المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التوحيد من ابواب اخري


*عبدالرحمن*
2018-02-27, 14:59
اخوة الاسلام

السلام عليكم و رحمه الله و بركاته

أولا : توحيد الربوبية :

ثانيا: توحيد الألوهية :

ثالثا: توحيد الأسماء والصفات :

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2129136

*عبدالرحمن*
2018-02-27, 15:01
السؤال :

كيف يمكن للعبد أن يحقق التوحيد لله تعالى ؟

الجواب :

الحمد لله

والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد :

فقد سألتَ ـ وفقك الله ـ عن أمر عظيم ، وإنه ليسير على من يسره الله عليه ، نسأل الله أن ييسر لنا ولإخواننا المسلمين كل خير .

اعلم أن تحقيق التوحيد إنما يكون بتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله ، وشهادة أن محمداً رسول الله وهذا التحقيق له درجتان : ( درجة واجبة ، ودرجة مستحبة )

فالدرجة الواجبة تتحقق بثلاثة أمور :

1) ترك الشرك بجميع أنواعه الأكبر والأصغر والخفي .

2) ترك البدع بأنواعها .

3) ترك المعاصي بأنواعها .

والدرجة المستحبة وهي التي يتفاضل فيها الناس ويتفاوتون تفاوتاً عظيماً وهي :

أن لا يكون في القلب شيء من التوجه لغير الله أو التعلق بسواه ؛ فيكون القلب متوجهاً بكليته إلى الله ليس فيه التفات لسواه ، نطقه لله ، و فعله وعمله لله ، بل وحركة قلبه لله جل جلاله

وهذه الدرجة يعبر بعض أهل العلم عنها بأنها :

ترك ما لا بأس به حذراً مما به بأس ، وذلك يشمل أعمال القلوب واللسان والجوارح .

ولابد لتحقيق هاتين الدرجتين من أمور :

أولها :

العلم ، وإلا فكيف يحقق التوحيد ويعمل به من لا يعرفه ويفهمه ، فواجب على كل مكلف أن يتعلم من توحيد الله ما يُصَحِّحُ به معتقده وقوله وعمله ، ثم ما زاد فهو فضلٌ وخيرٌ.

ثانيها :

التصديق الجازم واليقين الراسخ بما ورد عن الله وعن نبيه صلى الله عليه وسلم من أخبار ، وأقوال .

ثالثها :

الانقياد والامتثال لأوامر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بفعل المأمورات ، و ترك المحظورات والمنهيات .

وكلما كان الإنسان أكثر تحقيقاً لهذه الأمور كان توحيده أعظم وثوابه أكبر .

https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)

*عبدالرحمن*
2018-02-27, 15:03
وقد بين لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أن من حقق الدرجة العليا من التوحيد فهو موعود بأن يكون مع السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ـ نسأل الله من فضله ـ

ففي صحيح البخاري (5705) ومسلم (220) عن ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ الرُّهَيْطُ وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلَانِ وَالنَّبِيَّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ إِذْ رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ أُمَّتِي فَقِيلَ لِي هَذَا مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْمُهُ وَلَكِنْ انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ فَقِيلَ لِي انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ الْآخَرِ فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ فَقِيلَ لِي هَذِهِ أُمَّتُكَ وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ ثُمَّ نَهَضَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ فَخَاضَ النَّاسُ فِي أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ فَلَعَلَّهُمْ الَّذِينَ صَحِبُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَقَالَ بَعْضُهُمْ فَلَعَلَّهُمْ الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الْإِسْلَامِ وَلَمْ يُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَذَكَرُوا أَشْيَاءَ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا الَّذِي تَخُوضُونَ فِيهِ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ هُمْ الَّذِينَ وَلَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ ولا يكتوون وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَقَالَ أَنْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَقَالَ سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ " قوله : ( لَا يَسْتَرْقُونَ ) أي لا يطلبون من غيرهم أن يرقيهم .وإن كان طلب الرقية جائزاً لكنه خلاف الأولى والأفضل .

وقوله :( وَلَا يَتَطَيَّرُونَ ) أي لا يقعون في التشاؤم بالطير أو بغيرها مما يتشاءم منه الناس فيتركون بعض ما عزموا على فعله بسبب هذا التشاؤم .والتشاؤم محرم وهو من الشرك الأصغر .

وقوله :(وَلَا يَكْتَوُونَ ) فيتركون الاكتواء بالنار في علاج أمراضهم ولو ثبت لهم نفعه لكراهة النبي صلى الله عليه وسلم له . ولأنه لا يعذب بالنار إلا رب النار .

فالصفة المشتركة في هذه الصفات الثلاثة أن أصحابها ( على ربهم يتوكلون ) أي حققوا أكمل درجات التوكل وأعلاها ، فلم يعد في قلوبهم أدنى التفات للأسباب ، ولا تعلق بها بل تعلقهم بربهم وحده سبحانه .
والتوكل هو جماع الإيمان كما قال سعيد بن حبيب ، بل هو الغاية القصوى كما يقول وهب بن منبه رحمه الله .

فمقصود الحديث بيان أن هنالك فئة من هذه الأمة يدخلون الجنة من غير حساب لا أن عدد أهل الجنة من هذه الأمة سبعون ألفا ، فهؤلاء السبعون ألفا المشار إليهم في الحديث هم في منزلة عالية من هذه الأمة لمزايا خاصة اختصوا بها

ذكرت في الحديث : " هُمْ الَّذِينَ لا يَسْتَرْقُونَ وَلا يَتَطَيَّرُونَ وَلا يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُون "

وجاء ذكر السبب في دخولهم الجنّة بلا حساب ولا عذاب مصرّحا به

في رواية أخرى للبخاري رحمه الله عن عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ فَأَخَذَ النَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الأُمَّةُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ النَّفَرُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْعَشَرَةُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْخَمْسَةُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ وَحْدَهُ فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ قُلْتُ يَا جِبْرِيلُ هَؤُلاءِ أُمَّتِي قَالَ لا وَلَكِنْ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ قَالَ هَؤُلاءِ أُمَّتُكَ وَهَؤُلاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا قُدَّامَهُمْ لا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلا عَذَابَ قُلْتُ وَلِمَ قَالَ كَانُوا لا يَكْتَوُونَ وَلا يَسْتَرْقُونَ وَلا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ فَقَامَ إِلَيْهِ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ قَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ . صحيح البخاري 6059

وجاء في وصفهم أيضا حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَيَدْخُلَنَّ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا أَوْ سَبْعُ مِائَةِ أَلْفٍ ( شكّ أحد رواة الحديث ) لا يَدْخُلُ أَوَّلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ وُجُوهُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْر" رواه البخاري وعن أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي زُمْرَةٌ هِيَ سَبْعُونَ أَلْفًا تُضِيءُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ الْقَمَرِ" رواه البخاريُ ، وفي وصفهم أيضا روى مسلم في صحيحه من حديث جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وفيه : "ثُمَّ يَنْجُو الْمُؤْمِنُونَ فَتَنْجُو أَوَّلُ زُمْرَةٍ وُجُوهُهُمْ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ سَبْعُونَ أَلْفًا لا يُحَاسَبُونَ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ كَأَضْوَإِ نَجْمٍ فِي السَّمَاءِ ثُمَّ كَذَلِكَ " .

ولنا جميعا معشر المسلمين بشارات نبوية في هذا الحديث وغيره فأمّا هذا الحديث فإنّ له رواية عظيمة وزيادة كريمة جاءت في مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي وابن ماجة من حديث أَبِي أُمَامَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "وَعَدَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلا عَذَابٍ مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعُونَ أَلْفًا وَثَلاثَ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ" نسأل الله سبحانه أن يجعلنا منهم .

فإذا حسبت سبعين ألفا مع كلّ ألف من السبعين ألفا فكم يكون العدد الإجمالي لمن يدخل الجنّة دون حساب ؟؟ وكم عدد كلّ حثية من حثيات الرّب العظيم الكريم الرؤوف الرحيم ؟؟ نسأل الله أن يجعلنا في تلك الأعداد .

وأما البشارة الثانية فهي

أنّ عدد أهل الجنة من هذه الأمّة هو ثلثا العدد الإجمالي لأهل الجنة ، فيدخل الجنة من أمّة محمد صلى الله عليه وسلم أكثر ممن يدخلها من كلّ الأمم السابقة مجتمعين ، وقد جاءت هذه البشارة عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي قال فيه لأصحابه يوما : " أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَذَلِكَ أَنَّ الْجَنَّةَ لا يَدْخُلُهَا إِلا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ وَمَا أَنْتُمْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ إِلا كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ أَوْ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَحْمَرِ . " رواه البخاري 6047

ثم أكمل لنا صلى الله عليه وسلم البشارة في الحديث الصحيح الآخر الذي قال فيه : " أَهْلُ الْجَنَّةِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ صَفٍّ ثَمَانُونَ مِنْهَا مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ وَأَرْبَعُونَ مِنْ سَائِرِ الأُمَمِ . " رواه الترمذي 3469 وقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ . فنحمد الله على نعمته ونسأله من فضله ورحمته ، وأن يُسكننا الجنّة بحوله ومنّته ، وصلى الله على نبينا محمد .

والله أعلم وأحكم .

وبعد : فليس تحقيق التوحيد بالتمني ،ولا بالتحلي ، ولا بالدعاوى الخالية من الحقائق ، وإنما بما وقر في القلوب من عقائد الإيمان ، وحقائق الإحسان؛ وصدقته الأخلاق الجميلة والأعمال الصالحة الجليلة . فعلى المسلم أن يبادر لحظات العمر ، ويسابق ساعات الزمن في المبادرة إلى الخيرات ، والمنافسة في الطاعات ، وليستهون الصعب ، وليستلذ الألم ، فإن سلعة الله غالية . إن سلعة الله الجنة .

ينظر ( القول السديد على مقاصد كتاب التوحيد للشيخ عبد الرحمن السعدي ـ رحمه الله ـ20-23 )

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-02-27, 15:04
السؤال :

سمعت من بعض الأخوة الذين عندهم علم بالتوحيد وأقسامه أن شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية رحمة الله قسم التوحيد إلى نوعين (توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات), فما مدى صحة هذا القول؟ وهل كان الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله يقسم التوحيد إلى أربعة أقسام ؟ وأخيرا , فهل يقسم الشيخ صالح الفوزان حفظه الله التوحيد إلى أربعة أقسام ؟.

الجواب :

الحمد لله

أولا :

لابد أن نعلم أن القاعدة تقول " لا مشاحة في الاصطلاح " ، وهذه قاعدة معروفة عند الفقهاء والأصوليين .

قال ابن القيم -رحمه الله- :

والاصطلاحات لامشاحة فيها إذا لم تتضمن مفسدة . " مدارج السالكين " ( 3 / 306 ) .

ومعنى لا مشاحة أي لا تنازع .

ثانيا :

إن للعلماء من قديم الزمان تقسيمات للأحكام الشرعية ، وهذا التقسيم إنما هو للتيسير وتسهيل الفهم للنصوص والأحكام الشرعية وخصوصا مع تأخر الزمان وضعف المعرفة باللغة العربية واختلاط اللسان العربي بالأعجمي .

فرأى العلماء أن وضع قواعد ومسائل وتقسيمات لتسهيل وتيسير الفهم لا مشاحة فيه بل ذلك من الأمور المستحسنة لما يترتب عليه من تقريب العلم للمسلمين ، فهذا الشافعي واضع علم الأصول في الفقه الإسلامي وقد لاقت تقسيماته قبولا حسنا وعليه درج الأصوليون مع إضافات وتعقب على ما ذكره ، وهكذا جميع العلوم الشرعية كعلم التجويد وتقسيماته وترتيباته وعلوم القرآن وغيرها ومنها علم التوحيد .

ثالثا :

ما ذكره السائل من أن شيخ الإسلام قسَّم التوحيد إلى قسمين والشيخ محمد بن إبراهيم قسمه إلى أربعة أقسام وكذلك الشيخ صالح الفوزان : فلا إشكال في ذلك وإليك البيان :

فقد ذكر بعض العلماء أن التوحيد ينقسم إلى قسمين :

توحيد المعرفة والاثبات : وهو يشمل الإيمان بوجود الله والإيمان بربوبيته والإيمان بأسمائه وصفاته .

توحيد القصد والطلب : وهو يشمل الإيمان بألوهية الله تعالى .

وأما من قسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام فقد فصَّل التقسيم السابق زيادة في تسهيل الفهم والمعرفة فقال : التوحيد ينقسم إلى ثلاثة أقسام :

توحيد الربوبية : ويدخل فيه الإيمان بوجود الله .

توحيد الألوهية أو توحيد العبادة - وهما بمعنى واحد – .

توحيد الأسماء والصفات .

ثم جاء بعض العلماء فزادوا في التقسيم فقالوا : التوحيد ينقسم إلى أربعة أقسام:

الإيمان بوجود الله .

الإيمان بربوبية الله .

الإيمان بألوهية الله .

الإيمان بأسماء الله وصفاته .

فكما نرى لا إشكال في هذا التقسيم ما دام أنه لا يدل على شيء باطل ، ولا مشاحة في الاصطلاح ، وهذا التفصيل إنما هو لتسهيل الفهم فكلما بعُد العهد : قلَّ الفهم واحتاج العلماء إلى التبسيط والتسهيل والتفصيل .

https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)

*عبدالرحمن*
2018-02-27, 15:04
والخلاصة أنه لا إشكال فيما ذكره السائل لأن من قسم التوحيد إلى قسمين قد جمع في هذين القسمين ما فضّله الآخرون ، ومن قسمه إلى ثلاثة أقسام أو أربعة فصّل فيما أجمله الآخرون .

والجميع متفقون على أن التوحيد يشمل كل ما ذكروه .

وهذه التقسيمات اصطلاحية لا مانع منها بشرط أن لا يحصل من ذلك مفسدة ، كما لو أخرج من معاني التوحيد بعض ما يدخل فيه ، أو يُدخل فيها ما ليس منه .

وقد يأتي زمان نحتاج فيه إلى تفصيل أكثر فيفصل العلماء ويقسموا ليسهلوا الفهم .

وهذا بيان مختصر لمعنى أنواع التوحيد الثلاثة :

الإيمان بالربوبية : هو إفراد الله بأفعاله من خَلْق وإحياء وإماتة وغيرها .

والإيمان بالألوهية : هو إفراد الله بأفعال العباد من قول أو فعل ظاهر أو باطن . فلا يُعبد إلا الله سبحانه وتعالى .

والإيمان بالأسماء والصفات : هو إثبات ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات ، ونفي ما نفاه الله عن نفسه من غير تعطيل أو تمثيل .

رابعا :

تقسيم العلماء للتوحيد على هذا التقسيم ليس محدثاً بل هو معروف في القرن الثالث والرابع كما ذكر ذلك الشيخ العلامة بكر أبو زيد عضو هيئة كبار العلماء في كتابه " الرد على المخالف " ، فنقل هذا التقسيم عن ابن جرير الطبري وغيره من العلماء .

تنبيه : ما ذكره السائل من أن شيخ الإسلام ابن تيمية يقسم التوحيد إلى قسمين : توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات ، ليس بصحيح بل يقسمه إلى قسمين وهما توحيد المعرفة والإثبات وتوحيد القصد والطلب ، والأول منهما يتضمن توحيد الربوبية والأسماء والصفات

انظر مجموع الفتاوى ( 15/164 ) والفتاوى الكبرى ( 5/250 )

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-02-27, 15:05
السؤال :

سؤال يتعلق بتقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام وهل هناك دليل على ذلك؟ .

الجواب :

الحمد لله

فهذا التقسيم مأخوذ من الاستقراء والتأمل . لأن العلماء لما استقرءوا ما جاءت به النصوص من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ظهر لهم هذا ، وزاد بعضهم نوعا رابعا هو توحيد المتابعة ، وهذا كله بالاستقراء .

فلا شك أن من تدبر القرآن الكريم وجد فيه آيات تأمر بإخلاص العبادة لله وحده ، وهذا هو توحيد الألوهية ، ووجد آيات تدل على أن الله هو الخلاق وأنه الرزاق وأنه مدبر الأمور ، وهذا هو توحيد الربوبية الذي أقر به المشركون ولم يدخلهم في الإسلام ، كما يجد آيات أخرى تدل على أن له الأسماء الحسنى والصفات العلى ، وأنه لا شبيه له ولا كفو له ، وهذا هو توحيد الأسماء والصفات الذي أنكره المبتدعة من الجهمية والمعتزلة والمشبهة ، ومن سلك سبيلهم .

ويجد آيات تدل على وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ورفض ما خالف شرعه ، وهذا هو توحيد المتابعة ، فهذا التقسيم قد علم بالاستقراء وتتبع الآيات ودراسة السنة ، ومن ذلك قول الله سبحانه :( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ )( الفاتحة : 4 )

وقوله عز وجل :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) ( البقرة :21 )

وقوله جل وتعالى:( وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ )( البقرة : 163 )

وقوله سبحانه :(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (57)( الذاريات :56 ، 57)

وقوله سبحانه :(إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )( الأعراف :54 ) .

وقال سبحانه :( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )( الشورى :11)

وقال عز وجل :( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2)لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3)وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) ( الإخلاص ).

وقال جل شأنه:( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) ( آل عمران :31 ) .

وقال سبحانه :( قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ )( النور :54 ) والآيات الدالة على ما ذكر من التقسيم كثيرة .

https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)

*عبدالرحمن*
2018-02-27, 15:06
ومن الأحاديث :

قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ رضي الله عنه المتفق على صحته(خ/ 2856، م/ 30) : " حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا "

وقوله عليه الصلاة والسلام :" من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار " رواه البخاري ( 4497) ومسلم ( 92) .

وقوله لجبريل عليه السلام لما سأله عن الإسلام قال : "( أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة .. الحديث " متفق عليه (خ/ 50، م/ 9) .

وقوله صلى الله عليه وسلم : " من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصا الله " متفق على صحته (خ/ 2957 ، م/ 1835 ) .

وقوله عليه الصلاة والسلام : " كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قيل يا رسول الله ومن يأبى؟ قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى " رواه البخاري في صحيحه (7280) والأحاديث في هذا الباب كثيرة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" الإله هو المعبود المطاع فإن الإله هو المألوه ، والمألوه هو الذي يستحق أن يعبد ، وكونه يستحق أن يعبد هو بما اتصف به من الصفات التي تستلزم أن يكون هو المحبوب غاية الحب المخضوع له غاية الخضوع " .

وقال :" فإن الإله هو المحبوب المعبود الذي تألهه القلوب بحبها وتخضع له وتذل له وتخافه وترجوه وتنيب إليه في شدائدها وتدعوه في مهماتها وتتوكل عليه في مصالحها وتلجأ إليه وتطمئن بذكره وتسكن إلى حبه ، وليس ذلك إلا لله وحده ، ولهذا كانت لا إله إلا الله أصدق الكلام ، وكان أهلها أهل الله وحزبه ، والمنكرون لها أعداءه وأهل غضبه ونقمته ، فإذا صحت صح بها كل مسألة وحال وذوق ، وإذا لم يصححها العبد فالفساد لازم له في علومه وأعماله " .

نسأل الله أن يوفق المسلمين جميعا من حكام ومحكومين للفقه في دينه والثبات عليه والنصح لله ولعباده ، والحذر مما يخالف ذلك ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .

انظر: مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله ( 6/ 215 ).

*عبدالرحمن*
2018-02-27, 15:09
السؤال :

ما معنى شهادة

أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ؟.

الجواب :

الحمد لله

وبعد : فمعنى شهادة أن لا إله إلا الله : نفي استحقاق العبادة عن كل ما سوى الله تعالى ، وإثباتها لله عز وجل وحده لا شريك له ، قال الله تعالى : ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) الحج/62 .

فـ ( لا إله ) تنفي جميع ما يعبد من دون الله و ( إلا الله ) تثبت جميع أنواع العبادة لله وحده . فمعناها : لا معبود حقٌّ إلا الله .

فكما أن الله تعالى ليس له شريك في ملكه ؛ فكذلك لا شريك له في عبادته سبحانه .

ومعنى شهادة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو التصديق الجازم من صميم القلب المواطئ لقول اللسان بأن محمدا عبده ورسوله إلى الخلق كافة إنسهم وجنِّهم ، فيجب تصديقه فيما أخبر به من أنباء ما قد سبق ، وأخبار ما سيأتي ، و فيما أحل من حلال ، وحرم من حرام ، والامتثال و الانقياد لما أمر به ، والانتهاء والكف عما نهى عنه ، واتباع شريعته، والتزام سنته في السر والجهر ، مع الرضا بما قضاه والتسليم له ، والعلم بأن طاعته هي طاعة الله و معصيته هي معصية الله ، لأنه مبلغ عن الله رسالته ، ولم يتوفه الله حتى أكمل به الدين ، وبلغ البلاغ المبين ، فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيا عن قومه ورسولا عن أمته .

ولا يدخل العبد في الدين إلا بهاتين الشهادتين ، وهما متلازمتان ، ولذا فشروط شهادة ( لا إله إلا الله ) هي نفس شروط شهادة أن محمدا رسول الله

وللشهادتين عدة شروط ، وهي :

الأول : العلم

وهو العلم بمعناها المراد منها نفيا وإثباتا المنافي للجهل بذلك ، قال الله عز وجل : " فاعلم أنه لا إله إلا الله " ( محمد : 19 ) وقال تعالى : " إلا من شهد بالحق " ( الزخرف : 86 ) أي بلا إله إلا الله " وهم يعلمون " بقلوبهم معنى ما نطقوا به بألسنتهم . وفي الصحيح عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة " .

الثاني : اليقين

وهو اليقين المنافي للشك بأن يكون قائلها مستيقنا بمدلول هذه الكلمة يقينا جازما ، فإن الإيمان لا يغني فيه إلا علم اليقين لا علم الظن ، فكيف إذا دخله الشك ، قال الله عز وجل : " إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون " ( الحجرات : 15 ) ، فاشترط في صدق إيمانهم بالله ورسوله كونهم لم يرتابوا ، أي لم يشكوا ، فأما المرتاب فهو من المنافقين - والعياذ بالله - .

وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما فيحجب عنه الجنة " .

الثالث : القبول

وهو القبول بما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه ، قال تعالى في شأن من قبلها : " إلا عباد الله المخلصين ، أولئك لهم رزق معلوم ، فواكه وهم مكرمون ، في جنات النعيم " ( الصافات : 40 - 43 ) إلى آخر الآيات ، وقال تعالى : " من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون " ( النمل : 89 ) وفي الصحيح عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير ، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا ، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به "

الرابع : الانقياد

وهو الإنقياد لما دلت عليه ، المنافي لترك ذلك ، قال الله عز وجل : " وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له " ( الزمر : 54 ) ، وقال تعالى : " ومن أحسن دينا ممن أسلم وجه لله وهو محسن " ( النساء : 125 ) ، وقال تعالى : " ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى " ( لقمان : 22 ) أي بلا إله إلا الله " وإلى الله عاقبة الأمور " ومعنى يسلم وجهه أي ينقاد ، وهو محسن : موحد .

الخامس : الصدق

وهو الصدق فيها المنافي للكذب ، وهو أن يقولها صدقا من قلبه يواطئ قلبه لسانه ، قال الله عز وجل : " الم ، أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين " ( العنكبوت : 1-3 ) إلى آخر الآيات ، وفي الصحيحين عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار " .

السادس : الإخلاص

وهو تصفية العمل بصالح النية عن جميع شوائب الشرك ، قال الله تبارك وتعالى : " ألا لله الدين الخالص " ( الزمر : 3 ) ، وقال تعالى : " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء " ( البينة : 5 ) الآية ، وفي الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه أو نفسه " .

السابع : المحبة

وهي المحبة لهذه الكلمة وما اقتضته ودلت عليه ، ولأهلها العاملين بها ، الملتزمين لشروطها ، وبغض ما ناقض ذلك ، قال الله عز وجل : " ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله " ( البقرة : 165 ) ، وعلامة حب العبد ربه تقديم محابه وإن خالفت هواه ، وبغض ما يبغض ربه وإن مال إليه هواه ، وموالاة من والى الله ورسوله ومعاداة من عاداه ، واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم واقتفاء أثره وقبول هداه . وكل هذه العلامات شروط في المحبة لا يتصور وجود المحبة مع عدم شرط منها . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار " ( أخرجاه من حديث أنس بن مالك ) .

وزاد بعضهم شرطا ثامنا وهو الكفر بما يعبد من دون الله ( الكفر بالطاغوت ) ، قال صلى الله عليه وسلم : " من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز جل " رواه مسلم . فلا بد لعصمة الدم والمال مع قوله ( لا إله إلا الله ) من الكفر بما يعبد من دون الله كائنا من كان .

مختصر معارج القبول لمحمد بن سعيد القحطاني ص 119 - 122.


قال الشيخ حافظ الحكمي في منظومته سلم الوصول :

العلم واليقين والقبـــــول ***** والانقيـاد فادر ما أقول

والصـدق والإخلاص والمحبة ***** وفقك الله لما أحبــــه

الشرط الأول : (العلم ) بمعناها المراد منها نفياً وإثباتاً المنافي للجهل بذلك ، قال الله تعالى : "فاعلم أنه لاإله إلا الله " وقال تعالى : " إلا من شهد بالحق " أي بلا إله إلا الله " وهم يعلمون " بقلوبهم معنى ما نطقوا به بألسنتهم . وفي الصحيح عن عثمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة " .

الشرط الثاني ( اليقين ) بأن يكون قائلها مستيقناً بمدلول هذه الكلمة يقيناً جازماً ، فإن الإيمان لا يغني فيه إلا علم اليقين لا علم الظن ، فكيف إذا دخله الشك ، قال الله عز وجل : " إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون " فاشترط في صدق إيمانهم بالله ورسوله كونهم لم يرتابوا ، أي لم يشكوا ، فأما المرتاب فهو من المنافقين . وفي الصحيح من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أشهد ألا إله إلا الله وأني رسول الله ، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة " وفي رواية لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما فيُحجب عن الجنة ". وفيه عنه رضي الله عنه من حديث طويل أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه بنعليه فقال " من لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه فبشره بالجنة " الحديث ، فاشترط في دخول قائلها الجنة أن يكون مستيقناً بها قلبه غير شاك فيها ، وإذا انتفى الشرط انتفى المشروط .

الشرط الثالث (القبول ) لما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه ، وقد قص الله عز وجل علينا من أنباء ما قد سبق من إنجاء من قَبِلها وانتقامه ممن ردها وأباها قال تعالى : ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم ، وقفوهم إنهم مسؤلون) إلى قوله ( إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ) فجعل الله علة تعذيبهم وسببه هو استكبارهم عن قول لا إله إلا الله ، وتكذيبهم من جاء بها

فلم ينفوا ما نفته ولم يثبتوا ما أثبتته ، بل قالوا إنكاراًً واستكباراً ( أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيءٌ عجاب . وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على ألهتكم إن هذا لشيءٌ يُراد . ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق ) فكذبهم الله عز وجل ورد ذلك عليهم على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فقال ( بل جاء بالحق وصدق المرسلين ) ... ثم قال في شأن من قبلها ( إلا عباد الله المخلصين . أولئك لهم رزقٌ معلوم . فواكه وهم مكرمون . في جنات النعيم ) وفي الصحيح عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير . وأصاب منها طائفة أُخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تُنبت كلأً ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه مابعثني الله به فعلم وعلّم ، ومثل من لم يرفع بذللك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أُرسلت به " .

الشرط الرابع ( الانقياد ) لما دلت عليه المنافي لترك ذلك ، قال الله عز وجل ( ومن يُسلم وجهه لله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى ) أي بلا إله إلا الله ( وإلى الله عاقبة الأُمور ) ومعنى يُسلم وجهه أي ينقاد ، وهو محسن موحد ، ومن لم يسلم وجهه إلى الله ولم يك محسناً فإنه لم يستمسك بالعروة الوثقى ، وهو المعني بقوله عز وجل بعد ذلك ( ومن كفر فلا يحزنك كفره ، إلينا مرجعهم فننبؤهم بما عملوا ) وفي حديث صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا يُؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جِئت به" وهذا هو تمام الانقياد وغايته .

والخامس (الصدق ) فيها المنافي للكذب ، وهو أن يقولها صدقاً من قلبه يواطىء قلبه لسانه ، قال الله عز وجل ( الم أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا أمنا وهم لا يُفتنون . ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) وقال في شأن المنافقين الذين قالوها كذباً ( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين . يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون . في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون )

وفي الصحيحين من حديث معاذ بن جبل رضي لله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم " ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار".

والسادس( الإخلاص) وهوتصفية العمل عن جميع شوائب الشرك قال تبارك وتعالى : ( ألا لله الدين الخالص ) وقال ( قل الله أعبد مخلصاً له ديني ) وفي الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه أو نفسه " ...

والسابع (المحبة ) لهذه الكلمه ولما اقتضته ودلت عليه ولأهلها العاملين بها الملتزمين لشروطها وبغض ما ناقض ذلك ، قال الله تعالى ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله ) فأخبر الله تعالى أن الذين آمنوا أشد حباً لله ؛ وذلك لأنهم لم يشركوا معه في محبته أحدا كما فعل مدعوا محبته من المشركين الذين اتخذوا من دونه أنداداً يحبونهم كحبه ، وفي الصحيحين من حديث أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين " .

والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد .

الشيخ محمد صالح المنجد

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-02-28, 02:43
اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

السؤال :

من الأذكار النبوية الصحيحة ما يلي : (أصبحنا على فطرة الإسلام وعلى كلمة الإخلاص وعلى دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ملة أبينا إبراهيم حنيفا مسلما وما كان من المشركين) .

السؤال هو إذا كان الداعي مسلما عجميا غير عربي مثلى أنا ، فهل عليه أن يقول : (أبينا إبراهيم) أم يكتفي بقول (وعلى ملة إبراهيم) دون كلمة (أبينا) لأنه يعرف يقينا أنه ليس من ذرية إبراهيم عليه السلام؟

الجواب :

الحمد لله

روى الإمام أحمد (14938) عَنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى : (أَصْبَحْنَا عَلَى فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ وَعَلَى كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ وَعَلَى دِينِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى مِلَّةِ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ)

وفي رواية : عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَي عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ : (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا إِذَا أَصْبَحْنَا : أَصْبَحْنَا عَلَى فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ وَكَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ وَسُنَّةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِلَّةِ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ) وَإِذَا أَمْسَيْنَا مِثْلَ ذَلِكَ .

رواه الطبراني في "الدعاء" (293) وعبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (20641) وصححه الألباني في "الصحيحة" (2989) .

والمشروع في حق كل مسلم عربياً كان أم غير عربي أن يقول هذا الدعاء بلفظه : (أبينا إبراهيم) وذلك للأسباب التالية :

1- أن إبراهيم عليه السلام ليس أباً للعرب فقط ، بل هو أيضاً أبو بني إسرائيل ، وإسرائيل هو يعقوب بن إسحق بن إبراهيم عليهم السلام .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " إبراهيم أبو العرب وأبو الإسرائيليين " انتهى .

"لقاء الباب المفتوح" (189 / 16).

2- أن كل نبي هو بمنزلة الأب لأمته وأتباعه .

كما قيل في قوله تعالى عن نبيه لوط عليه السلام : (قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) هود / 78 .

قال مجاهد :

"لم تكن بناته ، ولكن كنَّ من أمّته ، وكل نبي أبُو أمَّته" .

"تفسير الطبري" (15 /414) .

*عبدالرحمن*
2018-02-28, 02:43
قال ابن كثير :

"يرشدهم إلى نسائهم ، فإن النبي للأمة بمنزلة الوالد ، للرجال والنساء" انتهى .

"تفسير ابن كثير" (4/337) .

وقد قرئ : ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم )

قال ابن كثير :

" روي عن أُبي بن كعب وابن عباس أنهما قرآ : (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم) ، وروي نحو هذا عن معاوية ومجاهد وعِكْرِمة والحسن " انتهى .

"تفسير ابن كثير" (6/381) ، وراجع : "الجامع لأحكام القرآن" (9/76) ، "فتح القدير" (2/745).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"وفي قراءة أبيّ : (وهو أب لهم) والقراءة المشهورة تدل على ذلك ؛ فإن نساءه إنما كن أمهات المؤمنين تبعا له ، فلولا أنه كالأب لم يكن نساؤه كالأمهات" انتهى .

"منهاج السنة النبوية" (5/161) .

وقد أمرنا الله تعالى باتباع ملته عليه السلام فقال تعالى : (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنْ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ) النحل/123 ، فقال تعالى : (هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ) الحج/78 ، فيكون إبراهيم عليه السلام كالأب لجميع المؤمنين ، عرباً كانوا أم غير عرب .

قال القاري رحمه الله في " المرقاة" (8 / 292)

"(وعلى ملة أبينا إبراهيم) وهو أبو العرب ؛ فإنهم من نسل إسماعيل ، ففيه تغليب ، أو الأنبياء بمنزلة الآباء ؛ ولذا قال تعالى : (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) وفي قراءة شاذة : (وهو أب لهم)" انتهى .

3-أن إبراهيم عليه السلام هو أبو الأنبياء الذين جاءوا بعده .

قال ابن كثير رحمه الله :

"لم يبعث الله عَزَّ وجل بعده نبيا إلا من ذريته ، كما قال تعالى : (وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ) ، وقال تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ) انتهى .

"تفسير ابن كثير" (3 / 297).

وإبراهيم عليه السلام كان أمة جامعا للخير ، حنيفا ولم يك من المشركين ، والأنبياء هم معلمو الخير لأممهم ، فناسب ذلك أن يكون أبو الأنبياء أباً لأممهم بهذا الاعتبار ، فهي أبوة الدين والتعليم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"الشيخ والمعلم والمؤدب أب الروح ، والوالد أب الجسم" انتهى .

"مدارج السالكين" (3 / 70).

وقال أيضا :

" معلوم أن الإنسان يجب عليه أن يطيع معلمه الذي يدعوه إلى الخير ويأمره بما أمره الله ولا يجوز له أن يطيع أباه في مخالفة هذا الداعي ؛ لأنه يدله على ما ينفعه ويقربه إلى ربه ويحصل له باتباعه السعادة الأبدية ، فظهر فضل الأب الروحاني على الأب الجثماني ، فهذا أبوه في الدين ، وذلك أبوه في الطين ! وأين هذا من هذا ؟ " انتهى .

"مختصر الفتاوى المصرية" (1/168) .

والخلاصة :

أن كل مسلم يدعو بهذا الدعاء فإنه يقول : (ملة أبينا إبراهيم) اتباعاً للنبي صلى الله عليه وسلم ، وإقراراً بحرمة إبراهيم عليه السلام وتعظيمه ، وإدراكاً لمعنى تلك الأبوة الشرعية .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-02-28, 02:44
السؤال :

إنني طالب في كلية " الطب " ، وقد أُخبرت بأن القمر ومراحله يحدد خصوبة المرأة ، فما رأيكم ؟ .

الجواب :

الحمد لله

من يطلع على موروثات الأمم السابقة يجد مِن بينها مَن يعتقد في القمر تأثيراً بالغاً ، وخاصة إن كان مكتملاً ، وذلك التأثير في سلوك العنف ، والإجرام ، والتسبب في نوبات الصرع ، وتأثيره في خصوبة المرأة ، وغيرها .

ومن يطلع على بعض البحوث المعاصرة يجد تأييداً لتلك الموروثات من قبَل بعض الأطباء والباحثين ، ويؤيدون ذلك في أبحاثهم ، حتى غدا ذلك - عند كثيرين - عقيدة لا تتزحزح ، وقناعة لا يُشك فيها .

وقد تتبع الدكتور حسن محمد صندقجي حفظه الله "استشاري أمراض الباطنية والقلب في مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض" تلك الدراسات المثبتة لذلك التأثير ، ونقل أسماء القائلين بها ، ومراكزهم العلمية ، ثم ذكر الدراسات التي ترد على تلك السابقة ، والتي تُبين خطأها ، وعوارها ، وأيَّدها ، وبيَّن أنها هي الصواب .

*عبدالرحمن*
2018-02-28, 02:45
قال الدكتور حسن محمد صندقجي – وفقه الله - :

وكان الدكتور " إيفان كيلي " الباحث النفسي بجامعة " ساسكاتشوان " في " ساسكاتون " قد تعمق في بحث موضوع القمر وتأثيراته على حياة الناس ، ونشر أكثر من 15 بحثاً طبيّاً نفسيّاً عن هذا الموضوع ، وراجع أكثر من 200 دراسة علمية طبيَّة عن علاقة القمر بحياة الناس النفسيَّة ، والصحيَّة ، وعبَّر عن رأيه الصريح في الأمر برمته قائلاً : " رأيي الشخصي هو أن الادِّعاء بوجود تأثيرات لاكتمال القمر بهيئة البدر لم يثبت علميّاً ، والدراسات التي تم إجراؤها لم تكن نتائجها متوافقة ، ومنضبطة ، ولكل دراسة إيجابية في نتائجها : هناك دراسة أخرى سلبيَّة النتائج ، تُقابلها ، وتُلغيها " .

... .

وتساءل الدكتور " إيريك تشدلر " ، الباحث النفسي بجامعة " واشنطن " في " سياتل " بالولايات المتحدة بالقول : " هل من الممكن أننا – كثقافة - نُحب الفكرة القائلة بوجود قوة غامضة مُؤثرة للقمر على الأحداث في حياتنا ؟! وأننا بالتالي ندعم تلك الخرافة إلى الأمام ، وقُدماً ، لأننا نُريد إثبات ذلك ، بأي شكل ؟! " .

وأضاف : " حينما يحصل أمر غير معتاد ، ويكون القمر آنذاك بَدْراً : فإن الناس عادةً ما يُلاحظون ظهور القمر بهيئته المكتملة ، ويلومونه في التسبب بحصول تلك الأمور .

وعلق الدكتور " سكوت براندهورست " الباحث النفسي في " روبرت ميوري كلينك " التابع لمؤسسة " فورست " بالولايات المتحدة على الموضوع بالقول : " إنها واحدة من الخرافات myths التي استمرت بالحضور بقوة عبر الأجيال المتعاقبة ، ونحن – كمجتمع - لا نزال نستخدم اكتمال القمر لتعليل سلوكيات الناس " .

وفي عدد شتاء عام 1986 من مجلة البحث عن حقائق الشكوك Skeptical Inquirer ، صدر تقرير " الهيئة العلمية للتحقيق في مزاعم الأمور الخارقة للعادة " CSICO ، الذي تفحص بالتحليل نتائج العديد من الدراسات العلمية التي تناولت بالبحث علاقة مراحل ظهور القمر lunar phases بالتصرفات غير الطبيعية ، وأعطى هذا التقرير رأيه في الأسباب التي لا تزال تجعل الكثيرين يستمرون في الاعتقاد بتأثيرات مراحل القمر ! .

... .

ووفق ما قاله التقرير صراحة : " وفي 23 دراسة تم فحص نتائجها : تبيَّن أن في نصفها تقريباً - وعلى أقل تقدير - خطأ ، أو خطأين ، في طريقة البحث العلمي ، وبتصحيح تلك الأخطاء المنهجية في البحث ، وبالعودة إلى النتائج الأصلية لتلك الدراسات : فإننا لم نجد أن هناك علاقة ثابتة ومتوافقة بين مراحل القمر وبين تلك التصرفات غير الطبيعية من الناس ، والتي تُوصف عادة بأنها نتيجة لتأثيرات القمر عليهم " .

وقال العلماء في تقريرهم : " إن كانت البراهين العلمية تقول لنا بأنه لا تُوجد تلك التأثيرات المزعومة للقمر : فلماذا تستمر فرضية " القمر المكتمل " بين الناس ؟ " .

وأجابوا : " بأن هناك ثلاث عوامل تؤدي إلى استمرار ذلك المعتقد ، وهي : انحدار مستوى التقارير الإعلامية ، وضحالة المعرفة بعلم الفيزياء الطبيعية ، والانحياز ، والميل لدى بعض المتخصصين في علم النفس " .

... .

وكان الباحثون من مركز علوم الصحة بجامعة " جنوب فلوريدا " قد ذكروا في عام 2004 ، ضمن مراجعاتهم العلمية لعلاقة اكتمال البدر بالأمراض العضوية : أن هناك العديد من الدراسات الطبية التي حاولت فهم العلاقة بين أطوار ظهور القمر وبين الإصابات بنوبات الجلطات القلبية ، ومعدل الولادات ، ومحاولات الإقدام على الانتحار ، وارتفاع الحاجة للدخول إلى المستشفيات نتيجة تهيج حالة المرضى النفسيين ، ونوبات الصرع التشنجي ، وأكدوا على أن نتائج تلك الدراسات : لم تجد علاقة تُذكر بين مراحل ظهور القمر ، وبين حصول تلك الحالات المرضية . انتهى .

جريدة " الشرق الأوسط " ، الأحـد 11 شـوال 1429 هـ ، 12 اكتوبر 2008 ، العدد 10911 .

وقد نصَّ الدكتور حسن محمد صندقجي – وفقه الله - على ما ورد في السؤال من تأثير القمر على خصوبة المرأة ، فقال :

لا علاقة بين القمر ومفاجآت الحمل والولادة

هناك مَن يعتقد بأن ثمة علاقة بين وقت حصول تلقيح البويضة الأنثوية بالحيوان المنوي الذكري بالنسبة لدورة القمر الشهرية وبين جنس المولود ، وكذلك بين وقت الولادة وبين مراحل دورة القمر الشهرية ، وغير ذلك من الأمور المتعلقة بالحمل ، والولادة ، وعلى سبيل المثال ، ذكر " كيرتس جاكسون " - مدير المستشفى البروتستانتي لجنوبي " كاليفورنيا " - بأن احتمالات الحمل ترتفع حينما تتلاقى البويضة مع الحيوان المنوي في أيام أوقات ظهور القمر ، مقارنة بأيام أوقات المحاق وتضاؤل حجم قرص القمر ، وتوصل إلى هذه الملاحظة بعد متابعته أكثر من أحد عشر ألف حالة حملٍ حصلت خلال بحر ست سنوات .

والأكثر غرابة من هذا :

ما لاحظه الباحثون الألمان بعد متابعة أكثر من 33 ألف حالة ولادة ، حيث توصل الدكتور " بيوهلر " إلى أن احتمالات الحمل بمولود ذكر ترتفع في أيام ظهور القمر في حجم مكتمل .

والواقع :

أن الدراسات الأحدث ، والأدق ، لمجموعات من الباحثين الطبيِّين ، لاحظتْ أن لا علاقة بين الأمْرين ، وعلى سبيل المثال : أشارت دراسة الباحثين من " كارولينا الشمالية " ، والمنشورة ضمن عدد مايو 2005 من المجلة الأميركية لطب النساء والتوليد : أن نتائج المراجعة العلمية لحالات أكثر من 500 ألف مولود لا تدل البتة أن هناك صلة بين وقت الولادة من جهة وبين مراحل دورة القمر الشهرية ، وفق ما قالته الدكتورة شيللي غالفن ، الباحثة المشاركة في الدراسة . انتهى .

جريدة " الشرق الأوسط " ، الأحـد 11 شـوال 1429 هـ ، 12 اكتوبر 2008 ، العدد 10911 .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-02-28, 02:46
السؤال :

دين إبراهيم عليه السلام هو الحنيفية.. ماذا تعني الحنيفية ؟

وهل يوجد أحد على دين إبراهيم إلى الآن ؟

الجواب:

الحمد لله

الحنيفية مذكورة في آيات عديدة في القرآن الكريم ، يصف الله سبحانه وتعالى بها نبيه إبراهيم عليه السلام ، ومن يقرآ الآيات يستطيع أن يعرف معنى الحنيفية الواردة فيها ، ونحن نسوقها في جوابنا هنا كي نشحذ ذهن القارئ لفهمها من سياقها :

يقول الله تعالى :

( وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) البقرة/135.

وقال سبحانه :

( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ . هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ . مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ . إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ) آل عمران/65-68.

وقال عز وجل :

( قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) آل عمران/95.

وقال تعالى :

( وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا) النساء/125.

ويقول جل شأنه :

( فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ . إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) الأنعام/78-79.

ومنها أيضا قوله تعالى :

( قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ . قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) الأنعام/161-163.

وقوله تعالى :

( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ . شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ . وَآَتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ . ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) النحل/121-123.

فمن تأمل في الآيات السابقات يدرك أن الحنيفية التي كان عليها سيدنا إبراهيم عليه السلام هي دين التوحيد والاستسلام لله عز وجل ، ونبذ الشرك والكفر وكل ما يعبد من دون الله ، وهذا هو دين الأنبياء جميعهم ، واعتقاد الرسل كلهم ، لم يختلفوا فيما بينهم إلا في الشرائع والأحكام ، أما الاعتقاد والإيمان بالله ، فقد كانوا كلهم على التوحيد .

*عبدالرحمن*
2018-02-28, 02:47
يقول القرطبي رحمه الله :

" ( حَنِيفاً ) مائلاً عن الأديان المكروهة إلى الحق دين إبراهيم ؛ وهو في موضع نصب على الحال ؛ قاله الزجاج .

أي : بل نتبع ملّة إبراهيم في هذه الحالة .

وسُمِّيَ إبراهيم حنيفاً لأنه حَنِف إلى دين الله ، وهو الإسلام .

والحَنَف : المَيْل ؛ ومنه رِجْلٌ حَنْفاء ، ورَجُل أَحنف ، وهو الذي تميل قدماه كل واحدة منهما إلى أختها بأصابعها . قالت أمّ الأَحْنَف :

واللَّهِ لولا حَنَفٌ بِرجْلِه ... ما كان في فِتيانكم مِن مِثلِه

وقال الشاعر :

إذا حوّل الظّل العشيّ رأيتَه ... حَنِيفاً وفي قَرْن الضحى يَتنصّرُ

أي : الحِرْباء تستقبل القِبْلة بالعشيّ ، والمَشْرِقَ بالغداة ، وهو قِبلة النصارى .

وقال قوم : الحَنَف : الاستقامة ؛ فسُمّيَ دين إبراهيم حنيفاً لاستقامته " انتهى.

" الجامع لأحكام القرآن " (1/358).

ويقول العلامة السعدي رحمه الله :

" أي : مقبلا على الله ، معرضا عما سواه ، قائما بالتوحيد ، تاركا للشرك والتنديد ، فهذا الذي في اتباعه الهداية ، وفي الإعراض عن ملته الكفر والغواية " انتهى.

" تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " (ص/67)

ويقول العلامة ابن عاشور رحمه الله :

" المراد الميل في المذهب ، أن الذي به حنف يميل في مشيه عن الطريق المعتاد ، وإنما كان هذا مدحا للملة لأن الناس يوم ظهور ملة إبراهيم كانوا في ضلالة عمياء ، فجاء دين إبراهيم مائلا عنهم ، فلقب بالحنيف ، ثم صار الحنيف لقب مدح بالغلبة . وقد دلت هذه الآية على أن الدين الإسلامي من إسلام إبراهيم " انتهى.

" التحرير والتنوير " (1/717)

ويقول أيضا رحمه الله :

" قوله : ( وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) أفاد الاستدراك بعد نفي الضد حصرا لحال إبراهيم فيما يوافق أصول الإسلام ، ولذلك بيَّنَ ( حنيفا ) بقوله : ( مسلما ) لأنهم يعرفون معنى الحنيفية ، ولا يؤمنون بالإسلام ، فأعلمهم أن الإسلام هو الحنيفية ، وقال : (وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) فنفي عن إبراهيم موافقة اليهودية ، وموافقة النصرانية ، وموافقة المشركين ، وإنه كان مسلما ، فثبتت موافقة الإسلام ، وقد تقدم في سورة البقرة في مواضع أن إبراهيم سأل أن يكون مسلما ، وأن الله أمره أن يكون مسلما ، وأنه كان حنيفا ، وأن الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو الذي جاء به إبراهيم ، ( وَقَالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إبراهيم حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ )، وكل ذلك لا يُبقِي شكا في أن الإسلام هو إسلام إبراهيم .

فقد جاء إبراهيم بالتوحيد ، وأعلنه إعلانا لم يترك للشرك مسلكا إلى نفوس الغافلين ، وأقام هيكلا وهو الكعبة ، أول بيت وضع الناس ، وفرض حجه على الناس : ارتباطا بمغزاه ، وأعلن تمام العبودية لله تعالى بقوله : ( وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً) الأنعام/80، وأخلص القول والعمل لله تعالى فقال : ( وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً ) الأنعام/81، وتطَلَّب الهدى بقوله : ( رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ ) البقرة/128، ( وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ) البقرة/128، وكسر الأصنام بيده (فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً) الأنبياء/58، وأظهر الانقطاع لله بقوله : ( الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ ) الشعراء/78- 81، وتصدى للاحتجاج على الوحدانية وصفات الله قال إبراهيم : ( فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ ) البقرة/258، ( وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إبراهيم عَلَى قَوْمِه ) الأنعام/83،ِ ( وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ ) الأنعام/80 " انتهى.

" التحرير والتنوير " (3/122-123)

*عبدالرحمن*
2018-02-28, 02:48
ومما يؤكد أن معنى الحنيفية هو الإسلام آيات أخرى يأمر الله تعالى فيها جميع المسلمين بأن يوحدوه عز وجل ، ويفردوه بالعبادة ، ويكونوا حنفاء له مائلين عن الشرك إلى التوحيد ، وذلك في قوله جل وعلا :

( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ . وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ . وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ ) يونس/104-106.

وقوله سبحانه :

( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) الروم/30.

ولهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه إنما جاء بالملة الحنيفية :

عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنِّي أُرْسِلْتُ بِحَنِيفِيَّةٍ سَمْحَةٍ ) .

رواه أحمد في المسند (24334) ، وصححه الألباني في الصحيحة (1829) ، وحسنه محققو المسند .

وأخبر أن ذلك أحب الطرق إلى الله عز وجل :

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ، قَالَ : ( قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الْأَدْيَانِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ قَالَ : الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ . ) . رواه أحمد (2108) وصححه الألباني في الصحيحة (881) .

وبوب الإمام البخاري في كتاب الإيمان من صحيحه :

( بَاب الدِّينُ يُسْرٌ وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ ) .

وقد بقيت بقايا من دين إبراهيم عليه ، وصلت إلى العرب قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، وكانت قلة من العرب يدينون ـ قبل البعثة ـ بالحنيفية ، دين إبراهيم عليه السلام .

عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ يَسْأَلُ عَنْ الدِّينِ وَيَتْبَعُهُ ، فَلَقِيَ عَالِمًا مِنْ الْيَهُودِ فَسَأَلَهُ عَنْ دِينِهِمْ ، فَقَالَ : إِنِّي لَعَلِّي أَنْ أَدِينَ دِينَكُمْ ، فَأَخْبِرْنِي ؟!

فَقَالَ : لَا تَكُونُ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ !!

قَالَ زَيْدٌ : مَا أَفِرُّ إِلَّا مِنْ غَضَبِ اللَّهِ ، وَلَا أَحْمِلُ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ شَيْئًا أَبَدًا ، وَأَنَّى أَسْتَطِيعُهُ !! فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ ؟

قَالَ : مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا .

قَالَ زَيْدٌ : وَمَا الْحَنِيفُ ؟

قَالَ : دِينُ إِبْرَاهِيمَ ؛ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا ، وَلَا يَعْبُدُ إِلَّا اللَّهَ .

فَخَرَجَ زَيْدٌ ، فَلَقِيَ عَالِمًا مِنْ النَّصَارَى ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ فَقَالَ : لَنْ تَكُونَ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ !!

قَالَ : مَا أَفِرُّ إِلَّا مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ ، وَلَا أَحْمِلُ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ ، وَلَا مِنْ غَضَبِهِ شَيْئًا أَبَدًا ، وَأَنَّى أَسْتَطِيعُ ؟! فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ ؟

قَالَ : مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا .

قَالَ : وَمَا الْحَنِيفُ ؟

قَالَ : دِينُ إِبْرَاهِيمَ ؛ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا ، وَلَا يَعْبُدُ إِلَّا اللَّهَ .

فَلَمَّا رَأَى زَيْدٌ قَوْلَهُمْ فِي إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام خَرَجَ ، فَلَمَّا بَرَزَ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنِّي عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ !!

[ قال البخاري : ] وَقَالَ اللَّيْثُ كَتَبَ إِلَيَّ هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ :

رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَائِمًا مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ يَقُولُ : يَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ ، وَاللَّهِ مَا مِنْكُمْ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرِي .

وَكَانَ يُحْيِي الْمَوْءُودَةَ ، يَقُولُ لِلرَّجُلِ : إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ ابْنَتَهُ لَا تَقْتُلْهَا ، أَنَا أَكْفِيكَهَا مَئُونَتَهَا ؛ فَيَأْخُذُهَا ، فَإِذَا تَرَعْرَعَتْ قَالَ لِأَبِيهَا : إِنْ شِئْتَ دَفَعْتُهَا إِلَيْكَ وَإِنْ شِئْتَ كَفَيْتُكَ مَئُونَتَهَا .

رواه البخاري (3828) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-02-28, 02:49
السؤال:

كيف نجمع بين حديث : ( أخرجوا من كان في قلبه مثقال دينار من الإيمان )... قال : ( فيقبض قبضة من النار - أو قال قبضتين - ناسا لم يعملوا لله خيرا قط.. ) وبين خلود الكافر في النار ؟

الجواب:

الحمد لله

لا تعارض بين إخراج أناس من النار جاء في وصفهم أنهم ( لم يعملوا خيرا قط )، وبين الآيات الكثيرة التي تقرر خلود الكفار في نار جهنم ، وذلك لأن هؤلاء الموصوفين في الحديث ليسوا من الكفار ، بل هم من المؤمنين الموحدين ، ولكنهم فرطوا في جنب الله ، وأسرفوا على أنفسهم حتى تركوا أكثر العبادات والطاعات ، ولم يبق لهم ما يدخلهم الجنة إلا الشفاعة.

والحديث يرويه الإمام مسلم في صحيحه (رقم/183) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( حَتَّى إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ النَّارِ ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ بِأَشَدَّ مُنَاشَدَةً لِلَّهِ فِي اسْتِقْصَاءِ الْحَقِّ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لِلَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِإِخْوَانِهِمْ الَّذِينَ فِي النَّارِ ، يَقُولُونَ : رَبَّنَا كَانُوا يَصُومُونَ مَعَنَا ، وَيُصَلُّونَ ، وَيَحُجُّونَ . فَيُقَالُ لَهُمْ : أَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ . فَتُحَرَّمُ صُوَرُهُمْ عَلَى النَّارِ ، فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا قَدْ أَخَذَتْ النَّارُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ ، وَإِلَى رُكْبَتَيْهِ ، ثُمَّ يَقُولُونَ : رَبَّنَا مَا بَقِيَ فِيهَا أَحَدٌ مِمَّنْ أَمَرْتَنَا بِهِ .

فَيَقُولُ : ارْجِعُوا ، فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَارٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ .

فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ : رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا أَحَدًا مِمَّنْ أَمَرْتَنَا .

ثُمَّ يَقُولُ : ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ نِصْفِ دِينَارٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ .

فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ : رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا مِمَّنْ أَمَرْتَنَا أَحَدًا .

ثُمَّ يَقُولُ : ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ .

فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ : رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا خَيْرًا .

وَكَانَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ يَقُولُ : إِنْ لَمْ تُصَدِّقُونِي بِهَذَا الْحَدِيثِ فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا )

فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : شَفَعَتْ الْمَلَائِكَةُ ، وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ ، وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنْ النَّارِ فَيُخْرِجُ مِنْهَا قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ ، قَدْ عَادُوا حُمَمًا ، فَيُلْقِيهِمْ فِي نَهَرٍ فِي أَفْوَاهِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ نَهَرُ الْحَيَاةِ ، فَيَخْرُجُونَ كَمَا تَخْرُجُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ ، فَيَخْرُجُونَ كَاللُّؤْلُؤِ فِي رِقَابِهِمْ الْخَوَاتِمُ يَعْرِفُهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ ، هَؤُلَاءِ عُتَقَاءُ اللَّهِ الَّذِينَ أَدْخَلَهُمْ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ وَلَا خَيْرٍ قَدَّمُوهُ )

والحديث يرويه أيضا الإمام أحمد في " المسند " (18/394) من طريق أخرى .

وقد بين العلماء أن هذه الشفاعة هي لمن قال لا إله إلا الله ، وجاء بأصل التوحيد ، ولكنه لم يعمل خيرا قط .

*عبدالرحمن*
2018-02-28, 02:49
يقول ابن حجر رحمه الله :

" وشفاعة أخرى هي شفاعته فيمن قال لا إله إلا الله ولم يعمل خيرا قط " انتهى.

" فتح الباري " (11/428)

ويقول الحافظ ابن عبد البر رحمه الله – في شرح رواية أبي هريرة لحديث الرجل الذي أوصى بنيه أن يحرقوه ويذروا نصفه في البر ونصفه في البحر خوفا من عقاب الله ، حيث جاء فيها : ( قال رجل لم يعمل خيرا قط إلا التوحيد ) – قال ابن عبد البر رحمه الله :

" وهذه اللفظة – يعني ( إلا التوحيد ) - إن صحت رفعت الإشكال في إيمان هذا الرجل ، وإن لم تصح من جهة النقل فهي صحيحة من جهة المعنى ، والأصول كلها تعضدها ، والنظر يوجبها ؛ لأنه محال غير جائز أن يغفر للذين يموتون وهم كفار ، لأن الله عز وجل قد أخبر أنه لا يغفر أن يشرك به لمن مات كافرا ، وهذا ما لا مدفع له ، ولا خلاف فيه بين أهل القبلة ، وفي هذا الأصل ما يدلك على أن قوله في هذا الحديث : ( لم يعمل حسنة قط )

أو ( لم يعمل خيرا قط لم يعذبه ) إلا ما عدا التوحيد من الحسنات والخير ، وهذا سائغ في لسان العرب جائز في لغتها ، أن يؤتى بلفظ الكل والمراد البعض ، والدليل على أن الرجل كان مؤمنا قوله حين قيل له : لم فعلت هذا ؟ فقال : من خشيتك يا رب )

والخشية لا تكون إلا لمؤمن مصدق ، بل ما تكاد تكون إلا لمؤمن عالم ، كما قال الله عز وجل: ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ) قالوا : كل من خاف الله فقد آمن به وعرفه ومستحيل أن يخافه من لا يؤمن به . وهذا واضح لمن فهم وألهم رشده .

ومثل هذا الحديث في المعنى ما حدثناه عبد الوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا أبو صالح حدثني الليث عن ابن العجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن رجلا لم يعمل خيرا قط وكان يداين الناس فيقول لرسوله : خذ ما يسر واترك ما عسر ، وتجاوز لعل الله يتجاوز عنا . فلما هلك قال الله : هل عملت خيرا قط ؟ قال لا ، إلا أنه كان لي غلام فكنت أداين الناس ، فإذا بعثته يتقاضى قلت له خذ ما يسر واترك ما عسر ، وتجاوز لعل الله يتجاوز عنا ، قال الله قد تجاوزت عنك )

قال أبو عمر: فقول هذا الرجل الذي لم يعمل خيرا قط غير تجاوزه عن غرمائه ( لعل الله يتجاوز عنا ) : إيمان وإقرار بالرب ، ومجازاته ، وكذلك قول الآخر : ( خشيتك يا رب ) إيمان بالله واعتراف له بالربوبية والله أعلم " انتهى.

" التمهيد " (18/40-41)

ويقول الإمام ابن خزيمة رحمه الله – وقد أورد هذا الحديث تحت باب : " ذكر الدليل أن جميع الأخبار التي تقدم ذكري لها إلى هذا الموضع في شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في إخراج أهل التوحيد من النار إنما هي ألفاظ عامة مرادها خاص " :

" هذه اللفظة : ( لم يعملوا خيرا قط ) من الجنس الذي يقول العرب ، ينفي الاسم عن الشيء لنقصه عن الكمال والتمام ، فمعنى هذه اللفظة على هذا الأصل : لم يعملوا خيرا قط على التمام والكمال ، لا على ما أوجب عليه وأمر به ، وقد بينت هذا المعنى في مواضع من كتبي " انتهى.

" التوحيد " (2/732)

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-02-28, 02:50
السؤال :

ما الفرق بين دعاء المسألة ودعاء العبادة ؟

الجواب :

الحمد لله

تستعمل كلمة "الدعاء" للدلالة على معنيين اثنين :

1- دعاء المسألة ، وهو طلب ما ينفع ، أو طلب دفع ما يضر ، بأن يسأل الله تعالى ما ينفعه في الدنيا والآخرة ، ودفع ما يضره في الدنيا والآخرة .

كالدعاء بالمغفرة والرحمة ، والهداية والتوفيق ، والفوز بالجنة ، والنجاة من النار، وأن يؤتيه الله حسنة في الدنيا ، وحسنة في الآخرة ... إلخ .

2- دعاء العبادة ، والمراد به أن يكون الإنسان عابداً لله تعالى ، بأي نوع من أنواع العبادات ، القلبية أو البدنية أو المالية ، كالخوف من الله ومحبة رجائه والتوكل عليه ، والصلاة والصيام والحج ، وقراءة القرآن والتسبيح والذكر ، والزكاة والصدقة والجهاد في سبيل الله ، والدعوة إلى الله ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ..... إلخ .

فكل قائم بشيء من هذه العبادات فهو داعٍ لله تعالى .

انظر : "القول المفيد" (1/264) ، "تصحيح الدعاء" (ص 15- 21) .

والغالب أن كلمة (الدعاء) الواردة في آيات القرآن الكريم يراد بها المعنيان معاً ؛ لأنهما متلازمان ، فكل سائل يسأل الله بلسانه فهو عابد له ، فإن الدعاء عبادة ، وكل عابد يصلي لله أو يصوم أو يحج فهو يفعل ذلك يرد من الله تعالى الثواب والفوز بالجنة والنجاة من العقاب .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :

"كل ما ورد في القرآن من الأمر بالدعاء ، والنهي عن دعاء غير الله ، والثناء على الداعين ، يتناول دعاء المسألة ، ودعاء العبادة" انتهى .

"القواعد الحسان" (رقم/51) .

وقد يكون أحد نوعي الدعاء أظهر قصدا من النوع الآخر في بعض الآيات .

*عبدالرحمن*
2018-02-28, 02:51
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - في قول الله عزّ وجلّ : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) الأعراف/55-56- :

" هاتان الآيتان مشتملتان على آداب نوعَيِ الدُّعاء : دعاء العبادة ، ودعاء المسألة :

فإنّ الدُّعاء في القرآن يراد به هذا تارةً وهذا تارةً ، ويراد به مجموعهما ؛ وهما متلازمان ؛ فإنّ دعاء المسألة : هو طلب ما ينفع الدّاعي ، وطلب كشف ما يضره ودفعِه ،... فهو يدعو للنفع والضرِّ دعاءَ المسألة ، ويدعو خوفاً ورجاءً دعاءَ العبادة ؛ فعُلم أنَّ النَّوعين متلازمان ؛ فكل دعاءِ عبادةٍ مستلزمٌ لدعاءِ المسألة ، وكل دعاءِ مسألةٍ متضمنٌ لدعاءِ العبادة .

وعلى هذا فقوله : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فإنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إِذَا دَعَانِ) يتناول نوعي الدُّعاء ... وبكل منهما فُسِّرت الآية . قيل : أُعطيه إذا سألني ، وقيل : أُثيبه إذا عبدني ، والقولان متلازمان .

وليس هذا من استعمال اللفظ المشترك في معنييه كليهما ، أو استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه ؛ بل هذا استعماله في حقيقته المتضمنة للأمرين جميعاً .

فتأمَّله ؛ فإنّه موضوعٌ عظيمُ النّفع ، وقلَّ ما يُفطن له ، وأكثر آيات القرآن دالَّةٌ على معنيين فصاعداً ، فهي من هذا القبيل .

ومن ذلك قوله تعالى : (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ) الفرقان/77 أي : دعاؤكم إياه ، وقيل : دعاؤه إياكم إلى عبادته ، فيكون المصدر مضافاً إلى المفعول ، ومحل الأول مضافاً إلى الفاعل ، وهو الأرجح من القولين .

وعلى هذا ؛ فالمراد به نوعا الدُّعاء ؛ وهو في دعاء العبادة أَظهر ؛ أَي : ما يعبأُ بكم لولا أَنّكم تَرْجُونَه ، وعبادته تستلزم مسأَلَته ؛ فالنّوعان داخلان فيه .

ومن ذلك قوله تعالى : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) غافر/60 ، فالدُّعاء يتضمن النّوعين ، وهو في دعاء العبادة أظهر ؛ ولهذا أعقبه (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي) الآية ، ويفسَّر الدُّعاء في الآية بهذا وهذا .

وروى الترمذي عن النّعمان بن بشير رضي الله عنه قال : سمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول على المنبر : إنَّ الدُّعاء هو العبادة ، ثمّ قرأ قوله تعالى : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) الآية ، قال الترمذي : حديث حسنٌ صحيحٌ .

وأمَّا قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ) الآية ، الحج/73 ، وقوله : (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا) الآية ، النّساء/117 ، وقوله : (وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ) الآية ، فصلت/48 ، وكل موضعٍ ذكر فيه دعاءُ المشركين لأوثانهم ، فالمراد به دعاءُ العبادة المتضمن دعاءَ المسألة ، فهو في دعاء العبادة أظهر ...

وقوله تعالى : (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ) غافر/65 ، هو دعاء العبادة ، والمعنى : اعبدوه وحده وأخلصوا عبادته لا تعبدوا معه غيره .

وأمَّا قول إبراهيم عليه السّلام : (إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاء) إبراهيم/39 ، فالمراد بالسّمع ههنا ااء الطّلب ، وسَمْعُ الربِّ تعالى له إثابته على الثناء ، وإجابته للطلب ؛ فهو سميعُ هذا وهذا .

وأمَّا قولُ زكريا عليه السّلام : ( ولم أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ) مريم/4 ، فقد قيل : إنَّه دعاءُ لسّمع الخاص ، وهو سمعُ الإجابة والقبول ، لا السّمع العام ؛ لأنَّه سميعٌ لكل مسموعٍ ، وإذا كان كذلك ؛ فالدُّعاء : دعاء العبادة ودعالمسألة ، والمعنى : أنَّك عودتَّني إجابتَك ، ولم تشقني بالرد والحرمان ، فهو توسلٌ إليه سبحانه وتعالى بما سلف من إجابته وإحسانه ، وهذا ظاهرٌ ههنا .

وأمَّا قوله تعالى : (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ) الآية ، الإسراء/110 ؛ فهذا الدُّعاء : المشهور أنَّه دعاءُ المسألة ، وهو سببُ النّزول ، قالوا : كان النّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يدعو ربه فيقول مرَّةً : يا الله . ومرَّةً : يا رحمن . فظنَّ المشركون أنَّه يدعو إلهين ، فأنزل اللهُ هذه الآيةَ .

وأمَّا قوله : ( إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ) الطّور/28 ، فهذا دعاءُ العبادة المتضمن للسؤال رغبةً ورهبةً ، والمعنى: إنَّا كنَّا نخلص له العبادة ؛ وبهذا استحقُّوا أنْ وقاهم الله عذابَ السّموم ، لا بمجرد السّؤال المشترك بين النّاجي وغيره : فإنّه سبحانه يسأله من في السّموات والأرض ، (لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا) الكهف/14 ، أي : لن نعبد غيره ، وكذا قوله : (أَتَدْعُونَ بَعْلاً) الآية ، الصّافات/125 .

وأمَّا قوله : (وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ) القصص/64 ، فهذا دعاءُ المسألة ، يبكتهم الله ويخزيهم يوم القيامة بآرائهم ؛ أنَّ شركاءَهم لا يستجيبون لهم دعوتَهم ، وليس المراد : اعبدوهم ، وهو نظير قوله تعالى : (وَيَوْمَ يَقولُ نَادُوا شُرَكائِي الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فلمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ) الكهف/52 " انتهى .

"مجموع فتاوى ابن تيمية" (15/10-14) باختصار . وانظر أمثلة أخرى في "بدائع الفوائد" لابن القيم (3/513-527) .

والله أعلم .

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-03-01, 14:04
اخوة الاسلام

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

السؤال :

ما منزلة الحكم بما أنزل الله في الإسلام ؟

وهل يكون الحاكم بغير ما أنزل الله يكون كافراً ؟

الجواب :

الحمد لله

"إن الحكم بما أنزل الله تعالى من توحيد الربوبية ؛ لأنه تنفيذ لحكم الله الذي هو مقتضى ربوبيته وكمال ملكه وتصرفه ، لهذا سمى الله تعالى المتبوعين في غير ما أنزل الله تعالى أرباباً لمتبعيهم فقال سبحانه : (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) التوبة/31 ، فسمى الله تعالى المتبوعين أرباباً حيث جُعلوا مشرِّعين مع الله تعالى ، وسمى المتبعين عباداً حيث إنهم ذلوا لهم وأطاعوهم في مخالفة حكم الله سبحانه وتعالى .

وقد قال عدي بن حاتم لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إنهم لم يعبدوهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (بلى ، إنهم حرموا عليهم الحلال ، وأحلوا لهم الحرام ، فاتبعوهم ، فذلك عبادتهم إياهم) .
إذا فهمت ذلك فاعلم أن من لم يحكم بما أنزل الله وأراد أن يكون التحاكم إلى غير الله ورسوله وردت فيه آيات بنفي الإيمان وآيات بكفره وظلمه وفسقه .

أما القسم الأول [يعني الآيات التي وردت بنفي الإيمان عنه] :

فمثل قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا * فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا * وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا * فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) النساء/60- 65 .

فوصف الله تعالى هؤلاء المدعين للإيمان وهم منافقون بصفات :

الأولى :

أنهم يريدون أن يكون التحاكم إلى الطاغوت ؛ وهو كل ما خالف حكم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ؛ لأن من خالف حكم الله ورسوله فهو طغيان واعتداء على حُكْمِ مَنْ له الحكم وإليه يرجع الأمر كله ، وهو الله ، قال الله تعالى : (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) الأعراف/54 .

الثانية :

أنهم إذا دُعُوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول صدوا وأعرضوا .

الثالثة :

أنهم إذا أصيبوا بمصيبة بما قدمت أيديهم ، ومنها أن يعثر على صنيعهم جاءوا يحلفون أنهم ما أرادوا إلا الإحسان والتوفيق ، كحال من يرفض اليوم أحكام الإسلام ويحكم بالقوانين المخالفة لها زعماً منه أن ذلك هو الإحسان الموافق لأحوال العصر .

*عبدالرحمن*
2018-03-01, 14:05
ثم حذر سبحانه هؤلاء المدعين للإيمان المتصفين بتلك الصفات بأنه سبحانه يعلم ما في قلوبهم وما يكنون من أمور تخالف ما يقولون ، وأمر نبيه أن يعظهم ويقول لهم في أنفسهم قولاً بليغاً . ثم بين الحكمة من إرسال الرسول أن يكون هو المطاع المتبوع لا غيره من الناس مهما قويت أفكارهم واتسعت مداركهم . ثم أقسم تعالى بربوبيتة لرسوله التي هي أخص أنواع الربوبية والتي تتضمن الإشارة إلى صحة رسالته صلى الله عليه وسلم أقسم بها مؤكداً أنه لا يصلح الإيمان إلا بثلاثة أمور :

الأول :

أن يكون التحاكم في كل نزاع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .

الثاني :

أن تنشرح الصدور بحكمه ، ولا يكون في النفوس حرج وضيق منه .

الثالث :

أن يحصل التسليم التام بقبول ما حكم به وتنفيذه بدون توان أو انحراف .

وأما القسم الثاني [يعني الآيات التي وردت بكفره وظلمه وفسقه] :

فمثل قوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ) المائدة/44 ، (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ) المائدة/45 ، (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ) المائدة/47 .

وهل هذه الأوصاف الثلاثة تتنزل على موصوف واحد ؟ بمعنى أن كل من لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر ظالم فاسق ؟ لأن الله تعالى وصف الكافرين بالظلم والفسق ، فقال تعالى : (وَالْكَافِرُونَ هُمْ الظَّالِمُونَ) البقرة/254 ، وقال تعالى : (إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ) التوبة/84 ، فكل كافر ظالم فاسق ، أو هذه الأوصاف تتنزل على موصوفين بحسب الحامل لهم على عدم الحكم بما أنزل الله ؟ هذا هو الأقرب عندي

والله أعلم .

فنقول : من لم يحكم بما أنزل الله استخفافاً به ، أو احتقاراً له ، أو اعتقاداً أن غيره أصلح ، وأنفع للخلق ، فهو كافر كفراً مخرجاً عن الملة ، ومن هؤلاء من يضعون للناس تشريعات تخالف التشريعات الإسلامية لتكون منهاجاً يسير الناس عليه ، فإنهم لم يضعوا تلك التشريعات المخالفة للشريعة الإسلامية إلا وهم يعتقدون أنها أصلح وأنفع للخلق ، إذ من المعلوم بالضرورة العقلية والجبلة الفطرية أن الإنسان لا يعدل عن منهاج إلى منهاج يخالفه إلا وهو يعتقد فَضْلَ ما عَدَلَ إليه ، ونَقَصَ ما عدلَ عنه .

ومن لم يحكم بما أنزل الله وهو لم يستخف به ، ولم يحتقره ، ولم يعتقد أن غيره أصلح منه ، وأنفع للخلق وإنما حكم بغيره تسلطاً على المحكوم انتقاماً منه لنفسه أو نحو ذلك ، فهذا ظالم وليس بكافر ، وتختلف مراتب ظلمه بحسب المحكوم به ووسائل الحكم .

ومن لم يحكم بما أنزل الله لا استخفافاً بحكم الله ولا احتقاراً ولا اعتقاداً أن غيره أصلح وأنفع للخلق وإنما حكم بغيره محاباة للمحكوم له ، أو مراعاة لرشوة أو غيرها من عَرَض الدنيا ، فهذا فاسق وليس بكافر ، وتختلف مراتب فسقه بحسب المحكوم به ووسائل الحكم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فيمن اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله أنهم على وجهين :

أحدهما :

أن يعلموا أنهم يبدلوا دين الله فيتبعونهم على التبديل ، ويعتقدون تحليل ما حرم وتحريم ما أحل الله اتباعاً لرؤسائهم ، مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل . فهذا كفر ، وقد جعله الله ورسوله شركاً .

الثاني :

أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحليل الحرام وتحريم الحلال – كذا العبارة المنقولة عنه – ثابتاً ، لكنهم أطاعوهم في معصية الله كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاصي ، فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب" انتهى .

فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله .

"فتاوى العقيدة" (ص 208- 212) .

*عبدالرحمن*
2018-03-01, 14:06
السؤال :

لماذا تبتعدون عن الحقيقة ، وتنظرون إلى عيسى على أنه رسول بدلا من النظر إليه كابن للرب ، عيسى هو ابن الرب الوحيد ، هذه هي الحقيقة !!.

الجواب :

الحمد لله

شكرا لك أيها السائل أن أتحت لنا فرصة التواصل معا ، لنتحاور حول الحقيقة التي نحتاج أن نعرفها جميعا ، ثم نتبعها مهما خالفت آراءنا السابقة ، واعتقاداتنا القديمة ، فبهذا فقط ، أعني معرفة الحق واتباعه ، نتحرر من خطايانا وذنوبنا ، كما في كتابكم المقدس : { وتعرفون الحق ، والحق يحرركم } [ يوحنا 8/32] ، فهلم إلى وقفة قصيرة ، مع هذه الحقيقة ، كما يعرضها كتابكم المقدس ، رغم كل ما ناله من تحريف وتغيير !!

إن الدعوة التي جاء بها المسيح عليه السلام هي عبادة الله الواحد ، رب المسيح ورب العالمين :

{ هذه هي الحياة الأبدية ؛ لابد أن يعرفوك : أنت الإله الحقيقي وحدك ، ويسوع المسيح الذي أرسلته } [ يوحنا 17/3 ]

{ سأله رئيس قائلا : أيها المعلم الصالح ، ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية ؟ فقال له يسوع : لماذا تدعوني صالحا ؛ ليس أحد صالحا إلا واحد ؛ هو الله !!} [ لوقا 18/18-19 ] .

{ وأصعده إبليس إلى جبل مرتفع ، وأراه في لحظة من الزمن جميع ممالك العالم ، وقال له : أعطيك هذا السلطان كله ، ومجد هذه الممالك ، لأنه من نصيبي ، وأنا أعطيه لمن أشاء !! فإن سجدت لي يكون كله لك . فأجابه يسوع : ابتعد عني يا شيطان ، يقول الكتاب : للرب إلهك تسجد ، وإياه وحده تعبد . } [ لوقا 4/5-8] .

إن توحيد الله الذي لا إله إلا غيره ، أعظم وصية جاء بها المسيح ، وهو أعظم وصايا الأنبياء جميعا :

{ وكان أحد معلمي الشريعة هناك ، فسمعهم يتجادلون ، ورأى أن يسوع أحسن الرد على الصدوقيين ، فدنا منه وسأله : ما هي أول الوصايا كلها ؟

فأجاب يسوع : الوصية الأولى هي : اسمع يا إسرائيل ، الرب إلهنا هو الرب الأحد ؛ فأحب الرب إلهك بكل قلبك ، وكل نفسك ، وكل فكرك ، وكل قدرتك .

والوصية الثانية مثلها ؛ أحب قريبك مثلما تحب نفسك .

وما من وصية أعظم من هاتين الوصيتين .

فقال له معلم الشريعة : أحسنت يا معلم ؛ فأنت على حق في قولك : إن الله واحد ، ولا إله إلا هو ، وأن يحبه الإنسان بكل قدرته ، وأن يحب قريبه بكل قلبه وكل فكره وكل قدرته ، وأن يحب قريبه مثلما يحب نفسه ، أحسن من كل الذبائح والقرابين .

ورأى يسوع أن الرجل أجاب بحكمة ، فقال له : ما أنت بعيد عن ملكوت الله .

وما تجرأ أحد بعد ذلك أن يسأله عن شيء .} [ مرقس 12/28-34] .

ولا تظن أن هاتين الوصيتين لإسرائيل ، أو لشعبه فقط ، بل هي أصل الشريعة وتعاليم جميع الأنبياء ، فالوصيتان نفسهما في إنجيل متى ، وبعبارة قريبة ، ثم قال بعدهما : { على هاتين الوصيتين تقوم الشريعة كلها ، وتعاليم الأنبياء } [ متى 22/39] .

*عبدالرحمن*
2018-03-01, 14:07
فهذا التوحيد حقا هو رسالة كل الأنبياء ؛ قال الله تعالى :

) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) الأنبياء/25

وهو الأصل الذي دعا إليه المسيح ، وحذر من مخالفته ؛ قال الله تعالى :

( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ) المائدة/72

وهذا هو الأصل الذي ينبغي أن نلتقي عليه جميعا ؛ قال الله تعالى : ) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) آل عمران/64

إنها غريبة على النصرانية الحقة تلك المحاولة اليائسة للجمع بين التوحيد الذي جاءت به الأنبياء ، وصرح به الكتاب المقدس لديكم ، وقررته التوراة خصوصا ، وبين ما تؤمنون به من التثليث .

جاء في دائرة المعارف الأمريكية :

( لقد بدأت عقيدة التوحيد – كحركة لاهوتية – بداية مبكرة جدا في التاريخ ، وفي حقيقة الأمر فإنها تسبق عقيدة التثليث بالكثير من عشرات السنين . لقد اشتُقَّت المسيحية من اليهودية ، واليهودية صارمة في عقيدة التوحيد .

إن الطريق الذي سار من أورشليم [ مجمع تلاميذ المسيح الأول ] إلى نيقية [ حيث تقرر مساواة المسيح بالله في الجوهر والأزلية عام 325م ] كان من النادر القول بأنه كان طريقا مستقيما .

إن عقيدة التثليث التي أقرت في القرن الرابع الميلادي لم تعكس بدقة التعليم المسيحي الأول فيما يختص بطبيعة الله ؛ لقد كانت على العكس من ذلك انحرافا عن هذا التعليم ، ولهذا فإنها تطورت ضد التوحيد الخالص ، أو على الأقل يمكن القول بأنها كانت معارضة لما هو ضد التثليث ، كما أن انتصارها لم يكن كاملا . ) [ 27/294 ]

ويمكنك الرجوع إلى بعض آراء من لا يزالون يذهبون إلى التوحيد من المسيحيين ، في المصدر السابق نفسه ، دائرة المعارف [ 27/300-301 ] .

إنها معضلة للعقول ، مستحيلة في الفطر والأذهان ، فلا عجب أنكم لم تفهموها مجرد فهم ، لكن العجب هو الإيمان بما يستحيل فهمه ، إلا أن نغرر أنفسنا بأن ذلك الفهم سيأتي في اليوم الآخر :

( قد فهمنا ذلك على قدر عقولنا ، ونرجو أن نفهمه فهما أكثر جلاء في المستقبل ، حين ينكشف لنا الحجاب عن كل ما في السموات وما في الأرض ، وأما في الوقت الحاضر ففي القدر الذي فهمناه كفاية ) !!

نعم سوفي يتجلى لكم الحق عيانا في المستقبل ، كما تجلى لنا اليوم ، والحمد لله ؛ يوم يجمع الله الرسل فيشهدهم على أممهم ؛ قال الله تعالى :

( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوب ِ(116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إ ِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120) سورة المائدة

والله اعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-01, 14:08
السؤال :

هناك بعض مواقع أحوال الطقس على الإنترنت تعرض أحوال الطقس المتوقعة مابين 5-10 أيام فهل يجوز لي مشاهدتها ؟ أنا سألت هذا السؤال لأنني أخاف أنهم يدعون علم الغيب أو ينجمون وأنه يحرم علي مشاهدتها .

الجواب :

الحمد لله

معرفة أحوال الطقس لا تدخل في التنجيم أو ادعاء علم الغيب ، وإنما تبنى على أمور حسية وتجارب ، ونظر في سنن الله الكونية . وكذلك معرفة أوقات الكسوف والخسوف ، أو توقع هبوب الرياح ، أو نزول الأمطار .

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة : " قد يعرف وقت خسوف القمر وكسوف الشمس عن طريق حساب سير الكواكب ، ويعرف به كذلك كون ذلك كليا أو جزئيا ، ولا غرابة في ذلك ؛ لأنه ليس من الأمور الغيبية بالنسبة لكل أحد ، بل غيبي بالنسبة لمن لا يعرف علم حساب سير الكواكب ، وليس بغيبي بالنسبة لمن يعرف ذلك العلم ، ولا ينافي ذلك كون الكسوف أو الخسوف آية من آيات الله تعالى التي يخوف بها عباده ليرجعوا إلى ربهم ويستقيموا على طاعته "

وجاء فيها أيضاً :

" معرفة الطقس أو توقع هبوب رياح أو عواصف أو توقع نشوء سحاب أو نزول مطر في جهة مبني على معرفة سنن الله الكونية، فقد يحصل ظن لا علم لمن كان لديه خبرة بهذه السنن عن طريق نظريات علمية أو تجارب عادية عامة فيتوقع ذلك ويخبر به عن ظن لا علم فيصيب تارة ويخطئ أخرى " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة".


وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وليس من الكهانة في شيء من يخبر عن أمور تدرك بالحساب ؛ فإن الأمور التي تدرك بالحساب ليست من الكهانة في شيء ، كما لو أخبر عن كسوف الشمس أو خسوف القمر ؛ فهذا ليس من الكهانة لأنه يدرك بالحساب ، وكما لو أخبر أن الشمس تغرب في 20من برج الميزان مثلا في الساعة كذا و كذا ؛ فهذا ليس من علم الغيب ، لأنه من الأمور التي تدرك بالحساب ؛ فكل شيء يدرك بالحساب ، فإن الإخبار عنه ولو كان مستقبلا لا يعتبر من علم الغيب ، ولا من الكهانة .

وهل من الكهانة ما يخبر به الآن من أحوال الطقس في خلال أربع وعشرين ساعة أو ما أشبه ذلك ؟

الجواب : لا ؛ لأنه أيضا يستند إلى أمور حسية ، وهي تكيف الجو ؛ لأن الجو يتكيف على صفة معينة تعرف بالموازين الدقيقة عندهم ؛ فيكون صالحا لأن يمطر ، أو لا يمطر ، ونظير ذلك في العلم البدائي إذا رأينا تجمع الغيوم والرعد والبرق وثقل السحاب ، نقول : يوشك أن ينزل المطر .

فالمهم أن ما استند إلى شيء محسوس ؛ فليس من علم الغيب ، وإن كان بعض العامة يظنون أن هذه الأمور من علم الغيب ، ويقولون : إن التصديق بها تصديق بالكهانة .

" انتهى من "القول المفيد شرح كتاب التوحيد".

وينظر : "الفتاوى الكبرى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (4/424) فيما يتعلق بمعرفة أهل التقاويم والحساب لأوقات الكسوف والخسوف ، وأول الربيع ، وأول الشتاء ونحو ذلك مما يعرف بالحساب ، ولا يدخل في علم الغيب .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-03-01, 14:09
السؤال :

كيف نجمع بين قول النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة " ، وبين خلود المشركين والمنافقين في النار مع أنهم يقولون " لا إله إلا الله " ؟.

الجواب :

الحمد لله

قال الشيخ محمد ابن عثيمين – رحمه الله - :

الحديث يدل على أن القائل : " لا إله إلا الله " مؤمنٌ حقاً ؛ لكن سولت له نفسه ففعل بعض المعاصي أو بعض الكبائر من السرقة وغيرها .

وطريق أهل السنة والجماعة أن الإنسان المؤمن وإن فعل الكبيرة مآله الجنة ، وما قبل الجنة من العقوبة راجع إلى الله إن شاء عذبه ، وإن شاء غفر له ، ودليل ذلك قوله تعالى : { إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } فصار جميع فاعلي المعاصي - وإن عظمت – إذا كانت دون الكفر لا تمنع من دخول الجنة فمآل فاعلها إلى الجنة ، لكن قد يُعذب بما فعل من ذنب ، وقد يغفر الله له ، والأمر راجع إلى الله ، أما المنافقون وأهل البدع المكفرة التي تكفرهم بدعهم فإنهم حقيقةً لم يقولوا لا إله إلا الله بقلوبهم ؛ لأن هذا النفاق الذي أدى إلى الكفر ينافي الإخلاص ، وقول لا إله إلا الله لا بد فيه من الإخلاص .

أما أن يقول : لا إله إلا الله وهو يعتقد أنه ليس هناك رب ولا إله ، أو يعتقد أن مع الله إلهاً آخر يدبر الكون ، أو يعتقد أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ارتدوا كلهم بعد موته عليه الصلاة والسلام أو ما أشبه ذلك من البدع المكفرة ، فهؤلاء لم يُخلصوا في قول : لا إله إلا لله ، فكانت بدعهم هذه تنافي قول الرسول عليه الصلاة والسلام : " من شهد ألا إله إلا الله أو من قال لا إله إلا الله دخل الجنة " .

فلا بد من الإخلاص في الشهادتين ، واستمع إلى قول الله تبارك وتعالى في المنافقين : { يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا } ، وفي نفس الآيات يقول : { إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا } ، ويقول عنهم : { إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله } ، هذه شهادة باللسان : { والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون } ، أي كاذبون في قولهم : " نشهد إنك لرسول الله " فهم يذكرون الله ويشهدون بالرسالة لرسوله لكن قلوبهم خالية مما تنطق به ألسنتهم . انتهى .

المرجع لقاء الباب المفتوح رقم 45

*عبدالرحمن*
2018-03-01, 14:10
السؤال :

ما حكم قول بعض الناس : ( يا رحمة الله ) ؟

الجواب :

الحمد لله

لا يجوز ، هذا من دعاء الصفة .

من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله 1/117.

*عبدالرحمن*
2018-03-01, 14:12
السؤال :

أكتب لك راجية أن تتمكن من مساعدتي في الخروج من هذه الورطة. أنا فتاة متمسكة وأبلغ من العمر 20 عاما. لقد انتقلت منذ 5 سنوات للعيش في كندا. والداي لم يمارسا الشعائر الإسلامية البتة، لكن جدتي سعت في تعليمي أمور الإسلام. أنا مؤمنة بالله منذ نعومة أظفاري. لكني لم أكن أ

عرف كيفية تأدية الصلاة حتى وقت قريب، وقد قررت أن أتعلم بنفسي حيث أنه لا يوجد حولي من يعلمني تلك الأمور. وقد تعرفت، بفضل الله، على كيفية الصلاة، كما أني بدأت أضع الحجاب. أما عن مشكلتي فهي أني بدأت أقابل شابا وقعت في حبه. إلا أنه، للأسف، غير مسلم، ولا يؤمن بأي ديانة أخرى. إنه يؤمن بالرب، وقد حاولت إقناعه بالدخول في الإسلام وأن يكون فردا من أتباع الدين الصحيح الوحيد،

وإلا فلن يكون باستطاعتي الزواج منه (ونحن نعيش سويا منذ 3 سنوات). أما الأمر الذي لم أفلح في إقناعه به فهو أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو رسول الله. إنه يطرح علي أسئلة من قبيل: "كيف لك التأكد أن هذا هو كلام الرب؟ ماذا لو أن محمدا أتى به من عند نفسه وجعله يظهر وكأنه كلام الرب؟"

أرجو أن توضح لي كيف أقنعه بأن القرآن هو كلام الله وحده، وأن محمدا هو رسوله. أرجو المساعدة، فهو يقول دوما أنه لو حصل وتزوجنا، فإنه لن يجد بأسا في استمراري في ممارسة ديني. إنه فخور لأني بدأت أضع الحجاب في مجتمع لا يشيع فيه هذا العمل. (فربما أكون واحدة من القلائل الآتي يضعن الحجاب هنا، وإيماني بالله هو الذي أعطاني القوة على ذلك).

أعلم أنه لن يجد غضاضة من تمسكي بديني، لكني أريده أن يسلم، فهو شخص جيد ولا يفعل ما يشين. أنا أتألم حقا عندما استحضر فكرة أننا لن نكون مع بعض. وأسأل: هل الزواج منه يعد معصية عظيمة؟ فهناك الكثيرات ممن يتزوجن بغير مسلمين، خصوصا عندما لا يوجد أي مسلم في المكان الذي أعيش فيه. فهل سأعاقب بشدة إن أنا تزوجت به؟.

الجواب :

الحمد لله

فنحمد الله عز وجل أن حبب إليك الخير ، ونسأله أن يزيدك هدى وإيماناً ، وأن يهدي والديك للعمل بالإسلام ،والالتزام بأحكامه.. آمين .

وبعد : فأما بالنسبة للقرآن وما الذي يثبت أنه كتاب الله ،فهذه الشبهة قد طرحها الكفار الأوائل الذين أرسل إليهم النبي صلى اله عليه وسلم عنادا واستكبارا ، فرد الله عليهم قولهم بأدلة كثيرة تبطل قولهم وتبين فساده منها : -

1- أن هذا القرآن تحدى الله الإنس والجن على أن يأتوا بمثله فعجزوا ، ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور فقط ، فعجزوا ثم تحداهم أن يأتوا بمثل أصغر سورة من القرآن فلم يستطيعوا ، مع أن الذين تحداهم كانوا أبلغ الخلق ، وأفصحهم ، والقرآن نزل بلغتهم ، ومع هذا أعلنوا عجزهم التام الكامل ، وبقي التحدي على مدار التاريخ ، فلم يستطع أحد من الخلق أن يأتي بشيء من ذلك ، ولو كان هذا كلام بشر لاستطاع بعض الخلق أن يأتي بمثله أو قريبا منه .والأدلة على هذا التحدي من القرآن كثيرة منها قوله تعالى : ( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) الاسراء:88

وقال تعالى يتحداهم بأن يأتوا بعشر سور فقط :( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ

وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) هود:13

قال تعالى يتحداهم بأن يأتوا بسورة واحدة فقط : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا

بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) البقرة:23

*عبدالرحمن*
2018-03-01, 14:13
2- أن البشر مهما كانوا من العلم والفهم فلابد أن يقع منهم الخطأ والسهو ، والنقص ، فلو كان القرآن ليس كلام الله لحصل فيه أنواع من الاختلاف والنقص كما قال تعالى : ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) ، ولكنه سالم من أي نقص أو خطأ أو تعارض ، بل كله حكمة ورحمة وعدل ، ومن ظن فيه تعارضا فإنما أتي من عقله المريض ، وفهمه الخاطئ ، ولو رجع إلى أهل العلم لبينوا له الصواب ، وكشفوا عنه الإشكال ، كما قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيز . لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) فصلت: 41،42

3- أن الله تكفل بحفظ هذا القرآن العظيم كما قال تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر:9 فكل حرف منه ينقله الآلاف عن الآلاف على مدار التاريخ لم يختلفوا في حرف واحد منه ، ولو حاول أي شخص أن يحرف فيه أو يزيد أو بنقص فإنه يفتضح مباشرة لأن الله سبحانه هو الذي تكفل بحفظ القرآن بخلاف غيره من الكتب السماوية التي أنزلها الله لقوم النبي فقط وليس لجميع الخلق ، فلم يتكفل بحفظها بل وكل حفظها إلى أتباع الأنبياء فلم يحفظوها بل دخلها التحريف والتغيير المفسد لكثير من معانيه ، أما القرآن فقد أنزله الله لجميع الخلق على امتداد الزمن لأن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم هي الرسالة الخاتمة ، فصار القرآن محفوظا في الصدور ، ومحفوظا في االسطور ، وحوادث التاريخ تثبت ذلك . فكم من شخص اجتهد في تحريف آيات القرآن وترويجها عند المسلمين فسرعان ما يفتضح أمره ، وينكشف زيفه ، حتى عند أطفال المسلمين .

وما يدل دلالة قطعية على أن هذا القرآن ليس من عند الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإنما هو وحي من الله أوحاه له :

4- الإعجاز العظيم الذي اشتمل عليه القرآن في التشريعات ، والأحكام ، والقصص ، والعقائد ، الذي لا يمكن أن يصدر عن أي مخلوق مهما بلغ من العقل والفهم ، فمهما حاول الناس أن يسنوا تشريعات وقوانين لتنظيم حياتهم ، فلا يمكن أن تفلح ما دامت بعيدة عن توجيهات القرآن ، وبقدر هذا البعد بقدر ما يكون الفشل ، وهذا قد أثبته الكفار أنفسهم .

5- الإخبار بالأمور الغيبية الماضية والمستقبلية مما لا يمكن أن يستقل بشر مهما بلغ من العلم أن يخبر به خاصة في ذلك الزمن الذي يعتبر بدائيا من جهة التقنية والآلات الحديثة ، فهناك أشياء كثيرة لم يتم اكتشافها إلا بعد تجارب طويلة مريرة بأحدث الأجهزة ، والآلات ، قد أخبرنا الله عنها في القرآن ، وذكرها رسوله صلى الله عليه وسلم قبل ما يقرب من خمسة عشر قرنا ، كأحوال الجنين ، ومراحل نموه ، وأحوال البحار ، وغير ذلك . مما جعل بعض الكافرين يقرون بأن هذا لايمكن أن يكون إلا من عند الله فمثلا أطوار الجنين :

فمنذ 60 عاما فقط تأكد الباحثون من أن الإنسان لا يوجد دفعة واحدة إنما يمر بأطوار ومراحل طورا بعد طور ومرحلة بعد مرحلة وشكلا بعد شكل. منذ 60 عاما فقط وصل العلم إلى إحدى الحقائق القرآنية .

يقول الشيخ الزنداني التقينا مرة مع أحد الأساتذة الأمريكان بروفيسور أمريكى من أكبر علماء أمريكا اسمه (بروفيسور مارشال جونسون ) فقلنا له : ذكر في القرآن أن الإنسان خلق أطوارا فلما سمع هذا كان قاعدا فوقف وقال : أطوارا ؟! قلنا له : وكان ذلك في القرن السابع الميلادى ! جاء هذا الكتاب ليقول : الإنسان خلق أطوارا !! فقال : هذا غير ممكن .. غير ممكن .

. قلنا له : لماذا تحكم عليه بهذا ؟ هذا الكتاب يقول : ( يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ) ( الزمر) ويقول : ( مَّا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ) ( نوح ) فقعد على الكرسي وهو يقول : بعد أن تأمل : أنا عندي الجواب : ليس هناك إلا ثلاث احتمالات : الأول : أن يكون عند محمد ميكروسكوبات ضخمة .. تمكن بها من دراسة هذه الأشياء وعلم بها ما لم يعلمه الناس فذكر هذا الكلام ! الثاني : أن تكون وقعت صدفة .. وهذه جاءت صدفة الثالث : أنه رسول من عند الله قلنا

: نأخذ الأول : أما القول بأنه كان عنده ميكروسكوب وآلات أنت تعرف أن الميكروسكوب يحتاج إلى عدسات وهي تحتاج للزجاج وخبرة فنية وتحتاج إلى آلات وهذه معلومات بعضها لا تأتي إلا بالميكروسكوبات الإلكترونية وتحتاج كهرباء والكهرباء تحتاج إلى علم وهذه العلوم لا تأتي إلا من جيل سابق ولا يستطيع جيل أن يحدث هذا دفعة فلا بد أن للجيل الذي قبله كان له اشتغال بالعلوم ثم بعد ذلك انتقل إلى الجيل الذي بعده ثم هكذا ...أما أن يكون واحد فقط

.. لا أحد من قبله ولا من بعده ولا في بلده ولا في البلاد المجاورة والرومان كذلك كانوا جهلة ما عندهم هذه الأجهزة والفرس والعرب كذلك ! واحد فقط لا غير هو الذي عنده كل هذه الأجهزة وعنده كل هذه الصناعات وبعد ذلك ما أعطاها لأحد من بعده .. هذا كلام ما هو معقول ! قال : هذا صحيح صعب نقول : صدفة ..ما رأيك لو قلنا لم يذكر القرآن هذه الحقيقة في آية بل ذكرها في آيات ولم يذكرها في آية وآيات إجمالا بل أخذ يفصل كل طور : قال : الطور الأول يحدث فيه وفيه والطور الثاني كذا وكذا والطور الثالث .. أيكون هذا صدفة ؟! فلما عرضنا التفاصيل والأطوار وما في كل طور قال : الصدفة كلام غلط !! هذا علم مقصود قلنا : ما في تفسير عندك : قال : لا تفسير إلا وحي من فوق !!

*عبدالرحمن*
2018-03-01, 14:14
وأما الأخبار الكثيرة في القرآن عن البحار فبعضها لم يكتشف إلا في العصور المتأخرة ، وكثير منها لا يزال مجهولا . فمثلاً هذه حقيقة تم الوصول إليها بعد إقامة مئات من المحطات البحرية .. والتقاط الصور بالأقمار الصناعة .. والذي قال هذا الكلام هو ( البروفيسور شرايدر ) .. وهو من أكبر علماء البحار بألمانيا الغربية .

. كان يقول : إذا تقدم العلم فلا بد أن يتراجع الدين .. لكنه عندما سمع معاني آيات القرآن بهت وقال : إن هذا لا يمكن أن يكون كلام بشر .. ويأتي ( البروفيسور دورجاروا ) أستاذ علم جيولوجيا البحار ليعطينا ما وصل إليه العلم في قوله تعالى : ( أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ )سورة النور : 40

.. فيقول لقد كان الإنسان في الماضي لا يستطيع أن يغوص بدون استخدام الآلات أكثر من عشرين مترا .. ولكننا نغوص الآن في أعماق البحار بواسطة المعدات الحديثة فنجد ظلاما شديدا على عمق مائتي متر .. الآية الكريمة تقول :( بَحْرٍ لُّجِّيٍّ ) كما .. أعطتنا اكتشافات أعماق البحار صورة لمعنى قوله تعالى : ( ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ) فالمعروف أن ألوان الطيف سبعة ...منها الأحمر والأصفر والأزرق والأخضر والبرتقالي إلى آخرة ..

فإذا غصنا في أعماق البحر تختفي هذه الألوان واحدا بعد الآخر .. واختفاء كل لون يعطي ظلمة .. فالأحمر يختفي أولا ثم البرتقالي ثم الأصفر .. وآخر الألوان اختفاء هو اللون الأزرق على عمق مائتي متر .. كل لون يختفي يعطي جزءا من الظلمة حتى تصل إلى الظلمة الكاملة ..

أما قوله تعالى : ( مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ ) فقد ثبت علميا أن هناك فاصلا بين الجزء العميق من البحر والجزء العلوي .. وأن هذا الفاصل ملئ بالأمواج فكأن هناك أمواجا على حافة الجزء العميق المظلم من البحر وهذه لا نراها وهناك أمواج على سطح البحر وهذه نراها .. فكأنها موج من فوقه موج .. وهذه حقيقة علمية مؤكدة ولذلك قال البروفيسور دورجاروا عن هذه الآيات القرآنية : إن هذا لا يمكن أن يكون علما بشريا انظر الأدلة المادية على وجود الله " محمد متولي الشعراوي)

الأمثلة على ذلك كثيرة جدا .

6-أن في القرآن بعض الآيات التي فيها معاتبة للنبي صلى الله عليه وسلم ، وذكر بعض الأمور التي نبه الله عليها نبيه صلى الله عليه وسلم ، وبعضها قد يكون فيها إحراج للنبي صلى الله عليه وسلم ، فلو كان هذا القرآن من عند رسول الله ، لما احتاج إلى هذا ، ولو كان كتم شيئا من القرآن لكتم بعض هذه الآيات المشتملة على العتاب له وتنبيهه على بعض ما كان الأولى به أن لا يفعله كما في قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاه)(الأحزاب: من الآية37) . أيبقى بعد هذا شك عند ذي عقل أن هذا القرآن هو كلام الله ، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بلغ ما أوحي إليه أكمل بلاغ وأتمه ؟‍!

ثم نقول لهذا الشخص جرب بنفسك قراءة ترجمة من تراجم القرآن الصحيحة وأعمل عقلك في تدبر هذه الأحكام والتشريعات ، فلاشك أن أي عاقل عنده قدرة على التمييز سيلحظ فرقا كبيرا بين هذا الكلام ، وكلام أي مخلوق على وجه الأرض .

وأما علاقتِك بالشاب فإن هذا الدين الشريف قد منع المرأة من مخالطة الرجال للنساء لحكم عظيمة جليلة فيجب عليك أن تبتعدي عن اللقاء به ، وأن تقطعي صلتك بهذا الشاب حتى يُسلِم ، ثم يتزوجك بعد ذلك زواجا شرعيا . وتجدين في السؤال رقم ( 1200 ) بيان حكم اختلاط المسلمة بالرجال الأجانب فراجعيه .

وأما حبك ، وتعلقك به ، فهذا ابتلاء من الله لك ، هل تقدمين محبة الله على محبة مخلوق من مخلوقاته ، أو تقدمين محبة هذا الشخص على محبة ربك العظيم الذي نهاك عن هذا الأمر ، واعلمي أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، وأول هذا الخير الذي ستجدينه بإذن الله أن يعوضك الله راحة وأنسا بمحبته سبحانه ، فتجتهدي في التقرب إلى الله بما يحبه فتزداد محبتك لربك ، وتعلقك به ، ويضعف تعلقك بجميع المخلوقين .

وأما عن حكم زواج المسلمة بالكافر فهذا محرم بإجماع أهل العلم ، بل هو من الفواحش العظيمة التي نهى الله عنها في القرآن .

فننصحك بالصبر والتحمل ، والبعد التام عن كل ما قد يسبب لك الوقوع فيما يغضب ربك ، واعلمي أن الله جعل هذه الدنيا دار ابتلاء وامتحان لعباده المؤمنين ، فمن صبر ، ومنع نفسه مما تشتهي رغبة في رضى الله عوضه الله في الجنة بمنه وكرمه من أنواع النعيم ، ما لا يمكن أن يقارن بما ضحى به العبد من المتع الزائلة الفانية ، زيادة عما قد يجده في قلبه من السعادة والراحة بطاعة ربه .

ولعله إذا رأى تمسكك بدينك وأنك امتنعت عن لقائه والجلوس معه رغم محبتك له يعلم عظمة هذا الدين الذي يجعل أتباعه على أتم الاستعداد بالتضحية بكل ما يحبون لإرضاء ربهم سبحانه ، ويعلم أنهم يرجون عند ربهم خيرا عظيما يكرمهم به لأجل صبرهم على طاعته ، وامتناعهم عن حرماته فيكون ذلك سببا في إسلامه .

نسأل الله أن يهديه للإسلام ، وأن ييسر لك الخير ، ويصرف عنك الشر .. آمين .

الشيخ محمد صالح المنجد

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-03-02, 13:12
السؤال :

ما معنى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ؟.

الجواب :

الحمد لله

وبعد : فمعنى شهادة أن لا إله إلا الله : نفي استحقاق العبادة عن كل ما سوى الله تعالى ، وإثباتها لله عز وجل وحده لا شريك له ، قال الله تعالى : ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) الحج/62 .

فـ ( لا إله ) تنفي جميع ما يعبد من دون الله و ( إلا الله ) تثبت جميع أنواع العبادة لله وحده . فمعناها : لا معبود حقٌّ إلا الله .

فكما أن الله تعالى ليس له شريك في ملكه ؛ فكذلك لا شريك له في عبادته سبحانه .

ومعنى شهادة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو التصديق الجازم من صميم القلب المواطئ لقول اللسان بأن محمدا عبده ورسوله إلى الخلق كافة إنسهم وجنِّهم ، فيجب تصديقه فيما أخبر به من أنباء ما قد سبق ، وأخبار ما سيأتي ، و فيما أحل من حلال ، وحرم من حرام ، والامتثال و الانقياد لما أمر به ، والانتهاء والكف عما نهى عنه ، واتباع شريعته، والتزام سنته في السر والجهر ، مع الرضا بما قضاه والتسليم له ، والعلم بأن طاعته هي طاعة الله و معصيته هي معصية الله ، لأنه مبلغ عن الله رسالته ، ولم يتوفه الله حتى أكمل به الدين ، وبلغ البلاغ المبين ، فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيا عن قومه ورسولا عن أمته .

ولا يدخل العبد في الدين إلا بهاتين الشهادتين ، وهما متلازمتان ، ولذا فشروط شهادة ( لا إله إلا الله ) هي نفس شروط شهادة أن محمدا رسول الله .

والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد


و اخيرا ً

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

ناتي الان الي ختام الموضوع

بارك الله فيكم

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

walidsisou
2018-03-03, 19:04
لكم جزيلة الشكر

ريم مصيلحى
2018-03-07, 22:09
بارك الله فيك

*عبدالرحمن*
2018-03-08, 02:15
لكم جزيلة الشكر

الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات

الشكر هوصول لحضورك الطيب
في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيك

https://d.top4top.net/p_795sbakq1.gif (https://up.top4top.net/)
.

*عبدالرحمن*
2018-03-08, 02:16
بارك الله فيك


الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)

اسعدني وجودك الطيب
وفي انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله عني كل خير

https://d.top4top.net/p_7927bchs1.gif (https://up.top4top.net/)
.

yahia1065
2018-03-19, 13:32
شكرا شكرا على المعلومات المفيدة

الأصيــل
2018-03-30, 10:20
جزاك الله خيرا