!

فأي شيء يكون العجز ؛ إن لم يكن هذا هو العجز ؟!

لا ريب أن هذه الحملات كلها لم تكن موجهة إلى شخص النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه، فقد كانوا من قبلُ تعطفهم عليهم أرحامهم، وتحببهم إليهم مكارم أخلاقهم.

كما أنها لم تكن موجهة إلى القرآن في الصدور ، ولا في داخل البيوت؛ فقد قبلوا منهم أن يعبد كل امرئ ربه في بيته كيف يشاء.

إنما كانت مصوبة إلى هدف واحد، ومقاومة لخطر واحد، هو إعلان هذا القرآن ، ونشره بين العرب !!

ولا يهجسنَّ في رُوعك أنهم ما نقموا من الإعلان بالقرآن ، إلا أنه دعوة جديدة ، إلى دين جديد فحسب !!

كلا ؛ فقد كان في العرب حنفاء ، من فحول الخطباء والشعراء؛ كقُس بن ساعدة، وأمية بن أبي الصلت، وغيرهما، وكانت خطبهم وأشعارهم مشحونة بالدعوة إلى ما دعا إليه القرآن من دين الفطرة ؛ فما بالهم قد أهمهم من أمر محمد وقرآنه ما لم يعنهم من أمر غيره؟

ما ذاك إلا أنهم وجدوا له شأنًا آخر ، لا يشبه شأن الناس .

وأنهم أحسوا في قرآنه قوةً غلّابة ، وتيارًا جارفًا ، يريد أن يبسط سلطانه ، حيث يصل صدى صوته .

وأنهم لم يجدوا سبيلًا لمقاومته ، عن طريق المعارضة الكلامية التي هي هجيراهم، والتي هي الطريق المباشر الذي تحداهم به، فلا جرم كان الطريق الوحيد عندهم لمقاومته : هو الحيلولة بمختلف الوسائل بين هذا القرآن وبين الناس ، مهما كلفهم ذلك من تضحية !!

وكذلك فعلوا، وكذلك مضت السنة فيمن بعدهم من أعداء القرآن ، إلى يومنا هذا !!

وأما الثالث: فإنه لو كان عجزهم عن مضاهاة القرآن لعارضٍ أصابهم ، حال بينهم وبين شيء في مقدورهم = لما استبان لهم ذلك العجز إلا بعد أن يبسطوا ألسنتهم إليه، ويجربوا قدرتهم عليه؛ لأنه ما كان لامرئ أن يحس بزوال قدرته عن شيء كان يقدر عليه ، كقدرته على القيام والقعود، إلا بعد محاولة وتجربة ؟!

ونحن قد علمنا أنهم قعدوا عن هذه التجربة، ولم يشرع منهم في هذه المحاولة ، إلا أقلهم عددًا، وأسفههم رأيًا.

فكان ذلك آية على يأسهم الطبيعي من أنفسهم، وعلى شعورهم بأن عجزهم عنهم عجز فطري عتيد، كعجزهم عن إزالة الجبال، وعن تناول النجوم من السماء، وأنهم كانوا في غنى بهذا العلم الضروري ، عن طلب الدليل عليه بالمحاولات والتجارب !!

على أنهم لو كانوا لم يعرفوا عجزهم عنه ، بادئ ذي بدء، وإنما أدركهم العجز بعد شعورهم بأنه في مستوى كلامهم، لكان عجبهم إذًا من أنفسهم: كيف عَيُوا به ، وهو منهم على طرف الثُّمام؟ ولجعلوا يتساءلون فيما بينهم : أي داء أصابنا ، فعقد ألسنتنا عن معارضة هذا الكلام ، الذي هو ككل كلام؟

أو لرجعوا إلى بيانهم القديم ، قبل أن يصيبهم العجز ؛ فجاءوا بشيء منه في محاذاته !!

ولكنهم لم يجيئوا فيه بقديم ، ولا جديد !!

وكان القرآن - نفسه - هو مثار عجبهم ، وإعجابهم ؛ حتى إنهم كانوا يخرون سُجَّدًا لسماعه ، من قبل أن تمضي مهلة يوازنون فيها بينه وبين كلامهم !!

بل إن منهم من كان يغلبه هذا الشعور ، فيفيض على لسانه اعترافًا صحيحًا: "ما هذا بقول بشر". انتهى، من النبأ العظيم: (114 - 118).

ويمكن مراجعة الأجوبة الآتية، وفيها أدلة على نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم (13804)، (245475)، (34234).

والله أعلم

لا يصح القول أن العرب انصرفت هممهم عن معارضة القرآن، لأمور:

1- أن الأسباب الباعثة على المعارضة كانت موفورة متضافرة، وخاصة مع استثارة حميتهم، والدعوة التي تكررت لهذه المعارضة، وهي أهون عليهم مما قاموا به.

2- أن العرب قعدوا حتى عن تجربة المعارضة، ولم يحاول ذلك إلا السفهاء منهم ؛ لعلم عقلائهم الضروري بعجزهم المطبق عن كل ذلك .

*عبدالرحمن*
2018-03-20, 06:20
السؤال :

ما معنى كون أصل الإنجيل صحيحا ؟ وكيف نجزم بصحة نصوص في الإنجيل ، لم يُعرف نقلها الأصلي أصلا ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا:

قد نصت آيات القرآن الكريم على أن أصل الإنجيل من الله تعالى أنزله على رسوله عيسى عليه السلام.

قال الله تعالى:

( وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ) المائدة (46).

وقال الله تعالى:

( ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ) الحديد (27).

وقال الله تعالى:

( نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ ) آل عمران (3).

والإيمان بهذا من أصول عقيدتنا.

قال الله تعالى:

( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ) النساء (136).

وقال الله تعالى:

( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) البقرة (285).

ثانيا:

وقوع التغيير والتبديل والتحريف في الإنجيل، أمر أشارت إليه نصوص الوحي، ويدل عليه ويؤكده الواقع.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

" وأما الإنجيل فقد تقدم أن الذي بأيدي النصارى منه أربع كتب مختلفة، من تأليف أربعة رجال: يوحنا، ومتى، ومرقس، ولوقا، فكيف ينكر تطرق التبديل والتحريف إليها؟ "

انتهى، من "هداية الحيارى" (ص 241).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" وأما الأناجيل التي بأيدي النصارى، فهي أربعة أناجيل: إنجيل متى، ويوحنا، ولوقا، ومرقس، وهم متفقون على أن لوقا ومرقس لم يريا المسيح، وإنما رآه متى ويوحنا، وأن هذه المقالات الأربعة التي يسمونها الإنجيل، وقد يسمون كل واحد منهم إنجيلا، إنما كتبها هؤلاء بعد أن رفع المسيح، فلم يذكروا فيها أنها كلام الله، ولا أن المسيح بلغها عن الله، بل نقلوا فيها أشياء من كلام المسيح، وأشياء من أفعاله ومعجزاته.

وذكروا أنهم لم ينقلوا كل ما سمعوه منه ورأوه، فكانت من جنس ما يرويه أهل الحديث والسير والمغازي عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ من أقواله، وأفعاله التي ليست قرآنا...

فهكذا ما ينقل في الإنجيل ، وهو من هذا النوع ، فإنه [ إن ] كان أمرا من المسيح ، فأمر المسيح أمر الله، ومن أطاع المسيح فقد أطاع الله.

وما أخبر به المسيح عن الغيب فالله أخبره به، فإنه معصوم أن يكذب فيما يخبر به...

فإذا كانت الكتب المنقولة عن الأنبياء من جنس الكتب المنقولة عن محمد -صلى الله عليه وسلم-، ولم تكن متواترة عنهم ولم يكن تصديق غير المعصوم حجة، لم يكن عندهم من العلم بالتمييز بين الصدق والكذب ما عند المسلمين.

فهذه الأناجيل التي بأيدي النصارى من هذا الجنس فيها شيء كثير من أقوال المسيح وأفعاله ومعجزاته وفيها ما هو غلط عليه، بلا شك، والذي كتبها في الأول إذا لم يكن ممن يتهم بتعمد الكذب، فإن الواحد والاثنين والثلاثة والأربعة لا يمتنع وقوع الغلط والنسيان منهم، لا سيما ما سمعه الإنسان ورآه، ثم حدث به بعد سنين كثيرة، فإن الغلط في مثل هذا كثير، ولم يكن هناك أمة معصومة يكون تلقيها لها بالقبول والتصديق موجبا للعلم بها، لئلا تجتمع الأمة المعصومة على الخطأ، والحواريون كلهم اثنا عشر رجلا "

انتهى، من "الجواب الصحيح" (3 / 21 - 27).

ثالثا:

ومع وجود أصل هذا التحريف، فإن هناك من النصوص مالم يحرف في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، كما تشير إلى ذلك نصوص الكتاب والسنة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" والقرآن والسنة المتواترة يدلان على أن التوراة والإنجيل الموجودين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فيهما ما أنزله الله عز وجل، والجزم بتبديل ذلك في جميع النسخ التي في العالم متعذر، ولا حاجة بنا إلى ذكره، ولا علم لنا بذلك "

انتهى، من "الجواب الصحيح" (2 / 449).

ومما يشير إلى ذلك؛ قول الله تعالى:

( فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ) يونس (94).

وقال الله تعالى:

( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) الأعراف (157).

رابعا:

فيتلخص مما مضى أن في نصوص الإنجيل ما نستطيع القطع بتحريفه، لقيام الدليل الصحيح على ذلك.

وفي الإنجيل من النصوص مالا يمتنع أن يكون من عند الله تعالى ؛ فهذا نكل علمه إلى الله تعالى، ولا نقطع فيه بشيء، ولا نصدقهم ولا نكذبهم فيه.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ( كَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالعِبْرَانِيَّةِ، وَيُفَسِّرُونَهَا بِالعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الكِتَابِ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا: ( آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا ) الآيَةَ ) رواه البخاري (4485) .

وعن ابْنُ أَبِي نَمْلَةَ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ، وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا: آمَنَّا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ، فَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ تُصَدِّقُوهُ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا لَمْ تُكَذِّبُوهُ ) رواه أبوداود (3644) ، وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (6 / 712) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" وقوله تعالى:

( إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ).

يتناول خبر كل فاسق، وإن كان كافرا، لا يجوز تكذيبه إلا ببينة، كما لا يجوز تصديقه إلا ببينة.

وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة قال: كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرية، ويفسرونها بالعربية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، فإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه، وإما أن يحدثوكم بباطل فتصدقوه، وقولوا:

( آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ).

وهذا الذي دل عليه الكتاب والسنة، من إمساك الإنسان عما لا يعلم انتفاؤه وثبوته " انتهى، من "الجواب الصحيح" (6 / 461 - 462).

فالحاصل؛ أنه مادامت التوراة والإنجيل في أصلهما من الله تعالى، فما يوجد فيهما مما لم يقطع الدليل الصحيح بكذبه، فإننا لا نستطيع القطع بتحريفه أو عدم تحريفه إلا بدليل، فإذا لم نجد دليلا فإننا نكل علمه إلى الله تعالى.

والله أعلم.

ملخلص الجواب :

أنزل الله الإنجيل ، على عيسى ابن مريم عليه السلام، لكن قد دخله التحريف ، على مر السنين .

ولهذا كان الواجب رد ما في أيدي الناس منه ، إلى الدليل الشرعي الثابت :

فما علم بالدليل صدقه : صدقناه ، وما علم بالدليل كذبه : كذبناه ، وما لم نعلم دليلا بشأنه : سكتنا عنه ، ووكلنا علمه إلى رب العالمين .

*عبدالرحمن*
2018-03-20, 06:23
السؤال

من المعروف لدينا نحن المسلمين أن الله تعالى أنزل الإنجيل على نبيه عيسى عليه السلام، ولكن حينما درست بعض الأشياء عن المسيحية ، أخبروني أن الإنجيل لم يأت به المسيح وإنما كتب على يد تلاميذ المسيح بعد صلبه ( أو بعد أن رفعه الله إليه كما في القرآن ). فكيف يمكننا الجمع بين القولين ؟.

الجواب

الحمد لله

ليس بين القولين اختلاف أو تناقض ، بحمد الله ، حتى نحتاج إلى السؤال عن الجمع بينهما ، وإنما سبب الإشكال على السائل أنه خلط بين أمرين يجب الإيمان بهما ، وكلاهما حق ، بحمد الله :

أما الأمر الأول فهو الإنجيل المنزل من رب العالمين ، على نبي الله عيسى ، عليه السلام ؛ والإيمان بأن الله تعالى أنزل على نبيه عيسى كتابا ، وأن اسم هذا الكتاب الإنجيل ، هو من أصول الإيمان وأركانه التي يجب الإيمان بها ؛ قال تعالى :

( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) البقرة/285 ، وقال صلى الله عليه وسلم ، لجبريل لما سأله عن الإيمان ، في حديثه المعروف : ( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه وسله واليوم الآخر ، وأن تؤمن بالقدر خيره وشره ) متفق عليه

كما أن الكفر بذلك أو الشك فيه ، ضلال و كفر بالله تعالى ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَد ضَلَّ ضَلالا بَعِيداً ) النساء/136

وقال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً ) النساء/150-151 وأما الأمر الثاني فهو الإنجيل ، أو بتعبير أدق الأناجيل التي توجد في أيدي النصارى اليوم ؛ فمع أن من أصول إيماننا الإيمان بالإنجيل الذي أنزل على عيسى ، فإننا نؤمن كذلك بأنه لم يعد بين أيدي الناس كتاب كما أنزله الله ، لا الإنجيل ، ولا غيره ، إلا القرآن . بل إن النصارى أنفسهم لا يدعون أن الكتب التي بين أيديهم منزلة هكذا من عند الله ، بل ولا يدعون أن المسيح عليه السلام هو الذي كتبها ، أو أنها ، على الأقل كتبت في زمانه . يقول الإمام ابن حزم ، رحمه الله في الفِصَل في الملل (2/2) :

( ولسنا نحتاج إلى تكلف برهان في أن الأناجيل وسائر كتب النصارى ليست من عند الله عز وجل ولا من عند المسيح عليه السلام ، كما احتجنا إلى ذلك في التوراة والكتب المنسوبة إلى الأنبياء عليهم السلام التي عند اليهود ، لأن جمهور اليهود يزعمون أن التوراة التي بأيديهم منزلة من عند الله عز وجل ، على موسى عليه السلام

فاحتجنا إلى إقامة البرهان على بطلان دعواهم في ذلك ، وأما النصارى فقد كفونا هذه المؤونة كلها ، لأنهم لا يدعون أن الأناجيل منزلة من عند الله على المسيح ، ولا أن المسيح أتاهم بها ، بل كلهم أولهم عن آخرهم ، أريسيهم و ملكيهم ونسطوريهم و يعقوبيهم و مارونيهم و بولقانيهم

لا يختلفون في أنها أربعة تواريخ ألفها أربعة رجال معروفون في أزمان مختلفة : فأولها تاريخ ألفه متى اللاواني تلميذ المسيح بعد تسع سنين من رفع المسيح عليه السلام ، وكتبه بالعبرانية في بلد يهوذا بالشام يكون نحو ثمان وعشرين ورقة بخط متوسط والآخر تاريخ ألفه مارقش ( مرقس ) تلميذ شمعون بن يونا

المسمى باطرة ، بعد اثنين وعشرين عاما من رفع المسيح عليه السلام ، وكتبه باليونانية في بلد إنطاكية من بلاد الروم ، ويقولون إن شمعون المذكور هو الذي ألفه ثم محا اسمه من أوله ونسبه إلى تلميذه مارقش ، يكون أربعا وعشرين ورقة بخط متوسط و شمعون المذكور تلميذ المسيح والثالث تاريخ ألفه لوقا الطبيب الأنطاكي تلميذ شمعون باطرة أيضا ، كتبه باليونانية بعد تأليف مارقش المذكور

يكون من قدر إنجيل متى والرابع تاريخ ألفه يوحنا ابن سيذاي تلميذ المسيح بعد رفع المسيح ببضع وستين سنة وكتبه باليونانية يكون أربعا وعشرين ورقة بخط متوسط . )

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الجواب الصحيح (3/21) :

( وأما الأناجيل التي بأيدي النصارى فهي أربعة أناجيل : إنجيل متى ولوقا ومرقس ويوحنا ، وهم متفقون على أن لوقا ومرقس لم يريا المسيح ، وإنما رآه متى ويوحنا وأن هذه المقالات الأربعة التي يسمونها الإنجيل ، وقد يسمون كل واحد منها إنجيلا ، إنما كتبها هؤلاء بعد أن رفع المسيح ؛ فلم يذكروا فيها أنها كلام الله ولا أن المسيح بلغها عن الله بل نقلوا فيها أشياء من كلام المسيح وأشياء من أفعاله ومعجزاته )

ثم إن هذه الكتب التي كتبت بعد المسيح لم تبق على صورتها هذه التي كتبت عليها أول مرة ؛ حيث اختفت النسخ الأولى ، وفقدت من أيدي الناس مدة طويلة من الزمان . يقول ابن حزم :

( وأما النصارى فلا خلاف بين أحد منهم ولا من غيرهم في أنه لم يؤمن بالمسيح في حياته إلا مائة وعشرون رجلا فقط ....، وأن كل من آمن به فإنهم كانوا مستترين مخافين في حياته وبعده ، يدعون إلى دينه سرا ولا يكشف أحد منهم وجهه إلى الدعاء إلى ملته ، ولا يظهر دينه ، وكل من ظفر به منهم قتل ....

فبقوا على هذه الحالة لا يظهرون البتة ، و لا لهم مكان يأمنون فيه مدة ثلاثمائة سنة بعد رفع المسيح عليه السلام .

وفي خلال ذلك ذهب الإنجيل المنزل من عند الله عز و جل إلا فصولا يسيرة أبقاها الله تعالى حجة عليهم وخزيا لهم فكانوا كما ذكرنا إلى أن تنصر قسطنطين الملك فمن حينئذ ظهر النصارى وكشفوا دينهم واجتمعوا وآمنوا .

وكل دين كان هكذا فمحال أن يصح فيه نقل متصل لكثرة الدواخل الواقعة فيما لا يؤخذ إلا سرا تحت السيف لا يقدر أهله على حمايته ولا على المنع من تبديله ) الفصل 2/4-5

وبالإضافة إلى هذا الانقطاع الهائل في إسناد كتبهم ، والذي يتجاوز القرنين من الزمان ، في أعلى أسانيدهم ، فإن هذه الكتب لم تبق بلغتها التي كتبها بها أهلها أول مرة ، وإنما ترجمت عن تلك اللغات ، ثم ترجمت غير مرة ، على أيدي أناس مجهولين في علمهم ، وأمانتهم

واختلاف هذه الكتب وتناقضها فيما بينها من أقوى الأدلة على تحريفها وأنها ليست هي الإنجيل الذي أنزله الله على عبده ورسوله عيسى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وصدق الله العظيم إذ يقول : ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ) النساء/82 .

*عبدالرحمن*
2018-03-20, 06:26
السؤال :

ما معني كون أصل الإنجيل صحيح كما يزعم البعض بأن ابن تيمية قال ذلك في : الجواب الصحيح ، فيقولون : التحريف وقع في جزء يسير من الألفاظ ومعظمها باق على حاله . قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الجواب الصحيح ( وَأَمَّا أَلْفَاظُ الْكُتُبِ فَقَدْ ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى أَنَّ أَلْفَاظَهَا لَمْ تُبَدَّلْ ;

كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ يَقُولُهُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ. وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ إِلَى أَنَّهُ بُدِّلَ بَعْضُ أَلْفَاظِهَا. وَهَذَا مَشْهُورٌ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ) كيف يجزم ابن تيمية بصحة نصوص في الإنجيل لم يعرف نقلها الأصلي أصلا وليي واردا غبر ترجمتها ما إنه ليس من دليل صحيح يجزم به على نصوص الكتاب المزعوم المقدس أرجو التوضيح .

الجواب :

الحمد لله

أولا :

ينبغي أن نقرر هنا أمرين ، فيما يتعلق باعتقاد المسلم فيما أنزل الله على أهل الكتب من قبلنا .

أما الأمر الأول : فهو أن الله جل جلاله أرسل رسله ، وأنزل عليهم كتبه ، وأمرنا بالإيمان بذلك كله ، الإيمان بالرسل الذين أرسلهم ، والإيمان بالكتب التي أخبرنا أنه أنزلها على هؤلاء المرسلين ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، وجعل الإيمان بذلك كله : أحد أركان الإيمان الستة .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ: «الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَبِلِقَائِهِ، وَرُسُلِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ».

رواه البخاري (50) ومسلم (9) من حديث أبي هريرة .

قال الشيخ عمر الأشقر رحمه الله :

" والذي أوحاه الله لرسله قد يكون نزل من السماء مكتوباً كالتوراة التي أنزلت على موسى، قال تعالى: (وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا) [الأعراف: 145] .

وقد يكون كتاباً ولكنه أنزل إلى الرسول بالتلاوة والمشافهة كالقرآن (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً) [الإسراء: 106] .

والمنزل من السماء قد يجمعه كتاب ، كصحف إبراهيم والكتب المنزلة على موسى وداود وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم .

وقد يكون وحياً يلقى إلى الرسول أو النبي، وليس بكتاب، وذلك كالوحي المنزل إلى إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ، والموحى به إلى نبينا من غير القرآن.

ويجب الإيمان بالوحي المنزل كله : ( قُولُواْ آمَنَّا بِاللهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) [البقرة: 136] .

وقال الله لرسوله: (وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ) [الشورى: 15] .

وقال للمؤمنين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ) [النساء: 136] .

فما أعلمنا الله به تفصيلاً كالكتب التي ذكرها، وهي صحف إبراهيم وتوراة موسى وزبور داود وإنجيل عيسى والقرآن المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، وكتكليم الله لموسى، وإيحاء الله إلى صالح وهود وشعيب، ووحي الله إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من غير القرآن، وقد تضمنته كتب السنة = نؤمن به تفصيلاً كما أخبر الله تعالى .

ونؤمن بأن هناك كتباً ووحياً غير ذلك لم يعلمنا الله سبحانه بها." ا

نتهى ، من "الرسل والرسالات" (229-230) .

والأمر الثاني : أنه لم يعد بين أيدي الناس ، مما يوثق بأنه خبر السماء ، ووحي الله إلى عباده ، سوى القرآن الكريم الذي تولى الله حفظه ، ومن على عباده ببقاء نوره ، كما أنزله الله ، لم يصبه تحريف ولا تغيير ولا تبديل . قال الله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر/9

وأما ما سوى ذلك من الكتب فقد أصابها من التحريف لبعض ، والكتمان لبعض ، ما يرفع الثقة بما فيها ، إلا أن يقاس إلى وحي السماء وخبره الصادق ؛ فما صدقه ، فهو الصادق

وما كذبه ، فهو الكاذب . وما لم يصدقه ، أو يكذبه : وجب التوقف الناس فيه ؛ فإنهم لا يدرون : لعلهم يصدقون بأمر ، هو كاذب في نفسه ، لم يأت به وحي السماء ، أو لعلهم إن كذَّبوا ، أن يكذبوا بخبر نزل من السماء صدقا ، وليس بين أيدينا ما يدلنا عليه .

عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالعِبْرَانِيَّةِ، وَيُفَسِّرُونَهَا بِالعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لاَ تُصَدِّقُوا أَهْلَ الكِتَابِ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ وَقُولُوا: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ} [البقرة: 136] . الآيَةَ ) . رواه البخاري (7542) .

وعند أبي داود (3644) وغيره : ( .. فَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ تُصَدِّقُوهُ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا لَمْ تُكَذِّبُوهُ ) .

ثانيا :

أما بخصوص ما ورد في السؤال عن موقف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، فيقول د. سامي عامري، وفقه الله ، وهو باحث متخصص في دراسة الأديان المقارنة :

" لا بدّ من التمييز بين موقف شيخ الإسلام من تحريف الإنجيل ، وتحريف التوراة.

مذهب شيخ الإسلام : صريح في أنّ المسيح عليه السلام قد نزل عليه إنجيلٌ من السماء، وهو الذي جاء خبره في القرآن.

كما بيّن شيخ الإسلام أن الأناجيل الأربعة : ليست هي إنجيل المسيح، وإنما كتبت بعده، وفيها شيء من خبر إنجيل المسيح .

ولذلك قال: "وأما الأناجيل التي بأيدي النصارى : فهي أربعة أناجيل إنجيل متى ويوحنا ولوقا ومرقس . وهم متفقون على أن لوقا ومرقس لم يريا المسيح ، وإنما رآه متى ويوحنا ، وأن هذه المقالات الأربعة التي يسمونها الإنجيل ، وقد يسمون كل واحد منهم إنجيلا ، إنما كتبها هؤلاء بعد أن رفع المسيح

فلم يذكروا فيها أنها كلام الله ، ولا أن المسيح ، بلغها عن الله ، بل نقلوا فيها أشياء من كلام المسيح ، وأشياء من أفعاله ومعجزاته . وذكروا أنهم لم ينقلوا كل ما سمعوه منه ورأوه ، فكانت من جنس ما يرويه أهل الحديث والسير والمغازي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أقواله وأفعاله التي ليست قرآنا .

فالأناجيل التي بأيديهم : شبه كتب السيرة وكتب الحديث ، أو مثل هذه الكتب ، وإن كان غالبها صحيحا".

موقف شيخ الإسلام من تحريف الإنجيل : واضح أنه يميز بين إنجيل المسيح وما كتب بعده. ولذلك فطرح مفهوم التحريف هنا يحتاج إلى بيان أنه ليس تغييرا لنسخة إنجيل المسيح، وإنما جاء بعد المسيح من اقتبس من كلامه الذي نزل عليه في الإنجيل.

ولذلك فما وافق الخبر القرآني في الأناجيل فهو من الوحي، وما خالفه فليس من الوحي، وما لم يترجح أمره، فلا يُجزم بربانيته.

وأما التوراة : فعلماء الإسلام على ثلاثة مذاهب :

ذهبت قلة منهم إلى أنّ التحريف معنوي، لم يمسّ الألفاظ .

وذهبت طائفة ثانية ، على رأسها الإمام ابن حزم إلى أنّ التحريف فاحش في التوراة . وقد فصّل قوله في كتابه "الفصل في الملل والأهواء والنحل" .

واختار فريق ثالث -يمثّله شيخ الإسلام ابن تيمية- : أنّ التحريف اللفظي قد أصاب التوراة، لكنّة تحريف ليس بالفاحش.

كما ذهب شيخ الإسلام إلى أنّ التحريف لم يصب جميع النسخ، وإنما بقيت نسخ حتّى عصر النبوة سليمة من التغيير .

قال: " ثم من هؤلاء من زعم أن كثيرا مما في التوراة أو الانجيل باطل، ليس من كلام الله . ومنهم من قال : بل ذلك قليل . وقيل لم يحرف أحد شيئا من حروف الكتب ، وانما حرفوا معانيها بالتأويل .

وهذان القولان قال كلا منهما كثير من المسلمين .

والصحيح : القول الثالث : وهو أن في الأرض نسخا صحيحة ، وبقيت إلى عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ونسخا كثيرة محرفة".

وقد انتهى البحث العلمي اليوم : إلى قول الإمام ابن حزم ، في أنّ التحريف كان فاحشًا، وأنّه قد أصاب جميع النسخ، قبل البعثة النبويّة الخاتمة، بل وقبل زمن المسيح بقرون.

وتعتبر "فرضية الوثائق" "documentary hypothesis " التي عليها جمهور النقاد ، من أهمّ مؤيدات فحش التحريف .

وهي تقرّر أنّ التوراة الحالية : تجميع لوثائق مختلفة ، ومتخالفة ، في تفاصيل كثيرة، تمّ جمعها وتهذيبها في القرن الخامس قبل الميلاد.

وأمّا أمر إصابة التحريف جميع النسخ زمن البعثة، فتشهد له المخطوطات العبريّة القديمة وجميع الترجمات المعروفة.

والقول : إنّ نُسخًا من التوراة ، تخالف النسخ والترجمات المشهورة في كثير من منكراتها في باب الإساءة إلى مقام الألوهيّة ، والحطّ من مقام النبوّة ومخالفة المعلوم من التاريخ والعلوم ...إلخ = فهو بعيدٌ جدًا ، لاجتماع التوراة العبريّة والسامريّة على ذكر نفس المنكرات المخالفة لمحكم النص القرآني .

كما أنّ الترجمات السابقة للبعثة الخاتمة –كالسبعينية اليونانية التي تعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد، والبشيطا السريانية التي تعود إلى حوالي القرن الثاني بعد الميلاد، والفولجات اللاتينية التي تعود إلى نهاية القرن الرابع = تتفق على إيراد هذه القبائح.

ولا يُعلم أنّ نسخة ، أو ترجمة ، كانت بعد المسيح : تلغي منكرات سفر التكوين ، أو سفر الخروج...

ثم إنّ جماهير النقاد ممن كتبوا في ترجمات الكتاب المقدس – مثل بروس متزجر وغيره - قد أجمعوا أنّه لم تكن زمن الرسول صلّى الله عليه وسلّم ترجمة عربية للتوراة ، وأوّل ترجمة كانت في القرن العاشر بيد الحبر سعديا الفيومي.

وقد كانت ترجمة البشيطا هي الأشهر عند نصارى الجزيرة العربية وما جاورها، ونصها محفوظ إلى اليوم، وفيها ما يُعرف من مناكير التوراة التي ردّها القرآن .

وأمّا يهود الجزيرة العربيّة : فالراجح أنهم كانوا يعتمدون على الترجومات (الترجمات الآرامية)، وهي ، وإن كانت ترجمات تفسيريّة ؛ إلا أنّها توافق النص المشهور في منكراته.".

انتهى كلامه ، حفظه الله .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-20, 06:36
السؤال:

ما اسم الراهب الذي التقى به الباحث عن الحقيقة (سلمان الفارسي) وبشره بأن نبياً في ذاك الزمان سيبعث ؟ وكيف عرف الراهب بأن نبياً سيبعث من العرب ويكون اسمه "محمداً” ؟

الجواب :

الحمد لله

قصة إسلام الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه ، فقد كان على الديانة المجوسية ثم انتقل إلى النصرانية ثم انتقل إلى الإسلام ،

وذلك بعد أن التقى عدة رهبان من رهبان النصارى ، وكان آخرهم رجل صالح عنده علم عن نبي آخر الزمان ، فنصح الراهب سلمان أن يذهب إلى بلاد العرب التي سيخرج فيها ووصفها له

فكانت هي مدينة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن ليس في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن هذا الراهب إنه المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ، بل عيسى عليه السلام في السماء ، رفعه الله إليه إلى أجل مسمى ، حتى ينزله الله تعالى فيقيم به الدين في آخر الزمان .

وقصة إسلام سلمان قصة عظيمة ، فيها العبرة والعظة والفائدة ، وأترك السائل الكريم ليقرأ الحديث بكماله ، ويستفيد مما فيه :

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ حَدِيثَهُ مِنْ فِيهِ قَالَ

( كُنْتُ رَجُلا فَارِسِيًّا مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ ، مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ مِنْهَا يُقَالُ لَهَا جَيٌّ ، وَكَانَ أَبِي دِهْقَانَ قَرْيَتِهِ ( أي رئيسها ) ، وَكُنْتُ أَحَبَّ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيْهِ ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حُبُّهُ إِيَّايَ حَتَّى حَبَسَنِي فِي بَيْتِهِ ، أَيْ مُلازِمَ النَّارِ ، كَمَا تُحْبَسُ الْجَارِيَةُ ، وَأَجْهَدْتُ فِي الْمَجُوسِيَّةِ حَتَّى كُنْتُ قَطَنَ النَّارِ ( أي خادمها ) الَّذِي يُوقِدُهَا لا يَتْرُكُهَا تَخْبُو سَاعَةً

قَالَ وَكَانَتْ لأَبِي ضَيْعَةٌ ( أي بستان ) عَظِيمَةٌ ، قَالَ فَشُغِلَ فِي بُنْيَانٍ لَهُ يَوْمًا فَقَالَ لِي : يَا بُنَيَّ ، إِنِّي قَدْ شُغِلْتُ فِي بُنْيَانٍ هَذَا الْيَوْمَ عَنْ ضَيْعَتِي فَاذْهَبْ فَاطَّلِعْهَا ، وَأَمَرَنِي فِيهَا بِبَعْضِ مَا يُرِيدُ ، فَخَرَجْتُ أُرِيدُ ضَيْعَتَهُ ، فَمَرَرْتُ بِكَنِيسَةٍ مِنْ كَنَائِسِ النَّصَارَى ، فَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ فِيهَا وَهُمْ يُصَلُّونَ ، وَكُنْتُ لا أَدْرِي مَا أَمْرُ النَّاسِ لِحَبْسِ أَبِي إِيَّايَ فِي بَيْتِهِ ، فَلَمَّا مَرَرْتُ بِهِمْ وَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ دَخَلْتُ عَلَيْهِمْ أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُونَ

قَالَ : فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ أَعْجَبَنِي صَلَاتُهُمْ وَرَغِبْتُ فِي أَمْرِهِمْ ، وَقُلْتُ هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ مِنْ الدِّينِ الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ ، فَوَاللَّهِ مَا تَرَكْتُهُمْ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ ، وَتَرَكْتُ ضَيْعَةَ أَبِي وَلَمْ آتِهَا ، فَقُلْتُ لَهُمْ : أَيْنَ أَصْلُ هَذَا الدِّينِ ؟ قَالُوا : بِالشَّامِ . قَالَ ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى أَبِي وَقَدْ بَعَثَ فِي طَلَبِي وَشَغَلْتُهُ عَنْ عَمَلِهِ كُلِّهِ ، قَالَ فَلَمَّا جِئْتُهُ قَالَ : أَيْ بُنَيَّ ! أَيْنَ كُنْتَ ؟

أَلَمْ أَكُنْ عَهِدْتُ إِلَيْكَ مَا عَهِدْتُ ؟ قَالَ قُلْتُ : يَا أَبَتِ ! مَرَرْتُ بِنَاسٍ يُصَلُّونَ فِي كَنِيسَةٍ لَهُمْ ، فَأَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ دِينِهِمْ ، فَوَاللَّهِ مَازِلْتُ عِنْدَهُمْ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْس ، قَالَ : أَيْ بُنَيَّ ! لَيْسَ فِي ذَلِكَ الدِّينِ خَيْرٌ ، دِينُكَ وَدِينُ آبَائِكَ خَيْرٌ مِنْهُ ، قَالَ قُلْتُ : كَلا وَاللَّهِ إِنَّهُ خَيْرٌ مِنْ دِينِنَا . قَالَ : فَخَافَنِي ، فَجَعَلَ فِي رِجْلَيَّ قَيْدًا

ثُمَّ حَبَسَنِي فِي بَيْتِهِ ، قَالَ وَبَعثَتُ إِلَى النَّصَارَى فَقُلْتُ لَهُمْ : إِذَا قَدِمَ عَلَيْكُمْ رَكْبٌ مِنْ الشَّامِ تُجَّارٌ مِنْ النَّصَارَى فَأَخْبِرُونِي بِهِمْ . قَالَ : فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ رَكْبٌ مِنْ الشَّامِ تُجَّارٌ مِنْ النَّصَارَى ، قَالَ فَأَخْبَرُونِي بِهِمْ ، قَالَ فَقُلْتُ لَهُمْ : إِذَا قَضَوْا حَوَائِجَهُمْ وَأَرَادُوا الرَّجْعَةَ إِلَى بِلادِهِمْ فَآذِنُونِي بِهِمْ ، قَالَ فَلَمَّا أَرَادُوا الرَّجْعَةَ إِلَى بِلَادِهِمْ أَخْبَرُونِي بِهِمْ ، فَأَلْقَيْتُ الْحَدِيدَ مِنْ رِجْلَيَّ ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ الشَّامَ ، فَلَمَّا قَدِمْتُهَا قُلْتُ : مَنْ أَفْضَلُ أَهْلِ هَذَا الدِّينِ ؟

قَالُوا : الأَسْقُفُّ فِي الْكَنِيسَةِ . قَالَ فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ : إِنِّي قَدْ رَغِبْتُ فِي هَذَا الدِّينِ ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ أَخْدُمُكَ فِي كَنِيسَتِكَ وَأَتَعَلَّمُ مِنْكَ وَأُصَلِّي مَعَكَ ، قَالَ : فَادْخُلْ . فَدَخَلْتُ مَعَهُ

قَالَ فَكَانَ رَجُلَ سَوْءٍ ، يَأْمُرُهُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُهُمْ فِيهَا فَإِذَا جَمَعُوا إِلَيْهِ مِنْهَا أَشْيَاءَ اكْتَنَزَهُ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يُعْطِهِ الْمَسَاكِينَ ، حَتَّى جَمَعَ سَبْعَ قِلالٍ مِنْ ذَهَبٍ وَوَرِقٍ ، قَالَ وَأَبْغَضْتُهُ بُغْضًا شَدِيدًا لِمَا رَأَيْتُهُ يَصْنَعُ ، ثُمَّ مَاتَ فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ النَّصَارَى لِيَدْفِنُوهُ ، فَقُلْتُ لَهُمْ : إِنَّ هَذَا كَانَ رَجُلَ سَوْءٍ ، يَأْمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُكُمْ فِيهَا فَإِذَا جِئْتُمُوهُ بِهَا اكْتَنَزَهَا لِنَفْسِهِ وَلَمْ يُعْطِ الْمَسَاكِينَ مِنْهَا شَيْئًا . قَالُوا : وَمَا عِلْمُكَ بِذَلِكَ ؟ قَالَ قُلْتُ : أَنَا أَدُلُّكُمْ عَلَى كَنْزِهِ .

قَالُوا : فَدُلَّنَا عَلَيْهِ . قَالَ فَأَرَيْتُهُمْ مَوْضِعَهُ ، قَالَ فَاسْتَخْرَجُوا مِنْهُ سَبْعَ قِلَالٍ مَمْلُوءَةٍ ذَهَبًا وَوَرِقًا ، قَالَ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا : وَاللَّهِ لا نَدْفِنُهُ أَبَدًا . فَصَلَبُوهُ ثُمَّ رَجَمُوهُ بِالْحِجَارَةِ ، ثُمَّ جَاءُوا بِرَجُلٍ آخَرَ فَجَعَلُوهُ بِمَكَانِهِ ، قَالَ يَقُولُ سَلْمَانُ : فَمَا رَأَيْتُ رَجُلا لا يُصَلِّي الْخَمْسَ أَرَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ أَزْهَدُ فِي الدُّنْيَا وَلا أَرْغَبُ فِي الآخِرَةِ وَلا أَدْأَبُ لَيْلا وَنَهَارًا مِنْهُ . قَالَ فَأَحْبَبْتُهُ حُبًّا لَمْ أُحِبَّهُ مَنْ قَبْلَهُ ، وَأَقَمْتُ مَعَهُ زَمَانًا ، ثُمَّ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَقُلْتُ لَهُ :

يَا فُلَانُ ! إِنِّي كُنْتُ مَعَكَ ، وَأَحْبَبْتُكَ حُبًّا لَمْ أُحِبَّهُ مَنْ قَبْلَكَ ، وَقَدْ حَضَرَكَ مَا تَرَى مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي ؟ وَمَا تَأْمُرُنِي ؟ قَالَ : أَيْ بُنَيَّ ! وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا الْيَوْمَ عَلَى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ ، لَقَدْ هَلَكَ النَّاسُ وَبَدَّلُوا وَتَرَكُوا أَكْثَرَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ إِلا رَجُلا بِالْمَوْصِلِ وَهُوَ فُلانٌ ، فَهُوَ عَلَى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ ، فَالْحَقْ بِهِ .قَالَ فَلَمَّا مَاتَ وَغَيَّبَ لَحِقْتُ بِصَاحِبِ الْمَوْصِلِ

فَقُلْتُ لَهُ : يَا فُلانُ ! إِنَّ فُلانًا أَوْصَانِي عِنْدَ مَوْتِهِ أَنْ أَلْحَقَ بِكَ ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّكَ عَلَى أَمْرِهِ . قَالَ فَقَالَ لِي : أَقِمْ عِنْدِي . فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ ، فَوَجَدْتُهُ خَيْرَ رَجُلٍ عَلَى أَمْرِ صَاحِبِهِ ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قُلْتُ لَهُ : يَا فُلانُ ! إِنَّ فُلانًا أَوْصَى بِي إِلَيْكَ وَأَمَرَنِي بِاللُّحُوقِ بِكَ ، وَقَدْ حَضَرَكَ مِنْ اللَّهِ مَا تَرَى ، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي ؟ وَمَا تَأْمُرُنِي ؟

قَالَ : أَيْ بُنَيَّ ! وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ رَجُلًا عَلَى مِثْلِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ إِلا بِنِصِِّيبِينَ ، وَهُوَ فُلَانٌ ، فَالْحَقْ بِهِ . وَقَالَ فَلَمَّا مَاتَ وَغَيَّبَ لَحِقْتُ بِصَاحِبِ نِصِِّيبِينَ ، فَجِئْتُهُ ، فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِي وَمَا أَمَرَنِي بِهِ صَاحِبِي ، قَالَ : فَأَقِمْ عِنْدِي . فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ ، فَوَجَدْتُهُ عَلَى أَمْرِ صَاحِبَيْهِ ، فَأَقَمْتُ مَعَ خَيْرِ رَجُلٍ ، فَوَاللَّهِ مَا لَبِثَ أَنْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ ، فَلَمَّا حَضَرَ قُلْتُ لَهُ : يَا فُلَانُ ! إِنَّ فُلانًا كَانَ أَوْصَى بِي إِلَى فُلانٍ ، ثُمَّ أَوْصَى بِي فُلَانٌ إِلَيْكَ ، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي وَمَا تَأْمُرُنِي ؟

قَالَ : أَيْ بُنَيَّ ! وَاللَّهِ مَا نَعْلَمُ أَحَدًا بَقِيَ عَلَى أَمْرِنَا آمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَهُ إِلا رَجُلا بِعَمُّورِيَّةَ ، فَإِنَّهُ بِمِثْلِ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ أَحْبَبْتَ فَأْتِهِ قَالَ فَإِنَّهُ عَلَى أَمْرِنَا ، قَالَ فَلَمَّا مَاتَ وَغَيَّبَ لَحِقْتُ بِصَاحِبِ عَمُّورِيَّةَ وَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي ، فَقَالَ : أَقِمْ عِنْدِي . فَأَقَمْتُ مَعَ رَجُلٍ عَلَى هَدْيِ أَصْحَابِهِ وَأَمْرِهِمْ

قَالَ وَاكْتَسَبْتُ حَتَّى كَانَ لِي بَقَرَاتٌ وَغُنَيْمَةٌ ، قَالَ ثُمَّ نَزَلَ بِهِ أَمْرُ اللَّهِ فَلَمَّا حَضَرَ قُلْتُ لَهُ : يَا فُلانُ ! إِنِّي كُنْتُ مَعَ فُلانٍ ، فَأَوْصَى بِي فُلانٌ إِلَى فُلانٍ ، وَأَوْصَى بِي فُلانٌ إِلَى فُلانٍ ، ثُمَّ أَوْصَى بِي فُلَانٌ إِلَيْكَ ، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي وَمَا تَأْمُرُنِي ؟ قَالَ : أَيْ بُنَيَّ ! وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُهُ أَصْبَحَ عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ آمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَهُ ، وَلَكِنَّهُ قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُ نَبِيٍّ ، هُوَ مَبْعُوثٌ بِدِينِ إِبْرَاهِيمَ ، يَخْرُجُ بِأَرْضِ الْعَرَبِ مُهَاجِرًا إِلَى أَرْضٍ بَيْنَ حَرَّتَيْنِ ( الحرة : الأرض ذات الحجارة السود ) ، بَيْنَهُمَا نَخْلٌ ، بِهِ عَلامَاتٌ لا تَخْفَى : يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَلا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ ، بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ

فَإِنْ استَطَعْتَ أَنْ تَلْحَقَ بِتِلْكَ الْبِلادِ فَافْعَلْ . قَالَ ثُمَّ مَاتَ وَغَيَّبَ ، فَمَكَثْتُ بِعَمُّورِيَّةَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَمْكُثَ ، ثُمَّ مَرَّ بِي نَفَرٌ مِنْ كَلْبٍ تُجَّارًا ، فَقُلْتُ لَهُمْ : تَحْمِلُونِي إِلَى أَرْضِ الْعَرَبِ وَأُعْطِيكُمْ بَقَرَاتِي هَذِهِ وَغُنَيْمَتِي هَذِهِ ؟ قَالُوا : نَعَمْ . فَأَعْطَيْتُهُمُوهَا وَحَمَلُونِي ، حَتَّى إِذَا قَدِمُوا بِي وَادِي الْقُرَى ظَلَمُونِي فَبَاعُونِي مِنْ رَجُلٍ مِنْ يَهُودَ عَبْدًا ، فَكُنْتُ عِنْدَهُ ، وَرَأَيْتُ النَّخْلَ ، وَرَجَوْتُ أَنْ تَكُونَ الْبَلَدَ الَّذِي وَصَفَ لِي صَاحِبِي

وَلَمْ يَحِقْ لِي فِي نَفْسِي ، فَبَيْنَمَا أَنَا عِنْدَهُ قَدِمَ عَلَيْهِ ابْنُ عَمٍّ لَهُ مِنْ الْمَدِينَةِ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ ، فَابْتَاعَنِي مِنْهُ ، فَاحْتَمَلَنِي إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ رَأَيْتُهَا فَعَرَفْتُهَا بِصِفَةِ صَاحِبِي ، فَأَقَمْتُ بِهَا ، وَبَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ فَأَقَامَ بِمَكَّةَ مَا أَقَامَ ، لا أَسْمَعُ لَهُ بِذِكْرٍ مَعَ مَا أَنَا فِيهِ مِنْ شُغْلِ الرِّقِّ ، ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَفِي رَأْسِ عَذْقٍ لِسَيِّدِي أَعْمَلُ فِيهِ بَعْضَ الْعَمَلِ وَسَيِّدِي جَالِسٌ إِذْ أَقْبَلَ ابْنُ عَمٍّ لَهُ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ فُلانُ

: قَاتَلَ اللَّهُ بَنِي قَيْلَةَ ، وَاللَّهِ إِنَّهُمْ الآنَ لَمُجْتَمِعُونَ بِقُبَاءَ عَلَى رَجُلٍ قَدِمَ عَلَيْهِمْ مِنْ مَكَّةَ الْيَوْمَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَبِيٌّ ، قَالَ فَلَمَّا سَمِعْتُهَا أَخَذَتْنِي الْعُرَوَاءُ ( برد الحمى ) حَتَّى ظَنَنْتُ سَأَسْقُطُ عَلَى سَيِّدِي ، قَالَ : وَنَزَلْتُ عَنْ النَّخْلَةِ فَجَعَلْتُ أَقُولُ لابْنِ عَمِّهِ ذَلِكَ : مَاذَا تَقُولُ مَاذَا تَقُولُ ؟ قَالَ فَغَضِبَ سَيِّدِي فَلَكَمَنِي لَكْمَةً شَدِيدَةً ثُمَّ قَالَ : مَا لَكَ وَلِهَذَا ؟! أَقْبِلْ عَلَى عَمَلِكَ . قَالَ قُلْتُ : لا شَيْءَ ، إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَسْتَثْبِتَ عَمَّا قَالَ . وَقَدْ كَانَ عِنْدِي شَيْءٌ قَدْ جَمَعْتُهُ ، فَلَمَّا أَمْسَيْتُ أَخَذْتُهُ ثُمَّ ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِقُبَاءَ ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ

: إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ رَجُلٌ صَالِحٌ وَمَعَكَ أَصْحَابٌ لَكَ غُرَبَاءُ ذَوُو حَاجَةٍ ، وَهَذَا شَيْءٌ كَانَ عِنْدِي لِلصَّدَقَةِ ، فَرَأَيْتُكُمْ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِكُمْ ، قَالَ فَقَرَّبْتُهُ إِلَيْهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ : كُلُوا . وَأَمْسَكَ يَدَهُ فَلَمْ يَأْكُلْ ، قَالَ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي هَذِهِ وَاحِدَةٌ ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ عَنْهُ فَجَمَعْتُ شَيْئًا ، وَتَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ ، ثُمَّ جِئْتُ بِهِ ، فَقُلْتُ إِنِّي رَأَيْتُكَ لا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أَكْرَمْتُكَ بِهَا

قَالَ فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَأَكَلُوا مَعَهُ ، قَالَ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي هَاتَانِ اثْنَتَانِ ، ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِبَقِيعِ الْغَرْقَدِ ، قَالَ : وَقَدْ تَبِعَ جَنَازَةً مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَيْهِ شَمْلَتَانِ لَهُ ، وَهُوَ جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَدَرْتُ أَنْظُرُ إِلَى ظَهْرِهِ هَلْ أَرَى الْخَاتَمَ الَّذِي وَصَفَ لِي صَاحِبِي ، فَلَمَّا رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَدَرْتُهُ عَرَفَ أَنِّي أَسْتَثْبِتُ فِي شَيْءٍ وُصِفَ لِي

قَالَ فَأَلْقَى رِدَاءَهُ عَنْ ظَهْرِهِ ، فَنَظَرْتُ إِلَى الْخَاتَمِ فَعَرَفْتُهُ فَانْكَبَبْتُ عَلَيْهِ أُقَبِّلُهُ وَأَبْكِي ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : تَحَوَّلْ . فَتَحَوَّلْتُ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ حَدِيثِي كَمَا حَدَّثْتُكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ، قَالَ فَأَعْجَبَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَسْمَعَ ذَلِكَ أَصْحَابُهُ ، ثُمَّ شَغَلَ سَلْمَانَ الرِّقُّ حَتَّى فَاتَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَدْرٌ وَأُحُدٌ ، قَالَ ثُمَّ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : كَاتِبْ يَا سَلْمَانُ .

فَكَاتَبْتُ صَاحِبِي عَلَى ثَلاثِ مِائَةِ نَخْلَةٍ أُحْيِيهَا لَهُ بِالْفَقِيرِ ( حفرة الفسيلة التي تغرس فيها ) وَبِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابِهِ : أَعِينُوا أَخَاكُمْ . فَأَعَانُونِي بِالنَّخْلِ ، الرَّجُلُ بِثَلاثِينَ وَدِيَّةً ( أي صغار النخل ) ، وَالرَّجُلُ بِعِشْرِينَ ، وَالرَّجُلُ بِخَمْسَ عَشْرَةَ ، وَالرَّجُلُ بِعَشْرٍ ، يَعْنِي الرَّجُلُ بِقَدْرِ مَا عِنْدَهُ

حَتَّى اجْتَمَعَتْ لِي ثَلاثُ مِائَةِ وَدِيَّةٍ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : اذْهَبْ يَا سَلْمَانُ فَفَقِّرْ لَهَا ( أي احفر لها موضع غرسها ) ، فَإِذَا فَرَغْتَ فَأْتِنِي أَكُونُ أَنَا أَضَعُهَا بِيَدَيَّ ، فَفَقَّرْتُ لَهَا وَأَعَانَنِي أَصْحَابِي حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ مِنْهَا جِئْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعِي إِلَيْهَا : فَجَعَلْنَا نُقَرِّبُ لَهُ الْوَدِيَّ

وَيَضَعُهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ ، فَوَالَّذِي نَفْسُ سَلْمَانَ بِيَدِهِ مَا مَاتَتْ مِنْهَا وَدِيَّةٌ وَاحِدَةٌ ، فَأَدَّيْتُ النَّخْلَ وَبَقِيَ عَلَيَّ الْمَالُ ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ بَيْضَةِ الدَّجَاجَةِ مِنْ ذَهَبٍ ، مِنْ بَعْضِ الْمَغَازِي ، فَقَالَ : مَا فَعَلَ الْفَارِسِيُّ الْمُكَاتَبُ ؟ قَالَ فَدُعِيتُ لَهُ

فَقَالَ : خُذْ هَذِهِ فَأَدِّ بِهَا مَا عَلَيْكَ يَا سَلْمَانُ . فَقُلْتُ : وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِمَّا عَلَيَّ . قَالَ : خُذْهَا فَإِنَّ اللَّهَ سَيُؤَدِّي بِهَا عَنْكَ . قَالَ فَأَخَذْتُهَا فَوَزَنْتُ لَهُمْ مِنْهَا ، وَالَّذِي نَفْسُ سَلْمَانَ بِيَدِهِ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً ، فَأَوْفَيْتُهُمْ حَقَّهُمْ ، وَعُتِقْتُ ، فَشَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْخَنْدَقَ ، ثُمَّ لَمْ يَفُتْنِي مَعَهُ مَشْهَدٌ )

رواه أحمد في المسند (5/441) وقال المحققون : إسناده حسن .

*عبدالرحمن*
2018-03-20, 06:38
وروى البيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 89) قصة إسلام سلمان مطولة ببعض اختلاف ، وفيها قول هذا الرجل الصالح لسلمان : " يَا سَلْمَانُ ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى، سَوْفَ يَبْعَثُ رَسُولًا اسْمُهُ أَحْمَدُ، يَخْرُجُ بِتِهَامَةَ " .

قال سلمان : " وَكَانَ رَجُلًا أَعْجَمِيًّا لَا يُحْسِنُ أَنْ يَقُولَ تِهَامَةَ ، وَلَا مُحَمَّدًا " .

وإسنادها ضعيف ، فيه علي بن عاصم ، وهو سيء الحفظ ، يهم كثيرا .

انظر : "التهذيب" (7/345) .

وفيه أيضا يحيى بن أبي طالب ، متكلم فيه .

انظر : "الميزان" (4/387) .

وروى ابن إسحاق في "السيرة" (ص 92):

حدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال: حدثني من سمع عمر بن عبد العزيز، وحدث هذا من حديث سلمان ، فقال: " حدثت عن سلمان أن صاحب عمورية قال لسلمان، حين حضرته الوفاة: ائت غيضيتين من أرض الشام فإن رجلاً يخرج من إحداهما إلى الأخرى في كل سنة ليلة ، يعترضه ذوو الأسقام

فلا يدعو لأحد به مرض إلا شفي، فسله عن هذا الدين الذي تسلني عنه ، عن الحنيفية دين إبراهيم ، قال: فخرجت حتى أقمت بها سنة ، حتى خرج تلك الليلة من إحدى الغيضيتين إلى الأخرى ، وإنما كان يخرج مستجيزا ، فخرج وغلبني عليه الناس حتى دخل في الغيضة التي يدخل فيها حتى ما بقي إلا منكبه

فأخذت به فقلت : رحمك الله أخبرني عن الحنيفية دين إبراهيم ؟ فقال: إنك لتسأل عن شيء ما يسأل عنه الناس اليوم ، قد أظلك زمان نبي يخرج عند هذا البيت ، بهذا الحرم ، يبعث بسفك الدم ، فلما ذكر ذلك سلمان لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لئن كنت صدقت يا سلمان لقد رأيت عيسى بن مريم عليه السلام)

وفيه أن الذي أخبر سلمان بصفة النبي صلى الله عليه وسلم وبشره به هو عيسى ابن مريم عليه السلام .

ولكن هذا الحديث منكر ، وإسناده ضعيف لجهالة راويه عن عمر بن عبد العزيز ، وجهالة من رواه عنه عمر .

والصحيح المعتمد : رواية ابن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري، عن محمود بن لبيد، عن عبد الله بن عباس

ثانيا :

عرف الراهب بقرب مبعث النبي صلى الله عليه وسلم وصفته بما علمه من الكتب المتقدمة ، فقد جاء ذكر ووصف النبي صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل

وروى البخاري (2125) عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: " لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاةِ ؟ ، قَالَ : " أَجَلْ ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي القُرْآنِ: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ) ، وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ

أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي ، سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ ، لَيْسَ بِفَظٍّ ، وَلاَ غَلِيظٍ ، وَلاَ سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ ، وَلاَ يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ المِلَّةَ العَوْجَاءَ، بِأَنْ يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا ) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-20, 06:45
السؤال

أرجو أن تخبرني أين ذُكر النبي صلى الله عليه وسلم في الإنجيل ؟ وهل تم ذكر اسمه أم رمز له ؟

وما هي المراجع التي يمكن أن أستعملها لأثبت هذه المسألة ، وهل الكُتاب والمترجمون النصارى قد حرفوا ذلك ؟.

الجواب

الحمد لله

قال الله تعالى في كتابه : ( وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين ) الصف /6

وقال تعالى : ( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ) الأعراف/157

فهاتان الآيتان تدلان على أن النبي صلى الله عليه وسلم مذكور في التوراة والإنجيل ، مهما أدعى اليهود والنصارى عدم ذلك ، فإن كلام الله تعالى أحسن حديثا ، وأصدق قيلا .

ومما وورد في الكتب السابقة ما يلي :

أولا : جاء في التوراة في سفر التثنية الإصحاح الثامن عشر الفقرات 18و19 : " يا موسى أني سأقيم لبني إسرائيل نبيا من إخوتهم مثلك أجعل كلامي فيه ويقول لهم ما أمره به والذي لا يقبل قول ذلك النبي الذي يتكلم باسمي أنا أنتقم منه ومن سبطه " ، وهذا النص موجود عندهم الآن ، فقوله :" من إخوانهم " ، لو كان منهم من بني إسرائيل لقال سأقيم لهم نبياً منهم ، لكنه قال من إخوتهم أي أبناء إسماعيل .

ثانيا : جاء في إنجيل يوحنا الإصحاح السادس عشر الفقرات 16-17 : " إن خيراً لكم أن أنطلق لأني إن لم أذهب لم يأتكم الفارقليط فإذا انطلقت أرسلته إليكم فإذا جاء فهو يوبخ العالم على الخطيئة ، وان لي كلاماً كثيراً أريد قوله ولكنكم لا تستطيعون حمله لكن إذا جاء روح الحق ذاك الذي يرشدكم إلى جميع الحق لأنه ليس ينطق من عنده بل يتكلم بما يسمع ويخبركم بكل ما يأتي " ، وهذا لا ينطبق إلا على النبي صلى الله عليه وسلم .

ثالثا : قال ابن القيم رحمه الله : " قال في التوراة في السفر الخامس : - : " أقبل الله من سيناء ، وتجلى من ساعير ، وظهر من جبال فاران ، ومعه ربوات الإظهار عن يمينه " وهذه متضمنة للنبوات الثلاثة : نبوة موسى ، ونبوة عيسى ، ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، فمجيئه من " سينا " : وهو الجبل الذي كلم الله عليه موسى ، ونبأه عليه إخبار عن نبوته ، وتجليه من ساعير هو مظهر المسيح من بيت المقدس، و " ساعير " : قرية معروفة هناك إلى اليوم ، وهذه بشارة بنبوة المسيح .

"وفاران " : هي مكة ، وشبه سبحانه نبوة موسى بمجيء الصبح ، ونبوة المسيح بعدها بإشراقه وضيائه ونبوة خاتم الأنبياء باستعلاء الشمس ، وظهور ضوءها في الآفاق ، ووقع الأمر كما أخبر به سواء . فإن الله سبحانه صدع بنبوة موسى ليل الكفر فأضاء فجره بنبوته ، وزاد الضياء والإشراق بنبوة المسيح ، وكمل الضياء واستعلن وطبق الأرض بنبوة محمد صلوات الله وسلامه عليهم ، وذكر هذه النبوات الثلاثة التي اشتملت عليها هذه البشارة نظير ذكرها في أول سورة ( والتين والزيتون ، وطور سينين ، وهذا البلد الأمين " ا.هـ [ انظر هداية الحيارى ص 110 ، وما ذكره ابن القيم هو في العهد القديم سفر التثنية الإصحاح 33 فقرة 1 ]

رابعا : ذكر الشيخ عبد المجيد الزنداني في كتابه : ( البشارات بمحمد صلى الله عليه وسلم في الكتب السماوية السابقة ) أن إنجيل برنابا في الباب 22 جاء فيه : " وسيبقى هذا إلى أن يأتي محمد رسول الله الذي متى جاء كشف هذا الخداع للذين يؤمنون بشريعة الله " ، وجاء في سفر أشعيا : إني جعلت اسمك محمدا يا محمد ، يا قدوس الرب : اسمك موجود من الأبد ، وجاء في سفر أشعيا : " وما أعطيته لا أعطيه لغيره ، أحمد يحمد الله حمدا حديثا يأتي من أفضل الأرض ، فتفرح به البرية ، ويوحدون على كل شرف ، ويعظمونه على كل رابية " انتهى .

وقد ذكر العلماء العديد من المواضع التي ذكر فيها اسم النبي صلى الله عليه وسلم ، مرة بذكر اسمه الصريح ، ومرة بذكر وصف لا ينطبق إلا عليه صلى الله عليه وسلم .

واعلم أنه قد طرأ تغيير على الكتب الموجودة الآن من التوراة والإنجيل وحدث تغيير فيها ، وقد ذكر المؤرخون من غير المسلمين هذا الأمر ، لكن مع ذلك كله لازلنا نجد في التوراة والإنجيل التبشير بمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد ذكر الشيخ رحمة الله الهندي أن النصارى كلما استطاعوا تحريف موضع حرفوه ، ولذلك تجد بعض العلماء القدامى يذكرون مواضع في التوراة والإنجيل ليست موجودة الآن ، لكن هناك مواضع أخرى لا زالت تبشر بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم وقدومه .

واعلم أنه لا بد من تسلح الإنسان بالعلم الصحيح الوافي عند مناقشة النصارى ، وهم وإن لم يكن لديهم حجج ، إلا إنه يسعون لبث الشبه في نفوس الناس ، ليستسلموا لها ، وليغيب الحق ، والله متم نوره ولو كره الكافرون .

ومن الكتب المفيدة في هذا السياق كتاب إظهار الحق للشيخ رحمة الله الهندي ، وكتاب هداية الحيارى لابن القيم ، ومن قبله الجواب الصحيح لابن تيمية .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

سلمى السيد
2018-03-20, 10:48
جزاك الله كل خير

*عبدالرحمن*
2018-03-20, 15:42
جزاك الله كل خير

الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

اسعدني حضورك الطيب
بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله عني كل خير

امام الرضا
2018-03-20, 18:20
بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله عنا كل خير
اخى عبد الرحمن على تنوير عقولنا بهذه المواضيع المميزة

*عبدالرحمن*
2018-03-22, 12:51
بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله عنا كل خير
اخى عبد الرحمن على تنوير عقولنا بهذه المواضيع المميزة

الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات

ما اكرمك من اخ
اسعدك الله دنيا واخره

بارك الله فيك
وجزاك الله عني كل خير

*عبدالرحمن*
2018-03-26, 03:53
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

السؤال:

كنت أتحدث مع أحد الأشخاص حول الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم ، فذكر لي طرفاً من إرث الأديب الانجليزي المشهور شكسبير ، وكيف أنه كان معجزة في اللغة ، ثم قال : إن لغة القرآن لا تثبت صحته . بل وتجرأ فقال : لم لا تعبدون شكسبير إذاً ، إذا كان الأمر متعلقاً باللغة . فكيف ندحض زعمه ؟

الجواب :

الحمد لله

ندحض زعمه بحجة سهلة ميسورة لجميع المسلمين ، وظاهرة في القرآن الكريم ، ولكن عقل الإنسان الضعيف سِمَته السهو والغفلة والنسيان . وهذه الحجة أن نقول له : وهل تحدى شكسبير الأدباء السابقين واللاحقين أن يأتوا بمثل ما جاء به ، أو هل ادَّعى شكسبير النبوة حتى يؤمن به الناس ؟!

وإذا كان صاحبك يظن أن البلاغة والفصاحة تعني ( الإعجاز ) أو ( النبوة ) فهو واهم بهذا الظن ، حيث لم يلتفت إلى شرط ( التحدي )، مع ( السلامة من المعارض ) ، وهي قيود مهمة في الإيمان بالمعجزات .

أبهذا المنطق نتداول مفاهيم عظيمة ، ومباحث مصيرية ، كنبوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .

يقول ابن تيمية رحمه الله :

" والقرآن آيته باقية على طول الزمان ، من حين جاء به الرسول تُتْلى آيات التحدّي به . ويُتلى قوله : ( فَليَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ )، و( فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ )، و ( بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ )، ويُتلى قوله : ( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالجِنّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا القُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرَاً ).

فنفس إخبار الرسول بهذا في أول الأمر ، وقطعه بذلك ، مع علمه بكثرة الخلق ، دليلٌ على أنّه كان خارقاً ، يُعجِز الثقلين عن معارضته . وهذا لا يكون لغير الأنبياء .

ثمّ مع طول الزمان ، قد سمعه الموافق ، والمخالف ، والعرب ، والعجم . وليس في الأمم من أظهر كتاباً يقرأه الناس ، وقال إنّه مثله . وهذا يعرفه كلّ أحدٍ .

وما من كلام تكلم به الناس ، وإن كان في أعلى طبقات الكلام لفظاً ومعنىً ، إلا وقد قال الناس نظيره ، وما يشبهه ويقاربه ؛ سواء كان شعراً ، أو خطابةً ، أو كلاماً في العلوم ، والحِكَمِ والاستدلال ، والوعظ ، والرسائل ، وغير ذلك . وما وجد من ذلك شيء ، إلاَّ ووجد ما يشبهه ويقاربه .

والقرآن ممّا يعلم الناس ؛ عربهم ، وعجمهم أنّه لم يُوجد له نظيرٌ ، مع حرص العرب ، وغير العرب على معارضته ؛ فلفظه آية ، ونظمه آية ، وإخباره بالغيوب آية ، وأمره ونهيه آية ، ووعده ووعيده آية ، وجلالته وعظمته وسلطانه على القلوب آية . وإذا ترجم بغير العربي كانت معانيه آية ؛ كلّ ذلك لا يوجد له نظيرٌ في العالم .

وإذا قيل إنّ التوراة ، والإنجيل ، والزبور ، لم يُوجد لها نظيرٌ أيضاً ، لم يضرّنا ذلك ؛ فإنّا قلنا : إنّ آيات الأنبياء لا تكون لغيرهم ، وإن كانت لجنس الأنبياء ؛ كالإخبار بغيب الله ؛ فهذه آية يشتركون فيها ، وكذلك إحياء الموتى ، قد كان آية لغير واحدٍ من الأنبياء غير المسيح ؛ كما كان ذلك لموسى وغيره "

انتهى من " النبوات " (1/ 515).

والمعنى الذي نقصده هو أنه ليس كل بلاغة لغوية تعني النبوة أو الإلهية ، بل لا بد من شروط أخرى واضحة كل الوضوح ، وهي :

1. أن يدعي النبوة ذلك الفصيح البليغ .

2. أن يتحدى بفصاحته البشر تحديا صريحا فيعجزون عن معارضته .

3. أن تتوفر فيه شروط النبوة ومسالك التصديق بالرسالة ، التي سيأتي الحديث عنها .

هذا فضلا عن قول هذا المجادل : لم لا تعبدون شكسبير إذا كان الأمر متعلقا باللغة ؟!!

ومن أخبره أننا نعبد محمدا صلى الله عليه وسلم ، وهل يستحق أحد من الخلق العبادة ؟؟!!

أليس شكسبير قد مات ، فكيف يموت الإله إذن !!

ألا يعلم هذا السائل أن المسلمين يعبدون الله عز وجل ، وإنما آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء بوصفهم مرسلين من الله سبحانه لتبليغ الرسالة ، والتذكير بوجوب الإيمان ، وعبادة الله وحده ، واتباع الشرائع التي تحفظ على البلاد والعباد دينهم ودنياهم .

نظن أن هذه المعلومات هي قواعد الإسلام التي يحفظها صبيان المسلمين قبل كبارهم ، ولكنها تغيب عن بعض المشتغلين بالجدال ، والمنشغلين بالحديث في الشبهات ، المهم عنده أن يورد الشبهات ، كيف كانت ، وأنى كان مصدرها ، لغرض تكثير الشبهات فحسب ، دون احترام لعقول القراء أو السامعين .

ثم نزيد هنا أيضا تساؤلا مهما : من أخبر هذا المدعي أن دليل نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم فحسب !!

بل أكثر الأنبياء أيدهم الله عز وجل بمعجزات وآيات شتى على صدق نبوتهم ، فمثلا موسى عليه السلام تنقلب له العصى حية تسعى ، وينفلق البحر له ، ويدخل يده في جيبه فتشفى مما بها ، فقال له الله عز وجل : ( وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَامُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ . اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ) القصص/31-32.

وعيسى عليه السلام تكلم في المهد صبيا ، وكان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيى الموتى بإذن الله ، ونزلت له مائدة من السماء على قومه .

ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم أنزل عليه القرآن الكريم ، وتحدى به العرب كلهم أن يأتوا بمثله ، وأخبر بمغيب الماضي والمستقبل رغم أميته وانعدام علماء الكتاب في بلده ، وعرف بكل قيم الخير والمعروف والإحسان في قومه ، وأسري به من مكة إلى المسجد الحرام في ليلة ، وانشق القمر آية لقومه ، ونبع الماء من بين أصابعه ، وسبح الحصى في يده...في آيات وعلامات كثيرة جدا على صدق نبوته ودعوته ، وكل ذلك لا يتجاوز دلالته على أنه رسول من رب العالمين ، أما المرسِل فهو الخالق الرازق الذي يستحق العبادة دون ما سواه .

بل ليعلم هذا المجادل أن ( قرائن الأحوال ) ( وسنن الخلق ) من أعظم الدلائل على نبوات الأنبياء ، وليس فقط ( المعجزات الحسية ) التي يناقش ويجادل فيها .

*عبدالرحمن*
2018-03-26, 03:55
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" النبوة مشتملة على علوم وأعمال لا بد أن يتصف الرسول بها ، وهي أشرف العلوم ، وأشرف الأعمال ، فكيف يشتبه الصادق فيها بالكاذب ، ولا يتبين صدق الصادق وكذب الكاذب من وجوه كثيرة ، لا سيما والعالم لا يخلو من آثار نبي من لدن آدم إلى زماننا ، وقد علم جنس ما جاءت به الأنبياء والمرسلون ، وما كانوا يدعون إليه ويأمرون به ، ولم تزل آثار المرسلين في الأرض ، ولم يزل عند الناس من آثار الرسل ما يعرفون به جنس ما جاءت به الرسل ، ويفرقون به بين الرسل وغير الرسل .

فلو قدر أن رجلا جاء في زمان إمكان بعث الرسل ، وأمر بالشرك وعبادة الأوثان ، وإباحة الفواحش والظلم والكذب ، ولم يأمر بعبادة الله ، ولا بالإيمان باليوم الآخر ، هل كان مثل هذا يحتاج أن يطالب بمعجزة ، أو يشك في كذبه أنه نبي !

ولو قدر أنه أتى بما يظن أنه معجزة ، لعُلِم أنه من جنس المخاريق ، أو الفتن والمحنة ، ولهذا لما كان الدجال يدعي الإلهية ، لم يكن ما يأتي به دالّا على صدقه ، للعلم بأن دعواه ممتنعة في نفسها ، وأنه كذاب

. " انتهى من " شرح العقيدة الأصفهانية " (140).

ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم قد اجتمعت له جميع القرائن والدلائل من هذا النوع أيضا على صدق نبوته :

أولا :

انتظمت له سنة الله تعالى في الانتصار للمرسلين ، وإظهار دعوة الحق التي يحملها ، كما كان الأمر لموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم ، حيث ملأ أتباعهم الدنيا ، وانتقم الله عز وجل من أعدائهم ، وأظهر كلمة الحق التي أرسلوا بها .

ثانيا :

تحقق المسلك النوعي أيضا من الأدلة ، وهو مضمون الرسالة التي يحملها ، فرسالته عليه الصلاة والسلام من جنس رسائل السابقين ، فيها الأمر بالتوحيد ، والنهي عن الشرك ، والأمر بالقيم والفضائل ، والنهي عن الفواحش والرذائل .

ثالثا

: تحقق المسلك الشخصي ، وهي الأخلاق التي يتحلى بها الأنبياء ، وصدقهم المطلق الذي يعرفه به قومهم ، ونحو ذلك من العلامات .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" المسلك الأول : النوعي ، هو ممّا استدل به النجاشي على نبوته ، فإنه لما استخبرهم عما يخبر به ، واستقرأهم القرآن فقرؤوه عليه قال : ( إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة )

وكذلك قبله ورقة بن نوفل ، لما أخبره النبيّ صلى الله عليه وسلم بما رآه ، وكان ورقة قد تنصر ، وكان يكتب الإنجيل بالعبرانية ، قال : ( هذا هو الناموس الذي كان يأتي موسى )

المسلك الثاني : الشخصي : استدل به هرقل ملك الروم ، فإن النبيّ صلى الله عليه وسلم لما كتب إليه كتابا يدعوه فيه إلى الإسلام ، طلب هرقل من كان هنا من العرب ، وكان أبو سفيان قد قدم في طائفة من قريش في تجارة إلى غزة ، فطلبهم وسألهم عن أحوال النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فسأل أبا سفيان وأمر الباقين إن كذب أن يكذبوه ، فصار يجدهم موافقين له في الإخبار ، فسألهم : هل كان في آبائه من ملك ؟ قالوا : لا . وهل قال هذا القول أحد قبله ؟ قالوا : لا .

وسألهم أهو ذو نسب فيكم ؟ قالوا : نعم ، وسألهم : هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ فقالوا : لا ما جربنا عليه كذبا . وسألهم : هل اتبعه ضعفاء الناس أم أشرافهم ؟ فذكروا أن الضعفاء اتبعوه ، وسألهم هل يزيدون أم ينقصون ؟ فذكروا أنهم يزيدون ، وسألهم هل يرجع أحد منهم عن دينه سخطة له بعد أن يدخل فيه

فقالوا : لا . وسألهم : هل قاتلتموه ؟ قالوا : نعم . وسألهم عن الحرب بينهم وبينه ؟ فقالوا : يدال علينا المرة وندال عليه الأخرى ، وسألهم هل يغدر ؟ فذكروا أنه لا يغدر . وسألهم بماذا يأمركم ؟ فقالوا : يأمرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئا ، وينهانا عمّا كان يعبد آباؤنا ، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة .

فهذه أكثر من عشر مسائل . ثم تبين لهم ما في هذه المسائل من الدلالة ، وأنه سألهم عن أسباب الكذب وعلاماته فرآها منتفية ، وسألهم عن علامات الصدق فوجدها ثابتة "

انتهى من " شرح العقيدة الأصفهانية " (ص: 142).

فانظر كيف استدلت خديجة رضي الله عنها ، وورقة بن نوفل ، والنجاشي ، وهرقل ، على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم من خلال المسلكين : النوعي ، والشخصي . من غير حاجة إلى معجزة حسية ، وقبل سماع القرآن وعرض التحدي .

ثم ليعلم هذا المجادل أن من غير الموضوعية ولا من الإنصاف اقتطاع الدليل المعين ، وحصر الدلالة فيه ، فـ " طرق العلم بالرسالة كثيرة جدا متنوعة ، ونحن اليوم إذا علمنا بالتواتر أحوال الأنبياء وأوليائهم وأعدائهم، علمنا علما يقينا أنهم كانوا صادقين ، على الحق ، من وجوه متعددة ".

كما في " شرح الأصفهانية " (155)

فإذا ادعى أن مثل هذه الطرق متوفرة في مثاله الذي هو " شكسبير "، فهي مكابرة لا تستحق الحوار ولا المجادلة ، ولو توفرت فيه لرأيت له ملة قائمة اسمها " الديانة الشكسبيرية "، فإذا ادعى وجودها فأرح نفسك من طول عناء الحوار معه ، واحفظ عليك وقتك وعقلك ، فليس كل ما يقال في هذه الدنيا يستحق الوقوف عنده .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-26, 04:00
السؤال:

أريد أن أكون مسلماً حقيقيّاً لذا أضع هذا السؤال : ما الداعي للالتزام بالإسلام ؟

بعبارة أخرى : هب أني كنت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فسمعتُه يدعو إلى هذا الدين ، فما الذي يدفعني إلى تصديق رسالته وما جاء به من كتاب وسنَّة ؟

كما أني لا أفهم التحدي القرآني ( فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين ).

الجواب :

الحمد لله

أولاً:

إن الإسلام العظيم مدرسة للعالَم الذين تاهوا في دروب الحياة ، وإن أعرف الناس بنعمة الإسلام حقّاً هم مَن عرف الجاهلية حقّاً علماً نظريّاً أو عملاً واقعيّاً .

وسأرجع معك إلى أكثر من ألف وأربعمائة سنة وأسمعك اعترافاً يلخص لك ما الداعي للالتزام بالإسلام وكيف كان الناس قبل الإسلام ، أما السائل : فهو ملك الحبشة النجاشي ، وأما المُجيب : فهو جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ، وهذه القصة في هجرتهم إلى الحبشة :

" ... وَقَدْ دَعَا النَّجَاشِيُّ أَسَاقِفَتَهُ فَنَشَرُوا مَصَاحِفَهُمْ حَوْلَهُ ليسَأَلَهُمْ فَقَالَ مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي فَارَقْتُمْ فِيهِ قَوْمَكُمْ وَلَمْ تَدْخُلُوا فِي دِينِي وَلَا فِي دِينِ أَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَمِ ؟ قَالَتْ : فَكَانَ الَّذِي كَلَّمَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ لَهُ : أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ وَنُسِيءُ الْجِوَارَ يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ

وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ وَنَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ وَقَوْلِ الزُّورِ وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ - قَالَ : فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ - فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ فَعَبَدْنَا اللَّهَ وَحْدَهُ فَلَمْ نُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا وَحَرَّمْنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا وَأَحْلَلْنَا مَا أَحَلَّ لَنَا فَعَدَا عَلَيْنَا قَوْمُنَا فَعَذَّبُونَا وَفَتَنُونَا عَنْ دِينِنَا لِيَرُدُّونَا إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ وَأَنْ نَسْتَحِلَّ مَا كُنَّا نَسْتَحِلُّ مِنْ الْخَبَائِثِ ... " رواه أحمد / 1740

وإذا عرفتَ من الداعي للالتزام عرفتَ ما الداعي له ؟ إن الداعي له هو الله جل جلاله ، قال تعالى ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ) آل عمران/ 19 ، وقال ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل عمران/ 85 .
وإن الله أعظم وأجل من أن يدعونا إلى شيء لا نفع لنا فيه ولا صلاح حال ، بل دعانا إلى الهدى والنور ، فهو تعالى لم يخلق خلقه عبثاً بل خلقهم للقيام بمهمة جليلة تتعلق به سبحانه وتعالى وهي توحيده والقيام بطاعته ، قال تعالى ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ) المؤمنون/ 115 ، وقال تعالى ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات/ 56.

قال ابن كثير - رحمه الله - : " أي : إنما خلقتهم لآمرهم بعبادتي ، لا لاحتياجي إليهم " .

انتهى من " تفسير ابن كثير " ( 4 / 239 ) .

إن الناس لا يمكنهم العيش في أمن وأمان بلا دين ، فإن الناس كالسفينة السائرة في البحر وإن الدين هو القبطان الذي يقودها إلى ما ينفعها ، فلا بد للناس من دين يتدينون به ، وإلا أكل بعضهم بعضاً ، وإن خير الأديان وخاتمها وأفضلها هو الإسلام .

ونحن ندعوك إلى التأمل في حال المسلمين ، في عاداتهم وشؤونهم وأخلاقهم ، وتقارنها بغيرهم من الأديان الأخرى ، يتضح لك الجواب إن شاء الله .

أو اسأل هذا أو ذاك ممن عاشوا في كنف الحضارات ، وأرقاها ولم يجدوا بُغيتهم إلا بالإسلام ، ولذلك تجدهم أشد الناس تمسكا لأنهم ذاقوا حلاوة الإيمان بعد أن عاشوا مرارة الكفر .

ثانياً:

أما التحدي القرآني للفصحاء والبلغاء بأن يأتوا بمثل هذا القرآن فهو تحد للمتقدمين والمتأخرين ، وقد عجز كبار العرب وبلغاؤهم أن يأتوا بآية من مثله ، وإن التحدي ما يزال قائماً منذ أنزل الله تعالى هذه الآيات ، وكم خرج من صلب العرب شعراء وأدباء ولم يستطيعوا الإتيان بسورة من مثله ولا عشر آيات ، نعم ، لقد حاول بعضهم كتابة شيء كالقرآن فصار سخرية للناس وأضحوكة .

وسنرجع معك مرة أخرى إلى أكثر من ألف وأربعمائة سنة لنسمعك اعترافات بعض فصحاء العرب وشعرائهم وأسيادهم في القرآن الكريم أسلوباً وبياناً ، ومنهم : أبو الوليد عتبة بن ربيعة ، والشاعر أنيْس الغفاري

وهذه بعض شهادات المنصفين للقرآن من المعاصرين :

1. يقول إبراهيم خليل – وكان من كبار القساوسة ثم هداه الله للإسلام -

: " أعتقد يقيناً أني لو كنت إنساناً وجوديّاً لا يؤمن برسالة من الرسالات السماوية ، وجاءني نفر من الناس ، وحدثني بما سبق به القرآن العلم الحديث في كل مناحيه : لآمنت برب العزة والجبروت خالق السماوات والأرض ولن أشرك به أحداً " انتهى .

2. وقال ريجيس بلاشير – مستشرق فرنسي -

: " إن القرآن ليس معجزة بمحتواه وتعليمه فقط ، إنه أيضاً يمكنه أن يكون قبل أي شيء آخر تحفة أدبية رائعة تسمو على جميع ما أقرته الإنسانية وبجلته من التحف ، إن الخليفة المقبل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - المعارض الفظ في البداية للدين الجديد ، قد غدا من أشد المتحمسين لنصرة الدين عقب سماعه لمقطع من القرآن ، وسنورد الحديث فيما بعد عن مقدار الافتتان الشفهي بالنص القرآني بعد أن رتله المؤمنون " انتهى
.
3. وقالت بوتر – أمريكية دخلت الإسلام بعد اقتناع عميق به -

: " عندما أكملت قراءة القرآن الكريم غمرني شعور بأن هذا هو الحق الذي يشتمل على الإجابات الشافية حول مسائل الخلق وغيرها ، وإنه يقدم لنا الأحداث بطريقة منطقية ، نجدها متناقضة مع بعضها في غيره من الكتب الدينية ، أما القرآن فيتحدث عنها في نسق رائع وأسلوب قاطع لا يدع مجالاً للشك بأن هذه هي الحقيقة وأن هذا الكلام هو من عند الله لا محالة " انتهى .

4. قال موريس بوكاي – عالم فرنسي شهير أسلم بعد دراسة للأديان متعمقة

- : " لقد قمت أولاً بدراسة القرآن الكريم ، وذلك دون أي فكر مسبق وبموضوعية تامة ، بحثاً عن درجة اتفاق نص القرآن ومعطيات العلم الحديث ، وكنت أعرف قبل هذه الدراسة ، وعن طريق الترجمات ، أن القرآن يذكر أنواعاً كثيرة من الظاهرات الطبيعية ، لكن معرفتي كانت وجيزة ، وبفضل الدراسة الواعية للنص العربي ، استطعت أن أحقق قائمة أدركت بعد الانتهاء منها أن القرآن لا يحتوي على أية مقولة قابلة للنقد من وجهة نظر العلم

في العصر الحديث ، وبنفس الموضوعية قمت بنفس الفحص على العهد القديم والأناجيل ، أما بالنسبة للعهد القديم فلم تكن هناك حاجة للذهاب إلى أبعد من الكتاب الأول أي : " سِفر التكوين " فقد وجدت مقولات لا يمكن التوفيق بينها وبين أكثر معطيات العلم رسوخاً في عصرنا ، وأما بالنسبة للأناجيل فإننا نجد نص إنجيل " متى " يناقض بشكل جلي إنجيل " لوقا " ، وأن هذا الأخير يقدم لنا صراحة أمراً لا يتفق مع المعارف الحديثة الخاصة بقدَم الإنسان على الأرض " انتهى .

5. وقال فيليب حتي- لبناني نصراني -

: " إن أسلوب القرآن مختلف عن غيره ، ثم إنه لا يقبل المقارنة بأسلوب آخر ، ولا يمكن أن يقلَّد ، وهذا في أساسه هو إعجاز القرآن ، فمن جميع المعجزات كان القرآن المعجزة الكبرى " انتهى .

وقد نقلنا هذا كله من كتاب

" الطعن في القرآن الكريم والرد على الطاعنين في القرن الرابع عشر الهجري " ( ص 156 – 159 ) للشيخ عبد المحسن بن زبن المطيري وفقه الله .

أما وجوه الإعجاز في القرآن الكريم فكثيرة ، وقد ذكرها القاضي عياض في كتابه " الشفا " - واختصر كلامه السيوطي في " الإتقان " فقال – رحمه الله - : " وقال القاضي عياض في " الشفا " : اعلم أن القرآن منطوٍ على وجوه من الإعجاز كثيرة ، وتحصيلها من جهة ضبط أنواعها في أربعة وجوه :

أولها : حسن تأليفه والتئام كلمه وفصاحته ووجوه إيجازه وبلاغته الخارقة عادة العرب الذين هم فرسان الكلام وأرباب هذا الشأن .

الثاني : صورة نظمه العجيب والأسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام العرب ومنهاج نظمها ونثرها الذي جاء عليه ووقفت عليه مقاطع آياته وانتهت إليه فواصل كلماته ولم يوجد قبله ولا بعده نظيراً له .

قال :

وكل واحد من هذين النوعين الإيجاز والبلاغة بذاتها والأسلوب الغريب بذاته نوع إعجاز على التحقيق لم تقدر العرب على الإتيان بواحد منهما إذ كل واحد خارج عن قدرتها مباين لفصاحتها وكلامها خلافاً لمن زعم أن الإعجاز في مجموع البلاغة والأسلوب .

الوجه الثالث : ما انطوى عليه من الإخبار بالمغيبات وما لم يكن فوجد كما ورد .

الرابع : ما أنبأ به من أخبار القرون السالفة والأمم البائدة والشرائع الداثرة مما كان لا يعلم منه القصة الواحدة إلا الفذ من أحبار أهل الكتاب الذي قطع عمره في تعلم ذلك فيورده على وجهه ويأتي به على نصه وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب .

قال :

فهذه الوجوه الأربعة من إعجازه بيِّنه لا نزاع فيها ( ولا مرية ) " .

انتهى من " الإتقان في علوم القرآن " ( 4 / 18 ، 19 ) وانظر " الشفا " للقاضي عياض ( 1 / 258 – 272 ) .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-03-26, 04:03
السؤال:

هل مقارنة الأديان بدعة ؟

ألا يمكننا أن نستخدم الكتاب المقدس بهدف الدعوة ؟

البعض يقول : إن هذا العمل بدعة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا أن ننظر في التوراة ؟

هل هذا صحيح ؟ من فضلك أجبني إجابة مرفقة برأي علماء المنهج السلفي بخصوص هذه المسألة .

الجواب :

الحمد لله

أولا :

التوراة والإنجيل هما في الأصل من عند الله تعالى ، ويجب علينا أن نؤمن بهما .

لقوله تعالى :

( قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) البقرة / 136 ، وقال تعالى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ) النساء / 136 .

لكن لَحِق التوراة والإنجيل التحريف والتبديل ، قال الله تعالى : ( فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ ) البقرة / 79 .

وبسبب هذا التحريف واختلاط الحق بالباطل فيهما ؛ جاء النهي عن مطالعتهما .

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : " أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُتُبِ ، فَقَرَأَهُ على النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَضِبَ وَقَالَ : ( أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً ، لَا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ ، أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَوْ أَنَّ مُوسَى كَانَ حَيًّا ، مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتْبَعَنِي‏ ) " رواه أحمد (14736) ، وحسنه الألباني في " إرواء الغليل " (6/34) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى بعد أن ذكر أسانيد هذا الحديث :

" وهذه جميع طرق هذا الحديث ، وهي وإن لم يكن فيها ما يحتج به ، لكن مجموعها يقتضي أن لها أصلا "

انتهى من " فتح الباري " (13/525) .

ثم إن الحق الذي في التوراة والإنجيل يغني عنه ما في القرآن الكريم .

قال الله تعالى :

( أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) العنكبوت / 51 .

قال ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" ولما كان القرآن أحسن الكلام ، نُهوا عن اتباع ما سواه‏ ، قال تعالى‏ :‏ ‏( أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ ) العنكبوت / 51 ‏‏.‏

وروى النسائي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى بيد عمر بن الخطاب شيئا من التوراة ، فقال‏ :‏ ‏( ‏لو كان موسى حيًا ثم اتبعتموه وتركتموني : لضللتم ‏)‏‏ .‏ وفي رواية ‏:‏ ‏(‏ ما وسعه إلا اتباعي ‏)‏‏ ، وفي لفظ‏ :‏ " فتغير وجه النبي صلى الله عليه وسلم لما عرض عليه عمر ذلك ، فقال له بعض الأنصار ‏:‏ يا ابن الخطاب ! ألا ترى إلى وجه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ‏؟‏ فقال عمر‏:‏ رضينا باللّه ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيًا " .‏

ولهذا كان الصحابة ينهون عن اتباع كتاب غير القرآن‏ .

.." انتهى من " مجموع الفتاوى " (17/41 - 42) .

ولهذا كان ابن عباس رضي الله عنهما يقول :

" كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَىْءٍ وَكِتَابُكُمُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحْدَثُ ، تَقْرَءُونَهُ مَحْضًا لَمْ يُشَبْ ، وَقَدْ حَدَّثَكُمْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ بَدَّلُوا كِتَابَ اللَّهِ وَغَيَّرُوهُ ، وَكَتَبُوا بِأَيْدِيهِمُ الْكِتَابَ ، وَقَالُوا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً ، أَلاَ يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنَ الْعِلْمِ عَنْ مَسْأَلَتِهِمْ ، لاَ وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِنْهُمْ رَجُلاً يَسْأَلُكُمْ عَنِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ‏ " رواه البخاري (7363) .‏

ثم إن الاشتغال بالتوراة والإنجيل : اشتغال بما لا ينفع المسلم في آخرته .

قال القرطبي رحمه الله تعالى :

" وإذا كان لقارئه – أي القرآن - بكلّ حرف عشر حسنات فأكثر ، على ما ذكرناه في مقدّمة الكتاب ، فالرّغبة عنه إلى غيره : ضلال وخسران ، وغبن ونقصان "

انتهى من " الجامع لأحكام القرآن " (16/378) .

*عبدالرحمن*
2018-03-26, 04:06
ثانيا :

بناء على ما سبق ذكره ، ذهب أهل العلم رحمهم الله : إلى أن المطالعين لهذه الكتب – كتب اليهود والنصارى - على قسمين :

القسم الأول :

العامي ، ومن ليس له علم ، وكذا ضعيف الإيمان : فينهى عن مطالعتهما حتى لا يفتن بما أدخل فيهما من الباطل ، وحتى لا يشغل نفسه بما لا ينفعه .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :

" وَالْأَوْلَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ وَيَصِرْ مِنَ الرَّاسِخِينَ فِي الْإِيمَانِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.."

انتهى من " فتح الباري " (13/525 ) .

وعلى هذا القسم - العوام ومن في معناهم ، أو من طلب النفع في دينه من هذه الكتب - تتنزل أقوال أهل العلم في النهي عن النظر في التوراة والإنجيل .

جاء في مطالب أولي النهى ( 1 / 607 ) :

" ( ولا يجوز النظر في كتب أهل الكتاب ، نصا ) ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم غضب حين رأى مع عمر صحيفة من التوراة ... ولا النظر في ( كتب مشتملة على حق وباطل ، ولا روايتها ) ؛ لما في ذلك من ضرر إفساد العقائد " انتهى .

وقال النووي رحمه الله تعالى :

" وكتب التّوراة والإِنجيل : ممّا يحرم الانتفاع به ، لأنّهم بدّلوا وغيّروا "

انتهى من " روضة الطالبين " ( 10 / 259 ) .

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى :

" على كل مسلم أن يؤمن بها أنها من عند الله : التوراة والإنجيل والزبور ، فيؤمن أن الله أنزل الكتب على الأنبياء ، وأنزل عليهم صحفا ، فيها : الأمر والنهي ، والوعظ والتذكير ، والإخبار عن بعض الأمور الماضية ، وعن أمور الجنة والنار ونحو ذلك ، لكن ليس له أن يستعملها ؛ لأنها دخلها التحريف والتبديل والتغيير

فليس له أن يقتني التوراة أو الإنجيل أو الزبور ، أو يقرأ فيها ؛ لأن في هذا خطرا ؛ لأنه ربما كذب بحق ، أو صدق بباطل ؛ لأن هذه الكتب قد حرفت وغيرت ، ودخلها من أولئك اليهود والنصارى وغيرهم التبديل والتحريف ، والتقديم والتأخير ، وقد أغنانا الله عنها بكتابنا العظيم : القرآن الكريم "

انتهى من " فتاوى نور على الدرب " (1/9) .

وسُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :

هل يجوز للمسلم أن يقتني الإنجيل ليعرف كلام الله لعبده ورسوله عيسى عليه الصلاة والسلام ؟

فأجاب :

" لا يجوز اقتناء شيء من الكتب السابقة على القرآن ، من إنجيل أو توراة أو غيرهما ، لسببين :

السبب الأول : أن كل ما كان نافعا فيها فقد بيَّنه الله - سبحانه وتعالى - في القرآن الكريم.

السبب الثاني : أن في القرآن ما يغني عن كل هذه الكتب ؛ لقوله تعالى : ( نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ) ، وقوله تعالى : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ) ، فإن ما في الكتب السابقة من خير موجود في القرآن .

أما قول السائل إنه يريد أن يعرف كلام الله لعبده ورسوله عيسى ، فإن النافع منه لنا : قد قصه الله في القرآن ، فلا حاجة للبحث في غيره . وأيضا : فالإنجيل الموجود الآن محرّف ، والدليل على ذلك أنها أربعة أناجيل ، يخالف بعضها بعضا ، وليست إنجيلا واحدا ، إذن فلا يعتمد عليه "

انتهى من " مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين " (1 /32 – 33) .

القسم الثاني :

الراسخون في العلم الذين يستعملون هذه الكتب في مجادلة اليهود والنصارى ، وإقامة الحجة عليهم .

ففي هذه الحالة : خوف الفتنة انتفى ، لأن عند الراسخ في العلم من المقدرة ما يؤهله إلى معرفة الباطل الذي أدخل في هذه الكتب ، والحذر منه ، ورده والتحذير منه أيضا ، مع ما في مجادلته لأهل الكتاب ورد باطلهم من المصلحة الشرعية المطلوب تحصيلها .

ولهذا تتابع أهل العلم على استعمال هذه الكتب في محاججة اليهود والنصارى ، ومن أشهر من رد على اليهود والنصارى من خلال كتبهم : ابن تيمية في كتابه " الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح "

و ابن القيم في كتابه " هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى " ، وابن حزم في كتابه " الفصل في الملل والأهواء والنحل " ، والقرطبي في كتابه " الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام " ، وغيرهم كثير .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :

" بخلاف الراسخ ؛ فيجوز له النظر في التوراة والإنجيل ، ولا سيما عند الاحتياج إلى الرد على المخالف ، ويدل على ذلك نقل الأئمة قديما وحديثا من التوراة ، وإلزامهم اليهود بالتصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم بما يستخرجونه من كتابهم ، ولولا اعتقادهم جواز النظر فيه ، لما فعلوه وتواردوا عليه "

انتهى من " فتح الباري " ( 13 /525 – 526) .

وقال ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" وإذا حصل من مسلمة أهل الكتاب ، الّذين علموا ما عندهم بلغتهم ، وترجموا لنا بالعربيّة : انتفع بذلك في مناظرتهم ومخاطبتهم ، كما كان عبد اللّه بن سلام ، وسلمان الفارسيّ ، وكعب الأحبار ، وغيرهم ، يحدّثون بما عندهم من العلم ، وحينئذ يستشهد بما عندهم على موافقة ما جاء به الرّسول ، ويكون حجّة عليهم من وجه ، وعلى غيرهم من وجه آخر ، كما بيّنّاه في موضعه "

انتهى من " مجموع الفتاوى " (4/109 – 110) .

وفي " مطالب أولى النهى " من كتب المذهب الحنبلي (1/607 – 608) :

" (ويتّجه : جواز نظرٍ) في كتب أهل البدع ، لمن كان متضلِّعا من الكتاب والسّنّة ، مع شدّة تثبّت ، وصلابة دين ، وجودة فطنة ، وقوّة ذكاء ، واقتدار على استخراج الأدلّة ، ( للرّدّ عليهم) وكشف أسرارهم ، وهتك أستارهم ، لئلاّ يغترّ أهل الجهالة بتمويهاتهم الفاسدة ، فتختل عقائدهم الجامدة ، وقد فعله أئمّة من خيار المسلمين ، وألزموا أهلها بما لم يفصحوا عنه جوابا ، وكذلك نظروا في التّوراة ، واستخرجوا منها ذِكْر نبيّنا في محلات، وهو متَّجه " انتهى .

وسُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء : ما حكم قراءة الإنجيل ؟

فأجابت : " الكتب السماوية السابقة : وقع فيها كثير من التحريف ، والزيادة والنقص ، كما ذكر الله ذلك ، فلا يجوز للمسلم أن يقدم على قراءتها ، والاطلاع عليها ؛ إلا إذا كان من الراسخين في العلم ، ويريد بيان ما ورد فيها من التحريفات والتضارب بينها "

انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى " (3/311 ) .

وقال الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله تعالى :

" وقد يجوز للعالم البصير أن ينظر فيها ، للرد على خصوم الإسلام من اليهود والنصارى ، كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم بالتوراة لما أنكر الرجمَ اليهودُ ، حتى اطلع عليها ، عليه الصلاة والسلام ، واعترفوا بعد ذلك.

فالمقصود : أن العلماء العارفين بالشريعة المحمدية ، قد يحتاجون إلى الاطلاع على التوراة أو الإنجيل أو الزبور ، لقصد إسلامي ؛ كالرد على أعداء الله ، ولبيان فضل القرآن وما فيه من الحق والهدى ، أما العامة وأشباه العامة : فليس لهم شيء من هذا ، بل متى وجد عندهم شيء من التوراة أو الإنجيل أو الزبور، فالواجب دفنها في محل طيب ، أو إحراقها ، حتى لا يضل بها أحد "

نتهى من " فتاوى نور على الدرب " (1/10 ) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :

" أما طالب العلم الذي لديه علم يتمكن به من معرفة الحق من الباطل : فلا مانع من معرفته لها – الأناجيل - لرد ما فيها من الباطل ، وإقامة الحجة على معتنقيها "

انتهى من " مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين " (1/33) .

فالحاصل ؛ أن استعمال الدعاة إلى الله تعالى نصوص التوراة والإنجيل للرد على اليهود والنصارى وبيان ضلالهم ؛ هذا عمل مشروع وليس من البدع ، بل له أصل في الكتاب والسنة .

قال ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" فإذا أراد المجادل منهم أن يذكر ما يطعن في القرآن بنقل أو عقل ، مثل أن ينقل عما في كتبهم عن الأنبياء ما يخالف ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ، أو خلاف ما ذكره الله في كتبهم ، كزعمهم للنبي صلى الله عليه وسلم أن الله أمرهم بتحميم الزاني – أي ‏:‏ جعل وجهه أسود - دون رجمه

أمكن للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين : أن يطلبوا التوراة ، ومن يقرؤها بالعربية ويترجمها ، من ثقات التراجمة ، كعبد الله ابن سلام ونحوه ، لما قال لحبرهم ‏:‏ " ارفع يدك عن آية الرجم " فإذا هي تلوح ، ورجم النبي صلى الله عليه وسلم الزانيين منهما ، بعد أن قام عليهم الحجة من كتابهم ، وذلك أنه موافق لما أنزل الله عليه من الرجم‏ ...

وكذلك يمكن أن يقرأ من نسخة مترجمة بالعربية ، قد ترجمها الثقات ، بالخط واللفظ العربيين ، يعلم بهما ما عندهم ، بواسطة المترجمين الثقات من المسلمين ، أو ممن يعلم خطهم منا : كزيد بن ثابت ونحوه...‏، ولهذا قال سبحانه ‏:‏ ( كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) آل عمران / 93 .

فأمرنا أن نطلب منهم إحضار التوراة وتلاوتها ، إن كانوا صادقين في نقل ما يخالف ذلك ، فإنهم كانوا‏ :‏ ‏( يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ ) آل عمران / 78 ، و‏( يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ ) البقرة / 79 ، ويكذبون في كلامهم وكتابهم ؛ فلهذا لا تقبل الترجمة إلا من ثقة‏ .‏

فإذا احتج أحدهم على خلاف القرآن برواية عن الرسل المتقدمين ، مثل الذي يروى عن موسى أنه قال‏ :‏ ‏" ‏تمسكوا بالسبت ما دامت السموات والأرض " أمكننا أن نقول لهم ‏:‏ في أي كتاب هذا ‏؟‏ أحضروه ؛ وقد علمنا أن هذا ليس في كتبهم ، وإنما هو مفترى مكذوب ... "

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 4/110- 112) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-26, 04:10
السؤال :

هناك حديث عن عبد الله بن عمر يقول فيه : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع نسخة من التوراة على وسادة احتراماً لها . فهل يعني ذلك أن هذه النسخة لم تحرف ؟

أم لأنها تحوي كلام الله رغم بعض التغييرات التي طرأت عليها ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

أخبرنا الله عز وجل في كتابه أن أهل الكتاب حرفوا التوراة والإنجيل ، وبدلوا كلام الله ، فقال تعالى : ( أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) البقرة/ 75 ، وقال تعالى : ( مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ) النساء/ 46 .

قال السعدي رحمه الله :

" إما بتغيير اللفظ أو المعنى ، أو هما جميعا "

انتهى من "تفسير السعدي" (ص 181) .

غير أن هذا التحريف ليس شاملاً لكل ما جاء في كتبهم ، فلم تزل كتبهم متضمنة لأشياء من الحق .

ثانيا :

لا يوجد ما يمنع من القول بأنه كانت توجد نسخ صحيحة من كتب أهل الكتاب لم يطلها التبديل والتحريف ، وبقيت إلى عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" قِيلَ : لَيْسَ فِي الْعَالِمِ نُسْخَةٌ بِنَفْسِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ؛ بَلْ ذَلِكَ مُبَدَّلٌ ؛ فَإِنَّ التَّوْرَاةَ انْقَطَعَ تَوَاتُرُهَا ، وَالْإِنْجِيلَ إنَّمَا أُخِذَ عَنْ أَرْبَعَةٍ . ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ كَثِيرًا مِمَّا فِي التَّوْرَاةِ أَوْ الْإِنْجِيلِ بَاطِلٌ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : بَلْ ذَلِكَ قَلِيلٌ . وَقِيلَ لَمْ يُحَرِّفْ أَحَدٌ شَيْئًا مِنْ حُرُوفِ الْكُتُبِ وَإِنَّمَا حَرَّفُوا مَعَانِيَهَا بِالتَّأْوِيلِ ، وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ قَالَ كُلًّا مِنْهُمَا كَثِيرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، وَالصَّحِيحُ الْقَوْلُ الثَّالِث ُ، وَهُوَ أَنَّ فِي الْأَرْضِ نُسَخًا صَحِيحَةً وَبَقِيَتْ إلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنُسَخًا كَثِيرَةً مُحَرَّفَةً "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (13/ 103-104) .

ثالثا :

روى البخاري (7543) ، ومسلم (1699) - واللفظ له - عن ابن عمر أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِيَهُودِيٍّ وَيَهُودِيَّةٍ قَدْ زَنَيَا ، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَاءَ يَهُودَ ، فَقَالَ: ( مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ عَلَى مَنْ زَنَى ؟) قَالُوا : نُسَوِّدُ وُجُوهَهُمَا، وَنُحَمِّلُهُمَا ، وَنُخَالِفُ بَيْنَ وُجُوهِهِمَا ، وَيُطَافُ بِهِمَا ،

قَالَ : ( فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) ، فَجَاءُوا بِهَا فَقَرَؤوهَا حَتَّى إِذَا مَرُّوا بِآيَةِ الرَّجْمِ وَضَعَ الْفَتَى الَّذِي يَقْرَأُ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ ، وَقَرَأَ مَا بَيْنَ يَدَيْهَا ، وَمَا وَرَاءَهَا ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ وَهُوَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مُرْهُ فَلْيَرْفَعْ يَدَه ُ، فَرَفَعَهَا فَإِذَا تَحْتَهَا آيَةُ الرَّجْمِ ، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَرُجِمَا "

ورواه أبو داود (4449) ولفظه :

" أَتَى نَفَرٌ مِنْ يَهُودٍ ، فَدَعَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْقُفِّ - اسم واد بالمدينة - فَأَتَاهُمْ فِي بَيْتِ الْمِدْرَاسِ ، فَقَالُوا : يَا أَبَا الْقَاسِمِ : إِنَّ رَجُلًا مِنَّا زَنَى بِامْرَأَةٍ ، فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ ، فَوَضَعُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِسَادَةً فَجَلَسَ عَلَيْهَا ، ثُمَّ قَالَ : ( بِالتَّوْرَاةِ ) ، فَأُتِيَ بِهَا ، فَنَزَعَ الْوِسَادَةَ مِنْ تَحْتِهِ ، فَوَضَعَ التَّوْرَاةَ عَلَيْهَا ، ثُمَّ قَالَ : ( آمَنْتُ بِكِ وَبِمَنْ أَنْزَلَكِ ) ثُمَّ قَالَ : ( ائْتُونِي بِأَعْلَمِكُمْ ) ، فَأُتِيَ بِفَتًى شَابّ ٍ، ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ الرَّجْمِ .

وحسنه الألباني في " صحيح أبي داود " .

قال في "عون المعبود" :

" ( وَوَضَعَ التَّوْرَاة عَلَيْهَا ) : أَيْ عَلَى الْوِسَادَة ، وَالظَّاهِر أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ التَّوْرَاة عَلَى الْوِسَادَة تَكْرِيمًا لَهَا , وَيُؤَيِّدهُ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( آمَنْت بِك وَبِمَنْ أَنْزَلَك ) " انتهى .

فوضع النبي صلى الله عليه وسلم نسخة التوراة على الوسادة تعظيما لها لما تتضمنه من الحق ، فيحتمل أن هذه النسخة لم يطلها التبديل والتحريف ، ويحتمل أن يكون بعضها محرفا ، وبعضها غير محرف ، ورفعها النبي صلى الله عليه وسلم على الوسادة تعظيما لما بها من الحق .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله عند شرحه لهذا الحديث :

" وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يُسْقِطُوا شَيْئًا مِنْ أَلْفَاظِهَا - يعني التوراة - ؛ وَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ لِذَلِكَ غَيْرُ وَاضِحٍ ؛ لِاحْتِمَالِ خُصُوصِ ذَلِكَ بِهَذِهِ الْوَاقِعَةِ ، فَلَا يَدُلُّ عَلَى التَّعْمِيمِ ، وَكَذَا مَنِ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ التَّوْرَاةَ الَّتِي أُحْضِرَتْ حِينَئِذٍ كَانَتْ كُلُّهَا صَحِيحَةً سَالِمَةً مِنَ التَّبْدِيلِ ؛ لِأَنَّهُ يَطْرُقُهُ هَذَا الِاحْتِمَالَ بِعَيْنِهِ ، وَلَا يَرُدُّهُ قَوْلُهُ : ( آمَنْتُ بِكَ وَبِمَنْ أَنْزَلَكَ ) لِأَنَّ الْمُرَادَ أَصْلُ التَّوْرَاةُ "

انتهى من "فتح الباري" (12/ 172) .

ولا نستطيع أن نقطع بواحد من الاحتمالين ، وإنما المقطوع به : أن قوله في الحديث : ( فَجَاءُوا بِهَا فَقَرَءُوهَا حَتَّى إِذَا مَرُّوا بِآيَةِ الرَّجْمِ ... ) يدل على أن هذا القدر من التوراة ، الذي قرءوه بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم ، ومنه آية الرجم : هو من التوراة المنزلة غير المحرفة .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-26, 04:15
السؤال:

بعض الطلبة أثناء الامتحان يطلب منه الاستشهاد بآية كريمة ، ولكونه ينسى حرفا أو كلمة منها فإنه يتعمد وضع كلمة مكان الكلمة التي ينساها ؛ لأنه يريد أن ينجح ، ويخشى الرسوب ، لكنه يقر أن ما وضعه هو تحريف ، ليس الهدف منه تحريف القرآن فعليا ، ولكن لخشيته من الرسوب فإنه يضع تلك الكلمة مكان الكلمة التي نسيها من القرآن .

هل يعتبرا هذا تحريفا للقرآن يخرج بمقتضاه الطالب من الإسلام ؟

الجواب :

الحمد لله

أن من أخطأ في قراءة السورة ، أو نسي شيئا منها ، وهو في الصلاة ، فإنه يحاول تصحيح الخطأ وتذكر المنسي . فإن لم يستطع فله أن يتجاوز الآية إلى التي تليها أو يترك هذه السورة ويستفتح سورة أخرى .

أما أن يزيد في القرآن ما ليس منه عامدا - سواء في الصلاة أو في غير الصلاة -: فهذا محرم أشد التحريم ، وقد نص أهل العلم على أن من نقص من القرآن حرفا أو بدله بحرف آخر أو زاد فيه حرفا فقد كفر .

قال القاضي عياض رحمه الله :

" أَجْمَع الْمُسْلِمُون أَنّ الْقُرْآن الْمَتْلُوّ فِي جَمِيع أَقْطَار الأَرْض الْمَكْتُوب فِي الْمُصْحَف بِأَيْدِي الْمُسْلِمِين مِمَّا جَمَعَه الدَّفَّتَان من أَوَّل (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالمين ) إِلَى آخِر ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) أنَّه كَلَام اللَّه وَوَحْيُه المُنَزَّل عَلَى نَبِيّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم ، وَأَنّ جَمِيع مَا فِيه حَقّ ، وَأَنّ من نَقَص مِنْه حَرْفًا قَاصِدًا لِذَلِك أَو بَدَّلَه بِحَرْف آخَر مَكَانَه أَو زَاد فِيه حَرْفًا مِمَّا لَم يَشْتَمِل عَلَيْه المُصْحَف الَّذِي وَقَع الإِجْمَاع عَلَيْه وأُجْمِع عَلَى أَنَّه لَيْس مِن الْقُرْآن عَامِدًا لِكُلّ هَذَا : أَنَّه كَافِر " .
انتهى من"الشفا" (2/ 304-305)

وينظر : "التقرير والتحبير" لابن أمير الحاج (2/ 215) .

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (35/ 214)

: " الْقُرْآنُ كَلاَمُ اللَّهِ الْمُعْجِزُ الْمُنَزَّل عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَنْقُول بِالتَّوَاتُرِ، فَيَحْرُمُ تَعَمُّدُ اللَّحْنِ فِيهِ ، سَوَاءٌ أَغَيَّرَ الْمَعْنَى أَمْ لَمْ يُغَيِّرْ ؛ لأِنَّ أَلْفَاظَهُ تَوْقِيفِيَّةٌ نُقِلَتْ إِلَيْنَا بِالتَّوَاتُرِ ، فَلاَ يَجُوزُ تَغْيِيرُ لَفْظٍ مِنْهُ بِتَغْيِيرِ الإْعْرَابِ أَوْ بِتَغْيِيرِ حُرُوفِهِ بِوَضَعِ حَرْفٍ مَكَانَ آخَرَ " انتهى .

وعلى ذلك : فلا يحل للطالب أن يكتب كلمة أو حرفا يعلم أنه ليس من القرآن ، أو ليس هذا موضعه من الآية ، بل إما أن يجتهد في أن يتذكر ، أو يترك مكان المنسي منه بياضا . وبإمكانه أن يعتذر عن ذلك بنسيان موضع الكلمة ، وتحرجه من ذكر ما لم يتيقنه هنا .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-26, 04:19
السؤال:

ماذا كانت صحف سيدنا إبراهيم ؟

ففي الحضارة البابلية : كانوا يكتبون في الطين ويحرقونه ، والحضارة المصرية كانوا يكتبون على ورقة البردي التي كانت تنمو على ضفاف النيل ، والعرب بعدهم يكتبون على الجلد .

أرجو أنكم فهمتم قصدي : ماذا كانت الصحف ؟ وهل هي مادية ؟

بغض النظر عن مضمونها؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

" صحف إبراهيم " هي صحف أنزلها الله تعالى على نبيه وخليله إبراهيم صلى الله عليه وسلم ، كانت فيها جملة من المواعظ والأحكام .

وهي من جملة الكتب السماوية المنزلة التي يجب أن نؤمن بها ، قال الله تعالى :

( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) البقرة/285 .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" نؤمن بكتب الله جميعا على الإجمال والتفصيل ، نؤمن بجميع الكتب المنزلة على الرسل عليهم الصلاة والسلام ، ومنها التوراة والإنجيل والزبور والقرآن وصحف موسى وصحف إبراهيم ، نؤمن بكل الكتب التي أنزلها الله على رسله "
.
انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (28/ 17) .

ثانيا :

أما طبيعة هذه الصحف ، ومن أي شيء كانت ؟ وهل كانت من ألواح أو أوراق أو جلود ؟ فهذا شيء لا يعلمه إلا الله ، وليس عندنا منه خبر ، وعلم ذلك لا يتعلق به شيء من إيمان أو عمل ، وعلمه لا يضر ، والبحث عنه إنما هو تكلف محض .

والذي ذكره الله تعالى لنا أنها صحف ، وأصل الصحيفة المبسوط من كل شيء ، فالصحيفة هي الشيء المبسوط من ورق أو جلد أو لوح ونحو ذلك مما يكتب فيه .

قال الطبري في "تفسيره" (24/ 377):

" وأما الصحف : فإنها جمع صحيفة ، وإنما عُنِي بها : كتب إبراهيم وموسى " .

وقال ابن منظور في "لسان العرب" (9/ 186):

" الصَّحِيفَةُ: الَّتِي يُكْتَبُ فِيهَا، وَالْجَمْعُ صَحَائِفُ وصُحُفٌ وصُحْفٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ: ( إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى ) ؛ يَعْنِي الْكُتُبَ الْمُنَزَّلَةَ عَلَيْهِمَا، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمَا "
.
ومن الغريب أن السائل يسأل عن هذه الصحف من أي شيء كانت ثم يقول : " بغض النظر عن مضمونها " ! ولو أنه سأل عن المضمون ثم قال " بغض النظر عن طبيعتها " لكان هو الأولى والأنفع .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-26, 04:22
السؤال :

ليتكم تعطونني مزيدا من المعلومات حول كتب الله سبحانه وتعالى : هل تعتبر هذه الكتب ( التوراة ، والإنجيل ، والزبور ) حين أنزلت كلام الله الأصلي ؟

لا أقصد الكتب التي يقرؤها النصارى واليهود الآن ، والتي قد تم تغييرها .

الجواب :

الحمد لله

أولا :

لا يكون العبد مؤمنا حتى يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ؛ قال الله عز وجل : ( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) البقرة / 285 .

وروى البخاري (50) ومسلم (9) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ : مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ : ( الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ ، وَكُتُبِهِ ، وَبِلِقَائِهِ ، وَرُسُلِهِ ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ ) .

والقرآن والتوراة والإنجيل والزبور كلها من كتب الله المنزلة على رسله صلوات الله وسلامه عليهم ، يجب الإيمان بها ، ومن كفر بشيء منها فهو كافر بالله .

ثانيا :

ليس شيء من كلام الله تعالى مخلوقا ، وهو سبحانه تكلم بالتوراة والإنجيل والقرآن والزبور على الحقيقة ، وكما أنه ليس حرف من القرآن مخلوقا ، وأنه كله كلام الله على الحقيقة ، فكذلك التوراة والإنجيل والزبور ، لا نفرق بين رسل الله ، ولا نفرق بين كتبه المنزلة ، فالكل كلام الله .

قال تعالى :

( أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) البقرة/ 75 .

وهم إنما كانوا يحرفون التوراة ، فسماها الله تعالى ( كلام الله ) .

وروى مسلم (2652) عن أبي هُرَيْرَةَ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى ، فَقَالَ مُوسَى : يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنَ الْجَنَّةِ ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ : أَنْتَ مُوسَى ، اصْطَفَاكَ اللهُ بِكَلَامِهِ ، وَخَطَّ لَكَ بِيَدِهِ - وفي رواية : كَتَبَ لَكَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ - أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ اللهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" مَذْهَبُ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَسَائِرِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ كَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَهُوَ الَّذِي يُوَافِقُ الْأَدِلَّةَ الْعَقْلِيَّةَ الصَّرِيحَةَ : أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ مُنَزَّلٌ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ، مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ ؛ فَهُوَ الْمُتَكَلِّمُ بِالْقُرْآنِ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ

لَيْسَ ذَلِكَ مَخْلُوقًا مُنْفَصِلًا عَنْهُ ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ ، فَكَلَامُهُ قَائِمٌ بِذَاتِهِ لَيْسَ مَخْلُوقًا بَائِنًا عَنْهُ ... وَكَلِمَاتُ اللَّهِ لَا نِهَايَةَ لَهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى: ( قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ) ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ تَكَلَّمَ بِالْقُرْآنِ الْعَرَبِيِّ وَبِالتَّوْرَاةِ الْعِبْرِيَّةِ .."
.
إلى أن قال :

" وَمَنْ جَعَلَ كَلَامَهُ مَخْلُوقًا لَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ : الْمَخْلُوقُ هُوَ الْقَائِلُ لِمُوسَى: ( إنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ) ، وَهَذَا مُمْتَنِعٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا كَلَامًا إلَّا لِرَبِّ الْعَالَمِينَ .

وَإِذَا كَانَ اللَّهُ قَدْ تَكَلَّمَ بِالْقُرْآنِ وَالتَّوْرَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْكُتُبِ ، بِمَعَانِيهَا وَأَلْفَاظِهَا الْمُنْتَظِمَةِ مِنْ حُرُوفِهَا : لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مَخْلُوقًا؛ بَلْ كَانَ ذَلِكَ كَلَامًا لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ..." انتهى .

"مجموع الفتاوى" (12/ 37-41) وينظر أيضا: "مجموع الفتاوى" (12/ 355-356).

وقال الشيخ مصطفى الرحيباني رحمه الله :

" ( وَالْحَلِفُ بِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ الْقُرْآنِ أَوْ بِسُورَةٍ مِنْهُ أَوْ آيَةٍ مِنْهُ يَمِينٌ) ؛ لِأَنَّهُ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ - تَعَالَى -، فَمَنْ حَلَفَ بِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ كَانَ حَالِفًا بِصِفَتِهِ تَعَالَى .

(وَكَذَا) الْحَلِفُ ( بِنَحْوِ تَوْرَاةٍ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ تَعَالَى ) كَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ فَهِيَ يَمِينٌ فِيهَا كَفَّارَةٌ ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُنَزَّلِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى ، لَا الْمُغَيِّرِ وَالْمُبَدِّلِ ، وَلَا تَسْقُطُ حُرْمَةُ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ نُسِخَ الْحُكْمَ بِالْقُرْآنِ ، كَالْمَنْسُوخِ حُكْمُهُ فِي الْقُرْآنِ، وَذَلِكَ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَإِذَا كَانَتْ كَلَامَهُ ، فَهِيَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ ، كَالْقُرْآنِ "

انتهى من "مطالب أولي النهى" (6/ 361) .

وقال الشيخ ابن جبرين رحمه الله :

" ومعلوم أن الله أنزل على الأنبياء كتباً، أنزل على موسى التوراة ، وأنزل على عيسى الإنجيل ، وأنزل على داود الزبور ، وأنزل على إبراهيم صحفاً كما في قوله : (صحف إبراهيم وموسى) الأعلى/19 ، ولا شك أن ذلك كله من كلام الله الذي تكلم به وضمّنه شريعته ، وأمره، ونهيه " .

انتهى من"فتاوى الشيخ ابن جبرين" (63/ 117) بترقيم الشاملة آليا .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-26, 04:39
السؤال :

أريد أن أكون مسلماً حقيقاً لذا أضع هذا السؤال: ما الداعي للإلتزام بالإسلام ؟

بعبارة أخرى ، هب أني كنت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يدعو إلى هذا الدين ، فما الذي يدفعني إلى تصديق رسالته وما جاء به من كتاب وسنة؟

كما أني لا أفهم التحدي القرآني " فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين.." ، فالذي أفهمه أن مَن أتى بكتاب ما في فنٍ ما فإنه يشبه كتاباً أخر في نفس الفن ، وإن خالفه في بعض الجزئيات ، فما وجه الإعجاز في القرآن ؟ قد يبدوا غريباً أن يصدر هذا السؤال من شخص مسلم ، ولكن الله أعلم بنيتي .

الجواب :

الحمد لله

إن الأدلة على صحة دين الإسلام ، وصدق نبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم كثيرة لا تكاد تنحصر ؛ وهذه الأدلة كافية لإقناع كل منصف عاقل باحث عن الحق بتجرد وإخلاص ، ويمكن إجمال بعض من هذه البراهين فيما يلي :
أولاً : دلالة الفطرة : فإن دعوة الإسلام هي الموافقة للفطرة السوية

وإلى ذلك أشار قول الله عز وجل : ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) الروم/30 .

وقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ) .

أخرجه البخاري (1358) ، ومسلم (2658) .

وقوله ( تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ ) أي كما تولد البهيمة مجتمعة الأعضاء وسليمة من النقص ، وما يحدث لها من قطع الأذن أو غيرها فيكون بعد ولادتها .

وهكذا كل إنسان يولد مفطور على الإسلام ، وأي انحراف عن الإسلام فهو خروج عن الفطرة ولا شك ، ولذلك فإننا لا نجد شيئًا من تعاليم الإسلام يخالف الفطرة قط ، بل كل الأحكام العقدية والعملية موافقة للفطرة السليمة السوية ، أما ما سوى الإسلام من أديان واعتقادات فتشتمل على ما يخالف الفطرة ، وهذا أمر ظاهر بيّن عند التأمل والتدبر .
ثانيًا : البراهين العقلية :

أكثرت نصوص الشرع من مخاطبة العقل ، وتوجيهه إلى النظر في الحجج والبراهين العقلية ، ومن دعوة أصحاب العقول وأولي الألباب إلى تدبر الدلائل القطعية على صحة الإسلام .

قال الله تعالى : ( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ) ص/29 .

قال القاضي عياض في وجوه إعجاز القرآن

: " جمع فيه من بيان علم الشرائع والتنبيه على طرق الحجاج العقليات ، والرد على فرق الأمم ببراهين قوية وأدلة بينة ، سهلة الألفاظ موجزة المقاصد ، رام المتحذلقون بعدُ أن ينصبوا أدلة مثلها ، فلم يقدروا عليها "

انتهى من " الشفا " (1/390) .

فلم تشتمل نصوص الوحي على شيء تحيله العقول أو ترفضه ، ولم تأت بمسألة تخالف بداهة عقلية أو تناقض قياسًا عقليًا ؛ بل ما جاء أهل الباطل بقياس لباطلهم إلا رده بالحق والبيان العقلي الواضح .

قال الله تعالى: ( وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ) الفرقان /33.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" أخبر سبحانه أن الكفار لا يأتونه بقياس عقلي لباطلهم إلا جاءه الله بالحق ، وجاءه من البيان والدليل وضرب المثل بما هو أحسن تفسيرًا ، وكشفًا وإيضاحًا للحق من قياسهم "

انتهى من مجموع الفتاوى (4/106) .

ومن الأمثلة على الأدلة العقلية في القرآن قوله تعالى : ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ) النساء /82 .

جاء في تفسير القرطبي

: " إنه ليس من متكلم يتكلم كلامًا كثيرًا إلا وُجد في كلامه اختلاف كثير ، إما في الوصف واللفظ ؛ وإما في جودة المعنى ، وإما في التناقض ، وإما في الكذب ، فأنزل الله عز وجل القرآن وأمرهم بتدبره ؛ لأنهم لا يجدون فيه اختلافًا في وصف ولا ردًا له في معنى ، ولا تناقضًا ولا كذبًا فيما يخبرون به من الغيوب وما يُسرّون "

انتهى من "الجامع لأحكام القرآن " (5/290) .

وقال ابن كثير :

" أي: لو كان مفتعلاً مختلقًا ، كما يقوله من يقوله من جهلة المشركين والمنافقين في بواطنهم ( لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا ) أي : اضطرابًا وتضادًّا كثيرًا ؛ أي : وهذا سالم من الاختلاف ، فهو من عند الله "

انتهى من " تفسير القرآن العظيم " (1/802) .

*عبدالرحمن*
2018-03-26, 04:44
ثالثًا : المعجزات ودلائل النبوة :

إن الله تعالى قد أيد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بالعديد من المعجزات والخوارق والآيات الحسية التي تدل على صدق نبوته وصحة رسالته كانشقاق القمر له ، وتسبيح الطعام والحصى بين يديه ، ونبوع الماء من بين أصابعه ، وتكثيره للطعام ونحو ذلك من معجزات وآيات رآها وعاينها جمع غفير ، ونقلت إلينا بالأسانيد الصحيحة التي وصلت إلى حد التواتر المعنوي الذي يفيد اليقين .

ومن ذلك ما صح عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود أنه قال

: " كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَقَلَّ الْمَاءُ ، فَقَالَ : ( اطْلُبُوا فَضْلَةً مِنْ مَاءٍ ) فَجَاءُوا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ ثُمَّ قَالَ : ( حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَكِ وَالْبَرَكَةُ مِنْ اللَّهِ ) ، فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ ) .

أخرجه البخاري (3579) .

رابعًا : النبوءات :

ويُقصد بالنبوءات هنا : ما أخبر به الوحي من أمور وأحداث تقع في المستقبل سواء في حياته النبي محمد صلى الله عليه وسلم أو بعد مماته .

وما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بشيء من الأمور المستقبلية إلا وقع كما أخبر تمامًا ، وهذا دليل على أن الله عز وجل قد أوحى إليه وأطلعه على أشياء من علم الغيب الذي لا يمكن الوصول إليه إلا بالوحي، ومن ذلك:

ما رواه أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الْإِبِلِ بِبُصْرَى ) .

أخرجه البخاري (7118) ، ومسلم (2902) .

وقد وقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم كما أخبر تمامًا في سنة 654هـ ، أي بعد وفاته بما يقرب من 644 سنة ، وقد ذكر ذلك المؤرخون ومنهم العلامة أبو شامة المقدسي في كتابه " ذيل الروضتين "، وهو من العلماء الذين عاصروا هذه الواقعة التاريخية

وكذلك الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" (13/219) حيث قال

: " ثم دخلت سنة أربع وخمسين وستمائة فيها كان ظهور النار من أرض الحجاز التي أضاءت لها أعناق الإبل ببصرى ، كما نطق بذلك الحديث المتفق عليه ، وقد بسط القول في ذلك الشيخ الإمام العلامة الحافظ شهاب الدين أبو شامة المقدسي في كتابه الذيل وشرحه ، واستحضره من كتب كثيرة وردت متواترة إلى دمشق من الحجاز بصفة أمر هذه النار التي شوهدت معاينة، وكيفية خروجها وأمرها .

وملخص ما أورده أبو شامة أنه قال : وجاء إلى دمشق كتب من المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، بخروج نار عندهم في خامس جمادى الآخرة من هذه السنة

وكتبت الكتب في خامس رجب ، والنار بحالها ، ووصلت الكتب إلينا في عاشر شعبان ثم قال : بسم الله الرحمن الرحيم ، ورد إلى مدينة دمشق في أوائل شعبان من سنة أربع وخمسين وستمائة كتب من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيها شرح أمر عظيم حدث بها فيه تصديق لما في الصحيحين من حديث أبي هريرة

قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء لها أعناق الإبل ببصرى ) فأخبرني من أثق به ممن شاهدها أنه بلغه أنه كتب بتيماء على ضوئها الكتب .

قال : وكنا في بيوتنا تلك الليالي ، وكان في دار كل واحد منا سراج ، ولم يكن لها حر ولفح على عظمها ، إنما كانت آية من آيات الله عز وجل " انتهى .

خامسًا : الشمائل والصفات : من أكبر الأدلة على صدق نبوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو شخصيته نفسها ، وما تحلى به من مكارم الأخلاق وحسن الخصال وجميل الخلال وعظيم الصفات ، حيث بلغ النبي صلى الله عليه وسلم درجة من الكمال البشري في حسن الصفات والأخلاق لا يمكن أن تكون إلا لنبي مرسل من عند الله

فما وُجد خلق حميد إلا دعا له وأمر به وحث عليه وعمل به ، وما من خلق ذميم إلا نهى عنه وحذر منه ، وكان أبعد الناس عنه ؛ حتى بلغ اعتناؤه بالخلق درجة تعليل رسالته وبعثته بتقويم الأخلاق وإشاعة مكارمها ، والعمل على إصلاح ما أفسدته الجاهلية منها ، فقد جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ ) .

أخرجه أحمد (8739) وقال الهيثمي في " المجمع ": " رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح ".

وصحح العجلوني سنده في " كشف الخفا "، وصححه الألباني في " صحيح الجامع " (2349) .

والمعجزة دليل على صدق الرسول ، فإنه يقول للناس إنه مرسل من الله تعالى ، فيتحداه بعضهم أن يبرهن على ذلك ، فيؤيده الله عز وجل بالمعجزة ، وهي الأمر الخارق للعادة ، وقد تحصل له المعجزة من غير أن يتحداه أحد أو يكذبه ، فتكون تثبيتاً لأتباعه.

سادسًا : جوهر الدعوة :

فأصل دعوة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم تتلخص في بناء معتقدات صحيحة على أسس شرعية وعقلية سليمة ، فهي دعوة إلى الإيمان بالله وتوحيده في إلهيته وربوبيته ، فلا يستحق العبادة إلا إله واحد وهو الله سبحانه ؛ لأنه رب هذا الكون وخالقه ومالكه ومدبّر شؤونه ومصرّف أموره والحاكم فيه بأمره

والذي يملك الضرّ والنفع ، والذي يملك رزق كل المخلوقات ، ولا يشاركه في ذلك أحد ، ولا يكافئه أو يماثله أحد ، فهو منزه سبحانه عن الشركاء والأنداد والأقران والأكفاء .

قال الله تعالى: ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ.اللَّهُ الصَّمَدُ. لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ.وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) الإخلاص/ 1-4 .

وقال سبحانه : ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ) الكهف/110.

فدعوة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم دعوة تهدم الشرك بكل أشكاله ، وتخلص الثقلين من كل ما عبد بالباطل ؛ فلا عبادة للأحجار والكواكب والقبور ، ولا للمال والشهوات والأهواء والسلاطين وطواغيت الأرض .

إنها دعوة جاءت لتحرّر البشرية من عبادة العباد ، وتخرجها من ذلّ الوثنيات وظلم الطواغيت ، وتخلصّها من أسر الشهوات والأهواء الجائرة .

إن هذه الدعوة المباركة تعد امتدادًا وتقريرًا لكل الرسالات الربانية السابقة الداعية للتوحيد ؛ ولذلك دعا الإسلام إلى الإيمان بالأنبياء والرسل جميعًا ، مع توقيرهم وتعظيمهم ، والإيمان بما أنزل عليهم من الكتب ، ودعوة كهذه لا ريب أنها الحق .

سابعًا : البشارات :

فقد جاءت كتب الأنبياء مبشرة بدين الإسلام وبالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، والقرآن الكريم أخبرنا بوجود بشارات واضحة بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل ، منها ما يصرّح باسمه ورسمه .

فقد قال الله تعالى: ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ) الأعراف/ 157 .

وقال سبحانه: ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ) الصف/6 .

ولا يزال في كتب اليهود والنصارى ـ التوراة والإنجيل ـ بشارات تنبئ بقدومه وتبشّر برسالته وتعطي بعض أوصافه ، على الرغم من محاولات الطمس والتحريف المستمرة لهذه البشارات ، ومن ذلك ما جاء في جاء في سفر التثنية الإصحاح (33) العدد (2) :

" جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير، وتلألأ من جبال فاران.." .

جاء في "معجم البلدان" (3/301) :

" فاران: بعد الألف راء وآخره نون كلمة عبرانية معربة ، وهي من أسماء مكة ذكرها في التوراة ، قيل : هو اسم لجبال مكة .

قال ابن ماكولا أبو بكر نصر بن القاسم بن قضاعة القضاعي الفاراني الإسكندراني : سمعت أن ذلك نسبته إلى جبال فاران وهي جبال الحجاز .

وفي التوراة : " جاء الله من سيناء وأشرق من ساعير واستعلن من فاران ".

مجيئه من سيناء تكليمه لموسى عليه السلام ، وإشراقه من ساعير وهي جبال فلسطين هو إنزاله الإنجيل على عيسى عليه السلام ، واستعلانه من جبال فاران : إنزاله القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم " انتهى .

ثامنًا : القرآن الكريم :

وهو أعظم المعجزات وأجل الآيات وأظهر البينات ، وهو حجة الله البالغة على خلقه إلى يوم القيامة ، وقد اشتمل على وجوه متعددة من الإعجاز مثل : الإعجاز البياني ، والإعجاز العلمي ، والإعجاز التشريعي ، والإخبار بالأمور المستقبلية والغيبية .

أما عن المقصود بقوله تعالى : ( فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ ) الطور /34 ، فهو رد على من زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم تقوَّل القرآن من نفسه ، فتحداهم القرآن أن يأتوا بمثله إن كانوا صادقين في زعمهم ؛ لأن لازم هذا الادعاء أن هذا في مقدور البشر ، فلو كان ذلك صحيحا ، فما الذي يمنعهم من الإتيان بمثله وهم أرباب الفصاحة وأساطين البلاغة ؟

وقد تحدى الله الكفار أن يأتوا بمثله فعجزوا، كما أخبر القرآن : ( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) الإسراء/88.

وتحداهم أن يأتوا بعشر سور من مثله فعجزوا : ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين َ) هود/13.

وتحداهم أن يأتوا بسورة واحدة من مثله فعجزوا : ( وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) البقرة/23 .

أما وجه الإعجاز الذي وقع به التحدي فقد اختلف فيه العلماء على أقوال أظهرها كما قال الألوسي : " أن القرآن بجملته وأبعاضه حتى أقصر سورة منه معجز بالنظر إلى نظمه وبلاغته ، وإخباره عن الغيب ، وموافقته لقضية العقل ودقيق المعنى ، وقد تظهر كلها في آية ، وقد يستتر البعض كالإخبار عن الغيب ، ولا ضير ولا عيب ، فما يبقى كاف وفي الغرض واف" .

انتهى من "روح المعاني " ( 1/29) .

ويندرج تحت كل من البراهين الإجمالية السابقة العديد من الأدلة التفصيلية ما لا يتسع المقام لسردها ، ويحسن أن تراجع في مظانها ، ويُنصح كل مسلم أن يطلب علم الكتاب والسنة ، وأن يدرس كتب العقيدة الصحيحة ، وأن يتعلم أمور دينه ليحسن إسلامه ويعبد ربه على بصيرة .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

AdvHamoda
2018-03-26, 11:25
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة


الله يفتح عليك ويطهر قلبك احسنت أخي عبد الرحمن

بسم الله الرحمن الرحيم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى° رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (136) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا (137) بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا

صدق الله العظيم


بسم الله الرحمن الرحيم

{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى° مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ

صدق الله العظيم

وما انزل اليكم من ربكم يعني كل الكتب السماوية

بسم الله الرحمن الرحيم

وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (93)

صدق الله العظيم

AdvHamoda
2018-03-26, 11:26
بسم الله الرحمن الرحيم

وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنكِرُونَ (81)

صدق الله العظيم

*عبدالرحمن*
2018-03-29, 06:51
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة


الله يفتح عليك ويطهر قلبك احسنت أخي عبد الرحمن

بسم الله الرحمن الرحيم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى° رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (136) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا (137) بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا

صدق الله العظيم


بسم الله الرحمن الرحيم

{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى° مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ

صدق الله العظيم

وما انزل اليكم من ربكم يعني كل الكتب السماوية

بسم الله الرحمن الرحيم

وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (93)

صدق الله العظيم

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

يسعدني دائما حضورك القيم مثلك
انار الله دربك بكل ما تتمني

بارك الله فيك
وجزاك الله عني كل خير

*عبدالرحمن*
2018-03-29, 07:01
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

السؤال:

ما الفرق بين العهد القديم والعهد الجديد ؟

وهل كل ما قاله عيسى عليه السلام موجود في العهد الجديد ؟

وما علاقة العهد القديم بمسيحيّ العصر الحديث ؟ .

الجواب :

الحمد لله

أولاً:

" العهد القديم " هو ما يزعم النصارى أنه كتب فيه ما أوحى الله به للأنبياء قبل ظهور عيسى عليه السلام ، وفيه الحديث عن آدم ونوح وإبراهيم وغيرهم عليهم السلام جميعاً ، كما أنه يحتوي على وصايا وأحكام وبشارة بالمسيح عليه السلام ، وأما " العهد الجديد " فيزعمون أنه مكمل للعهد القديم ، وفيه الحديث عن عيسى عليه السلام وحياته وأعماله وتعاليمه وغير ذلك كُتب ذلك كله بإلهام من الله لكتبته ! .

وأما عندنا نحن المسلمين فنحن نعتقد أن التوراة والإنجيل قد وقع فيهما من التحريف الشيء الكثير في ألفاظهما ومعانيهما ، ولا يحل نسبة ما فيهما للوحي الإلهي ، بل هي أشبه ما تكون بكتب تاريخية فيها صواب وخطأ وحق وباطل .

وفي " مختصر إظهار الحق " ( ص 15 ) - وهو اختصار للكتاب النافع المفيد " إظهار الحق " للشيخ رحمة الله الهندي رحمه الله - :

" والحق الذي لا شك فيه : أن هذه التوراة الحالية مجموعة من الروايات والقصص التي اشتهرت بين اليهود ، ثم جمعها أحبارهم بلا تمحيص للروايات ، ووضعوها في هذا المجموع المسمى بكتب " العهد القديم " ، الذي يضم الأسفار الخمسة المنسوبة لموسى عليه السلام والأسفار الملحقة بها ، وهذا الرأي منتشر انتشاراً بليغاً الآن في أوربا ، وبخاصة بين علماء الألمان " .
انتهى

ومثله يقال في الإنجيل ، وقد أيَّد ذلك علماء وباحثون من النصارى أنفسهم .

جاء في " مختصر إظهار الحق " ( ص 23 ) :

" وجاء في " دائرة المعارف البريطانية "

: أن كثيرين من العلماء قالوا : إنه ليس كل قول مندرج في الكتب المقدسة ولا كل حال من الحالات الواردة فيها إلهاميّاً ، والذين يقولون بأن كل قول مندرج فيها إلهامي لا يقدرون أن يثبتوا دعواهم بسهولة.

وجاء في " دائرة معارف ريس "

التي كتبها العلماء المحققون قولهم : إنه يوجد في أفعال مؤلفي هذه الكتب وأقوالهم أغلاط واختلافات ، وإن الحواريين ما كان يرى بعضهم بعضا صاحبَ وحي وإلهام ، وإن قدماء النصارى ما كانوا يعتقدون أن الحواريين مصونون عن الخطأ ؛ لأنه كان يحصل الاعتراض على أفعالهم أحيانا ، وكذلك الكتب التي كتبها تلاميذ الحواريين مثل " إنجيل مرقس " و " إنجيل لوقا " توقف العلماء في كونها إلهامية ، وقد أقر كبار العلماء من فرقة البروتستانت على عدم كون كل كلام في العهد الجديد إلهاميّاً ، وعلى غلط الحواريين " .
انتهى

وهذا ملخص مفيد لمحتويات الكتابين :

قال الدكتور محمد الملكاوي – وفقه الله - :

" اعلم أن النصارى يقسمون كتبهم إلى قسمين :

القسم الأول : يدَّعون أنه كُتب بواسطة الذين كانوا قبل عيسى عليه السلام ، ويسمُّونه " العهد العتيق " أو " العهد القديم " .

والقسم الثاني : يدَّعون أنه كُتب بالإلهام بعد عيسى عليه السلام ، ويسمُّونه " العهد الجديد " .

ويطلقون على مجموع العهدين القديم والجديد اسم " بَيْبِل " ، وهو لفظ يوناني معناه " الكتاب " ، ويكتبون على الغلاف الذي يضم كتب العهدين اسم " الكتاب المقدس " .

فأما العهد القديم الذي هو القسم الأول من " بيبل " كتابهم المقدس فيحتوي الآن على تسعة وثلاثين سِفراً فيما يلي أسماؤها :

1. سِفر التكوين " سفر الخليقة " .

2. " سِفر الخروج " .

3. " سِفر الأحبار " سفر اللاويين "
.
4. سِفر العدد .

5. سفر التثنية .

ومجموع هذه الأسفار – الكتب - الخمسة هو ما يُطلقون عليه اسم " أسفار موسى الخمسة " ، وتسمَّى بـ " التوراة " ، وهي كلمة عبرية بمعنى القانون والتعليم والشريعة ، لكنهم الآن يطلقون " التوراة " إطلاقا مجازيّاً على مجموع كتب العهد القديم ، أي : على " أسفار موسى الخمسة " – التوراة - وملحقاتها الآتي ذكرها :

6. سفر يشوع - يوشع بن نون - .

7. سفر القضاة .

8. سفر راعوث .

9. سفر ملاخي .

وأما " العهد الجديد " الذي هو القسم الثاني من " بَيْبِل " كتابهم المقدس فيحتوي الآن على سبعة وعشرين سِفراً فيما يلي أسماؤها :

1. إنجيل مَتَّى .

2. إنجيل مُرقس .

3. إنجيل لوقا .

4. إنجيل يوحنا .

ولفظ الإنجيل مختص بهذه الأسفار الأربعة ، فيقال لها " الأناجيل الأربعة " ، وهو لفظ معرب ، أصله في اليوناني " إنكليوس " ، وفي القبطي " إنكليون " ، ومعناه : البشارة والتعليم والخبر السار ، لكنهم الآن يطلقون لفظ " الإنجيل " إطلاقا مجازيّاً على مجموع كتب العهد الجديد ، أي : على الأناجيل الأربعة وملحقاتها الآتي ذكرها :

5. سفر أعمال الرسل " الإبركسيس " .

6. رسالة بولس إلى أهل رومية .

7. رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس .

8. رؤيا يوحنا اللاهوتي " المشاهدات " .

وبهذا يكون مجموع أسفار " بَيْبِل " الكتاب المقدس عند النصارى كما يأتي :
على حسب التوراة العبرانية :

العهد القديم ( 39 ) + العهد الجديد ( 27 ) = 66 سِفراً .

وعلى حسب التوراة اليونانية :

العهد القديم ( 46 ) + العهد الجديد ( 27 ) = 73 سِفراً " انتهى من " مختصر إظهار الحق " ( ص 6 – 10 ) .

ثانياً:

والعهد الجديد لا يُنكر أن يكون فيه أقوال لعيسى عليه السلام ، فقد جرى التحريف على الإنجيل يقيناً كما أخبر بذلك ربنا تبارك وتعالى ، ولكنه لم يجر على كل الكتاب ، ولم يُكتب الإنجيل في حياة عيسى عليه السلام ، بل كُتب بعده بوقت طويل وفقاً لأسلوب وتعبير كل كاتب منهم ! مع تعرض ما كتبوه للنسيان والأهواء والتحريف ، ولذلك وجدت التناقضات والاختلافات العظيمة بين تلك الأناجيل

وقد وُجد في الإنجيل عبارات تُنسب لعيسى عليه السلام تبشِّر بمحمد عليه الصلاة والسلام ، وفيه وصايا يتضح عليها نور الوحي ، لكننا لا نستطيع الجزم أنَّ شيئاً من ذلك هو من أقواله عليه السلام وذلك لعدم ثبوت ذلك بطريق اليقين ، وكتبة الإنجيل لا نظنهم يزعمون أن كل ما قاله عيسى عليه السلام قد كتبوه في أناجيلهم ، وإلا لما وسعهم أضعاف أضعاف كتبهم تلك .

وكل ما ذكره الله تعالى من أقوال عيسى عليه السلام هو الثابت بيقين ، وكذا ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم ، وبذلك يعترف الصادقون من النصارى .

قال الدكتور جمال الحسيني أبو فرحة - أستاذ الدراسات الإسلامية المساعد بجامعة " طيبة " بالمدينة المنورة :
إن " باول شفارتزيناو " - أستاذ الثيولوجيا البروتستانتية وعلوم الأديان بجامعة " دورتموند " بألمانيا - نجده يصرح بـ " أن القرآن هو الصورة الأصلية الأولى لتعاليم الكتاب المقدس " ، ويقول : " إنها لحقيقة : إن أقوال عيسى وأقوال المسيحيين الأوائل لم تصل بشكل صحيح إلى العهد الجديد المعاصر" ، ويقول : " إن القرآن هو التكملة الحقيقية لأقوال عيسى المسيح " .

من مقال " ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل " ، " مجلة الفسطاط " .


ثالثاً:

أما بخصوص موقف النصارى من العهد القديم فإنه من المعلوم أن اليهود يؤمنون بالعهد القديم ويكفرون بالعهد الجديد ، وأما النصارى : فهم يؤمنون – جميعاً - بالعهدين ، وهم الذين يطبعونهما معاً باسم " بَيْبل " ، ولا فرق في ذلك بين النصارى المتقدمين أو المعاصرين .

وقد جاء في كتاب "مختصر التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية" ( ص 15 ) – وهذا كتاب غاية في الأهمية عند النصارى الكاثوليك وقد طبع بعناية وإشراف الفاتيكان - :

س 21 : ما هي أهمية " العهد القديم " بالنسبة للمسيحيين ؟ .

فأجابوا :

المسيحيون يوقِّرون " العهد القديم " على أنه كلمة الله الحقيقية ! وجميع أسفاره موحَى بها ، وهي تحتفظ بقيمة لا تزول ، وهي تشهد للنهج الذي تنهجه محبة الله الخلاصية ، وقد كتبت خصوصا لإعداد مجيء المسيح مخلِّص الدنيا " انتهى .

وجاء فيه – أيضاً - :

س 23 : ما هو نوع الوحدة بين العهدين القديم والجديد ؟ .

فأجابوا :

الكتاب المقدس واحد ؛ إذ إن كلمة الله واحدة ، وقصد الله الخلاصي واحد ، والوحي الإلهي واحد في هذا العهد وذاك ، العهد القديم يهيئ الجديد ، والعهد الجديد يتمم القديم ، وفي الواحد منهما إيضاح للآخر " انتهى من " مختصر التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكي " ( ص 16 ) .

والخلاصة :

هذا حال كتبهم عندهم ، وقد بينَّا حالها على الحقيقة ، وأنه ليس منها كتاب يُنسب للوحي ، وأنها قد كتبت كلها من بشر غير معصومين ولا ملهَمين ، وقد اعترف بهذا الصادقون من المحققين والعلماء ممن ينسب لدينهم ، ونسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإسلام ويميتنا عليه .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-03-29, 07:03
السؤال :

هل يجوز للمسلم أن يشاهد الأفلام مثل ( هيركيولز ) التي ترتكز على حكايات وأفكار شركية ؟

الجواب:

الحمد لله

لا يجوز مشاهدة مثل هذه الأفلام التي تحكي الشرك وأفكاره ورؤيتها وسماعها فيه خطر عظيم على قلب المسلم ، وقد غضب النبي صلى الله عليه وسلم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين رأى بيده قطعة من التوراة وأمره بإتلافها ، وكثير من المسلمين ليست عندهم الحصانة الكافية ودرجة العلم المطلوبة لاكتشاف ومعرفة الضلالات الموجودة في هذه الأفلام وقد تعلق بقلوب بعض المشاهدين شبهات تُفسد إيمانهم وتُزلزل عقيدتهم

بل ربما يعتقد بعضهم اعتقادات باطلة وتتسلل إلى نفوسهم سموم خبيثة من جرّاء مشاهدة مثل هذه الأفلام ، هذا بالإضافة إلى ما يكون في كثير من تلك الأفلام من المحرمات كصور النساء والموسيقى ونحو ذلك .

ومن الملاحظ أنّه قد ظهرت في الآونة الأخيرة أفلام تجسّد معتقدات توراتية وإنجيلية محرّفة أو نبوءات باطلة لدجّالين ومشعوذين وصار لها رواج في الغرب حيث الخواء الروحي والفراغ الناتج

عن فقد الدّين الصحيح وتأثّر بالجو المحيط بعض المسلمين في بلاد الغرب فصاروا يتابعون تلك الأفلام ، فليتق المسلم ربّه وليجتنب مشاهدة هذه الأفلام الكفرية ، والله تعالى يقول : ( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً ) ، وإذا أراد التسلية والاستمتاع فليكن بما يحلّ شرعا ، والله الهادي إلى سواء السبيل .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-03-29, 07:05
السؤال:

هل يجوز تسمية صفحة دينية على الفيس بوك بآية من القرآن ؟

الجواب :

الحمد لله

الواجب احترام القرآن وتعظيمه وعدم امتهان آياته في تسمية مكان أو موقع أو صحيفة أو شخص ؛ لأن القرآن لم ينزله الله لهذا ، ولما في ذلك من تعريض القرآن للامتهان والابتذال على الألسن .

والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-03-29, 07:08
السؤال

ذكر عيسى عليه السلام أن بعده سيأتي نبي اسمه أحمد ، لكن من أتى كان اسمه محمد ؟

أرجو التوضيح . وجزاكم الله خيرا .

الجواب :

الحمد لله

الرسول الذي بشر به المسيح بن مريم عليهما السلام اسمه محمد ، واسمه أحمد ، وهو هو نبينا صلى الله عليه وسلم ؛ وذلك بصريح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : ( لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ : أَنَا مُحَمَّدٌ ، وَأَحْمَدُ ، وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِي الْكُفْرَ ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي ، وَأَنَا الْعَاقِبُ )

رواه البخاري (3532) ومسلم (2354)

وكلمة " اسم " تطلق في اللغة على ثلاثة استعمالات :

بمعنى المسمى ، فإذا قلت مثلا : اسمه قاسم ، فالمعنى أن هذا الشخص " المسمى " هو قاسم، ولا يعني أن " قاسم " عَلَمٌ عليه .

بمعنى الشهرة في الخير .

بمعنى العَلَم على ذات معينة .

وقد جاءت كلمة " اسم " في كلا النصين : في الآية الكريمة : ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ) الصف/6، وفي الحديث الشريف ( لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ : أَنَا مُحَمَّدٌ ، وَأَحْمَدُ )

فإما أن يقال : إن كلمة " اسم " استعملت – في كلا هذين النصين – بمعنى المسمى .

وإما أن يقال : إنها استعملت في كليهما بمعنى العَلَم على ذات نبينا الشريفة صلى الله عليه وسلم .

أما أن يدعي أحدهم - طاعنا - أن النبي صلى الله عليه وسلم اسمه محمد فقط ، وبشارة المسيح كانت بنبي اسمه أحمد ، فهذا تحكم في النص ، وتعمد لإساءة الفهم والتحريف .

يقول الإمام القرطبي رحمه الله :

" ثم إنه – يعني النبي صلى الله عليه وسلم - لم يكن محمدا حتى كان أحمد ، حمد ربه فنبَّأه وشرَّفه ، فلذلك تقدم اسم أحمد على الاسم الذي هو محمد ، فذكره عيسى عليه السلام فقال : اسمه أحمد " انتهى.

" الجامع لأحكام القرآن " (18/84)

ويقول العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله :

" نحمل الاسم في قوله : ( اسمه أحمد ) على ما يجمع بين هذه الاستعمالات الثلاثة :

أي : مسماه أحمد ، وذِكْرُهُ أحمد ، وعَلَمُه أحمد .

فالوصف بـ " أحمد " بالنسبة للمعنى الأول في " اسم " أن مسمى هذا الرسول ونفسه موصوفة بأقوى ما يحمد عليه محمود ، فيشمل ذلك جميع صفات الكمال النفسانية والخُلُقِية والخَلْقِيَّة والنسبية والقومية وغير ذلك مما هو معدود من الكمالات الذاتية والعرضية .

والوصف بـ " أحمد " على المعنى الثاني في " الاسم ": أن سمعته وذكره في جيله والأجيال بعده موصوف بأنه أشد ذكر محمود وسمعة محمودة ، وهذا معنى قوله في الحديث : ( أنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ) وأن الله يبعثه مقاما محمودا .

ووصف أحمد بالنسبة إلى المعنى الثالث في الاسم رمز إلى أنه اسمه العلم ، يكون بمعنى : أحمد ، فإن لفظ " مُحَمَّد " اسم مفعول مِن " حمَّد " المضاعف الدال على كثرة حمد الحامدين إياه ، كما قالوا : فلان مُمَدَّح ، إذا تكرر مدحه من مادحين كثيرين ، فاسم " محمد " يفيد معنى : المحمود حمدا كثيرا ورمز إليه بأحمد .

وهذه الكلمة الجامعة التي أوحى الله بها إلى عيسى عليه السلام أراد الله بها أن تكون شعارا لجماع صفات الرسول الموعود به صلى الله عليه وسلم ، صيغت بأقصى صيغة تدل على ذلك إجمالا بحسب ما تسمح اللغة بجمعه من معاني ، ووكل تفصيلها إلى ما يظهر من شمائله قبل بعثته وبعدها ليتوسمها المتوسمون ، ويتدبر مطاويها الراسخون عند المشاهدة والتجربة " انتهى باختصار.

" التحرير والتنوير " (18/184-185)

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-29, 07:10
السؤال :

أعرف أنه لا يجوز إلقاء نسخة من القرآن ولكننا علينا أن نعيدها بطريقة معينة ولكن هل حرام أيضا أن نقوم بإلقاء شيء من التوراة أو الإنجيل أم أنه علينا الاحتفاظ بها أيضا؟

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

يجب على المسلم أن يؤمن بجميع رسل الله تعالى ، وجمع كتبه المنزلة ، قال الله عز وجل : (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) البقرة / 285 .

" فالمؤمنون يؤمنون بأن الله واحد أحد ، لا إله غيره ، ولا رب سواه . ويصدقون بجميع الأنبياء والرسل والكتب المنزلة من السماء على عباد الله المرسلين والأنبياء " .

"تفسير ابن كثير" (1 / 736).

وقد أخبرنا الله عز وجل أن أهل الكتاب حرفوا التوراة والإنجيل ، وبدلوا كلام الله ، غير أن هذا التحريف ليس شاملاً لكل كتابهم ، ولا تزال كتبهم فيها أشياء من الحق ، ولهذا ، لا يجوز إهانتها لأنها لا تزال تشتمل على شيء من كلام الله ، ولأنها مشتملة على بعض أسماء الله تعالى وصفاته.

قال الهيتمي في "تحفة المحتاج" (1 / 178) :

" الحق : أن فيهما ما يظن عدم تبديله لموافقته ما علمناه من شرعنا " انتهى .

وقال الخطيب الشربيني رحمه الله :

"يجوز الاستنجاء بِغَيْرِ مُحْتَرَمٍ ... وَجَوَّزَهُ الْقَاضِي بِوَرَقِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ , وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا عُلِمَ تَبْدِيلُهُ مِنْهُمَا وَخَلَا عَنْ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَنَحْوِهِ " انتهى ملخصا .

"مغني المحتاج" (1/162-163) .

وقال الخرشي في "مختصره" (8/63) :

" مِثْلُ الْمُصْحَفِ – يعني في الاحترام - أَسْمَاءُ اللَّهِ , وَأَسْمَاءُ الْأَنْبِيَاءِ لِحُرْمَتِهَا " انتهى .

وقال الحطاب في "مواهب الجليل" (1/287) :

"يجب احْتِرَامِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كُتِبَتْ فِي أَثْنَاءِ مَا تَجِبُ إهَانَتُهُ كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ بَعْدَ تَحْرِيفِهِمَا فَيَجُوزُ إحْرَاقُهَا وَإِتْلَافُهَا ، وَلَا يَجُوزُ إهَانَتُهَا لِمَكَانِ تِلْكَ الْأَسْمَاءِ" انتهى .

ثانياً :

لا ينبغي للمسلم اقتناء شيء من الكتب السابقة ، إلا إذا كان من أهل العلم ويقرأها لاستخراج ما فيها من تحريف وأكاذيب .

روى أحمد (14736) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُتُبِ فَقَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَضِبَ فَقَالَ : ( أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ؟ –

يعني أمتحيرون ؟ - وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً ، لَا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي ) . حسنه الألباني في "الإرواء" (6/34) .

فإذا وقع بأيدينا شيء من كتب أهل الكتاب فلا يجوز اقتناؤه ، والاحتفاظ به ، كما لا يجوز امتهانه برميه في القمامة مثلا ، أو نحو ذلك ، ولكن يتخلص منه بإحراقه ؛ لاحتوائه في الغالب على أسماء الله تعالى وصفاته ، ولأنه قد يكون في شيء من كلام الله تعالى الذي لم يحرفه أهل الكتاب.

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-29, 07:13
السؤال :

أنا طالب أدرس في بلاد أجنبية ، في هذه البلاد يقدمون بعض الخدمات لأسر الطلاب مثل دروس تعليم اللغة الإنجليزية وزوجتي تحضر هذه الدروس من أجل تعلم اللغة الإنجليزية والكتاب المقرر لهذه الدروس هو الإنجيل . سؤالي هو : ما هو حكم دراسة الإنجيل بهدف تعلم اللغة الإنجليزية ؟

الجواب :

الحمد لله

لا حرج على المسلم في تعلم اللغات الأجنبية ، بل قد يكون ذلك مطلوباً ويثاب عليه إذا قصد تعلم لغتهم من أجل دعوتهم إلى الإسلام ، والعمل على هدايتهم إلى الحق الذي ضلوا عنه ، أو يقصد الانتفاع بما عندهم من علوم لا توجد عند المسلمين حتى يتمكن من نفع المسلمين بهذه العلوم .

ولكن الطريقة التي ذكرتها نرى أنها لا تجوز ، ونرى أن هؤلاء يمكرون بالمسلمين ، ليصرفوهم عن دينهم ، فلن يكون هذا الدرس درساً في تعلم اللغة ، وإنما سيكون درساً في التنصير .

ونحن – المسلمين – نعتقد في الإنجيل أنه قد حُرِّف ، وتلاعب به علماء النصارى ، فصار يحتوي على أباطيل وخرافات لا يمكن لصاحب عقل سليم أن يؤمن بها أو يصدقها .

والقراءة في هذه الكتب المحرفة لا تجوز ، إلا لمن عنده من العلم الشرعي ما يستطيع أن يميز بين ما فيها من حق وباطل ، وقرأها بقصد الرد على أهلها ، وإقناعهم بما في هذه الكتب من أباطيل .

ولهذا غضب النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى في يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتاباً أخذه من بعض أهل الكتاب ، فَقَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم قَالَ : (أَمُتَهَوِّكُونَ [أي : متحيرون] فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ! وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي)

رواه الإمام أحمد (14736) وحسنه الألباني في "الإرواء" (6/34) .

وقد بَيَّن الله تعالى لنا مكر هؤلاء ، وأنهم يبذلون ما يستطيعون لإخراج المسلمين عن دينهم ، فقال تعالى : ( وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ) البقرة/217 .

قال الشيخ السعدي رحمه الله :

"أخبر تعالى أنهم لن يزالوا يقاتلون المؤمنين ، وليس غرضهم في أموالهم وقتلهم ، وإنما غرضهم أن يرجعوهم عن دينهم ، ويكونوا كفارا بعد إيمانهم حتى يكونوا من أصحاب السعير ، فهم باذلون قدرتهم في ذلك ، ساعون بما أمكنهم ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون .

وهذا الوصف عام لكل الكفار ، لا يزالون يقاتلون غيرهم ، حتى يردوهم عن دينهم ، وخصوصا أهل الكتاب ، من اليهود والنصارى ، الذين بذلوا الجمعيات ، ونشروا الدعاة ، وبثوا الأطباء ، وبنوا المدارس ، لجذب الأمم إلى دينهم ، وتدخيلهم عليهم كل ما يمكنهم من الشبه ، التي تشككهم في دينهم .

ولكن المرجو من الله تعالى ، الذي مَنّ على المؤمنين بالإسلام ، واختار لهم دينه القيم ، وأكمل لهم دينه ، أن يتم عليهم نعمته بالقيام به أتم القيام ، وأن يخذل كل من أراد أن يطفئ نوره ، ويجعل كيدهم في نحورهم ، وينصر دينه ، ويعلي كلمته .

وتكون هذه الآية صادقة على هؤلاء الموجودين من الكفار ، كما صدقت على من قبلهم : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ)" انتهى .

"تفسير السعدي" (ص 97) .

فالواجب عليك منع زوجتك من الذهاب إلى هؤلاء ، وعدم مطاوعتهم فيما هم عليه من الخبث ، والواجب تحذير كل مسلم ومسلمة ممن قد يروج عليه تضليل هؤلاء ومكرهم ، وكشف عوار تدبيرهم وتخطيطهم .

وتعليم اللغة الانجليزية ممكن بطرق كثيرة ميسورة ، لا شبهة فيها ، ولا خلط ، ولا تضليل .

نسأل الله تعالى أن يرد كيد هؤلاء في نحرهم ، ويبصر المسلمين بمخططاتهم .

*عبدالرحمن*
2018-03-29, 07:15
السؤال :

هل يجوز لي وأنا مسلم أن أطَّلع على الإنجيل وأقرأ فيه من باب الاطلاع فقط ، وليس لأي غرض آخر ؟ وهل الإيمان بالكتب السماوية يعني الإيمان بأنها من عند الله أو نؤمن بما جاء فيها؟

الجواب :

الحمد لله

"على كل مسلم أن يؤمن بها أنها من عند الله ؛ التوراة والإنجيل والزبور ، فيؤمن أن الله أنزل الكتب على الأنبياء ، وأنزل عليهم صحفاً فيها الأمر والنهي ، والوعظ والتذكير ، والإخبار عن الأمور الماضية ، وعن أمور الجنة والنار ونحو ذلك ، لكن ليس له أن يستعملها ؛ لأنها دخلها التحريف والتبديل والتغيير

فليس له أن يقتني التوراة أو الإنجيل أو الزبور أو يقرأ فيها ؛ لأن في هذا خطراً ، لأنه ربما كذَّب بحق ، أو صدَّق بباطل ؛ لأن هذه الكتب قد حُرِّفت وغُيِّرت ، ودخلها من أولئك اليهود والنصارى وغيرهم التبديلُ والتحريفُ والتقديمُ والتأخيرُ ، وقد أغنانا الله عنها بكتابنا العظيم القرآن الكريم .

وقد رُوي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه رأى في يد عمر شيئاً من التوراة فغضب ، وقال: (أفي شك أنت يا ابن الخطاب ؟ لقد جئتُكم بها بيضاء نقيةً ، لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي) عليه الصلاة والسلام .

والمقصود : أننا ننصحك وننصح غيرك ألا تأخذوا منها شيئاً ، لا من التوراة ولا من الزبور ، ولا من الإنجيل ، ولا تقتنوا منها شيئاً ، ولا تقرأوا فيها شيئاً ، بل إذا وُجِد عندكم شيء فادفنوه أو احرقوه ، وما دخلها من التغيير والتبديل فهو منكر وباطل ، فالواجب على المؤمن أن يتحرز من ذلك ، وأن يحذر أن يطلع عليها ، فربما صدَّق بباطل ، وربما كذَّب حقًّا ، فطريق السلامة منها إما بدفنها وإما بحرقها .

وقد يجوز للعالم البصير أن ينظر فيها للرد على خصوم الإسلام من اليهود والنصارى ، كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم بالتوراة لما أنكر اليهودُ الرجم حتى اطلع عليها عليه الصلاة والسلام ، واعترفوا بعد ذلك .

فالمقصود : أن العلماء العارفين بالشريعة المحمدية قد يحتاجون إلى الاطلاع على التوراة أو الإنجيل أو الزبور لقصد إسلامي ، كالرد على أعداء الله ، ولبيان فضل القرآن وما فيه من الحق والهدى ، أما العامة وأشباه العامة فليس لهم شيء من هذا ، بل متى وُجد عندهم شيء من التوراة أو الإنجيل أو الزبور ، فالواجب دفنها في محل طيب أو إحراقها حتى لا يضل بها أحد" انتهى .

سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

"فتاوى نور على الدرب" (1/9، 10) .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-03-29, 07:17
السؤال

ما هي صحف إبراهيم عليه السلام ؟

الجواب:

الحمد لله

صحف إبراهيم عليه السلام هي الصحف التي أنزلها الله على نبيه إبراهيم عليه السلام ؛ غالب ما جاء فيها ـ كما قال أهل العلم ـ مواعظ وحكم وعبر .

وقد ذكرها ربنا عز وجل في القرآن الكريم في عدة مواضع ، منها المجمل ، ومنها المبيَّن :

أما المواضع المجملة ففي قوله تعالى :

( قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) البقرة/136

وقوله عز وجل :

( قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) آل عمران/84 .

وأما المواضع الصريحة المبينة ففي سورة النجم ، حيث يقول الله تعالى :

( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى . وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى . أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى . أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى . وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى . أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى . وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى . وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى . ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ) إلى آخر السورة .

وفي سورة الأعلى ، حيث قال سبحانه :

( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى . وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى . بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا . وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى . إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى . صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ) الأعلى/14-19.

يقول ابن جرير الطبري رحمه الله :

" وأما الصحف : فإنها جمع صحيفة ، وإنما عُنِي بها : كتب إبراهيم وموسى " انتهى.

" جامع البيان " (24/377)

يقول العلامة الأمين الشنقيطي رحمه الله :

" ( وما أنزل إلى إبراهيم ) لم يبين هنا هذا الذي أنزل إلى إبراهيم ، ولكنه بيَّن في سورة الأعلى أنه صحف ، وأن من جملة ما في تلك الصحف : ( بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى ) وذلك في قوله : ( إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى ) " انتهى.

" أضواء البيان " (1/45)



وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن تاريخ نزوله ، كما جاء عن وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أُنْزِلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ ، وَأُنْزِلَتْ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ ، وَالْإِنْجِيلُ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ ، وَأُنْزِلَ الْفُرْقَانُ لِأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ ) رواه أحمد في "المسند" (4/107) وحسنه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (1575)



وقد وقع في بعض الأحاديث الضعيفة ، وبعض الآثار عن التابعين نقولٌ عن صحف إبراهيم ، يغلب على الظن أنها منقولة عن كتب بني إسرائيل ، وهي – إن صحت - تدل على أن موضوع صحف إبراهيم الرئيس هو الحكمة والموعظة .

يقول داود بن هلال النصيبي :

( مكتوب في صحف إبراهيم عليه السلام :

يا دنيا ما أهونك على الأبرار الذين تصنعتِ لهم وتزينتِ لهم ، إني قد قذفت في قلوبهم بغضك والصدود عنك ، ما خلقت خلقا أهون عليَّ منك ، كل شأنك صغير ، وإلى الفناء تصيرين ، قضيت عليك يوم خلقتُ الخلق ألا تدومي لأحد ، ولا يدوم لك أحد ، وإن بخل بك صاحبك وشح عليك ، طوبى للأبرار الذين أطلعوني من قلوبهم على الرضا ، وأطلعوني من ضميرهم على الصدق والاستقامة ، طوبى لهم ، ما لهم عندي من الجزاء إذا وفدوا إلي من قبورهم إلا النور يسعى أمامهم ، والملائكة حافون بهم حتى أبلغ بهم ما يرجون من رحمتي )

" الزهد " ابن أبي الدنيا (رقم/200)

جاء في " الموسوعة الفقهية " (15/167) :

" وأما صحف إبراهيم وداود فقد كانت مواعظ وأمثالا لا أحكام فيها ، فلم يثبت لها حكم الكتب المشتملة على أحكام " انتهى.

ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" صحف إبراهيم صحف أنزلها الله تعالى على إبراهيم فيها المواعظ والأحكام " انتهى.

" لقاءات الباب المفتوح " (لقاء رقم/176)

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-29, 07:19
السؤال:

نود أن نعرف عقيدة السلف في القرآن الكريم؟

الجواب :

الحمد لله

" عقيدة السلف في القرآن الكريم كعقيدتهم في سائر أسماء الله وصفاته ، وهي عقيدة مبنية على ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وكلنا يعلم أن الله سبحانه وتعالى وصف القرآن الكريم بأنه كلامه ، وأنه منزل من عنده ، قال تعالى : ( وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ) التوبة/6 ، والمراد بلا ريب بكلام الله هنا القرآن الكريم ، وقال تعالى:

( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) النمل/76 ، فالقرآن كلام الله تعالى لفظاً ومعنىً ، تكلم الله به حقيقة ، وألقاه إلى جبريل الأمين ، ثم نزل به جبريل على قلب النبي صلى الله عليه وسلم ليكون من المنذرين ، بلسان عربي مبين .

ويعتقد السلف أن القرآن منزل ، نزله الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وسلم منجماً ، أي : مفرقاً ، في ثلاث وعشرين سنة حسب ما تقتضيه حكمة الله عز وجل .

ثم إن النزول يكون ابتدائياً ، ويكون سببياً ، بمعنى : أن بعضه ينزل لسبب معين اقتضى نزوله ، وبعضه ينزل بغير سبب ، وبعضه ينزل في حكاية حال مضت للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وبعضه ينزل في أحكام شرعية ابتدائية على حسب ما ذكره أهل العلم في هذا الباب .

ثم إن السلف يقولون : إن القرآن من عند الله ابتداءً وإليه يعود في آخر الزمان ، هذا قول السلف في القرآن الكريم .
ولا يخفى علينا أن الله تعالى وصف القرآن الكريم بأوصاف عظيمة ، وصفه بأنه حكيم ، وبأنه كريم ، وبأنه عظيم ، وبأنه مجيد ، وهذه الأوصاف التي وصف الله بها كلامه تكون لمن تمسك بهذا الكتاب

وعمل به ظاهراً وباطناً ، فإن الله تعالى يجعل له من المجد ، والعظمة ، والحكمة ، والعزة ، والسلطان ، ما لا يكون لمن لم يتمسك بكتاب الله عز وجل ، ولهذا أدعو من هذا المنبر جميع المسلمين حكاما ًومحكومين ، علماء وعامة إلى التمسك بكتاب الله عز وجل ظاهراً وباطناً ، حتى تكون لهم العزة ، والسعادة ، والمجد ، والظهور في مشارق الأرض ومغاربها " انتهى .

فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
"فتاوى كبار علماء الأمة" ص (45) .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-03-29, 07:22
السؤال

لم سمح الله سبحانه وتعالى بتحريف الإنجيل ، مع أنه سبحانه قادر على حفظه ؟

وما هي التعاليم التي اتبعها المسلمون قبل مجيء النبي محمد صلى الله عليه وسلم ؟

الجواب

الحمد لله :

أولا :

قد وكَّل الله تعالى حفظ التوراة والإنجيل إلى علمائهم ورهبانهم ، بدليل قوله : ( إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء ) المائدة/44 .

ولم يتكفل سبحانه وتعالى بحفظه كما تكفل بحفظ القرآن ، وفي ذلك بعض الحِكَم :

1. أراد سبحانه وتعالى أن يبقى القرآن الكريم هو الكتاب الخالد ، والشريعة الباقية إلى يوم القيامة ، قال تعالى : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ) المائدة/48 ، فلم تكن ثمة حاجة لحفظ الكتب السابقة وتخليدها ، وخاصة أن عهد القرآن قريب من عهد الإنجيل ، فليس بينهما سوى ستمائة عام .

2. وليكون ذلك فتنة واختباراً للذين أوتوا الكتاب هل يقومون بدورهم في حفظ الكتاب ؟ وهل يؤمنون بما جاء فيه ؟ وهل يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ، أم يصروا على عنادهم ، فيقوموا بالتحريف والكتمان والتزوير ؟!

3. وفي ذلك بلاء أيضا لكل أتباع الديانة النصرانية إلى يوم القيامة ، وهم يرون كتابهم الذي يؤمنون به لم يسلم من يد التحريف أو التشكيك أو الضياع ، ويرون كتاب خاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم محفوظا متواتراً لا يشك أحد في صحته ، فيكون ذلك داعيا لهم إلى الإيمان بالكتاب المبين - القرآن الكريم - .

ثانيا :

كان الناس في الجاهلية قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم على الشرك والوثنية ، ولم يكن لأغلبهم دين متبع ، ولا شريعة محترمة ، اللهم إلا بعض من اتبعوا شريعة المسيح عليه السلام

مثل ورقة بن نوفل ، وبعض من كان حنيفا على دين إبراهيم ، يجتنب الشرك والأوثان والخمر والفواحش ويسجد لله الواحد رب العالمين ، مثل زيد بن عمرو بن نفيل الذي صح في البخاري ( 3614 ) أنه قال : ( إِنِّي لَا آكُلُ مِمَّا تَذْبَحُونَ عَلَى أَنْصَابِكُمْ وَلَا آكُلُ إِلَّا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ) وكان يقول أيضا : ( يَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ ! وَاللَّهِ مَا مِنْكُمْ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرِي . وَكَانَ يُحْيِي الْمَوْءُودَةَ ، يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ ابْنَتَهُ : لَا تَقْتُلْهَا ، أَنَا أَكْفِيكَهَا مَئُونَتَهَا ، فَيَأْخُذُهَا ، فَإِذَا تَرَعْرَعَتْ قَالَ لِأَبِيهَا : إِنْ شِئْتَ دَفَعْتُهَا إِلَيْكَ ، وَإِنْ شِئْتَ كَفَيْتُكَ مَئُونَتَهَا )

رواه البخاري ( 3616 ) .

والله أعلم

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

Nadarika
2018-03-29, 11:02
سبحان الله والحمد لله والله اكبر

Nadarika
2018-03-29, 11:39
سبحان الله والحمد لله والله اكبر

*عبدالرحمن*
2018-03-29, 15:18
سبحان الله والحمد لله والله اكبر

الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات

انارتي واكثر

بارك الله فيكِ

*عبدالرحمن*
2018-03-31, 04:21
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

هل الإنجيل المكتوب بالآرامية موجود اليوم ؟

السؤال

هل الإنجيل الأصلي الذي باللغة الآرامية موجود هذا الزمان وأين ؟

الجواب


الحمد لله

أولا :

اختلف الباحثون والمتخصصون في علوم الديانات والتاريخ القديم في اللغة التي كان يتحدث بها الرسول الكريم عيسى بن مريم عليه السلام .

" ويجمع الباحثون أن فلسطين زمن بعثة عيسى كانت بمثابة لوحة فسيفسائية ، وأن سكانها كانوا خليطا من كل أمة ولسان ، وكانوا يتكلمون بدرجات متفاوتة : العبرانية ، والآرامية بلهجاتها ، والإغريقية ، واللاتينية .

ولكن الاختلاف يقوم بينهم حين يسعون إلى تلمس الحدود الجغرافية لكل واحدة من تلك اللغات ، وحين يريدون حصر الخصائص المميزة لتلك اللغات ، وتحديد نسبة تأثر بعضها ببعض ،

ونحن حين نقرأ سيرة عيسى في الأناجيل الأربعة نجده يخاطب فئات مختلفة من الناس :

فقد خاطب عامة الناس من مختلف المدائن والبوادي ، وخاطب أعضاء المجلس الأعلى ، ومعلمي الشريعة ، والقائمين على تسيير الهيكل وإدارة الشؤون الدينية اليهودية ، كما خاطب الحاكم الروماني لفلسطين وكانت لغته اللاتينية .
وفي كلمات المسيح المنسوبة إليه في الإنجيل كلمات آرامية :

" إيلي إيلي لما شبقتني ؟! أي إلهي إلهي لماذا تركتني ؟! ( إنجيل متى 27 / 46 ) .

" وأمسك بيد الصبية وقال لها : " طليثا ، قومي ! " الذي تفسيره : يا صبية ، لك أقول : قومي ! ( إنجيل مرقص 5 / 41 ) .
وفيه كلمات عبرية :

" قال لها يسوع : " يا مريم " فالتفتت تلك وقالت له : " رَبُّونِي " ، الذي تفسيره : يا معلم " ( إنجيل يوحنا 20 / 17 )
.
" وكان يخاطب ويباحث اليونانيين " ( أعمال الرسل 9 / 29 ) وظاهره أن المباحثة كانت بلغتهم ، ولاختلاف هذه الشواهد كان الخلاف شديدا بين العلماء والباحثين في تحديد لغة المسيح عليه السلام .

وذهب ابن تيمية وابن القيم إلى أنه لم يتكلم بغير العبرانية ، فقال ابن تيمية في " الجواب الصحيح " ( 3 / 75 ) :
" والمسيح كان عبرانيا لم يتكلم بغير العبرانية " انتهى .

وقال في ( 1 / 90 ) : " ومن قال إن لسان المسيح كان سريانيّاً ( أي آراميّاً ) أو روميّاً : فقد غلط " انتهى .

وذهب بعضهم إلى أن " هذه المعطيات جميعها تبين أن أغلب حديث عيسى عليه السلام كان باللغة الآرامية ، وهي اللغة الشعبية التي كانت شائعة أكثر من غيرها ، ثم يتلوه حديثه باللغة العبرانية لغة العهد القديم ، كما يبدو أنه كان مثقفا باللاتينية والإغريقية " .

انظر " لغة المسيح عيسى بن مريم " بحث د.عبد العزيز شهبر ( ص 112 ، 113 ) ، منشور في كتاب " لغات الرسل "
.
ثانيا :

يجب على المسلمين جميعا الإيمان بالإنجيل الذي أوحاه الله إلى نبيه عيسى المسيح عليه السلام ، ومن أنكره كفر باتفاق أهل العلم .

يقول سبحانه وتعالى : ( وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ ) المائدة/46 .

وإيماننا بالإنجيل يقتضي منا الإيمان بوجوده وتمام وحيه ، وكذلك الإيمان بكل ما جاء فيه أنه حق ومن عند الله .
ولكن لم يأت في شريعتنا شيء في بيان هل كان هذا الإنجيل مكتوبا ومجموعا جميعه في عهد عيسى عليه السلام ، ومن الذي كتبه ، ومن الذي حفظه ونشره ، أم كان المسيح يعلمه الناس مشافهة ، ثم يتناقله الحواريون ومن آمن به ؟ أم كتب بعضه وترك بعض آخر ؟ فهذه أسئلة قد لا نستطيع أن نجزم فيها بجواب اليوم ، بل إن بعض الباحثين ينفي أن يكون الإنجيل الحقيقي مدونا على هيئة كتاب ، وإنما كان أقوالا متناقلة .

يقول العلامة الطاهر ابن عاشور في " التحرير والتنوير " ( 3 / 26 ) في مطلع تفسير آل عمران :
" وأما الإنجيل : فاسم للوحي الذي أوحي به إلى عيسى عليه السلام فجمعه أصحابه " انتهى .

يقول الشيخ أحمد ديدات – رحمه الله - :

فنحن نؤمن بإخلاص بأن كل ما كان يقوله عيسى عليه السلام كان وحياً من الله ، وبأنه هو الإنجيل والبشارة إلى بني إسرائيل ، وخلال حياته لم يكتب عيسى كلمة واحدة ، كما أنه لم يأمر أحداً بالكتابة .

" هل الكتاب المقدس كلمة الله " ( ص 14 ) .

وإن كان الظاهر أن المسيح عليه السلام يعرف الكتابة والقراءة ، ويفهم ذلك من قوله تعالى :
( وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ ) آل عمران/48

قال ابن كثير – رحمه الله - :

الظاهر أن المراد بالكتاب ههنا الكتابة .

" تفسير القرآن العظيم " ( 1 / 485 ) .

إلا أننا لا نملك دليلا على كتابة الوحي زمن عيسى عليه السلام ، وليس في تسمية الإنجيل " كتابا " في القرآن الكريم دليل على كتابته في الصحف زمن الوحي ، فإن التسمية بـ " الكتاب " إنما هي باعتبار ما عند الله في اللوح المحفوظ ، أو باعتبار تهيئه للكتابة والتدوين ، واعتبر ذلك بالقرآن الكريم ، فقد سماه الله " كتابا "

، وإنما كان يتناقل شفاها مع كتابة متفرقة له في الجلود والصحف ، وفي الحقيقة لم يكن كتابا مجموعا حتى كان زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، بل قال سبحانه وتعالى : ( وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ) الأنعام/7 .

يقول الطاهر ابن عاشور في تفسير سورة مريم الآية/30 :

والكتاب : الشريعة التي من شأنها أن تكتب لئلا يقع فيها تغيير . فإطلاق الكتاب على شريعة عيسى كإطلاق الكتاب على القرآن .

" التحرير والتنوير " ( 8 / 470 ) .

والنصارى كذلك لا يؤمنون أن ثمة كتابا كتبه المسيح أو أحد تلامذته في عهده ، ثم فُقِدَ بعد ذلك .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :

وأما الإنجيل الذي بأيديهم فهم معترفون بأنه لم يكتبه المسيح عليه السلام ، ولا أملاه على من كتبه ، وإنما أملوه بعد رفع المسيح .

" الجواب الصحيح " ( 1 / 491 ) .

وهذا فرق ظاهر بين الوحي الذي أنزل على موسى والوحي الذي أنزل على عيسى ، فقد جاء في القرآن الكريم ما يدل على كتابة الأول في قوله تعالى : ( وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ ) الأعراف/145 .

وإن كان يبدو من كلام بعض علماء المسلمين أن الإنجيل الحقيقي كان مدونا ومكتوبا في عهد المسيح عليه السلام ، تجد ذلك في كلام ابن حزم في " الفِصَل " ، وابن تيمية في " الجواب الصحيح " .

وكذلك جاء في " الإنجيل " إطلاق هذا اللفظ على ما أوحاه الله إلى المسيح ، حيث جاء في (إنجيل مرقص 8/35) : " ومن أهلك نفسه من أجلي ومن أجل الإنجيل يخلصها " .

أما الأناجيل الموجودة اليوم ، فليست هي الإنجيل الحقيقي ، ولكن لا ينكر احتواؤها على كثير من الإنجيل الذي أوحاه الله سبحانه إلى المسيح .

قال ابن تيمية - رحمه الله -

هذه المقالات الأربعة التي يسمونها الإنجيل ، وقد يسمون كل واحد منهم إنجيلا إنما كتبها هؤلاء بعد أن رفع المسيح ، فلم يذكروا فيها أنها كلام الله ، ولا أن المسيح بلغها عن الله ، بل نقلوا فيها أشياء من كلام المسيح ، وأشياء من أفعاله ومعجزاته ، وذكروا أنهم لم ينقلوا كل ما سمعوه منه ورأوه

فكانت من جنس ما يرويه أهل الحديث والسير والمغازي عن النبي صلى الله عليه وسلم من أقواله وأفعاله التي ليست قرآنا ، فالأناجيل التي بأيديهم شبه كتاب السيرة وكتب الحديث أو مثل هذه الكتب ، وإن كان غالبها صحيحاً .

" الجواب الصحيح " ( 2 / 14 ) .

*عبدالرحمن*
2018-03-31, 04:26
القرآن الكريم هل هو من أنواع الشِّعْر
أم من النثر أم هو شيء آخر؟

السؤال

هل يمكن القول بأن القرآن شكل من أشكال الشعر ، مع العلم أنه يقال إن في القرآن مذكور أنه ليس بقول شاعر ؟

الجواب

الحمد لله

أولاً:

ليس القرآن شعراً ، ولم يكن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم شاعراً ، بل وما ينبغي له ، قال تعالى : ( فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ . وَمَا لا تُبْصِرُونَ . إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ . وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ . وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ . تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) الحاقة/38-43 ، وقال تعالى : ( وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ ) يـس/69 .

ثانياً:

كلام العرب لا يخرج عن كونه شعراً ونثراً ، ولا يعرف العرب غيرهما ، وما يذكره بعض العلماء من وجود قسم ثالث وهو " السجع " : فهو داخل في النثر ، وليس قسماً مستقلاًّ ، حتى جاء الله تعالى بالقرآن ، وأنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، فبهرت كلماته عقول العرب ، وأخذ أسلوبه بألبابهم ، فتركهم في حيرة ، فلا هو بالشعر الذي ينظمونه ، ولا هو بالنثر الذي يقولونه ، ومن قال منهم إنه " شعر " : فهو مكابر ، كاذب ، يعرف نفسه أنه غير صادق ، أو أنه لا يعرف الشعر ، ولو كان شعراً فما الذي منعهم من النظم على منواله ؟! .

ولذلك رأينا اعتراف الصادقين منهم أن القرآن ليس بشعر ، ومن هؤلاء المعترفين بذلك :

1. أبو الوليد عتبة بن ربيعة :

روى ابن إسحاق عن محمد بن كعب القرظي قال : حُدثت أن عتبة بن ربيعة - وكان سيِّداً - ، قال يوماً - وهو في نادي قريش ، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحده - : يا معشر قريش ألا أقوم إلى محمد فأكلمه ، وأعرض عليه أموراً لعله يقبل بعضها ، فنعطيه أيها شاء ويكف عنَّا ؟ وذلك حين أسلم حمزة رضي اللَّه عنه ، ورأوا أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يكثرون

، ويزيدون ، فقالوا : بلى ، يا أبا الوليد قم إليه ، فكلمه ، فقام إليه عتبة ، حتى جلس إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا ابن أخي إنك منَّا حيث قد علمت من السطة في العشيرة ، والمكان في النسب ، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم ، فرقت به جماعتهم ، وسفهت به أحلامهم ، وعبت به آلهتهم ودينهم ، وكفرت به من مضى من آبائهم ، فاسمع مني أعرض عليك أموراً تنظر فيها ، لعلك تقبل منها بعضها

قال : فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : قل يا أبا الوليد أسمع ، قال : يا ابن أخي ، إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً : جمعنا لك من أموالنا كيْ تكون أكثرنا مالاً ، وإن كنت تريد به شرفاً : سودناك علينا حتى لا نقطع أمراً دونك ، وإن كنت تريد به ملكاً : ملكناك علينا ، وإن كان هذا الذي يأتيك رِئياً تراه لا تستطيع رده عن نفسك : طلبنا لك الطب ، وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه ، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه - أو كما قال له - حتى إذا فرغ عتبة ، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يستمع منه

قال : أقد فرغت يا أبا الوليد ؟ قال : نعم ، قال : فاسمع مني ، قال : أفعل ، فقال : بسم اللَّه الرحمن الرحيم ( حم . تَنزِيلٌ مِنْ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ . كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ . بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ . وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ ) فصلت/ 1 – 5 ، ثم مضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيها يقرؤها عليه ، فلما سمعها منه عتبة أنصت لها ، وألقى يديه خلف ظهره معتمداً عليهما يسمع منه ، ثم انتهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى السجدة منها فسجد ، ثم قال : قد سمعتَ يا أبا الوليد ما سمعت ، فأنت وذاك

فقام عتبة إلى أصحابه ، فقال بعضهم لبعض : نحلف باللَّه لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به ، فلما جلس إليهم قالوا : ما وراءك يا أبا الوليد ؟ قال : ورائي أني سمعت قولاً واللَّه ما سمعت مثله قط ، واللَّه ما هو بالشعر ، ولا بالسحر ، ولا بالكهانة ، يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها بي ، خلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه ، فو اللَّه ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم ، فإن تصبه العرب : فقد كفيتموه بغيركم

وإن يظهر على العرب : فمُلكه ملككم ، وعزُّه عزكم ، وكنتم أسعد الناس به ، قالوا : سحرك واللَّه يا أبا الوليد بلسانه ، قال: هذا رأيي فيه ، فاصنعوا ما بدا لكم .

رواه البيهقي في " دلائل النبوة " ( 2 / 205 ) ، وأبو نعيم في " الدلائل " ( 1 / 304 ) وحسَّنه الألباني في التعليق على " فقه السيرة " للغزالي ( ص 113 ) .

2. الشاعر أنيس الغفاري :

قد روى مسلم ( 2473 ) من حديث أبي ذر رضي الله عنه : قصة إسلامه وإسلام أنيس أخيه ، وفيها قال : ( فقال أنيس : إن لي حاجة بمكة فاكفني - أي : ابق مع أمي - فانطلق أنيس ، حتى أتى مكة ، فراث علىَّ ، ثم جاء ، فقلت ما صنعت ؟ قال : لقيت رجلا بمكة على دينك ، يزعم أن الله أرسله ، قلت : فما يقول الناس ؟ قال : يقولون : شاعر ، كاهن ، ساحر وكان أنيس أحد الشعراء .

قال أنيس لقد سمعت قول الكهنة فما هو بقولهم ، ولقد وضعت قوله على أقراء الشعر - (أي على أنواع الشعر وطرقه وأوزانه ، واحدها : قَرْء ) - فما يلتئم على لسان أحد بعدي أنه شعر - أي : إنه ليس بشعر - والله إنه لصادق وإنهم لكاذبون ... ) .

قال أبو العباس القرطبي – رحمه الله - :

ومعنى الكلام : أنه لما اعتبر القرآن بأنواع الشعر : تبيَّن له أنه ليس من أنواعه ، ثم قطع : بأنه لا يصح لأحد أن يقول : إنه شِعر .

" المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم " ( 6 / 394 ) .

ثالثاً :

إذا كان القرآن ليس شعراً ، كما نفاه الله تعالى عنه ، ونفاه عنه الشعراء الصادقون ، فهل هو من النثر ؟ والجواب : لا ، ولا هو من النثر ، ومن تأمل في كتاب الله تعالى حق التأمل ، وكان له ذوق لغوي وبلاغي : علم أنه ليس من النثر ، بل هو قسم ثالث من أقسام الكلام في لغة العرب ، وقد اعترف بهذا كبار الأدباء قديماً وحديثاً

ونذكر هنا شهادة رجل من الأدباء ، وله موقف معروف من الشرع ، وهو " طه حسين " وشهادته هنا مهمة ؛ لأنه من أهل الاختصاص من جهة ، ومن جهة أخرى فهو لن يجامل أحداً !

ومما قاله طه حسين :

ولكنكم تعلمون أن القرآن ليس نثراً ، كما أنه ليس شعراً ، إنما هو قرآن ، ولا يمكن أن يسمَّى بغير هذا الاسم ، ليس شعراً ، وهذا وضع ، فهو لم يتقيد بقيود الشعر ، وليس نثراً ؛ لأنه مقيّد بقيود خاصة به ، لا توجد في غيره ، فهو ليس شعراً ، ولا نثراً ، ولكنه : ( كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ) ، فلسنا نستطيع أن نقول : إنه نثر ، كما نص على أنه ليس شعراً .

كان وحيدا في بابه ، لم يكن قبله ، ولم يكن بعده مثله ، ولم يحاول أحد أن يأتي بمثله ، وتحدى الناس أن يحاكوه ، وأنذرهم أن لن يجدوا إلى ذلك سبيلاً ... .

" من حديث الشعر والنثر " - الأعمال الكاملة – ( 5 / 577 ) بواسطة مقال " حول إعجاز القرآن الكريم ، الابتداء بالأسلوب " ( من ص 75 - 84 ) للدكتور علي حسن العماري ، نشر في مجلة " الجامعة الإسلامية " العدد 24 ، ، ربيع الثاني 1394هـ .

وهذا المقال نفيس ، وفيه بيان المسألة بوضوح وجلاء ، ومما قاله الدكتور الفاضل فيه :

فمشركو العرب ادَّعوا أن القرآن شعر ، وادعوا أنه كهانة ، ومعنى هذا : أن شبه القرآن عندهم بالشعر ، وبكلام الكهان هو الذي يمكن أن يذيعوه ، وهم حريصون على أن يقولوا ما يمكن أن يُصدّقوا فيه

فهم - بذلك - يقرون أنه ليس كسائر الكلام ، وإنما هو نوع خاص منه ، وقد نفى بعض فصحائهم أن يكون القرآن شعراً ، أو أن يكون قول كاهن ، كما نفى القرآن الكريم ذلك ، فثبت أن القرآن في أسلوبه وطريقة أدائه ومبناه الكلي : مخالف لكلام العرب ، ومتميز عنه ، وإن كانت ألفاظه ألفاظهم ، وتراكيبه تراكيبهم .

وقال :

ذكر " عيسى بن علي الرماني " ( متوفى 386 هـ ) في رسالته " النكت في إعجاز القرآن " أن القرآن جاء بأسلوب جديد حيث قال : " وأما نقض العادة : فإن العادة كانت جارية بضروب من أنواع الكلام معروفة : منها الشعر ، ومنها السجع ، ومنها الخطب ، ومنها الرسائل ، ومنها المنثور الذي يدور بين الناس في الحديث ، فأتى القرآن بطريقة مفردة خارجة عن العادة لها منزلة في الحسن ، تفوق كل طريقة " انتهى .

وقال الدكتور الفاضل :

وسار على هذا المنهج أبو بكر الباقلاني ، فأطال القول في هذا المعنى ، ومن ذلك قوله : " إنه نظم خارج عن جميع وجوه النظم المعتاد في كلامهم ، ومباين لأساليب خطابهم ، ومن ادعى ذلك : لم يكن له بدٌّ من أن يصحح أنه ليس من قبيل الشعر ، ولا من قبيل السجع ، ولا الكلام الموزون غير المقفى ؛ لأن قوماً من كفار قريش ادعوا أنه شعر ، ومن الملحدة من يزعم أن فيه شعراً ، ومن أهل الملة من يقول : إنه كلام مسجع ، إلا أنه أفصح مما قد اعتادوه من أسجاعهم ، ومنهم من يدعي أنه كلام موزون ، فلا يخرج بذلك عما يتعارفونه من الخطاب " انتهى .

فتبين مما سبق أن القرآن كلام الله تعالى ، أحكم آياته ، وفصَّلها ، وبيَّنها ، بكلام عربي مبين ، وليس هو على طريقة ما عرفه العرب من الشعر ، والنثر ، بل هو قرآن ، قسم خاص ، لا يشبه الشعر والنثر ، ولا يشبهانه .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-03-31, 04:30
يسأل عن إعراب كلمة ( الصابئون ) وكيف
نردّ على من يقول إنها خطأ نحوي في القرآن

السؤال

أريد إعراب كلمة "الصابئون" في سورة المائدة ، ولماذا جاءت بالواو ، مع أنها في آية أخرى جاءت بالياء ، وتشابه الكلام في الآيتين كبير . وقد كان ذلك سببا في خلاف كبير بيني وبين شخص نصراني يقول : إن القرآن فيه أخطاء نحوية ، فقلت له : سأترك الإسلام إن كان هناك خطأ نحوي واحد في القرآن . وقولي هذا عن قوه إيمان ، وعن ثقة بأن القرآن ، كلام الله سبحانه وتعالى ، منزه عن قول المفترين .

الجواب

الحمد لله

وردت كلمة " الصابئين " بياء النصب في سورتي البقرة والحج ؛ في قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) البقرة/62 ، وقوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) الحج/17

ووردت نفس الكلمة بواو الرفع في سورة المائدة ؛ في قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) المائدة/69 أما الآيتان الأوليان فلا إشكال في إعرابهما ؛ لأن الكلمة فيهما وقعت معطوفة بالواو على كلمة محلها النصب ، وهي " الذين " ؛ اسم إن ، فنصبت ، وعلامة نصبها الياء ، لأنها جمع مذكر سالم .

وإنما محل الإشكال هو الآية الثالثة ، آية سورة المائدة ؛ فقد وقعت في نفس موقعها في الآيتين الأوليين ، ومع ذلك جاءت مرفوعة .

وقد ذكر النحاة والمفسرون في توضيح ذلك الإشكال عدة وجوه ، وذكروا نظائرها المعروفة في لغة العرب ، ونكتفي هنا بثلاثة منها ، هي من أشهر ما قيل في ذلك :

الأول : أن الآية فيها تقديم وتأخير ، وعلى ذلك يكون سياق المعنى : إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى ، من آمن بالله ...فلا خوف عليهم ، ولاهم يحزنون ، والصابئون كذلك ، فتعرب مبتدأً مرفوعا ،وعلامة رفعه الواو ، لأنه جمع مذكر سالم . ونظير ذلك من لغة العرب قول الشاعر :

فمن يك أمسى بالمدينة رحله فإني وَقَيَّار ٌبها لغريب

وموطن الشاهد قوله "قيار" ، وهو اسم لفرسه ، أو جمله ؛ فقد جاءت هذه الكلمة مرفوعة على أنها مبتدأ ، ولم تجئ منصوبة على أنها معطوفة على اسم إن المنصوب وهو ياء المتكلم في قوله ( فإني )

الثاني : أن " الصابئون " مبتدأ ، والنصارى معطوف عليه ، وجملة من آمن بالله ... خبر "الصابئون" ، وأما خبر "إن" فهو محذوف دل عليه خبر المبتدأ "الصابئون" ، ونظير ذلك من لغة العرب قول الشاعر :

نحن بما عندنا ، وأنت بما عندك راضٍ ، والأمر مختلف

والشاهد فيه أن المبتدأ "نحن" لم يذكر خبره ، اكتفاء بخبر المعطوف "أنت" ؛ فخبره "راض" يدل على خبر المبتدأ الأول ، وتقدير الكلام : نحن بما عندنا راضون ، وأنت بما عندك راض .

الثالث : أن " الصابئون " معطوف على محل اسم " إن " ؛ فالحروف الناسخة ، إن وأخواتها ، تدخل على الجملة الاسمية المكونة من مبتدأ وخبر ، واسم إن محله الأصلي ، قبل دخول إن عليه الرفع لأنه مبتدأ ، ومن هنا رفعت "الصابئون" باعتبار أنها معطوفة على محل اسم إن . [ انظر : أوضح المسالك ، لابن هشام ، مع شرح محيي الدين ، 1/352-366 , تفسير الشوكاني والألوسي ، عند هذه الآية] .

وما ذكرته ، من قوة يقينك , وثقتك بكلام الله سبحانه ، هو الواجب على كل مسلم ، قال الله تعالى : ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ) النساء/82 قال الشيخ ابن عاشور ، رحمه الله في تفسيره :

( وبعد فمما يجب أن يوقَن به أن هذا اللفظ كذلك نزل ، وكذلك نطق به النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذلك تلقاه المسلمون منه وقرؤوه ، وكتب في المصاحف ، وهم عرب خُلَّص ، فكان لنا أصلا نتعرف منه أسلوبا من أساليب استعمال العرب في العطف ، وإن كان استعمالا غير شائع ، لكنه من الفصاحة والإيجاز بمكان ... ) اهـ

وتلمس ابن عاشور الفائدة البلاغية من الإتيان بلفظ " الصابئون " موفوعاً ، فقال ما معناه :

إن الرفع في هذا السياق غريب ، فيستوقف القارئ عنده : لماذا رفع هذا الاسم بالذات ، مع أن المألوف في مثل هذا أن ينصب ؟

فيقال : إن هذه الغرابة في رفع الصابئون تناسب غرابة دخول الصابئين في الوعد بالمغفرة ، لأنهم يعبدون الكواكب ، فهم أبعد عن الهدى من اليهود والنصارى ، حتى إنهم يكادون ييأسون من الوعد بالمغفرة والنجاة فنبه بذلك على أن عفو الله عظيم . يشمل كل من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً وإن كان من الصابئين . [انظر تفسير آية المائدة من تفسير ابن عاشور ]

ولمعرفة من هم الصابئة ؟ انظر الإجابة على السؤال رقم ( 49048 )

لكن يبقى لنا عِبَرٌ لا ينبغي تفويتها في هذا السياق :

أولا : ينبغي علينا الاهتمام بالعلم الشرعي ؛ فلا يكفي فقط أن يعتصم الإنسان بما عنده من يقين سابق ، وإن كان ذلك أعظم ملجأ ومعاذ ، بل إذا ضم إلى ذلك العلم الشرعي كان ، إن شاء الله ، في مأمن من أن تهز إيمانه هذه الشبهات وأمثالها ، مما يثيره أعداء دينه .

ثانيا : ينبهنا مثل هذا الموقف إلى قدر من التفريط في واجب من أعظم واجباتنا نحو كتاب الله تعالى ، ألا وهو واجب التدبر والمدارسة ، وليس مجرد التلاوة ، قال تعالى : ( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ ) ص/29 ، قال الشيخ ابن سعدي ، رحمه الله : " أي هذه الحكمة من إنزاله ، ليتدبر الناس آياته ، فيستخرجوا علمها ، ويتأملوا أسرارها وحكمها ، فإنه بالتدبر فيه والتأمل لمعانيه

وإعادة الفكر فيها مرة بعد مرة ، تدرك بركته وخيره ، وهذا يدل على الحث على تدبر القرآن ، وأنه من أفضل الأعمال ، وأن القراءة المشتملة على التدبر أفضل من سرعة التلاوة التي لا يحصل بها هذا المقصود " ؛ والدليل من هذا الموقف على ما ذكر هو أننا لو كنا نقوم بهذا الواجب حينا بعد حين لأوشكت مثل هذه الآيات أن تستوقفنا ، لنسأل عنها ، أو نبحثها ، قبل أن نواجه بالإشكال من أعدائنا .

ثالثا : إذا قمنا بالواجبين السابقين كنا مؤهلين لأخذ زمام المبادرة ، لندعو نحن غيرنا ، ونخبرهم بالحق الذي عندنا ، ونكشف لهم ، بالتي هي أحسن ، الباطل الذي عندهم ، بدلا من أن نقف موقف الدفاع ، شأن الضعفة والمنهزمين .

والله الموفق .

*عبدالرحمن*
2018-03-31, 04:32
السؤال

ورد ذكر الصابئة في عدة آيات من القرآن ، فمن هم ؟

وما الدين الذي يدينون به ؟.

الجواب

الحمد لله

ذكرت هذه الطائفة من الناس في ثلاثة مواضع من القرآن ؛ فأولها في قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) البقرة/62 ، والثاني

في قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) الحج/17 ، والثالث قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) المائدة/69 .

والصابئة جمع صابئ ، اسم فاعل من صَبَأ يصبَأ ، إذا خرج من دين إلى آخر .

قال الطبري : ( والصابئون ، جمع صابئ ، وهو المستحدث سوى دينه دينا ، كالمرتد من أهل الإسلام عن دينه ، وكل خارج من دين كان عليه إلى آخر غيره ، تسميه العرب : صابئا ... يقال صبأت النجوم : إذا طلعت ..) انظر تفسير الطبري 2/145 ، لسان العرب صبأ

وأما مذهبهم ، فقال ابن القيم ، رحمه الله : ( وقد اختلف الناس فيهم اختلافا كثيرا ، وأشكل أمرهم على الأئمة لعدم الإحاطة بمذهبهم ودينهم ؛ فقال الشافعي رحمه الله تعالى : هم صنف من النصارى ، وقال في موضع : ينظر في أمرهم ؛ فإن كانوا يوافقون النصارى في أصل الدين ، ولكنهم يخالفونهم في الفروع ، فتؤخذ منهم الجزية ، وإن كانوا يخالفونهم في أصل الدين لم يقروا على دينهم ببذل الجزية ....

وأما أقوال السلف فيهم فذكر سفيان عن ليث عن مجاهد قال : هم قوم بين اليهود والمجوس ليس لهم دين ، وفي تفسير شيبان عن قتادة قال : الصابئة قوم يعبدون الملائكة ... )

قال ابن القيم : ( قلت : الصابئة أمة كبيرة ، فيهم السعيد والشقي ، وهي إحدى الأمم المنقسمة إلى مؤمن وكافر ، فإن الأمم قبل مبعث النبي ، صلى الله عليه وسلم ، نوعان : نوع كفار أشقياء كلهم ، ليس فيهم سعيد ، كعبدة الأوثان والمجوس ، ونوع منقسمون إلى سعيد وشقي

وهم اليهود والنصارى والصابئة ، وقد ذكر الله سبحانه النوعين في كتابه ، فقال : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُون ) البقرة/62 ، وكذلك قال في المائدة ، وقال في سورة الحج ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) فلم يقل هاهنا : من آمن منهم بالله واليوم الآخر ، لأنه ذكر معهم المجوس والذين أشركوا ؛ فذكر ست أمم ، منهم اثنتان شقيتان

وأربع منهم منقسمة إلى شقي وسعيد ، وحيث وعد أهل الإيمان والعمل الصالح منهم بالأجر ذكرهم أربع أمم ليس إلا ، ففي آية الفصل بين الأمم أدخل معهم الأمتين ، وفي آية الوعد بالجزاء لم يدخلها معهم ، فعلم أن الصابئين فيهم المؤمن والكافر ، والشقي والسعيد .

وهذه أمة قديمة قبل اليهود والنصارى ، وهم أنواع : صابئة حنفاء ، وصابئة مشركون . وكانت حران دار مملكة هؤلاء قبل المسيح ، ولهم كتب وتآليف وعلوم ، وكان في بغداد منهم طائفة كبيرة ، منهم إبراهيم بن هلال الصابئ صاحب الرسائل ، وكان على دينهم ويصوم رمضان مع المسلمين ، وأكثرهم فلاسفة ولهم مقالات مشهورة ذكرها أصحاب المقالات .

وجملة أمرهم أنهم لا يكذبون الأنبياء ولا يوجبون اتباعهم ، وعندهم أن من اتبعهم [ يعني اتبع الأنبياء] فهو سعيد ناج وأن من أدرك بعقله ما دعوا إليه ، فوافقهم فيه وعمل بوصاياهم ، فهو سعيد ، وإن لم يتقيد بهم ، فعندهم دعوة الأنبياء حق ، ولا تتعين طريقا للنجاة ، وهم يقرون أن للعالم صانعا مدبرا حكيما منزها عن مماثلة المصنوعات ، ولكن كثيرا منهم ، أو أكثرهم

قالوا : نحن عاجزون عن الوصول إلى جلاله بدون الوسائط ؛ والواجب التقرب إليه بتوسط الروحانيين المقدسين المطهرين عن المواد الجسمانية ، المبرئين عن القوى الجسدية ، المنزهين عن الحركات المكانية والتغييرات الزمانية ، بل قد جبلوا على الطهارة ، وفطروا على التقديس .

ثم ذكر أنهم يعبدون هذه الوسائط ويتقربون إليها ، ويقولون : ( هم آلهتنا وشفعاؤنا عند رب الأرباب ، وإله الآلهة )

ثم قال ، رحمه الله : ( فهذا بعض ما نقله أرباب المقالات عن دين الصابئة وهو بحسب ما وصل إليهم ، وإلا فهذه الأمة فيهم المؤمن بالله وأسمائه وصفاته وملائكته ورسله واليوم الآخر وفيهم الكافر ، وفيهم الآخذ من دين الرسل بما وافق عقولهم واستحسنوه ، فدانوا به ورضوه لأنفسهم .

وعقد أمرهم أنهم يأخذون بمحاسن ما عند أهل الشرائع بزعمهم ، ولا يوالون أهل ملة ويعادون أخرى ، ولا يتعصبون لملة على ملة . والملل عندهم نواميس لمصالح العالم ، فلا معنى لمحاربة بعضها بعضا بل يؤخذ بمحاسنها وما تكمل به النفوس ، وتتهذب به الأخلاق ، ولذلك سموا صابئين كأنهم ، صبؤوا عن التعبد بكل ملة من الملل ، والانتساب إليها ، ولهذا قال غير واحد من السلف : ليسوا يهودا ولا نصارى ولا مجوسا.

وهم نوعان صابئة حنفاء وصابئة مشركون ؛ فالحنفاء هم الناجون منهم وبينهم مناظرات ورد من بعضهم على بعض ، وهم قوم إبراهيم كما أن اليهود قوم موسى ،والحنفاء منهم أتباعه ) أحكام أهل الذمة 1/92-98

وما ذكره من انقسام الصابئة إلى موحدين ومشركين قرره شيخ الإسلام أيضا في غير موضع . انظر الرد على المنطقيين [ 287-290،454-458] ، منهاج السنة ، تعليق المحقق [1/5] .

وانظر أيضا بحث الشيخ ابن عاشور للمسألة عند تفسيره لآية البقرة .

*عبدالرحمن*
2018-03-31, 04:36
الأناجيل الموجودة اليوم كتبت بعد عيسى
عليه السلام وقع فيها تحريف كثير

السؤال

من المعروف لدينا نحن المسلمين أن الله تعالى أنزل الإنجيل على نبيه عيسى عليه السلام، ولكن حينما درست بعض الأشياء عن المسيحية ، أخبروني أن الإنجيل لم يأت به المسيح وإنما كتب على يد تلاميذ المسيح بعد صلبه ( أو بعد أن رفعه الله إليه كما في القرآن ). فكيف يمكننا الجمع بين القولين ؟.

الجواب

الحمد لله

ليس بين القولين اختلاف أو تناقض ، بحمد الله ، حتى نحتاج إلى السؤال عن الجمع بينهما ، وإنما سبب الإشكال على السائل أنه خلط بين أمرين يجب الإيمان بهما ، وكلاهما حق ، بحمد الله :

أما الأمر الأول فهو الإنجيل المنزل من رب العالمين ، على نبي الله عيسى ، عليه السلام ؛ والإيمان بأن الله تعالى أنزل على نبيه عيسى كتابا ، وأن اسم هذا الكتاب الإنجيل ، هو من أصول الإيمان وأركانه التي يجب الإيمان بها ؛ قال تعالى :

( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) البقرة/285 ، وقال صلى الله عليه وسلم ، لجبريل لما سأله عن الإيمان ، في حديثه المعروف : ( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه وسله واليوم الآخر ، وأن تؤمن بالقدر خيره وشره ) متفق عليه

كما أن الكفر بذلك أو الشك فيه ، ضلال و كفر بالله تعالى ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَد ضَلَّ ضَلالا بَعِيداً ) النساء/136

وقال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً ) النساء/150-151 وأما الأمر الثاني فهو الإنجيل ، أو بتعبير أدق الأناجيل التي توجد في أيدي النصارى اليوم

فمع أن من أصول إيماننا الإيمان بالإنجيل الذي أنزل على عيسى ، فإننا نؤمن كذلك بأنه لم يعد بين أيدي الناس كتاب كما أنزله الله ، لا الإنجيل ، ولا غيره ، إلا القرآن . بل إن النصارى أنفسهم لا يدعون أن الكتب التي بين أيديهم منزلة هكذا من عند الله ، بل ولا يدعون أن المسيح عليه السلام هو الذي كتبها ، أو أنها ، على الأقل كتبت في زمانه . يقول الإمام ابن حزم ، رحمه الله في الفِصَل في الملل (2/2) :

( ولسنا نحتاج إلى تكلف برهان في أن الأناجيل وسائر كتب النصارى ليست من عند الله عز وجل ولا من عند المسيح عليه السلام ، كما احتجنا إلى ذلك في التوراة والكتب المنسوبة إلى الأنبياء عليهم السلام التي عند اليهود ، لأن جمهور اليهود يزعمون أن التوراة التي بأيديهم منزلة من عند الله عز وجل ، على موسى عليه السلام

فاحتجنا إلى إقامة البرهان على بطلان دعواهم في ذلك ، وأما النصارى فقد كفونا هذه المؤونة كلها ، لأنهم لا يدعون أن الأناجيل منزلة من عند الله على المسيح ، ولا أن المسيح أتاهم بها ، بل كلهم أولهم عن آخرهم ، أريسيهم و ملكيهم ونسطوريهم و يعقوبيهم و مارونيهم و بولقانيهم ، لا يختلفون في أنها أربعة تواريخ ألفها أربعة رجال معروفون في أزمان مختلفة : فأولها تاريخ ألفه متى اللاواني تلميذ المسيح

بعد تسع سنين من رفع المسيح عليه السلام ، وكتبه بالعبرانية في بلد يهوذا بالشام يكون نحو ثمان وعشرين ورقة بخط متوسط والآخر تاريخ ألفه مارقش ( مرقس ) تلميذ شمعون بن يونا ، المسمى باطرة ، بعد اثنين وعشرين عاما من رفع المسيح عليه السلام ، وكتبه باليونانية في بلد إنطاكية من بلاد الروم

ويقولون إن شمعون المذكور هو الذي ألفه ثم محا اسمه من أوله ونسبه إلى تلميذه مارقش ، يكون أربعا وعشرين ورقة بخط متوسط و شمعون المذكور تلميذ المسيح والثالث تاريخ ألفه لوقا الطبيب الأنطاكي تلميذ شمعون باطرة أيضا ، كتبه باليونانية بعد تأليف مارقش المذكور ، يكون من قدر إنجيل متى والرابع تاريخ ألفه يوحنا ابن سيذاي تلميذ المسيح بعد رفع المسيح ببضع وستين سنة وكتبه باليونانية يكون أربعا وعشرين ورقة بخط متوسط . )

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الجواب الصحيح (3/21) :

( وأما الأناجيل التي بأيدي النصارى فهي أربعة أناجيل : إنجيل متى ولوقا ومرقس ويوحنا ، وهم متفقون على أن لوقا ومرقس لم يريا المسيح ، وإنما رآه متى ويوحنا وأن هذه المقالات الأربعة التي يسمونها الإنجيل ، وقد يسمون كل واحد منها إنجيلا ، إنما كتبها هؤلاء بعد أن رفع المسيح ؛ فلم يذكروا فيها أنها كلام الله ولا أن المسيح بلغها عن الله بل نقلوا فيها أشياء من كلام المسيح وأشياء من أفعاله ومعجزاته )

ثم إن هذه الكتب التي كتبت بعد المسيح لم تبق على صورتها هذه التي كتبت عليها أول مرة ؛ حيث اختفت النسخ الأولى ، وفقدت من أيدي الناس مدة طويلة من الزمان . يقول ابن حزم :

( وأما النصارى فلا خلاف بين أحد منهم ولا من غيرهم في أنه لم يؤمن بالمسيح في حياته إلا مائة وعشرون رجلا فقط ....، وأن كل من آمن به فإنهم كانوا مستترين مخافين في حياته وبعده ، يدعون إلى دينه سرا ولا يكشف أحد منهم وجهه إلى الدعاء إلى ملته ، ولا يظهر دينه ، وكل من ظفر به منهم قتل ....

فبقوا على هذه الحالة لا يظهرون البتة ، و لا لهم مكان يأمنون فيه مدة ثلاثمائة سنة بعد رفع المسيح عليه السلام .

وفي خلال ذلك ذهب الإنجيل المنزل من عند الله عز و جل إلا فصولا يسيرة أبقاها الله تعالى حجة عليهم وخزيا لهم فكانوا كما ذكرنا إلى أن تنصر قسطنطين الملك فمن حينئذ ظهر النصارى وكشفوا دينهم واجتمعوا وآمنوا .

وكل دين كان هكذا فمحال أن يصح فيه نقل متصل لكثرة الدواخل الواقعة فيما لا يؤخذ إلا سرا تحت السيف لا يقدر أهله على حمايته ولا على المنع من تبديله ) الفصل 2/4-5

وبالإضافة إلى هذا الانقطاع الهائل في إسناد كتبهم ، والذي يتجاوز القرنين من الزمان ، في أعلى أسانيدهم ، فإن هذه الكتب لم تبق بلغتها التي كتبها بها أهلها أول مرة ، وإنما ترجمت عن تلك اللغات

ثم ترجمت غير مرة ، على أيدي أناس مجهولين في علمهم ، وأمانتهم ، واختلاف هذه الكتب وتناقضها فيما بينها من أقوى الأدلة على تحريفها وأنها ليست هي الإنجيل الذي أنزله الله على عبده ورسوله عيسى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وصدق الله العظيم إذ يقول : ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ) النساء/82 .

الفتاة السعيدة
2018-03-31, 04:38
شكرا.وبارك.الله.فيك

*عبدالرحمن*
2018-03-31, 04:39
هل النبي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذُكِر في الإنجيل

السؤال

أرجو أن تخبرني أين ذُكر النبي صلى الله عليه وسلم في الإنجيل ؟

وهل تم ذكر اسمه أم رمز له ؟

وما هي المراجع التي يمكن أن أستعملها لأثبت هذه المسألة ، وهل الكُتاب والمترجمون النصارى قد حرفوا ذلك ؟.

الجواب

الحمد لله

قال الله تعالى في كتابه : ( وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين ) الصف /6

وقال تعالى : ( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ) الأعراف/157

فهاتان الآيتان تدلان على أن النبي صلى الله عليه وسلم مذكور في التوراة والإنجيل ، مهما أدعى اليهود والنصارى عدم ذلك ، فإن كلام الله تعالى أحسن حديثا ، وأصدق قيلا .

ومما وورد في الكتب السابقة ما يلي :

أولا : جاء في التوراة في سفر التثنية الإصحاح الثامن عشر الفقرات 18و19 : " يا موسى أني سأقيم لبني إسرائيل نبيا من إخوتهم مثلك أجعل كلامي فيه ويقول لهم ما أمره به والذي لا يقبل قول ذلك النبي الذي يتكلم باسمي أنا أنتقم منه ومن سبطه " ، وهذا النص موجود عندهم الآن ، فقوله :" من إخوانهم " ، لو كان منهم من بني إسرائيل لقال سأقيم لهم نبياً منهم ، لكنه قال من إخوتهم أي أبناء إسماعيل .

ثانيا : جاء في إنجيل يوحنا الإصحاح السادس عشر الفقرات 16-17 :

" إن خيراً لكم أن أنطلق لأني إن لم أذهب لم يأتكم الفارقليط فإذا انطلقت أرسلته إليكم فإذا جاء فهو يوبخ العالم على الخطيئة ، وان لي كلاماً كثيراً أريد قوله ولكنكم لا تستطيعون حمله لكن إذا جاء روح الحق ذاك الذي يرشدكم إلى جميع الحق لأنه ليس ينطق من عنده بل يتكلم بما يسمع ويخبركم بكل ما يأتي " ، وهذا لا ينطبق إلا على النبي صلى الله عليه وسلم .

ثالثا : قال ابن القيم رحمه الله :

" قال في التوراة في السفر الخامس : - : " أقبل الله من سيناء ، وتجلى من ساعير ، وظهر من جبال فاران ، ومعه ربوات الإظهار عن يمينه " وهذه متضمنة للنبوات الثلاثة : نبوة موسى ، ونبوة عيسى ، ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، فمجيئه من " سينا " : وهو الجبل الذي كلم الله عليه موسى ، ونبأه عليه إخبار عن نبوته ، وتجليه من ساعير هو مظهر المسيح من بيت المقدس، و " ساعير " : قرية معروفة هناك إلى اليوم ، وهذه بشارة بنبوة المسيح .

"وفاران " : هي مكة ، وشبه سبحانه نبوة موسى بمجيء الصبح ، ونبوة المسيح بعدها بإشراقه وضيائه ونبوة خاتم الأنبياء باستعلاء الشمس ، وظهور ضوءها في الآفاق ، ووقع الأمر كما أخبر به سواء . فإن الله سبحانه صدع بنبوة موسى ليل الكفر فأضاء فجره بنبوته ، وزاد الضياء والإشراق بنبوة المسيح ، وكمل الضياء واستعلن وطبق الأرض بنبوة محمد صلوات الله وسلامه عليهم ، وذكر هذه النبوات الثلاثة التي اشتملت عليها هذه البشارة نظير ذكرها في أول سورة ( والتين والزيتون ، وطور سينين ، وهذا البلد الأمين " ا.هـ [

انظر هداية الحيارى ص 110 ، وما ذكره ابن القيم هو في العهد القديم سفر التثنية الإصحاح 33 فقرة 1 ]

رابعا : ذكر الشيخ عبد المجيد الزنداني في كتابه :

( البشارات بمحمد صلى الله عليه وسلم في الكتب السماوية السابقة ) أن إنجيل برنابا في الباب 22 جاء فيه : " وسيبقى هذا إلى أن يأتي محمد رسول الله الذي متى جاء كشف هذا الخداع للذين يؤمنون بشريعة الله " ، وجاء في سفر أشعيا : إني جعلت اسمك محمدا يا محمد ، يا قدوس الرب : اسمك موجود من الأبد ، وجاء في سفر أشعيا : " وما أعطيته لا أعطيه لغيره ، أحمد يحمد الله حمدا حديثا يأتي من أفضل الأرض ، فتفرح به البرية ، ويوحدون على كل شرف ، ويعظمونه على كل رابية " انتهى .

وقد ذكر العلماء العديد من المواضع التي ذكر فيها اسم النبي صلى الله عليه وسلم ، مرة بذكر اسمه الصريح ، ومرة بذكر وصف لا ينطبق إلا عليه صلى الله عليه وسلم .

واعلم أنه قد طرأ تغيير على الكتب الموجودة الآن من التوراة والإنجيل وحدث تغيير فيها ، وقد ذكر المؤرخون من غير المسلمين هذا الأمر ، لكن مع ذلك كله لازلنا نجد في التوراة والإنجيل التبشير بمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد ذكر الشيخ رحمة الله الهندي أن النصارى كلما استطاعوا تحريف موضع حرفوه ، ولذلك تجد بعض العلماء القدامى يذكرون مواضع في التوراة والإنجيل ليست موجودة الآن ، لكن هناك مواضع أخرى لا زالت تبشر بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم وقدومه .

واعلم أنه لا بد من تسلح الإنسان بالعلم الصحيح الوافي عند مناقشة النصارى ، وهم وإن لم يكن لديهم حجج ، إلا إنه يسعون لبث الشبه في نفوس الناس ، ليستسلموا لها ، وليغيب الحق ، والله متم نوره ولو كره الكافرون .

ومن الكتب المفيدة في هذا السياق كتاب إظهار الحق للشيخ رحمة الله الهندي ، وكتاب هداية الحيارى لابن القيم ، ومن قبله الجواب الصحيح لابن تيمية .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-31, 04:42
: أشياء أخبر عن وقوعها القرآن ووقعت

السؤال

هل هناك أي من الأشياء التي أخبر القرآن أنها ستقع ثم وقعت بالفعل ؟.

الجواب

الحمد لله

نعم ، هناك بعض الأشياء التي ذكر الله تعالى في القرآن أنها ستقع ، وقد وقعت بالفعل ، ومنها :

أ‌. هزيمة الفرس على أيدي الروم في بضع سنين :

قال تعالى : { غُلِبَتِ الرُّومُ . فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ . فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ } الروم / 2 – 4 .

قال الشوكاني :

قال أهل التفسير : غَلبت فارسُ الرومَ ، ففرح بذلك كفارُ مكة وقالوا : الذين ليس لهم كتاب غلبوا الذين لهم كتاب ، وافتخروا على المسلمين ، وقالوا : نحن أيضاً نغلبكم كما غَلبت فارسُ الرومَ ، وكان المسلمون يحبُّون أن تظهر الروم على فارس لأنهم أهل كتاب … { وهم من بعد غلبهم سيغلبون } أي : والروم من بعد غَلب فارس إياهم سيغلبون أهلَ فارس …

قال الزجاج : وهذه الآية من الآيات التي تدل على أن القرآن من عند الله ؛ لأنه إنباء بما سيكون ، وهذا لا يعلمه إلا الله سبحانه .

" فتح القدير " ( 4 / 214 ) .

ب‌. العداوة بين فِرق النصارى إلى يوم القيامة .

قال تعالى { وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ } المائدة / 14 .

قال ابن كثير :

{ فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة } أي : فألقينا بينهم العداوة والبغضاء لبعضهم بعضاً ، ولا يزالون كذلك إلى قيام الساعة ، ولذلك طوائف النصارى على اختلاف أجناسهم لا يزالون متباغضين متعادين يكفر بعضهم بعضاً ويلعن بعضهم بعضاً ، فكل فرقةٍ تحرم الأخرى ولا تدعها تلج معبدها ، فالملكية تكفر باليعقوبية ، وكذلك الآخرون ، وكذلك النسطورية والآريوسية ، كل طائفة تكفر الأخرى في هذه الدنيا ، ويوم يقوم الأشهاد .

" تفسير ابن كثير " ( 2 / 34 ) .

ت‌. ما وعد الله نبيه عليه السلام أنه سيظهر دينه على الأديان .

قال الله تعالى : { هوَ الذي أرْسَل رَسُولَه بِالهُدَى ودِينِ الحقِّ ليظهره على الدين كله } الآية سورة التوبة / 33 وسورة الفتح / 28 ، وسورة الصف / 9 .

قال القرطبي :

ففعل ذلك ، وكان أبو بكر رضي الله عنه إذا أغزى جيوشه عرَّفهم ما وعدهم الله في إظهار دينه ليثقوا بالنصر وليستيقنوا بالنجاح ، وكان عمر يفعل ذلك ، فلم يزل الفتح يتوالى شرقاً وغرباً برّاً وبحراً .

" تفسير القرطبي " ( 1 / 75 ) .

ث‌. فتح مكة

قال الله تعالى : { لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً } الفتح / 27 .

قال الطبري :

يقول تعالى ذكره : لقد صدق الله رسولَه محمَّداً رؤياه التي أراها إياه أنه يدخل هو وأصحابه بيتَ الله الحرام آمنين لا يخافون أهل الشرك مقصِّراً بعضهم رأسَه ومحلِّقاً بعضهم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

" تفسير الطبري " ( 26 / 107 ) .

ج‌. وقوع غزوة بدر

قال الله تعالى : { وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ } الأنفال / 7 .

قال ابن الجوزي :

والمعنى : اذكروا إذ يعدكم الله إحدى الطائفتين ، والطائفتان : أبو سفيان وما معه من المال ، وأبو جهل ومن معه من قريش ، فلما سبق أبو سفيان بما معه كتب إلى قريش إن كنتم خرجتم لتحرزوا ركائبكم فقد أحرزتها لكم ، فقال أبو جهل : والله لا نرجع ، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد القوم فكره أصحابه ذلك ، وودوا أن لو نالوا الطائفة التي فيها الغنيمة دون القتال ، فذلك قوله { وتودون أن غير ذات الشوكة } أي : ذات السلاح .

" زاد المسير " ( 3 / 324 ) .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-03-31, 04:45
شكرا.وبارك.الله.فيك

الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات

انارت الصفحات بحضورك الراقي
بارك الله فيكِ يا صاحبه القلب الصافي

و في انتظار مرورك دائما
جزاكِ الله عنا كل خير

الفتاة السعيدة
2018-03-31, 05:08
شكرا.على.اسلوبك.الراقي

الفتاة السعيدة
2018-03-31, 05:32
شكرا.وبارك.الله.فيك

*عبدالرحمن*
2018-04-03, 01:52
شكرا.وبارك.الله.فيك

الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات

بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله عني كل خير

*عبدالرحمن*
2018-04-03, 01:54
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

حقيقة الإيمان بالكتب

السؤال

ما معنى الإيمان بالكتب ؟.

الجواب

الحمد لله

وبعد : فالإيمان بالكتب يتضمن أربعة أمور :

الأول : التصديق الجازم بأن جميعها منزَّل من عند الله ، وأن الله تكلم بها حقيقة فمنها المسموع منه تعالى من وراء حجاب بدون واسطة الرسول الملكي ، ومنها ما بلغه الرسول الملكي إلى الرسول البشري ، ومنها ما كتبه الله تعالى بيده كما قال تعالى : ( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) الشورى/51 وقال تعالى : ( وكلم الله موسى تكليما ) النساء/164

وقال تعالى في شأن التوراة : ( وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) الأعراف/145 .

الثاني : ما ذكره الله من هذه الكتب تفصيلا وجب الإيمان به تفصيلا وهي الكتب التي سماها الله في القرآن وهي ( القرآن والتوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وموسى ).

وما ذكر منها إجمالا وجب علينا الإيمان به إجمالا فنقول فيه ما أمر الله به رسوله : ( وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب ) الشورى/15 .

الثالث : تصديق ما صح من أخبارها ، كأخبار القرآن ، وأخبار ما لم يُبَدل أو يُحَرف من الكتب السابقة .

الرابع : الإيمان بأن الله أنزل القرآن حاكما على هذه الكتب ومصدقا لها كما قال تعالى : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ) المائدة/48 ، قال أهل التفسير : مهيمنا : مؤتمنا وشاهدا على ما قبله من الكتب ، ومصدقا لها يعني : يصدق ما فيها من الصحيح ، وينفي ما وقع فيها من تحريف وتبديل وتغيير ، ويحكم عليها بنسخ ـ أي رفع وإزالة ـ أحكام سابقة ، أو تقرير وتشريع أحكام جديدة ؛ ولهذا يخضع له كل متمسك بالكتب المتقدمة ممن لم ينقلب على عقبيه كما قال تبارك وتعالى : ( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُون . وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ ) القصص/52 :53 .

- وأن الواجب على جميع الأمة اتباع القرآن ظاهراً وباطناً والتمسك به ، والقيام بحقه كما قال تعالى : ( وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا ) الأنعام/155

ومعنى التمسك بالكتاب والقيام بحقه : إحلال حلاله ، وتحريم حرامه ، والانقياد لأوامره والانزجار بزوا جره والاعتبار بأمثاله ، والاتعاظ بقصصه ، والعلم بمحكمه ، والتسليم بمتشابهه والوقوف عند حدوده والذب عنه مع حفظه وتلاوته وتدبر آياته والقيام به آناء الليل والنهار ، والنصيحة له بكل معانيها ، والدعوة إلى ذلك على بصيرة .

وهذا الإيمان يثمر للعبد ثمرات جليلة أهمها :

1- العلم بعناية الله بعباده حيث أنزل لكل قوم كتابا يهديهم به .

2- العلم بحكمة الله تعالى في شرعه حيث شرع لكل قوم ما يناسب أحوالهم كما قال الله تعالى : ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا )

3- القيام بواجب شكر الله على هذه النعمة العظيمة .

4- أهمية العناية بالقرآن العظيم ، بقراءته وتدبره وتفهم معانيه والعمل به .

والله أعلم .

انظر ( أعلام السنة المنشورة 90 – 93 ) و ( شرح الأصول الثلاثة للشيخ ابن عثيمين 91 ، 92 ).

*عبدالرحمن*
2018-04-03, 01:56
حكم اقتناء الإنجيل والتوراة

السؤال

هل يصح لي أن أقتني نسخة من الإنجيل لأعرف كلام الله لسيدنا عيسى وهل الإنجيل الموجود الآن صحيح ؟

حيث إنني سمعت أن الإنجيل الصحيح غرق في الفرات ؟.

الجواب

الحمد لله

لا يجوز اقتناء شيء من الكتب السابقة على القرآن من إنجيل أو توراة أو غيرهما لسببين :

- أن كل ما كان نافعاً فيها فقد بينه الله سبحانه وتعالى في القرآن .

- أن في القرآن ما يغني عن كل هذه الكتب لقوله تعالى : ( نزل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه ) .

فكل ما في الكتب السابقة من خير موجود في القرآن ، أما قول السائل أنه يريد أن يعرف كلام الله لعبده ورسوله عيسى عليه السلام ، فإن النافع منه لنا موجود في القرآن فلا حاجة للبحث عنه من غيره .

وأيضاً فالإنجيل الموجود الآن محرف ، والدليل على ذلك أنه أربعة أناجيل يخالف بعضها بعضاً وليس إنجيلاً واحداً ، إذن فلا يعتمد عليها ، أما طالب العلم الذي لديه علم يتمكن به من معرفة الحق من الباطل فلا مانع من دراسته لها لرد ما فيها من الباطل وإقامة الحجة على معتنقيها .

الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - .
مجلة الدعوة العدد/1789 ص/43.

*عبدالرحمن*
2018-04-03, 01:59
إذا كان اليهودي والنصراني
يوحّد الله ولكن لا يُحكّم القرآن

السؤال

إذا كان هناك شخص يهودي أو نصراني يؤمن بالله وأنه لا شريك له ، ويؤمن بالرسل المرسلين من الله عليهم السلام ولكنه لا يحكم بالقرآن مع أنه يؤمن بأنه من عند الله ولكنه يفترض أنه يجوز أن يحكم التوراة الأصلية . فهل هذا يعتبر مسلما ؟

الجواب :

أرسلنا بهذا السؤال إلى شيخنا الشيخ عبد الرحمن البراك فأجاب بما يلي :

الحمد لله وبعد

فإن من أصول الإيمان : الإيمان بجميع الكتب المنزلة من عند الله والإيمان بجميع الرسل ويدخل في هذين الأصلين الإيمان بأشرف الكتب وهو القرآن وأفضل الرسل وهو محمد صلى الله عليه وسلم خاتم المرسلين ورسول الله إلى الناس أجمعين منذ بعثه الله إلى أن تقوم الساعة فيجب على كل إنسان من جميع الأمم الإيمان به واتباعه

وتحكيم شريعته فمن ادعى الإيمان به وبالقرآن ولم يحكّمه ولم يلتزم اتباعه في كل ما جاء به ولم يصدّقه في جميع أخباره فليس بمسلم ولا مؤمن ، وإن مات على ذلك فهو من أصحاب الجحيم ولو ادعى أنه يؤمن بالله وحده لا شريك له ويؤمن بجميع الرسل فإن الإيمان بالرسول وبالقرآن ليس هو مجرد التصديق من غير انقياد

ولا اتباع ولا تحكيم فإن كثيراً من المشركين كانوا مصدقين للرسول صلى الله عليه وسلم بقلوبهم بل منهم من هو مصدق بقلبه وبلسانه مثل عمه أبي طالب ، ولم ينفعهم هذا التصديق لمّا أصروا على عدم اتباعه

وهكذا اليهود والنصارى كانوا يعرفونه كما يعرفون آباءهم ومنهم من يُظهر تصديقه للرسول صلى الله عليه وسلم ، فلم تنفعهم هذه المعرفة وهذا التصديق لما أبَوا اتباعه كانوا كفاراً وأحلّ الله له دماءهم وأموالهم فقاتلهم الرسول صلى الله عليه وسلم فأظهره الله عليهم وأظهر دينه عل كل الأديان ، قال تعالى : ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون ) . أهـ

فالواجب على كل يهودي أو نصراني أن يدخل في دين الإسلام الذي أنزله الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، لأنّ الرسالة المحمدية هي الخاتمة والناسخة للديانات السابقة

قال تعالى : ( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه ) ، وفي الحديث الصحيح : ( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ . ) رواه مسلم 218 ، وعلى هذا فلا يصح من يهودي ولا نصراني دين حتى يؤمن بشريعة الإسلام ويلتزم بحكم القرآن الكريم ، فالقرآن مهيمن وناسخ للكتب السابقة ، والتوراة والإنجيل منسوخة واعتراها التحريف والتبديل .

والله تعالى أعلم .

الشيخ عبد الرحمن البراك

*عبدالرحمن*
2018-04-03, 02:02
آخر وصية ليعقوب و مواضع صحف إبراهيم
في القرآن و البلد الذي يحتوي على
أعلى نسبة للمسلمين وكيف أسلموا

السؤال :

1- ما هي آخر وصية للنبي يعقوب لأولاده قبل موته ؟

2-الصحف التي أُنزلت على النبي إبراهيم ضاعت ولكنها مذكورة في القرآن في اكثر من موضع ؟

اذكر موضعين من هذه المواضع ؟

3-في أي بلد تكون أعلى نسبة للمسلمين ؟

كيف اسلم أهل هذا البلد

الجواب :

الحمد لله

1 - دلّ القرآن الكريم على أن يعقوب قد أوصى بنيه قبل موته ، فقال : ( مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي ) فقالوا : ( نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) البقرة / 133 .

2- ذكر صحف إبراهيم في سورة الأعلى 19 : ( صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ) ، وفي سورة النجم 37 : ( أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) .

4- أكبر بلد إسلامي من الناحية العددية في إفريقيا : نيجيريا . وفي آسيا : أندونيسيا . وقد أسلم الأندونوسيون بسبب الاحتكاك بالتجار المسلمين الحضارمة كما هو معلوم . ولعل هذا هو مطلوب السائل ، وإن كان السؤال غير دقيق ، لأن اعتبار النسبة يعني غير ذلك .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-04-03, 02:06
البشارة بالنبي صلى الله عليه وسلم
في الكتب المتقدّمة

السؤال:

أخبرني بعض المسلمين أنّ محمدا وعيسى نبيين عظيمين وأخبروني أنّ السبب وراء عدم ذكر محمد في الإنجيل أنّه قد وُلد بعد كتابة الإنجيل . حسنا لقد ولد عيسى بعد كتابة التوراة ( العهد القديم ) ومع ذلك هناك أكثر من 600 إشارة ونبأ فيه لذكر عيسى تحققّت كلها بينما لا يوجد إشارة لمحمد في كلّ الكتاب المقدّس فكيف يستوي عيسى ومحمد إذن ؟

الجواب:

الحمد لله

نحن بين أمرين إمّا أنّ الذي قال لك ذلك جاهل لا يُعتدّ بقوله وإمّا أنّ الادّعاء كذب وافتراء ، فنحن المسلمين نعلم جيدا الآية الكريمة التي يقول الله تعالى فيها : الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ(157) سورة الأعراف

قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية :

"الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل" وهذه صفة محمد صلى الله عليه وآله وسلم في كتب الأنبياء بشروا أممهم ببعثته وأمروهم بمتابعته ولم تزل صفاته موجودة في كتبهم يعرفها علماؤهم وأحبارهم. كما روى الإمام أحمد حدثنا إسماعيل عن الجريري عن أبي صخر العقيلي حدثني رجل من الأعراب قال جلبت حلوبة إلى المدينة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغت من بيعي قلت لألقين

هذا الرجل فلأسمعن منه قال فتلقاني بين أبي بكر وعمر يمشون فتبعتهم حتى أتوا على رجل من اليهود ناشر التوراة يقرؤها يعزي بها نفسه عن ابن له في الموت كأجمل الفتيان وأحسنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنشدك بالذي أنزل التوراة هل تجد في كتابك هذا صفتي ومخرجي؟" فقال برأسه هكذا أي لا فقال ابنه إي والذي أنزل التوراة إنا لنجد في كتابنا صفتك ومخرجك وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله فقال "أقيموا اليهودي عن أخيكم" ثم تولى كفنه والصلاة عليه هذا حديث جيد قوي

وعن عطاء بن يسار قال لقيت عبد الله بن عمرو فقلت أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة قال أجل والله إنه لموصوف في التوراة كصفته في القرآن "يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا" وحرزا للأميين أنت عبدي ورسولي اسمك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله ويفتح به قلوبا غلفا وآذانا صما وأعينا عميا. قال عطاء ثم لقيت كعبا ( وهو مسلم من أهل الكتاب

) فسألته عن ذلك فما اختلف حرفا.. وقد رواه البخاري في صحيحه عن عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ لَقِيتُ عبد الله بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِي اللَّهم عنهما قُلْتُ أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاةِ قَالَ أَجَلْ وَاللَّهِ إِنَّهُ

لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ) وَحِرْزًا لِلأُمِّيِّينَ أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلا سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ وَلا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلاّ اللَّهُ وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا " البخاري . فتح رقم 2125

ولم يُرسِل الله نبيا من الأنبياء إلا وقد أخذ عليه العهد والميثاق لأن خرج النبي محمد صلى الله عليه وسام في عهده أن يتابع محمدا صلى الله عليه وسلم :

قال الله تعالى في سورة آل عمران ( التي لا يدرسها نصراني بقلب مفتوح إلا أسلم ) : وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنْ الشَّاهِدِينَ(81)

قال القرطبي رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية :

قيل: أخذ الله تعالى ميثاق الأنبياء أن يصدق بعضهم بعضا ويأمر بعضهم بالإيمان بعضا; فذلك معنى النصرة بالتصديق.. قال طاووس: أخذ الله ميثاق الأول من الأنبياء أن يؤمن بما جاء به الآخر..

[و] الرسول هنا محمد صلى الله عليه وسلم في قول علي وابن عباس رضي الله عنهما.

فأخذ الله ميثاق النبيين أجمعين أن يؤمنوا بمحمد عليه السلام وينصروه إن أدركوه, وأمرهم أن يأخذوا بذلك الميثاق على أممهم .

وإذا أردت أن تعرف شيئا من الإشارات إلى بعثة النبي صلى الله عليه وسلم في الإنجيل بعد تحريفه ! فنُحيلك إلى كتاب " محمد صلى الله عليه وسلم في الكتب المقدّسة " أو " ماذا قال الإنجيل عن محمد صلى الله عليه وسلم " لأحمد ديدات
ونسأل الله لك الهداية .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-04-03, 02:08
ما هي طبيعة سلطة القرآن على المسلمين

السؤال:

أدرس دورة في ديانات العالم ، وأجد مشكلة في إيجاد حل للسؤال التالي :

ما هي طبيعة سلطة القرآن تبعاً للعرف الإسلامي ؟

وما هو دور القرآن في التشريع الإسلامي طبقاً للتراث الإسلامي الحنيف ؟

الجواب:

الحمد لله

القرآن أنزله الله عز وجل شريعة ومرجعا في الحلال والحرام والأمر والنهي لزاما على الناس ، فما فيه من الأمر امتثلوه وما فيه من نهي اجتنبوه وما فيه من حلال أحلوه وما فيه من حرام حرموه ، وفيه خبر ما قبلنا ونبأ ما بعدنا وحكم ما بيننا ، قال الله عز وجل : " ما فرطنا في الكتاب من شئ " ، وبعد أن تم نزوله قال الله عز وجل :

" اليوم أكملت لكم دينكم " ، وجاءت السنة مبينة ومكملة للقرآن قال صلى الله عليه وسلم : " ألا إنني أوتيت القرآن ومثله معه " ومعنى قوله ومثله أي السنّة ، حديث صحيح ، وأمر الله عز وجل بالرجوع إلى هذين الدستورين ، قال الله عز وجل : ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ) ، فالرد إلى الله يعني إلى القرآن والرد إلى الرسول يعني إلى السنة ، فالقرآن هو المصدر الأول للتشريع ثم تأتي السنة والله تعالى أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-04-03, 02:11
و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

مع جزء اخر من سلسلة

اركان الايمان

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2019-09-23, 16:50
شكرا.وبارك.الله.فيك

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

الشكر موصول لحضورك الطيب مثلك

بارك الله فيكِ
و جزاكِ الله عنا كل خير