المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أركان الإيمان


*عبدالرحمن*
2018-03-17, 02:47
اخوة الاسلام

السلام عليكم و رحمة الله و بركاتة

ليكون الإنسان مسلماً

عليه أن يؤمن بأركان الإيمان الستة والتي عرفها الإسلام.

ففي سورة البقرة يقول الله تعالى: {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله, لا نفرق بين أحد من رسله, وقالوا سمعنا وأطعنا, غفرانك ربنا وإليك المصير}(البقرة 285).

ولما سئل النبي عن معنى الإيمان قال: {أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر, وتؤمن بالقدر خيره وشره}(رواه مسلم والبخاري ).

الإيمان بالله:

الإقرار انه الخالق بيده مقاليد كل شيء وهو على كل شيء قدير ، وانه وحده المستحق للعباده والطاعه، والإيمان بأسمائه وصفاته ، كل ذالك من غير التشبيه بالخلق ولا تشبيه للخلق به.

الإيمان بالملائكه:

ويعني أن الله خلق مخلوقات من نور سماهم الملائكه ، لا يعصون الله ويفعلون ما يأمرون، ولهم أعمال ومهمات ، كالنزول بالوحي ، وانزال المطر وتسيير السحاب وكتابة اعمال الأنسان ، ومنهم حملة العرش ، وخزنة الجنه والنار وغيرهم .

الإيمان بالكتب السماويه:

معناه ان الله أنزل كتباً على رسله تضمنت ما شرعه الله تعالى من التوحيد والعباده والأحكام التي تنظم حياة الناس وتصلهم بربهم وتضمن لهم السعاده في الدنيا ولآخره، ومن هذه الكتب : التوراه والأنجيل والزبور والقرآن الكريم آخر الكتب السماويه.

الإيمان بالرسل:

وهو الإيمان بأن الله بعث رسلاً من البشر لأبلاغ ما يريده الله من الأمم واتباع شرعه ، مبشرين ومنذرين أولهم آدم وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم.

الإيمان باليوم الآخر :

معناه الأقرار بأن هناك حياه أخرى غير الحياه الدنيا يكون فيها الخلود الأبدي ، بعد أن يبعثهم الله يوم القيامه ويجازيهم على أعمالهم ، فمن أطاع الرسل دخل الجنه ومن عصاهم دخل النار والأيمان باليوم الآخر يتضمن عذاب القبر ، والبعث والحشر والحساب، والميزان والصحف والصراط والحوض ، والجنه والنار .

الإيمان بالقدر :

معناه الأقرار بأن الله تعالى علم كل شيء ، وكل شيء بارادته ومشيئته وأنه خالق كل شيء يخلق ما يشاء ، فعال لما يريد ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن بيده كل شيء يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير.

و لكم الموضوع بكاملة

كل ركن من الاركان السته

و في البدايه بشكل عام حتي تعم الفائدة

و اخيرا

اسالكم الدعاء في ظهر الغيب

*عبدالرحمن*
2018-03-17, 02:49
السؤال :

نرجو من سيادتكم معرفة الضوابط التي يمكن الحكم بها على شخص ما بالكفر أو النفاق ، حتى لا أقع في البدع التي وقع فيها كثير من الفرق ، وبأي كتب توصيني أن أقرأ فيها ، مع العلم أني طالب علم مبتدئ ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

الحكم بالتكفير والتفسيق ليس إلينا ، بل هو إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فهو من الأحكام الشرعية التي مردها إلى الكتاب والسنة ، فيجب التثبت فيه غاية التثبت ، فلا يكفر ولا يفسق إلا من دل الكتاب والسنة على كفره أو فسقه .

والأصل في المسلم الظاهر العدالة بقاء إسلامه وبقاء عدالته ، حتى يَتَحَقَّقَ زوال ذلك عنه بمقتضى الدليل الشرعي .

ولا يجوز التساهل في تكفيره أو تفسيقه ؛ لأن في ذلك محذورين عظيمين :

أحدهما :

افتراء الكذب على الله تعالى في الحكم ، وعلى المحكوم عليه في الوصف الذي نبزه به .

الثاني :

الوقوع فيما نبز به أخاه إن كان سالماً منه .

ففي صحيحي البخاري (6104) ومسلم (60) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَقَد بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا ) وفي رواية : ( إِن كَانَ كَمَا قَالَ ، وَإِلاَّ رَجَعَتْ عَلَيهِ )

*عبدالرحمن*
2018-03-17, 02:49
ثانيا :

وعلى هذا فيجب قبل الحكم على المسلم بكفر أو فسق أن ينظر في أمرين :

أحدهما :

دلالة الكتاب أو السنة على أن هذا القول أو الفعل موجب للكفر أو الفسق .

الثاني :

انطباق هذا الحكم على القائل المعين أو الفاعل المعين ، بحيث تتم شروط التكفير أو التفسيق في حقه ، وتنتفي الموانع .

ومن أهم الشروط :

1- أن يكون عالماً بمخالفته التي أوجبت أن يكون كافراً أو فاسقاً ؛ لقوله تعالى :

( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً ) النساء/115

وقوله : ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) التوبة/115

ولهذا قال أهل العلم :

لا يكفر جاحد الفرائض إذا كان حديث عهد بإسلام حتى يُبَيَّنَ له .

2- ومن الموانع أن يقع ما يوجب الكفر أو الفسق بغير إرادة منه ، ولذلك صور :

منها :

أن يكره على ذلك ، فيفعله لداعي الإكراه ، لا اطمئناناً به ، فلا يكفر حينئذ ؛ لقوله تعالى : ( مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) النحل/106

ومنها :

أن يُغلَقَ عليه فِكرُهُ ، فلا يدري ما يقول لشدة فرح أو حزن أو خوف أو نحو ذلك .

ودليله ما ثبت في صحيح مسلم (2744) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ )

3- ومن الموانع أن يكون متأولا : يعني أن تكون عنده بعض الشبه التي يتمسك بها ويظنها أدلة حقيقية ، أو يكون لم يستطع فهم الحجة الشرعية على وجهها ، فالتكفير لا يكون إلا بتحقق تعمد المخالفة وارتفاع الجهالة .

قال تعالى : ( ولَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ) الأحزاب/5

يقول ابن تيمية رحمه الله "مجموع الفتاوى" (23/349) :

" فالإمام أحمد رضي الله تعالى عنه ترحم عليهم ( يعني الخلفاء الذين تأثروا بمقالة الجهمية الذين زعموا القول بخلق القرآن ، ونصروه ) واستغفر لهم ، لعلمه بأنه لم يتبين لهم أنهم مكذبون للرسول ، ولا جاحدون لما جاء به ، ولكن تأولوا فأخطأوا ، وقلدوا من قال ذلك لهم " انتهى .

ويقول رحمه الله "مجموع الفتاوى" (12/180) :

" وأما التكفير فالصواب أن من اجتهد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم وقصد الحق فأخطأ لم يكفر ، بل يغفر له خطؤه ، ومن تبين له ما جاء به الرسول ، فشاق الرسول من بعد ما تبين له الهدى واتبع غير سبيل المؤمنين فهو كافر ، ومن اتبع هواه وقصر في طلب الحق وتكلم بلا علم فهو عاص مذنب ، ثم قد يكون فاسقاً . وقد يكون له حسنات ترجح على سيئاته " انتهى .

وقال رحمه الله (3/229) :

" هذا مع أني دائماً ومن جالسني يعلم ذلك مني ، أني من أعظم الناس نهياً عن أن ينسب معين إلى تكفير وتفسيق ومعصية ، إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافراً تارة ، وفاسقاً أخرى ، وعاصياً أخرى ، وإني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها ، وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبرية القولية والمسائل العملية . وما زال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل ، ولم يشهد أحد منهم على أحد لا بكفر ولا بفسق ولا بمعصية ... "

وذكر أمثلة ثم قال :

" وكنت أبين أن ما نقل عن السلف والأئمة من إطلاق القول بتكفير من يقول كذا وكذا ، فهو أيضاً حق ، لكن يجب التفريق بين الإطلاق والتعيين .. "

إلى أن قال : " والتكفير هو من الوعيد ؛ فإنه وإن كان القول تكذيباً لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم ، لكن قد يكون الرجل حديث عهد بإسلام ، أو نشأ ببادية بعيدة ، ومثل هذا لا يكفر بجحد ما يجحده حتى تقوم عليه الحجة ، وقد يكون الرجل لم يسمع تلك النصوص ، أو سمعها ولم تثبت عنده ، أو عارضها عنده معارض آخر أوجب تأويلها وإن كان مخطئاً .

وكنت دائماً أذكر الحديث الذي في الصحيحين في الرجل الذي قال : ( إذا أنا مت فأحرقوني ، ثم اسحقوني ، ثم ذروني في اليم ، فوالله لئن قدر الله عليَّ ليعذبني عذاباً ما عذبه أحداً من العالمين .

ففعلوا به ذلك ، فقال الله : ما حملك على ما فعلت ؟ قال : خشيتك . فغفر له )

فهذا رجل شك في قدرة الله وفي إعادته إذا ذري ، بل اعتقد أنه لا يعاد ، وهذا كفر باتفاق المسلمين ، لكن كان جاهلاً لا يعلم ذلك ، وكان مؤمناً يخاف الله أن يعاقبه ، فغفر له بذلك .

والمتأول من أهل الاجتهاد الحريص على متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم أولى بالمغفرة من مثل هذا " انتهى .

( مستفاد من خاتمة القواعد المثلى للشيخ ابن عثيمين رحمه الله مع بعض الزيادات ) .

وإذا كان أمر التكفير بهذه المثابة ، والخطر والخطأ فيه شديد ؛ فالواجب على طالب العلم ، خاصة إذا كان مبتدئا ، أن يتوقى الخوض في ذلك ، وأن ينشغل بتحصيل العلم النافع الذي يصلح به أمر معاشه ومعاده .

*عبدالرحمن*
2018-03-17, 02:50
ثالثا :

قبل أن نشير عليك بشيء من الكتب ، فإننا ننصحك بأن تستعين في تعلمك بأهل العلم من أهل السنة ؛ فإن ذلك هو الطريق الأسهل والأكثر أمنا ، لكن شريطة أن يكون ذلك الذي تأخذ عنه من الموثوق في علمه ودينه ، واتباعه للسنة ، وبعده عن الأهواء والبدع .

قال مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ رحمه الله : ( إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ ) رواه مسلم في مقدمة صحيحه .

فإن لم يتيسر لك ، في مكانك أن تحضر دروس أهل العلم ، فيمكنك أن تستعين بأشرطتهم ، وقد أصبح الحصول عليها عن طريق الأقراص ، أو المواقع الإسلامية أكثر سهولة ، والحمد لله . ثم يمكنك أيضا أن تنتفع ببعض طلاب العلم ، الذين يحرصون على العلم الشرعي ، واتباع السنة ، وقلما يخلو منهم مكان ، إن شاء الله .

رابعا :

من الكتب التي ينبغي أن تعتني باقتنائها ، والنظر والدراسة فيها :

- التفسير : تفسير الشيخ ابن سعدي ، وتفسير ابن كثير .

- الحديث : الأربعين النووية ، مع أحد شروحها ، والاهتمام بجامع العلوم والحكم لابن رجب ، ثم رياض الصالحين ، مع زيادة العناية بهذا الكتاب المبارك ، ويمكنك الاستعانة بشرح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله له .

- العقيدة : تهتم بكتاب التوحيد ، للشيخ محمد بن عبد الوهاب ، مع شرح ميسر له ، والعقيدة الواسطية ، لشيخ الإسلام ابن تيمية . مع بعض الرسائل النافعة في هذا الباب ، مثل : تحقيق كلمة الإخلاص لابن رجب ، والتحفة العراقية في الأعمال القلبية لابن تيمية .

- الاستعانة بزاد المعاد لابن القيم رحمه الله ، وكثير من كتبه ، مثل : الوابل الصيب ، والداء والدواء .

وهذه مجموعة مبدئية ، ومع المطالعة ، لا سيما إن وجدت من يعينك على القراءة والفهم ، فسوف تزداد معرفتك بالكتب النافعة والمهمة لك ، شيئا فشيئا ، إن شاء الله .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-17, 02:51
السؤال :

لدي بعض المشاكل في إيماني بعض الأحيان ، أعلم بأنها من الشيطان ، هل يمكن أن تذكر لي بعض القصص التي تقوي إيماني ؟.

الجواب :

الحمد لله

إن الإنسان قد تعتريه الغفلة فيضف إيمانه ، وعلاج ذلك الإكثار من الاستغفار والمداومة على ذكر الله ، وقراءة القرآن بتدبر وحضور قلب مع العمل بما فيه ، فإن في ذلك جلاء للقلب من غفلته ، وإيقاظه من رقدته ، فالله الله بالإكثار من الصالحات .

ولضعف الإيمان أسباب منها :

أولا : الجهل بأسماء الله وصفاته يوجب نقص الإيمان لأن الإنسان إذا نقصت معرفته بأسماء الله وصفاته نقص إيمانه .

ثانيا : الإعراض عن التفكير في آيات الله الكونية والشرعية , فإن هذا يسبب نقص الإيمان , أو على الأقل ركوده وعدم نموه .

ثالثا : فعل المعصية فإن للمعصية آثاراً عظيمة على القلب وعلى الإيمان ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ) . الحديث رواه البخاري ( 2475 ) ومسلم ( 57 ) .

رابعا : ترك الطاعة فإن ترك الطاعة سبب لنقص الإيمان , لكن إن كانت الطاعة واجبة وتركها بلا عذر فهو نقص يلام عليه ويعاقب , وإن كانت الطاعة غير واجبة , أو واجبة لكن تركها بعذر فإنه نقص لا يلام عليه .

مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين 1/52

ونوصيك أختي السائلة بالإكثار من قراءة القرآن وتدبر آياته ففيه شفاء لما في صدرك بإذن الله ، قال تعالى : ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ) الإسراء/ 82

كما نوصيك بتدبر قصص الأنبياء ، فالله أوردها في كتابه ليثبت بها فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم وأفئدة المؤمنين معه ، قال تعالى : ( وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين ) هود/120 .

اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين .

*عبدالرحمن*
2018-03-17, 02:53
السؤال :

كيف يتأكد الإنسان من صحة إيمانه وهو في شك عظيم ؟

الجواب :

الحمد لله

قال الله تعالى : ( ألم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ) العنكبوت/1-3

قال السعدي رحمه الله :

" يخبر تعالى عن تمام حكمته وأن حكمته لا تقتضي أن كل من قال " إنه مؤمن " وادعى لنفسه الإيمان ، أن يبقوا في حالة يسلمون فيها من الفتن والمحن ، ولا يعرض لهم ما يشوش عليهم إيمانهم وفروعه ، فإنهم لو كان الأمر كذلك ، لم يتميز الصادق من الكاذب ، والمحق من المبطل ، ولكن سنته وعادته في الأولين وفي هذه الأمة

أن يبتليهم بالسراء والضراء ، والعسر واليسر ، والمنشط والمكره ، والغنى والفقر ، وإدالة الأعداء عليهم في بعض الأحيان ، ومجاهدة الأعداء بالقول والعمل ونحو ذلك من الفتن ، التي ترجع كلها إلى فتنة الشبهات المعارضة للعقيدة ، والشهوات المعارضة للإرادة ، فمن كان عند ورود الشبهات يثبت إيمانه ولا يتزلزل ، ويدفعها بما معه من الحق

وعند ورود الشهوات الموجبة والداعية إلى المعاصي والذنوب ، أو الصارفة عن ما أمر اللّه به ورسوله ، يعمل بمقتضى الإيمان ، ويجاهد شهوته ، دل ذلك على صدق إيمانه وصحته .

ومن كان عند ورود الشبهات تؤثر في قلبه شكا وريبا ، وعند اعتراض الشهوات تصرفه إلى المعاصي أو تصدفه عن الواجبات ، دلَّ ذلك على عدم صحة إيمانه وصدقه .

والناس في هذا المقام درجات لا يحصيها إلا اللّه ، فمستقل ومستكثر " انتهى .

"تفسير السعدي" (ص 626)

فمن عصفت بقلبه الفتن عند ورودها ، ولم يستمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها ، وهي كلمة التوحيد ولوازمها ، وجعل قلبه يتنقل بكل واد ، وإنما أمره في الحيرة والتردد ، وحاله حال المذبذبين المتحيرين ، فتارة مع هؤلاء ، وتارة مع هؤلاء ، وتارة لا إلى هؤلاء ، ولا إلى هؤلاء ، ذو قلب محجوب ، لا يتخلله الوعظ ، ولا يثبت على الصراط ؛ فمن كانت هذه حاله فليت أمه لم تلده ، إلا أن يتداركه الله برحمته ، فيغفر زلته ، ويقيل عثرته .

فليبادر عبد خاف على نفسه ، ونصح لها : أن يعود إلى الله ، وإلى الإيمان به وبرسوله ، وإلى اليقين بموعوده ، وإلى التصديق بكتابه ، وإلى الكفر بالطاغوت وأوليائه ، وإلى موالاة أولياء الرحمن صفوة خلقه ، ومعاداة أولياء الشيطان .

روى مسلم (118) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا ، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا ، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا )

وروى الإمام أحمد (15489) والحاكم (96) عَنْ كُرْزٍ الْخُزَاعِيِّ رضي الله عنه قَالَ :

سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هل للإسلام من منتهى ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( نعم أيما أهل بيت من العرب والعجم أراد الله بهم خيرا أدخل عليهم الإسلام ، ثم تقع الفتن كأنها الظلل ) صححه الألباني في الصحيحة" (51) .

*عبدالرحمن*
2018-03-17, 02:54
أما حال المؤمنين فهو حال المصدقين الموقنين ، الذين يقولون سمعنا وأطعنا ، لا تزيدهم الفتن إلا إيمانا ويقينا ، فكيف بدواعي الإيمان من الكلم الطيب والعمل الصالح ؟

( وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ ) التوبة /124 ، 125

( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ) الإسراء/82

( وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ) الأحزاب / 22

وعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا طَوِيلًا عَنْ الدَّجَّالِ فَكَانَ فِيمَا حَدَّثَنَا بِهِ أَنْ قَالَ : ( يَأْتِي الدَّجَّالُ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَ الْمَدِينَةِ بَعْضَ السِّبَاخِ الَّتِي بِالْمَدِينَةِ ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ هُوَ خَيْرُ النَّاسِ أَوْ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ فَيَقُولُ : أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ الَّذِي حَدَّثَنَا عَنْكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَهُ فَيَقُولُ الدَّجَّالُ : أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ هَلْ تَشُكُّونَ فِي الْأَمْرِ ؟ فَيَقُولُونَ لَا . فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ فَيَقُولُ حِينَ يُحْيِيهِ : وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّي الْيَوْمَ . فَيَقُولُ الدَّجَّالُ : أَقْتُلُهُ . فَلَا أُسَلَّطُ عَلَيْهِ ) متفق عليه ، واللفظ للبخاري (1882)

فهذه حال المؤمن :

على خير حال ، في كل حال ، يزداد بالطاعة إيمانا ، ولا تضره فتنة ما اختلف الليل والنهار ، روى مسلم (144) عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا ، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ : عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ ) .

قال النووي :

" قَالَ صَاحِب التَّحْرِير : مَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ الرَّجُل إِذَا تَبِعَ هَوَاهُ وَارْتَكَبَ الْمَعَاصِي دَخَلَ قَلْبه بِكُلِّ مَعْصِيَة يَتَعَاطَاهَا ظُلْمَة , وَإِذَا صَارَ كَذَلِكَ اُفْتُتِنَ وَزَالَ عَنْهُ نُور الْإِسْلَام . وَالْقَلْب مِثْل الْكُوز فَإِذَا اِنْكَبَّ اِنْصَبَّ مَا فِيهِ ، وَلَمْ يَدْخُلهُ شَيْء بَعْد ذَلِكَ " انتهى .

*عبدالرحمن*
2018-03-17, 02:55
والخلاصة :

أن العبد ما دام يسمع ويطيع لمولاه ، ويوالي فيه ، ويعادي فيه ، ولا شيء أحب إليه من طاعة سيده ومولاه ، ولا أكره لديه من عصيانه والبعد عن صراطه ، ولا تزيده الفتن إلا تعلقا به إيمانا ويقينا ، فهو المؤمن حقا .

وقد روى الإمام أحمد (178) عن عُمَر رضي الله عنه أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ كَانَ مِنْكُمْ تَسُرُّهُ حَسَنَتُهُ وَتَسُوءُهُ سَيِّئَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ ) صححه الألباني في الصحيحة (430)

ومن انشغل بالهوى عن الهدى ، وآثر محبة عدوه على طاعة ربه ، وكلما وردت فتنة عصفت بقلبه ، ثم لا يزال في الشك والحيرة ، قليل الحظ من اليقين : فذاك مدخول الإيمان .

وقول السائل : "وهو في شك عظيم" :

إن كان يقصد أنه في شك عظيم من إيمانه بالله : فمن شك في الإيمان فليس بمؤمن .

وإن كان يقصد أنه في شك من صحة إيمانه ، هل هو مؤمن أم لا ؟

فقد قدمنا ما يستطيع به أن يتأكد من ذلك ، إثباتا ونفيا .

فإن كان السائل في شك من دينه ، وله في ذلك من نفسه أمارات فليتق الله ، وليراجع نفسه ، وليقبل على ربه وعلى طاعته ، ولا يلتفت إلى ما يعرض له من الشبهات ، وليصاحب أهل الإيمان ، ولا يصاحب أهل العصيان وأهل الكفران ، ولا يسمع لهم ، ولا يقرأ لهم ، وليرض بالله ودينه ورسوله .

أما إن كان ما يعرض له مجرد هواجس نفسية ، أو وساوس شيطانية ، فلا يلتفت إليها ، ولينصرف عنها ، وليقبل على الله .

وقد روى البخاري (3276) ومسلم (134) عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ : مَنْ خَلَقَ كَذَا ؟ مَنْ خَلَقَ كَذَا ؟ حَتَّى يَقُولَ : مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ ) .

قال النووي :

" َمَعْنَاهُ : إِذَا عَرَضَ لَهُ هَذَا الْوَسْوَاس فَلْيَلْجَأْ إِلَى اللَّه تَعَالَى فِي دَفْع شَرّه عَنْهُ , وَلْيُعْرِضْ عَنْ الْفِكْر فِي ذَلِكَ , وَلْيَعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخَاطِر مِنْ وَسْوَسَة الشَّيْطَان , وَهُوَ إِنَّمَا يَسْعَى بِالْفَسَادِ وَالْإِغْوَاء فَلْيُعْرِضْ عَنْ الْإِصْغَاء إِلَى وَسْوَسَته وَلْيُبَادِرْ إِلَى قَطْعهَا بِالِاشْتِغَالِ بِغَيْرِهَا "

انتهى .

وإن من علامات صلاح القلب عن تلك الوساوس الشيطانية ، والعوارض الإبليسية أن يستعظم أمرها ، حتى لو خير بين أن تستقر في نفسه تلك الخواطر الرديئة ، وبين الموت ، لكان الموت أحب إليه من ذلك :

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَحَدَنَا يَجِدُ فِي نَفْسِهِ يُعَرِّضُ بِالشَّيْءِ ، لَأَنْ يَكُونَ حُمَمَةً أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ ؟!

فَقَالَ : ( اللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ ؛ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ كَيْدَهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ )

رواه أبو داود (5112) ، وصححه الألباني .

نسأل الله - لنا ولإخواننا المسلمين - أن يثبت قلوبنا على دينه .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-03-17, 02:56
السؤال :

هل الإيمان بالقلب يكفي ليكون الإنسان مسلماً بعيداً عن الصلاة والصوم والزكاة؟

الجواب :

الحمد لله

"الإيمان بالقلب لا يكفي عن الصلاة وغيرها ، بل يجب أن يؤمن بقلبه ، وأن الله واحد لا شريك له ، وأنه ربه وخالقه ، ويجب أن يخصه بالعبادة سبحانه وتعالى ، ويؤمن بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، وأنه رسول الله حقاً إلى جميع الثقلين

كل هذا لابد منه ، فهذا أصل الدين وأساسه كما يجب على المكلف أن يؤمن بكل ما أخبر به الله ورسوله من أمر الجنة والنار والصراط والميزان وغير ذلك مما دل عليه القرآن الكريم والسنة الصحيحة المطهرة ، ولابد مع ذك النطق بشهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، كما أنه لابد من الصلاة ، وبقية أمور الدين ، فإذا صلى فقد أدى ما عليه ، وإن لم يُصلِّ كفر ؛ لأن ترك الصلاة كفر .

أما الزكاة والصيام والحج وبقية الأمور الواجبة إذا اعتقدها وأنها واجبة ، ولكن تساهل فلا يكفر بذلك ، بل يكون عاصياً ، ويكون إيمانه ضعيفاً ناقصاً ؛ لأن الإيمان يزيد وينقص ؛ يزيد الإيمان بالطاعات والأعمال الصالحات ، وينقص بالمعاصي عند أهل السنة والجماعة .

أما الصلاة وحدها خاصة فإن تركها كفر عند كثير من أهل العلم وإن لم يجحد وجوبها ، وهو أصح قولي العلماء ، بخلاف بقية أمور العبادات ، من الزكاة والصوم والحج ونحو ذلك ، فإن تركها ليس بكفر أكبر على الصحيح ، ولكن نقص في الإيمان ، وضعف في الإيمان ، وكبيرة عظيمة من كبائر الذنوب ، فترك الزكاة كبيرة عظيمة

وترك الصيام كبيرة عظيمة ، وترك الحج مع الاستطاعة كبيرة عظيمة ، ولكن لا يكون كفراً أكبر إذا كان مؤمناً بأن الزكاة حق ، وأن الصيام حق ، وأن الحج لمن استطاع إليه سبيلاً حق ، ما كذَّب بذلك ولا أنكر وجوب ذلك ، ولكنه تساهل في الفعل ، فلا يكون كافراً بذلك على الصحيح .

أما الصلاة فإذا تركها يكفر في أصح قولي العلماء كفراً أكبر والعياذ بالله وإن لم يجحد وجوبها كما تقدم ؛ لقول النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ) أخرجه مسلم في صحيحه

وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ) أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن الأربعة بإسناد صحيح ، والمرأة مثل الرجل في ذلك . نسأل الله العافية والسلامة" . انتهى .

سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

"فتاوى نور على الدرب" لابن باز (1/27 ، 28) .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-03-17, 02:57
السؤال :

هناك من يقول : "الإيمان قول واعتقاد وعمل ، لكن العمل شرط كمال فيه" ، ويقول أيضاً : "لا كفر إلا باعتقاد" ، فهل هذا القول هو قول أهل السنة والجماعة؟

الجواب :

الحمد لله

"الذي يقول هذا ما فهم الإيمان ، ولا فهم العقيدة ، والواجب عليه أن يدرس العقيدة على أهل العلم ، ويتلقاها من مصادرها الصحيحة ، وسيعرف الجواب عن هذا السؤال .

وقوله : "الإيمان قول وعمل واعتقاد" ، ثم يقول : "إن العمل شرط في كمال الإيمان وصحته" ، هذا تناقض!! كيف يكون العمل من الإيمان ثم يقول : العمل شرط؟ ومعلوم أن الشرط يكون خارج المشروط ، فهذا تناقض منه .

وهذا يريد أن يجمع بين قول السلف وقول المتأخرين ، وهو لا يفهم التناقض ، لأنه لا يعرف قول السلف ، ولا يعرف حقيقة قول المتأخرين ، فأراد أن يدمج بينهما ، فالإيمان قول وعمل واعتقاد ، والعمل هو من الإيمان ، وهو الإيمان ، وليس شرطاً من شروط صحة الإيمان ، أو شرط كمال ، أو غير ذلك من هذه الأقوال التي يروجونها الآن . فالإيمان قول باللسان ، واعتقاد بالقلب ، وعمل بالجوارح ، وهو يزيد وينقص بالمعصية" انتهى .

"الإجابات المهمة في المشاكل الملمة" (صـ 74) .

فضيلة الشيخ

صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله .

*عبدالرحمن*
2018-03-17, 02:59
السؤال :

كيف نجمع بين حديث : ( أخرجوا من كان في قلبه مثقال دينار من الإيمان )... قال : ( فيقبض قبضة من النار - أو قال قبضتين - ناسا لم يعملوا لله خيرا قط.. ) وبين خلود الكافر في النار ؟

الجواب:

الحمد لله

لا تعارض بين إخراج أناس من النار جاء في وصفهم أنهم ( لم يعملوا خيرا قط )، وبين الآيات الكثيرة التي تقرر خلود الكفار في نار جهنم ، وذلك لأن هؤلاء الموصوفين في الحديث ليسوا من الكفار ، بل هم من المؤمنين الموحدين ، ولكنهم فرطوا في جنب الله ، وأسرفوا على أنفسهم حتى تركوا أكثر العبادات والطاعات ، ولم يبق لهم ما يدخلهم الجنة إلا الشفاعة.

والحديث يرويه الإمام مسلم في صحيحه (رقم/183) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( حَتَّى إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ النَّارِ ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ بِأَشَدَّ مُنَاشَدَةً لِلَّهِ فِي اسْتِقْصَاءِ الْحَقِّ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لِلَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِإِخْوَانِهِمْ الَّذِينَ فِي النَّارِ ، يَقُولُونَ : رَبَّنَا كَانُوا يَصُومُونَ مَعَنَا ، وَيُصَلُّونَ ، وَيَحُجُّونَ . فَيُقَالُ لَهُمْ : أَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ . فَتُحَرَّمُ صُوَرُهُمْ عَلَى النَّارِ ، فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا قَدْ أَخَذَتْ النَّارُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ ، وَإِلَى رُكْبَتَيْهِ ، ثُمَّ يَقُولُونَ : رَبَّنَا مَا بَقِيَ فِيهَا أَحَدٌ مِمَّنْ أَمَرْتَنَا بِهِ .

فَيَقُولُ : ارْجِعُوا ، فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَارٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ .

فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ : رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا أَحَدًا مِمَّنْ أَمَرْتَنَا .

ثُمَّ يَقُولُ : ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ نِصْفِ دِينَارٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ .

فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ : رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا مِمَّنْ أَمَرْتَنَا أَحَدًا .

ثُمَّ يَقُولُ : ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ .

فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ : رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا خَيْرًا .

وَكَانَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ يَقُولُ : إِنْ لَمْ تُصَدِّقُونِي بِهَذَا الْحَدِيثِ فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا )

فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : شَفَعَتْ الْمَلَائِكَةُ ، وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ ، وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنْ النَّارِ فَيُخْرِجُ مِنْهَا قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ ، قَدْ عَادُوا حُمَمًا ، فَيُلْقِيهِمْ فِي نَهَرٍ فِي أَفْوَاهِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ نَهَرُ الْحَيَاةِ ، فَيَخْرُجُونَ كَمَا تَخْرُجُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ ، فَيَخْرُجُونَ كَاللُّؤْلُؤِ فِي رِقَابِهِمْ الْخَوَاتِمُ يَعْرِفُهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ ، هَؤُلَاءِ عُتَقَاءُ اللَّهِ الَّذِينَ أَدْخَلَهُمْ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ وَلَا خَيْرٍ قَدَّمُوهُ )

والحديث يرويه أيضا الإمام أحمد في " المسند " (18/394) من طريق أخرى .

وقد بين العلماء أن هذه الشفاعة هي لمن قال لا إله إلا الله ، وجاء بأصل التوحيد ، ولكنه لم يعمل خيرا قط .

*عبدالرحمن*
2018-03-17, 03:00
يقول ابن حجر رحمه الله :

" وشفاعة أخرى هي شفاعته فيمن قال لا إله إلا الله ولم يعمل خيرا قط " انتهى.

" فتح الباري " (11/428)

ويقول الحافظ ابن عبد البر رحمه الله – في شرح رواية أبي هريرة لحديث الرجل الذي أوصى بنيه أن يحرقوه ويذروا نصفه في البر ونصفه في البحر خوفا من عقاب الله ، حيث جاء فيها : ( قال رجل لم يعمل خيرا قط إلا التوحيد )

قال ابن عبد البر رحمه الله :

" وهذه اللفظة – يعني ( إلا التوحيد ) - إن صحت رفعت الإشكال في إيمان هذا الرجل ، وإن لم تصح من جهة النقل فهي صحيحة من جهة المعنى ، والأصول كلها تعضدها ، والنظر يوجبها ؛ لأنه محال غير جائز أن يغفر للذين يموتون وهم كفار ، لأن الله عز وجل قد أخبر أنه لا يغفر أن يشرك به لمن مات كافرا ، وهذا ما لا مدفع له ، ولا خلاف فيه بين أهل القبلة ، وفي هذا الأصل ما يدلك على أن قوله في هذا الحديث : ( لم يعمل حسنة قط )

أو ( لم يعمل خيرا قط لم يعذبه ) إلا ما عدا التوحيد من الحسنات والخير ، وهذا سائغ في لسان العرب جائز في لغتها ، أن يؤتى بلفظ الكل والمراد البعض ، والدليل على أن الرجل كان مؤمنا قوله حين قيل له : لم فعلت هذا ؟ فقال : من خشيتك يا رب )

والخشية لا تكون إلا لمؤمن مصدق ، بل ما تكاد تكون إلا لمؤمن عالم ، كما قال الله عز وجل: ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ) قالوا : كل من خاف الله فقد آمن به وعرفه ومستحيل أن يخافه من لا يؤمن به . وهذا واضح لمن فهم وألهم رشده .

ومثل هذا الحديث في المعنى ما حدثناه عبد الوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا أبو صالح حدثني الليث عن ابن العجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن رجلا لم يعمل خيرا قط وكان يداين الناس فيقول لرسوله : خذ ما يسر واترك ما عسر ، وتجاوز لعل الله يتجاوز عنا . فلما هلك قال الله : هل عملت خيرا قط ؟ قال لا ، إلا أنه كان لي غلام فكنت أداين الناس ، فإذا بعثته يتقاضى قلت له خذ ما يسر واترك ما عسر ، وتجاوز لعل الله يتجاوز عنا ، قال الله قد تجاوزت عنك )

قال أبو عمر:

فقول هذا الرجل الذي لم يعمل خيرا قط غير تجاوزه عن غرمائه ( لعل الله يتجاوز عنا ) : إيمان وإقرار بالرب ، ومجازاته ، وكذلك قول الآخر : ( خشيتك يا رب ) إيمان بالله واعتراف له بالربوبية والله أعلم " انتهى.

" التمهيد " (18/40-41)

ويقول الإمام ابن خزيمة رحمه الله – وقد أورد هذا الحديث تحت باب : " ذكر الدليل أن جميع الأخبار التي تقدم ذكري لها إلى هذا الموضع في شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في إخراج أهل التوحيد من النار إنما هي ألفاظ عامة مرادها خاص " :

" هذه اللفظة : ( لم يعملوا خيرا قط ) من الجنس الذي يقول العرب ، ينفي الاسم عن الشيء لنقصه عن الكمال والتمام ، فمعنى هذه اللفظة على هذا الأصل : لم يعملوا خيرا قط على التمام والكمال ، لا على ما أوجب عليه وأمر به ، وقد بينت هذا المعنى في مواضع من كتبي " انتهى.

" التوحيد " (2/732)

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-03-17, 15:38
اخوة الاسلام

السلام عليكم و رمة الله و بركاته

السؤال :

أجد تعارضا في أقوال العلماء بين أمرين في أنهم يذكرون أن فاعل الكبيرة تحت مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له وفي أنهم يذكرون أن من رجحت حسناته على سيئاته فهو من أهل الجنة فما حل هذا الإشكال . وهو كالتالي فاعل الكبيرة الواحدة إن رجحت حسناته على سيئاته هل نقول هو موعود بالجنة ولا يكون من أهل النار أم نقول هو تحت مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له .

الجواب :

الحمد لله

لا تعارض بين أقوال أهل العلم في هذه المسألة بحمد الله ، وبيان ذلك كالتالي :

أولا :

اتفق أهل السنة والجماعة على أن صاحب الكبيرة إن لقي الله تعالى تائبا منها توبة نصوحا لم يعذبه الله عليها ، ولم يؤاخذه بها ؛ لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، وقد قال الله تعالى :

( إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الفرقان / 70

ثانيا :

من لقي الله ولم يتب من كبيرته : فهو في مشيئة الله : إن شاء عذبه ، وإن شاء غفر له ، خلافا لمن أوجب نفوذ الوعيد في أهل الكبائر ، بل حكم بخلودهم في النار لأجل ذلك ، كالخوارج والمعتزلة . أو نفى أن يلحق الوعيد أحدا من أهل القبلة ، من غلاة المرجئة .

قال الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) النساء / 48

قال ابن جرير الطبري رحمه الله :

" وقد أبانت هذه الآية أنّ كل صاحب كبيرة ففي مشيئة الله ، إن شاء عفا عنه ، وإن شاء عاقبه عليه ، ما لم تكن كبيرته شركًا بالله " انتهى .

"تفسير الطبري" (8 / 450) .

*عبدالرحمن*
2018-03-17, 15:39
ثالثا :

من لقي الله تعالى من أهل التوحيد من أصحاب الذنوب ، من الكبائر وغيرها : فمن رجحت حسناته على سيئاته ، دخل الجنة ولم يعذب ، ومن رجحت سيئاته على حسناته دخل النار على قدر سيئاته ، ثم مآله إلى الجنة .

قال الله تعالى :

( فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ) الأعراف / 8 - 9

وقال سبحانه : ( فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ ) القارعة / 6 - 9

وقال شيخ الإسلام رحمه الله :

" وأما الصحابة وأهل السنة والجماعة فعلى أن أهل الكبائر يخرجون من النار ، ويشفع فيهم ، وأن الكبيرة الواحدة لا تحبط جميع الحسنات ؛ ولكن قد يحبط ما يقابلها عند أكثر أهل السنة ، ولا يحبط جميع الحسنات إلا الكفر ، كما لا يحبط جميع السيئات إلا التوبة ، فصاحب الكبيرة إذا أتى بحسنات يبتغي بها رضا الله أثابه الله على ذلك وإن كان مستحقا للعقوبة على كبيرته "

انتهى . "مجموع الفتاوى" (10/321-322) .

وقال ابن القيم رحمه الله :

" أقوام خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا فعملوا حسنات وكبائر ولقوا الله مصرين عليها غير تائبين ، منها لكن حسناتهم أغلب من سيئاتهم ، فإذا وزنت بها ورجحت كفة الحسنات فهؤلاء أيضا ناجون فائزون . قال تعالى : ( والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون )

قال حذيفة وعبد الله بن مسعود وغيرهما من الصحابة : " يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف : فمن رجحت حسناته على سيئاته بواحدة دخل الجنة ، ومن رجحت سيئاته على حسناته بواحدة دخل النار ، ومن استوت حسناته وسيئاته فهو من أهل الأعراف " .

وهذه الموازنة تكون بعد قصاص واستيفاء المظلومين حقوقهم من حسناته ، فإذا بقي شيء منها وزن هو وسيئاته " انتهى .

"طريق الهجرتين" (1 / 562) .

*عبدالرحمن*
2018-03-17, 15:39
رابعا :

لا يعني ذلك أن من رجحت سيئاته بواحدة دخل النار ؛ بل هو مستحق للعذاب بفعله ، ثم هو ـ مع ذلك ـ داخل في مشيئة الله تعالى ، كما هي قاعدة أهل السنة في أهل الكبائر ؛ إن شاء عفا عنه ، وإن شاء عذبه .

قال الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله :

" س : ما الجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : « فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه » [ متفق عليه ] ، وبين ما تقدم من أن من رجحت سيئاته بحسناته دخل النار ؟

جـ : لا منافاة بينهما ، فإن من يشأ الله أن يعفو عنه يحاسبه الحساب اليسير الذي فسره النبي صلى الله عليه وسلم بالعرض ، وقال في صفته : « يدنو أحدكم من ربه عز وجل حتى يضع عليه كنفه فيقول : عملت كذا وكذا ، فيقول : نعم ، ويقول : عملت كذا وكذا ، فيقول : نعم . فيقرره ثم يقول : إني سترت عليك في الدنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم » [ متفق عليه ] .

وأما الذين يدخلون النار بذنوبهم فهم ممن يناقش الحساب ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : « من نوقش الحساب عذب » [ متفق عليه ] " . انتهى .

"أعلام السنة المنشورة" (171) .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-17, 15:40
السؤال

قرأت هذا الكلام في أحد المواقع فهل هو صحيح ؟ معجزة من معجزات الله سبحانه ، تتجلى كل ليلة في مقبرة الشهداء بجانب جبل أحد في المدينة المنورة , هذه المعجزة - وكما يرويها لـ ( صحيفة طيبة ) - أحد الأشخاص الذين تابعوها عن كثب , تتمثل في ظهور نور ساطع يخرج من أحد القبور بمقبرة الشهداء , ويروي المصدر أنه يشاهد كل ليلة - وفي تمام الساعة الثانية بعد منتصف الليل - خروج هذا النور الغريب من أحد القبور في المقبرة , ويضيف أن هذا القبر الذي يتوهج نورا يعتقد أنه قبر الصحابي الجليل " حمزة بن عبد المطلب " رضي الله عنه .

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

أما الجانب الإخباري لهذا النور فلم نجد وبعد البحث الشديد لهذه القصة مصدرا معتبرا ، إلا ما نسب إلى صحيفة " طيبة " الإلكترونية ، والصحيفة لم تسند الخبر إلى ثقة كي يطمئن الناس إلى صحته ، وإنما نقلت الصورة التي يبدو فيها نور أخضر بارز من جهة أحد القبور ، ولا يخفى أن الصورة وحدها لا تكفي لإثبات الخبر ، لأن التصرف في الصور والإضافة والتعديل فيها من أسهل ما يمكن إجراؤه اليوم مع توفر برامج الرسم والتصوير الحديثة ، فلا ينبغي التسليم والتصديق بالصور الصادرة من جهات غير معتمدة .

والذي يغلب على الظن في شأن هذه القصة أنها لم تثبت ، وذلك لأنها لو كانت حقيقة واقعة لانتشر خبرها عبر الرواة الثقات ، وتناقلتها وسائل الإعلام المتثبتة ، ولعرف ذلك العلماء والصالحون ، ولما لم يكن شيء من ذلك فإن القلب لا يطمئن إلى التصديق بهذه القصة ، ولذلك أنكرها بعض أهل العلم المعاصرين ، كالشيخ عبد الرحيم السحيم ، والشيخ محمد العويد .

وقد كثر الآن بسبب تقدم وسائل الاتصال والإعلام وتنوعها انتشار الأخبار التي لا أصل لها ، ثم يتناقلها الناس فيما بينهم ويصدقون بما فيها ، والذي ينبغي في مثل هذه الأخبار هو التثبت منها ، وعدم نشرها حتى يتأكد الإنسان من صحتها ، لأن الله تعالى يقول : (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً) الإسراء/36 .

ويخطئ البعض حيث يتساهل في نقل هذه الأخبار وتصديقها .

قال ابن خلدون رحمه الله :

" وكثيرا ما وقع للمؤرخين والمفسرين وأئمة النقل من المغالط في الحكايات والوقائع لاعتمادهم فيها على مجرد النقل غثًّا أو سمينًا ، ولم يعرضوها على أصولها ، ولا قاسوها بأشباهها ، ولا سبروها بمعيار الحكمة والوقوف على طبائع الكائنات ، وتحكيم النظر والبصيرة في الأخبار ، فضلوا عن الحق ، وتاهوا في بيداء الوهم والغلط " انتهى باختصار .

" المقدمة " (ص/9-10) .

ثانياً :

يؤمن أهل السنة والجماعة بوقوع الكرامات للأولياء والصالحين وعباد الله المتقين ، وهي بعض أنواع من خوارق العادات ، يظهرها الله لبعض أوليائه إكراما لهم ، وإظهارا لفضلهم بين العباد ، كإكرام الله مريم أم عيسى عليه السلام بطعام الصيف في الشتاء وطعام الشتاء في الصيف ، وإكرام أهل الكهف بالنوم الطويل في كهفهم ، ونحو ذلك ، فليس من المحال شرعا أن يسطع نور من قبور بعض الصالحين كرامة لهم من الله ، ودلالة على صلاحهم وتقواهم ، وقد روى اللالكائي في " كرامات الأولياء " بعض حوادث الكرامات التي ظهرت في قبور بعض الصالحين، ولم يستنكرها العلماء ، ولا ردوها .

ولا شك أن شهداء أحد رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين هم من خيار أولياء الله المتقين ، وعلى رأسهم عم الرسول صلى الله عليه وسلم حمزة بين عبد المطلب : أسد الله ، وأسد رسوله ، رضي الله عنه ، فلا يبعد أن يظهر الله تعالى لهم بعض الكرامات ، كخروج النور من قبورهم ، أو قبور بعضهم .

غير أننا لا نثبت كرامة لأحد من الناس إلا إذا كانت ثابتة بالفعل .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-17, 15:43
السؤال :

بعض الناس يرون أن أعمال الجوارح شرط كمال للإيمان ، وليست من أركانه الأصلية ، أو بتعبير آخر : ليست شرطا في صحته ، وقد كثر اختلاف الناس حول هذه المسألة ؛ فنرجو تبيين مدى صحة هذا الكلام أثابكم الله، ونرجو تبيين منزلة عمل الجوارح من الإيمان ؟

الجواب :

الحمد لله

الذي دل عليه الكتاب والسنة وأجمع عليه السلف الصالح أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ، وأنه لا إيمان إلا بعمل ، كما أنه لا إيمان إلا بقول ، فلا يصح الإيمان إلا باجتماعهما ، وهذه مسألة معلومة عند أهل السنة ، وأما القول بأن العمل شرط كمال فهذا قد صرح به الأشاعرة ونحوهم ، ومعلوم أن مقالة الأشاعرة في الإيمان هي إحدى مقالات المرجئة .

قال الشافعي رحمه الله : " وكان الإجماع من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ومن أدركناهم يقولون: الإيمان قول وعمل ونية لا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالآخر " انتهى نقلا عن "شرح أصول اعتقاد أهل السنة لللالكائي" (5/956) ، مجموع الفتاوى (7/209).

وقال الآجري رحمه الله : " اعلموا رحمنا الله تعالى وإياكم: أن الذي عليه علماء المسلمين أن الإيمان واجب على جميع الخلق، وهو تصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح.

ثم اعلموا أنه لا تجزيء المعرفة بالقلب والتصديق إلا أن يكون معه الإيمان باللسان نطقا، ولا تجزيء معرفة بالقلب ونطق باللسان حتى يكون عمل بالجوارح، فإذا كملت فيه هذه الثلاث الخصال كان مؤمنا. دل على ذلك الكتاب والسنة وقول علماء المسلمين " انتهى م

ن "الشريعة" (2/611).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وهذه المسألة لها طرفان: أحدهما: في إثبات الكفر الظاهر.
والثاني: في إثبات الكفر الباطن.

فأما الطرف الثاني فهو مبني على مسألة كون الإيمان قولا وعملا كما تقدم ، ومن الممتنع أن يكون الرجل مؤمنا إيمانا ثابتا في قلبه بأن الله فرض عليه الصلاة والزكاة والصيام والحج ويعيش دهره لا يسجد لله سجدة ، ولا يصوم رمضان ، ولا يؤدي لله زكاة ، ولا يحج إلى بيته، فهذا ممتنع ، ولا يصدر هذا إلا مع نفاق في القلب وزندقة ، لا مع إيمان صحيح " انتهى

من "مجموع الفتاوى" (7/616).

وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : " لا خلاف بين الأمة أن التوحيد : لابد أن يكون بالقلب ، الذي هو العلم ؛ واللسان الذي هو القول ، والعمل الذي هو تنفيذ الأوامر والنواهي ، فإن أخل بشيء من هذا ، لم يكن الرجل مسلما.

فإن أقر بالتوحيد ، ولم يعمل به ، فهو كافر معاند ، كفرعون وإبليس. وإن عمل بالتوحيد ظاهراً ، وهو لا يعتقده باطناً ، فهو منافق خالصاً ، أشر من الكافر والله أعلم " انتهى

من "الدرر السنية في الأجوبة النجدية" (2/124).

وقال أيضا : " اعلم رحمك الله أن دين الله يكون على القلب بالاعتقاد وبالحب وبالبغض ، ويكون على اللسان بالنطق وترك النطق بالكفر ، ويكون على الجوارح بفعل أركان الإسلام ، وترك الأفعال التي تكفّر ، فإذا اختل و احدة من هذه الثلاث كفر وارتد " انتهى

من "الدرر السنية" (10/87).

وكلام أهل السنة في هذه المسألة مستفيض ، ومنه ما أفتت به اللجنة الدائمة في التحذير من بعض الكتب التي تبنت مقالة أن عمل الجوارح شرط كمال للإيمان ، وصرحت اللجنة أن هذا مذهب المرجئة .

وينظر : فتاوى اللجنة الدائمة (2/127 – 139) المجموعة الثانية .

فعمل الجوارح عند أهل السنة ركن وجزء من الإيمان ، لا يصح الإيمان بدونه ، وذهابه يعني ذهاب عمل القلب ؛ لما بينهما من التلازم ، ومن ظن أنه يقوم بالقلب إيمان صحيح ، دون ما يقتضيه من عمل الجوارح ، مع العلم به والقدرة على أدائه ، فقد تصور الأمر الممتنع ، ونفى التلازم بين الظاهر والباطن ، وقال بقول المرجئة المذموم .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-17, 15:45
السؤال :

قرأت العديد من الآيات في القرآن ، وفي الحديث ، أن الله رحيم لدرجة أن رحمته تشمل كل شيء ، ويحب أن يغفر لعباده في أي وقت ، إذا تابوا ، لكنَّ شيئاً جعلني أتساءل : ما دام أن الله رحيم : فلماذا لم يغفر خطأ الشيطان ، وقد كان من عباد الله ولم يرتكب الشرك ؟

وكما قال الله في القرآن : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ، فهذا يجعلني أخاف حيث إنه لم يغفر للشيطان بسبب خطئه الوحيد ، فكيف يمكن أن يغفر لنا أخطاءنا الكثيرة ؟

وكذلك أن كل واحد سيدخل الجنة ليس بعمله الصالح وإنما برحمة الله ، هذا يجعلني أبكي ، هل سيغفر الله لي ذنوبي ويريني رحمته ، ويسمح لي بدخول الجنة ، فإنه رحيم بعباده بحق . أرجو التوضيح ، وإزالة ش**** ، وأكون ممتناً لكم .

الجواب:

الحمد لله

أولاً:

هذا من أغرب الأسئلة التي وصلت لموقعنا ، ولعلَّ حداثة سنِّك – أخي السائل - هي السبب ، ونحن نشعر من رسالتك أن عندك خيراً عظيماً ، وقلباً رقيقاً ، وإحساساً مرهفاً ، ونشد على يديك لتبقى على هذا الخير ، والصدق ، والحرص على ما ينفعك .

والجواب على سؤالك وإشكالك سهل ويسير ، وهو أن إبليس لم يتب أصلاً ، ولم يستغفر ربَّه تعالى ، ولم يطلب منه الصفح والعفو ، فكيف سيغفر الله تعالى له وهو يصر على كبره ، وغروره ، ويعصي أمر ربه تعالى المباشر له ؟! .

وليس لك أن تقارن ذلك بمغفرة الله تعالى لآدم عليه السلام ؛ ذلك لأن آدم عليه السلام استغفر ربَّه من أكل الشجرة ، وندم على ما حصل منه من معصية ربه عز وجل ، قال تعالى : ( فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) البقرة/ 37 .

وقال تعالى – عن آدم وحواء - : ( قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) الأعراف/ 23 .

وقارن هذا بتكبر إبليس وغروره بعد الأمر المباشر من رب العالمين :

قال تعالى : ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) البقرة/ 34.

وانظر ماذا قال بعد علمه بسخط الله تعالى عليه لمخالفته أمره :

قال تعالى – عنه - : ( قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ) الحِجر/ 39 .

وقال تعالى : ( قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ . ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ) الأعراف/ 16 ، 17 .

فانظر لهذا العدو الخبيث كيف يصف ربه بأنه أغواه ، وأضلَّه ! – حاشا لله - ، وكيف أنه طلب طول العمر لا لكي يراجع نفسه ويتوب ، بل ليضل من يستطيع إضلاله من الناس ؛ لئلا يكونوا مهتدين .

قال الطبري – رحمه الله - :

وأما قوله : ( لأقعدن لهم صراطك المستقيم ) فإنه يقول : لأجلسنَّ لبني آدم ( صراطك المستقيم ) ، يعني : طريقك القويم ، وذلك دين الله الحق ، وهو الإسلام ، وشرائعه ، وإنما معنى الكلام : لأصدَّن بني آدم عن عبادتك ، وطاعتك ، ولأغوينهم كما أغويتني ، ولأضلنهم كما أضللتني .

" تفسير الطبري " ( 12 / 334 ) .

وبه يتبين لك أخي السائل :

1. أن آدم عليه السلام كانت معصيته بفعل المحظور ، وكانت معصية إبليس ترك المأمور ، وبينهما فرق شاسع ، من أوضحه :

2. أن سبب معصية آدم الشهوة ، وسبب معصية إبليس الكِبر والغرور ، وبينهما فرق عظيم ، وقد بان ذلك في نتائجهما :

3. فآدم عليه السلام تاب ، واعترف أنه ظلم نفسه ، وإبليس أبى ، واستكبر ، وتوعَّد الناس أن يُضلَّهم ، ويغويهم .

قال ابن القيم - رحمه الله - :

هذه مسألة عظيمة لها شأن ، وهي أن ترك الأوامر أعظم عند الله من ارتكاب المناهي ، وذلك من وجوه عديدة : ... ( وذكر ثلاثاً وعشرين وجهاً ) .

" الفوائد " ( ص 125 – 135 ) .

والله تعالى يقبل توبة التائب حتى لو كان أشرك معه سبحانه إلهاً آخر ، بل ويبدِّل سيئاته حسنات ، كما قال تعالى : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً . إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان/ 68 – 70 .

فلا تقلق أخي السائل ، فرحمة الله واسعة ، والله تعالى يتقبل توبة التائب ، ولو بلغت ذنوبه عنان السماء ، قال تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/ 53 .

ولو أن إبليس اعترف بذنبه ، وتاب لربه تعالى : فلن يجد باباً مغلقاً ، وهو أعلم بربه من غيره ، ولم يكن ثمة ما يدعوه للعناد إلا كبره ، وغروره ، ورضي أن يكون قائد أهل النار من أجل هذا .

*عبدالرحمن*
2018-03-17, 15:46
ثانياً:

أما دخول الجنة برحمة الله تعالى : فهو حق لا ريب فيه ، وإنما لا يدخل أحدٌ الجنة بعمله : لأنه ليس ثمة عمل يقوم به العبد – ولو عظُم – يبلغ أن يكون ثمناً لدخوله الجنة ، فسلعة الله غالية .

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : ( لَنْ يُنْجِيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ ) قَالَ رَجُلٌ : وَلاَ إِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : ( وَلاَ إِيَّايَ إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ ، وَلَكِنْ سَدِّدُوا ) .

رواه البخاري ( 6098 ) ومسلم ( 2816 ) .

لكنْ للعمل فائدتان مهمتان :

الأولى : أنه يحصِّل به الرحمة التي تكون سبباً لدخول الجنة .

والثانية : أن المنازل تتفاوت في الجنة بحسب الأعمال .

قال ابن بطال – رحمه الله - :

فإن قال قائل : فإن قوله صلى الله عليه وسلم : ( لن يدخل أحدكم عمله الجنة ) يعارض قوله تعالى : ( وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) الزخرف/ 72 ، قيل : ليس كما توهمتَ ، ومعنى الحديث غير معنى الآية ، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث أنه لا يستحق أحد دخول الجنة بعمله ، وإنما يدخلها العباد برحمة الله ، وأخبر الله تعالى في الآية أن الجنة تُنال المنازل فيها بالأعمال ، ومعلوم أن درجات العباد فيها متباينة على قدر تباين أعمالهم ، فمعنى الآية في ارتفاع الدرجات وانخفاضها والنعيم فيها ، ومعنى الحديث في الدخول في الجنة والخلود فيها ، فلا تعارض بين شيءٍ من ذلك .

" شرح صحيح البخاري " ( 10 / 180 ) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

وكذلك أمر الآخرة ، ليس بمجرد العمل ينال الإنسان السعادة ، بل هي سبب ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إنه لن يدخل أحدكم الجنة بعمله قالوا : ولا أنت يا رسول الله قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل ) ، وقد قال تعالى : ( ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون ) ، فهذه باء السبب ، أي : بسبب أعمالكم ، والذي نفاه النبي صلى الله عليه وسلم : باء المقابلة ، كما يقال : اشتريت هذا بهذا ، أي : ليس العمل عوضاً وثمناً كافياً في دخول الجنة ، بل لا بد من عفو الله ، وفضله ، ورحمته ، فبعفوه : يمحو السيئات ، وبرحمته : يأتي بالخيرات ، وبفضله : يضاعف البركات .

" مجموع الفتاوى " ( 8 / 70 ، 71 ) .

فلعلك علمتَ الآن أن هذا الحديث لا يدعو للقلق ، ولا لليأس ، بل هو يدفع نحو العمل ؛ لأنه بالعمل تحصِّل رحمة الله ، وبالعمل ترتفع درجاتك في الجنان .

والله أعلم

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-03-18, 15:44
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

السؤال :

سؤالي عن مرتكب الكبيرة ، عندنا أنَّ أمره إلى الله ، إن شاء عذبه ، وإن شاء غفر له ، ولكن حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( صنفان من أهل النار لم أرهما بعد ... - حتى ذكر - نساء كاسيات عاريات... لا يدخلن الجنة ، ولا يجدن ريحها ) فسَّرها الإمام النووي رحمه الله : أنهن : إما مستحلات للفعل ، فلايدخلن الجنة أبدا . أو لا يدخلن الجنة في البداية ، ثم يدخلنها بعد أن يعذبن ، وهذا يقتضي أنهن لا بد أن يعذبن وهن من مرتكبي الكبائر ، فهل يمكن ألا يعذبن ؟

الجواب :

الحمد لله

مرتكب الكبيرة في عقيدة المسلمين على خطر عظيم ، فقد تعرض لغضب الله وعقابه ، إلا أنَّ مشيئة الله هي الحاكمة ، فقد يغفر الله له ويتجاوز عنه ، وقد يعذبه بقدر ذنبه ، إلا من بلغت معصيته حد الكفر بالله تعالى ، فإنه يستوجب حينئذ العقوبة والخلود في النار .

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية – كما في "مجموع الفتاوى" (11/646) - :

" عن النساء اللاتي يتعمَّمن بالعمائم الكبار ، لا يرين الجنة ، ولا يشممن رائحتها ، وقد روي في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قال : لا إله إلا الله دخل الجنة ) ؟

فأجاب :

قد ثبت في صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( صنفان من أهل النار من أمتي لم أرهما بعد : نساء كاسيات عاريات ، مائلات مميلات ، على رءوسهن مثل أسنمة البخت ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، ورجال معهم سياط مثل أذناب البقر يضربون بها عباد الله )
ومن زعم أن هذا الحديث ليس بصحيح بما فيه من الوعيد الشديد فإنه جاهل ضال عن الشرع ، يستحق العقوبة التي تردعه وأمثاله من الجهال الذين يعترضون على الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

والأحاديث الصحيحة في " الوعيد " كثيرة :

مثل قوله : ( من قتل نفسا معاهدة بغير حقها لم يجد رائحة الجنة ، وريحها يوجد من مسيرة أربعين خريفا )

ومثل قوله الذي في الصحيح : ( لا يدخل الجنة مَن في قلبه ذرة من كبر ) .

ومثل قوله في الحديث الصحيح : ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم : شيخ زان ، وملك كذاب ، وفقير مختال )

وفي القرآن من آيات الوعيد ما شاء الله ، كقوله : ( ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين )

وهذا أمر متفق عليه بين المسلمين ، أن " الوعيد " في الكتاب والسنة لأهل الكبائر موجود ، ولكن الوعيد الموجود في الكتاب والسنة قد بين الله في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أنه لا يلحق التائب ، بقوله : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ) أي لمن تاب .

وقال في الآية الأخرى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )
فهذا في حق من لم يتب ، فالشرك لا يغفر ، وما دون الشرك إن شاء الله غفره ، وإن شاء عاقب عليه .

وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ما يصيب المؤمن من نصب ، ولا وصب ، ولا هم ، ولا غم ، ولا حزن ، ولا أذى ، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه )

ولهذا لما نزل قوله : ( من يعمل سوءا يجز به ) ، قال أبو بكر : يا رسول الله ؛ قد جاءت قاصمة الظهر وأينا لم يعمل سوءا ؟ فقال : يا أبا بكر ألست تنصب ؟ ألست تحزن ؟ ألست تصيبك اللأوى ؟ فذلك مما تجزون به .

*عبدالرحمن*
2018-03-18, 15:45
فالمصائب في الدنيا يكفر الله بها من خطايا المؤمن ما به يكفر وكذلك الحسنات التي يفعلها . قال الله تعالى : ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم :

( الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان ، كفارات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر ) فالله تعالى لا يظلم عبده شيئا كما قال : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )

فالوعيد ينتفي عنه : إما بتوبة ، وإما بحسنات يفعلها تكافئ سيئاته ، وإما بمصائب يكفر الله بها خطاياه ، وإما بغير ذلك " انتهى.

ولذلك يفسر العلماء كل آية أو حديث ظاهره خلود صاحب الكبيرة في النار بتفسيرات توافق نصوص الكتاب والسنة الأخرى .

يقول النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (17/191) :

" قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخلن الجنة ) : يتأول التأويلين السابقين فى نظائره :

أحدهما :

أنه محمول على من استحلت حراما من ذلك ، مع علمها بتحريمه ، فتكون كافرة مخلدة فى النار لا تدخل الجنة أبدا .

والثانى :

يحمل على أنها لا تدخلها أول الأمر مع الفائزين " انتهى.

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/27) :

" السؤال : هل يجوز أن نعتقد كفر النساء الكاسيات العاريات لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ) الحديث ؟

والجواب :

يكفر من اعتقد حل ذلك منهن بعد البيان والتعريف بالحكم ، ومن لم تستحل ذلك منهن ولكن خرجت كاسية عارية فهي غير كافرة ، لكنها مرتكبة لكبيرة من كبائر الذنوب ، ويجب الإقلاع عنها ، والتوبة منها إلى الله ، عسى أن يغفر الله لها ، فإن ماتت على ذلك غير تائبة فهي تحت مشيئة الله كسائر أهل المعاصي ؛ لقول الله عز وجل : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) " انتهى.

وجاء فيها أيضا (17/104) :

" من استحل منهن ذلك اللباس فهن كافرات مخلدات في النار إذا متن على ذلك ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، وإن لبسن ذلك اللباس مع اعتقادهن تحريمه فقد ارتكبن كبيرة من كبائر الذنوب ، لكن لا يخرجن بها من ملة الإسلام ، وهن تحت مشيئة الله : إن شاء الله غفر لهن ، وإن شاء عذبهن مما ارتكبن من السيئات ، فلا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها إلا بعد سابقة عذاب .

وهذا مذهب أهل السنة ، وفيه جمع بين نصوص الوعد والوعيد ، .

*عبدالرحمن*
2018-03-18, 15:45
ويقول الشيخ ابن باز – كما في "مجموع فتاوى" (6/356) - :

" أما قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ) فهذا وعيد شديد

ولا يلزم من ذلك كفرهن ولا خلودهن في النار كسائر المعاصي إذا متن على الإسلام ، بل هن وغيرهن من أهل المعاصي ، كلهم متوعدون بالنار على معاصيهم ، ولكنهم تحت مشيئة الله : إن شاء سبحانه عفا عنهم وغفر لهم ، وإن شاء عذبهم

كما قال عز وجل في سورة النساء في موضعين : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ )

من دخل النار من أهل المعاصي فإنه لا يخلد فيها خلود الكفار ، بل من يخلد منهم كالقاتل والزاني ، والقاتل نفسه لا يكون خلوده مثل خلود الكفار بل هو خلود له نهاية عند أهل السنة والجماعة ، خلافا للخوارج والمعتزلة ومن سار على نهجهم من أهل البدع

لأن الأحاديث الصحيحة قد تواترت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دالة على شفاعته صلى الله عليه وسلم في أهل المعاصي من أمته

وأن الله عز وجل يقبلها منه صلى الله عليه وسلم عدة مرات ، في كل مرة يحد له حدا فيخرجهم من النار ، وهكذا بقية الرسل والمؤمنون والملائكة والأفراط ، كلهم يشفعون بإذنه سبحانه ، ويشفعهم عز وجل فيمن يشاء من أهل التوحيد الذين دخلوا النار بمعاصيهم وهم مسلمون ، ويبقى في النار بقية من أهل المعاصي لا تشملهم شفاعة الشفعاء ، فيخرجهم الله سبحانه برحمته وإحسانه ، ولا يبقى في النار إلا الكفار فيخلدون فيها أبد الآباد

كما قال عز وجل في حق الكفرة : ( كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا )

وقال تعالى : ( فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا )

وقال سبحانه في الكفرة من عباد الأوثان : ( كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ )

وقال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ، ( يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ )

والآيات في هذا المعنى كثيرة ، نسأل الله العافية والسلامة من حالهم " انتهى.

فالحاصل أن المرأة المتبرجة مع تعرضها للعقاب الأليم عند الله عز وجل ، إلا أنها تحت مشيئة الله تعالى ، قد يغفر لها فلا يعذبها ، وقد يعذبها العذاب الشديد ، مع أنه لا بد أن يدخل النار من يدخلها من عصاة المؤمنين ، كما تواترت بذلك الأحاديث .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-18, 15:47
السؤال :

هل يقبل الله أعمال الزناة أم يجعلها هباءً منثورًا ، وهل الزنا يحبط العمل

هل للزاني المُصر على الزنا حسنات عند ربه ، أم أن حسناته لا ترفع حتى يتوب إلى الله ، هل يقبل الله صيام وزكاة وصلاة الزاني ، علما أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث : ( تفتح أبواب السماء نصف الليل ، فينادي منادٍ :

هل من داع فيستجاب له ، هل من سائل فيعطى

هل من مكروب فيفرج عنه ، فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله عز وجل له ، إلا زانية تسعى بفرجها أو عشَّارا ) وفي الحديث السابق ... فيجعلها الله هباء منثورا ... إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها ؟ أرجو منكم التوضيح ، وهل ما ذهبت إليه صحيح .

الجواب :

الحمد لله

من الثوابت التي يقررها القرآن الكريم ، ويتفق عليها أهل السنة ، أن المعاصي والكبائر لا تحبط حسنات المسلم جميعها ، وأنه ليس ثمة ما يحبط عمل المسلم بالكلية إلا الكفر والشرك .

دل عليه قوله تعالى : ( وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) البقرة/217 .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله – كما في "مجموع الفتاوى" (10/321-322) :

" وأما الصحابة وأهل السنة والجماعة فعلى أن أهل الكبائر يخرجون من النار ، ويشفع فيهم ، وأن الكبيرة الواحدة لا تحبط جميع الحسنات ؛ ولكن قد يحبط ما يقابلها عند أكثر أهل السنة ، ولا يحبط جميع الحسنات إلا الكفر ، كما لا يحبط جميع السيئات إلا التوبة ، فصاحب الكبيرة إذا أتى بحسنات يبتغي بها رضا الله أثابه الله على ذلك وإن كان مستحقا للعقوبة على كبيرته . وكتاب الله عز وجل يفرق بين حكم السارق والزاني وقتال المؤمنين بعضهم بعضا ، وبين حكم الكفار في " الأسماء والأحكام " ، والسنة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإجماع الصحابة يدل على ذلك ، وعند أهل السنة والجماعة يُتقبل العمل ممن اتقى الله فيه فعمله خالصا لله موافقا لأمر الله ، فمن اتقاه في عمل تقبله منه وإن كان عاصيا في غيره ، ومن لم يتقه فيه لم يتقبله منه وإن كان مطيعا في غيره " انتهى باختصار .

والحديث المذكور في السؤال ، وهو حديث ثَوْبَانَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا ، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا .

قَالَ ثَوْبَانُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! صِفْهُمْ لَنَا ، جَلِّهِمْ لَنَا ، أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ .

قَالَ : أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا ).

رواه ابن ماجه في سننه (رقم/4245) ، والروياني في "المسند" (1/425) ، والطبراني
في "الأوسط" (5/46) و"الصغير" (1/396) و"مسند الشاميين" (رقم/667) ، والديلمي في "مسند الفردوس" (7715) ، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (505) .

وهو من الأدلة على الأصل الذي ذكرناه ، من أن بعض السيئات قد تحبط قدرا من حسنات المرء ، وأجر علمه الصالح .

وأما الحديث الثاني الذي ذكرته ، فهو حديث عثمان بن أبي العاص الثقفي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( تُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ نِصْفَ اللَّيْلِ فَيُنَادِي مُنَادٍ : هَلْ مِنْ دَاعٍ فَيُسْتَجَابَ لَهُ ؟ هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَيُعْطَى ؟ هَلْ مِنْ مَكْرُوبٍ فَيُفَرَّجَ عَنْهُ ؟ فَلا يَبْقَى مُسْلِمٌ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ إِلا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ إِلا زَانِيَةٌ تَسْعَى بِفَرْجِهَا أَوْ عَشَّارٌ ).

رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (9/59) ، وفي "المعجم الأوسط" (3/154) وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/156) : رجاله رجال الصحيح . وقال الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1073) : إسناده صحيح .

على أن هذا ليس فيه حبوط عمله ، ولكن فيه : عدم قبول دعاء الزاني المصر على زناه ، وهذا معنى صحيح ، فإن الكبائر من موانع قبول الدعاء ، وكيف يستجيب الله عز وجل لمن هو باق على المعصية لا ينزع عنها ولا يتوب منها !

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-18, 15:48
السؤال :

انتشرت في الآونة الأخيرة عبر المواقع والمنتديات مواضيع تحتوي على صور وملفات صوت وفيديو تعبر عن معجزات .. كخروج نافورة من الرمال في الصحراء ، وظهور لفظ الجلالة على جلود الماعز .. وسحابة ترسم لفظ الجلالة

والفتاة التي تحولت إلى حيوان .. ومعظم هذه الأشياء تكون غير صحيحة وملفقة .. وهذه الأشياء منتشرة جدا . فما هو الحكم في مثل هذه الأشياء ؟

الجواب :

الحمد لله

آيات الله في هذا الكون كثيرة ، فكل ذرة فيه تشهد له سبحانه بالعظمة والجلال ، وتنطق له بالوحدانية .

قال الله عز وجل : (حم . تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ . إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ . وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ . وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ . تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ) الجاثية/1-6

وهكذا جاءت دعوة التأمل والتدبر في عشرات الآيات في القرآن الكريم ، تحث على النظر في آيات الكون الظاهرة للعيان ، لتتفكر فيها فترجع منها باليقين بالخالق ، وبالإيمان بوحدانيته سبحانه .

والسمة المشتركة بين هذه الآيات هي الظهور للعموم ، فالسماء والأرض والجبال والشمس والقمر والأنعام والمطر والنفس وغيرها ، كلها آيات يشترك في رؤيتِها ومعرفتِها جميعُ البشر ، ويتمكن كل إنسان من إدراك عظمتها ودلالتها على الرب الخلاَّق ، وإن كان فيها للعالِم مِن الأسرار التي يختص بها دون العامي ، ولكنها باديةٌ للجميع ، يستخرج منها كلٌّ بِحَسَبِهِ .

أما ما ينتشر اليوم من حديث عن " معجزات الطبيعة " ومنها الأمثلة التي ذكرها السائل ، فمن حيث قدرة الله تعالى ، فإن الله على كل شيء قدير ، كظهور لفظ الجلالة على جلود الماعز أو على بيضة ، أو مسخ بعض الناس .

بل نؤمن بأن المسخ سيقع ، كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم . فقد روى الترمذي (2212) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَتَى ذَاكَ ؟ قَالَ : إِذَا ظَهَرَتْ الْقَيْنَاتُ وَالْمَعَازِفُ وَشُرِبَتْ الْخُمُورُ ) صححه الألباني في صحيح الترمذي .

هذا بالنظر إلى قدرة الله تعالى ، وأما بالنظر إلى وقوع هذه " المعجزات " ! فإن أكثر ما ينتشر اليوم منها لا حظَّ له من التوثيق والتوكيد ، وأغلب ما يتناقله الناس منها إنما هي أحاديث مجالس ، وصور منتديات ، لا يُدرَى مصدرُها ولا منشؤُها .

أفبمثل هذه الحكايات يحتج المسلم على صحة دينه وعقيدته ؟!

وهل نقصت عنه أدلة الفطرة واليقين كي يلجأ إلى تلك الإشاعات ؟!

والموقف الصحيح من هذه الأخبار ، هو التوقف فيها ، فلا نصدقها ، لاحتمال أنها كذب ، ولا نكذبها ، لاحتمال أنها صدق ، ما لم يكن عندنا دليل واضح على صدقها أو كذبها فنجزم به حينئذٍ .

فينبغي على المسلم العاقل – الذي يعي ضوابط التلقي والاستدلال – التأني في الإيمان بها والتصديق لها ، فضلا عن نشرها ودعوة الناس إلى التسبيح بعجبها .

غير أن الذي وقع خلاف ذلك ، حيث انساق كثيرون وراء هذه " الحكايات " ، فراحوا ينشرونها ويتحدثون بها في المجالس ، ويتناقلونها في جوالاتهم ورسائلهم ، ثم يفاجؤون بعد أيام أنها كذب مصنوع مختلق ، نشره بعض المتحمِّسين للدين - جهلا وسذاجة - ، أو بعضُ الملحدين الحاقدين - استهزاءً وسخرية - ، مما كان السببَ في فتنة الكثيرين ، والله المستعان.

فالذي ننكره هو التسرع في إثباتها ، وإلباسها لَبوس الإعجاز والتحدي ، ودعوة الناس إليها ، واتخاذها شكل الظاهرة المتفشية التي لا حدود لها ، فكل يوم يحمل منها قصة جديدة وحكاية.

حتى وصل الحال إلى صور من السخافة التي يترفع عن تصديقها العقل السليم ، ترى ذلك في حكاية " صوت زئير الأسد " الذي يسمع فيه بعضهم - شططا وتكلفا - صوت لفظ الجلالة .

وأشنع من ذلك وأسوأ : ما بلغ في بعض البلاد من التبرك والتمسح والاستشفاء بشجرة ظهر على جذعها لفظ الجلالة ، ثم تبين بالبحث أنه منحوت بفعل فاعل يريد إضلال الناس .

فعلى المسلمين التوقف عن ترويج مثل هذه الشائعات ، التي قد تكون سبباً لإضلال الناس .

ونسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-18, 15:50
السؤال :

أخ اعتنق الإسلام بعد عامين تقريبا لكنه لم يذكر هل نطق الشهادتين وهو يصلي ويصوم ويجتهد في الدين قدر المستطاع .

الجواب :

الحمد لله

أولا :

نحمد الله تعالى أن هدى أخانا هذا إلى الإسلام، ونسأله سبحانه أن يثبته ويقوي إيمانه ويزيد في طاعاته .

ثانيا :

كون هذا الأخ يشك في نطقه بالشهادتين بعد سنتين من صلاته وصيامه واجتهاده في الدين قدر المستطاع ، لا شك أن هذا من وساوس الشيطان يريد بذلك أن يحزنه ويوقعه في الضيق والحرج ، فإن المقطوع به أن هذا الأخ قد كرر الشهادتين خلال هذه المدة الطويلة مرات ومرات ، ألم يردد الأذان خلف المؤذن طول هذه المدة ، أو لم يقل يوما ما : " لا إله إلا الله محمد رسول الله " ، أليس يصلي ؟ وهو يقول في تشهده في الصلاة : " أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله " .

ثم مجرد صلاته تعتبر دخولاً في الإسلام ، ولذلك قال العلماء عن الكافر : " إنه إن صلى فمسلم حكماً " ، أي يحكم له بالإسلام وإن لم يتلفظ بالشهادتين .

انظر : "الشرح الممتع" (2/12) ، و "الموسوعة الفقهية" (4/272) .

ويدل على ذلك ما روه البخاري (391) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ صَلَّى صَلاتَنَا ، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا ، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا ، فَذَلِكَ الْمُسْلِم ) .

وينبغي الحذر من الوسوسة، التي تصيب بعض الناس، فيبقى في حيرة من أمره، هل قال كذا أو لم يقل ؟ هل فعل أو لم يفعل ؟

لأن الوسوسة مرض ، وعلاجها بالذكر ، وعدم الالتفات إليها .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-18, 15:51
السؤال :

ما هي الأعمال السيئة التي يفعلها العبد فتحبط أعماله الصالحة وتردها ، وتُمحَى بسببها من صحيفة الأعمال ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

من الأصول المقررة عند أهل السنة والجماعة أن الأعمال لا تُقبل مع الكفر ، ولا يبطلها كلَّها غيرُ الكفر .

دل عليه قوله تعالى : ( قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ ، وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ ) التوبة/53-54

قال ابن تيمية رحمه الله :

" ولا يحبط الأعمال غير الكفر ؛ لأن من مات على الإيمان فإنه لا بد أن يدخل الجنة ، ويخرج من النار إن دخلها ، ولو حبط عمله كله لم يدخل الجنة قط ، ولأن الأعمال إنما يحبطها ما ينافيها ، ولا ينافي الأعمال مطلقًا إلا الكفر ، وهذا معروف من أصول السنة " انتهى .

"الصارم المسلول" (ص/55)

وقد خالف أهل البدعة من الخوارج والمعتزلة والمرجئة ، فغلا الخوارج والمعتزلة وقالوا : إن الكبائر تمحو وتبطل جميع الحسنات والطاعات ، وعاكستهم المرجئة فقالوا : إن حسنة الإيمان تمحو جميع السيئات .

*عبدالرحمن*
2018-03-18, 15:51
ثانيا :

لما تبين أنه لا يمكن أن يحبط الحسنات كلها إلا ما يناقض الإيمان مناقضة تامة وهو الكفر ، فهل يمكن أن يحبط شيء من المعاصي بعض الحسنات ويمحوها ؟

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى "مجموع الفتاوى" (10/638) :

" فإذا كانت السيئاتُ لا تحبط جميع الحسناتِ ، فهل تحبط بقدرها ، وهل يحبط بعض الحسنات بذنب دون الكفر ؟

فيه قولان للمنتسبين الى السنة ، منهم من ينكره ، ومنهم من يثبته " انتهى .

القول الأول :

أن السيئات لا تبطل الحسنات ، بل الحسنات هي التي تمحو السيئات ، وذلك بفضل الله سبحانه وكرمه وإحسانه .

يقول القرطبي رحمه الله تعالى "الجامع لأحكام القرآن" (3/295) :

" والعقيدة أن السيئاتِ لا تبطل الحسناتِ ولا تحبطها " انتهى .

القول الثاني :

أن المعاصي والبدع تحبط أجر ما يقابلها من الحسنات على سبيل الجزاء ، نسبه شيخ الإسلام ابن تيمية لأكثر أهل السنة .

انظر "مجموع الفتاوى" (10/322)

وهو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم ، وقال في مدارج السالكين (1/278) :

" وقد نص أحمد على هذا في رواية فقال : ينبغي للعبد أن يتزوج إذا خاف على نفسه ، فيستدين ويتزوج ؛ لا يقع في محظور فيحبط عمله " انتهى .

قال الإمام البخاري رحمه الله في كتاب الإيمان من صحيحه :

بَاب خَوْفِ الْمُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ ؛ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ : مَا عَرَضْتُ قَوْلِي عَلَى عَمَلِي إِلَّا خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مُكَذِّبًا ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ : أَدْرَكْتُ ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَقُولُ إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ ، وَيُذْكَرُ عَنْ الْحَسَنِ مَا خَافَهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا أَمِنَهُ إِلَّا مُنَافِقٌ ، وَمَا يُحْذَرُ مِنْ الْإِصْرَارِ عَلَى النِّفَاقِ وَالْعِصْيَانِ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : ( وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) .

وترجم الإمام مسلم ـ أيضا ـ بَاب مَخَافَةِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ .

قال الإمام ابن رجب رحمه الله :

وتبويب البخاري لهذا الباب يناسب أن يذكر فيه حبوط الأعمال الصالحة ببعض الذنوب ، كما قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ ) الحجرات2.

قال الإمام أحمد حدثنا الحسن بن موسى قال : ثنا حماد بن سلمة عن حبيب بن الشهيد ، عن الحسن قال : ما يرى هؤلاء أن أعمالا تحبط أعمالا ، والله عز وجل يقول { لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ } إلى قوله { أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ } .

ومما يدل على هذا - أيضا - قول الله عز وجل { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى } الآية [ البقرة : 264 ]، وقال { أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَاب } الآية [ البقرة : 266] .

وفي صحيح البخاري " أن عمر سأل الناس عنها فقالوا : الله أعلم فقال ابن عباس : ضربت مثلا لعمل ، قال عمر : لأي عمل ؟ قال ابن عباس : لعمل ، قال عمر : لرجل غني يعمل بطاعة الله ، ثم يبعث الله إليه الشيطان فيعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله .

وقال عطاء الخراساني : هو الرجل يختم له بشرك أو عمل كبيرة فيحبط عمله كله .

وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من ترك صلاة العصر حبط عمله " [ رواه البخاري (553)] .

وفي " الصحيح " - أيضا - أن رجلا قال : والله لا يغفر الله لفلان فقال الله : " من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان ، قد غفرت لفلان وأحبطت عملك " [ مسلم (2621)] .

وقالت عائشة رضي الله عنها : أبلغي زيدا أنه أحبط جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب . [ رواه الدارقطني (3/52) والبيهقي (5/330) ] .

وهذا يدل على أن بعض السيئات تحبط بعض الحسنات ، ثم تعود بالتوبة منها . وخرج ابن أبي حاتم في " تفسيره " من رواية أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون أنه لا يضر مع الإخلاص ذنب كما لا ينفع مع الشرك عمل صالح ، فأنزل الله عز وجل { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُم } [ محمد : 33 ] فخافوا الكبائر بعد أن تحبط الأعمال .

وبإسناده ، عن الحسن في قوله { وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُم } قال : بالمعاصي . وعن معمر ، عن الزهري في قوله تعالى { وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُم } قال الكبائر .

وبإسناده ، عن قتادة في هذه الآية قال : من استطاع منكم أن لا يبطل عملا صالحا بعمل سيء فليفعل ولا قوة إلا بالله ؛ فإن الخير ينسخ الشر ، وإن الشر ينسخ الخير ، وإن ملاك الأعمال: خواتيمها ...

قال ابن رجب رحمه الله : والآثار عن السلف في حبوط الأعمال بالكبيرة كثيرة جدا يطول استقصاؤها . حتى قال حذيفة قذف المحصنة يهدم عمل مائة سنة . ..

وعن عطاء قال : إن الرجل ليتكلم في غضبه بكلمة يهدم بها عمل ستين سنة أو سبعين سنة . وقال الإمام أحمد في رواية الفضل بن زياد ، عنه : ما يؤمن أحدكم أن ينظر النظرة فيحبط عمله .

وأما من زعم أن القول بإحباط الحسنات بالسيئات قول الخوارج والمعتزلة خاصة ، فقد أبطل فيما قال ولم يقف على أقوال السلف الصالح في ذلك . نعم المعتزلة والخوارج أبطلوا بالكبيرة الإيمان وخلدوا بها في النار . وهذا هو القول الباطل الذي تفردوا به في ذلك . [ شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري (206-210) باختصار ] .

قال ابن القيم رحمه الله :

" ومحبطات الأعمال ومفسداتها أكثر من أن تحصر وليس الشأن في العمل إنما الشأن في حفظ العمل مما يفسده ويحبطه "

[ الوابل الصيب (18) ] .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-18, 15:52
السؤال :

ما هي أسباب نقصان الإيمان ؟.

الجواب :

الحمد لله

أسباب نقصان الإيمان كالتالي :

السبب الأول :

الجهل بأسماء الله وصفاته يوجب نقص الإيمان لأن الإنسان إذا نقصت معرفته بأسماء الله وصفاته نقص إيمانه .

السبب الثاني :

الإعراض عن التفكير في آيات الله الكونية والشرعية , فإن هذا يسبب نقص الإيمان , أو على الأقل ركوده وعدم نموه.

السبب الثالث :

فعل المعصية فإن للمعصية آثاراً عظيمة على القلب وعلى الإيمان ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ) . الحديث.

السبب الرابع :

ترك الطاعة فإن ترك الطاعة سبب لنقص الإيمان , لكن إن كانت الطاعة واجبة وتركها بلا عذر فهو نقص يلام عليه ويعاقب , وإن كانت الطاعة غير واجبة , أو واجبة لكن تركها بعذر فإنه نقص لا يلام عليه , ولهذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم النساء ناقصات عقل ودين وعلل نقصان دينها بأنها إذا حاضت لم تصل ولم تصم , مع أنها لا تلام على ترك الصلاة والصيام في حال الحيض بل هي مأمورة بذلك لكن لما فاتها الفعل الذي يقوم به الرجل صارت ناقصة عنه من هذا الوجه .

مجموع فتاوى ورسائل

فضيلة الشيخ

محمد بن صالح العثيمين ج/1 ص 52.

*عبدالرحمن*
2018-03-18, 15:54
السؤال :

كيف نجمع بين أن الإيمان هو (الإيمان بالله وملائكته وكتبه واليوم الآخر, وبالقدر خيره وشره) وقول النبي صلى الله عليه وسلم : (الإيمان بضع وسبعون شعبة ...إلخ) ؟.

الجواب :

الحمد لله

الإيمان الذي هو العقيدة أصوله ستة وهي المذكورة في حديث جبريل - عليه الصلاة والسلام - حينما سأل النبي صلى الله عليه وسلم : ( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ) متفق عليه .

وأما الإيمان الذي يشمل الأعمال وأنواعها وأجناسها فهو بضع وسبعون شعبة , ولهذا سمى الله تعالى الصلاة إيماناً في قوله : ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ) البقرة/143.

قال المفسرون :

إيمانكم يعني صلاتكم إلى بيت المقدس ، لأن الصحابة كانوا قبل أن يؤمروا بالتوجه إلى الكعبة كانوا يصلون إلى المسجد الأقصى .

مجموع فتاوى ورسائل

فضيلة الشيخ

محمد بن صالح العثيمين ج/1 ص 54 .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-03-20, 15:49
اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

السؤال :

لقد قال لي شيخي مرةً أن معنى لا إله إلا الله هو، لا: (لا أحد قادر على)، إله: (تلبية الحاجات)، إلا الله: (غير الله). ولكن الكثيرين غيره يقولون بأن معناها الحقيقي هو: لا معبود بحق سوى الله. وأنا أثق جدا في تعليمه.

إنه يشرح قائلا: أولا، لدينا الحاجة إلى أن نكون أحياء. فإن لم تكن (ربما يقصد "الحاجة") لله، فمن ذا يستطيع تلبية هذه الحاجة غيره؟

وقد قال أيضا، بأنه إذا إستطاع الإنسان العيش بلا إله إلا الله، فإن هذا الإنسان يكون صوفيا. وأكثر الناس اليوم يعادون الصوفية. فما هو رأيكم ؟.

الجواب :

الحمد لله

أما بعد فقد قال تعالى : ( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ) .

ففي هذه الآية الكريمة دلالة على فقر العباد إلى ربهم في جميع أمورهم ، في وجودهم وبقائهم ، وفي منافعهم وسلامتهم من كل مكروه .

فالله هو الواهب لذلك كله ، قال تعالى : ( الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم ) وقال تعالى : ( وما بكم من نعمة فمن الله ) .

وهو سبحانه وتعالى غنيٌ عن عباده له الملك كله وله الحمد كله ، لا يبلغ العباد نفعه ولا ضره ، لو آمنوا كلهم ما زادوا في ملكه شيئا ، ولو كفروا كلهم ما نقصوا من ملكه شيئا . وهو رب العالمين ، رب الأولين والآخرين ، وهو الإله الحق الذي لا يستحق العبادة سواه ، كل معبود سواه باطل . فمعنى لا إله إلا الله أي لا معبود بحق إلا الله ، هذا هو الصواب في معناها وليس معناها لا خالق إلا الله ، أو لا قادر على قضاء الحوائج إلا الله ، بل هذا كله من معناها ، فالإله الحق هو الخالق لكل شيء والقادر على كل شيء .

فقول هذا الشيخ أن معنى لا إله إلا الله : (هو لا أحد يقدر على قضاء الحاجات إلا الله ) إن أراد أن هذا من معناها فهو صحيح ، وإن أراد أن هذا هو المقصود منها فباطل

فإنه لو كان المقصود منها ما قاله هذا الشيخ لما امتنع المشركون الأولون أن يقولوها حين قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ؟ لأنهم يقرّون أنه لا خالق إلا الله ، ولكنهم كانوا يفهمون المعنى المقصود منها وهو لا معبود بحق إلا الله .

فالله هو المعبود بحق وكل معبود سواه باطل وهذا يقتضي بطلان آلهة المشركين التي يعبدونها من دون الله ، قال تعالى : ( ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير ) .

فلما كان المشركون يعلمون معناها وأنها تقتضي بطلان معبوداتهم امتنعوا أن يقولوها وتواصوا بالصبر على آلهتهم كما قال تعالى : ( وقال الكافرون هذا ساحر كذاب أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عُجاب وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يُراد ) .

وبهذا تعلم أن قول الكثيرين المخالفين لشيخك في معنى لا إله إلا الله هو الصواب .

وقول شيخك ( أن لدينا الحاجة إلى الله ...... إلى قوله هذه الحاجة غيره ) معناه ان الله وحده هو الذي يَمدّنا بالحياة وهذا حق ، ولكن ليس هو معنى لا إله إلا الله ، بل معناها لا معبود بحق إلا الله كما تقدّم .

والإله الحق هو المستحق للعبادة وهو الذي يحيي ويميت ، وهو الله تعالى .

وقول شيخك ( إذا استطاع الإنسان ..........إلى قوله وأكثر الناس اليوم يعادون الصوفية ) إن أراد أنه يستغني عن الطعام والشراب دائما فهو قول باطل فإنه لا أحد من الناس يستغني دائما عن الطعام والشراب ولا الأنبياء فضلا عمّن سواهم ، وزعمه أن الصوفي يستطيع العيش بلا طعام أو شراب ، وأنّ ذكره لله يُغنيه عن ذلك دائما فهو باطل ومن ادعى ذلك منهم فهو كذاب ، فلا تغتر أيها السائل بهذا الشيخ ، فهو إما جاهل ضال وإما كذاب دجال ، فاحذر منه ومن أمثاله .

نسأل الله لك الهداية والتوفيق .

الشيخ عبد الرحمن البراك .

*عبدالرحمن*
2018-03-20, 15:51
السؤال :

ما هي الدنيا ؟.

الجواب :

الحمد لله

الدنيا دار العمل والآخرة دار الجزاء والجزاء سيكون بالجنة للمؤمنين والنار للكافرين .

ولما كانت الجنة طيبة . ولا يدخلهما إلا من كان طيباً والله طيب لا يقبل إلا طيباً لذا جرت سنة الله في عباده الابتلاء بالمصائب والفتن , ليعلم المؤمن من الكافر ويتميز الصادق من الكاذب كما قال سبحانه : ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) العنكبوت/2- 3 .

ولن يتم الفوز والنجاح إلا من بعد امتحان يعزل الطيب عن الخبيث ويكشف المؤمن من الكافر كما قال سبحانه ( ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ) آل عمران/197 .

ومن الابتلاء الذي يبتلي الله به عباده ليتميز به المؤمن من الكافر ما ذكره الله بقوله : ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين ، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ) البقرة/154-156 .

فالله يبتلي العباد ويحب الصابرين و يبشرهم بالجنة .

ويبتلى الله عباده بالجهاد كما قال سبحانه : ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ) آل عمران/142 .

والأموال والأولاد فتنة يبتلي الله بهما عباده ليعلم من يشكره عليها ومن ، يشتغل بها عنه ( واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم ) الأنفال/28 .

ويبتلي الله بالمصائب تارة وبالنعم تارة ليعلم من يشكر ومن يكفر ومن يطيع ومن يعصى ثم يجازيهم يوم القيامة ( ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون ) الأنبياء/35 .

والابتلاء يكون حسب الإيمان فأشد الناس بلاءً الأنبياء , ثم الأمثل فالأمثل قال عليه الصلاة والسلام ( إني أوعك كما يوعك رجلان منكم ) أخرجه البخاري/5648 .

والله سبحانه يبتلي عباده بأنواع من الابتلاء .

فتارة ً يبتليهم بالمصائب والفتن امتحاناً لهم ليعلم المؤمن الكافر والمطيع من العاصي والشاكر من الجاحد .

وتارة يبتلى الله عباده بالمصائب ، إذا عصوا ربهم فيؤدبهم بالمصائب لعلهم يرجعون كما قال سبحانه : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) الشورى/30 .

وقال سبحانه : ( ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون ) المؤمنون/76 .

والله رحيم بعباده يكرر الفتن على الأمة لعلها ترجع وتنيب إليه وتهجر ما حرم الله , ليغفر الله لها كما قال سبحانه : ( أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون ) التوبة/126 .

ومن رحمة الله , أن تكون العقوبة على المعاصي في الدنيا لعل النفوس تزكو وتعود إلى الله قبل الموت ( ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون ) السجدة/21 .

وتارة يبتلي الله عباده بالمصائب لرفع درجاتهم وتكفير سيئاتهم كما قال عليه الصلاة والسلام : ( ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب , ولا هم ولا حزن , ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه ) متفق عليه ، أخرجه البخاري/5641 .

من كتاب أصول الدين الإسلامي

للشيخ محمد بن ابراهيم التويجري .

*عبدالرحمن*
2018-03-20, 15:52
السؤال :

في صحيح البخاري ، حديث رقم 246 ذكر رسول الله بأن آدم خُلق وطوله 30 متراً ، أنا لا أستطيع أن أفهم هذا أو أتخيله ، فأرجو أن تشرح لي .

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

لفظ هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خلق الله آدم وطوله ستون ذراعا ، ثم قال : اذهب فسلم على أولئك من الملائكة فاستمع ما يحيونك ، فإنها تحيتك وتحية ذريتك . فقال السلام عليكم فقالوا : السلام عليكم ورحمة الله . فزادوه : ورحمة الله فكل من يدخل الجنة على صورة آدم ، فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن ) .

رواه البخاري ( 3336 ) ومسلم ( 7092 ) .

وفي لفظ مسلم : ( فكل من يدخل الجنة على صورة آدم وطوله ستون ذراعاً فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن ) .

وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن ) .

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ( 6/367 ) : ( أي أن كل قرن يكون نشأته في الطول أقصر من القرن الذي قبله ، فانتهى تناقص الطول إلى هذه الأمة واستقر الأمر على ذلك ) أ.هـ.

وعلى المسلم أن يؤمن بكل خبر جاء به الدليل من كتاب الله والسنة الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول الإمام الشافعي رحمه الله : ( آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله ، وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله )

انظر الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد ص ( 89 ) .

فالمؤمن يجب عليه أن يؤمن إيماناً جازماً بكل ما أخبر به الله جل جلاله ، وبكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم إذا ثبتت صحته إليه صلى الله عليه وسلم ، إيماناً جازماً لا يعتريه أدنى شك ويجب عليه أن يقبله جملة وتفصيلاً سواء فهمه أو لم يفهمه ، أو استغربه أم لم يستغربه ؛ لأن عدم استيعابه للأمر الصادق المجزوم بصحته وثبوته لا يعني عدم ثبوت هذا الأمر ، ولكن القضية أن عقله لم يستطع أن يستوعب ذلك الأمر ويفهمه ، والمولى سبحانه وتعالى أمرنا أن نؤمن بكل ما أخبر عنه سبحانه أو أخبر عنه نبيه صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى : ( إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون ) الحجرات / 15 .

ومن جملة الإيمان الإيمان بالغيب ، وهذا الحديث الذي بين أيدينا من هذا القبيل ، ولقد أثنى الله جل جلاله على الذين يؤمنون بالغيب فقال تعالى : ( آلم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ... ) البقرة / 1-3 .

واعلم أخي الكريم أن الله على كل شيء قدير فكما خلق الإنسان في صورته التي هو عليها الآن قادر على أن يخلقه في صورة أكبر من ذلك أو أصغر .

وإذا أشكل عليك هذا الأمر فاعتبر ذلك بهؤلاء الأقزام الذين نراهم وهم رجال في حجم الأطفال فإذا كان ذلك واقعاً فما الذي يمنع من العكس وهو أن يكون رجلاً وطوله ستون ذراعاً ، وقد وجد في التاريخ البشري عماليق كما يقول ذلك علماء الآثار والحفريات .

وأصل المسألة هو التسليم لكمال قدرة الله تعالى والتسليم لخبره وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم ، ونقول كما قال الراسخون في العلم : ( آمنا به كل من عند ربنا ) آل عمران / 7

نسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-20, 15:53
السؤال :

ما هو حال المؤمن الذي ارتكب الكثير من المعاصي في حياته ؟

هل يغفر الله له أم أنه يُعذب ؟

وما هو مقدار عذابه ؟.

الجواب :

الحمد لله

فالمؤمنون الذين يموتون على الإيمـان إذا كانوا قد ارتكبوا في حياتهم معصيةً دون الكفر والشرك المخرج من الملة ، لهم حالتان:

الأولى : أن يكونوا قد تابوا من المعصية في حياتهم ، فإن تابوا منها توبة نصوحاً قبلها الله منهم . فيعودون كمن لا ذنب له، ولا يعاقبون على معصيتهم في الآخرة ، بل ربما أكرمهم ربهم فبدل سيئاتهم حسنات .

الثانية : الذين يموتون و لم يتوبوا من المعاصي أو كانت توبتهم ناقصة لم تستوف الشروط، أو لم تقبل توبتهم فيها، فإن الذي أثبتته الآيات القرآنية والسنن النبوية واتفق عليه السلف الصالح أن هؤلاء ـ العصاة من أهل التوحيد ـ على ثلاثة أقسام :

القسم الأول : قوم تكون لهم حسنات كثيرة تزيد وترجح على هذه السيئات، فهؤلاء يتجاوز الله عنهم ، ويسامحهم في سيئاتهم ، ويدخلهم الجنة ، ولا تمسهم النار أبداً إحساناً من الله وفضلاً وإنعاماً. كما جـاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم

أنه قال :"إن الله سبحانه وتعالى يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره فيقول: أتعرف ذنب كذا، أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم، أي رب، حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه هلك قال: سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، فيُعطى كتاب حسناته، وأما الكفار والمنافقون فيقول الأشهاد: هؤلاء الذين كذبوا ربهم ألا لعنة الله على الظالمين"

رواه البخاري (2441) ومسلم (2768) .

وقال تعالى: { فمن ثقلت موازينه فأولئك المفلحون} الأعراف/8 .

وقال سبحانه : {فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية * وأما من خفت موازينه فأمه هاوية } القارعة/:6-7 .

*عبدالرحمن*
2018-03-20, 15:54
القسم الثاني :

قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم فقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة وتجاوزت بهم حسناتهم عن النار ، وهؤلاء هم أصحاب الأعراف الذين ذكر الله تعالى أنهم يوقفون بين الجنة والنار ما شاء الله أن يوقفوا ثم يؤذن لهم في دخول الجنة كما قال تعالى بعد أن أخبر بدخول أهل الجنةِ الجنةَ وأهل النارِ النارَ

فقال سبحانه : ( وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلّاً بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ . وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين َ) إلى قوله : ( أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) الأعراف/46-49

القسم الثالث :

قوم لقوا الله تعالى مصرين على الكبائر والإثم والفواحش فزادت سيئاتهم على حسناتهم فهؤلاء هم الذين يستحقون دخول النار بقدر ذنوبهم فمنهم من تأخذه إلى كعبيه ومنهم من تأخذه إلى أنصاف ساقيه ، ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه حتى أن منهم من لا يحرم على النار منه إلا أثر السجود ، وهؤلاء هم الذين يأذن الله في خروجهم من النار بالشفاعة فيشفع فيهم النبي صلى الله عليه وسلم ،و سائر الأنبياء ، والملائكة والمؤمنون ومن شاء الله أن يكرمه.

فمن كان من هؤلاء العصاة أعظم إيمانا و أخف ذنبا كان أخف عذاباَ وأقل مكثا فيها وأسرع خروجا منها ، وكل من كان أعظم ذنباً وأضعف إيماناً كان أعظم عذاباً و أكثر مكثاً نسأل الله السلامة والعافية من كل سوء .

فهذه حال عصاة المؤمنين في الآخرة .

وأما في الدنيا فهم ما داموا لم يرتكبوا عملاً يخرجهم من الملة فهم مؤمنون ناقصوا الإيمان كما أجمع على ذلك السلف الصالح مستدلين بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية ؛ فمن تلك الآيات :

قوله تعالى في آية القصاص :( فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف ) البقرة/178 فجعل الله القاتل أخاً لأولياء المقتول وهذه الأخوَّة هي أخوة الإيمان فدل ذلك على أن القاتل لم يكفر مع أن قتل المؤمن كبيرة من أكبر الكبائر .

وقوله جل شأنه : ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ . إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) الحجرات/9 :10

فسمى الله الطائفتين المقتتلتين مؤمنين مع أن الاقتتال من كبائر الذنوب ، بل وجعل المصلحين بينهم أخوة لهم ؛ فدل هذا على أن مرتكب المعصية والكبيرة التي لا تصل إلى حد الشرك والكفر ؛ يثبت له اسم الإيمان وأحكامه . لكنه يكون ناقص الإيمان . وبهذا تجتمع النصوص الشرعية وتأتلف .

والله أعلم .

يراجع ( أعلام السنة المنشورة 212 )

و ( شرح العقيدة الواسطية للشيخ ابن عثيمين 2 / 238 ).

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-03-20, 15:55
السؤال :

شخص يوسوس إليه الشيطان بهذا السؤال : (من خلق الله؟ ) فهل يؤثر ذلك عليه ؟.

الجواب :

الحمد لله

هذا الوسواس لا يؤثر عليه وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الشيطان يأتي إلى الإنسان فيقول من خلق كذا ؟! ومن خلق كذا !؟ إلى أن يقول من خلق الله؟

وأعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدواء الناجع وهو أن نستعيد بالله من الشيطان الرجيم وننتهي عن هذا .

فإن طرأ عليك هذا الشيء وخطر ببالك فقل : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وانته عنه وأعرض إعراضاً كلياً وسيزول بإذن الله .

مجموع فتاوى ورسائل

فضيلة الشيخ

محمد بن صالح العثيمين ج/1 ص 60.

*عبدالرحمن*
2018-03-20, 15:56
السؤال :

باعتبارنا مسلمين جدد ، فنحن نواجه صعوبات كثيرة وانتقادات شديدة من غير المسلمين ، بسبب المحيط حولنا ، هل يجب أن لا نكون منفتحين في الكلام عن مواطن ضعفنا ونحاول أن نناقش الموضوع من جهة غير دفاعية ونبدو وكأننا نعتذر أو نتستر على الأخطاء ؟

سبب هذا السؤال أننا إذا ظهرنا وكأننا ننكر ونموه عن نقطة ضعف ظاهرة فلن يجعلنا هذا نجتاز هذا الموقف ، ربما بعض المسلمين يظن بأننا لو حاولنا أن نحل مشاكلنا علناً فإن هذا سوف يساعد الكفار في هجومهم على الإسلام . أرجو النصيحة .

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

ليس في الإسلام – بحمد الله – نقاط ضعف يخشى منها المسلم ، فالإسلام هو دين الله تعالى المحكم ، وقد قال تعالى : { وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً } الأنعام / 115 ، قال بعض أهل العلم في معناها : أي : صدقٌ في الأخبار ، عدلٌ في الأحكام .

وقد امتن الله تعالى علينا بإكمال الدين وإتمام النعمة فقال : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } المائدة / 3 .

وكل ما يظهر للإنسان في نظره في أحكام الإسلام أنها نقاط ضعف فليعلم أن القصور ناتج من خلل المعيار الموجود عنده للقوة والضعف ، لأن بعض ما هو حكمة وعدل من أحكام الشريعة قد يظنها الإنسان بخلاف ذلك

بسبب كونها بعض هوى النفس أو مخالفته لما اعتاده الناس في حياتهم المخالفة للشرع ممن يظن أن قوامة الرجل على المرأة ضعف بسبب اعتيادهم على خلاف ذلك الذي هو مخالف للفطرة أيضاً .

*عبدالرحمن*
2018-03-20, 15:57
ثانياً :

والأمر المهم الذي ينبغي التنبيه عليه هنا : أنه لا يجوز لآحاد الناس الكلام في أحكام الإسلام أو في تفسير القرآن وشرح الحديث ، بل مرجع ذلك إلى أهل العلم الراسخين .

والذي يحدث هو عرض الشبهة على عامي من عوام المسلمين فيحتار في الجواب عنها أو يجيب عليها خطئاً ، أو تبقى في قلبه شبهةً يصعب عليه ردها ، { ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا } النساء / 83 .

لذا فإننا نقول : إن الله تعالى حفظ لنا الدين بحفظ العلماء وتوفيقهم للفهم الصحيح للذب عن دينه وتبيين حكمه عز وجل للناس ، وليس ذلك لعامة الناس بل هو لخاصتهم وهم العلماء .

وقد كان بعض أهل العلم يتحدى أن يأتيه واحد من الناس بآية تخالف آية أو تخالف حديثاً ، أو يأتي بحديث يخالف آية أو حديثاً إلا ويبين لهم ما أشكل عليهم ، وقد كانوا يعلنون ذلك ويتحدون به العالمين .

وقد وقف الدارقطني رحمه الله – وهو من أئمة الحديث – وقف ببغداد خطيباً فقال : يا أهل بغداد لا يستطيع أحدٌ أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حي ، وهذا الكلام منه يدل على قوة علمهم وفهمهم للدين بما يعجز معه أهل الباطل أن يطعنوا في الدين أو يدسوا فيه ما ليس منه .

ولذلك .. فالنصيحة للسائل وغيره من المسلمين لاسيما الذين يخالطون الكفار بسبب العمل أو الإقامة في بلادهم أن يجتهدوا في طلب العلم والتعرف على الأحكام الشرعية الصحيحة المستنبطة من الكتاب والسنة مع الاهتمام بمعرفة علل هذه الأحكام وحَكَمِها حتى يكون عندهم من العلم ما يرد به شبهات المبطلين ، ويمكنهم ذلك من الدعوة إلى الله على بصيرة .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-20, 15:58
السؤال :

ما هو تعريف الإيمان عند أهل السنة والجماعة وهل يزيد وينقص؟.

الجواب :

الحمد لله

الإيمان عند أهل السنة والجماعة هو ( الإقرار بالقلب , والنطق باللسان , والعمل بالجوارح).

فهو يتضمن الأمور الثلاثة :

1. إقرار بالقلب

2. نطق باللسان

3. عمل بالجوارح

وإذا كان كذلك فإنه سوف يزيد وينقص , وذلك لأن الإقرار بالقلب يتفاضل فليس الإقرار بالخبر كالإقرار بالمعانية , وليس الإقرار بخبر الرجل كالإقرار بخبر الرجلين وهكذا , ولهذا قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام : ( رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ) البقرة/260.

فالإيمان يزيد من حيث إقرار القلب وطمأنينته وسكونه, والإنسان يجد ذلك من نفسه فعندما يحضر مجلس ذكر فيه موعظة, وذكر للجنة والنار يزداد الإيمان حتى كأنه يشاهد ذلك رأي العين , وعندما توجد الغفلة ويقوم من هذا المجلس يخف هذا اليقين في قلبه.

كذلك يزداد الإيمان من حيث القول فإن من ذكر الله مرات ليس كمن ذكر الله مئة مرة , فالثاني أزيد بكثير .

وكذلك أيضاً من أتى بالعبادة على وجه كامل يكون إيمانه أزيد ممن أتى بها على وجه ناقص .

وكذلك العمل فإن الإنسان إذا عمل عملاً بجوارحه أكثر من الآخر صار الأكثر أزيد إيماناً من الناقص , وقد جاء ذلك في القرآن والسنة - أعني إثبات الزيادة والنقصان - قال تعالى : ( وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا) المدثر/31.

وقال تعالى : ( وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ) التوبة/124 - 125.

وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الرجل الحازم من إحداكن). فالإيمان إذن يزيد وينقص .

مجموع فتاوى ورسائل

فضيلة الشيخ

محمد بن صالح العثيمين ج/1 ص 49.

*عبدالرحمن*
2018-03-20, 15:59
السؤال :

هل يستطيع المسلم قول : أنا مؤمن إن شاء الله ؟

الجواب:

الحمد لله

مسألة الاستثناء في الإيمان من المسائل التي وقع فيها لأهل العلم مناقشات مطولة ومستفيضة والموقف الصحيح حيال هذه العبارة أن يُستفصل عن معنى قوله : ( مؤمن )

فإن أراد أصل الإيمان الذي هو بمعنى الإسلام والذي يكون بدونه كافرا فلا يصح الاستثناء

والحالة هذه لأنه يكون حينئذ متضمنا لمعنى الشك في أصل الدين وهو محرم بل يجب على المسلم أن يجزم بإيمانه بهذا الاعتبار

ويقول : أنا مؤمن دون استثناء

وأما إن أراد كمال الإيمان والمرتبة العالية التي هي فوق مرتبة الإسلام فعليه أن يستثني ويقول إن شاء الله لأن في عدم الإستثناء تزكية منعت الشريعة منها كما في قوله تعالى : ( فلا تزكوا أنفسكم ) .

وإذا أراد الإنسان لفظة لا إشكال فيه ليعبّر بها عن دينه الذي يعتقده فليقل : أنا مسلم ولا يحتاج إلى استثناء في هذه الحالة

والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-03-20, 16:00
السؤال :

ما حكم هذا التقسيم للإيمان هل هو صحيح أو لا ؟ الإيمان خمسة : إيمان مطبوع وهو إيمان الملائكة , وإيمان معصوم وهو إيمان الأنبياء, وإيمان مقبول وهو إيمان المؤمنين, وإيمان مردود وهو إيمان المنافقين, وإيمان موقوف وهو إيمان المبتدعة.

الجواب :

الحمد لله

أقول في هذا التقسيم إنه ليس بصحيح , لا من أجل التقسيم لأن التقسيم قد يكون صحيحاً في أصله ولا مشاحة في الاصطلاح والتقسيم , لكنه ليس بصحيح في حد ذاته فإن المنافقين قد نفي الله الإيمان عنهم في القرآن فقال - تعالى : ( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ) البقرة/8 .

وإيمان البشر مطبوعون عليه لولا وجود المانع المقاوم.

قال النبي صلى الله عليه وسلم : (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو ينصرانه أو يمجسانه) .

صحيح أن الملائكة لا يعصون الله ما أمرهم , وصحيح أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يمكن أن يرتدوا بعد إيمانهم, ولكن التقسيم الثاني غير صحيح وهو أنه جعل الملائكة مطبوعين على الإيمان دون البشر, البشر كما تقدم قد طبعوا على الإيمان بالله وتوحيده

وخير من ذلك أن نرجع إلى تقسيم السلف الصالح لأنه هو التقسيم الذي يكون مطابقاً للكتاب والسنة للإجماع عليه.

وهو أن الإيمان قول باللسان , وعمل بالأركان , واعتقاد بالجنان .

مجموع فتاوى ورسائل

فضيلة الشيخ

محمد بن صالح العثيمين ج/1 ص 56 - 57.

*عبدالرحمن*
2018-03-20, 16:02
السؤال :

هل يوجد في الإسلام تفسير لعلاقة الروح بالبدن ؟

الجواب :

الحمد لله

قال ابن القيم رحمه الله :

الروح لها بالبدن خمسة أنواع من التعلق متغايرة الأحكام :

أحدها تعلقها به في بطن الأم جنينا .

الثاني تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض .

الثالث تعلقها به في حال النوم فلها به تعلق من وجه ومفارقة من وجه .

الرابع تعلقها به في البرزخ فإنها وإن فارقته وتجردت عنه فإنها لم تفارقه فراقا كليا بحيث لا يبقى لها التفات إليه البتة وقد ذكرنا في أول الجواب من الأحاديث والآثار ما يدل على ردّها إليه وقت سلام المسلِّم وهذا الرد إعادة خاصة لا يوجب حياة البدن قبل يوم القيامة .

الخامس تعلقها به يوم بعث الأجساد وهو أكمل أنواع تعلقها بالبدن ولا نسبة لما قبله من أنواع التعلق إليه إذ ( هو ) تعلق لا يقبل البدن معه موتا ولا نوما ولا فسادا .

… وإذا كان النائم روحه في جسده وهو حي وحياته غير حياة المستيقظ فإن النوم شقيق الموت فهكذا الميت إذا أعيدت روحه إلى جسده كانت له حال متوسطة بين الحي وبين الميت الذي لم ترد روحه إلى بدنه كحال النائم المتوسطة بين الحي والميت فتأمل هذا يزيح عنك إشكالات كثيرة .

كتاب الروح 44
لابن القيم

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

مع جزء اخر من اركان الايمان

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

messi20122013
2018-04-11, 09:26
بارك الله فيك

*عبدالرحمن*
2019-10-03, 19:17
بارك الله فيك

الحمد لله الذي بقدرته تتم الصالحات

اسعدني حضورك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير

djamel telecom
2019-10-10, 08:48
بارك الله فيك