مشاهدة النسخة كاملة : فضائل القرآن
*عبدالرحمن*
2018-03-12, 03:37
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونثني عليه الخير كله خلقنا من العدم وأسبغ علينا النعم أحمده سبحانه وقد تفضل وتكرم وأشكره وقد أجزل وأنعم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلهُ الخلق ورب الأمم وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبيُ الأكرم صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله وأصحابه خيرُ القرون والأمم وعلى التابعين أهل المكارم والقيم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد ..
فضائل بعض سور وآيات القرآن الكريم :
سورة الفاتحة :
روى القرطبي في تفسيره قال : عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
[ ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل مثل أم القرآن وهي السبع المثاني وهي مقسومة بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل ] ( حسن ) .
عن أبي سعيد بن المعلى قال : [ كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه ، فقلت : يا رسول الله إني كنت أصلي ، فقال : (( ألم يقل الله { استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم } ( الأنفال24 ) ، ثم قال : إني لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد )) ثم أخذ بيدي ، فلما أراد أن يخرج قلت له : ألم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن ؟ قال : "الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته ] ( البخاري ) .
وروى بن كثير في تفسيره قال : عن بن عباس قال : [ بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده جبريل إذ سمع نقيضاً فوقه فرفع جبريل بصره إلى السماء فقال : هذا باب قد فتح من السماء ما فتح قط ، قال : فنزل منه ملك فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أبشر بنورين قد أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك ، فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة لم تقرأ حرفاً منه إلا أوتيته ] ( مسلم والنسائي ) .
سورة الكهف :
عن أبي الدرداء رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عُصم من الدجال ] وفي رواية : [ من أخر الكهف ] ( مسلم ) .
سورة تبارك :
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ من القرآن سورة ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له ، وهي : { تـبـارك الـذي بـيـده الـمـلـك } ]
( أبو داود والترمذي وقال حديث حسن ) .
سورتا الزلزلة و الكافرون :
عن بن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ { إذا زلزلت } تعدل نصف القرآن ، و { قل هو الله أحد } تعدل ثلث القرآن ، و { قل يا أيها الكافرون } تعدل ربع القرآن ] ( رواه الترمذي وقال الألباني صحيح دون فضل ( زلزلت ) ) .
سورة تبارك :
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ من القرآن سورة ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له ، وهي : { تـبـارك الـذي بـيـده الـمـلـك } ]
( أبو داود والترمذي وقال حديث حسن ) .
.و من المواضيع السابقه
....
خيركم من تعلم القرآن وعلمه
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2133075
تفسير القرآن
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2133238
أحكام المصاحف ..
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2133487
واخيرا
أسألكم الدعاء بظهر الغيب
*عبدالرحمن*
2018-03-12, 03:42
ذِكْرُ ما ثبت في السنة من قراءة آيات
القرآن وسوره في الصباح والمساء والليل
السؤال:
هل صحيح أنه ورد قراءة سور يس ، والرحمن ، والمعارج ، صباحا ، وسور الصافات ، و الجن ، والدخان ، ليلا ؟
الجواب:
الحمد لله
لا نعلم فيما ذكر السائل حديثا صحيحا عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ونذكر فيما يلي جملة مما ثبت في السنة ، في قراءة القرآن صباحا ومساءً وليلا:
1- قراءة الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة كل ليلة :
لما روى البخاري (4008) ، ومسلم (807) عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الآيتان من آخر سورة البقرة ، من قرأهما في ليلة كفتاه )
2- قراءة آية الكرسي قبل النوم :
لما روى البخاري تعليقا (2311) من حديث أبي هريرة ، وفيه قول الشيطان له : " إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ ، وَلاَ يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِح" فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ).
3- قراءة المعوذات عند النوم :
لما روى البخاري (5017) عَنْ عَائِشَةَ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ " .
وقد ورد أيضا قراءة السورتين ، صباحا ومساء ، لما روى أبو داود (5082) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ، أَنَّهُ قَالَ: " خَرَجْنَا فِي لَيْلَةِ مَطَرٍ، وَظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ، نَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِّيَ لَنَا، فَأَدْرَكْنَاهُ، فَقَالَ: ( أَصَلَّيْتُمْ ؟ ) فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، فَقَالَ: ( قُلْ )، فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: ( قُلْ)، فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: ( قُلْ)، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَقُولُ؟ قَالَ: (قُلْ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي، وَحِينَ تُصْبِحُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود".
4- قراءة سورة (الكافرون) عند النوم:
لما روى أبو داود (5055) عَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِنَوْفَلٍ: ( اقْرَأْ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ثُمَّ نَمْ، عَلَى خَاتِمَتِهَا، فَإِنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ)
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
5- قراءة سور الإسراء والزمر كل ليلة :
لما روى الترمذي (2920) عن عَائِشَةُ قالت : "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالزُّمَرَ" وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (4874) .
6- قراءة سورة "تبارك" – الملك – كل ليلة .
لما روى الترمذي (3404) عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ بِتَنْزِيلُ السَّجْدَةِ، وَبِتَبَارَكَ " وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
وأما ما ذكره السائل فلا يثبت منه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلم .
وقد ورد في استحباب قراءة سورة الدخان كل ليلة حديث رواه الترمذي (2888) ، ولكن قال عنه الألباني : موضوع .
"الترغيب والترهيب" (448) .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-03-12, 03:52
سور القرآن وآياته التي كان الرسول
صلى الله عليه وسلم يقرؤها كل يوم
السؤال
سؤالي عن السور والآيات التي كان يقرؤها النبي صلى الله عليه وسلم كل يوم هل صحيح أنها : الإسراء ، السجدة ، الملك ، الزمر ، المسبحات ، الإخلاص المعوذتين ، الكافرون ، ومن الآيات : آية الكرسي ، وآخر آيتين من سورة البقرة ، وأواخر سورة آل عمران عند الاستيقاظ من النوم ، هل ما ذكرته صحيح ثابت ؟
وإن كان صحيحاً فأرجو أن تزودوني بالأدلة لننشرها بين المسلمين ونحيي سنته صلى الله عليه وسلم - بإذن الله - وإن كان هناك غيرها فأرجو ذكرها مع الدليل .
الجواب
الحمد لله
أولا :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من تلاوة القرآن بالليل والنهار ، ويطيل الصلاة بالليل ، حتى ربما قرأ في الركعة الواحدة البقرة وآل عمران والنساء ، كما رواه مسلم (722) .
ويحض أمته على تلاوة القرآن وتعلمه وتعليمه ، كما روى البخاري (4937) ، ومسلم (798) - واللفظ له - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ ) .
وروى البخاري (5027) عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ) .
ثانيا :
- كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ كل ليلة قبل أن ينام : سورتي السجدة والملك :
فروى الترمذي (2892) عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لا يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ الم تَنْزِيلُ ، وَتَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ " ، وصححه الألباني في " صحيح سنن الترمذي " .
قال في " تحفة الأحوذي " (8/191) : " أَيْ : لَمْ يَكُنْ عَادَتُهُ النَّوْمَ قَبْلَ قِرَاءَتِهِمَا " انتهى .
- وكذا كان لا ينام حتى يقرأ سورة الإسراء وسورة الزمر :
فروى الترمذي (3405) عن عَائِشَة رضي الله عنها قالت : " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ الزُّمَرَ ، وَبَنِي إِسْرَائِيلَ " ، وصححه الألباني في " صحيح سنن الترمذي " .
- وأما المعوذات :
فروى البخاري (5017) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ ، يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ " .
- وأما سورة الكافرون :
فروى أبو داود (5055) عن فروة بن نوفل عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لنوفل : ( اقرأ " قل يا أيها الكافرون " ثم نم على خاتمتها ، فإنها براءة من الشرك ) ، وصححه الألباني في " صحيح سنن أبي داود "
.
- وأما المسبحات :
فروى الترمذي (5057) عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رضي الله عنه : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ الْمُسَبِّحَاتِ قَبْلَ أَنْ يَرْقُدَ ، وَقَالَ : ( إِنَّ فِيهِنَّ آيَةً أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ آيَةٍ ) ، وهذا حديث ضعيف ، ضعفه الألباني في " ضعيف الترمذي " .
ويَعْنِي بِالْمُسَبِّحَاتِ : (الْحَدِيدَ) وَ (الْحَشْرَ) وَ (الصَّفَّ) وَ (الْجُمُعَةَ) وَ (التغابن) .
" تفسير القرطبي " (17/235) .
- وأما آية الكرسي :
فروى البخاري (3275) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : " وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ ، فَقُلْتُ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ الحَدِيثَ - ، فَقَالَ : إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ ، لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ ، وَلاَ يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ ذَاكَ شَيْطَانٌ ) .
- وأما الآيتان من آخر سورة البقرة :
فروى البخاري (4008) ، ومسلم (807) عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ البَدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ ، مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ ) .
قال النووي رحمه الله :
" قِيلَ : مَعْنَاهُ كَفَتَاهُ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ ، وَقِيلَ : مِنَ الشَّيْطَانِ ، وَقِيلَ : مِنَ الْآفَاتِ ، وَيَحْتَمِلُ مِنَ الجميع " انتهى من " شرح مسلم " للنووي (6/ 92) .
- وأما أواخر آل عمران عند الاستيقاظ :
فروى البخاري (992) ، ومسلم (763) عَنْ كُرَيْبٍ ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ : ( أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ وَهِيَ خَالَتُهُ : فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ وِسَادَةٍ ، وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلُهُ فِي طُولِهَا، فَنَامَ حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ - أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ - فَاسْتَيْقَظَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ ، ثُمَّ قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ آلِ عِمْرَانَ ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ، فَتَوَضَّأَ، فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي ) .
- وكان صلى الله عليه وسلم يحث على قراءة آية الكرسي دبر كل صلاة :
فروى النسائي في " السنن الكبرى " (9848) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ ) .
قال ابن القيم رحمه الله :
" وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ حَدِيثِ أبي أمامة ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، وَفِيهَا كُلِّهَا ضَعْفٌ ، وَلَكِنْ إِذَا انْضَمَّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ ، مَعَ تَبَايُنِ طُرُقِهَا وَاخْتِلَافِ مَخَارِجِهَا ، دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ لَهُ أَصْلٌ وَلَيْسَ بِمَوْضُوعٍ .
وَبَلَغَنِي عَنْ شَيْخِنَا أبي العباس ابن تيمية قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ أَنَّهُ قَالَ : مَا تَرَكْتُهَا عَقِيبَ كُلِّ صَلَاةٍ "
انتهى من " زاد المعاد " (1/294) .
- كما كان صلى الله عليه وسلم يحث على قراءة المعوذات دبر كل صلاة :
فروى أبو داود (1523) عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه ، قَالَ : " أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ " ، وصححه الألباني في " صحيح سنن أبي داود " .
- وكذا حث على قراءتها في الصباح والمساء :
فعن عبد الله بن خبيب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ( قُلْ : " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " ، وَالمُعَوِّذَتَيْنِ ، حِينَ تُمْسِي وَتُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ) رواه الترمذي (3575) وصححه ، وأبو داود (5082) . وصححه النووي في " الأذكار " (ص107) ، وحسنه ابن حجر في " نتائج الأفكار " (2/345) ، والألباني في " صحيح سنن الترمذي " .
فهذا ما تيسر جمعه مما ورد في السنة القولية أو الفعلية مما ثبتت تلاوته بالليل والنهار من سور وآي القرآن الكريم .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-03-12, 03:56
هل صح قراءة سورتي السجدة والملك بين
المغرب والعشاء وفضل أيات من سورة الأنعام ؟
السؤال
هل ورد شيء بخصوص قراءة سورة السجدة والملك بين المغرب والعشاء ؟
وكذلك قراءة ثلاث آيات من سورة الأنعام بعد صلاة الفجر مباشرة ؟.
الجواب
الحمد لله
أولاً :
قَبْلَ الإِجَابَةِ عَلَى هذا السُّؤَالِ لاَ بُدَّ مِن تَقرِيْرِ مَسْأَلَةٍ مُهِمَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِفَضَائِلِ السُّوَرِ .
لَقَدْ وُضِعَتْ فِي فَضَائِلِ السُّوَرِ أَحَادِيْثُ مَكْذُوْبَةٌ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمِن أَشْهَرِ مَنْ عُرِفَ بِذَلِكَ :
1- نُوْحُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ الجَامِعُ ، وَالَّذِي قِيْلَ فِيْهِ : " جَمَعَ كُلَّ شَيْء إِلاَّ الصِّدْق " ، فَقَدْ أَبَاحَ – بِزَعمِهِ – الكَذِبَ فِي الحَدِيْثِ لِمَصْلَحَةِ الدِّيْنِ ، فاختلق أحاديث من عنده ونسبها إلى الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في فضائل سور القرآن الكريم سورةً سورةً .
قَالَ أَبُو عَمَّارٍ الحُسَيْنُ بنُ حُرَيْثٍ المَرْوَزِيُّ : قِيْل لأَبِي عِصْمَةَ –وهو نوح بن أبي مريم - : " مِنْ أَيْنَ لَكَ عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي فَضَائِلِ القُرْآنِ سُوْرَةً سُوْرَةً ، وَلَيْسَ عِنْدَ أَصْحَابِ عِكْرِمَةَ هَذَا ؟ " ، فَقَالَ : " إِنِّي رَأَيْتُ النَّاسَ قَدْ أَعْرَضُوا عَنِ القُرْآنِ ، وَاشْتَغَلُوا بفقهِ أَبِي حَنِيْفَةَ وَمَغَازِي مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، فَوَضَعْتُ هَذَا الحَدِيْثَ حِسْبَةً " ( أي : ابتغاء الأجر )
أَخْرَجَهُ الحَاكِمُ فِي " المَدْخَلِ " ( ص 54 ) وَابْنُ الجَوْزِيِّ فِي " المَوْضُوْعَاتِ " (16) ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيْحٌ .
2- وَآخَرُ اسْمُهُ مَيْسَرَةُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ الفَارِسِيُّ ، قَالَ عَنْهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي " الْمَجْرُوحِينَ " (2/345 رقم 1038) : " وَهُو صَاحِبُ حَدِيْثِ فَضَائِلِ القُرْآنِ الطَّوِيْلِ " مَنْ قَرَأَ كَذَا فَلَهُ كَذَا " .
وَجَاءَ فِي " لِسَانِ المِيْزَانِ " (7/198) لِلْحَافِظِ ابْنِ حَجرٍ : " وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي " الضُّعَفَاءِ " عَن ابْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ : قُلْتُ لِمَيْسَرَةَ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ : " مِنْ أَيْنَ جِئْتَ بِهَذِهِ الأَحَادِيْثِ : " مَنْ قَرَأَ كَذَا فَلَهُ كَذَا " ؟ قَالَ : " وَضَعْتُهَا أُرَغِّبُ النَّاسَ َفِيْهَا " .
فهذه أمثلة لمن يجترئ ويكذب في الحديث على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمصلحة يراها ، خدعه بها إبليس .
وقد نَبَّه العُلَمَاءُ عِلى عَدَمِ ثُبُوتِ الأَحَادِيْثِ التي فيها سرد فَضَائِلِ جميع سور القُرْآنِ الكريم ، سورةً سورةً ، وَمِمَّنْ نَبَّه عِلَى ذَلِك المَوْصِلِيُّ فِي " المُغنِي عَنِ الحِفْظِ وَالكِتَابِ " (1/121) فَقَالَ : " قَدْ وَرَدَ : " مَنْ قَرَأَ كَذَا فَلَهُ أُجْرُ كَذَا ... مِنْ أَوَّلِ القُرْآنِ إِلَى آخِرِهِ ؛ قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ : " أَظُنُّ الزّنَادقَةَ وَضَعَتْهَا " . قَالَ المُصَنِّفُ – أَي : المَوْصِلِيُّ - : " فَلم يَصِح فِي هَذَا شَيْءٌ ... " .
وَنَبَّه عِلَى ذَلِك أَيْضاً ابْنُ القيِّمِ فِي " المَنَارِ المُنِيفِ " ( ص 113 – 144 ) ، وَالشَّيْخُ بَكْرٌ أَبُو زَيْد فِي " التَّحدِيْث بِمَا قِيْلَ : " لا يَصِحُّ فِيْهِ حَدِيْثٌ " ( ص 122 – 123) وَأَضَافَ : " تَنْبِيْهٌ : فَضَائِلُ القُرْآنِ الكَرِيْمِ ، وَفَضَائِلُ بَعْضِ السُّوَرِ وَالآيَاتِ مَعْلُوْمَةٌ بِنُصُوْصٍ صَحِيْحَةٍ مَرْفُوْعَةٍ إِلَى َالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمُرَادُ ابْنِ المُبَارَكِ وَمَنْ بَعْدَهُ هُو تِلكُم الأَحَادِيْثُ الطِّوَالُ الَّتِي تَنْتَظِمُ سُّوَرَ القُرْآنِ سُوْرَةً سُوْرَةً ؛ كَالحَدِيْثِ المَنْسُوْبِ إِلَى أُبيِّ بنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَنَشْرُهُ بَعْضُ المفسِّرِيْنَ ؛ مِثْلُ : الثَّعْلَبِيِّ ، وَالوَاحِدِيِّ ، وَالزَّمَخشرِيِّ فِي تفَاسيرِهِم ، فَهَذِهِ مَوْضُوْعَةٌ ، وَهِي المُرَادَةُ فِي كَلاَم ابْنِ المُبَارَكِ وَغَيْرِهِ ، وَاللهُ أَعْلَمُ " .ا.هـ.
ثانياً :
وَأَمَّا الأَحَادِيْثُ الَّتِي سَأَلْتَ عَنْهَا فَالجَوَابُ :
تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ الأَوَّلِ :
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ قَرَأَ : " تبَاركَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ " وَ " ألم . تنَزِيْل " السَّجْدَة ، بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ الآخِرَةِ فَكَأَنَّمَا قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ " .
ذَكَرَهُ السُّيوطِيُّ فِي " الدُّرِّ المنثَوْرِ " (6/535) عِنْدَ بدَايَةِ سُوْرَةِ السَّجْدَة ، وَقَالَ : " وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْه عَنْ ابنِ عُمَرَ ... فَذَكَرَهُ " .
وَنَقَلَهُ الأَلُوسِي فِي " رَوحِ المَعَانِي " (21/116) عَنْ السُّيوطِيِّ ثُمّ قَالَ : " وَرَوَى نَحْوَهُ هُو – أَي : السُّيوطِيّ - وَالوَاحِدِيُّ مِنْ حَدِيْثِ أُبيِّ بنِ كَعْبٍ ، والثعلبي مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَتَعَقَب ذَلِك وَلِيُّ الدِّيْنِ قَائِلاً : " لَم أَقِف عَلَيْهِ ، وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ كُلِّهَا مَوْضُوْعَةٌ " .اهـ بتصرف يسير .
وَالحَدِيْثُ وَرَدَ بعدَّةِ أَلْفَاظٍ مِنْهَا المُطلَقُ مِنْ غَيْرِ تَحدِيْدٍ لِوقْتِ القِرَاءةِ ، وَمِنْهَا المُقَيَّدُ بِوقْتٍ كَما فِي رِوَايَةِ ابنِ عُمَرَ ، وَوَرَدَ أَيْضاً مَرْفُوْعاً وَمَوْقُوْفاً ، ذَكَرَهَا الغَافِقِيُّ فِي " لََمَحَاتِ الأنْوَارِ " (1127 ، 1129 ، 1140 ، 1141 ، 1142 ، 1143 ، 1144 ، 1146) ، إِلاَّ رِوَايَة ابنِ عُمَرَ .
تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ الثَّانِي :
وَرَدَ مِنْ طَرِيْقَيْنِ :
1- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا مَرْفُوْعاً قَالَ : " مَنْ قَرَأَ إِذَا صَلَّى الغَدَاةَ ثَلاَثَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُوْرَةِ الأَنْعَامِ إِلَى " وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ " [ الأَنْعَامُ : 3 ] ، نَزَلَ إِلَيْهِ أَرْبَعُوْنَ أَلْفَ مَلَك يُكْتَبُ لَه مِثلَ أَعْمَالِهِم ، وَبُعِثَ إِلَيْهِ مَلَكٌ مِنْ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ وَمَعَهُ مِرْزَبَةٌ مِنْ حَدِيْدٍ ، فَإِن أَوْحَى الشَّيْطَانُ فِي قَلْبِهِ شَيْئاً مِنَ الشَّرِّ ضَرَبَهُ حَتَّى يَكُوْنَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ سَبْعُوْنَ حِجَاباً ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ قَالَ اللهُ : " أَنَا رَبُّكَ وَ أَنْتَ عَبْدِي ، وَامْشِ فِي ظِلِّي ، وَاشْرَبْ مِنْ الكَوْثَرِ ، وَاغْتَسِلْ مِنْ السَّلْسَبِيلِ ، وَادْخُلِ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلاَ عَذَابٍ " .
ذَكَرَهُ السُّيوطِيُّ فِي " الدُّرِّ المنثَوْرِ " (3/245 – 246) وَقَالَ : " وَأَخْرَجَ السِّلَفِيُّ بِسَنَدٍ وَاهٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوْعاً " ، وَذَكَرَهُ الغَافِقِيُّ فِي " لََمَحَاتِ الأنْوَارِ " (941) .
2- عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ قَالَ : قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ صَلَّى الفَجْرَ فِي جَمَاعِةٍ ، وَقَعَدَ فِي مُصَلاَّهُ ، وَقَرَأَ ثَلاَثَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُوْرَةِ الأَنْعَامِ ، وَكَّلَ اللهُ بِهِ سَبْعِيْنَ مَلَكاً يُسَبِّحُونَ اللَّه وَيَسْتَغْفِرُوْنَ لَهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ " .
ذَكَرَهُ السُّيوطِيُّ فِي " الدُّرِّ المنثَوْرِ " (3/246) وَعَزَاهُ لِلدَّيْلَمِيِّ ، وَالغَافِقِيُّ فِي " لََمَحَاتِ الأنْوَارِ " (935) بِلَفْظٍ مُقَارِبٍ لِحَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ .
قَالَ الأَلُوسِي فِي " رَوحِ المَعَانِي " (7/76) بَعْدَ ذِكْرِهِ جُمْلَةً مِنْ الأَحَادِيْث وَالآثَارِ عِنْدَ سُوْرَةِ الأَنْعَامِ وَمِنْهَا حَدِيْثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُوْدٍ : " إِلَى غَيْرِ ذَلِك مِنَ الأَخْبَارِ ، وَغَالِب ما فِي هَذَا المَطْلَبِ ضَعِيْفٌ وَبَعْضَهَا مَوْضُوْعٌ ، كَما لاَ يَخْفَى " .ا.هـ.
وَسُوْرَةُ الأَنْعَامِ لم يَثْبُت شَيْءٌ من الأحاديث فِي فَضْلِهَا .
فأما سورتا السجدة وتبارك فلم يثبت شيء في قراءتهما بين المغرب والعشاء ، ولكن ثبت في فضل سورة السجدة قراءتها في صلاة الفجر يوم الجمعة .
روى البخاري (891) ومسلم (880) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ (الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ) وَ (هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنْ الدَّهْرِ) .
وورد في فضل سورة تبارك قراءتها قبل النوم أو عموماً ، فقد روى الترمذي (2891) وأبو داود (1400) وابن ماجه (3786) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (إِنَّ سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ ثَلاثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ وَهِيَ سُورَةُ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) . قَالَ الترمذي : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ .
و قال ابن حجر في التلخيص (1/234): "أعله البخاري في التاريخ الكبير بأن عباس الجشمي (وهو الراوي عن أبي هريرة) لا يعرف سماعه من أبي هريرة اهـ .
وحسنه الألباني في مواضع ، وصححه في مواضع . انظر : "صحيح سنن ابن ماجه" ، "صحيح سنن أبي داود" . وقبله قال المنذري : رواه أبو داود والترمذي وحسنه واللفظ له ، والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال : صحيح الإسناد .
وروى الترمذي (2892) عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لا يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ الم تَنْزِيلُ وَتَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ . صححه الألباني في صحيح الترمذي .
*عبدالرحمن*
2018-03-12, 04:01
فضل تعلم القراءات السبع .
السؤال:
هل هناك فضل في حفظ القراءات السبع ؟
مع أنه لم يرد نص صريح بذلك ؟
الجواب :
الحمد لله
لا نعلم دليلا خاصا يدل على فضل حفظ القراءات السبع ، غير أنها تدخل في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( خَيرُكُم مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ) رواه البخاري (5027) .
وتدخل أيضا في عموم الأدلة التي جاءت بفضل العلم الشرعي وفضل أهله ، كقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ ، إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ ) رواه الترمذي (2685) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي"
.
والقراءات السبع : هي طرق متواترة ثابتة ، في نقل القرآن الكريم ، وأدائه .
وعلم القراءات من علوم الشريعة ، وهو متصل بأشرف العلوم وهو القرآن الكريم ، وفي مدارسته وحفظه حفظٌ لكتاب الله ، وإتقانٌ له ، ومزيدُ فهمٍ لمعانيه وعلمٍ بأحكامه ، وصيانةٌ له من التحريف والتلاعب .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (33/ 41):
" الْقِرَاءَاتُ فِي الاِصْطِلاَحِ: عِلْمٌ بِكَيْفِيَّةِ أَدَاءِ كَلِمَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَاخْتِلاَفِهَا مَعْزُوًّا لِنَاقِلِهِ . وَمَوْضُوعُ عِلْمِ الْقِرَاءَاتِ: كَلِمَاتُ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ.
وَفَائِدَتُهُ: صِيَانَتُهُ عَنِ التَّحْرِيفِ وَالتَّغْيِيرِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ فَوَائِدَ كَثِيرَةٍ تُبْنَى عَلَيْهَا الأْحْكَامُ " انتهى.
وقال شهاب الدين الدمياطي رحمه الله :
" حفظ القرآن فرض كفاية على الأمة ، ومعناه أن لا ينقطع عدد التواتر، فلا يتطرق إليه التبديل ، والتحريف ، وكذا تعليمه أيضا فرض كفاية ، وتعلم القراءات أيضا، وتعليمها.
ثم ليعلم: أن السبب الداعي إلى أخذ القراءة عن القراء المشهورين دون غيرهم : أنه لما كثر الاختلاف فيما يحتمله رسم المصاحف العثمانية التي وجه بها عثمان رضي الله عنه إلى الأمصار "الشام واليمن والبصرة والكوفة ومكة والبحرين" وحبس بالمدينة واحدا، وأمسك لنفسه واحدا الذي يقال له الإمام , فصار أهل البدع والأهواء يقرءون بما لا يحل تلاوته وفاقا لبدعتهم أجمع رأي المسلمين أن يتفقوا على قراءات أئمة ثقات ، تجردوا للاعتناء بشأن القرآن العظيم, فاختاروا من كل مصرٍ وُجِّه إليها مصحفٌ ، أئمةً مشهورين بالثقة والأمانة في النقل, وحسن الدراية وكمال العلم , أفنوا عمرهم في القراءة والإقراء "
انتهى من "إتحاف الفضلاء" (ص 7)
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" ليس تعدد القراءات من تحريف أو تبديل ولا لبس في معانيها، ولا تناقض في مقاصدها ولا اضطراب ، بل بعضها يصدق بعضا ، ويبين مغزاه ، وقد تتنوع معاني بعض القراءات، فيفيد كل منها حكما يحقق مقصدا من مقاصد الشرع ، ومصلحة من مصالح العباد ، مع اتساق معانيها ، وائتلاف مراسيها ، وانتظامها في وحدة تشريع محكمة كاملة ، لا تعارض بينها ولا تضارب فيها "
انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (5/ 397) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-03-12, 04:09
القراءات السبع متواترة ولا يجوز الطعن فيها
السؤال:
نقول إن القراءات السبع متواترة ووحي إلهي ، وكيف هذا ومصطلح متواترة لم يظهر قبل ابن مجاهد الذي سبع السبعة ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
جماهير أهل العلم من القراء والأصوليين على أن القراءات السبع متواترة إلى النبي صلى الله عليه وسلم , وقد خالف في ذلك بعضهم كأبي شامة – في قول له - والطوفي والشوكاني . والقول في ذلك قول العامة ، وهو الصواب الذي لا معدل عنه .
قال شهاب الدين الدمياطي رحمه الله :
" قال تاج الأئمة السبكي – وهو تاج الدين عبد الوهاب السبكي - في فتاواه :
" القراءات السبع التي اقتصر عليها الشاطبي ، والثلاثة التي هي قراءة أبي جعفر وقراءة يعقوب وقراءة خلف ، متواترة معلوم من الدين بالضرورة أنه منزل على رسول الله ، لا يكابر في شيء من ذلك إلا جاهل ، وليس تواتر شيء منها مقصورا على من قرأ بالروايات ، بل هي متواترة عند كل مسلم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، ولو كان مع ذلك عاميا جلفا لا يحفظ من القرآن حرفا " .
قال : " ولهذا تقرير طويل وبرهان عريض لا تسعه هذه الورقة ، وحظ كل مسلم وحقه أن يدين لله تعالى وتجزم نفسه بأن ما ذكرناه متواتر معلوم باليقين ، لا تتطرق الظنون ولا الارتياب إلى شيء منه "
والحاصل : أن السبع متواترة اتفاقا ، وكذا الثلاثة : أبو جعفر ويعقوب وخلف ، علي الأصح ، بل الصحيح المختار وهو الذي تلقيناه عن عامة شيوخنا وأخذنا به عنهم ، وبه نأخذ : أن الأربعة بعدها : ابن محيصن واليزيدي والحسن والأعمش ، شاذة اتفاقا " .
انتهى من " إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر" (ص 9) .
وقال النووي رحمه الله :
" قال أصحابنا وغيرهم : تجوز القراءة في الصلاة وغيرها بكل واحدة من القراءات السبع ، ولا تجوز القراءة في الصلاة ولا غيرها بالقراءة الشاذة ، لأنها ليست قرآنا ؛ فإن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر ، وكل واحدة من السبع متواترة ، هذا هو الصواب الذي لا يعدل عنه ، ومن قال غيره فغالط أو جاهل "
انتهى من "المجموع" (3 /392) .
وقال ابن النجار الفتوحي رحمه الله :
" وَالْقِرَاءاتُ السَّبْعُ مُتَوَاتِرَةٌ عِنْدَ الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الأَئِمَّةِ مِنْ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ ، نَقَلَهُ السَّرَخْسِيُّ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ مِنْ "الْغَايَةِ"، وَقَالَ : قَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ : آحَاد "
انتهى من "شرح الكوكب المنير" (2 /127) .
وقال الزرقاني رحمه الله :
" والتحقيق الذي يؤيده الدليل هو أن القراءات العشر كلها متواترة ، وهو رأي المحققين من الأصوليين والقراء كابن السبكي وابن الجزري والنويري "
انتهى من "مناهل العرفان" (1 /441) .
ثانيا :
قد يطرأ على بعض الأذهان شبهة أن أسانيد أئمة القراءات المذكورة في كتبهم معروفة محصورة ، وهي أسانيد آحاد ؛ فكيف يقال إن قراءاتهم متواترة ؟
فيقال : هذه شبهة قديمة ، قد أجاب عنها غير واحد من علماء القراءات والأصوليين ؛ فالأئمة المصنفون الذين عليهم مدار هذه القراءات ، وإليهم ترجع أسانيدها : لم يكونوا هم الذين ضبطوا هذه القراءات وجمعوها وحدهم ، بل تواترها حاصل في زمانهم ، وحاصل بعد زمانهم أيضا ، بمن شاركهم ، وشارك الآخذين عنهم ، في العلم بهذه القراءات وضبطها .
قال الإمام شرف الدين الدمياطي رحمه الله :
" أجيب بأن انحصار الأسانيد المذكورة في طائفة لا يمنع مجيء القراءات عن غيرهم ، وإنما نسبت القراءات إليهم لتصديهم لضبط الحروف وحفظ شيوخهم فيها ، ومع كل واحد منهم في طبقته ما يبلغها عدد التواتر .
هذا هو الذي عليه المحققون ، ومخالفة ابن الحاجب في بعض ذلك تعقبها محرر الفن ابن الجزري ، وأطال في كتابه المنجد بما ينبغي الوقوف عليه " .
انتهى من "إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر" (ص 9) .
وقال ابن النجار الفتوحي رحمه الله :
" وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ : إنَّهَا آحَادٌ كَالطُّوفِيِّ فِي "شَرْحِهِ" ، قَالَ : وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهَا تَوَاتَرَتْ عَنْهُمْ ، لا إلَيْهِمْ - بِأَنَّ أَسَانِيدَ الأَئِمَّةِ السَّبْعَةِ بِهَذِهِ الْقِرَاءاتِ السَّبْعِ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَوْجُودَةٌ فِي كُتُبِ الْقِرَاءاتِ ، وَهِيَ نَقْلُ الْوَاحِدِ عَنْ الْوَاحِدِ ، لَمْ تَسْتَكْمِلْ شُرُوطَ التَّوَاتُرِ .
وَرُدَّ : بِأَنَّ انْحِصَارَ الأَسَانِيدِ فِي طَائِفَةٍ لا يَمْنَعُ مَجِيءَ الْقِرَاءاتِ عَنْ غَيْرِهِمْ . فَقَدْ كَانَ يَتَلَقَّى الْقِرَاءَةَ مِنْ كُلِّ بَلَدٍ بِقِرَاءَةِ إمَامِهِمْ الَّذِي مِنْ الصَّحَابَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ : الْجَمُّ الْغَفِيرُ عَنْ مِثْلِهِمْ . وَكَذَلِكَ دَائِمًا ، فَالتَّوَاتُرُ حَاصِلٌ لَهُمْ ، وَلَكِنَّ الأَئِمَّةَ الَّذِينَ قَصَدُوا ضَبْطَ الْحُرُوفِ وَحَفِظُوا شُيُوخَهُمْ فِيهَا جَاءَ السَّنَدُ مِنْ قِبَلِهِمْ ، وَهَذَا كَالأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ هِيَ آحَادٌ ، وَلَمْ تَزَلْ حَجَّةُ الْوَدَاعِ مَنْقُولَةً عَمَّنْ يَحْصُلُ بِهِمْ التَّوَاتُرُ عَنْ مِثْلِهِمْ فِي كُلِّ عَصْرٍ ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُتَفَطَّنَ لِذَلِكَ ، وَلا يُغْتَرَّ بِقَوْلِ مَنْ قَالَ : إنَّ أَسَانِيدَ الْقُرَّاءِ تَشْهَدُ بِأَنَّهَا آحَادٌ "
انتهى من "شرح الكوكب المنير" (2 /127-128) .
ثالثا :
قول السائل : كيف نقول بالتواتر ومصطلح متواترة لم يظهر قبل ابن مجاهد الذي سبع السبعة ؟
فالجواب عنه : أن التواتر معناه إفادة العلم اليقيني المقطوع به دون الظني ، وقد حصل العلم اليقيني بصحة القراءات السبع ، ونقلها على صفة التواتر الذي يفيد العلم اليقيني بمضمونها ؛ وهذا هو المطلوب ، بغض النظر عما إذا كان الاسم معروفا في هذا الزمان ، أو لم يكن معروفا ؛ فهذه مسألة فنية اصطلاحية ، تتعلق بالتصنيف في العلوم ومدارستها ، فما زالت العرب تنطق المبتدأ مرفوعا ، والمفعول به منصوبا ، والمضاف إليه مجرورا
وهكذا ؛ ولو بعث أهل الجاهلية الآن ما عرف واحد منهم : ما المبتدأ ، وما الخبر ، بل ما عرف منهم أحد ما علم النحو الذي يتحدث عنه ، وبه ، الناس !!
وهكذا في علم الحديث ، وعلم أصول الفقه ، وغيرها من العلوم ؛ فتأخر ظهور المصطلح الخاص بعلم معين ، لا يعني أن مضمونه لم يكن معروفا من قبل عند أهل هذا الشأن .
وأما أن مضمونه لم يكن معروفا عند غير أهل الفن ، أو لم يكن شائعا بصورة عامة ؛ فهذا لا يقدح في وجود المضمون ، ولا ثبوت المسألة العلمية .
قال الإمام شمس الدين الذهبي رحمه الله :
" ليس من شرط التواتر أن يصل إلى كل الأمة ، فعند القراء أشياء متواترة دون غيرهم ، وعند الفقهاء مسائل متواترة عن أئمتهم لا يدريها القراء ، وعند المحدثين أحاديث متواترة قد لا يكون سمعها الفقهاء ، أو أفادتهم ظنا فقط ، وعند النحاة مسائل قطعية، وكذلك اللغويون " انتهى .
"سير أعلام النبلاء" (10 /171) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-03-12, 04:15
نزول القرآن على سبعة أحرف
السؤال
قرأت أنه أثناء خلافة عثمان ، شُكلت لجنة يشرف عليها زيد بن ثابت لتتبع القرآن الكريم بكامله . لكن هذا النص "العثماني" لم يوفر قراءة موحدة ، حيث أن اللغة العربية الأولى لم يكن فيها حروف علة ، كما أن بعض الأحرف الصحيحة لم يكن لها نفس الشكل . وقد أوجدت علامات جديدة للتفريق بين الأحرف المختلفة . لكن ذلك لم يوقف الطرق المتعددة لقراءة القرآن .
ففي النصف الأول من القرن الرابع/العاشر توصل إمامُ قراءِ القرآن في بغداد ، ابن مجاهد ، لحل لهذه المشكلة . فقد قال إن الكلمة "حرف" يمكن أن تحل مكان "قراءة" . وقد أعلن عن سبع طرق للقراءة الصحيحة . لأنه حسب ما يراه
فإن قول الرسول صلى الله عليه وسلم أن القرآن نزل بسبعة أحرف ، تعني أن هناك سبع طرق موحاة لقراءة القرآن .
وفي هذه الأيام فإن القراءات المشهورة والمستخدمة هي : ورش ونافع وحفص عن عاصم .
أرجو أن تخبرني عن هذه الطرق المختلفة للقراءة . هل توجد أحاديث تتعلق بهذا ؟.
الجواب
الحمد لله
أولاً :
اعلم –وفقك الله – أنّ القرآن نزل على حرف واحد أول الأمر ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظل يستزيد جبريل حتى أقرأه على سبعة أحرف كلها شافٍ كافٍ والدليل على ذلك حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أقرأني جبريل على حرف فراجعته فزادني فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى على سبعة أحرف " . رواه البخاري ( 3047 ) ومسلم ( 819 ) .
ثانياً :
ما معنى الأحرف ؟
أحسن الأقوال مما قيل في معناها أنها سبعة أوجه من القراءة تختلف باللفظ وقد تتفق بالمعنى واٍن اختلفت بالمعنى : فاختلافها من باب التنوع والتغاير لا من باب التضاد والتعارض .
ومعنى " حرف " في اللغة : الوجه ، قال تعالى : ( ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين ) سورة الحج /11 .
ثالثاً : قال بعض العلماء : إن معنى الأحرف لغات العرب وهذا بعيد لحديث عمر بن الخطاب قال : سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرأها عليه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأنيها فكدت أن أعجل عليه ثم أمهلته حتى انصرف ثم لببته بردائه فجئت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرأتنيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرأ فقرأ القراءة التي سمعته يقرأ . فقال : هكذا أنزلت . ثم قال لي اقرأ فقرأت فقال هكذا أنزلت . إنّ هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسّر منه . رواه البخاري ( 2287 ) ومسلم ( 818 ) .
ومما هو معلوم أن " هشاماً " أسدي قرشي ، وأن " عمر " عدوي قرشي فكلاهما من قريش وليس لقريش إلا لغة واحدة ، فلو كان اختلاف الأحرف اختلافاً في اللغات لما اختلف القرشيان .
وقد ذكر العلماء قرابة أربعين قولاً في هذه المسألة ! ولعل الأرجح ما قد ذكرنا آنفاً . والله اعلم
رابعاً :
تبين أن الأحرف نزلت على ألفاظ متعددة كما بينه حديث عمر لأن إنكار عمر وقع على الحروف وليس على المعاني والخلاف بهذه الحروف ليس للتضاد ولكنه للتنوع كما قال ابن مسعود (( هو بمنزلة قول أحدكم هلمّ أقبل تعال )) .
خامساً :
أما تحديد القراءات السبعة فهي ليست من تحديد الكتاب والسنة ولكنها من اجتهاد ابن مجاهد رحمه الله فظن الناس أن الأحرف السبعة هي القراءات السبعة لاتفاقها في العدد ، وإنما جاء العدد مصادفة واتفاقاً أو قصداً منه ليوافق ما ورد من كون الأحرف سبعة وقد ظن بعض الناس أن الأحرف هي القراءات وهذا خطأ ، ولا يُعرف هذا عن أهل العلم . والقراءات السبعة هي إحدى الأحرف السبعة وهي الحرف الذي جمع عثمان عليه المسلمين .
سادساً :
لما نسخ عثمان المصحف نسخه على حرف واحد ولكنه ترك النقط والتشكيل ليتسع هذا الرسم لحمل ما يستطيع حمله من الأحرف الأخرى فجاء المصحف برسمه محتملاً لبعض الأحرف فما احتمله جاءت به القراءة وما لم يحتمله نُسخ ، وذلك لأن الناس أنكر بعضهم على بعض عند اختلافهم في القراءة فجمعهم عثمان على نُسخه واحدة ليجمع شملهم .
سابعاً :
قولك إن مجاهداً ظن أن القراءة تحل محل الحرف فهذا غير صحيح . كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيميه . مجموعة الفتاوى / ج13 / 210
ثامناً :
وأما القرّاء السبعة فهم :
1- نافع المدني 2- ابن كثير المكي 3- عاصم الكوفي
4- حمزة الزيات الكوفي 5- الكسائي الكوفي 6- أبو عمرو بن العلاء البصري 7- عبد الله بن عامر الشامي
وأقواهم سنداً في القراءة : نافع وعاصم .
وأفصحهم : أبو عمرو والكسائي .
ويروي عن نافع : ورش وقالون .
ويروي عن عاصم : حفص وشعبة .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-03-15, 02:08
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
الردّ على فرية اقتباس بعض آي القرآن من شعر الجاهلية .
السؤال:
بعض الأشخاص ينسبون بعض آيات القرآن الكريم إلى امرئ القيس ، ويقولون : إن الله سبحانه وتعالى نقل منه ، وإذا أخبرتهم أن أعداء الدين ينسبون الكلام لإمرئ القيس لزعزعة إيماننا بالله ، لا أملك دليلا ، أرجو أن تفيدني
الجواب :
الحمد لله
أولا :
القرآن الكريم كلام الله عز وجل ، أرسل به جبريل عليه السلام ، وأنزله على قلب محمد صلى الله عليه وسلم ، ليبلغه للناس ، ليخرجهم به من الظلمات إلى النور .
وقد برّأ الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم من الشعر وقوله ونظمه والأخذ عن الشعراء ، وبين أن الشعراء يتبعوهم الغاوون ، فقال تعالى : (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ ) يس/ 69 ، وقال تعالى : (وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ) الحاقة/ 41 ، وقال سبحانه: (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ) الشعراء/ 224
وجعل وصفه بالشعر من قول الكافرين فقال : (بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ ) الأنبياء/ 5 ، وقال : (وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ) الصافات/ 36 ، وقال عز وجل : (أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ) الطور/ 30 .
ثانيا :
القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بعض القرآن من شعراء الجاهلية ، كامرئ القيس وغيره: قول باطل ومحض افتراء ، والأدلة على ذلك متكاثرة ، نذكر منها :
- أن نظم القرآن مخالف تماما لنظم الشعر ، فليس هو على أقرائه وأوزانه ، وقد نفى أهل الفصاحة أن توجد نسبة بينه وبينه .
فروى مسلم (2473) عن أبي ذر أن أخاه أنيسا لما قال له : " لَقِيتُ رَجُلًا بِمَكَّةَ عَلَى دِينِكَ، يَزْعُمُ أَنَّ اللهَ أَرْسَلَهُ ، قال أبو ذر: فَمَا يَقُولُ النَّاسُ؟ ، قَالَ: يَقُولُونَ: شَاعِرٌ، كَاهِنٌ، سَاحِرٌ، وَكَانَ أُنَيْسٌ أَحَدَ الشُّعَرَاءِ ، قَالَ أُنَيْسٌ: " لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ ، فَمَا هُوَ بِقَوْلِهِم ْ، وَلَقَدْ وَضَعْتُ قَوْلَهُ عَلَى أَقْرَاءِ الشِّعْرِ، فَمَا يَلْتَئِمُ عَلَى لِسَانِ أَحَدٍ بَعْدِي ، أَنَّهُ شِعْرٌ، وَاللهِ إِنَّهُ لَصَادِقٌ، وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ " ".
وروى الحاكم (3872) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ قال لقريش: " وَاللَّهِ مَا فِيكُمْ رَجُلٌ أَعْلَمَ بِالْأَشْعَارِ مِنِّي ، وَلَا أَعْلَمَ بِرَجَزٍ وَلَا بِقَصِيدَةٍ مِنِّي ، وَلَا بِأَشْعَارِ الْجِنِّ، وَاللَّهِ مَا يُشْبِهُ الَّذِي يَقُولُ شَيْئًا مِنْ هَذَا، وَوَاللَّهِ إِنَّ لِقَوْلِهِ الَّذِي يَقُولُ حَلَاوَةً ، وَإِنَّ عَلَيْهِ لَطَلَاوَةً، وَإِنَّهُ لَمُثْمِرٌ أَعْلَاهُ مُغْدِقٌ أَسْفَلُهُ ، وَإِنَّهُ لَيَعْلُو وَمَا يُعْلَى، وَإِنَّهُ لَيَحْطِمُ مَا تَحْتَهُ " .
وصححه الحاكم على شرط البخاري ، ووافقه الذهبي .
وروى مسلم (868) عن ضماد بن ثعلبة أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : " لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ، وَقَوْلَ السَّحَرَةِ، وَقَوْلَ الشُّعَرَاءِ، فَمَا سَمِعْتُ مِثْلَ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ .. ".
- أن مشركي قريش كانوا أفصح الناس ، وأعلم الناس بشعر العرب ، فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم أخذ من شعر امرئ القيس أو غيره من شعراء العرب ، ولو شطرا من بيت ، لشنعوا عليه به ، ولاتهموه بذلك ؟
- أن المعتنين بجمع شعر امرئ القيس وتدوينه ، خاصة ، لم يذكر واحد منهم نوع تشابه بين شيء من آي القرآن ، وشيء من شعره ، ولا شعر غيره .
- أن امرأ القيس وغيره من فطاحل الشعراء قد نحلت عليهم العديد من القصائد فضلا عن الأبيات ، قال الْأَخْفَش : قَالَ خلف الْأَحْمَر: " أَنا وضعت على النَّابِغَة القصيدة الَّتِي مِنْهَا :
خيل صيامٌ وخيلٌ غير صائمةٍ ... تَحت العجاج وَأُخْرَى تعلك اللُّجما
وَقَالَ أَبُو الطّيب اللّغويّ :
" كَانَ خلف الْأَحْمَر يصنع الشّعْر وينسبه إِلَى الْعَرَب فَلَا يعرف، ثمَّ نسك وَكَانَ يخْتم الْقُرْآن كلّ يَوْم وَلَيْلَة " .
" الوافي بالوفيات " (13/ 220) .
فلا يبعد أن يكون بعض الكذابين قد اخترع أبياتا من الشعر اقتبسها من القرآن الكريم ثم نسبها إلى امرئ القيس .
- أنه على فرض حصول نوع تشابه بين بعض ما جاء في القرآن وبعض ما جاء في شعر العرب ، فهذا لا يعني أنه مقتبس منه .
فالقرآن الكريم أنزله الله تعالى بلسان عربي مبين ، فهو من الحروف والكلمات نفسها التي تتكلم بها العرب ، ولكن شتان بين أسلوب وأسلوب !
قال الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله :
" قال المعترضون: إن بعض آيات القرآن مقتبسة من القصائد التي كانت منتشرة ومتداولة بين قريش قبل بعثة محمد . فمن ذلك :
دنت الساعة وانشق القمر ... عن غزال صاد قلبي ونفر
أحور قد حرت في أوصافه ... ناعس الطرف بعينيه حور
مر يوم العيد في زينته ... فرماني فتعاطى فعقر
بسهام من لحاظ فاتك ... فتركني كهشيم المحتظر
وإذا ما غاب عني ساعة ... كانت الساعة أدهى وأمر
وأيضًا:
أقبل والعشاق من خلفه ... كأنهم من حدب ينسلون
وجاء يوم العيد في زينته ... لمثل ذا فليعمل العاملون
على أن هذه القصيدة يستحيل أن تكون لعربي، بل يجب أن تكون لتلميذ أو مبتدئ ضعيف في اللغة من أهل الحضر المخنثين عشاق الغِلمان، فهي في ركاكة أسلوبها وعبارتها وضعف عربيّتها، وموضوعها بريئة من شعر العرب ، لا سيما الجاهليين منهم، فكيف يصح أن تكون لحامل لوائهم، وأبلغ بلغائهم؟!
أتصدق أن عربيًّا يقول: انشق القمر عن غزال، وهو لغو من القول؟
وما معنى: دنت الساعة في البيت؟ وأي عيد كان عند الجاهلية يمر فيه الغلمان متزينين؟
وهل يسمح لك ذوقك بأن تصدق أن امرأ القيس يقول: فرماني فتعاطى فعقر، وأي شىء تعاطى بعد الرمي، والتعاطي: التناول ، ومعناه في الآية (فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ) القمر/ 29 أنه تناول رمحًا، أو خنجرًا، فعقر الناقة به، والإبل تعقر في نحورها، والعُشَّاق إنما يرمون باللحاظ في قلوبهم، فهل يقول العربي - بعد ما قال: إن محبوبه رماه -: إنه تعاطى بعد ذلك فعقر؟!
أما البيتان الآخران فهما أبعد عن ذوق العرب وعباراتهم، وأذكر أنني رأيت من عزاهما إلى بعض المولّدين، على أنهما اقتباس من القرآن.
ولو فرضنا أن هذه الكلمات العربية استعملت في معنى سخيف في الشعر ، ليس فيه شائبة البلاغة، ثم جاءت في القرآن العربي بمعان أخرى وأسلوب آخر، وكانت آيات في البلاغة كما أنها في الشعر عِبرة في السخافة، فهل يصح لعاقل أن يقول: إن صاحب هذا الكلام البليغ في موضوع الزجر والوعظ مأخوذ من ذلك الشعر الخنث في عشق الغلمان، وأن المعنى واحد لا يختلف؟
فمن كان معتبرًا باستنباط هؤلاء الناس وتهافتهم في الطعن والاعتراض على القرآن ، فليعتبر بهذا، ومن أراد أن يضحك من النقد الفاضح لصاحبه الرافع لشأن خصمه فليضحك. ومن أراد أن يزن تعصب هؤلاء النصارى بهذا الميزان فليزنه "
انتهى ملخصا من "مجلة المنار" (7/ 161).
فلا تغتر بقول هؤلاء الجهال ، فإنهم وأمثالهم لا علم لهم بالقرآن ولا بالشعر ولا بالعربية ، ولو كان ما يدعونه حقا لسبقهم إليه أعلم الناس بالشعر والعربية من أعداء النبوة ، فكيف وقد نفوا عنه أي نسبة للشعر ؟
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-03-15, 02:12
حكم عدّ الحسنات ، والإخبار بأن من قرأ القرآن
كاملاً ، فله كذا وكذا من الحسنات بقدر حروف القرآن
السؤال:
ما حكم عد الحسنات ، مثل قول القرآن عدد أحرفه مثلا كذا وكذا ، وعلى كل حرف 10 حسنات ، وإذا قرأته كاملاً تحصل على كذا وكذا يعني 10 حسنات x آيات القرآن ، أو مثلاً شيخ يقرأ سورة من القرآن ، وفوقه عداد الحسنات على كل حرف يقرأه ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
روى الترمذي (2910) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ ، وَلَامٌ حَرْفٌ ، وَمِيمٌ حَرْفٌ ) ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في " صحيح سنن الترمذي " .
وقد اختلف العلماء في المراد بالحرف الوارد في الحديث ، هل يراد به حرف المبنى ، أو حرف المعنى ؟ على قولين :
قال الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله – عضو هيئة كبار العلماء في السعودية - :
" والخلاف بين أهل العلم في المراد بالحرف هل هو حرف المبنى أو حرف المعنى ؟ مسألة خلافية بين أهل العلم ، والأثر المترتب على الخلاف كبير ؛ لأنه إذا قلنا : إن المراد بالحرف حرف المبنى ، فالختمة الواحدة كما ذكرنا بالأمس فيها أكثر من ثلاثة ملايين حسنة ، وإذا قلنا : إن المراد الحرف حرف المعنى ، قلنا : إنه لا يثبت ولا الربع من هذا الأجر ، يعني سبعمائة ألف حسنة الربع تقريباً ، وكثير من أهل العلم يرجح حرف المبنى ، وهذا الذي يتمناه كل قارئ للقرآن لتكثر حسناته ، ومنهم من يقول : إن المراد بالحرف حرف المعنى ، وكلام شيخ الإسلام يومئ ويرشد إليه ، كأنه يميل إلى أن المراد بالحرف حرف المعنى .....
قوله : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ) سورة الفيل ، ( ألم ) ثلاثة حروف مبنى ، لكنها في حروف المعاني اثنان : الهمز همزة الاستفهام ، و ( لم ) النافية ، حرفان .
( كيف ) حرف واحد باعتبار المعنى ، وثلاثة حروف باعتبار المبنى ، والترجيح في مثل هذا فيه صعوبة ؛ لأن الحرف كما يطلق على هذا يطلق على هذا على حد سواء " .
انتهى من " شرح المنظومة الميمية في الآداب الشرعية " .
ثانياً :
إحصاء حروف القرآن وعدّها ، جائز لا حرج فيه ؛ فقد ثبت فعل ذلك عن بعض السلف .
جاء في " تفسير ابن كثير " (1/99) :
" عن مجاهد : هذا ما أحصينا من القرآن ، وهو ثلاثمائة ألف حرف ، وواحد وعشرون ألف حرف ومائة وثمانون حرفا .
وقال الفضل ، عن عطاء بن يسار : ثلاثمائة ألف حرف وثلاثة وعشرون ألفا وخمسة عشر حرفا .... . " انتهى .
وعليه ، فلو قال شخص : إن عدد حروف القرآن كذا وكذا ، وبناء عليه ، فمن قرأ القرآن كاملاً ، فإنه يرجى له أن ينال من الثواب بقدر عدد تلك الحروف ، والحرف منها بعشر حسنات ، فإنه لا حرج في ذلك ؛ لدلالة الحديث على هذا المعنى ، ويبقى تحديد عدد حروف القرآن بناءً على الخلاف المذكور سابقاً .
ثالثاً :
عدّ الحسنات ، أو وضع عداد للحسنات ؛ لكي يحسب به الإنسان عدد ما قرأ من القرآن ، فقد كره هذا بعض السلف .
كما أنه يخشى على صاحبه من الغرور والعجب بالعمل ، كلما رأى كثرة عدد ما قرأ من الحروف .
جاء في " مصنف ابن أبي شيبة " (2/162) :
" كَانَ عَبْدُ اللَّهِ – يعني ابن مسعود - يَكْرَهُ الْعَدَدَ ، وَيَقُولُ : " أَيَمُنُّ عَلَى اللَّهِ حَسَنَاتِهِ " " انتهى .
وجاء في سنن الدارمي (286) في حديث ابن مسعود رضي الله عنه – الطويل - ، وفيه : " قَالُوا : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ حصًا نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ ، قَالَ : " فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ ، فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيْءٌ ، وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ، مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ ... الحديث " .
فأنكر عليهم رضي الله عنه عدّ الحسنات .
ويتبين ذلك أكثر ، إذا علمنا أن حصول هذا الأجر الخاص ، أو العدد من الحسنات : إنما هو من باب الوعد على الحسنات، غير أنه لا تثبت في حق المعين إلا بقبول عمله ، والقبول أمر مغيب ، لا يعلم العبد ما له فيه عند الله ؛ فليحذر العبد من الغفلة عن ذلك ، وليعظم الرجاء إلى ربه في القبول ، وفضل الله واسع ، وليكن شأنه بين الأمرين : أن يعظم الرغبة إلى ربه ويحسن الظن به ، ثم يخشى من أن يرد عمله عليه ، فلا يغتر .
عن عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، رضي الله عنها قَالَتْ: " سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} قَالَتْ عَائِشَةُ: أَهُمُ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ؟ قَالَ: لاَ يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لاَ تُقْبَلَ مِنْهُمْ {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} ".
رواه الترمذي (3175) ، وصححه الألباني .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-03-15, 02:19
هذا السؤال من اصول الفقه داعم
هنا لتوضيح اكثر للسؤال السابق
تخريج أثر ابن مسعود رضي الله عنه في إنكاره على الذين جلسوا في المسجد حلقا يقول أحدهم : كبروا مائة ، فيكبرون ، هللوا مائة ، فيهللون
السؤال:
هناك حديث عن ابن مسعود أنه دخل المسجد فوجد أناساً يذكرون الله ويعدون الحصى فنهاهم عن ذلك ، فما صحة هذا الحديث ؟ لأن بعض الصوفية يدّعون بأنه ضعيف ، أرجو مناقشة الحديث ورجال سنده وما إذا كان هناك من الروايات ما يعضده ؟
الجواب:
الحمد لله
قال الإمام عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي رحمه الله في "سننه" (210) :
أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ ، أَنبَأَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي ، يُحَدِّثُ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " كُنَّا نَجْلِسُ عَلَى بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَبْلَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ ، فَإِذَا خَرَجَ ، مَشَيْنَا مَعَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَجَاءَنَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: أَخَرَجَ إِلَيْكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؟ قُلْنَا: لَا، بَعْدُ ، فَجَلَسَ مَعَنَا حَتَّى خَرَجَ
فَلَمَّا خَرَجَ، قُمْنَا إِلَيْهِ جَمِيعًا، فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ آنِفًا أَمْرًا أَنْكَرْتُهُ وَلَمْ أَرَ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ - إِلَّا خَيْرًا ، قَالَ: فَمَا هُوَ؟ فَقَالَ: إِنْ عِشْتَ فَسَتَرَاهُ ، قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ قَوْمًا حِلَقًا جُلُوسًا يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ فِي كُلِّ حَلْقَةٍ رَجُلٌ، وَفِي أَيْدِيهِمْ حصًا، فَيَقُولُ: كَبِّرُوا مِائَةً ، فَيُكَبِّرُونَ مِائَةً، فَيَقُولُ: هَلِّلُوا مِائَةً، فَيُهَلِّلُونَ مِائَةً ، وَيَقُولُ: سَبِّحُوا مِائَةً، فَيُسَبِّحُونَ مِائَةً ، قَالَ: فَمَاذَا قُلْتَ لَهُمْ ؟
قَالَ: مَا قُلْتُ لَهُمْ شَيْئًا انْتِظَارَ رَأْيِكَ أَوِ انْتظارَ أَمْرِكَ ، قَالَ : " أَفَلَا أَمَرْتَهُمْ أَنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتِهِمْ ، وَضَمِنْتَ لَهُمْ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ " ، ثُمَّ مَضَى وَمَضَيْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَى حَلْقَةً مِنْ تِلْكَ الْحِلَقِ، فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: " مَا هَذَا الَّذِي أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ؟ " قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ حصًا نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ
قَالَ: " فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ ، فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيْءٌ ، وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ، مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ هَؤُلَاءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَافِرُونَ ، وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ ، وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِيَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوْ مُفْتَتِحُو بَابِ ضَلَالَةٍ "
قَالُوا: وَاللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا أَرَدْنَا إِلَّا الْخَيْرَ. قَالَ: " وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا أَنَّ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ، وَايْمُ اللَّهِ مَا أَدْرِي لَعَلَّ أَكْثَرَهُمْ مِنْكُمْ " ثُمَّ تَوَلَّى عَنْهُمْ ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ: رَأَيْنَا عَامَّةَ أُولَئِكَ الْحِلَقِ يُطَاعِنُونَا يَوْمَ النَّهْرَوَانِ مَعَ الْخَوَارِجِ " .
وهكذا رواه بحشل في "تاريخ واسط" (ص 198) من طريق عُمَرو بْن يَحْيَى بْنِ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: " كُنَّا جُلُوسًا عَلَى بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ... فذكره . وهذا إسناد جيد ، رجاله كلهم ثقات :
- عمرو بن يحيى وثقه ابن معين كما في "الجرح والتعديل" (6 /269) .
- يحيى بن عمرو بن سلمة ، وثقه العجلي في " الثقات "(2/355)
وروى عنه شعبة والثوري والمسعودي وقيس بن الربيع وابنه عمرو بن يحيى ، كما في " الجرح والتعديل" (9 /176) وكان شعبة ينتقي شيوخه الذين يروي عنهم .
- عمرو بن سلمة ، وثقه ابن سعد وابن حبان ، انظر "تهذيب التهذيب" (8 /38) .
وقد صحح هذا الأثر بهذا الإسناد الشيخ الألباني رحمه الله في "الصحيحة" (2005) .
ورواه الطبراني في "الكبير" (8636) من طريق مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ به نحوه .
قال الهيثمي في "المجمع" (1/ 181):
" رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَفِيهِ مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى " .
ولهذا الأثر شواهد ، منها :
- ما رواه أبو نعيم في "الحلية" (4/ 381) من طريق عَطَاء بْن السَّائِبِ ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، قَالَ: " أَخْبَرَ رَجُلٌ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ أَنَّ قَوْمًا يَجْلِسُونَ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ ، فِيهِمْ رَجُلٌ يَقُولُ: كَبِّرُوا اللهَ كَذَا وَكَذَا، سَبِّحُوا اللهَ كَذَا وَكَذَا، وَاحْمَدُوا اللهَ كَذَا وَكَذَا ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَيَقُولُونَ .
قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِذَا رَأَيْتَهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَأْتِنِي فَأَخْبِرْنِي بِمَجْلِسِهِمْ ، فَأَتَاهُمْ وَعَلَيْهِ بُرْنُسٌ لَهُ فَجَلَسَ، فَلَمَّا سَمِعَ مَا يَقُولُونَ قَامَ، وَكَانَ رَجُلًا حَدِيدًا، فَقَالَ: " أَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لَقَدْ جِئْتُمْ بِبِدْعَةٍ ظُلْمًا، أَوْ لَقَدْ فَضَلْتُمْ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِلْمًا " . فَقَالَ مِعْضَدٌ: وَاللهِ مَا جِئْنَا بِبِدْعَةٍ ظُلْمًا
وَلَا فَضَلْنَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ عِلْمًا. فَقَالَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، نَسْتَغْفِرُ اللهَ ، قَالَ: " عَلَيْكُمْ بِالطَّرِيقِ فَالْزَمُوهُ، فَوَاللهِ لَئِنْ فَعَلْتُمْ لَقَدْ سَبَقْتُمْ سَبْقًا بَعِيدًا، وَلَئِنْ أَخَذْتُمْ يَمِينًا وَشِمَالًا لَتَضِلُّنَّ ضَلَالًا بَعِيدًا " .
- وقال أبو نعيم عقبه :
" رَوَاهُ زَائِدَةُ وَجَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ، وَرَوَاهُ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَأَبُو الزَّعْرَاءِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ " انتهى .
- ومنها ما رواه عبد الرزاق في "مصنفه (3/222) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: " سَمِعَ ابْنَ مَسْعُودٍ، بِقَوْمٍ يَخْرُجُونَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ مَعَهُمْ قَاصٌّ يَقُولُ: سَبِّحُوا
ثُمَّ قَالَ: " أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَلَقَدْ فَضَلْتُمْ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِلْمَا، أَوْ لَقَدْ جِئْتُمْ بِبِدْعَةٍ ظَلْمَاءَ، وَإِنْ تَكُونُوا قَدْ أَخَذْتُمْ بِطَرِيقَتِهِمْ، فَقَدْ سَبَقُوا سَبْقًا بَعِيدًا، وَإِنْ تَكُونُوا خَالَفْتُمُوهُمْ فَقَدْ ضَلَلْتُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا، عَلَى مَا تُعَدِّدُونَ أَمْرَ اللَّهِ؟ "
- ومنها ما رواه ابن وضاح في "البدع" (18) من طريق يَحْيَى بْنِ عِيسَى , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ قَالَ: " مَرَّ عَبْدُ اللَّهِ بِرَجُلٍ يَقُصُّ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى أَصْحَابِهِ , وَهُوَ يَقُولُ: سَبِّحُوا عَشْرًا , وَهَلِّلُوا عَشْرًا , فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: " إِنَّكُمْ لَأَهْدَى مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَضَلُّ , بَلْ هَذِهِ , بَلْ هَذِهِ " يَعْنِي: أَضَلُّ ".
- ومنها ما رواه ابن الوضاح أيضا (22) من طريق سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ , عَنْ أَبِي الزَّعراء قَالَ: " جَاءَ الْمُسَيِّبُ بْنُ نُجَيْدٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: إِنِّي تَرَكْتُ فِي الْمَسْجِدِ رِجَالًا يَقُولُونَ: سَبِّحُوا ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ , فَقَالَ: قُمْ يَا عَلْقَمَةُ وَاشْغَلْ عَنِّي أَبْصَارَ الْقَوْمِ , فَجَاءَ فَقَامَ عَلَيْهِمْ فَسَمِعَهُمْ يَقُولُونَ فَقَالَ: " إِنَّكُمْ لَتُمْسِكُونَ بِأَذْنَابِ ضَلَالٍ , أَوْ إِنَّكُمْ لَأَهْدَى مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَوْ نَحْوَ هَذَا .
فهذه الشواهد مما يتقوى بها هذا الأثر ، وتؤكد صحته وثبوته عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-03-15, 02:28
طريقة مبتدعة في قراءة أوائل السور
التي تبدأ بـ ( حم ) .
السؤال:
سؤالي حول السور التي تبتدأ بـ "حم" ، لقد رأيت بعض المتصوفة يتلون الآيتين الأوليين من السورة ، ثم ينتقلون إلى الأخرى التي تبدأ ب" حم" أيضاً وهكذا ، ويقولون : إنها طريقة للوقاية من نار جهنم ، ويقرأونها كل صباح بعد الفجر ، فهل على ذلك دليل؟
الجواب :
الحمد لله
السور التي تبدأ بـ ( حم ) من القرآن سبع سور ، وهي : غافر وفصلت والشورى والزخرف والدخان والجاثية والأحقاف .
و( حم ) من جملة الأحرف المقطعة التي تبدأ بها بعض سور القرآن الكريم وقد ذكرنا في جواب
ن هذه الحروف ذكرت في أول السور التي ذكرت فيها - والله أعلم - بياناً لإعجاز القرآن ، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله ، هذا مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها .
ولا نعلم حديثا صحيحا في فضل الحواميم خاصة ، وقد ورد في فضلها بعض الأحاديث ، ولا يثبت منها شيء .
انظر : "سلسلة الأحاديث الضعيفة" للألباني رقم : (3537)، (3538)، (6183)، (7081).
وما يفعله هؤلاء من تلاوة الآيتين الأوليين من كل سورة تبدأ بـ ( حم ) تباعا : لا نعلم له أصلا ، فهو بدعة محدثة مردودة .
وقولهم : إنها طريقة للوقاية من نار جهنم لا دليل عليه أيضا .
وغاية ما ورد في ذلك ما رواه البيهقي في " الشعب " (4/ 105)
والثعلبي في " التفسير " (8/261) عَنِ الْخَلِيلِ بْنِ مُرَّةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( الْحَوَامِيمُ سَبْع ٌ، وَأَبْوَابُ جَهَنَّمَ سَبْعٌ تَجِيءُ كُلُّ حم مِنْهَا تَقِفُ عَلَى بَابٍ مِنْ هَذِهِ الْأَبْوَابِ فَتَقُولُ : اللهُمَّ لَا تُدْخِلُ مِنْ هَذَا الْبَابِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِي وَيَقْرَؤُنِي ) وقال البيهقي عقبه :
" هَكَذَا بَلَغَنَا بِهَذَا الْإِسْنَادِ الْمُنْقَطِعِ ".
وهذا إسناد واه ، الخليل بن مرة من أتباع التابعين ، فبينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم راويان على الأقل ، ثم هو ضعيف في نفسه ، قال البخاري : منكر الحديث ، وضعفه ابن معين وأبو حاتم
.
انظر : "ميزان الاعتدال" (1/667) .
وقد ضعفه الألباني في " سلسلة الأحاديث الضعيفة " (6183) .
وعلى فرض صحته: فالمقصود منه قراءة كل سورة منها كاملة ، أما قراءة آيتين من كل سورة ، فليس في الحديث ما يدل على ذلك .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-03-15, 02:32
هذا السؤال من تفسير القران داعم
هنا لتوضيح اكثر للسؤال السابق
المراد بالحروف المقطعة في القرآن الكريم
السؤال
ما المراد بالآية : (ألم) ، وما شابهها من الآيات الأخرى الواردة في القرآن ؟
وماذا قال العلماء عن تلك الآيات ؟.
الجواب
الحمد لله
" قد توقف في تفسير هذه الآية وغيرها من الحروف المقطعة جمع من العلماء كالخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم وغيرهم من الصحابة والتابعين وأتباعهم ، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فسرها فيستحسن أن نقول : الله أعلم بالمراد منها . ولكن ثبت عن بعض المفسرين من الصحابة والتابعين وأتباعهم أنهم بينوا تفسيرها واختلفوا فيه
... أهـ الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور للدكتور/ حكمت بشير ، ج/1 ص/94
والتمس بعض العلماء الحكمة من هذه الحروف فقالوا : " أنها ذكرت هذه الحروف والله أعلم في أول السور التي ذكرت فيها بياناً لإعجاز القرآن ، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله ، هذا مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها ، وهذا هو الذي نصره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وارتضاه أبو الحجاج المزّي رحمه الله . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ."
فتاوى اللجنة الدائمة ج/ 4 ص/144.
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-03-15, 02:36
هل تصح قراءة سورة السجدة والملك
لوقاية القدم من عذاب القبر؟
السؤال:
ما صحة الحديث التالي الذي رواه أبو هريرة ضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إن الله عز وجل يحب من خلقه الأتقياء الأصفياء الأخفياء الأبرياء ، الشعثة رءوسهم ، المغبرة وجوههم ، الخمصة بطونهم
الذين إذا استأذنوا على الأمراء لم يؤذن لهم ، وإن خطبوا المنعمات لم ينكحوا ، وإن غابوا لم يفتقدوا ، وإن طلعوا لم يفرح بطلعتهم ، وإن مرضوا لم يعادوا وإن ماتوا لم يشهدوا ) ؟
وهل يجوز قراءة سورة السجدة في الصلاة بنية حماية القدم من عذاب القبر ؟
فقد جاء في الحديث في فضائل سورة الملك أن العذاب عندما يصل القدم تمنعه قراءة سورة الملك ، وهل يعتبر من البدع أن تقرأ السورة بشكل خاص في الصلاة ، والرجل قائم يقف على قدميه ؛ للنجاة من عذاب القدم في القبر؟ فأنا لا أعتقد أنها بدعة ؛ كون هناك حديث آخر يذكر أن هاتين السورتين سوف تشفعان وتكونان كالجناحين .
الجواب:
الحمد لله
هذا الحديث رواه أبو نعيم في " حلية الأولياء " (2/ 81) ، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (9/423) من طريق الْوَلِيد بْن إِسْمَاعِيلَ ثنا مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدٍ ، حَدَّثَنِي مخلد بْنُ يَزِيد َ، عَنْ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عن رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( إِنَّ اللهَ تَعَالَى يُحِبُّ مِنْ خَلْقِهِ الْأَصْفِيَاءَ الْأَخْفِيَاءَ الْأَبْرِيَاءَ ، الشَّعِثَةَ رُءُوسُهُمُ ، الْمُغْبَرَّةَ وُجُوهُهُمُ ، الْخَمِصَةَ بُطُونُهُمْ إِلَّا مِنْ كَسْبِ الْحَلَالِ، الَّذِينَ إِذَا اسْتَأْذَنُوا عَلَى الْأُمَرَاءِ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ ، وَإِنْ خَطَبُوا الْمُتَنَعِّمَاتِ لَمْ يُنْكَحُوا ، وَإِنْ غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا ، وَإِنْ حَضَرُوا لَمْ يُدْعَوْا ، وَإِنْ طَلَعُوا لَمْ يُفْرَحْ بِطَلْعَتِهِمْ ، وَإِنْ مَرِضُوا لَمْ يُعَادُوا ، وَإِنْ مَاتُوا لَمْ يُشْهَدُوا ).
وهذا حديث واه ، أورده الشيخ الألباني في " الضعيفة "(6276) وقال : " منكر جدا ... وإسناده ضعيف مظلم منقطع؛ الضحاك بن مزاحم، قال الحافظ العلائي في "مراسيله " (ص 243) ـ وقد ذكر الضحاك هذاـ : "وقال أبو حاتم: لم يدرك أبا هريرة ولا أبا سعيد رضي الله عنهم. وقال ابن حبان: أما رواياته عن أبي هريرة ، وابن عباس وجميع من روى عنه ، ففي ذلك كله نظر".
والسند إليه لا يصح ؛ فيه ثلاثة ليس لهم ذكر في شيء من كتب التراجم التي عندي، وهم: الوليد بن إسماعيل ، ومحمد بن إبراهيم ، ونوفل بن عبد الله ؛ فلم يترجمهم البخاري ولا ابن أبي حاتم ولا ابن حبان ، ولا الذين جاءوا من بعدهم ، اللهم إلا الأول منهم ؛ فقد ذكره المزي في شيوخ سلمة بن شبيب " انتهى باختصار .
- أما قراءة سورة السجدة أو سورة الملك لوقاية الرِّجْل من عذاب القبر : فلا نعلم له أصلا ، بل هو بدعة محدثة .
ولكن من حافظ على تلاوة سورة الملك بالليل والنهار ، سواء في الصلاة أو في غيرها ؛ فإنه يرجى له أن ينجيه الله ببركتها من عذاب القبر
وقول السائل : " هناك حديث آخر يذكر أن هاتين السورتين سوف تشفعان وتكونان كالجناحين " غير صحيح في خصوص هاتين السورتين ، بل ورد ذلك في القرآن الكريم على سبيل العموم ، وفي سورتي البقرة وآل عمران على سبيل الخصوص .
ولعل السائل قد اشتبه عليه : ما رواه مسلم (504) عن أبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ( اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِه ِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ ، وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ ، فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَان ِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ ، تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا ، اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَة ِ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَة ) .
فهذا ـ كما هو ظاهر ـ وارد في سورتي البقرة وآل عمران ، وليس في السجدة والملك .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-03-15, 02:41
سورة " الملك " تنجي من عذاب القبر
بملازمة تلاوتها بالليل والنهار ، والليل آكد
السؤال :
يقال أن قراءة سورة الملك ليلا تقي الإنسان من عذاب القبر ، فهل يحصل هذا لو تليت نهارا ؟
هل ستنجينا من عذاب القبر لو قرأناها نهارا ؟
الجواب :
الحمد لله
سورة ( الملك ) من سور القرآن العظيمة التي صح الحض على ملازمة تلاوتها ، وورد الأثر بأنها تقي صاحبها من عذاب القبر .
روى أبو داود (1400) والترمذي (2891) وحسنه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ ثَلَاثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ وَهِيَ سُورَةُ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ ) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
قال المناوي رحمه الله :
" كان قد لازم على قراءتها ، فما زالت تسأل الله فيه حتى غفر له ، وهذا حث لكل أحد على مواظبة قراءتها لينال شفاعتها "
انتهى مختصرا من "فيض القدير" (2 /574) .
وقال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله :
" هذا الحديث دال على فضلها ، وأنها تشفع لصاحبها يوم القيامة ، أي: للذي يقرؤها "
انتهى من "شرح سنن أبي داود" (8 /7) – ترقيم الشاملة .
وليس في الفضل الوارد بشفاعة هذه السورة لصاحبها ، تقييد بقراءتها ليلا أو نهارا ، وإنما الظاهر منه أن يكون له بالسورة مزيد عناية ، ورعاية ، حفظا ، وفهما ، وقياما بها ، لا سيما في صلواته.
وأما ما رواه النسائي في "السنن الكبرى" (10547) وفي "عمل اليوم والليلة" (711) وأبو طاهر المخلص في "المخلصيات" (228) من طريق عرْفجَة بن عبد الْوَاحِد عَن عَاصِم بن أبي النجُود عَن زرعن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ : " من قَرَأَ ( تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك ) كل لَيْلَة مَنعه الله بهَا من عَذَاب الْقَبْر ، وَكُنَّا فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نسميها الْمَانِعَة ، وَإِنَّهَا فِي كتاب الله سُورَة من قَرَأَ بهَا فِي كل لَيْلَة فقد أَكثر وأطاب ) .
فإسناده لين ؛ عرفجة بن عبد الواحد مستور ، لم يوثقه أحد ،
وقال الحافظ في "التقريب" (389) : " مقبول " يعني عند المتابعة ، وإلا فليّن الحديث – كما نص عليه في المقدمة .
ولم يتابع عرفجة في روايته بهذا التمام ، بل خولف ، خالفه من هو أوثق منه بكثير ، وهو سفيان الثوري ، فروى الحاكم (3839) من طريق ابن المبارك والطبراني في "الكبير" من طريق عبد الرزاق (8651) كلاهما عن سفيان عن عاصم عن زر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ( يؤتى الرجل في قبره فتؤتى رجلاه فتقول رجلاه : ليس لكم على ما قبلي سبيل كان يقرأ بي سورة الملك ، ثم يؤتى من قبل صدره أو قال بطنه فيقول : ليس لكم على ما قبلي سبيل كان يقرأ بي سورة الملك ، ثم يؤتى رأسه فيقول ليس لكم على ما قبلي سبيل كان يقرأ بي سورة الملك .
قال : فهي المانعة تمنع من عذاب القبر ، وهي في التوراة سورة الملك ، من قرأها في ليلة فقد أكثر وأطنب ) .
هذا هو الصواب ، وهو المحفوظ ، فقوله : " من قَرَأَها كل لَيْلَة مَنعه الله بهَا من عَذَاب الْقَبْر " الذي في حديث عرفجة غير محفوظ ، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم أيضا غير محفوظ ، والصواب الوقف ، كما في رواية سفيان هذه .
وقد رواه أبو الشيخ في "طبقات الأصبهانيين" (264) مختصرا مرفوعا من حديث ابن مسعود بلفظ : ( سورة تبارك هي المانعة من عذاب القبر ) من طريق أبي أحمد الزبيري حدثنا سفيان به .
وأبو أحمد الزبيري قال أحمد : كان كثير الخطأ في حديث سفيان ، وقال أبو حاتم : عابد مجتهد حافظ للحديث له أوهام .
"تهذيب التهذيب" (9 /228)
وهذا من خطئه ووهمه على سفيان رحمه الله ، والصواب رواية الوقف كما تقدم من رواية ابن المبارك وعبد الرزاق .
ومثل هذا قد يقال إن له حكم الرفع ، كما قال غير واحد من أهل العلم ، وهو يوافق ما تقدم ، وصورته العموم دون اشتراط الليل .
قال المناوي في "التيسير" (2/ 62):
" أَي الكافة لَهُ عَن قَارِئهَا إِذا مَاتَ وَوضع فِي قَبره فَلَا يعذب فِيهِ " .
وقال أبو الحسن المباركفوري رحمه الله :
" معناه أن تلاوة هذه السورة في الحياة الدنيا تكون سبباً لنجاة تاليها من عذاب القبر " .
انتهى من "مرعاة المفاتيح" (7/ 231) .
وفي حديث جابر رضي الله عنه :
" أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ الم تَنْزِيلُ ، وَتَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ " .
رواه الترمذي (2892) وغيره ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله ، لكن الظاهر أنه معلول ، كما ذكره ابن أبي حاتم عن أبيه في العلل (1668) ، وعلل الدارقطني (13/340) واعتمده الحافظ ابن حجر رحمه الله ، كما في إتحاف المهرة (3/155) ، وقال أيضا بعد ما ذكر الكلام في إسناده : " وعلى هذا ؛ فهو مرسل ، أو معضل "
انتهى من "نتائج الأفكار" (3/267) .
والحاصل :
أنه يرجى لصاحب هذه السورة أن يحصل على هذه الفضيلة العظيمة ، فتشفع له عند الله ، وتنجيه من عذاب القبر ، وقد ورد في العناية بها بالليل ، أو عند النوم ، آثار خاصة ، فإذا اجتهد المرء في ذلك ، فهو حسن إن شاء الله .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-03-15, 02:46
رسائل مكذوبة ، في خصائص سور القرآن الكريم .
السؤال:
وصلتني رساله التالية : فوائد قرآنية : للمشاكل الزوجية : سورة المزمل ، للذرية : سورة الأنبياء ، للديون : سورة العاديات ، للزرق : سورة الواقعة ، لطلب الزواج : سورة الحج ، لطرد الوسواس ، للمسجون والفرج : سورة يوسف ، لحفظ الحمل : سورة مريم ، لتسهيل الوﻻدة : سورة الانشقاق ، لنوم الطفل : سورة الغاشية ، للعين : سورة الفلق ، للنسيان : سورة الضحى ، فهل هذا الكلام صحيح ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
من البدعة المحدثة : تخصيص سور أو آيات معينة من القرآن الكريم ، لعلاج أمراض أو مشكلات أو أزمات معينة ، لم يرد به دليل .
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :
" ومن البدع التخصيص بلا دليل ، بقراءة آية ، أو سورة في زمان أو مكان أو لحاجة من الحاجات ، وهكذا قصد التخصيص بلا دليل "
انتهى من " بدع القراءة " (ص14) .
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء :
في أوغندة إذا أراد شخص أن يدعو ربه - دعاء - خاصا لسعة الرزق ، يدعو أشخاصا من المتعلمين ، ويحضرون إليه ، ويحمل كل واحد مصحفه ، ويبدؤون في القراءة ، واحد يقرأ سورة يس لأنها قلب القرآن ، وثاني سورة الكهف ، وثالث سورة الواقعة أو الرحمن ، أو الدخان ، المعارج ، نون ، تبارك ، يعني الملك ، محمد ، الفتح ، ونحو ذلك من السور القرآنية ، وبكرا كذا وبكرا كذا لا يقرءون من البقرة أو النساء ، وبعد ذلك الدعاء ، فهل هذا الطريق مشروع في الإسلام ؟
فأجابت اللجنة : " قراءة القرآن مع تدبر معانيه من أفضل القربات ، ودعاء الله واللجأ إليه في التوفيق للخير وفي سعة الرزق ونحو ذلك من أنواع الخير عبادة مشروعة .
لكن القراءة بالصفة التي ذكرت في السؤال - من توزيع سور خاصة من القرآن على عدة أشخاص ، كل منهم يقرأ سورة ليدعو بعد ذلك بسعة الرزق ونحوها - بدعة ؛ لأن ذلك لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قولا ولا فعلا ، ولا عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ، ولا عن أئمة السلف رحمهم الله ، والخير في اتباع من سلف ، والشر في ابتداع من خلف ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) "
انتهى من"فتاوى اللجنة الدائمة" (2/486) .
وسئلت اللجنة عن تسمية سورة الكهف والسجدة ويس وفصلت والدخان والواقعة والحشر والملك بالسور المنجيات ؟
فأجابت :
" لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه خص هذه السور الثمان بأنها توصف أو تسمى بالمنجيات ، فمن خص السور المذكورة بالمنجيات فهو جاهل مبتدع ، ومن جمعها على هذا الترتيب ، مستقلة عما سواها من سور القرآن ، رجاء النجاة أو الحفظ أو التبرك بها : فقد أساء في ذلك وعصى ؛ لمخالفته لترتيب المصحف العثماني الذي أجمع عليه الصحابة رضي الله عنهم ، ولهجره أكثر القرآن ، وتخصيصه بعضه بما لم يخصه به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه.
وعلى هذا فيجب منع هذا العمل ، والقضاء على ما طبع من هذه النسخ ، إنكارا للمنكر وإزالة له"
انتهى مختصرا من "فتاوى اللجنة الدائمة" (2 / 478-479) .
وعامة ما ورد في السؤال المذكور : مما لا أصل له .
وقد ورد في السؤال أن قراءة سورة الواقعة لجلب الرزق ، وهو في معنى ما ورد : ( من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة لم تصبه فاقة ) وهو حديث ضعيف ، رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (674)، انظر : "الضعيفة" (289).
وأما ورد في السؤال من أن سورة الناس لطرد الوسواس : فهو صحيح بنص آياتها .
وقد روى أبو داود (1463) عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: " بَيْنَا أَنَا أَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْجُحْفَةِ، وَالْأَبْوَاءِ ، إِذْ غَشِيَتْنَا رِيحٌ ، وَظُلْمَةٌ شَدِيدَةٌ ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ بِأَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَأَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، وَيَقُولُ: (يَا عُقْبَةُ، تَعَوَّذْ بِهِمَا؛ فَمَا تَعَوَّذَ مُتَعَوِّذٌ بِمِثْلِهِمَا) " وصححه الأباني في "صحيح أبي داود" .
وما ورد في السؤال من أن قراءة سورة الفلق للعين صحيح للحديث المتقدم .
وما عدا ذلك : فلا نعلم له أصلا في دين الله .
ونستطيع أن نقدم نصيحة أفضل مما وردت في تلك الرسالة :
من أراد أن يحيا حياة طيبة في الدنيا وفي قبره وفي الآخرة : فعليه بالقرآن الكريم كله ، يقرؤه ويتدبره ويعمل بما فيه .
قال الله تعالى : (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) طه/123-124.
وقال تعالى : (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النحل/97.
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-03-15, 02:51
هذا السؤال من الأخلاق المذمومة داعم
هنا لتوضيح اكثر للسؤال السابق
هل يصح الدعاء بمنع عينه وحسده عن الناس ؟
السؤال:
ما صحة هذا الدعاء : ( اللهم أبطل عيني وحسدي ، وتعلق نفسي ممن أصبتهم بها ، بقصد أو غير قصد ) ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
لا نعرف لهذا الدعاء أصلا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أحد من أصحابه ، ولا نعرف أحدا من علماء المسلمين ممن صنف في الأدعية والأذكار ذكره في كتابه ، فلا يشرع التزامه والدعاء به .
ثانيا :
الحسد من الصفات الذميمة التي يتنزه عنها المؤمن كما روى النسائي (3109) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يَجْتَمِعَانِ فِي جَوْفِ مُؤْمِنٍ : غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفَيْحُ جَهَنَّمَ ، وَلَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ : الْإِيمَانُ وَالْحَسَدُ ) وحسنه الألباني في "صحيح النسائي" .
وكما روى مسلم (2559) عَنْ أَبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه أنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ( لاَ تَحَاسَدوا ، وَلاَتَنَاجَشوا ، وَلاَ تَبَاغَضوا ، وَلاَ تَدَابَروا ... )
ومثل ذلك أيضا : الإصابة بالعين :
وقد روى ابن ماجة (3508) والحاكم (7497) عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْعَيْنِ فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ ) وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجة" .
ولأجل ذلك شرع الاستعاذة بالله من العين ، والاستعاذة به من شر حاسد إذا حسد .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه ذلك :
وفي مسند الإمام أحمد (28/612ـ الرسالة) وغيره ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعقبة بن عامر الجهني : ( أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَفْضَلِ مَا تَعَوَّذَ الْمُتَعَوِّذُونَ ؟ ) . قَالَ : قُلْتُ : بَلَى !! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ : هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ ) .
وفي رواية : ( مَا تَعَوَّذَ النَّاسُ بِأَفْضَلَ مِنْهُمَا ) .
ثانيا :
من وجد في نفسه شيئا من ذلك ، أو خشي أن تصيب عينه أحدا من المسلمين ، فالواجب عليه أن يجاهد نفسه في ذلك ، ويكفها عن السوء والأذى ، ويدفع شره عن المسلمين ما استطاع ، ويدعو ويبرك على ما يعجبه من شأن إخوانه ؛ كما روى أحمد (15700) والحاكم (7500) عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ( إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ أَخِيهِ، أَوْ مِنْ نَفْسِهِ، أَوْ مِنْ مَالِهِ مَا يُعْجِبُهُ، فَلْيُبَرِّكْهُ فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ ) وصححه الألباني في "الصحيحة" (2572)
ومن الدعاء المشروع في ذلك : أن يفتقر إلى الله أن يطهر قلبه من الآفات والأمراض :
وقد كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: « اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ مُنْكَرَاتِ الأَخْلَاقِ، وَالأَعْمَالِ وَالأَهْوَاءِ » رواه الترمذي (3591) وحسنه ، وصححه الألباني .
وكان من دعائه الشريف ، صلى الله عليه وسلم ، أيضا : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي، وَمِنْ شَرِّ بَصَرِي، وَمِنْ شَرِّ لِسَانِي، وَمِنْ شَرِّ قَلْبِي، وَمِنْ شَرِّ مَنِيِّي ) يَعْنِي فَرْجَهُ .
رواه الترمذي (3492) وحسنه ، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
وفي دعاء آخر : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ، وَالْقِلَّةِ، وَالذِّلَّةِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَظْلِمَ، أَوْ أُظْلَمَ ) رواه أبو داود (1544) وصححه الألباني .
وفي الحديث الآخر : ( اللهُمَّ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ - رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ ) رواه أحمد (51) وصححه محققو المسند .
وأما الدعاء المذكور في السؤال :
فلا حرج على العبد أن يدعو به لنفسه ، خاصة إذا وجد من نفسه شيئا من ذلك ، لكن الأولى به أن يتخير من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ما يوافق حاله ، فهو أعظم بركة ، وأرجى للقبول .
فإن تخير لنفسه من الدعاء ما يعجبه ، الدعاء المذكور أو غيره مما كان معناه سليما مستقيما ، مناسبا للحال : فلا حرج عليه في ذلك ، لكن لا يجعله وردا ثابتا يلتزمه ، كما تلتزم الأوراد والأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-03-15, 03:01
تريد أن تحفظ القرآن ، وتخاف العقوبة إن نسيته .
السؤال:
أخطط لحفظ القرآن بعد شهر رمضان هذا العام ، ومع هذا لا أدري إن كان هذا القرار صحيحا أم لا ، لأن البعض يتحدث عن عقوبة من يحفظ القرآن ثم ينساه ، ولا أعلم بما تحمله الأيام ، وقد أنسى ما حفظت وأخشى أن تقع علي العقوبة ، هذا هو الأمر الوحيد الذي يحول بيني وبين الحفظ ، فما نصيحتكم ؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
تعلّم كتاب الله وحفظه والعمل به وتعليمه الناس من أجلّ أعمال البر ، فروى البخاري (5027) عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ)
وعَنْ عَائِشَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ ، وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ ، وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ، وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ ، وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ) ر
واه البخاري (4937) ، ومسلم (798) .
لا شك أن النسيان فطري في الإنسان ، وما سميّ الإنسان إلا لنسْيه ، وهو يختلف عادة من شخص لآخر فيقلّ ويكثر بحسب ما فاوت الله بين العباد في قوّة الذاكرة .
والقرآن الكريم يتفلّت من الصدور إذا لم يبادر المسلم إلى المراجعة الدائمة والتعاهد المستمر لما يحفظه منه .
ولعل في ذلك حكماً منها الابتلاء والامتحان لقلوب العباد لكي يتميز الفرق بين القلب المتعلق بالقرآن المواظب على تلاوته والقلب الذي تعلّق به وقت الحفظ ثم فترت همته وانصرف عنه حتى نسيه .
ولعلّ من الحِكَم أيضا تقوية دافع المسلم إلى الإكثار من تلاوة القرآن الكريم لينال الآجر العظيم بكل حرف يتلوه ولو أنه حفظ فلم ينس لما احتاج إلى كثرة التلاوة فيفوت عليه أجر المراجعة والتعاهد ، فخشية النسيان تدفعك إلى الحرص على التلاوة ليزيد أجرك عند ربك ، ولك بكل حرف تتلوه حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها .
ولقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على تعاهد القرآن الكريم خشية النسيان وحذر من التهاون في ذلك كما جاء في أحاديث عديدة ، منها .
1- ما رواه البخاري عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ . البخاري 5031
والمعروف أن الإبل إذا ذهبت وتفلتت من صاحبها لا يقدر على الإمساك بها إلا بعد تعب ومشقة فكذلك صاحب القرآن إن لم يتعاهد حفظه بالتكرار والمراجعة انفلت منه واحتاج إلى مشقة كبيرة لاسترجاعه .
· قال الحافظ ابن حجر في الفتح (9/79) في شرحه لهذا الحديث : ما دام التعاهد موجوداً فالحفظ موجود ، كما أن البعير ما دام مشدوداً بالعقال فهو محفوظ ، وخصّ الإبل الذكر لأنها أشد الحيوان الإنسي نفوراً ، وفي تحصيلها بعد استكمان نفورها صعوبة .
2- وروى مسلم في صحيحه رقم (790و791) عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تعاهدوا هذا القرآن فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عُقُلها
3- وروى البخاري رحمه الله عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِئْسَ مَا لأَحَدِهِمْ أَنْ يَقُولَ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ بَلْ نُسِّيَ وَاسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنْ النَّعَمِ . صحيح البخاري 5032
قال الحافظ في الفتح (9/81) : قال ابن بطال هذا حديث يوافق الآيتين : قوله تعالى { إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً } وقوله تعالى { ولقد يسرنا القرآن للذكر }.
فمن أقبل عليه بالمحافظة والتعاهد يسّرّ له ، ومن أعرض عنه تفلّت منه .
وفي هذا حض على دوام مراجعة الحفظ وتكرار التلاوة خشية النسيان وقد ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم هذا المثل لأنه أقرب في توضيح المقصود ، كما أكد ذلك بالقسم ( فو الذي نفس محمد بيده ) تأكيداً على أهمية تعاهد القرآن ومراجعة الحفظ .
3ـ وأما ما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنباً أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها.
فهو حديث ضعيف ضعفه البخاري والترمذي وانظر تخريج مشكاة المصابيح للألباني رقم (720)
قال الإمام ابن المنادى رحمه الله في متشابه القرآن (ص 52) :
مازال السلف يرهبون نسيان القرآن بعد الحفظ لما في ذلك من النقص .
وقال السيوطي في الإتقان (1/106) :
ونسيانه كبيرة صرح به النووي في الروضة وغيرهما لحديث عُرضت علي ذنوب أمتي ..
ومن أعظم ما يٌعين على تذكّر القرآن وتثبيت حفظه : القيام به في الصلاة وتلاوته فيها وخصوصا قيام الليل وكان السّلف يتلونه في النهار ويقومون به في الليل .
فإذا كنت أيها الأخ السائل مجتهدا في مراجعة القرآن ومتعاهدا له فليس عليك إثم ولو حصل لك نسيان بعضه وإنما الذمّ واللوم على من فرّط وضيّع وأهمل وترك المراجعة والتعاهد نسأل الله المغفرة .
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا ، اللهم علمنا منه ما جهلنا وذكّرنا منه ما نُسّينا إنك أنت السميع العليم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-03-15, 03:03
ثانيا :
نسيان القرآن ليس معصية في نفسه ، ولكنه قد يكون عقوبة على بعض الآثام والمعاصي
لا ينبغي للمسلم أن يقول " نسيتُ " فيما ضاع من ذاكرته في حفظه للقرآن ، بل " أُنسيتُ " أو " نُسِّيت " .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسعود قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( بِئْسَمَا لأَحَدِهِمْ يَقُولُ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ بَلْ هُوَ نُسِّيَ ، اسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ ، فَلَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَمِ بِعُقُلِهَا ) . رواه البخاري ( 4744) ومسلم ( 790 ) .
وفي لفظ لمسلم : ( لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ بَلْ هُوَ نُسِّيَ ) .
وهو الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم .
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَمِعُ قِرَاءَةَ رَجُلٍ فِي الْمَسْجِدِ ، فَقَالَ : ( رَحِمَهُ اللَّهُ ، لَقَدْ أَذْكَرَنِي آيَةً كُنْتُ أُنْسِيتُهَا ) .
رواه البخاري ( 4751) ومسلم ( 788 ) .
قال أبو العباس القرطبي – رحمه الله - :
قوله في آخر الحديث :
( بل هو نُسِّي ) ، وهذا اللفظ رويناه مشدَّدًا مبنيًّا لما لم يسم فاعله ، وقد سمعناه من بعض من لقيناه بالتخفيف ، وبه ضُبِط عن أبي بحر ، والتشديد لغيره ، ولكل منهما وجهٌ صحيح ، فعلى التشديد يكون معناه : أنه عوقب بتكثير النسيان عليه ؛ لما تمادى في التفريط ، وعلى التخفيف يكون معناه : تُرِك غير مُلْتَفَتٍ إليه ، ولا مُعْتَنىً به ، ولا مرحوم ، كما قال الله تعالى : ( نسوا الله فنسيهم ) ؛ أي : تركهم في العذاب ، أو تركهم من الرحمة .
" المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم " ( 2 / 419 ) .
وقد اختلف العلماء في حكم نسيان القرآن ممن كان حفظه ، وقد ذهب طائفة من الشافعية إلى أنه من الكبائر ! وقال بعضهم إنه من الذنوب .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
فإن نسيان القرآن من الذنوب .
" مجموع الفتاوى " ( 13 / 423 ) .
وقال الشيخ زكريا الأنصاري – رحمه الله - :
( ونسيانه كبيرة ) , وكذا نسيان شيء منه ؛ لخبر ( عُرضت عليَّ ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها ) ، وخبر ( من قرأ القرآن ثم نسيه لقي الله عز وجل يوم القيامة أجذم ) رواهما أبو داود ) ا.هـ .
وفي حاشية " الرملي " عليه :
قوله : ( ونسيانه كبيرة ) موضعه إذا كان نسيانه تهاوناً وتكاسلاً .
" أسنى المطالب " ( 1 / 64 ) .
والأظهر أن نسيان القرآن : ليس كبيرة ، بل ولا ذنبا، ولكنه مصيبة ، أو عقوبة ، والغالب أن يكون هذا بسبب إعراضه عن العمل به ، وعدم تعاهده ، وقد أمِر بكلا الأمرين ، فلما لم يستجب للأمر عوقب بما فيه سلب لخيرٍ عظيم ، وقد يكون نسيانه له بسبب معاصٍ وذنوب ، فيأثم عليها ، ويعاقب بسلب القرآن منه ، وأما إن كان نسيانه لما حفِظَ بسبب ضعفٍ في ذاكرته : فلا شيء عليه ، لكن عليه المداومة على تنشيطها بكثرة القراءة ، وبالقيام بما يحفظ ؛ فإنه من أعظم السبل للبقاء على ما يحفظ .
1. من قال إن نسيان القرآن مصيبة :
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
وأخرج أبو عبيد من طريق الضحاك بن مزاحم موقوفاً قال : " ما مِن أحد تعلم القرآن ثم نسيه إلا بذنب أحدثه ؛ لأن الله يقول : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ) ، ونسيان القرآن من أعظم المصائب .
" فتح الباري " ( 9 / 86 ) .
2. من قال إنه عقوبة :
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
قال أبو العباس القرطبي – رحمه الله - :
مَن جمع القرآن : فقد علت رتبته ، ومرتبته ، وشرف في نفسه ، وقومه شرفاً عظيماً ، وكيف لا يكون ذلك و " من حفظ القرآن فكأنما أدرجت النبوة بين كتفيه " [ قاله عبد الله بن عمرو بن العاص ، وانظر " السلسلة الضعيفة " ( 5118 ) ]، وقد صار ممن يقال فيه : " هو مِن أهلِ الله تعالى وخاصته " [
رواه ابن ماجه ( 215) وهو صحيح ] ، وإذا كان كذلك : فمِن المناسب تغليظ العقوبة على من أخلَّ بمزيته الدينية ، ومؤاخذته بما لا يؤاخذ به غيره ، كما قال تعالى : ( يا نساء النبي من يأتِ منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين ) ؛ لاسيما إذا كان ذلك الذنب مما يحط تلك المزية ويسقطها ؛ لترك معاهدة القرآن المؤدي به إلى الرجوع إلى الجهالة .
" المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم " ( 2 / 419 ) .
وبكل حال : فهي مصيبة أو عقوبة ، لكن لا نجزم بالإثم لمجرد النسيان .
قال علماء اللجنة الدائمة :
فلا يليق بالحافظ له أن يغفل عن تلاوته ، ولا أن يفرط في تعاهده ، بل ينبغي أن يتخذ لنفسه منه ورداً يوميّاً يساعده على ضبطه ، ويحول دون نسيانه ؛ رجاء الأجر ، والاستفادة من أحكامه ، عقيدة ، وعملاً ، ولكن مَن حفظ شيئاً مِن القرآن ثم نسيه عن شغل ، أو غفلة : ليس بآثم ، وما ورد من الوعيد في نسيان ما قد حفظ : لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 4 / 99 ) .
والظاهر أن من قال إن نسيان القرآن من الذنوب ، أو الكبائر : قد استدل بحديثين وردا في ذلك – كما نقلناه عن زكريا الأنصاري - ، لكن كلا الحديثين لا يصحان ، فلا يصلح الاستدلال بهما .
1. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي حَتَّى الْقَذَاةُ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ آيَةٍ أُوتِيَهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا ) .
رواه الترمذي ( 2916 ) وضعفه ، ونقل عن البخاري استغرابه ، وأبو داود ( 461 ) ، وضعفه الألباني في " ضعيف الترمذي " .
2. عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا مِنْ امْرِئٍ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ ثُمَّ يَنْسَاهُ إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَجْذَمَ ) .
رواه أبو داود ( 1474 ) وضعفه الألباني في " ضعيف أبي داود " .
والظاهر أن من قال إن النسيان كبيرة ، أو أنه ذنب : لم يرِد ما يكون بسبب ضعف الذاكرة ، بل ما كان النسيان بسبب التهاون ، والكسل ، كما صرَّح به الرملي الشافعي .
سئل الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - :
نحن طلاب العلم نحفظ الكثير من الآيات على سبيل الاستشهاد ، وفي نهاية العام نكون قد نسينا الكثير منها ، فهل ندخل في حكم من يعذبون بسبب نسيان ما حفظوه ؟ .
فأجاب :
نسيان القرآن له سببان :
الأول : ما تقتضيه الطبيعة .
والثاني : الإعراض عن القرآن ، وعدم المبالاة به .
فالأول : لا يأثم به الإنسان ، ولا يعاقب عليه ، فقد وقع من رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى بالناس ، ونسي آية ، فلما انصرف ذكَّره بها أبيّ بن كعب ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( هلا كنت ذكرتنيها ) ، وسمع رسول الله قارئاً يقرأ ، فقال : ( يرحم الله فلاناً فقد ذكرني آية كنت أنسيتها ) .
وهذا يدل على أن النسيان الذي يكون بمقتضى الطبيعة : ليس فيه لوم على الإنسان .
أما ما سببه الإعراض ، وعدم المبالاة : فهذا قد يأثم به ، وبعض الناس يكيد له الشيطان ، ويوسوس له أن لا يحفظ القرآن لئلا ينساه ويقع في الإثم ! والله سبحانه وتعالى يقول : ( فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً ) النساء/ 76 ، فليحفظ الإنسان القرآن ؛ لأنه خير ، وليؤمل عدم النسيان ، والله سبحانه عند ظن عبده به .
" كتاب العلم " ( 96 ، 97 ) .
وما سبق من الجواب هو في " نسيان القرآن " ، ولم نجد شيئاً من كلام العلماء في " نسيان أسماء الله الحسنى " ، وليسا سواءً .
ثالثا :
ليس من شك أن ما ذكر في السؤال : هو من حيل الشيطان ، وكيده ، ومكره بالعبيد ؛ يصد الشيطانُ المسلمَ عن حفظ القرآن الكريم ويوسوس له بأنه إذا حفظه فقد ينساه ويقع في الإثم! ويريد الشيطان بذلك أن يمنع المسلم من فعل هذه العبادة العظيمة ويحرمه من ثوابها ، فعلى المسلم ، الناصح لنفسه ، الطالب لخيره : أن يراغم الشيطان ، ولا يستسلم لهذه الوسوسة .
وقراراك أن تحفظي القرآن الكريم هو قرار صائب بلا شك ، وستجنين من ورائه الخير في الدنيا والآخرة إن شاء الله ، وإذا يسر الله لك حفظ شيء منه ، فاحرصي على مراجعته وتدبره ، ومعرفة معناه والعمل به ، فبذلك لن تنسيه إن شاء الله ، وإذا قُدِّر ونسيت منه شيئا فليس ذلك معصية كما تقدم .
نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-03-15, 03:11
هل ثبت أن الاستماع إلى " سورة الرحمن "
يعالج الكثير من الأمراض ؟
السؤال:
وصلتني الرسالة التالية : إن سورة الرحمن فيها معجزة عظيمة للشفاء - بإذن الله - من أي مرض عضال ؟ فالأمراض الجسدية , والنفسية , والروحية , والميؤوس منها , وكثير من المشاكل يمكن أن تتعالج - بإذن الله - بالاستماع لسورة الرحمن " خصوصاً بصوت الشيخ عبد الباسط رحمه الله " ثلاث مرات موزعة في اليوم , وتكرار ذلك لمدة أسبوع لمعظم المرضى , وشهر لعدد أقل , وأكثر من ذلك لقلة نادرة
والمهم الاستمرار إلى الشفاء ، وبإذن الله وهي تعالج الاكتئاب , وضغط الدم , والسكري , والسرطان , والتهاب الكبد الوبائي , وغيرها , فما صحة هذا الكلام ؟
الجواب :
الحمد لله
القرآن كله هدى وشفاء ورحمة للمؤمنين ، قال الله تعالى : ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) الإسراء/ 82 ، وقال تعالى : ( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ) فصلت/ 44 .
هو شفاء لأمراض القلوب والأبدان .
قال الشوكاني رحمه الله :
" اختلف أهل العلم في معنى كونه شفاء على قولين : الأول : أنه شفاء للقلوب بزوال الجهل عنها وذهاب الريب [ أي : الشك ] وكشف الغطاء عن الأمور الدالة على الله سبحانه .
القول الثاني : أنه شفاء من الأمراض الظاهرة بالرقى والتعوذ ونحو ذلك .
ولا مانع من حمل الشفاء على المعنيين "
انتهى من " فتح القدير " (3 /362) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" تأثير قراءة القرآن في المرضى أمرٌ لا ينكر ، قال الله تعالى : ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً ) ، والشفاء هنا شامل الشفاء من أمراض القلوب وأمراض الأجسام " انتهى من " فتاوى نور على الدرب " لابن عثيمين .
وقد جاءت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بإثبات فضيلة زائدة لبعض سور القرآن الكريم ، وتأثيرها في حصول الشفاء من الأمراض ، كسورة الفاتحة التي هي أعظم سورة في القرآن الكريم ، وسورة " قل هو الله أحد " التي تعدل ثلث القرآن الكريم ، وسورة الفلق وسورة الناس .
ولا نعلم حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أن لسورة الرحمن فضيلة ليست لغيرها في علاج الأمراض .
وإذا نظرنا إلى ما ذكر في السؤال عن سورة الرحمن ، فإنه أقرب إلى البدعة والكذب على الله تعالى ، وأحاديث القصاص والطرقية ؛ لأن مثل هذا التحديد الدقيق ، لا يمكن أن يعلم إلا من جهة الوحي ، [ تحديد لسورة معينة ، واستماعها لعدد معين من المرات ، ولمدة محددة ، ولأمراض محددة ] .
وكيف خفي هذا على الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثم علمه هذا المتكلم ؟!
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء عن سؤال قريب من هذا ، فأجابوا :
" ما جاء في السؤال من أن علاج القلق هو قراءة جزء من القرآن وتفسيره من ابن كثير ، فلا أصل له ، لكن القرآن كله مما يرقى به وينفع الله به .
أما تخصيص آيات معينة لرقية بعض الأمراض بلا دليل فلا يجوز ، فإن القرآن خير كله وشفاء للمؤمنين ، ومن أعظم ما يرقى به منه الفاتحة .
ويجب التنبه إلى أن القرآن ما نزل ليكون دواء لأمراض الناس البدنية فقط ، لكن نزل لأمر عظيم وخطب جليل ، ليكون نذيرا للعالمين وهاديا إلى صراط الله المستقيم ، وحاكما بينهم فيما يختلفون فيه ، ومحذرا من طريق الكفر والكافرين ، وهو مع هذا ينفع الله تعالى به عباده المؤمنين من أسقامهم الدينية والبدنية "
انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الثانية " (1/76) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-03-15, 03:15
هذا السؤال من اصول الفقه قسم البدعه
داعم هنا لتوضيح اكثر للسؤال السابق
حكم ما يسمى بخاتم الشفاء
السؤال :
خضع أخي لعملية جراحية وحالته الآن خطيرة جداً ، لذا قررت والدتي ان تُقيم ما يُسمى "ختام الشفاء" حيث يتم ترديد عبارة "يا سلام" 12500 مرة ، وتتلى بعض الأدعية ، وتُتلى سورة يس وسورة الرحمن أربعين مرة ، ويُطعم الفقراء وتُوزّع الخراف .
فهل فعل النبي صلى الله عليه وسلم أمراً كهذا ؟
الجواب :
الحمد لله .
ما يسمى بخاتم الشفاء فهو من البدع المحدثة
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا , وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ )
رواه النسائي (1578) وصححه الألباني في " صحيح الجامع " رقم (1353) ، وتخصيص هذه السور والأذكار الواردة في السؤال أمر لم يقم عليه دليل ، ولا يجوز فعل هذه الأمور التي لم يدل عليها كتاب ربنا ولا سنة نبينا صلى الله عليه وسلم .
والوارد في ديننا هو الدعاء للمريض ، وأن نسأل الله له الشفاء والطهر ، وذلك له أعظم الأثر في ذهاب الداء ، وسرعة الشفاء ، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ : ( مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ فَقَالَ عِنْدَهُ سَبْعَ مِرَارٍ : أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ ، إِلَّا عَافَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ ) .
رواه أحمد (2137) وأبو داود (3106) والترمذي (2083) وصححه الألباني .
فعليكم بالدعاء له بما ورد في هذا الحديث وغيره من الأحاديث الصحيحة .
وكذلك الصدقة ، ولا شك أن الإنفاق في سبيل الله مما يجلب الخير ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ ، إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا : اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا ، وَيَقُولُ الآخَرُ : اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا )
رواه البخاري (1442) ومسلم (1010) .
فأنفقوا وتصدقوا وأبشروا بالخلَف من الله سبحانه .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
messi20122013
2018-04-11, 09:28
بارك الله فيك
falconpro
2018-08-13, 22:21
مشكور على الموضوع
عبدالرحمان المهاجر
2018-08-19, 17:48
جزاك الله خيرا
الدرة المصونة 5
2018-09-18, 14:50
بارك الله فيك
بارك الله فيكم و جزاكم الله كل خير.
بارك الله فيك اخي الكريم
موضوع مميز
جزاك الله خيرا
سي يوسف مشرقي
2018-10-18, 15:34
بارك الله فيك
*عبدالرحمن*
2019-01-07, 14:48
بارك الله فيك
بارك الله فيك اخي الكريم
موضوع مميز
جزاك الله خيرا
بارك الله فيكم و جزاكم الله كل خير.
بارك الله فيك
جزاك الله خيرا
مشكور على الموضوع
بارك الله فيك
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اسعدني حضوركم الطيب المميز مثلكم
في انتظار مروركم العطر دائما
بارك الله فيكم
و جزاكم الله عنا كل خير
*عبدالرحمن*
2019-01-07, 14:52
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
التحذير من الأحاديث الضعيفة في فضائل سور القرآن المجيد
السؤال
هل فضائل السور الواردة في هذا الموقع صحيحة ؟
وهل تلاوة سور : ( الرحمن والواقعة والحديد ) على التوالي كفيل بحجز مكان للعبد في جنة الفردوس ؟
وأين يمكنني الحصول على مصدر موثوق صحيح يسرد فضائل سور القرآن ؟ رابط الموقع (********************)
الجواب
الحمد لله
أولا :
بعد الاطلاع على هذا الموقع ، وجدناه مليئا بالكذب على الله ورسوله ، وذلك أنهم يذكرون لكل سورة فضلا مكذوبا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو عن علي رضي الله عنه ، أو عن جعفر الصادق رحمه الله ، أو غيرهم .
فمن هذه الأكاذيب :
من قرأ سورة النساء كل جمعة أمن من ضغطة القبر ، ومن قرأ سورة المائدة حصل على أجر يعادل عشرة أضعاف عدد اليهود والنصارى الذين هم على قيد الحياة في العالم كله
وغفر له نفس القدر من الخطايا ، وأن كتابة سورة الأعراف بماء الورد والزعفران والمحافظة عليها يسلم بها العبد من الأعداء والحيوانات الضارية ، ومن قرأ سورة الأنفال وسورة التوبة كل شهر برئ من النفاق
وأن ثواب قراءة سورة ( ص ) يساوي وزن جبل نبي الله داود عليه السلام
ومن قرأ سورة الزمر لم يدخل النار ، ومن قرأ سورة غافر مرة واحدة كل ثلاثة أيام غفرت له ذنوبه ، ومن قرأ سورة السجدة سطع له نور بين يديه يوم القيامة ... إلى غير ذلك من الأكاذيب .
ثانيا :
القول بأن قراءة سورة الرحمن والواقعة والحديد على التوالي يكفل للعبد موضعا في جنة الفردوس : قول لا دليل عليه ، وهذا من التقول على الله تعالى ، ومن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولا نعلم شيئا ثابتا في فضائل هذه السور خاصة ، مجتمعة أو متفرقة .
- وأما حديث : ( لكل شيء عروس، وعروس القرآن سورة الرحمن ) فحديث منكر ، انظر : "سلسلة الأحاديث الضعيفة" للألباني (1350).
- وحديث : ( من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا ) ضعيف
انظر : "الضعيفة" (289).
- وحديث : ( من قَرَأَ سُورَة الْحَدِيد كتب من الَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرُسُله ) موضوع
انظر : "السراج المنير" (4/ 219) للخطيب الشربيني ، "الفتح السماوي" (921) للمناوي .
ثالثا :
صنف الأئمة في فضائل القرآن مصنفات متعددة ، من أهمها : فضائل القرآن للقاسم بن سلام ، وفضائل القرآن لأبي الفضل الرازي ، وفضائل القرآن للضياء المقدسي
وفضائل القرآن للفريابي ، وفضائل القرآن لابن الضريس ، وفضائل القرآن للمستغفري ، وفضائل القرآن لمحمد بن عبد الوهاب .
وفيها الصحيح والضعيف ، وبعضها أصح من بعض .
ومن أصح ما صنف في فضائل القرآن :
- "فضائل القرآن" / للحافظ ابن كثير الدمشقي .
- "الصحيح والسقيم في فضائل القرآن الكريم" / جمعية الحديث الشريف .
- "الصحيح المسند من فضائل السور" / لحسان بن عبد الرحيم .
- "صحيح فضائل القرآن" / لمؤيد عبد الفتاح حمدان .
وانظر للفائدة إجابة السؤالين القادمين
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2019-01-07, 14:55
هل صح قراءة سورتي السجدة والملك بين المغرب والعشاء وفضل أيات من سورة الأنعام ؟
السؤال
هل ورد شيء بخصوص قراءة سورة السجدة والملك بين المغرب والعشاء ؟
وكذلك قراءة ثلاث آيات من سورة الأنعام بعد صلاة الفجر مباشرة ؟.
الجواب
الحمد لله
أولاً :
قَبْلَ الإِجَابَةِ عَلَى هذا السُّؤَالِ لاَ بُدَّ مِن تَقرِيْرِ مَسْأَلَةٍ مُهِمَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِفَضَائِلِ السُّوَرِ .
لَقَدْ وُضِعَتْ فِي فَضَائِلِ السُّوَرِ أَحَادِيْثُ مَكْذُوْبَةٌ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمِن أَشْهَرِ مَنْ عُرِفَ بِذَلِكَ :
1- نُوْحُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ الجَامِعُ ، وَالَّذِي قِيْلَ فِيْهِ :
" جَمَعَ كُلَّ شَيْء إِلاَّ الصِّدْق " ، فَقَدْ أَبَاحَ – بِزَعمِهِ – الكَذِبَ فِي الحَدِيْثِ لِمَصْلَحَةِ الدِّيْنِ ، فاختلق أحاديث من عنده ونسبها إلى الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في فضائل سور القرآن الكريم سورةً سورةً .
قَالَ أَبُو عَمَّارٍ الحُسَيْنُ بنُ حُرَيْثٍ المَرْوَزِيُّ : قِيْل لأَبِي عِصْمَةَ –وهو نوح بن أبي مريم - : " مِنْ أَيْنَ لَكَ عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي فَضَائِلِ القُرْآنِ سُوْرَةً سُوْرَةً
وَلَيْسَ عِنْدَ أَصْحَابِ عِكْرِمَةَ هَذَا ؟ " ، فَقَالَ : " إِنِّي رَأَيْتُ النَّاسَ قَدْ أَعْرَضُوا عَنِ القُرْآنِ ، وَاشْتَغَلُوا بفقهِ أَبِي حَنِيْفَةَ وَمَغَازِي مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، فَوَضَعْتُ هَذَا الحَدِيْثَ حِسْبَةً " ( أي : ابتغاء الأجر )
أَخْرَجَهُ الحَاكِمُ فِي " المَدْخَلِ " ( ص 54 ) وَابْنُ الجَوْزِيِّ فِي " المَوْضُوْعَاتِ " (16) ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيْحٌ .
2- وَآخَرُ اسْمُهُ مَيْسَرَةُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ الفَارِسِيُّ ، قَالَ عَنْهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي " الْمَجْرُوحِينَ " (2/345 رقم 1038) : " وَهُو صَاحِبُ حَدِيْثِ فَضَائِلِ القُرْآنِ الطَّوِيْلِ " مَنْ قَرَأَ كَذَا فَلَهُ كَذَا " .
وَجَاءَ فِي " لِسَانِ المِيْزَانِ " (7/198) لِلْحَافِظِ ابْنِ حَجرٍ :
" وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي " الضُّعَفَاءِ " عَن ابْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ : قُلْتُ لِمَيْسَرَةَ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ : " مِنْ أَيْنَ جِئْتَ بِهَذِهِ الأَحَادِيْثِ : " مَنْ قَرَأَ كَذَا فَلَهُ كَذَا " ؟ قَالَ : " وَضَعْتُهَا أُرَغِّبُ النَّاسَ َفِيْهَا " .
فهذه أمثلة لمن يجترئ ويكذب في الحديث على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمصلحة يراها ، خدعه بها إبليس .
وقد نَبَّه العُلَمَاءُ عِلى عَدَمِ ثُبُوتِ الأَحَادِيْثِ التي فيها سرد فَضَائِلِ جميع سور القُرْآنِ الكريم ، سورةً سورةً ، وَمِمَّنْ نَبَّه عِلَى ذَلِك المَوْصِلِيُّ فِي " المُغنِي عَنِ الحِفْظِ وَالكِتَابِ " (1/121)
فَقَالَ : " قَدْ وَرَدَ : " مَنْ قَرَأَ كَذَا فَلَهُ أُجْرُ كَذَا ... مِنْ أَوَّلِ القُرْآنِ إِلَى آخِرِهِ ؛ قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ : " أَظُنُّ الزّنَادقَةَ وَضَعَتْهَا " . قَالَ المُصَنِّفُ – أَي : المَوْصِلِيُّ - : " فَلم يَصِح فِي هَذَا شَيْءٌ ... " .
وَنَبَّه عِلَى ذَلِك أَيْضاً ابْنُ القيِّمِ فِي " المَنَارِ المُنِيفِ " ( ص 113 – 144 ) ، وَالشَّيْخُ بَكْرٌ أَبُو زَيْد فِي " التَّحدِيْث بِمَا قِيْلَ : " لا يَصِحُّ فِيْهِ حَدِيْثٌ " ( ص 122 – 123) وَأَضَافَ : " تَنْبِيْهٌ :
فَضَائِلُ القُرْآنِ الكَرِيْمِ ، وَفَضَائِلُ بَعْضِ السُّوَرِ وَالآيَاتِ مَعْلُوْمَةٌ بِنُصُوْصٍ صَحِيْحَةٍ مَرْفُوْعَةٍ إِلَى َالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمُرَادُ ابْنِ المُبَارَكِ وَمَنْ بَعْدَهُ هُو تِلكُم الأَحَادِيْثُ الطِّوَالُ الَّتِي
تَنْتَظِمُ سُّوَرَ القُرْآنِ سُوْرَةً سُوْرَةً ؛ كَالحَدِيْثِ المَنْسُوْبِ إِلَى أُبيِّ بنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَنَشْرُهُ بَعْضُ المفسِّرِيْنَ ؛ مِثْلُ : الثَّعْلَبِيِّ ، وَالوَاحِدِيِّ ، وَالزَّمَخشرِيِّ فِي تفَاسيرِهِم
فَهَذِهِ مَوْضُوْعَةٌ ، وَهِي المُرَادَةُ فِي كَلاَم ابْنِ المُبَارَكِ وَغَيْرِهِ ، وَاللهُ أَعْلَمُ " .ا.هـ.
ثانياً :
وَأَمَّا الأَحَادِيْثُ الَّتِي سَأَلْتَ عَنْهَا فَالجَوَابُ :
تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ الأَوَّلِ :
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ قَرَأَ : " تبَاركَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ " وَ " ألم . تنَزِيْل " السَّجْدَة ، بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ الآخِرَةِ فَكَأَنَّمَا قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ " .
ذَكَرَهُ السُّيوطِيُّ فِي " الدُّرِّ المنثَوْرِ " (6/535) عِنْدَ بدَايَةِ سُوْرَةِ السَّجْدَة ، وَقَالَ : " وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْه عَنْ ابنِ عُمَرَ ... فَذَكَرَهُ " .
وَنَقَلَهُ الأَلُوسِي فِي " رَوحِ المَعَانِي " (21/116) عَنْ السُّيوطِيِّ ثُمّ قَالَ : " وَرَوَى نَحْوَهُ هُو –
أَي : السُّيوطِيّ - وَالوَاحِدِيُّ مِنْ حَدِيْثِ أُبيِّ بنِ كَعْبٍ ، والثعلبي مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَتَعَقَب ذَلِك وَلِيُّ الدِّيْنِ قَائِلاً : " لَم أَقِف عَلَيْهِ ، وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ كُلِّهَا مَوْضُوْعَةٌ " .اهـ بتصرف يسير .
وَالحَدِيْثُ وَرَدَ بعدَّةِ أَلْفَاظٍ مِنْهَا المُطلَقُ مِنْ غَيْرِ تَحدِيْدٍ لِوقْتِ القِرَاءةِ ، وَمِنْهَا المُقَيَّدُ بِوقْتٍ كَما فِي رِوَايَةِ ابنِ عُمَرَ ، وَوَرَدَ أَيْضاً مَرْفُوْعاً وَمَوْقُوْفاً ،
ذَكَرَهَا الغَافِقِيُّ فِي " لََمَحَاتِ الأنْوَارِ " (1127 ، 1129 ، 1140 ، 1141 ، 1142 ، 1143 ، 1144 ، 1146) ، إِلاَّ رِوَايَة ابنِ عُمَرَ .
تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ الثَّانِي :
وَرَدَ مِنْ طَرِيْقَيْنِ :
1- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا مَرْفُوْعاً قَالَ : " مَنْ قَرَأَ إِذَا صَلَّى الغَدَاةَ ثَلاَثَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُوْرَةِ الأَنْعَامِ إِلَى " وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ " [ الأَنْعَامُ : 3 ] ، نَزَلَ إِلَيْهِ أَرْبَعُوْنَ أَلْفَ مَلَك يُكْتَبُ لَه مِثلَ أَعْمَالِهِم
وَبُعِثَ إِلَيْهِ مَلَكٌ مِنْ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ وَمَعَهُ مِرْزَبَةٌ مِنْ حَدِيْدٍ ، فَإِن أَوْحَى الشَّيْطَانُ فِي قَلْبِهِ شَيْئاً مِنَ الشَّرِّ ضَرَبَهُ حَتَّى يَكُوْنَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ سَبْعُوْنَ حِجَاباً
فَإِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ قَالَ اللهُ : " أَنَا رَبُّكَ وَ أَنْتَ عَبْدِي ، وَامْشِ فِي ظِلِّي ، وَاشْرَبْ مِنْ الكَوْثَرِ ، وَاغْتَسِلْ مِنْ السَّلْسَبِيلِ ، وَادْخُلِ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلاَ عَذَابٍ " .
ذَكَرَهُ السُّيوطِيُّ فِي " الدُّرِّ المنثَوْرِ " (3/245 – 246)
وَقَالَ : " وَأَخْرَجَ السِّلَفِيُّ بِسَنَدٍ وَاهٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوْعاً " ، وَذَكَرَهُ الغَافِقِيُّ فِي " لََمَحَاتِ الأنْوَارِ " (941) .
2- عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ قَالَ : قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" مَنْ صَلَّى الفَجْرَ فِي جَمَاعِةٍ ، وَقَعَدَ فِي مُصَلاَّهُ ، وَقَرَأَ ثَلاَثَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُوْرَةِ الأَنْعَامِ ، وَكَّلَ اللهُ بِهِ سَبْعِيْنَ مَلَكاً يُسَبِّحُونَ اللَّه وَيَسْتَغْفِرُوْنَ لَهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ " .
ذَكَرَهُ السُّيوطِيُّ فِي " الدُّرِّ المنثَوْرِ " (3/246) وَعَزَاهُ لِلدَّيْلَمِيِّ ، وَالغَافِقِيُّ فِي " لََمَحَاتِ الأنْوَارِ " (935) بِلَفْظٍ مُقَارِبٍ لِحَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ .
قَالَ الأَلُوسِي فِي " رَوحِ المَعَانِي " (7/76)
بَعْدَ ذِكْرِهِ جُمْلَةً مِنْ الأَحَادِيْث وَالآثَارِ عِنْدَ سُوْرَةِ الأَنْعَامِ وَمِنْهَا حَدِيْثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُوْدٍ : " إِلَى غَيْرِ ذَلِك مِنَ الأَخْبَارِ ، وَغَالِب ما فِي هَذَا المَطْلَبِ ضَعِيْفٌ وَبَعْضَهَا مَوْضُوْعٌ ، كَما لاَ يَخْفَى " .ا.هـ.
وَسُوْرَةُ الأَنْعَامِ لم يَثْبُت شَيْءٌ من الأحاديث فِي فَضْلِهَا .
فأما سورتا السجدة وتبارك فلم يثبت شيء في قراءتهما بين المغرب والعشاء ، ولكن ثبت في فضل سورة السجدة قراءتها في صلاة الفجر يوم الجمعة .
روى البخاري (891) ومسلم (880) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ (الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ) وَ (هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنْ الدَّهْرِ) .
وورد في فضل سورة تبارك قراءتها قبل النوم أو عموماً ، فقد روى الترمذي (2891) وأبو داود (1400) وابن ماجه (3786) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
: (إِنَّ سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ ثَلاثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ وَهِيَ سُورَةُ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) . قَالَ الترمذي : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ .
و قال ابن حجر في التلخيص (1/234):
"أعله البخاري في التاريخ الكبير بأن عباس الجشمي (وهو الراوي عن أبي هريرة) لا يعرف سماعه من أبي هريرة اهـ .
وحسنه الألباني في مواضع ، وصححه في مواضع .
انظر : "صحيح سنن ابن ماجه" ، "صحيح سنن أبي داود" . وقبله قال المنذري : رواه أبو داود والترمذي وحسنه واللفظ له ، والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال : صحيح الإسناد .
وروى الترمذي (2892) عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لا يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ الم تَنْزِيلُ وَتَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ . صححه الألباني في صحيح الترمذي .
*عبدالرحمن*
2019-01-07, 14:59
متى وقت قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
السؤال
وفقا للسنة , ما هو الوقت الصحيح لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة ؟
هل نقرأها من بعد الفجر إلى ما قبل صلاة الجمعة , أم في أي وقت من ذلك اليوم ؟
وأيضا , هل قراءة سورة آل عمران يوم الجمعة من السنة ؟
وإذا كان الجواب بنعم , فمتى نقرأها ؟.
الجواب
الحمد لله
ورد في فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة أو ليلتها أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم منها :
أ. عن أبي سعيد الخدري قال : " من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور فيما بينه وبين البيت العتيق " . رواه الدارمي ( 3407 ) . والحديث : صححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 6471 ) .
ب. " من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين " .
رواه الحاكم ( 2 / 399 ) والبيهقي ( 3 / 249 ) . والحديث : قال ابن حجر في " تخريج الأذكار " : حديث حسن ، وقال : وهو أقوى ما ورد في قراءة سورة الكهف .
انظر : " فيض القدير " ( 6 / 198 ) .
وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 6470 ) .
ج. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء يضيء له يوم القيامة ، وغفر له ما بين الجمعتين ".
قال المنذري : رواه أبو بكر بن مردويه في تفسيره بإسناد لا بأس به .
" الترغيب والترهيب " ( 1 / 298 ) .
وتقرأ السورة في ليلة الجمعة أو في يومها ، وتبدأ ليلة الجمعة من غروب شمس يوم الخميس ، وينتهي يوم الجمعة بغروب الشمس ، وعليه : فيكون وقت قراءتها من غروب شمس يوم الخميس إلى غروب شمس يوم الجمعة .
قال المناوي :
قال الحافظ ابن حجر في " أماليه " : كذا وقع في روايات " يوم الجمعة " وفي روايات " ليلة الجمعة " ، ويجمع بأن المراد اليوم بليلته والليلة بيومها .
" فيض القدير " ( 6 / 199 ) .
وقال المناوي أيضاً :
فيندب قراءتها يوم الجمعة وكذا ليلتها كما نص عليه الشافعي رضي اللّه عنه .
" فيض القدير " ( 6 / 198 ) .
ولم ترد أحاديث صحيحة في قراءة سورة " آل عمران " يوم الجمعة ، وكل ما ورد في ذلك ، فهو ضعيف جدّاً أو موضوع .
عن ابن عباس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ السورة التي يذكر فيها آل عمران يوم الجمعة صلى الله عليه و ملائكته حتى تحجب الشمس " .
رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 6 / 191 ) ، و" الكبير " ( 11 / 48 ) .
والحديث : ضعيف جدّاً أو موضوع .
قال الهيثمي : رواه الطبراني في " الأوسط " و " الكبير " ، وفيه طلحة بن زيد الرقي وهو ضعيف [ جدّاً ] .
" مجمع الزوائد " ( 2 / 168 ) .
وقال ابن حجر : طلحة ضعيف جداً ونسبه أحمد وأبو داود إلى الوضع .
انظر : " فيض القدير " ( 6 / 199 ) .
وقال الشيخ الألباني :
موضوع
انظر حديث رقم : ( 5759 ) في " ضعيف الجامع " .
ومنها ما رواه التيمي في " الترغيب : " من قرأ سورة البقرة وآل عمران في ليلة الجمعة كان له من الأجر كما بين البيداء أي الأرض السابعة وعروباً أي السماء السابعة " .
قال المناوي :
وهو غريب ضعيف جداً . " ف
يض القدير " ( 6 / 199 ) .
والله أعلم.
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2019-01-07, 15:03
فضل سورة ( يس )
السؤال
هل هناك أحاديث صحيحة في فضل قراءة سورة ( يس ) ؟ البعض يقول : إنها لِمَا قُرِأت له ؟
الجواب
الحمد لله
أولا :
سورة ( يس ) من سور القرآن المكية العظيمة ، عدد آياتها ثلاث وثمانون آية
فواصلها القصيرة لها وقع قوي في النفوس المؤمنة ، موضوعاتها الرئيسية هي موضوعات السور المكية
تحدثت عن توحيد الألوهية والربوبية وعاقبة المكذبين بهما ، والقضية التي يشتد عليها التركيز في السورة هي قضية البعث والنشور .
ثانياً :
قد وردت عدة أحاديث في فضائل هذه السورة ، أكثرها مكذوبة موضوعة ، وبعضها ضعيف ضعفا يسيرا ، ولم نقف على حديث صحيح مخصوص في فضل سورة ( يس ) .
فمما ورد من فضائلها ويضعفه أهل العلم بالحديث – وإنما نسوقه هنا للتنبيه عليه - :
( إن لكل شيء قلبا ، وقلب القرآن ( يس ) ، من قرأها فكأنما قرأ القرآن عشر مرات )
( من قرأ سورة ( يس ) في ليلة أصبح مغفورا له )
( من داوم على قراءتها كل ليلة ثم مات مات شهيدا )
( من دخل المقابر فقرأ سورة ( يس ) ، خفف عنهم يومئذ ، وكان له بعدد من فيها حسنات )
انظر "الموضوعات" لابن الجوزي (2/313) ، "الفوائد المجموعة" للشوكاني (942،979) ،
وانظر للأهمية رسالة : " حديث قلب القرآن يس في الميزان ، وجملة مما روي في فضائلها " لفضيلة الشيخ محمد عمرو عبد اللطيف ، حفظه الله .
ويراجع السؤالين القادمين
ثالثا :
ومما يرويه الناس حديث ( يس لما قرئت له ) ، ويعنون به أن قراءة سورة ( يس ) يحصل معها قضاء الحوائج وتسهيل الأمور التي ينويها القارئ بقراءته .
والواجب التنبيه على بطلان نسبة هذا الكلام إلى السنة النبوية ، أو إلى أهل العلم من الصحابة والتابعين والأئمة ، فلم يأت عن أحد منهم مثل هذا التقرير ، بل ينبهون على بطلان ذلك .
يقول السخاوي رحمه الله عن هذا الحديث :
" لا أصل له بهذا اللفظ "
انتهى . "المقاصد الحسنة" (741) ، وقال القاضي زكريا في حاشية البيضاوي : موضوع . كما في "كشف الخفاء" (2/2215)
ومثله في كتاب "الشذرة في الأحاديث المشتهرة" لابن طولون الصالحي (2/1158) وفي "الأسرار المرفوعة" للقاري (619) وغيرها . وانظر رسالة الشيخ محمد عمرو المشار إليها : " حديث قلب القرآن يس .. " ص 80 هـ 1 .
ولا يجوز لأحد أن ينسب هذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا أن يتحدث به في مجالس الناس ، ومن يزعم أن التجربة تدل على صحة هذا الحديث
يقال له : والتجربة وقعت من كثير ممن قرأ ( يس ) لقضاء حاجته فلم يقضها الله له ، فلماذا نأخذ بتجربتك ولا نأخذ بتجربة غيرك !؟
وما ينقله الإمام ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (3/742) عن بعض أهل العلم : " أنَّ مِن خصائص هذه السورة أنها لا تُقرَأ عند أمر عسير إلا يسره الله تعالى " انتهى .
فهو اجتهاد منهم ليس عليه دليل من الكتاب أو السنة أو أقوال الصحابة والتابعين ، ومثل هذا الاجتهاد لا يجوز نسبته إلى الله تعالى ورسوله ، إنما ينسب مثل هذا إلى قائله ؛ بحيث يكون صوابه له وخطؤه عليه
ولا يجوز أن ينسب إلى كتاب الله تعالى أو سنة رسوله ما نتيقن أنه منه . قال الله تعالى :
قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ
على أننا ننبه هنا إلى أن كثيرا ممن تقضى له الحاجات عند دعائه
أو قراءته لمثل ذلك ، إنما تقضى له لأجل ما قام بقلبه من الاضطرار والفقر إلى ربه ، وصدق اللجوء إليه ، لا لأجل ما قرأه من دعاء ، أو دعا عنده من قبر أو نحو ذلك .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" ثم سبب قضاء حاجة بعض هؤلاء الداعين الأدعية المحرمة أن الرجل منهم قد يكون مضطرا اضطرارا لو دعا الله بها مشرك عند وثن لاستجيب له ، لصدق توجهه إلى الله
وإن كان تحري الدعاء عند الوثن شركا ، ولو استجيب له على يد المتوسل به ، صاحب القبر أو غيره لاستغاثته ، فإنه يعاقب على ذلك ويهوي في النار ، إذا لم يعف الله عنه ..."
ثم يقول : " ومن هنا يغلط كثير من الناس ؛ فإنهم يبلغهم أن بعض الأعيان من الصالحين عبدوا عبادة أو دعوا دعاء ، ووجدوا أثر تلك العبادة وذلك الدعاء
فيجعلون ذلك دليلا على استحسان تلك العبادة والدعاء ، ويجعلون ذلك العمل سُنّة ، كأنه قد فعله نبي ؛ وهذا غلط لما ذكرناه ، خصوصا إذا كان ذلك العمل إنما كان أثره بصدق قام بقلب فاعله حين الفعل
، ثم تفعله الأتباع صورة لا صدقا ، فيُضَرون به ؛ لأنه ليس العمل مشروعا فيكونَ لهم ثواب المتبعين ، ولا قام بهم صدق ذلك الفاعل ، الذي لعله بصدق الطلب وصحة القصد يكفر عن الفاعل " .
انتهى من اقتضاء الصراط المستقيم (2/698، 700)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-07, 15:06
حديث ضعيف في سورة يس
السؤال
ما هي السورة التي تُعتبر قلب القرآن ؟
الجواب
الحمد لله
ورد حديث في أنّ سورة ( يس ) قلب القرآن ولكنّه حديث ضعيف ( راجع سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني حديث رقم 169 )
ولا شكّ أنّ سورة يس سورة عظيمة جدا وفيها قصص مؤثّرة وعبر بالغة ولكن لم يثبت وصفها بقلب القرآن.
وكونك تسأل أيها الغلام وأنت الآن في سنّ الثالثة عشرة أمرٌ تستحقّ عليه الثناء والتشجيع وفقّك الله وسدّد خطاك .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2019-01-07, 15:09
حفظ القرآن وفضائل بعض السور
السؤال
هل يمكن أن تذكر ثواب قراءة كل من السور التالية مع ذكر الدليل من السنة عليه :
سورة النبأ و سورة الواقعة و سورة يس و سورة الملك ، أنا في أواسط الثلاثينات من العمر وأحاول أن أحفظ من القرآن قدر الاستطاعة ، أي السور يجب أن أبدأ بها ؟
هل يجوز أن أقرأ الجزء الذي حفظته في صلاة النافلة ؟
ماذا أفعل إذا أخطأت أو نسيت بينما أنا أقرأ ؟.
الجواب
الحمد لله
أولاً :
أما فضل سورة النبأ وثواب قراءتها فلا نعلم هنالك خصوصية لهذه السورة إلا ما هو معروف عن سائر القرآن وليس لها فضل خاص دون غيرها إلا ما علمناه أن من قرأ من القرآن حرفاً فله عشر حسنات عن عبد الله بن مسعود قال
: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف " .
رواه الترمذي ( 2910 ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي ( 2327 ) .
ولكن ورد أنها من السور المنذرات الشديدات على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت " .
رواه الترمذي ( 3297 ) .
والحديث : صححه الشيخ الألباني " الصحيحة " ( 955 ) .
- وأما فضل سورة الواقعة فقد ورد في فضلها حديث لا يصح .
عن شجاع عن أبي فاطمة : " أن عثمان بن عفان رضي الله عنه عاد ابن مسعود في مرضه فقال ما تشتكي
قال ذنوبي قال فما تشتهي قال رحمة ربي قال ألا ندعوا لك الطبيب قال الطبيب أمرضني قال ألا آمر لك بعطائك قال منعتنيه قبل اليوم فلا حاجة لي فيه قال فدعه لأهلك وعيالك
قال إني قد علمتهم شيئا إذا قالوه لم يفتقروا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قرأ " الواقعة " كل ليلة لم يفتقر " .
رواه البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2 / 491 ) .
والحديث : ضعَّفه الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة ( 289 ) .
ـ وأما فضل سورة ( يس ) فقد ورد في فضلها أحاديث لا تصح .
عن أنس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن لكل شيء قلبا وقلب القرآن يس ومن قرأ يس كتب الله له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات " .
رواه الترمذي ( 2887) وقال لا يصح من قبل إسناده وإسناده ضعيف .
وقال الألباني في " الضعيفة " ( 169 ) : موضوع .
ومثله الحديث الذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: " إن الله تبارك وتعالى قرأ طه ويس قبل أن يخلق السموات والأرض بألف عام فلما سمعت الملائكة القرآن قالت طوبى لأمة ينزل هذا عليها وطوبى لأجواف تحمل هذا وطوبى لألسنة تتكلم بهذا " . رواه الدارمي ( 3280 ) .
قال الألباني في الضعيفة ( 1248 ) : مُنْكر
وكذلك الحديث الذي عن معقل بن يسار قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " اقرءوا يس على موتاكم " .
رواه أبو داود ( 3121 ) وابن ماجه ( 1448 ) .
قال الشيخ الألباني :
وأما قراءة سورة " يس " عنده ـ يعني الميت ـ و توجيهه نحو القبلة فلم يصح فيه حديث .
" أحكام الجنائز " ( ص 11 ) .
وكذلك حديث أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من دخل المقابر فقرأ سورة (يس ) خفف عنهم يومئذ و كان له بعدد من فيها حسنات " .
قال الشيخ الألباني في " الضعيفة " ( 1246 ) : موضوع أخرجه الثعلبي في تفسيره (3 /161 /2 ) .
ـ أما سورة الملك فقد ورد في فضلها أحاديث صحيحة .
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له وهي سورة تبارك الذي بيده الملك " .
رواه الترمذي ( 2891 ) وأحمد ( 7634 ) وأبو داود ( 1400 ) وابن ماجه ( 3786 ) .
والحديث : حسَّنه الترمذي والألباني في " صحيح الترمذي " ( 3 / 6 ) .
وجاء في فضلها أيضاً :
عن جابر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ " الم تنزيل " و" تبارك الذي بيده الملك " .
رواه الترمذي ( 2892 ) وأحمد ( 14249 ) .
والحديث : قال الألباني في " صحيح الترمذي " ( 3 / 6 ) : صحيح .
ثانياً :
ليست هناك طريقة محددة لحفظ القرآن الكريم فالناس متفاوتون بالمقدرة على الحفظ فلكل طريقة تناسبه ووقت يناسبه .
فبعض الناس يحب القراءة والحفظ بعد صلاة الفجر وبعضهم يحبها بعد المغرب ، فانظر في شأنك واسلك أحسن السبل في ذلك .
وبعض الناس تسهل عليه السور المكية القصيرة وبعضهم تسهل عليه السور المدنية الطويلة ، فابدأ بالذي يسهل عليك .
ويمكنك البداية بالسور المسموعة كثيراً واليسيرة الحفظ كسورة " الكهف " و " مريم " والأجزاء الأخيرة ، فإن هذا يعطيك دافعاً قوياً لتكملة الحفظ إذا وجدت نفسك قد حفظتَ أجزاءً كثيرةً .
ومن أهم السبل في تثبيت ما قد حفظت وعدم نسيانه التكرار والإعادة الدائمة في كل وقت وعلى كل حال
حتى إن بعض الناس الذين يحاولون حفظ القرآن ليقرأونه في السكك والطرقات وعند ركوب الحافلة وعند دخول الدكاكين والأسواق وعلى كل حال وفي كل وقت من ليل أو نهار .
وإن العمل بما تعلم من آيات الله تعالى هو أهدى السبل للمحافظة على القرءان في الصدر .
عن أبي عبد الرحمن قال : حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم :
" أنهم كانوا يقترئون من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر آيات فلا يأخذون في العشر الأخرى حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل قالوا فعلمنا العلم والعمل " .أحمد ( 22384 )
ومما هو معلوم و مجرب عند الناس أن أفضل السبل للمحافظة على القرآن هي المراجعة في الصلوات كالسنن الرواتب وغيرها - أو الفروض للإمام - لاسيما قيام الليل ؛ لذلك فلا بأس بقراءة الجزء الذي تحفظه في صلاة النافلة .
ـ ولكن إن نسيت شيئاً من القرءان حال الصلاة فحاول التذكر حتى إذا أعياك ذلك فلا بأس أن تتجاوز الذي لم تستذكره إلى الذي يليه مما تذكر فإذا قضيت صلاتك رجعت إلى المصحف واستذكرت الذي نسيته من هناك .
والله أعلم.
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
winernet123
2019-01-09, 15:34
موضوع طويل لكنه جميل
*عبدالرحمن*
2019-01-11, 14:37
موضوع طويل لكنه جميل
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اسعدني حضورك الطيب مثلك
في انتظار مرورك العطر دائما
بارك الله فيك
*عبدالرحمن*
2019-01-11, 14:46
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
ما صحة الحديث الوارد في فضل قراءة آية الكرسي بعد الصلاة ؟
السؤال
هل هذا الحديث في فضل آية الكرسي صحيح ، ويجوز العمل به ؟ :
" من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت" ؟
أو بتعبير آخر : هل صحيح إذا داوم العبد على قراءة آية الكرسي دبر كل صلاة ، دخل الجنة عند موته ، مهما كانت ذنوبه كبيرة ؟
الجواب
الحمد لله
أولا :
قال الإمام النسائي رحمه الله في " السنن الكبرى " (9848) :
أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ بِشْرٍ ، بِطَرَسُوسَ ، كَتَبْنَا عَنْهُ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ ) .
وهكذا رواه الطبراني في " الكبير" (7532) ، والروياني في " مسنده " (1268) ، وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (124) من طريق محمد بن حمير به .
وهذا إسناد جيد :
- محمد بن زياد ؛ قال أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي : ثقة ، وقال ابن معين : ثقة مأمون ، وكذا قال محمد بن عثمان عن ابن المديني ، وقال أبو حاتم : لا بأس به .
ينظر: "تهذيب التهذيب" (9/170) .
- ومحمد بن حمير ؛ قال الإمام أحمد : ما علمت إلا خيرا ، وقال ابن معين ودحيم : ثقة
وقال أبو حاتم : يكتب حديثه ولا يحتج به ، ومحمد بن حرب وبقية أحب إلي منه ، وقال النسائي: ليس به بأس ، وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال الدارقطني : لا بأس به ، وقال ابن قانع : صالح .
ينظر: "تهذيب التهذيب" (9/ 135) .
وقال ابن كثير :
" فهو إسناد على شرط البخاري "
انتهى من " تفسير القرآن العظيم " (1/677) .
وله شاهد من حديث المغيرة بن شعبة ، رواه أبو نعيم في " الحلية " (3/221) .
وآخر من حديث أنس ، رواه الحاكم
كما في " تخريج أحاديث الكشاف " للزيلعي (1/160) .
وقال المنذري في " الترغيب والترهيب " (2/ 299) :" رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ بأسانيد أَحدهَا صَحِيح ، وَقَالَ شَيخنَا أَبُو الْحسن : هُوَ على شَرط البُخَارِيّ ، وَابْن حبَان فِي كتاب الصَّلَاة وَصَححهُ " انتهى
.
وقال الهيثمي في " المجمع " (10/ 102) : " رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ بِأَسَانِيدَ، وَأَحَدُهَا جَيِّدٌ " .
وقال ابن مفلح الحنبلي :
" إسْنَادُهُ جَيِّدٌ ، وَقَدْ تُكُلِّمَ فِيهِ ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ ، وَكَذَا صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْمُخْتَارَةِ مِنْ أَصْحَابِنَا " .
انتهى من " الفروع " (2/228).
وقال ابن القيم :
" وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ حَدِيثِ أبي أمامة ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، وَفِيهَا كُلِّهَا ضَعْفٌ
وَلَكِنْ إِذَا انْضَمَّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ مَعَ تَبَايُنِ طُرُقِهَا وَاخْتِلَافِ مَخَارِجِهَا ، دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ لَهُ أَصْلٌ وَلَيْسَ بِمَوْضُوعٍ .
وَبَلَغَنِي عَنْ شَيْخِنَا أبي العباس ابن تيمية قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ أَنَّهُ قَالَ : مَا تَرَكْتُهَا عَقِيبَ كُلِّ صَلَاةٍ "
انتهى من " زاد المعاد " (1/ 294) .
وصححه الألباني في " صحيح الجامع " (6464) .
ومن أهل العلم من تكلم فيه ، والراجح ، إن شاء الله ، أنه حديث حسن .
ثانياً :
يرجى لمن حافظ على قراءتها دبر كل صلاة أن يدخل الجنة ، إذا استقام فأتى ما أمر الله به ، واجتنب ما نهى الله عنه .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله
:
" يستحب بعد الصلاة ، بعد التسبيح والتهليل قراءة آية الكرسي ، ويرجى له بذلك دخول الجنة إذا استقام ، إذا استقام على دينه ، وحافظ على دينه
يرجى له دخول الجنة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( والصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن ، ما لم تؤت الكبائر ) رواه مسلم (233)
فإذا حافظ على ما أوجب الله عليه ، وترك ما حرم الله عليه ، وقرأ آية الكرسي ، كل هذا من أسباب دخول الجنة ، إذا قرأها بعد كل صلاة " .
انتهى من " فتاوى نور على الدرب " (4/399-300) .
وإذا كانت الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان : إنما تكفر ما بينها إذا اجتنبت الكبائر
وهي أركان الإسلام ، ومبانيه العظام ؛ فالظاهر أن يكون الفضل الوارد في مثل هذا الحديث أولى بأن يكون معلقا على اجتناب الكبائر .
راجع للفائدة جواب السؤالين القادمين
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-11, 14:52
فضل آية الكرسي
السؤال
ما هي أهمية آية الكرسي ؟
هل هناك أي دليل على عظمة هذه الآية ؟.
الجواب
الحمد لله
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسير آية الكرسي من سورة البقرة :
هذه آية الكرسي ولها شأن عظيم قد صح الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بأنها أفضل آية في كتاب الله .. عن أُبي هو ابن كعب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأله أي آية في كتاب الله أعظم قال: الله ورسوله أعلم فرددها مرارا ثم قال: آية الكرسي
قال" ليهنك العلم أبا المنذر والذي نفسي بيده إن لها لسانا وشفتين تقدس الملك عند ساق العرش" وقد رواه مسلم .. وليس عنده زيادة والذي نفسي بيده إلخ. "
وعن عبدالله بن أبي بن كعب أن أباه أخبره أنه كان له جرن فيه تمر قال: فكان أبي يتعاهده فوجده ينقص قال فحرسه ذات ليلة فإذا هو بدابة شبيه الغلام المحتلم
قال: فسلمت عليه فرد السلام قال: فقلت ما أنت؟ جني أم إنسي؟
قال: جني. قال: قلت له ناولني يدك قال فناولني يده فإذا يد كلب وشعر كلب فقلت هكذا خلق الجن؟ قال لقد علمت الجن ما فيهم أشد مني. قلت فما حملك على ما صنعت؟
قال بلغني أنك رجل تحب الصدقة فأحببنا أن نصيب من طعامك قال: فقال له أبي فما الذي يجيرنا منكم؟ قال: هذه الآية آية الكرسي ثم غدا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره فقال النبي صدق الخبيث ..
وروى الإمام أحمد حدثنا محمد بن جعفر حدثنا عثمان بن عتاب قال: سمعت أبا السليل قال: كان رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يحدث الناس حتى يكثروا عليه فيصعد على سطح بيت فيحدث الناس قال
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي آية في القرآن أعظم فقال رجل "الله لا إله إلا هو الحي القيوم"
قال فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي أو قال فوضع يده بين ثديي فوجدت بردها بين كتفي وقال ليهنك العلم يا أبا المنذر " ..
وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في المسجد فجلست فقال يا أبا ذر هل صليت؟ قلت لا قال قم فصل قال فقمت فصليت ثم جلست
فقال يا أبا ذر تعوذ بالله من شر شياطين الإنس والجن قال: قلت يا رسول الله أوَ للإنس شياطين؟
قال نعم قال: قلت يا رسول الله الصلاة قال خير موضوع من شاء أقل ومن شاء أكثر قال: قلت يا رسول الله فالصوم؟ قال فرض مجزئ وعند الله مزيد قلت يا رسول الله فالصدقة؟
قال أضعاف مضاعفة قلت يا رسول الله فأيها أفضل؟ قال جهد من مقل أو سر إلى فقير قلت يا رسول الله أي الأنبياء كان أول؟ قال آدم قلت يا رسول الله ونبي كان؟
قال نعم نبي مكلم قلت يا رسول الله كم المرسلون قال ثلاثمائة وبضعة عشر جما غفيرا وقال مرة وخمسة عشر قلت يا رسول الله أي ما أنزل عليك أعظم؟ قال آية الكرسي "الله لا إله إلا هو الحي القيوم" ورواه النسائي "
وقد ذكر البخاري .. عن أبي هريرة .. قال: وكلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته وقلت: لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: دعني فإني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة قال فخليت عنه فأصبحت
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة؟ قال: قلت يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالا فرحمته وخليت سبيله قال أما إنه قد كذبك وسيعود فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - أنه سيعود فرصدته فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
عني فإني محتاج وعلي عيال لا أعود فرحمته وخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة قلت يا رسول الله شكا حاجة وعيالا فرحمته فخليت سبيله
قال أما إنه قد كذبك وسيعود فرصدته الثالثة فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت لأرفعنك إلى رسول الله بها وهذا آخر ثلاث مرات أنك تزعم أنك لا تعود ثم تعود فقال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها قلت وما هي؟
قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي "الله لا إله إلا هو الحي القيوم" حتى تختم الآية فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح فخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ما فعل أسيرك البارحة؟ قلت يا رسول الله زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله قال: ما هي؟ قال: قال لي إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية
"الله لا إله إلا هو الحي القيوم" وقال لي لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح وكانوا أحرص شيء على الخير فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -
أما إنه صدقك وهو كذوب تعلم من تخاطب من ثلات ليال يا أبا هريرة قلت لا قال: ذاك شيطان .
وفي رواية : كنت آخذا إلا لأهل بيت من الجن فقراء فخلى عنه ثم عاد الثانية ثم عاد الثالثة فقلت أليس قد عاهدتني ألا تعود؟ لا أدعك اليوم حتى أذهب بك إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال
: لا تفعل فإنك إن تدعني علمتك كلمات إذا أنت قلتها لم يقربك أحد من الجن صغير ولا كبير ذكر ولا أنثى قال له لتفعلن؟ قال نعم قال : ما هن ؟
قال : "الله لا إله إلا هو الحي القيوم" قرأ آية الكرسي حتى ختمها فتركه فذهب فلم يعد فذكر ذلك أبو هريرة للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
أما علمت أن ذلك كذلك وقد رواه النسائي عن أحمد بن محمد بن عبيد الله عن شعيب بن حرب عن إسماعيل بن مسلم عن أبي المتوكل عن أبي هريرة به وقد تقدم لأبي بن كعب كائنة مثل هذه أيضا فهذه ثلات وقائع.
وقال أبو عبيد في كتاب الغريب: حدثنا أبو معاوية عن أبي عاصم القفي عن الشعبي عن عبدالله بن مسعود قال: خرج رجل من الإنس فلقيه رجل من الج
فقال: هل لك أن تصارعني؟ فإن صرعتني علمتك آية إذا قرأتها حين تدخل بيتك لم يدخل شيطان فصارعه فصرعه فقال: إني أراك ضئيلا شخيتا كأن ذراعيك ذراعا كلب
فهكذا أنتم أيها الجن كلكم أم أنت من بينهم؟ فقال إني بينهم لضليع فعاودني فصارعه فصرعه الإنسي فقال: تقرأ آية الكرسي فإنه لا يقرأها أحد إذا دخل بيته إلا خرج الشيطان وله خيخ كخيخ الحمار فقيل لابن مسعود: أهو عمر؟
فقال: من عسى أن يكون إلا عمر قال أبو عبيد: الضئيل النحيف الجسيم والخيخ بالخاء المعجمة ويقال بالحاء المهملة الضراط.
وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: سورة البقرة فيها آية سيدة آي القرآن لا تقرأ في بيت فيه شيطان إلا خرج منه: آية الكرسي وكذا رواه من طريق آخر عن زائدة عن حكيم بن جبير
ثم قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه كذا قال وقد رواه الترمذي من حديث زائدة ولفظه لكل شيء سنام وسنام القرآن سورة البقرة وفيها آية هي سيدة أي القرآن: آية الكرسي
ثم قال: غريب لا نعرفه إلا من حديث حكيم بن جبير وقد تكلم فيه شعبة وضعفه "قلت" وكذا ضعفه أحمد ويحيى بن معين وغير واحد من الأئمة وتركه ابن مهدي وكذبه السعدي.
وعن ابن عمر عن عمر بن الخطاب أنه خرج ذات يوم إلى الناس وهم سماطات فقال: أ
يكم يخبرني بأعظم آية في القرآن فقال ابن مسعود على الخبير سقطت سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: أعظم آية في القرآن "الله لا إله إلا هو الحي القيوم".
وفي اشتمالها على اسم الله الأعظم قال الإمام أحمد : عن أسماء بنت يزيد بن السكن قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في هاتين الآيتين "الله لا إله إلا هو الحي القيوم" و "الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم"
إن فيهما اسم الله الأعظم وكذا رواه أبو داود عن مسدد والترمذي عن علي بن خشرم وابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة ثلاثتهم عن عيسى بن يونس عن عبيد الله بن أبي زياد به وقال الترمذي: حسن صحيح.
وعن أبي أمامة يرفعه قال : اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في ثلاث: سورة البقرة وآل عمران وطه وقال هشام وهو ابن عمار خطيب دمشق:
أما البقرة "الله لا إله إلا هو الحي القيوم" وفي آل عمران "الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم" وفي طه "وعنت الوجوه للحي القيوم".
وعن أبي أمامة في فضل قراءتها بعد الصلاة المكتوبة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ دبر كل صلاة مكتوبة آية الكرسي لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت. وهكذا رواه النسائي في اليوم والليلة عن الحسن بن بشر به وأخرجه ابن حبان في صحيحه
من حديث محمد بن حمير وهو الحمصي من رجال البخاري أيضا فهو إسناد على شرط البخاري .
والله اعلم.
: الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2019-01-11, 14:55
الأعمال التي وعد صاحبها بدخول الجنة ، هل يشمل هذا الوعد أصحاب الكبائر؟
السؤال
يوجد لدينا في السنة الصحيحة أدلة كثيرة ، من أدعية أو أذكار ، تبين أن من يقولها توجب له الجنة ، أو يحفظ من النار ، أو يكون للعبد الحق أن يرضيه الله ، أو أن تحل له الشفاعة..
. سؤالي هو : هل يعني ذلك أن العاصي أو مرتكب الكبيرة يشمله هذا الجزاء ؟ وجزاكم الله خيرا .
الجواب
الحمد لله
إن لله تعالى الخلق والأمر ، وله الحجة البالغة ، وما كان من أمره مما وعد عليه بالجنة ، أو توعد عليه بالنار فوقوعه مشروط بحصول الشروط ، وانتفاء الموانع .
قال الشاطبي رحمه الله في "الموافقات" (1 / 345)
" لم يجعل الشارع الأسباب أسبابا مقتضية ، إلا مع وجود شرائطها وانتفاء موانعها ، فإذا لم تتوفر لم يستكمل السبب أن يكون سببا شرعيا " انتهى بمعناه .
فلا بد لحصول أي شيء من وجود أسبابه وشرائطه ، وانتفاء موانعه .
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
" مُجَرَّدُ الْأَسْبَابِ لَا يُوجِبُ حُصُولَ الْمُسَبَّبِ ؛ فَإِنَّ الْمَطَرَ إذَا نَزَلَ وَبُذِرَ الْحَبُّ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كَافِيًا فِي حُصُولِ النَّبَاتِ
بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رِيحٍ مُرْبِيَةٍ بِإِذْنِ اللَّهِ ، وَلَا بُدَّ مِنْ صَرْفِ الِانْتِفَاءِ عَنْهُ ؛ فَلَا بُدَّ مِنْ تَمَامِ الشُّرُوطِ وَزَوَالِ الْمَوَانِعِ ، وَكُلُّ ذَلِكَ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ .
وَكَذَلِكَ الْوَلَدُ لَا يُولَدُ بِمُجَرَّدِ إنْزَالِ الْمَاءِ فِي الْفَرْجِ ، بَلْ كَمْ مَنْ أَنْزَلَ وَلَمْ يُولَدْ لَهُ ؛ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَنَّ اللَّهَ شَاءَ خَلْقَهُ فَتَحْبَلُ الْمَرْأَةُ وَتُرَبِّيهِ فِي الرَّحِمِ وَسَائِرُ مَا يَتِمُّ بِهِ خَلْقُهُ مِنْ الشُّرُوطِ وَزَوَالِ الْمَوَانِعِ .
وَكَذَلِكَ أَمْرُ الْآخِرَةِ : لَيْسَ بِمُجَرَّدِ الْعَمَلِ يَنَالُ الْإِنْسَانُ السَّعَادَةَ ، بَلْ هِيَ سَبَبٌ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّهُ لَنْ يَدْخُلَ أَحَدُكُمْ الْجَنَّةَ بِعَمَلِهِ قَالُوا : وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ
: وَلَا أَنَا إلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَةِ مِنْهُ وَفَضْلٍ " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (8 / 70)
وقال ابن القيم رحمه الله :
" السبب قد يتخلَّفُ عنه مسبَّبه لفوات شرط ، أو لوجود مانع " انتهى .
"زاد المعاد" (4 / 271)
وينظر : "جامع العلوم والحكم" (ص 392) .
فمن توضأ أو صلى أو استغفر أو ذكر الله ، ونحو ذلك ، فقد أتى سببا من أسباب المغفرة ، وهذا وحده لا يكفي في حصولها ، حتى تتوافر له كل شروطها ، وتنتفي عنه موانعها .
قال ابن رجب رحمه الله :
" وقد ورد ترتُّب دخولِ الجنة على فعلِ بعض هذه الأعمال كالصَّلاةِ
ففي الحديث المشهور : ( من صلَّى الصلواتِ لوقتِها ، كان له عندَ الله عهدٌ أنْ يُدخِلَهُ الجنّة )
وفي الحديث الصحيح : ( من صَلَّى البَرْدَينِ دخل الجنة ) ، وهذا كلُّه من ذكر السبب المقتضي الذي لا يعمل عمله إلاَّ باستجماع شروطه، وانتفاء موانعه ...
وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أنَّ ارتكاب بعضِ الكبائر يمنع دخولَ الجنَّة ، كقوله: ( لا يدخل الجَنَّةَ قاطع ) ، وقوله : ( لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرَّةٍ من كِبْر ) ، وقوله : ( لا تدخلوا الجنة حتَّى تُؤمِنوا، ولا تُؤْمِنوا حتَّى تحابُّوا )
والأحاديث التي جاءت في منع دخول الجنَّة بالدَّينِ حتى يُقضى . وفي الصَّحيح : أنَّ المؤمنين إذا جازوا الصِّراطَ ، حُبِسُوا على قنطرة يقتصُّ منهم مظالمُ كانت بينهم في الدنيا.
وقال بعض السَّلف : إنَّ الرجل ليُحبَسُ على باب الجنَّةِ مئة عام بالذنب كان يعملُه في الدنيا. فهذه كُلُّها موانع .
ومن هنا يظهرُ معنى الأحاديث التي جاءت في ترتيب دخول الجنَّة على مجرَّد التوحيد ، ففي " الصحيحين " عن أبي ذرٍّ ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال : ( ما مِنْ عبدٍ قال : لا إله إلاَّ الله
ثمَّ مات على ذلك إلاَّ دخل الجنَّة ) ، قلت : وإنْ زنى وإنْ سرق ؟
! قالَ : ( وإنْ زنى وإنْ سرق ) ، قالها ثلاثاً ، ثم قال في الرابعة : ( على رغم أنف أبي ذرٍّ ) ، فخرج أبو ذرٍّ ، وهو يقول : وإنْ رغم أنفُ أبي ذرٍّ ...
فقال طائفةٌ من العلماء : إنَّ كلمة التوحيد سببٌ مقتضٍ لدخول الجنَّة وللنجاة مِنَ النَّارِ ، لكن له شروطٌ ، وهي الإتيانُ بالفرائضِ ، وموانعُ وهي إتيانُ الكبائر .
قال الحسن للفرزدق : إنَّ لـ لا إله إلا الله شروطاً ، فإيَّاكَ وقذفَ المحصنة(1) .
ورُوي عنه أنَّه قال : هذا العمودُ ، فأين الطُّنُبُ ؟! يعني : أنَّ كلمةَ التوحيد عمودُ الفسطاط ، ولكن لا يثبتُ الفسطاطُ بدون أطنابه ، وهي فعلُ الواجبات ، وتركُ المحرَّمات .
وقيل للحسن : إنَّ ناساً يقولون : من قال : لا إله إلا الله ، دخل الجنَّة ؟!
فقال : من قال : لا إله إلا الله ، فأدَّى حقَّها وفرضها ، دخلَ الجنَّةَ.
وقيل لوهب بنِ مُنبِّه : أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنَّة ؟
قال : بلى ؛ ولكن ما من مفتاحٍ إلا وله أسنان ، فإنْ جئتَ بمفتاحٍ له أسنانٌ فتح لك ، وإلاَّ لم يفتح لك .. " . انتهى .
"جامع العلوم والحكم" (208-210) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-11, 14:57
هل الفضل الوارد في أن حافظ القرآن يلبس والداه تاج الوقار ، يمكن أن يشمل جده أيضاً ؟
السؤال
هل حافظ القرآن يتوج جديه مع والديه ؟
الجواب
الحمد لله
روى أحمد (15645ـ الرسالة) ، وأبو داود (1241)
اللفظ له - عن معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه أن رسول الله عليه وسلم قال :
( مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ ، أُلْبِسَ وَالِدَاهُ تَاجًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، ضَوْءُهُ أَحْسَنُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ فِي بُيُوتِ الدُّنْيَا لَوْ كَانَتْ فِيكُمْ ، فَمَا ظَنُّكُمْ بِالَّذِي عَمِلَ بِهَذَا ) .
والحديث ضعفه الشيخ الألباني رحمه الله ، لكن حسنه محققو المسند ـ ط الرسالة ـ لغيره .
وروى أحمد (22950) عن بريدة الأسلمي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال – عن صاحب القرآن - : ( وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ ، وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ لَا يُقَوَّمُ لَهُمَا أَهْلُ الدُّنْيَا ، فَيَقُولَانِ
: بِمَ كُسِينَا هَذِهِ ؟ فَيُقَالُ : بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ : اقْرَأْ وَاصْعَدْ فِي دَرَجَةِ الْجَنَّةِ وَغُرَفِهَا ، فَهُوَ فِي صُعُودٍ ، مَا دَامَ يَقْرَأُ هَذًّا كَانَ أَوْ تَرْتِيلًا ) .
قال محققو المسند ـ ط الرسالة ـ :
"إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل بشير بن المهاجر الغَنَوي، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين، وحسنه الحافظ ابن كثير في "تفسيره" 1/62، ولبعضه شواهد يصح بها" انتهى .
وظاهر الأحاديث السابقة ، أن الفضل خاص بأبوي الشخص المباشرين ( الأب والأم ) ؛ لأن ذلك هو المتبادر من إطلاق لفظ الوالدين
ولهذا عبر عنهما بصيغة المثنى ، ولو كان غيرهما داخلا في ذلك ، لأوشك أن يجيء التعبير بلفظ الجمع فيهما .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-11, 15:00
ثبت فضل قراءة سورة الملك كل ليلة ، فهل يصح قراءتها في صلاة العشاء ؟
السؤال
أنا أقرأ سورة الملك في صلاة العشاء ، فهل يلزم قراءتها قبل النوم مباشرة ؟
الجواب
الحمد لله
جاء في فضل قراءة سورة الملك ( تبارك الذي بيده الملك ) عموماً ، وقبل النوم خصوصاً ، ما رواه الترمذي (2891) وأحمد في مسنده (7915) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
( إِنَّ سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ ثَلَاثُونَ آيَةً ، شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ ، وَهِيَ سُورَةُ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ ) ، وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله في " صحيح سنن الترمذي " .
وروى الترمذي (2892) وأحمد (14249) عن جابر رضي الله عنه
: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ آلم تنزيل ، وتبارك الذي بيده الملك " . وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في " صحيح سنن الترمذي " .
الأفضل أن يقرأ الإنسان سورة الملك قبل النوم كل ليلة ؛ لفعله عليه الصلاة والسلام
ولو قرأها في صلاة العشاء أو في صلاة الليل قبل النوم أو قبل ذلك ، فإنه يجزئه ذلك ؛ لعموم الحديث الأول الوارد في شفاعة سورة الملك لمن قرأها ، فإن زمن القراءة فيه لم يحدد بوقت .
لكن لا تشرع المداومة على قراءتها في صلاة العشاء ؛ لأن المداومة نوع تقييد ، والتقييد في العبادة لا يكون إلا بدليل ، لكن إن فعل أحيانا ، فلا بأس .
وينظر جواب الاسئلة الثلاثة القادمه
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-11, 15:02
قراءة سورة الملك تمنع عذاب القبر
السؤال
قراءة سورة الملك تحمي المسلم من عذاب القبر ، ولكن كم مرة يجب أن يقرأها ؟
مرة في اليوم أو أكثر ؟.
الجواب
الحمد لله
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له وهي سورة تبارك الذي بيده الملك " .
رواه الترمذي ( 2891 ) وأبو داود ( 1400 ) وابن ماجه ( 3786 ) .
قال الترمذي : هذا حديث حسن ، وصححه شيخ الإسلام ابن تيمية في " مجموع الفتاوى " ( 22 / 277 ) ، والشيخ الألباني في " صحيح ابن ماجه " ( 3053 ) .
والمقصود بهذا : أن يقرأها الإنسان كل ليلة ، وأن يعمل بما فيها من أحكام ، ويؤمن بما فيها من أخبار .
عن عبد الله بن مسعود قال : من قرأ تبارك الذي بيده الملك كل ليلة منعه الله بها من عذاب القبر ، وكنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نسميها المانعة ، وإنها في كتاب الله سورة من قرأ بها في كل ليلة فقد أكثر وأطاب .
رواه النسائي ( 6 / 179 ) وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 1475 .
وقال علماء اللجنة الدائمة :
وعلى هذا يُرجى لمن آمن بهذه السورة وحافظ على قراءتها ، ابتغاء وجه الله ، معتبراً بما فيها من العبر والمواعظ ، عاملاً بما فيها من أحكام أن تشفع له .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 4 / 334 ، 335 ) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-11, 15:06
هل صح قراءة سورتي السجدة والملك بين المغرب والعشاء وفضل أيات من سورة الأنعام ؟
السؤال
هل ورد شيء بخصوص قراءة سورة السجدة والملك بين المغرب والعشاء ؟
وكذلك قراءة ثلاث آيات من سورة الأنعام بعد صلاة الفجر مباشرة ؟.
الجواب
الحمد لله
أولاً :
قَبْلَ الإِجَابَةِ عَلَى هذا السُّؤَالِ لاَ بُدَّ مِن تَقرِيْرِ مَسْأَلَةٍ مُهِمَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِفَضَائِلِ السُّوَرِ .
لَقَدْ وُضِعَتْ فِي فَضَائِلِ السُّوَرِ أَحَادِيْثُ مَكْذُوْبَةٌ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمِن أَشْهَرِ مَنْ عُرِفَ بِذَلِكَ :
1- نُوْحُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ الجَامِعُ ، وَالَّذِي قِيْلَ فِيْهِ : " جَمَعَ كُلَّ شَيْء إِلاَّ الصِّدْق "
فَقَدْ أَبَاحَ – بِزَعمِهِ – الكَذِبَ فِي الحَدِيْثِ لِمَصْلَحَةِ الدِّيْنِ ، فاختلق أحاديث من عنده ونسبها إلى الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في فضائل سور القرآن الكريم سورةً سورةً .
قَالَ أَبُو عَمَّارٍ الحُسَيْنُ بنُ حُرَيْثٍ المَرْوَزِيُّ : قِيْل لأَبِي عِصْمَةَ –وهو نوح بن أبي مريم - : " مِنْ أَيْنَ لَكَ عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي فَضَائِلِ القُرْآنِ سُوْرَةً سُوْرَةً
وَلَيْسَ عِنْدَ أَصْحَابِ عِكْرِمَةَ هَذَا ؟ " ، فَقَالَ : " إِنِّي رَأَيْتُ النَّاسَ قَدْ أَعْرَضُوا عَنِ القُرْآنِ ، وَاشْتَغَلُوا بفقهِ أَبِي حَنِيْفَةَ وَمَغَازِي مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، فَوَضَعْتُ هَذَا الحَدِيْثَ حِسْبَةً " ( أي : ابتغاء الأجر )
أَخْرَجَهُ الحَاكِمُ فِي " المَدْخَلِ " ( ص 54 ) وَابْنُ الجَوْزِيِّ فِي " المَوْضُوْعَاتِ " (16) ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيْحٌ .
2- وَآخَرُ اسْمُهُ مَيْسَرَةُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ الفَارِسِيُّ ، قَالَ عَنْهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي " الْمَجْرُوحِينَ " (2/345 رقم 1038) : " وَهُو صَاحِبُ حَدِيْثِ فَضَائِلِ القُرْآنِ الطَّوِيْلِ " مَنْ قَرَأَ كَذَا فَلَهُ كَذَا " .
وَجَاءَ فِي " لِسَانِ المِيْزَانِ " (7/198) لِلْحَافِظِ ابْنِ حَجرٍ
: " وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي " الضُّعَفَاءِ " عَن ابْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ : قُلْتُ لِمَيْسَرَةَ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ : " مِنْ أَيْنَ جِئْتَ بِهَذِهِ الأَحَادِيْثِ : " مَنْ قَرَأَ كَذَا فَلَهُ كَذَا " ؟ قَالَ : " وَضَعْتُهَا أُرَغِّبُ النَّاسَ َفِيْهَا " .
فهذه أمثلة لمن يجترئ ويكذب في الحديث على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمصلحة يراها ، خدعه بها إبليس .
وقد نَبَّه العُلَمَاءُ عِلى عَدَمِ ثُبُوتِ الأَحَادِيْثِ التي فيها سرد فَضَائِلِ جميع سور القُرْآنِ الكريم ، سورةً سورةً ، وَمِمَّنْ نَبَّه عِلَى ذَلِك المَوْصِلِيُّ فِي " المُغنِي عَنِ الحِفْظِ وَالكِتَابِ " (1/121)
فَقَالَ : " قَدْ وَرَدَ : " مَنْ قَرَأَ كَذَا فَلَهُ أُجْرُ كَذَا ... مِنْ أَوَّلِ القُرْآنِ إِلَى آخِرِهِ ؛ قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ : " أَظُنُّ الزّنَادقَةَ وَضَعَتْهَا " . قَالَ المُصَنِّفُ – أَي : المَوْصِلِيُّ - : " فَلم يَصِح فِي هَذَا شَيْءٌ ... " .
وَنَبَّه عِلَى ذَلِك أَيْضاً ابْنُ القيِّمِ فِي " المَنَارِ المُنِيفِ " ( ص 113 – 144 ) ، وَالشَّيْخُ بَكْرٌ أَبُو زَيْد فِي " التَّحدِيْث بِمَا قِيْلَ : " لا يَصِحُّ فِيْهِ حَدِيْثٌ " ( ص 122 – 123) وَأَضَافَ : " تَنْبِيْهٌ : فَضَائِلُ القُرْآنِ الكَرِيْمِ
وَفَضَائِلُ بَعْضِ السُّوَرِ وَالآيَاتِ مَعْلُوْمَةٌ بِنُصُوْصٍ صَحِيْحَةٍ مَرْفُوْعَةٍ إِلَى َالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمُرَادُ ابْنِ المُبَارَكِ وَمَنْ بَعْدَهُ هُو تِلكُم الأَحَادِيْثُ الطِّوَالُ الَّتِي تَنْتَظِمُ سُّوَرَ القُرْآنِ سُوْرَةً سُوْرَةً ؛
كَالحَدِيْثِ المَنْسُوْبِ إِلَى أُبيِّ بنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَنَشْرُهُ بَعْضُ المفسِّرِيْنَ ؛ مِثْلُ : الثَّعْلَبِيِّ ، وَالوَاحِدِيِّ ، وَالزَّمَخشرِيِّ فِي تفَاسيرِهِم ، فَهَذِهِ مَوْضُوْعَةٌ ، وَهِي المُرَادَةُ فِي كَلاَم ابْنِ المُبَارَكِ وَغَيْرِهِ ، وَاللهُ أَعْلَمُ " .ا.هـ.
ثانياً :
وَأَمَّا الأَحَادِيْثُ الَّتِي سَأَلْتَ عَنْهَا فَالجَوَابُ :
تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ الأَوَّلِ :
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ قَرَأَ : " تبَاركَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ " وَ " ألم . تنَزِيْل " السَّجْدَة ، بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ الآخِرَةِ فَكَأَنَّمَا قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ " .
ذَكَرَهُ السُّيوطِيُّ فِي " الدُّرِّ المنثَوْرِ " (6/535) عِنْدَ بدَايَةِ سُوْرَةِ السَّجْدَة ، وَقَالَ : " وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْه عَنْ ابنِ عُمَرَ ... فَذَكَرَهُ " .
وَنَقَلَهُ الأَلُوسِي فِي " رَوحِ المَعَانِي " (21/116) عَنْ السُّيوطِيِّ ثُمّ قَالَ : " وَرَوَى نَحْوَهُ هُو – أَي : السُّيوطِيّ - وَالوَاحِدِيُّ مِنْ حَدِيْثِ أُبيِّ بنِ كَعْبٍ ، والثعلبي مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَتَعَقَب ذَلِك وَلِيُّ الدِّيْنِ قَائِلاً : " لَم أَقِف عَلَيْهِ ، وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ كُلِّهَا مَوْضُوْعَةٌ " .اهـ بتصرف يسير .
وَالحَدِيْثُ وَرَدَ بعدَّةِ أَلْفَاظٍ مِنْهَا المُطلَقُ مِنْ غَيْرِ تَحدِيْدٍ لِوقْتِ القِرَاءةِ
وَمِنْهَا المُقَيَّدُ بِوقْتٍ كَما فِي رِوَايَةِ ابنِ عُمَرَ ، وَوَرَدَ أَيْضاً مَرْفُوْعاً وَمَوْقُوْفاً ، ذَكَرَهَا الغَافِقِيُّ فِي " لََمَحَاتِ الأنْوَارِ " (1127 ، 1129 ، 1140 ، 1141 ، 1142 ، 1143 ، 1144 ، 1146) ، إِلاَّ رِوَايَة ابنِ عُمَرَ .
تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ الثَّانِي :
وَرَدَ مِنْ طَرِيْقَيْنِ :
1- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا مَرْفُوْعاً قَالَ : " مَنْ قَرَأَ إِذَا صَلَّى الغَدَاةَ ثَلاَثَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُوْرَةِ الأَنْعَامِ إِلَى " وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ " [ الأَنْعَامُ : 3 ] ، نَزَلَ إِلَيْهِ أَرْبَعُوْنَ أَلْفَ مَلَك يُكْتَبُ لَه مِثلَ أَعْمَالِهِم
وَبُعِثَ إِلَيْهِ مَلَكٌ مِنْ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ وَمَعَهُ مِرْزَبَةٌ مِنْ حَدِيْدٍ ، فَإِن أَوْحَى الشَّيْطَانُ فِي قَلْبِهِ شَيْئاً مِنَ الشَّرِّ ضَرَبَهُ حَتَّى يَكُوْنَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ سَبْعُوْنَ حِجَاباً
فَإِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ قَالَ اللهُ : " أَنَا رَبُّكَ وَ أَنْتَ عَبْدِي ، وَامْشِ فِي ظِلِّي ، وَاشْرَبْ مِنْ الكَوْثَرِ ، وَاغْتَسِلْ مِنْ السَّلْسَبِيلِ ، وَادْخُلِ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلاَ عَذَابٍ " .
ذَكَرَهُ السُّيوطِيُّ فِي " الدُّرِّ المنثَوْرِ " (3/245 – 246) وَقَالَ : " وَأَخْرَجَ السِّلَفِيُّ بِسَنَدٍ وَاهٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوْعاً " ، وَذَكَرَهُ الغَافِقِيُّ فِي " لََمَحَاتِ الأنْوَارِ " (941) .
2- عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ قَالَ : قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ صَلَّى الفَجْرَ فِي جَمَاعِةٍ ، وَقَعَدَ فِي مُصَلاَّهُ ، وَقَرَأَ ثَلاَثَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُوْرَةِ الأَنْعَامِ ، وَكَّلَ اللهُ بِهِ سَبْعِيْنَ مَلَكاً يُسَبِّحُونَ اللَّه وَيَسْتَغْفِرُوْنَ لَهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ " .
ذَكَرَهُ السُّيوطِيُّ فِي " الدُّرِّ المنثَوْرِ " (3/246) وَعَزَاهُ لِلدَّيْلَمِيِّ ، وَالغَافِقِيُّ فِي " لََمَحَاتِ الأنْوَارِ " (935) بِلَفْظٍ مُقَارِبٍ لِحَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ .
قَالَ الأَلُوسِي فِي " رَوحِ المَعَانِي " (7/76) بَعْدَ ذِكْرِهِ جُمْلَةً مِنْ الأَحَادِيْث وَالآثَارِ عِنْدَ سُوْرَةِ الأَنْعَامِ وَمِنْهَا حَدِيْثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُوْدٍ : " إِلَى غَيْرِ ذَلِك مِنَ الأَخْبَارِ ، وَغَالِب ما فِي هَذَا المَطْلَبِ ضَعِيْفٌ وَبَعْضَهَا مَوْضُوْعٌ ، كَما لاَ يَخْفَى " .ا.هـ.
وَسُوْرَةُ الأَنْعَامِ لم يَثْبُت شَيْءٌ من الأحاديث فِي فَضْلِهَا .
فأما سورتا السجدة وتبارك فلم يثبت شيء في قراءتهما بين المغرب والعشاء ، ولكن ثبت في فضل سورة السجدة قراءتها في صلاة الفجر يوم الجمعة .
روى البخاري (891) ومسلم (880) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ (الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ) وَ (هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنْ الدَّهْرِ) .
وورد في فضل سورة تبارك قراءتها قبل النوم أو عموماً ، فقد روى الترمذي (2891) وأبو داود (1400)
وابن ماجه (3786) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (إِنَّ سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ ثَلاثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ وَهِيَ سُورَةُ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) . قَالَ الترمذي : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ .
و قال ابن حجر في التلخيص (1/234): "أعله البخاري في التاريخ الكبير بأن عباس الجشمي (وهو الراوي عن أبي هريرة) لا يعرف سماعه من أبي هريرة اهـ .
وحسنه الألباني في مواضع ، وصححه في مواضع . انظر : "صحيح سنن ابن ماجه"
"صحيح سنن أبي داود" . وقبله قال المنذري : رواه أبو داود والترمذي وحسنه واللفظ له ، والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال : صحيح الإسناد .
وروى الترمذي (2892) عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لا يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ الم تَنْزِيلُ وَتَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ . صححه الألباني في صحيح الترمذي .
*عبدالرحمن*
2019-01-11, 15:10
سورة " الملك " تنجي من عذاب القبر ، بملازمة تلاوتها بالليل والنهار ، والليل آكد .
السؤال
يقال أن قراءة سورة الملك ليلا تقي الإنسان من عذاب القبر ، فهل يحصل هذا لو تليت نهارا ؟
هل ستنجينا من عذاب القبر لو قرأناها نهارا ؟
الجواب
الحمد لله
سورة ( الملك ) من سور القرآن العظيمة التي صح الحض على ملازمة تلاوتها ، وورد الأثر بأنها تقي صاحبها من عذاب القبر .
روى أبو داود (1400) والترمذي (2891) وحسنه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
: ( إِنَّ سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ ثَلَاثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ وَهِيَ سُورَةُ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ ) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
قال المناوي رحمه الله :
" كان قد لازم على قراءتها ، فما زالت تسأل الله فيه حتى غفر له ، وهذا حث لكل أحد على مواظبة قراءتها لينال شفاعتها "
انتهى مختصرا من "فيض القدير" (2 /574) .
وقال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله :
" هذا الحديث دال على فضلها ، وأنها تشفع لصاحبها يوم القيامة ، أي: للذي يقرؤها "
انتهى من "شرح سنن أبي داود" (8 /7) – ترقيم الشاملة .
وليس في الفضل الوارد بشفاعة هذه السورة لصاحبها ، تقييد بقراءتها ليلا أو نهارا ، وإنما الظاهر منه أن يكون له بالسورة مزيد عناية ، ورعاية ، حفظا ، وفهما ، وقياما بها ، لا سيما في صلواته.
وأما ما رواه النسائي في "السنن الكبرى" (10547) وفي "عمل اليوم والليلة" (711) وأبو طاهر المخلص في "المخلصيات" (228) من طريق عرْفجَة بن عبد الْوَاحِد عَن عَاصِم بن أبي النجُود
عَن زرعن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ : " من قَرَأَ ( تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك ) كل لَيْلَة مَنعه الله بهَا من عَذَاب الْقَبْر
وَكُنَّا فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نسميها الْمَانِعَة ، وَإِنَّهَا فِي كتاب الله سُورَة من قَرَأَ بهَا فِي كل لَيْلَة فقد أَكثر وأطاب ) .
فإسناده لين ؛ عرفجة بن عبد الواحد مستور ، لم يوثقه أحد ، وقال الحافظ في "التقريب" (389) : " مقبول " يعني عند المتابعة ، وإلا فليّن الحديث – كما نص عليه في المقدمة .
ولم يتابع عرفجة في روايته بهذا التمام ، بل خولف ، خالفه من هو أوثق منه بكثير ، وهو سفيان الثوري ، فروى الحاكم (3839) من طريق ابن المبارك والطبراني في "الكبير" من طريق عبد الرزاق (8651) كلاهما
عن سفيان عن عاصم عن زر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ( يؤتى الرجل في قبره فتؤتى رجلاه فتقول رجلاه : ليس لكم على ما قبلي سبيل كان يقرأ بي سورة الملك ثم يؤتى من قبل صدره أو قال بطنه فيقول
: ليس لكم على ما قبلي سبيل كان يقرأ بي سورة الملك ، ثم يؤتى رأسه فيقول ليس لكم على ما قبلي سبيل كان يقرأ بي سورة الملك .
قال : فهي المانعة تمنع من عذاب القبر ، وهي في التوراة سورة الملك ، من قرأها في ليلة فقد أكثر وأطنب ) .
هذا هو الصواب ، وهو المحفوظ ، فقوله : " من قَرَأَها كل لَيْلَة مَنعه الله بهَا من عَذَاب الْقَبْر " الذي في حديث عرفجة غير محفوظ ، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم أيضا غير محفوظ ، والصواب الوقف ، كما في رواية سفيان هذه .
وقد رواه أبو الشيخ في "طبقات الأصبهانيين" (264) مختصرا مرفوعا من حديث ابن مسعود بلفظ : ( سورة تبارك هي المانعة من عذاب القبر ) من طريق أبي أحمد الزبيري حدثنا سفيان به .
وأبو أحمد الزبيري قال أحمد : كان كثير الخطأ في حديث سفيان ، وقال أبو حاتم : عابد مجتهد حافظ للحديث له أوهام .
"تهذيب التهذيب" (9 /228)
وهذا من خطئه ووهمه على سفيان رحمه الله ، والصواب رواية الوقف كما تقدم من رواية ابن المبارك وعبد الرزاق .
ومثل هذا قد يقال إن له حكم الرفع ، كما قال غير واحد من أهل العلم ، وهو يوافق ما تقدم ، وصورته العموم دون اشتراط الليل .
قال المناوي في "التيسير" (2/ 62):
" أَي الكافة لَهُ عَن قَارِئهَا إِذا مَاتَ وَوضع فِي قَبره فَلَا يعذب فِيهِ " .
وقال أبو الحسن المباركفوري رحمه الله :
" معناه أن تلاوة هذه السورة في الحياة الدنيا تكون سبباً لنجاة تاليها من عذاب القبر " .
انتهى من "مرعاة المفاتيح" (7/ 231) .
وفي حديث جابر رضي الله عنه :
" أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ الم تَنْزِيلُ ، وَتَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ " .
رواه الترمذي (2892) وغيره ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله ، لكن الظاهر أنه معلول ، كما ذكره ابن أبي حاتم عن أبيه في العلل (1668) ، وعلل الدارقطني (13/340) واعتمده الحافظ ابن حجر رحمه الله
كما في إتحاف المهرة (3/155) ، وقال أيضا بعد ما ذكر الكلام في إسناده : " وعلى هذا ؛ فهو مرسل ، أو معضل "
انتهى من "نتائج الأفكار" (3/267) .
والحاصل :
أنه يرجى لصاحب هذه السورة أن يحصل على هذه الفضيلة العظيمة ، فتشفع له عند الله ، وتنجيه من عذاب القبر
وقد ورد في العناية بها بالليل ، أو عند النوم ، آثار خاصة ، فإذا اجتهد المرء في ذلك ، فهو حسن إن شاء الله .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-11, 15:15
هل ثبت أن قراءة أواخر سورة الكهف قبل النوم يعين على القيام لصلاة الفجر ؟
السؤال
أسرار سورة الكهف ، إنها آيات إذا قرأتها قبل نومك فإنها توقظك عند أذان الفجر شرط أن تغمض عينيك وتقرأ هذه الآيات وبعد ذلك تنام ، استغرب الابن قول أبيه
مع إنه لا غريب في القرآن ، قرر الولد تجربة وصية أبيه ، وعندما حل الظلام وحان وقت النوم ، قرأ الولد تلك الآيات وبالفعل استيقظ عند آذان الفجر فما كان من الابن إلا أن شكر والده وشكر ربه على هذه النعمة .
والآيات هي أواخر سورة الكهف . (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلا (107) خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا (108) قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ
رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110) ) .
الجواب
الحمد لله
أولا :
حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الإحداث والابتداع في دين الله ، وأخبر أن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ، وقد تقدم تقرير ذلك وبيانه مرارا ، وأنه لا يجد في دين الله ما يسمى بالبدعة الحسنة
ثانيا :
كما تقدم أن السنة لا تثبت بمجرد التجربة ، ولا يخرج بها الفاعل للشيء ، معتقدا أنه سنة ، عن كونه مبتدعا
ثالثا :
لم يثبت بالشرع أن من السنة قراءة أواخر سورة الكهف عند النوم ، أو أن لها تأثيرا في القيام لصلاة الفجر ، أو أن لها فضلا مخصوصا ؛ وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
: ( ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بين لكم ) . رواه الطبراني في الكبير (1647) وصححه الألباني في " الصحيحة " (1803) .
قال ابن القيم رحمه الله :
" فقد بيَّن الله - سبحانه - على لسان رسوله بكلامه وكلام رسوله جميع ما أمره به ، وجميع ما نهى عنه ، وجميع ما أحله ، وجميع ما حرمه
وجميع ما عفا عنه , وبهذا يكون دينُه كاملا كما قال تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ) "
انتهى من " إعلام الموقعين " ( 1 / 250 ) .
رابعا :
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الذكر ما يستحب أن ينام العبد عليه ، ويجعله آخر كلامه ، وليس فيه أواخر سورة الكهف ، ولا الكيفية المبتدعة المذكورة :
فمن ذلك حديث البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ ، فَتَوَضَّأْ وَضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ
وَقُلْ : اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَهْبَةً وَرَغْبَةً إِلَيْكَ
لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ، فَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى الفِطْرَةِ ، فَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ ) رواه البخاري (6311) ومسلم (2710) .
وروى أبو داود (5055) عن فروة بن نوفل عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لنوفل : ( اقرأ " قل يا أيها الكافرون " ثم نم على خاتمتها فإنها براءة من الشرك ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
ومن أراد القيام لصلاة الفجر استعمل الأساليب الصحيحة المعينة على ذلك .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-11, 15:20
آداب حملة القرآن
السؤال
حفظت القرآن منذ ثمان سنوات ، لكني لم أعلمه للناس ، حيث إني لم أجد من يدعوني لتعليم القرآن
فهل أنا آثم على ذلك ؟
وما هي واجبات حافظ القرآن ؟
الجواب
الحمد لله
أولا :
تعلم القرآن وتعليمه من أشرف الأعمال وأفضلها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( خَيرُكُم مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ) رواه البخاري (5027) .
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : ( فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي
عَلَى أَدْنَاكُمْ ، إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ ) رواه الترمذي (2685) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
ولا شك أن معلم الناس القرآن يعلم الناس الخير ، بل يفتح لهم أعظم أبواب الخير .
ثانيا :
تعليم القرآن فرض كفاية ، فإن كان في بلدك من يعلم الناس القرآن ، فلا إثم عليك ، ولكن فاتك فضل عظيم .
وإن لم يكن هناك من يعلم الناس إلا أنت : وجب عليك تعليمهم ، فإن لم تفعل فقد أثمت ، وعليك التوبة .
قال النووي رحمه الله :
" تعليم المتعلمين فرض كفاية ؛ فإن لم يكن من يصلح إلا واحد تعين ، وإن كان هناك جماعة يحصل التعليم ببعضهم : فإن امتنعوا كلهم أثموا
وإن قام به بعضهم سقط الحرج عن الباقين ، وإن طُلِب من أحدهم وامتنع ، فأظهر الوجهين أنه لا يأثم ، لكن يكره له ذلك ، إن لم يكن عذر "
.
انتهى من "التبيان في آداب حملة القرآن" (ص: 41-42) .
فإن كنت راغبا في ذلك الباب من الخير ، فلا تجلس حتى يأتيك الناس فيتعلموا منك ، ولكن اذهب أنت إليهم وادعهم إلى التعلم والحفظ ، وحثهم على ذلك ببيان فضله وشرفه ؛ فإن ذلك أزكى لك ولهم
وأعون لك على عدم النسيان ، ولو لم تجد إلا الصبية الصغار ، وبإمكانك البحث عن إحدى دور التحفيظ أو حلقات التحفيظ في المساجد والالتحاق بها .
ثالثا :
ينبغي لحافظ القرآن أن يتميز به عن غيره ، فمن وفقه الله إلى هذا الفضل لا بد أن يرتفع به ويرتقي ، وإلا لما كان هناك فرق بينه وبين سواه ، ونسرد جملة من الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها حافظ كاتب الله ، فمن ذلك :
- أن يخلص النية لله في حفظه وتلاوته وتعليمه .
- أن يتعاهد القرآن بالمراجعة حتى لا ينساه أو ينسى شيئا منه .
- أن لا يقصد به توصلا إلى غرض من أغراض الدنيا ، من مال أو رياسة أو وجاهة ، أو ارتفاع على أقرانه ، أو ثناء عند الناس أو صرف وجوه الناس إليه ، أو نحو ذلك .
- أن يحرص على أن يكون خلقه القرآن ، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم .
- أن يحرص على تعليمه للناس ، ودعوة الناس إليه وتحفيظهم إياه ، وتوجيههم إلى أخلاقه وآدابه .
- أن يرفق بمن يقرأ عليه وأن يرحب به ويحسن إليه .
- أن يعمل بالقرآن ولا يخالف أحكامه وشرائعه ، ولا يكون ممن حفظ حروفه وضيع حدوده ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ ) رواه مسلم (223) .
وصح عن ابن مسعود، قال: " كانَ الرجل مِنَّا إذا تعلَّم عَشْر آياتٍ لم يجاوزهُنّ حتى يعرف معانيهُنَّ ، والعملَ بهنَّ "
انتهى من "تفسير الطبري" (1/ 80) .
وقال أبو عبد الرحمن السلمي :
" حدثنا الذين كانوا يُقرِئوننا: أنهم كانوا يستقرِئون من النبي صلى الله عليه وسلم ، فكانوا إذا تعلَّموا عَشْر آيات لم يخلِّفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل ، فتعلَّمنا القرآن والعمل جميعًا "
انتهى من "تفسير الطبري" (1/ 80) .
- أن يتميز به ليله عن ليل الناس ، فيقوم به لصلاة الليل قدر ما ييسر الله له من ذلك ؛ فإن أهل القرآن من السلف كانوا هم أهل قيام الليل ، ومناجاة الله بالأسحار .
وننصحك باقتناء كتابين عظيمين جليلين في هذا الباب : الأول : " أخلاق حملة القرآن" للإمام الآجري رحمه الله
والثاني : " التبيان في آداب حملة القرآن" للإمام النووي رحمه الله ؛ فاحرص عليهما ، وطالعهما ، وانتفع بما فيهما .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
Mostafa bacha
2019-01-14, 19:38
جـــــــــــــــــزاك الله خــــــــــــــــيرا
*عبدالرحمن*
2019-01-17, 14:57
جـــــــــــــــــزاك الله خــــــــــــــــيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اسعدني حضورك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما
بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير
*عبدالرحمن*
2019-01-17, 15:01
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
سورة " الملك " تنجي من عذاب القبر ، بملازمة تلاوتها بالليل والنهار ، والليل آكد .
السؤال
يقال أن قراءة سورة الملك ليلا تقي الإنسان من عذاب القبر ، فهل يحصل هذا لو تليت نهارا ؟
هل ستنجينا من عذاب القبر لو قرأناها نهارا ؟
الجواب
الحمد لله
سورة ( الملك ) من سور القرآن العظيمة التي صح الحض على ملازمة تلاوتها ، وورد الأثر بأنها تقي صاحبها من عذاب القبر .
روى أبو داود (1400) والترمذي (2891) وحسنه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( إِنَّ سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ ثَلَاثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ وَهِيَ سُورَةُ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ ) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
قال المناوي رحمه الله :
" كان قد لازم على قراءتها ، فما زالت تسأل الله فيه حتى غفر له ، وهذا حث لكل أحد على مواظبة قراءتها لينال شفاعتها "
انتهى مختصرا من "فيض القدير" (2 /574) .
وقال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله :
" هذا الحديث دال على فضلها ، وأنها تشفع لصاحبها يوم القيامة ، أي: للذي يقرؤها "
انتهى من "شرح سنن أبي داود" (8 /7) – ترقيم الشاملة .
وليس في الفضل الوارد بشفاعة هذه السورة لصاحبها ، تقييد بقراءتها ليلا أو نهارا ، وإنما الظاهر منه أن يكون له بالسورة مزيد عناية ، ورعاية ، حفظا ، وفهما ، وقياما بها ، لا سيما في صلواته.
وأما ما رواه النسائي في "السنن الكبرى" (10547) وفي "عمل اليوم والليلة" (711)
وأبو طاهر المخلص في "المخلصيات" (228) من طريق عرْفجَة بن عبد الْوَاحِد عَن عَاصِم بن أبي النجُود عَن زرعن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ :
" من قَرَأَ ( تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك ) كل لَيْلَة مَنعه الله بهَا من عَذَاب الْقَبْر ، وَكُنَّا فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نسميها الْمَانِعَة ، وَإِنَّهَا فِي كتاب الله سُورَة من قَرَأَ بهَا فِي كل لَيْلَة فقد أَكثر وأطاب ) .
فإسناده لين ؛ عرفجة بن عبد الواحد مستور ، لم يوثقه أحد ، وقال الحافظ في "التقريب" (389) :
" مقبول " يعني عند المتابعة ، وإلا فليّن الحديث – كما نص عليه في المقدمة .
ولم يتابع عرفجة في روايته بهذا التمام ، بل خولف ، خالفه من هو أوثق منه بكثير ، وهو سفيان الثوري ، فروى الحاكم (3839) من طريق ابن المبارك والطبراني في "الكبير" من طريق عبد الرزاق (8651)
كلاهما عن سفيان عن عاصم عن زر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ( يؤتى الرجل في قبره فتؤتى رجلاه فتقول رجلاه : ليس لكم على ما قبلي سبيل كان يقرأ بي سورة الملك
ثم يؤتى من قبل صدره أو قال بطنه فيقول : ليس لكم على ما قبلي سبيل كان يقرأ بي سورة الملك
ثم يؤتى رأسه فيقول ليس لكم على ما قبلي سبيل كان يقرأ بي سورة الملك . قال : فهي المانعة تمنع من عذاب القبر ، وهي في التوراة سورة الملك ، من قرأها في ليلة فقد أكثر وأطنب ) .
هذا هو الصواب ، وهو المحفوظ ، فقوله : " من قَرَأَها كل لَيْلَة مَنعه الله بهَا من عَذَاب الْقَبْر " الذي في حديث عرفجة غير محفوظ ، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم أيضا غير محفوظ ، والصواب الوقف ، كما في رواية سفيان هذه .
وقد رواه أبو الشيخ في "طبقات الأصبهانيين" (264) مختصرا مرفوعا من حديث ابن مسعود بلفظ : ( سورة تبارك هي المانعة من عذاب القبر ) من طريق أبي أحمد الزبيري حدثنا سفيان به .
وأبو أحمد الزبيري قال أحمد : كان كثير الخطأ في حديث سفيان ، وقال أبو حاتم : عابد مجتهد حافظ للحديث له أوهام .
"تهذيب التهذيب" (9 /228)
وهذا من خطئه ووهمه على سفيان رحمه الله ، والصواب رواية الوقف كما تقدم من رواية ابن المبارك وعبد الرزاق .
ومثل هذا قد يقال إن له حكم الرفع ، كما قال غير واحد من أهل العلم ، وهو يوافق ما تقدم ، وصورته العموم دون اشتراط الليل .
قال المناوي في "التيسير" (2/ 62):
" أَي الكافة لَهُ عَن قَارِئهَا إِذا مَاتَ وَوضع فِي قَبره فَلَا يعذب فِيهِ " .
وقال أبو الحسن المباركفوري رحمه الله :
" معناه أن تلاوة هذه السورة في الحياة الدنيا تكون سبباً لنجاة تاليها من عذاب القبر " .
انتهى من "مرعاة المفاتيح" (7/ 231) .
وفي حديث جابر رضي الله عنه :
" أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ الم تَنْزِيلُ ، وَتَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ " .
رواه الترمذي (2892) وغيره ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله ، لكن الظاهر أنه معلول ، كما ذكره ابن أبي حاتم عن أبيه في العلل (1668) ، وعلل الدارقطني (13/340) واعتمده الحافظ ابن حجر رحمه الله
كما في إتحاف المهرة (3/155) ، وقال أيضا بعد ما ذكر الكلام في إسناده : " وعلى هذا ؛ فهو مرسل ، أو معضل "
انتهى من "نتائج الأفكار" (3/267) .
والحاصل :
أنه يرجى لصاحب هذه السورة أن يحصل على هذه الفضيلة العظيمة ، فتشفع له عند الله ، وتنجيه من عذاب القبر ، وقد ورد في العناية بها بالليل ، أو عند النوم ، آثار خاصة ، فإذا اجتهد المرء في ذلك ، فهو حسن إن شاء الله .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-17, 15:06
هل حفظ القرآن الكريم من أسباب تنمية الذكاء ؟
السؤال
لو أن شخصاً قام بحفظ القرآن فهل هذا يجعله أكثر ذكاءً ، وإذا كانت الإجابة بـ " لا "، فكيف يمكنني أن أكون أكثر فطنة من خلال الطرق والتعاليم التي تعرضها الشريعة الإسلامية في القرآن ؟
الجواب
الحمد لله
تنمية الذكاء لدى الإنسان واحد من التخصصات العلمية ، والدراسات النفسية
التي تعتني بها الجامعات والمعاهد والمراكز البحثية اليوم ، فهي همٌّ مشترك للكثير من الباحثين ، وتبذل لتحقيقه الكثير من الجهود والبرامج ، المبنية على دراسات وأبحاث متخصصة .
وإثبات علاقة حفظ القرآن الكريم بزيادة ذكاء الحافظ لا بد أن يستند إلى دراسات وأبحاث علمية منضبطة ، تجري تجاربها على شريحة معينة من طلبة مراكز تحفيظ القرآن ، وتقوم بفحص مستويات الذكاء
قبل الحفظ وبعده من خلال أدق مقاييس الذكاء العالمية ، وتقارن بعد ذلك بالطلبة الذين لا يشتغلون بالحفظ
مع مراعاة اختلاف السن وفارق التعليم ، والنتيجة بعد ذلك هي الحَكَم ، كي نخاطب القوم بلغتهم ، فتكون الدعوى مبنية على دليل تجريبي واضح ، ولا نتهم بإطلاق الأحكام العاطفية
وقد سمعنا عن دراسة متخصصة أقيمت في الأزهر الشريف في هذا الشأن ، ولكن لم يتسن لنا الحصول عليها لغاية الآن .
لكن حسبنا أن نقول هنا إن حفظ القرآن وتلاوته من أعظم أسباب طهارة القلب وزكاته ، وأعظم أسباب البركة للعبد ، ونشير هنا إلى أمور مقررة :
أولا :
حفظ القرآن الكريم نور من الله تعالى يقذفه في قلب عبده ، ويكفي ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم أنه : ( كَالأُتْرُجَّةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ ، وَرِيحُهَا طَيِّبٌ ) رواه البخاري (5020) ومسلم (797)،
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الَّذِي لَيْسَ فِي جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنَ القُرْآنِ كَالبَيْتِ الخَرِبِ ) رواه الترمذي (2913) وقال : حسن صحيح . وصححه الألباني في " صحيح الترمذي "
ثانيا :
حفظ القرآن الكريم وسيلة مهمة للتدبر والتأمل والتفكر ، وذلك السبيل الأهم في تحصيل الفهم في دينه ، والفطنة لمواضع رضاه لتتبع ، ولمواضع سخطه لتجتنب.
ثالثا :
القرآن الكريم سبب سعادة العبد وهنائه وطمأنينته في الدنيا والآخرة ، وتنمية مهارات الذكاء لا تتم لقلب لاه مكتئب ممتلئ بالهموم والأدران .
رابعا :
الاعتبار بأذكياء العالم في العصور الأولى مِن حَفَظَة كتاب الله وسنة رسوله
ونظرة في تراجم كبار المفسرين العظماء كالطبري ، والقرطبي ، وابن كثير ، والرازي ، وابن تيمية وغيرهم تدلك على ذلك ، فهم أعظم دليل على تأثير حفظ القرآن في مهارات الذكاء .
خامسا :
حفظ القرآن الكريم في حقيقته قراءة ومطالعة مكثفة ، وقد اتفقت كثير من الدراسات المعاصرة على أن القراءة من أهم عوامل زيادة الذكاء لدى المتلقي ؛ فكيف إذا كانت القراءة في أشرف الكلام وأطهره وأزكاه .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-17, 15:11
كم مكث ابن عمر في حفظ سورة البقرة ؟
وهل أحفظ المتون قبل الانتهاء من حفظ القرآن ؟
السؤال
مضى من عمري 26 عاماً ، أرغب بطلب العلم الشرعي ، وقد قررت أن أبدأ بحفظ القرآن الكريم - بإذن الله وعونه - وسؤالي عن أثر ورد بأن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - حفظ سورة " البقرة " في ثمان سنوات
فهل يصح هذا الأثر ؟ وما السبب في طول المدة ؟ وما الأسلوب الأنجع والأمتن لحفظ القرآن الكريم ؟
وهل أستمر حتى أحفظ كامل القرآن أم أنتقل للكتب وأنوِّع بين حفظ القرآن وحفظ المتون ؟
وإن خيّرتُ بين حفظ القرآن بصعوبة أو حفظ صحيح البخاري بيسر أكثر من حفظ القرآن أيهما يختار ؟
الجواب
الحمد لله
أولاً:
طلب العلم شرف عظيم ومنَّة كبيرة يمن الله بها على عبده قال تعالى : ( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ) المجادلة/ 11
وقال تعالى ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ) الزمر/ 9 ، ونحن نهنئك أن سلكتَ الطريق الموصل إلى الجنة
عَنْ كَثِيرِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ : كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ
: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ إِنِّي جِئْتُكَ مِنْ مَدِينَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَدِيثٍ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا جِئْتُ لِحَاجَةٍ قَالَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
( مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ ،وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ
عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ ،وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ ) رواه أبو داود ( 3641 ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود "
.
وكفى بهذا الحديث شرفاً وأجراً وثواباً لطالب العلم .
ثانياً:
من أفضل ما يشرع فيه المسلم حفظ القرآن الكريم ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِى الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَكَ
عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا ) رواه الترمذي ( 2914 ) وقال : حسن صحيح ، وأبو داود ( 1464 ) ، وحسنه الشيخ الألباني في " مشكاة المصابيح " (2134) .
ومعنى القراءة هنا : الحفظ .
وأحاديث كثيرة وفضائل جمة .
قال ابن عبد البر – رحمه الله - : " طلب العلم درجات ومناقب ورتب لا ينبغي تعديها ، ومن تعداها جملة ، فقد تعدى سبيل السلف رحمهم الله ، ومن تعدى سبيلهم عامداً ضل ، ومن تعداه مجتهداً زل .
فأول العلم : حفظ كتاب الله جل وعز وتفهمه ، وكل ما يعين على فهمه فواجب طلبه معه ، ولا أقول إن حفظه كله فرض ، ولكن أقول إن ذلك واجب لازم على من أحب أن يكون عالماً "
انتهى من " جامع بيان فضل العلم وأهله " ( 2 / 166 ) .
ثالثاً:
أما أثر ابن عمر : فقد ذكره الإمام مالك في " الموطأ " ( 479 ) أَنَّهُ بَلَغَهُ " أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ مَكَثَ عَلَى سُورَةِ الْبَقَرَةِ ثَمَانِيَ سِنِينَ يَتَعَلَّمُهَا " ، والبلاغ يعني : أنه مقطوع الإسناد في أوله ، وعليه : فيكون الأثر ضعيفاً .
وقد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنه بإسناد صحيح متصل أنه مكث أربع سنين في تعلُّم سورة البقرة ، وهو ما رواه ابن سعد في " الطبقات الكبرى " ( 4 / 164 )
قال : أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا أبو المليح عن ميمون " أن ابن عمر تعلَّم سورة البقرة في أربع سنين " .
وهل التعلم في الأثرين هو الحفظ أم الفقه والفهم ؟ الأمر محتمل ، وقد كان هدي الصحابة ، وهممهم منصرفة إلى التفقه والفهم .
قال أبو عبد الرحمن السلمي : " حدثنا الذين يُقرؤوننا القرآن أنهم كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يعلموا ويعرفوا ما فيها من علم وعمل " .
قال الزرقاني – رحمه الله - :
" ليس ذلك لبطء حفظه - معاذ الله - بل لأنه كان يتعلم فرائضها وأحكامها وما يتعلق بها
فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم كراهة الإسراع في حفظ القرآن دون التفقه فيه ، ولعل ابن عمر خلط مع ذلك من العلم أبواباً غيرها ، وإنما ذلك مخافة أن يتأوله على غير تأويله ، قاله الباجي "
انتهى من " شرح الزرقاني لموطأ مالك " ( 2 / 27 ) .
رابعاً:
أما الأسلوب الأمثل لحفظ القرآن : فالطرق كثيرة لكن يجب عليك معرفة مقدرتك على الحفظ وفراغ وقتك ثم تبدأ العمل .
وننصحك بأمور :
1. عدم الإكثار في قدْر الحفظ حتى لا تمل ، بل تكون نشيطاً للغد .
2. الارتباط بحلقة تحفيظ أو مع شيخ ؛ فهذا أدعى للاستمرار .
3. فهم الآيات قبل الحفظ ؛ فهذا أنشط لك وأشد رسوخاً للمحفوظ وذلك بقراءة تفسير ميسر .
4. الاهتمام بمراجعة المحفوظ أكثر من الاستزادة من الحفظ ، فعَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :( تَعَاهَدُوا هَذَا الْقُرْآنَ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الإِبِلِ فِى عُقُلِهَا ) رواه مسلم ( 791 ) .
5. وجود نسخة معينة من المصحف تحافظ على القراءة منها ؛ حتى تنطبع صورة الصفحة في ذهنك .
6. تصحيح التلاوة مع الحفظ على مُقرئ .
7. كثرة السماع لتلاوات المقرئين الكبار .
8. العمل بما تحفظ ، وهذا هو غاية الفضل .
9. قيام الليل بما حفظت ، أو أن تسمِّع لنفسك القدر المحفوظ في صلاة النهار .
10. كثرة الدعاء وسؤال الله التوفيق .
وانظر جواب السؤال القادم
خامساً:
هل تحفظ القرآن ثم تنتقل للكتب الأخرى أو تجمع بينهما ؟ الأفضل والأولى : أن تجعل جهدك في حفظ القرآن ، فإذا انتهيت منه انتقلت إلى غيره من كتب العلم ، لكن إن و جدت من نفسك تراخياً وفتوراً
فجدِّد همَّتك ببعض الكتب والمتون من غير إكثار .
وقد كان الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ – رحمه الله - إذا جاءه الطالب يريد طلب العلم يسأله هل حفظتَ القرآن ؟ فإن قال لا : ردَّه ليحفظ ، وقد سبق ذكر كلام الإمام ابن عبد البر في هذا الشأن .
سادساً:
أما سؤالك الأخير : فإن حفظ القرآن أيسر من حفظ الحديث النبوي ؛ لأنه ميسَّر من الله تعالى
قال تعالى :( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) القمر/ 17 ، لكن قد تحين فرص أو دورات لحفظ السنَّة النبوية تشجعك على حفظ الحديث أكثر من حفظ القرآن ، فلا بأس بالارتباط بها ثم العودة إلى حفظ القرآن .
وقد يعاب على طالب العلم أن يكون حافظاً لصحيح البخاري غير حافظ لكتاب الله ، فكلام الله أولى بالحفظ والفهم من حيث الأصل .
نسأل الله أن يوفقك لما فيه رضاه وأن يبارك لك في وقتك وييسر لك حفظ القرآن وعلم السنَّة والعمل بهما .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2019-01-17, 15:15
طريقة حفظ القرآن الكريم
السؤال
هل يمكن أن تعطيني نصيحة لحفظ القرآن الكريم مثل طريقة الحفظ
الجواب
الحمد لله
قواعد مهمة لحفظ القرآن الكريم :
1 - الإخلاص : وجوب إخلاص النية ، وإصلاح القصد ، وجعل القرآن والعناية به من أجل الله تعالى والفوز بجنته
والحصول على مرضاته ، قال تعالى : ( فاعبد الله مخلصا له الدين
. ألا لله الدين الخالص ) وفي الحديث القدسي : قال الله تعالى : ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه ) . فلا أجر ولا ثواب لمن قرأ وحفظ القرآن رياء أو سمعة .
2 - تصحيح النطق والقراءة : ولا يكون ذلك إلا بالسماع من قارئ مجيد أو حافظ متقن .
والقرآن لا يؤخذ إلا بالتلقي . فقد أخذه الرسول صلى الله عليه وسلم من جبريل شفاها . وأخذه الصحابة عن الرسول صلى الله عليه وسلم شفاها وسمعه منه وأخذه كذلك أجيال من الأمة .
3 - تحديد نسبة الحفظ في كل مرة : فيجب على مريد القرآن أن يحدد المراد حفظه في كل مرة ، وبعد تحديد المطلوب وتصحيح النطق تقوم بالتكرار والترداد ، ويجب أن يكون التكرار والترداد
مع التغني بالقرآن وذلك لدفع السآمة والملل أولا ، وليثبت الحفظ ثانيا ؛ ذلك أن التغني أمر محبب إلى السمع فيساعد على الحفظ ويعوّد اللسان على نغمة معينة فيتعرف بذلك على الخطأ مباشرة عندما يختل وزن القراءة
هذا فضلا عن أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( ليس منا من لم يتغن بالقرآن ) رواه البخاري .
4 - لا تجاوز مقررك اليومي حتى تجيد حفظه تماما : فلا يصح للحافظ أبدا أن ينتقل إلى مقرر جديد في الحفظ إلا إذا أتم تماما حفظ المقرر القديم وذلك ليثبت ما حفظه تماما في الذهن .
ومما يعين على حفظ المقرر أن يجعله الدارس شغله طيلة الليل والنهار وذلك بقراءته في الصلاة السرية
وإن كان إماما ففي الجهرية ، وكذلك في النوافل ، وفي أوقات انتظار الصلوات ، وبهذه الطريقة يسهل عليه الحفظ ويستطيع كل أحد أن يمارسه ولو كان مشغولا بأشياء أخرى .
5 - حافظ على رسم واحد لمصحف حفظك : مما يعين تماما على الحفظ أن يجعل الحافظ لنفسه مصحفا خاصا (
أي أن يعتمد طبعة معينة ) لا يغيره مطلقا وذلك لأن الإنسان يحفظ بالنظر كما يحفظ بالسمع ، حيث تنطبع صور الآيات
ومواضعها في المصحف في الذهن مع القراءة والنظر في المصحف ، فإذا غير الحافظ مصحفه الذي يحفظ فيه ، أو حفظ من مصاحف شتى متغيرة مواضع الآيات فإن حفظه يتشتت ويصعب عليه الحفظ .
6 - الفهم طريق الحفظ : من أعظم ما يعين على الحفظ فهم الآيات المحفوظة ومعرفة وجه ارتباط بعضها ببعض ، ولذلك يجب على الحافظ أن يقرأ تفسير بعض الآيات والسور التي يحفظها
وعليه أن يكون حاضر الذهن عند القراءة وذلك ليسهل عليه استذكار الآيات . ولكن لا يعتمد في الحفظ على الفهم بل عليه بالترديد والتكرار ليسهل عليه الحفظ .
7 - لا تجاوز سورة حتى تضبطها : بعد إتمام سورة من القرآن ، لا ينبغي للحافظ أن ينتقل إلى سورة أخرى إلا بعد إتمام حفظها ، وربط أولها بآخرها
وأن يجري لسانه بها بسهولة ويسر دون إعنات فكر وكد خاطر في تذكر الآيات ، بل يجب أن يكون الحفظ متيسرا ، ولا يجاوزها إلى غيرها حتى يتقن حفظها .
8 - التسميع الدائم : يجب على الحافظ ألا يعتمد على تسميع حفظه لنفسه ، بل عليه أن يعرض حفظه على حافظ آخر ، أو متابع آخر في المصحف ويكون هذا الحافظ أو المتابع متقن للقراءة السليمة
حتى ينبه الحافظ لما قد يقع فيه من أخطاء في النطق أو التشكيل أو النسيان ، فكثيرا ما يحفظ الفرد منا السورة خطأ ولا ينتبه لذلك حتى مع النظر إلى المصحف لأن القراءة كثيرا ما تسبق
النظر فينظر مريد الحفظ في المصحف لا يرى بنفسه موضع الخطأ من قراءته . ولذا فتسميع القرآن لشخص وسيلة جيدة لاستدراك الخطأ .
9 - المتابعة الدائمة : يختلف القرآن في الحفظ عن أي محفوظ آخر من شعر أو نثر ، لأن القرآن سريع الهروب من الذهن ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها ) متفق عليه
فلا يكاد القارئ يتركه قليلا حتى يهرب منه وينساه سريعا ، ولذلك فلا بد من المتابعة الدائمة والسهر الدائم على المحفوظ من القرآن وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم
: ( إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة ، إن عاهد عليها أمسكها ، وإن أطلقها ذهبت ) متفق عليه . وهذا يعني أنه يجب على حافظ القرآن أن يكون له ورد دائم أقله جزء من الثلاثين جزءا من القرآن كل يوم
وأكثره قراءة عشرة أجزاء ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يفقهه ) متفق عليه ، وبهذه المتابعة المستمرة يستمر الحفظ ويبقى .
10 - العناية بالمتشابهات : القرآن الكريم متشابه في معانيه وألفاظه ، قال تعالى : ( الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله
) . لذا يجب على قارئ القرآن الجيد أن يعتني عناية خاصة بالمتشابهات ، ونعني التشابه اللفظي وعلى قدر الاهتمام به يكون الحفظ جيدا .
11 - اغتنام سني الحفظ الذهبية : فالموفق من وفقه الله تعالى إلى اغتنام سنوات الحفظ الذهبية ، وهي من سن الخامسة إلى الثالثة والعشرين تقريبا ، فالإنسان في هذه السن تكون حافظته جيدة جدا
فقبل الخامسة يكون دون ذلك وبعد الثالثة والعشرين يبدأ الخط البياني للحفظ بالهبوط ويبدأ خط الفهم بالصعود ، لذا على الشباب ممن هم في هذه السن اغتنام ذلك بحفظ كتاب الله تعالى حيث تكون مقدرتهم
على الحفظ سريعة وكبيرة والنسيان يكون بطيئا جدا بعكس ما بعد تلك السني الذهبية ، وقد صدق من قال : ( الحفظ في الصغر كالنقش على الحجر ، والحفظ في الكبر كالنقش على الماء ) .
وبعد ، فإن من حق كتاب الله علينا أن نحفظه ونتقن حفظه ، مع الاهتداء بهديه واتباعه وجعله دستور حياتنا ونور قلوبنا وربيع صدورنا
وعسى أن تكون تلك القواعد أساسا طيبا لمن يريد حفظ كتاب الله تعالى بإتقان وإخلاص
. والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2019-01-17, 15:21
مسلم يسأل ما الداعي للالتزام بالدين ، وما وجوه إعجاز القرآن ؟!
السؤال
أريد أن أكون مسلماً حقيقيّاً لذا أضع هذا السؤال : ما الداعي للالتزام بالإسلام ؟
بعبارة أخرى : هب أني كنت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فسمعتُه يدعو إلى هذا الدين
فما الذي يدفعني إلى تصديق رسالته وما جاء به من كتاب وسنَّة ؟
كما أني لا أفهم التحدي القرآني ( فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين ).
الجواب
الحمد لله
أولاً:
إن الإسلام العظيم مدرسة للعالَم الذين تاهوا في دروب الحياة ، وإن أعرف الناس بنعمة الإسلام حقّاً هم مَن عرف الجاهلية حقّاً علماً نظريّاً أو عملاً واقعيّاً .
وسأرجع معك إلى أكثر من ألف وأربعمائة سنة وأسمعك اعترافاً يلخص لك ما الداعي للالتزام بالإسلام وكيف كان الناس قبل الإسلام
أما السائل : فهو ملك الحبشة النجاشي ، وأما المُجيب : فهو جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ، وهذه القصة في هجرتهم إلى الحبشة :
" ... وَقَدْ دَعَا النَّجَاشِيُّ أَسَاقِفَتَهُ فَنَشَرُوا مَصَاحِفَهُمْ حَوْلَهُ ليسَأَلَهُمْ فَقَالَ مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي فَارَقْتُمْ فِيهِ قَوْمَكُمْ وَلَمْ تَدْخُلُوا فِي دِينِي وَلَا فِي دِينِ أَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَمِ ؟ قَالَتْ : فَكَانَ الَّذِي كَلَّمَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ
فَقَالَ لَهُ : أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ وَنُسِيءُ الْجِوَارَ يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا
مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ وَالْكَفِّ
عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ وَنَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ وَقَوْلِ الزُّورِ وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ - قَالَ : فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ -
فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ فَعَبَدْنَا اللَّهَ وَحْدَهُ فَلَمْ نُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا وَحَرَّمْنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا
وَأَحْلَلْنَا مَا أَحَلَّ لَنَا فَعَدَا عَلَيْنَا قَوْمُنَا فَعَذَّبُونَا وَفَتَنُونَا عَنْ دِينِنَا لِيَرُدُّونَا إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ وَأَنْ نَسْتَحِلَّ مَا كُنَّا نَسْتَحِلُّ مِنْ الْخَبَائِثِ ... " رواه أحمد / 1740
وإذا عرفتَ من الداعي للالتزام عرفتَ ما الداعي له ؟ إن الداعي له هو الله جل جلاله
قال تعالى ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ) آل عمران/ 19 ، وقال ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل عمران/ 85 .
وإن الله أعظم وأجل من أن يدعونا إلى شيء لا نفع لنا فيه ولا صلاح حال ، بل دعانا إلى الهدى والنور
فهو تعالى لم يخلق خلقه عبثاً بل خلقهم للقيام بمهمة جليلة تتعلق به سبحانه وتعالى وهي توحيده والقيام بطاعته ، قال تعالى ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ) المؤمنون/ 115
وقال تعالى ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات/ 56.
قال ابن كثير - رحمه الله - : " أي : إنما خلقتهم لآمرهم بعبادتي ، لا لاحتياجي إليهم " .
انتهى من " تفسير ابن كثير " ( 4 / 239 ) .
*عبدالرحمن*
2019-01-17, 15:21
إن الناس لا يمكنهم العيش في أمن وأمان بلا دين ، فإن الناس كالسفينة السائرة في البحر وإن الدين هو القبطان الذي يقودها إلى ما ينفعها ، فلا بد للناس من دين يتدينون به ، وإلا أكل بعضهم بعضاً
وإن خير الأديان وخاتمها وأفضلها هو الإسلام .
ونحن ندعوك إلى التأمل في حال المسلمين ، في عاداتهم وشؤونهم وأخلاقهم ، وتقارنها بغيرهم من الأديان الأخرى ، يتضح لك الجواب إن شاء الله .
أو اسأل هذا أو ذاك ممن عاشوا في كنف الحضارات ، وأرقاها ولم يجدوا بُغيتهم إلا بالإسلام ، ولذلك تجدهم أشد الناس تمسكا لأنهم ذاقوا حلاوة الإيمان بعد أن عاشوا مرارة الكفر .
وانظر جواب السؤال القادم
ثانياً:
أما التحدي القرآني للفصحاء والبلغاء بأن يأتوا بمثل هذا القرآن فهو تحد للمتقدمين والمتأخرين ، وقد عجز كبار العرب وبلغاؤهم أن يأتوا بآية من مثله
وإن التحدي ما يزال قائماً منذ أنزل الله تعالى هذه الآيات ، وكم خرج من صلب العرب شعراء وأدباء ولم يستطيعوا الإتيان بسورة من مثله ولا عشر آيات
نعم ، لقد حاول بعضهم كتابة شيء كالقرآن فصار سخرية للناس وأضحوكة .
وسنرجع معك مرة أخرى إلى أكثر من ألف وأربعمائة سنة لنسمعك اعترافات بعض فصحاء العرب وشعرائهم
أسيادهم في القرآن الكريم أسلوباً وبياناً ، ومنهم : أبو الوليد عتبة بن ربيعة ، والشاعر أنيْس الغفاري
وهذه بعض شهادات المنصفين للقرآن من المعاصرين :
1. يقول إبراهيم خليل – وكان من كبار القساوسة ثم هداه الله للإسلام -
: " أعتقد يقيناً أني لو كنت إنساناً وجوديّاً لا يؤمن برسالة من الرسالات السماوية ، وجاءني نفر من الناس
وحدثني بما سبق به القرآن العلم الحديث في كل مناحيه : لآمنت برب العزة والجبروت خالق السماوات والأرض ولن أشرك به أحداً " انتهى .
2. وقال ريجيس بلاشير – مستشرق فرنسي - : " إن القرآن ليس معجزة بمحتواه وتعليمه فقط ، إنه أيضاً يمكنه أن يكون قبل أي شيء آخر تحفة أدبية رائعة تسمو على جميع ما أقرته الإنسانية وبجلته من التحف
إن الخليفة المقبل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - المعارض الفظ في البداية للدين الجديد
قد غدا من أشد المتحمسين لنصرة الدين عقب سماعه لمقطع من القرآن ، وسنورد الحديث فيما بعد عن مقدار الافتتان الشفهي بالنص القرآني بعد أن رتله المؤمنون " انتهى .
3. وقالت بوتر – أمريكية دخلت الإسلام بعد اقتناع عميق به - :
" عندما أكملت قراءة القرآن الكريم غمرني شعور بأن هذا هو الحق الذي يشتمل على الإجابات الشافية حول مسائل الخلق وغيرها ، وإنه يقدم لنا الأحداث بطريقة منطقية
نجدها متناقضة مع بعضها في غيره من الكتب الدينية ، أما القرآن فيتحدث عنها في نسق رائع وأسلوب قاطع لا يدع مجالاً للشك بأن هذه هي الحقيقة وأن هذا الكلام هو من عند الله لا محالة " انتهى .
4. قال موريس بوكاي – عالم فرنسي شهير أسلم بعد دراسة للأديان متعمقة - : " لقد قمت أولاً بدراسة القرآن الكريم ، وذلك دون أي فكر مسبق وبموضوعية تامة
بحثاً عن درجة اتفاق نص القرآن ومعطيات العلم الحديث ، وكنت أعرف قبل هذه الدراسة ، وعن طريق الترجمات ، أن القرآن يذكر أنواعاً كثيرة من الظاهرات الطبيعية ، لكن معرفتي كانت وجيزة
وبفضل الدراسة الواعية للنص العربي ، استطعت أن أحقق قائمة أدركت بعد الانتهاء منها أن القرآن لا يحتوي على أية مقولة قابلة للنقد من وجهة نظر العلم في العصر الحديث
وبنفس الموضوعية قمت بنفس الفحص على العهد القديم والأناجيل ، أما بالنسبة للعهد القديم فلم تكن هناك حاجة للذهاب إلى أبعد من الكتاب الأول أي : " سِفر التكوين
" فقد وجدت مقولات لا يمكن التوفيق بينها وبين أكثر معطيات العلم رسوخاً في عصرنا ، وأما بالنسبة للأناجيل فإننا نجد نص إنجيل " متى " يناقض بشكل جلي إنجيل " لوقا "
وأن هذا الأخير يقدم لنا صراحة أمراً لا يتفق مع المعارف الحديثة الخاصة بقدَم الإنسان على الأرض " انتهى .
5. وقال فيليب حتي- لبناني نصراني -
: " إن أسلوب القرآن مختلف عن غيره ، ثم إنه لا يقبل المقارنة بأسلوب آخر ، ولا يمكن أن يقلَّد ، وهذا في أساسه هو إعجاز القرآن ، فمن جميع المعجزات كان القرآن المعجزة الكبرى " انتهى .
وقد نقلنا هذا كله من كتاب " الطعن في القرآن الكريم والرد على الطاعنين في القرن الرابع عشر الهجري " ( ص 156 – 159 ) للشيخ عبد المحسن بن زبن المطيري وفقه الله .
أما وجوه الإعجاز في القرآن الكريم فكثيرة ، وقد ذكرها القاضي عياض في كتابه " الشفا " - واختصر كلامه
السيوطي في " الإتقان " فقال – رحمه الله - : " وقال القاضي عياض في " الشفا " : اعلم أن القرآن منطوٍ على وجوه من الإعجاز كثيرة ، وتحصيلها من جهة ضبط أنواعها في أربعة وجوه :
أولها : حسن تأليفه والتئام كلمه وفصاحته ووجوه إيجازه وبلاغته الخارقة عادة العرب الذين هم فرسان الكلام وأرباب هذا الشأن .
الثاني : صورة نظمه العجيب والأسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام العرب ومنهاج نظمها ونثرها الذي جاء عليه ووقفت عليه مقاطع آياته وانتهت إليه فواصل كلماته ولم يوجد قبله ولا بعده نظيراً له .
قال :
وكل واحد من هذين النوعين الإيجاز والبلاغة بذاتها والأسلوب الغريب بذاته نوع إعجاز على التحقيق لم تقدر العرب على الإتيان بواحد منهما إذ كل واحد خارج
ن قدرتها مباين لفصاحتها وكلامها خلافاً لمن زعم أن الإعجاز في مجموع البلاغة والأسلوب .
الوجه الثالث : ما انطوى عليه من الإخبار بالمغيبات وما لم يكن فوجد كما ورد .
الرابع : ما أنبأ به من أخبار القرون السالفة والأمم البائدة والشرائع الداثرة مما كان لا يعلم منه القصة الواحدة إلا الفذ من أحبار أهل الكتاب الذي قطع عمره في تعلم ذلك فيورده
على وجهه ويأتي به على نصه وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب .
قال :
فهذه الوجوه الأربعة من إعجازه بيِّنه لا نزاع فيها ( ولا مرية ) " .
انتهى من " الإتقان في علوم القرآن " ( 4 / 18 ، 19 )
وانظر " الشفا " للقاضي عياض ( 1 / 258 – 272 ) .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2019-01-17, 15:26
حاجة البشر إلى الدين
السؤال
لماذا يحتاج الناس إلى الدين ؟
ألا تكفي القوانين لضبط حياة الناس !.
الجواب
الحمد لله
حاجة البشر إلى الدين أعظم من حاجاتهم إلى ما سواه من ضرورات الحياة ؛ لأن الإنسان لا بد له من معرفة مواقع رضى الله – سبحانه – ومواقع سخطه , ولابد له من حركة يجلب بها منفعته , وحركة يدفع بها مضرته
, والشرع هو الذي يميز بين الأفعال التي تنفع والتي تضر , وهو عدل الله في خلقه , ونوره بين عباده , فلا يمكن للناس أن يعيشوا بلا شرع يميزون به بين ما يفعلونه وما يتركونه .
وإذا كان للإنسان إرادة فلا بد من معرفة ما يريده , وهل هو نافع أو ضار ؟ وهل يصلحه أو يفسده ؟ .
وهذا قد يعرفه بعض الناس بفطرهم وبعضه يعرفونه بالاستدلال إليه بعقولهم
, وبعضه لا يعرفونه إلا بتعريف الرسل وبيانهم لهم وهدايتهم إياهم – أنظر التدمرية , تأليف شخ الإسلام ابن تيمية و ص: 213, 214 , ومفتاح دار السعادة , جـ2 , ص: 383 - .
فمهما استعلت المذاهب المادية الإلحادية وتزخرفت ومهما تعددت الأفكار والنظريات فلن تغني الأفراد والمجتمعات عن الدين الصحيح , ولن تستطيع أن تلبي متطلبات الروح والجسد , بل كلما توغل الفرد فيها
أيقن تمام اليقين أنها لا تمنحه أمناً , ولا تروي له ظمأً , وألا مهرب منها إلا إلى الدين الصحيح , يقول أرنست رينان : ( إن من الممكن أن يضمحل كل شيء
نحبه وأن تبطل حياة استعمال العقل والعلم والصناعة , ولكن مستحيل أن ينمحي التدين , بل سيبقى حجة باطلة على بطلان المذهب المادي الذي يريد أن يحصر الإنسان في المضايق الدنيئة للحياة الأرضية )
انظر : الدين , تأليف عبد الله دراز , ص : 87.
ويقول محمد فريد وجدي
: ( يستحيل أن تتلاشى فكرة التدين ؛ لأنها أرقى ميول النفس وأكرم عواطفها , ناهيك بميل يرفع رأس الإنسان , بل إن هذا الميل سيزداد ,
ففطرة التدين ستلاحق الإنسان ما دام ذا عقل يعقل به الجمال والقبح , وستزداد فيه هذه الفطرة على نسبة علو مداركه ونمو معارفه ) المصدر السابق , ص: 87.
فإذا ابتعد الإنسان عن ربه فعلى قدر علو مداركه واتساع آفاق علمه
, يدرك عظم جهله بربه وما يجب له , وجهله بنفسه وما يصلحها ويفسدها , ويسعدها ويشقيها , وجهله في جزئيات العلوم ومفرداتها كعلوم الأفلاك والمجرات وعلوم الحاسب والنواة وغيرها ..
. وحينئذ يتراجع العالم من مرحلة الغرور والكبرياء إلى التواضع والاستسلام , ويعتقد أن وراء العلوم عالماً حكيماً , ووراء الطبيعة خالقاً قادراً ,
وتلزم هذه الحقيقة الباحث المنصف بالإيمان بالغيب والإذعان للدين القويم , والاستجابة لنداء الفطرة والغريزة الجِبِلََّيَّة ....وإذا تخلى الإنسان عن ذلك انتكست فطرته وتردى على مستوى الحيوان الأعجم .
ونخلص بهذا إلى التدين الحق – الذي يعتمد على إفراد الله بالتوحيد , والتعبد له وفق ما شرع –
عنصر ضروري للحياة ليحقق المرء من خلال عبوديته للَّه رب العالمين ,
ولتحصيل سعادته وسلامته من العطب والنصب والشقاء في الدارين , وهو ضروري لتكتمل القوة النظرية في الإنسان ؛ فبه وحده يجد العقل ما يشبع نهمته , ومن دونه لا يحقق مطامحه العليا .
وهو عنصر ضروري لتزكية الروح وتهذيب قوة الوجدان , إذ العواطف النبيلة تجد في الدين مجالاً ثرياً ومنهلاً لا ينفد معينه تدرك فيه غايتها .
وهو عنصر ضروري لتكتمل قوة الإرادة بما يمدها بأعظم البواعث والدوافع ويدرّعها بأكبر وسائل المقاومة لعوامل اليأس والقنوط .
وعلى هذا فإذا كان هناك من يقول : إن الإنسان مدني بطبعه , فينبغي أن نقول : ( إن الإنسان متدين بفطرته ) انظر السابق ص : 84 , 98, لأن للإنسان قوتين : قوة علمية نظرية ,
وقوة علمية إرادية , وسعادته التامة موقوفة على استكمال قوته العلمية والإرادية , ولا يتحقق استكمال القوة العلمية إلاّ بمعرفة ما يلي :
1-معرفة الإله الخالق الرازق الذي أوجد الإنسان من عدم وأسبغ عليه النعم .
2-معرفة أسماء الله وصفاته , وما يجب له – سبحانه - , وأثر هذه الأسماء على عباده .
3-معرفة الطريق التي توصل إليه سبحانه .
4-معرفة المعوقات والآفات التي تحول بين الإنسان وبين معرفة هذا الطريق وما توصل إليه من النعيم العظيم .
5-معرفة نفسك معرفة حقيقية , ومعرفة ما تحتاج إليه , وما يصلحها أو يفسدها , ومعرفة ما تشتمل عليه من المزايا والعيوب .
فبهذه المعارف الخمس يستكمل الإنسان قوته العلمية , واستكمال القوة العلمية والإرادية لا يحصل إلاّ بمراعاة حقوقه سبحانه على العبد , والقيام بها إخلاصاً وصدقاً ونصحاً ومتابعةً , وشهوداً لمنته عليه
ولا سبيل إلى استكمال هاتين القوتين إلاّ بمعونته فهو مضطر إلى أن يهديه الصراط المستقيم الذي هدى أولياءه إليه . انظر: الفوائد , ص : 18-19 .
بعد أن عرفنا أن الدين الصحيح هو المدد الإلهي لقوى النفس المختلفة , فإن الدين –
أيضاً – هو الدرع الواقي للمجتمع , ذلك لأن الحياة البشرية لا تقوم إلاّ بالتعاون بين أعضائها , ولا يتم هذا التعاون إلاّ بنظام ينظم علاقاتهم , ويحدد واجباتهم ,
ويكفل حقوقهم , وهذا النظام لا غنى له عن سلطان نازع وازع يردع النفس عن انتهاكه , ويرغبها في المحافظة عليه , ويكفل مهابته في النفوس ويمنع انتهاك حرماته , فما هو هذا السلطان ؟
فأقول : ليس على وجه الأرض قوة تكافئ قوة التدين أو تدانيها في كفالة احترام النظام , وضمان تماسك المجتمع واستقرار نظامه , والتئام أسباب الراحة والطمأنينة فيه .
والسر في ذلك أن الإنسان يمتاز عن سائر الكائنات الحية بأن حركاته وتصرفاته الاختيارية يتولى قيادتها شيء لا يقع عليه سمع ولا بصر , وإنما هو عقيدة إيمانية تهذب الروح وتزكي الجوارح
فالإنسان مقود أبداً بعقيدة صحيحة أو فاسدة , فإذا صلحت عقيدته صلح فيه كل شيء , وإذا فسدت فسد كل شيء .
والعقيدة والإيمان هما الرقيب الذاتي على الإنسان وهما – كما يلاحظ في عموم البشرية – على ضربين :
-إيمان بقيمة الفضيلة وكرامة الإنسانية وما إلى ذلك من المعاني المجردة التي تستحي النفوس العالية من مخالفة دواعيها حتى ولو أعفيت من التبعات الخارجية والجزائية المادية .
-وإيمان بالله سبحانه وتعالى وأنه رقيب على السرائر , يعلم السر وأخفى , تستمد الشريعة سلطانها من أمره ونهيه , وتلتهب المشاعر بالحياء منه إما محبة له أو خشية منه أو بهما معاً ...
ولا ريب أن هذا الضرب من الإيمان هو أقوى الضربين سلطاناً على النفس الإنسانية , وهو أشدهما مقاومة لأعاصير الهوى وتقلبات العواطف , وأسرعها نفاذاً في قلوب العامة والخاصة .
من أجل ذلك كان الدين خير ضمان لقيام التعامل بين الناس على قواعد العادلة والإنصاف , وكان لذلك ضرورة اجتماعية , فلا غرو إن حل الدين من الأمة محل القلب من الجسد . _
انظر : الدين , ص : 98 , 102 _
. وإذا كان الدين عموماً بهذه المنزلة , فالمشاهد اليوم تعدد الأديان والملل في هذا العالم , وتجد كل قوم بما لديهم من الدين فرحون مستمسكون به , فما الدين الصحيح الذي يحقق للنفس البشرية ما تصبو إليه ؟
وما ضوابط الدين الحق ؟ .
من كتاب الإسلام أصوله ومبادؤه
تأليف د . محمد بن عبد الله بن صالح السحيم
*عبدالرحمن*
2019-01-17, 15:30
هل يجوز تخصيص سورة من القرآن بمزيد تلاوة واستماع لما لها من أثر في النفس ؟
السؤال
هل يصح للمسلم أن يكون له سورة يفضّلها على غيرها من السور فيخصها بمزيد تلاوة واستماع؟ فمنذ أن كنت صغيرة وأن أحب سورة الواقعة ، إنني أحاول أن أقرأ القران يومياً
ولكني أحب سورة الواقعة أكثر من غيرها لأنها تثير لدي كل مشاعر الحب والأمل والثناء، كذلك مشاعر الخوف من الله والجنة والنار، إنني أشعر بارتياح
غريب عند تلاوة أو سماع هذه السورة ، لكني أحياناً أقول في نفسي علّ ما أفعله من تخصيص لها فيه مخالفة للشرع . فهل من نصيحة ؟ وشكراً.
الجواب
:
الحمد لله
لا بأس أن يخص المسلم سورة من كتاب الله بمزيد عناية ، من تلاوة واستماع وتفسير ونحو ذلك لما تشتمل عليه من أحكام أو ترغيب وترهيب ونحوه ، دون أن يؤدي ذلك إلى هجر بقية القرآن وإهمال تلاوته
ما دام ذلك يعتمد على اعتبارات خاصة ، من فهم زائد لمعاني السورة ، أو تأثر بمضمونها ، أو نحو ذلك ، ولم يكن اعتقادا لفضيلة خاصة بها ، لم يثبت الشرع بها .
وفي الحديث عند الترمذي (3297) وحسنه قوله صلى الله عليه وسلم : ( شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَالْوَاقِعَةُ وَالْمُرْسَلَاتُ وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
وعند النسائي (1010) عن أبي ذَرٍّ قال : قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا أَصْبَحَ بِآيَةٍ ( إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) حسنه الألباني في "صحيح النسائي" .
وروى أبو نعيم في "الحلية" (2/55) بسند صحيح عن عروة بن الزبير قال : " دخلت على أسماء بنت أبي بكر وهي تصلي فسمعتها وهي تقرأ هذه الآية ( فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ )
فاستعاذت ، فقمت وهي تستعيذ ، فلما طال علىّ أتيت السوق ثم رجعت وهي في بكائها تستعيذ ".
وروى ابن سعد في "الطبقات" (7/150) عن بهز بن حكيم :
" أن زرارة بن أوفى أمّهم الفجر في مسجد بني قشير فقرأ حتى إذا بلغ ( فإذا نقر في الناقور* فذلك يومئذ يوم عسير * على الكافرين غير يسير ) خرّ ميتا ، قال بهز : فكنت فيمن حمله " .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
ما حكم تفضيل سورة على أخرى وخاصة أنني أحب أن أقرأ سورة مريم مثلاً أحياناً ؛ لأنني أحس براحة واستمتاع عند قراءتها ؟
فأجاب : " لا حرج أن يفضل الإنسان سورة من القرآن على سورة أخرى لأي سبب من الأسباب ؛
وإلا فالكل كلام الله عز وجل ، فالقرآن من حيث المتكلم به وهو الله سبحانه وتعالى لا يتفاضل ، أما من حيث ما يشتمل عليه من المعاني الجليلة العظيمة فإنه يتفاضل .
ولهذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ( إن أعظم سورة في كتاب الله سورة الفاتحة وإن أعظم آية في كتاب الله آية الكرسي ) .
وكان أحد الصحابة قد بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية ، فكان يقرأ القرآن لأصحابه
ويختتم بسورة الإخلاص ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :( سلوه لأي شيء كان يصنع ذلك ) فقال : لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( أخبروه أن الله يحبه ) .
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ( إن سورة الإخلاص تعادل ثلث القرآن )
فإذا كان هذا السائل يحب قراءة سورة مريم لما فيها من القصص العظيمة النافعة ، ولما فيها من ذكر الجزاء في اليوم الآخر ، والإنكار على من كذب بآيات الله وكفر بها ، وأعجب بما أعطاه الله من المال
وما إلى ذلك من المعاني ، فإن هذا لا بأس به ، ولا حرج عليه " .
انتهى من "فتاوى إسلامية" (4 /50) .
والمقصود أن من القرآن ما يكون تأثيره في القلب خوفا أو رجاءً أعظم مما سواه من الآيات والسور، فإذا انتفع القارئ بتلاوة ذلك ، واعتاده في المرة بعد المرة : فلا بأس به .
وإنما الممنوع من ذلك أن يرى أن لسورة معينة ، أو آية معينة ، فضيلة دينية ، أو أن لمن قرأ ذلك كذا وكذا من الأجر، دون أن يكون لذلك مستند من الوحي المنزل .
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :
" ومن البدع التخصيص بلا دليل ، بقراءة آية ، أو سورة في زمان أو مكان أو لحاجة من الحاجات ، وهكذا قصد التخصيص بلا دليل "
نتهى من " بدع القراءة " (ص/14) .
ولمزيد الفائدة راجع إجابة السؤال القادم
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-17, 15:33
لزوم سورة معينة في صلاة الضحى
السؤال
إنني أصلي صلاة الضحى والحمد لله باستمرار ، وقد تعمدت أن أقرأ في الركعتين الأوليين سورة (هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ) وذلك لأن فيها صفات أهل الجنة ، وآمل من الله أن يجعلني منهم
وفي الركعة الثالثة أقرأ سورة الضحى لأن الصلاة هي صلاة الضحى ، وفي الركعة الرابعة أقرأ سورة الإخلاص لأن فيها ذكر صفات الله العظيمة التي لا يشاركه فيها أحد
فهل يجوز لي الاستمرار على ذلك أم أنه بدعة يجب أن أتركها؟
الجواب
الحمد لله
"الأفضل ألا تستمر في ذلك ؛ لأن هذا شيء لا أصل له ، ولا دليل عليه ، وربما باعتياده تعتقد أنه كالشيء الواجب ، فينبغي أن تفعل هذا تارة وهذا تارة ولا تستمر على قراءة هذه السور فقط
وسورة الضحى ليس لها ما يبرر أن تُقرأ في صلاة الضحى ، فإن قسم الله بالضحى شيء آخر غير ما يتعلق بصلاة الضحى ، إن الله يقسم بما يشاء من خلقه سبحانه وتعالى .
لكن يجوز للمؤمن أن يختار بعض السور وبعض الآيات يقرأ بها لكن مع اعتقاده وإيمانه بأن هذا شيء ليس بلازم ، وأنه لا بأس أن يقرأ غيرها من الآيات والسور فمع هذا الاعتقاد لا حرج
ولكن الأولى والأفضل ألا تستمر على هذا الشيء ، بل تقرأ تارة كذا وتارة كذا حتى لا تعتاد هذا الشيء فتظن أنه لازم ، فإن المسلم لو اعتاد الشيء يشق عليه فراقه .
و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) بالأخص لها شأن عظيم ، إذا قرأها الإنسان محبة لها ، ولما فيها من صفات الله هذا يرجى له الخير العظيم ، وثبت أن بعض الصحابة كان يقرأ بها في صلاته بالناس فقال له بعض الصحابة
: لماذا تلزمها ولا تكتفي بها ؟
فقال : إنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأها ، وبلغ النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال : (أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ) ، وفي لفظ : (حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ) .
فإذا قرأ الإنسان سورة الإخلاص لها المعنى أو آيات الجنة للشوق إلى الجنة أو آيات النار للحذر هذا له خير عظيم ، لكن لا يلزم ذلك ، بل تارة وتارة حتى لا يعتاد الشيء الذي ليس بلازم .
ثم إن السنة في الضحى ركعتان هذا أقل شيء فإذا أراد أن يزيد فيصلي ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين لا يجمع أربعاً جميعاً ، فالأفضل أن يصلي ركعتين بتسليم ثم ركعتين بتسليم لأن الرسول عليه السلام قال
: (صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى) ، وكانت عادة النبي عليه الصلاة والسلام من كل ثنتين في الليل والنهار
فالأفضل أن تسلم من كل ثنتين تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وعملاً بقوله صلى الله عليه وسلم : (صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى) ، وهذه الزيادة : (والنهار) زيادة لا بأس بها عند كثير من أهل العلم" انتهى .
: الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله -
"فتاوى نور على الدرب"(2/875)
*عبدالرحمن*
2019-01-17, 15:40
من هم أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته ؟
السؤال
سؤالي ماهو المقدار اليومي الذي يلتزمه المسلم في قراءة القرآن حتى يكون من أهل الله وخاصته؟
وهل لو انقطع لفتره ما عن هذا الورد ينتفي عنه هذا الفضل؟
الجواب
الحمد لله
روى ابن ماجة (215) وأحمد (11870) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ ) قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ هُمْ ؟ قَالَ :
( هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ ) وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجة" .
\
قال المناوي رحمه الله :
" أي حفظة القرآن العاملون به هم أولياء الله المختصون به اختصاص أهل الإنسان به ، سموا بذلك تعظيما لهم كما يقال : "بيت الله" .
قال الحكيم الترمذي : وإنما يكون هذا في قارئ انتفى عنه جور قلبه وذهبت جناية نفسه ، وليس من أهله إلا من تطهر من الذنوب ظاهرا وباطنا ، وتزين بالطاعة ، فعندها يكون من أهل الله " انتهى باختصار .
"فيض القدير" (3 / 87) .
ولا يكفي مجرد التلاوة ليكون من أهل القرآن ، حتى يعمل بأحكامه ، ويقف عند حدوده ، ويتخلق بأخلاقه .
وللحافظ محمد بن الحسين الآجري رحمه الله في ذلك كلام طيب جدير بالعناية ، نذكر منه طرفا ، قال رحمه الله :
" ينبغي لمن علمه الله القرآن وفضله على غيره ، ممن لم يحمله
وأحب أن يكون من أهل القرآن وأهل الله وخاصته أن يجعل القرآن ربيعا لقلبه يعمر به ما خرب من قلبه ، يتأدب بآداب القرآن ، ويتخلق بأخلاق شريفة تبين به عن سائر الناس ، ممن لا يقرأ القرآن :
فأول ما ينبغي له أن يستعمل تقوى الله في السر والعلانية ، باستعمال الورع في مطعمه ومشربه وملبسه ومسكنه ، بصيرا بزمانه وفساد أهله ، فهو يحذرهم على دينه ، مقبلا على شأنه
مهموما بإصلاح ما فسد من أمره ، حافظا للسانه ، مميزا لكلامه ، إن تكلم تكلم بعلم إذا رأى الكلام صوابا ، وإن سكت سكت بعلم إذا كان السكوت صوابا ، قليل الخوض فيما لا يعنيه
يخاف من لسانه أشد مما يخاف عدوه ، قليل الضحك مما يضحك منه الناس لسوء عاقبة الضحك ، باسط الوجه ، طيب الكلام ، لا يغتاب أحدا ، ولا يحقر أحدا ، ولا يسب أحدا ، ولا يشمت بمصيبة
ولا يبغي على أحد ، ولا يحسده ، وقد جعل القرآن والسنة والفقه دليله إلى كل خلق حسن جميل ، حافظا لجميع جوارحه عما نهي عنه ، إذا قيل له الحق قبله من صغير أو كبير
يطلب الرفعة من الله ، لا من المخلوقين ، ماقتا للكبر ، خائفا على نفسه منه ، لا يتآكل بالقرآن ولا يحب أن يقضي به الحوائج ، ولا يسعى به إلى أبناء الملوك ، ولا يجالس به الأغنياء ليكرموه
يقنع بالقليل فيكفيه ، ويحذر على نفسه من الدنيا ما يطغيه ، يتبع واجبات القرآن والسنة ، يأكل الطعام بعلم ، ويشرب بعلم ، ويلبس بعلم ، وينام بعلم ، ويجامع أهله بعلم
ويصطحب الإخوان بعلم ، ويزورهم بعلم ، يلزم نفسه بر والديه ، وإن استعانا به على طاعة أعانهما ، وإن استعانا به على معصية لم يعنهما عليها ، ورفق بهما في معصيته إياهما بحسن الأدب
ليرجعا عن قبيح ما أرادا مما لا يحسن بهما فعله ، يصل الرحم ، ويكره القطيعة ، من قطعه لم يقطعه ، ومن عصى الله فيه أطاع الله فيه ، رفيق في أموره ، صبور على تعليم الخير
يأنس به المتعلم ، ويفرح به المجالس ، مجالسته تفيد خيرا ، قد جعل العلم والفقه دليله إلى كل خير ، إذا درس القرآن فبحضور فهم وعقل ، همته إيقاع الفهم لما ألزمه الله : من اتباع ما أمر
والانتهاء عما نهى ، ليس همته متى أختم السورة ؟
همته متى أستغني بالله عن غيره ؟
متى أكون من المتقين ؟
متى أكون من المحسنين ؟
متى أكون من المتوكلين ؟
متى أكون من الخاشعين ؟
متى أكون من الصابرين ؟ متى أعقل عن الله الخطاب ؟
متى أفقه ما أتلو ؟
متى أغلب نفسي على ما تهوى ؟
متى أجاهد في الله حق الجهاد ؟
متى أكون بزجر القرآن متعظا ؟
متى أكون بذكره عن ذكر غيره مشتغلا ؟ .
فمن كانت هذه صفته ، أو ما قارب هذه الصفة ، فقد تلاه حق تلاوته
ورعاه حق رعايته ، وكان له القرآن شاهدا وشفيعا وأنيسا وحرزا ، ومن كان هذا وصفه ، نفع نفسه ونفع أهله ، وعاد على والديه ، وعلى ولده كل خير في الدنيا وفي الآخرة "
انتهى باختصار .
"أخلاق حملة القرآن" (ص 27) .
وعلى من أراد أن يكون له حظ من قول النبي صلى الله عليه وسلم في أهل القرآن إنهم أهل الله وخاصته أن لا يختم القرآن في أكثر من شهراً .
روى البخاري (1978) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( اقْرَأ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ، قَالَ إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ ، فَمَا زَالَ حَتَّى قَالَ : فِي ثَلَاثٍ )
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الصحيح عندهم في حديث عبد الله بن عمرو أنه انتهى به النبي صلى الله عليه وسلم إلى سبع ، كما أنه أمره ابتداء بقراءته في الشهر ، فجعل الحد ما بين الشهر إلى الأسبوع .
وقد روي أنه أمره ابتداء أن يقرأه في أربعين ، وهذا في طرف السعة يناظر التثليث في طرف الاجتهاد " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (13 / 407-408) .
ومعنى هذا : أن الأفضل أن يختم القرآن فيما بين الأسبوع إلى الشهر ، فإذا كان مشغولاً ، فله رخصة إلى أربعين يوماً .
وينبغي ألا يمر عليه يوم إلا وهو ينظر في مصحفه ، يتلو كلام ربه ، فيكون له ورد يومي يحافظ عليه ، وأقل ذلك جزء من القرآن تقريبا ، وكلما زاد كلما كان أفضل ، وهو مع ذلك يتدبره ويعمل بما فيه من أحكام وأخلاق وآداب .
روى الإمام أحمد في "الزهد" (ص 128) عن عثمان رضي الله عنه قال : (ما أحب أن يأتي علي يوم ولا ليلة إلا أنظر في كتاب الله - يعني القراءة في المصحف) .
وقال ابن كثير رحمه الله :
" كرهوا أن يمضي على الرجل يوم لا ينظر في مصحفه " انتهى .
"تفسير ابن كثير" (1 / 68)
وقال الشيخ ابن جبرين رحمه الله :
" الذين يقرؤون القرآن طوال عامهم ، هم أهل القرآن ، الذين هم أهل الله وخاصته
.
ويجب على المسلم أن يكون مهتماً بالقرآن ، ويكون من الذين يتلونه حق تلاوته، ومن الذين يحللون حلاله ويحرمون حرامه ، ويعملون بمحكمه ، ويؤمنون بمتشابهه
ويقفون عند عجائبه ، ويعتبرون بأمثاله ، ويعتبرون بقصصه وما فيه ، ويطبقون تعاليمه ؛ لأن القرآن أنزل لأجل أن يعمل به ويطبق ، وإن كانت تلاوته تعتبر عملاً وفيها أجر .
فمن أحب أن يكون من أهل الذكر فعليه أن يكون من الذين يتلون كتاب الله حق تلاوته ، ويقرأه في المسجد ، و يقرأه في بيته ، و يقرأه في مقر عمله ، لا يغفل عن القرآن ، ولا يخص شهر رمضان بذلك فقط .
فإذا قرأت القرآن فاجتهد فيه ، كأن تختمه مثلاً كل خمسة أيام ، أو في كل ثلاثة أيام . والأفضل للإنسان أن يجعل له حزباً يومياً يقرأه بعد العشاء أو بعد الفجر أو بعد العصر
وهكذا . لابد أن تبقى معك آثار هذا القرآن بقية السنة ويحبب إليك كلام الله ، فتجد له لذة وحلاوة وطلاوة وهنا لن تمل من استماعه ، كما لن تمل من تلاوته .
هذه سمات وصفات المؤمن الذي يجب أن يكون من أهل القرآن الذين هم أهل الله تعالى وخاصته " انتهى .
"فتاوى الشيخ ابن جبرين" (59 / 31-32) .
ومن كان له ورد يومي من القرآن ، فتركه لعذر من سفر أو مرض ونحوه لم يضره ذلك ؛ لما رواه البخاري (2996) عن أبي مُوسَى رضي الله عنه قال
: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا ) .
ولا ينبغي لمن أراد أن يكون من أهل القرآن أن يترك تلاوته يوما لغير عذر ، فصاحب القرآن لا يغفل عنه ولا ينشغل عنه أبدا
.
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2019-01-22, 15:14
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
ليس من السنة قراءة سورة القدر عقب الوضوء
السؤال
أخبرني أحد الأصدقاء أن قراءة سورة القدر يكفر ذنوب أربعين سنة.. شرط أن تُقرأ بعد الوضوء مباشرة..
فهل هذا صحيح؟
وهل من دليل على هذا القول؟
الجواب
الحمد لله
لا أصل شرعي لهذا الكلام ، وليس في السنة النبوية ما يدل عليه .
قال السخاوي رحمه الله :
" قراءة سورة ( إنا أنزلناه ) عقيب الوضوء : لا أصل له ، وهو مفوت سنته " انتهى .
"المقاصد الحسنة" (ص 664) .
وقال العامري الغزي رحمه الله :
" قراءة سورة القدر عقب الوضوء " لا أصل لها " .
"الجد الحثيث في بيان ما ليس بحديث" (ص 234) .
وذكر الألباني رحمه الله في "الضعيفة" (1449) حديثا في ذلك وقال عنه : موضوع .
وقد ثبت في السنة النبوية أدعية وأذكار تقال عقب الوضوء ، فعلى المسلم الحرص عليها وعدم الزيادة عليها .
انظرها في جواب السؤال القادم
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-22, 15:17
الأدعية التي تقال في الوضوء
السؤال
ما هي الأدعية التي تقال على الوضوء ؟.
الجواب
الحمد لله
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أدعية تقال في أول الوضوء وأخرى تقال بعده .
فأما ما يقال في أول الوضوء فلم يثبت فيه إلا التسمية بلفظ : ( بسم الله ) .
ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ ) روه الترمذي (25)
. وقَالَ : وَفِي الْبَاب عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَأَنَسٍ . قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : لا أَعْلَمُ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا لَهُ إِسْنَادٌ جَيِّدٌ انتهى كلام الترمذي .
والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي .
وسبق في إجابة سؤال أن هذا الحديث مما اختلف العلماء في صحته .
ونقل النووي في "المجموع" (1/385) عن البيهقي قوله :
" أَصَحُّ مَا فِي التَّسْمِيَةِ حَدِيثُ أَنَسٍ : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَضَعَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ ثُمَّ قَالَ : تَوَضَّئُوا بِاسْمِ اللَّهِ , قَالَ : فَرَأَيْت الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ ، وَالْقَوْمُ يَتَوَضَّؤُنَ حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ
وَكَانُوا نَحْوَ سَبْعِينَ رَجُلا . وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ . وَاحْتَجَّ بِهِ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ "مَعْرِفَةِ السُّنَنِ وَالآثَارِ" وَضَعَّفَ الأَحَادِيثَ الْبَاقِيَةَ " انتهى
وأما ما يقال بعده : فقد وردت فيه عدة أحاديث .
ومجموع ما ورد أنه يقول :
( أشْهَدُ أنْ لا إله إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيك لَهُ ، وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَوَّابِينَ ، واجْعَلْني مِنَ المُتَطَهِّرِينَ ، سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلاَّ أنْتَ ، أسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إِلَيْكَ ) .
روى مسلم (234) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
: ( مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ أَوْ فَيُسْبِغُ الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ : أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، إِلا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ ) رواه مسلم (234) .
زاد الترمذي (55) : ( اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ ، وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ ) .
وهذه الزيادة ضعفها الحافظ ابن حجر رحمه الله ، فإنه قال : " هذه الزيادة التي عند الترمذي لم تثبت في هذا الحديث
" انتهى من "الفتوحات الربانية" (2/19) .
وقد صححها الألباني في صحيح الترمذي . وجزم ابن القيم في "زاد المعاد" بثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وأما ( سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلاَّ أنْتَ ، أسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إِلَيْكَ ) .
فقد رواه النسائي في
" عمل اليوم والليلة" والحاكم في المستدرك عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه . وقد اختلف الرواة هل الحديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو من قول أبي سعيد رضي الله عنه ؟
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" والسند صحيح بلا ريب ، إنما اختلف في رفع المتن ووقفه ، فالنسائي جرى على طريقته في الترجيح بالأكثر والأحفظ ، فلذا حكم عليه بالخطأ ، وأما على طريق الشيخ المصنف (يعني النووي) تبعاً لابن
الصلاح وغيرهم فالرفع عندهم مقدم لما مع الرافع من زيادة العلم ، وعلى تقدير العمل بالطريقة الأخرى فهذا مما لا مجال للرأي فيه فله حكم الرفع "
انتهى من "الفتوحات الربانية" (2/21) .
وقد صححه الألباني في "صحيح الترغيب" (225) و"السلسلة الصحيحة" (2333) .
وانظر : "تمام المنة" (ص 94- 98) .
فهذا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأذكار التي تقال على الوضوء ، أما الدعاء عند غسل أعضاء الوضوء فلم يثبت فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال النووي في الأذكار (ص 30) :
وأما الدعاء على أعضاء الوضوء فلم يجئ فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقال ابن القيم في "زاد المعاد" (1/195) :
ولم يحفظ عنه أنه كان يقول على وضوئه شيئا غير التسمية ، وكل حديث في أذكار الوضوء الذي يقال عليه فكذب مختلق ، لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا منه ، ولا علمه لأمته
ولا ثبت عنه غير التسمية في أوله ، وقوله : ( أشْهَدُ أنْ لا إله إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيك لَهُ ، وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَوَّابِينَ ، واجْعَلْني مِنَ المُتَطَهِّرِينَ ) في آخره
وفي حديث آخر في "سنن النسائي" مما يقال بعد الوضوء أيضاً : ( سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلاَّ أنْتَ ، أسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إِلَيْكَ ) انتهى .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (5/221) :
" لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء أثناء الوضوء ، وما يدعو به العامة عند غسل كل عضو بدعة
مثل قولهم عند غسل الوجه : (اللهم بيض وجهي يوم تسود الوجوه) وقولهم : عند غسل اليدين : (اللهم أعطني كتابي بيميني ، ولا تعطني كتابي بشمالي ) إلى غير ذلك من الأدعية عند سائر أعضاء الوضوء " انتهى .
*عبدالرحمن*
2019-01-22, 15:20
هل ورد أن من لم يقرأ القرآن في أقل من شهر كتب من المنافقين ؟
السؤال
سمعت أن هناك حديثاً عن أبي هريرة رضي الله عنه يقول في ثناياه : إن مَن لا يقرأ القرآن في شهر فإنه منافق .
فعلى الرغم من أنني بحثت عن هذا الحديث لكنني لم أجده . فهل هناك حديث بهذا النص أو يفيد هذا المعنى ، وإذا كان كذلك فما مصدره ، وما قول العلماء فيه ؟
الجواب
الحمد لله
أولاً :
ما زال أهل العلم يحثون المسلم على الإكثار من ختم القرآن الكريم ، والإكثار من قراءته وتدبره ، فهو كلام الله المتعبد بتلاوته ، الذي يحب عز وجل أن يُتقرب به إليه .
وقد كانت همم السلف رحمهم الله على أنواع شتى :
فمنهم من كان يختم في كل يوم مرة ، ومنهم في ثلاث ، ومنهم في أسبوع ، ومنهم من كان يختم في كل شهر مرة ، ولعل الختم في كل شهر مرة هو أدنى الهمم التي لا ينبغي للمؤمن أن يضعف عنها
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص : ( اقرأ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ) رواه البخاري (5052) تحت باب : " في كم يقرأ القرآن " ، ومسلم (1159) .
قال ابن حزم رحمه الله :
" يستحب للمسلم الذي يطلب النجاة أن يأتي بما لعله أن يوازي ذنوبه ويوازن سيئاته ، وأن يواظب على قراءة القرآن فيختمه في كل شهر مرة ، فإن ختمه في أقل فحسن " انتهى.
" رسائل ابن حزم " (3/150)
بل نص فقهاء الحنابلة على أنه " ( يكره تأخير الختم فوق أربعين بلا عذر ) قال أحمد : أكثر ما سمعت أن يختم القرآن في أربعين ، ولأنه يفضي إلى نسيانه والتهاون به " انتهى.
" كشاف القناع " (1/430) .
وإذا حرص المسلم على ألا يمر عليه شهر ، أو أربعون يوما على الأكثر ، إلا وقد ختم القرآن قراءة ، فبإمكانه أن يزيد في قراءته اليومية ، لتقل المدة التي يختم فيها القرآن ، كل حسب حاله واستطاعته .
قال الإمام النووي رحمه الله :
" الاختيار : أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص ، فمن كان يظهر له بدقيق الفكر لطائفُ ومعارف فليقتصر على قدرٍ يحصل له كمال فهم ما يقرؤه
وكذا من كان مشغولا بنشر العلم أو غيره من مهمات الدين ، ومصالح المسلمين العامة ، فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مرصد له .
وإن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثر ما أمكنه ، من غير خروج إلى حد الملل والهذرمة" انتهى .
"التبيان" (ص76) .
ثانيا :
ما ورد في السؤال من أن لم يختم القرآن في كل شهر مرة هو من المنافقين ، لم يرد به دلي
ولا أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أو أحد من أصحابه ، فيما نعلم ، ولم نعثر على الكلام المشار إليه في السؤال منسوبا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، لا بإسناد صحيح ولا ضعيف .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-22, 15:24
حكم قراءة القرآن في غير الصلاة
السؤال
هل قراءة القرآن فرض ، بمعنى أنه إذا لم أقرأ القرآن طوال حياتي إلا في الصلاة والأذكار فقط لن أعاقب
وهل هناك دليل من القرآن أو من السنة على معاقبة تارك قراءة القرآن بانتظام. أرجو الإفادة . وجزاكم الله عنا خيرا .
الجواب
الحمد لله
ترك قراءة القرآن بالكلية من صور هجر القرآن التي ذمها الله تعالى في كتابه الكريم
وذلك في قوله عز وجل : ( وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا . وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ) الفرقان/30-31
والآية وإن كانت واردة في سياق الحديث عن الكفار أعداء الرسل والرسالات
إلا أنها أيضا تدل على أن هجر القرآن هو من أعمال الكفار وشأنهم ؛ فمن هجره هجرا تاما ؛ فلم يؤمن به ولم يتله ، ولم يعمل به : فهو كافر ، قد حقت فيه الآية ، وفي مثله تكون شكاة النبي يوم القيامة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" من هجر القرآن فهو من أعداء الرسول "
انتهى من " مجموع الفتاوى " (4/106) .
ومن فرط في تلاوته ، أو تدبره ، أو العمل به : فقد وقع في شعبة من شعب الهجر ، بحسب ما ترك وفرط ، ويخشى عليه ، إن تمادى في ذلك ، أن تنزع حلاوة القرآن من قلبه ، فلا يستريح له
ولا يتغنى به ، ولا ينشرح صدره به .
قال ابن القيم رحمه الله :
" هجر القرآن أنواع :
أحدها : هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه .
والثاني : هجر العمل به ، والوقوف عند حلاله وحرامه ، وإن قرأه وآمن به .
والثالث : هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه ، واعتقاد أنه لا يفيد اليقين ، وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم .
والرابع : هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه .
والخامس : هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها ، فيطلب شفاء دائه من غيره ، ويهجر التداوي به .
وكل هذا داخل في قوله : ( وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ) الفرقان/30، وإن كان بعض الهجر أهون من بعض " انتهى.
" الفوائد " (ص/82)
وسئلت اللجنة الدائمة السؤال الآتي :
ما حكم قراءة القرآن ، أهي واجبة أم مستحبة ؟ حيث سألنا عن حكمه فمنهم من قال : ليس بواجب ، إن قرأ فلا بأس وإن لم يقرأ فلا شيء عليه ، فإذا كان كذلك فقد يهجره الكثير ، فما حكم هجره وما حكم تلاوته ؟
فأجابت :
المشروع في حق المسلم أن يحافظ على تلاوة القرآن ، ويكثر من ذلك حسب استطاعته ؛ امتثالا لعموم قول الله سبحانه وتعالى : ( اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ )
وقوله : ( وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ ) ، وقوله عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ( وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ . وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ )
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( اقرءوا القرآن، فإنه يأتي شفيعا لأصحابه يوم القيامة ) أخرجه مسلم في صحيحه .
وأن يبتعد عن هجره والانقطاع عنه ، بأي معنى من معاني الهجر التي ذكرها العلماء في تفسير هجر القرآن ..
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره
: يقول تعالى مخبرا عن رسوله ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ) ، وذلك أن المشركين كانوا لا يصغون للقرآن ولا يستمعونه
كما قال تعالى : ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ ) ، فكانوا إذا تلي عليهم القرآن أكثروا اللغط والكلام في غيره حتى لا يسمعوه
فهذا من هجرانه ، وترك الإيمان به وترك تصديقه من هجرانه ، وترك تدبره وتفهمه من هجرانه
وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجره من هجرانه ، والعدول عنه إلى غيره من شعر أو قول أو غناء أو لهو أو كلام أو طريقة مأخوذة من غيره من هجرانه " انتهى.
عبد العزيز بن باز – عبد الرزاق عفيفي – عبد الله بن قعود – عبد الله بن غديان .
" فتاوى اللجنة الدائمة " (4/100-102)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-22, 15:27
هل من قرأ أواخر آل عمران في ليلة يكون كأنه قامها؟
السؤال
أعطاني أحد أصدقائي كتابا وجدت فيه أن كل من يقرأ آخر عشرة آيات من سورة آل عمران فإنه يثاب ثواب من عبد الله طوال الليل. فهل هناك حديث صحيح يدل علي ذلك؟
الجواب
الحمد لله
أولاً :
لا نعلم حديثاً صحيحاً عن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أن من قرأ آخر عشر آيات من سورة آل عمران يكتب له ثواب عبادة ليلة ، وإنما ورد هذا عن عثمان بن عفان رضي الله عنه
روى الدرامي (3396) عنه رضي الله عنه أنه قال : (من قرأ آخر آل عمران في ليلة كتب له قيام ليلة) غير أن سنده ضعيف ، فيه ابن لهيعة .
وذكره القرطبي في كتابه "التذكار" (صـ 235) ، وقال الأرناؤوط في تحقيقه : إسناده ضعيف .
وإنما ورد في فضل هذه الآيات ما رواه البخاري (183) ومسلم (763) عن ابْن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ بَاتَ لَيْلَةً عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ خَالَتُهُ
قال : (فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَلَسَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ
بِيَدِهِ ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الْآيَاتِ الْخَوَاتِمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ، ثُمَّ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي) .
قال النووي رحمه الله :
" فيه استحباب قراءة هذه الآيات عند القيام من النوم " انتهى .
أما ما رواه الطبراني في "الأوسط" (6777) وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (687) والعقيلي في "الضعفاء" (713) وابن عدي في "الكامل" (6/449) والخطيب في "المتفق والمفترق" (617)
وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (22/393) من طريق مظاهر بن أسلم قال : حدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه كان يقرأ عشر آيات من أول سورة آل عمران كل ليلة) فإسناده ضعيف جدا ، مظاهر بن أسلم متروك الحديث
قال يحيى بن معين : ليس بشيء ، وقال البخاري وأبو حاتم : منكر الحديث .
"الجرح والتعديل " (8/439)
"الضعفاء" للعقيلي (2/141)
ثانيا :
ورد الفضل الذي ذكره السائل فيمن قرأ في ليلة بمائة آية ، فروى الإمام أحمد (16510)
عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ قَرَأَ بِمِائَةِ آيَةٍ فِي لَيْلَةٍ كُتِبَ لَهُ قُنُوتُ لَيْلَةٍ) وصححه الألباني في "الصحيحة" (644) .
قال المناوي في "فيض القدير" (6/261) :
"قنوت ليلة" أي : عبادتها .
وقال علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (4/1495) : أي : طاعتها أو قيامها .
ويحتمل أن المراد بهذا الحديث : قراءة مائة آية في صلاة الليل ، ويحتمل أن المراد قراءتها مطلقاً في الصلاة أو غيرها
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-22, 15:31
أيهما أفضل : التهجد بالليل ، أم قراءة القرآن بعد صلاة الفجر ؟
السؤال
أيهما أفضل أن أصلي صلاة التهجد وصلاة الفجر ثم أنام قليلاً لأخذ قسطاً من الراحة؟
أم أصلي الفجر فقط ثم أقرأ ورداً من القرآن؟
لا بد لي أن أنام إما قبل الفجر على حساب التهجد أو بعد الفجر على حساب قراءة القرآن
لأن لي أطفالا صغاراً يحتاجون إلى الرعاية. وقد اخبرني شخص ما أن قراءة القرآن أفضل من التهجد والنوم ( وقران الفجر أن قرأن الفجر كان مشهودا). أرجوا التوجيه وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله
أولا :
ينبغي أن يعلم أن الأفضل في حق المكلف من عبادة التطوع ما كان أنفع له ولقلبه ، ولو كان هذا التطوع مفضولا في نفسه .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " أَيُّمَا أَفْضَلُ إذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ : الصَّلَاةُ أَمْ الْقِرَاءَةُ ؟ .
فَأَجَابَ :
" بَلْ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَئِمَّةُ الْعُلَمَاءِ ... ، لَكِنْ مَنْ حَصَلَ لَهُ نَشَاطٌ وَتَدَبُّرٌ وَفَهْمٌ لِلْقِرَاءَةِ دُونَ الصَّلَاةِ فَالْأَفْضَلُ فِي حَقِّهِ مَا كَانَ أَنْفَعَ لَهُ .
"مجموع الفتاوى" (23/62) .
ثانيا :
الجمع بين فضائل الأعمال من قيام الليل وقراءة القرآن والأذكار أفضل عند التمكن منه .
قال علماء اللجنة الدائمة :
" الجلوس بعد صلاة الصبح للاشتغال بأذكار الصباح وقراءة القرآن من السنن التي يستحب
للمسلم أن يحرص عليها " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (24 / 177)
وسئل ابن عثيمين رحمه الله :
استشكل على البعض حفظ كتاب الله وقيام الليل ، فيصعب عليهم القيام ويصعب عليهم الحفظ ، فما النصيحة ؟
فأجاب الشيخ :
" قيام الليل من أفضل الأعمال ، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ، وأما القرآن فلا شك أنه أفضل ما ينطق به ، وهو أفضل الذكر ، وهو كلام الله عز وجل ، فنصيحتي لهم : أن يعتنوا بالقرآن
وأن يعتنوا بالتهجد وصلاة الليل بقدر المستطاع ، يعني : لو قام الإنسان قبل الفجر بنصف ساعة وتوضأ وصلى ولو ثلاث ركعات الوتر فيداوم عليها فهو خير ، ( وأحب العمل إلى الله أدومه وإن قل ) " انتهى باختصار .
"الباب المفتوح" (89 / 17)
ثالثا :
قيام الليل أفضل نوافل العبادات ، فيقدَّم على قراءة القرآن من غير صلاة ، إذا تعذر الجمع ، لا سيما وقيام الليل عبادة مؤقتة بوقت ، تفوت بفواته ، فالمشروع أداؤها في وقتها ، بخلاف قراءة القرآن
فإنه يقرأ في كل وقت ، بالليل أو النهار ، فيمكن استداركه في وقت آخر . ثم إن قيام الليل يتضمن قراءة القرآن
وزيادة أعمال أخرى ، فهو أزيد في عمل الطاعة من القراءة المجرد ، وما كان أكثر عملا من الطاعات ، كان أعظم أجرا .
قال تعالى : ( لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ) آل عمران / 113
وقال تعالى: ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ) الإسراء/79
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" قِرَاءَة الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ ، وَمَا وَرَدَ مِنْ الْفَضْلِ لِقَارِئِ الْقُرْآنِ يَتَنَاوَلُ الْمُصَلِّيَ أَعْظَمَ مِمَّا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (23 / 282)
ولمعرفة شرف قيام الليل وبيان ثوابه وفضله ، ينظر إجابة السؤال رقم : (50070) .
رابعا :
ينبغي البدء بأذكار الصباح الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الوقت ، قبل قراءة القرآن ، لمن أراد القراءة ، وقبل الانشغال بالأعمال ، أو النوم ، لمن كان له شغل أو نوم في هذا الوقت
وذلك لأن الأذكار في هذا الوقت : عبادة مؤقتة تفوت بفوات الوقت ؛ والعبادة المؤقتة تقدم في وقتها على غيرها ، وإن كان غيرها ـ من حيث الأصل ـ أفضل منها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الشَّيْءَ إذَا كَانَ أَفْضَلَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ لَمْ يَجِبْ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ فِي كُلِّ حَالٍ ، وَلَا لِكُلِّ أَحَدٍ ، بَلْ الْمَفْضُولُ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي شُرِعَ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ الْفَاضِلِ الْمُطْلَقِ
كَمَا أَنَّ التَّسْبِيحَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَمِنْ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ ، وَالتَّشَهُّدِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ وَالدُّعَاءُ بَعْدَهُ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (24 / 236-237)
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" الأوراد الشرعية من الأذكار والدعوات الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم
فالأفضل أن يؤتى بها في طرفي النهار بعد صلاة الفجر وصلاة العصر ، وذلك أفضل من قراءة القرآن ؛ لأنها عبادة مؤقتة تفوت بفوات وقتها ، أما قراءة القرآن فوقتها واسع " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (8 / 312) ، وينظر أيضا : (26 / 72) .
خامسا :
المقصود بقوله تعالى : ( إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ) الإسراء / 78 : صلاة الفجر ، كما قال ابن عباس ومجاهد والضحاك وابن زيد وغيرهم ، وليس مجرد القراءة عند الفجر .
راجع : "تفسير الطبري" (17/521-523)
قال ابن كثير رحمه الله :
" المراد صلاة الفجر ، كما جاء مصرحا به في الصحيحين : من أنه يشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار " انتهى .
"تفسير ابن كثير" (1 / 108)
وقد روى البخاري (649) ومسلم (649) عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( تَجْتَمِعُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ
) ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ : فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : ( إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ) .
وروى الترمذي (3135) وصححه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ : ( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ) قَالَ : ( تَشْهَدُهُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ ) .
والخلاصة :
أنه عند تعذر الجمع بين قيام الليل ، والجلوس لذكر الله تعالى بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس : يقدم قيام الليل على تلاوة القرآن بعد صلاة الفجر ؛ كما تقدم أذكار الصباح على التلاوة بعد الفجر ؛ وحينئذ
: فالأكمل في حقك أن تجمعي بين التهجد ، والجلوس للذكر والقراءة بعد الفجر حتى تطلع الشمس
فإن لم تتمكني من ذلك : فحافظي على التهجد بالليل ، وعلى وردك من الصلاة والقراءة قبل الفجر ، وخذي قسطك من الراحة والنوم بعد صلاة الفجر ، لكن عليك أن تنتهي من أذكار الصباح قبل أن تنامي
وهي يسيرة إن شاء الله ، يمكنك الانتهاء منها في وقت يسير .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-22, 15:32
حكم قراءة آية الكرسي على الشيء الجديد لحفظه
السؤال
هل تقرأ أية الكرسي على كل شيء اشتريته جديد حتى ولو كان حذاء ، أو أن أقول اللهم إني استودعك هذا الحذاء ؟
الجواب
الحمد لله
ليس من السنة قراءة آية الكرسي ولا غيرها من القرآن على الشيء الجديد يشتريه الإنسان
وإنما السنة أن يتعرف على نعمة الله عليه السابغة والمتجددة ، ويشكره سبحانه عليها ، ولا يستعملها في مساخطه ومعصيته ، ويجتهد في استعمالها في مراضيه وطاعته .
وإن كان هناك دعاء ثابت في السنة مخصوص بهذه النعمة قاله ، كما روى أبو داود (4023) عن مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَكَلَ طَعَامًا ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي
هَذَا الطَّعَامَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ .
قَالَ : وَمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي هَذَا الثَّوْبَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) . حسنه الألباني في "صحيح أبي داود" .
وعَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ ، إِمَّا قَمِيصًا أَوْ عِمَامَةً ، ثُمَّ يَقُولُ : ( اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ كَسَوْتَنِيهِ
أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهِ وَخَيْرِ مَا صُنِعَ لَهُ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ ) .
قَالَ أَبُو نَضْرَةَ : فَكَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا لَبِسَ أَحَدُهُمْ ثَوْبًا جَدِيدًا قِيلَ لَهُ : تُبْلَى وَيُخْلِفُ اللَّهُ تَعَالَى .
رواه أبو داود (1689) وغيره ، وصححه الألباني .
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :
" ومن البدع التخصيص بلا دليل ، بقراءة آية ، أو سورة في زمان أو مكان أو لحاجة من الحاجات ، وهكذا قصد التخصيص بلا دليل .
ومنها :
- قراءة الفاتحة بنية قضاء الحوائج وتفريج الكربات.
- قراءة سورة الكهف يوم الجمعة على المصلين قبل الخطبة بصوت مرتفع.
- قراءة سورة يس أربعين مرة بنية قضاء الحاجات " انتهى باختصار.
" بدع القراءة " (ص/14-15) .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2019-01-22, 15:36
الاجتهاد في أكثر من ختمة للقرآن الكريم
السؤال
هل يجوز أن أبدأ بأكثر من ختمة في وقت واحد دون الانتهاء من الختمة الأولى
يعني أن أبدأ بالثانية والأولى معا ، وأختمهما معا ؟؟ وجزاكم الله ألف خير.
الجواب
الحمد لله
القرآن الكريم كلام الله عز وجل ، وتلاوته من أفضل العبادات وأحب القربات ، وكلما أكثر المسلم من تلاوته وقراءته ناله من الأجر العظيم ، والثواب الجزيل .
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ ، وَلَامٌ حَرْفٌ ، وَمِيمٌ حَرْفٌ )
رواه الترمذي (2910) وقال: حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي ".
وهذا الأجر يحصل لمن قرأ أي سورة من القرآن ، سواء كان ذلك أثناء ختمة مرتبة ، أو في صلاته ، أو في قراءة عارضة له ، لم يراع فيها ختمة معينة .
غير أن الأفضل للتالي أن يتابع ختمته من أول القرآن إلى آخره
وبترتيب السور في المصحف ، وألا يبدأ في ختمة حتى ينتهي من التي شرع فيها قبل ذلك ، وهذا هو هدي السلف في ذلك ، وهو الذي جاء فيه التوقيت في ختم القرآن في شهر أو أقل من ذلك .
ولا ينبغي له أن يخالف ذلك فيشرع في ختمة أخرى إلا لسبب يدعو إلى ذلك ؛ كأن تكون له ختمة في صلاته وختمة أخرى خارج الصلاة ، أو تكون له ختمة نظرا من المصحف وأخرى عن ظهر قلب
أو تكون له ختمة حدرا ، يراعي فيها الإكثار من التلاوة ، وأخرى للتدبر والتفقه لا يبالي أن يكون ما قرأ فيها قليلا أو كثيرا ، أو نحو ذلك من الوجوه المعتبرة .
ولقد يُخشى على من يشرع في ختمة أخرى ، بلا مسوغ مقبول ، أن يكون ذلك من استعجاله ، وعدم صبره حتى يتم المحصف إلى نهايته ، إضافة لما فيه من المخالفة لما هو معروف من هدي السلف في ذلك .
ويراجع لمعرفة هدي السلف في ختم القرآن :
" التبيان في آداب حملة القرآن"
للإمام النووي رحمه الله (75-82) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-22, 15:39
أيهما أفضل قراءة سورة من القرآن بتدبر وفهم أم قراءة القرآن كله من غير تدبر
السؤال
هل هناك حديث يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن من يقرأ سورة العصر بانتباه وفهم أفضل ممن يقرأ القرآن كاملا دون فهم ؟
الجواب
الحمد لله
أولا :
لم يصح في فضائل سورة " العصر " شيء سوى أنها من المفصل .
جاء في " موسوعة فضائل سور وآيات القرآن " (القسم الصحيح 2/319)
" لم يصح فيها شيء سوى أنها من المفصل " انتهى.
وتقول الباحثة آمال سعدي :
" لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل سورة العصر شيء
بل وردت في فضلها روايات ضعيفة وموضوعة ، منها : ( من قرأ سورة العصر غفر الله له ، وكان ممن تواصى بالحق وتواصى بالصبر ) " انتهى.
" الصحيح والسقيم في فضائل القرآن الكريم " (ص/96)
ثانيا :
ننقل ههنا كلاما نفيسا للعلامة ابن القيم رحمه الله ، يبين فيه أقوال العلماء في المفاضلة بين قراءة القدر اليسير من القرآن بتدبر وفهم ، وبين قراءة القدر الكثير من القرآن من غير تدبر ولا تفكر .
يقول ابن القيم رحمه الله :
" اختلف الناس في الأفضل من الترتيل وقلة القراءة ، أو السرعة مع كثرة القراءة : أيهما أفضل ؟ على قولين :
فذهب ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما وغيرهما إلى أن الترتيل والتدبر مع قلة القراءة أفضل من سرعة القراءة مع كثرتها .
واحتج أرباب هذا القول بأن المقصود من القراءة فهمه ، وتدبره ، والفقه فيه ، والعمل به ، وتلاوته وحفظه وسيلة إلى معانيه ، كما قال بعض السلف : نزل القرآن ليعمل به ، فاتخذوا تلاوته عملا
ولهذا كان أهل القرآن هم العالمون به ، والعاملون بما فيه ، وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب ، وأما من حفظه ولم يفهمه ولم يعمل بما فيه فليس من أهله ، وإن أقام حروفه إقامة السهم .
قالوا : ولأن الإيمان أفضل الأعمال ، وفهم القرآن وتدبره هو الذي يثمر الإيمان
وأما مجرد التلاوة من غير فهم ولا تدبر فيفعلها البر والفاجر والمؤمن والمنافق ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ومثل المنافق الذي يقرأ القران كمثل الريحانة : ريحها طيب ، وطعمها مر ).
والناس في هذا أربع طبقات : أهل القرآن والإيمان ، وهم أفضل الناس
. والثانية : من عدم القرآن والإيمان
. الثالثة : من أوتي قرآنا ولم يؤت إيمانا
. الرابعة : من أوتي إيمانا ولم يؤت قرآنا .
قالوا : فكما أن من أوتي إيمانا بلا قرآن أفضل ممن أوتي قرآنا بلا إيمان ، فكذلك من أوتي تدبرا وفهما في التلاوة أفضل ممن أوتي كثرة قراءة وسرعتها بلا تدبر .
قالوا : وهذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه كان يرتل السورة حتى تكون أطول من أطول منها ، وقام بآية حتى الصباح .
وقال أصحاب الشافعي رحمه الله : كثرة القراءة أفضل ، واحتجوا بحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول الم حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف ) رواه الترمذي وصححه .
قالوا : ولأن عثمان بن عفان قرأ القرآن في ركعة ، وذكروا آثارا عن كثير من السلف في كثرة القراءة .
والصواب في المسألة أن يقال :
إن ثواب قراءة الترتيل والتدبر أجل وأرفع قدرا ، وثواب كثرة القراءة أكثر عددا :
فالأول : كمن تصدق بجوهرة عظيمة ، أو أعتق عبدا قيمته نفيسة جدا .
والثاني : كمن تصدق بعدد كثير من الدراهم ، أو أعتق عددا من العبيد قيمتهم رخيصة .
وفي " صحيح البخاري " عن قتادة قال : سألت أنسا عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( كان يمد مدا ) .
وقال شعبة : حدثنا أبو جمرة ، قال : قلت لابن عباس : إني رجل سريع القراءة
وربما قرأت القرآن في ليلة مرة أو مرتين ، فقال ابن عباس : لأن أقرأ سورة واحدة أعجب إلي من أن أفعل ذلك الذي تفعل ، فإن كنت فاعلا ولا بد فاقرأ قراءة تسمع أذنيك ، ويعيها قلبك .
وقال إبراهيم : قرأ علقمة على ابن مسعود - وكان حسن الصوت – فقال : رتل فداك أبي وأمي ، فإنه زين القرآن .
وقال ابن مسعود : لا تهذُّوا القرآن هذَّ الشعر ، ولا تنثروه نثر الدقل ، وقفوا عند عجائبه ، وحركوا به القلوب ، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة .
- والهذّ : سرعة القراءة ، والدَّقَل : رديء التمر -.
وقال عبد الله أيضا : إذا سمعت الله يقول : ( يأيها الذين آمنوا ) فأصغ لها سمعك ، فإنه خير تؤمر به ، أو شر تصرف عنه . " انتهى.
" زاد المعاد " (1/337-340)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-22, 15:44
أهمية سورة الفاتحة ، وذكر بعض فضائلها
السؤال
ما أهمية سورة الفاتحة ؟
الجواب
الحمد لله
لسورة الفاتحة أهمية عظيمة ، وفضائلها كثيرة ، فمن ذلك :
- أنها ركن من أركان الصلاة ، لا تصح الصلاة إلا بها ؛ فروى البخاري (756) ومسلم (394) عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ) .
قال النووي :
"فِيهِ وُجُوب قِرَاءَة الْفَاتِحَة وَأَنَّهَا مُتَعَيِّنَة لَا يُجْزِي غَيْرهَا إِلَّا لِعَاجِزٍ عَنْهَا , وَهَذَا مَذْهَب مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَجُمْهُور الْعُلَمَاء مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدهمْ" انتهى .
- أنها أفضل سورة في القرآن ؛ فروى الترمذي (2875) وصححه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ : أَتُحِبُّ أَنْ أُعَلِّمَكَ سُورَةً لَمْ يَنْزِلْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي
الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا ؟
قَالَ : نَعَمْ ، يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَيْفَ تَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ ؟
قَالَ : فَقَرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أُنْزِلَتْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا) صححه الألباني في صحيح الترمذي .
- أنها السبع المثاني التي قال الله فيها : (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) الحجر/87
وروى البخاري (4474) عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى رضي الله عنه أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ قَالَ له : (لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ) ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قُلْتُ لَهُ
: أَلَمْ تَقُلْ لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ ؟ قَالَ : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي ، وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ) .
قال الحافظ :
" اخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَتهَا " مَثَانِي " فَقِيلَ لِأَنَّهَا تُثَنَّى كُلّ رَكْعَة أَيْ تُعَاد , وَقِيلَ لِأَنَّهَا يُثْنَى بِهَا عَلَى اللَّه تَعَالَى , وَقِيلَ لِأَنَّهَا اُسْتُثْنِيَتْ لِهَذِهِ الْأُمَّة لَمْ تَنْزِل عَلَى مَنْ قَبْلهَا , " انتهى .
- أنها جمعت بين التوسل إلى الله تعالى بالحمد والثناء على الله تعالى وتمجيده ، والتوسل إليه بعبوديته وتوحيده ، ثم جاء سؤال أهم المطالب وأنجح الرغائب وهو الهداية بعد الوسيلتين ، فالداعي به حقيق بالإجابة .
انظر : "مدارج السالكين" (1/24) .
- أنها ـ مع قصرها ـ تشتمل على أنواع التوحيد الثلاثة ، توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات .
انظر : "مدارج السالكين" (1/24-27) .
- أنها تشتمل على شفاء القلوب وشفاء الأبدان .
قال ابن القيم رحمه الله :
"فأما اشتمالها على شفاء القلوب : فإنها اشتملت عليه أتم اشتمال ، فإن مدار اعتلال القلوب وأسقامها على أصلين : فساد العلم ، وفساد القصد ، ويترتب عليهما داءان قاتلان وهما الضلال والغضب
فالضلال نتيجة فساد العلم ، والغضب نتيجة فساد القصد ، وهذان المرضان هما ملاك أمراض القلوب جميعها
فهداية الصراط المستقيم تتضمن الشفاء من مرض الضلال ، ولذلك كان سؤال هذه الهداية أفرض دعاء على كل عبد وأوجبه عليه كل يوم وليلة في كل صلاة
لشدة ضرورته وفاقته إلى الهداية المطلوبة ، ولا يقوم غير هذا السؤال مقامه .
والتحقيق بـ ( إياك نعبد وإياك نستعين ) علماً ومعرفة وعملاً وحالاً يتضمن الشفاء من مرض فساد القلب والقصد .
وأما تضمنها لشفاء الأبدان فنذكر منه ما جاءت به السنة ، وما شهدت به قواعد الطب ودلت عليه التجربة .
فأما ما دلت عليه السنة : ففي الصحيح من حديث أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مروا بحي من العرب ... " فذكر حديث الرقية بالفاتحة " ثم قال :
"فقد تضمن هذا الحديث حصول شفاء هذا اللديغ بقراءة الفاتحة عليه فأغنته عن الدواء وربما بلغت من شفائه ما لم يبلغه الدواء .
هذا مع كون المحل غير قابل ، إما لكون هؤلاء الحي غير مسلمين ، أو أهل بخل ولؤم ، فكيف إذا كان المحل قابلاً ؟ انتهى .
"مدارج السالكين" (1/52-55) .
ثم قال :
"كان يعرض لي آلام مزعجة بحيث تكاد تقطع الحركة مني ، وذلك في أثناء الطواف وغيره فأبادر إلى قراءة الفاتحة وأمسح بها على محل الألم فكأنه حصاة تسقط ، جربت ذلك مراراً عديدة
وكنت آخذ قدحاً من ماء زمزم فأقرأ عليه الفاتحة مراراً فأشربه فأجد به من النفع والقوة ما لم أعهد مثله في الدواء" انتهى .
"مدارج السالكين" (1/ 58) .
- أنها تشتمل على الرد على جميع المبطلين من أهل الملل والنحل ، والرد على أهل البدع والضلال من هذه الأمة .
وهذا يعلم بطريقين : مجمل ومفصل :
وبيان ذلك : أن الصراط المستقيم متضمن معرفة الحق وإيثاره وتقديمه على غيره ومحبته والانقياد له والدعوة إليه وجهاد أعدائه بحسب الإمكان .
والحق هو ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وما جاء به علماً وعملاً في باب صفات الرب سبحانه وأسمائه وتوحيده وأمره ونهيه ووعده ووعيده
وفي حقائق الإيمان التي هي منازل السائرين إلى الله تعالى ، وكل ذلك مسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم دون آراء الرجال وأوضاعهم وأفكارهم واصطلاحاتهم .
"مدارج السالكين" (1/58) .
- أن سورة الفاتحة قد تضمنت جميع معاني الكتب المنزلة.
"مدارج السالكين" (1/74) .
- أنها متضمنة لأنفع الدعاء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : "تأملت أنفع الدعاء ، فإذا هو سؤال العون على مرضاته ، ثم رأيته في الفاتحة في : (إياك نعبد وإياك نستعين)" انتهى .
"مدارج السالكين" (1/78) .
وبالجملة : فسورة الفاتحة مفتاح كل خير وسعادة في الدارين .
قال ابن القيم رحمه الله :
" فاتحة الكتاب وأم القرآن والسبع المثاني والشفاء التام والدواء النافع والرقية التامة ومفتاح الغنى والفلاح
وحافظة القوة ودافعة الهم والغم والخوف والحزن لمن عرف مقدارها وأعطاها حقها وأحسن تنزيلها على دائه وعرف وجه الاستشفاء والتداوي بها والسر الذي لأجله كانت كذلك .
ولما وقع بعض الصحابة على ذلك رقى بها اللديغ فبرأ لوقته ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( وما أدراك أنها رقية ) .
ومن ساعده التوفيق وأُعِين بنور البصيرة حتى وقف على أسرار هذه السورة وما اشتملت عليه من التوحيد ، ومعرفة الذات والأسماء والصفات والأفعال ، وإثبات الشرع والقدر والمعاد ، وتجريد توحيد الربوبية والإلهية
وكمال التوكل والتفويض إلى من له الأمر كله وله الحمد كله وبيده الخير كله وإليه يرجع الأمر كله ، والافتقار إليه في طلب الهداية التي هي أصل سعادة الدارين
وعلم ارتباط معانيها بجلب مصالحهما ودفع مفاسدهما ، وأن العاقبة المطلقة التامة والنعمة الكاملة منوطة بها موقوفة على التحقق بها ؛ أغنته عن كثير من الأدوية والرقى
واستفتح بها من الخير أبوابه ، ودفع بها من الشر أسبابه " انتهى .
"زاد المعاد" (4/318) .
والله أعلم
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
ERTHCEROKO
2019-01-22, 17:58
يجب ان نتدبر القران
*عبدالرحمن*
2019-01-24, 17:59
يجب ان نتدبر القران
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
بارك الله فيك
*عبدالرحمن*
2019-01-24, 18:04
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
قراءة سورة يس في الصباح والمساء ؟
السؤال
أود أن أسأل عن صحة حديث : ( من قرأ " يس " إذا أصبح لم يزل في فرح حتى يمسي ، ومن قرأها إذا أمسى لم يزل في فرح حتى يصبح ) انتهى .
وعن ما ورد عن مداومة الرسول صلى الله عليه وسلم على قراءتها فجراً .
الجواب
الحمد لله
هذا الأثر المذكور في السؤال روي من قول التابعي الجليل يحيى بن أبي كثير رحمه الله أنه قال :
( من قرأ " يس " إذا أصبح لم يزل في فرح حتى يمسي ، ومن قرأها إذا أمسى لم يزل في فرح حتى يصبح . قال : وأنبأنا مَن جرَّبَ ذلك )
رواه ابن الضريس في " فضائل القرآن " (رقم/218، ص/101) قال : أخبرنا عباس بن الوليد ، ثنا عامر بن يساف ، عن يحيى بن أبي كثير قال ... فذكره .
ثم قال في (حديث رقم/220) :
أخبرنا علي بن الحسن ، ثنا عامر بن يساف ، عن يحيى بن أبي كثير قال : من قرأ... مثل حديث عباس .
فمدار هذا الأثر على عامر بن يساف ، وقد اختلف فيه أهل الجرح والتعديل ، قال ابن عدي : منكر الحديث عن الثقات ، ومع ضعفه يكتب حديثه . وقال أبو داود : ليس به بأس ، رجل صالح .
وقال العجلي : يكتب حديثه وفيه ضعف . وذكره بن حبان في الثقات .
انظر " لسان الميزان " (3/224)،
وقال أبو حاتم : هو صالح . " الجرح والتعديل " (6/329) وجاء في "تعجيل المنفعة " (1/207):
واختلف فيه قول يحيى بن معين، فقال ابن البرقي عنه : ثقة . وقال عباس الدوري عنه : ليس بشيء .
وانظر: " تهذيب التهذيب " (5/66) ورواية الدوري عن ابن معين أرجح من رواية ابن البرقي .
فتحصل من كلام الأئمة أن تفرد عامر بن يساف غير مقبول لوجود المناكير في حديثه . ولذلك قال الذهبي : له مناكير . وقال الحافظ في " تقريب التهذيب ": لين الحديث .
وبهذا يتبين ضعف روايته لهذا الأثر عن يحيى بن أبي كثير .
على أنَّه ، لو قدر صحته ، فليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، بل ولا كلام أحد من أصحابه ، وإنما هو من كلام يحيى ، وهو من صغار التابعين ، توفي سنة (132هـ) .
قال الشيخ محمد عمرو عبد اللطيف رحمه الله :
" العمدة في دين الله عز وجل : صحة النقل ، وثبوت العرش ، وهذا أثر منكر لا يصح " انتهى.
" أحاديث ومرويات في الميزان " (ص/75) طبعة ملتقى أهل الحديث.
كما لم نقف على حديث يدل على مداومة النبي صلى الله عليه وسلم على قراءة سورة " يس " فجراً
وقد بيان أن جميع الأحاديث المروية في فضل هذه السورة ضعيفة
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-24, 18:08
فضل سورة ( يس )
السؤال
هل هناك أحاديث صحيحة في فضل قراءة سورة ( يس ) ؟
البعض يقول : إنها لِمَا قُرِأت له ؟\
الجواب
الحمد لله
أولا :
سورة ( يس ) من سور القرآن المكية العظيمة ، عدد آياتها ثلاث وثمانون آية ، فواصلها القصيرة لها وقع قوي في النفوس المؤمنة
موضوعاتها الرئيسية هي موضوعات السور المكية ، تحدثت عن توحيد الألوهية والربوبية وعاقبة المكذبين بهما ، والقضية التي يشتد عليها التركيز في السورة هي قضية البعث والنشور
.
ثانياً :
قد وردت عدة أحاديث في فضائل هذه السورة ، أكثرها مكذوبة موضوعة ، وبعضها ضعيف ضعفا يسيرا ، ولم نقف على حديث صحيح مخصوص في فضل سورة ( يس ) .
فمما ورد من فضائلها ويضعفه أهل العلم بالحديث – وإنما نسوقه هنا للتنبيه عليه - :
( إن لكل شيء قلبا ، وقلب القرآن ( يس ) ، من قرأها فكأنما قرأ القرآن عشر مرات )
( من قرأ سورة ( يس ) في ليلة أصبح مغفورا له )
( من داوم على قراءتها كل ليلة ثم مات مات شهيدا )
( من دخل المقابر فقرأ سورة ( يس ) ، خفف عنهم يومئذ ، وكان له بعدد من فيها حسنات )
انظر "الموضوعات" لابن الجوزي (2/313) ، "الفوائد المجموعة" للشوكاني (942،979)
وانظر للأهمية رسالة : " حديث قلب القرآن يس في الميزان ، وجملة مما روي في فضائلها " لفضيلة الشيخ محمد عمرو عبد اللطيف ، حفظه الله .
ثالثا :
ومما يرويه الناس حديث ( يس لما قرئت له ) ، ويعنون به أن قراءة سورة ( يس ) يحصل معها قضاء الحوائج وتسهيل الأمور التي ينويها القارئ بقراءته .
والواجب التنبيه على بطلان نسبة هذا الكلام إلى السنة النبوية ، أو إلى أهل العلم من الصحابة والتابعين والأئمة ، فلم يأت عن أحد منهم مثل هذا التقرير ، بل ينبهون على بطلان ذلك .
يقول السخاوي رحمه الله عن هذا الحديث :
" لا أصل له بهذا اللفظ " انتهى . "المقاصد الحسنة" (741) ، وقال القاضي زكريا في حاشية البيضاوي : موضوع . كما في "كشف الخفاء" (2/2215)
ومثله في كتاب "الشذرة في الأحاديث المشتهرة" لابن طولون الصالحي (2/1158) وفي "الأسرار المرفوعة" للقاري (619) وغيرها . وانظر رسالة الشيخ محمد عمرو المشار إليها : " حديث قلب القرآن يس .. " ص 80 هـ 1 .
ولا يجوز لأحد أن ينسب هذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا أن يتحدث به في مجالس الناس
ومن يزعم أن التجربة تدل على صحة هذا الحديث ، يقال له : والتجربة وقعت من كثير ممن قرأ ( يس ) لقضاء حاجته فلم يقضها الله له ، فلماذا نأخذ بتجربتك ولا نأخذ بتجربة غيرك !؟
وما ينقله الإمام ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (3/742) عن بعض أهل العلم : " أنَّ مِن خصائص هذه السورة أنها لا تُقرَأ عند أمر عسير إلا يسره الله تعالى " انتهى .
فهو اجتهاد منهم ليس عليه دليل من الكتاب أو السنة أو أقوال الصحابة والتابعين ، ومثل هذا الاجتهاد لا يجوز نسبته إلى الله تعالى ورسوله ، إنما ينسب مثل هذا إلى قائله ؛ بحيث يكون صوابه له وخطؤه عليه
ولا يجوز أن ينسب إلى كتاب الله تعالى أو سنة رسوله ما نتيقن أنه منه .
قال الله تعالى : قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ
على أننا ننبه هنا إلى أن كثيرا ممن تقضى له الحاجات عند دعائه
أو قراءته لمثل ذلك ، إنما تقضى له لأجل ما قام بقلبه من الاضطرار والفقر إلى ربه ، وصدق اللجوء إليه ، لا لأجل ما قرأه من دعاء ، أو دعا عنده من قبر أو نحو ذلك .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" ثم سبب قضاء حاجة بعض هؤلاء الداعين الأدعية المحرمة أن الرجل منهم قد يكون مضطرا اضطرارا لو دعا الله بها مشرك عند وثن لاستجيب له ، لصدق توجهه إلى الله
وإن كان تحري الدعاء عند الوثن شركا ، ولو استجيب له على يد المتوسل به ، صاحب القبر أو غيره لاستغاثته ، فإنه يعاقب على ذلك ويهوي في النار ، إذا لم يعف الله عنه ...
ثم يقول : " ومن هنا يغلط كثير من الناس ؛ فإنهم يبلغهم أن بعض الأعيان من الصالحين عبدوا عبادة أو دعوا دعاء ، ووجدوا أثر تلك العبادة وذلك الدعاء ، فيجعلون ذلك دليلا على استحسان تلك العبادة والدعاء
ويجعلون ذلك العمل سُنّة ، كأنه قد فعله نبي ؛ وهذا غلط لما ذكرناه ، خصوصا إذا كان ذلك العمل إنما كان أثره بصدق قام بقلب فاعله حين الفعل
ثم تفعله الأتباع صورة لا صدقا ، فيُضَرون به ؛ لأنه ليس العمل مشروعا فيكونَ لهم ثواب المتبعين ، ولا قام بهم صدق ذلك الفاعل ، الذي لعله بصدق الطلب وصحة القصد يكفر عن الفاعل " .
انتهى من اقتضاء الصراط المستقيم (2/698، 700)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-24, 18:11
الاجتماع على قراءة يس عدة مرات ثم الدعاء
السؤال
يوجد بعض الأشخاص يجتمعون ويقرءون سورة يس ، ثم يتقدم أحدهم ويدعو ، والباقي يرفعون أيديهم ويؤمنون على دعائه ، وتكون القراءة بعدد معين مرة أو أكثر .
فهل جاء في القرآن أو السُنة ما يؤيد هذا؟
الجواب
الحمد لله
"كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتمع بأصحابه ويقرأ القرآن في مجالسه عليه الصلاة والسلام ، ويذكر أصحابه ويعلمهم ويوجههم إلى الخير ، عليه الصلاة والسلام
وربما مر بالسجدة في القرآن فيسجد ويسجدون معه ، وربما أمر بعض أصحابه أن يقرأ وهو يستمع ، كما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ذات يوم
: (يا عبد الله اقرأ علي القرآن) ، فقال : يا رسول الله ، كيف أقرأ عليك وعليك أًُنزل؟ فقال صلى الله عليه وسلم : (إني أحب أن أسمعه من غيري) عليه الصلاة والسلام
قال : عبد الله ، فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت قوله تعالى : (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا) النساء/41 ، قال : (حسبك) قال عبد الله : فنظرت إليه فإذا عيناه تذرفان
. عليه الصلاة والسلام ، يعني : يبكي لما تذكر هذا الموقف العظيم يوم القيامة ، عليه الصلاة والسلام .
فإذا اجتمع الإخوان في مجلس ، أو في أي مكان ، وقرؤوا ما تيسر من القرآن وتدبروا وتعقلوا وتذكروا فهذا خير عظيم ، وفيه فضل كبير ، ويستحب لمن يسمع القرآن أن ينصت
حتى يستفيد ويتدبر ، وإذا دعوا بعد القراءة بما شاءوا من الدعاء فلا حرج في ذلك .
لكن كونهم يعتادون تكرار يس أو غيرها عدداً معيناً فهذا ما لا نعلم له أصلاً ، ولكن يقرءون ما تيسر من يس أو من البقرة أو من غير ذلك ، أو يتدارسون من أول القرآن إلى آخره ، وهذا يقرأ ثم يقرأ الآخر وهكذا
أو يقرأ هذا ثم يعيد القراءة هذا ، حتى يستفيدوا جميعاً ويتدبروا .
أما تخصيص عدد معين من السور فهذا ما لا أعلم له أصلاً ، وكذلك رفع الأيدي لا أعلم أنه وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في اجتماعاته مع الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم
فالأولى أن يكون الدعاء بما تيسر من غير رفع أيد ، ومن غير دعاء جماعي ، بل كل يدعو لنفسه بينه وبين نفسه ، هذا هو الذي نعلمه من السُنة
ولكن ينبغي على كل جالس التدبر والتعقل ، وأن تكون القراءة مقصودة ليس لمجرد القراءة فقط .
ولكن يعتني المؤمن بما يقرأ وبما يسمع ويتدبر ؛ لقوله عز وجل : (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) ص/29 ، فالمقصود من القراءة : التدبر والتعقل والعمل والفائدة ، نسأل الله التوفيق والهداية" انتهى .
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
"فتاوى نور على الدرب" *لابن باز (1/66 ، 67) .
*عبدالرحمن*
2019-01-24, 18:13
فضل سورة " الجمعة "
السؤال
هل لسورة الجمعة أهمية خاصة ؟
وهل يستحب قراءتها يوم الجمعة كسورة الكهف ؟
الجواب
الحمد لله
لم يصح في فضائل سورة الجمعة شيء مخصوص ، إنما ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بها في صلاة الجمعة في الركعة الأولى
فعن ابن عباس رضي الله عنهما ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ سُورَةَ الْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ ) رواه مسلم (879) .
جاء في كتاب " الصحيح والسقيم من فضائل القرآن الكريم " لآمال سعدي (ص/81)
: " لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل سورة الجمعة شيء ، وقد وردت في فضلها روايات ضعيفة وموضوعة
منها : ( من قرأ سورة الجمعة أعطي من الأجر حسنات بعدد من أتى الجمعة ومن لم يأتها من أمصار المسلمين ) –
رواه الثعلبي في "الكشف والبيان" (9/305) من طريق أبي عصمة نوح بن أبي مريم الكذاب الوضاع المشهور
ولذلك قال المناوي في "الفتح السماوي" : موضوع - " انتهى .
ولكن سورة الجمعة من سور " المفصل " التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه فضل بها على سائر الكتب والأنبياء ، فعنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( فُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ ) رواه أحمد (4/107) ، صححه الألباني في "بداية السول" (ص/59) ، وقال محققو المسند بإشراف الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-24, 18:16
إنهن من العتاق الأول ، وهن من تلادي
السؤال
ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم في سور الإسراء والكهف ومريم : ( إنهن من العتاق الأول ، وهن من تلادي ) ؟
الجواب
الحمد لله
هذا الحديث ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما هو من كلام الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، فقد روى البخاري في صحيحه (4994) بسنده عن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ
قال : سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ فِي " بَنِى إِسْرَائِيلَ " و " الْكَهْفِ " وَ " مَرْيَمَ " وَ " طَهَ " وَ " الأَنْبِيَاءِ " : ( إِنَّهُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الأُوَلِ ، وَهُنَّ مِنْ تِلاَدِي ) .
ولعل أقدم ما وردنا من تفسيره ما قاله الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه " فضائل القرآن " (حديث رقم/385) ، حيث قال بعد روايته له
:
" قوله : " من تلادي " : يعني : من قديم ما أخذت من القرآن ، وذلك أن هذه السور نزلت بمكة " انتهى .
ويستدل العلماء بهذا الأثر عن ابن مسعود على أن ترتيب السور في مصحف عثمان رضي الله عنه ترتيب توقيفي كان على زمن النبي صلى الله عليه وسلم .
يقول الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (1/49) :
" انفرد البخاري بإخراجه ، والمراد منه ذكر ترتيب هذه السور في مصحف ابن مسعود كالمصاحف العثمانية .
وقوله : ( من العتاق الأول ) أي : من قديم ما نزل .
وقوله : ( وهن من تلادى ) أي : من قديم ما قنيت وحفظت .
والتالد في لغتهم : قديم المال والمتاع ، والطارف : حديثه وجديده " انتهى
وانظر "البرهان في علوم القرآن" (1/257) .
وسئلت "اللجنة الدائمة " (المجموعة الثانية 3/128) السؤال الآتي :
" ما صحة هذا الحديث ، قال صلى الله عليه وسلم في بني إسرائيل ، والكهف ، وطه ، ومريم ، والأنبياء : ( هن من العتاق الأول ، وهن من تلادي ) .
فأجابت : " الحديث المذكور رواه الإمام البخاري موقوفا على ابن مسعود رضي الله عنه ، يعني : أنهن من السور المتقدمات في النزول . وقوله : ( من تلادي ) أي : أنهن مما أحفظه من قديم " انتهى باختصار .
وانظر جواب السؤال القادم
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-24, 18:20
هل ورد في فضل سورة "طه" حديث صحيح ؟
السؤال
أود الاستفسار عن فضل قراءة سورة طه ، وأيضا عن فضل قراءتها كل ليلة ثلاث مرات متواصلة لفترة معينة ؟ ولكم جزيل الشكر .
الجواب
الحمد لِلَّه
أولا :
صح في فضائل سورة ( طه ) الأحاديث الآتية :
1- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قال في بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفُ وَمَرْيَمُ وَطه وَالْأَنْبِيَاءُ : ( هُنَّ مِنْ الْعِتَاقِ الْأُوَلِ ، وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي )
رواه البخاري (4994)
قال البيهقي في "شعب الإيمان" (2/476) :
" ( العِتاق ) : جمع عتيق ، والعرب تجعل كل شيء بلغ الغاية في الجودة عتيقا ، يريد تفضيل هذه السور لما تضمنت من ذكر القصص وأخبار الأنبياء عليهم الصلاة السلام وأخبار الأمم ، و ( التِّلاد )
: ما كان قديما من المال ، يريد أنها من أوائل السور المنزلة في أول الإسلام لأنها مكية ، وأنها من أول ما قرأه وحفظه من القرآن " انتهى .
ويقول الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (8/388) :
" ( مِنَ العِتَاقِ ) جمع عتيق وهو القديم ، أو هو كل ما بلغ الغاية في الجودة ، وبالثاني جزم جماعة في هذا الحديث ، وقوله ( هُنَّ مِن تِلَادِي ) أي : مما حفظ قديما
والتلاد قديم الملك ، وهو بخلاف الطارف ، ومراد ابن مسعود أنهن من أول ما تعلم من القرآن ، وأن لهن فضلا لما فيهن من القصص وأخبار الأنبياء والأمم " انتهى .
2- عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( اسْمُ اللَّهِ الأَعظَمُ فِي سُوَرٍ مِنَ القُرآنِ ثَلَاثٍ : فِي " البَقَرَةِ " وَ " آلِ عِمرَانَ " وَ " طَهَ " )
رواه ابن ماجه (3856) والحاكم (1/686) وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (746) وقال رحمه الله :
" قول القاسم بن عبد الرحمن ( الراوي عن أبي أمامة ) أن الاسم الأعظم في آية ( وعنت الوجوه للحي القيوم ) من سورة ( طه ) لم أجد في المرفوع ما يؤيده
فالأقرب عندي أنه في قوله في أول السورة ( إني أنا الله لا إله إلا أنا..) فإنه الموافق لبعض الأحاديث الصحيحة ، فانظر "الفتح" (11/225) ، و "صحيح أبي داود" (1341) " انتهى .
ثانيا :
جاء في فضائل سورة طه أحاديث ضعيفة واهية ، أذكرها هنا للتنبيه عليها ، ولتحذير الناس منها :
1- عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إن الله تبارك وتعالى قرأ " طه " و " يس " قبل أن يخلق السماوات والأرض بألف عام ، فلما سمعت الملائكة القرآن قالت : طوبى لأمة ينزل هذا عليها ، وطوبى لأجواف تحمل هذا ، وطوبى لألسنة تتكلم بهذا )
رواه الدارمي (2/547) وقال المحقق : إسناده ضعيف جدا ، عمر بن حفص بن ذكوان قال أحمد : تركنا حديثه وحرقناه . وفي "المعجم الأوسط" (5/133) ، وقال ابن حبان في "المجروحين" (1/208)
: هذا متن موضوع . وكذا قال ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/110)
وقال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (5/271) : فيه نكارة . وقال الألباني في "السلسلة الضعيفة" (1248) : منكر . وانظر "الكامل" (1/216) ، و "لسان الميزان" (1/114)
2- عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( اعملوا بالقرآن ، أحِلُّوا حلاله ، وحرموا حرامه ، واقتدوا به ، ولا تكفروا بشيء منه ، وما تشابه عليكم منه فردوه إلى الله وإلى أولي الأمر من بعدي كَيْمَا يخبروكم
وآمنوا بالتوراة والإنجيل والزبور وما أوتي النبيون من ربهم ، ولْيَسَعكم القرآن وما فيه من البيان
فإنه شافع مشفع وماحل مصدق ، ألا ولكل آية نور يوم القيامة ، وإني أعطيت سورة البقرة من الذكر الأول ، وأعطيت " طه " و " طواسين " و " الحواميم " من ألواح موسى ، وأعطيت فاتحة الكتاب من تحت العرش )
رواه الحاكم في "المستدرك" (1/757) وقال : هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه . والطبراني في "المعجم الكبير" (20/225) وضعفه الألباني في "السلسلة الضعيفة" (2826) وابن حبان في "المجروحين" (2/65)
3- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه :
( يا رب " طه " و " يس " ويا رب القرآن العظيم )
قال ابن تيمية رحمه الله "مجموع الفتاوى" (5/173-174) :
" لا خلاف بين أهل العلم بالحديث أن هذا الحديث كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم " انتهى .
4- ( من قرأ " طه " أعطي يوم القيامة ثواب المهاجرين والأنصار )
ذكره الزمخشري والبيضاوي في فضائل سورة طه ، وهو من الأحاديث الموضوعة .
انظر "الكشف الإلهي" للطرابلسي (1/178)
وأما ما سألت عنه من فضل قراءتها كل ليلة ثلاث مرات فلم أجده في كتب السنة ، بل لم أجده حتى في كتب الموضوعات ، ولم يثبت في ذلك شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم
فينبغي التنبه والحذر ، والحرص على العمل بالصحيح من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ونبذ الضعيف والموضوع .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-24, 18:23
هل صح قراءة سورتي السجدة والملك بين المغرب والعشاء وفضل أيات من سورة الأنعام ؟
السؤال
هل ورد شيء بخصوص قراءة سورة السجدة والملك بين المغرب والعشاء ؟
وكذلك قراءة ثلاث آيات من سورة الأنعام بعد صلاة الفجر مباشرة ؟.
الجواب
الحمد لله
أولاً :
قَبْلَ الإِجَابَةِ عَلَى هذا السُّؤَالِ لاَ بُدَّ مِن تَقرِيْرِ مَسْأَلَةٍ مُهِمَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِفَضَائِلِ السُّوَرِ .
لَقَدْ وُضِعَتْ فِي فَضَائِلِ السُّوَرِ أَحَادِيْثُ مَكْذُوْبَةٌ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمِن أَشْهَرِ مَنْ عُرِفَ بِذَلِكَ :
1- نُوْحُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ الجَامِعُ ، وَالَّذِي قِيْلَ فِيْهِ : " جَمَعَ كُلَّ شَيْء إِلاَّ الصِّدْق " ، فَقَدْ أَبَاحَ – بِزَعمِهِ
الكَذِبَ فِي الحَدِيْثِ لِمَصْلَحَةِ الدِّيْنِ ، فاختلق أحاديث من عنده ونسبها إلى الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في فضائل سور القرآن الكريم سورةً سورةً .
قَالَ أَبُو عَمَّارٍ الحُسَيْنُ بنُ حُرَيْثٍ المَرْوَزِيُّ : قِيْل لأَبِي عِصْمَةَ –وهو نوح بن أبي مريم - : " مِنْ أَيْنَ لَكَ عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي فَضَائِلِ القُرْآنِ سُوْرَةً سُوْرَةً
وَلَيْسَ عِنْدَ أَصْحَابِ عِكْرِمَةَ هَذَا ؟ " ، فَقَالَ : " إِنِّي رَأَيْتُ النَّاسَ قَدْ أَعْرَضُوا عَنِ القُرْآنِ ، وَاشْتَغَلُوا بفقهِ أَبِي حَنِيْفَةَ وَمَغَازِي مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، فَوَضَعْتُ هَذَا الحَدِيْثَ حِسْبَةً " ( أي : ابتغاء الأجر )
أَخْرَجَهُ الحَاكِمُ فِي " المَدْخَلِ " ( ص 54 ) وَابْنُ الجَوْزِيِّ فِي " المَوْضُوْعَاتِ " (16) ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيْحٌ .
2- وَآخَرُ اسْمُهُ مَيْسَرَةُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ الفَارِسِيُّ ، قَالَ عَنْهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي " الْمَجْرُوحِينَ " (2/345 رقم 1038) : " وَهُو صَاحِبُ حَدِيْثِ فَضَائِلِ القُرْآنِ الطَّوِيْلِ " مَنْ قَرَأَ كَذَا فَلَهُ كَذَا " .
وَجَاءَ فِي " لِسَانِ المِيْزَانِ " (7/198) لِلْحَافِظِ ابْنِ حَجرٍ : " وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي " الضُّعَفَاءِ
" عَن ابْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ : قُلْتُ لِمَيْسَرَةَ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ : " مِنْ أَيْنَ جِئْتَ بِهَذِهِ الأَحَادِيْثِ : " مَنْ قَرَأَ كَذَا فَلَهُ كَذَا " ؟ قَالَ : " وَضَعْتُهَا أُرَغِّبُ النَّاسَ َفِيْهَا " .
فهذه أمثلة لمن يجترئ ويكذب في الحديث على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمصلحة يراها ، خدعه بها إبليس .
وقد نَبَّه العُلَمَاءُ عِلى عَدَمِ ثُبُوتِ الأَحَادِيْثِ التي فيها سرد فَضَائِلِ جميع سور القُرْآنِ الكريم ، سورةً سورةً ، وَمِمَّنْ نَبَّه عِلَى ذَلِك المَوْصِلِيُّ فِي " المُغنِي عَنِ الحِفْظِ وَالكِتَابِ " (1/121) فَقَالَ : " قَدْ وَرَدَ
: " مَنْ قَرَأَ كَذَا فَلَهُ أُجْرُ كَذَا ... مِنْ أَوَّلِ القُرْآنِ إِلَى آخِرِهِ ؛ قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ : " أَظُنُّ الزّنَادقَةَ وَضَعَتْهَا " . قَالَ المُصَنِّفُ – أَي : المَوْصِلِيُّ - : " فَلم يَصِح فِي هَذَا شَيْءٌ ... " .
وَنَبَّه عِلَى ذَلِك أَيْضاً ابْنُ القيِّمِ فِي " المَنَارِ المُنِيفِ " ( ص 113 – 144 ) ، وَالشَّيْخُ بَكْرٌ أَبُو زَيْد فِي " التَّحدِيْث بِمَا قِيْلَ : " لا يَصِحُّ فِيْهِ حَدِيْثٌ " ( ص 122 – 123) وَأَضَافَ :
" تَنْبِيْهٌ : فَضَائِلُ القُرْآنِ الكَرِيْمِ ، وَفَضَائِلُ بَعْضِ السُّوَرِ وَالآيَاتِ مَعْلُوْمَةٌ بِنُصُوْصٍ صَحِيْحَةٍ مَرْفُوْعَةٍ إِلَى َالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمُرَادُ ابْنِ المُبَارَكِ وَمَنْ بَعْدَهُ هُو تِلكُم الأَحَادِيْثُ الطِّوَالُ الَّتِي
تَنْتَظِمُ سُّوَرَ القُرْآنِ سُوْرَةً سُوْرَةً ؛ كَالحَدِيْثِ المَنْسُوْبِ إِلَى أُبيِّ بنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَنَشْرُهُ بَعْضُ المفسِّرِيْنَ
؛ مِثْلُ : الثَّعْلَبِيِّ ، وَالوَاحِدِيِّ ، وَالزَّمَخشرِيِّ فِي تفَاسيرِهِم ، فَهَذِهِ مَوْضُوْعَةٌ ، وَهِي المُرَادَةُ فِي كَلاَم ابْنِ المُبَارَكِ وَغَيْرِهِ ، وَاللهُ أَعْلَمُ " .ا.هـ.
ثانياً :
وَأَمَّا الأَحَادِيْثُ الَّتِي سَأَلْتَ عَنْهَا فَالجَوَابُ :
تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ الأَوَّلِ :
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ قَرَأَ : " تبَاركَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ " وَ " ألم . تنَزِيْل " السَّجْدَة ، بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ الآخِرَةِ فَكَأَنَّمَا قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ " .
ذَكَرَهُ السُّيوطِيُّ فِي " الدُّرِّ المنثَوْرِ " (6/535) عِنْدَ بدَايَةِ سُوْرَةِ السَّجْدَة ، وَقَالَ : " وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْه عَنْ ابنِ عُمَرَ ... فَذَكَرَهُ " .
وَنَقَلَهُ الأَلُوسِي فِي " رَوحِ المَعَانِي " (21/116) عَنْ السُّيوطِيِّ ثُمّ قَالَ :
" وَرَوَى نَحْوَهُ هُو – أَي : السُّيوطِيّ - وَالوَاحِدِيُّ مِنْ حَدِيْثِ أُبيِّ بنِ كَعْبٍ ، والثعلبي مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَتَعَقَب ذَلِك وَلِيُّ الدِّيْنِ قَائِلاً : " لَم أَقِف عَلَيْهِ ، وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ كُلِّهَا مَوْضُوْعَةٌ " .اهـ بتصرف يسير .
وَالحَدِيْثُ وَرَدَ بعدَّةِ أَلْفَاظٍ مِنْهَا المُطلَقُ مِنْ غَيْرِ تَحدِيْدٍ لِوقْتِ القِرَاءةِ ، وَمِنْهَا المُقَيَّدُ بِوقْتٍ كَما فِي رِوَايَةِ ابنِ عُمَرَ ، وَوَرَدَ أَيْضاً مَرْفُوْعاً وَمَوْقُوْفاً ، ذَكَرَهَا الغَافِقِيُّ فِي
" لََمَحَاتِ الأنْوَارِ " (1127 ، 1129 ، 1140 ، 1141 ، 1142 ، 1143 ، 1144 ، 1146) ، إِلاَّ رِوَايَة ابنِ عُمَرَ .
تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ الثَّانِي :
وَرَدَ مِنْ طَرِيْقَيْنِ :
1- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا مَرْفُوْعاً قَالَ : " مَنْ قَرَأَ إِذَا صَلَّى الغَدَاةَ ثَلاَثَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُوْرَةِ الأَنْعَامِ إِلَى " وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ " [ الأَنْعَامُ : 3 ] ، نَزَلَ إِلَيْهِ أَرْبَعُوْنَ أَلْفَ مَلَك يُكْتَبُ لَه مِثلَ أَعْمَالِهِم
وَبُعِثَ إِلَيْهِ مَلَكٌ مِنْ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ وَمَعَهُ مِرْزَبَةٌ مِنْ حَدِيْدٍ ، فَإِن أَوْحَى الشَّيْطَانُ فِي قَلْبِهِ شَيْئاً مِنَ الشَّرِّ ضَرَبَهُ حَتَّى يَكُوْنَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ سَبْعُوْنَ حِجَاباً ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ قَالَ اللهُ : " أَنَا رَبُّكَ وَ أَنْتَ عَبْدِي ، وَامْشِ فِي ظِلِّي
وَاشْرَبْ مِنْ الكَوْثَرِ ، وَاغْتَسِلْ مِنْ السَّلْسَبِيلِ ، وَادْخُلِ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلاَ عَذَابٍ " .
ذَكَرَهُ السُّيوطِيُّ فِي " الدُّرِّ المنثَوْرِ " (3/245 – 246) وَقَالَ : " وَأَخْرَجَ السِّلَفِيُّ بِسَنَدٍ وَاهٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوْعاً " ، وَذَكَرَهُ الغَافِقِيُّ فِي " لََمَحَاتِ الأنْوَارِ " (941) .
2- عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ قَالَ : قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ صَلَّى الفَجْرَ فِي جَمَاعِةٍ ، وَقَعَدَ فِي مُصَلاَّهُ ، وَقَرَأَ ثَلاَثَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُوْرَةِ الأَنْعَامِ ، وَكَّلَ اللهُ بِهِ سَبْعِيْنَ مَلَكاً يُسَبِّحُونَ اللَّه وَيَسْتَغْفِرُوْنَ لَهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ " .
ذَكَرَهُ السُّيوطِيُّ فِي " الدُّرِّ المنثَوْرِ " (3/246) وَعَزَاهُ لِلدَّيْلَمِيِّ ، وَالغَافِقِيُّ فِي " لََمَحَاتِ الأنْوَارِ " (935) بِلَفْظٍ مُقَارِبٍ لِحَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ .
قَالَ الأَلُوسِي فِي " رَوحِ المَعَانِي " (7/76) بَعْدَ ذِكْرِهِ جُمْلَةً مِنْ الأَحَادِيْث وَالآثَارِ عِنْدَ سُوْرَةِ الأَنْعَامِ وَمِنْهَا حَدِيْثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُوْدٍ : " إِلَى غَيْرِ ذَلِك مِنَ الأَخْبَارِ ، وَغَالِب ما فِي هَذَا المَطْلَبِ ضَعِيْفٌ وَبَعْضَهَا مَوْضُوْعٌ ، كَما لاَ يَخْفَى " .ا.هـ.
وَسُوْرَةُ الأَنْعَامِ لم يَثْبُت شَيْءٌ من الأحاديث فِي فَضْلِهَا .
فأما سورتا السجدة وتبارك فلم يثبت شيء في قراءتهما بين المغرب والعشاء ، ولكن ثبت في فضل سورة السجدة قراءتها في صلاة الفجر يوم الجمعة .
روى البخاري (891) ومسلم (880) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ (الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ) وَ (هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنْ الدَّهْرِ) .
وورد في فضل سورة تبارك قراءتها قبل النوم أو عموماً ، فقد روى الترمذي (2891) وأبو داود (1400) وابن ماجه (3786) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
: (إِنَّ سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ ثَلاثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ وَهِيَ سُورَةُ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) . قَالَ الترمذي : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ .
و قال ابن حجر في التلخيص (1/234): "أعله البخاري في التاريخ الكبير بأن عباس الجشمي (وهو الراوي عن أبي هريرة) لا يعرف سماعه من أبي هريرة اهـ .
وحسنه الألباني في مواضع ، وصححه في مواضع . انظر : "صحيح سنن ابن ماجه"
"صحيح سنن أبي داود" . وقبله قال المنذري : رواه أبو داود والترمذي وحسنه واللفظ له ، والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال : صحيح الإسناد .
وروى الترمذي (2892) عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لا يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ الم تَنْزِيلُ وَتَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ . صححه الألباني في صحيح الترمذي .
*عبدالرحمن*
2019-01-24, 18:26
عزمت على حفظ القرآن وقيل لها تعلمي التجويد أولا
السؤال
قررت أن أحفظ القرآن الكريم ، إن شاء الله ، وبالفعل ، حفظت جزءا ونصف جزء ، لكن قال لي زوجي : إنه يجب علي أن أحفظ أحكام التجويد ، ثم أحفظ القرآن ؛ فهل من الخطأ أن أحفظ القرآن ـ أولا ـ ثم أتعلم أحكام التجويد ؟.
الجواب
الحمد لله
حفظ القرآن الكريم نعمة من أَجَلِّ النعم ، لأنها حفظ لكلام الله تعالى الذي أنزله هدى للناس وشفاء لما في الصدور ، وقرارك هذا قرار موفق ، نسأل الله أن يعينك على تحقيق ما أردت من الخير .
وتعلم أحكام التجويد أمر مهم ، يترتب عليه تصحيح النطق بالحروف ، وتزيين الأداء ، وتحسين القراءة ، والسلامة من اللحن ، لكن لا نرى أن تتوقفي عن الحفظ ، بل اجمعي بين الأمرين
واهتمي بقراءة ما تريدين حفظه أولا قراءة صحيحة ، والأفضل أن تكون بالتلقي عن إحدى المجوّدات للقرآن ، فإن لم يتيسر فبالاستعانة بالأشرطة المسجلة ، وبرامج تحفيظ القرآن وتعليمه على الكمبيوتر
وفيها تعليم للتجويد أيضا ، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوجه أصحابه رضي الله عنهم إلى تعلم التجويد قبل القراءة والحفظ
لكن وجههم إلى أخذ القرآن عن المتقنين كأبي بن كعب رضي الله عنه وابن مسعود رضي الله عنه وغيرهما ، وهذا جمع بين القراءة والحفظ وتعلم التجويد .
ولم تزل عادة الناس في الحفظ هكذا ، يبدأون بحفظ القرآن أولا ، مع الاهتمام بالنطق الصحيح لحروفه ، ومعرفة تشكيله الصحيح ، ثم بعد إتمام حفظه
أو قطع شوط طيب فيه ، تكون العناية بما عدا ذلك من أحكام التجويد ، ودقائق ذلك .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-24, 18:29
ما هي السورة التي تعدل نصف القرآن ؟
السؤال
ما هي السورة التي تعدل نصف القران ؟.
الجواب
الحمد لله
جاء في فضل بعض سور القرآن الكريم أحاديث كثيرة ، منها الصحيح ، وكثير منها ضعيف أو منكر ، ومن ذلك ما جاء في فضل سورة الزلزلة أنها تعدل نصف القرآن ، فقد ورد ذلك في أحاديث منكرة ، وهي :
الأول : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إذَا زُلْزِلَت تَعدِلُ نِصفَ القُرْآَنِ ) رواه الترمذي (2894) والحاكم (1/754)
وفي سنده يمان بن المغيرة العنزي ، قال فيه البخاري وأبو حاتم : منكر الحديث ، وقال ابن حبان : منكر الحديث جدا ، يروي المناكير التي لا أصول لها فاستحق الترك . انظر "تهذيب التهذيب (4/452) "
وقد تفرد يمان بهذا الحديث ، دون جميع أصحاب عطاء ، ومثله لا يحتمل منه التفرد ، بل تفرده منكر ، والله أعلم .
وكلمة جماهير أهل العلم على تضعيف الحديث بسبب يمان بن المغيرة ، خلافا لمن صححه من أهل العلم . فقد ضعفه الترمذي حيث قال بعد أن أخرجه : غريب لا نعرفه إلا من حديث يمان بن المغيرة
وضعفه ابن عبد البر في "التمهيد" ) بقوله : هو من أحاديث الشيوخ وليس من أحاديث الأئمة
وضعفه ابن حجر في فتح الباري (8/687) ، والذهبي في تلخيص المستدرك ، والمناوي في "فيض القدير" (1/367) ، والشوكاني في الفتح الرباني (12/5930) ، وقال الألباني في "السلسلة الضعيفة" (1342) : منكر .
الثاني : عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( مَن قَرَأَ إِذَا زُلزِلَتْ عُدِلَت لَهُ بِنِصفِ القُرْآنِ ) رواه الترمذي (2893)
وفي سنده الحسن بن سالم العجلي ، قال المزي : هو شيخ مجهول له حديث واحد ، وقال العقيلي : مجهول في النقل ، وقال ابن حبان : يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات .
انظر "تهذيب التهذيب" (1/396)
وقد اتفقت كلمة أهل العلم على تضعيف هذا الحديث أيضا ، فقد ضعفه الترمذي بقوله بعد إخراجه : غريب ، والعقيلي بقوله : "غير محفوظ" كما في "تهذيب التهذيب" (1/396) ، وابن حبان في "المجروحين" (1/279)
والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/497) ، وقال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (1/523) : منكر ، وكذا قال الألباني في "الضعيفة" (1342)
الثالث : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من قَرَأَ إِذَا زُلزِلَتْ فِي لَيلَةٍ كَانَت لَهُ بِعَدل ِنِصفِ القُرْآنِ ) رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (691)
ويقول الشيخ الألباني رحمه الله "السلسلة الضعيفة" (1342) :
: " أخرجه أبو أمية الطرسوسي في مسند أبي هريرة (2/195) ، وإسناده ضعيف جدا ، فيه عيسى بن ميمون المدني ، ضعفه الجماعة ، وقال أبو حاتم وغيره : متروك الحديث " انتهى .
وقال ابن حجر في نتائج الأفكار (3/268) : " في إسناده راو شديد الضعف " انتهى .
فيتبين بما سبق أنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في كون سورة الزلزلة تعدل نصف القرآن
ولكن يبدو أن بعض الأئمة من السلف كان يأخذ بهذه الأحاديث ، ويذهب في اجتهاده إلى أن ما في سورة الزلزلة من المعاني العظيمة تعدل نصف المقاصد التي جاء القرآن الكريم لتحقيقها .
جاء في "مصنف عبد الرزاق" (3/372) : عن معمر قال :
( سمعت رجلا يحدث أن إذا زلزلت تعدل شطر القرآن )
وعن جعفر عن هشام بن مسلم قال : سمعت بكر بن عبد الله المزني يقول :
( إذا زلزلت الأرض نصف القرآن ) .
وروى أبو عبيد عن الحسن البصري مرسلا :
( إذا زلزلت تعدل نصف القرآن ، والعاديات تعدل نصف القرآن )
انظر "الإتقان" للسيوطي (2/413)
وجاء عن عاصم بن أبي النجود الإمام المقرئ قوله :
( كان يقال : من قرأ إذا زلزلت فكأنما قرأ نصف القرآن )
قال ابن حجر في "نتائج الأفكار" (3/270) : رجاله ثقات .
يقول المناوي في "فيض القدير" (1/367) :
" لأن المقصود الأعظم بالذات من القرآن بيان المبدأ والمعاد ، و" إذا زلزلت " مقصورة على ذكر المعاد ، مستقلة ببيان أحواله ، فعادلت نصفه ، ذكره القاضي " انتهى .
فهو اجتهاد لبعض السلف ، لا يجوز أن ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يعني أبدا أنها تعدل نصف القرآن في الأجر والمثوبة .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-24, 18:33
فضل قراءة بعض آيات القرآن الكريم قُبَيل النوم
السؤال
سمعت حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم " فيما معناه " : ( أن من قرأ عشر آيات من القرآن في ليلة قبل أن ينام لم يكتب من الغافلين )
هل هذا الحديث صحيح ؟
وإن كان صحيحا ، فهل يصح أن أقرأ آية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوذتين حفظاً ، وبهذا أكون قد قرأت وَرْدِي ، وقرأت أكثر من عشر آيات ؟
أم إنه يجب أن تكون العشر آيات تلاوة من المصحف ؟.
الجواب
الحمد لله
أولا :
نص الحديث الذي يقصده السائل الكريم هو :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( مَن قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ فِي لَيلَةٍ لَم يُكتَبْ مِنَ الغَافِلِينَ ) رواه الحاكم في المستدرك (1/742)
وقال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2/81) .
وقد جاء أيضا من قول جماعة من الصحابة رضي الله عنهم :
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : من قرأ في ليلة بعشر آيات لم يكتب من الغافلين . وورد نحوه أيضا عن تميم الداري رضي الله عنه . رواهما الدارمي في مسنده (2/554-555) .
ثانيا :
هل المقصود بالحديث أن يقرأ هذه الآيات في صلاته بالليل ، أو تحصل هذه الفضيلة بمجرد قراءة هذه الآيات في الليل ، سواء كانت في الصلاة أو في غير الصلاة ؟
فيه احتمال ؛ ويؤيد الأول رواية أبي داود (1398) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قَالَ
: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنْ الْغَافِلِينَ ، وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنْ الْقَانِتِينَ ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنْ الْمُقَنْطِرِينَ ) صححه الألباني في صحيح أبي داود (1264) .
قال في عون المعبود : " والمراد هنا في قيام الليل " . ولذلك روى ابن حبان الحديث السابق في أبواب قيام الليل من صحيحه (4/120) وترجم عليه : ( ذكر نفي الغفلة عمن قام الليل بعشر آيات ... ) .
ويشهد له أيضا حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ : ( من صلى في ليلة بمائة آية لم يكتب من الغافلين
ومن صلى في ليلة بمائتي آية فإنه يكتب من القانتين المخلصين ) رواه الحاكم (1/452) ، وصححه على شرط مسلم . لكن مال الألباني إلى ضعفه ، كما في الصحيحة (2/243) ، وضعيف الترغيب (1/190) .
وفي رواية ابن خزيمة ( 2/180) :
( من حافظ على هؤلاء الصلوات المكتوبات لم يكتب من الغافلين ، ومن قرأ في ليلة مائة آية لم يكتب من الغافلين أو كتب من القانتين .. )
قال الألباني في الصحيحة (643) : إسناده صحيح على شرط الشيخين .
فاقتران القراءة بذكر الصلاة المكتوبة مما يشعر بأن المراد بها القراءة في الصلاة ، يعني : صلاة الليل .
ولأجل ذلك روى ابن خزيمة حديث أبي هريرة في باب :
( باب ذكر فضيلة قراءة مائة آية في صلاة الليل إذ قارئ مائة آية في ليلة لا يكتب من الغافلين ) ، ورواه أيضا محمد بن نصر المروزي في كتابه قيام الليل (164ـ مختصره ) في سياق الأبواب المتعلقة بالقراءة في صلاة الليل .
ويحتمل أن تحصل هذه الفضيلة لمن قرأ هذا القدر من الآيات في الليل مطلقا ، سواء كان في الصلاة أو خارج الصلاة ، قبل نومه ، أو بعد استيقاظه ، إذا استيقظ من الليل .
وبهذا الإطلاق أخذ كثير من أهل العلم في تخريج الحديث في مصنفاتهم ؛ فقد بوب عليه الدارمي رحمه الله (2/554) بقوله : ( باب فضل من قرأ عشر آيات )
وبوب الحاكم في المستدرك (1/738) بقوله : ( أخبار في فضائل القرآن جملة )
كما بوب عليه المنذري في الترغيب والترهيب (2/76)
بقوله : ( الترغيب في قراءة القرآن في الصلاة وغيرها ، وفضل تعلمه وتعليمه )
وذكره مرة أخرى تحت باب (2/116) : ( الترغيب في أذكار تقال بالليل والنهار غير مختصة بالصباح والمساء )
ويقول النووي رحمه الله في كتاب "الأذكار" (1/255) :
" اعلم أن قراءة القرآن آكد الأذكار ، فينبغي المداومة عليها ، فلا يُخلي عنها يوماً وليلة ، ويحصل له أصلُ القراءة بقراءة الآيات القليلة ..( ثم ذكر أحاديث منها حديث أبي هريرة السابق ) " انتهى .
فيرجى لمن قرأ عشر آيات في ليلته ألا يكتب من الغافلين ، سواء قرأ ذلك في صلاته بالليل ، أو خارج الصلاة ، وفضل الله عز وجل واسع .
وفي صحيح مسلم (789) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( .. وَإِذَا قَامَ صَاحِبُ الْقُرْآنِ فَقَرَأَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ذَكَرَهُ ، وَإِذَا لَمْ يَقُمْ بِهِ نَسِيَهُ ) .
فظاهر الحديث أن المراد بالقيام هنا أعم من مجرد القيام به في الصلاة . قال المناوي رحمه الله : " أي تعهد تلاوته ليلاً ونهاراً فلم يغفل عنه ... وفيه ندب إدامة تلاوة القرآن ... بأن لم يخص بوقت أو محل " . انتهى مختصرا .
ثالثا :
قد جاء في السنة الندب إلى قراءة بعض الآيات إذا أوى المسلم إلى فراشه .
ومن خصوص السور والآيات التي جاء الندب إلى قراءتها ما يلي :
1- آية الكرسي .
جاء في صحيح البخاري معلقا (2311) عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال :
( وكَّلني رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان ، فأتاني آتٍ فجعل يحثو من الطعام . .
وذكر الحديث وقال في آخره : ( إذا أويتَ إلى فراشِكَ فاقرأ آيةَ الكرسي ، فإنه لن يزالَ معكَ من اللّه تعالى حافظ ، ولا يقربَك شيطانٌ حتى تُصْبِحَ . فقال النبيّ صلى اللّه عليه وسلم : " صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ ، ذَاكَ شَيطانٌ )
2- آخر آيتين من سورة البقرة .
عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( مَن قَرَأَ بِالآيَتَينِ مِن آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ فِي لَيلَةٍ كَفَتَاهُ ) رواه البخاري (5009) ومسلم (2714) قال ابن القيم في "الوابل الصيب" (132) : كفتاه من شر ما يؤذيه .
عن عليّ رضي اللّه عنه قال :
( ما كنتُ أرى أحداً يعقل ينام قبل أن يقرأ الآيات الثلاث الأواخر من سورة البقرة )
عزاه النووي في الأذكار (220) لرواية أبي بكر بن أبي داود ثم قال : صحيح على شرط البخاري ومسلم .
4،3- سورتي الإسراء والزمر
وعن عائشة رضي اللّه عنها قالت :
( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لا يَنَامُ حَتَّى يَقرَأَ بَنِي إِسرَائِيلَ وَالزُّمَر )
رواه الترمذي (3402) وقال : حديث حسن . وحسّنه الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" (3/65) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
5- سورة الكافرون :
عن نوفل الأشجعي رضي اللّه عنه قال : قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :
" اقْرأ : قُلْ يا أيُّها الكافِرُونَ ثُمَّ نَمْ على خاتِمَتِها فإنَّها بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ "
رواه أبو داود ( 5055 ) والترمذي ( 3400 ) وحسنه ابن حجر في "نتائج الأفكار" (3/61) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
8،7،6- الإخلاص والمعوذتين :
عن عائشة رضي الله عنها : ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيلَةٍ جَمَعَ كَفَّيهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا ( قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) و ( قُل أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ ) و ( قُل أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ )
ثُمَّ يَمسَحُ بِهِمَا مَا استَطَاعَ مِن جَسَدِهِ ، يَبدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأسِهِ وَوَجهِهِ وَمَا أَقبَلَ مِن جَسَدِهِ ، يَفعَلُُ ذَلكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ) رواه البخاري (5017)
وعن إبراهيم النخعي قال :
( كانوا يستحبّون أن يقرؤوا هؤلاء السور في كلّ ليلة ثلاثَ مرات : ( قل هو اللّه أحد ) والمعوّذتين ) قال النووي في الأذكار (221) : إسناده صحيح على شرط مسلم .
رابعا :
يقول النووي رحمه الله في "الأذكار" (221) :
" الأولى أن يأتيَ الإِنسانُ بجميع المذكور في هذا الباب ، فإن لم يتمكن اقتصرَ على ما يقدرُ عليه من أهمّه " انتهى .
ولا يشترط أن تكون القراءة من المصحف ، فيكفي أن يقرأ المسلم ما تيسر له مما سبق من حفظه ، والله سبحانه وتعالى يكتب له ما وعده به .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
ERTHCEROKO
2019-01-25, 17:06
الله يجزيك لخير
*عبدالرحمن*
2019-01-27, 14:19
الله يجزيك لخير
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اسعدني حضورك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما
بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير
*عبدالرحمن*
2019-01-27, 14:25
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
يكافئ صديقه ويشجعه على حفظ القرآن
السؤال
لدي صديق أكافئه لتشجيعه على حفظ القرآن سؤالي هو: هل لي ثواب في ذلك ؟ .
الجواب
الحمد لله
حفظ القرآن قربة من أعظم القربات ، لما فيها من قراءة كلام الله ، وترديده ، والانشغال به
ومعلوم أن قراءة حرف من كتاب الله بعشر حسنات ، كما روى الترمذي (2910) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، لا أَقُولُ الم حَرْفٌ ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ ، وَلامٌ حَرْفٌ ، وَمِيمٌ حَرْفٌ ) . وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وروى مسلم (804) عن أَبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
( اقْرَءُوا الْقُرْآنَ ، فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ
أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ ، تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا ، اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ ، وَلا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ ) قَالَ مُعَاوِيَةُ بَلَغَنِي أَنَّ الْبَطَلَةَ السَّحَرَةُ .
وروى الترمذي (2914) وأبو داود (1464) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
: ( يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ : اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا ، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَأُ بِهَا ) صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (5/281) برقم 2240 ، وقال بعده :
" واعلم أن المراد بقوله : ( صاحب القرآن ) حافظه عن ظهر قلب ، على حد قوله صلى الله عليه وسلم
: ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ) . أي : أحفظهم ، فالتفاضل في درجات الجنة إنما هو على حسب الحفظ في الدنيا ، وليس على حسب قراءته يومئذ واستكثاره منها كما توهم بعضهم
ففيه فضيلة ظاهرة لحافظ القرآن ، لكن بشرط أن يكون حفظه لوجه الله تبارك وتعالى ، وليس للدنيا والدرهم والدينار ، وإلا فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( أكثر منافقي أمتي قراؤها ) " انتهى .
ثانيا :
من أعان على حفظ القرآن ، وشجع عليه بالمكافأة وغيرها ، فهو على خير عظيم ، ويرجى له ثواب مثل ثواب الحافظ والقارئ ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم
: ( مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ ، لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا ) رواه مسلم (2674)
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ ) رواه مسلم (1893).
وعند الترمذي (2670) : ( إِنَّ الدَّالَّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
فنسأل الله تعالى أن يثيبك ويوفقك ، ويوفقك صاحبك إلى حفظ كتابه الكريم .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-27, 14:29
حديث موضوع في فضل سورة المزمل
السؤال
عرفت مؤخراً أن النبي صلى الله عليه وسلم حثَّنا على قراءة سورة الملك لتحمينا من عذاب القبر .
وقرأت كذلك أن قراءة سورة المزمل تسبب الغنى ، فهل هناك دليل من السنة على هذا ؟.
الجواب
الحمد لله
أولاً : ما قرأتيه عن فضل قراءة سورة المزمل فغير صحيح ، بل هو حديث موضوع لا يجوز العمل والاحتجاج به .
وأصله ما رُوِيَ عن زِرِّ بن حبيش عن أبيّ بن كعب رضي الله عنه قال
: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض عليّ القرآن في السنة التي مات فيها مرتين
وقال : إن جبريل عليه السلام أمرني أن أقرأ عليك القرآن . وهو يقرئك السلام . فقال أُبيّ : فقلت لمَّا قرأ علي رسول الله صلى الله عليه وسلم : كما كانت لي خاصة ، فخصّني بثواب القرآن مما علمك الله وأطلعك عليه ؟
قال : نعم يا أبيّ ، أيما مسلم قرأ فاتحة الكتاب أُعطي من الأجر كأنما قرأ ثلثي القرآن . وأعطي من الأجر كأنما تصدق على كل مؤمن ومؤمنة .. إلى أن قال : ومن قرأ سورة المزمل رُفع عنه العسر في الدنيا والآخرة ..."
قال ابن الجوزي رحمه الله :
وذكر في كل سورةٍ ثواب تاليها إلى آخر القرآن ... وهذا حديث في فضائل السور مصنوع بلا شك
. الموضوعات (1/391)
وقال الشوكاني رحمه الله : رواه العقيلي عن أبي بن كعب مرفوعاً ، قال ابن المبارك : أظن الزنادقة وضعته .
ولهذا الحديث طرق كلها باطلة موضوعة ...ولا خلاف بين الحفاظ أن حديث أبيّ بن كعب هذا موضوع .
وقد اغتر به جماعة من المفسرين فذكروه في تفاسيرهم كالثعلبي والواحدي والزمخشري . ولا جرم فليسوا من أهل هذا الشأن " الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ص264.
وهذا الحديث بطوله ذكره ابن عدي في الكامل (7/2588)
والسيوطي في اللآلي المصنوعة (1/227) والذهبي في ترتيب الموضوعات (60) وغيرهم .
تنبيه : ولقد وضعت أحاديث كثيرة في فضائل سور القرآن وقصد واضعها ترغيب الناس في قراءة القرآن والعكوف عليه ، وزعموا أنهم بذلك محسنون . لكنهم أخطأؤوا فيما قصدوا إذ إنّ ذلك داخل ولا شك تحت
الوعيد في قوله صلى الله عليه وسلم : ( وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ) رواه البخاري (10) ومسلم (4) ، ولا فرق بين الكذب عليه والكذب له .
ولقد تتبع مؤمل بن إسماعيل (ت:206) هذا الحديث حتى وصل إلى من اعترف بوضعه .
قال مؤمل : حدثني شيخ بهذا الحديث ، فقلت له : من حدثك بهذا ؟ قال : رجل بالمدائن ، وهو حيٌّ ، فسرت إليه ، فقلت : من حدثك بهذا ؟ قال : حدثني شيخ بواسط ، فسرت إليه . فقلت : من حدثك بهذا ؟
قال : شيخ بالبصرة ، فسرت إليه فقلت : من حدثك بهذا ؟ فقال : شيخ بعبادان . فسرت إليه فأخذ بيدي فأدخلني بيتاً فإذا فيه قوم المتصوفة ومعهم شيخ فقال : هذا الشيخ الذي حدثني
فقلت : يا شيخ من حدثك بهذا : فقال : لم يحدثني أحد ، ولكنا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن فوضعنا لهم هذا الحديث ، ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن .
ومن ذلك حديث عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في فضائل القرآن سورة سورة فقد سئل عنه واضعه وهو
: نوح بن أبي مريم ، فقال : " رأيت الناس أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن إسحاق ، فوضعت هذه الأحاديث حسبة "
انظر الموضوعات لابن الجوزي (1/394)
شرح مقدمة ابن الصلاح للعراقي (111)
وأما سورة الملك فقد سبق الكلام عن فضلها في سؤال سابق
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
*عبدالرحمن*
2019-01-27, 14:34
حكم التجمع للدعاء وقراءة القرآن
السؤال
في المصلى الخاص بجامعتنا قام خلاف بشأن الاجتماع للجلوس والدعاء ، حيث يتم توزع أجزاء القرآن على الأشخاص الحاضرين ويقرأ كل منهم جزء في نفس الوقت حتى تتم قراءة المصحف كاملاً ثم يقومون بالدعاء
لغرض معين كالنجاح في الامتحانات مثلاً . هل طريقة هذا الدعاء واردة في الشريعة ؟
أرجو أن يكون جوابك مدعماً بالقرآن والسنة وإجماع السلف .
الجواب
الحمد لله
هذا السؤال يشتمل على مسألتين :
الأولى :
حكم الاجتماع لتلاوة القرآن , بأن يأخذ كل من الحاضرين جزءا من القرآن في نفس الوقت حتى يتم كل واحد الجزء الذي معه .
فالجواب عن هذا ما جاء في فتوى للجنة الدائمة (2/480) , ونصه :
( أولا : الاجتماع لتلاوة القرآن ودراسته بأن يقرأ أحدهم ويستمع الباقون ويتدارسوا ما قرؤوه ويتفهموا معانيه مشروع وقربة يحبها الله , ويجزي عليها الجزاء الجزيل
فقد روى مسلم في صحيحه وأبو داود ، عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة
وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ) .
والدعاء بعد ختم القرآن مشروع أيضاً إلا أنه لا يداوم عليه ولا يلتزم فيه صيغة معينة كأنه سنة متبعة ، لأن ذلك لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما فعله بعض الصحابة رضي الله عنهم .
وكذا دعوة من حضر القراءة إلى طعام لا بأس بها ما دامت لا تتخذ عادة بعد القراءة .
ثانياً : توزيع أجزاء من القرآن على من حضروا الاجتماعليقرأ كل منهم لنفسه حزباً من القرآن لا يعتبر ذلك ختماً للقرآن من كل واحد منهم بالضرورة .
وقصدهم القراءة للتبرك فقط فيه قصور فإن القراءة يقصد بها القربة وتحفظ القرآن وتدبره وفهم أحكامه والاعتبار به ونيل الأجر والثواب وتدريب اللسان على تلاوته ....إلى غير ذلك من الفوائد ، وبالله التوفيق ) ا.هـ
الثانية :
اعتقاد أن هذا الفعل ( الاجتماع على تلاوة القرآن حسب الطريقة المذكورة ) له أثر في إجابة الدعاء ,
وهذا لا يعلم عليه دليل , فهو غير مشروع , ولإجابة الدعاء أسباب كثيرة معلومة , كما أن لمنع الإجابة موانع معروفة , فالواجب على الداعي أن يأتي بأسباب الإجابة ويجتنب موانعها , ويحسن الظن بربه , والله عند ظن عبده به .
انظر السؤال القادم
(تنبيه) الدليل إنما يطلب ممن أثبت أمرا من الأمور الشرعية , وإلا فالأصل في العبادات المنع حتى يثبت دليل المشروعية , كما قرر ذلك أهل العلم , وعليه فالدليل على عدم مشروعية ذلك الاعتقاد هو عدم الدليل الدال على جوازه .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2019-01-27, 14:38
لماذا لا يستجيب الله لدعائنا ؟
السؤال
لماذا لا يستجيب الله لدعائنا ؟.
الجواب
الحمد لله
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى :
( والأدعية والتعوذات بمنزلة السلاح ، والسلاح بضاربه ، لا بحده فقط ، فمتى كان السلاح سلاحا تاما لا آفة به ، والساعد ساعد قوي ، والمانع مفقود
حصلت به النكاية في العدو . ومتى تخلف واحد من هذه الثلاثة تخلف التأثير ) الداء والدواء ص35 .
فيتبين من ذلك أن هناك أحوالا و آدابا و أحكاما يجب توفرها في الدعاء و في الداعي ، و أن هناك موانع و حواجب تحجب وصول الدعاء و استجابته يجب انتفاؤها عن الداعي و عن الدعاء ، فمتى تحقق ذلك تحققت الإجابة .
و من الأسباب المعينة للداعي على تحقيق الإجابة :
1 - الإخلاص في الدعاء ، وهو أهم الآداب وأعظمها وأمر الله عز و جل بالإخلاص في الدعاء
فقال سبحانه : ( وادعوه مخلصين له الدين ) ، والإخلاص في الدعاء هو الاعتقاد الجازم بأن المدعو وهو الله عز وجل هو القادر وحده على قضاء حاجته و البعد عن مراءاة الخلق بذلك .
2 - التوبة والرجوع إلى الله تعالى ، فإن المعاصي من الأسباب الرئيسة لحجب الدعاء فينبغي للداعي أن يبادر للتوبة والاستغفار قبل دعائه قال الله عز وجل على لسان نوح عليه السلام :
( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ) .
3 - التضرع و الخشوع و التذلل و الرغبة و الرهبة ، و هذا هو روح الدعاء و لبه و مقصوده ، قال الله عز وجل : ( ادعوا ربكم تضرعا وخيفة إنه لا يحب المعتدين ) .
4 - الإلحاح والتكرار وعدم الضجر والملل : ويحصل الإلحاح بتكرار الدعاء مرتين أو ثلاث و الاقتصار على الثلاث أفضل اتباعا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم
فقد روى ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه أن يدعو ثلاثا ويستغفر ثلاثا . رواه أبو داود و النسائي .
5 - الدعاء حال الرخاء والإكثار منه في وقت اليسر و السعة ، قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ) رواه أحمد .
6 - التوسل إلى الله بأسمائه الحسنى و صفاته العليا في أول الدعاء أو آخره ، قال تعالى : ( و لله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) .
7 - اختيار جوامع الكلم و أحسن الدعاء و أجمعه و أبينه ، و خير الدعاء دعاء النبي صلى الله عليه و سلم ، و يجوز الدعاء بغيره مما يخص الإنسان به نفسه من حاجات .
و من الآداب كذلك و ليست واجبة : استقبال القبلة و الدعاء على حال طهارة و افتتاح الدعاء بالثناء على الله عز و جل و حمده و الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم ، و يشرع رفع اليدين حال الدعاء .
و من الأمور المعينة على إجابة الدعاء تحري الأوقات و الأماكن الفاضلة .
فمن الأوقات الفاضلة : وقت السحر و هو ما قبل الفجر ، و منها الثلث الآخر من الليل ، و منها آخر ساعة من يوم الجمعة ، و منها وقت نزول المطر ، و منها بين الأذان و الإقامة .
و من الأماكن الفاضلة : المساجد عموما ، و المسجد الحرام خصوصا .
و من الأحوال التي يستجاب فيها الدعاء : دعوة المظلوم ، و دعوة المسافر ، و دعوة الصائم ، و دعوة المضطر ، و دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب .
أما موانع إجابة الدعاء فمنها :
1- أن يكون الدعاء ضعيفا في نفسه ، لما فيه من الاعتداء أو سوء الأدب مع الله عز و جل ، و الاعتداء هو سؤال الله عز وجل ما لا يجوز سؤاله كأن يدعو الإنسان أن يخلده في الدنيا
أو أن يدعو بإثم أو محرم أو الدعاء على النفس بالموت و نحوه . فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ) رواه مسلم .
2 - أن يكون الداعي ضعيفا في نفسه ، لضعف قلبه في إقباله على الله تعالى . أما سوء الأدب مع الله تعالى فمثاله رفع الصوت في الدعاء أو دعاء الله عز و جل دعاء المستغني المنصرف
عنه أو التكلف في اللفظ و الانشغال به عن المعنى ، أو تكلف البكاء و الصياح دون وجوده و المبالغة في ذلك .
3 - أن يكون المانع من حصول الإجابة : الوقوع في شيء من محارم الله مثل المال الحرام مأكلا و مشربا و ملبسا و مسكنا و مركبا و دخل الوظائف المحرمة ، و مثل رين المعاصي على القلوب
و البدعة في الدين و استيلاء الغفلة على القلب .
4 - أكل المال الحرام ، و هو من أكبر موانع استجابة الدعاء ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا
و إن الله أمر المتقين بما أمر به المرسلين فقال : ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات و اعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ) و قال : ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث
أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب و مطعمه حرام و مشربه حرام و غذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك !!
) رواه مسلم . فتوفر في الرجل الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأمور المعينة على الإجابة من كونه مسافرا مفتقرا إلى الله عز و جل لكن حجبت الاستجابة بسبب أكله للمال الحرام
نسأل الله السلامة و العافية .
5 - استعجال الإجابة و الاستحسار بترك الدعاء ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ، يقول دعوت فلم يستجب لي ) رواه البخاري ومسلم .
6 - تعليق الدعاء ، مثل أن يقول اللهم اغفر لي إن شئت ، بل على الداعي أن يعزم في دعائه و يجد ويجتهد ويلح في دعائه قال النبي صلى الله عليه وسلم :
( لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت ، ليعزم المسألة فإنه لا مستكره له ) رواه البخاري و مسلم .
ولا يلزم لحصول الاستجابة أن يأتي الداعي بكل هذه الآداب و أن تنتفي عنه كل هذه الموانع فهذا أمر عز حصوله ، و لكن أن يجتهد الإنسان وسعه في الإتيان بها .
ومن الأمور المهمة أن يعلم العبد أن الاستجابة للدعاء تكون على أنواع : فإما أن يستجيب له الله عز وجل فيحقق مرغوبه من الدعاء ، أو أن يدفع عنه به شرا
أو أن ييسر له ما هو خير منه ، أو أن يدخره له عنده يوم القيامة حيث يكون العبد إليه أحوج .
والله تعالى أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2019-01-27, 14:42
ثواب حفظ القرآن
السؤال
ما هو ثوابي عند حفظ القرآن ؟ .
الجواب
الحمد لله
إن من حفظ القرآن وعمل بما فيه ، أثابه الله على ذلك ثوابا عظيما ، وأكرمه إكراما بالغا ، حتى إنه ليرتقي في درجات الجنة على قدر ما يقرأ ويرتل من كتاب الله .
فقد روى الترمذي (2914) وأبو داود (1464) عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
:" يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها " والحديث صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (5/281) برقم 2240 ، وقال بعده :
( واعلم أن المراد بقوله : " صاحب القرآن " حافظه عن ظهر قلب على حد قوله صلى الله عليه وسلم : يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله . . أي أحفظهم
فالتفاضل في درجات الجنة إنما هو على حسب الحفظ في الدنيا ، وليس على حسب قراءته يومئذ واستكثاره منها كما توهم بعضهم ، ففيه فضيلة ظاهرة لحافظ القرآن
لكن بشرط أن يكون حفظه لوجه الله تبارك وتعالى ، وليس للدنيا والدرهم والدينار ، وإلا فقد قال صلى الله عليه وسلم : أكثر منافقي أمتي قراؤها ) انتهى .
وجاء في فضل حافظ القرآن : ما رواه البخاري (4937) عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده وهو عليه شديد فله أجران ".
وحافظ القرآن يسهل عليه أن يقوم الليل به ، فيشفع فيه القرآن يوم القيامة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم "
الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام أي رب إني منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه يقول القرآن رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان "
رواه أحمد والطبراني والحاكم ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم : 3882
والله أعلم .
اخوة الاسلام
ينبه هنا على حديث ضعيف ورد في فضل حفظ القرآن وهو : ( لحامل القرآن إذا عمل به فأحل حلاله وحرم حرامه يشفع في عشرة من أهل بيته يوم القيامة كلهم قد وجبت له النار )
رواه البيهقي في الشعب عن جابر ، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع
*عبدالرحمن*
2019-01-27, 14:46
قراءة الإخلاص 1000 مرة على مريض
السؤال
تريد الأسرة أن تقوم بختم (فيجتمعون ويكررون قراءة سورة الإخلاص في هدوء آملين أن يقرأوها 10000 مرة
والنية وراء ذلك أن يُـشفى المريض.) هل هذا جائز، أم أنه يجب عليهم دعاء الله سبحانه وتعالى فقط وطلب العون منه بشكل فردي ؟.
الجواب
الحمد لله
فلاشك أن القرآن فيه شفاء للناس ، وورد في بعض الآيات والسور بعينها أن فيها شفاء
وحفظ للإنسان ، ودفع للمكروه بإذنه تعالى كالفاتحة والمعوذات وآية الكرسي ، والإخلاص .
فمن قرأ شيئا من الآيات أو السور ، وكررها ثلاثاً أو سبعاً أو بحسب ما تدعوا إليه الحاجة دون المواظبة على التقيد بعدد معين لم يرد في الشرع فلا مانع من ذلك على أن يعتقد أن الشفاء بيد الله الذي جعل في القرآن شفاء للناس .
وإذا أضيف لذلك الرقية بالأدعية النبوية الواردة عنه عليه الصلاة والسلام في الرقية
مثل قوله صلى الله عليه وسلم : " اذهب الباس رب الناس اشف وأنت الشافي لا شفاء إلا شفاءك شفاء لا يغادر سقماً " أخرجه البخاري ( 5243 ) ومسلم ( 4061 )
ومثل ما أوصى به ذلك الصحابي الجليل لما اشتكي إليه من وجع كان به فقال له :
" ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل باسم الله ثلاثاً وقل سبع مرات أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر " وغير ذلك مم صح عنه عليه الصلاة والسلام فيكون حسناً جداً .
وإذا اجتمع التوكل على الله مع استحضار معاني الآيات والأدعية التي تقرأ ، وصلاح كل من الراقي والمرقي نفع ذلك بإذن الله نفعاً عظيماً
وبناء على ما تقدم فإن الاجتماع على الصفة المذكورة في السؤال وقراءة قل هو الله أحد بهذا العدد المعين ( 100000 مرة ) هو عمل غير مشروع فعليكم الاكتفاء بما ثبت في السنة .
ونسأل الله أن يعجل بشفاء مريضكم ، وأن يلبسه لبوس العافية ..آمين .
: الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2019-01-27, 14:48
الزهراوان
السؤال
ما هما السورتان اللتان تلقبان بـ ( الزهراوين ).
الجواب
الحمد لله
السورتان هما البقرة وآل عمران ،
فقد ثبت في الحديث الذي رواه الإمام مسلم رحمه الله عن أبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
( اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ
مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ )
(صلاة المسافرين / 1337)
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم :
قَالُوا : سُمِّيَتَا الزَّهْرَاوَيْنِ لِنُورِهِمَا وَهِدَايَتهمَا وَعَظِيم أَجْرهمَا .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2019-01-27, 14:51
القرآن الكريم
السؤال
ما هو القرآن ؟
الجواب
الحمد لله
القرآن الكريم هو كلام رب العالمين أنزله الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ليخرج الناس من الظلمات إلى النور : (هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور ) الحديد/9 .
وقد بين الله في القرآن الكريم أخبار الأولين والآخرين وخلق السماوات والأرضين وفصل فيه الحلال و الحرام وأصول الآداب والأخلاق وأحكام العبادات والمعاملات وسيرة الأنبياء والصالحين
وجزاء المؤمنين والكافرين ووصف الجنة دار المؤمنين ووصف النار دار الكافرين وجعله تبيانـــاً لكل شيء : ( ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ) النحل/89 .
وفي القرآن الكريم بيان لأسماء الله وصفاته ومخلوقاته والدعوة إلى الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر : ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته
وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ) البقرة/285 .
وفي القرآن الكريم بيان لأحوال يوم الدين وما بعد الموت من البعث والحشر والعرض والحساب ووصف الحوض والصراط والميزان والنعيم والعذاب وجمع الناس لذلك اليوم العظيم :
( الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثاً ) النساء/87 .
وفي القرآن الكريم دعوة إلى النظر والتفكر في الآيات الكونية والآيات القرآنية : ( قل انظروا ماذا في السماوات والأرض ) يونس/101 . وقال سبحانه : ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) محمد/24 .
والقرآن الكريم كتاب الله إلى الناس كافة : ( إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنت عليهم بوكيل ) الزمر/41 .
والقرآن الكريم مصدق لما بين يديه من الكتب كالتوراة والإنجيل ومهيمن عليها كما قال سبحانه و تعالى : ( وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه ) المائدة/48 .
وبعد نزول القرآن أصبح هو كتاب البشرية إلى أن تقوم الساعة فمن لم يؤمن به فهو كافر يعاقب بالعذاب يوم القيامة كما قال سبحانه : ( والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون ) الأنعام/49 .
ولعظمة القرآن وما فيه من الآيات والمعجزات والأمثال والعبر إلى جانب الفصاحة وروعة البيان قال الله عنه : ( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون ) الحشر/21 .
وقد تحدى الله الإنس والجن على أن يأتوا بمثله أو بسورة من مثله أو آية من مثله فلم يستطيعوا ولن يستطيعوا
كما قال سبحانه : ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ) الإسراء/88 .
ولما كان القرآن الكريم أعظم الكتب السماوية ، وأتمها و أكملها وآخرها ، أمر الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بإبلاغه للناس كافة بقوله :
( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك و إن لم تفعل فما بلغت رسالته و الله يعصمك من الناس ) المائدة/67 .
ولأهمية هذا الكتاب وحاجة الأمة إليه فقد أكرمنا الله به فأنزله علينا وتكفل بحفظه لنا فقال : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) الحجر/9 .
: من كتاب أصول الدين الإسلامي للشيخ محمد بن إبراهيم التويجري
*عبدالرحمن*
2019-01-27, 14:54
متى وقت قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
السؤال
وفقا للسنة , ما هو الوقت الصحيح لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة ؟
هل نقرأها من بعد الفجر إلى ما قبل صلاة الجمعة , أم في أي وقت من ذلك اليوم ؟ وأيضا , هل قراءة سورة آل عمران يوم الجمعة من السنة ؟
وإذا كان الجواب بنعم , فمتى نقرأها ؟.
الجواب
الحمد لله
ورد في فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة أو ليلتها أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم منها :
أ. عن أبي سعيد الخدري قال : " من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور فيما بينه وبين البيت العتيق " .
رواه الدارمي ( 3407 ) .
والحديث : صححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 6471 ) .
ب. " من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين " .
رواه الحاكم ( 2 / 399 ) والبيهقي ( 3 / 249 ) . والحديث : قال ابن حجر في " تخريج الأذكار " : حديث حسن ، وقال : وهو أقوى ما ورد في قراءة سورة الكهف .
انظر : " فيض القدير " ( 6 / 198 ) .
وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 6470 ) .
ج. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء يضيء له يوم القيامة ، وغفر له ما بين الجمعتين ".
قال المنذري : رواه أبو بكر بن مردويه في تفسيره بإسناد لا بأس به .
" الترغيب والترهيب " ( 1 / 298 ) .
وتقرأ السورة في ليلة الجمعة أو في يومها ، وتبدأ ليلة الجمعة من غروب شمس يوم الخميس ، وينتهي يوم الجمعة بغروب الشمس ، وعليه : فيكون وقت قراءتها من غروب شمس يوم الخميس إلى غروب شمس يوم الجمعة .
قال المناوي :
قال الحافظ ابن حجر في " أماليه " : كذا وقع في روايات " يوم الجمعة " وفي روايات " ليلة الجمعة " ، ويجمع بأن المراد اليوم بليلته والليلة بيومها .
" فيض القدير " ( 6 / 199 ) .
وقال المناوي أيضاً :
فيندب قراءتها يوم الجمعة وكذا ليلتها كما نص عليه الشافعي رضي اللّه عنه .
" فيض القدير " ( 6 / 198 ) .
ولم ترد أحاديث صحيحة في قراءة سورة " آل عمران " يوم الجمعة ، وكل ما ورد في ذلك ، فهو ضعيف جدّاً أو موضوع .
عن ابن عباس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ السورة التي يذكر فيها آل عمران يوم الجمعة صلى الله عليه و ملائكته حتى تحجب الشمس " .
رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 6 / 191 )
و" الكبير " ( 11 / 48 ) .
والحديث : ضعيف جدّاً أو موضوع .
قال الهيثمي : رواه الطبراني في " الأوسط " و " الكبير " ، وفيه طلحة بن زيد الرقي وهو ضعيف [ جدّاً ] .
" مجمع الزوائد " ( 2 / 168 ) .
وقال ابن حجر : طلحة ضعيف جداً ونسبه أحمد وأبو داود إلى الوضع .
انظر : " فيض القدير " ( 6 / 199 ) .
وقال الشيخ الألباني
: موضوع ، انظر حديث رقم : ( 5759 ) في " ضعيف الجامع " .
ومنها ما رواه التيمي في " الترغيب : " من قرأ سورة البقرة وآل عمران في ليلة الجمعة كان له من الأجر كما بين البيداء أي الأرض السابعة وعروباً أي السماء السابعة " .
قال المناوي :
وهو غريب ضعيف جداً . "
فيض القدير " ( 6 / 199 ) .
والله أعلم.
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2019-01-27, 15:01
من فضائل سورة الإخلاص
السؤال
إنني اتبع تعاليم الإسلام من فترة وما زلت في طور التعلم فأعطاني صديق لي كتاب عن الأدعية وفي هذا الكتاب يحيلك الكاتب بعض الآيات في بعض السور التي لا أعرفها وهي بالحروف اللاتينية للكلمات العربية :
1- سورة الحمد
2- سورة إنا فتحنا
3- دلائل الخيرات
4- الله الصمد ( هل هذا اسم من الأسماء الحسنى الذي ينبغي ترديده 500 مرة أم هذا اسم الدعاء فقط)
5- سورة عم يتساءلون
6- الآية الكريمة "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" 100 مرة أرجو أن تعطينا نصها بالإنجليزية وفي أي سورة هي.
أرجو الرد بالإنجليزية فالمصحف الذي معي بالإنجليزية ومقسم 114 سورة وليس 30؟
الجواب
الحمد لله
أمّا السور التي سألت عنها فإنّ أسماءها المشهورة وأرقامها كما يلي :
1- سورة الحمد هي سورة الفاتحة ورقمها : 1
2- سورة إنا فتحنا هي سورة الفتح ورقمها : 48
4- الله الصمد هي في سورة الإخلاص ورقمها : 112
5- عم يتساءلون هي سورة النبأ ورقمها 78
6- آية " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " هي في سورة الأنبياء ورقمها 21 ورقم الآية 87
ثمّ أنبهك على ما يلي :
أولا : كتاب دلائل الخيرات فيه أحاديث ضعيفة وموضوعة وأمور منافية للحقّ فلا يجوز الاعتماد عليه .
ثانيا : ترجمة القرآن الكريم بالإنجليزية أو غيرها ليست قرآنا ولا لها حكم القرآن وإنّما هي بمثابة التفسير ، وأمّا القرآن فهو كلام الله المنزّل باللسان العربي المبين .
ثالثا : الأحد والصمد اسمان عظيمان من أسماء الله الحسنى .
رابعا : تعيين العدد 500 في قراءة سورة قل هو الله أحد ، والعدد 100 في قراءة آية : " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " .
أمر لم يرد به دليل صحيح من الكتاب الكريم ولا من سنّة النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز الالتزام بهذه الأعداد ، ولكن اعمل بما ورد في السنة الصحيحة بشأن تلك السورة
وهذه الآية ومما ورد في فضل سورة الإخلاص ما يلي :
عَنْ قَتَادَةَ بْنُ النُّعْمَانِ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلا قَامَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ مِنْ السَّحَرِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ لا يَزِيدُ عَلَيْهَا فَلَمَّا أَصْبَحْنَا أَتَى الرَّجُلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ ". رواه البخاري 4627
وفي رواية لأحمد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَجُلا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي جَارًا يَقُومُ اللَّيْلَ لا يَقْرَأُ إِلا قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ كَأَنَّهُ يُقَلِّلُهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ " . المسند 10965
\
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَصْحَابِهِ :
" أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ ثُلُثُ الْقُرْآنِ . " رواه البخاري 4628
وعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا
فَقَرَأَ فِيهِمَا قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ رواه البخاري 4630
وعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ رَجُلا عَلَى سَرِيَّةٍ وَكَانَ يَقْرَأُ لأَصْحَابِهِ فِي صَلاتِهِمْ فَيَخْتِمُ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ سَلُوهُ لأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ فَسَأَلُوهُ فَقَالَ لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ رواه البخاري 6827
وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتِرُ بِسَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَإِذَا فَرَغَ قَالَ سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ ثَلاثًا وَيَمُدُّ فِي الثَّالِثَةِ رواه النسائي 1721
وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
فَقَالَ لِي يَا عُقْبَةُ بْنَ عَامِرٍ أَلا أُعَلِّمُكَ سُوَرًا مَا أُنْزِلَتْ فِي التَّوْرَاةِ وَلا فِي الزَّبُورِ و لا فِي الإِنْجِيلِ وَلا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهُنَّ لا يَأْتِيَنَّ عَلَيْكَ لَيْلَةٌ إِلا قَرَأْتَهُنَّ فِيهَا قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ
عُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ قَالَ عُقْبَةُ فَمَا أَتَتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ إِلا قَرَأْتُهُنَّ فِيهَا وَحُقَّ لِي أَنْ لا أَدَعَهُنَّ وَقَدْ أَمَرَنِي بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. مسند أحمد 16810
و عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلا يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَقَالَ وَجَبَتْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا وَجَبَتْ قَالَ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ رواه الإمام أحمد 7669
وقال صلى الله عليه وسلم : " من قرأ قل هو الله أحد عشر مرات بنى الله له بيتا في الجنة . " صحيح الجامع الصغير 6472 .
فاقرأها ما شئت من المرات دون تقييد بعدد معيّن أو وقت معيّن أو كيفية معيّنة لم ترد في الشّرع ، وأما آية سورة الأنبياء وهي قوله تعالى : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظّالمين فمما ورد في فضلها ما يلي :
عَنْ سَعْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنْ الظَّالِمِينَ فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ . "
رواه الترمذي 3427 وصححه في صحيح الجامع 3383
وقال صلى الله عليه وسلم : " ألا أخبركم بشيء إذا نزل برجل منكم كرب أو بلاء من أمر الدنيا دعا به ففرّج عنه دعاء ذي النون : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين . رواه الحاكم وهو في صحيح الجامع 2605
نسأل الله أن يوفقنا وإياك وسائر إخواننا المسلمين إلى العلم النافع والعمل الصالح وصلى الله على نبينا محمد .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2019-01-27, 15:05
أجر قراءة ترجمة القرآن الكريم
السؤال
بالإشارة إلى السؤال جاء فيه"قراءة سورة يس جماعياً ليلة الجمعة". وأشير إلى الحديث الذي ذكرته أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لا أَقُولُ ألم حَرْفٌ
وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ . " واستفسر عما إذا كان هذا الحديث يصدق على من يقرأ القرآن بلغة أخرى (أي ترجمة إنكليزية) لكي يفهم ما يقرأ؟
الجواب
الحمد لله
نسأل الله أن يثيبك أيها السائل على حرصك ، وبالنسبة لما سألت عنه فإن الأجر المذكور في هذا الحديث إنما يحصل لمن قرأ القرآن كما هو بحروفه العربية
ولا يحصل لمن قرأ ترجمة معانيه بأي لغة من اللغات ، ولكن إذا قرأ ترجمة معاني القرآن من باب تدبر معانيه والانتفاع بما تضمنته الآيات فإنه يؤجر ويثاب على ذلك
وأجره على الله ، لأنّ المسلم يُؤجر على قراءة التّفسير ، والترجمة تفسير ، وليس هناك ما يدل على أنه يحصل له الأجر المذكور في الحديث
وفضل الله واسع
والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2019-01-27, 15:10
فضل آية الكرسي
السؤال
ما هي أهمية آية الكرسي ؟
هل هناك أي دليل على عظمة هذه الآية ؟.
الجواب
الحمد لله
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسير آية الكرسي من سورة البقرة :
هذه آية الكرسي ولها شأن عظيم قد صح الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- بأنها أفضل آية في كتاب الله .. عن أُبي هو ابن كعب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأله أي آية في كتاب الله أعظم قال: الله ورسوله أعلم فرددها مرارا ثم قال: آية الكرسي
قال" ليهنك العلم أبا المنذر والذي نفسي بيده إن لها لسانا وشفتين تقدس الملك عند ساق العرش" وقد رواه مسلم .. وليس عنده زيادة والذي نفسي بيده إلخ. "
وعن عبدالله بن أبي بن كعب أن أباه أخبره أنه كان له جرن فيه تمر قال: فكان أبي يتعاهده فوجده ينقص قال فحرسه ذات ليلة فإذا هو بدابة شبيه الغلام المحتلم
قال: فسلمت عليه فرد السلام قال: فقلت ما أنت؟ جني أم إنسي؟ قال: جني. قال: قلت له ناولني يدك قال فناولني يده فإذا يد كلب وشعر كلب فقلت
هكذا خلق الجن؟ قال لقد علمت الجن ما فيهم أشد مني. قلت فما حملك على ما صنعت؟ قال بلغني أنك رجل تحب الصدقة فأحببنا أن نصيب من طعامك قال:
فقال له أبي فما الذي يجيرنا منكم؟ قال: هذه الآية آية الكرسي ثم غدا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره فقال النبي صدق الخبيث ..
وروى الإمام أحمد حدثنا محمد بن جعفر حدثنا عثمان بن عتاب قال: سمعت أبا السليل
قال: كان رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يحدث الناس حتى يكثروا عليه فيصعد على سطح بيت فيحدث الناس قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي آية في القرآن أعظم فقال رجل "الله لا إله إلا هو الحي القيوم"
قال فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي أو قال فوضع يده بين ثديي فوجدت بردها بين كتفي وقال ليهنك العلم يا أبا المنذر " ..
وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في المسجد فجلست فقال يا أبا ذر هل صليت؟ قلت لا قال قم فصل قال فقمت فصليت ثم جلست
فقال يا أبا ذر تعوذ بالله من شر شياطين الإنس والجن قال: قلت يا رسول الله أوَ للإنس شياطين؟
قال نعم قال: قلت يا رسول الله الصلاة قال خير موضوع من شاء أقل ومن شاء أكثر قال: قلت يا رسول الله فالصوم؟
قال فرض مجزئ وعند الله مزيد قلت يا رسول الله فالصدقة؟
قال أضعاف مضاعفة قلت يا رسول الله فأيها أفضل؟
قال جهد من مقل أو سر إلى فقير قلت يا رسول الله أي الأنبياء كان أول؟ قال آدم قلت يا رسول الله ونبي كان؟
قال نعم نبي مكلم قلت يا رسول الله كم المرسلون قال ثلاثمائة وبضعة عشر جما غفيرا وقال مرة وخمسة عشر قلت يا رسول الله أي ما أنزل عليك أعظم؟ قال آية الكرسي "الله لا إله إلا هو الحي القيوم" ورواه النسائي "
وقد ذكر البخاري .. عن أبي هريرة .. قال: وكلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته وقلت: لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال: دعني فإني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة قال فخليت عنه فأصبحت فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة؟ قال: قلت يا رسول الله شكا حاجة شديدة
وعيالا فرحمته وخليت سبيله قال أما إنه قد كذبك وسيعود فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - أنه سيعود فرصدته فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعني فإني محتاج وعلي عيال لا أعود فرحمته وخليت سبيله
فأصبحت فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة قلت يا رسول الله شكا حاجة وعيالا فرحمته فخليت سبيله قال أما إنه قد كذبك وسيعود فرصدته الثالثة فجاء
يحثو من الطعام فأخذته فقلت لأرفعنك إلى رسول الله بها وهذا آخر ثلاث مرات أنك تزعم أنك لا تعود ثم تعود فقال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها قلت وما هي؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي
"الله لا إله إلا هو الحي القيوم" حتى تختم الآية فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح فخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم
ما فعل أسيرك البارحة؟ قلت يا رسول الله زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله قال: ما هي؟
قال: قال لي إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية "الله لا إله إلا هو الحي القيوم" وقال لي لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح وكانوا أحرص شيء
على الخير فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أما إنه صدقك وهو كذوب تعلم من تخاطب من ثلات ليال يا أبا هريرة قلت لا قال: ذاك شيطان .
وفي رواية : كنت آخذا إلا لأهل بيت من الجن فقراء فخلى عنه ثم عاد الثانية ثم عاد الثالثة فقلت أليس قد عاهدتني ألا تعود؟ لا أدعك اليوم حتى أذهب بك إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم
قال: لا تفعل فإنك إن تدعني علمتك كلمات إذا أنت قلتها لم يقربك أحد من الجن صغير ولا كبير ذكر ولا أنثى قال له لتفعلن؟ قال نعم قال : ما هن ؟ قال : "الله لا إله إلا هو الحي القيوم"
قرأ آية الكرسي حتى ختمها فتركه فذهب فلم يعد فذكر ذلك أبو هريرة للنبي - صلى الله عليه وسلم -
فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أما علمت أن ذلك كذلك وقد رواه النسائي عن أحمد بن محمد بن عبيد الله عن شعيب بن حرب عن إسماعيل بن مسلم عن أبي المتوكل عن أبي هريرة به وقد تقدم لأبي بن كعب كائنة مثل هذه أيضا فهذه ثلات وقائع.
وقال أبو عبيد في كتاب الغريب: حدثنا أبو معاوية عن أبي عاصم القفي عن الشعبي عن عبدالله بن مسعود قال: خرج رجل من الإنس فلقيه رجل من الجن فقال:
هل لك أن تصارعني؟ فإن صرعتني علمتك آية إذا قرأتها حين تدخل بيتك لم يدخل شيطان فصارعه فصرعه فقال: إني أراك ضئيلا شخيتا كأن ذراعيك ذراعا كلب أفهكذا أنتم أيها الجن كلكم أم أنت من بينهم؟
فقال إني بينهم لضليع فعاودني فصارعه فصرعه الإنسي فقال: تقرأ آية الكرسي فإنه لا يقرأها أحد إذا دخل بيته إلا خرج الشيطان وله خيخ كخيخ الحمار فقيل لابن مسعود: أهو عمر؟
فقال: من عسى أن يكون إلا عمر قال أبو عبيد: الضئيل النحيف الجسيم والخيخ بالخاء المعجمة ويقال بالحاء المهملة الضراط.
وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: سورة البقرة فيها آية سيدة آي القرآن لا تقرأ في بيت فيه شيطان إلا خرج منه: آية الكرسي وكذا رواه من طريق آخر عن زائدة
عن حكيم بن جبير ثم قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه كذا قال وقد رواه الترمذي من حديث زائدة ولفظه لكل شيء سنام وسنام القرآن سورة البقرة وفيها آية هي سيدة أي القرآن: آية الكرسي
ثم قال: غريب لا نعرفه إلا من حديث حكيم بن جبير وقد تكلم فيه شعبة وضعفه "قلت" وكذا ضعفه أحمد ويحيى بن معين وغير واحد من الأئمة وتركه ابن مهدي وكذبه السعدي.
وعن ابن عمر عن عمر بن الخطاب أنه خرج ذات يوم إلى الناس وهم سماطات
فقال: أيكم يخبرني بأعظم آية في القرآن فقال ابن مسعود على الخبير سقطت سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: أعظم آية في القرآن "الله لا إله إلا هو الحي القيوم".
وفي اشتمالها على اسم الله الأعظم قال الإمام أحمد : عن أسماء بنت يزيد بن السكن قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في هاتين الآيتين
"الله لا إله إلا هو الحي القيوم" و "الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم"
إن فيهما اسم الله الأعظم وكذا رواه أبو داود عن مسدد والترمذي عن علي بن خشرم وابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة ثلاثتهم عن عيسى بن يونس عن عبيد الله بن أبي زياد به وقال الترمذي: حسن صحيح.
وعن أبي أمامة يرفعه قال : اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في ثلاث:
سورة البقرة وآل عمران وطه وقال هشام وهو ابن عمار خطيب دمشق: أما البقرة "الله لا إله إلا هو الحي القيوم" وفي آل عمران "الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم" وفي طه "وعنت الوجوه للحي القيوم".
وعن أبي أمامة في فضل قراءتها بعد الصلاة المكتوبة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ دبر كل صلاة مكتوبة آية الكرسي لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت.
وهكذا رواه النسائي في اليوم والليلة عن الحسن بن بشر به وأخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث محمد بن حمير وهو الحمصي من رجال البخاري أيضا فهو إسناد على شرط البخاري .
والله اعلم.
: الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2019-01-27, 15:12
و اخيرا ً
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
مع جذء اخر من
سلسله خيركم من تعلم القرآن وعلمه
و من لاديه استفسار بهذا الجزء يريد التاكيد عليه يتقدم به
و اسال الله ان يجمعني بكم
دائما علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
FAROUKAUTO
2019-02-06, 09:12
بارك الله فيك وأحسن إليك أخي الحبيب
جزاك الله بخير الجزاء
Hichem Amine
2019-03-07, 18:02
بارك الله فيك
ommaloka
2019-03-15, 16:31
اللهم أجعل القرآن ربيع قلوبنا
*عبدالرحمن*
2019-10-19, 15:56
بارك الله فيك وأحسن إليك أخي الحبيب
جزاك الله بخير الجزاء
الحمد لله الذي بقدرته تتم الصالحات
اسعدني حضورك الطيب مثلك
و في امنظار مرورك العطر دائما
بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير
Zoubir03
2019-10-25, 17:15
متى وقت قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
السؤال
وفقا للسنة , ما هو الوقت الصحيح لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة ؟
هل نقرأها من بعد الفجر إلى ما قبل صلاة الجمعة , أم في أي وقت من ذلك اليوم ؟
وأيضا , هل قراءة سورة آل عمران يوم الجمعة من السنة ؟
وإذا كان الجواب بنعم , فمتى نقرأها ؟.
الجواب
الحمد لله
ورد في فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة أو ليلتها أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم منها :
أ. عن أبي سعيد الخدري قال : " من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور فيما بينه وبين البيت العتيق " . رواه الدارمي ( 3407 ) . والحديث : صححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 6471 ) .
ب. " من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين " .
رواه الحاكم ( 2 / 399 ) والبيهقي ( 3 / 249 ) . والحديث : قال ابن حجر في " تخريج الأذكار " : حديث حسن ، وقال : وهو أقوى ما ورد في قراءة سورة الكهف .
انظر : " فيض القدير " ( 6 / 198 ) .
وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 6470 ) .
ج. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء يضيء له يوم القيامة ، وغفر له ما بين الجمعتين ".
قال المنذري : رواه أبو بكر بن مردويه في تفسيره بإسناد لا بأس به .
" الترغيب والترهيب " ( 1 / 298 ) .
وتقرأ السورة في ليلة الجمعة أو في يومها ، وتبدأ ليلة الجمعة من غروب شمس يوم الخميس ، وينتهي يوم الجمعة بغروب الشمس ، وعليه : فيكون وقت قراءتها من غروب شمس يوم الخميس إلى غروب شمس يوم الجمعة .
قال المناوي :
قال الحافظ ابن حجر في " أماليه " : كذا وقع في روايات " يوم الجمعة " وفي روايات " ليلة الجمعة " ، ويجمع بأن المراد اليوم بليلته والليلة بيومها .
" فيض القدير " ( 6 / 199 ) .
وقال المناوي أيضاً :
فيندب قراءتها يوم الجمعة وكذا ليلتها كما نص عليه الشافعي رضي اللّه عنه .
" فيض القدير " ( 6 / 198 ) .
ولم ترد أحاديث صحيحة في قراءة سورة " آل عمران " يوم الجمعة ، وكل ما ورد في ذلك ، فهو ضعيف جدّاً أو موضوع .
عن ابن عباس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ السورة التي يذكر فيها آل عمران يوم الجمعة صلى الله عليه و ملائكته حتى تحجب الشمس " .
رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 6 / 191 ) ، و" الكبير " ( 11 / 48 ) .
والحديث : ضعيف جدّاً أو موضوع .
قال الهيثمي : رواه الطبراني في " الأوسط " و " الكبير " ، وفيه طلحة بن زيد الرقي وهو ضعيف [ جدّاً ] .
" مجمع الزوائد " ( 2 / 168 ) .
وقال ابن حجر : طلحة ضعيف جداً ونسبه أحمد وأبو داود إلى الوضع .
انظر : " فيض القدير " ( 6 / 199 ) .
وقال الشيخ الألباني :
موضوع
انظر حديث رقم : ( 5759 ) في " ضعيف الجامع " .
ومنها ما رواه التيمي في " الترغيب : " من قرأ سورة البقرة وآل عمران في ليلة الجمعة كان له من الأجر كما بين البيداء أي الأرض السابعة وعروباً أي السماء السابعة " .
قال المناوي :
وهو غريب ضعيف جداً . " ف
يض القدير " ( 6 / 199 ) .
والله أعلم.
الشيخ محمد صالح المنجد
محمد.114
2019-10-25, 17:29
بارك الله فيك
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir