مشاهدة النسخة كاملة : التوحيد .. سؤال وجواب
*عبدالرحمن*
2018-02-15, 03:59
اخوة الاسلام
السلام عليكم و رحمه الله و بركاته
(التوحيد) لغة: هو جعل الشيء واحداً .
وفي الاصطلاح : الإيمان بوحدانية الله عز وجل في ربوبيته، وألوهيته، وأسمائه، وصفاته.
وتفصيل ذلك بمعرفة أقسام التوحيد كما بينها العلماء:
أولا : توحيد الربوبية :
وهو إفراد الله بأفعاله كالخلق، والملك، والتدبير، قال تعالى: { الحمد لله رب العالمين }(الفاتحة: 1) أي: مالكهم، ومدبر شؤونهم.
والاعتراف بربوبية الله عز وجل مما لم يخالف فيه إلا شذاذ البشر من الملاحدة الدهريين، أما سائر الكفار فقد كانوا معترفين بربوبيته سبحانه – في الجملة - وتفرده بالخلق، والملك، والتدبير، وإنما كان شركهم في جانب الألوهيه، إذ كانوا يعبدون غيره، قال تعالى: { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون }(العنكبوت:61) أي: فأنى يصرفون عمن صنع ذلك، فيعدلون عن إخلاص العبادة له.
ثانيا: توحيد الألوهية :
وهو إفراده تعالى بالعبادة، وذلك بأن يعبد الله وحده، ولا يشرك في عبادته أحد، وأن يعبد بما شرع لا بالأهواء والبدع، قال تعالى:{ قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين }(الأنعام:162) وقد كان خلاف المشركين في هذا النوع من التوحيد، لذلك بعث الله إليهم الرسل، قال تعالى: { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة }(النحل: 36) .
ثالثا: توحيد الأسماء والصفات :
وذلك بإثبات ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ، ولا تعطيل ، ولا تمثيل ، ولا تكييف ، ونفي ما نفاه الله عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }(الشورى:11) ، ولتوضيح هذه القاعدة، نورد بعض الأمثلة التوضيحية ، من ذلك أن الله وصف نفسه بأنه: { القوي العزيز }(هود: 66) فموقف المسلم تجاه ذلك هو إثبات هذين الاسمين لله عز وجل كما وردا في الآية، مع اعتقاد اتصاف الله عز وجل بهما على وجه الكمال، فلله عز وجل القوة المطلقة، والعزة المطلقة .
ومثال النفي في الصفات قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله عز وجل لا ينام ، ولا ينبغي له أن ينام ) رواه مسلم ، فموقف المسلم من ذلك هو نفي صفة النوم عن الله عز وجل ، مع اعتقاد كمال الضد، بمعنى: أن انتفاء صفة النوم عنه سبحانه دليل على كمال حياته ، وهكذا القول في سائر الأسماء والصفات .
اخوة الاسلام
في هذا الموضوع سوف نتعرف علي المفاهيم الثلاثة للتوحيد
بالتفصيل حتي تعم الفائدة
و الله المستعان
*عبدالرحمن*
2018-02-15, 04:01
توحيد الربوبية
السؤال :
ما حكم قول : (الله ما شفناه بالعقل عرفناه) ؟
الجواب :
الحمد لله
هذه الكلمة تحتوي على مسألتين : الأولى حق ، لا ريب فيها ، والثانية : فيها جزء من الحقيقة ، وليست الحقيقة كاملة .
وبيان ذلك :
1. أما المسألة الأولى : فهي قولهم "الله ما شفناه" – أي : ما رأيناه - : فهذا حق ؛ : لأنه من عقيدة أهل السنة والجماعة أن الله لا يراه أحد في الدنيا ؛ وإنما تكون رؤيته في الآخرة ، بعد الموت ، ففي صحيح مسلم (7540) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (تَعَلَّمُوا أَنَّهُ لَنْ يَرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَمُوتَ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
ولهذا اتفق سلف الأمة ، وأئمتها ، على أن الله يُرى في الآخرة ، وأنه لا يَراه أحدٌ في الدنيا بعينه .
"مجموع الفتاوى" (2/230) .
2. وأما المسألة الثانية : وهي قولهم " بالعقل عرفناه " : فهي تمثِّل جزء من الحقيقة ؛ لأن دلائل معرفة الله متنوعة ، منها الفطرية ، والعقلية ، والشرعية ، والحسية .
فوجود الله تعالى معروف بالعقل .
ومن الأدلة العقلية التي يستند عليها العلماء في إثبات وجود الله تعالى : أن كل سبب لا بد له من مسبِّب , وكل محدَث - بالفتح - لا بد له من محدِث - بالكسر - ، وهذا دليل عقلي .
وقد أمر الله تعالى بالتفكر في خلق السماء ، والأرض , وهذا التفكر إنما يتم بالعقل ، قال تعالى : (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ) الأعراف/185 ، وقال تعالى : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ) الروم/8 .
ومن ذلك قول الأعرابي : البعرة تدل على البعير ، وآثار السير تدل على المسير ، فأرض ذات فجاج ، وسماء ذات أبراج : ألا تدل على اللطيف الخبير ؟! .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
أما إثبات الصانع : فطرُقه لا تحصى بل الذي عليه جمهور العلماء أن الإقرار بالصانع فطري ، ضروري ، مغروز في الجِبِلَّة ، ولهذا كانت دعوة عامَّة الرسل إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، وكان عامَّة الأمَّة مقرين بالصانع ، مع إشراكهم به بعبادة ما دونه ، والذين أظهروا إنكار الصانع - كفرعون - خاطبتهم الرسل خطاب مَن يعرف أنه حق ، كقول موسى لفرعون (لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ) الإسراء/102 ، ولما قال فرعون : (وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ) الشعراء/23 ، قال له موسى : (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ * قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ * قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ * قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ * قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) الشعراء/24 – 28 .
"منهاج السنة" (2/270) .
وكون الله تعالى موصوفاً بكل كمال ، ومنزهاً عن كل نقص معروف أيضاً بالعقل .
ولكن هذه المعرفة معرفة إجمالية , وأما المعرفة التفصيلية : فلا تتم إلا بالشرع ، فبه تُعرف أسماؤه تعالى الحسنى ، وصفاته العلى .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-15, 04:04
وقد سئل الشيخ عبد الرحمن البرَّاك حفظه الله :
ما مدى جواز قول القائل : " عرفْنا ربَّنا بالعقل تفصيلاً " ؟ وجزاكم الله خيراً .
فأجاب :
" الحمد لله ، وبعد :
لقد فطر الله عباده على معرفته ، فإن الإنسان بفطرته يَعلم أن كل مخلوق لا بد له من خالق ، وأن المُحدَث لا بد له من مُحدِث ، وقد ذكر الله الأدلة الكونية من آيات السماوات والأرض على وجوده ، وقدرته ، وعلمه ، وحكمته ، ولهذا يذكِّر الله عباده بهذه الآيات ، وينكر على المشركين إعراضهم عنها ، قال تعالى : ( وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ) يوسف/ 105 .
وهذه المعرفة الحاصلة بالآيات الكونية هي من معرفة العقل ، فتحصل بالنظر ، والتفكُّر ؛ ولهذا يقول تعالى : (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ) الأعراف/185 ، ويقول تعالى : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ) الروم/8 .
والآيات بهذا المعنى كثيرة ، ومع ذلك : فالمعرفة الحاصلة بالعقل هي معرفة إجمالية ؛ إذ الإنسان لا يعرف ربه بأسمائه ، وصفاته ، وأفعاله ، على وجه التفصيل إلا بما جاءت به الرسل ، ونزلت به الكتب ، فالرسل صلوات الله وسلامه عليهم جاؤوا بتعريف العباد بربهم ، بأسمائه ، وصفاته ، وأفعاله ، وبهذا يُعلم أن العقول عاجزة عن معرفة ما لله من الأسماء ، والصفات ، وما يجب له ، ويجوز عليه ، على وجه التفصيل ، فطريق العلم بما لله من الأسماء ، والصفات تفصيلاً هو : ما جاءت به الرسل ، ومع ذلك فلا يحيط به العباد علماً مهما بلغوا من معرفة ، كما قال تعالى : (وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) طه/110 ، وقال صلى الله
عليه وسلم : (لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ) أخرجه مسلم (486) .
وبهذا يتبين أن من طرق معرفة الله طريقين : العقل ، والسمع - وهو النقل - وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الكتاب ، والسنَّة ، وأن مِن أسمائه وصفاته ما يُعرف بالعقل والسمع ، ومنها ما لا يعرف إلا بالسمع .
وبهذه المناسبة : يحسُن التنبيه إلى أنه يجب تحكيم السمع - وهو الوحي - وجعل العقل تابعاً مهتدياً بهدى الله ، ومن الضلال المبين أن يعارَض النقل بالعقل ، كما صنع كثير من طوائف الضلاَّل ، من الفلاسفة ، والمتكلمين .
ووَفَّق الله أهل السنة والجماعة للاعتصام بكتابه ، وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم ، واقتفاء آثار السلف الصالح ، فحكّموا كتاب الله ، وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ووضعوا الأمور في مواضعها ، وعرفوا فضيلة العقل ، فلم يعطلوا دلالته ، ولم يقدموه على نصوص الكتاب والسنَّة ، كما فعل الغالطون ، والمبطلون ، فهدى الله أهل السنة صراطه المستقيم ، فنسأل الله أن يسلك بنا سبيل المؤمنين، وأن يعصمنا من طريق المغضوب عليهم ، والضالين . والله أعلم .
من موقع الشيخ حفظه الله
https://albarrak.islamlight.net/index...1164&Itemid=25
أكرمنا الله ، وإياك برؤية الله سبحانه في دار القرار .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-02-15, 04:07
السؤال :
كنت متطوعا وأنا مؤمن بأن الله لا يفرق بين البشر على أساس العرق وسؤالي أليس اصطفاء بشر ليكون رسولا تفرقة بين البشر؟ أرجو أن تجيبوا على سؤالي لأنني ارتكب المعصية .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
إننا لنأسف جداً من كَمِّ الأسئلة التي يعترض بها أصحابها على أحكام الله تعالى ، وخلقه ، وتدبيره للكون .
ومما يزيد الأسى والحزن أن تكون هذه الأسئلة موجهة من مسلمين ، المفترض فيهم أن يكونوا عبيداً لله ، بكل ما تحمله هذه الكلمة من المعاني ، فيسارعون إلى تنفيذ أوامر الله ، والكف عما نهاهم عنه ، ويسلمون لأحكامه ، وتنشرح بها صدورهم ، قال الله تعالى : (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ) ، وقال تعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) .
لقد خُدع المسلمون بشعارات رفعها أعداؤهم ، كـ "المساواة" وظنوا أنها شعار صحيح ، يحقق العدل بين البشر ، والواقع بخلاف هذا .
فهذا الشعار المزيف لا يوجد من يطبقه تطبيقاً مجرداً من كل شرط أو قيد ، فلا يمكن أن يسوى بين الكبير والصغير ، والمرأة والرجل ، والعالم والجاهل ، والمجنون والعاقل ، والقائد والجندي ، والعدو والصديق ، والمؤمن وغير المؤمن . ومن ادعى بلسانه أنه يدعو للمساواة بين كل هؤلاء ، فهي مجرد دعوى ، وتطبيقه العملي يخالف ما يدعو إليه ويكذبه ولابد .
ولهذا جاء شرعنا بـ "العدل" الذي هو وضع الشيء في موضعه اللائق به ، ولم يأت بالتسوية المطلقة بين البشر في كل شيء ، وإنما هو جاء بالعدل ، قال الله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى) ، وقال تعالى : (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) .
وميزان العدل عندنا ـ نحن المسلمون ـ هو حكم الله ، فحكم الله هو العدل ، ومن حكم به فهو العادل ، ومن حَكَمَ بغيره فهو الظالم ، حتى وإن رآه الناس عدلاً ، قال الله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ) .
وأحكام الله تعالى وتقديراته دائرة بين العدل والفضل ، ولا يمكن أن ينسب شيء من الظلم ـ مهما كان يسيراً ـ إلى الله تعالى .
قال الله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ) وقال : (وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ) ، وقال تعالى في الحديث القدسي : (يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي) رواه مسلم (2577) .
فالواجب على المؤمن أن ينظر إلى أحكام الله تعالى على أنها عدل أو فضل .
ومن الأخطاء الفادحة التي يقع فيها بعض الناس : أنه يُؤصِّل أصلاً ، ويرى أن هذا الأصل حق لا ريب فيه ـ وقد يكون الأمر بخلاف هذا ـ ثم يريد أن يحكم على الله تعالى بهذا الأصل .
والله تعالى لكمال علمه وحكمته وقدرته وسلطانه لا يملك أحد أن يسأله : لم فعل؟ قال الله تعالى : (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-15, 04:11
ثالثاً :
قول السائل : "أنا مؤمن بأن الله لا يفرق بين البشر على أساس العرق" هذا بالنسبة للثواب والعقاب : صحيح ، فالبشر كلهم سواء عند الله تعالى من حيث الثواب والعقاب ، والحسنات والسيئات ، فميزان التفضيل والإكرام هو طاعة الله تعالى ، فمن أطاع الله تعالى أحبه الله وأكرمه وقربه ، ومن عصى الله تعالى كان مستحقاً للعقاب والإبعاد ، قال الله تعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) .
وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى) رواه أحمد (22978) وصححه الألباني في "شرح العقيدة الطحاوية" .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة النبوية" :
"وأما نفس ترتيب الثواب والعقاب على القرابة ، ومدح الله عز وجل للشخص المعين ، وكرامته عند الله فهذا لا يؤثر فيه النسب ، وإنما يؤثر فيه الإيمان والعمل الصالح ، وهو التقوى ، كما قال تعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)" انتهى .
وقال أيضاً :
"ودين الإسلام إنما يفضل الإنسان بإيمانه وتقواه لا بآبائه ولو كانوا من بني هاشم أهل بيت النبي ، فإن الله خلق الجنة لمن أطاعه ، وإن كان عبدا حبشيا ، وخلق النار لمن عصاه ولو كان شريفا قرشيا ، وقد قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) وفى السنن عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (لا فضل لعربي على عجمي ، ولا لعجمي على عربي ، ولا أسود على أبيض ، ولا لأبيض على أسود ، إلا بالتقوى ، الناس من آدم ، وآدم من تراب) ....
وقد أجمع المسلمون على أن من كان أعظم إيمانا وتقوى كان أفضل ممن هو دونه في الإيمان والتقوى ، وإن كان الأول أسود حبشياً ، والثاني عَلَويًا أو عباسيا" انتهى .
"مجموع الفتاوى" (28/543) .
وقال أيضاً :
" تعليق الشرف في الدين بمجرد النسب هو حكم من أحكام الجاهلية الذي اتبعتهم عليه الرافضة وأشباههم من أهل الجهل ، ولهذا ليس في كتاب الله آية واحدة يُمدح فيها أحدٌ بنسبه ، ولا يُذم أحدٌ بنسبه ، وإنما يُمدح بالإيمان والتقوى ، ويُذم بالكفر والفسوق والعصيان" انتهى .
"مجموع الفتاوى" (35/231) .
غير أن الله تعالى فضَّل بعض أجناس بني آدم على بعض ، فجعل العرب أفضل من غيرهم ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .
وشرع الله تعالى أحكاماً خاصة بالعرب أو ببعضٍ منهم ، تدل على فضلهم .
منها : تخصيص الإمامة العظمى (الخلافة) بقريش .
ومنها : تحريم الصدقة على بني هاشم .
ومنها : أنه جعل لبني هاشم وبني المطلب جزءاً من الغنيمة .
وانظر لبيان ذلك : "اقتضاء الصراط المستقيم" (1/148 – 163) .
ثم قول السائل : "أليس اصطفاء بشر ليكون رسولاً تفرقه بين البشر"؟
فيقال له : فماذا تريد حتى تتحقق المساواة التي تريدها؟
يلزم على كلامك أحد أمرين :
إما أن يرسل الله تعالى جميع الناس !
وإما أن لا يرسل أحداً البتة .
وكلا الأمرين باطل بلا شك .
وإذا بطل هذان الأمران ، لم يبق إلا أن يختص الله تعالى بعض الناس ويختاره للرسالة .
وهذا الاختيار تفضيل من الله تعالى لبعض البشر بلا شك ، وهو تفضيل مبني على كمال العلم والحكمة ، ولا ظلم فيه بوجه من الوجوه .
فالله تعالى يختار لحمل رسالته من هو أهل لها ، ويمنعها ممن لا يستحقها ، ولا يقوم بأعبائها، وهذا هو العدل والحكمة .
فهل ترى أيها السائل ، أنك أهل للرسالة؟ وأن الله ـ تعالى عن ذلك ـ ظلمك حيث لم يجعلك رسولا؟
أترى نفسك من صفوة البشر كأنبياء الله ورسله وأنت لم تُسَلِّم لأحكام الله وقضائه وقَدَره ، وتعترض على أفعاله ، وتقول عن نفسك : إنك تعصي الله ؟
فهل ترى نفسك بعد كل ذلك أهلاً للرسالة ؟
ولهذا قال الله تعالى : (وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آَيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ) الأنعام/124 .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-15, 04:12
قال ابن كثير :
"أي : هو أعلم حيث يضع رسالته ومن يصلح لها من خلقه" انتهى .
"تفسير ابن كثير" (3/332) .
وقال ابن جرير :
"يقول جل ثناؤه : فأنا أعلم بمواضع رسالاتي ، ومن هو لها أهل ، فليس لكم أيها المشركون أن تتخيَّروا ذلك عليّ أنتم ؛ لأن تخيُّر الرسول إلى المرسِلِ دون المرسَل إليه ، والله أعلم إذا أرسل رسالةً بموضع رسالاته" انتهى .
"تفسير الطبري" (12/96) .
وقال السعدي :
"وفي هذا اعتراض منهم على الله ، وعجب بأنفسهم ، وتكبر على الحق الذي أنزله على أيدي رسله ، وتحجر على فضل الله وإحسانه .
فرد الله عليهم اعتراضهم الفاسد ، وأخبر أنهم لا يصلحون للخير ، ولا فيهم ما يوجب أن يكونوا من عباد الله الصالحين ، فضلا أن يكونوا من النبيين والمرسلين ، فقال : (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) فمن علمه يصلح لها ، ويقوم بأعبائها ، وهو متصف بكل خلق جميل ، ومتبرئ من كل خلق دنيء ، أعطاه الله ما تقتضيه حكمته أصلا وتبعا ، ومن لم يكن كذلك ، لم يضع أفضل مواهبه عند من لا يستأهله ، ولا يزكو عنده .
وفي هذه الآية دليل على كمال حكمة الله تعالى ، لأنه وإن كان تعالى رحيما واسع الجود ، كثير الإحسان ، فإنه حكيم لا يضع جوده إلا عند أهله" انتهى .
"تفسير السعدي" (ص 271) .
وقال الله تعالى : (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآَنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ * أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) الزخرف/31 ، 32 .
قال ابن كثير :
"أي : نحن نتصرف في خلقنا كما نريد ، بلا ممانع ولا مدافع ، ولنا الحكمة والحجة في ذلك ، وهكذا نعطي النبوة لمن نريد" انتهى .
"تفسير ابن كثير" (2/29) .
وبهذا يتبين أن تفضيل الله تعالى لبعض البشر بالنبوة والرسالة مبني على العلم والحكمة ، وليس من أجل الجنس أو العرق .
ثم إن الرسل أنفسهم قد فضَّل الله بعضهم على بعض ، قال الله تعالى : (وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً) الإسراء/55 ، وقال تعالى : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ) البقرة/253 .
نسأل الله تعالى أن يرزقنا التسليم والانقياد لأحكامه .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-02-15, 04:15
السؤال :
كيف تعاد أرواح الكافرين بعد تحريق أجسادهـم ؟
الجواب :
الحمد لله
إن الإيمان بأن الله على كل شيء قدير ، وأنه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ، وأن الله يبعث من في القبور ، وأنه كما خلقهم من عدم قادر على أن يبعثهم كيف شاء ومتى شاء ، على اختلاف صورهم ، وتعدد مصارعهم ، مما لا يتم الإيمان بالله إلا به .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ وَسَائِرُ أَهْلِ الْمِلَلِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ كَمَا نَطَقَ بِذَلِكَ الْقُرْآنُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ جِدًّا" انتهى .
"مجموع الفتاوى" (8 / 7) .
وقال أيضا :
"اللَّهَ خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . وَمَنْ جَعَلَ شَيْئًا مِنْ الْأَعْمَالِ خَارِجًا عَنْ قُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ فَقَدْ أَلْحَدَ فِي أَسْمَائِهِ وَآيَاتِهِ" انتهى . "مجموع الفتاوى" (11 / 354) .
وقال الله عز وجل :
(وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) يس/78، 79 .
قال السعدي :
"هذا وجه الشبهة والمثل ، وهو أن هذا أمر في غاية البعد على ما يعهد من قدرة البشر ، وهذا القول الذي صدر من هذا الإنسان غفلة منه ، ونسيان لابتداء خلقه ، فلو فطن لخلقه بعد أن لم يكن شيئا مذكورا فَوُجِدَ عيانا ، لم يضرب هذا المثل .
فأجاب تعالى عن هذا الاستبعاد بجواب شاف كاف ، فقال : (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ) وهذا بمجرد تصوره ، يعلم به علما يقينا لا شبهة فيه ، أن الذي أنشأها أول مرة قادر على الإعادة ثاني مرة ، وهو أهون على القدرة إذا تصوره المتصور" انتهى .
"تفسير السعدي" ( ص 699- 700) .
وروى البخاري (3481) ومسلم (2756) – واللفظ له - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (قَالَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ حَسَنَةً قَطُّ لِأَهْلِهِ : إِذَا مَاتَ فَحَرِّقُوهُ ثُمَّ اذْرُوا نِصْفَهُ فِي الْبَرِّ وَنِصْفَهُ فِي الْبَحْرِ ، فَوَ اللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَيُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا لَا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ . فَلَمَّا مَاتَ الرَّجُلُ فَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ ، فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَرَّ فَجَمَعَ مَا فِيهِ ، وَأَمَرَ الْبَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ ثُمَّ قَالَ : لِمَ فَعَلْتَ هَذَا ؟ قَالَ : مِنْ خَشْيَتِكَ يَا رَبِّ وَأَنْتَ أَعْلَمُ . فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ) .
ولفظ البخاري : (إِذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ اطْحَنُونِي ثُمَّ ذَرُّونِي فِي الرِّيحِ) .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-15, 04:18
قال شيخ الإسلام :
" فَهَذَا الرَّجُلُ كَانَ قَدْ وَقَعَ لَهُ الشَّكُّ وَالْجَهْلُ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى إعَادَةِ ابْنِ آدَمَ ؛ بَعْدَ مَا أُحْرِقَ وَذُرِيَ وَعَلَى أَنَّهُ يُعِيدُ الْمَيِّتَ وَيَحْشُرُهُ إذَا فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ وَهَذَانِ أَصْلَانِ عَظِيمَانِ :
أَحَدُهُمَا : مُتَعَلِّقٌ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الْإِيمَانُ بِأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . والثَّانِي : مُتَعَلِّقٌ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ . وَهُوَ الْإِيمَانُ بِأَنَّ اللَّهَ يُعِيدُ هَذَا الْمَيِّتَ وَيَجْزِيهِ عَلَى أَعْمَالِهِ " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (12 / 491) .
فمتى علم العبد أن الله عز وجل على كل شيء قدير ، وأنه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ، وأنه إذا أراد شيئا قال له كن فيكون ، وأنه سبحانه أوجد الخلائق من عدم لم يمتنع لديه الإيمان بالبعث والنشور على أي صورة كان ، دون أن يرهق عقله وفكره بالبحث والتحري الذي لا يجدي شيئا ، ويكفيه دلالة الشاهد الذي لا يغيب عن ناظره ، وهو نفسه ، قال الله تعالى : (وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) الذاريات/20 ، 2.
وقال الله عز وجل لعبده زكريا عليه السلام : (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا * قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا * قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا ) مريم/7-9 .
فليس خلق هذا الغلام من أم عاقر ، وأب كبير في السن بأعجب من خلق الأب وإيجاده من العدم .
انظر : تفسير الطبري (18/151) .
وقال تعالى عن مريم : (قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) آل عمران/47 .
وقال تعالى : (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) آل عمران/59 .
ثم هذه السماوات والأرض أمام عينيه ، وما يشاهده بينهما من أفلاك ونجوم ، لا يحصي عددها إلا الله ، ولا يقادر قدرها أحد من خلقه ، هي أكبر من خلق الناس ، فالذي خلق السماوات والأرض مع عظمهما واتساعها قادر من باب أولى على إعادة خلق الإنسان مرة أخرى .
قال تعالى : (لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) غافر/57 .
وقال تعالى : (أَوَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ * إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) يس/81، 82 .
وقال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ) الروم/27 .
يعني : أيسر عليه . وقال مجاهد : الإعادة أهون عليه من البَدَاءة ، والبداءة عليه هَيْنٌ . وكذا قال عكرمة وغيره .
"تفسير ابن كثير" (6/311) .
وروى البخاري (4974) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (قَالَ اللَّهُ : كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ , وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ . فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: لَنْ يُعِيدَنِي كَمَا بَدَأَنِي . وَلَيْسَ أَوَّلُ الْخَلْقِ بِأَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ إِعَادَتِهِ . وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ : اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا . وَأَنَا الْأَحَدُ الصَّمَدُ لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفْئًا أَحَدٌ) .
هذا .. وإن كان قصد السائل بسؤاله : كيف تعاد أرواح الكافرين بعد تحريق أجسادهم ، يعني في النار يوم القيامة .
فيقال : إن أرواحهم باقية في أجسادهم ، وإن حرقت بالنار ، فيوم القيامة إذا عادت الروح إلى البدن لا تخرج منه أبدا ، فتبقى روح الكافر في جسده معذبة ، وتبقى روح المؤمن في جسده منعمة .
فإن أهل النار كلما احترقت جلودهم بالنار أبدلهم الله غيرها ، حتى يستمر عذابهم ولا ينقضي، قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا) النساء/56 .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-02-15, 04:19
السؤال :
ما الحكمة من إيجاد الكرام الكاتبين مع أن الله يعلم كل شيء ؟
الجواب :
الحمد لله
" نقول في مثل هذه الأمور : إننا قد ندرك حكمتها ، وقد لا ندرك ، فإن كثيراً من الأشياء لا نعلم حكمتها ، كما قال الله تعالى : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ) الإسراء/85 .
فإن هذه المخلوقات لو سألنا سائل : ما الحكمة أن الله جعل الإبل على هذا الوجه ، وجعل الخيل على هذا الوجه ، وجعل الحمير على هذا الوجه ، وجعل الآدمي على هذا الوجه ؟ وما أشبه ذلك ، لو سألنا عن الحكمة في هذه الأمور ما علمناها ، ولو سُئلنا : ما الحكمة في أن الله عز وجل جعل صلاة الظهر أربعاً ، وصلاة العصر أربعاً ، والمغرب ثلاثاً ، وصلاة العشاء أربعاً ؟ وما أشبه ذلك ما استطعنا أن نعلم الحكمة في ذلك .
وبهذا علمنا أن كثيراً من الأمور الكونية ، وكثيراً من الأمور الشرعية تخفى علينا حكمتها ، وإذا كان كذلك فإنا نقول : إن التماسنا للحكمة في بعض الأشياء المخلوقة أو المشروعة ، إنْ مَنَّ اللهُ علينا بالوصول إليها فذاك زيادة فضل وخير وعلم ، وإن لم نصل إليها ، فإن ذلك لا ينقصنا شيئاً .
ثم نعود إلى جواب السؤال ، وهو ما الحكمة في أن الله عز وجل وَكَّل بنا كراماً كاتبين يعلمون ما نفعل ؟
فالحكمة من ذلك : بيان أن الله سبحانه وتعالى نَظَّم الأشياء وقَدَّرها ، وأحكمها إحكاماً متقناً ، حتى إنه سبحانه وتعالى جعل على أفعال بني آدم وأقوالهم كراماً كاتبين ، موكلين بهم ، يكتبون ما يفعلون ، مع أنه سبحانه وتعالى عالم بما يفعلون قبل أن يفعلوه ، ولكن كل هذا من أجل بيان كمال عناية الله عز وجل بالإنسان ، وكمال حفظه تبارك وتعالى ، وأن هذا الكون منظم أحسن نظام ، ومحكم أحسن إحكام ، والله عليم حكيم .
والله أعلم " انتهى .
"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (1/121) .
*عبدالرحمن*
2018-02-15, 04:32
السؤال :
أنا شاب تونسي ، ملتزم ، والحمد لله ، أحافظ على صلواتي ، لي أخي يكبرني بعامين لا يصلي ، وبعيد عن الله ، كما لديه فكر غربي ، لا يأبه بتعاليم الإسلام ، يظن نفسه متفتحاً ، يعني لا مانع أن يذهب مع البنات ، لا يجد حرجاً في قلة أدب سلوكه ، وكنت كثير التخاصم معه خاصة في الأمور الدينية
حيث إنه جاهل بالدين بطريقة غريبة ، يريد أن يردد دائما الشبهات حول الإسلام ، في الآونة الأخيرة حلت الكارثة : دخل علينا بفلسفة كافرة ، فاسقة ، قال : " إن الله هو الخالق وحده ، يخلق الكائنات الحية لأنه يبعث فيها الروح ، والآن استطاع العلماء الخلق ! وذلك بالاستنساخ ، وبما أن الله هو الذي انفرد ببعث الروح : فقد تمكن العلماء من مضاهاته يوم بعثوا الروح عندما خلقوا بالاستنساخ " .
خلاصة القول : هل فعلاً تمكن العلماء من الخلق بالاستنساخ وبعثوا الروح ؟
ما الاستنساخ ؟
هل هو حقيقة صنع منها البشر كائنات حية ؟
نحن نعلم أن الله فقط يبعث الروح ، بالله عليكم ردوا عليَّ حتى أستطيع أن أُفهمه ما هو الإستنساخ ، حيث إنه يظن أنه خلق للكائنات ، وبعث الروح فيها ، كما خلق الله الكائنات ، كما إنه يلمح من كلامه عدم وجود الله - والعياذ بالله - ولقد كفر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، لديه صديق يحمل نفس فكره الكافر ، أريد نصحه ، أجيبونا ، يرحمكم الله .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
تعريف الاستنساخ :
من المعلوم أن سنة الله في الخلق أن ينشأ المخلوق البشري من اجتماع نطفتين اثنتين تشتمل نواة كل منهما على عدد من الصبغات ( الكروموسومات ) يبلغ نصف عدد الصبغات التي في الخلايا الجسدية للإنسان ، فإذا اتحدت نطفة الأب ( الزوج ) التي تسمى الحيوان المنوي بنطفة الأم ( الزوجة ) التي تسمى البييضة ، تحولتا معاً إلى نطفة أمشاج أو لقيحة ، تشمل على حقيبة وراثية كاملة ، وتمتلك طاقة التكاثر
فإذا انغرست في رحم الأم تنامت وتكاملت وولدت مخلوقاً مكتملاً بإذن الله ، وهي في مسيرتها تلك تتضاعف فتصير خليتين متماثلتين فأربعاً فثمانياً .. ثم تواصل تضاعفها حتى تبلغ مرحلة تبدأ عندها بالتمايز والتخصص ، فإذا انشطرت إحدى خلايا اللقيحة في مرحلة ما قبل التمايز إلى شطرين متماثلين تولد منهما توأمان متماثلان ، وقد أمكن في الحيوان إجراء فصلٍ اصطناعي لأمثال هذه اللقائح ، فتولدت منها توائم متماثلة ، ولم يبلّغ بعد عن حدوث مثل ذلك في الإنسان ، وقد عد ذلك نوعاً من الاستنساخ أو التنسيل ، لأنه يولد نسخاً أو نسائل متماثلة ، وأطلق عليه اسم الاستنساخ بالتشطير .
وثمة طريقة أخرى لاستنساخ مخلوق كامل ، تقوم على أخذ الحقيبة الوراثية الكامل على شكل نواة من خلية من الخلايا الجسدية ، وإيداعها في خلية بييضة منزوعة النواة ، فتتألف بذلك لقيحة تشتمل على حقيبة وراثية كاملة ، وهي في الوقت نفسه تمتلك طاقة التكاثر ، فإذا غرست في رحم الأم تنامت وتكاملت وولدت مخلوقاً مكتملاً بإذن الله ،
وهذا النمط من الاستنساخ الذي يعرف باسم ( النقل النووي ) أو الإحلال النووي للخلية البييضية ) وهو الذي يفهم من كلمة الاستنساخ إذا أطلقت وهو الذي حدث في النعجة " دوللي " . على أن هذا المخلوق الجديد ليس نسخة طبق الأصل ، لأن بييضة الأم المنزوعة النواة تظل مشتملة على بقايا نووية في الجزء الذي يحيط بالنواة المنزوعة . ولهذه البقايا أثر ملحوظ في تحوير الصفات التي ورثت من الخلية الجسدية ، ولم يبلَّغ أيضاً عن حصول ذلك في الإنسان .
فالاستنساخ إذن هو : توليد كائن حي أو أكثر إما بنقل النواة من خلية جسدية إلى بييضة منزوعة النواة ، وإما بتشطير بييضة مخصبة في مرحلة تسبق تمايز الأنسجة والأعضاء .
ولا يخفى أن هذه العمليات وأمثالها لا تمثل خلقاً أو بعض خلق ، قال عز وجل : ( أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار ) الرعد /16 ، وقال تعالى : ( أفرأيتم ما تمنون ، أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ، نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين ، على أن نبدل أمثالك وننشأكم في ما لا تعلمون ، ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون ) الواقعة /58-62 .
وقال سبحانه : ( أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين ، وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم ، قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ، الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون ، أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم ، إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ) يس /77-82 .
وقال تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ، ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ، ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ) المؤمنون /12-14 .
وبناء على ما سبق من البحوث والمناقشات الشرعية التي طرحت :
قرر المجلس ما يلي :
أولاً : تحريم الاستنساخ البشري بطريقتيه المذكورتين أو بأي طريقة أخرى تؤدي إلى التكاثر البشري .
ثانياً : إذا حصل تجاوز للحكم الشرعي السابق فإن آثار تلك الحالات تعرض لبيان أحكامها الشرعية .
ثالثاً : تحريم كل الحالات التي يقحم فيها طرف ثالث على العلاقة الزوجية سواء أكان رحماً أو بييضة أم حيواناً منوياً أم خلية جسدية للاستنساخ .
رابعاً : يجوز شرعاً الأخذ بتقنيات الاستنساخ والهندسة الوراثية في مجالات الجراثيم وسائر الأحياء الدقيقة والنبات و الحيوان في حدود الضوابط الشرعية بما يحقق المصالح ويدرأ المفاسد .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-15, 04:33
وننبه هنا : إلى أنه يجب عليك الاطمئنان بأن اعتقاد المسلم أنه لا خالق إلا الله تعالى : هو اعتقاد صحيح ، ليس ثمة ما يناقضه ، وليس له صور استثنائية ؛ فالروح من أمر الله ، ولا يجعلها أحدٌ في شيء إلا أن يأذن الله تعالى ، كما فعل عيسى عليه السلام فيما صنعه من الطين كهيئة الطير ، وكما فعله جبريل عليه السلام حين نفخ في درع مريم عليها السلام .
أ. قال تعالى : ( إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ) المائدة/ 110 .
فالبشر يستطيعون نحت تمثال يشبه في صورته – وليس حقيقته – البشر ، ويستطيعون صناعة صورة طير من الطين ، أو الجص – وهو فعل محرَّم - ولكن هل يستطيع أحدٌ أن يحيي هذا الذي صنعه ، أو نحته ؟! الجواب : يعرفه كل مخلوق على وجه الأرض ، وحتى من كان ملحداً منهم ، وهذا هو زعيم الملحدين " لينين " قد حنَّطه قومه ، ولم يدفنوه – توفي سنة 1924 م - فهل يستطيع ملحدو العالَم كله أن يحيوه بعد أن أماته ربُّه ؟! إنهم أعجز من ذلك ، فلا يستطيع الواحد منهم منع ذبابة أن تحط على أنفه ، ولا بعوضة أن تمص دماً من صلعته ! فأنَّى لهم دفع الأمراض عن أنفسهم ، فضلاً عن الهروب من الموت ، فضلاً عما هو أعظم من ذلك أن يحيوا الأموات ؟! .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في بيان أوجه عبودية المسيح وأنه مخلوق لا خالق - :
الوجه الثاني : أنه خَلق من الطين كهيئة الطير ، والمراد به : تصويره بصورة الطير ، وهذا الخلق يقدِر عليه عامة الناس ، فإنه يمكن أحدهم أن يصوِّر من الطين كهيئة الطير ، وغير الطير من الحيوانات ، ولكن هذا التصوير محرَّم ، بخلاف تصوير المسيح ؛ فإن الله أذن له فيه ، والمعجزة أنه يَنفخ فيه الروح فيصير طيراً بإذن الله عز وجل ، ليس المعجزة مجرد خلقه من الطين ؛ فإن هذا مشترك ، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المصوِّرين ، وقال : ( إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون ) .
الوجه الثالث : أن الله أخبر المسيح أنه إنما فعل التصوير والنفخ بإذنه تعالى ، وأخبر المسيح عليه السلام أنه فعله بإذن الله ، وأخبر الله أن هذا من نعمه التي أنعم بها على المسيح عليه السلام كما قال تعالى : ( إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ) .
" الجواب الصحيح لمن بدَّل دين المسيح " ( 4 / 46 ، 47 ) .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-15, 04:35
ثانيا :
قد بيَّن الله تعالى بياناً شافياً ، وتحدَّى تحديّاً بليغاً كلَّ الخلق ، والآلهةَ المزعومة : في الخلق من العدم ، والإحياء ، والإماتة ، والبعث ، فقال تعالى : ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) الروم/ 40 .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله - :
فقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : ( هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُمْ مّن شَىْء سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) : يدلّ دلالة واضحة على أن شركاءهم ليس واحد منهم يقدر أن يفعل شيئًا من ذلك المذكور في الآية ، ومنه الحياة المعبّر عنها بـ : ( خَلَقَكُمْ ) ، والموت المعبّر عنه بقوله : ( ثُمَّ يُمِيتُكُمْ )
والنشور المعبّر بقوله : ( ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ) ، وبيَّن أنهم لا يملكون نشوراً بقوله : ( أَمِ اتَّخَذُواْ آلِهَةً مّنَ الاْرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ ) ، وبيّن أنهم لا يملكون حياة ولا نشوراً في قوله تعالى : ( قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُل اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ) ، وبيَّن أنه وحده الذي بيده الموت والحياة في آيات كثيرة ؛ كقوله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلا ً) ، وقوله تعالى : ( وَلَن يُؤَخّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَا ) ، وقوله تعالى : ( إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاء لاَ يُؤَخَّرُ ) ، وقوله تعالى : ( كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْواتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ) ، وقوله تعالى : ( قَالُواْ رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ) ، إلى غير ذلك من الآيات .
وهذا الذي ذكرنا من بيان هذه الآيات بعضها لبعض معلوم بالضرورة من الدّين .
" أضواء البيان " ( 6 / 271 ) .
ثالثا :
الخبراء في " الاستنساخ " من أهل الفن يعلمون أنه ليس هو إخراج حي من ميت ، فضلاً أن يكون إحياء من عدم ، بل إن الاستنساخ من ميت أمر مبتوت فيه عندهم أنه لن يكون ! ، والمصطلح المستعمل فيه يدل على هذا ، فكلمة نسخ ، أو استنساخ هي : clone)) ، (cloning) ، وهي تعني : إنشاء صورة طبق الأصل من المادة المراد نسخها ! .
فليسمع أخوك ، وليقرأ هذه النقولات :
1. ذكر الدكتور " سينوت حليم دوس " - أستاذ ورئيس قسم الهرمونات بالمركز القومي للبحوث - في كتابه " استنساخ الإنسان حيّاً وميتاً " - نشر المكتبة الأكاديمية ، الطبعة الأولى - في الفصل التاسع الذي سماه : " هل يستنسخ الإنسانُ ميتاً ؟ " محاولات للاستنساخ من جثة فرعون ! وغير ذلك ، ثم وصل إلى نتيجة مهمة سطرها بالكلمات الآتية ، قال :
" وفي الوقت الراهن أقرر : أن استنساخ الميت : حلم لن يتحقق مطلقاً " ، ثم قال :
" وإلى الله ترجع الأمور " .
( ص 59 ، 60 ) من كتابه .
2. كما قال في الكتاب نفسه في الفصل الثامن وهو " هل يمكن استنساخ الإنسان حيّاً ؟ " :
إن الاستنساخ في حقيقته عملية تمجد الخالق ، وتجري في الكثير من المعامل الطبية للكشف عن الفيروس الكبدي ... وهو حقّاً عملية إبداع الخالق ، تمجد الخالق فيما خلق ، ونستعير عبارة قالها الكيميائي العربي جابر بن حيان " لكي تصنع الذهب : عليك أن تبدأ بالذهب " لنقول : " لكي تعيد تشكيل خلية حية : عليك أن تبدأ بخلية حية متمثلة فيها الحياة التي يتمتع بها الحمض النووي .
( ص 53 ) .
3. وقال رياض أحمد عودة الله في كتابه : " الاستنساخ في ميزان الإسلام " - دار أسامة للنشر – الطبعة الأولى - صفحة 148 و 149 :
فالقول إن الاستنساخ خَلْق : أمرٌ منقوض من الوجهة النقلية الشرعية بنص القرآن الكريم والسنَّة النبوية ، ومنقوض كذلك من الوجهة العلمية البحتة .
ثم قال :
والاستنساخ - كما هو مشاهد وملموس - ليس إيجاداً من عدم ، بل إن المكونات الأساسية مخلوقة ، وموجودة .
انتهى
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-15, 04:38
4. وقال كامل محمد صالح العجلوني في كتابه : " الاستنساخ بين العلم والأديان والمعتقدات " - مطبعة الأجيال في صفحة ( 64 ) من كتابه هذا - :
" والواقع الذي ينبغي معرفته أولاً هو : أن الاستنساخ ليس خلْقاً ، أو إيجاداً من العدم ؛ لأن الخلق على هذا النحو إنما ينفرد به الله عز وجل ، فهو الخالق .
ثم قال :
وقد تحدى الله تعالى جميع الناس بهذا الإبداع ، أو الخلق ، والتكوين لأصغر الأشياء ، وأدقها ، فقال : ( يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون ... ) .
انتهى
5. وقالت هناء نزار انشاصي في كتابها " الاستنساخ بين الحقيقة والخيال " - دار الفكر الطبعة الأولى في صفحة ( 132 ) :
" فالاستنساخ ليس تخليقاً ، وإنما هو عملية دمج لنواة خلية موجودة وحية ، مع نواة مفرغة لتكوين موجودات متشابهة .
انتهى .
والخلاصة :
هذا اعتقاد المسلمين في الخلق ، والإحياء ، وليس بينهم اختلاف في هذا ، وقد قهر الله تعالى الناس بالموت ، وتحداهم بأن يخلقوا شيئاً من عدم فعجزوا ، واعترف كل عاقل بضعفه ، وعجزه ، فلم يبق إلا المجادلة بالباطل ، ولذا فننصحك بتأمل ما ذكرناه ، وفهمه على وجهه الصحيح ، مع النظر بحقيقة الاستنساخ ، لتعلم بعد أن ذلك أن ما وقع من أخيك ما هو إلا كلام في الهواء ، ليس له أساس ، ولا قرار ، فداوم على نصحه بالتي هي أحسن ، وخصَّه بدعوة في آخر الليل ، عسى الله أن يتقبل منك ، ويهديه لما فيه رضاه .
والله أعلم
و اخيرا ً
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-02-15, 18:34
اخوة الاسلام
السلام عليكم و ر حمه الله و بركاته
و مازلنا مع توحيد الربوبية
السؤال :
ما الحكم الشرعي فيما يسمى بـ " استمطار السحاب " بواسطة التلقيح الصناعي ؟ وهل يصح قياسه على طفل الأنابيب وعمليات التلقيح الصناعي ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
حقيقة " الاستمطار " ، وكيفيته :
جاء في " الموسوعة العربية العالمية " :
" الاستمطار " – Rainmaking - :
الاستِمْطار : عملية إسقاط المطر من السحب بطريقة علمية بحته تُجْرَى على السحب المتكوِّنة في الجو ، ويسمَّى أيضاً : " تطعيم السحب " ، يستخدم الناس هذه الطريقة لزيادة كمية المياه بمنطقة معيَّنة ، أو لتوفير المياه للري ، أو لتوليد الطاقة الكهربائية من المحطات الكهرومائية ، وتُستخدم أيضاً لمنع سقوط الأمطار الغزيرة في المناطق الزراعية خوفاً من تلف المحاصيل ، ويمكن للخبراء في بعض الأحيان تخفيض شدة العواصف بتكوين السحب قبل وصولها إلى تلك المناطق ، وقد قام العديد من علماء الولايات المتحدة ، الذين يعملون بصفة مستقلة ، بتطوير أساليب الاستمطار وطرقها خلال الأربعينيات من القرن العشرين .
ثلاث طرق للاستمطار :
طرق الاستمطار : يحدث المطر عندما يُكوِّن بخار الماء في السحب بلورات ثلجية ، أو قطرات ماء ضخمة وثقيلة بالقدر الكَافي للسقوط على الأرض ، يمكن في بعض الحالات زيادة احتمال سقوط المطر بإضافة مواد تعرف بعوامل التطعيم إلى السحب ، وتعمل عملية التكوين بصورة أفضل في السحب التي يكون احتمال سقوط الأمطار منها كبيراً ، وتعتمد المادة المستخدمة في عملية التطعيم على درجة حرارة السحب .
وعند درجات حرارة أعلى من الصفر المئوي : فإن عامل التطعيم الرئيسي المستخدم سائل مكون من " نترات الأمونيوم " و " اليوريا " ، وتسبب جسيمات هذا العامل تكون بخار الماء حوله ، ويرش عامل تطعيم السحب من الطائرات على أسفل السحابة .
وعندما تتكون بلورات الثلج : تسقط في اتجاه الأرض في صورة كتل جليدية رقيقة ، وعندما تدخل منطقة تكون درجة حرارتها فوق درجة الصفر : تنصهر مكونة المطر .
تبلغ درجة حرارة الجليد الجاف - وهو غاز ثاني أكسيد الكربون - حوالي 80° م تحت الصفر ، وتقوم كرات الثلج الجاف عند إسقاطها على السحب من الطائرة بخفض درجة حرارة الماء فائق البرودة ، وعندما تنخفض درجة الحرارة : يتحول الماء إلى بلورات من الثلج ، وتشبه بلورات " يوديد الفضة " بلورات الثلج ، وهي التي تؤدي بالماء فائق البرودة إلى تكوين بلورات الثلج حولها ، وتستخدم أجهزة تُسمى " الشعلات " ، و " المولدات " ، لإنتاج وتوزيع بخار يحتوي على بلورات " يوديد الفضة " ، ويكوَّن هذا البخار بحرق " يوديد الفضة " مع مواد أخرى ، ويتم توزيع البخار عن طريق الطائرة ، كما يمكن استخدام " المولدات " أيضاً لتوزيعه على الأرض .
تسبَّبت عملية " تطعيم السحب " في كثير من الخلافات ، والمناقشات ، فالعلماء لم يكونوا قادرين على إثبات تأثيرها العملي في كل الحالات ، ويضاف إلى ذلك اعتقاد بعض الناس بأن زيادة سقوط المطر في مناطق معينة : قد يؤدي إلى نقصه في مناطق أخرى " انتهى .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-15, 18:35
ثانياً:
كلام بعض خبراء البيئة ، والأرصاد الجوية :
1. قال الكاتب البيئي أسعد سراج أبو رزيزة : " في عام 2003 م ذكر تقرير للأكاديمية القومية للعلوم بالولايات المتحدة الأمريكية : ( أنه لا توجد حتى الآن أدلة حاسمة ، ونتائج موثقة تؤكد فاعلية هذه التقنية ) .
وتذكر جمعية الأرصاد الجوية الأمريكية : ( أن هناك مؤشرات لاحتمال زيادة كمية الأمطار بنسبة 10% بعد بذر السحب ، واستمطارها ) .
ويقول الدكتور " ويليام كوتون " من قسم علوم الأرصاد بجامعة ولاية كولورادو : " إنه لم نر - باستثناء بعض الحالات النادرة - أدلة حاسمة تؤكد أن استمطار السحب يحقق أهدافه " .
وتذكر منظمة الكومنولث للعلوم والصناعة في تقرير لها : " أنه من المستحيل كسر الجفاف باصطياد المطر صناعيّاً ، وتؤكد أن نجاح تجاربها كان مرهوناً بنوع السحب المستهدفة ، وأن معظم السحب لا يمكن استمطارها " انتهى .
2. وقال أيضاً – الكلام لأسعد سراج - : " الأثر البيئي لهذه التقنية يجب البحث فيه ومعرفة جوانبه ، فالمواد المستخدمة في بذر السحب : مواد سامة - بحسب تصنيف المنظمات العالمية - ، فمكتب البيئة والصحة والسلامة بجامعة " بيركلي " - كاليفورنيا بالولايات المتحدة - يصنف " يود الفضة " بأنه مادة كيماوية غير عضوية ، خطرة ، لا تذوب في الماء ، وسامة للإنسان ، والأسماك .
وتفهرس وكالة حماية البيئة الأمريكية مادة " يود الفضة " ضمن المواد الخطرة ، والسامة .
وفي دراسات طبية عديدة على تأثير " يود الفضة " على صحة الإنسان : ثبت أنها تدخل إلى جسمه عن طريق الجهاز الهضمي ، أو التنفسي ، أو عن طريق امتصاص الجلد ، وتصيبه بأمراض ، تبدأ بإثارة الجهاز الهضمي ، وتحوِّل لون الجلد إلى الأسود ، في حالات التسمم البسيطة ، وتصل إلى تضخم القلب ، والنوبات الصدرية الحادة ، مع الجرعات العالية " انتهى .
"جريدة الوطن السعودية" ( الأربعاء 23 جمادى الأولى 1429هـ ، الموافق 28 مايو 2008م ، العدد ( 2798 ) ، السنة الثامنة ) .
3. نقل الشيخ عبد المجيد الزنداني عن الدكتور محمد جمال الدين الفندي - أستاذ الفلك والطبيعة الجوية بكلية العلوم بجامعة القاهرة قوله :
" إن الظروف الطبيعة التي تؤدي إلى تكوين المُزن – السحاب - ، ونزول المطر : لا يمكن أن يصنعها البشر ، بل وحتى لا سبيل إلى التحكم فيها ، ولا يزال موضوع " المطر الصناعي " - ليس مطراً صناعيّاً ، لأن المطر لا يصنعه الإنسان في المعمل ، وإنما هو مطر يستحث الإنسان نزوله - واستمطار السحب العابرة : مجرد تجارب ، لم يثبت نجاحها بعدُ ، وحتى إذا ما تم نجاحها : فإن من اللازم أن توفر الطبيعة الظروف الملائمة للمطر الطبيعي حتى يمكن استمطار السماء صناعيّاً ، أي : إن واجب علماء الطبيعة الجوية لا يتعدى قدح الزناد فقط " انتهى .
"توحيد الخالق للشيخ عبد المجيد الزنداني" (ص/223) .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-15, 18:36
ثالثاً:
فتاوى بعض العلماء فيه :
1. سئل الشيخ عطية صقر رحمه الله :
توصل بعض العلماء إلى إنزال " مطر صناعي " ، فهل يتنافى ذلك مع قول الله تعالى ( وينزل الغيث ) ؟
فأجاب :
" كلنا يعلم أن تكاثف بخار الماء الموجود في السحاب ، أو في الجو عامة يحدث لعوامل ، فينزل المطر أو الندى ، وليس في ذلك مشاركة لقوله تعالى : ( وينزل الغيث ) لقمان/34 ؛ لأن تكوُّن السحاب ، وامتلاء الجو ببخار الماء على هذا النطاق الواسع هو صنع الله بالوسائط الذي خلقها ، فهو الخالق للبخار ، ولحرارة الشمس ، والمتحكم في برودة الجو ، وكذلك في الرياح ، وسوقها للسحاب ، وبقدرته أن يتحكم فيها فلا تنتج أثراً ، كما قال سبحانه : ( ألم تر أن الله يزجى سحاباً ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من بَرَد فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء ) النور/43 .
إن العمليات التي يحاول بها بعض الناس إسقاط المطر من السحاب لها نظائر في نطاق ضيق ، في عمليات فصل الملح عن الماء ليصير عذباً ، فهي تدور على التبخير ، والتكثيف ، كما يحدث في " الأنبيق " الذي تستخرج به العطور ، وليس عملهم هذا تدخلاً في صنع الله ، بل هو تصرف واستخدام للمادة التي خلقها الله ، ولا يمكن لأحدٍ أن يخلق الحرارة ، أو البرودة ، أو الماء بوسائط ، أو مواد غير ما أوجده الله في الكون .
ومع ذلك فالمحاولات لا تغني ؛ لأن كثيراً من بلاد هؤلاء العلماء تشكو الجفاف ، وقلة الماء ، وهلاك الزرع ، والحيوان ، فلو أمكنهم التحكم في المطر ، والماء ، والريح - كما يتحكم الله ليُغاثوا من القحط - : ما سكتوا ، فقدرة الله فوق قدرتهم ، وإرادة الله فوق إرادتهم ، كما أن مداواة المريض بمواد خلقها الله : لا تبرر إسناد الشفاء الحقيقي إلى غير الله .
وإلى جانب عجزهم عن الإغاثة من القحط : عجزوا عن دفع ما يقع من العواصف ، والصواعق ، والسيول ، والزلازل ، والبراكين على بلاد المتحضرين ، المزهوين بعلومهم ، واختراعاتهم ، كل ذلك يزيدنا إيماناً بقوله تعالى : ( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنى الحميد . إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد . وما ذلك على الله بعزيز ) فاطر/15-17 " انتهى .
" فتاوى الأزهر " ( 7 / 405 ) - ترقيم " الشاملة " - .
2. وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
" ما يسمَّى بـ : " المطر الصناعي " : لم يثبت - حسب علمنا - أنه على ما يُذكر عنه ، بل الأمر مبالغ فيه ، وأمره - والحمد لله - لا يشكل ؛ وذلك أن الله أطلعهم على أن المطر يُحدث بقدرة الله بتفاعل أشياء ، فهم يعمدون إلى عملها ، وقد يحدث حصول بعض الأمر ، وقد لا يحدث ، وإن حدث : فهو في حيِّزٍ ضيق ، وليس كالمطر الذي ينزله الله تعالى من السحاب ، ولذا نعلم - كما يعلم غيرنا - أن الدول التي تعمد إلى تجربة ما يسمى بـ : " المطر الصناعي " لا تستفيد منه ، وإذا لم ينزل الله تعالى عليها المطر من السماء عاشت في قحط وفقر " انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .
"فتاوى اللجنة الدائمة" المجموعة الثانية (1/241) .
والخلاصة :
1. بداية اكتشاف ما يسمى " المطر الصناعي " بدأ عام 1946 م ، ولو أنهم أفلحوا ونجحوا في ادعاءاتهم لصارت الأرض قطعة خضراء ، ولما اشتكت دولة من قحط ، ولا عانت من جفاف ، فكل ما في الأمر أنها تجارب .
2. حتى ما يدعونه فإنهم لا يستطيعون القيام به إلا مع وجود السحاب الذي خلقه الله تعالى ، وإلا مع وجود الإمكانية التي جعلها الله تعالى فيها أنها ينزل الماء منها ، وكذا ما يتعلق بالظروف الأخرى التي يحتاجها السحاب لذلك الإنزال .
3. ما يصل إليه الشرق والغرب من العلم ما هو إلا بتسهيل الله وتعليمه ، ولن يكون لأحد قدرة فوق قدرة الله ، ولا علم من غير تعليم الله له .
4. الماء الذي يدعون إنزاله بالاستمطار لو أنه ثبت يقيناً : فلا يمكن أن يكون إلا بإذن الله ، ولو شاء الله أسقط طائراتهم ، ولأرجع مدافعهم عليهم ، ولأجرى السحاب حيث شاء سبحانه ، أو لأمسك ما فيها أن ينزل ، وإذا كان الغرب الكافر لا يعي هذا : فإنه لا يجوز أن يغيب هذا عن ذهن المسلم ولا للحظة واحدة .
ويشبه هذا : إنبات الزرع – أو التلقيح الصناعي كما ذكره السائل - ، فالله تعالى أخبر أنه هو الذي يُنبت الزرع ، ويخرج الثمار ، وما يفعله بعض المزارعين من وضع المواد الكيميائية ، أو الطبيعية لسرعة الإنبات لا يعني مخالفة ما في القرآن ، بل إن الله تعالى قد مكنهم من هذا ، وعلمهم إياه ، وقد يكون فيه الضرر ، كما في استعمال المواد الكيميائية ، وقد يكون فيه النفع ، كاستعمال المواد الطبيعية .
5. الماء الذي تكفَّل الله تعالى بإنزاله من السحاب هو " الغيث " ، وكذا سماه تعالى في آية الغيبيات الخمسة ( وَيُنزِّل الغَيْثَ ) ، وهو الذي يغيث الله تعالى به البلاد والعباد ، وتكون منه الجداول والواحات ، وهو الذي يُنبت الله به الزرع ، وتمسك الأرض ما يشاء الله منه في باطنها ، وأما ما يزعمون أنه ينزل من السحاب بالاستمطار : فليس هو ماء الحياة ، بل هو – كما سماه بعضهم – " ماء الوهم " ، بل هو " ماء الضرر " كما سبق بيانه .
6. لا ينبغي للدول الإسلامية أن تتبع دعايات الشركات التجارية ، والأبحاث المزورة ، وليكن الأمر منهم على واقع مشاهد في بلاد تلك الشركات ، والتي لو صدقت ادعاءات شركاتها لحولوا صحاريهم إلى جنان .
7. لا ينبغي للمسلم أن يغفل عن " صلاة الاستسقاء " فإنها هي " الاستمطار " الحقيقي ، وقد ثبت في صحيح السنَّة أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى ربه وليس في السماء سحابة كبيرة ولا صغيرة ، ثم جاء الله تعالى بالسحب المحملة بالغيث ، فأغاث الله تعالى بها البلاد والعباد ، وما يزعمه هؤلاء فإنهم يؤكدون أنهم لا يمكنهم " الاستمطار " إلا بوجود سحاب !
فأي الأمرين أحق بأن يسمَّى استمطاراً ؟ وأي الفريقين أصدق قيلاً ؟ .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-02-15, 18:37
السؤال :
ما رأيكم في إنكار توحيد الحاكمية، وهل إفراده بقسم مستقل خروج عن مذهب السلف، وفي أي أنواع التوحيد يدخل هذا القسم ؟.
الجواب :
الحمد لله
توحيد الحاكمية ، لا يجوز إنكاره ، فهو نوع من أنواع التوحيد ، ولكنه داخل في توحيد العبادة بالنسبة للحاكم نفسه كشخص ، أما بالنسبة له فهو يعني : التوحيد، فهو داخل في توحيد الربوبية، لأن الحاكم هو الله تعالى .
فيجب أن يكون الرب المتصرف هو الذي له الحكم فهو يكون داخلاً في توحيد الربوبية من حيث الحكم والأمر والنهي والتصرف ، أما من حيث التطبيق والعمل فالعبد مكلف باتباع حكم الله فهو من توحيد العبادة من هذه الجهة .
وجعله قسماً رابعاً ليس له وجه ، لأنه داخل في الأقسام الثلاثة ، والتقسيم بلا مقتضى يكون زيادة كلام لا داعي له ، والأمر سهل فيه على كل حال ، إذا جعل قسماً مستقلاً فهو مرادف ، ولا محذور فيه.
الشيخ عبد الله الغنيمان.
*عبدالرحمن*
2018-02-15, 18:39
السؤال :
هل هذا القول صحيح ؟ وهل فيه محاذير عقدية ؟ مع العلم أن هذين البيتين من متن زبد ابن رسلان فاقطع يقيناً بالفؤاد واجزمِ بحدث العالم بعد العدمِ أحدثه لا لاحتياجه الإلهُ ولو أراد تركه لما ابتداهُ أفتونا مأجورين.
الجواب :
الحمد لله
البيتان معناهما صحيح ، ولا محذور فيهما ، وقد تضمنا ثلاثة أمور :
الأول : أن العالم حادث مخلوق بعد العدم ، وهذا حق لا ريب فيه ، فكل ما سوى الله مخلوق ، كائن بعد أن لم يكن ، كما قال سبحانه : ( اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) الزمر/62
قال شيخ الإسلام رحمه الله : " وأما كون المخلوق لا وجود له إلا من الخالق سبحانه فهذا حق ، ثم جميع الكائنات هو خالقها وربها ومليكها ، لا يكون شيء إلا بقدرته ومشيئته وخلقه ، هو خالق كل شيء سبحانه وتعالى " مجموع الفتاوى (2/27) .
وقال أيضا : " فصار ما علمته العقلاء من أصناف الأمم من الفلاسفة وغيرهم ، بصريح المعقول ، هو عاضد وناصر لما جاء به الرسول ، على من ابتدع في ملته ما يخالف أقواله ، وكان ما علم بالشرع مع صريح العقل أيضا رادا لما يقوله الفلاسفة الدهرية من قدم شيء من العالم مع الله ؛ بل القول بقدم العالم قول اتفق جماهير العقلاء على بطلانه، فليس أهل الملة وحدهم تبطله ، بل أهل الملل كلهم ، وجمهور من سواهم من المجوس وأصناف المشركين : مشركي العرب ومشركي الهند وغيرهم من الأمم ، وجماهير أساطين الفلاسفة ، كلهم معترفون بأن هذا العالم محدث كائن بعد أن لم يكن ، بل وعامتهم معترفون بأن الله خالق كل شيء ، والعرب المشركون كلهم كانوا يعترفون بأن الله خالق كل شيء ، وأن هذا العالم كله مخلوق ، والله خالفه وربه "
مجموع الفتاوى (5/565) .
الثاني : أن الله تعالى خلق العالم غير محتاج له ، وهذا حق لا ريب فيه أيضا ، فإنه سبحانه هو الغني ، وما سواه فقير محتاج إليه . كما قال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) فاطر/15
قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله في تفسيره (687) :
" يخاطب تعالى جميع الناس، ويخبرهم بحالهم ووصفهم، وأنهم فقراء إلى اللّه من جميع الوجوه:
فقراء في إيجادهم، فلولا إيجاده إياهم، لم يوجدوا.
فقراء في إعدادهم بالقوى والأعضاء والجوارح، التي لولا إعداده إياهم بها ، لما استعدوا لأي عمل كان .
فقراء في إمدادهم بالأقوات والأرزاق والنعم الظاهرة والباطنة، فلولا فضله وإحسانه وتيسيره الأمور، لما حصل لهم من الرزق والنعم شيء .
فقراء في صرف النقم عنهم، ودفع المكاره ، وإزالة الكروب والشدائد ، فلولا دفعه عنهم، وتفريجه لكرباتهم ، وإزالته لعسرهم، لاستمرت عليهم المكاره والشدائد .
فقراء إليه في تربيتهم بأنواع التربية ، وأجناس التدبير.
فقراء إليه، في تألههم له، وحبهم له، وتعبدهم ، وإخلاص العبادة له تعالى ، فلو لم يوفقهم لذلك، لهلكوا، وفسدت أرواحهم، وقلوبهم وأحوالهم.
فقراء إليه، في تعليمهم ما لا يعلمون، وعملهم بما يصلحهم، فلولا تعليمه، لم يتعلموا، ولولا توفيقه، لم يصلحوا.
فهم فقراء بالذات إليه، بكل معنى، وبكل اعتبار، سواء شعروا ببعض أنواع الفقر أم لم يشعروا، ولكن الموفق منهم، الذي لا يزال يشاهد فقره في كل حال من أمور دينه ودنياه، ويتضرع له ، ويسأله أن لا يكله إلى نفسه طرفة عين، وأن يعينه على جميع أموره، ويستصحب هذا المعنى في كل وقت، فهذا أحرى بالإعانة التامة من ربه وإلهه، الذي هو أرحم به من الوالدة بولدها.
{ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } أي: الذي له الغنى التام من جميع الوجوه، فلا يحتاج إلى ما يحتاج إليه خلقه، ولا يفتقر إلى شيء مما يفتقر إليه الخلق، وذلك لكمال صفاته، وكونها كلها، صفات كمال، ونعوت وجلال.
ومن غناه تعالى، أن أغنى الخلق في الدنيا والآخرة، الحميد في ذاته، وأسمائه، لأنها حسنى، وأوصافه، لكونها عليا، وأفعاله لأنها فضل وإحسان وعدل وحكمة ورحمة، وفي أوامره ونواهيه، فهو الحميد على ما فيه، وعلى ما منه، وهو الحميد في غناه ، الغني في حمده " اهـ
قال الطحاوي رحمه الله في عقيدته المشهورة : " ذلك بأنه على كل شيء قدير ، وكل شيء إليه فقير ، وكل أمر عليه يسير ، لا يحتاج إلى شيء ، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " انتهى .
الثالث : ما أفاده قوله : " ولو أراد تركه لما ابتداه " وهو أن الله تعالى فاعل بالاختيار ، لا موجب بالذات كما تقول الفلاسفة ، فلو شاء لم يخلق العالم ، ولكنه خلقه بمشيئته واختياره ، وهذا حق دلت عليه النصوص ، كقوله تعالى : ( فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ) البروج/16، وقوله : ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ) القصص/68
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-15, 18:41
السؤال :
هل تظن أن الكون قد خلقه ونظمه خالق عظيم وذكي وقوي ؟
الجواب :
الحمد لله
نشكرك على السؤال ، نريد أن نجيبك بمجموعة من الآيات في كتاب الله من كلام الله ثم أنت فكّر في الأمر بينك وبين نفسك فإذا تبين لك الحقّ فلا مناص من اتّباعه .
قال الله تعالى : ( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ(36)أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ(37) سورة الطور
( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ(164) سورة البقرة
( وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(99) سورة الأنعام
( وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(57) سورة الأعراف
( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ(30) سورة الأنبياء
( أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ(60) سورة النمل
( خَلَقَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ(10) سورة لقمان
( أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطَِةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ(20) سورة لقمان
( وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(12) سورة فاطر
( أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلا(45)ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا(46) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا(47)وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا(48)لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا(49) سورة الفرقان
( وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا(53)وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا(54) سورة الفرقان
( وَءايَةٌ لَهُمُ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ(33)وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ(34)لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ(35)سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ(36)وَءايَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ(37)وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ(38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ(39)لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ(40)وَءايَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ(41)وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ(42)وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ(43)إِلا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ(44) سورة يس
( نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ(57)أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ(58)ءأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ(59)نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ(60)عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ(61)وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأُولَى فلَوْلا تَذَكَّرُونَ(62) أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ(63)ءأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ(64)لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ(65)إِنَّا لَمُغْرَمُونَ(66)بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ(67)أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَالَّذِي تَشْرَبُونَ(68)ءأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ(69)لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلا تَشْكُرُونَ(70)أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ(71)ءأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ(72) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ(73)فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ(74)فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ(75)وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ(76)إِنَّهُ لَقُرْءانٌ كَرِيمٌ(77) سورة الواقعة
( فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ(17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ(18) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19) وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ(20) وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(21) وَمِنْ ءايَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ(22) وَمِنْ ءايَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ(23) وَمِنْ ءايَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ(24) وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تخْرُجُونَ(25) وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ(26) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27) سورة الروم
( أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مََ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ(60) أَمَّنْ جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ(61) أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ(62) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ(63) أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ(64) قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ(65) سورة النمل
هذه طائفة من الآيات البينات فيها جواب على سؤالك ونحن ندعوك إلى الانضمام إلى ركب المؤمنين والدخول في دين الإسلام الذي ارتضاه الله دينا للعالمين
والسلام على من اتبع الهدى .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-02-15, 18:43
السؤال :
نحن في بلاد اختلط فيها النصارى والوثنيون والمسلمون الجاهلون ، فلا ندري أذكروا اسم الله على ذبائحهم أم لا . فما حكم الأكل من ذبائح هؤلاء جميعاً مع صعوبة التمييز بين ذبائحهم ، بل في ذلك مشقة وحرج .
الجواب :
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكر من اختلاط من يذبحون الذبائح من أهل الكتاب والوثنيين وجهلة المسلمين ، ولم تتميّز ذبائحهم ولم يدر أذكر اسم الله عليها أم لا ، حَرُمَ على من اختلط عليه حال الذابحين الأكل من ذبائحهم ، لأن الأصل تحريم بهيمة الأنعام ، وما في حكمها من الحيوانات إلا إذا ذكّيت الذكاة الشرعية ، وفي هذه المسألة وقع شك في التذكية ، هل هي شرعية أو لا ؟ بسبب اختلاط الذابحين ومنهم من تحل ذبيحته ومن لا تحل ذبيحته ، كالوثني والمبتدع من جهلة المسلمين بدعاً شركية .
أما من تميّزت عنده ذبائحهم فليأكل منها ما ذبحه المسلم أو الكتابي الذي عرف أنه ذكر على ذبيحته اسم الله أو لم يدر عنه أذكر اسم الله أم لا . ولا يأكل من ذبيحة الوثني ولا المسلم المبتدع بدعاً شركية سواءً ذكروا اسم الله عليها أم لا .
وينبغي للمسلم أن يحتاط لنفسه في جميع شؤون دينه ، ويتحرى الحلال في طعامه وشرابه ولباسه وجميع شؤونه ففي مثل ما سئل عنه يجتهد أهل السنة أن يختاروا لأنفسهم من يذبح لهم الذبائح وتوزع عليهم بطريقة لا ريبة فيها ، ولا حرج على الذابح والمستهلك .
اللجنة الدائمة (22/450-451).
*عبدالرحمن*
2018-02-15, 18:44
السؤال :
ما معنى قوله تعالى : ( ألا له الخلق والأمر ) ؟.
الجواب :
الحمد لله
إن الله سبحانه وتعالى خلق كل شيء ومن ذلك خلق السماوات والأرض وما فيهما وما عليهما وما بينهما من السماوات الطباق والأرضين المهاد والكواكب النيرة والنجوم المضيئة والجبال الراسية والمعادن المتنوعة والأشجار المختلفة والمياه النافعة والحيوانات المختلفة والرياح المتجددة والملائكة العظام والإنس والجان والطير والحيوان والجماد والنبات : ( هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه ) لقمان/11 .
إن هذه المخلوقات العظيمة تدل على عظمة الخالق وكثرتها تدل على قدرة الخالق وألوانها وأجناسها تدل على خبرة الخالق واختلاف وظائفها ومنافعها يدل على حكمة الخالق وحفظها وتدبيرها يدل على حياة الخالق وعلمه وقدرته وقوته وذلك هو : ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) البقرة/255 .
إنه ربنا الذي علم كل شيء وملك كل شيء وخلق كل شيء : ( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيامٍ ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثًا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ) الأعراف/54 .
سبحانه له الأسماء الحسنى والصفات العلى ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء : ( إنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون ) يس/82 .
ربنا على كل شيء قدير يخلق ما يشاء كيف يشاء : ( والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير ) النور/45 .
ربنا قوي عزيز : ( خلق السماوات بغير عمد ترونها وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وبث فيها من كل دابة وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم ) لقمان/10 .
ربنا بكل شيء عليم : ( ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم ) المجادلة/7 .
ربنا الذي خلقنا وخلق أرزاقنا : ( يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون ) فاطر/3 .
ربنا لطيف خبير : ( يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير ) لقمان/16 .
ربنا عليم قدير : ( لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير ) الشورى/49 - 50 .
ربنا جواد كريم : ( الله الذي جعل لكم الأرض قراراً والسماء بناءً وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين ) غافر/64 .
ربنا حكيم عليم : ( وهو الذي جعل لكم الليل لباساً والنوم سباتاً وجعل النهار نشوراً وهو الذي أرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماءً طهوراً ، لنحيي به بلدة ميتاً ونسقيه مما خلقنا أنعاماً وأناسي كثيراً ) الفرقان/47-49 .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-15, 18:45
ربنا الذي خلق البشرية كلها من نفس واحدة : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء ) النساء/1 .
ربنا قوي قدير : ( إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليماً غفوراً ) فاطر/41 .
ربنا خلق كل شيء : ( الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل ) الزمر/62 .
ربنا محيط بكل شيء : ( وكان الله بكل شيء محيطاً ) النساء/126 .
الأمر كله لله : ( لله الأمر من قبل ومن بعد ) الروم/4 .
وتدبير الأمور بيد الله : ( ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله ) هود/123 .
أمرنا الله ألا نعبد إلا إياه , ولا نحتكم لأحد سواه : ( إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ) يوسف/40 .
أمرنا الله بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم بقوله : ( وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون ) آل عمران/123 .
أمرنا الله بالأخلاق الحسنة ونهانا عن الأخلاق السيئة بقوله : ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ) النحل/90 .
أمرنا الله بالتعاون على الخير وحذرنا من كل شر بقوله : ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) المائدة/2 .
الخلق والأمر والملك لله وحده : ( لله ملك السماوات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير ) المائدة/120 .
والقلوب مفطورة على الإقرار بأن الملك والخلق لله وحده دون سواه : ( قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون ، سيقولون لله قل أفلا تذكرون ، قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ، سيقولون لله قل أفلا تتقون ، قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون ، سيقولون لله قل فأنى تسحرون ، بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون ) المؤمنون/84-90 .
أيها الناس ألا تجيبون ؟ : ( قل أرأيتم إن أخذ اللّه سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير اللّه يأتيكم به ) الأنعام/46 .
أفلا تعقلون ؟ : ( قل أرأيتم إن جعل اللّه عليكم الليل سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير اللّه يأتيكم بضياء أفلا تسمعون ، قل أرأيتم إن جعل اللّه عليكم النهار سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير اللّه يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون ) القصص/71-72 .
أفلا تفكرون ؟ : ( أفرأيتم ما تمنون ، أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ) الواقعة/58-59 .
أفلا تبصرون ؟ : ( أفرأيتم ما تحرثون ، أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون ) الواقعة/63-64 .
أفلا تنظرون ؟ : ( أفرأيتم الماء الذي تشربون ، أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون ، أفرأيتم النار التي تورون ، أأنتم أنشئتم شجرتها أم نحن المنشئون ، نحن جعلناها تذكرة ومتاعاً للمقوين ، فسبح باسم ربك العظيم ) الواقعة/68-74 .
أفلا تعقلون ؟ من سخر الليل والنهار والشمس والقمر والكواكب والنجوم إنه اللّه وحده كما قال سبحانه : ( وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ) النحل/12 .
وإذا كان اللّه هو الذي يخلق وهو الذي يرزق وهو الذي يدبر الأمر وهو الذي يعلم كل شيء فهو الذي يستحق العبادة دون سواه لأنه حي قيوم خالق رازق عالم قادر وغيره عاجز ضعيف لا يخلق ولا يرزق ولا يملك نفعاً ولا ضراً : ( واللّه يعلم ما تسرون وما تعلنون ، والذين يدعون من دون اللّه لا يخلقون شيئاً وهم يُخلقون أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون ، إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون ) النحل/19-22 .
من كتاب أصول الدين الإسلامي للشيخ محمد بن ابراهيم التويجري .
*عبدالرحمن*
2018-02-15, 18:48
السؤال :
هل يمكن أن تعطي المشركين دليلاً على وحدانية الله تعالى ؟.
الجواب :
الحمد لله
إن الكون كله خلقاً وتدبيراً يشهد بوحدانية الله .. ( ألا له الخلق و الأمر تبارك الله رب العالمين ) الأعراف / 54 .
خلق السماوات والأرض .. واختلاف الليل والنهار .. وأصناف الجماد والنبات والثمار .. وخلق الإنسان والحيوان .. كل ذلك يدل على أن الخالق العظيم واحد لا شريك له .. ( ذلكم الله ربكم خالق كل شيء لا إله إلا هو فأنى تؤفكون )غافر/62 .
وتنوع هذه المخلوقات وعظمتها .. وإحكامها وإتقانها .. وحفظها وتدبيرها كل ذلك يدل على أن الخالق واحد يفعل ما يشاء .. ويحكم ما يريد .. ( الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل ) الزمر/62 .
وكل ما سبق يدل على أن لهذا الخلق خالقاً .. ولهذا الملك مالكاً .. ووراء الصورة مصور .. ( هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى ) الحشر/24 .
وصلاح السماوات والأرض .. وانتظام الكون .. وانسجام المخلوقات مع بعضها .. يدل على أن الخالق واحد لا شريك له .. ( لو كان فيهما آلهة إلاّ الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون ) الأنبياء/22 .
وهذه المخلوقات العظيمة إما أنها خلقت نفسها وهذا محال .. أو أن الإنسان خلق نفسه ثم خلقها وهذا محال أيضاً ..( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات و الأرض بل لا يوقنون ) الطور/35 - 36 .
وقد دل العقل والوحي والفطرة على أن لهذا الوجود موجداً .. ولهذه المخلوقات خالقاً .. حي قيوم .. عليم خبير .. قوي عزيز .. رؤوف رحيم .. له الأسماء الحسنى و الصفات العلى .. عليم بكل شيء .. لا يعجزه ولا يشبهه شيء .. ( وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ) البقرة/ 163 .
ووجود الله معلوم بالضرورة وبداهة العقول ..( قالت رسلهم أفي لله شك فاطر السماوات والأرض ) إبراهيم/10.
وقد فطر الله الناس على الإقرار بربوبيته ووحدانيته ولكن الشياطين جاءت إلى بني آدم .. وصرفتهم عن دينهم .. وفي الحديث القدسي ( إني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم ) رواه مسلم برقم 2865.
فمنهم من أنكر وجود الله .. ومنهم من يعبد الشيطان .. ومنهم من يعبد الإنسان .
ومنهم من يعبد الدينار أو النار أو الفرج أو الحيوان .
ومنهم من أشرك به حجراً من الأرض .. أو كوكباً في السماء .
وهذه المعبودات من دون الله .. لم تخلق ولم ترزق .. ولا تسمع ولا تبصر ولا تنفع ولا تضر .. فكيف يعبدونها من دون الله .. ( أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ) يوسف/ 39 .
وقد نعى الله على من عبد تلك الأصنام التي لا تسمع ولا تبصر ولا تعقل بقوله ( إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين - ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها ) الأعراف/ 194 - 195 .
وقوله ( قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضراً ولا نفعاً والله هو السميع العليم ) المائدة/76 .
ألا ما أجهل الإنسان بربه الذي خلقه ورزقه .. كيف يجحده وينساه ويعبد غيره .. ( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) الحج/ 46.
فسبحان الله وتعالى عما يشركون .. والحمد لله رب العالمين ..( قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أما يشركون - أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أءله مع الله بل هم قوم يعدلون - أمن جعل الأرض قرراً وجعل خلالها أنهاراً وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزاً أءله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون - أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أءله مع الله قليلاً ما تذكرون- أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته أءله مع الله تعالى الله عما يشركون - أمن يبدؤ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أءله مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) النمل / 59 - 64 .
من كتاب أصول الدين الإسلامي : تأليف الشيخ محمد بن ابراهيم التويجري .
و اخيرا ً
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-02-16, 03:26
اخوة الاسلام
السلام عليكم و رحمه الله و بركاته
مازلنا مع توحيد الربوبية
السؤال :
ما هي حقيقة توحيد الربوبية ؟.
الجواب :
الحمد لله
توحيد الربوبية : هو إفراد الله تعالى بأفعاله كالخلق والملك والتدبير والرزق والإحياء والإماتة وإنزال المطر ونحو ذلك فلا يتم توحيد العبد حتى يقر بأن الله تعالى رب كل شيء ومالكه وخالقه ورازقه ، وأنه المحيي المميت النافع الضار المنفرد بإجابة الدعاء ، الذي له الأمر كله ، وبيده الخير كله ، القادر على ما يشاء، ويدخل في ذلك الإيمان بالقدر خيره وشره .
وهذا القسم من التوحيد لم يعارض فيه المشركون الذين بعث فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم، بل كانوا مقرين به إجمالاً ؛ كما قال تعالى : ( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم ) الزخرف/9 ، فهم يقرون بأن الله هو الذي يدبر الأمر، وهو الذي بيده ملكوت السماوات والأرض، فعلم بهذا أن الإقرار بربوبية الله تعالى لا يكفي العبد في تحقق إسلامه بل لابد معه من الإتيان بلازمه ومقتضاه وهو توحيد الألوهية وإفراد الله تعالى بالعبادة .
وهذا التوحيد ـ أعني توحيد الربوبية ـ لم ينكره أحد معلوم من بني آدم ؛ فلم يقل أحد من المخلوقين : إن للعالم خالقين متساويين . فلم يجحد أحد توحيد الربوبية ؛ إلا ما حصل من فرعون ؛ فإنه أنكره مكابرة منه وعنادا ً؛ بل زعم لعنه الله أن الرب ، قال تعالى حكاية عنه : ( فقال أنا ربكم الأعلى ) النازعات/24 ، ( ما علمت لكم من إله غيري ) القصص/38 . وهذه مكابرة منه لأنه يعلم أن الرب غيره؛ كما قال تعالى : ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً ) النمل/14 ، وقال تعالى حكاية عن موسى وهو يناظره : ( لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض ) الإسراء/102 ؛ فهو في نفسه مقر بأن الرب هو الله -عز وجل- .
كما أنكر توحيد الربوبية على سبيل التشريك المجوس ، حيث قالوا : إن للعالم خالقين هما الظلمة والنور ، ومع ذلك لم يجعلوا هذين الخالقين متساويين ، فهم يقولون : إن النور خير من الظلمة ؛ لأنه يخلق الخير ، والظلمة تخلق الشر ، والذي يخلق الخير خير من الذي يخلق الشر . وأيضاً فإن الظلمة عدم لا يضيء ، والنور وجود يضيء ؛ فهو أكمل في ذاته .
وبعد .. فليس معنى إقرار المشركين بتوحيد الربوبية أنهم أتوا به على الوجه الأكمل ؛ بل إنما كانوا يقرون به إجمالا كما حكى الله عنهم في الآيات السابقة ؛ لكنهم كانوا يقعون في أشياء تخل به وتقدح فيه ؛ ومن ذلك نسبتهم المطر إلى النجوم ، واعتقادهم في الكهنة والسحرة بأنهم يعلمون الغيب إلى غير ذلك من صور الشرك في الربوبية ؛ لكنها تبقى قليلة محصورة إذا ما قورنت بصور شركهم في الإلهية والعبادة .
نسأل الله أن يثبتنا على دينه حتى نلقاه ،
والله أعلم .
انظر ( تيسير العزيز الحميد /33 ، والقول المفيد 1/ 14 ).
*عبدالرحمن*
2018-02-16, 03:28
السؤال :
هل يمكن أحداً أن يحيي ميِّتا ؟
الجواب :
الحمد لله
مِن أصول الاعتقاد الصحيح : الإيمان بأن الله تعالى هو وحده الذي يحيي ويميت , ومن ادَّعى أن غير الله تعالى قادر على الإحياء والإماتة فقد كفر ، بل إن المشركين في جاهليتهم لم يعتقدوا ذلك في أصنامهم وآلهتهم .
قال الله تعالى : ( كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) البقرة/28 .
وقال تعالى : ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) الحج/6 .
وقال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الإِنْسَانَ لَكَفُورٌ ) الحج/66 .
وقد بيَّن الله تعالى عجز الآلهة المزعومة عن الخلق والرزق والإحياء والإماتة .
قال تعالى : ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) الروم/40 .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله :
" فقوله تعالىٰ في هذه الآية الكريمة : ( هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُمْ مّن شَىْء سُبْحَـانَهُ وَتَعَـالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) يدلّ دلالة واضحة على أن شركاءهم ليس واحد منهم يقدر أن يفعل شيئًا من ذلك المذكور في الآية ، ومنه الحياة المعبّر عنها بـ : ( خَلَقَكُمْ ) ، والموت المعبّر عنه بقوله : ( ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ) ، والنشور المعبّر بقوله : ( ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ) ، وبيَّن أنهم لا يملكون نشوراً بقوله : ( أَمِ ٱتَّخَذُواْ آلِهَةً مّنَ ٱلاْرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ ) ، وبيّن أنهم لا يملكون حياة ولا نشوراً في قوله تعالى : ( قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُل ٱللَّهُ يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ) ، وبيَّن أنه وحده الذي بيده الموت والحياة في آيات كثيرة ؛ كقوله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَـاباً مُّؤَجَّلا ً) ، وقوله تعالى : ( وَلَن يُؤَخّرَ ٱللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَا ) ، وقوله تعالى : ( إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَاء لاَ يُؤَخَّر ) ، وقوله تعالى : ( كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوٰتًا فَأَحْيَـاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ) ، وقوله تعالى : ( قَالُواْ رَبَّنَا أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ٱثْنَتَيْنِ ) ، إلى غير ذلك من الآيات .
وهذا الذي ذكرنا من بيان هذه الآيات بعضها لبعض معلوم بالضرورة من الدّين " انتهى .
" أضواء البيان " ( 6 / 271 ) .
وقد كان من آيات عيسى ابن مريم عليه السلام البينات أنه يحيي الموتى بإذن الله ، ولم يكن عيسى عليه السلام قادراً على ذلك إلا أن يشاء ربه تبارك وتعالى .
قال تعالى : ( وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ ) آل عمران/49 .
وقال تعالى : ( إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي ) المائدة/110 .
وأما ما وقع من المجادل لإبراهيم عليه السلام بأنه قادر على الإحياء والإماتة فهذا من أسخف الادعاءات , وأبطلها , ولهذا لما ناظره إبراهيم عليه السلام انقطع ذلك الكافر , وثبت بطلان دعواه .
قال تعالى : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) البقرة/258 .
فلا يستطيع أحدٌ من البشر أن يدَّعي أنه قادر على إحياء الموتى ، ومن ادعى ذلك فها هم الموتى من الرسل والأنبياء والعظماء فليحيهم إن كان صادقاً في دعواه !
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-02-16, 03:29
السؤال :
هل يصح أن ينسب الملك والتدبير للمخلوق وهو من أفعال الربوبية التي يجب توحيد الله تعالى بها ؟.
الجواب :
الحمد لله
يجب على العبد أن يعتقد انفراد الله تعالى بالملك ؛ وأنه لا يملك الخلق إلا خالقهم ؛ كما قال تعالى : ( ولله ملك السماوات والأرض ) آل عمران/19 ، وقال تعالى : ( قل من بيده ملكوت كل شيء ) المؤمنون/88 .
وأما ما ورد من إثبات الملكية لغير الله ؛ كقوله تعالى : ( إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ) المؤمنون/6 ، وقال تعالى : ( أو ما ملكتم مفتاحه ) النور/61 ، فهذه الملكية تختلف عن ملك الله تعالى بعدة فروق منها :
1- أن ملك المخلوق ملكٌ محدود لا يشمل إلا شيئاً يسيراً من هذه المخلوقات ؛ فالإنسان يملك ما تحت يده ، ولا يملك ما تحت يد غيره .
2- وكذا هو ملك قاصر من حيث الوصف؛ فالإنسان لا يملك ما عنده تمام الملك ، ولهذا لا يتصرف فيه إلا على حسب ما أذن له فيه شرعاً ، فمثلاً : لو أراد أن يحرق ماله ، أو يعذب حيوانه ؛ قلنا : لا يجوز ، أما الله - سبحانه ـ ، فهو يملك ذلك كله ملكاً عاماً شاملاً .
وأما إفراد الله بالتدبير : فهو أن يعتقد الإنسان أنه لا مدبر إلا الله وحده ؛ كما قال تعالى : ( قل من يرزقكم من السماء والأرض أم من يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون . فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون ) يونس/31 .
وأما تدبير الإنسان فمحصور بما تحت يده ، ومحصور بما أذن له فيه شرعاً .
وعلى هذا ، لا بأس أن ينسب الملك والتدبير للإنسان ، وهذا الملك والتدبير قاصر ، وليس هو الملك والتدبير العام الشامل لكل شيء الذي لا يملكه إلا الله تعالى .
والله أعلم .
انظر ( القول المفيد 1 / 13 ) .
*عبدالرحمن*
2018-02-16, 03:30
السؤال :
توجد طائفتان إسلاميتان زائفتان في الأمة الإسلامية (طائفة "الإجة محمد") التي تعتقد بالتشبيه. وقد بلغ ببعض أتباع هذه الطائفة أن أطلقوا على أنفسهم "الله". وهم أيضا يحاولون استخدام الترجمة القاديانية للقرآن محاولين بذلك إثبات صحة اعتقاداتهم . فكيف أدحض اعتقادات مدعي الربوبية (الرجل-الرب) باستخدام الكتاب والسنة ؟ ليس فقط بالنسبة "لأمة الكفر"، بل أيضا للنصارى.
الجواب :
الحمد لله
أولا :
لابد أن نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر أن هذه الأمة ستفترق .
عن أبي هريرة – رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " تفرقت اليهود على إحدى وسبعين أو اثنتين وسبعين فرقة والنصارى مثل ذلك وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين" ، وفي رواية ابن ماجه ( 3993 ) من حديث أنس : " كلها في النار إلا واحدة " .
رواه الترمذي ( 2640 ) .
قال أبو عيسى الترمذي : حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح .
وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه ( 3227 )
فإذا علم هذا فإن الفرقة الناجية والطائفة المنصورة واحدة وهي المتمسكة بالكتاب والسنة ظاهراً وباطناً .
ثانيا :
مدعي الربوبية هو أكفر من مشركي العرب قبل الإسلام الذين أرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فالمشركون في الجاهلية كانوا يعتقدون أن الله هو الخالق الرازق المحي المميت والدليل على ذلك قوله تعالى { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله } لقمان / 25 .
ومع ذلك لم يرفع الله عنهم الشرك والكفر لأنهم كفروا بتوحيد العبودية وهو إفراد الله بالعبادة ؛ فكانوا يسجدون لغير الله ويذبحون لغير الله ، فكانوا يشركون في عبادتهم لله الأصنام والأوثان ويظنون أنها تنفع أو تضر من دون الله ولذلك قال الله تبارك وتعالى على لسانهم : { أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب } ص / 5 .
وقال أيضا : { والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } الزمر / 3 .
وهذا يدل على أن مشركي العرب أقل كفراً ممن ذكرهم السائل لأن مشركي العرب كانوا يقرون بتوحيد الربوبية وهؤلاء يكفرون به .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-16, 03:32
ثالثا :
إن الله سبحانه وتعالى قد دحض في القرآن شبهات مدعي الربوبية ، فقال الله تبارك وتعالى :{ لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } الأنبياء / 21 ، وقال الله تبارك وتعالى :{ ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون } المؤمنون / 91 .
وفي قصة محاجة إبراهيم عليه السلام لمدَّعى الربوبية خير وسيلة للمحاجة قال الله تبارك وتعالى : { ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحي ويميت قال أنا أحي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين } البقرة / 258 .
فخذ بمثل هذا الأسلوب فقل لمدعي الربوبية إن كان ما تقولون حقا فليأتوا بالشمس من المغرب أو فليحيوا الأموات أو فلينزلوا المطر من السماء أو فليخرجوا الزرع من الأرض .
رابعاً :
قد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الدجال الذي سيخرج في آخر الزمان سيدَّعي الربوبية وقد دلنا النبي صلى الله عليه وسلم على علامة نستدل بها على بطلان دعواه أنه الرب ، وهي أن الدجال أعور العين اليمنى .
فعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم ذكر الدجال فقال : ( إني لأنذركموه وما من نبي إلا أنذره قومه لقد أنذر نوح قومه ولكني أقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه تعلمون أنه أعور وأن الله ليس بأعور ) . رواه البخاري (2892) ، ومسلم (169).
وهذه علامة ظاهرة لكل من يراها ، فلو كان هذا الدجال هو الرب الذي أبدع هذا الكون بهذا الجمال لاستطاع أن يرفع القبح عن نفسه وأن يرفع العور عن نفسه .
فالله سبحانه وتعالى الذي أبدع هذا الكون وهذا الإنسان بهذا التناسق العجيب ، والإحكام البديع ، لابد أن يكون له الكمال المطلق الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه .
وهؤلاء الذين يدعون الربوبية علامات النقص ظاهرة عليهم ، من النوم ، والمرض ، والتألم ، والتأذي من الحر والبرد ، والحاجة إلى الطعام والشراب ، بل يحمل أحدهم النجاسة بين جنبيه ، ويحتاج أن يدخل إلى الخلاء في اليوم مرة أو مرتين !! فهل هؤلاء يصلحون أن يكونوا أرباباً ؟! سبحانك هذا بهتان عظيم .
وليس العجب أن يدعي هذه الدعوى ، ولكن العجب كل العجب أن يجد هؤلاء لهم أتباعاً يوافقوانهم على ما يقولون .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-16, 03:33
خامسا :
لابد أن يعلم المسلم أن مثل هذه الفرق كالطائفة التي ذكرها والقاديانية والبهائية وغيرها من الفرق الضالة ما أوجدت إلا لمحاربة الإسلام وإبعاد أهله عنه وبيان ضلالها وزيفها لا يحتاج إلى جهد كبير لإبطاله وبيان زيفه ، وعلى المسلم أن يَحْذَر ويُحذِّر المسلمين من هذه الفرق الضالة .
سادسا :
وأما بالنسبة لدحض دين النصارى فلا يحتاج إلى كبير جهد ويكفي في الرد عليهم هذا الكلام لابن القيم -رحمه الله تعالى- إذ قال :
أعبَّاد المسيح لنا سؤال نريد جوابه ممن وعاه ؟
إذا مات الإله بصنع قوم أماتوه فما هذا الإله
وهل أرضاه ما نالوه منه فبشراهم إذاً نالوا رضاه
وإن سخط الذي فعلوه فيه فقوتهم إذاً أوهت قواه
وهل بقي الوجود بلا إله سميع يستجيب لمن دعاه
وهل خلت الطباق السبع لما ثوى تحت التراب وقد علاه
وهل خلت العوالم من إله يدبرها وقد سمّرت يداه
وكيف تخلت الأملاك عنه بنصرهم وقد سمعوا بكاه
وكيف أطاقت الخشبات حمل الإله الحق شد على قفاه
وكيف دنا الحديد إليه حتى يخالطه ويلحقه أذاه
وكيف تمكنت أيدي عِدَاه وطالت حيث قد صفعوا قفاه
وهل عاد المسيح إلى حياةٍ أم المُحيي له رب سواه
ويا عجبا لقبر ضم رباً وأعجب منه بطن قد حواه
أقام هناك تسعاً من شهور لدى الظلمات من حيض غذاه
وشق الفرج مولوداً صغيرًا ضعيفا فاتحاً للثدى فاه
ويأكل ثم يشرب ثم يأتي بلازم ذاك هل هذا إله
تعالى الله عن إفك النصارى سيسأل كلهم عما افتراه
أعباد الصليب لأي معنى يعظم أو يقبح من رماه
وهل تقضى العقول بغير كسر وإحراق له ولمن بغاه
إذا ركب الإله عليه كرهاً وقد شدّت لتسمير يداه
فذاك المركب الملعون حقاً فدسه لا تبسه إذ تراه
يهان عليه رب الخلق طراً وتعبده فإنك من عداه
فإن عظمته من أجل أن قد حوى رب العباد وقد علاه
وقد فقد الصليب فإن رأينا له شكلا تذكرنا سناه
فهلا للقبور سجدت طرًا لضم القبر ربك في حشاه
فيا عبد المسيح أفق فهذا بدايته وهذا منتهاه
" إغاثة اللهفان " ( 2 / 291 ) .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-02-16, 03:35
السؤال :
إذا أراد الله أمراً فإنه يقول له كن فيكون
فلماذا استغرق 6 أيام حتى يخلق السماوات والأرض ؟ .
الجواب :
الحمد لله
من المقرر عند أهل الإيمان الراسخ والتوحيد الكامل أن المولى جل وعلا قادر على كل شيء ، وقدرته سبحانه ليس لها حدود ، فله سبحانه مطلق القدرة وكمال الإرادة ، ومنتهى الأمر والقضاء ، وإذا أراد شيئاً كان كما أراد وفي الوقت الذي يريد ، وبالكيفية التي أرادها سبحانه وتعالى .
وقد تواترت النصوص القطعية من كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم على تقرير هذا الأمر وبيانه بياناً واضحاً لا لبس فيه ولا غموض ، ونكتفي هنا بذكر بعض الآيات الدالة على ذلك ، فمن ذلك قوله تعالى : ( بديع السموات والأرض وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون ) البقرة / 117 .
قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية الكريمة ( 1/175 ) : ( يبين بذلك تعالى كمال قدرته ، وعظيم سلطانه ، وأنه إذا قدر أمراً وأراد كونه فإنما يقول له كن _ أي : مرة واحدة _ فيكون ، أي فيوجد على وفق ما أراد كما قال تعالى : ( إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ) يس / 82 ) أ.هـ.
وقال تعالى : ( ...قال كذلك الله يخلق ما يشاء ، إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون ) آل عمران / 247 .
وقال تعالى : ( هو الذي يحي ويميت فإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون ) غافر / 68 .
وقال تعالى : ( وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر ) القمر/50 .
قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله تعالى - في تفسيره هذه الآية ( 4/261 ) : ( وهذا إخبار عن نفوذ مشيئته في خلقه ، كما أخبر بنفوذ قدره فيهم فقال : ( وما أمرنا إلا واحدة ) أي إنما نأمر بالشيء مرة واحدة لا نحتاج إلى توكيد بثانية ، فيكون ذلك الذي نأمر به حاصلاً موجوداً كلمح البصر ، لا يتأخر طرفة عين ، وما أحسن ما قال بعض الشعراء :
إذا ما أراد الله أمراً فإنما يقول له كن قولة فيكون ) أ.هـ.
وهناك آيات أخرى تقرر هذا الأمر وتوضحه .
فإذا تقرر ذلك فلماذا خلق الله جل جلاله السموات والأرض في ستة أيام ؟ .
أولاً :
قد ورد في أكثر من آية في كتاب ربنا أن الله جل وعلا خلق السموات والأرض في ستة أيام فمن ذلك قوله تعالى : ( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش ... ) الأعراف / 54 .
ثانياً :
ما من أمر يفعله الله إلا وله فيه حكمة بالغة وهذا من معاني اسم الله تعالى " الحكيم " ، وهذه الحكمة قد يطلعنا الله تعالى عليها وقد لا يطلعنا ، وقد يعلمها ويستنبطها الراسخون في العلم دون غيرهم .
غير أن جهلنا بهذه الحكمة لا يحملنا على نفيها أو الاعتراض على أحكام الله ومحاولة التكلف والتساؤل عن هذه الحكمة التي أخفاها الله عنا ، قال الله تعالى : ( لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون ) الأنبياء / 23 .
وقد حاول بعض العلماء استباط الحكمة من خلق السموات والأرض في ستة أيام :
1- قال الإمام القرطبي - رحمه الله - في تفسيره " الجامع لأحكام القرآن " لآية الأعراف ( 54 ) ( 4/7/140 ) :
( ... وذكر هذه المدة - أي ستة أيام - ولو أراد خلقها في لحظة لفعل ؛ إذ هو القادر على أن يقول لها كوني فتكون ، ولكنه أراد :
- أن يعلم العباد الرفق والتثبت في الأمور .
- ولتظهر قدرته للملائكة شيئاً بعد شيء ....
- وحكمة أخرى : خلقها في ستة أيام ؛ لأن لكل شيء عنده أجلا ، وبيّن بهذا ترك معالجة العصاة بالعقاب ؛ لأن لكل شيء عنده أجلاً ... ) ا.هـ.
2- وقال ابن الجوزي في تفسيره المسمى بـ " زاد المسير " ( 3/162 ) في تفسير آية الأعراف :
(... فإن قيل : فهلا خلقها في لحظة ، فإنه قادر ؟ فعنه خمسة أجوبة :
أحدها : أنه أراد أن يوقع في كل يوم أمراً تستعظمه الملائكة ومن يشاهده ، ذكره ابن الأنباري .
والثاني : أنه التثبت في تمهيد ما خُلق لآدم وذريته قبل وجوده ، أبلغ في تعظيمه عند الملائكة .
والثالث : أن التعجيل أبلغ في القدرة ، والتثبيت أبلغ في الحكمة ، فأراد إظهار حكمته في ذلك ، كما يظهر قدرته في قوله ( كن فيكون ) .
والرابع : أنه علّم عباده التثبت ، فإذا تثبت مَنْ لا يَزِلُّ ، كان ذو الزلل أولى بالتثبت .
والخامس : أن ذلك الإمهال في خلق شيء بعد شيء ، أبعد من أن يظن أن ذلك وقع بالطبع أو بالاتفاق . ) ا.هـ.
3- وقال القاضي أبو السعود في تفسيره عند آية الأعراف : ( 3/232 ) : ( ... وفي خلق الأشياء مدرجاً مع القدرة على إبداعها دفعة دليل على الاختيار ، واعتبار للنظار ، وحث على التأني في الأمور ) ا.هـ.
وقال عن تفسير الآية ( 59 ) من سورة الفرقان ( 6/226 ) :
( ...فإن من أنشأ هذه الأجرام العظام على هذا النمط الفائق والنسق الرائق بتدبير متين و ترتيب رصين ، في أوقات معينة ، مع كمال قدرته على إبداعها دفعة لحكم جليلة ، وغايات جميلة ، لا تقف على تفصيلها العقول ... ) أ.هـ.
وبناء على ما سبق اتضح أن الله جلت قدرته وعَظُم سلطانه له مطلق القدرة ، ومنتهى الإرادة ، وكمال التصرف والتدبير ، وله في كل خلق من خلقه حِكم بليغة لا يعلمها إلا هو سبحانه ، وكذلك اتضح لك بعض الحِكم والأسرار في خلق المولى سبحانه وتعالى السموات والأرض في ستة أيام ، مع أنه قادر سبحانه أن يخلقها بكلمة " كن " .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-16, 03:36
السؤال :
لماذا يتكلم الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم أحياناً بصيغة الجمع؟
الجواب :
الحمد لله
الجواب نوعان :
أولاً :
الجواب الإجمالي :
على كل مؤمن أن يعتقد أن أفعال الله لم تكن إلا لحكم جسيمة وغايات محمودة ولا يلزم من ذلك أن تتضح لكل أحد وهذا نوع من أنواع الابتلاء والاختبار كما قال تعالى : ( ليبلوكم أيكم أحسن عملاً ) .
ثانياً :
الجواب التفصيلي :
أن القرآن الكريم جاء بلغة العرب ، ولغة العرب يصح فيها إطلاق لفظ الجمع على الواحد ، كما يصح إطلاق لفظ المفرد على الواحد لكن إطلاق لفظ الجمع يكون من باب التعظيم ولا أحد أعظم من الله فيكون إطلاق لفظ المفرد لإثبات كونه واحداً لا شريك له وإطلاق لفظ الجمع لإثبات عظمته سبحانه .
ولابن تيمية كلام يفيدنا في هذه المسألة
قال رحمه الله في مجموع الفتاوى 5/128 : " وأما القرب - معنى قرب الله - فذكر تارة بصيغة المفرد كقوله : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع .. ) وفي الحديث : ( إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته ) وتارة بصيغة الجمع كقوله : ( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) وهذا مثل قوله تعالى : ( نتلوا عليك ) ، ( نقص عليك ) .. أما قوله نتلوا ، ونقص ونحوه فهذه الصيغة في كلام العرب للواحد العظيم الذي له أعوان يطيعونه فإذا فعل أعوانه فعلاً بأمره قال : نحن فعلنا ، كما يقول الملك : نحن فتحنا هذا البلد وهزمنا هذا الجيش ، ونحو ذلك .
والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-02-16, 03:37
السؤال :
الكثير من المسلمين يستعملون كلمة "يخلق" للآدميين
مثلاً : يقولون : فلان له عقل خلاق .
أو أنهم يقولون : إن فلاناً خلق هذا أو ذاك ، حتى إن بعض المسلمين الملتزمين جداً يستعملون هذه الكلمة في كتبهم .
الخالق الوحيد هو الله فهل يمكن أن نستعمل هذه الكلمة للآدميين ؟.
الجواب :
الحمد لله
لا شك أن الله تعالى هو المنفرد بالخلق ، قال الله تعالى : (هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) فاطر/3 . ولكن ورد إضافة الخلق إلى غير الله تعالى ، كما في قوله سبحانه : ( فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ) المؤمنون/14 . وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المصورين يقال لهم يوم القيامة: ( أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ ) .
فإضافة الخلق إلى الله تعالى معناها الإيجاد من العدم ، وهذا هو الذي لا يقدر عليه أحد إلا الله تعالى .
وأما إضافة الخلق إلى البشر فمعناها تحويل الشيء من صورة إلى صورة .
فإذا أطلق على غير الله أنه يخلق باعتبار أنه يحول الشيء من صورة إلى أخرى فهذا صحيح ، وأما إذا أطلق على غير الله أنه يخلق بمعنى أنه يوجد الشيء من العدم فهذا غير جائز . والله تعالى أعلم .
كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد للشيخ ابن عثيمين 1/6 .
وأما قول بعض الناس : إن فلاناً له عقل خلاق . فإنهم يقصدون بذلك حسن تفكيره ، وقدرته على الابتكار ، والإتيان بالأفكار الجديدة . وليس في هذا محذور شرعي . وإن كان الأولى التنزه عن مثل هذه الألفاظ التي قد يفهم منها معنى باطل .
والله أعلم
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-02-16, 03:40
السؤال :
لقد تسبب القضاة الجهلة في نفورنا من الشرع الحكيم ليس لنقص فيه حاشا لله ولكن لنقص في عقول قضاتنا هداهم الله فإن الله أرحم بالعباد منهم فحد شارب الخمر 80 جلدة وهو من الموبقات السبع وهم يعزرون في قضايا تافهة بالجلد أكثر من ذلك وكأن القضاء في الإسلام عبارة عن العصا الغليظة والسجن فمقابلة بعض القضاة الذي لا يكاد يرد السلام هو أشد عقاب فهل يجوز المناداة بتطبيق القوانين الوضعية لأننا لا نستطيع بهذه العقليات أن نطبق شرعنا الحنيف بل نسيء إليه فالقاضي أقل الناس التزاما بدوامه الرسمي وأسوأ الناس معاملة وأكثر الناس حبا للمال ومخططات الأراضي فما هو الحل حفظكم الله وكثر من أمثالكم الملتزمين بدينهم الذين يؤمنون بأهميَّة التقنية في خدمة هذا الدين الحنيف. وأخيرا أقول ثبت الله الصالح من قضاتنا وهدى الضال منهم إلى الطريق الصحيح .
الجواب :
الحمد لله
أجزم بأن ما ذكر مبالغ فيه
ولكن ليس القضاة بالمعصومين فهم كغيرهم يصيبون وهو الغالب
ويخطئون وخطأ المجتهد مغفور له إن شاء الله
فإذا وجد شيء من الأخطاء فعلى الإنسان إن كان ممن يدرك هذه الأخطاء أن يسعى في تصحيحها بالمناصحة مع المخطئ ومشاورة أهل العلم والفضل والنصح
ولا يجوز بحال من الأحوال إذا وجد شيء من الخطأ أن نطالب بتطبيق القوانين الوضعية
قال تعالى : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما )
وقال تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )
وقال ( .... هم الفاسقون )
وقال ( .... هم الظالمون ) .
فالحكم بغير ما أنزل الله من أعظم المنكرات التي يجب على المسلمين إزالتها فورا فكيف نطالب بتطبيقها ؟
وعلى القضاة أن يتقوا الله في أحكامهم على أن تكون وفق ما شرعه الله
والعقوبات والتعزيرات علاج لمشاكل المجتمع
وعلى القضاة وغيرهم ممن يقصّر في الدوام الرسمي أن يتقوا الله في ذلك
ويحرص على براءة ذمته
وطيب كسبه لأنه أجير لا يجوز له أن يخلّ بشيء مما أوجب الله عليه .
الشيخ عبد الكريم الخضير .
و اخيرا ً
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
شمس العلوم
2018-02-16, 08:33
بارك الله فيك
*عبدالرحمن*
2018-02-16, 17:20
بارك الله فيك
الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات
بارك الله فيك
وجزاك الله عني كل خير
احترامي
*عبدالرحمن*
2018-02-16, 17:24
اخوة الاسلام
السلام عليكم و رحمة الله و بركاتة
توحيد الألوهية
السؤال :
من هو رب العالمين ؟ .
الجواب :
الحمد لله
الله وحده هو الرب الخالق الرازق .. المالك المتصرف .. العليم الحكيم .. الحي القيوم .. السميع البصير .. اللطيف الخبير .. الرحمن الرحيم .. الحليم الغفور .. العزيز الجبار .. العفو الكريم .. القوي القادر .. البارئ المصور ..
- له ملك السماوات و الأرض بيده الخير و هو على كل شيء قدير .
- لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى و الصفات العلى .. ( الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى ) طه / 8.
- يفعل ما يشاء .. ويحكم ما يريد .. ( و ربك يخلق ما يشاء و يختار ) القصص 68 / .
- مالك الملك .. يعز من يشاء .. ويذل من يشاء .. ( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء و تنزع الملك ممن تشاء و تعز من تشاء و تذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير ) .آل عمران/26 .
- هو يحيي و يميت ، و لا يخفى عليه شيء في الأرض و لا في السماء .. ( و الله يحيي و يميت و الله بما تعملون بصير ) آل عمران/156 .
- له الخلق و الأمر وحده .. ( ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ) الأعراف/ 54 .
- هو الأول فليس قبله شيء .. و الآخر فليس بعده شيء .. و الظاهر فليس فوقه شيء .. و الباطن فليس دونه شيء .. ( هو الأول و الآخر و الظاهر و الباطن و هو بكل شيء عليم ) الحديد /3 .
- خالق كل شيء و هو بكل شيء عليم .. ( ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه و هو على شيء وكيل ) الأنعام /102 .
- لطيف عظيم محيط بكل شيء .. ( و كان الله بكل شيء محيطاً ) النساء / 126 .
- حي قيوم .. له ما في السماوات و ما في الأرض .. لا يخفى عليه شيء .. و لا يعجزه شيء .. و لا يحيط به شيء .. (الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم ) البقرة /255 .
- علم كل شيء و أحصاه .. (و كل شيء أحصيناه في إمام مبين ) يس / 12 .
- جواد كريم .. الرزق كله منه .. (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ) هود/ 6
- نعمه لا تعد و لا تحصى .. ( وآتاكم من كل ما سألتموه و إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) إبراهيم / 34 .
- و خزائنه ملأت الأرض و السماء .. ( ولله خزائن السماوات و الأرض ) المنافقون /7 .
- غني حميد يعطي العباد و لا تنقضي خزائنه .. ( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ) فاطر / 15.
- عفو غفور يرحم عباده و يتجاوز عن سيئاتهم ..( إن الله لعفو غفور ) الحج / 60 .
- عالم الغيب و الشهادة .. عزيز في ملكه .. حكيم في تدبيره .. ( عالم الغيب و الشهادة العزيز الحكيم ) التغابن / 18.
- يعلم السر و الجهر و ما يخفى ..( و هو الله في السماوات و في الأرض يعلم سركم و جهركم و يعلم ما تكسبون ) الأنعام / 3 .
- لطيف خبير .. ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ) الأنعام / 103.
- واحد في ذاته وصفاته وأفعاله 00 ( قل هو الله أحد - الله الصمد - لم يلد ولم يولد - ولم يكن له كفواً أحد ) الإخلاص / 1-4.
- سبحانه له الأسماء الحسنى و الصفات العلى لا شريك له .. ( ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون ) الزمر/ 6 .
- و من هذا ملكه .. و هذه صفاته .. و هذا خلقه .. و هذه نعمه .. هو الذي يستحق الحمد و الشكر .. و إخلاص العبادة له دون سواه .. ( إن ربكم الله الذي خلق السماوات و الأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون ) يونس / 3 .
- خلق فسوى .. و قدر فهدى .. و رزق فأغنى .. ( الله الذي جعل لكم الأرض قرارًا و السماء بناء و صوركم فأحسن صوركم و رزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين ) غافر / 64 .
- اللهم لك الحمد على الملك العظيم .. ( الحمد لله الذي له ما في السماوات و ما في الأرض ) سبأ / 1 .
- اللهم لك الحمد على الخلق العظيم .. ( الحمد لله الذي خلق السماوات و الأرض ) الأنعام / 1 .
-اللهم لك الحمد هديتنا للإسلام .. و أنزلت علينا القرآن .. و رزقتنا من الطيبات .. و جعلتنا خير الأمم .. و أكرمتنا بوافر النعم .. لا إله إلا أنت .. لك الملك .. و لك الخلق و الأمر .. و لك الفضل كله .. و لك الحمد كله .. ( الحمد لله رب العالمين - الرحمن الرحيم - مالك يوم الدين - إياك نعبد و إياك نستعين ) . الفاتحة /2- 5 .
من كتاب أصول الدين الإسلامي :
تأليف الشيخ محمد بن إبراهيم التويجري .
*عبدالرحمن*
2018-02-16, 17:29
السؤال :
أرجو توضيح معنى العبودية في الإسلام
(العبودية لله والعبودية للناس).
الجواب :
الحمد لله
عبودية المسلم لله عزّ وجلّ هي التي أمر بها سبحانه في كتابه وأرسل الرسل لأجلها كما قال تعالى ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) النحل - 36
والعبودية في اللغة مأخوذة من التعبيد تقول عبّدت الطريق أي ذللته وسهلته ، وعبودية العبد لله لها معنيان عام وخاص ، فإن أريد المُعبّد أي المذلل والمسخر فهو المعنى العام ويدخل فيه جميع المخلوقات من جميع العالم العلوي والسفلي من عاقل وغيره ومن رطب ويابس ومتحرك وساكن وكافر ومؤمن وبَرٍّ وفاجر فالكل مخلوق لله عز وجل مسخر بتسخيره مدبر بتدبيره ولكل منهم حدٌّ يقف عنده .
وإن أريد بالعبد العابد لله المُطيع لأمره كان ذلك مخصوصا بالمؤمنين دون الكافرين لأن المؤمنين هم عباد الله حقا الذين أفردوه بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته ولم يشركوا به شيئاً . كما قال تعالى في قصّة إبليس : قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(39) إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ(40) قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ(41) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ . سورة الحجر
أما العبادة التي أمر الله بها فهي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة والبراءة مما ينافي ذلك فيدخل في هذا التعريف الشهادتان والصلاة والحج والصيام والجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله والملائكة والرسل واليوم الآخر وقوام هذه العبادة الإخلاص بأن يكون قصد العابد وجه الله عز وجل والدار الآخرة قال تعالى { ويتجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى ) الليل 17-21.
فلا بد من الإخلاص ثم لا بد من الصدق : بأن يبذل المؤمن جهده في امتثال ما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه والاستعداد للقاء الله تعالى وترك العجز والكسل وإمساك النفس عن الهوى كما قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } التوبة 119.
ثم لا بد من متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيعبد العابد الله تعالى بوفق ما شَرَع عزّ وجلّ لا بحسب ما يهوى المخلوق ويبتدع وهذا هو المقصود باتّباع النبي المرسل من عند الله محمد صلى الله عليه وسلم فلا بد من الإخلاص والصدق والمتابعة فإذا عُرفت هذه الأمور تبين لنا أن كل ما يضاد هذه التعاريف فهو من العبودية للناس فالرياء هو عبودية للناس والشرك هو عبودية للناس وترك الأوامر واسخاط الرب مقابل رضى الناس عبودية للناس وكلّ من قدّم طاعة هواه على طاعة ربه فقد خرج عن مقتضى العبودية وخالف المنهج المستقيم ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم تعس عبد الدينار وتعس عبد الدرهم وتعس عبد الخميصة وتعس عبد الخميلة إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش .
والعبودية لله تجمع وتتضمن المحبة والخوف والرجاء فالعبد يحبّ ربّه ويخاف عقابه ويرجو رحمته وثوابه فهذه أركانه الثلاثة التي لا تقوم إلا بها .
والعبودية لله شرف وليست مذلّة كما قال الشاعر :
ومما زادني شرفا وتيها وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيّرت أحمد لي نبيا
نسأل الله أن يجعلنا من عباده الصالحين وصلى الله على نبينا محمد .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-02-16, 17:31
السؤال :
ما هي الحكمة من عدم وجود فترة استراحة للرجل في العبادة مثل النساء ، مثلا نصوم رمضان وعند الحيض نفطر ، نصلي وعند الحيض والنفاس لا نصلي ؟
الجواب :
الحمد لله
ليست العبادة عناء ومشقة كي يستريح منها المسلم ، بل هي محبة وتعظيم لله تعالى ، يبعث عليها صادق الرغبة إلى الله ، ويهيج إليها عظيم الشوق إليه سبحانه ، يتذلل المسلم بها بين يدي ربه ومولاه ، يناديه ويناجيه مقبلا إليه ، راجيا رحمته ، وسائلا فضله وكرمه وقربه ، فَمَن هذا حالُه لا يطلب إقالة ولا استقالة ، ولا يسأل إلا المزيد من مواسم العبادة والطاعة ، ويكون حاله كحال النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يقول : ( أرحنا بها – يعني بالصلاة – يا بلال ).
يقول ابن القيم رحمه الله :
" لا ريب أن كمال العبودية تابع لكمال المحبة ، وكمال المحبة تابع لكمال المحبوب في نفسه ، والله سبحانه له الكمال المطلق التام في كل وجه ، الذي لا يعتريه توهم نقص أصلا ، ومَن هذا شأنه فإن القلوب لا يكون شيء أحب إليها منه ، ما دامت فطرها وعقولها سليمة ، وإذا كانت أحب الأشياء إليها فلا محالة أن محبته توجب عبوديته وطاعته ، وتتبع مرضاته واستفراغ الجهد في التعبد له ، والإنابة إليه ، وهذا الباعث أكمل بواعث العبودية وأقواها ، حتى لو فرض تجرده عن الأمر والنهي والثواب والعقاب استفرغ الوسع ، واستخلص القلب للمعبود الحق ، ومِن هذا قول بعض السلف : أنه ليستخرج حبه من قلبي ما لا يستخرجه قوله. ومنه قول عمر في صهيب : لو لم يخف الله لم يعصه ...
وقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تفطرت قدماه ، فقيل له : تفعل هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟! قال : ( أفلا أكون عبدا شكورا )...
فالله سبحانه يُعبَد ويُحمَد ويُحَب لأنه أهل لذلك ومستحقه ، بل ما يستحقه سبحانه من عباده أمرٌ لا تناله قدرتهم ولا إرادتهم ولا تتصوره عقولهم ، ولا يمكن أحدا من خلقه قط أن يعبده حق عبادته ، ولا يوفيه حقه من المحبة والحمد ، ولهذا قال أفضل خلقه وأكملهم وأعرفهم به وأحبهم إليه وأطوعهم له : ( لا أحصى ثناء عليك ) ، وأخبر أن عمله صلى الله عليه وسلم لا يستقل بالنجاة فقال : ( لن ينجي أحدا منكم عمله . قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟! قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل ) عليه صلوات الله وسلامه عدد ما خلق في السماء ، وعدد ما خلق في الأرض ، وعدد ما بينهما ، وعدد ما هو خالق ، وفي الحديث المرفوع المشهور أن مِن الملائكة مَن هو ساجد لله لا يرفع رأسه منذ خلق ، ومنهم راكع لا يرفع رأسه من الركوع منذ خلق إلى يوم القيامة ، وأنهم يقولون يوم القيامة : سبحانك ما عبدناك حق عبادتك " انتهى.
" مفتاح دار السعادة " (2/88-90)
*عبدالرحمن*
2018-02-16, 17:33
السؤال :
قرأت في سؤال أن الغاية من خلق البشر هي أن يفردوا الله تعالى بالعبادة فهل توضح لي حقيقة العبادة ؟
الجواب :
الحمد لله
العبادة في اللغة : هي الخضوع والذل تقول العرب هذا طريق مُعَبَّدْ أي مُذَلَّلْ من كثرة وطئ الأقدام عليه .
أما في الشرع فالعبادة تطلق على شيئين :
الأول : فعل العبد كالذي يصلي أو يزكي ففعله هذا عبادة ويعرفها العلماء بقولهم :
هي طاعة الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه مع محبة الله وخوفه ورجائه .
الثاني : نفس المأمور به ولو لم يفعله أحد كالصلاة في حد ذاتها والزكاة ونحو ذلك فيعرفها العلماء بقولهم :
هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة .
وسميت هذه المأمورات عبادات لأن المكلفين يفعلونها خاضعين متذللين محبين لربهم جل وتعالى . فلا بد في عبادة الله من كمال محبته مع كمال الخضوع والذل له سبحانه .
وقد بين لنا ربنا أن الغاية العظمى والهدف الأسمى من خلق الجن والإنس هو أن يعبدوه وحده لا شريك له فقال جل شأنه : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) الذاريات/56
فكيف نحقق هذه الغاية ونصل إلى هذا الهدف ؟
كثير من الناس يظن أن العبادة لا تعدو أن تكون مجموعة من الشعائر التعبدية التي أمر الله أن تؤدى في أوقاتها المعلومة ـ كالصلاة والصيام والحج ، وبهذا ينتهي كل شيء ـ . وليس الأمر كما يظن هؤلاء .
فكم تستغرق الشعائر التعبدية من اليوم والليلة ؟ بل كم تستغرق من عمر الإنسان نفسه؟!
فأين بقية العمر إذن ؟ وأين بقية الطاقة ؟ وأين بقية الوقت ؟ أين تنفق وأين تذهب ؟ أتنفق في العبادة أم في غيرها ؟ وإن كانت ستنفق في غير العبادة فكيف تتحقق غاية الوجود الإنساني التي حصرتها الآية حصراً كاملاً في عبادة الله ؟ وكيف يتحقق قوله تعالى : ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ) الأنعام/162 .
إن العبودية قضية كلية تهيمن على حياة المسلم فهو حين يسعى في الأرض لطلب الرزق يعبد الله لأن ربه يأمره بذلك في قوله : ( فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور ) الملك/15 ، وهو حين ينام فهو ينام ليتقوى على عبادة الله تعالى كما قال معاذ بن جبل رضي الله عنه : " إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي " أخرجه البخاري 4342 ، أي أنه يحتسب الأجر في نومه كما يحتسب الأجر في قيامه لِلَّيل ، بل إن المسلم لا يرضى إلا أن يكون تمتعه بالطعام والشراب والنكاح في ميزان حسناته كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( وفي بضع أحدكم صدقة . قالوا : يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال : أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر ؟ قالوا : نعم . قال : فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر ) أخرجه مسلم 1006
وطريق الوصول إلى هذه المرتبة العظيمة بأن يستحضر العبد ذكر ربه وهو يعمل في شتى مجالات الحياة فيسأل نفسه هل هو في الموضع الذي يرضي ربه عنه أم يسخطه عليه ؟ فإذا كان في موضع الرضى فليحمد الله وليزدد من الخير ، وإن كان على غير ذلك فليستغفر الله وليتب إليه كما هو حال عباد الله المتقين الذين وصفهم الله بقوله : ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ . أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ) آل عمران/ 135 ، 136 .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-16, 17:34
وهكذا كانت العبادة في حس سلفنا الصالح من الصحابة ومن بعدهم فلم يحصروها قط في إطار الشعائر التعبدية بحيث تصبح اللحظات التي يقومون فيها بأداء تلك الشعائر هي وحدها لحظات العبادة ، وتكون بقية حياتهم " خارج العبادة " إنما كان في حس أحدهم أن حياته كلها عبادة وأن الشعائر إنما هي لحظات مركزة يتزود فيها الإنسان بالطاقة الإيمانية التي تعينه على أداء بقية العبادات المطلوبة منه ، ولذلك كانوا يحتفون بها احتفاءً خاصاً كما يحتفي المسافر بالزاد الذي يعينه على الطريق وباللحظة التي يحصل فيها على الزاد .
لقد كانوا كما وصفهم ربهم : ( يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ) آل عمران/191 أي في جميع أحوالهم لقد كانوا يجمعون إلى الذكر باللسان الذكر بالقلب وكانت عظمة الله وخشيته حاضرة في قلوبهم في كل عمل يعملونه ، أو قول يقولونه فإذا حدث وغفل أحدهم فزل أو أخطأ كان حاله كما وصف الله في الآيات التي سبق ذكرها من آل عمران .
ثم اعلم ـ وفقك الله ـ أن كل إنسان عابد بفطرته. أي أنه مجبول على العبادة ؛ فإما أن يكون عابدا لله وحده بلا شريك ، وإما أن يكون عابدا لشيء آخر غير الله ، معه أو من دونه ، كلاهما سواء ! وهذه العبادة هي التي يسميها الله سبحانه وتعالى " عبادة الشيطان " لأنه استجابة لدعوة الشيطان : ( ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ) يس/60 . ولا يستوي حياة الإنسان عابدا لله وعابدا للشيطان : ( أفمن يمشي مكباًّ على وجهه أهدى أم من يمشي سويا على صراط مستقيم ) الملك/22 .
( قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور ) الرعد/16 ، والشيطان يستدرج الإنسان في محاولة لإبعاده عن عبادة الله فتارة ينجح في إبعاده إبعاداً مؤقتاً كما يقع في المعصية " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن .. ) أخرجه البخاري (2475 ) ومسلم (57 ) ، وتارة يبعده إبعاداً كاملاً ينقطع فيه ما بين العبد وبين ربه فيشرك أو يكفر أو يلحد ـ والعياذ بالله ـ
وعبادة الشيطان هذه تارة تكون عبادة للهوى كما قال تعالى : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلاً ) الفرقان/43 ، فهذا العبد الذي يأتمر بأمر هواه فما رآه حسنا فعله وما رآه قبيحا تركه فهو مطيع لهوى نفسه يتبع ما تدعو إليه فكأنه يعبده كما يعبد الرجل إلهه.
وتارة تكون عبادة للدرهم والدينار كما قال صلى الله عليه وسلم : " تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلا انْتَقَشَ .. الحديث " رواه البخاري 2887
وهكذا كل من تعلق قلبه بشيء غير الله من أهواء نفسه فإن حصل له رضي وإن لم يحصل له سخط فهو عبد ما يهواه رقيق له؛ إذ الرق والعبودية في الحقيقة هو رق القلب وعبوديته .
ثم بقدر ما تستعبده هذه الشهوات أو بعضها بقدر ما تضعف عبوديته لربه سبحانه فإن استحكمت عبوديته لتلك الشهوات والأهواء حتى صدته عن الدين بالكلية فهو مشرك كافر ، وإن صدته تلك الأهواء والشهوات عن بعض ما يجب عليه أو زينت له فعل بعض ما يحرم عليه مما لا يخرج فاعله من الدين فقد نقص من عبوديته لربه وإيمانه به بقدر ما صُد عنه.
نسأل الله تعالى أن يمن علينا بكمال العبودية له سبحانه , وأن يجعلنا من عباده المخلَصين وأوليائه المقربين ، إنه سميع قريب مجيب .
والله أعلم وأحكم .
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
يراجع
( مفاهيم ينبغي أن تصحح للشيخ محمد قطب 20- 23 ، 174- 182 )
و ( العبودية لشيخ الإسلام ابن تيمية ).
*عبدالرحمن*
2018-02-16, 17:36
السؤال :
أشعر أني أقوم بالعبادات والطاعات بدافع حبِّ الجنَّة ، والخوف من النَّار ، وليس بدافع محبة الله ، أو حب الطاعات ، فما السبب في ذلك ؟ وما العلاج ؟ . أريد أن أقوم بأي عبادة حبّاً في الله ، وحبّاً في طاعته ، في المقام الأول ، فما السبيل إلى ذلك؟
الجواب :
الحمد لله
هذا الإشكال في سؤالك أخي الفاضل منبعه تلك المقولة الخاطئة المشتهرة " لا نعبد الله خوفاً من ناره ، ولا طمعاً في جنته ، بل نعبده حبّاً له " ! وبعضهم يذكرها بصيغة أخرى مفادها : أنه من عبد الله خوفا من ناره فهي عبادة العبيد ، ومن عبده طمعاً في جنته فهي عبادة التجار ، وزعموا أن العابد هو من عبده حبّاً له تعالى !!
وأيّاً كانت العبارة ، أو الصيغة التي تحمل تلك المعاني ، وأيا كان قائلها : فإنها خطأ ، وهي مخالفة للشرع المطهَّر ، ويدل على ذلك :
1. أنه ليس بين الحب والخوف والرجاء تعارض حتى تريد - أخي السائل - أن تعبد ربك تعالى حبّاً له ؛ لأن الذي يخافه تعالى ويرجوه ليست محبة الله منزوعة منه ، بل لعله أكثر تحقيقاً لها من كثيرين يزعمون محبته .
2. أن العبادة الشرعية عند أهل السنَّة تشمل المحبة والتعظيم ، والمحبة تولِّد الرجاء ، والتعظيم يولِّد الخوف .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
والعبادة مبنية على أمرين عظيمين ، هما : المحبة ، والتعظيم ، الناتج عنهما : ( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهَباً ) الأنبياء/ 90 ، فبالمحبة تكون الرغبة ، وبالتعظيم تكون الرهبة ، والخوف .
ولهذا كانت العبادة أوامر ، ونواهي : أوامر مبنية على الرغبة ، وطلب الوصول إلى الآمر ، ونواهي مبنية على التعظيم ، والرهبة من هذا العظيم .
فإذا أحببتَ الله عز وجل : رغبتَ فيما عنده ، ورغبت في الوصول إليه ، وطلبتَ الطريق الموصل إليه ، وقمتَ بطاعته على الوجه الأكمل ، وإذا عظمتَه : خفتَ منه ، كلما هممتَ بمعصية استشعرت عظمة الخالق عز وجل ، فنفرتَ ، ( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ) يوسف/ 24 .
فهذه مِن نعمة الله عليك ، إذا هممتَ بمعصية وجدتَ الله أمامك ، فهبتَ ، وخفتَ ، وتباعدتَ عن المعصية ؛ لأنك تعبد الله ، رغبة ، ورهبة .
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 8 / 17 ، 18 ) .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-16, 17:37
3. أن عبادة الأنبياء والعلماء والأتقياء تشتمل على الخوف والرجاء ، ولا تخلو من محبة ، فمن يرد أن يعبد الله تعالى بإحدى ذلك : فهو مبتدع ، وقد يصل الحال به للكفر .
قال الله تعالى – في وصف حال المدعوين من الملائكة والأنبياء والصالحين - : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ) الإسراء/ 57 .
وقال الله تبارك وتعالى – في وصف حال الأنبياء - : ( إِِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ) الأنبياء/ 90 .
قال ابن جرير الطبري – رحمه الله - :
ويعنى بقوله : ( رَغَباً ) : أنهم كانوا يعبدونه رغبة منهم فيما يرجون منه ، من رحمته ، وفضله .
( وَرَهَباً ) : يعني : رهبة منهم ، من عذابه ، وعقابه ، بتركهم عبادته ، وركوبهم معصيته .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
" تفسير الطبري " ( 18 / 521 ) .
وقال الحافظ ابن كثير – رحمه الله - :
وقوله : ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ) أي : في عمل القُرُبات ، وفعل الطاعات .
( وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ) قال الثوري : ( رَغَبًا ) فيما عندنا ، ( وَرَهَبًا ) مما عندنا .
( وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ) قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : أي : مصدِّقين بما أنزل الله ، وقال مجاهد : مؤمنين حقّاً ، وقال أبو العالية : خائفين ، وقال أبو سِنَان : الخشوع هو الخوف اللازم للقلب ، لا يفارقه أبداً ، وعن مجاهد أيضاً : ( خَاشِعِينَ ) أي : متواضعين ، وقال الحسن ، وقتادة ، والضحاك : ( خَاشِعِينَ ) أي : متذللين لله عز وجل ، وكل هذه الأقوال متقاربة .
" تفسير ابن كثير " ( 5 / 370 ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
قال بعض السلف : " مَن عبد الله بالحب وحده : فهو زنديق ، ومَن عبده بالخوف وحده : فهو حروري – أي : خارجي - ، ومَن عبده بالرجاء وحده : فهو مرجئ ، ومن عبده بالحب والخوف والرجاء : فهو مؤمن موحد .
" مجموع الفتاوى " ( 15 / 21 ) .
4. اعتقادهم أن الجنة هي الأشجار والأنهار والحور العين ، وغفلوا عن أعظم ما في الجنة مما يسعى العبد لتحصيله وهو : رؤية الله تعالى ، والتلذذ بذلك ، والنار ليست هي الحميم والسموم والزقوم ، بل هي غضب الله وعذابه والحجب عن رؤيته عز وجل .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
ومِن هنا يتبين زوال الاشتباه في قول مَن قال : " ما عبدتُك شوقاً إلى جنَّتك ، ولا خوفاً من نارك ، وإنما عبدتك شوقاً إلى رؤيتك " .
فإن هذا القائل ظنَّ هو ومَن تابعه أن الجنة لا يدخل في مسماها إلا الأكل ، والشرب ، واللباس ، والنكاح ، ونحو ذلك مما فيه التمتع بالمخلوقات ، ولهذا قال بعض مَن غلط مِن المشائخ لما سمع قوله : ( مِنْكُم مَنْ يُريدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُم مَن يُرِيدُ الآخِرَةَ ) قال : فأين من يريد الله ؟! وقال آخر في قوله تعالى : ( إِنَّ الله اشْتَرَى مِنَ المُؤمِنينَ أنْفُسَهُم وَأَمْوَالُهُم بِأَنَّ لَهُم الجَنَّةَ ) قال : إذا كانت النفوس والأموال بالجنَّة فأين النظر إليه ؟! .
وكل هذا لظنِّهم أنَّ الجنَّة لا يدخل فيها النظر ، والتحقيق : أن الجنة هي الدار الجامعة لكل نعيم ، وأعلى ما فيها : النظر إلى وجه الله ، وهو من النعيم الذي ينالونه في الجنة ، كما أخبرت به النصوص ، وكذلك أهل النار ، فإنهم محجوبون عن ربهم يدخلون النار ، مع أن قائل هذا القول إذا كان عارفاً بما يقول فإنما قصده أنك لو لم تخلق ناراً ، أو لو لم تخلق جنَّة لكان يجب أن تُعبد ، ويجب التقرب إليك ، والنظر إليك ، ومقصوده بالجنة هنا ما يتمتع فيه المخلوق .
" مجموع الفتاوى " ( 10 / 62 ، 63 ) .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-16, 17:38
وقال ابن القيم - رحمه الله - :
والتحقيق أن يقال : الجنَّة ليست اسماً لمجرد الأشجار ، والفواكه ، والطعام ، والشراب ، والحور العين ، والأنهار ، والقصور ، وأكثر الناس يغلطون في مسمى الجنَّة ، فإنَّ الجنَّة اسم لدار النعيم المطلق الكامل ، ومِن أعظم نعيم الجنَّة : التمتع بالنظر إلى وجه الله الكريم ، وسماع كلامه ، وقرة العين بالقرب منه ، وبرضوانه ، فلا نسبة للذة ما فيها من المأكول والمشروب والملبوس والصور إلى هذه اللذة أبداً ، فأيسر يسير من رضوانه : أكبر من الجنان وما فيها من ذلك ، كما قال تعالى : ( وَرِضْوَانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَر ) التوبة/ 72 ، وأتى به مُنَكَّراًَ في سياق الإثبات ، أي : أي شيء كان من رضاه عن عبده : فهو أكبر من الجنة .
قليل منك يقنعني *** ولكن قليلك لا يقال له قليل
وفي الحديث الصحيح حديث الرؤية : ( فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إلى وجهه ) ، وفي حديث آخر : ( أنه سبحانه إذا تجلى لهم ورأوا وجهه عيانا : نسوا ما هم فيه من النعيم وذهلوا عنه ولم يلتفوا إليه ) .
ولا ريب أن الأمر هكذا ، وهو أجل مما يخطر بالبال أو يدور في الخيال ، ولا سيما عند فوز المحبين هناك بمعية المحبة ، فإن ( المرء مع مَن أحب ) ، ولا تخصيص في هذا الحكم ، بل هو ثابت ، شاهداً ، وغائباً ، فأي نعيم ، وأي لذة ، وأي قرة عين ، وأي فوز ، يداني نعيم تلك المعية ، ولذتها ، وقرة العين بها ، وهل فوق نعيم قرة العين بمعية المحبوب الذي لا شيء أجل منه ، ولا أكمل ، ولا أجمل قرة عين ألبتة ؟ .
وهذا - والله - هو العِلم الذي شمَّر إليه المحبون ، واللواء الذي أمَّه العارفون ، وهو روح مسمَّى الجنَّة وحياتها ، وبه طابت الجنة ، وعليه قامت .
فكيف يقال : " لا يُعبد الله طلباً لجنَّته ، ولا خوفاً من ناره " ؟! .
وكذلك النار أعاذنا الله منها ، فإن لأربابها من عذاب الحجاب عن الله ، وإهانته ، وغضبه ، وسخطه ، والبُعد عنه : أعظم من التهاب النار في أجسامهم ، وأرواحهم ، بل التهاب هذه النار في قلوبهم : هو الذي أوجب التهابها في أبدانهم ، ومنها سرت إليها .
فمطلوب الأنبياء ، والمرسلين ، والصدِّيقين ، والشهداء ، والصالحين : هو الجنَّة ، ومهربهم : من النار ، والله المستعان ، وعليه التكلان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .
" مدارج السالكين " ( 2 / 80 ، 81 ) .
5. مؤدى تلك المقولة الاستخفاف بخلق الجنة ، والنار ، والله تعالى خلقهما ، وأعدَّ كل واحدة منهما لمن يستحقها ، وبالجنة رغَّب العابدين لعبادته ، وبالنار خوَّف خلقه من معصيته والكفر به .
6. كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل الله الجنَّة ، ويستعيذ به من النار ، وكان يعلِّم ذلك لأصحابه رضوان الله عليهم ، وهكذا توارثه العلماء والعبَّاد ، ولم يروا في ذلك نقضاً لمحبتهم لربهم تعالى ، ولا نقصاً في منزلة عبادتهم .
عَنْ أَنَسٍ قَالَ : كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) . رواه البخاري ( 6026 ) .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ : ( مَا تَقُولُ فِي الصَّلَاةِ ؟ ) قَالَ : أَتَشَهَّدُ ، ثُمَّ أَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ ، وَأَعُوذُ بِهِ مِنْ النَّارِ ، أَمَا وَاللَّهِ مَا أُحْسِنُ دَنْدَنَتَكَ ، وَلَا دَنْدَنَةَ مُعَاذٍ – أي : ابن جبل - قَالَ : ( حَوْلَهَا نُدَنْدِن ) .
رواه أبو داود ( 792 ) وابن ماجه ( 3847 ) ، وصححه الألباني في " صحيح ابن ماجه " .
وعَنْ الْبَرَاء بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وَضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ وَقُلْ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَهْبَةً وَرَغْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ فَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ ) . رواه البخاري ( 5952 ) ومسلم ( 2710 ) .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-16, 17:38
قال تقي الدِّين السبكي – رحمه الله - :
والعاملون على أصناف : صنف عبدوه لذاته ، وكونه مستحقّاً لذلك ؛ فإنه مستحق لذلك ، لو لم يخلق جنَّة ولا ناراً ، فهذا معنى قول من قال : " ما عبدناك خوفاً من نارك ، ولا طمعاً في جنَّتك " ، أي : بل عبدناك لاستحقاقك ذلك ، ومع هذا فهذا القائل يسأل الله الجنَّة ، ويستعيذ به من النار ، ويظن بعض الجهلة خلاف ذلك ، وهو جهل ، فمَن لم يسأل الله الجنَّة والنجاة من النار : فهو مخالف للسنَّة ؛ فإن مِن سنَّة النَّبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، ولما قال ذلك القائل للنبي صلى الله عليه وسلم : " إنه يسأل الله الجنة ، ويستعيذ به من النار " ، وقال : " ما أُحسن دندنتك ، ولا دندنة معاذ " : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( حولها ندندن ) .
فهذا سيد الأولين والآخرين يقول هذه المقالة ، فمن اعتقد خلاف ذلك : فهو جاهل ، ختَّال .
ومِن آداب أهل السنَّة أربعة أشياء لا بد لهم منها : الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ، والافتقار إلى الله تعالى ، والاستغاثة بالله ، والصبر على ذلك إلى الممات .
كذا قال سهل بن عبد الله التستري ، وهو كلامٌ حقٌّ .
" فتاوى السبكي " ( 2 / 560 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
كل ما أعده الله لأوليائه : فهو مِن الجنَّة ، والنظر إليه هو من الجنة ، ولهذا كان أفضل الخلق يسأل الله الجنَّة ، ويستعيذ به من النَّار ، ولما سألَ بعضَ أصحابه عما يقول في صلاته ، قال : " إني أسأل الله الجنَّة ، وأعوذ بالله من النَّار ، أما إني لا أُحسن دندنتك ، ولا دندنة معاذ " ، فقال : ( حولها ندندن ) .
" مجموع الفتاوى " ( 10 / 241 ) .
7. من أراد أن يعبد الله تعالى بالمحبَّة وحدها دون الخوف والرجاء : فدينه في خطر ، وهو مبتدع أشد الابتداع ، وقد يصل به الحال أن يخرج من ملَّة الإسلام ، وبعض كبار الزنادقة يقول : إننا نعبد الله محبة له ، ولو كان مصيرنا الخلود في النار !! ، ويعتقد بعضهم أنه بالمحبة فقط ينال رضا الله ورضوانه ، وهو يشابه بذلك عقيدة اليهود والنصارى ، حيث قال تعالى عنهم : ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ) المائدة/ 18 .
قال تقي الدين السبكي – رحمه الله - :
وأما هذا الشخص الذي جرد وصف المحبة ، وعبد الله بها وحدها : فقد ربا بجهله على هذا ، واعتقد أن له منزلة عند الله رفَعته عن حضيض العبودية ، وضآلتها ، وحقارة نفسه الخسيسة ، وذلتها ، إلى أوج المحبة ، كأنه آمِنٌ على نفسه ، وآخذٌ عهداً من ربِّه أنَّه من المقربين ، فضلاً عن أصحاب اليمين ، كلا بل هو في أسفل السافلين .
فالواجب على العبد : سلوك الأدب مع الله ، وتضاؤله بين يديه ، واحتقاره نفسه ، واستصغاره إياها ، والخوف من عذاب الله ، وعدم الأمن من مكر الله ، ورجاء فضل الله ، واستعانته به ، واستعانته على نفسه ، ويقول بعد اجتهاده في العبادة : " ما عبدناك حق عبادتك " ، ويعترف بالتقصير ، ويستغفر عقيب الصلوات ، إشارة إلى ما حصل منه من التقصير في العبادة ، وفي الأسحار ، إشارة إلى ما حصل منه من التقصير ، وقد قام طول الليل ، فكيف من لم يقم؟! .
" فتاوى السبكي " ( 2 / 560 ) .
وقال القرطبي – رحمه الله - :
( وادعوه خوفاً وطمعاً ) أمر بأن يكون الإنسان في حالة ترقب ، وتخوف ، وتأميل لله عز وجل ، حتى يكون الرجاء والخوف للإنسان كالجناحين للطائر ، يحملانه في طريق استقامته ، وإن انفرد أحدهما : هلك الإنسان ، قال الله تعالى : ( نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ) الحِجر/ 49 ، 50 .
" تفسير القرطبي " ( 7 / 227 ) .
فأنت ترى أخي السائل أنه يجب عليك أن تسير في عبادتك على ما سار عليه الأنبياء والصالحون من قبلك ، فتؤدي ما أمرك الله به من عبادات على الوجه الذي يحبه الله ، وتقصد بذلك التقرب إليه ، والرجاء بالثواب الذي أعدَّه للعابدين ، والخوف من سخطه وعذابه إن حصل تقصير في الطاعات أو ترك لها ، ومن زعم أنه يحب ربه تعالى فليريه منه طاعته لنبيه صلى الله عليه وسلم ، كما قال تعالى : ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) آل عمران/ 31 .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-02-16, 17:42
السؤال :
نحن مجموعة من المسلمين دار بيننا حوار حاولنا فيه التوصل إلى تعريف لـ "الحب" في الإسلام.
وعلى الرغم من أننا جميعاً ندرك تماماً ضرورة حب الله سبحانه وتعالى والتزامنا بأن نحبه هو وأنبيائه ورسله
فإننا نتساءل عما إذا كان هناك إطار واضح للحب بين البشر (مثل "الحب الأخوي" في المسيحية وليس النوع الرومانسي).
قال البعض بأن "الحب" لا يوجد إلا في نطاق الأسرة وكل ما عدا ذلك ما هو إلا احترام وصداقة وما إلى ذلك.
وتساءل البعض عما إذا كان الحب يقتصر فقط على الزوج والأبناء.
وتساءل آخرون عما إذا كان الحب يمكن أن يكون مشروطاً أم لا.
ورأي آخر يقول بأن "الحب" (حسب التعبير الشائع) ما هو إلا "بدعة" تقوم على القصص الخيالية والفلسفة المسيحية.
وقد بحث كثير منا في مصادر مختلفة للتوصل إلى إجابة
ولكن لم نعثر على إجابة قاطعة حتى الآن.
فهل يمكنك أن تساعدنا ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أيتها السائلة الكريمة
السلام عليكِ ورحمة الله وبركاته وبعد
فإنّه لممّا يُثلج الصّدر ما تفعلينه مع أخواتك من تدارس لأمور الإيمان والإسلام ومن ذلك مناقشتكم لأمر المحبّة ولا شكّ أنّكِ وأخواتك تُدركين أهمية كلام العلماء في فضّ النّزاعات وأهمية الرّجوع إلى كلامهم في فهم القضايا الشرعية ، ونحن ننقل لك هنا شيئا من كلامهم في أنواع المحبّة وأقسامها حتى تنجلي لكم القضية بإذن الله .
أنواع المحبة وأحكامها
تنقسم المحبّة إلى محبة خاصّة ومحبّة مشتركة والمحبّة الخاصّة تنقسم إلى محبّة
شرعية ومحبة محرمة .
فالمحبة الشرعية أقسام :
1- محبة الله وحكمها أنها من أوجب الواجبات وذلك لأن محبته سبحانه هي أصل دين الإسلام فبكمالها يكمل الإيمان . وبنقصها ينقص التوحيد ودليل ذلك قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ )البقرة 165 ، وقوله : ( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) التوبة 24 . وغيرها من الأدلة في القرآن والسنة . وهي تتمثل في إيثار ما أحبه الله من عبده وأراده على ما يحبه العبد ويريده ، فيحب ما أحب الله ويبغض ما يبغضه الله ، ويوالي ويعادي فيه ، ويلتزم بشريعته والأسباب الجالبة لها كثيرة .
2- محبة الرسول وهي أيضاً واجبة من واجبات الدين ، بل لا يحصل كمال الإيمان حتى يحب المرء رسول الله أكثر من نفسه كما في الحديث : " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ . " رواه مسلم رقم 44 وحديث عبد الله بن هشام قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلاّ مِنْ نَفْسِي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ فَإِنَّهُ الآنَ وَاللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الآنَ يَا عُمَرُ . " رواه البخاري فتح رقم 6632 .
وهذه المحبّة تابعة لمحبة الله تعالى وتتمثل في متابعته صلى الله عليه وسلم وتقديم قوله على قول غيره .
3- محبة الأنبياء والمؤمنين وحكمها واجبة لأن محبة الله تعالى تستلزم محبة أهل طاعته وهؤلاء هم الأنبياء والصالحون ودليله قوله عليه السلام " من أحب في الله " أي أحب أهل الإيمان بالله وطاعته من أجل ذلك ، ولا يكتمل الإيمان أيضاً إلا بذلك ولو كثرت صلاة الشخص وصيامه ، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لقد رأيتنا في عهد رسول الله وما منا أحد يرى أنه أحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم .
والمحبة المحرمة :
منها ما هو شرك : وهو أن تحب من دون الله شيئاً كما يحب الله تعالى فهو قد اتخذ نداً وهذا شرك المحبة وأكثر أهل الأرض قد اتخذوا أنداداً في الحب والتعظيم .
ومنها ما هو محرّم دون الشرك : وذلك بأن يحب أهله أو ماله أو عشيرته وتجارته ومسكنه فيؤثرها أو بعضها على فعل ما أوجبه الله عليه من الأعمال كالهجرة والجهاد ونحو ذلك ودليله قوله تعالى : ( إن كان آباؤكم ... إلى قوله تعالى : أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره )
فهذا الذي مضى هو المحبة الخاصة بأقسامها .
أما المحبة المشتركة فهي ثلاثة أنواع :
أحدها :
طبيعية كمحبة الجائع للطعام ،والظمآن للماء وهذه لا تستلزم التعظيم فهي مباحة .
الثاني :
محبة رحمة وشفقة كمحبة الوالد لولده الطفل وهذه أيضاً لا تستلزم التعظيم ولا إشكال فيها .
الثالث :
محبة أنس وألف كمحبة المشتركين في صناعة أو علم أو مرافقة أو تجارة أو سفر لبعضهم بعضاً فهذه الأنواع التي تصلح للخلق بعضهم بعضاً وكمحبة الأخوة بعضهم لبعض ووجودها فيهم لا يكون شركاً في محبة الله تعالى .
من مراجع الموضوع : كتاب تيسير العزيز الحميد : باب ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً .
ونرجو بهذا التقسيم والشّرح أن تكون القضية قد اتّضحت لكم
ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لكلّ خير
وصلى الله على نبينا محمد .
الشيخ محمد صالح المنجد
و اخيرا ً
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-02-17, 03:44
اخوة الاسلام
السلام عليكم و رحمه الله و بركاته
مازلنا مع توحيد الألوهية
السؤال:
أريد أن أعرف أين دفنت السيده زينب رضي الله عنها ، وهل هي كما قالوا في سوريا ؟
الجواب :
الحمد لله
ليعلم أن من أعظم أسباب ضلال بني آدم غلوهم في الصالحين ، ومن أعظم أسباب الافتتان بهم : ما يحصل عند قبورهم من الغلو والشرك بالله ، وصرف العبادات ، من الطواف والذبح والنذر لغير الله تعالى .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ قال : ( [ اللهم ] لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا ، لَعَنَ اللَّهُ قَوْمًا اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ ) رواه الإمام أحمد (7311) ، وصححه الألباني .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا وَلَا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ ) . رواه أبو داود (2042) ، وصححه الألباني .
وإن من أعظم ما يدل على بطلان ما يفعله هؤلاء القبوريون عند قبورهم : أنك تجدهم مختلفين في كثير من هذه الأماكن ، فأهل مصر يزعمون أن قبر زينب رضي الله عنها في مصر ، ويفعلون عندها من البدع والخرافات ، بل من الشرك والضلال ما الله به عليم .
وهكذا أهل سوريا كما ذكرت ، يفعلون نفس الشيء عند قبرهم المزعوم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" أما هذه المشاهد المشهورة فمنها ما هو كذب قطعا .. "
ثم قال :
" وأصل ذلك أن عامة أمر هذه القبور والمشاهد مضطرب مُخْتَلق ، لا يكاد يُوقَف منه على العلم ، إلا في قليل منها ، بعد بحث شديد ؛ وهذا لأن معرفتها وبناء المساجد عليها ليس من شريعة الإسلام ، ولا ذلك من حكم الذكر الذي تكفل الله بحفظه " .
ينظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (27/444) وما بعدها ، ويراجع كتاب : تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد ، للشيخ الألباني رحمه الله .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-17, 03:46
السؤال:
لماذا لم يقم عمرو بن العاص رضى الله عنه بتحطيم التماثيل الفرعونية عندما قام بفتح مصر؟ وهل هناك فرق بين هذا الموقف وبين تكسير تماثيل بوذا؟
الجواب :
الحمد لله
لأن تلك التماثيل الفرعونية كانت مدفونة تحت الأرض عندما فتحت مصر ، وإنما أخرجت ونُبشت في القرون المتأخرة ، ومن المعلوم أنه كان في مصر وفي غيرها معابد كثيرة فهدمها المسلمون وحطموا الصور وكسروا الأخشاب والأحجار التي كهيئة الأصنام ، وقطعوا الأشجار وهدموا المعابد الشركية ، وأما الأهرام فإنها موجودة ولكن لم تكن تعظم وتعبد من دون الله ، وأيضا فإن هدمها يكلف كثيرا فليس في إمكان المسلمين
في ذلك الزمان القدرة على هدمها بخلاف تماثيل بوذا الموجودة في الأفغان والتي قام بتحطيمها المسلمون في هذه الأشهر ، فإن تحطيمها قديما كان فيه صعوبة ، وقد قوي المسلمون بما أعطوا من الإمكانيات فحطموها حيث إنها تحت ولا يتهم وسيطرتهم ، كما حطم النبي صلى الله عليه وسلم الأصنام التي كانت في مكة والطائف ونخلة وغيرها .
والله أعلم
فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله .
*عبدالرحمن*
2018-02-17, 03:47
السؤال :
حديث : أنس بن مالك رضي الله عنه أن عمر رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب وقال : (اللهم إنا كنا نستسقي إليك بنبينا فتسقينا ، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا ، فيسقون) هل هو صحيح؟ وهل يدل على جواز التوسل بجاه الأولياء؟
الجواب :
الحمد لله
"هذا الحديث الذي أشار إليه السائل حديث صحيح رواه البخاري ، لكن من تأمله وجد أنه دليل على عدم التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم ، أو غيره؛ وذلك أن التوسل هو اتخاذ وسيلة؛ والوسيلة هي الشيء الموصل إلى المقصود؛ والوسيلة المذكورة في هذا الحديث (نتوسل إليك بنبينا فتسقينا؛ وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا) المراد بها التوسل إلى الله تعالى بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم ، كما قال الرجل : (يا رسول الله
هلكت الأموال ، وانقطعت السبل ، فادع الله يغيثنا) ولأن عمر قال للعباس : (قم يا عباس فادع الله ، فدعا) ، ولو كان هذا من باب التوسل بالجاه لكان عمر رضي الله عنه يتوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يتوسل بالعباس؛ لأن جاه النبي صلى الله عليه وسلم أعظم عند الله من جاه العباس، وغيره؛ فلو كان هذا الحديث من باب التوسل بالجاه لكان الأجدر بأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أن يتوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم، دون جاه العباس بن عبد المطلب .
والحاصل : أن التوسل إلى الله تعالى بدعاء من ترجى فيه إجابة الدعاء لصلاحه لا بأس به؛ فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يتوسلون إلى الله تعالى بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لهم ؛ وكذلك عمر رضي الله عنه توسل بدعاء العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه ، فلا بأس إذا رأيت رجلاً صالحاً حرياً بالإجابة لكون طعامه وشرابه وملبسه ومسكنه حلالاً وكونه معروفاً بالعبادة والتقوى ، لا بأس أن تسأله أن يدعو الله لك بما تحب ، بشرط أن لا يحصل في ذلك غرور لهذا الشخص الذي طلب منه الدعاء ، فإن حصل منه غرور بذلك فإنه لا يحل لك أن تقتله وتهلكه بهذا الطلب منه؛ لأن ذلك يضره.
كما أنني أيضاً أقول : إن هذا جائز؛ ولكنني لا أحبذه ، وأرى أن الإنسان يسأل الله تعالى بنفسه دون أن يجعل له واسطة بينه وبين الله، وأن ذلك أقوى في الرجاء، وأقرب إلى الخشية، كما أنني أيضاً أرغب من الإنسان إذا طلب من أخيه الذي ترجى إجابة دعائه أن يدعو له ، أن ينوي بذلك الإحسان إليه - أي إلى هذا الداعي - دون دفع حاجة هذا المدعو له؛ لأنه إذا طلبه من أجل دفع حاجته صار كسؤال المال وشبهه المذموم ، أما إذا قصد بذلك نفع أخيه الداعي بالإحسان إليه - والإحسان إلى المسلم يثاب عليه المرء كما هو معروف - كان هذا أولى وأحسن . والله ولي التوفيق" انتهى .
"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (2/277) .
ولمزيد الفائدة حول حديث توسل عمر بالعباس رضي الله عنهما ، وبيان أن هذا التوسل كان بدعائه ، لا بجاهه ، انظر كتاب "التوسل" للشيخ الألباني رحمه الله ص (50-68) .
*عبدالرحمن*
2018-02-17, 03:49
السؤال :
هل كلمة الطاغوت تشمل الأجسام التي لا تدعو الناس لعبادتها
كالشمس والأشجار والأصنام والأحجار ؟
هل المسلمون الأتقياء كالإمام الشافعي يُسمون طواغيت
لأن الناس تعبدهم أو تعبد قبورهم ؟.
الجواب :
الحمد لله
ليس كل ما عُبد من دون الله يعتبر طاغوتاً إذ أن الصحيح من أقوال أهل العلم في بيان معنى الطاغوت ما قال ابن جرير الطبري في التفسير (3/21) : " الصواب من القول عندي في الطاغوت أنه كل ذي طغيان على الله ، فعبد من دونه ، إما بقهر منه لمن عبده ، وإما بطاعة ممن عبده له ، إنساناً كان ذلك المعبود ، أو شيطاناً أو وثناً أو صنماً أو كائناً ما كان من شيء وقال أيضاً : وأصل الطاغوت .. من قول القائل طغا فلان يطغو إذا عدا قدره فتجاوز حده ".
فالأنبياء والعلماء وغيرهم من الصالحين والأولياء لم يحملوا الناس على عبادتهم إياهم ولا أطاعوهم في ذلك بل حذّروهم من ذلك أشد تحذير بل كان المقصد من إرسال الله الرسل إلى الخلق دعوتهم إلى توحيد الله والكفر بما دونه قال تعالى { ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } النحل : 36.
قال تعالى { وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد } .
فلا يسمى الأنبياء ولا العلماء وإن عبدوا من دون الله طواغيتاً .
وإذا غلا أناس في الشافعي أو غيره من العلماء رحمهم الله فاستغاثوا بهم من دون الله أو عبدوا قبورهم فلا ذنب لأولئك العلماء بل الوزر على من أشرك ، وكذلك النصارى الذين عبدوا عيسى عليه السلام من دون الله لا يتحمل عيسى عليه السلام شيئاً من وزرهم ، ومن التعريفات المختصرة للطاغوت
: من عُبِد من دون الله وهو راضٍ ، ومعلوم أن عيسى عليه السلام وغيره من الأنبياء وكذلك الشافعي رحمه الله وغيره من العلماء الموحدين لا يرضون بعبادتهم أبداً من دون الله بل ينهون عن ذلك ويبيّنون التوحيد ، قال تعالى : ( وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمّيَ إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب _ ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم ... ) المائدة /116،117
والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-02-17, 03:51
السؤال :
لماذا يحرم السلفية التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم ، مع أن العلماء كلهم متفقون على جوازه ، حتى ظهر ابن تيمية الذي كان أول من حرمه ؟ مع أن كل العلماء من جميع المذاهب يجيزون التوسل ، فلماذا يُصِرُّون على تحريمه ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم معناه : أن يدعو الداعي ربه سبحانه وتعالى ، لكنه في أثناء دعائه يذكر ذات النبي صلى الله عليه وسلم وسيلة لإجابة دعائه ، أو تعجيل حاجته ، فيقول : أسألك بحق النبي ، أو : بجاه النبي ، أو نحو ذلك .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ـ مجموع الفتاوى (1/337-338) ـ :
" والسائل لله بغير الله إما أن يكون مقسما عليه ، وإما أن يكون طالبا بذلك السبب ، كما توسل الثلاثة في الغار بأعمالهم ، وكما يتوسل بدعاء الأنبياء والصالحين .
فإن كان إقساما على الله بغيره : فهذا لا يجوز .
وإن كان سؤالا بسبب يقتضى المطلوب ، كالسؤال بالأعمال التي فيها طاعة الله ورسوله ، مثل السؤال بالإيمان بالرسول ومحبته وموالاته ونحو ذلك : فهذا جائز .
وإن كان سؤالا بمجرد ذات الأنبياء والصالحين : فهذا غير مشروع ، وقد نهى عنه غير واحد من العلماء ، وقالوا : إنه لا يجوز . ورخص فيه بعضهم ، والأول أرجح كما تقدم؛ وهو سؤال بسبب لا يقتضى حصول المطلوب .
بخلاف من كان طالبا بالسبب المقتضى لحصول المطلوب ، كالطلب منه سبحانه بدعاء الصالحين وبالأعمال الصالحة : فهذا جائز ، لأن دعاء الصالحين سبب لحصول مطلوبنا الذي دَعَوا به .
وكذلك الأعمال الصالحة سبب لثواب الله لنا ، وإذا توسلنا بدعائهم وأعمالنا : كنا متوسلين إليه تعالى بوسيلة ، كما قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) المائدة/35 ، والوسيلة هي الأعمال الصالحة . وقال تعالى : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ) الإسراء /57 .
وأما إذا لم نتوسل إليه سبحانه بدعائهم ولا بأعمالنا ، ولكن توسلنا بنفس ذواتهم : لم يكن نفس ذواتهم سببا يقتضى إجابة دعائنا ، فكنا متوسلين بغير وسيلة ، ولهذا لم يكن هذا منقولا عن النبي صلى الله عليه و سلم نقلا صحيحا ، ولا مشهورا عن السلف ." انتهى .
ثانيا :
ليس معنى ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس له جاه عند الله عز وجل ، ولا منزلة لديه سبحانه ، كما يقوله من يفتري على السلفيين ، شيخ الإسلام ومن وافقه على ذلك ، وأنهم يتجرؤون على مقام النبي صلى الله عليه وسلم ، وحاشاهم من ذلك ، وهو صاحب المقام المحمود ، والمنزلة الرفيعة ، وسيد ولد آدم ، صلى الله عليه وسلم ، لكن مقامه الكريم على الله ليس معناه أن نسأل أو نتوسل به .
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
" ما بيّن الله ورسوله أنه حق للعباد على الله فهو حق ؛ لكن الكلام في السؤال بذلك ، فيقال : إن كان الحق الذي سأل به سببا لإجابة السؤال : حسُن السؤال به ، كالحق الذي يجب لعابديه وسائليه .
وأما إذا قال السائل : بحق فلان وفلان ، فأولئك ، إن كان لهم عند الله حق أن لا يعذبهم وأن يكرمهم بثوابه ويرفع درجاتهم كما وعدهم بذلك وأوجبه على نفسه ، فليس في استحقاق أولئك ما استحقوه من كرامة الله ، ما يكون سببا لمطلوب هذا السائل ؛ فإن ذلك استحق ما استحقه بما يسره الله له من الإيمان والطاعة ، وهذا لا يستحق ما استحقه ذلك ؛ فليس في إكرام الله لذلك سبب يقتضى إجابة هذا .
وإن قال : السبب هو شفاعته ودعاؤه ، فهذا حق إذا كان قد شفع له ودعا له ، وإن لم يشفع له ولم يدع له لم يكن هناك سبب " . انتهى .
وقال أيضا ـ مجموع الفتاوى (1/278) ـ :
" ومعلوم أن الواحد بعد موته إذا قال : اللهم فشفعه في وشفعني فيه ، مع أن النبي لم يدع له : كان هذا كلاما باطلا " . انتهى .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-17, 03:53
ثالثا :
مدار فهم هذه المسألة أن نعلم أن الدعاء عبادة ، بل هو من أجل العبادات لله تعالى ، كما قال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ . قَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) رواه أبو داود (1479) وغيره ، وصححه الألباني .
والعبادات مبناها على التوقيف ، يعني : على ورود الشرع بها ، كما قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ ) رواه البخاري (2697) ومسلم (1718) ، من حديث عائشة رضي الله عنها .
وفي رواية لمسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) .
قال الإمام النووي رحمه الله :
" قَالَ أَهْل الْعَرَبِيَّة : ( الرَّدّ ) هُنَا بِمَعْنَى الْمَرْدُود , وَمَعْنَاهُ : فَهُوَ بَاطِل غَيْر مُعْتَدّ بِهِ .
وَهَذَا الْحَدِيث قَاعِدَة عَظِيمَة مِنْ قَوَاعِد الْإِسْلَام , وَهُوَ مِنْ جَوَامِع كَلِمه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ صَرِيح فِي رَدّ كُلّ الْبِدَع وَالْمُخْتَرَعَات .
وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة زِيَادَة وَهِيَ أَنَّهُ قَدْ يُعَانِد بَعْض الْفَاعِلِينَ فِي بِدْعَة سَبَقَ إِلَيْهَا , فَإِذَا اُحْتُجَّ عَلَيْهِ بِالرِّوَايَةِ الْأُولَى يَقُول : أَنَا مَا أَحْدَثْت شَيْئًا فَيُحْتَجّ عَلَيْهِ بِالثَّانِيَةِ الَّتِي فِيهَا التَّصْرِيح بِرَدِّ كُلّ الْمُحْدَثَات , سَوَاء أَحْدَثَهَا الْفَاعِل , أَوْ سَبَقَ بِإِحْدَاثِهَا .
وَفِي هَذَا الْحَدِيث : دَلِيل لِمَنْ يَقُول مِنْ الْأُصُولِيِّينَ : إِنَّ النَّهْي يَقْتَضِي الْفَسَاد . وَمَنْ قَالَ : لَا يَقْتَضِي الْفَسَاد يَقُول هَذَا خَبَر وَاحِد , وَلَا يَكْفِي فِي إِثْبَات هَذِهِ الْقَاعِدَة الْمُهِمَّة , وَهَذَا جَوَاب فَاسِد . وَهَذَا الْحَدِيث مِمَّا يَنْبَغِي حِفْظه وَاسْتِعْمَاله فِي إِبْطَال الْمُنْكَرَات , وَإِشَاعَة الِاسْتِدْلَال بِهِ " انتهى .
فإذا علمنا هذا الأصل ، علمنا أنه لا يجوز لنا أن نفعل شيئا على وجه العبادة لله تعالى ، إلا شيئا جاء به الشرع من المعصوم صلى الله عليه وسلم ، وسواء كان الذي فعلناه اختراعا من عند أنفسنا ، أو اتباعا لغيرنا فيه .
قال شيخ الإسلام رحمه الله ـ مجموع الفتاوى (1/265) ـ :
" ولا يجوز أن يكون الشيء واجبا أو مستحبا إلا بدليل شرعي يقتضى إيجابه أو استحبابه والعبادات لا تكون إلا واجبة أو مستحبة فما ليس بواجب ولا مستحب فليس بعبادة والدعاء لله تعالى عبادة إن كان المطلوب به أمرا مباحا " انتهى .
وقال أيضا ـ الفتاوى (1/278) ـ :
" والدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم : لم يأمر به ، والذي أمر به : ليس مأثورا عن النبي صلى الله عليه وسلم . ومثل هذا لا تثبت به شريعة ، كسائر ما ينقل عن آحاد الصحابة في جنس العبادات أو الإباحات أو الإيجابات أو التحريمات ، إذا لم يوافقه غيره من الصحابة عليه ، وكان ما يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم يخالفه لا يوافقه: لم يكن فعله سنة يجب على المسلمين اتباعها ، بل غايته أن يكون ذلك مما يسوغ فيه الاجتهاد ، ومما تنازعت فيه الأمة ، فيجب رده إلى الله والرسول ، ولهذا نظائر كثيرة " .
وقد سئلت اللجنة الدائمة عن : مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، ويقول في دعائه: اللهم أعطني كذا وكذا من خيري الدنيا والآخرة ، بجاه النبي صلى الله عليه وسلم ، أو ببركة الرسول ، أو بحرمة المصطفى ، أو بجاه الشيخ التيجاني ، أو ببركة الشيخ عبد القادر، أو بحرمة الشيخ السنوسي فما الحكم ؟
فأجابوا :
" من توسل إلى الله في دعائه بجاه النبي صلى الله عليه وسلم أو حرمته أو بركته أو بجاه غيره من الصالحين أو حرمته أو بركته ، فقال: ( اللهم بجاه نبيك أو حرمته أو بركته أعطني مالا وولدا أو أدخلني الجنة وقني عذاب النار) مثلا ، فليس بمشرك شركا يخرج عن الإسلام ، لكنه ممنوع سدا لذريعة الشرك ، وإبعادا للمسلم من فعل شيء يفضي إلى الشرك .
ولا شك أن التوسل بجاه الأنبياء والصالحين وسيلة من وسائل الشرك التي تفضي إليه على مر الأيام، على ما دلت عليه التجارب وشهد له الواقع ، وقد جاءت أدلة كثيرة في الكتاب والسنة تدل دلالة قاطعه على أن سد الذرائع إلى الشرك والمحرمات من مقاصد الشريعة
من ذلك قوله تعالى : ( وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الأنعام /108
فنهى سبحانه المسلمين عن سب آلهة المشركين التي يعبدونها من دون الله ، مع أنها باطلة؛ لئلا يكون ذلك ذريعة إلى سب المشركين الإلهَ الحقَ سبحانه ، انتصارا لآلهتهم الباطلة جهلا منهم وعدوانا ، ومنها: نهيه صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجد ؛ خشية أن تعبد، ومنها: تحريم خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية، وتحريم إبداء المرأة زينتها للرجال الأجانب ... ولأن التوسل بالجاه والحرمة ونحوهما في الدعاء عبادة ، والعبادة توقيفية ، ولم يرد في الكتاب ولا في السنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ما يدل على هذا التوسل ، فعلم أنه بدعة ...
" انظر : فتاوى اللجنة الدائمة (1/501-502) .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-17, 03:56
رابعا :
قول السائل في سؤاله إن ابن تيمية أول من حرمه : غير صحيح ؛ وإنما هو تلقى ذلك عن أعداء شيخ الإسلام رحمه الله ، وقد تعرض شيخ الإسلام رحمه الله ، في رده على الأخنائي ، وهو أحد خصومه الذين رموه بهذه الفرية ، فقال في حق شيخ الإسلام : " كم لصاحب هذه المقالة من مسألة خرق فيها الإجماع " ، فرد عليه شيخ الإسلام من وجوه عديدة ، فقال في ضمن ذلك:
" الوجه السادس : أنه إنما يقبل قول من يدعي أن غيره يخالف الإجماع إذا كان ممن يعرف الإجماع والنزاع ، وهذا يحتاج إلى علم عظيم ، يظهر به ذلك ، لا يكون مثل هذا المعترض الذي لا يعرف نفس المذهب الذي انتسب إليه ، ولا ما قال أصحابه .. ، فكيف يعرف مثل هذا إجماع علماء المسلمين ، مع قصوره وتقصيره في النقل والاستدلال ؟!
الوجه السابع : أن لفظ (كم) يقتضي التكثير ، وهذا يوجب كثرة المسائل التي خرق المجيب فيها الإجماع . والذين هم أعلم من هذا المعترض وأكثر اطلاعا : اجتهدوا في ذلك غاية الاجتهاد ، فلم يظفروا بمسألة واحدة خرق فيها الإجماع ، بل غايتهم أن يظنوا في المسألة أنه خرق فيها الإجماع ، كما ظنه بعضهم في مسألة الحلف بالطلاق ، وكان فيها من النزاع نقلا ، ومن الاستدلال فقها وحديثا : ما لم يطلع عليه .
الوجه الثامن : أن المجيب [ يعني : شيخ الإسلام نفسه ] ـ ولله الحمد ـ لم يقل قط في مسألة إلا بقول قد سبقه إليه العلماء ؛ فإن كان قد يخطر له ويتوجه له ، فلا يقوله ولا ينصره إلا إذا عرف أنه قد قاله بعض العلماء ، كما قال الإمام أحمد : إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام ؛ فمن كان يسلك هذا المسلك ، كيف يقول قولا يخرق فيه إجماع المسلمين ، وهو لا يقول إلا ما سبقه إليه علماء المسلمين ؟! " انتهى . من الرد على الأخنائي (457-458) .
خامسا :
هذه المسألة المذكورة ، والتي زعم السائل فيها ، تبعا لغيره ، أن شيخ الإسلام خالف فيها الإجماع ، قد ثبت فيها النصوص عن غير واحد من العلماء ، وخاصة الأحناف بالمنع منها ، والنهي عنها .
قال العلامة الحصكفي في الدر المختار (5/715) :
" وفي التاترخانية معزيا للمنتقى عن أبي يوسف عن أبي حنيفة: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به، والدعاء المأذون فيه المأمور به ما استفيد من قوله تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) " .
ونفس النص في المحيط البرهاني (5/141) .
قال العلامة الكاساني رحمه الله في بدائع الصنائع (5/126) :
" وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ فِي دُعَائِهِ أَسْأَلُك بِحَقِّ أَنْبِيَائِك وَرُسُلِك وَبِحَقِّ فُلَانٍ ، لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَلَّ شَأْنُهُ ".
ونفس النص في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ، للزيلعي (6/31) ونسب القول بذلك إلى الثلاثة ، يعني : أبا حنيفة ، وصاحبيه : أبا يوسف ، ومحمد بن الحسن ، والعناية شرح الهداية للبابرتي (10/64) ، وفتح القدير لابن الهمام (10/64) ، وفي درر الحكام (1/321) ، ومجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر(2554) .
قال السيد نعمان خير الدين الآلوسي الحنفي ، رحمه الله في جلاء العينين (516-517) :
" وفي جميع متونهم : أن قول الداعي المتوسل : بحق الأنبياء والأولياء ، وبحق البيت الحرام والمشعر الحرام : مكروه كراهة تحريم ، وهي كالحرام في العقوبة بالنار عند محمد ، وعللوا ذلك بقولهم : لأنه لا حق للمخلوق على الخالق " انتهى .
وانظر ما نقله السيد نعمان عن العلامة السويدي الشافعي : جلاء العينين (505) وما بعدها .
ولعله تبين مما سبق من النقول المستفيضة : لماذا يمنع السلفيون من ذلك النوع من التوسل ، وأن شيخ الإسلام ابن تيمية ليس أول من منع من ذلك ، ولا هو آخرهم أيضا .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-17, 03:58
السؤال :
الحديث : أن أعمى أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، ادع الله أن يكشف عن بصري ، فقال : فانطلق فتوضأ ثم صل ركعتين ثم قل: (اللهم إني أسألك وأتوجه إليك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فيقضي حاجتي) ما صحة هذا الحديث وما معناه؟
الجواب:
الحمد لله
"هذا الحديث اختلف أهل العلم في صحته فمنهم من قال : إنه ضعيف ، ومنهم من قال: إنه حسن ، ولكن له وجهة ليست كما يتبادر من اللفظ، فإن هذا الحديث معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر هذا الرجل الأعمى أن يتوضأ، ويصلي ركعتين ليكون صادقاً في طلب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم له ، وليكون وضوؤه، وصلاته عنواناً على رغبته في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم والتوجه به إلى الله سبحانه وتعالى
فإذا صدقت النية، وصحت، وقويت العزيمة فإن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع له إلى الله عز وجل ؛ وذلك بأن يدعو النبي صلى الله عليه وسلم له. فإن الدعاء نوع من الشفاعة ، كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شَفَّعهم الله فيه) .
فيكون معنى هذا الحديث أن هذا الأعمى يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله له؛ لأن هذا الدعاء نوع شفاعة. أما الآن وبعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فإن مثل هذه الحال لا يمكن أن تكون لتعذر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأحد بعد الموت، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له)
والدعاء بلا شك من الأعمال التي تنقطع بالموت؛ بل الدعاء عبادة ، كما قال الله تعالى : (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) غافر/60 ، ولهذا لم يلجأ الصحابة رضي الله عنهم عند الشدائد وعند الحاجة إلى سؤال النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لهم ؛ بل قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قحط المطر: (اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا ، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون) وطلب من العباس رضي الله عنه أن يدعو الله عز وجل بالسقيا فدعا فسقوا
وهذا يدل على أنه لا يمكن أن يطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته أن يدعو لأحد؛ لأن ذلك متعذر لانقطاع عمله بموته صلوات الله وسلامه عليه ؛ وإذا كان لا يمكن لأحد أن يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يمكن ومن باب أولى أن يدعو أحد النبيَّ صلى الله عليه وسلم نفسه بشيء من حاجاته أو مصالحه؛ فإن هذا من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله؛ والذي حرم الله على من اتصف به الجنة، قال الله تعالى : (وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنْ الظَّالِمِينَ) يونس/106
وقال تعالى : (فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنْ الْمُعَذَّبِينَ) الشعراء/213 ؛ وقال الله عز وجل : (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ) المؤمنون/117؛ وقال تعالى: (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَار) المائدة/72.
فالمهم أن من دعا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته أو غيره من الأموات لدفع ضرر أو جلب منفعة فهو مشرك شركاً أكبر مخرجاً عن الملة، وعليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى ، وأن يوجه الدعاء إلى العلي الكبير الذي يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء .
وإني لأعجب من قوم يذهبون إلى قبر فلان وفلان يدعونه أن يفرج عنهم الكربات ويجلب لهم الخيرات وهم يعلمون أن هذا الرجل كان في حال حياته لا يملك ذلك ، فكيف بعد موته ، بعد أن كان جثة وربما يكون رميماً قد أكلته الأرض فيذهبون يدعونه، ويتركون دعاء الله عز وجل الذي هو كاشف الضر، وجالب النفع والخير
مع أن الله تعالى أمرهم بذلك وحثهم عليه فقال : (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) غافر/60. وقال الله تعالى : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) البقرة/186. وقال تعالى منكراً على من دعا غيره : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ) النمل/62 .
أسأل الله تعالى أن يهدينا جميعاً صراطه المستقيم" انتهى .
"مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (2/274) .
فالحديث لا يدل على جواز التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم كما ذهب إليه البعض ، بل الحديث يدل على أن هذا الرجل توسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم فقوله : (اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد) أي : بدعاء نبينا محمد ، وقوله : (يا محمد إني أتوجه بك إل ربي) أي: بدعائك .
ويدل على هذا :
1- أن هذا الرجل ، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يدعو له ، ولو كان مراده التوسل بجاهه صلى الله عليه وسلم لقعد في بيته ، وقال : اللهم إني أتوسل إليك وأسألك بجاه محمد .
2- من جملة الدعاء الذي علمه الرسول صلى الله عليه وسلم : (اللهم فشفعه فيّ ، وشفعني فيه) أي : اقبل شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم فيّ ، والشفاعة هي الدعاء ، فيكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد دعا له .
وقوله : (وشفعني فيه) أي : اقبل دعائي أن تقبل دعاءه .
قال الألباني رحمه الله في كتاب التوسل ص (73، 74) :
"إن مما علم النبي صلى الله عليه وسلم الأعمى أن يقوله : ( وشفعني فيه ) أي : اقبل شفاعتي أي دعائي في أن تقبل شفاعته صلى الله عليه وسلم أي دعاءه في أن ترد علي بصري . هذا الذي لا يمكن أن يفهم من هذه الجملة سواه .
ولهذا ترى المخالفين يتجاهلونها ولا يتعرضون لها من قريب أو من بعيد ، لأنها تنسف بنيانهم من القواعد ، وتجتثه من الجذور ، وإذا سمعوها رأيتهم ينظرون إليك نظر المغشي عليه . ذلك أن شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في الأعمى مفهومة ، ولكن شفاعة الأعمى في الرسول صلى الله عليه وسلم كيف تكون ؟
لا جواب لذلك عندهم البتة ، ومما يدل على شعورهم بأن هذه الجملة تبطل تأويلاتهم أنك لا ترى واحدا منهم يستعملها ، فيقول في دعائه مثلا : اللهم شفع فيّ نبيك وشفعني فيه" انتهى .
وانظر لتفصيل الكلام على هذا الحديث : كتاب "التوسل" ص (68-93) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-17, 04:01
السؤال :
ما هي أنواع التوسل ؟
الجواب :
الحمد لله
التوسل والوسيلة يراد به أحد أمور أربعة :
أحدها :
لايتم الإيمان إلا به ، وهو التوسل إلى الله بالإيمان به وبرسوله وطاعته وطاعة رسوله ، وهذا هو المراد بقوله ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه وسيلة ) سورة المائدة 35
[ ويدخل في هذا ؛ التوسل إلى الله بأسمائه وصفاته والتوسّل إليه بطاعات عملها المتوسّل يسأل الله بها ونحو ذلك]
والثاني :
التوسل إلى الله بطلب دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته وطلب المؤمنين بعضهم بعضاً أن يدعو لهم ؛ فهذا تابع للأول ومرغب فيه .
الثالث :
التوسل بجاه المخلوق وذواتهم ، مثل قوله : اللهم ! إني أتوجه إليك بجاه نبيك أو نحوه ؛ فهذا قد أجازه بعض العلماء ، ولكنه ضعيف ، والصواب الجزم بتحريمه ؛ لأنه لا يتوسل إلى الله في الدعاء إلا بأسمائه وصفاته .
الرابع :
التوسل في عرف كثير من المتأخرين ، وهو دعاء النبي صلى الله عليه وسلم والاستغاثة به ( والاستغاثة بالأموات والأولياء ) ؛ فهذا من الشرك الأكبر؛ لأن الدعاء والاستغاثة فيما لا يقدر عليه إلا الله عبادة ، فتوجيهها لغير الله شرك أكبر . والله أعلم.
الشيخ محمد صالح المنجد
و اخيرا ً
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-02-17, 16:03
اخوة الاسلام
السلام عليكم و رمه الله و بركاته
و مازلنا مع توحيد الألوهية
السؤال :
عندي عادة لا أدري أهي سيئة أم حسنة : مثلا عند غسل رجلي في الوضوء أدعو ربي أن يثبت رجلي على الصراط بجاه النبي عليه الصلاة والسلام . وكذلك في الصلاة مثلا : رب اغفر لي وارحمني وسامحني بجاه نبيك عليه الصلاة والسلام . فهل مثل هذا الدعاء يجوز أم لا ؟ مع العلم أني اعتَدْتُ على الدعاء بهذه الصفة اعتقادا مني أن الله سبحانه وتعالى لا يرد الدعاء لمن توسل إليه بحبيبه عليه الصلاة والسلام .
الجواب :
الحمد لله
دعاء الله تعالى أن يثبت رجل عبده على الصراط ، دعاء حسن لا بأس به ، نسأل الله تعالى أن يثبت أقدمنا جميعاً .
ولكن دخل الخطأ في هذا الدعاء من وجهين :
الأول :
اعتيادك هذا الدعاء عند غسل الرجلين في الوضوء .
فإنك تعلم – أخي السائل – أن الوضوء عبادة ، وأن المسلم ليس له أن يغيِّر صفة العبادة أو يزيد عليها ، أو ينقص منها . بل كمال الاتباع للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نفعل كما فعل ، من غير زيادة ولا نقصان .
قال ابن تيمية رحمه الله "مجموع الفتاوى" (22/510) :
" وليس لأحد أن يسن للناس نوعا من الأذكار والأدعية غير المسنون ، ويجعلها عبادة راتبة يواظب الناس عليها كما يواظبون على الصلوات الخمس ، بل هذا ابتداع دين لم يأذن الله به " انتهى .
ولم يكن من هدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدعاء عند غسل أعضاء الوضوء ، وقد ورد في ذلك حديث ، غير أنه لا يصح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قال الحافظ ابن الصلاح :
" لم يصح فيه حديث " انتهى .
كذا نقله الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/297) .
وقال ابن القيم في "المنار المنيف" (45) :
" وأما الحديث الموضوع في الذكر على كل عضو فباطل " انتهى .
وقال النووي عن دعاء الأعضاء في الوضوء : دعاء الأعضاء لا أصل له"
"الفتوحات الربانية" (2/27-29)
وفي "فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم" (2/49) :
" بعض الناس يرى أَن لكل عضو ذكرًا يخصه ، ويروى في ذلك شيء من الأَحاديث ، لكنها لا تصح أَبدًا ، بل هي باطلة " انتهى .
وجاء في " دروس للشيخ عبد العزيز بن باز" (درس رقم/13 ش2) :
" هذه كلها لا أصل لها ، ولم يُحفظ فيها شيء عن النبي عليه الصلاة والسلام ، فلا تستحب هذه الدعوات عند هذه الأعضاء ، وإنما المستحب شيئان : أولاً : عند البدء بالتسمية . ثانياً : بعد الفراغ بالشهادة . هذا هو المشروع في الوضوء " انتهى .
ولا يقال : إن الحديث الضعيف يُعمل به في فضائل الأعمال .
لأن هذه القاعدة ليس متفقاً عليها ، وهناك من ينازع فيها .
ثم إن شرط العمل بالضعيف أن لا يكون شديد الضعف ، وهذا الشرط مفقود هنا .
كما حققه ابن علان في " الفتوحات الربانية " (2/29) .
وقد كتب السيوطي رحمه الله في هذه المسألة رسالة أسماها "الإغضاء عن دعاء الأعضاء" بَيَّن فيها شدة ضعف ما ورد في ذلك وعدم صلاحيته للعمل به ولو في فضائل الأعمال .
وأما الخطأ الثاني فهو قولك في الدعاء ( بجاه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) .
ولا شك أن جاه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عظيم ، ولكن الله تعالى لم يجعل التوسل إليه بذلك من أسباب إجابة الدعاء .
ولم يرشدنا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وهو الذي لم يترك خيراً إلا دلنا عليه – لم يرشدنا إلى التوسل إلى الله بذلك .
فعُلِم من ذلك أن هذا الدعاء ليس مشروعاً .
فاحرص يا أخي على اتباع سنة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وعدم الزيادة عليها أو النقص منها ، وابتعد عن الأمور المحدثة في الدين ، كما أوصنا بذلك الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله : ( فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ ، تَمَسَّكُوا بِهَا ، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ) رواه أبو داود (4607) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-17, 16:05
السؤال :
أعبد الله ولا أرتكب المعاصي حبّاً فيه واستحياءً منه واحتراماً لجلاله ، وليس طمعاً في الجنة أو خوفا من النار ، هذا هو سؤالي ، هل أنا على حق ؟ إذا سألني أحد لماذا لا تزني ، أرد عليه وأقول أستحيي من ربي ، ولا أقول أخاف من النار ؛ لأني أعتقد أن الاحترام أصدق من الخوف ، أفيدوني لو سمحتم في أقرب وقت على عنواني الخاص .
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
ربنا تبارك وتعالى هو الله الذي لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى والصفات العلى ، وهو الذي له الألوهية المطلقة ، يستحق العبادة والمحبة لكمال ذاته وعظيم صفاته ، تألهه قلوب العابدين لجلاله وكماله ، ويعبده كل ما دونه لاستحقاقه صفات الحمد والتأله ، هذا هو معنى ألوهيته الذي علمه سبحانه لأنبيائه ورسله ، وهذا ما ينبغي أن يعيه كل من شهد أنه لا إله إلا هو سبحانه .
يقول الله تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) الأنبياء/25 .
ويقول عز وجل : ( وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى . إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْري ) طه/13-14 .
فقد رتب العبادة على تفرده سبحانه بالألوهية ، واستحقاقه أن يحمد ويعبد لكمال ذاته وعظيم صفاته .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
الله سبحانه يستحق لذاته أن يحب ويعبد ، وأن يحب لأجله رسوله ، والقلوب فيها معنى يقتضي حبه وطاعته ، كما فيها معنى يقتضي العلم والتصديق به .
" مجموع الفتاوى " ( 7 / 541 ) .
وقال - رحمه الله - :
فقوله : ( لا إله إلا أنت ) فيه إثبات انفراده بالإلهية ، والإلهية تتضمن كمال علمه وقدرته ورحمته وحكمته ، ففيها إثبات إحسانه إلى العباد ، فإن الإله هو المألوه ، والمألوه هو الذي يستحق أن يعبد ، وكونه يستحق أن يعبد هو بما اتصف به من الصفات التي تستلزم أن يكون هو المحبوب غاية الحب ، المخضوع له غاية الخضوع ، والعبادة تتضمن غاية الحب بغاية الذل .
" مجموع الفتاوى " ( 10 / 249 ) .
ومن هنا ندرك أنه ينبغي أن يكون الباعث الأول على العبادة هو ما لله سبحانه من الجلال والعظمة والكمال ، وما تفرد به سبحانه من صفات الألوهية والربوبية ، ثم الباعث الثاني إنعام الله على عباده ، وإحسانه إليهم ، فإن القلوب مجبولة على حب من أحسن إليها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
أصل المحبة هو معرفة الله سبحانه وتعالى ، ولها أصلان :
أحدهما :
وهو الذي يقال له ( محبة العامة ) لأجل إحسانه إلى عباده ، وهذه المحبة على هذا الأصل لا ينكرها أحد ، فإن القلوب مجبولة على حب من أحسن إليها ، وبغض من أساء إليها ، والله سبحانه هو المنعم المحسن إلى عبده بالحقيقة ، فإنه المتفضل بجميع النعم وإن جرت بواسطة ، إذ هو مُيَسِّرُ الوسائط ، ومسبب الأسباب ، ولكن هذه المحبة فى الحقيقة إذا لم تجذب القلب إلى محبة الله نفسه فما أحبَّ العبدُ في الحقيقة إلا نفسَه ، وكذلك كل من أحب شيئا لأجل إحسانه إليه ، فما أحب فى الحقيقة إلا نفسه ، وهذا ليس بمذموم بل محمود ، والمقتصر على هذه المحبة هو لم يعرف من جهة الله ما يستوجب أنه يحبه إلا إحسانه إليه .
الأصل الثانى فيه :
هو محبته لما هو له أهل ، وهذا حب من عرف من الله ما يستحق أن يحب لأجله ، وما من وجه من الوجوه التى يعرف الله بها مما دلت عليه أسماؤه وصفاته إلا وهو يستحق المحبة الكاملة من ذلك الوجه ، حتى جميع مفعولاته ، إذ كل نعمة منه فضل ، وكل نقمة منه عدل ، ولهذا استحق أن يكون محمودا على كل حال ، ويستحق أن يحمد على السراء والضراء ، وهذا أعلى وأكمل ، وهذا حب الخاصة ، وهؤلاء هم الذين يطلبون لذة النظر إلى وجهه الكريم ، ويتلذذون بذكره ومناجاته ، ويكون لهم أعظم من الماء للسمك ، حتى لو انقطعوا عن ذلك لوجدوا من الألم ما لا يطيقون ، وهم السابقون .
كما فى صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسِيرُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَمَرَّ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ جُمْدَانُ فَقَالَ سِيرُوا هَذَا جُمْدَانُ سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ قَالُوا وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ ).
وفى رواية أخرى : ( قَالُوا وَمَا الْمُفْرِدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : الْمُسْتَهْتَرُونَ فِي ذِكْرِ اللَّهِ ، يَضَعُ الذِّكْرُ عَنْهُمْ أَثْقَالَهُمْ ، فَيَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِفَافًا ) رواه الترمذي وقال : حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ " .
" مجموع الفتاوى " ( 10 / 84 ) .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-17, 16:06
ثانياً :
ومن أحب الله لكماله وجلاله واستحقاقه المحبة والتأله والتعبد لا شك أنه يحب قربَه سبحانه ،
ويتشوف إلى النظر إليه ، ويتشوق إلى لقائه ، يسعى للحصول على رضاه ، ويرجو أن ينال محبته وكرمه ويكون عنده من المقربين .
وذلك كله لا يكون إلا بدخول الجنة التي هي محل رضوان الله ، وفيها ينظر أهلها إلى وجه الله ، وتمتلئ قلوبهم بمحبة معبودهم وإلههم الذي تنفطر القلوب شوقا إليه وإجلالا له ، كما يكون فيها من النعيم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .
هذه هي الجنة التي طمَّعنا الله فيها ، وطَمِعَ بها الأنبياء والصالحون والأولياء ، كي يكونوا فيها بجوار الكريم سبحانه ، ويتنعمون فيها برضوانه والقرب منه ، فذلك أكبر لذات الجنة .
يقول سبحانه وتعالى : ( وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) التوبة/72 .
وبهذا نعلم أن ليس ثمة تعارض بين عبادة الله محبة له وإجلالا ، وبين سؤال الجنة وطلبها والشوق إليها والحرص على المسابقة إليها ، وكذا الاستعاذة من النار والخوف منها ، فإن العبد الذي يحب الله لذاته إذا استحضر أن الجنة دار رضوان الله ودار كرامته ، وأنه سيجد فيها من قرب الله ما يزيد محبته وأنسه وشوقه : فلا شك أنه سيعمل لدخولها ، ويسعى للدرجات العلى منها ، ويحتسب طاعاته في الدنيا وسائلَ تقربه إليها وتبعده عن النار التي هي دار المهانة والبعد والغضب والعذاب .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-17, 16:07
ثالثا :
وأنتِ - أختنا الفاضلة - إذا تصورتِ معي ما سبق علمت خطأك حين ظننت أن الطمع في الجنة والخوف من النار يتعارض مع محبة الله إجلالا وتعظيما ؛ لأن محبة الله تعني الشوق إليه ، والرغبة في القرب منه ، والسعي إلى رضوانه وتجنب سخطه ؛ ولأن المحب يشتاق إلى محبوبه ، وعذابه في البعد عنه ، فكيف بسخطه عليه .
ولكن لما توهم كثير من الناس أن نعيم الجنة إنما هو طعام وشراب وحور عين ونحوها من اللذات الحسية قامت في أذهانهم تلك المعارضة بين محبة الله وعبادته وبين سؤال الجنة والاستعاذة من النار .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
ومن هنا يتبين زوال الاشتباه فى قول من قال : ما عبدتك شوقاً إلى جنَّتك ولا خوفاً من نارك ، وإنما عبدتك شوقاً إلى رؤيتك .
فإن هذا القائل ظنَّ هو ومن تابعه أن الجنة لا يدخل فى مسماها إلا الأكل والشرب واللباس والنكاح ونحو ذلك مما فيه التمتع بالمخلوقات ، ولهذا قال بعض من غلط من المشائخ لما سمع قوله : ( مِنْكُم مَنْ يُريدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُم مَن يُرِيدُ الآخِرَةَ ) قال : فأين من يريد الله ؟! وقال آخر فى قوله تعالى : ( إِنَّ الله اشْتَرَى مِنَ المُؤمِنينَ أنْفُسَهُم وَأَمْوَالُهُم بِأَنَّ لَهُم الجَنَّةَ ) قال : إذا كانت النفوس والأموال بالجنة فأين النظر إليه ؟! .
وكل هذا لظنِّهم أنَّ الجنَّة لا يدخل فيها النظر ، والتحقيق أن الجنة هي الدار الجامعة لكل نعيم ، وأعلى ما فيها النظر إلى وجه الله ، وهو من النعيم الذى ينالونه فى الجنة كما أخبرت به النصوص ، وكذلك أهل النار ، فإنهم محجوبون عن ربهم يدخلون النار ، مع أن قائل هذا القول إذا كان عارفاً بما يقول فإنما قصده أنك لو لم تخلق ناراً ، أو لو لم تخلق جنَّة لكان يجب أن تعبد ، ويجب التقرب إليك ، والنظر إليك ، ومقصوده بالجنة هنا ما يتمتع فيه المخلوق .
" مجموع الفتاوى " ( 10 / 62 ، 63 ) .
ويقول ابن القيم - رحمه الله - :
والتحقيق أن يقال : الجنة ليست اسماً لمجرد الأشجار والفواكه والطعام والشراب والحور العين والأنهار والقصور ، وأكثر الناس يغلطون في مسمى الجنة ، فإن الجنة اسم لدار النعيم المطلق الكامل ، ومن أعظم نعيم الجنة : التمتع بالنظر إلى وجه الله الكريم ، وسماع كلامه ، وقرة العين بالقرب منه وبرضوانه ، فلا نسبة للذة ما فيها من المأكول والمشروب والملبوس والصور إلى هذه اللذة أبدا ، فأيسر يسير من رضوانه : أكبر من الجنان وما فيها من ذلك ، كما قال تعالى : ( ورضوان من الله أكبر ) التوبة/72 ، وأتى به مُنَكَّرًا في سياق الإثبات ، أي أي شيء كان من رضاه عن عبده : فهو أكبر من الجنة .
قليل منك يقنعني ... ولكن قليلك لا يقال له قليل
وفي الحديث الصحيح حديث الرؤية : ( فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إلى وجهه ) وفي حديث آخر : ( أنه سبحانه إذا تجلى لهم ورأوا وجهه عيانا : نسوا ما هم فيه من النعيم وذهلوا عنه ولم يلتفوا إليه ) .
ولا ريب أن الأمر هكذا ، وهو أجل مما يخطر بالبال أو يدور في الخيال ، ولا سيما عند فوز المحبين هناك بمعية المحبة ، فإن المرء مع من أحب ، ولا تخصيص في هذا الحكم بل هو ثابت شاهدا وغائبا ، فأي نعيم وأي لذة وأي قرة عين وأي فوز يداني نعيم تلك المعية ولذتها وقرة العين بها ، وهل فوق نعيم قرة العين بمعية المحبوب الذي لا شيء أجل منه ولا أكمل ولا أجمل قرة عين ألبتة ؟ .
وهذا - والله - هو العلَم الذي شمر إليه المحبون ، واللواء الذي أمه العارفون ، وهو روح مسمى الجنة وحياتها ، وبه طابت الجنة وعليه قامت .
فكيف يقال : " لا يعبد الله طلباً لجنته ولا خوفاً من ناره " ؟! .
وكذلك النار أعاذنا الله منها ، فإن لأربابها من عذاب الحجاب عن الله وإهانته وغضبه وسخطه والبعد عنه : أعظم من التهاب النار في أجسامهم وأرواحهم ، بل التهاب هذه النار في قلوبهم : هو الذي أوجب التهابها في أبدانهم ، ومنها سرت إليها .
فمطلوب الأنبياء والمرسلين والصديقين والشهداء والصالحين : هو الجنة ، ومهربهم : من النار . والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل .
" مدارج السالكين " ( 2 / 80 ، 81 ) .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-02-17, 16:08
السؤال :
هل الأموات الصالحون ربنا يكرم بهم العبد الحي إذا سألنا الله بصلاح الشيخ فلان وبفضله عندك وبعبادته لك أن تفرج يا الله كربتي ونحن نعلم أن الفائدة من الله ؟.
الجواب :
الحمد لله
لا شك أن الدعاء هو من أعظم العبادات الشرعية التي يتقرب بها العبد لربه سبحانه وتعالى ، ولا شك أيضاً أنه لا يجوز لأحد من العباد أن يعبد الله إلا بما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم لما روى البخاري ( 2499 ) ومسلم ( 3242 ) من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ " وفي لفظ لمسلم ( 3243 ) :" من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد "
وبهذا يعلم أن التوجه إلى الله تعالى والتوسل إليه بما لم يرد عن نبيه صلى الله عليه وسلم لا قولاً ولا فعلاً ، وبما لم يفعله أصحابه الكرام الذين كانوا أحرص الناس على الخير وأسبقهم إليه ؛ بدعة منكرة ينبغي للعبد الذي يحب ربه ، ويتابع رسوله صلى الله عليه وسلم ألا يقدم عليها ولا يتعبد بها .
فإذا نظرنا إلى ما ذكرته ـ أيها السائل ـ من التوسل إلى الله بمكانة الصالحين ، وعبادتهم وجاههم عند الله ؛ وجدنا أنه أمر مُحْدَثٌ لم يَرِدْ عنه صلى الله عليه وسلم ، ولا ورد عن صحابته الكرام أنهم توسلوا يوماً ما بجاهه ومكانته عند ربه لا في حياته ولا بعد مماته بل كانوا في حياته يتوسلون إلى الله بدعائه لهم ، فلما توفي عليه الصلاة والسلام توسلوا إلى الله بدعاء الصالحين من الأحياء وتركوا التوسل بجاهه
مما يدل بجلاء على أن التوسل بذاته وجاهه لو كان خيراً مشروعا لسبقونا إليه ، ومن ذا يزعم أنه أحرص من عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الخير ، وهاهو يُعرِض عن التوسل إلى الله بجاه نبيه صلى الله عليه وسلم ليتوسل إليه بدعاء عم نبيه ، والصحابة الكرام يشهدون ذلك منه دون نكير أو مخالفة ؛ كما في صحيح البخاري ( 954 ) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: " أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ :" اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا قَالَ فَيُسْقَوْنَ "
ومعنى توسلهم بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بالعباس هو : التوسل بدعائه بدلالة مَا وَرَدَ فِي بَعْض طُرُق الحديث ,َ عن أَنَس قَالَ " كَانُوا إِذَا قَحَطُوا عَلَى عَهْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِسْتَسْقَوْا بِهِ , فَيَسْتَسْقِي لَهُمْ فَيُسْقَوْنَ فَلَمَّا كَانَ فِي إِمَارَة عُمَر " فَذَكَرَ الْحَدِيث أخرجه الإسماعيلي في مستخرجه على الصحيح . وجاء عند عَبْد الرَّزَّاق مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس " أَنَّ عُمَر اِسْتَسْقَى بِالْمُصَلَّى , فَقَالَ لِلْعَبَّاسِ : قُمْ فَاسْتَسْقِ , فَقَامَ الْعَبَّاس " فَذَكَرَ الْحَدِيث . نقله الحافظ في الفتح وسكت عليه .
فتبين بهذا أن التوسل الذي قصده عمر رضي الله عنه إنما هو التوسل بدعاء الرجل الصالح وهو توسل صحيح مشروع دلت عليه الأدلة الكثيرة وهو المعروف من حال الصحابة الكرام رضي الله عنهم فإنهم كانوا إذا أقحطوا واحتبس عنهم المطر طلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعو لهم فيدعو فيسقون ، والأحاديث في ذلك كثيرة مشهورة .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (1/153)
" الدعاء بجاه رسول الله أو بجاه فلان من الصحابة أو غيرهم أو بحياته لا يجوز ، لأن العبادات توقيفية ، ولم يشرع الله ذلك ، وإنما شرع لعباده التوسل إليه سبحانه بأسمائه وصفاته وبتوحيده والإيمان به وبالأعمال الصالحات ، وليس بجاه فلان وفلان وحياته من ذلك ، فوجب على المكلفين الاقتصار على ما شرع الله سبحانه ، وبذلك يُعلم أن التوسل بجاه فلان وحياته وحقه من البدع المحدثة في الدين " اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" ليس لأحد أن يُدِلَّ على الله بصلاح سلفه ، فإنه ليس صلاحهم من عمله الذي يستحق به الجزاء كأهل الغار الثلاثة فإنهم لم يتوسلوا إلى الله بصلاح سلفهم وإنما توسلوا إلى الله بأعمالهم ا.هـ .
نسأل الله أن يثبتنا على دينه وشرعه حتى نلقاه .. آمين .
والله أعلم .
انظر ( التوسل أنواعه وأحكامه للشيخ الألباني ص55 وما بعدها ، وفتاوى اللجنة الدائمة 1/ 153) ، والتوصل إلى حقيقة التوسل للشيخ محمد نسيب الرفاعي ص 180 ).
*عبدالرحمن*
2018-02-17, 16:09
السؤال :
هل يجب تكسير التماثيل في الإسلام ، ولو كانت من التراث الإنساني والحضاري ؟ ولماذا لما فتح الصحابة البلاد ورأوا فيها التماثيل لم يكسروها ؟.
الجواب :
الحمد لله
دلت الأدلة الشرعية على وجوب هدم الأصنام ، ومن ذلك :
1- ما رواه مسلم (969) عن أبي الهياج الأسدي قال : قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ، ولا قبراً مشرفا إلا سويته " .
2- وما رواه مسلم (832) عن عمرو بن عبسة أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : وبأي شيء أرسلك ؟ قال : " أرسلني بصلة الأرحام ، وكسر الأوثان ، وأن يوحد الله لا يشرك به شيء ".
ويتأكد وجوب هدمها إذا كانت تعبد من دون الله :
3- روى البخاري (3020) ومسلم (2476) عن جرير بن عبد الله البجلي قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا جرير ألا تريحني من ذي الخلصة بيت لخثعم كان يدعى كعبة اليمانية قال فنفرت في خمسين ومائة فارس وكنت لا أثبت على الخيل فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب يده في صدري فقال اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا قال فانطلقَ فحرَّقها بالنار ثم بعث جرير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يبشره يكنى أبا أرطاة منا فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ما جئتك حتى تركناها كأنها جمل أجرب فبرك رسول الله صلى الله عليه وسلم على خيل أحمس ورجالها خمس مرات ".
قال الحافظ ابن حجر :
وَفِي الْحَدِيث مَشْرُوعِيَّة إِزَالَة مَا يُفْتَتَن بِهِ النَّاس مِنْ بِنَاء وَغَيْره سَوَاء كَانَ إِنْسَانًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ جَمَادًا اهـ.
4- وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد رضي الله عنه في سرية لهدم العزى .
5- وأرسل سعد بن زيد الأشهلي رضي الله عنه في سرية لهدم مناة .
6- وأرسل عمرو بن العاص رضي الله عنه في سرية لهدم سواع . وذلك كله بعد فتح مكة .
[البداية والهاية 4/712، 776 ، 5/83 ، السيرة النبوية للدكتور علي الصلابي 2/1186 ].
قال النووي في "شرح مسلم" في كلام له على التصوير :
وَأَجْمَعُوا عَلَى مَنْع مَا كَانَ لَهُ ظِلّ , وَوُجُوب تَغْيِيره اهـ .
والذي له ظل من الصور هو الصور المجسمة كهذه التماثيل .
وأما ما يقال في ترك الصحابة رضي الله عنهم للأصنام في البلاد المفتوحة ، فهذا من الظنون والأوهام ، فما كان لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعوا الأصنام والأوثان ، لاسيما مع كونها معبودة في ذلك الزمن .
فإن قيل : فهذه الأصنام القديمة للفراعنة والفينيقيين وغيرهم ، كيف تركها الصحابة الفاتحون ؟
فالجواب : أن هذه الأصنام لا تخرج عن ثلاثة وجوه :
الأول : أن تكون تلك الأصنام في أماكن نائية لم يصل إليها الصحابة ، فإن فتح الصحابة لمصر مثلاً لا يعني
وصولهم إلى كل أرض فيها .
الثاني : أن تكون تلك الأصنام غير ظاهرة ، بل داخل منازل الفراعنة وغيرهم ، وقد كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم الإسراع عند المرور على ديار الظلمة والمعذبين ، بل جاء نهيه عن دخول تلك الأماكن .
ففي الصحيحين : " لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين ، أن يصيبكم مثل ما أصابهم " قال ذلك صلى الله عليه وسلم عند مروره على أصحاب الحجر، في ديار ثمود قوم صالح عليه السلام .
وفي رواية في الصحيحين أيضاً : " فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم ، أن يصيبكم مثل ما أصابهم ".
والظن بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم إن رأوا معبداً أو منزلاً لهؤلاء أن لا يدخلوه ، وأن لا يطلعوا على ما فيه .
وهذا مما يزيل الإشكال حول عدم تعرض الصحابة للأهرام وما فيها ، مع احتمال كون أبوابها ومداخلها مطمورة بالرمال في ذلك الوقت .
الثالث : أن كثيراً من هذه الأصنام الظاهرة اليوم كان مغموراً مطموراً ، أو اكتشف حديثاً ، أو جيء به من أماكن نائية لم يصل إليها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .
فقد سئل الزركلي عن الأهرام وأبي الهول ونحوها : هل رآها الصحابة الذين دخلوا مصر؟
فقال : كان أكثرها مغموراً بالرمال ، ولاسيما أبا الهول .
(شبه جزيرة العرب 4/1188).
ثم بقال لو قدر وجود تمثال ظاهر غير مطمور ، فلا بد من ثبوت أن الصحابة رأوه، وأنهم كانوا قادرين على هدمه .
والواقع يشهد أن بعض هذه التماثيل يعجز الصحابة رضي الله عنهم عن هدمه ، فقد استغرق هدم بعض هذه التماثيل عشرين يوماً ، مع وجود الآلات والأدوات والمتفجرات والإمكانيات التي لم تتوفر للصحابة قطعاً .
ومما يدل على ذلك ما ذكره ابن خلدون في ( المقدمة ص 383) أن الخليفة الرشيد عزم على هدم إيوان كسرى ، فشرع في ذلك وجمع الأيدي ، واتخذ الفؤوس ، وحَمَّاه بالنار ، وصب عليه الخل ، حتى أدركه العجز وأن الخليفة المأمون أراد أن يهدم الأهرام في مصر فجمع الفعلة ولم يقدر .
وأما التعلل بكون هذه التماثيل من التراث الإنساني ، فهذا كلام لا يلتفت إليه ، فإن اللات والعزى وهبل ومناة وغيرها من الأصنام كانت تراثاً لمن يعبدها في قريش والجزيرة .
وهو تراث ، لكنه تراث محرم يجب إزالته ، وإذا جاء أمر الله ورسوله فالمؤمن يبادر إلى الامتثال ولا يرد أمر الله ورسوله بمثل هذه الحجج الواهية ، قال تعالى : ( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) النور / 51
ونسأل الله أن يوفق جميع المسلمين لما يحبه ويرضاه .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-17, 16:11
السؤال :
أرجو تفسير قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة ) المائدة/35
وذلك ردّاً على الصوفية في التوسل ، حيث إن بعضهم فسرها بجواز التوسل بالأنبياء والأولياء ، أما بالنسبة لحديث آدم لما اقترف الخطيئة فيقولون : إن البيهقي صحح الحديث ، وإن الذهبي أثنى على هذا الكتاب .
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
حديث اقتراف آدم للخطيئة وتوسله بالنبي صلى الله عليه وسلم حديث موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آدم عليه السلام .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (34715) ونقلنا عن أهل العلم تبيينهم لكذبه ، ومن هؤلاء العلماء الإمام الذهبي رحمه الله .
والبيهقي رحمه الله لم يرو الحديث في سننه ، بل رواه في "دلائل النبوة" (5/489) وضعَّفه ، فقد قال بعد سياقه للحديث : " تفرد به عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وهو ضعيف " .
ومما يرجح نكارة المتن وبطلانه : أن الدعاء الذي قبِل الله به توبة آدم هو ما قاله الله في سورة الأعراف : ( قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) الأعراف/23 ، فهذا هو الدعاء الذي دعا به آدم وحواء ، وفيه دعاء الله تعالى وحده ، والتوسل بأسمائه وصفاته ، والتوسل بذكر حالهم ، وهي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه ثم قالها فتاب الله تعالى عليه ، كما قال تعالى : ( فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) البقرة/37 .
ثانياً :
أما تفسير لفظ " الوسيلة " في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) المائدة/35 : فهي الطريق الموصلة إلى الله تعالى ، ولا طريق موصلة إليه عز وجل إلا الطريق التي يحبها الله ويرضى عنها ، وتكون بطاعته وترك معصيته .
قال ابن كثير رحمه الله :
" يقول تعال آمراً عباده المؤمنين بتقواه ، وهي إذا قرنت بطاعته كان المراد بها الانكفاف من المحارم وترك المنهيات ، وقد قال بعدها : ( وابتغوا إليه الوسيلة ) قال سفيان الثوري عن طلحة عن عطاء عن ابن عباس : أي : القربة ، وكذا قال مجاهد وأبو وائل والحسن وقتادة وعبد الله بن كثير والسدي وابن زيد وغير واحد ، وقال قتادة : أي : تقربوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه ، وقرأ ابن زيد : ( أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة ) ، وهذا الذي قاله هؤلاء الأئمة لا خلاف بين المفسرين فيه .
والوسائل والوسيلة : هي التي يتوصل بها إلى تحصيل المقصود " انتهى .
"تفسير ابن كثير" (2/53، 54) .
وقال الشنقيطي رحمه الله :
" اعلم أن جمهور العلماء على أن المراد بالوسيلة هنا هو القربة إلى الله تعالى بامتثال أوامره ، واجتناب نواهيه على وفق ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم بإخلاص في ذلك لله تعالى ؛ لأن هذا وحده هو الطريق الموصلة إلى رضى الله تعالى ، ونيل ما عنده من خير الدنيا والآخرة .
وأصل الوسيلة : الطريق التي تقرب إلى الشيء ، وتوصل إليه وهي العمل الصالح بإجماع العلماء ؛ لأنه لا وسيلة إلى الله تعالى إلا باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم ، وعلى هذا فالآيات المبينة للمراد من الوسيلة كثيرة جدّاً كقوله تعالى : ( وَمَآ ءَاتَـٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَـٰكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ ) ، وكقوله : ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى ) ، وقوله : ( قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ ) ، إلى غير ذلك من الآيات .
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن المراد بالوسيلة الحاجة . . .
وعلى هذا القول الذي روي عن ابن عباس فالمعنى : ( وَٱبْتَغُواْ إِلَيهِ ٱلْوَسِيلَةَ ) : واطلبوا حاجتكم من الله ؛ لأنه وحده هو الذي يقدر على إعطائها ، ومما يبين معنى هذا الوجه قوله تعالى : ( إِنَّ ٱلَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَٱبْتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزْقَ وَٱعْبُدُوهُ ) ، وقوله : ( وَٱسْأَلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضْلِهِ ) ، وفي الحديث : ( إذا سألتَ فاسأل الله ) .
ثم قال الشنقيطي رحمه الله : التحقيق في معنى الوسيلة هو ما ذهب إليه عامة العلماء من أنها التقرب إلى الله تعالى بالإخلاص له في العبادة ، على وفق ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتفسير ابن عباس داخل في هذا ؛ لأن دعاء الله والابتهال إليه في طلب الحوائج من أعظم أنواع عبادته التي هي الوسيلة إلى نيل رضاه ورحمته .
وبهذا التحقيق تعلم أن ما يزعمه كثير من ملاحدة أتباع الجهَّال المدعين للتصوُّف من أن المراد بالوسيلة في الآية الشيخ الذي يكون له واسطة بينه وبين ربه : أنه تخبط في الجهل والعمى وضلال مبين ، وتلاعب بكتاب الله تعالى ، واتخاذ الوسائط من دون الله من أصول كفر الكفار ، كما صرح به تعالى في قوله عنهم : ( مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ ) وقوله : ( وَيَقُولُونَ هَـٰؤُلاۤءِ شُفَعَـٰؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ ٱللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِى ٱلسَّمَـوَتِ وَلاَ في ٱلأرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) ، فيجب على كل مكلف أن يعلم أن الطريق الموصلة إلى رِضى الله وجنته ورحمته هي اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومن حاد عن ذلك فقد ضل سواء السبيل ، ( لَّيْسَ بِأَمَـٰنِيِّكُمْ وَلاۤ أَمَانِىِّ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ ) .
وهذا الذي فسرنا به الوسيلة هنا هو معناها أيضاً في قوله تعالى : ( أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ) ، وليس المراد بالوسيلة أيضاً المنزلة التي في الجنة التي أمرنا صلى الله عليه وسلم أن نسأل له الله أن يعطيه إياها ، نرجو الله أن يعطيه إياها ؛ لأنها لا تنبغي إلا لعبد ، وهو يرجو أن يكون هو " انتهى باختصار .
"أضواء البيان" (2/86– 88) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-17, 16:13
السؤال :
اشتهر عند بعض العوام أن يقول أحدهم قبل النوم
يا ملائكة الحفظ أيقظوني في الساعة كذا أو عند وقت كذا ؟ .
الجواب :
الحمد لله
هذا لا يجوز بل هو من الشرك الأكبر ؛ لأنه دعاء لغير الله وطلب من الغائب ، فهو كالطلب من الجن والأصنام والأموات لعموم قوله تعالى : ( وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحداً ) 18/الجن ، وقوله سبحانه : ( ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير ) 13-14/فاطر
فسمى سبحانه دعاء غيره من الأموات والأصنام والجن والملائكة شركاً به سبحانه وقال عز وجل : ( وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً ) 6/الجن ، وقال سبحانه : ( ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون ) 117/المؤمنون ، فسمى الداعين لغيره كافرين ، وهذا يعم جميع المدعوين من دون الله من أموات أو أصنام أو جن أو ملائكة ، ولا يستثنى من ذلك إلا الحي الحاضر القادر لقول الله سبحانه في قصة موسى : ( فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه ) 15/القصص .
ومن هذا الشرك قول بعض الناس : يا جن خذوه يا سبعة خذوه ، أو يا جن الظهيرة خذوه ، أو يا جن الشعب الفلاني أو يا جن بلد فلان فهذا كله شرك أكبر ودعوة لغير الله من الغائبين ، فإذا قال يا ملائكة الله أيقظوني أو احفظوني فهذا شرك أكبر ، أو يا جن البيت احفظوني أو أيقظوني فهذا شرك أكبر نعوذ بالله من ذلك والواجب على المسلم أن يحذر ذلك و أن يستغيث بالله وحده ويسأله وحده ففيه الكفاية سبحانه ، وهو القادر على كل شي
وهو القائل عز وجل : ( ادعوني أستجب لكم ) 60/غافر ، والقائل سبحانه : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) 186/البقرة ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله ) .
نسأل الله أن يوفقنا وجميع المسلمين للفقه في دينه والسلامة من أسباب غضبه إنه سميع قريب .
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله - م/7 ، ص/180.
*عبدالرحمن*
2018-02-17, 16:14
السؤال :
لماذا أمر الله الملائكة أن تسجد لآدم ؟ ولماذا سجد إخوة يوسف ليوسف ؟
أعرف أن السجود يجب أن يكون لله.
الجواب :
الحمد لله
السجود يكون على وجهين :
يكون تعظيماً وتقرباً إلى من سُجِدَ لهُ ، وهذا سُجود عبادة ولا يكون إِلاَّّ لله وحده في جميع الشرائع .
النوع الثاني من السجود ، سُجود تحيَّة وتكريم وهذا هو السُّجود الذي أَمَر الله الملائكة به لآدم فسجدوا له تكريماً ، وهو منهم عبادة لله سبحانه بطاعتهم له إذْ أمرهم بالسجود .
وأمّا سجود أَبَويْ يُوسُف وإخوته له فكذلك هو من سجود التحية والتكريم ، وقد كان جائزاً في شريعتهم ، وأمّا في الشريعة التي جاء بها خاتم النبيين محمدٌ صلى الله عليه وسلّم فلا يجوز السجود فيها لغير الله مطلقاً ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام " لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد ، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها "
. ونهى النبي عليه الصلاة والسلام معاذاً عن السجود له لمّا ذكر أن أهل الكتاب يسجدون لعظمائهم ، وذكر الحديث المتقدم ، وتحريم السجود لغير الله مطلقاً في هذه الشريعة هو من كمالها في تحقيق التوحيد وهي الشريعة الكاملة في كُلِّ ما اشتملت عليه من الأحكام ، قال تعالى : ( اليوم أكملتُ لكم دينكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) .
كتبه : الشيخ عبد الرحمن البراك .
*عبدالرحمن*
2018-02-17, 16:17
السؤال :
ما هو أول واجب على الخلق ؟.
الجواب :
الحمد لله
أول واجب على الخلق هو أول ما يدعى الخلق إليه وقد بينه النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حين بعثه لليمن فقال له : ( إنك تأتي قوماً أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله , وأن محمداً رسول الله ) .
فهذا أول واجب على العباد أن يوحدوا الله عز وجل , وأن يشهدوا لرسوله صلى الله عليه وسلم بالرسالة .
وبتوحيد الله عز وجل والشهادة لرسوله صلى الله عليه وسلم يتحقق الإخلاص ,
والمتابعة اللذان هما شرط لقبول كل عبادة .
مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ج/1 ص 84 .
و اخيرا ً
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-02-18, 06:49
اخوة الاسلام
السلام عليكم و رحمه الله و بركاته
توحيد الأسماء والصفات
السؤال:
كيف الجمع بين قوله تعالى : (ولتصنع على عيني ) ، وقوله تعالى : (واصنع الفلك بأعيننا) ، فهل هي عين واحدة أو أعين ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
الذي عليه أهل السنة والجماعة أن لله عز وجل عينين يبصر بهما ، وهما من الصفات الذاتية التي لا تنفك عنه سبحانه .
قال ابن خزيمة رحمه الله : " نحن نقول : لربنا الخالق عينان يبصر بهما ، ما تحت الثرى ، وتحت الأرض السابعة السفلى ، وما في السماوات العلى ... " انتهى من "كتاب التوحيد" (1/76) .
وقال أبو الحسن الأشعري رحمه الله : " وأن له سبحانه عينين بلا كيف ، كما قال سبحانه : (تجري بأعيننا) " انتهى من " الإبانة عن أصول الديانة" (1/20) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " مذهب أهل السنة والجماعة : أن لله عينين اثنتين ، ينظر بهما حقيقة على الوجه اللائق به ، وهما من الصفات الذاتية " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (4/58) .
واستدل أهل السنة على إثبات العينين ، بما رواه البخاري (6858) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله لا يخفى عليكم ، إن الله ليس بأعور - وأشار بيده إلى عينه - وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية).
قال الدارمي رحمه الله في "رده على بشر المريسي" (1/327) : " ففي تأويل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله ليس بأعور) : بيان أنه بصير ذو عينين ، خلاف الأعور " انتهى .
وقال الشيخ عبد الله الغنيمان حفظه الله في "شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري" : " قوله : (إن الله ليس بأعور ) : هذه الجملة هي المقصودة من الحديث في هذا الباب ، فهذا يدل على أن لله عينين حقيقة ؛ لأن العور فقدُ أحد العينين ، أو ذهاب نورها " انتهى .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-18, 06:49
ثانياً :
جاءت صفة العين في القرآن الكريم مضافة إلى الله سبحانه وتعالى بصيغتين :
1- صيغة الإفراد ، مضافة إلى ضمير المفرد . مثل قوله تعالى : (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) طه : 39 .
2- صيغة الجمع ، مضافة إلى ضمير الجمع . مثل قوله تعالى: (تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا) القمر : 14 ، وقوله : (وَاصْنَعْ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا) هود : 37 .
فقوله تعالي : (عَلَى عَيْنِي) ، لا يدل على عين واحدة ، وقوله : (بِأَعْيُنِنَا) ، لا يدل على أعين كثيرة ، بل كل موضع يفسر بحسبه ، وذلك أن لفظ العين إذا أضيف إلى اسم جمع ظاهر ، أو مضمر ، فالأحسن جمعه مشاكلة للفظ ، كما قال تعالى : (قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ) الأنبياء : 61 .
وإذا أضيف إلى مفرد ذكر مفردا مشاكلة للفظ ، كما قال تعالى : (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) طه : 39 .
قال ابن القيم رحمه الله "الطواعق المرسلة" (1/255) : " فذكر العين المفردة مضافة إلى الضمير المفرد ، والأعين مجموعة مضافة إلى ضمير الجمع ، وذكر العين مفردة لا يدل على أنها عين واحدة ليس إلا ، كما يقول القائل : أفعل هذا على عيني ، وأجيئك على عيني ، وأحمله على عيني ، ولا يريد به أن له عينا واحدة ، فلو فهم أحد هذا من ظاهر كلام المخلوق لعد أخرق ، وأما إذا أضيفت العين إلى اسم الجمع ظاهرا ، أو مضمرا ، فالأحسن جمعها مشاكلة للفظ كقوله : (تجري بأعيننا) القمر : 14 ، وقوله (واصنع الفلك بأعيننا) هود : 37 .
وهذا نظير المشاكلة في لفظ اليد المضافة إلى المفرد ، كقوله : (بيده الملك) الملك : 1 ، وقوله : (وبيدك الخير) آل عمران : 26 .
وإن أضيفت إلى ضمير جمع جمعت ، كقوله : ( أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما ) يس : 71 .
وكذلك إضافة اليد والعين إلى اسم الجمع الظاهر ، كقوله : (بما كسبت أيدي الناس) الروم : 41 ، وقوله تعالى : (فأتوا به على أعين الناس) الأنبياء : 61 .
وقد نطق القرآن والسنة بذكر اليد مضافة إليه سبحانه مفردة ، ومثناة ، ومجموعة ، وبلفظ العين مضافة إليه مفردة ، ومجموعة ، ونطقت السنة بإضافتها إليه مثناة ، كما قال عطاء عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي : ( إن العبد إذا قام في الصلاة قام بين عيني الرحمن ، فإذا التفت قال له ربه إلى من تلتفت إلى خير لك مني ) .
وقول النبي صلى عليه وسلم : ( إن ربكم ليس بأعور) صريح في أنه ليس المراد إثبات عين واحدة ليس إلا ؛ فإن ذلك عور ظاهر ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا " انتهى .
وقال الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله : " وردت صفتا اليدين ، والعينين في النصوص مضافة إلى الله تعالى : على ثلاثة أوجه : الإفراد ، والتثنية ، والجمع .
فمن أمثلة الإفراد : قوله تعالى : (تبارك الذي بيده الملك) ، وقوله : (ولتصنع على عيني) .
ومن أمثلة الجمع : قوله تعالى : (أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً) ، وقوله : (تجري بأعيننا) .
ومن أمثلة التثنية : قوله تعالى : ( بل يداه مبسوطتان) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا قام العبد في الصلاة قام بين عيني الرحمن ) ، هكذا هو في مختصر الصواعق عن عطاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعزه ، ولم ترد صفة العينين في القرآن بصورة التثنية .
هذه هي الوجوه الثلاثة التي وردت عليها صفتا اليدين ، والعينين .
والجمع بين هذه الوجوه أن يقال :
إن الإفراد لا ينافي التثنية ، ولا الجمع ؛ لأن المفرد المضاف يعم ، فيتناول كل ما ثبت لله من يد ، أو عين ، واحدة كانت أو أكثر .
وأما الجمع بين ما جاء بلفظ التثنية ، وبلفظ الجمع : فإن قلنا : أقل الجمع اثنان ، فلا منافاة أصلاً بين صيغتي التثنية والجمع لاتحاد مدلوليهما ، وإن قلنا : أقل الجمع ثلاثة ، وهو المشهور ، فالجمع بينهما أن يقال : إنه لا يراد من صيغة الجمع مدلولها الذي هو ثلاثة ، فأكثر ، وإنما أريد بها ، والله أعلم : التعظيم والمناسبة ، أعني مناسبة المضاف للمضاف إليه ، فإن المضاف إليه ، وهو " نا " يراد به هنا التعظيم قطعاً ، فناسب أن يؤتى بالمضاف بصيغة الجمع ؛ ليناسب المضاف إليه ، فإن الجمع أدل على التعظيم من الإفراد والتثنية ، وإذا كان كل من المضاف والمضاف إليه دالاً على التعظيم حصل من بينهما تعظيم أبلغ " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (4/59-60) .
والخلاصة :
أن لله عينين تليقان به سبحانه ، ومجيئهما في القرآن بلفظ المفرد ، المضاف إلى الضمير المفرد ، لا يدل على أن لله تعالى عينًا واحدة ، كما أن ورودها بلفظ الجمع لا يدل على أن لله تعالى أعينًا متعددة ، فيحمل ما جاء بالكتاب على ما وضحته السنة ، كما في حديث الدجال ، فيزول الإشكال .
تنبيه :
الحديث الذي ذكره ابن القيم ، ونقله عنه الشيخ ابن عثيمين ، رحمهما الله : ( إن العبد إذا قام في الصلاة قام بين عيني الرحمن ) خرجه الشيخ الألباني رحمه الله في "السلسلة الضعيفة" (3/93) ، وقال : " ضعيف جداً " انتهى .
ولذلك قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : الحديث ضعيف لانقطاعه ، واعتمادنا في عقيدتنا هذه على الحديث الصحيح ، حديث الدجال ؛ لأنه واضح لمن تأمله .
انتهى بتصرف يسير من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (8/197) .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-02-18, 06:51
السؤال:
هل في تفسير قوله تعالى "ألم يعلم بأن الله يرى" دلاله أن لله عيناً ؟ وإن لم تكن كذلك ، فهل لله عين؟ وهل يوجد دليل ثابت على ذلك؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
مذهب أهل السنة والجماعة إثبات صفة العين لله عز وجل ، على وجه يليق به سبحانه ، كما قال تعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) الشورى : 11 .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " مذهب أهل السنة والجماعة : أن لله عينين اثنتين ، ينظر بهما حقيقة على الوجه اللائق به ، وهما من الصفات الذاتية " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (4/58) .
ثانياً :
دلت النصوص من الكتاب والسنة على إثبات صفة العين لله عز وجل :
أما الأدلة من الكتاب :
1. قال تعالى : (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا) هود : 37 .
ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله تعالى : (واصْنَعِ الفُلْكَ بِأَعْيُنِنا) ، قال : بعين الله تبارك وتعالى ، رواه عنه البيهقي في "الأسماء والصفات" (2/116) .
قال ابن جرير الطبري رحمه الله : " وقوله : (بأعيننا) ، أي : بعين الله ووحيه كما يأمرك " انتهى .
2. قال تعالى : (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) طه : 39
3. قال تعالى : (وَاصْبِرْ لِحُكمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا) الطور : 48
وأما الأدلة من السنة ؛ فمنها ما رواه البخاري (6858) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله لا يخفى عليكم ، إن الله ليس بأعور - وأشار بيده إلى عينه - وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية ) .
قال ابن خزيمة رحمه الله – بعد ذكره للنصوص السابقة - : " فواجب على كل مؤمن أن يثبت لخالقه وبارئه ما ثبَّت الخالق البارئ لنفسه من العين ، وغير مؤمن من ينفي عن الله تبارك وتعالى ما قد ثبَّته الله في محكم تَنْزيله ببيان النبي صلى الله عليه الذي جعله الله مبيِّناً عنه عَزَّ وجلَّ في قوله : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ) ، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن لله عينين ، فكان بيانه موافقاً لبيان محكم التَنْزيل ، الذي هو مسطور بين الدفتين ، مقروء في المحاريب والكتاتيب " انتهى .
"كتاب التوحيد" (1/64) .
ثالثاً :
أما قوله تعالى : (ألم يعلم بأن الله يرى) ، فلا تدل على إثبات صفة العين ، بل هي دالة على إثبات صفة الرؤية والبصر لله سبحانه وتعالى ، وأما إثبات العين ، فهو أمر زائد على ذلك ، يرجع فيه إلى النصوص الواردة في الباب .
قال ابن كثير رحمه الله : " أما علم هذا الناهي لهذا المهتدي أن الله يراه ويسمع كلامه ، وسيجازيه على فعله أتم الجزاء " . انتهى من "تفسير ابن كثير" (4/646) .
وقد ذكر البيهقي رحمه الله : قوله تعالى : (ألم يعلم بأن الله يرى) في نصوص إثبات الرؤية والبصر له سبحانه . انتهى "الأسماء والصفات" (1/461) .
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : " والعين لله سبحانه وتعالى هي عينٌ حقيقيةٌ ، ودليل ذلك أن الله أثبتها لنفسه في غير موضع ، وأثبت الرؤية في غير موضع ، وإثبات هذا تارة وهذا تارةً يدل على التغاير بينهما ، فالرؤية شيءٌ ، والعين شيءٌ آخر ، فقوله تعالى : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) التوبة/105 ، وقوله : (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى) العلق/14 ، فهاتان في الرؤية .
ولكن : (تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا) القمر/14 ، وقوله : (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) طـه/39 ، فهاتان الآيتان ليستا في الرؤية ، بل أثبتتا عيناً مخالفةً للرؤية ، ولهذا نقول : إن العين صفةٌ حقيقيةٌ " انتهى من "شرح العقيدة السفارينية" .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-02-18, 06:52
السؤال:
أنشأت أول بريد الكتروني لي عندما كنت في الصف الثامن ، وكنت حينها حريصة على أن يكون له مدلول إسلامي فسميّته باسم المؤمن ، ثم بعد أن كبرت أدركت أن المؤمن من أسماء الله الحسنى ، وأخشى أنني بذلك ارتكبت شركاً أو انتهكت حرمةً ، فهل يجوز لي أن استمر في استخدام هذا البريد أم لا ؟ وما توجيهكم ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) يونس/180 .
قال الشيخ السعدي رحمه الله :
" هذا بيان لعظيم جلاله وسعة أوصافه بأن له الأسماء الحسنى ، أي: له كل اسم حسن ، وضابطه : أنه كل اسم دال على صفة كمال عظيمة ، وبذلك كانت حسنى ...
وقوله: { وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } أي : عقوبة وعذابا على إلحادهم في أسمائه .
وحقيقة الإلحاد : الميل بها عما جعلت له ، إما بأن يسمى بها من لا يستحقها ، كتسمية المشركين بها لآلهتهم ، وإما بنفي معانيها وتحريفها ، وأن يجعل لها معنى ما أراده اللّه ولا رسوله ، وإما أن يشبه بها غيرها ؛ فالواجب أن يُحذر الإلحادُ فيها ، ويُحذر الملحدون فيها..".
"تفسير السعدي" (309) باختصار .
وينظر : بدائع الفوائد لابن القيم (1/179) ، القواعد المثلى ، لابن عثيمين (25-26) .
وبذلك يتبين أن لله تعالى أسماء ، لا يستحقها غيره ، وأن إطلاق هذه الأسماء على أحد من خلقه هو من الإلحاد في أسمائه ، الذي يستحق صاحبه أن يجازى به عند ربه يوم القيامة .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-18, 06:53
ثانيا :
أسماء الله تعالى وصفاته ، وإن كانت كلها مختصة به سبحانه من حيث المعنى ؛ فلا يشبه أحدا من خلقه في شيء منها ، بل ما ثبت له منها يليق بجلال الألوهية ، وعظمة الربوبية ، كما أن ما ثبت لخلقه يليق بحال العبودية ؛ لكن مع ذلك قد ورد في الشرع تسمية الله تعالى بأسماء وصفات ورد إطلاقها على بعض خلقه ، وهذا إنما هو من حيث اللفظ والتسمية فقط ، وإلا فما يضاف إلى الله تعالى مختص به ، لا يشركه فيه أحد من خلقه ، كما أن ما يضاف إلى العبد هو مختص به ، يليق بحاله .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" ولهذا سمى الله نفسه بأسماء ، وسمى صفاته بأسماء ، وكانت تلك الأسماء مختصة به إذا أضيفت إليه ، لا يشركه فيها غيره . وسمى بعض مخلوقاته بأسماء مختصة بهم ، مضافة إليهم ، توافق تلك الأسماء إذا قطعت عن الإضافة والتخصيص ، ولم يلزم من اتفاق الاسمين وتماثل مسماهما واتحاده عند الإطلاق والتجريد عن الإضافة والتخصيص : اتفاقهما ، ولا تماثل المسمى عند الإضافة والتخصيص ، فضلا عن أن يتحد مسماهما عند الإضافة والتخصيص .
فقد سمى الله نفسه حيا فقال : { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } ، وسمى بعض عباده حيا ، فقال : { يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي } ، وليس هذا الحي مثل هذا الحي ، لأن قوله ( الحي ) اسم لله مختص به ، وقوله : { يخرج الحي من الميت } اسم للحي المخلوق مختص به ، وإنما يتفقان إذا أطلقا وجردا عن التخصيص ، ولكن ليس للمطلق مسمى موجود في الخارج ، ولكن العقل يفهم من المطلق قدرا مشتركا بين المسميين ، وعند الاختصاص يقيد ذلك بما يتميز به الخالق عن المخلوق ، والمخلوق عن الخالق .
ولا بد من هذا فى جميع أسماء الله وصفاته ، يفهم منها ما دل عليه الاسم بالمواطأة والاتفاق ، وما دل عليه بالإضافة والاختصاص المانعة من مشاركة المخلوق للخالق في شيء من خصائصه - سبحانه وتعالى ..
وسمى نفسه بالمؤمن المهيمن ، وسمى بعض عباده بالمؤمن ، فقال : { أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون } وليس المؤمن كالمؤمن " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (3/10-12) باختصار.
والحاصل :
أنه لا حرج في التسمي بـ ( المؤمن ) من هذه الناحية ؛ لأن اسم المؤمن ليس من الأسماء الخاصة بالله جل جلاله ، والتي يمنع من تسمية الخلق بها ، بل قد سمى الله سبحانه نفسه بالمؤمن في كتابه الكريم ، وكذلك سمى بعض عباده بالمؤمنين ، والمؤمنين ؛ لكن ذلك لا يعني أن المعنى فيهما واحد ، بل للخالق من الصفات ما يخصه ويليق به ، لا يشاركه في حقيقته شيء من خلقه ، ولخلقه ما يليق بهم من الأسماء والمعاني .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-18, 06:54
السؤال :
اطّلعت على الفتاوي أرقام: 34810 و 22438 وفهمت أن ثلث الليل الأخير هو وقت السّحر هو وقت النّزول الإلهي
وقد ورد بالتّحديد في الفتوى رقم 34810: "وأول الثلث وآخره يعرف في كل زمان بحسبه فإذا كان الليل تسع ساعات كان أول وقت النزول أول الساعة السابعة إلى طلوع الفجر".
وهذا ينطبق علينا تماماً حيث أن آذان المغرب عند السّاعة الثّامنة وآذان الفجر عند السّاعة الخامسة أي أن طول الليل 9 ساعات فيكون وقت النّزول ابتداءً من السّاعة الثّانية وحتى السّاعة الخامسة حسب الفتوى رقم 34810.
ولكني قرأت في الفتوى رقم 132950 أن وقت جوف الليل الآخر هو وقت النّزول وهو السّدس الخامس من أسداس الليل: (قال الحافظ ابن رجب : " جوف الليل إذا أُطلق فالمراد به : وسطه ، وإن قيل : جوف الليل الآخر ، فالمراد به وسط النصف الثاني ، وهو السدس الخامس من أسداس الليل ، وهو الوقت الذي ورد فيه النزول الإلهي " انتهى "جامع العلوم والحكم" صـ 273) .
فيكون وقت النّزول في مدينتنا حسب الفتوى السّابقة ابتداءً من السّاعة الثّانية وحتى السّاعة الثّالثة والنّصف (السّدس الخامس من أسداس الليل).
فمتى وقت النّزول الإلهي : هل هو وقت جوف الليل الآخر ، أم ثلث الليل الأخير كله ؟
الجواب :
الحمد لله
روى البخاري (1145) ومسلم (758) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ ) .
وقد تظاهرت الروايات على تحديد وقت النزول الإلهي إلى السماء الدنيا بـ "ثلث الليل الآخر" ، كالذي ورد هنا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه . قال الإمام الترمذي رحمه الله : " وهو أصح الروايات" . "سنن الترمذي" (2/309) .
ولا يمنع ذلك أن يقال : إن السدس الخامس من أسداس الليل هو وقت النزول الإلهي ؛ فإن الثلث الأخير هو عبارة عن السدسين : الخامس والسادس ، وأول هذا الثلث هو السدس الخامس ؛ فلذلك يصح أن يقال : إن وقت النزول هو الثلث الأخير ، وهو أيضا : السدس الخامس .
فإذا عرفنا أن بعض الروايات صرحت بامتداد ذلك النزول إلى الفجر ؛ كما في رواية لمسلم (758) : ( فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُضِيءَ الْفَجْرُ ) ؛ ازداد الأمر وضوحا ، وعرفنا أن النزول يبدأ في الثلث الآخر من الليل ، وهو أيضا : السدس الخامس ، ليشمل السدس السادس ـ أيضا ـ بعده .
على أنه قد يقال : إنه إذا كان لهذا السدس الخامس خصوصية ؛ فلعله أن يكون أرجى أوقات الإجابة في الليل ، كما في الحديث عن أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ : قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ ؟ قَالَ : ( جَوْفَ اللَّيْلِ الْآخِرِ ، وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ ) رواه الترمذي (3499) وحسنه الألباني .
هذا مع أن غير واحد من أهل العلم يعبرون عن جوف الليل الآخر بأنه الثلث الآخر ، وأنه ـ أيضا ـ السدس الخامس ، لما قد ذكرناه فيما سبق من أن السدس الخامس هو أول ذلك الثلث.
قال الخطابي رحمه الله :
" قوله ( أي الساعات أسمع ) ، يريد : أيها أوقع للسمع ، والمعنى أيها أولى بالدعاء ، وأرجى للاستجابة ؟ وهذا كقول ضماد الأزدي ، حين عرض عليه رسول الله الإسلام ، قال : فسمعت كلاما لم أسمع قولا قط أسمع منه ؛ يريد أبلغ منه ولا أنجع في القلب .
وجوف الليل الآخر : إنما هو الجزء الخامس من أسداس الليل ، وهذا موافق للحديث الذي يروى أن الله يمهل حتى يبقى الثلث الآخر من الليل فينزل إلى السماء الدنيا فيقول هل من سائل فيعطى هل من تائب فيغفر له " انتهى . "غريب الحديث"، للخطابي (1/134) .
وقال ابن الأثير رحمه الله :
" وفيه : ( قِيل له : أيُّ اللَّيل أسْمَعُ ؟ قال : جَوْف الليل الآخِرُ ) ، أي : ثُلثُه الآخِرُ ، وهو الجُزء الخامِس من أسداس الليل " انتهى . "النهاية" (1/841) .
وقال المرتضى الزبيدي رحمه الله :
" وجَوْفُ اللَّيْلِ : الآخِرُ في الحَدِيثِ وهو قَوْلُهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا سُئِلَ : أَي اللَّيْلِ أَسْمَعُ ؟ قال : ( جَوْفُ اللَّيْلِ الآخِرِ ) أَي : ثُلُثُةُ الآخِرُ ، وهو الجُزْءُ الْخَامِسُ مِن أَسْدَاسِ اللَّيْلِ ؛ أَي لا نِصْفُه كما زَعَمَهُ بَعْضُهم " انتهى . "تاج العروس" (23/108) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-18, 06:56
السؤال:
أعرف المراد - والحمد لله - بهؤلاء الأربع: التحريف والتعطيل والتوقيف والتمثيل لكن يتحدث البعض أيضا عن أمر خامس وهو التفويض وأنا لا أعرف ما هو التفويض فهل بوسعكم رجاء أن توضحوا لي معناه ودلالاته؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
التفويض في أسماء الله تعالى وصفاته له معنيان :
الأول : معنى صحيح ، وهو إثبات اللفظ ومعناه الذي يدل عليه ، ثم تفويض علم كيفيته إلى الله ، فنثبت لله تعالى أسماءه الحسنى ، وصفاته العلى ، ونعرف معانيها ونؤمن بها ، غير أننا لا نعلم كيفيتها .
فنؤمن بأن الله تعالى قد استوى على العرش ، استواء حقيقيا يليق بجلاله سبحانه ، ليس كاستواء البشر ، ولكن كيفية الاستواء مجهولة بالنسبة لنا ؛ ولذا ، فإننا نفوض كيفيته إلى الله ، كما قال الإمام مالك وغيره لما سئل عن الاستواء : "الاستواء معلوم ، والكيف مجهول" .
انظر : "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام (3/25) .
وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة : إثبات صفات الله تعالى ، إثباتاً بلا تمثيل ولا تكييف ، قال الله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ) .
قال ابن عبد البر رحمه الله :
" أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة في الكتاب والسنة وحملها على الحقيقة لا على المجاز ، إلا أنهم لم يكيفوا شيئا من ذلك " .
"العلو للعلي الغفار" (ص 250)
والمعنى الثاني للتفويض - وهو معنى باطل - : إثبات اللفظ من غير معرفة معناه .
فيثبتون الألفاظ فقط ، (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) ثم يقولون : لا ندري معناه ، ولا ماذا أراد الله به !!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"وأما التفويض : فإن من المعلوم أن الله تعالي أمرنا أن نتدبر القرآن وحضّنا على عقله وفهمه ، فكيف يجوز مع ذلك أن يراد منا الإعراض عن فهمه ومعرفته وعقله ؟
وأيضا : فالخطاب الذي أريد به هدانا والبيان لنا وإخراجنا من الظلمات إلي النور إذا كان ما ذكر فيه من النصوص ظاهره باطل وكفر ولم يُرد منا أن نعرف لا ظاهره ولا باطنه ، أو أريد منا أن نعرف باطنه من غير بيان في الخطاب لذلك ، فعلي التقديرين لم نخاطَبْ بما بُيّن فيه الحق ، ولا عرفنا أن مدلول هذا الخطاب باطل وكفر .
وحقيقة قول هؤلاء في المخاطِب لنا : أنه لم يبين الحق ولا أوضحه مع أمره لنا أن نعتقده ، وأن ما خاطبنا به وأمرنا باتباعه والرد إليه لم يبين به الحق ولا كشفه ، بل دل ظاهره علي الكفر والباطل ، وأراد منا أن نفهم منه شيئا أو أن نفهم منه ما لا دليل عليه فيه ، وهذا كله مما يعلم بالاضطرار تنزيه الله ورسوله عنه ، وأنه من جنس أقوال أهل التحريف والإلحاد ...
إلى أن قال : فتبين أن قول أهل التفويض الذين يزعمون أنهم متبعون للسنة والسلف من شر أقوال أهل البدع والإلحاد " انتهى .
"درء التعارض" (1/115) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
"السلف لم يكن مذهبهم التفويض ، وإنما مذهبهم الإيمان بهذه النصوص كما جاءت ، وإثبات معانيها التي تدلُّ عليها على حقيقتها ووضعها اللغوي ، مع نفي التَّشبيه عنها ؛ كما قال تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) الشورى/ 11" انتهى .
"المنتقى من فتاوى الفوزان" (25/1) .
وقال الشيخ ابن جبرين رحمه الله :
"الصواب : ترك التأويل ، وإثبات حقيقة الصفات التي أفادتها تلك النصوص ، مع تفويض العلم بالكيفيات والماهيَّات ، ومع اعتقاد أنها لا يُفهم منها تشبيه الرب أو شيء من صفاته بالمخلوقين ، فلا تشبيه ولا تعطيل" انتهى .
"فتاوى الشيخ ابن جبرين" (64/41) .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-18, 06:57
وقال الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله :
"مذهب السلف هو التفويض في كيفية الصفات لا في المعنى" انتهى .
"فتاوى الشيخ عبد الرزاق عفيفي" (ص 104) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
"المفوضة قال أحمد فيهم : إنهم شر من الجهمية ، والتفويض أن يقول القائل : الله أعلم بمعناها فقط ، وهذا لا يجوز ; لأن معانيها معلومة عند العلماء . قال مالك رحمه الله : الاستواء معلوم والكيف مجهول ، وهكذا جاء عن الإمام ربيعة بن أبي عبد الرحمن وعن غيره من أهل العلم ، فمعاني الصفات معلومة ، يعلمها أهل السنة والجماعة ; كالرضا والغضب والمحبة والاستواء والضحك وغيرها ، وأنها معاني غير المعاني الأخرى ، فالضحك غير الرضا ، والرضا غير الغضب ، والغضب غير المحبة ، والسمع غير البصر ، كلها معلومة لله سبحانه ، لكنها لا تشابه صفات المخلوقين" انتهى .
"فتاوى نور على الدرب لابن باز" (ص 65) .
وقال أيضا :
"أنكر الإمام أحمد رحمه الله وغيره من أئمة السلف على أهل التفويض , وبدّعوهم لأن مقتضى مذهبهم أن الله سبحانه خاطب عباده بما لا يفهمون معناه ولا يعقلون مراده منه , والله سبحانه وتعالى يتقدس عن ذلك , وأهل السنة والجماعة يعرفون مراده سبحانه بكلامه ، ويصفونه بمقتضى أسمائه وصفاته وينزهونه عن كل ما لا يليق به عز وجل . وقد علموا من كلامه سبحانه ومن كلام رسوله صلى الله عليه وسلم أنه سبحانه موصوف بالكمال المطلق في جميع ما أخبر به عن نفسه أو أخبر به عنه رسوله صلى الله عليه وسلم" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (3/55) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"التفويض نوعان : تفويض المعنى ، وتفويض الكيفية .
فأهل السنة والجماعة يفوضون الكيفية ، ولا يفوضون المعنى ، بل يقرُّون به ، ويثبتونه ، ويشرحونه ، ويقسمونه ، فمن ادعى أن أهل السنة هم الذين يقولون بالتفويض - ويعني به تفويض المعنى - فقد كذب عليهم" انتهى .
"لقاء الباب المفتوح" (67/24) .
ثانياً :
توهم البعض أن مذهب السلف هو التفويض ، وفهموا ذلك من قول السلف في أحاديث الصفات : (أمروها كما جاءت بلا كيف) .
وهو فهم غير صحيح ، بل هذا القول الوارد عن السلف يدل على أنهم كانوا يثبتون الصفات بمعانيها لله تعالى ، ثم ينفون علمهم بكيفية ذلك .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"فقول ربيعة ومالك : (الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب) موافق لقول الباقين : (أمروها كما جاءت بلا كيف) فإنما نفوا علم الكيفية ، ولم ينفوا حقيقة الصفة .
ولو كان القوم قد آمنوا باللفظ المجرد من غير فهم لمعناه على ما يليق بالله لما قالوا : الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، ولما قالوا : أمروها كما جاءت بلا كيف ، فإن الاستواء حينئذ لا يكون معلوماً ، بل مجهولاً بمنزلة حروف المعجم .
وأيضاً : فإنه لا يحتاج إلى نفى علم الكيفية إذا لم يفهم عن اللفظ معنى ، وإنما يحتاج إلى نفى علم الكيفية إذا أثبتت الصفات .
وأيضاً : فإن من ينفى الصفات لا يحتاج إلى أن يقول : بلا كيف ، فمن قال : إن الله ليس على العرش ، لا يحتاج أن يقول : بلا كيف ، فلو كان مذهب السلف نفى الصفات في نفس الأمر لما قالوا : بلا كيف .
وأيضاً : فقولهم : "أمروها كما جاءت" يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه ، فإنها جاءت ألفاظ دالة على معانٍ ، فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال : أمروا لفظها مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد ، أو : أمروا لفظها مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة ، وحينئذ فلا تكون قد أُمِرّت كما جاءت ، ولا يقال حينئذ : بلا كيف ، إذ نفي الكيف عما ليس بثابت لغو من القول" انتهى .
"مجموع الفتاوى" الفتوى الحموية (5/41) .
وقد قرب ذلك الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فقال :
"اشتهر عن السلف كلمات عامة وأخرى خاصة في آيات الصفات وأحاديثها فمن الكلمات العامة قولهم: " أمروها كما جاءت بلا كيف".
روي هذا عن مكحول ، والزهري ، ومالك بن أنس ، وسفيان الثوري ، والليث بن سعد ، والأوزاعي .
وفي هذه العبارة رد على المعطلة والممثلة ، ففي قولهم: " أمروها كما جاءت" رد على المعطلة. وفي قولهم : " بلا كيف" رد على الممثلة .
وفيها أيضا دليل على أن السلف كانوا يثبتون لنصوص الصفات المعاني الصحيحة التي تليق بالله تدل على ذلك من وجهين :
الأول : قولهم : "أمروها كما جاءت" . فإن معناها إبقاء دلالتها على ما جاءت به من المعاني ، ولا ريب أنها جاءت لإثبات المعاني اللائقة بالله تعالى ، ولو كانوا لا يعتقدون لها معنى لقالوا : "أمروا لفظها ولا تتعرضوا لمعناها" . ونحو ذلك .
الثاني : قولهم : "بلا كيف" فإنه ظاهر في إثبات حقيقة المعنى ، لأنهم لو كانوا لا يعتقدون ثبوته ما احتاجوا إلى نفي كيفيته ، فإن غير الثابت لا وجود له في نفسه ، فنفي كيفيته من لغو القول" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (4/32) .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-18, 06:58
السؤال :
ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم : (( لا يمل الله حتى تملوا )) ؟؟
وهل فيه إثبات صفة الملل لله عز وجل ؟؟
الجواب :
الحمد لله
روى البخاري (43) ومسلم (785) واللفظ له عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدِي امْرَأَةٌ ، فَقَالَ : مَنْ هَذِهِ؟ فَقُلْتُ : امْرَأَةٌ لَا تَنَامُ ، تُصَلِّي . قَالَ : (عَلَيْكُمْ مِنْ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَوَاللَّهِ لَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا) وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ .
وظاهر الحديث يدل على إثبات الملل لله عز وجل على الوجه الذي يليق به سبحانه .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله : " (فإن الله لا يمل حتى تملوا) من نصوص الصفات ، وهذا على وجه يليق بالباري لا نقص فيه ، كنصوص الاستهزاءِ والخداع فيما يتبادر " انتهى من فتاوى الشيخ (1/ 179) .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء عن هذا الحديث فأجابوا :
فأجابوا :
"الواجب هو إمرار هذا الحديث كما جاء ، مع الإيمان بالصفة ، وأنها حق على الوجه الذي يليق بالله ، من غير مشابهة لخلقه ولا تكييف ، كالمكر والخداع والكيد الواردة في كتاب الله عز وجل ، وكلها صفات حق تليق بالله سبحانه وتعالى على حد قوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الله بن غديان... الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ... الشيخ صالح الفوزان .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (2/402) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل نثبت صفة الملل لله عز وجل ؟
فأجاب بقوله :
"جاء في الحديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوله : (فإن الله لا يمل حتى تملوا) فمن العلماء من قال إن هذا دليل على إثبات الملل لله ، لكن ملل الله ليس كملل المخلوق ، إذ إن ملل المخلوق نقص ، لأنه يدل على سأمه وضجره من هذا الشيء ، أما ملل الله فهو كمال وليس فيه نقص ، ويجري هذا كسائر الصفات التي نثبتها لله على وجه الكمال وإن كانت في حق المخلوق ليست كمالا .
ومن العلماء من يقول : إن قوله : (لا يمل حتى تملوا) يراد به بيان أنه مهما عملت من عمل فإن الله يجازيك عليه ، فاعمل ما بدا لك فإن الله لا يمل من ثوابك حتى تمل من العمل ، وعلى هذا فيكون المراد بالملل لازم الملل .
ومنهم من قال : إن هذا الحديث لا يدل على صفة الملل لله إطلاقا لأن قول القائل : لا أقوم حتى تقوم ، لا يستلزم قيام الثاني وهذا أيضا (لا يمل حتى تملوا) لا يستلزم ثبوت الملل لله عز وجل .
وعلى كل حال يجب علينا أن نعتقد أن الله تعالى منزه عن كل صفة نقص من الملل وغيره ، وإذا ثبت أن هذا الحديث دليل على الملل فالمراد به ملل ليس كملل المخلوق
" انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (1/174).
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-18, 06:59
السؤال :
ما حكم إطلاق كلمة "سيدنا" على النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعلى الأولياء الصالحين؟ وحكم تسمية البشر بأسماء الله الحسنى مثل البصير والعزيز وغيرها؟
الجواب :
الحمد لله
إطلاق لفظ سيدنا على النبي صلى الله عليه وسلم حق ، لأنه سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام ، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (أنا سيد ولد آدم ولا فخر) وهو سيد العباد والمرسلين ، فإذا قال الرجل : سيدنا محمد ، اللهم صلِّ على سيدنا محمد . فلا بأس بهذا ، هو سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام ، وسيد الخلق .
وإنما كره ذلك على الناس في حياته ؛ لأنه خاف عليهم الغلو . لما قالوا : أنت سيدنا قال : (السيد الله تبارك وتعالى) سداً للذريعة ؛ خاف عليهم أن يغلوا فيه عليه الصلاة والسلام ، ولكن بعد أن توفي عليه الصلاة والسلام ، وأخبرنا أنه سيد ولد آدم فلا بأس أن تقول : سيدنا ، عليه الصلاة والسلام ، فهو خيرنا وسيدنا وإمامنا ، وهو خليل الرحمن عليه الصلاة والسلام .
أما بقية الناس فالأولى ألا يقال سيدنا ولا يخاطب بهذا ، لكن لو قيل : فلان سيدهم ، يعني رئيسهم . سيدهم فلان يعني أميرهم ، وشيخ قبيلتهم فلا بأس . مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لابنه الحسن : (إن ابني هذا سيد) وقال : (مَنْ سيد بني فلان؟) وقال للصحابة يوم جاء سعد بن معاذ ليحكم في بني قريظة : (قوموا إلى سيدكم) فهذا لا بأس به .
لكن لا يقول : يا سيدنا . بل تركه أولى ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : (السيد الله تبارك وتعالى) ، ولأن هذا يفضي إلى التكبر والغلو فيه إذا قيل له هكذا .
فالأولى أن يقول الناس : يا أخانا ، يا أبا فلان فهذا يكفي ، وأما إذا قيل على سبيل الإضافة : من سيد بني فلان ، هذا فلان سيد ؛ لأنه من بيت النبوة ، أو لأنه فقيه ، أو عالم أو شريف في نفسه في أخلاقه وأعماله أو جواد كريم ـ فلا بأس ، لكن إذا خيف من إطلاق صفة سيد عليه أن يتكبر أو يتعاظم في نفسه يُترك ذلك .
ولا يقال هذا للكافر ولا المنافق ولا العاصي ؛ إنما يقال هذا للشيخ الكبير ، للفقيه العالم الرئيس المعروف بالإصلاح والخير والحلم والفضل والجود .
فإذا قيل لهؤلاء : سيد ، فلا بأس ، أما أن يخاطب : يا سيدنا فتركه أولى ، أما إذا كان الفاجر أو المنافق سيد قومه فلا بأس أن يُقال له : يا سيد بني فلان .
أما الشق الثاني من السؤال : فأسماء الرب تعالى قسمان :
قسم يجوز التسمية به ، وقسم لا يجوز ، لا يقال : خلاق ولا رزَّاق ، ولا رب العالمين ، ولكن مثل عزيز وبصير لا بأس ؛ فالله سمى بعض مخلوقاته كذلك : (فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) الإنسان/2 ، (قَالَتْ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ) يوسف/51 ، مثل هذه الأشياء تطلق على المخلوق ، عزيز قومه ، كذا بصير بالأمور ، أو بصير بمعنى المبصر ، كذلك حكيم يعني المحكم فلا بأس بهذه الأشياء ؛ لأنها مشتركة وللمخلوق نصيبه منها .
والله له الأكمل منها سبحانه وتعالى ، لكن الأسماء المختصة بالله لا تطلق على غير الله ، لا يقال الله لابن آدم ، ولا الرحمن ولا الخلاق ، ولا الرزاق ولا خالق الخلق أو ما أشبهه مما يختص بالله سبحانه وتعالى" انتهى .
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
والله أعلم
"فتاوى نور على الدرب" (1/472) .
*عبدالرحمن*
2018-02-18, 07:00
السؤال :
سمعت بعض من ينفي أن يكون الله تعالى في السماء يقول : السماء إلى فناء ، تعالى الله أن يتحيز فيها ، وقال عليه الصلاة والسلام : (أطَّت السماء وحُقَّ لها أن تئط فليس فيها مكان إلا فيها ملك قائم أو راكع أو ساجد) فتعالى الله أن يتحيز بين الملائكة .
الجواب :
الحمد لله
هذا الكلام المذكور في السؤال حق أريد به باطل ! فالحق أن الله ليس متحيزاً في السماء ، ولا هو – تعالى – متحيز بين الملائكة ، والباطل : هو إرادة نفي علو الله تعالى على خلقه ، وإيهام الناس أن أهل السنة والجماعة إذا قالوا : إن الله تعالى في السماء ، أن معنى ذلك أن السماء تحويه وتحيط به .
وهذا لم يقل به أحد من أهل السنة .
ولم يقل أهل السنَّة : إن الله تعالى في السماء أخذاً من شِعرِ شاعر ، ولا من نثر فصيح ، بل قالوا ذلك واعتقدوه أخذاً له من قول الله تعالى عن نفسه ، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولدحض هذه الفرية الواردة في السؤال نقول : إن لفظ "السماء" له معنيان : الأول : العلو ، والثاني : الجرم المخلوق المعروف ، الذي هو السقف المحفوظ ، فإذا قال أهل السنة : "الله في السماء" فمعنى السماء هنا : العلو .
ومن أراد بلفظ السماء ذلك الجرم المخلوق : فإنه يجعل "في" بمعنى "على" .
قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله :
"وأما قوله تعالى : ( أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ ) الملك/16 فمعناه : مَن على السماء يعني : على العرش .
وقد يكون "في" بمعنى "على" ، ألا ترى إلى قوله تعالى : (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) التوبة/2 أي : على الأرض ، وكذلك قوله : (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) طه/71" انتهى .
"التمهيد" (7/130) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
"معنى كون الله في السماء : معناه على السماء أي فوقها ، فـ (في) بمعنى "على" ، كما جاءت بهذا المعنى في قوله تعالى : (قل سيروا في الأرض) أي : عليها .
ويجوز أن تكون (في) للظرفية ، و (السماء) على هذا بمعنى العلو ، فيكون المعنى : أن الله في العلو ، وقد جاءت السماء بمعنى العلو في قوله تعالى : (أنزل من السماء ماء) .
ولا يصح أن تكون (في) للظرفية إذا كان المراد بالسماء الأجرام المحسوسة ؛ لأن ذلك يوهم أن السماء تحيط بالله ، وهذا معنى باطل ؛ لأن الله أعظم من أن يحيط به شيء من مخلوقاته" انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ العثيمين" (4/283) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"السلف ، والأئمة ، وسائر علماء السنَّة إذا قالوا : " إنه فوق العرش " ، و " إنه في السماء فوق كل شيء " : لا يقولون إن هناك شيئاً يحويه ، أو يحصره ، أو يكون محلاًّ له ، أو ظرفاً ، ووعاءً ، سبحانه وتعالى عن ذلك ، بل هو فوق كل شيء ، وهو مستغنٍ عن كل شيءٍ ، وكل شيءٍ مفتقرٌ إليه ، وهو عالٍ على كل شيءٍ ، وهو الحامل للعرش ، ولحملة العرش ، بقوته ، وقدرته ، وكل مخلوق مفتقرٌ إليه ، وهو غنيٌّ عن العرش ، وعن كل مخلوق .
وما في الكتاب والسنة من قوله : (أأمنتم من في السماء) ونحو ذلك : قد يَفهم منه بعضُهم أن "السماء" هي نفس المخلوق العالي العرش فما دونه ، فيقولون : قوله (في السماء) بمعنى : "على السماء" ، كما قال : (ولأصلبنكم في جذوع النخل) أي : على جذوع النخل ، وكما قال : (فسيروا في الأرض) أي : على الأرض .
ولا حاجة إلى هذا ، بل " السماء " اسم جنس للعالي ، لا يخص شيئاً ، فقوله : (في السماء) أي : في العلو دون السفل .
وهو العلي الأعلى فله أعلى العلو ، وهو ما فوق العرش ، وليس هناك غيره ، العلي الأعلى ، سبحانه وتعالى" انتهى .
"مجموع الفتاوى" (16/100 ، 101) .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-02-18, 07:01
السؤال :
سمعت من يقول في تفسير قول الله تعالى ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ) قال : فما من أحد من العلماء المعتبرين قال إن المقصود هو الله تعالى ، إنما (مَنْ في السماء) ملائكته في السماء ، والموكل بالخسف هو سيدنا جبريل .
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
أدلة علو الله تعالى على خلقه ، واستوائه على عرشه تبلغ المئات ، ولا يختلف أهل السنة والجماعة وعلى رأسهم : أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم بإحسان أن الله تعالى فوق كل شيء ، مستوٍ على عرشه .
استدلّ أهل السنة على علو الله تعالى على خلقه علواً ذاتياً بالكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة :
أولا : فأما الكتاب فقد تنوعت دلالته على علو الله ، فتارة بذكر العلو، وتارة بذكر الفوقية ، وتارة بذكر نزول الأشياء من عنده ، وتارة بذكر صعودها إليه ، وتارة بكونه في السموات...
فالعلو مثل قوله : ( وهو العلي العظيم ) البقرة/255 ، ( سبح اسم ربك الأعلى ) الأعلى/1.
والفوقية: ( وهو القاهر فوق عباده ) الأنعام/18 ، ( يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون ) النحل/50.
ونزول الأشياء منه، مثل قوله : ( يدبر الأمر من السماء إلى الأرض) السجدة/5 ، ( إنا نحن نزلنا الذكر ) الحجر/9 وما أشبه ذلك .
وصعود الأشياء إليه ، مثل قوله : ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) فاطر/10 ومثل قوله : ( تعرج الملائكة والروح إليه ) المعارج/4.
كونه في السماء ، مثل قوله: ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ) الملك /16.
ثانياً: وأما السنة فقد تواترت عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله وفعله وإقراره :
فمما ورد في قوله صلى الله عليه وسلم في ذكر العلو والفوقية قوله ( سبحان ربي الأعلى ) كما كان يقول في سجوده وقوله في الحديث : ( والله فوق العرش ) .
(2) وأما الفعل ، فمثل رفع أصبعه إلى السماء ، وهو يخطب الناس في أكبر جمع ، وذلك في يوم عرفه، عام حجة الوداع فقال علية الصلاة والسلام ( ألا هل بلغت؟ ) . قالوا : نعم ( ألا هل بلغت؟ ) قالوا: نعم ( ألا هل بلغت؟ ) قالوا : نعم . وكان يقول : ( اللهم ! أشهد ) ، يشير إلى السماء بأصبعه ، ثم يُشير إلى الناس . ومن ذلك رفع يديه إلى السماء في الدعاء كما ورد في عشرات الأحاديث . وهذا إثبات للعلو بالفعل .
(3) وأما التقرير، كما جاء في حديث الجارية التي قال لها النبي صلى الله عليه وسلم : أين الله؟ قالت : في السماء. فقال : ( من أنا؟ ) قالت : رسول الله . فقال لصاحبها : ( أعتقها، فإنها مؤمنة ) .
فهذه جارية غير متعلمة كما هو الغالب على الجواري ، وهي أمة غير حرة ، لا تملك نفسها، تعلم أن ربها في السماء، وضُلّال بني آدم ينكرون أن الله في السماء ، ويقولون: إنه لا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال بل يقولون : إنه في كل مكان !!.
ثالثاً: وأما دلالة الإجماع ، فقد أجمع السلف على أن الله تعالى بذاته في السماء ، كما نقل أقوالهم أهل العلم كالذهبي رحمه الله في كتابه : " العلوّ للعليّ الغفار " .
رابعاً: وأما دلالة العقل فنقول إن العلو صفة كمال باتفاق العقلاء ، وإذا كان صفة كمال، وجب أن يكون ثابتاً لله لأن كل صفة كمال مطلقة ، فهي ثابتة لله .
خامساً: وأما دلالة الفطرة: فأمر لا يمكن المنازعة فيها ولا المكابرة ، فكل إنسان مفطور على أن الله في السماء، ولهذا عندما يفجؤك الشيء الذي لا تستطيع دفعه ، وتتوجه إلى الله تعالى بدفعه، فإن قلبك ينصرف إلى السماء وليس إلى أيّ جهة أخرى ، بل العجيب أنّ الذين ينكرون علو الله على خلقه لا يرفعون أيديهم في الدعاء إلا إلى السماء .
وحتى فرعون وهو عدو الله لما أراد أن يجادل موسى في ربه قال لوزيره هامان : ( يا هامان ابن لي صرحاً لعلي ابلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى .. الآية ) . وهو في حقيقة أمره وفي نفسه يعلم بوجود الله تعالى حقّا كما قال عزّ وجلّ : ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا ) .
فهذه عدّة من الأدلة على أن الله في السماء من الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة بل ومن كلام الكفار نسأل الله الهداية إلى الحق .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-02-18, 07:02
السؤال :
سمعت من يقول في تفسير قول الله تعالى ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ) قال : فما من أحد من العلماء المعتبرين قال إن المقصود هو الله تعالى ، إنما (مَنْ في السماء) ملائكته في السماء ، والموكل بالخسف هو سيدنا جبريل .
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
أدلة علو الله تعالى على خلقه ، واستوائه على عرشه تبلغ المئات ، ولا يختلف أهل السنة والجماعة وعلى رأسهم : أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم بإحسان أن الله تعالى فوق كل شيء ، مستوٍ على عرشه .
استدلّ أهل السنة على علو الله تعالى على خلقه علواً ذاتياً بالكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة :
أولا : فأما الكتاب فقد تنوعت دلالته على علو الله ، فتارة بذكر العلو، وتارة بذكر الفوقية ، وتارة بذكر نزول الأشياء من عنده ، وتارة بذكر صعودها إليه ، وتارة بكونه في السموات...
فالعلو مثل قوله : ( وهو العلي العظيم ) البقرة/255 ، ( سبح اسم ربك الأعلى ) الأعلى/1.
والفوقية: ( وهو القاهر فوق عباده ) الأنعام/18 ، ( يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون ) النحل/50.
ونزول الأشياء منه، مثل قوله : ( يدبر الأمر من السماء إلى الأرض) السجدة/5 ، ( إنا نحن نزلنا الذكر ) الحجر/9 وما أشبه ذلك .
وصعود الأشياء إليه ، مثل قوله : ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) فاطر/10 ومثل قوله : ( تعرج الملائكة والروح إليه ) المعارج/4.
كونه في السماء ، مثل قوله: ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ) الملك /16.
ثانياً: وأما السنة فقد تواترت عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله وفعله وإقراره :
فمما ورد في قوله صلى الله عليه وسلم في ذكر العلو والفوقية قوله ( سبحان ربي الأعلى ) كما كان يقول في سجوده وقوله في الحديث : ( والله فوق العرش ) .
(2) وأما الفعل ، فمثل رفع أصبعه إلى السماء ، وهو يخطب الناس في أكبر جمع ، وذلك في يوم عرفه، عام حجة الوداع فقال علية الصلاة والسلام ( ألا هل بلغت؟ ) . قالوا : نعم ( ألا هل بلغت؟ ) قالوا: نعم ( ألا هل بلغت؟ ) قالوا : نعم . وكان يقول : ( اللهم ! أشهد ) ، يشير إلى السماء بأصبعه ، ثم يُشير إلى الناس . ومن ذلك رفع يديه إلى السماء في الدعاء كما ورد في عشرات الأحاديث . وهذا إثبات للعلو بالفعل .
(3) وأما التقرير، كما جاء في حديث الجارية التي قال لها النبي صلى الله عليه وسلم : أين الله؟ قالت : في السماء. فقال : ( من أنا؟ ) قالت : رسول الله . فقال لصاحبها : ( أعتقها، فإنها مؤمنة ) .
فهذه جارية غير متعلمة كما هو الغالب على الجواري ، وهي أمة غير حرة ، لا تملك نفسها، تعلم أن ربها في السماء، وضُلّال بني آدم ينكرون أن الله في السماء ، ويقولون: إنه لا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال بل يقولون : إنه في كل مكان !!.
ثالثاً: وأما دلالة الإجماع ، فقد أجمع السلف على أن الله تعالى بذاته في السماء ، كما نقل أقوالهم أهل العلم كالذهبي رحمه الله في كتابه : " العلوّ للعليّ الغفار " .
رابعاً: وأما دلالة العقل فنقول إن العلو صفة كمال باتفاق العقلاء ، وإذا كان صفة كمال، وجب أن يكون ثابتاً لله لأن كل صفة كمال مطلقة ، فهي ثابتة لله .
خامساً: وأما دلالة الفطرة: فأمر لا يمكن المنازعة فيها ولا المكابرة ، فكل إنسان مفطور على أن الله في السماء، ولهذا عندما يفجؤك الشيء الذي لا تستطيع دفعه ، وتتوجه إلى الله تعالى بدفعه، فإن قلبك ينصرف إلى السماء وليس إلى أيّ جهة أخرى ، بل العجيب أنّ الذين ينكرون علو الله على خلقه لا يرفعون أيديهم في الدعاء إلا إلى السماء .
وحتى فرعون وهو عدو الله لما أراد أن يجادل موسى في ربه قال لوزيره هامان : ( يا هامان ابن لي صرحاً لعلي ابلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى .. الآية ) . وهو في حقيقة أمره وفي نفسه يعلم بوجود الله تعالى حقّا كما قال عزّ وجلّ : ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا ) .
فهذه عدّة من الأدلة على أن الله في السماء من الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة بل ومن كلام الكفار نسأل الله الهداية إلى الحق .
الشيخ محمد صالح المنجد
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-18, 07:04
ثانياً :
أما ما جاء في السؤال من أن قول الله تعالى : (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض) : لم يقل أحد من العلماء المعتبرين إن المقصود هو الله تعالى ، وإنما المقصود الملائكة ، فهذا كلام باطل كذب ، وبيان ذلك :
1. أن الإمام الطبري شيخ وإمام المفسرين (توفي 310 هـ) قد قال بأن المقصود بقوله تعالى (من في السماء) : إنه الله ، وهذا يكفي لتكذيب النفي الوارد في السؤال .
قال الإمام الطبري رحمه الله :
"قول تعالى ذِكره : (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ) أيها الكافرون .
(أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ) يقول : فإذا الأرض تذهب بكم ، وتجيئ ، وتضطرب.
(أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ) وهو الله .
(أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا) وهو التراب فيه الحصباء الصغار" انتهى .
"تفسير الطبري" (23/513) .
وقال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله :
"وأما قوله تعالى : (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ) الملك/16 فمعناه : مَن على السماء ، يعني : على العرش" انتهى .
"التمهيد" (7/130) .
فهذان قولان لمفسِّر فقيه ، ومحدِّث فقيه ، وبهما يتبين بجلاء بطلان ذلك الزعم بأنه لا أحد من العلماء المعتبرين يقول بأن معنى (من في السماء) إنه الله ، ولو شئنا لسردنا عشرات النقولات عن الأئمة المعتبرين ، سلفاً ، وخلَفاً .
2. جاءت آيات أخرى في القرآن الكريم ، تؤيد ما ذكرنا في تفسير هذه الآية ، وذلك أن الله تعالى قد خسف بأهل معصيته الأرض ، أو يهددهم بأنه يخسف بهم الأرض ، وهو يؤكد أن المقصود بـ "من في السماء" الله سبحانه وتعالى ، ومن هذه الآيات :
أ. قوله تعالى عن قارون (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ ) القصص/81 .
ب. قوله تعالى : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) النحل/ 45 .
ج. وقوله تعالى : (وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْأِنْسَانُ كَفُوراً . أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً . أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً) الإسراء/ 67 – 69 .
د. وجاءت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم صريحة في أن المراد بـ (من في السماء) هو الله تعالى ، ولا تحتمل غير هذا المعنى :
أ. قال صلى الله عليه وسلم : (أَلاَ تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِى السَّمَاءِ ، يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً) رواه البخاري (4351) ومسلم (1064) .
ب. وقوله صلى الله عليه وسلم : (ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ) رواه الترمذي (1924) ، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
وبتأمل هذه الآيات والأحاديث يتبين خطأ ما زعمه ذلك الزاعم الذي جاء كلامه في السؤال .
وكل هذا يفعلونه ، ويتجرؤون عليه ، من أجل نفي صفة العلو لله تعالى ،
والله المستعان .
*عبدالرحمن*
2018-02-18, 07:05
السؤال :
ما معنى الإلحاد في أسماء الله تعالى؟
الجواب :
الحمد لله
"الإلحاد في اللغة : هو المَيْل ، ومنه قول الله تعالى : (لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) النحل/103 ، ومنه : اللَّحْد في القبر ، فإنه سُمِّيَ لحدًا لميله إلى جانب منه ، ولا يُعرف الإلحاد إلا بمعرفة الاستقامة ؛ لأنه كما قيل : بضدها تتبين الأشياء . فالاستقامة في باب أسماء الله وصفاته أن نجري هذه الأسماء والصفات على حقيقتها اللائقة بالله عز وجل ، من غير تحريف ، ولا تعطيل ، ولا تكييف ، ولا تمثيل ، على القاعدة التي يمشي عليها أهل السنة والجماعة في هذا الباب ، فإذا عرفنا الاستقامة في هذا الباب فإن خلاف الاستقامة هو الإلحاد ، وقد ذكر أهل العلم للإلحاد في أسماء الله تعالى أنواعاً يجمعها أن نقول : هو الميل بها عما يجب اعتقاده فيها . وهو على أنواع :
النوع الأول :
إنكار شيء من الأسماء ، أو مما دلت عليه من الصفات ، ومثاله :- من ينكر أن اسم الرحمن من أسماء الله تعالى كما فعل أهل الجاهلية .
أو يثبت الأسماء ، ولكن ينكر ما تضمنته من الصفات ، كما يقول بعض المبتدعة : إن الله تعالى رحيم بلا رحمة ، وسميع بلا سمع .
النوع الثاني :
أن يسمى الله سبحانه وتعالى بما لم يسم نفسه .
ووجه كونه إلحاداً : أن أسماء الله سبحانه وتعالى توقيفية ، فلا يحل لأحد أن يسمي الله تعالى باسم لم يسم به نفسه ؛ لأن هذا من القول على الله بلا عِلْم ، ومن العدوان في حق الله عز وجل ، وذلك كما فعل بعض الفلاسفة فسموا الإله بالعلة الفاعلة ، وكما فعل النصارى فسموا الله تعالى باسم الأب ونحو ذلك .
النوع الثالث :
أن يعتقد أن هذه الأسماء دالة على أوصاف المخلوقين فيجعلها دالة على التمثيل.
ووجه كونه إلحاداً : أن من اعتقد أن أسماء الله سبحانه وتعالى دالة على تمثيل الله بخلقه . فقد أخرجها عن مدلولها ومال بها عن الاستقامة ، وجعل كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم دالاً على الكفر ، لأن تمثيل الله بخلقه كفر ، لكونه تكذيباً لقوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) الشورى/11 ، ولقوله : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً) مريم/65 . قال نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري رحمها الله : "من شبه الله بخلقه فقد كفر ، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر ، وليس فيما وصف الله به نفسه تشبيه" .
النوع الرابع :
أنه يشتق من أسماء الله تعالى أسماء الأصنام ، كاشتقاق اللات من الإله ، والعُزَّى من العزيز ، ومَنَاة من المّنَّان" انتهى .
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله .
"فتاوى العقيدة" (صـ 44) .
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله .
*عبدالرحمن*
2018-02-18, 07:07
السؤال :
نعيش في تايلاند كأقلية حيث يوجد هنا رجل يدعي أن الله جسم لا كالأجسام ، حيث قال في بعض المنتديات : "إن الأساس هو أن الله جسم ، ولكن لا نعلم كيف جسمه؟ وأن جسمه ليس كسائر الأجسام ، لأنه ليس كمثله شيء فهل هذا القول صحيح؟ وما حكم الشرع في القائل؟ وما هو واجبنا تجاه القول والقائل؟
الجواب :
الحمد لله
القول بأن الله جسم لا كالأجسام ، قول غير صحيح ، وذلك لعدم ثبوت وصف الله تعالى بالجسمية في الكتاب أو السنة .
والأصل الذي عليه أهل السنة والجماعة : أن يوصف الله تعالى بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم ، فلا يتجاوز القرآن والحديث ، لكن إن أراد المثبت للجسمية إثبات أن الله تعالى سميع بصير متكلم مستو على عرشه ، وأنه يُرى ويشار إليه ، إلى غير ذلك من صفاته ، قيل له : هذه الصفات حق ، وقد أخطأت في التعبير عنها أو عن بعضها بالجسمية ، ولهذا لم يعرف عن سلف الأمة التعبير بذلك .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"ولفظ الجسم فيه إجمال ، قد يراد به المركب الذي كانت أجزاؤه مفرقة فجمعت أو ما يقبل التفريق والانفصال ، أو المركب من مادة وصورة ، أو المركب من الأجزاء المفردة التي تسمى الجواهر الفردة ، والله تعالى منزه عن ذلك كله ، أو كان متفرقا فاجتمع ، أو أن يقبل التفريق والتجزئة التي هي مفارقة بعض الشيء بعضا وانفصاله عنه أو غير ذلك من التركيب الممتنع عليه .
وقد يراد بالجسم ما يشار إليه ، أو ما يُرى ، أو ما تقوم به الصفات ، والله تعالى يُرى في الآخرة ، وتقوم به الصفات ، ويشير إليه الناس عند الدعاء بأيديهم وقلوبهم ووجوههم وأعينهم ، فإن أراد بقوله : ليس بجسم هذا المعنى ، قيل له : هذا المعنى الذي قصدت نفيه بهذا اللفظ معنى ثابت بصحيح المنقول وصريح المعقول ، وأنت لم تُقم دليلا على نفيه ، وأما اللفظ فبدعة نفيا وإثباتا ، فليس في الكتاب ولا السنة ولا قول أحد من سلف الأمة وأئمتها إطلاق لفظ الجسم في صفات الله تعالى لا نفياًَ ولا إثباتاً ، وكذلك لفظ الجوهر والمتحيز ونحو ذلك من الألفاظ التي تنازع أهل الكلام المحدَث فيها نفيا وإثباتا " انتهى من "بيان تلبيس الجهمية" (1/550) .
وقد تبين بهذا أن لفظ الجسم لفظ مجمل ، يحتمل حقا وباطلا ، وهو لفظ مبتدع لم يرد في النصوص نفيا ولا إثباتا ، فلزم اجتنابه .
والقائل بأن الله جسم لا كالأجسام ينبغي نصحه ، ودعوته للوقوف عند ما وصف الله به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولزومِ منهج السلف .
قال السفاريني رحمه الله :
"قال الإمام أحمد رضي الله عنه : لا يوصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه ، ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم لا نتجاوز القرآن والحديث .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:
مذهب السلف أنهم يصفون الله تعالى بما وصف به نفسه ، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل ، فالمعطّل يعبد عدما ، والممثل يعبد صنما ، والمسلم يعبد إله الأرض والسماء"
انتهى من "لوامع الأنوار البهية" (1/24) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-18, 07:08
السؤال :
ما معنى اسم الله تعالى الجبار؟
الجواب :
الحمد لله
"الجبار له ثلاث معان :
الأول : جبر القوة ، فهو سبحانه وتعالى الجبار ، الذي يقهر الجبابرة ، ويغلبهم بجبروته وعظمته ، فكل جبار وإن عظم فهو تحت قهر الله عز وجل وجبروته في يده وقبضته .
الثاني : جبر الرحمة ، فإنه سبحانه يجبر الضعيف بالغِنى والقوة ، ويجبر الكسير بالسلامة ، ويجبر المنكسرة قلوبهم بإزالة كسرها ، وإحلال الفرج والطمأنينة فيها ؛ وما يحصل لهم من الثواب والعاقبة الحميدة إذا صبروا على ذلك من أجله .
الثالث : جبر العلو فإنه سبحانه فوق خلقه عالٍ عليهم ، وهو مع علوه قريب منهم يسمع أقوالهم ، ويرى أفعالهم ، ويعلم ما توسوس به نفوسهم .
قال ابن القيم في النونية في معنى الجبار :
وكـذلك الجـبار فـي أوصافه والجبر في أوصافه قسمان
جبر الضعيف وكل قلب قد غدا ذا كسرة فالجبر منه دان
والثاني جبـر القهر بالعـز الذي لا ينبغي لسواه من إنسان
ولـه مسمى ثالث وهـو العلـو فـليس يـدنو منـه إنسان
من قـولهم جبـارة للنـخلة العلـ يـا التي فـاقت كـل بنان" انتهى .
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله
*عبدالرحمن*
2018-02-18, 07:09
السؤال :
أنا اسمي رقيب فما معنى هذا الاسم؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
"الرقيب" من أسماء الله تعالى الحسنى .
قال الله عز وجل : (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) النساء/1 . وقال سبحانه : (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا) الأحزاب/52 . وقال تعالى عن نبيه عيسى عليه السلام : (فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) المائدة/117 .
ومعنى "الرقيب" أي : المراقب ، المطلع على أعمال العباد ، الذي لا تخفى عليه خافية ، ويدخل في معنى "الرقيب" أيضاً : المدبر لأمور الخلق على أحسن ما يكون .
قال الخازن في "لباب التأويل" (1/473) في تفسير قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) :
"والرقيب في صفة الله تعالى : هو الذي لا يغفل عما خلق ، فيلحقه نقص ، ويدخل عليه خلل، وقيل : هو الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء من أمر خلقه ، فبيّن بقوله : (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) أنه يعلم السر وأخفى , وإذا كان كذلك فهو جدير بأن يخاف ويتقى" انتهى .
وقال الألوسي في "روح المعاني" (4/209) :
"ناظراً إلى قلوبكم ، مطلعاً على ما فيها" انتهى .
وقال في "التحرير والتنوير" (13/150) في تفسير قوله تعالى : (أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ) الرعد/33 .
"والقائم على الشيء : الرقيب فيشمل الحفظ والإبقاء والإمداد" انتهى .
وجاء في "لسان العرب" (1/424) مادة : (رقب) :
"في أَسماءِ اللّه تعالى : الرَّقِيبُ , وهو الحافظُ الذي لا يَغيبُ عنه شيءٌ" انتهى .
وقال ابن جرير في قوله : ( وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا ) الأحزاب/52 .
"يقول : وكان الله على كل شيء : ما أحل لك ، وحرم عليك ، وغير ذلك من الأشياء كلها ، حفيظًا ، لا يعزب عنه علم شيء من ذلك ، ولا يؤوده حفظ ذلك كله" انتهى .
"تفسير الطبري" (20/304) .
وقال السعدي :
"أي: مراقبًا للأمور ، وعالمًا بما إليه تؤول ، وقائمًا بتدبيرها على أكمل نظام ، وأحسن إحكام" انتهى .
"تفسير السعدي" (ص 670) .
ثانياً :
أما عن اسمك "رقيب" ، فهو لا يخرج من حيث الأصل عن المعنى السابق ، غير أنه بحسب ما يليق بالإنسان من هذا المعنى .
فمعناه : المشرف والمراقب -ومنه : رقيب الجيش- ، والحارس الحافظ ، فرقيب القوم هو حارسهم .
راجع : "لسان العرب" (1/424) – "الصحاح" (1/264) – "مقاييس اللغة" (2/353)
- "القاموس المحيط" (116) – "تاج العروس" (533) – "المخصص" (3/155) .
مادة : (رقب) .
وإذا اطلع الإنسان على حسن معنى اسمه ، فإن عليه أن يجتهد في الاتصاف بهذا المعنى ، وقد جرت العادة أن كل شخص لابد له من نصيب من اسمه ، وانظر كلام ابن القيم في ذلك في جواب السؤال رقم (14622) .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-02-18, 07:10
السؤال:
ماذا عن تكرير اسم الله " الباطن " ثلاث مرات يوميّاً لكشف الأسرار ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
اسم الله تعالى " الباطن " ثبت في القرآن ، والسنَّة :
قال تعالى : ( هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) الحديد/ 3 .
وعَنْ سُهَيْلٍ قَالَ : كَانَ أَبُو صَالِحٍ يَأْمُرُنَا إِذَا أَرَادَ أَحَدُنَا أَنْ يَنَامَ أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ ثُمَّ يَقُولُ : ( اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَرَبَّ الأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَىْءٍ فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَىْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَىْءٌ وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَىْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَىْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَىْءٌ اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ ) .
وَكَانَ يَرْوِي ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم .
رواه مسلم ( 2713 ) .
ثانياً:
وأما معنى اسم الله " الباطن " : فخير تفسير له ما فسَّره به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ( وأنت الباطن فليس دونك شيء ) ومعناه : العالِم ببواطن خلقه ، القريب منهم ، المحيط بهم ، لا تخفى عليه منهم خافية ، فهو تعالى قريب من عموم خلقه بالعلم ، والقدرة ، والإحاطة ، وقريب من خصوص أوليائه بالنصرة والتأييد .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
قوله : ( وأنت الباطن فليس دونك شيء ) : المعنى : ليس دون الله شيء ، لا أحد يدبر دون الله ، ولا أحد ينفرد بشيء دون الله ، ولا أحد يخفى على الله ، كل شيء فالله محيط به ، ولهذا قال : ( ليس دونك شيء ) يعني : لا يحول دونك شيء ، ولا يمنع دونك شيء ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ، وهكذا .
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 8 / 429 ) .
ثالثاً:
بعد أن علمنا ثبوت اسم الباطن أنه من أسمائه تعالى الحسنى ، وعلمنا معانيه الجليلة : فليُعلم أن ما ذُكر في السؤال من كون ترداد اسم الله " الباطن " ثلاث مرات يوميّاً : يُكشف به الأسرار : قول باطل ، لا قيمة له ، فليس له أصل في الشرع ، ولا هو ثابت في الواقع ، ولا يحل لأحدٍ استعمال أسمائه تعالى الجليلة للعبث ، ولا علاقة لما ورد في السؤال ، ولما يزعمه المشعوذون والدجالون من خواص معينة لأسماء الله تعالى ، سوى ما ورد به الشرع ، من إحصائها ، والتعبد لله بمقتضاها .
وقد رأينا من ذكر غير عدد الثلاث مرات ، فقال بعضهم : " مَن أراد أن يطلع على علم الضمائر - أي : أن يدرك ما يضمره الآخرون - : فليقل " يا باطن " 62 مرة يوميّاً ! لمدة أربعين يوماً ، ومَن قال : " يا أول يا آخر ، يا ظاهر يا باطن " 99 مرة كل يوم : نال ذلك أيضاً ، ولذلك تأثير عجيب " ! .
وكل ذلك لا أصل له ، ولا ضابط للعدد في تلك النقولات ، فكلها اختراعات من أصحابها ، ولا ثمة من يطالبهم - من المريدين - بالدليل على صواب ما يقوله أحدهم ، وبطلان ما يزعمه غيره .
وتتبارى الفرق الباطنية فيما بينها للوصول إلى إضلال الناس ، وتعليقهم بعلم المكاشفات ، وتخترع كل طائفة منها سبيلاً ليسلكه المريد عندهم ليكون من " أهل الكشف " ، فبعض تلك الطوائف تجعل تكرار اسم الله " المهيمن " ألفاً وأربعين مرَّة هو السبيل للاطلاع على بواطن الخلق ! ومنهم يجعل تكرار اسم الله " الحكيم " حتى يغيب عن الوعي هو الطريق لذلك ! وكل ذلك من الضلال ، والانحراف عن اعتقاد سلف هذه الأمة ، ومن تلبيس الشيطان على تلك الطوائف الضالة ، وقد جمعوا ذلك تحت عناوين مثل : " أسرار أسماء الله الحسنى " ! و " فوائد أسماء الله الحسنى " ! .
وليُنظر كتاب " نقض الصوفية " للأستاذ عامر حسن عامر ، ففيه مباحث قيمة في علم الكشف عند المتصوفة .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-02-18, 07:12
السؤال :
هل الله عز وجل محدود أم غير محدود ؟!
الجواب :
الحمد لله
أولا :
الأصل في الكلام عن الأسماء والصفات النقل ، إذ إن أسماء الله وصفاته توقيفية كما حرر ذلك أهل العلم .
ثانيا :
باب الإخبار عن الله تعالى أوسع من باب الأسماء والصفات .
قال ابن القيم رحمه الله :
" ما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته ، كالشيء والموجود والقائم بنفسه ؛ فإنه يخبر به عنه ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا " انتهى .
"بدائع الفوائد" (1/169)
وقال أيضا :
" ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي ، وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفا ، فهذا فصل الخطاب في مسألة أسمائه : هل هي توقيفية ، أو يجوز أن يطلق عليه منها بعض ما لم يرد به السمع " انتهى مختصرا .
"بدائع الفوائد" (1/170)
ثالثا :
قد ذم أهل العلم إطلاق القول ، نفياً أو إثباتاً ، في الألفاظ المحدثة المجملة ، قبل الاستفصال عن معناها عند قائلها ، ورد القول في ذلك إلى المحكم الثابت من الكتاب والسنة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله :
" إذا منع إطلاق هذه المجملات المحدثات في النفي والإثبات ، ووقع الاستفسار والتفصيل : تبيَّنَ سواءُ السبيل .
وبذلك يتبين أن الشارع عليه الصلاة والسلام ، نص على كل ما يعصم من المهالك ، نصا قاطعا للعذر ، وقال تعالى : ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ) سورة التوبة /115 ، وقال تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً) المائدة/3 " .
ثم قال :
" وهذه الجملة : يُعلم تفصيلها بالبحث والنظر ، والتتبع والاستقراء ، والطلب لعلم هذه المسائل في الكتاب والسنة ؛ فمن طلب ذلك وجد في الكتاب والسنة من النصوص القاطعة للعذر في هذه المسائل ، ما فيه غاية الهدي والبيان والشفاء . وذلك يكون بشيئين :
أحدهما : معرفة معاني الكتاب والسنة .
والثاني : معرفة معاني الألفاظ التي ينطق بها هؤلاء المختلفون ، حتى يحسن أن يطبق بين معاني التنزيل ، ومعاني أهل الخوض في أصول الدين ؛ فحينئذ يتبين له أن الكتاب حاكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ، كما قال تعالي : { كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ } البقرة /213 ، وقال تعالي { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} الشورى /10 ، وقال { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً * أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً } النساء / 59 – 61.
ولهذا يوجد كثيرا في كلام السلف والأئمة : النهي عن إطلاق موارد النزاع بالنفي والإثبات ، وليس ذلك لخلو النقيضين عن الحق ، ولا قصور أو تقصير في بيان الحق ؛ ولكن لأن تلك العبارة من الألفاظ المجملة المتشابهة ، المشتملة علي حق وباطل ؛ ففي إثباتها إثبات حق وباطل ، وفي نفيها نفي حق وباطل ، فيمنع من كلا الإطلاقين .
بخلاف النصوص الإلهية ، فإنها فرقان فرق الله بها بين الحق والباطل . ولهذا كان سلف الأمة وأئمتها يجعلون كلام الله ورسوله هو الإمام والفرقان الذي يجب اتباعه ؛ فيثبتون ما أثبته الله ورسوله ، وينفون ما نفاه الله ورسوله ، ويجعلون العبارات المحدثة المجملة المتشابهة ممنوعا من إطلاقها : نفيا وإثباتا ؛ لا يطلقون اللفظ ولا ينفونه إلا بعد الاستفسار والتفصيل ؛ فإذا تبين المعنى أثبت حقه ونفي باطله ، بخلاف كلام الله ورسوله فإنه حق يجب قبوله وإن لم يفهم معناه ، وكلام غير المعصوم لا يجب قبوله حتى يفهم معناه .
وأما المختلفون في الكتاب ، المخالفون له ، المتفقون علي مفارقته : فتجعل كل طائفة ما أصلته من أصول دينها الذي ابتدعته هو الإمام الذي يجب اتباعه ، وتجعل ما خالف ذلك من نصوص الكتاب والسنة من المجملات المتشابهات التي لا يجوز اتباعها ، بل يتعين حملها علي ما وافق أصلهم الذي ابتدعوه ، أوالإعراض عنها وترك التدبر لها " .
"درء تعارض العقل والنقل" (1/73-77) .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-18, 07:13
رابعاً :
إذا وقع الاستفصال عن المعنى ، ورددنا محل النزاع إلى كتاب وسنة رسوله : ساغ استخدام اللفظ الحادث ، للدلالة على معنى ثابت ، عند من يحتاج إلى ذلك .
قال شيخ الإسلام :
" اذا أثبت الرجل معنى حقا ، ونفى معنى باطلا ، واحتاج إلى التعبير عن ذلك بعبارة لأجل إفهام المخاطب ، لأنها من لغة المخاطب ونحو ذلك : لم يكن ذلك منهيا عنه ؛ لأن ذلك يكون من باب ترجمة أسمائه وآياته بلغة أخرى ، ليفهم أهل تلك اللغة معاني كلامه وأسمائه ، وهذا جائز ، بل مستحب أحيانا ، بل واجب أحيانا . وإن لم يكن ذلك مشروعا على الإطلاق ؛ كمخاطبة أهل هذه الاصطلاحات الخاصة في أسماء الله وصفاته وأصول الدين باصطلاحهم الخاص ، إذا كانت المعاني التي تبيَّن لهم هي معاني القرآن والسنة ، ... وهذه الترجمة تجوز لإفهام المخاطب ، بلا نزاع بين العلماء " . انتهى .
بيان تلبيس الجهمية (2/389) .
خامسا :
من هذا الباب لفظ " الحد " المذكور في السؤال ؛ فمن أراد بإثبات الحد ، أنه سبحانه وتعالى بائن عن خلقه بحد فاصل ، بين الخالق والمخلوق ، فلا يحل شيء من المخلوقات بذاته جل جلاله ، كما أنه لا يحل بشيء من خلقه ولا يتّحد به : فهذا معنى صحيح ، يُخْبَر به عن الله تعالى ، وإن لم يكن صفة ثبوتية ، تضاف إليه سبحانه .
قال شيخ الإسلام :
" ولما كان الجهمية يقولون ما مضمونه : إن الخالقَ لا يتميّز عن الخلقِ ، فيجحدون صفاته التي يتميّز بها ، ويجحدون قدره ، فبيّن ابن المبارك أنّ الرب سبحانه وتعالى على عرشه مباين لخلقه ، منفصلٌ عنه ، وذكر الحدّ لأن الجهمية كانوا يقولون : ليس له حدٌّ ، وما لا حدّ له لا يباينُ المخلوقاتِ ، ولا يكون فوق العالم ، لأن ذلك مستلزم للحدِّ ، فلما سألوا أمير المؤمنين عبد الله بن المبارك : بماذا نعرفه ؟ قال : بأنه فوق سماواته ، على عرشه ، بائن من خلقه ، فذكروا لازم ذلك الذي تنفيه الجهمية ، وبنفيهم له ينفون ملزومه الذي هو وجوده فوق العرشِ ، ومباينته للمخلوقات ، فقالوا له : بحدٍّ ؟ قال : بحدّ ." .
انتهى باختصار. بيان تلبيس الجهمية (1/443 ) .
وقال شيخ الإسلام أيضا :
" هذا اللفظ لم نثبت به صفة زائدة على ما في الكتاب والسنة ؛ بل بيّنّا به ما عطله المبطلون من وجود الرب تعالى ومباينته لخلقه وثبوت حقيقته " .
"بيان تلبيس الجهمية" (1/445)
ومن هنا نتبين أن إطلاق جمع من السلف لهذا اللفظ كان ردا على الجهمية والحلولية وأشباههم من أهل البدعة ، وبياناً لمعنى شرعي صحيح في نفس الأمر ، وإن كان الشرع لم يعبر عنه بهذا اللفظ .
سادساً :
إثبات الحد لله تعالى ، والإخبار به عنه : لا يعني أن الخلق يُحيطون به علماً ، سبحانه ، أو أنهم يعلمون منتهى ذلك الحد ، قال تعالى : ( يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) طه/110 ، وقال : ( وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاء ) البقرة/255 .
قال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله :
" والله تعالى له حد لا يعلمه أحد غيره ، ولا يجوز لأحد أن يتوهم لحده غاية في نفسه ، ولكن يؤمن بالحد ، ويَكِل علم ذلك إلى الله .
ولمكانه أيضا حد ، وهو على عرشه فوق سماواته .
فهذان حدان اثنان " . انتهى .
"نقض الدارمي على بشر المريسي" (223-224)
وينظر : "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (7/193) .
والله تعالى أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-18, 07:14
السؤال :
قد أَشكل عليَّ شيءٌ في العقيدة ، وأريد توضيحه إذا أمكن ، نحن كمسلمين نؤمن أن علم الغيب عند الله عز وجل ، فلا يعلم أحد غيره ما كان ، وما يكون ، وما سيكون ، فكيف نوفِّق بين هذا ، وبين " تعجب الله من فعل الصحابي مع ضيفه عندما قلد صوت الأكل ولم يأكل " ، حيث إن الله يعلم هذا الشيء مسبقاً - سبحانه وتعالى - . أنا يا شيخ يأتيني الشيطان بهذه الوساوس ، وأحاول جاهداً طرده ، وأنا أعلم حقيقة أن ما بي هو سوء فهم ، لا أكثر ، فهلا أجبتني جزاك الله خيراً ؟
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
نسأل الله لك الهداية والتوفيق ، ونسأله تعالى أن يرزقك الإخلاص واليقين ، وقد أحسنتَ بسؤالك عما يقلقك ، وسنجيب على سؤالك بما يقطع دابر الشك والوسوسة بإذن الله وتوفيقه ، ونحن نذكر لك الحديث بنصه ، ثم نعقبه بكلام الأئمة الأعلام في معناه .
نص الحديث :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي مَجْهُودٌ فَأَرْسَلَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ فَقَالَتْ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أُخْرَى فَقَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ ، حَتَّى قُلْنَ كُلُّهُنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ ، فَقَالَ : ( مَنْ يُضِيفُ هَذَا اللَّيْلَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ : أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ : هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ ، قَالَتْ : لَا ، إِلَّا قُوتُ صِبْيَانِي ، قَالَ : فَعَلِّلِيهِمْ بِشَيْءٍ فَإِذَا دَخَلَ ضَيْفُنَا فَأَطْفِئْ السِّرَاجَ وَأَرِيهِ أَنَّا نَأْكُلُ فَإِذَا أَهْوَى لِيَأْكُلَ فَقُومِي إِلَى السِّرَاجِ حَتَّى تُطْفِئِيهِ قَالَ فَقَعَدُوا وَأَكَلَ الضَّيْفُ فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( قَدْ عَجِبَ اللَّهُ مِنْ صَنِيعِكُمَا بِضَيْفِكُمَا اللَّيْلَةَ ) .
رواه مسلم ( 2054 ) .
مجهود : أي : أصابني الجهد ، وهو المشقة ، والحاجة وسوء العيش والجوع .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-18, 07:15
ثانياً:
سبب الإشكال عندك أخي السائل : هو ظنك أن صفة " التعجب " معناها الدهشة من فعل شيء غير متوقع أو غير معلوم ، أو : أن سبب الفعل المتعجَّب منه يخفى على المتعجِّب ، ومن هنا قالوا : " إذا عُرف السبب بطل العجب " ! .
وكلا هذين االمعنيين باطل في حق الله تعالى ، وإنما هذا هو تعجب المخلوق ، والله تعالى ليس كمثله شيء ، فليس سمعه كسمع المخلوق ، وليس بصره كبصر المخلوق ، وليست رحمته كرحمة المخلوق ، وهكذا سائر صفاته ، وأفعاله ، وأسمائه ، ومثله يقال في صفة " العَجَب " ، فليست هي كصفة العجَب عند المخلوق .
والله تعالى يعلم ما كان ، وما يكون ، وما لم يكن لو كان كيف يكون ، وهو خالق الخلق وخالق أفهالهم ، فلا يليق بجلال الله وكماله أن نفهم أن هذه الصفة تستلزم في حقه سبحانه ، ما تستلزمه في حق البشر من الجهل ، والدهش أو الحيرة ، أو ما إلى ذلك ؛ بل هذه الصفة ، وجميع صفاته ، تفهم على معناها الظاهر في اللغة ، مع الاعتقاد أن الله جل جلاله لا يشبه أحدا من خلقه في صفاته ، كما أنه لا يشبههم في ذاته .
وأما معنى الصفة اللائق بالله تعالى فهو أنها بمعنى " تعجب استحسان " لا تعجب اندهاش .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
والعجب هنا : عجبُ استحسان ، استحسن عز وجل صنيعهما من تلك الليلة ، لما يشتمل عليه من الفوائد العظيمة .
" شرح رياض الصالحين " ( 3 / 420 ) .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-18, 07:16
ثالثاً:
وقد ثبتت صفة " العَجَب " لله تعالى في الكتاب والسنَّة :
1. قال تعالى : ( بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ ) الصافات/ 12 ، وفي قراءة : ( عَجِبْتُ ) .
قال ابن جرير الطبري – رحمه الله - :
قوله : ( بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ ) اختلفت القرَّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرَّاء الكوفة : ( بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ ) بضم التاء من ( عَجِبْتَ ) ، بمعنى : بل عظُم عندي ، وكبر اتخاذهم لي شريكاً ، وتكذيبهم تَنْزيلي ، وهم يسخرون ، وقرأ ذلك عامة قرَّاء المدينة ، والبصرة ، وبعض قرَّاء الكوفة ( عَجِبْتَ ) بفتح التاء ، بمعنى : بل عجبتَ أنت يا محمد ، ويسخرون من هذا القرآن .
والصواب من القول في ذلك أن يقال : إنهما قراءتان مشهورتان في قرَّاء الأمصار ، فبأيتهما قرأ القارئ : فمصيب .
فإن قال قائل : وكيف يكون مصيباً القاريء بهما مع اختلاف معنييهما ؟! قيل : إنهما وإن اختلف معنياهما فكلّ واحد من معنييه صحيح ، قد عجب محمد مما أعطاه الله من الفضل ، وسخر منه أهل الشرك بالله ، وقد عجِب ربنا من عظيم ما قاله المشركون في الله ، وسَخِر المشركونَ مما قالوه .
" تفسير الطبري " ( 21 / 22 ، 23 ) .
2. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( عَجِبَ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فِي السَّلَاسِلِ ) .
رواه البخاري ( 2848 ) .
3. عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَعْجَبُ مِنْ الشَّابِّ لَيْسَتْ لَهُ صَبْوَةٌ ) .
رواه أحمد ( 28 / 600 ) وحسنَّه محققوه ، وحسَّنه الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 1 / 270 ) .
قال أبو يعلى الفراء – رحمه الله – تحت باب " إثبات صفة العَجب لربنا تبارك وتعالى - :
اعلم أنَّ الكلام في هذا الحديث كالكلام في الذي قبله – وكان ساق قبله حديثين - ، وأنه لا يمتنع إطلاق ذلك عليه ، وحمْله على ظاهره ؛ إذ ليس في ذلك ما يحيل صفاته ، ولا يخرجها عما تستحقه ؛ لأنا لا نثبت عَجَبَاً هو تعظيم لأمر دَهَمَه استعظمه لم يكن عالماً به ؛ لأنه مما لا يليق بصفاته ، بل نثبت ذلك صفة كما أثبتنا غيرها من صفاته .
" إبطال التأويلات " ( ص 245 ) .
وقال الإمام أبو القاسم الأصبهاني ، قوام السنة ، رحمه الله :
" وقال قوم : لا يوصف الله بأنه يعجب ، لأن العجب ممن يعلم ما لم يكن يعلم . واحتج مثبت هذه الصفة بالحديث ، وبقراءة أهل الكوفة : ( بل عجبت ويسخرون ) على أنه إخبار من الله عز وجل عن نفسه "
"الحجة في بيان المحجة" (2/490) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وأما قوله : " التعجب استعظام للمتعجب منه " . فيقال : نعم ؛ وقد يكون مقرونا بجهل بسبب التعجب ، وقد يكون لما خرج عن نظائره .
والله تعالى بكل شيء عليم ، فلا يجوز عليه أن لا يعلم سبب ما تعجب منه ; بل يتعجب لخروجه عن نظائره تعظيما له . والله تعالى يعظم ما هو عظيم ; إما لعظمة سببه ، أو لعظمته . فإنه وصف بعض الخير بأنه عظيم . ووصف بعض الشر بأنه عظيم ...
ولهذا قال تعالى : { بل عجبتُ ويسخرون } على قراءة الضم ، فهنا هو عَجِب من كفرهم مع وضوح الأدلة . وقال النبي صلى الله عليه وسلم للذي آثر هو وامرأته ضيفهما : ( لقد عجب الله ) وفي لفظ في الصحيح : ( لقد ضحك الله الليلة من صنعكما البارحة ) .. "
"مجموع فتاوى شيخ الإسلام" (6/123-124) .
وينظر: صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة ، للشيخ علوي السقاف (210-213).
وبعد :
فلقد رأيت – أخي السائل – أن العَجَب الذي يكون عن جهل : هو عجب البشر ، وأما عجب الرب تعالى فليس كذلك ، بل هو عن سابق علم ، وإنما أراد الله تعالى استحسان فعلهم ، وتعظيمه بذكره بهذه الصفة ، اللائقة به تبارك وتعالى .
فأما الوسوسة ، فلها داواءان : دواء العلم البنوي الشافي من الجهل والتلبيس الشيطاني ، فشد يديك بكتب أهل السنة ، وأئمة أهل العلم والإيمان .
ودواء آخر نبوي أيضا ، يقطع عنك أبواب الخيالات الفاسدة ، والوساوس المحيرة .
عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ كَذَا ، مَنْ خَلَقَ كَذَا ، حَتَّى يَقُولَ : مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ ؟! فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ ) . رواه البخاري (3276) ومسلم (134) .
فهذا دواء نافع ، بإذن الله ، من كل ووسواس فاسد ، أو سؤال لا وجه له ، واسترسال في خيال محير .
نسأل الله أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح .
والله أعلم
و اخيرا ً
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-02-19, 03:59
اخوة الاسلام
السلام عليكم و رحمه الله و بركاته
السؤال :
هل الله عز وجل يفهم جميع اللغات ؟! ولماذا نعاني نحن كل هذه المعاناة في تعلم العربية ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
ليعلم أن الله تعالى جلَّ وعلا ليس كخلْقه ، بل له صفات الكمال سبحانه وتعالى ، فهو عزَّ وجلَّ قال عن نفسه ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الشورى/ من الآية11 .
ومن أصول الإيمان القطعية ، التي لا يصح إيمان العبد ، ولا معرفته بربه إلا بها : أن يعلم أن الله جل جلاله بكل شيء عليم ، بما كان ، وبما يكون ، وبما لم يكن ، يعلم السر وأخفى ، لا يشغله شيء عن شيء ، ولا صوت عن صوت ، ولا خلق عن خلق ، السر والعلن عنده سواء :
( سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ ) .
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله :
" بين تعالى في هذه الآية الكريمة أن السر والجهر عنده سواء ، وأن الاختفاء والظهور عنده أيضاً سواء ؛ لأنه يسمع السر كما يسمع الجهر، ويعلم الخفى كما يعلم الظاهر .
وقد أوضح هذا المعنى في آيات أخر ، كقوله : { وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } [67/13، 14] ، وقوله : { وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى } [20/7] ، وقوله : { أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [11/5]، وقوله : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ } الآية [50/16] ، إلى غير ذلك من الآيات " . انتهى .
"أضواء البيان" (2/236) .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
اجْتَمَعَ عِنْدَ الْبَيْتِ قُرَشِيَّانِ وَثَقَفِيٌّ ، أَوْ ثَقَفِيَّانِ وَقُرَشِيٌّ ، كَثِيرَ شَحْمُ بُطُونِهِمْ ، قَلِيلَ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ ؛ فَقَالَ أَحَدُهُمْ : أَتُرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ مَا نَقُولُ ؟ قَالَ الْآخَرُ : يَسْمَعُ إِنْ جَهَرْنَا ، وَلَا يَسْمَعُ إِنْ أَخْفَيْنَا . وَقَالَ الْآخَرُ : إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا ، فَإِنَّهُ يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَيْنَا !!
فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ }.
رواه البخاري (4443) ومسلم (4979) .
وعن أَبِي هُرَيْرَةَ قالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ( قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قَسَمْتُ الصَّلاَةَ بَيْنِى وَبَيْنَ عَبْدِى نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِى مَا سَأَلَ ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) قَالَ اللَّهُ : تَعَالَى حَمِدَنِى عَبْدِى ، وَإِذَا قَالَ ( الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِى ، وَإِذَا قَالَ ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) قَالَ : مَجَّدَنِي عَبْدِي ، فَإِذَا قَالَ ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) قَالَ : هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ ، فَإِذَا قَالَ ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ) ، قَالَ هَذَا لِعَبْدِى وَلِعَبْدِى مَا سَأَلَ »
رواه مسلم ( 395 ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
فهذا يقوله سبحانه وتعالى لكل مصلٍّ قرأ الفاتحة ، فلو صلَّى الرجل ما صلَّى من الركعات قيل له ذلك ، وفي تلك الساعة يصلي مَن يقرأ الفاتحة مَن لا يُحصي عددَه إلا الله ، وكل واحدٍ منهم يقول الله له كما يقول لهذا ، كما يحاسبهم كذلك ، فيقول لكل واحد ما يقول له من القول في ساعة واحدة ، وكذلك سمعه لكلامهم ، يسمع كلامهم كلَّه مع اختلاف لغاتهم ، وتفنن حاجاتهم ؛ يسمع دعاءَهم سمْع إجابة ، ويسمع كل ما يقولونه سمع علم وإحاطة ، لا يشغله سمع عن سمع ، ولا تغلطه المسائل ، ولا يتبرم بإلحاح الملحين ؛ فإنه سبحانه هو الذي خلق هذا كله ، وهو الذي يرزق هذا كله ، وهو الذي يوصل الغذاء إلى كل جزء من البدن على مقداره وصفته المناسبة له ، وكذلك من الزرع .
" مجموع الفتاوى " (5 / 479 ، 480 ) .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-19, 04:00
ثانيا:
الله تعالى هو الذي خلق اللغات ، وجعل ذلك من آياته تعالى على ربوبيته ، وقدرته ، قال تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْعَالِمِينَ ) الروم/ 22 ؛ وكيف يكون إلهاً ، ومعبوداً ، وربّاً ، وهو لا يعلم ما يقوله عباده ؟! إننا نرى فيما يعتاده الناس ويعرفونه : أن صاحب الصنعة هو أدرى الناس بها ، وأفضل طريقة لمعرفة نظام جهاز من الأجهزة : أن تراجع كتاب التشغيل الصادر عن مصنعه ؛ فكيف بالله جل جلاله ، وهو خالق الخلق ، وهو علام الغيوب : ( وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) الملك/13-14.
قال الشيخ السعدي رحمه الله :
" هذا إخبار من الله بسعة علمه ، وشمول لطفه ، فقال : { وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ } ، أي : كلها سواء لديه ، لا يخفى عليه منها خافية ، فـ { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } أي: بما فيها من النيات والإرادات ، فكيف بالأقوال والأفعال التي تسمع وترى ؟!
ثم قال مستدلا بدليل عقلي على علمه : { أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ } ؛ فمن خلق الخلق وأتقنه وأحسنه ، كيف لا يعلمه { وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } ، الذي لطف علمه وخبره حتى أدرك السرائر والضمائر ، والخبايا والخفايا والغيوب ، وهو الذي { يعلم السر وأخفى } ؟! انتهى .
"تفسير السعدي" (876) .
ثالثا :
إذا آمنا بأن الله رقيب على عباده مطلع عليهم ، وآمنا بأن الخلق إليه يحشرون ، وأنه سيحاسبهم على أعمالهم ، فمن ضرورة ذلك : أن نؤمن إيمانا جازما باطلاعه على خلقه ، وعلمه بهم :
( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ * وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) غافر/19-20 .
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الله سيكلم خلقه يوم القيامة ، من غير حجاب ولا ترجمان بينه وبينهم :
عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ) .
رواه البخاري ( 7005 ) ومسلم ( 1016 ) .
وفي رواية للبخاري :
( وَلَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ يَلْقَاهُ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ فَلَيَقُولَنَّ لَهُ أَلَمْ أَبْعَثْ إِلَيْكَ رَسُولًا فَيُبَلِّغَكَ فَيَقُولُ بَلَى فَيَقُولُ أَلَمْ أُعْطِكَ مَالًا وَأُفْضِلْ عَلَيْكَ فَيَقُولُ بَلَى فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلَا يَرَى إِلَّا جَهَنَّمَ وَيَنْظُرُ عَنْ يَسَارِهِ فَلَا يَرَى إِلَّا جَهَنَّمَ ) . رواه البخاري ( 3400 ) .
رابعاً:
أما تعلم اللغة العربية فالقدر الذي يجب منه : أن تتعلم المقدار الذي تصح به صلاتك وعبادتك ، وما زاد على ذلك فهو نافلة مستحبة ، أن تتعلم ما يعينك على فهم كتاب الله وسنة نبيه ، والتفقه في دينه ، ويتأكد ذلك في حق طالب العلم ، ويتأكد في حق الشاب القادر على التعلم ما لا يطلب من الشيخ والمرأة الكبيرة ، وهكذا كل على حسب طاقته .
قال الإمام الشافعي – رحمه الله - :
فعلى كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما بلغه جَهده ، حتى يشهد به أن لا إله إلا الله ، وأن محمد عبده ورسوله ، ويتلو به كتاب الله ، وينطق بالذِّكر فيما افترض عليه من التكبير ، وأُمر به من التسبيح ، والتشهد ، وغير ذلك .
" الرسالة " ( ص 48 ) .
وأما سبب معاناة كثيرين في تعلم العربية : فلعل ذلك يعود لأسباب كثيرة ، منها عدم سلوك الطريق المنهجي المناسب ، أو عدم خبرة المعلم بتدريس اللغة لغير أهلها ، أو عدم المداومة على استعمال ما تعلمه المتعلم من الألفاظ والأساليب ، إلى غير ذلك من الأسباب التي من الممكن أن يستشار فيها المختص ، كل على حسب حالته .
ومن الأمور المهمة التي يُنصح بها هنا أن يكثر المتعلم من مخالطة العرب ، ومحاولة التكلم معهم بالعربية ، خاصة فيما يتعلق بالأمور الدينية والعلمية ، فهذا أفضل الطرق لاكتساب اللغات : أن يخالط المرء أهلها ، وأن يصبر على تعلمها بهذه الطريقة ، لاسيما إذا واكب ذلك دراسة نظرية منهجية ، ووفق للإخوة ناصحين له ، يعينونه على هذه المخالطة التعليمية ، ويعلمونه الجديد ، ويصوبونه له الخطأ .
وضع في علمك أن كل شيء يحتاج إلى صبر وبذل ، وأنه ليس شيء يصعب على المرء مع الهمة العالية ، وسلوك الطريق الصحيح .
والله الموفق
*عبدالرحمن*
2018-02-19, 04:01
السؤال:
ما رد فضيلتكم على هذا القول : أن الله تعالى لا يتحيز في مكان ، إنما السماء قبلة الدعاء ، ومهبط الرحمات ، قال تعالى : ( يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب ) ، السماء إلى فناء ، تعالى الله أن يتحيز فيها ، وقال عليه الصلاة والسلام : (أطَّت السماء وحُقَّ لها أن تئط فليس فيها مكان إلا فيها ملك قائم أو راكع أو ساجد) فتعالى الله أن يتحيز بين الملائكة .
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
الكلام الوارد في السؤال هو من إنشاء أهل البدع والأهواء نفاة العلو لله الواحد القهَّار ، وقد شاع بين " الأشاعرة " ، وكانوا قد ورثوه عن " الجهمية " .
وأصل ذلك :
أنهم أرادوا نفي علو ذات الله تعالى ، وغاظهم ما يجده الناس في فطَرهم ضرورةً من توجه قلوبهم نحو السماء ، ومن رفع أيديهم تجاهها ، فزعموا أن " السماء قبلة للدعاء " ! وأن توجه المسلمين بقلوبهم نحوها ، ورفع أيديهم باتجاهها : هو توجه لقبلة الدعاء ، كما يتوجهون للكعبة قبلة الصلاة ! حتى روى بعض الكذَّابين نفاة الصفات عن الله تعالى في ذلك حديثاً نسبه للنبي صلى الله عليه وسلم ، بلفظ : (السماءُ قِبلةُ الدعاء) !
قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله :
لم أقف له على أصل ، إلا ما قاله الحافظ في "نتائج الأفكار" (1/259 ، 260) في "آداب الدعاء" :
"قلت : أما الاستقبال : فلم أرَ فيه شيئاً صريحاً يختص به ، وقد نقل الروياني أنه يقول رافعاً بصره إلى السماء ، وقد تقدم ذلك فِي حَدِيثِ عمر ، وفي حديث ثوبان : " السماء قبلة الدعاء " ، فلعل ذلك مراد مَن أطلق" .
كذا قال ! وحديث ثوبان تقدم عنده (1/245) ، وليس فيه ما ذكر ، ولا رأيتُ ذلك في كتاب من كتب السنَّة التي وقفتُ عليها ، بل ظاهر كلام شارح "العقيدة الطحاوية" ابن أبي العز (ص 327) وغيره : أن هذا الحديث المزعوم هو من قول بعض المؤولة ، أو المعطلة الذين ينكرون علو الله على خلقه ، واستواءه على عرشه ، وما فُطر عليه الناس من التوجه بقلوبهم في دعائهم جهة العلو ، فقال الشارح :
"إن قولكم : إن "السماء قبلة الدعاء" : لم يقله أحدٌ من سلف الأمة ، ولا أنزل الله به من سلطان ..." .
"السلسة الضعيفة" (13/443) .
وقد تكررت هذه العبارة "السماء قبلة الدعاء" في كتب الأشاعرة ، وهو ينفون عن الله تعالى صفة العلو ، والاستواء على العرش حتى ظنها كثيرون عقيدة صحيحة ، والحق أحق أن يُتبَّع ، ولا ينبغي التوقف في خطأ هذه العبارة ، وضلال معناها .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-19, 04:02
وقد أجاب ابن أبي العز الحنفي رحمه الله على هذا القول من عدة أوجه :
"أحدها :
أن قولكم : إن السماء قبلة للدعاء - لم يقله أحد من سلف الأمة ، ولا أنزل الله به من سلطان ، وهذا من الأمور الشرعية الدينية ، فلا يجوز أن يخفى على جميع سلف الأمة وعلمائها .
الثاني :
أن قبلة الدعاء هي قبلة الصلاة ، فإنه يستحب للداعي أن يستقبل القبلة ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستقبل القبلة في دعائه في مواطن كثيرة ، فمن قال إن للدعاء قبلة غير قبلة الصلاة ، أو إن له قبلتين : إحداهما الكعبة والأخرى السماء - فقد ابتدع في الدين ، وخالف جماعة المسلمين .
الثالث :
أن القبلة :
هي ما يستقبله العابد بوجهه ، كما تستقبل الكعبة في الصلاة والدعاء ، والذكر والذبح ، وكما يوجه المحتضر والمدفون ، ولذلك سميت " وجهة " ، والاستقبال خلاف الاستدبار ، فالاستقبال بالوجه ، والاستدبار بالدبر ، فأما ما حاذاه الإنسان برأسه أو يديه أو جنبه فهذا لا يسمى " قبلة " ، لا حقيقة ولا مجازاً ، فلو كانت السماء قبلة الدعاء لكان المشروع أن يوجه الداعي وجهه إليها ، وهذا لم يشرع ، والموضع الذي ترفع اليد إليه لا يسمى " قبلة " ، لا حقيقة ولا مجازاً ، ولأن القبلة في الدعاء أمر شرعي تتبع فيه الشرائع ، ولم تأمر الرسل أن الداعي يستقبل السماء بوجهه ، بل نهوا عن ذلك .
ومعلوم أن التوجه بالقلب ، واللجأ والطلب الذي يجده الداعي من نفسه أمر فطري ، يفعله المسلم والكافر والعالم والجاهل ، وأكثر ما يفعله المضطر والمستغيث بالله ، كما فطر على أنه إذا مسه الضر يدعو الله ، مع أن أمر القبلة مما يقبل النسخ والتحويل ، كما تحولت القبلة من الصخرة إلى الكعبة ، وأمر التوجه في الدعاء إلى الجهة العلوية مركوز في الفطر ، والمستقبل للكعبة يعلم أن الله تعالى ليس هناك ، بخلاف الداعي ، فإنه يتوجه إلى ربه وخالقه ، ويرجو الرحمة أن تنزل من عنده" انتهى .
"شرح العقيدة الطحاوية" (ص 327 ، 328) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"إن الذين يرفعون أيديهم ، وأبصارهم ، وغير ذلك ، إلى السماء وقت الدعاء : تقصد قلوبُهم الربَّ الذي هو فوق ، وتكون حركة جوارحهم بالإشارة إلى فوق : تبعاً لحركة قلوبهم إلى فوق ، وهذا أمرٌ يجدونه كلهم في قلوبهم وَجْداً ضروريّاً ، إلا من غُيِّرت فطرتُه باعتقاد يصرفه عن ذلك ، وقد حكى محمد بن طاهر المقدسي عن الشيخ أبي جعفر الهمذاني أنه حضر مجلس أبي المعالي – أي : الجويني - فذكر العرش ، وقال : "كان الله ولا عرش" ، ونحو ذلك ، وقام إليه الشيخ أبو جعفر ، فقال : يا شيخ دعنا من ذِكر العرش ، وأخبرنا عن هذه الضرورة التي نجدها في قلوبنا : فإنه ما قال عارف قط : "يا الله" : إلا وجد في قلبه ضرورةً لطلب العلو ، لا يلتفت يمنة ، ولا يسرة ، قال : فضرب أبو المعالي على رأسه ، وقال : "حيرني الهمذاني" .
فأخبر هذا الشيخ عن كل من عرف الله : أنه يجد في قلبه حركة ضرورية إلى العلو إذا قال : "يا الله" ، وهذا يقتضي أنه في فطرتهم ، وخِلقتهم : العلم بأن الله فوق ، وقصده ، والتوجه إليه : إلى فوق" .
"بيان تلبيس الجهمية" (2/446 ، 447) ، وفي (4/518 ، 519) طبعة المدينة .
ثم إننا عندما نقول : إن الله تعالى في السماء ليس معنى ذلك أن السماء تحيط به ، أو كما يعبر هؤلاء بأن الله ساكن السماء ! تعالى الله عن ذلك .
بل نقول : إن الله تعالى في السماء يعني على السماء ، وفوق السماء ، مستوٍ على عرشه سبحانه وتعالى ، كقول الله تعالى : (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ) الأنعام/11 . أي : على الأرض .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-02-19, 04:03
السؤال:
لقد قرأت عدة ترجمات باللغة الانجليزية للقرآن الكريم , وعندما قرأت تفسير بعض الآيات أصبح عندي نوع من الضياع والوساوس . قال تعالى : ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ) فالتفاسير التي قرأتها تقول أن الله في السماء ، وهذا خلاف ما أنا مؤمن ومعتقد به ، وما قرأته ـ أيضا ـ في بعض التفاسير ، وهو أن الله فوق السماء . كما أنني قرأت في بعض التفاسير ، في قول الله تعالى : ( الرحمن على العرش استوى ) ، يقول: " استوى بمعني أرتفع وعلا " ، علواً يليق بجلاله جل في علاه . وسأكون ممتناً جداً لفضيلتكم إذا ما شرحتم هذا لي بالتفصيل الدقيق .
الجواب:
الحمد لله
في مسألة علو الله تعالى على خلقه واستوائه جل وعلا على عرشه قاعدتان مهمتان يجب تقريرهما والتنبيه عليهما :
القاعدة الأولى :
إثبات ما أثبته الله تعالى لنفسه في كتابه المحكم المبين ، حيث وصف نفسه بالعلو على جميع خلقه ، وباستوائه عز وجل على عرشه بعد أن خلق السماوات والأرض ، وذلك في آيات محكمات بينات من الذكر الحكيم :
يقول الله تعالى : ( وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ . يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) النحل/49-50. ويقول جل وعلا: ( أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ . أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ ) الملك/16-17.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أَلاَ تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِى السَّمَاءِ ، يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً ) رواه البخاري (4351) ومسلم (1064) ويقول أيضا : ( ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ) رواه الترمذي (رقم/1924) وقال: حسن صحيح. ويقول أيضا ( لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ فَهْوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي ) رواه البخاري (رقم/3194) ومسلم (2751)
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-19, 04:04
القاعدة الثانية :
أن الله عز وجل لا يحيط به شيء من خلقه ، ولا تحويه مخلوقاته ، وهو سبحانه غني عنها ، فقد تنزه عن الحاجة إليها ، وتعالى أن يحيط به المخلوق المحدَث الناقص.
يقول الله عز وجل : ( لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) الأنعام/103.
ويقول تعالى : ( يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ) طه/110.
ومن هاتين القاعدتين يقرر أهل السنة أن علو الله تعالى على عرشه وعلى جميع خلقه يعني كونه سبحانه وتعالى فوق المخلوقات كلها ، فوق السماء ، وفوق الجنة ، وفوق العرش ، وأنه سبحانه وتعالى لا يحويه شيء من هذه المخلوقات ، ولا يحتاج إلى شيء منها ، بل هو خالقها والقيوم عليها ، وأن النصوص التي تصف الله تعالى بأنه ( في السماء ) تعني أنه سبحانه عالٍ على خلقه ، ولا تعني أنه عز وجل تحويه السماء وتحيط به ، وذلك لأن السماء هنا بمعنى العلو، وليست السماء المخلوقة ، أو يقال بأن حرف الجر ( في ) هنا بمعنى : على ، أي : على السماء .
ثبت عن علي بن الحسن بن شقيق ، شيخ البخاري ، قال :
قلت لعبد الله بن المبارك : كيف نعرف ربنا ؟
قال : في السماء السابعة على عرشه . وفي لفظ : على السماء السابعة على عرشه ، ولا نقول كما تقول الجهمية إنه ها هنا في الأرض .
فقيل لأحمد بن حنبل ، فقال : هكذا هو عندنا .
قال الإمام الذهبي معلقا على هذا الأثر :
" هذا صحيح ثابت عن ابن المبارك ، وأحمد رضي الله عنهما ، وقوله : " في السماء " رواية أخرى ، توضح لك أن مقصوده بقوله " في السماء " أي : على السماء ، كالرواية الأخرى الصحيحة التي كتب بها إلى يحيى بن منصور الفقيه " انتهى.
" العرش " (2/189)
وننقل هنا كلام أهل العلم الذي يشرح ويوضح هذا الموضوع :
يقول الحافظ ابن عبد البر رحمه الله :
" وأما قوله تعالى : ( أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ ) الملك/16 فمعناه مَن على السماء يعني على العرش ، وقد يكون في بمعنى على ، ألا ترى إلى قوله تعالى : ( فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ) التوبة/2 أي : على الأرض . وكذلك قوله : ( وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ) طه/71 " انتهى.
" التمهيد " (7/130) .
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" السلف والأئمة وسائر علماء السنة إذا قالوا " إنه فوق العرش ، وإنه في السماء فوق كل شيء " لا يقولون إن هناك شيئا يحويه أو يحصره أو يكون محلا له أو ظرفا ووعاء سبحانه وتعالى عن ذلك ، بل هو فوق كل شيء ، وهو مستغن عن كل شيء ، وكل شيء مفتقر إليه، وهو عالٍ على كل شيء ، وهو الحامل للعرش ولحملة العرش بقوته وقدرته ، وكل مخلوق مفتقر إليه ، وهو غني عن العرش وعن كل مخلوق .
وما في الكتاب والسنة من قوله : ( أأمنتم من في السماء ) ونحو ذلك قد يفهم منه بعضهم أن " السماء " هي نفس المخلوق العالي ، العرش فما دونه ، فيقولون : قوله ( في السماء ) بمعنى " على السماء " ، كما قال : ( ولأصلبنكم في جذوع النخل ) أي : على جذوع النخل ، وكما قال: ( فسيروا في الأرض ) أي : على الأرض .
ولا حاجة إلى هذا ، بل " السماء " اسم جنس للعالي ، لا يخص شيئا ، فقوله : ( في السماء ) أي : في العلو دون السفل .
وهو العلي الأعلى فله أعلى العلو ، وهو ما فوق العرش ، وليس هناك غيره العلي الأعلى سبحانه وتعالى " انتهى.
" مجموع الفتاوى " (16/100-101) .
والخلاصة :
أن ما تعقتده من أن الله تعالى مستو على عرشه ، فوق سمائه ، وفوق جميع خلقه ، هو الذي يجب على كل مؤمن اعتقاده ، وما قرأته في التفاسير المشار إليها من أن الله تعالى في السماء ، هو أيضا صحيح ، موافق لما تعتقده ، قد نطق به الكتاب والسنة
لكن بشرط أن يفهم أن السماء هنا تعني : جهة العلو ، أو أن في تعني : على ، كما فصلناه في الجواب ؛ فإن كان المفسر يريد معنى آخر سوى ما ذكرنا ، فكلامه مردود ، ويحسن بك أن تزودنا بكلامه كاملا ، حتى نرى ما فيه .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-19, 04:06
السؤال:
ما معنى من أحصاها دخل الجنة ؟
الجواب :
الحمد لله
روى البخاري (2736) ومسلم (2677) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) .
والإحصاء المذكور في الحديث يتضمّن ما يلي :
1- حفظها .
2- معرفة معناها .
3- العمل بمقتضاها : فإذا علم أنّه الأحد فلا يُشرك معه غيره ، وإذا علم أنّه الرزّاق فلا يطلب الرّزق من غيره ، وإذا علم أنّه الرحيم ، فإنه يفعل من الطاعات ما هو سبب لهذه الرحمة ... وهكذا .
4- دعاؤه بها ، كما قال عزّ وجلّ : ( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ) الأعراف/180 .
وذلك كأن يقول : يا رحمن ، ارحمني ، يا غفور ، اغفر لي ، يا توّاب ، تُبْ عليّ ونحو ذلك .
قال الشيح محمد بن صالح العثيمين :
" وليس معنى إحصائها أن تكتب في رقاع ثم تكرر حتى تحفظ ولكن معنى ذلك :
أولاً : الإحاطة بها لفظاً .
ثانياً : فهمها معنى .
ثالثاً : التعبد لله بمقتضاها ولذلك وجهان :
الوجه الأول :
أن تدعو الله بها ؛ لقوله تعالى : ( فادعوه بها ) الأعراف/180 ، بأن تجعلها وسيلة إلى مطلوبك ، فتختار الاسم المناسب لمطلوبك ، فعند سؤال المغفرة تقول : يا غفور ، اغفر لي ، وليس من المناسب أن تقول : يا شديد العقاب ، اغفر لي ، بل هذا يشبه الاستهزاء ، بل تقول : أجرني من عقابك .
الوجه الثاني :
أن تتعرض في عبادتك لما تقتضيه هذه الأسماء ، فمقتضى الرحيم الرحمة ، فاعمل العمل الصالح الذي يكون جالباً لرحمة الله ، هذا هو معنى إحصائها ، فإذا كان كذلك فهو جدير لأن يكون ثمناً لدخول الجنة " انتهى .
"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (1/74) .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-02-19, 04:08
السؤال :
سمعت بعض الناس يقول بأنه لا يصح أن يوصف الله تعالى بأنه موجود ، لأن كلمة "موجود" اسم مفعول ، وكل موجود لا بد له من موجد أوجده ، وهذا المعنى باطل في حق الله تعالى .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
الواجب على من أراد أن يتكلم في الأمور الشرعية أن يكون كلامه مبنياً على علم صحيح ، ومن نفى عن الله تعالى صفة ثابتة له ، أو أثبت له صفة لا تليق به لمجرد ظن أو وهم توهمه ، فهو على خطر عظيم ، قال الله تعالى : (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) الإسراء/36 .
ثانياً :
قد ذكرنا فتوى علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : في ثبوت هذه صفة الوجود لله تعالى ، ونزيد هنا بعض النقول عن شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله ، وغيرهما من العلماء .
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
"وهو سبحانه قديم واجب الوجود ، رب كل شيء ومليكه ، هو الخالق وما سواه مخلوق" انتهى .
"بيان تلبيس الجهمية" (1/304).
وقال أيضاً :
"فإن الله موجود حقيقةً ، والعبد موجود حقيقةً ، وليس هذا مثل هذا" انتهى .
"مجموع الفتاوى" (5/198) .
وقال أيضاً :
"ولا ريب أن الله موجود قائم بنفسه" انتهى .
"مجموع الفتاوى" (5/420) .
وقال أيضاً :
"ومعلوم أنه غني بنفسه ، وأنه واجب الوجود بنفسه ، وأنه موجود بنفسه" انتهى .
"مجموع الفتاوى" (11/395) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
"تفرد الحق تعالى بالوجود أزلا وأبداً ، وأنه الأول الذي ليس قبله شيء ، والآخر الذي ليس بعده شيء ، ووجود كل ما سواه قائم به ، وأثر صنعه ، فوجوده هو الوجود الواجب الحق الثابت لنفسه أزلا وأبدا..... فوجوده تعالى وجود ذاتي .... ليس مع الله موجود بذاته سواه ، وكل ما سواه فموجود بإيجاده سبحانه" انتهى بتصرف .
"مدارج السالكين" (3/34) .
ومن هذه النقول يتبين أن قول القائل : كل موجود لا بد له من أحد أوجده غير صحيح ، وذلك لأن الوجود نوعان :
الأول :
وجود ذاتي ، بحيث يوصف الشيء بأنه موجود ، ولم يوجده أحد ، وهذا هو الوجود الذي يوصف الله تعالى به ، ولا يكون لأحد سواه .
والنوع الثاني :
وجود بغيره ، أي أن الشيء موجود ، ولكن أوجده غيره ، وهذا هو الوجود الذي يوصف به جميع المخلوقات ، فالله تعالى هو الخالق وحده ، وكل ما سواه مخلوق ، وهو الواجد وحده ، وكل ما سواه موجود بهذا المعنى .
وقد سئل الشيخ محمد خليل هراس رحمه الله :
كلمة "موجود" أليس كل موجود لابد له من واجد؟
فأجاب :
"لا يقصد هذا ، يقصد موجود ، أي : هو متصف بصفة الوجود ،.... وليس كل موجود يحتاج إلى موجِد ، والله موجود"
انتهى باختصار من "فتاوى كبار علماء الأمة" ص (43) .
وهو يشير بقوله : "ليس كل موجود يحتاج لموجد" ، إلى تقسيم الوجود إلى نوعين كما سبق .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "شرح العقيدة الواسطية" ، في معرض رده على من نفى عن الله تعالى الصفات ، قال :
"لهذا، كان الإيمان بصفات الله من الإيمان بالله، لو لم يكن من صفات الله إلا أنه موجود واجب الوجود، وهذا باتفاق الناس، وعلى هذا، فلا بد أن يكون له صفة" انتهى .
فإثبات صفة الوجود لله تعالى مما لا ينازع فيه أحد من المسلمين ، بل ولا سائر أهل الملل .
ومن أنكر هذه الصفة الثابتة لله تعالى من غلاة أهل البدع ، فلم ينكروها للسبب المذكور في السؤال ، وإنما أنكروها لأنهم ينكرون جميع الصفات .
قال شيخ الإسلام في "التدمرية" بعد أن ذكر جملة من الآيات التي فيها إثبات صفات الكمال لله تعالى ، قال :
"فهذه طريقة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، وأما من زاغ وحاد عن سبيلهم من الكفار والمشركين والذين أوتوا الكتاب ومن دخل في هؤلاء من الصابئة المتفلسفة والجهمية والقرامطة والباطنية ونحوهم : فإنهم على ضد ذلك يصفونه بالصفات السلبية على وجه التفصيل ، ولا يثبتون إلا وجوداً مطلقا لا حقيقة له في الأعيان ، فقولهم يستلزم غاية التعطيل وغاية التمثيل ، فإنهم يمثلونه بالممتعات والمعدومات والجمادات ويعطلون الأسماء والصفات تعطيلا يستلزم نفي الذات .
فإنهم يسبلون عنه النقيضين فيقولون : لا موجود ولا معدوم ، ولا حي ولا ميت ، ولا عالم ولا جاهل ، لأنهم يزعمون أنهم إذا وصفوه بالإثبات شبهوه بالموجودات ، وإذا وصفوه بالنفي شبهوه بالمعدومات ، فسلبوا النقيضين ، وهذا ممتنع في بداهة العقول ، ووقعوا في شر مما فروا منه ، فإنهم شبهوه بالممتنعات ، إذ سلب النقيضين كجمع النقيضين كلاهما من الممتنعات.
وذلك أنه قد علم بضرورة العقل أنه لا بد من موجود قديم غني عما سواه [وهو الله تعالى وحده لا شريك له] .
وإذا كان من المعلوم بالضرورة أن في الوجود ما هو قديم واجب بنفسه ، وما هو محدَث ممكن يقبل الوجود والعدم : فمعلوم أن هذا موجود ، وهذا موجود ، ولا يلزم من اتفاقهما في مسمى الوجود أن يكون وجود هذا مثل وجود هذا ، بل وجود هذا يخصه ، ووجود هذا يخصه" انتهى باختصار .
وبهذا الكلام لشيخ الإسلام يتبين أن الوجود والعدم نقيضان ، والنقيضان لابد من اتصاف الشيء بواحد منهما ، فلا يمكن أن يوصف بهما معاً ، ولا أن يخلو منهما معاً ، ونفي أحدهما إثبات للآخر بالضرورة .
فليتنبه الذين ينفون عن الله تعالى صفة الوجود ، فإنه يلزم من ذلك نفي وجود الله تعالى . وإننا لنتعجب أن يصدر هذا القول من بعض من يزعم أنه من أهل السنة والجماعة وعلى طريقة السلف ، وقد أوقعه في هذا الخطأ سببان :
الأول :
ظنه أنه لابد لكل موجود من موجِد أوجده ، وهو ظن خاطئ كما سبق .
الثاني :
عدم الرجوع إلى أهل العلم ، وعدم الاستنارة بأقوالهم ، وقد قال الله تعالى : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) النحل/43 .
ونزيد سبباً ثالثاً :
إعجاب المتكلم برأيه ، وظنه أنه هدي لما ضل عنه جميع الأمة !
نسأل الله تعالى أن يرزقنا الفقه في دينه .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-19, 04:09
السؤال :
لم أجد في أسماء الله وصفاته اسم ( الموجود ) ، وإنما وجدت اسم (الواجد) وعلمت في اللغة أن الموجود على وزن مفعول ولا بد أن يكون لكل موجود موجد ، كما أن لكل مفعول فاعل ، ومحال أن يوجد لله موجد . ورأيت أن الواجد يشبه اسم الخالق ، والموجود يشبه اسم المخلوق ، وكما أن لكل موجود موجد فلكل مخلوق خالق ، فهل لي بعد ذلك أن أصف الله بأنه موجود ؟
الجواب :
الحمد لله
" وجود الله معلوم من الدين بالضرورة ، وهو صفة لله بإجماع المسلمين ، بل صفة لله عند جميع العقلاء حتى المشركين لا ينازع في ذلك إلا ملحد دهري ، ولا يلزم من إثبات الوجود صفة لله أن يكون له موجد لأن الوجود نوعان :
الأول :
وجود ذاتي ، وهو ما كان وجوده ثابتا له في نفسه ، لا مكسوبا له من غيره ، وهذا هو وجود الله سبحانه وصفاته ، فإن وجوده لم يسبقه عدم ، ولا يلحقه عدم : ( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) الحديد/3 .
الثاني :
وجود حادث ، وهو ما كان حادثا بعد عدم ، فهذا الذي لا بد له من موجد يوجده ، وخالق يحدثه وهو الله سبحانه ، قال تعالى : ( اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ . لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) الزمر/62 ، 63 ، وقال تعالى : ( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ . أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ) الطور/35 ، 36 .
وعلى هذا ؛ يوصف الله تعالى بأنه موجود ، ويُخْبَرُ عنه بذلك في الكلام ، فيقال : الله موجود ، وليس الوجود اسما ، بل صفة.
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد ، وآله وصحبه وسلم " انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (3/190، 191) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-19, 04:10
السؤال :
يروي الإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : ( خلق الله أربعة أشياء بيده : العرش ، والقلم ، وآدم ، وجنة عدن ، ثم قال لسائر الخلق : كن فكان ) الدارمي في رده على المريسي (ص90) ، الأسماء والصفات للبيهقى (ص233) لكننا نجد في سورة يس ، آية/71 أن الله تعالى يقول : ( أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعامًا فهم لها مالكون ) ، فأرجو توضيح هذا الأمر .
الجواب :
الحمد لله
هذه الآية من سورة " يس " لا تدل على أن الله سبحانه وتعالى خلق الأنعام بيده كما خلق آدم عليه السلام بيده ، فمن تأمل قوله عز وجل : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُوْن ) يس/71 ، ظهر له من المعنى العام والسياق أن المقصود هو ذكر منّة الله تعالى على البشر بما خلق لهم من هذه الأنعام ، وليس المقصود النص على ذكر الخلق بـ " اليد " التي هي صفة من صفات الله تعالى ، وذلك لعدة قرائن :
1- ذكر الأيدي بلفظ الجمع ، مضافاً إلى ضمير الجمع أيضاً " نا " الذي يقصد به التفخيم والتعظيم .
2- عدم تعدية الفعل " عَمِل " بالباء ، فلم يقل : عملنا بأيدينا ؛ لأن التعدية بالباء هي التي تؤكد إرادة الحقيقة في السياق ، كما جاء ذلك في قوله عز وجل : ( خَلَقْتُ بِيَدَيَّ )
3- ولو كان كل شيء خلقه الله بيده التي هي صفته سبحانه لما كان لخلق آدم بيده على سائر الخلق فضيلة ، ولاحتج إبليس على ربه عز وجل بقوله : وأنا خلقتني بيدك يا رب ، فلماذا أمرتني بالسجود لآدم ؟!!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فقوله : ( لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ) : لا يجوز أن يراد به القدرة ؛ لان القدرة صفة واحدة ، ولا يجوز أن يعبر بالاثنين عن الواحد ، ولا يجوز أن يراد به النعمة ؛ لأن نعم الله لا تحصى ، فلا يجوز أن يعبر عن النعم التي لا تحصى بصيغة التثنية ، ولا يجوز أن يكون : " لما خلقت أنا " ؛ لأنهم إذا أرادوا ذلك أضافوا الفعل إلى اليد ؛ فتكون إضافته إلى اليد : إضافة له إلى الفاعل ؛ كقوله : ( بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ ) ، و ( قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ ) ، ومنه قوله : ( مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاما) .
أما إذا أضاف الفعل إلى الفاعل ، وعدي الفعل إلى اليد بحرف الباء كقوله: ( لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) ، فإنه نص في أنه فعل الفعل بيديه .
ولهذا لا يجوز لمن تكلم أو مشى : أن يقال : " فعلتَ هذا بيديك " ويقال : " هذا فَعَلَته يداك "؛ لأن مجرد قوله : " فعلت " كاف في الإضافة إلى الفاعل ، فلو لم يرد أنه فعله باليد حقيقة كان ذلك زيادة محضة من غير فائدة " انتهى.
"مجموع الفتاوى" (6/366)
وقال ابن القيم رحمه الله :
" لفظ : " اليد " جاء في القرآن على ثلاثة أنواع : مفرداً ، ومثنى ، ومجموعاً :
فالمفرد كقوله : ( بِيَدِهِ المُلكُ )
والمثنى كقوله : ( خَلَقتُ بِيَدَيَّ )
والمجموع كقوله : ( عَمِلَت أَيدِينَا )
فحيث ذكر اليد مثناة أضاف الفعل إلى نفسه بضمير الإفراد ، وعدَّى الفعل بالباء إليهما ، فقال ( خلقت بيدي )
وحيث ذكرها مجموعة أضاف العمل إليها ، ولم يعد الفعل بالباء ، فهذه ثلاثة فروق ، فلا يحتمل ( خلقت بيدي ) من المجاز ما يحتمله : ( عملت أيدينا )
فإن كل أحد يفهم من قوله : ( عملت أيدينا ) ما يفهمه من قوله : عملنا ، وخلقنا . كما يفهم ذلك من قوله : ( فبما كسبت أيديكم )
وأما قوله : ( خلقت بيدي ) فلو كان المراد منه مجرد الفعل لم يكن لذكر اليد بعد نسبة الفعل إلى الفاعل معنى ، فكيف وقد دخلت عليها الباء ، فكيف إذا ثنيت !!
وسر الفرق أن الفعل قد يضاف إلى يد ذي اليد ، والمراد الإضافة إليه ، كقوله : ( بما قدمت يداك )، ( فبما كسبت أيديكم )
وأما إذا أضيف إليه الفعل ، ثم عدي بالباء إلى يده ، مفردة أو مثناة ، فهو ما باشرته يده ، ولهذا قال عبد الله بن عمرو : ( إن الله لم يخلق بيده إلا ثلاثا : خلق آدم بيده ، وغرس جنة الفردوس بيده ، وذكر الثالثة )
فلو كانت اليد هي القدرة لم يكن لها اختصاص بذلك ، ولا كانت لآدم فضيلة بذلك على شيء مما خلق بالقدرة .
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أهل الموقف يأتونه يوم القيامة فيقولون : ( يا آدم ! أنت أبو البشر ، خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ، وأسجد لك ملائكته ، وعلمك أسماء كل شيء ، فاشفع لنا إلى ربك ) فذكروا أربعة أشياء كلها خصائص ...
وهذا التخصيص إنما فهم من قوله : ( خلقت بيدي ) ، فلو كانت مثل قوله : ( مما عملت أيدينا ) لكان هو والأنعام في ذلك سواء ، فلما فهم المسلمون أن قوله : ( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ) موجبا له تخصيصا وتفضيلا بكونه مخلوقا باليدين على من أمر أن يسجد له ، وفهم ذلك أهل الموقف حين جعلوه من خصائصه : كانت التسوية بينه وبين قوله : ( أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً ) خطأ محضاً " انتهى.
"الصواعق المرسلة" (ص/75-76)
وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله :
" وليس المراد هنا الصفة الذاتية - بغير إشكال- ، وإلا استوى خلق الأنعام وخلق آدم عليه السلام " انتهى.
"فتح الباري" لابن رجب (1/7)
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-02-19, 04:11
السؤال :
ما حكم التسمية باسم ( أبو الطيب ) ، هل تجوز ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
اختلف أهل العلم في عدِّ " الطيب " مِن أسماء الله تعالى ، فذكره ابن منده ، وابن العربي ، والشيخ ابن عثيمين ، في تعدادهم لأسماء الله عز وجل ، ولم يذكره الأكثرون من العلماء : كسفيان بن عيينة ، والخطابي ، والحليمي ، والبيهقي ، وابن حزم ، والقرطبي ، وابن القيم ، وابن حجر ، والسعدي ، وغيرهم ممن جمعوا أسماء الله الحسنى .
انظر "معتقد أهل السنة في أسماء الله الحسنى" محمد بن خليفة التميمي (ص/157).
والصواب مع هؤلاء الجمهور إن شاء الله تعالى ، إذ لا دليل على اعتبار " الطَّيِّب " من الأسماء الحسنى ، وأما الحديث الذي استدل به الفريق الأول ، وهو ما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( أَيُّهَا النَّاسُ ! إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا ، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ: ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) وَقَالَ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ) ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ : يَا رَبِّ يَا رَبِّ ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ ) رواه مسلم (1015).
فالجواب أن هذا الحديث ليس فيه إثبات " الطَّيِّبِ " من أسماء الله تعالى ، بل فيه إثباته من الصفات ، وفرقٌ بين الأمرين يدل عليه السياق ؛ فالحديث مسوق أصلا لمقصد آخر ، وهو الحث على أكل الحلال واجتناب الحرام ، فبدأ بإثبات وصف الطيب له سبحانه للتقديم بين يدي ما يحبه الله وما يرضاه ويحله ، وسياقه لفظ " طيب " من غير أل التعريف قرينة على ذلك ، فأسماء الله تعالى غالبا ما تساق معرفة للدلالة على الاستغراق ، وأما قوله " إن الله طيب " فالمقصود وصف الله تعالى بالطيب ، وليس تسميته به ، فالتسمية قدر زائد على الوصف المجرد ، وباب الصفات والأخبار أوسع من باب الأسماء .
ثانيا :
وعلى فرض كون " الطيب " من أسماء الله تعالى ، فهو ليس من الأسماء المختصة التي لا تنصرف إلا إليه عز وجل ، إذ الصحيح من أقوال أهل العلم أنه يجوز التسمي بأسماء الله التي لا تختص به ، مثل : علي ، حكيم ، رشيد ، فقد كان من مشاهير الصحابة من يتسمى بهذه الأسماء ، والممنوع فقط هو الأسماء المختصة بالرب عز وجل ، مثل : الله ، الرحمن .
جاء في حاشية كتاب "أسنى المطالب شرح روض الطالب" (4/243) من كتب الشافعية :
" جواز التسمية بأسماء الله تعالى التي لا تختص به ، أما المختص به فيحرم ، وبذلك صرح النووي في شرح مسلم " انتهى .
وقرر بعض فقهاء الحنفية ذلك بقولهم :
" التسمية باسم الله يوجد في كتاب الله تعالى : كالعلي والكبير والرشيد والبديع جائز ؛ لأنه من الأسماء المشتركة ، ويراد به في حق العباد غير ما يراد به في حق الله تعالى " انتهى .
انظر: "بريقة محمودية" (3/234) نقلا عن التتارخانية .
وهو المفهوم من كلام ابن القيم في "تحفة المودود" (ص/125) :
" ومما يمنع تسمية الإنسان به أسماء الرب تبارك وتعالى ، فلا يجوز التسمية بالأحد ، والصمد ، ولا بالخالق ، ولا بالرازق ، وكذلك سائر الأسماء المختصة بالرب تبارك وتعالى ، ولا تجوز تسمية الملوك بالقاهر ، والظاهر ، كما لا يجوز تسميتهم بالجبار ، والمتكبر ، والأول ، والآخر ، والباطن ، وعلام الغيوب " انتهى .
فالحاصل مما سبق هو جواز التسمي والتلقب بـ " الطيب " ، وجواز التكني بـ " أبي الطيب " ؛ إذ لا محذور في ذلك ، وفي علماء المسلمين وفقهائهم وحفاظهم عشرات ممن تسموا أو تكنوا بهذه الكنية الطيبة ، من غير نكير من أحد عليهم على حد بحثنا وعلمنا ، منهم فقيه الشافعية بخراسان الإمام أبو الطيب الصعلوكي (404هـ) شيخ الحاكم والبيهقي ، ومنهم شيخ الإسلام القاضي أبو الطيب الطبري (450هـ) شيخ الخطيب البغدادي ، وغيرهم كثير .
فمن يدعي تحريم هذه الكنية فعليه الدليل .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-19, 04:13
السؤال :
هل اسم ( الولي ) من أسماء الله الحسنى ؟
و نسمع أحياناً أشخاص يقولون لشيخ مولانا أو لفلان مولانا , فهل هذا يجوز ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
الولي والمولى اسمان من أسماء الله عز وجل ، لقوله تعالى : (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) الشورى/9 ، وقوله : (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ) البقرة/257 ، وقوله : (وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) الأنفال/40 ، وقوله : (وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) البقرة/286 ، وقوله : (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) التوبة/51
وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِى تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا ) رواه مسلم (7081).
وينظر : فيض القدير (2/613) ، القواعد المثلي ص 15
ثانيا :
يجوز أن يقال للمخلوق : مولانا ، إذا كان مسلما ، ولا يجوز أن يقال هذا للكافر .
وجوز بعض أهل العلم إطلاق (المولى) بالتعريف على المسلم الفاضل بعلم أو صلاح .
وقد قال النبي لزيد بن حارثة : ( أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلاَنَا ) رواه البخاري (2552).
والمولى يُطلق على المالك والصاحب والقريب والجار والحليف والناصر والمحبّ والمنعِم والمنعَم عليه والعبد والمعتق ، ينظر القاموس المحيط
قال ابن الأثير : " وقد تكرر ذكر المولى في الحديث وهو اسم يقع على جماعة كثيرة فهو الرب والمالك والسيد والمنعم والمعتق والناصر والمحب والتابع والجار وابن العم والحليف والعقيد والصهر والعبد والمعتق والمنعم عليه وأكثرها قد جاءت في الحديث فيضاف كل واحد إلى ما يقتضيه الحديث الوارد فيه وكل من ولى أمرا أو قام به فهو مولاه ووليه وقد تختلف مصادر هذه الأسماء فالولاية بالفتح في النسب والنصرة والمعتق والولاية بالكسر في الإمارة والولاء المعتق والموالاة من والى القوم " اهـ
من النهاية في غريب الحديث (5/227)
ولهذا لا حرج في إطلاقه على المخلوق ما لم يكن كافراً .
قال ابن القيم رحمه الله : " فصل: لا يخاطب الذمي بسيدنا ونحوه.
وأما أن يخاطب بسيدنا ومولانا ونحو ذلك فحرام قطعاً
" انتهى من "أحكام أهل الذمة" (2/771).
وقال النووي : " قال الإمام أبو جعفر النحاس في كتابه " صناعة الكتاب " : أما المولى فلا نعلم اختلافاً بين العلماء أنه لا ينبغي لأحد أن يقول لأحد من المخلوقين : مولاي . قلت : وقد تقدم في الفصل السابق جواز إطلاق مولاي ولا مخالفة بينه وبين هذا فإن النحاس تكلَّم في المولى بالألف واللام ، وكذا قال النحاس : يقال سيد لغير الفاسق ولا يقال السيد بالألف واللام لغير اللّه تعالى ، والأظهر أنه لا بأس بقوله : المولى والسيد بالألف واللام بشرطه السابق " يعني قوله : " إذا كان المُسوَّد فاضلا خيرا ، إما بعلم ، وإما بصلاح ، وإما بغير ذلك ، وإن كان فاسقا ، أو متهما في دينه ، أو نحو ذلك ، كره له أن يقال سيد
" انتهى من "الأذكار" ص 840
وينظر : معجم المناهي اللفظية ص 535.
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-19, 04:14
السؤال :
ما معنى ( الله بكل شيء عليم ).
الجواب :
الحمد لله
- الله بكل شيء عليم .. لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء .. من الأقوال والأعمال .. والحركات والسكنات .. والطاعات والمعاصي .. ( ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير ) الحج/70 .
- والله سبحانه قد أحاط بكل شيءٍ علماً .. وكتبه في اللوح المحفوظ كما قال سبحانه : ( وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهوداً إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ) يونس/61 .
- والله وحده علام الغيوب .. يعلم ما في السماوات وما في الأرض كما قال الله سبحانه عن نفسه : ( إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ) البقرة/33.
- والله سبحانه وتعالى عليم بكل شيء .. ومفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو كما قال سبحانه : ( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ) الأنعام/59.
- والله وحده هو الذي يعلم قيام الساعة .. ونزول المطر .. وما في الأرحام .. وعمل الإنسان .. وزمان ومكان أجله قال تعالى : ( إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير ) لقمان/34.
- والله سبحانه معنا ولا يخفى عليه شيء من أمرنا .. ( وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير ) الحديد/4.
- والله مطلع علينا .. يعلم أعمالنا خيراً كانت أو شراً .. ثم يخبرنا بها ويجازينا عليها يوم القيامة .. كما قال سبحانه : ( ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم ) المجادلة/7.
- والله سبحانه يعلم وحده الغيب والشهادة .. والسر والجهر كما قال سبحانه عن نفسه : ( عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ) الرعد/9.
وقال سبحانه : ( وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى ) طه/7.
من كتاب أصول الدين الإسلامي : تأليف الشيخ : محمد بن ابرهيم التويجري.
*عبدالرحمن*
2018-02-19, 04:15
السؤال :
ما الفرق بين الستير والستار ، وأيهما اسم من أسماء الله عز وجل ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
أسماء الله تعالى توقيفية ، كما هو مذهب أهل السنة والجماعة ، فلا يسمى سبحانه إلا بما سمى به نفسه ، أو سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"أسماء الله تعالى توقيفية ، لا مجال للعقل فيها :
وعلى هذا فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة ، فلا يُزاد فيها ولا ينقص ؛ لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء ، فوجب الوقوف في ذلك على النص ؛ لقوله تعالى : (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) الإسراء/36
وقوله : (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) الأعراف/33
ولأن تسميته تعالى بما لم يسم به نفسه ، أو إنكار ما سمى به نفسه ، جناية في حقه تعالى ، فوجب سلوك الأدب في ذلك والاقتصار على ما جاء به النص" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (3/275) .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-19, 04:16
ثانياً :
لفظ "الستار" لم يثبت - فيما نعلم - في نصوص الكتاب والسنة أنه اسم من أسماء الله تعالى .
وقد سُئل الشيخ عبد العزيز الراجحي حفظه الله : هل السَّتَّار من أسماء الله الحسنى ؟
فأجاب :
" الستار لا أعلم أنه من أسماء الله ، ولكن من أسماء الله : "الستير" ، كما جاء في الحديث : ( إن الله حيي ستير ) ، أما الستار فلا أعلم أنه من أسماء الله ، وإنما هو من باب الخبر ، أُخْبِرَ عن الله أنه ستار ، وباب الخبر أوسع من باب الأسماء " انتهى .
"نقلاً : عن شريط شرح الإبانة الصغرى لابن بطة" .
أما لفظ الستير ، فقد روى أبو داود (4012) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَلِيمٌ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ ، فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ) وصححه الألباني في صحيح الجامع .
وقال ابن القيم رحمه الله في "نونيته" :
وهو الحيي فليس يفضح عبده ***** عند التجاهر منه بالعصيان
لـكنه يـلـقي عليه ستره ***** فهو الستير وصاحب الغفران
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "لقاء الباب المفتوح" :
هل المحيي والستير يعتبران من أسماء الله ؟
فأجاب :
" المحيي ليس من أسماء الله ، بل هو صفة فعل من أفعال الله ، قال الله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) غافر/68 ، فالمحيي اسم فاعل من أحيا ، فهو من صفات الأفعال وليس من الأسماء .
وأما الستير فقد ورد فيه حديث ، ولكن يحتاج إلى نظر في صحته ، فإذا صح فهو من أسماء الله ؛ لأن مذهب أهل السنة والجماعة أن كل ما صح في أسماء الله عن رسول الله فإنه يثبت ، أي : ثابت التسمية به " انتهى .
وأما الفرق بين "الستير" و "الستار" فكلاهما يدل على المبالغة في الستر ، فالله تعالى يستر على عباده كثيراً .
واسم الفاعل إذا أريد المبالغة في الوصف به جاء على عدة أوزان منها : فَعَّال ، وهذا كثير مشهور ، ومنه : "ستَّار" .
ومنها : فِعِّيل ، ومن هذه الصيغة : اسم " سِتِّير" ، وقد ورد استعمال هذه الصيغة في القرآن الكريم ، قال الله تعالى : (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ) يوسف/46
وقال تعالى : (ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ) المائدة/82 .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-02-19, 04:18
السؤال :
هل العدل من أسماء الله سبحانه و تعالى ؟
الجواب :
الحمد لله
فالعدل لم يرد إطلاقه اسما لله تعالى في القرآن ولم يصح به حديث، ولكن ورد في حديث عد الأسماء المشهور الذي رواه الترمذي وغيره، وقد تكلم العلماء في هذا الحديث وضعفوا رفع هذا العد إلى النبي صلى الله عليه وسلم
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في فتح الباري (11/217):
(قال ابن العربي: يحتمل أن تكون الأسماء تكملة الحديث المرفوع ويحتمل أن تكون من جمع بعض الرواة وهو الأظهر عندي.)
وقال الصنعاني في سبل السلام (4/108):
(اتفق الحفاظ أن سردها –أي عد أسماء الله تعالى في الحديث- إدراج من بعض الرواة.)
لكن ورد العدل مقيداً بكونه وصفاً لكلمات الله تعالى، كقوله سبحانه: (وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً.) الأنعام (115) .
ولذا اختلف العلماء في عد العدل من أسماء الله تعالى ، فجماعة منهم عدوه من الأسماء ، كما فعل الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في آخر تفسيره حيث قال وهو يعدد أسماء الله تعالى ويتكلم عن معانيها – : ( الحكم العدل الذي يحكم بين عباده في الدنيا والآخرة بعدله وقسطه.) انتهى.
وقال البيهقي في الأسماء والصفات (1/198):
(ومنها العدل وهو في خبر الأسامي مذكور.) انتهى .
وبهذا القول قال جماعة من أهل العلم منهم الخطابي وابن منده وآخرون .
وذهب فريق آخر إلى عدم عده من أسماء الله ، لما ذكرناه من أنه لم يرد إطلاقه اسماً على الله تعالى في نص صحيح ، ومن هؤلاء الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى ، حيث عد تسعة وتسعين اسماً من الكتاب والسنة في كتابه القواعد المثلى، ولم يذكر اسم (العدل) منها وهكذا فعل الحافظ ابن حجر العسقلاني وآخرون .
على أنه قد ثبت وصفه سبحانه بالعدل في أفعاله ، كما في البخاري (3150) ومسلم (1062) من حديث عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود ، في شأن الذي اعترض على قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فَقَالَ : فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يَعْدِلْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ) .
قال ابن القيم رحمه الله :
والعدْلُ من أوصافهِ في فعلهِ ومقالِهِ والحكم في الميزانِ
وورد في معناه عن معاذ رضي الله عنه ، أنه كَانَ لَا يَجْلِسُ مَجْلِسًا لِلذِّكْرِ حِينَ يَجْلِسُ ، إِلَّا قَالَ : ( اللَّهُ حَكَمٌ قِسْطٌ هَلَكَ الْمُرْتَابُونَ ... ) رواه أبو داود (4611) ـ موقوفا على معاذ ـ وصححه الألباني .
قال في عون المعبود : " أي حاكم عادل " .
والله أعلم.
و اخيرا ً
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 02:57
اخوة الاسلام
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
السؤال :
ما معنى كلمة (وما ترددت في شيء أنا فاعله) في الحديث القدسي وهل يتردد ربنا سبحانه وتعالى ؟ وكيف نرد على من ينفى صحة أن الله سبحانه وتعالى يتردد؟
الجواب :
الحمد لله
روى البخاري (6502) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا ، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ).
فالتردد الوارد في الحديث هو التردد في قبض نفس المؤمن ، رحمةً وشفقةً عليه ، ومحبةً له ؛ لأنه يكره الموت ، وربه سبحانه يكره مساءته .
وليس هذا كتردد المخلوق الناشئ عن الشك في القدرة ، أو في المصلحة .
ولهذا يجب أن يقيد وصف الله بالتردد بقولنا : التردد في قبض نفس المؤمن ، فهذا هو الوارد في النص ، ولا يوصف الله تعالى بالتردد المطلق الذي يشمل أنواعا من العجز والنقص التي لا يجوز نسبتها إلى الله تعالى .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
ورد في حديث: (من عادى لي ولياً) في نهاية الحديث يقول الله عز وجل: (وما ترددت في شيء أنا فاعله كترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن) فهل في هذا إثبات صفة التردد لله عز وجل؟ أو كيف التوفيق في هذا الأمر؟
فأجاب :
" إثبات التردد لله عز وجل على وجه الإطلاق لا يجوز؛ لأن الله تعالى ذكر التردد في هذه المسألة: ( ما ترددت في شيء أنا فاعله كترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن )، وليس هذا التردد من أجل الشك في المصلحة ، ولا من أجل الشك في القدرة على فعل الشيء ، بل هو من أجل الرحمة بهذا العبد المؤمن ، ولهذا قال في نفس الحديث: ( يكره الموت وأكره إساءته، ولا بد منه )، وهذا لا يعني أن الله عز وجل موصوف بالتردد في قدرته أو في علمه، بخلاف الآدمي فهو إذا أراد أن يفعل الشيء يتردد؛ إما لشكه في نتائجه ومصلحته، وإما لشكه في قدرته عليه؛ أي: هل يقدر أو لا يقدر، أما الرب عز وجل فلا " انتهى من "لقاءات الباب المفتوح" (59/12).
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
عن معنى تردد الله في هذا الحديث؟
فأجاب :
" هذا حديث شريف ، قد رواه البخاري من حديث أبي هريرة ، وهو أشرف حديث روي في صفة الأولياء ، وقد ردَّ هذا الكلام طائفة ، وقالوا : إنَّ الله لا يوصف بالتردد ، وإنما يتردد من لا يعلم عواقب الأمور ، والله أعلم بالعواقب ، وربما قال بعضهم : إنَّ الله يعامل معاملة المتردد .
والتحقيق :
أنَّ كلام رسوله حق ، وليس أحد أعلم بالله من رسوله ، ولا أنصح للأمة منه ، ولا أفصح ولا أحسن بياناً منه ، فإذا كان كذلك ؛ كان المتحذلق والمنكر عليه من أضل الناس وأجهلهم وأسوئهم أدباً ، بل يجب تأديبه وتعزيره ، ويجب أن يصان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الظنون الباطلة والاعتقادات الفاسدة ، ولكن المتردد منا ، وإن كان تردده في الأمر لأجل كونه لا يعلم عاقبة الأمور ؛ لا يكون ما وصف الله به نفسه بمنْزلة ما يوصف به الواحد منا ؛ فإن الله ليس كمثله شيء ؛ لا في ذاته ، ولا في صفاته ، ولا في أفعاله ، ثم هذا باطل ؛ فإن الواحد منا يتردد تارة لعدم العلم بالعواقب ، وتارة لما في الفعلين من المصالح والمفاسد ، فيريد الفعل لما فيه من المصلحة ، ويكرهه لما فيه من المفسدة ، لا لجهل منه بالشيء الواحد الذي يحب من وجه ويكره من وجه ؛ كما قيل :
الشَّيْبُ كُرْهٌ وكُرْهٌ أَنْ أفَارِقَهُ فاعْجَبْ لِشَيْءٍ عَلى البغضاءِ محبوبُ
وهذا مثل إرادة المريض لدوائه الكريه ، بل جميع ما يريده العبد من الأعمال الصالحة التي تكرهها النفس هو من هذا الباب ، وفي الصحيح : ( حفت النار بالشهوات ، وحفت الجنة بالمكاره ) ، وقال تعالى ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ القِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ ) الآية.
ومن هذا الباب يظهر معنى التردد المذكور في هذا الحديث ؛ فإنه قال : ( لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ) ؛ فإن العبد الذي هذا حاله صار محبوباً للحق محباً له ، يتقرب إليه أولاً بالفرائض وهو يحبها ، ثم اجتهد في النوافل التي يحبها ويحب فاعلها ، فأتى بكل ما يقدر عليه من محبوب الحق ، فأحبه الحق ...
والرب يكره أن يسوء عبده ومحبوبه ، .....والله سبحانه وتعالى قد قضى بالموت ، فكل ما قضى به ؛ فهو يريده ، ولا بد منه ؛ فالرب مريد لموته لما سبق به قضاؤه ، وهو مع ذلك كارهٌ لمساءة عبده ، وهي المساءة التي تحصل له بالموت ، فصار الموت مراداً للحق من وجه ، مكروهاً له من وجه ، وهذا حقيقة التردد ، وهو أن يكون الشيء الواحد مراداً من وجه مكروهاً من وجه، وإن كان لابد من ترجح أحد الجانبين ، كما ترجح إرادة الموت ، لكن مع وجود كراهة مساءة عبده ، وليس إرادته لموت المؤمن الذي يحبه ويكره مساءته كإرادته لموت الكافر الذي يبغضه ويريد مساءته " انتهى
من "مجموع الفتاوى" (18/129) باختصار .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:00
السؤال :
ما حكم وصف القرآن بأنه كلام الله القديم؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
القرآن الكريم كلام الله تعالى : ألفاظه وحروفه ومعانيه ؛ منه بدأ ، وإليه يعود ، تكلم الله تعالى به ، وسمعه منه جبريل عليه السلام ، وأنزله على محمد صلى الله عليه وسلم . قال سبحانه : ( إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) الواقعة/77- 80 ، وقال : ( الم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) السجدة/ 1، 2 ، وقال : ( تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ) الزمر/ 1.
وهو من جملة كلامه ، الذي هو صفة من صفاته ، فمن قال : مخلوق ، فهو كافر ، هذا ما يعتقده أهل السنة والجماعة ، خلافا لما عليه أهل الزيغ والانحراف .
قال الطحاوي رحمه الله في عقيدته المشهورة : " وأن القرآن كلام الله ، منه بدأ بلا كيفية قولا، وأنزله على رسوله وحيا ، وصدقه المؤمنون على ذلك حقا ، وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة ، ليس بمخلوق ككلام البرية. فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر فقد كفر، وقد ذمّه الله وعابه وأوعده بسقر، حيث قال تعالى: (سأصليه سقر) فلما أوعد الله بسقر لمن قال : (إن هذا إلا قول البشر) علمنا وأيقنا أنه قول خالق البشر، ولا يشبه قول البشر " انتهى.
وقال ابن قدامة رحمه الله : " ومن كلام الله سبحانه : القرآن العظيم ، وهو كتاب الله المبين ، وحبله المتين ، وصراطه المستقيم ، وتنزيل رب العالمين ، نزل به الروح الأمين ، على قلب سيد المرسلين ، بلسان عربي مبين ، منزّل غير مخلوق ، منه بدأ وإليه يعود ، وهو سور محكمات ، وآيات بينات ، وحروف وكلمات ، من قرأه فأعربه فله بكل حرف عشر حسنات ، له أول وآخر ، وأجزاء وأبعاض ، متلو بالألسنة ، محفوظ في الصدور ، مسموع بالآذان ، مكتوب في المصاحف ، فيه محكم ومتشابه ، وناسخ ومنسوخ ، وخاص وعام ، وأمر ونهي { لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } فصلت/ 42، وقوله تعالى : { قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } الإسراء/ 88 .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:00
وهو هذا الكتاب العربي الذي قال فيه الذين كفروا : { لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ } سبأ /31 ، وقال بعضهم : { إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ } المدثر/ 25، فقال الله سبحانه : { سَأُصْلِيهِ سَقَرَ } المدثر/ 26 ... ولا خلاف بين المسلمين في أن من جحد من القرآن سورة أو آية أو كلمة أو حرفا متفقا عليه أنه كافر ، وفي هذا حجة قاطعة على أنه حروف " انتهى
"لمعة الاعتقاد" ص (28-22) .
ومعنى قول أهل السنة : " منه بدأ " : أن الله تعالى تكلم به ، فظهوره وابتداؤه من الله تعالى .
ومعنى قولهم : " وإليه يعود " : أنه يرفع من الصدور والمصاحف في آخر الزمان ، فلا يبقى في الصدور منه آية ولا في المصاحف كما جاء ذلك في عدة آثار .
وللحافظ ضياء الدين المقدسي ( ت: 643هـ ) رحمه الله رسالة حول هذه المسألة ، بعنوان : " اختصاص القرآن بالعود إلى الرحمن " .
ولأهل البدع مقالات أخرى كثيرة مخالفة لما دل عليه صريح المعقول ، وصحيح المنقول في هذا الباب ، يمكن مراجعتها ومعرفة ردود أهل العلم عليها في كتب أهل السنة المصنفة في هذا الباب ، ومنها مصنفات خاصة بالرد على أهل البدع في صفة الكلام ، مثل : البرهان في مسألة القرآن ، وحكاية المناظرة في القرآن ، كلاهما لموفق الدين ابن قدامة ، صاحب المغني ، رحمه الله ، ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كتب ورسائل عديدة فيما يتعلق بصفة الكلام من مسائل ، فيمكن مراجعة المجلد الثاني عشر من مجموع فتاواه ، ومن كتبه المهمة في ذلك كتاب التسعينية ، رد على الأشاعرة بدعهم في صفة الكلام من نحو من تسعين وجها .
وأما المصنفات المعاصرة ، فقد أفرد هذه المسألة بالتأليف الشيخ عبد الله الجديع في كتابه : العقيدة السلفية في كلام رب البرية ، وهو كتاب نافع مفيد في بابه .
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:02
السؤال :
ما حكم وصف القرآن بأنه كلام الله القديم؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
القرآن الكريم كلام الله تعالى : ألفاظه وحروفه ومعانيه ؛ منه بدأ ، وإليه يعود ، تكلم الله تعالى به ، وسمعه منه جبريل عليه السلام ، وأنزله على محمد صلى الله عليه وسلم . قال سبحانه : ( إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) الواقعة/77- 80 ، وقال : ( الم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) السجدة/ 1، 2 ، وقال : ( تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ) الزمر/ 1.
وهو من جملة كلامه ، الذي هو صفة من صفاته ، فمن قال : مخلوق ، فهو كافر ، هذا ما يعتقده أهل السنة والجماعة ، خلافا لما عليه أهل الزيغ والانحراف .
قال الطحاوي رحمه الله في عقيدته المشهورة : " وأن القرآن كلام الله ، منه بدأ بلا كيفية قولا، وأنزله على رسوله وحيا ، وصدقه المؤمنون على ذلك حقا ، وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة ، ليس بمخلوق ككلام البرية. فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر فقد كفر، وقد ذمّه الله وعابه وأوعده بسقر، حيث قال تعالى: (سأصليه سقر) فلما أوعد الله بسقر لمن قال : (إن هذا إلا قول البشر) علمنا وأيقنا أنه قول خالق البشر، ولا يشبه قول البشر " انتهى.
وقال ابن قدامة رحمه الله : " ومن كلام الله سبحانه : القرآن العظيم ، وهو كتاب الله المبين ، وحبله المتين ، وصراطه المستقيم ، وتنزيل رب العالمين ، نزل به الروح الأمين ، على قلب سيد المرسلين ، بلسان عربي مبين ، منزّل غير مخلوق ، منه بدأ وإليه يعود ، وهو سور محكمات ، وآيات بينات ، وحروف وكلمات ، من قرأه فأعربه فله بكل حرف عشر حسنات ، له أول وآخر ، وأجزاء وأبعاض ، متلو بالألسنة ، محفوظ في الصدور ، مسموع بالآذان ، مكتوب في المصاحف ، فيه محكم ومتشابه ، وناسخ ومنسوخ ، وخاص وعام ، وأمر ونهي { لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } فصلت/ 42، وقوله تعالى : { قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } الإسراء/ 88 .
وهو هذا الكتاب العربي الذي قال فيه الذين كفروا : { لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ } سبأ /31 ، وقال بعضهم : { إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ } المدثر/ 25، فقال الله سبحانه : { سَأُصْلِيهِ سَقَرَ } المدثر/ 26 ... ولا خلاف بين المسلمين في أن من جحد من القرآن سورة أو آية أو كلمة أو حرفا متفقا عليه أنه كافر ، وفي هذا حجة قاطعة على أنه حروف " انتهى
"لمعة الاعتقاد" ص (28-22) .
ومعنى قول أهل السنة : " منه بدأ " : أن الله تعالى تكلم به ، فظهوره وابتداؤه من الله تعالى .
ومعنى قولهم : " وإليه يعود " : أنه يرفع من الصدور والمصاحف في آخر الزمان ، فلا يبقى في الصدور منه آية ولا في المصاحف كما جاء ذلك في عدة آثار .
وللحافظ ضياء الدين المقدسي ( ت: 643هـ ) رحمه الله رسالة حول هذه المسألة ، بعنوان : " اختصاص القرآن بالعود إلى الرحمن " .
ولأهل البدع مقالات أخرى كثيرة مخالفة لما دل عليه صريح المعقول ، وصحيح المنقول في هذا الباب ، يمكن مراجعتها ومعرفة ردود أهل العلم عليها في كتب أهل السنة المصنفة في هذا الباب ، ومنها مصنفات خاصة بالرد على أهل البدع في صفة الكلام ، مثل : البرهان في مسألة القرآن ، وحكاية المناظرة في القرآن ، كلاهما لموفق الدين ابن قدامة ، صاحب المغني ، رحمه الله ، ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كتب ورسائل عديدة فيما يتعلق بصفة الكلام من مسائل ، فيمكن مراجعة المجلد الثاني عشر من مجموع فتاواه ، ومن كتبه المهمة في ذلك كتاب التسعينية ، رد على الأشاعرة بدعهم في صفة الكلام من نحو من تسعين وجها .
وأما المصنفات المعاصرة ، فقد أفرد هذه المسألة بالتأليف الشيخ عبد الله الجديع في كتابه : العقيدة السلفية في كلام رب البرية ، وهو كتاب نافع مفيد في بابه .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:02
ثانيا :
وصف القرآن بالقدم ، أو وصف كلام الله تعالى بأنه قديم ، يراد به معنيان :
الأول :
أنه غير مخلوق ، كما تقدم ؛ وأن جنس الكلام ، في حق الله تعالى ، قديم ، لم يزل متكلما ، متى شاء ، وكيف شاء ، ويكلم من عباده من شاء . وهذا حق ، وهذا هو مأخذ من أطلق " القِدَم " في حق القرآن ، أو في حق كلام الله تعالى عامة ، من أهل السنة .
ومن هؤلاء : أبو القاسم اللالكائي في كتابه " شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة "
قال (2/224) : " سياق ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مما يدل على أن القرآن من صفات الله القديمة " .
ثم قال (2/227) : " ما روي من إجماع الصحابة على أن القرآن غير مخلوق " .
وممن أطلق ذلك أيضا : ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في لمعة الاعتقاد . قال (15) :
" ومن صفات الله تعالى أنه متكلم بكلام قديم يسمعه منه من شاء من خلقه ، سمعه موسى عليه السلام منه من غير واسطة ، وسمعه جبريل عليه السلام ، ومن أذن له من ملائكته ورسله ، وأنه سبحانه يكلم المؤمنين في الآخرة ويكلمونه ، ويأذن لهم فيزورونه ، قال الله تعالى : { وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا } [ النساء : 164 ] ، وقال سبحانه : { يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي } [ الأعراف : 144 ] ، وقال سبحانه : { مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ } [ البقرة : 253 ] ، وقال سبحانه : { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ } [ الشورى : 51 ] ، وقال سبحانه : { فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى }{ إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى } [ طه : 11 - 12 ] ، وقال سبحانه : { إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي } [ طه : 14 ] ، وغير جائز أن يقول هذا أحد غير الله ... " انتهى .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" السلف قالوا : القرآن كلام الله منزل غير مخلوق وقالوا لم يزل متكلما إذا شاء . فبينوا أن كلام الله قديم ، أي : جنسه قديم لم يزل .
ولم يقل أحد منهم : إن نفس الكلام المعين قديم ، ولا قال أحد منهم القرآن قديم .
بل قالوا : إنه كلام الله منزل غير مخلوق .
وإذا كان الله قد تكلم بالقرآن بمشيئته ، كان القرآن كلامه ، وكان منزلا منه غير مخلوق ، ولم يكن مع ذلك أزليا قديما بقدم الله ، وإن كان الله لم يزل متكلما إذا شاء ؛ فجنس كلامه قديم .
فمن فهم قول السلف وفرق بين هذه الأقوال زالت عنه الشبهات في هذه المسائل المعضلة التي اضطرب فيها أهل الأرض "
انتهى مجموع الفتاوى (12/54) .
وقال ـ رحمه الله ـ أيضا :
" وكلام الله : تكلم الله به بنفسه ، تكلم به باختياره وقدرته ، ليس مخلوقا بائنا عنه . بل هو قائم بذاته ، مع أنه تكلم به بقدرته ومشيئته ، ليس قائما بدون قدرته ومشيئته .
والسلف قالوا : لم يزل الله تعالى متكلما إذا شاء ؛ فإذا قيل : كلام الله قديم ; بمعنى أنه لم يصر متكلما بعد أن لم يكن متكلما ، ولا كلامه مخلوق ، ولا معنى واحد قديم قائم بذاته ; بل لم يزل متكلما إذا شاء فهذا كلام صحيح .
ولم يقل أحد من السلف : إن نفس الكلام المعين قديم. وكانوا يقولون : القرآن كلام الله ، منزل غير مخلوق ، منه بدأ وإليه يعود .
ولم يقل أحد منهم : إن القرآن قديم ، ولا قالوا : إن كلامه معنى واحد قائم بذاته ، ولا قالوا : إن حروف القرآن أو حروفه وأصواته قديمة أزلية قائمة بذات الله ، وإن كان جنس الحروف لم يزل الله متكلما بها إذا شاء ; بل قالوا : إن حروف القرآن غير مخلوقة وأنكروا على من قال : إن الله خلق الحروف "
انتهى من الفتاوى (12/566-567) .
والمعنى الثاني : أن القرآن معنى ، أو معنى وحروف ، تكلم الله بها في الأزل ، ثم لم يتكلم بعدها ، وهذا من بدع الأشاعرة ومن وافقهم من أهل الكلام ، التي أرادوا بها الخروج من بدعة المعتزلة والجهمية القائلين بخلق القرآن .
فمن قال في القرآن ، أو غيره من صفات الله تعالى وأفعاله الاختيارية : إنه قديم ، وأراد ذلك فمراده باطل ، ثم إن اللفظ الذي أطلقه مجمل غير مأثور .
ولأجل هذا الاحتمال الباطل الذي يحتمله إطلاق هذا اللفظ ، ولأجل أنه غير مأثور ، كان الراجح هنا ألا يطلق لفظ القدم على القرآن ، بل يقال فيه ما قال السلف : القرآن كلام الله ، غير مخلوق .
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
" وأتباع السلف يقولون : إن كلام الله قديم ، أي : لم يزل متكلما إذا شاء ، لا يقولون : إن نفس الكلمة المعينة قديمة كندائه لموسى ونحو ذلك .
لكن هؤلاء [ يعني : الأشاعرة ومن وافقهم ] اعتقدوا أن القرآن وسائر كلام الله قديم العين ، وأن الله لا يتكلم بمشيئته وقدرته . ثم اختلفوا :
فمنهم من قال :
القديم هو معنى واحد ، هو جميع معاني التوراة والإنجيل والقرآن ؛ وأن التوراة إذا عبر عنها بالعربية صارت قرآنا ، والقرآن إذا عبر عنه بالعبرية صار توراة : قالوا : والقرآن العربي لم يتكلم الله به ، بل إما أن يكون خلقه في بعض الأجسام ، وإما أن يكون أحدثه جبريل أو محمد ؛ فيكون كلاما لذلك الرسول ، ترجم به عن المعنى الواحد القائم بذات الرب ، الذي هو جميع معاني الكلام .
ومنهم من قال :
بل القرآن القديم هو حروف ، أو حروف وأصوات ، وهي قديمة أزلية قائمة بذات الرب أزلا وأبدا ...؛ إذا كلم موسى أو الملائكة أو العباد يوم القيامة فإنه لا يكلمه بكلام يتكلم به بمشيئته وقدرته حين يكلمه ، ولكن يخلق له إدراكا يدرك ذلك الكلام القديم اللازم لذات الله أزلا وأبدا .
وعندهم لم يزل ولا يزال يقول : { يا آدم اسكن أنت وزوجك } و : { يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك } و { يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي } ونحو ذلك وقد بسط الكلام على هذه الأقوال وغيرها في مواضع .
والمقصود أن هذين القولين لا يقدر أحد أن ينقل واحدا منهما عن أحد من السلف ؛ أعني الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين المشهورين بالعلم والدين ، الذين لهم في الأمة لسان صدق ، في زمن أحمد بن حنبل ولا زمن الشافعي ولا زمن أبي حنيفة ولا قبلهم . وأول من أحدث هذا الأصل هو أبو محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب ... "
الفتاوى (17/85)
وعليه فمن قال : القرآن قديم ، أو كلام الله قديم ، وأراد المعنى الأول : أن القرآن ، وسائر كلام الله تعالى ، منزل من عنده غير مخلوق ، ومع ذلك فهو متعلق بمشيئته واختياره، فمراده صحيح ، وإن كان الأولى والأسلم في ذلك أن يقتصر على الألفاظ الواردة عن السلف ، السالمة من الإجمال واحتمال المعاني الباطلة .
وإن أراد المعنى الثاني ونفى أن يتعلق كلام الله تعالى بمشيئته واختياره ، فمراده باطل ، واللفظ الذي أطلقه ـ أيضا ـ مبتدع .
وانظر أيضا : منهاج السنة النبوية ، لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (5/419-421) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:04
السؤال :
لماذا لم يسم الله نفسه بالمتكلم ، مع أنه يتكلم ؟
الجواب :
الحمد لله
يمكننا – للتوضيح – أن نعبر عن السؤال بصيغة أخرى فنقول :
هل يجوز أن يُشتَقَّ من صفاتِ الله تعالى وأفعالِه التي أثبتها الله لنفسه أسماءً له عز وجل يتسمى بها ، ليدعوه بها عبادُه ، ويحصوها مع أسمائه حتى ينالوا الأجر المذكور في قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) رواه البخاري (2736) ومسلم (2677) ، أم أنَّ هناك ضابطًا في اشتقاق الأسماء الحسنى من الصفات والأفعال ؟
لا بد أولا من إرجاع الحكمة إلى الله تعالى ، فهو سبحانه صاحب الكمال المطلق ، يتسمى ويتصف بما هو أهل له ، والعباد إنما يتلمَّسون شيئا مما بينه لهم في كتابه من كماله وجلاله وعظمته ، فإليه يرجع الأمر كله ، وله الحكمة البالغة سبحانه وتعالى .
إلا أننا نحاول الوقوف على فقه أسمائه وصفاته من خلال ما ورد في الكتاب والسنة ، نتأمل في ذلك لعلنا نصل إلى ضابط في تحديد الأسماء الحسنى .
وقد اختلف العلماء فيما سأل عنه الأخ الكريم ، مما أدى إلى اختلافهم في تعداد أسماء الله الحسنى ووضع الضابط لها ، فقد جعل بعضهم الأمر تعبديا محضا ليس فيه شيء من معاني القياس أو الاجتهاد كما فعل ابن حزم ، وتوسع بعضهم فأجاز تسمية الله بالمتكلم والمريد وبكل اسم جاء وصف الله تعالى بمعناه في الكتاب أو السنة ، وهذا مذهب ابن العربي المالكي وغيره .
وتوسط بعض أهل العلم ، فتأملوا في موارد الأسماء الحسنى ، فوجدوا أن الصفة إذا كانت صفة مدح مطلق ولا تحتمل الذم بوجه من الوجوه : كالسمع والبصر ، فحينئذ يأتي في النصوص اشتقاق الاسم منها فيسمي الله نفسه بـ " السميع " و " البصير " .
أما إذا كانت الصفة تحتمل النقص والذم بإحدى الوجوه : كالكلام مثلا ، فإن الكلام قد يكون كذبا وظلما وسُوءًا ، فيكون نقصا يفضل السكوت عليه ، فحينئذ لا نجد اشتقاقا للاسم من هذه الصفة ، ولا نجد من أسماء الله : المتكلم .
وهذا هو تقرير العلامة ابن تيمية ، وتلميذه ابن القيم ، وقول أكثر علمائنا المعاصرين .
يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى في "شرح العقيدة الأصفهانية" (1/19-20) :
" وأما تسميته سبحانه بأنه مريد وأنه متكلم :
فإن هذين الاسمين لم يردا في القرآن ، ولا في الأسماء الحسنى المعروفة ، ومعناهما حق ، ولكن الأسماء الحسنى المعروفة هي : التي يدعى الله بها ، وهي التي جاءت في الكتاب والسنة ، وهي التي تقتضي المدح والثناء بنفسها .
والعلم والقدرة والرحمة ونحو ذلك هي في نفسها صفات مدح ، والأسماء الدالة عليها أسماء مدح .
وأما الكلام والإرادة : فلما كان جنسه ينقسم إلى محمود : كالصدق والعدل ، وإلى مذموم : كالظلم والكذب ، والله تعالى لا يوصف إلا بالمحمود دون المذموم...فلهذا لم يجئ في أسمائه الحسنى المأثورة : المتكلم والمريد " انتهى .
ويقول أيضا رحمه الله في "بيان تلبيس الجهمية" (2/10-11) :
" وذلك أن الله سبحانه له الأسماء الحسنى ، كما سمى نفسه بذلك ، وأنزل كتبه ، وعلَّمه من شاء من خلقه ، كاسمه : الحق ، والعليم ، والرحيم ، والحكيم ، والأول ، والآخر ، والعلي ، والعظيم ، والكبير ، ونحو ذلك .
وهذه الأسماء كلها أسماء مدح وحمد ، تدل على ما يحمد به ، ولا يكون معناها مذموما ...
والله له الأسماء الحسنى ، ليس له مثل السوء قط ، فكذلك أيضا الأسماء التي فيها عموم وإطلاق لما يحمد ويذم ، لا توجد في أسماء الله الحسنى ؛ لأنها لا تدل على ما يحمد الرب به ويمدح " انتهى .
ويقول ابن القيم رحمه الله تعالى كما في "مختصر الصواعق" (2/34)
" لم يأت في أسمائه الحسنى المريد والمتكلم ولا الفاعل ولا الصانع لأن مسمياتها تنقسم إلى ممدوح ومذموم ، وإنما يوصف بالأنواع المحمودة منها كالحليم والحكيم والعزيز والفعال لما يريد " انتهى .
ويقول أيضا رحمه الله في "مدارج السالكين" (3/415-416) :
" وما كان مسماه منقسما – يعني إلى كامل وناقص - لم يدخل اسمه في الأسماء الحسنى : كالشيء والمعلوم ، ولذلك لم يسم بـ " المريد " ، ولا بـ " المتكلم " ، وإن كان له الإرادة والكلام ؛ لانقسام مسمى " المريد " و " المتكلم " ، وهذا من دقيق فقه الأسماء الحسنى ، فتأمله وبالله التوفيق " انتهى .
ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى "شرح الواسطية" (1/86) :
" ولهذا لم يسم الله نفسه بالمتكلم ، مع أنه يتكلم ؛ لأن الكلام قد يكون خيراً ، وقد يكون شراً ، وقد لا يكون خيراً ولا شراً ، فالشر لا ينسب إلى الله ، واللغو كذلك لا ينسب إلى الله ، لأنه سفه ، والخير ينسب إليه ، ولهذا لم يسم نفسه بالمتكلم ، لأن الأسماء كما وصفها الله عز وجل : ( ولله الأسماء الحسنى ) الأعراف/180 ، ليس فيها أي شيء من النقص ، ولهذا جاءت باسم التفضيل المطلق " انتهى .
وللتوسع انظر كتاب "معتقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله الحسنى" للدكتور محمد بن خليفة التميمي (50-59)
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:05
السؤال :
لماذا نقول عند الإشارة إلى الله فى القرآن والحديث " هو " ؟ فكيف لنا أن نعلم بأن الله يشار إليه بلفظ " هو " ؟ فقد أتت إليَّ إحدى الفتيات غير مسلمات وسألتني لماذا لا نقول " هي " عند الإشارة لله ؟ ولماذا نقول " هو " ؟ .
الجواب :
الحمد لله
لسنا ندري إلى من نوجه خطابنا أولا ـ أيتها السائلة ـ ؛ أنكلمك أنت ، وأنت التي وجهتِ السؤال إلينا ، أم نتوجه إلى تلك التي ظل الشيطان يتلاعب بها ، ويجرئُها على الله تعالى ، وهو يمهلها سبحانه ؛ فلم تكتف بالكفر به ، حتى راحت تلقي سخافات عقلها التي يأباها العاقل ، ولو كان كافرا مثلها ، وأنت ـ وتلك مصيبتك ـ تسمعين إليها ، وتظنين أنها قالت شيئا يستحق السؤال ، والقلق في الجواب ؟
على أية حال ، إنما يعنينا أنت الآن ، فلا هي سألتنا ، ولا هي من أهل ملتنا حتى نخاطبها بما عندنا ، وإن كنا نجيبك ـ إن شاء الله ـ بما يصلح في جوابها ـ أيضا ـ لو كانت من عقلاء قومها ؟
فاعلمي ـ أيتها السائلة الكريمة ـ أن سبب سؤال هذه السائلة إنما هو جهلها باللغة العربية التي نتحدث بها ، بل جهلها بشأن غيرها من اللغات .
قال العلامة اللغوي أبو الفتح ابن جني :
" باب فيما يؤمنه علم العربية من الاعتقادات الدينية .
اعلم أن هذا الباب من أشرف أبواب هذا الكتاب، وأن الانتفاع به ليس إلى غاية، ولا وراءه من نهاية ؛ وذلك أن أكثر من ضل من أهل الشريعة عن القصد فيها ، وحاد عن الطريقة المثلى إليها، فإنما استهواه واستخف حلمه : ضعفُه في هذه اللغة الكريمة الشريفة، التي خوطب الكافة بها، وعرضت عليها الجنة والنار من حواشيها وأحنائها .. " انتهى .
الخصائص (3/248) .
فاعلمي ـ أيتها السائلة ـ أن من ضرورات الخطاب والتفاهم أن يُعبر عن كل أحد بما يخصه ويميز جنسه ، وهذه ظاهرة قديمة في اللغات البشرية . " غير أن هناك أشياء لا صلة لها بالجنس الحقيقي ، مثل الجمادات ، كالحجر والجبل ، والمعاني ، كالعدل والكرم ، وغير ذلك.
فمثل هذه الأمور لا يلحظ فيها تذكير ولا تأنيث ، بالمدلول الحقيقي الطبيعي لهاتين الكلمتين . وكان ذلك ـ فيما يبدو ـ هو السبب الذي جعل بعض اللغات تقسم الأسماء الموجودة فيها إلى ثلاثة أقسام : مذكر ومؤنث ، وقسم ثالث هو ما يسمى في اللغات الهندوأوربية " بالمحايد" NEUTER وهو في الأصل ما ليس مذكرا ولا مؤنثا .
ولكن اللغات البشرية لم تسر كلها هذا الشوط ، على نمط واحد ، فقد وزعت اللغات السامية ـ مثلا ـ أسماء القسم الثالث ، وهو المحايد ، على القسمين الآخرين ، وصارت الأسماء فيها إما مذكرة وإما مؤنثة ...
ومثل ذلك حدث في اللغة الفرنسية ؛ إذ ليس في أسمائها إلا التذكير والتأنيث ، وكانت الإنجليزية في ذلك أوغل من الفرنسية ... "
انظر : مقدمة د. رمضان عبد التواب ـ رحمه الله ـ لكتاب " البلغة في المذكر والمؤنث " ، لابن الأنباري (37-39) .
وإذا عرفنا أن تقسيم الأشياء إلى مذكر ومؤنث ـ حتى ما لا يوصف في واقع الأمر بذلك ـ هو من خصائص معظم اللغات ، خاصة الحية منها الآن ؛ وليس من خصائص اللغة العربية وحدها ، فلتعلمي أن الشيء ـ أي شيء ـ إذا دار بين أن يوصف في اللغة بالمذكر أو المؤنث ، ولم يكن مما يوصف في حقيقة أمره بذلك ، فإن اللغة ترجح الإخبار عنه بوصفه مذكرا ؛ لأنه أخف عندهم ، ولأنه الأصل ، فلا يحتاج إلى علامة ، ويتفرع عنه المؤنث ، بالعلامة الدالة عليه .
يقول إمام النحو سيبويه ، رحمه الله : " واعلم أن المذكر أخفّ عليهم من المؤنث لأن المذكر أول ، وهو أشد تمكناً ، وإنما يخرج التأنيث من التذكير ؛ ألا ترى أن " الشيء " يقع على كل ما أُخبر عنه ، من قَبْل أن يُعلم أذكر هو أو أنثى ، والشيء ذكر ؟! "
كتاب سيبويه (1/22) وانظر (3/241) منه .
وإذا كان الأمر يدور بين قسمين ، أو أمرين ، أحدهما أرجح من الآخر ، ولو بوجه ما ،
" وجب ضرورة اختصاص الرب بأشرف الأمرين وأعلاهما " [ الصواعق 4/1308] .
ولذلك تجد عامة من يؤمن بأن له في السماء إلاها ، يخبر عنه بذلك الضمير " هو " الذي هو لائق به سبحانه ، وهذا أمر فطري لا يحتاج إلى بحث ونظر أو دليل ، فلا تجد عالما أو جاهلا ، موحدا لله أو مشركا به ، إلا ويخبر بذلك عن الله سبحانه ، ولو قد تكلم أحد منهم بضمير المؤنث ، كما قالت لك تلك المسكينة ، لقاموا عليه جميعا ، وعرفوه بالجهل والضلال المبين .
فكيف إذا انضم إلى ذلك خبر الله تعالى عن نفسه ، في كتابه الكريم ، بل في كتبه المنزلة جميعا ، بمثل ذلك الضمير .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:06
قال الله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) (الأنعام:73) وقال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (الروم:27) وقال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) (الزخرف:84)
والآيات في ذلك أكثر من أن تحصى .
فكيف إذا كان الله تعالى قد عاب على المشركين أنهم يدعون عبادة الله الواحد الواحد القهار ، ويعبدون من دونه إناثا ، وذمهم على ذلك وبين قبيح عملهم . قال تعالى : ( إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَاناً مَرِيداً) (النساء:117) .
يقول الإمام الطبري رحمه الله :
" يقول جل ثناؤه: فحسب هؤلاء الذين أشركوا بالله، وعبدوا ما عبدوا من دونه من الأوثان والأنداد، حجّة عليهم في ضلالتهم وكفرهم وذهابهم عن قصد السبيل، أنهم يعبدون إناثًا ويدعونها آلهة وأربابًا، والإناث من كل شيء أخسُّه، فهم يقرون للخسيس من الأشياء بالعبودة، على علم منهم بخساسته، ويمتنعون من إخلاص العبودة للذي له ملك كل شيء، وبيده الخلق والأمر "
تفسير الطبري (9/211) ط محمود شاكر .
وقال الشيخ ابن سعدي رحمه الله :
" أي: ما يدعو هؤلاء المشركون من دون الله إلا إناثا، أي: أوثانا وأصناما مسميات بأسماء الإناث كـ "العزى" و "مناة" ونحوهما .
ومن المعلوم أن الاسم دال على المسمى ؛ فإذا كانت أسماؤها أسماء مؤنثة ناقصة ، دل ذلك على نقص المسميات بتلك الأسماء ، وفقدها لصفات الكمال ، كما أخبر الله تعالى في غير موضع من كتابه ، أنها لا تخلق ولا ترزق ولا تدفع عن عابديها ، بل ولا عن نفسها نفعا ولا ضرا ، ولا تنصر أنفسها ممن يريدها بسوء ، وليس لها أسماع ولا أبصار ولا أفئدة ، فكيف يُعبد من هذا وصفه ، ويترك الإخلاص لمن له الأسماء الحسنى ، والصفات العليا ، والحمد والكمال ، والمجد والجلال ، والعز والجمال ، والرحمة والبر والإحسان ، والانفراد بالخلق والتدبير، والحكمة العظيمة في الأمر والتقدير ؟!!
هل هذا إلا من أقبح القبيح الدال على نقص صاحبه ، وبلوغه من الخسة والدناءة أدنى ما يتصوره متصور، أو يصفه واصف ؟!! " انتهى ،
من تفسير السعدي (203) .
على أننا ننبه أن الله تعالى لا يوصف بشيء من ذلك ، وإنما ذلك من ضرورات الخطاب في اللغة ، وما يحتاجه الناس في التفاهم ؛ فكل ذكر وأنثى مخلوق ، والله تعالى هو خالق الذكر والأنثى : ( وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ) (النجم:45) .
وتعالى الله أن يكون له ند أو شبيه ، أو زوجة أو ولد : ( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (الأنعام:101) .
وقال تعالى ، في خبره عن مؤمني الجن أنهم لما سمعوا القرآن آمنوا به ، وعرفوا ربهم سبحانه : ( وأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً) (الجـن:3) .
وما عليك أيتها السائلة إلا أن ترشديها إلى كتابها ، إن كانت تؤمن بأن لها إلاها ، أرسل رسولا ، وأنزل عليه كتابا ، فلتنظر فيه ، ولتعلم لماذا .
فإن كانت قد تفجرت غيظا أو لعلها اغتاظ قلبها ، لأنها الأنثى ، والله تعالى لا يوصف بما توصف به الأنثى ؛ فلقد بلغ الكفر من الناس في زماننا كل مبلغ ، فراحت الأنثى تطلب أن تنتصر لبني جنسها من الإناث ، بالحق وبالباطل ، كفعل أهل الجهل والنقص ، يشعر أحدهم بخسة نفسه ، ودناءة حاله ، فيريد أن يعوضه ولو بالباطل .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الذي يعظّم نفسه بالباطل يريد أن ينصر كل ما قاله ، ولو كان خطأ " .
مجموع الفتاوى ( 10/292 ) .
فإن كان وصل بها الجهل والنقص إلى أن تشبه الله تعالى بخلقه ، بل بالإناث من خلقه ، فتلك حال لم يصلها جهال العرب في عبادتهم للأوثان ؛ فإنهم كانوا يعلمون أن الله الخالق الرازق هو أجل من أوثانهم هذه ، ولا يليق أن يكون مثلها .
فاحذري يا أمة الله من كل جاهل مارق ، واعلمي أن المرء على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل .
( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:07
السؤال :
أنا من " بلغاريا " ، فهل يجوز لي عندما أقوم بترجمة أسماء الله سبحانه وتعالى أن أزيد أداة على الاسم في حالة الرفع ؟ فقد أخبرني أخ لي في الإسلام أنه لايجوز زيادة أداة على أسماء الله إلا فى حالة كونه مفعولاً ، وأن هذه قاعدة لغوية ، فهل هذا صحيح ؟ . رجاء راسلوني بأسرع ما يمكن ! بارك الله فيكم .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
لا يوجد في الشرع ما يمنع المسلم من ترجمة معاني الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ، لكن لا بدَّ من أن يكون القائم على الترجمة بصيراً باللغة العربية ، وبصيراً باللغة التي يريد الترجمة لها ، ولا بدَّ أن يكون أميناً في نقله وترجمته ، ولابدَّ أن يكون على علمٍ بالشريعة ، وأن يكون على اعتقاد أهل السنَّة والجماعة ، وإلا فإنه لا يؤمن على ترجمته أن يدس بها اعتقادات ضالة منحرفة .
وترجمة معاني أسماء الله وصفاته لا تخرج عما ذكرناه من الجواز ، ومن الشروط ، وعلى المسلم الذي يود القيام بهذه المهمة الجليلة أن يُكثر من قراءة كتب أهل السنة والجماعة المؤلفة في بيان معاني أسماء الله وصفاته ، قبل القيام بالترجمة ؛ لئلا يقع منه الخطأ في فهم الاسم أو الصفة ؛ وحتى يترجمه إلى المعنى اللائق به .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
وأما مُخاطبة أهل الاصطلاح باصطلاحهم ، ولغتهم : فليس بمكروه إذا احتيج إلى ذلك ، وكانت المعاني صحيحةً ، كمخاطبة العجم من الروم والفُرس والتُّرك بلغتهم وعُرفهم ، فإنَّ هذا جائزٌ حسن للحاجة ، وإنما كرهه الأئمة إذا لم يُحْتَجْ إليه .…
" درء تعارض العقل والنقل " ( 1 / 43 ) .
وقال – رحمه الله - :
وكذلك في الإثبات ، له الأسماء الحسنى التي يُدعى بها ...
[و]إذا أثبت الرجل معنًى حقّاً ، ونفى معنًى باطلاً واحتاج إلى التعبير عن ذلك بعبارة لأجل إفهام المخاطب لأنها من لغة المخاطب ، ونحو ذلك : لم يكن ذلك منهيّاً عنه ؛ لأن ذلك يكون من باب ترجمة أسمائه ، وآياته بلغة أخرى ليفهم أهل تلك اللغة معاني كلامه وأسمائه ، وهذا جائز ، بل مستحب أحياناً ، بل واجب أحياناً ... إذا كانت المعاني التي تبيَّن لهم هي معاني القرآن والسنة ، تشبه قراءة القرآن بغير العربية ، وهذه الترجمة تجوز لإفهام المخاطب بلا نزاع بين العلماء ."
انتهى ـ مختصرا ـ من : " بيان تلبيس الجهمية " ( 2 / 389 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
هل يجوز ترجمة أسماء الله الحسنى إلى لغة غير عربية – يعني: أجنبية - ؟ .
فأجاب:
ترجمة أسماء الله سبحانه وتعالى لمن يريد أن يتفهمها : هذا لا بأس به ، بل قد يكون واجباً ؛ إذ إن الذي لا يعرف اللغة العربية يحتاج إلى فهم المعنى ، ولهذا قال الله عز وجل : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ ) يعني : بِلُغتهم ( لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ) إبراهيم/من الآية 4 .
فترجمتها لأجل التفهيم : لا بأس به .
أما لأجل التأسيس بمعنى أن نُحلَّ غير اللغة العربية محل اللغة العربية : فهذا لا يجوز ؛ لأنه طمسٌ للغة العربية .
" دروس الحرمين : دروس المسجد النبوي " الشريط 62 ، الوجه الثاني .
ثانياً:
والزيادة على أسماء الله تعالى باللغة المترجم إليها لا حرج فيه إن كان يؤدي إلى إيصال المعنى اللائق بالله تعالى ، ولا يلتفت المترجم إلى كون الاسم منصوباً أو مرفوعاً أو مجروراً في القرآن أو السنة ؛ فإن هذا لا يؤثر في الترجمة ، ولن يغير معنى الاسم وروده مرفوعاً أو منصوباً ؛ لأن تلك الحركات استحقها الاسم بحسب موقعه من الإعراب .
ومما نزكيه للأخ المترجم من كتب يقرؤها قبل قيامه بالترجمة :
1. " تفسير أسماء الله الحسنى " للشيخ عبد الرحمن السعدي ، منشور في " مجلة الجامعة الإسلامية " ( العدد 112 ) .
2. " القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى " للشيخ محمد بن صالح العثيمين .
3. " صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنَّة " للشيخ علوي بن عبد القادر السقَّاف .
4. " النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى " للشيخ محمد الحمود .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:08
السؤال :
أنا أؤمن أن القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق ، ولكن كيف نجمع بين هذا وبين الحديث القائل بأن سورة البقرة وآل عمران تأتيان يوم القيامة كأنهما غيايتان تحاجان عن صاحبهما ، وهذا قطعاً ينفي كون تلك الغيايتين من ذات الله ، وكذلك الأحاديث الأخرى عن سورة تبارك في القبر ، وغيرها من سور القرآن التي تتمثل في صورة مخلوق يدافع عن العبد في الآخرة؟
الجواب :
الحمد للَّه
أولا :
يعتقد المسلمون أن القرآن الكريم كلام الله تعالى ، تكلم به كما يليق بجلاله وعظمته سبحانه .
يقول الله عز وجل :
( وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ ) التوبة/6
يقول الإمام الآجري في كتاب "الشريعة" (1/84) :
" اعلموا رحمنا الله تعالى وإياكم : أن قول المسلمين الذين لم تزغ قلوبهم عن الحق ، ووُفقوا للرشاد قديما وحديثا : أن القرآن كلام الله عز وجل ، ليس بمخلوق ؛ لأن القرآن من علم الله تعالى ، وعلم الله عز وجل لا يكون مخلوقا ، تعالى الله عز وجل عن ذلك ، دل على ذلك القرآن والسنة وقول الصحابة رضي الله تعالى عنهم وقول أئمة المسلمين رحمة الله تعالى عليهم ، لا ينكر هذا إلا جهمي خبيث ، والجهمية عند العلماء كافرة .
وقال الله عز وجل لنبيه عليه الصلاة والسلام : ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) الأعراف/158 .
وهو القرآن .
وقال جل وعلا لموسى عليه الصلاة والسلام : ( قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ ) الأعراف/188
ومثل هذا في القرآن كثير ، وقال عز وجل : ( فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ ) آل عمران/61 ، وقال عز وجل : ( وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ ) البقرة/145
لم يزل الله تعالى عالما متكلما سميعا بصيرا بصفاته قبل خلق الأشياء ، من قال غير هذا فقد كفر .
وسنذكر من السنن والآثار وقول العلماء الذين لا يستوحش من ذكرهم : ما إذا سمعها من له علم وعقل زاده علما وفهما ، وإذا سمعها من في قلبه زيغ فإذا أراد الله هدايته إلى طريق الحق رجع عن مذهبه ، وإن لم يرجع فالبلاء عليه أعظم " انتهى .
فمن أحب التوسع فليرجع إلى ما ذكره الآجري من أدلة متواترة على أن القرآن كلام الله غير مخلوق .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:09
ثانيا :
أصل القول بخلق القرآن ليس استدلالا من الكتاب والسنة ، وإنما بأدلة عقلية اضطرتهم إلى نفي الصفات عن الله تعالى ، وذلك حين قالوا بأن الصفات لا تقوم إلا في المخلوقات والحوادث ، وتوصلوا إلى هذه القاعدة عبر سلسلةٍ من المغالطات التي يسمونها "دليل حدوث العالم" ، ثم نظروا بعد ذلك في القرآن الكريم ، فحرَّفوا كل دلالة تُخَالفُ هذا المفهوم الذي توصلوا إليه ، وجمعوا كل شبهة يمكن أن تدل عليه ، فكان مما تشبَّثُوا به ما ذكره السائل الكريم ، مما جاء في السنة الآحادية الصحيحة – مع أنهم لا يحتجون في العقائد إلا بالمتواتر منها – أن القرآن يأتي يوم القيامة على هيئة معينة ليشفع لصاحبه ، قالوا وهذا يدل على أنه مخلوق ، فإنه لا يتصف بالمجيء والإتيان إلا المخلوق .
عن أَبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
( اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا ) رواه مسلم (804)
الغمامة والغياية كل شيء أظل الإنسان فوق رأسه ، ( الفِرقان ) هما قطيعان وجماعتان من طير ( صواف ) جمع صافة : وهي من الطيور ما يبسط أجنحتها في الهواء . "شرح مسلم للنووي" (6/90)
وعن بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ فَيَقُولُ أَنَا الَّذِي أَسْهَرْتُ لَيْلَكَ وَأَظْمَأْتُ نَهَارَكَ ) رواه ابن ماجه (3781) وصححه البوصيري في الزوائد ، وابن حجر في "المطالب العالية" (4/66) ، وقال الألباني في ضعيف ابن ماجه : ضعيف يحتمل التحسين . وحسنه من حديث أبي هريرة في "السلسلة الصحيحة" (2829)
وهذه شبهة قديمة أجاب عنها الإمام أحمد وغيره من أئمة السنة .
يقول ابن قتيبة رحمه الله في "تأويل مختلف الحديث" (258):
" أراد بقوله ( تجيء البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان ) أن ثوابهما يأتي قارئهما حتى يظله يوم القيامة ، ويأتي ثوابه الرجل في قبره ، ويأتي الرجل يوم القيامة حتى يجادل عنه ، ويجوز أن يكون الله تعالى يجعل له مثالا يحاج عنه ويستنقذه " انتهى .
وانظر : الرد على الزنادقة والجهمية ، للإمام أحمد ص (42-43) .
ويقول ابن بطة في "الإبانة الكبرى" (5/476) :
" ثم إن الجهمية لجأت إلى المغالطة في أحاديث تأولوها ، موهوا بها على من لا يعرف الحديث ، وإنما عنى في هذه الأحاديث في قوله : ( يجيء القرآن وتجيء البقرة وتجيء الصلاة ويجيء الصيام ) يجيء ثواب ذلك كله ، وكل هذا مبين في الكتاب والسنة .
قال الله عز وجل : ( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ) الزلزلة/7-8
فظاهر اللفظ من هذا أنه يرى الخير والشر ، وليس يرى الخير والشر ، وإنما ثوابَهما والجزاء عليهما من الثواب والعقاب .
كما قال عز وجل ( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ ) آل عمران/30
وليس يعني أنها تلك الأعمال التي عملتها بهيئتها وكما عملتها من الشر ، وإنما تجد الجزاء على ذلك من الثواب والعقاب .
فيجوز في الكلام أن يقال : يجيء القرآن ، تجيء الصلاة ، وتجيء الزكاة ، يجيء الصبر ، يجيء الشكر ، وإنما يجيء ثواب ذلك كله " انتهى .
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (8/408) :
" ولما احتج الجهمية على الإمام أحمد وغيره من أهل السنة على أن القرآن مخلوق بقول النبى صلى الله عليه و سلم : ( تأتي البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف ) و ( يأتي القرآن فى صورة الرجل الشاحب ) ونحو ذلك .
قالوا : ومن يأتى ويذهب لا يكون إلا مخلوقا .
أجابهم الإمام أحمد : بأن الله تعالى قد وصف نفسه بالمجيء والإتيان بقوله : (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ) الأنعام/158 ، وقال : ( وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً ) الفجر/22 ، ومع هذا فلم يكن هذا دليلا على أنه مخلوق بالاتفاق ، بل قد يقول القائل جاء أمره ، وهكذا تقوله المعتزلة الذين يقولون القرآن مخلوق ، يتأولون هذه الآية على أن المراد بمجيئه مجيء أمره ، فَلِمَ لا يجوز أن يتأول مجيء القرآن على مجيء ثوابه ، ويكون المراد بقوله ( تجيء البقرة وآل عمران ) بمجيء ثوابها ، وثوابها مخلوق ! وقد ذكر هذا المعنى غير واحد ، وبينوا أن المراد بقوله ( تجيء البقرة وآل عمران ) أي : ثوابهما ، ليجيبوا الجهمية الذين احتجوا بمجيء القرآن وإتيانه على أنه مخلوق " انتهى
وفي مجموع الفتاوى (5/398) :
" وأحمد وغيره من أئمة السنة فسروا هذا الحديث بأن المراد به مجىء ثواب البقرة وآل عمران ، كما ذكر مثل ذلك من مجىء الأعمال فى القبر وفى القيامة ، والمراد منه ثواب الأعمال ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اقرؤوا البقرة وآل عمران فانهما يجيئان يوم القيامة كأنهما غيايتان أو غمامتان أو فرقان من طير صواف يحاجان عن أصحابهما )
وهذا الحديث فى الصحيح ، فلما أمر بقرائتهما ، وذكر مجيئهما يحاجان عن القارىء ، علم أنه أراد بذلك قراءة القارىء لهما ، وهو عمله ، وأخبر بمجيء عمله الذى هو التلاوة لهما فى الصورة التى ذكرها ، كما أخبر بمجىء غير ذلك من الأعمال " انتهى .
يتبين مما سبق أنه لا يصح الاستدلال بهذه الأحاديث على خلق القرآن ، لأن المقصود بها ثواب قراءة القرآن ، كما أن المقصود بقوله تعالى ( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ) الزلزلة/7 ، أنه يرى ثواب الخير .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:10
السؤال :
أنا أود أن أصبح مخرجاً سينمائيّاً ، فهل هذا يتعارض مع الشريعة الاسلامية ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
إن معرفة واقع السينما اليوم يسهِّل علينا تعريفك بحكم التأليف والإنتاج والتمثيل والإخراج السينمائي ، فهو واقع مزرٍ ، ولا يكاد يخلو فيلم سينمائي – عربي أو أجنبي – من نشر للفاحشة والرذيلة والجريمة ، فالأفلام مليئة بمشاهد الحب والعري ، وشرب الخمور ، ومصادقة الأجنبيات وتقبيلهن والزنا بهن ، مع ما فيها من نشر جرائم الاغتصاب والسرقة والقتل ، وهو ما أثَّر في نفوس المشاهدين من الرجال والنساء والأطفال ، وقد ذكر أهل الاختصاص في تقاريرهم ما ينبئ عن خطر هذه الأفلام السينمائية على الخلق والدين والمجتمع والأسرة .
ولذا كانت المساهمة في ظهور هذه الأفلام مشاركة في الإثم والعدوان ، ولا يشك أحد له اطلاع على واقع هذه السينما في تحريم إنتاجها وتمثيلها وإخراجها .
وقد حاول بعض المفتين المعاصرين أن يضع ضوابط للسينما ! لكنها أشبه ما تكون بالخيال ، وهي بعيدة كل البعد عن الواقع العملي .
فقال صاحب كتاب " الحلال والحرام في الإسلام " – في ذِكر ضوابط السينما - :
1. أن تنزه موضوعاتها التي تعرض فيها عن المجون والفسق وكل ما ينافي عقائد الإسلام وشرائعه وآدابه .
2. أن لا تشغل عن واجب ديني أو دنيوي كالصلوات الخمس .
3. أن يتجنب مرتادها الملاصقة والاختلاط المثيرين بين الرجال والنساء الأجنبيات عنهم منعاً للفتنة ودرأ للشبهة . انتهى .
وقد ردَّ عليه كثيرون ، ومنهم الشيخ صالح الفوزان حفظه الله فقال :
"والجواب عن ذلك من وجهين :
الوجه الأول :
أن نقول : بعيد كل البعد أو قد يكون مستحيلاً في السينما أن تتوفر هذه الشروط التي ذكرها المؤلف وخلوها من هذه المحاذير لأنها لو خلت من هذه الأشياء وتمحضت للتوجيه النافع - على حد زعم المؤلف - لم يحصل الإقبال عليها من الناس ولم يكثر مرتادوها - ومهمة القائمين عليها استجلاب الناس إليها بشتى الوسائل ليحصلوا منهم على الكسب المادي لأنها أداة كسب في الغالب .
الوجه الثاني :
لو فرضنا خلوها من هذه المحاذير - فإنها لا تخلو من عرض الصور المتحركة ومشاهدتها - ولا شك أن التصوير لذوات الأرواح واستعمال الصور المحرمة محرم ، وقد امتنع النبي صلى الله عليه وسلم من دخول الكعبة حتى محى ما فيها من الصور وامتنع صلى الله عليه وسلم من دخول بيت عائشة رضي الله عنه من أجل نمرقة فيها تصاوير ، وامتنع من دخول بيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما رأى فيه تصاوير ، فدل ذلك على أنه لا يجوز مشاهدة الصور في البيت ولا في السينما ولا في غيرها ولا دخول مكان تعرض فيه .
وكشاهد على ما ذكرنا من أنه لا يمكن خلو السينما من المحاذير والشرور وأنها أداة شر : ننقل لك جملة من أقوال من عرفوا تلك الأضرار في السينما فحذروا منها :
قال في كتاب " النهضة الإصلاحية " صحيفة ( 357 ) وهو يعدد جملة من المنكرات قال : ومنها : وقوع نظر النساء على الصور المتحركة - السينما - ذلك أن تلك الشاشة البيضاء كما يسمونها لا تخلو أبدا من مناظر فاجرة تمثل الفسق والغرام والهيام المفرط الذي جاوز الحد ، ومعروف أن النفوس مجبولة على التقليد ، ولها من الإحساس ما يتحرك ويهيج إذا رأى المحرم المهيج ، وأي مهيج أقوى وأشد من هاتيك المناظر المتعمدة المقصودة للتهييج ، وكيف لا تسارع المرأة ناقصة العقل والدين كل المسارعة إلى تقليد ما ترى على الشاشة البيضاء من ترام في الأحضان وتضام وعناق وتقبيل وما يتلو ذلك .
إن من لا يقول إن المرأة تتأثر بهذه المناظر تأثراً خطراً يكون مريض العقل فاقد الإحساس عادم التقدير ، لا أتردد أنا في ذلك ، ولقد هيئت الفرص أن أتكلم في هذه النقطة مع سيدات ممن تعوَّدن الذهاب إلى حيث الصور المتحركة ، فلم يترددن في موافقتي على أن تلك المناظر تؤثر عليهن كل التأثير ، ولقد أخبرتني سيدة رأت في تلك الشاشة صورة حرب فيها كر وفر وتصادم وهجوم وطعن وضرب وإطلاق نيران وما إلى ذلك من فنون الحروب المهلكة تقول لي - وزوجها الذي يرغمها إلى الذهاب إلى تلك المناظر يسمع-: إني لم أقم من ذلك المكان بعد رؤية هاتيك الصور إلا وكلي رعب وفزع لا يتصل مني عضو بالآخر من شدة ما نزل من التأثر ، وهي تريد أن تقول لي بتلك الحكاية : إن كل منظر مؤذ يؤثر في موضوعه فإذا كان على الشاشة صور غرامية أثرت في النفوس للحد الذي يفهمه من يعرف قوة الطبيعة الحيوانية في الإنسان . ا.هـ .
وجاء في " مجلة الأزهر " ( 26 - 442 ) ما نصه :
( وبحْث مشكلة السينما في مصر متشعب النواحي فقد تبحث باعتبارها فنّاً من الفنون ، أو صناعة من الصناعات ، أو أداة ووسيلة حيوية لتوجيه الشعب وتثقيفه وإرشاده ، وهي الناحية التي سنعرض لها هنا لنتبين إلى أي مدى استطاعت السينما أن تحقق هذه الوظائف القومية في المجتمع المصري ، وإن من يتابع الأفلام المصرية ويشاهد منها الكثير والكثير - وهي وفيرة العدد - لَيخرج بحقيقة واحدة لا يستطيع عنها حوَلاً ، وإن أكثر من المشاهدة والتدقيق وتعب في الفحص والاختبار ، هذه الحقيقة الوحيدة هي : أن هذه الأفلام قد فشلت فشلاً ذريعاً في تحقيق الأهداف المذكورة ، وعجزت عجزاً تامّاً عن أداء الوظائف الحيوية في خدمة الإرشاد العام في المجتمع المصري ، مؤثرة عناصر التجارة على عنصر التوجيه ، ومطرحة لعنصر الفن ، وضاربة الصفح إلا عن ابتزاز الأموال . ا.هـ .
وجاء في صحيفة (517) من المجلد (26) من تلك المجلة أيضا : ( يندر أن يجد المدمن على مشاهدة الأفلام فيلما يخلو من قبلات ، حتى لقد أصبحت من لوازم هذه الأفلام ! إذا جلست في دار الخيالة تشاهد واحداً منها فلا بد أن تكون موطِّناً نفسك على أن تشهد منها الكثير والكثير بمناسبة وبغير مناسبة ، بل إن الكثير من المراهقين والشبان والفتيات ليدخلون دور الخيالة ليشهدوا هذه الطبعات التي يحلمون بها ويشتاقون إلى ذوق أمثالها ، وهنا بيت الداء ومبعث انتشاره . ا.هـ .
هذه شهادات ممن خبروا أضرار السينما وواقعها وما تجر على مشاهدها من أضرار وخسارة في الأخلاق والسلوك وأنها لا يمكن بحال خلوها من تلك المفاسد وأن القائمين عليها لا ينظرون في صالح الناس ، وإنما ينظرون إلى ما يمكنهم من ابتزاز الأموال .
وبالجملة فلا خير فيها بوجه من الوجوه وإن زعم من زعم أنها أداة إصلاح وتوجيه .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:11
خاتمة :
وأخيراً نقول : ليت فضيلة المؤلف التزم ما قرره في أول كتابه من قواعد كقوله : (ما أدى إلى الحرام فهو حرام) (اتقاء الشبهات خشية الوقوع في الحرام) (النية الحسنة لا تبرر الحرام) ليته التزم مقتضى هذه القواعد فأخلى كتابه من هذه الفتاوى التي خالف فيها الصواب ، وقلد في غالبها الأقوال الشاذة التي لا تستند إلى دليل ، ليته جعل كتابه مشتملاً على ما هو مفيد ونافع .
قال الأستاذ عبد الحميد طهماز في رده على المؤلف : ليت المؤلف وقف عند المبدأ الذي قرره في أول الكتاب أن الحلال ما أحله الله تعالى ، والحرام ما حرمه الله تعالى ، فلا يكون منه التفات إلى مثل هذه الآراء الضعيفة في ثبوتها .ا.هـ .
قال سليمان التيمي : لو أخذت برخصة كل عالم وزلة كل عالم اجتمع فيك الشر كله .
وقال المحقق العلامة ابن القيم في " أعلام الموقعين " : (1-10-11) ولما كان التبليغ عن الله سبحانه وتعالى يعتمد العلم بما يبلغ والصدق فيه لم تصلح مرتبة التبليغ بالرواية والفتيا إلا لمن اتصف بالعلم والصدق فيكون عالما بما يبلغ صادقا فيه ويكون مع ذلك حسن الطريقة مرضي السيرة عدلا في أقواله وأفعاله متشابه السر والعلانية في مدخله ومخرجه وأحواله . وإذا كان منصب التوقيع عن الملوك بالمحل الذي لا ينكر فضله ولا يجهل قدره وهو من أعلى المراتب السنيات . فكيف بمنصب التوقيع عن رب الأرض والسماوات . فحقيق بمن أقيم في هذا المنصب أن يعد له عدته وأن يتأهب له أهبته وأن يعلم قدر المقام الذي أقيم فيه ولا يكون في صدره حرج من قول الحق والصدع به فإن الله ناصره وهاديه وكيف وهو المنصب الذي تولاه بنفسه رب الأرباب . فقال تعالى (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ) وكفى بما تولاه الله بنفسه شرفا وجلالة . إذ يقول في كتابه : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ) وليعلم المفتي عمن ينوب في فتواه وليوقن أنه مسئول غدا وموقف بين يدي الله . ا هـ .
وإذ كان المؤلف قد بسط القول في جانب تحريم الحلال وحمل على الذين يحرمون من غير دليل وجب عليه أيضا أن لا ينسى خطورة الجانب الثاني وهو تحليل الحرام فهو لا يقل أهمية عن الجانب الأول والواقعون فيه أكثر والله تعالى قد نهى عن الجانبين على حد سواء فقال تعالى : (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ . مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) ومعلوم أن من قواعد الشريعة (اتقاء الشبهات خشية الوقوع في المحرمات) . و (إذا تنازع حظر وإباحة غلب جانب الحظر) مما يدل على خطورة الوقوع في الحرام .
هذا وأسأل الله لنا وللمؤلف ولجميع المسلمين التوفيق للعلم النافع والعمل الصالح وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه" انتهى .
"الإعلام بنقد كتاب الحلال والحرام في الإسلام" ( التعقيب رقم 11 ) .
ثانياً :
من درَس الإخراج السينمائي ، أو يستطيع دراسته دون التعرض للآثام والمحرَّمات : فإنه يستطيع جعل مهنته في أعمال مباحة ، كإخراج الأفلام الوثائقية ، والمقابلات واللقاءات والندوات ، على أن يلتزم بكون المادة تخلو من حرام ، كوجود ممثلات ، أو معازف ، أو دعوة إلى بدعة أو معصية ، ويوجد في هذه الأيام مجال لمثل هذه العمل المباح مع قنوات فضائية تلتزم الضوابط الشرعية ، مثل " قناة المجد " ، فنرجو أن يكون العمل في هذا المجال خالياً من الإثم .
وعند الفتوى في موضوع السينما ذكرنا واقعها اليوم من حيث ممثليها ومادتها ، وقلنا إنها تدعو إلى المحرمات ، لكن لا يمنع هذا أن ندل على باب آخر للإخراج غير السينمائي ، وهو ما ذكرناه من الأفلام الوثائقية واللقاءات وغيرها .
ونسأل الله تعالى أن يقي المسلمين شر أعدائهم ، وأن يوفقهم لأحسن الأخلاق والأقوال والأفعال ، ونرجو أن يبتعد من يرغب بمثل هذه الأعمال عن الفتن ، والسعيد من وُعظ بغيره ، والشقي من وُعظ الناس به ، والسلامة لا يعدلها شيء .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:12
السؤال :
هل اسم (الجواد) من أسماء الله الحسنى ؟ وهل يمكن أن نسمي به كأن نسمي (عبد الجواد) وإذا لم يكن من أسماء الله ، فهل هو صفة لله ؟ وهل يمكن التسمية به ؟ .
الجواب :
الحمد لله
الجواد اسم من أسماء الله تعالى ، كما دلت السنة ، فقد روى البيهقي في شعب الإيمان وأبو نعيم في الحلية من حديث طلحة بن عبيد الله وابن عباس رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله تعالى جواد يحب الجود ، ويحب معالي الأخلاق ، ويكره سفسافها ) صححه الألباني في صحيح الجامع رقم 1744 .
قال ابن القيم رحمه الله في النونية :
"وَهُوَ الجَوَادُ فَجُودُهُ عَمَّ الوُجُودَ جَمِيعَهُ بِالفَضْلِ وَالإحْسَانِ
وَهُوَ الجَوَادُ فَلا يُخَيِّبُ سَائِلاً وَلَوْ أنَّهُ مِنْ أُمَّةِ الكُفْرَانِ"
وقال الشيخ السعدي في (التفسير) (5/299) : " الرحمن الرحيم والبر الكريم الجواد الرؤوف الوهاب " ؛ هذه الأسماء تتقارب معانيها ، وتدل كلها على اتصاف الرب بالرحمة والبر والجود والكرم ، وعلى سعة رحمته ومواهبه التي عم بها جميع الوجود بحسب ما تقتضيه حكمته ، وخص المؤمنين منها بالنصيب الأوفر والحظ الأكمل " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه في سرد أسماء الله الحسنى : " ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم : الجميل الجواد الحكم الحيي " انتهى من "القواعد المثلى".
وانظر : "صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة" للشيخ علوي بن عبد القادر السقاف .
وبناء على ذلك فيجوز التسمي بـ "عبد الجواد" .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:13
السؤال:
خلق الله سبحانه وتعالى آدم بيديه ونفخ فيه من روحه ، فهل خلق الله بقية المخلوقات ـ من الملائكة والجن والكائنات الأخرى ـ بيديه أيضا ؟ وهل نفخ فيها من روحه جلا وعلا ؟ أم هذه ميزه خاصة ، ومكانه خاصة لآدم وحده ، دون بقية المخلوقات ؟ وجزاكم الله خيرا .
الجواب :
الحمد لله
أولا :
خص الله تعالى آدم عليه السلام ، فخلقه بيديه كما أخبر ، ولم يخلق ذا روح ٍ غيره بيديه .
قال سبحانه : ( قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أََسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ ) ص/75
وفي حديث الشفاعة : ( أَنَا سَيِّدُ الْقَوْمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَلْ تَدْرُونَ بِمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَيُبْصِرُهُمْ النَّاظِرُ وَيُسْمِعُهُمْ الدَّاعِي وَتَدْنُو مِنْهُمْ الشَّمْسُ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ أَلَا تَرَوْنَ إِلَى مَا أَنْتُمْ فِيهِ إِلَى مَا بَلَغَكُمْ أَلَا تَنْظُرُونَ إِلَى مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ أَبُوكُمْ آدَمُ فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُونَ يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ وَأَسْكَنَكَ الْجَنَّةَ أَلَا تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ وَمَا بَلَغَنَا فَيَقُولُ رَبِّي غَضِبَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَا يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ وَنَهَانِي عَنْ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ نَفْسِي نَفْسِي اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ ...) الحديث ، رواه البخاري (3340) ومسلم (194) .
قال الإمام الدارمي رحمه الله : " وولي خلق آدم بيده مسيسا ، لم يخلق ذا روح بيديه غيره ، فلذلك خصه وفضله وشرف بذلك ذكره " انتهى من "نقض الدرامي على المريسي" ص 64
وروى الدرامي واللالكائي والآجري وغيرهم بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنه قال : ( خلق الله أربعة أشياء بيده : العرش والقلم وعدن وآدم ، ثم قال لسائر الخلق : كن فكان ).
وروى الدارمي بسند حسن عن ميسرة أبي صالح مولى كندة ، أحد التابعين أنه قال : ( إن الله لم يمس شيئا من خلقه غير ثلاث : خلق آدم بيده ، وكتب التوراة بيده ، وغرس جنة عدن بيده ).
"نقض الدارمي" ص 99
وقال محققه الشيخ منصور السماري في مقدمته : " وقد روي عن غيره من التابعين مثل حكيم بن جابر ، ومحمد بن كعب القرظي بأسانيد صحيحة ذكرتها عند التعليق على الأثر في موضعه من الكتاب ".
فهذه أربعة أشياء خلقها الله بيده : العرش والقلم وجنة عدن وآدم ، وأما سائر الخلق ، فهم مخلوقون بالكلمة ( كن) فكانوا .
ثانيا :
وأما الروح ، فإن آدم وبنيه جميعا ، نفخ الله فيهم الروح ، وهي روح مخلوقة ، أضيفت لله من باب التشريف والتكريم .
قال الله عز وجل في حق آدم عليه السلام : ( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) الحجر/29
وقال في حق عيسى عليه السلام : ( إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ) النساء/171
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:14
السؤال :
يسأل بعض الملحدين أسئلة مثل إذا كان الله علي كل شئ قدير فهل يقدر أن يخلق إلها آخر مثله أو يخلق شيئا ثقيلا جدا لدرجة أنه لا يقدر علي رفعه ؟.
الجواب :
الحمد لله
أولا :
الملحد يحتاج إلى من يدعوه إلى الله تعالى ، ويذكره بآلاء الله ونعمه وآياته التي تدل على وجوده ، ووحدانيته ، وعظمته .
فالكون كله يدل على الله تعالى ، فوا عجبا ، كيف يجحده الجاحد ؟!
فيا عجبا كيف يُعصى الإلهُ أم كيف يجحده الجاحدُ
ولله في كل تحريكةٍ وفي كل تسكينة شاهدُ
وفي كل شيء له آيةٌ تدل على أنه واحدُ
وشبهات الملحدين والضالين ، لا يجوز الإصغاء إليها ، إلا لمن لديه أهلية للرد عليها ونقضها ، ولهذا فالحذر الحذر ؛ فالشبهة قد تعلق بالقلب ، ثم يصعب إخراجها منه .
ثانيا :
هذه الشبهة من شبهات الملحدين قديما ، ولأهل العلم جواب مشهور عليها ، وحاصله أمران :
الأول :
أن هذه المسألة من المحال ؛ لأن الآخَر لو كان إلها ، ما أمكن خلقه ؛ فافتراض أنه إله ، وأنه يُخلق ، محال .
قال في "الدرر السنية من الأجوبة النجدية" (3/265) : " وقد روي عن ابن عباس ، حكاية على غير هذا الوجه ، وهي : أن الشياطين ، قالوا لإبليس : يا سيدنا ، ما لنا نراك تفرح بموت العالِم ، ما لا تفرح بموت العابد ؟ ! والعالِم لا نُصيب منه ، والعابد نُصيب منه ؟ !
قال : انطلقوا ، فانطلقوا إلى عابد ، فأتوه في عبادته ، فقالوا : إنا نريد أن نسألك ، فانصرف ، فقال إبليس : هل يقدر ربك أن يخلق مثل نفسه ؟ فقال : لا أدري ؛ فقال : أترونه لم تنفعه عبادته مع جهله ؟ !
فسألوا عالماً عن ذلك ؟ فقال : هذه المسألة محال ، لأنه لو كان مثله ، لم يكن مخلوقاً ، فكونه مخلوقاً وهو مثل نفسه مستحيل ، فإذا كان مخلوقاً لم يكن مثله ، بل كان عبداً من عبيده ؛ فقال : أترون هذا يهدم في ساعة ما أبنيه في سنين ؟ ! والله أعلم " انتهى.
الثاني :
أن وجود إله آخر مع الله ، أمر مستحيل لذاته ، وقد دل على استحالته أدلة كثيرة ، أيسرها وجود هذا العالم المنتظم ، إذ لو كان هناك إله آخر ، لفسد نظام العالم ، لتنازعهما ، ورغبة كل منهما في العلو على الآخر ، كما قال سبحانه : ( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ) الأنبياء/22 .
وقوله : ( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) المؤمنون/91 .
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره : " أي لو قدّر تعدد الآلهة لانفرد كل منهم بما خلق ، فما كان ينتظم الوجود ، والمشاهد أن الوجود منتظم متسق ، كل من العالم العلوي والسفلي مرتبط بعضه ببعض في غاية الكمال ( ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ) ثم لكان كل منهم يطلب قهر الآخر وخلافه ، فيعلو بعضهم على بعض " انتهى .
وكذلك وجود شيء ثقيل ، لا يقدر الله على رفعه : أمر مستحيل ؛ لأن الله هو الذي خلقه ، وأوجده ، وهو قادر على إفنائه في أي لحظة ، فكيف لا يقدر على رفعه ؟!
والملحد إنما يريد أن يطعن في العموم الذي في قوله تعالى : ( إن الله على كل شيء قدير ) فيقول : إذا كان قادرا على (كل شيء) فلما ذا لا يقدر على هذا ؟
والجواب : أن هذا المستحيل (ليس بشيء) !
فالمستحيل المعدوم ، الذي لا يمكن وجوده ، ليس بشيء ، وإن كان الذهن قد يتخيله ويقدّره تقديرا ، ومعلوم أن الذهن يفرض ويقدر المستحيل ، فالذهن يقدّر اجتماع النقيضين ، ككون الشيء موجود معدوما في نفس الوقت .
فالآية تنص على قدرة الله على ( الأشياء ) فلا يدخل في ذلك الأمور المستحيلة لذاتها ، لأنها ليست بشيء ، بل عدم ، لا يمكن أن يوجد .
ولهذا نص غير واحد من العلماء على أن قدرة الله إنما تتعلق بالممكن ؛ لهذا السبب الذي ذكرناه ، وهو أن المعدوم المستحيل ليس بشيء .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : " وأما أهل السنة ، فعندهم أن الله تعالى على كل شيء قدير ، وكل ممكن فهو مندرج في هذا ، وأما المحال لذاته ، مثل كون الشيء الواحد موجودا معدوما ، فهذا لا حقيقة له ، ولا يتصور وجوده ، ولا يسمى شيئا باتفاق العقلاء ، ومن هذا الباب : خلق مثل نفسه ، وأمثال ذلك " انتهى من "منهاج السنة" (2/294).
وقال ابن القيم رحمه الله في "شفاء العليل" ص 374 : " لأن المحال ليس بشيء ، فلا تتعلق به القدرة ، والله على كل شيء قدير ، فلا يخرج ممكن عن قدرته البتة " انتهى .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:15
السؤال :
ما مدى صحة حديث الأوعال ؟ وكيف نفسره في ضوء العلم الحديث ؟.
الجواب :
الحمد لله
أما نص حديث الأوعال فهو :
عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال :
( كُنتُ فِي البَطْحَاءِ فِي عِصَابَةٍ فِيهِم رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، فَمَرَّت بِهِم سَحَابَةٌ ، فَنَظَرَ إِلَيهَا فَقَالَ : " مَا تُسَمُّونَ هَذِهِ ؟ " قالوا : السَّحَابُ . قَالَ : " وَالمُزنُ " ، قَالُوا : وَالمُزنُ ، قَالَ : " وَالعَنَانُ " ، قَالُوا : وَالعَنَان ، قال : " هَل تَدرُونَ مَا بُعدُ مَا بَينَ السَّمَاءِ وَالأَرضِ ؟ " قالوا : لا نَدرِي . قَالَ : " إِنَّ بُعدَ مَا بَينَهُمَا إِمَّا وَاحِدَةٌ أَو اثنَتَانِ أَو ثَلاثٌ وَسَبعُونَ سَنَةً ، ثُمَّ السَّمَاءُ فَوقَهَا كَذَلِكَ - " حَتَّى عَدَّ سَبعَ سَمَوَاتٍ " - ثُمَّ فَوقَ السَّابِعَةِ بَحرٌ بَينَ أسفَلِهِ وَأَعْلاهُ مِثلُ مَا بَينَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ ، ثُمَّ فَوقَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَوْعَالٍ ، بَينَ أَظلافِهِم وَرُكَبِهِم مِثلُ مَا بَينَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ ، ثُمَّ عَلَى ظُهُورِهِم العَرشُ ، مَا بَينَ أَسفَلِهِ وَأَعلاهُ مِثلُ مَا بَينَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ ، ثُمَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَوقَ ذَلِكَ ) .
قال ابن الأثير في "النهاية" (3/355) :
" ( أوعال ) أي ملائكةٌ على صُورة الأوْعال ، وهم تُيوسُ الجَبَل ، واحِدُها وَعِلٌ بكسر العين .
( الظِّلْف ) للبَقَر والغَنَم كالحافِر للفَرس والبَغْل والخُفِّ للبَعِير " انتهى .
وهذا حديث مشهور في كتب أهل العلم ، ومروي في أكثر الكتب المسندة ، فقد أخرجه أحمد في "المسند" (1/206) ، وأبو داود في "السنن" (4723) ، والترمذي في "السنن" (3320) وابن ماجه (193) ، والدارمي في "الرد على الجهمية" (50) ، والبزار في مسنده (4/134) ، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة في "العرش" (1/66) ، وابن خزيمة في كتاب التوحيد (1/234) ، والحاكم في المستدرك (2/410) وغير ذلك من كتب السنة .
ومجموع رواية هؤلاء الأئمة تصل إلى خمس روايات كلها تلتقي في :
سِمَاك بن حرب عن عبد الله بن عميرة عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه به .
أما سِمَاك بن حرب فقد أدرك العديد من الصحابة ، وأخرج له مسلم ، والبخاري تعليقا ، وقد وثقه جماعة من أهل العلم ، كالإمام أحمد وأبو حاتم والبزار وغيرهم ، ولكن أخذ عليه بعض أهل العلم وجود الغرائب في حديثه ، لذلك ضعفه شعبة وابن المبارك ، وقال ابن أبي خيثمة سمعت ابن معين سئل عنه : ما الذي عابه ؟ قال : أسند أحاديث لم يسندها غيره وهو ثقة . وقال ابن عمار : يقولون إنه كان يغلط ، ويختلفون في حديثه . وكان الثوري يضعفه بعض الضعف ، ولم يرغب عنه أحد . وقال النسائي : كان ربما لقن ، فإذا انفرد بأصل لم يكن حجة لأنه كان يلقن فيتلقن . وقال ابن حبان في "الثقات" : يخطىء كثيرا .
انظر ترجمته في "تهذيب التهذيب" (4/204)
وأما عبد الله بن عميرة : فلا نعرف عنه شيئا من ترجمته إلا أنه يروي عن الأحنف بن قيس ، ولا يعرف عنه راو غير سماك بن حرب ، ولم ينص أحد من أهل العلم على توثيقه أو تضعيفه ، إلا أن ابن احبان ذكره في "الثقات" ، وقال ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (5/301)
" قال البخاري : لا يعلم له سماع من الأحنف . وذكره ابن حبان في "الثقات" ، وحسن الترمذي حديثه ، قلت ( أي ابن حجر ) : قال أبو نعيم في "معرفة الصحابة" : أدرك الجاهلية ، وكان قائد الأعشى ، لا تصح له صحبة ولا رؤية . وقال مسلم في "الوُحدان" : تفرد سماك بالراوية عنه . وقال إبراهيم الحربي : لا أعرفه " انتهى .
ولما كان أمر سماك بن حرب قد لا يحتمل التفرد بحديث أصل ، ونجد أمر عبد الله بن عميرة مشتبها ومحتملا ، اختلف أهل العلم في تصحيح الحديث أو تضعيفه .
فالحديث قال فيه الترمذي : حسن غريب . وصححه ابن خزيمة بإخراجه في كتاب "التوحيد" حيث اشترط الصحة ، وقال الحاكم في "المستدرك" : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه .
ومن المتأخرين ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (3/192) ، وابن القيم في "مختصر الصواعق" (433) حيث قال : إسناده جيد .
أما من ضعفه من أهل العلم :
فهو مفهوم كلام البزار في "مسنده" (4/115) حيث قال : " لا نعلمه روي بهذا الكلام وهذا اللفظ إلا من هذا الوجه عن العباس عن النبي صلى لله عليه وسلم ، وعبد الله بن عميرة ، لا نعلم روى عنه إلا سماك بن حرب " انتهى .
وابن عدي في الكامل (9/27) حيث قال : غير محفوظ .
وأشار إلى ضعفه المزي في "تهذيب الكمال" (10/391)
وقال الذهبي في "العلو" (1/60) : " تفرد به سماك عن عبد الله ، وعبد الله فيه جهالة " انتهى وإن كان الذهبي قد حسن الحديث في كتاب "العرش" (24)
ومن المتأخرين أيضا العلامة الألباني في "السلسلة الضعيفة" (1247)
والذي يترجح – والله أعلم – هو ضعف الحديث ، فإن تفرد سماك بن حرب بمثل هذا الحديث المتعلق بالغيبيات تفرد غير مقبول ، وجهالة عبد الله بن عميرة تضر في مثل هذا الموضع أيضا ، ثم ثمة انقطاع بينه وبين الأحنف بن قيس .
أما من أراد الاستدلال بهذا الحديث على علو الله سبحانه وتعالى على خلقه ، وأنه فوق العرش العظيم ، فإن الكتاب والسنة الصحيحة مليئان بما يغني في الدلالة على ذلك ، حتى قد تصل الأدلة إلى ألف دليل ، وقد جمعها الإمام الذهبي في كتابه "العلو" لمن أراد المزيد .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:17
السؤال :
ما هو تفسير ومعنى اسم الله الضار؟.
الجواب :
الحمد لله
أولا :
لم يثبت بدليل صحيح أن الضار من أسماء الله تعالى ، وإنما ورد ذلك في الحديث المشهور الذي فيه تعداد الأسماء الحسنى ، وهو حديث ضعيف ، رواه الترمذي وغيره .
والمقرر عند أهل العلم أن أسماء الله تعالى وصفاته توقيفية ، أي لا يثبت منها شيء إلا بالدليل الصحيح من الكتاب والسنة .
فإذا لم يثبت الاسم ، وكان معناه صحيحا فإنه يجوز الإخبار به عن الله تعالى ، فيقال : الله هو الضار النافع ، لأن باب الإخبار أوسع من باب الأسماء والصفات ، لكن لا يعبّد بهذا الاسم ، فلا يقال : عبد الضار أو عبد النافع ؛ لأنه لم يثبت اسما لله تعالى .
وأما ما يوجد في كلام بعض أهل العلم من تسمية الله تعالى بالضار النافع ، فلعل ذلك منهم اعتمادا على حديث الترمذي ، وقد سبق أنه حديث ضعيف ، والمعوّل عليه هو الدليل الصحيح من الكتاب أو السنة .
ثانيا :
معنى الضار : الذي يقدّر الضر ويوصله إلى من شاء من خلقه .
فالخير والشر من الله تعالى ، كما قال سبحانه : ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) الانبياء/35
وقال : ( وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) الأنعام/17 وقال : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ) الزمر/38
وروى الترمذي (3388) وأبو داود (5088) وابن ماجه (3869) عن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ : بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ ) . وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وروى الترمذي (2516) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ : ( يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الأَقْلامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ ). وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
قال ابن تيمية رحمه الله : فهذا يدل على أنه لا ينفع في الحقيقة إلا الله ولا يضر غيره .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:18
ثالثا :
لما كان الإخبار عن الله تعالى بأنه الضار قد يوهم نقصا ، بيّن أهل العلم أنه لا يذكر إلا مقرونا بالإخبار عنه بأنه النافع ، سبحانه وتعالى ، فيقال : الضار النافع ، كما يقال : القابض الباسط ، العفو المنتقم .
قال ابن القيم رحمه الله : " إن أسماءه تعالى منها ما يطلق عليه مفردا ومقترنا بغيره ، وهو غالب الأسماء . كالقدير والسميع والبصير والعزيز والحكيم ، وهذا يسوغ أن يُدعى به مفردا ومقترنا بغيره ، فتقول : يا عزيز ، يا حليم ، يا غفور ، يا رحيم . وأن يفرد كل اسم ، وكذلك في الثناء عليه والخبر عنه بما يسوغ لك الإفراد والجمع .
ومنها ما لا يطلق عليه بمفرده ، بل مقرونا بمقابله كالمانع والضار والمنتقم ، فلا يجوز أن يفرد هذا عن مقابله ، فإنه مقرون بالمعطي والنافع والعفو . فهو المعطي المانع الضار النافع المنتقم العفو المعز المذل ، لأن الكمال في اقتران كل اسم من هذه بما يقابله ، م ، عطاء ومنعا ، ونفعا وضرا ،وعفوا وانتقاما . لأنه يراد به أنه المنفرد بالربوبية وتدبير الخلق والتصرف فيه ؛ وأما أن يثنى عليه بمجرد المنع والانتقام والإضرار فلا يسوغ . فهذه الأسماء المزدوجة تجري مجرى الاسم الواحد الذي يمتنع فصل بعض حروفه عن بعض ، ولذلك لم تجيء مفردة ولم تطلق عليه إلا مقترنة فاعلمه . فلو قلت : يا مذل ، يا ضار ، يا مانع ، وأخبرت بذلك لم تكن مثنيا عليه ، ولا حامدا له حتى تذكر مقابلها " انتهى من "بدائع الفوائد" (1/132) باختصار .
رابعا :
يجب أن يعلم أن المطلوب من العبد في هذا المقام أن يرى تفرد الله تعالى بربوبيته لخلقه ، سبحانه له الخلق والأمر ، فلا منازع له في سلطانه ، ولا راد لأمره ، ولا معقب لحكمه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الرب سبحانه هو المالك المدبر ، المعطي المانع ، الضار النافع ، الخافض الرافع ، المعز المذل ؛ فمن شهد أن المعطي أو المانع أو الضار أو النافع أو المعز أو المذل غيره فقد أشرك بربوبيته ، لكن إذا أراد التخلص من هذا الشرك فلينظر إلى المعطي الأول ـ مثلا ـ فيشكره على ما أولاه من النعم ، وينظر إلى من أسدى إليه المعروف فيكافئه عليه ... ؛ لأن النعم كلها لله تعالى كما قال تعالى : ( وما بكم من نعمة فمن الله ) ، وقال تعالى : ( كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك ) فالله سبحانه هو المعطي على الحقيقة ؛ فإنه هو الذي خلق الأرزاق وقدرها وساقها إلى من يشاء من عباده ، فالمعطي هو الذي أعطاه وحرك قلبه لعطاء غيره ؛ فهو الأول والآخر .. ، وكذا جميع ما ذكرنا في مقتضى الربوبية .
فمن سلك هذا المسلك العظيم استراح من عبودية الخلق ونظره إليهم ، وأراح الناس من لومه وذمه إياهم ، وتجرد التوحيد في قلبه فقوي إيمانه وانشرح صدره وتنور قلبه ؛ ومن توكل على الله فهو حسبه .
ولهذا قال الفضيل بن عياض رحمه الله : من عرف الناس استراح . يريد - والله أعلم - أنهم لا ينفعون ولا يضرون .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:19
السؤال :
أريد أن أعرف الفتوى في كتاب the 99 beautiful names of allah أسماء الله ال 99 الحسنى ، للشيخ محمد إدنيس ميرثي .
الجواب :
الحمد لله
هذا الكتاب لا نعرفه ، ولم نقف عليه حتى نحكم على ما فيه ، لكن قد اهتم العلماء قديما وحديثا بمعرفة أسماء الله التسعة والتسعين التي أرادها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : (إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ) رواه البخاري (2736) ومسلم (2677) .
وقد اجتهد كثير من العلماء في استخراج الأسماء الحسنى الواردة في الكتاب والسنة ، ولهم في ذلك قواعد حكموا من خلالها على معرفة أسماء الله تعالى .
وينبغي هنا أن ننبه على أمرين :
الأول : أن تحديد العلماء لهذه الأسماء إنما هو اجتهاد منهم حسب ما ظهر لكل واحد منهم ، ولا نستطيع الجزم بأن هذا هو مراد الرسول صلى الله عليه وسلم .
الثاني : الحديث الوارد عند الترمذي في تحديد هذه الأسماء ضعيف باتفاق أهل الحديث .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:20
السؤال :
هل يمكن أحداً أن يحيي ميِّتا ؟
الجواب :
الحمد لله
مِن أصول الاعتقاد الصحيح : الإيمان بأن الله تعالى هو وحده الذي يحيي ويميت , ومن ادَّعى أن غير الله تعالى قادر على الإحياء والإماتة فقد كفر ، بل إن المشركين في جاهليتهم لم يعتقدوا ذلك في أصنامهم وآلهتهم .
قال الله تعالى : ( كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) البقرة/28 .
وقال تعالى : ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) الحج/6 .
وقال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الإِنْسَانَ لَكَفُورٌ ) الحج/66 .
وقد بيَّن الله تعالى عجز الآلهة المزعومة عن الخلق والرزق والإحياء والإماتة .
قال تعالى : ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) الروم/40 .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله :
" فقوله تعالىٰ في هذه الآية الكريمة : ( هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُمْ مّن شَىْء سُبْحَـانَهُ وَتَعَـالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) يدلّ دلالة واضحة على أن شركاءهم ليس واحد منهم يقدر أن يفعل شيئًا من ذلك المذكور في الآية ، ومنه الحياة المعبّر عنها بـ : ( خَلَقَكُمْ ) ، والموت المعبّر عنه بقوله : ( ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ) ، والنشور المعبّر بقوله : ( ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ) ، وبيَّن أنهم لا يملكون نشوراً بقوله : ( أَمِ ٱتَّخَذُواْ آلِهَةً مّنَ ٱلاْرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ ) ، وبيّن أنهم لا يملكون حياة ولا نشوراً في قوله تعالى : ( قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُل ٱللَّهُ يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ) ، وبيَّن أنه وحده الذي بيده الموت والحياة في آيات كثيرة ؛ كقوله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَـاباً مُّؤَجَّلا ً) ، وقوله تعالى : ( وَلَن يُؤَخّرَ ٱللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَا ) ، وقوله تعالى : ( إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَاء لاَ يُؤَخَّر ) ، وقوله تعالى : ( كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوٰتًا فَأَحْيَـاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ) ، وقوله تعالى : ( قَالُواْ رَبَّنَا أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ٱثْنَتَيْنِ ) ، إلى غير ذلك من الآيات .
وهذا الذي ذكرنا من بيان هذه الآيات بعضها لبعض معلوم بالضرورة من الدّين " انتهى .
" أضواء البيان " ( 6 / 271 ) .
وقد كان من آيات عيسى ابن مريم عليه السلام البينات أنه يحيي الموتى بإذن الله ، ولم يكن عيسى عليه السلام قادراً على ذلك إلا أن يشاء ربه تبارك وتعالى .
قال تعالى : ( وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ ) آل عمران/49 .
وقال تعالى : ( إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي ) المائدة/110 .
وأما ما وقع من المجادل لإبراهيم عليه السلام بأنه قادر على الإحياء والإماتة فهذا من أسخف الادعاءات , وأبطلها , ولهذا لما ناظره إبراهيم عليه السلام انقطع ذلك الكافر , وثبت بطلان دعواه .
قال تعالى : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) البقرة/258 .
فلا يستطيع أحدٌ من البشر أن يدَّعي أنه قادر على إحياء الموتى ، ومن ادعى ذلك فها هم الموتى من الرسل والأنبياء والعظماء فليحيهم إن كان صادقاً في دعواه !
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:21
السؤال :
قرأت حديثاً فيه : "... يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ ؟".
1) ما درجة صحة هذا الحديث ؟
2) ما معنى هذا الحديث ؟.
الجواب :
الحمد لله
فسؤالك أيها الأخ الكريم يتضمن أمرين :
أولاً : درجة صحة الحديث :
هذا الحديث حديث صحيح ثابت في أصح كتابين بعد كتاب الله؛ فقد أخرجه البخاري في صحيحه (1145) ومسلم (1261) عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ينزل رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ : مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ"
وقد روى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوٌ من ثمانية وعشرين صحابياً ـ رضي الله عنهم ـ ، واتفق أهل السنة على تلقي ذلك بالقبول .
ثانياً : بيان معنى نزوله ـ جل وعلا ـ إلى السماء الدنيا :
اعلم أخي ـ وفقك الله ـ أن نزول الرب جل وعلا إلى السماء الدنيا هو صفة من صفاته الفعلية، التي تتعلق بمشيئته وحكمته، وهو نزول حقيقي يليق بجلاله وعظمته. فهو سبحانه ينزل كيف شاء، متى شاء، سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، ولا يصح تحريف معنى الحديث بأن يفسر بأن المراد هو نزول أمره ، أو رحمته ، أو ملك من ملائكته ، فإن هذا باطل لوجوه :
الأول :
أن هذا التأويل يخالف ظاهر الحديث ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أضاف النزول إلى الله، والأصل أن الشيء إنما يضاف إلى من وقع منه ، أو قام به فإذا صرف إلى غيره كان ذلك تحريفاً يخالف الأصل . ونحن نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بالله ، وأنه صلى الله عليه وسلم أفصح الخلق ، وأصدق الخلق فيما يخبر به ، فليس في كلامه شيء من الكذب ، ولا يمكن أن يتقول على الله تعالى شيئاً لا في أسمائه ، ولا في صفاته ولا في أفعاله ولا في أحكامه قال الله تعالى : ( لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ) الحاقة/44ـ46 ثم هو عليه الصلاة والسلام ، لا يريد إلا الهداية للخلق فإذا قال : " ينزل ربنا " فإن أي قائل يقول بخلاف ظاهر هذا اللفظ كأن يقول : المراد ينزل أمره . فنقول : أأنت أعلم بالله من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول : " ينزل ربنا " وأنت تقول : ينزل أمره ، أم أنك أنصح للأمة منه حيث عمَّى عليهم فخاطبهم بما يريد خلافه ؟!، ولا شك أن الإنسان الذي يخاطب الناس بما يريد خلافه غير ناصح لهم ، أم تراك أفصح من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! فلا شك أن مثل هذا التحريف لا يخلو من وصمة الرسول صلى الله عليه وسلم بشيء من النقص الذي لا يرضى به مسلم أبدا ً في جناب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الثاني :
أن نزول أمره أو رحمته لا يختص بهذا الجزء من الليل، بل أمره ورحمته ينزلان كل وقت . فإن قيل : المراد نزول أمر خاص ، ورحمة خاصة وهذا لا يلزم أن يكون كل وقت . فالجواب : أنه لو فرض صحة هذا التقدير والتأويل ، فإن الحديث يدل على أن منتهى نزول هذا الشيء هو السماء الدنيا وأي فائدة لنا في نزول رحمة إلى السماء الدنيا من غير أن تصل لنا ؟! حتى يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عنها ؟!
الثالث : أن الحديث دل على أن الذي ينزل يقول :" من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له". ولا يمكن أن يقول ذلك أحد سوى الله تعالى .
انظر: ( مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين (1/ 203-215).
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:22
السؤال :
أنا أحاول في العبادات المتعلقة بالذكر كالصلاة والدعاء أن أعبد الله كأني أراه , لذلك فقد اعتدت أمراً لا أدري إن كان صحيحاً أم لا , وذلك أنى أحاول أن أتصور الله أمامي وأنا في صلاتي مثلاً , ولكن عقلي البشري الضعيف أقرب ما يذهب إليه هو صورة إنسان ، وأنا أعلم أن هذا أبعد ما يكون عن الملِك الذي ليس كمثله شيء , أيضاً أحاول أن أهيئ لنفسي وأنا ساجد مثلا أني أمام الكعبة ، وقد أشعر بأني قريب من الله فعلا ، ولكني أيضا لا أشعر بكامل القرب من الله لأني أدرك أن الله أعظم من ذلك كثيراً . أرجو أن تعلموا أن أمري ليس وسوسة ، ولكني أريد القرب أكثر من الله , فانصحوني
الجواب:
الحمد لله
أولاً : اعلم يا عبد الله أن الله تعالى احتجب عن خلقه في دار الدنيا ، فلا يراه بشر فيها ، لا النبي صلى الله عليه وسلم ولا من دونه .
قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : ( مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ ) رواه البخاري (4855) ومسلم (177) واللفظ له .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( وقد اتفق أئمة المسلمين على أن أحدا من المؤمنين لا يرى الله بعينه في الدنيا ، ولم يتنازعوا إلا في النبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، مع أن جماهير الأئمة على أنه لم يره بعينه في الدنيا ؛ وعلى هذا دلت الآثار الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة وأئمة المسلمين . ) مجموع الفتاوى 2/335
وإذا كان البشر ، كل البشر ، قد حجبوا في دار الدنيا عن هذه الرؤية ، فالبشر ، كل البشر أيضا ، عاجزون عن الوقوف على حقيقة ذاته سبحانه ، أو كيفية شيء من صفاته ؛ لأن الإنسان لا يتخيل شيئا تخيلا صحيحا إلا أن يكون رآه ، أو رأى شبيه هذا الشيء أو نظيره ، حتى ينتقل خياله من صورة الشيء الذي رآه إلى صورة ما غاب عنه .
وبناء على ذلك ، اعلم ـ أيها الأخ الكريم
أن كل صورة في خيالك ، أو توهم كيفيةٍ في بالك ، فالله تعالى بخلاف ذلك ، بل : الله تعالى أجل وأعظم من كل ذلك . وأن اشتغالك بهذه الخيالات وساوس واستدراج من الشيطان ، ليشغلك بما يضرك عما ينفعك ، وبالباطل عن الحق . قال الإمام الطحاوي رحمه الله في عقيدته : ( ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام . فمن رام علمَ ما حُظر عنه علمه ، ولم يقنع بالتسليم فهمه ، حجبه مرامه عن خالص التوحيد ، وصافي المعرفة ، وصحيح الإيمان ؛ فيتذبذب بين الكفر والإيمان ، والتصديق والتكذيب ، والإقرار والإنكار ، مُوَسْوِسا تائها شاكا ، لا مؤمنا مصدقا ، ولا جاحدا مكذبا ) [ متن العقيدة الطحاوية ص 14 ] .
وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم طريق دفع الوساوس التي يلقيها الشيطان في قلب العبد ، فيما يتعلق بالله جل جلاله ، فقال : ( يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولَ مَنْ خَلَقَ كَذَا وَكَذَا حَتَّى يَقُولَ لَهُ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ ؟ فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ ) رواه البخاري( 3276 ) ومسلم (134)
قال النووي رحمه الله : مَعْنَاهُ : إِذَا عَرَضَ لَهُ هَذَا الْوَسْوَاس فَلْيَلْجَأْ إِلَى اللَّه تَعَالَى فِي دَفْع شَرّه عَنْهُ , وَلْيُعْرِضْ عَنْ الْفِكْر فِي ذَلِكَ , وَلْيَعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخَاطِر مِنْ وَسْوَسَة الشَّيْطَان , وَهُوَ إِنَّمَا يَسْعَى بِالْفَسَادِ وَالْإِغْوَاء فَلْيُعْرِضْ عَنْ الْإِصْغَاء إِلَى وَسْوَسَته وَلْيُبَادِرْ إِلَى قَطْعهَا بِالِاشْتِغَالِ بِغَيْرِهَا وَاَللَّه أَعْلَم . وراجع كلاما مفيدا في فتاوى الشيخ ابن عثيمين ( 1 / السؤال رقم 18 )
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:23
وأما القرب الذي تبحث عنه وتنشده في عبادتك لربك عز وجل ، فنعم مقام العابدين هو :
( أن تعبد الله كأنك تراه ؛ فإن لم تكن تراه ، فإنه يراك !! ) .
غير أن هذا المقام العظيم الجليل لا يحتاج منك أن تجهد نفسك ، وتشتت قلبك في البحث عن شيء لن تدركه ، وهو تخيل صورة الله عز وجل ؛ وإنما يحتاج منك أن تستحضر من صفات الجلال والكمال والجمال لله عز وجل ما يعينك على حضور القلب في عبادته سبحانه ، والإقبال عليه بكليتك . قال الحافظ ابن رجب رحمه الله : ( وقوله صلى الله عليه وسلم في تفسير الإحسان : أن تعبد الله كأنك تراه .. ، يشير إلى أن العبد يعبد الله على هذه الصفة ؛ وهي استحضار قربه ، وأنه بين يديه ؛ وذلك يوجب الخشية والخوف والهيبة والتعظيم ، كما جاء في رواية أبي هريرة :
" أن تخشى الله كأنك تراه " [ رواه بهذا اللفظ : مسلم (10) ] .
ويوجب أيضا النصح في العبادة وبذل الجهد في تحسينها وإتمامها وإكمالها ) جامع العلوم والحكم 1/104
وقال ابن القيم – رحمه الله - : ومشهد الإحسان أصل أعمال القلوب كلها فإنه يوجب الحياء و الإجلال والتعظيم والخشية والمحبة والإنابة والتوكل والخضوع لله سبحانه والذل له ويقطع الوسواس وحديث النفس ويجمع القلب والهم على الله .
فحظ العبد من القرب من الله على قدر حظه من مقام الإحسان وبحسبه تتفاوت الصلاة حتى يكون بين صلاة الرجلين من الفضل كما بين السماء والأرض وقيامهما وركوعهما وسجودهما واحد .
" رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه " ( ص 38 ، 39 )
وانظر أيضا : جامع العلوم والحكم ، لابن رجب ( 1/103) وما بعدها ، ط دار ابن الجوزي ، معارج القبول ، للشيخ حافظ الحكمي ( 3 / 999 ، 1000 ) .
وقد أشار أهل العلم إلى جملة من الأعمال والأحوال ، متى اجتهد العبد في تحقيقها كانت له عونا على القرب من ربه عز وجل ، وبحسب سعي العبد في القرب من ربه عز وجل ، يكون قرب الله تعالى منه ؛ فأقلَّ إن شئت أو استكثر !!
ومن هذه الأمور :
1. تحقيق التوحيد وترك الشرك الأكبر والأصغر .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
وهذا تحقيق الإخلاص والتوحيد الذي من حققه كان أقرب الخلق إلى الله ، وهو تحقيق كلمة الإخلاص " لا إله إلا الله " .
الاستقامة " ( ص 195 ) .
2. معرفة صفات الله تعالى وأسمائه وأفعاله .
قال ابن القيم – رحمه الله - : ( مشهد الإحسان ، وهو مشهد المراقبة ، وهو أن يعبد الله كأنه يراه ، وهذا المشهد إنما ينشأ من كمال الإيمان بالله وأسمائه وصفاته ، حتى كأنه يرى الله سبحانه فوق سمواته مستوياً على عرشه ، يتكلم بأمره ونهيه ويدبر أمر الخليقة ؛ فينزل الأمر من عنده ويصعد إليه ، وتعرض أعمال العباد وأرواحهم عند الموافاة عليه ؛ فيشهد ذلك كله بقلبه ويشهد أسماءه وصفاته ويشهد قيوماً حيّاً سميعاً بصيراً عزيزاً حكيماً آمراً ناهياً ، يحب ويبغض ، ويرضى ويغضب ، ويفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، وهو فوق عرشه لا يخفى عليه شيء من أعمال العباد ولا أقوالهم ولا بواطنهم ، بل يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور )
رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه ( ص 38 ) .
3. تحقيق الولاية ، ويكون تحقيقها بالإيمان والتقوى ، كما قال تعالى : ( أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ) يونس/62،63 .
قال ابن القيم رحمه الله : ( الولاية هي القرب من الله عز وجل ، فولي الله هو القريب منه ، المختص به ، والولاء هو في اللغة : القرب . )
بدائع الفوائد ( 3 / 621 ) .
4. المداومة على الصلاة ، وبخاصة استشعار القرب من الله تعالى في السجود ؛ فإنه أقرب ما يكون العبد فيه قرباً لربه تعالى ، وكذا الصلاة في آخر الليل . قال تعالى : ( وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ) العلق/19 .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ ) رواه مسلم ( 482 ) .
وعن عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنْ الْعَبْدِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الْآخِرِ فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ ) .
رواه الترمذي ( 3579 ) والنسائي ( 572 ) ، وصححه الألباني في " صحيح الجامع " ( 1173 ) .
5. تحقيق التوبة من الذنوب صغيرها وكبيرها :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( وينبغي أن يعرف أن التوبة لا بد منها لكل مؤمن ولا يكمل أحد ويحصل له كمال القرب من الله ويزول عنه كل ما يكره إلا بها ) .
مجموع الفتاوى " ( 15 / 55 ) .
6. ذكر الله تعالى على كل حال ، من أذكار وأدعية وتسبيح وتحميد وتهليل :
قال ابن القيم رحمه الله : ( والذِّكر يوجب له القرب من الله عز وجل والزلفى لديه ، وهذه هي المنزلة ) .
" الوابل الصيب " ( 1 / 96 ) .
7. تحقيق الخوف منه عز وجل :
قال ابن القيم رحمه الله : ( هذا الخوف على حسب القرب من الله والمنزلة عنده ، وكلما كان العبد أقرب إلى الله كان خوفه منه أشد ؛ لأنه يطالَب بما لا يطالَب به غيره ، ويجب عليه من رعاية تلك المنزلة وحقوقها ما لا يجب على غيره ، ونظير هذا في الشاهد أن الماثل بين يدي أحد الملوك المشاهد له ، أشد خوفاً منه من البعيد عنه ؛ بحسب قربه منه ومنزلته عنده ، ومعرفته به وبحقوقه ، وأنه يطالب من حقوق الخدمة وأدائها بما لا يطالب به غيره ، فهو أحق بالخوف من البعيد ، ومَن تصور هذا حق تصوره فهم قوله ( إني أعلمكم بالله وأشدكم له خشية )
طريق الهجرتين ( 1 / 427 ، 428 ) .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:24
السؤال :
ما حكم التسمية بتبارك ؟
الجواب :
الحمد لله
الذي يظهر هو عدم جواز إطلاق اسم " تبارك " على أحدٍ من المخلوقين ؛ لأنها صفة مختصة بالله تعالى .
قال ابن القيم رحمه الله :
" وأما صفته " تبارك " : فمختصة به تعالى كما أطلقها على نفسه " انتهى .
" بدائع الفوائد " ( 2 / 185 ) .
وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – بعد نقل الأقوال في معاني " تبارك " - :
" الأظهر في معنى ( تَبَـارَكَ ) بحسب اللغة التي نزل بها القرآن : أنه تفاعل من البركة ، كما جزم به ابن جرير الطبري ، وعليه : فمعنى ( تَبَـارَكَ ) : تكاثرت البركات والخيرات من قِبَله ، وذلك يستلزم عظمته وتقدّسه عن كل ما لا يليق بكماله وجلاله ؛ لأن من تأتي من قبله البركات والخيرات ويدرّ الأرزاق على الناس هو وحده المتفرّد بالعظمة ، واستحقاق إخلاص العبادة له ، والذي لا تأتي من قبله بركة ولا خير ، ولا رزق كالأصنام ، وسائر المعبودات من دون اللَّه لا يصحّ أن يعبد ، وعبادته كفر مخلّد في نار جهنّم ، ...
اعلم أن قوله : ( تَبَـارَكَ ) فعل جامد لا يتصرف ، فلا يأتي منه مضارع ، ولا مصدر ، ولا اسم فاعل ، ولا غير ذلك ، وهو مما يختصّ به اللَّه تعالىٰ ، فلا يقال لغيره " تبارك " خلافًا لما تقدّم عن الأصمعي ... وإطلاق العرب ( تَبَـارَكَ ) مسنداً إلى اللَّه تعالىٰ معروف في كلامهم " انتهى .
" أضواء البيان " ( 6 / 262 ، 263 ) .
وقال الشيخ عبد العزيز السلمان رحمه الله :
" ( البركة ) : هي صفته تضاف إليه إضافة الرحمة والعزة ، والفعل منها " تبارك " ، ولهذا لا يقال لغيره كذلك ، ولا يصلح إلا له عَزَّ وجَلَّ ؛ فهو سبحانه المبارِك ، وعبده ورسوله المبارَك ؛ كما قال المسيح : ( وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً ) ، فمن بارك الله فيه : فهو المبارَك ، وأما صفته : فمختصة به ؛ كما أطلق على نفسه بقولـه تعالى : ( تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ ) " انتهى .
" الكواشف الجلية شرح العقيدة الواسطية " ( ص 283 ) .
وعليه : فلا يجوز إطلاق هذا الصفة على أحدٍ إلا الله تعالى ، لأن مختصة به سبحانه وتعالى .
والله أعلم
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:26
السؤال :
هل يمكن أن تشرح هذا الحديث لي ؟
قال الله تعالى " من عادى لي ولياً فقد آذنته بحرب مني، وما تقرب لي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ومازال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها وقدمه التي يمشي بها وإذا سألني لأعطينه وإذا استغفرني لأغفرن له وإذا استعاذني أعذته.
فتح الباري 11.34041 حديث رقم 6502 وقد روى الحديث الإمام البخاري وأحمد بن حنبل والبيهقي ..
الجزء الذي أريد شرحه هو ( كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها وقدمه التي يمشي بها).
الجواب :
الحمد لله
معنى هذا الجزء من الحديث : أن العبد المؤمن إذا اجتهد بالتقرب إلى الله بالفرائض ، ثم بالنوافل قرّبه ربه إليه ، ورقّاه من درجة الإيمان إلى درجة الإحسان ، فيصير يعبد الله كأنه يراه ، فيمتلئ قلبه بمعرفة ربه ،ومحبته ، وتعظيمه ، وخوفه ومهابته ، وإجلاله ، فإذا امتلأ القلب بذلك زال منه كل تعلق بكل ما سوى الله ، ولم يبق للعبد تعلق بشيء من هواه . ولا إرادة إلا ما يريده منه ربه ومولاه ، فحينئذ لا ينطق العبد إلا بذكره , ولا يتحرك إلا بأمره ، فإن نطق نطق بالله ، وإن سمع سمع بالله وإن نظر نظر بالله ، أي بتوفيق الله له في هذه الأمور فلا يسمع إلا ما يحبه الله ، ولا يبصر إلا ما يرضي الله ، ولا يبطش بيده ، ولا يمشي برجله إلا فيما يرضي ربه ومولاه وليس المعنى : أن الله هو سمعه ، وأن الله هو بصره ، وأن الله هو يده ورجله . ـ تعالى الله ـ فإنه سبحانه فوق العرش ، وهو العالي على جميع خلقه ، ولكن مراده سبحانه : أنه يوفقه في سمعه وبصره ومشيه وبطشه ؛ ولهذا جاء في الرواية الأخرى يقول سبحانه : " فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي " يعني : أن يوفقه في أعماله ، وأقواله ، وسمعه ، وبصره ، هذا معناه عند أهل السنة والجماعة ، ومع ذلك يجيب الله دعوته ، فإن سأله أعطاه ، وإن استعان به أعانه ، وإن استعاذ به أعاذه . . إ . هـ .
بتصرف واختصار من ( جامع العلوم والحكم 2 / 347 ، وفتاوى نور على الدرب الشريط ( 10 ) لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله ) .
ومن أشار إلى غير هذا المعنى فقد أساء وظلم و تعدى على مقام الله ، وخالف ما تعرفه العرب من كلامها ، وما تفهمه من مثل هذه الإطلاقات
يقول الشيخ ابن عثيمين في مجموع فتاواه ( 1 / 145 9 ) : " فأنت ترى أن الله تعالى ذكر عبدا ومعبودا ، ومتقرِّبا ، ومتقرَّبا إليه ، ومحبا ومحبوبا ، وسائلا ، ومسئولا ومعطيا ومُعطى , مستعيذا ومستعاذا به ، ومعيذا ومعاذا ، فالحديث يدل على اثنين متباينين كل واحد منهما غير الآخر ، فإذا كان كذلك لم يكن ظاهر قوله كنت سمعه وبصره ويده ورجله " أن الخالق يكون جزءاً من المخلوق ، أو وصفا فيه تعالى الله عن ذلك ، و إنما ظاهره وحقيقته أن الله تعالى يسدد هذا العبد في سمعه وبصره وبطشه ، فيكون سمعه لله تعالى إخلاصا وبه استعانة وفيه شرعا واتباعا وهكذا بصره ، وبطشه ومشيه . إ . هـ .
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:27
السؤال :
سمعت بعض الخطباء في خطبة الجمعة يحث على الاتصاف بصفات الله ، والتخلق بأخلاقه هل لهذا الكلام محمل صحيح ، وهل سبق أن قال ذلك أحد من أهل العلم ؟ .
الجواب :
الحمد لله
فهذا التعبير الذي أشرت إليه غير لائق ، ولكن له محمل صحيح ، وهو الحث على التخلق بمقتضى بعض صفات الله وأسمائه وموجبها ، وذلك بالنظر إلى الصفات التي يحسن من المخلوق أن يتصف بمقتضاها ، بخلاف الصفات المختصة بالله كالخلاق والرزاق والإله ونحو ذلك، فإن هذا شيء لا يمكن أن يتصف به المخلوق ، ولا يجوز أن يدعيه ، وهكذا ما أشبه هذه الأسماء ، وإنما المقصود الصفات التي يحب الله من عباده أن يتصفوا بمقتضاها ، كالعلم والقوة في الحق ، والرحمة والحلم والكرم والجود والعفو وأشباه ذلك ، فهو سبحانه عليم يحب العلماء ، قوي يحب المؤمن القوي ، أكثر من حبه للمؤمن الضعيف ، كريم يحب الكرماء، رحيم يحب الرحماء عفو يحب العفو ، إلخ
لكن الذي لله سبحانه من هذه الصفات وغيرها أكمل وأعظم من الذي للمخلوق ، بل لا مقارنة بينهما ؛ لأنه سبحانه ليس كمثله شيء في صفاته وأفعاله ، كما أنه لا مثيل له في ذاته ، وإنما حسب المخلوق أن يكون له نصيب من معاني هذه الصفات ، بحسب ما يليق به ويناسبه على الحد الشرعي ، فلو تجاوز في الكرم الحد صار مسرفا ، ولو تجاوز في الرحمة الحد عطل الحدود والتعزيرات الشرعية ، وهكذا لو زاد في العفو على الحد الشرعي وضعه في غير موضعه ، وهذه الأمثلة تدل على سواها، وقد نص العلامة ابن القيم رحمه الله على هذا المعنى في كتابيه: (عدة الصابرين) و(الوابل الصيب)
وإليك نص كلامه في العدة والوابل ، قال في العدة صفحة 310 :" ولما كان سبحانه هو الشكور على الحقيقة، كان أحب خلقه إليه من اتصف بصفة الشكر، كما أن أبغض خلقه إليه من عطلها ، أو اتصف بضدها ، وهذا شأن أسمائه الحسنى، أحب خلقه إليه من اتصف بموجبها، وأبغضهم إليه من اتصف بأضدادها، ولهذا يبغض الكافر والظالم والجاهل، والقاسي القلب والبخيل والجبان ، والمهين واللئيم ، وهو سبحانه جميل يحب الجمال ، عليم يحب العلماء، رحيم يحب الراحمين ، محسن يحب المحسنين ، سِتِّير يحب أهل الستر، قادر يلوم على العجز، والمؤمن القوي أحب إليه من المؤمن الضعيف ، فهو عفو يحب العفو، وتر يحب الوتر، وكلما يحبه فهو من آثار أسمائه وصفاته وموجبها ، وكلما يبغضه فهو مما يضادها وينافيها ".
وقال في (الوابل الصيب) صفحة 43 من مجموعة الحديث: " والجود من صفات الرب جل جلاله، فإنه يعطي ولا يأخذ ، ويطعم ولا يطعم ، وهو أجود الأجودين، وأكرم الأكرمين، وأحب الخلق إليه من اتصف بمقتضيات صفاته، فإنه كريم يحب الكرماء من عباده ، وعالم يحب العلماء وقادر يحب الشجعان ، وجميل يحب الجمال" انتهى.
وأرجو أن يكون فيما ذكرناه كفاية وحصول للفائدة، وأسأل الله سبحانه أن يوفقنا جميعا للفقه في دينه والقيام بحقه إنه سميع قريب
والحمد لله رب العالمين .
انظر : مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله ( 1 / 133 ).
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:28
السؤال :
ما الفرق بين أسماء الله وصفاته ؟.
الجواب :
الحمد لله
أسماء الله كل ما دل على ذات الله مع صفات الكمال القائمة به مثل القادر ، العليم ، الحكيم ، السميع ، البصير ، فإن هذه الأسماء دلت على ذات الله وعلى ما قام بها من العلم والحكمة والسمع والبصر ، فالاسم دل على أمرين ، والصفة دلت على أمر واحد ، ويقال : الاسم متضمن للصفة والصفة مستلزمة للاسم ، ويجب الإيمان بكل ما ثبت منهما عن الله تعالى أو عن النبي صلى الله عليه وسلم على الوجه اللائق بالله سبحانه مع الإيمان بأنه سبحانه لا يشبه خلقه ، في شيء من صفاته ، كما أنه سبحانه لا يشبههم في ذاته لقوله تعالى : ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد ) سورة الإخلاص
وقوله سبحانه : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) الشورى/11
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
( فتاوى الشيخ ابن باز ) .
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:29
السؤال :
ما حكم قول بعض الناس : ( يا وجه الله ) ؟.
الجواب :
الحمد لله
ما تنبغي ، وممكن أن مقصودهم الذات .
من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله ص 1/117 .
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:30
السؤال :
هذا السؤال يتكرر كثيراً وهو :
من هو مثلك الأعلى وتختلف الإجابة باختلاف الأشخاص هناك من يقول : محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهناك من يقول : والدي وهكذا .
ما رأي سماحتكم حفظكم الله في هذا السؤال ؟ وما علاقته بآية سورة النحل رقم 60 وهي قوله تعالى : ( لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) وكذا آية سورة الروم رقم 27 وهي قوله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الحكيم ) ؟ . أفيدونا أثابكم الله .
الجواب :
الحمد لله
المعنى يختلف فيما أشرت إليه فإذا أريد بيان من هو الأحق بالوصف الأعلى فالجواب هو الله وحده؛ لأنه سبحانه هو الذي له المثل الأعلى في كل شيء ومعناه الوصف الأعلى ، وهو سبحانه الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله لا شبيه له ولا كفو له ولا ند له
وهذا المعنى هو المراد في الآيتين الكريمتين المذكورتين في سؤالك ، وقد قال الله عز وجل : ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، اللَّهُ الصَّمَدُ ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ )
وقال سبحانه : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )
أما إن أريد من هو المثل الأعلى في المنهج والسيرة فإنه يفسر بالرسول صلى الله عليه وسلم فإنه أكمل الناس هديا وسيرة وقولا وعملا وهو المثل الأعلى للمؤمنين في سيرتهم وأعمالهم وجهادهم وصبرهم وغير ذلك من الأخلاق الفاضلة كما قال الله سبحانه : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا )
وقال عز وجل في وصف نبيه صلى الله عليه وسلم : ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) قالت عائشة رضي الله عنها : ( كان خلقه القرآن ) والمعنى أنه كان عليه الصلاة والسلام يعمل بأوامر القرآن وينتهي عن نواهيه ويتخلق بالأخلاق التي أثنى القرآن على أهلها ويبتعد عن الأخلاق التي ذم القرآن أهلها .
والله ولي التوفيق .
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز يرحمه الله ، م/4 ، ص/425.
*عبدالرحمن*
2018-02-21, 03:32
السؤال :
قرأت حديثاً أن الله تعالى يقول : أنا الدهر .
فهل معنى ذلك أن الدهر من أسماء الله الحسنى ؟.
الجواب :
الحمد لله
هذا الحديث الذي أشار إليه السائل رواه البخاري (4826) ومسلم (2246) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ ، يَسُبُّ الدَّهْرَ ، وَأَنَا الدَّهْرُ ، بِيَدِي الْأَمْرُ ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ) .
ولا يدل هذا الحديث على أن الدهر من أسماء الله ، وإنما معنى الحديث أن الله تعالى هو الذي يقلب الدهر ويصرفه .
قَالَ الْخَطَّابِيُّ :
مَعْنَاهُ : أَنَا صَاحِب الدَّهْر ، وَمُدَبِّر الْأُمُور الَّتِي يَنْسُبُونَهَا إِلَى الدَّهْر , فَمَنْ سَبَّ الدَّهْر مِنْ أَجْل أَنَّهُ فَاعِل هَذِهِ الأُمُور عَادَ سَبّه إِلَى رَبّه الَّذِي هُوَ فَاعِلهَا اهـ .
وقال النووي :
وَمَعْنَى "فَإِنَّ اللَّه هُوَ الدَّهْر" أَيْ : فَاعِل النَّوَازِل وَالْحَوَادِث , وَخَالِق الْكَائِنَات . وَاللَّهُ أَعْلَم اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"الدهر ليس من أسماء الله سبحانه وتعالى ، ومن زعم ذلك فقد أخطأ وذلك لسببين :
السبب الأول :
أن أسماءه سبحانه وتعالى حسنى ، أي بالغة في الحسن أكمله ، فلابد أن تشتمل على وصف ومعنى هو أحسن ما يكون من الأوصاف والمعاني في دلالة هذه الكلمة ، ولهذا لا تجد في أسماء الله تعالى اسماً جامداً ( أي : لا يدل على معنى ) ، والدهر اسم جامد لا يحمل معنى إلا أنه اسم للأوقات .
السبب الثاني :
أن سياق الحديث يأبى ذلك ، لأنه قال : " أقلب الليل والنهار " والليل والنهار هما الدهر فكيف يمكن أن يكون المقلَّب بفتح اللام هو المقلِّب بكسر اللام ؟!" اهـ .
فتاوى الشيخ ابن عثيمين (1/163) .
و اخيرا ً
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-02-22, 02:41
اخوة الاسلام
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
السؤال :
عندما يُطرح علي السؤال "أين الله ؟" ، أجيب ، بأنه "فوق السماوات السبع والعرش".
لكن، إذا أخذنا الحديث الذي فيه أن الله ينزل للسماء السفلى في آخر جزء من الليل،
فإذا سأل شخص ، أين الله ؟ ، وذكر بأن الوقت (عند طرح السؤال) هو آخر ثلث من الليل ، فماهو الرد الذي يقال له ؟ ونقطة أخرى هي أن بعض الناس يقولون بأن الجزء الأخير من الليل هو مستمر في كل الوقت ( في مكان ما من الأرض وفي وقت محدد من الزمن ) ، ومن ذلك فإنهم يستنتجون أن الله ليس على عرشه .
الجواب :
الحمد لله
يجب علينا أولا معرفة عقيدة أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته . فعقيدة أهل السنة والجماعة هي إثبات ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ، ويعتقدون ما أمرهم الله باعتقاده فقال تعالى : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) .
وقد أخبرنا الله سبحانه عن نفسه فقال تعالى : ( إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) الأعراف/54 وقال تعالى : ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ) طه/5 وغيرها من الآيات التي فيها ذكر استواء الله تعالى على عرشه .
واستواء الله تعالى على عرشه ، علوه عليه بذاته ، علوا خاصا يليق بجلاله وعظمته لا يعلم كيفيتها إلا هو .
وقد ثبت كذلك في السنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه وتعالى ينزل في الثلث الأخير من الليل فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ رواه البخاري( كتاب التوحيد/6940) ومسلم ( صلاة المسافرين/1262) .
والنزول عند أهل السنة معناه : أنه ينزل سبحانه بنفسه إلى السماء الدنيا نزولاً حقيقيا يليق بجلاله ولا يعلم كيفيته إلا هو .
ولكن هل يستلزم نزول الله عز وجل خلو العرش منه أو لا ؟ قال الشيخ ابن عثيمن في مثل هذا السؤال : نقول أصل هذا السؤال تنطُّعٌ وإيراده غير مشكور عليه مورده ، لأننا نسأل هل أنت أحرص من الصحابة على فهم صفات الله ؟ إن قال : نعم . فقد كذب . وإن قال : لا . قلنا فلْيَسَعْكَ ما وسعهم ، فهم ما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالوا : يارسول الله إذا نزل هل يخلو منه العرش ؟ وما لك ولهذا السؤال ، قل ينزل واسكت يخلو منه العرش أو ما يخلو ، هذا ليس إليك ، أنت مأمور بأن تصدِّق الخبر ، لا سيما ما يتعلق بذات الله وصفاته لأنه أمر فوق العقول .
مجموع فتاوى الشيخ محمد العثيمين 1/204- 205
قال شيخ الإسلام رحمه الله في هذه المسألة : والصواب أنه ينزل ولا يخلو منه العرش ، وروح العبد في بدنه لا تزال ليلاً ونهاراً إلى أن يموت ووقت النوم تعرج .. قال : والليل يختلف فيكون ثلث الليل بالمشرق قبل ثلثه بالمغرب ونزوله الذي أخبر به رسوله إلى سماء هؤلاء في ثلث ليلهم وإلى سماء هؤلاء في ثلث ليلهم لا يشغله شأن .. انظر مجموع فتاوى ابن تيمية 5/132
والاستواء والنزول من الصفات الفعلية التي تتعلق بمشيئة الله . فأهل السنة والجماعة يؤمنون بذلك ، ولكنهم في هذا الإيمان يتحاشون التمثيل والتكييف ، أي أنهم لا يمكن أن يقع في نفوسهم أن نزول الله كنزول المخلوقين واستواءه على العرش كاستوائهم ، لأنهم يؤمنون بأن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، ويعلمون بمقتضى العقل ما بين الخالق والمخلوق من التباين العظيم في الذات والصفات والأفعال ولا يمكن أن يقع في نفوسهم كيف ينزل ؟ وكيف استوى على العرش ؟ والمقصود أنهم لا يكيِّفون صفاته مع إيمانهم بأن لها كيفية لكنها غير معلومة لنا وحينئذ لا يمكن أبداً أن يتصور الكيفية .
ونحن نعلم علم اليقين أن ما جاء في كتاب الله تعالى أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم فهو حق لا يناقض بعضه بعضاً لقول الله تعالى : ( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ) ولأن التناقض في الأخبار يستلزم تكذيب بعضها بعضاً وهذا محال في خبر الله تعالى ورسوله .
ومن توَهَّم التَّناقض في كتاب الله تعالى أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو بينهما إما لقلَّة علمه أو قصور فهمه أو تقصيره في التدبر ، فليبحث عن العلم وليجتهد في التدبر حتى يتبين له الحق . فإن لم يتبين له الحق فليَكِل الأمر إلى عالمه وليكُفَّ عن توهُّمِه وليقل كما قال الراسخون في العلم : ( آمنا به كل من عند ربنا ) وليعلم أن الكتاب والسنة لا تناقض فيهما ولا بينهما اختلاف . والله أعلم
انظر فتاوى ابن عثيمين 3/237- 238
وتوهّم تعارض النزول إلى السماء الدنيا مع الاستواء على العرش والعلو فوق السماء ناشئ عن قياس الخالق على المخلوق ، وإذا كان الإنسان لا يتصوَّر بعقله غيبيات مخلوقة كنعيم الجنة فكيف يستطيع أن يتصور الخالق عز وجل علام الغيوب ، فنؤمن بما ورد من الاستواء والنزول والعلو لله ونثبته كما يليق بجلاله وعظمته .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-02-22, 02:42
السؤال :
هل يصح أن يسمى الله بالمتكلم أو الباطش لأنه ورد أنه يفعل ذلك ؟.
الجواب :
الحمد لله
أسماء الله تعالى كلها توقيفية أي ( أنه يجب الوقوف فيها على ما جاء في الكتاب والسنة فلا يزاد فيها ولا ينقص ) وعليه فلا يصح أن يسمى الله إلا بما سمى به نفسه في كتابه أو أطلقه عليه رسوله صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه من الأحاديث ، لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء فوجب الوقوف على النص لقوله تعالى : ( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ) الإسراء/26 . ولأن تسميته تعالى بما لم يسم به نفسه أو إنكار ما سمى به نفسه جناية في حقه تعالى فوجب سلوك الأدب في ذلك ، والاقتصار على ما جاء به النص .
وأما ما ورد في القرآن والسنة على سبيل الوصف أو الخبر فقط ، بحيث لم يرد تسمية الله به ، فلا يصح أن نسميه به ، وذلك لأن من صفات الله ما يتعلق بأفعاله ، وأفعال الله لا منتهى لها كما أن أقواله لا منتهى لها .
ومن أمثلة ذلك أن من صفات الله الفعلية ( المجيء والإتيان ، والأخذ ، والإمساك ، والبطش ) إلى غير ذلك من الصفات التي لا تحصى كما قال تعالى : ( وجاء ربك ) الفجر/22 وقال : ( ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ) الحج /65 وقال : ( إن بطش ربك لشديد ) البروج /12 ، فنصف الله تعالى بهذه الصفات على الوجه الوارد ، ولا نسميه بها فلا نقول إن من أسمائه الجائي والآتي والآخذ والممسك والباطش ، ونحو ذلك وإن كنا نخبر بذلك عنه ونصفه به ."
والله أعلم .
يراجع : ( القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى 13 , 21 )
للشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
*عبدالرحمن*
2018-02-22, 02:44
السؤال :
أجادل مسيحيا فيقول لي : إن لله روحا . فسؤالي هل لله روح ؟ ( روح كروح الإنسان والملائكة وسائر الخلق ) وهل الروح شئ مخلوق أم ماذا ؟ .
الجواب :
الحمد لله
ليس لأحد أن يصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه ، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم ، لأنه لا أحد أعلم بالله من الله تعالى ، ولا مخلوق أعلم بخالقه من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال الله تعالى : ( قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ ) البقرة/140. ( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ) الإسراء/36 .
والروح ليست من صفات الله تعالى ، بل هي خلق من مخلوقات الله تعالى . وأضيفت إلى الله تعالى في بعض النصوص إضافة ملك وتشريف ، فالله خالقها ومالكها ، يقبضها متى شاء ، ويرسلها متى شاء .
فالقول في الروح ، كالقول في (بيت الله) و (ناقة الله) و (عباد الله) و (رسول الله) فكل هذه مخلوقات أضيفت لله تعالى للتشريف والتكريم .
ومن النصوص التي أضيفت فيها الروح إلى الله : قوله تعالى : ( ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِه ) السجدة/9 . وهذا في حق آدم عليه السلام .
وقال سبحانه وتعالى عن آدم أيضاً : ( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) الحجر/29 .
وقال تعالى : ( فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً ) مريم/17- 19 .
فالروح هنا هو عبد الله ورسوله جبريل الذي أرسله إلى مريم . وقد أضافه الله إليه في قوله (رُوحَنَا) فالإضافة هنا للتكريم والتشريف ، وهي إضافة مخلوق إلى خالقه سبحانه وتعالى .
وفي حديث الشفاعة الطويل : ( فَيَأْتُونَ مُوسَى ، فَيَقُولُ : لَسْتُ لَهَا ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِعِيسَى ، فَإِنَّهُ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ ) رواه البخاري (7510) ومسلم (193) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فليس في مجرد الإضافة ما يستلزم أن يكون المضاف إلى الله صفة له ، بل قد يضاف إليه من الأعيان المخلوقة وصفاتها القائمة بها ما ليس بصفة له باتفاق الخلق ، كقوله تعالى (بيت الله) و (ناقة الله) و(عباد الله) بل وكذلك روح الله عند سلف المسلمين وأئمتهم وجمهورهم . ولكن إذا أضيف إليه ما هو صفة له وليس بصفة لغيره مثل كلام الله وعلم الله ويد الله ونحو ذلك كان صفة له " انتهى من "الجواب الصحيح" (4/414) .
وهذه القاعدة ذكرها شيخ الإسلام في مواضع ، وحاصلها أن المضاف إلى الله نوعان :
1- أعيان قائمة بذاتها ، فهذه الإضافة للتشريف والتكريم ، كبيت الله وناقة الله ، وكذلك الروح ، فإنها ليست صفة ، بل هي عين قائمة بنفسها ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث البراء بن عازب الطويل في وفاة الإنسان وخروج روحه : ( فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ ) ( فَيَأْخُذُهَا (يعني يأخذ ملك الموت الروح ) فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا (يعني الملائكة) فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ ) (وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ قَالَ فَيَصْعَدُونَ بِهَا ) . انظر روايات الحديث في "أحكام الجنائز" للألباني (ص 198) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ ) رواه مسلم (920) أي : إذا خرجت الروح تبعها البصر ينظر إليها أين تذهب . فهذا كله يدل على أن الروح عين قائمة بنفسها .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-22, 02:45
2- صفات لا تقوم بنفسها ، بل لا بد لها من موصوف تقوم به ، كالعلم والإرادة والقدرة ، فإذا قيل : علم الله ، وإرادة الله ، فهذا من إضافة الصفة إلى الموصوف .
قال ابن القيم رحمه الله في كتاب "الروح" :
" المسألة السابعة عشرة : وهي هل الروح قديمة أو محدثة مخلوقة ؟
ثم قال : فهذه مسألة زل فيها عالَمٌ ، وضل فيها طوائف من بنى آدم ، وهدى الله أتباع رسوله فيها للحق المبين ، والصواب المستبين ، فأجمعت الرسل صلوات الله وسلامه عليهم على أنها محدثة مخلوقة مصنوعة مربوبة مدبَّرة ، هذا معلوم بالاضطرار من دين الرسل صلوات الله وسلامه عليهم ، كما يعلم بالاضطرار من دينهم أن العالم حادث ، وأن معاد الأبدان واقع ، وأن الله وحده الخالق وكل ما سواه مخلوق له " ثم نقل عن الحافظ محمد بن نصر المروزي قوله : " ولا خلاف بين المسلمين أن الأرواح التي في آدم وبنيه وعيسى ومن سواه من بنى آدم كلها مخلوقة لله ، خلقها وأنشأها وكونها واخترعها ثم أضافها إلى نفسه كما أضاف إليه سائر خلقه قال تعالى : ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ ) الجاثـية/13 "
انتهى من "الروح" (ص144) .
وربما أشكل على بعض الناس قوله سبحانه في شأن عيسى عليه السلام : ( إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ) النساء/171 . فظنوا كما ظنت النصارى أن (مِِْن) للتبعيض ، وأن الروح جزء من الله . والحق أن (مِِْن) هنا لابتداء الغاية ، أي هذه الروح من عند الله ، مبدأها ومنشأها من الله تعالى ، فهو الخالق لها ، والمتصرف فيها .
قال ابن كثير رحمه الله :
" فقوله في الآية والحديث : ( وَرُوحٌ مِنْهُ ) كقوله : ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ ) أي من خلقه ومِنْ عنده ، وليست (مِنْ) للتبعيض كما تقوله النصارى عليهم لعائن الله المتتابعة ، بل هي لابتداء الغاية كما في الآية الأخرى ، وقد قال مجاهد في قوله : (وروح منه) أي ورسول منه ، وقال غيره : ومحبة منه ، والأظهر الأول ، وهو أنه مخلوق من روح مخلوقة . وأضيفت الروح إلى الله على وجه التشريف ، كما أضيفت الناقة والبيت إلى الله في قوله : ( هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ ) الأعراف/73 ، وفي قوله : ( وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ ) الحج/26 . وكما روي في الحديث الصحيح : ( فأدخل على ربي في داره ) أضافها إليه إضافة تشريف ، وهذا كله من قبيل واحد ونمط واحد " انتهى من "تفسير ابن كثير" (1/784) .
وقال الألوسي رحمه الله : : حكي أن طبيبا نصرانيا حاذقا للرشيد ناظر على بن الحسين الواقدى المروزى ذات يوم فقال له : إن في كتابكم ما يدل على أن عيسى عليه السلام جزء منه تعالى ، وتلا هذه الآية : ( إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ) فقرأ الواقدي قوله تعالى : ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ ) الجاثـية/13 . فقال : إذاً يلزم أن يكون جميع الأشياء جزءاً منه سبحانه وتعالى علوا كبيرا ، فانقطع النصراني فأسلم ، وفرح الرشيد فرحا شديدا " .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-22, 02:45
وقال رحمه الله : " لا حجة للنصارى على شيء مما زعموا في تشريف عيسى عليه السلام بنسبة الروح إليه ؛ إذ لغيره عليه السلام مشاركة له في ذلك ، ففي إنجيل لوقا : قال يسوع لتلاميذه : إن أباكم السماوي يعطي روح القدس الذين يسألونه .
وفى إنجيل متى : إن يوحنا المعمداني امتلأ من روح القدس وهو في بطن أمه .
وفى التوراة : قال الله تعالى لموسى عليه السلام : اختر سبعين من قومك حتى أفيض عليهم من الروح التي عليك .
وفيها في حق يوسف عليه السلام : يقول الملك : هل رأيتم مثل هذا الفتى الذي روح الله تعالى عز وجل حال فيه .
وفيها أيضا : إن روح الله تعالى حلت على دانيال . . . إلى غير ذلك " انتهى من "روح المعاني" (6/25) .
وجاء في إنجيل لوقا (1/41) : ( وامتلأت الياصبات من الروح القدس ) .
وقوله (1/25، 26) : ( وكان في أورشليم رجل صالح تقي اسمه سِمعان ، ينتظر الخلاص لإسرائيل ، والروح القدس كان عليه ، وكان الروح القدس أوحى إليه أنه لا يذوق الموت قبل أن يرى مسيح الرب . فجاء إلى الهيكل بوحي من الروح ) فهذا صريح في أن الروح ملَك يأتي بالوحي ، وصريح أيضا في أن عيسى عليه السلام (مسيح الرب) فهو عبد لله تعالى ، والله هو الذي مسحه ، وجعلها مسيحا .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-22, 02:46
السؤال:
ما أهمية معرفة أسماء الله الحسنى ؟
الجواب:
الحمد لله
لمعرفة أسماء الله تعالى أهمية كبيرة لأجل ما يلي :
1- أن العلم بالله وأسمائه وصفاته أشرف العلوم وأجلها على الإطلاق ، لأن شرف العلم بشرف المعلوم ، والمعلوم في هذا العلم هو الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله ، فالاشتغال بفهم هذا العلم ، والبحث التام عنه ، اشتغال بأعلى المطالب ، وحصوله للعبد من أشرف المواهب ، ولذلك بينه الرسول صلى الله عليه وسلم غاية البيان ، ولاهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم ببيانه لم يختلف فيه الصحابة رضي الله عليهم كما اختلفوا في الأحكام .
2- أن معرفة الله تدعو إلى محبته وخشيته ، وخوفه ورجائه ، وإخلاص العمل له ، وهذا هو عين سعادة العبد ، ولا سبيل إلى معرفة الله ، إلا بمعرفة أسمائه الحسنى ، والتفقه في فهم معانيها .
3- أن معرفة الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى ، مما يزيد الإيمان ، كما قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله : ( إن الإيمان بأسماء الله الحسنى ومعرفتها يتضمن أنواع التوحيد الثلاثة : توحيد الربوبية ، وتوحيد الإلهية ، وتوحيد الأسماء والصفات ، وهذه الأنواع هي روح الإيمان ورَوحه " الروح : هو الفرح ، والاستراحة من غم القلب " ، وأصله وغايته ، فكلما زاد العبد معرفة بأسماء الله وصفاته ازداد إيمانه وقوي يقينه ) التوضيح والبيان لشجرة الإيمان للسعدي ص 41 .
4- أن الله خلق الخلق ليعرفوه ويعبدوه ، وهذا هو الغاية المطلوبة منهم ، لأنه كما يقول ابن القيم رحمه الله : ( مفتاح دعوة الرسل ، وزبدة رسالتهم ، معرفة المعبود بأسمائه وصفاته وأفعاله ؛ إذ على هذه المعرفة تبنى مطالب الرسالة كلها من أولها إلى آخرها ) . الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة لابن القيم ( 1/150-151 ) فالاشتغال بمعرفة الله ، اشتغال بما خلق له العبد ، وتركه وتضييعه إهمال لما خلق له ، وليس معنى الإيمان هو التلفظ به فقط دون معرفة الله ، لأن حقيقة الإيمان بالله أن يعرف العبد ربه الذي يؤمن به ، ويبذل جهده في معرفة الله بأسمائه وصفاته ، وبحسب معرفته بربه يزداد إيمانه .
5- أن العلم بأسماء الله الحسنى أصل للعلم بكل معلوم ، كما يقول ابن القيم رحمه الله : ( إن العلم بأسماء الله الحسنى أصل للعلم بكل معلوم ، فإن هذه المعلومات سواه إما أن تكون خلقاً له تعالى أو أمراً ، إما علم بما كوَّنه ، أو علم بما شرعه ، ومصدر الخلق والأمر عن أسمائه الحسنى ، وهما مرتبطان بها ارتباط المقتضى بمقتضيه .. وإحصاء الأسماء الحسنى ، أصل لإحصاء كل معلوم ، لأن المعلومات هي من مقتضاها ومرتبطة بها ... )
بدائع الفوائد لابن القيم ( 1/163 ) ، من كتاب أسماء الله الحسنى ص 6-8
*عبدالرحمن*
2018-02-22, 02:48
السؤال :
قرأت مؤخراً توثيقاً بأن الرشيد اسم من أسماء الله ولست أدرى هل هذه المعلومات أصح من المعلومات التي لدي من كتاب تحفة الذاكرين للشوكاني.
هل يمكن أن توضح هذا لي ؟
الجواب :
الحمد لله
ليس من أسماء الله تعالى ( الرشيد ) لأنه لم يرد في القرآن ولا في السنة الصحيحة ، وأسماء الله توقيفية ، فلا يجوز أن يُسمى الله إلا بما سمى به نفسه أو سمّاه به رسوله صلى الله عليه وسلم
والله الموفق .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-02-22, 02:50
السؤال :
كيف للمسلم أن يتخيل الله ؟ أعلم بأنه لا يمكن رؤية الله ، فهل أتخيله على هيئة آدمي أم نور؟
أرجو أن تساعدني جزاك الله خيرا والسلام .
الجواب :
الحمد لله
قال الله تعالى : " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " فهو تعالى لا مثيل له ولا شبيه له ولا كفو له ولا ند له ، وهو تعالى منزه عن مماثلة المخلوقين ، وكل ما يخطر ببال ابن آدم نحو ربه فالله تعالى أعظم من ذلك ، ولا يمكن للمخلوق أن يحيط به جل وعلا ولا أن يتخيل صورته ، قال عز وجل : " ولا يحيطون به علما " ، وليس المسلم مكلفاً أصلا أن يتخيل الله أو يتصوره ، بل عليه أن يعتقد أن لله الصفات العلى التي تليق بعظمته وجلاله لا يماثله أحد فيها ، ومن عقيدة المسلمين أن الله تعالى لا يُرى في الدنيا كقوله عز وجل : " لا تدركه الأبصار " ، إنما يراه المؤمنون في الآخرة في العرصات - في أرض المحشر - وفي الجنة ، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم - كما في صحيح مسلم - : هل رأيت ربك ؟ قال : رأيت نورا ، وفي رواية : " نورٌ أنى أراه ؟ " أي كيف أراه ، وهذا موافق لقول الله تعالى لموسى في سورة الأعراف : " لن تراني " أي في الدنيا .
فلم ير النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره ربه بعيني رأسه ، وفي الآخرة إذا رآه الناس في المحشر خروا له سجّدا لعظمته وجلاله ، وتكون رؤيته في الجنة أعظم نعمة يعطاها أهل الجنة على الإطلاق .
فعليك يا أخي أن تتعرف على الله تعالى بأسمائه وصفاته التي أخبر عنها في كتابه وأخبر عنه بها رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا تكلف نفسك ما لا تطيق وانصرف إلى ما أمرك به ربك واترك عنك وساوس الشيطان وفقك الله لمرضاته .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-02-22, 02:51
السؤال :
ما معنى اسم الله عز وجل المؤمن ؟.
الجواب :
الحمد لله
الله سبحانه هو المؤمن المصدق الصادقين ، دعا خلقه إلى الإيمان به ، وهو يملك أمان خلقه في الدنيا والآخرة ، ووحد نفسه بقوله : ( شهد الله أنه لا إله إلا هو ) آل عمران/18
والمؤمن : هو مصدق عباده المؤمنين أي يصدقهم على إيمانهم بقبول صدقهم وإيمانهم وإثابتهم عليه ، كما أنه يصدق ما وعد عبده من الثواب .
وهو مؤمن لأوليائه يؤمنهم عذابه وبأسه فأمنوا فلا يأمن إلا من آمنه ، وهو سبحانه يصدق ظنون عباده ولا يخيب آمالهم .
وهو سبحانه الذي وحّد نفسه بقوله : ( وإلهكم إله واحد ) البقرة/163
وهو الذي أمن الخلق من ظلمه ، وأمن من عذابه من لا يستحقه .
وهو الذي يصدق عباده المسلمين يوم القيامة إذا سأل الأمم عن تبليغ رسلهم ، قال تعالى : ( ويؤمن للمؤمنين ) التوبة /61 أي يصدقهم .
وكل هذه الصفات لله عز وجل لأنه صدّق بقوله ما دعا إليه عباده من توحيد ، وأمن الخلق من ظلمه ، ووعد الجنة لمن آمن به ، والنار لمن كفر به ، وهو مصدق وعده .
كتاب شرح أسماء الله تعالى الحسنى للدكتورة حصة الصغير ص 220.
*عبدالرحمن*
2018-02-22, 02:52
السؤال :
ما معنى اسم الله عز وجل المقدم والمؤخر ؟.
الجواب :
الحمد لله
الله سبحانه هو الذي يقدم ما يجب تقديمه من شيء حكماً وفعلاً على ما أحب وكيف أحب ، وما قدمه فهو مقدم ، وما أخره فهو مؤخر ، وهو الذي يؤخر ما يجب تأخيره ، والحكمة والصلاح فيما يفعله الله تعالى ، وإن خفي علينا وجه الحكمة والصلاح فيه .
وهو سبحانه المنزل الأشياء منازلها يقدم ما شاء منها ، ويؤخر ما شاء ، قدم المقادير قبل خلق الخلق ، وقدم من أحب من أوليائه على غيرهم من عبيده ، ورفع الخلق بعضهم فوق بعض درجات ، وقدم من شاء بالتوفيق إلى مقامات السابقين ، وأخر من شاء عن مراتبهم ، وأخر الشيء عن حين توقعه ، لعلمه بما في عواقبه الحكمة ، فلا مقدم لما أخر ولا مؤخر لما قدم .
والتقديم يشمل :
التقديم الكوني :
كتقديم بعض المخلوقات على بعض ، وتقديم الأسباب على مسبباتها والشروط على مشروطاتها .
والتقديم الشرعي :
كتفضيل بعض الأنبياء على بعض ، وتفضيلهم جميعاً على الخلق ، وتفضيل بعض العباد على بعض ، وكل ما سبق تبع لحكمته سبحانه .
قال ابن القيم :
وهو المقدم والمؤخر ذانك الـو
صفان للأفعال تابعان
وهما صفات الذات أيضاً إذ هما
بالذات لا بالغير قائمتان
كتاب شرح أسماء الله تعالى الحسنى للدكتورة حصة الصغير ص 218.
*عبدالرحمن*
2018-02-22, 02:53
السؤال :
أعرف أن الله فوق السماء والأرض والكل تحته . فهل هذا يعني أن العرش فوق السماء السابعة ؟ .
الجواب :
الحمد لله
مما لا شك فيه أن العرش فوق السماء السابعة بل هو أعلى المخلوقات كلها .
وقد دلت الأدلة الصريحة على ذلك .
فمن ذلك ما رواه البخاري ( 2581 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ وفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ " .
وقد تقرر عند جميع المسلمين ، أن الجنة فوق السماء السابعة ، فإذا كان العرش فوق الجنة لزم من ذلك أن يكون العرش فوق السماء السابعة .
ومما يشهد لهذا المعنى ويدل عليه ما رواه مسلم في صحيحه ( 4136 ) عن عَبْد اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الأَنْصَارِ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ... وَلَكِنْ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى اسْمُهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا سَبَّحَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ ثُمَّ سَبَّحَ أَهْلُ السَّمَاءِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ التَّسْبِيحُ أَهْلَ هَذِهِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا ثُمَّ قَالَ الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ لِحَمَلَةِ الْعَرْشِ: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ فَيُخْبِرُونَهُمْ مَاذَا قَالَ. قَالَ : فَيَسْتَخْبِرُ بَعْضُ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ بَعْضًا حَتَّى يَبْلُغَ الْخَبَرُ هَذِهِ السَّمَاءَ الدُّنْيَا " فهذا ظاهر جداً في أن العرش وحملته فوق جميع السماوات .
ومن ذلك مَا أَخْرَجَهُ اِبْن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحه ( 105 ) وفي كتاب التوحيد له (رقم 594 ) عَنْ اِبْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ : " بَيْن السَّمَاء الدُّنْيَا وَاَلَّتِي تَلِيهَا خَمْسمِائَةِ عَام , وَبَيْن كُلّ سَمَاء مسيرة خَمْسمِائَةِ عَام . وَفِي رِوَايَة " وَغِلَظ كُلّ سَمَاء مَسِيرَة خَمْسمِائَةِ عَام , وَبَيْن السماء السَّابِعَة وَبَيْن الْكُرْسِيّ خَمْسمِائَةِ عَام , وَبَيْن الْكُرْسِيّ وَبَيْن الْمَاء خَمْسمِائَةِ عَام , وَالْعَرْش فَوْق الْمَاء وَاَللَّه فَوْق الْعَرْش وَلا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْ أَعْمَالكُمْ " وصححه الذهبي في العلو ( ص64 ) وابن القيم في اجتماع الحيوش الإسلامية ( ص 100 ) .
وما أخرجه الذهبي في كتاب العلو كما في مختصره ( 35 )عن عبد الله بن عمرو قال : جعل الله فوق السماء السابعة الماء ، وجعل فوق الماء العرش " وقال الشيخ الألباني : إسناده صحيح.
وقد نص العلماء رحمهم الله تعالى على أن العرش سقف المخلوقات وأعلاها .
قال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" (4/203) :
والعرش هو سقف المخلوقات وأعظمها اهـ بتصرف يسير .
وكذا قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (6/581) ، (25/1998) .
وقاله ابن كثير في "البداية والنهاية" (1/9، 11) .
وقاله ابن أبي العز في "شرح العقيدة الطحاوية" (1/311) .
انظر: ( مختصر العلو ـ للذهبي ، والتوحيد لابن خزيمة ، واجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم.
*عبدالرحمن*
2018-02-22, 02:54
السؤال :
ما معنى اسم الله عز وجل ( الحيي ) ؟.
الجواب :
الحمد لله
وصف النبي صلى الله عليه وسلم ربه تعالى بالحياء ، وحياء الله لا تدركه الأفهام ، ولا تكيفه العقول ؛ فهو حياء كرم وبر وجود وجلال ؛ فإن الله سبحانه وتعالى من رحمته وكرمه وكماله وحلمه يستحيي من هتك عبده وفضيحته وإحلال العقوبة به ، ويستحيي سبحانه أن يرد من يمد إليه يديه ، وهو سبحانه يحب أهل الحياء .
قال ابن القيم :
وهو الحيي فليس يفضح عبده ***** عند التجاهر منه بالعصيان
لـكنه يـلـقي عليه ستره ***** فهو الستير وصاحب الغفران .
كتاب شرح أسماء الله تعالى الحسنى للدكتورة حصة الصغير ص 114.
*عبدالرحمن*
2018-02-22, 02:55
السؤال :
ما معنى اسم الله عز وجل المتين ؟.
الجواب :
الحمد لله
الله سبحانه ذو القوة المتين أي ذو الاقتدار الشديد .
وهو القوي الشديد الذي لا تنقطع قوته ، ولا يلحقه في أفعاله مشقة ولا كلفة ولا تعب ، وهو سبحانه بالغ القدرة تامها قوي لا تتناقص قوته فيَهِن ويفتُر تعالى الله عن ذلك .
كتاب شرح أسماء الله تعالى الحسنى للدكتورة حصة الصغير ص 229.
*عبدالرحمن*
2018-02-22, 02:56
السؤال :
ما معنى اسم الله عز وجل المصور ؟.
الجواب :
الحمد لله
الله سبحانه هو المصور خلقه كيف شاء ، وهو سبحانه الذي صور جميع الموجودات ورتبها فأعطى كل شيء منها صورة خاصة هيئة مفردة يتميز بها على اختلافها وكثرتها ، وقد صوّر سبحانه كل صورة لا على مثال احتذاه ولا رسم ارتسمه تعالى عن ذلك علواً كبيراً .
وهو سبحانه إذا أراد شيئاً قال له : كن ، فيكون على الصفة التي يريد والصورة التي يختار ، وهو ينفذ ما يريد إيجاده على الصفة التي يريدها .
وفرق بعضهم بين الخالق والبارئ والمصور ، بأن :
الخالق : هو المخرج من العدم إلى الوجود جميع المخلوقات ، والمقدرة على صفاتها .
والبارئ : خالق الناس من البرا وهو التراب .
والمصور : خالق الصور المختلفة .
فالخالق عام ، والبارئ أخص منه ، والمصور أخص من الأخص .
كتاب شرح أسماء الله تعالى الحسنى للدكتورة حصة الصغير ص 240.
*عبدالرحمن*
2018-02-22, 02:58
السؤال :
ما معنى اسم الله عز وجل ( السبوح) ؟.
الجواب :
الحمد لله
السبوح : هو الذي تنزه عن كل شيء لا ينبغي له ، فهو المنزه عن المعائب والصفات التي تعتري المحدثين من ناحية الحدوث .
كتاب شرح أسماء الله تعالى الحسنى للدكتورة حصة الصغير ص 138.
*عبدالرحمن*
2018-02-22, 02:58
السؤال :
ما معنى اسم الله عز وجل السيد ؟.
الجواب :
الحمد لله
الله السيد : أي مالك الخلق ، والخلق كلهم عبيده .
وهو سبحانه المحتاج إليه بالإطلاق ، ليس لمخلوق غنية عنه ، فلو لم يوجدهم لم يوجدوا ولو لم يبقهم بعد الإيجاد لم يكن لهم بقاء ، ولو لم يعنهم فيما يعرض لهم لم يكن لهم معين غيره ، فحق على الخلق أن يدعوه السيد دون سواه .
كتاب شرح اسماء الله تعالى الحسنى للدكتورة حصة الصغير.
*عبدالرحمن*
2018-02-22, 03:00
السؤال :
أرجو أن تشرح لي معنى الآية الواردة أدناه . إذا كان الله فوق الجنة , فكيف يكون وجه الله أينما تولي وجهك ؟ أطرح هذا السؤال لأني كنت أشرح لأحد الأشخاص أن الله فوق الجنة , لكنه استشهد بالآية أدناه ؛ ولم أتمكن من الرد عليه .
قال تعالى : ( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم ) البقرة / 115 .
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
يجب علينا الإيمان بأن الله تعالى فوق العرش مستوٍ على عرشه استواءً يليق بجلاله لا كاستواء البشر .
وأن نؤمن بأن لله وجها لا كوجه المخلوق .
وبهذا يجب ألا نضل عند تفسير الآيات وتأويلها وأن نتَّبع بذلك قول السلف الصالح .
أما تفسير الآية ، فقد قال الشيخ ابن عثيمين :
فإن قلت : هل كل ما جاء من كلمة الوجه مضافاً إلى الله يراد به وجه الله الذي هو صفته . الجواب : هذا هو الأصل كما في قوله تعالى : { ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه } الأنعام / 52 ، { وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى } الليل / 19 – 21 ، وما أشبهها من الآيات .
فالأصل : أن المراد بالوجه وجه الله عز وجل الذي هو صفة من صفاته ، لكن هناك آية اختلف المفسرون فيها وهي قوله تعالى : { ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله } البقرة / 115 ..... فمنهم من قال : إن الوجه بمعنى الجهة لقوله تعالى : { ولكل وجهة هو موليها } البقرة / 148 .
فالمراد بالوجه : الجهة ، أي : فثمَّ جهة الله أي فثم الجهة التي يقبل الله صلاتكم إليها .
قالوا : لأنها في حال السفر إذا صلى الإنسان النافلة فإنه يصلي حيث كان وجهه .
ولكن الصحيح أن المراد بالوجه هنا : وجه الله الحقيقي ، إلى أي جهة تتجهون فثم وجه الله سبحانه وتعالى ؛ لأن الله محيط بكل شيء ، ولأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المصلي إذا قام يصلي فإن الله قبل وجهه ، ولهذا نهى أن يبصق أمام وجهه ؛ لأن الله قِبَل وجهه فإذا صليت في مكان لا تدري أين القبلة واجتهدت وتحريت وصليت وصارت القبلة في الواقع خلفك فالله يكون قبل وجهه حتى في هذه الحالة .
وهذا معنى صحيح موافق لظاهر الآية والمعنى الأول لا يخالفه في الواقع .
وحينئذ يكون المعنيان لا يتنافيان .
واعلم أن هذا الوجه العظيم الموصوف بالجلال والإكرام وجه لا يمكن الإحاطة به وصفاً ، ولا يمكن الإحاطة به تصوراً ، بل كل شيء تُقَدره فإن الله تعالى فوق ذلك وأعظم . { ولا يحيطون به علماً } طه /110 .
وأما قوله تعالى : { كل شيءٍ هالكٌ إلا وجهه } القصص / 88 ، فالمعنى : " كل شيء هالك إلا ذاته المتصفة بالوجه " شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين ( 1 / 243 – 245 )
ونحن يجب علينا ألا نقيس الخالق بالمخلوق فنصفه بصفة المخلوق ، فإن الله تعالى كما قال عن نفسه : ( ليس كمثله شيء ) الشورى / 11 .
فالله تعالى مستوٍ على عرشه ، وهو قِبل وجه المصلي ولا منافاة بينهما في حق الله تعالى .
وقد أشكل مثل هذا على بعض الناس في مسألة نزول الله تعالى في النصف الآخر من الليل إلى السماء الدنيا ، فقالوا : إن الليل غير متحد على الأرض فكيف ينزل الله في ليل ونهار معا.
قال الشيخ ابن عثيمين :
جاء المتأخرون الذين عرفوا أن الأرض كروية وأن الشمس تدور على الأرض .
قالوا : كيف ينزل في ثلث الليل ، وثلث الليل إذا انتقل عن المملكة العربية السعودية ذهب إلى أوروبا وما قاربها ؟ فنقول : أنتم الآن قستم صفات الله بصفات المخلوقين ، أنت أو من أول بأن الله ينزل في وقت معين وإذا آمنت ليس عليك شيء وراء ذلك ، لا تقل كيف وكيف ؟ .
فقل : إذا كان ثلث الليل في السعودية فإن الله نازل وإذا كان في أمريكا ثلث الليل يكون نزول الله أيضاً .
إذاً موقفنا أن نقول أنا نؤمن بما وصل إلينا عن طريق محمد صلى الله عليه وسلم . بأن الله ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى الثلث الآخر من الليل ويقول من يدعوني ، فأستجيب له ومن يسألني ؟ فأعطيه من يستغفرني فأغفر له .
" شرح الواسطية " ( 2 / 437 ) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-22, 03:01
السؤال :
ما معنى اسم الله عز وجل ( الرفيق ) ؟.
الجواب :
الحمد لله
إن الله تعالى رفيق بعباده ، وهو رفيق في أفعاله : خلق المخلوقات كلها بالتدريج شيئاً فشيئاً بحسب حكمته ورفقه ، مع أنه قادر على خلقها دفعة واحدة وفي لحظة واحدة ، ومن تدبر الشرائع كيف يأتي بها شيئاً بعد شيء وجدها شاهداً على رفقه سبحانه .
وهو سبحانه رفيق لا يعجل لأنه إنما يعجل من يخاف الفوت ، فأما من كانت الأشياء قبضته وملكه فليس يعجل فيها .
قال ابن القيم :
وهو الرفيق يحب أهل الرفق بل يعطيهم بالرفق فوق أمان
كتاب شرح أسماء الله تعالى الحسنى للدكتورة حصة الصغير ص 134.
*عبدالرحمن*
2018-02-22, 03:02
السؤال :
ما معنى اسم الله عز وجل الشهيد ؟.
الجواب :
الحمد لله
الشهيد : هو الأمين في شهادته ، وقيل : هو الذي لا يغيب عن علمه شيء ، والشهيد الحاضر ، وهو أيضاً الذي يشهد على الخلق يوم القيامة ، وهو سبحانه قد دلّ على توحيده بجميع ما خلق .
والشهيد ، والخبير ، والعليم : كلها ترجع إلى العلم فالأول يرجع إلى الأمور الظاهرة ، والثاني إلى الأمور الباطنة ، والثالث يشملهما .
والله عز وجل لما كانت الأشياء لا تخفى عليه كان شاهداً وشهيداً ، أي عالماً بها وبحقائقها علم المشاهد لها لأنه لا تخفى عليه خافية .
كما أنه سبحانه الشاهد للمظلوم الذي لا شاهد له ، ولا ناصر على الظالم المعتدي الذي لا مانع له في الدنيا لينتصف له منه .
وهو سبحانه المطلع على جميع الأشياء سمع جميع الأصوات خفيها وجليها ، وأبصر جميع الموجودات دقيقها وجليلها ، صغيرها وكبيرها ، أحاط علمه بكل شيء وهو سبحانه الذي شهد لعباده وعلى عباده بما عملوه .
كتاب شرح أسماء الله تعالى الحسنى للدكتورة حصة الصغير ص 156.
*عبدالرحمن*
2018-02-22, 03:04
السؤال :
لماذا يستخدم القرآن لفظ نحن في الآيات؟ كثير من غير المؤمنين يقولون إن هذا إشارة إلى عيسى.
الجواب :
الحمد لله
من أساليب اللغة العربية أن الشخص يعبر عن نفسه بضمير " نحن " للتعظيم ويذكر نفسه بضمير المتكلم الدال على المفرد كقوله " أنا " وبضمير الغيبة نحو " هو " وهذه الأساليب الثلاثة جاءت في القرآن والله يخاطب العرب بلسانهم .
فتاوى اللجنة الدائمة م4/143 .
" فالله سبحانه وتعالى يذكر نفسه تارة بصيغة المفرد مظهراً أو مضمراً ، وتارة بصيغة الجمع كقوله : " إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً " وأمثال ذلك . ولا يذكر نفسه بصيغة التثنية قط ، لأن صيغة الجمع تقتضي التعظيم الذي يستحقه ، وربما تدل على معاني أسمائه ، وأما صيغة التثنية فتدل على العدد المحصور ، وهو مقدس عن ذلك " أ.هـ
العقيدة التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية ص 75 .
ولفظ ( إنا ) و ( نحن ) وغيرهما من صيغ الجمع قد يتكلم بها الشخص عن جماعته وقد يتكلّم بها الواحد العظيم ، كما يفعل بعض الملوك إذا أصدر مرسوما أو قرارا يقول نحن وقررنا ونحو ذلك وليس هو إلا شخص واحد وإنّما عبّر بها للتعظيم ، والأحقّ بالتعظيم من كلّ أحد هو الله عزّ وجلّ فإذا قال الله في كتابه إنا ونحن فإنّها للتعظيم وليست للتعدّد ، ولو أنّ آية من هذا القبيل أشكلت على شخص واشتبهت عليه فيجب أن يردّ تفسيرها إلى الآيات المحكمة ، فإذا تمسك النصراني مثلا بقوله : ( إنا نحن نزلنا الذكر ) ونحوه على تعدد الآلهة ، رددنا عليه بالمحكم كقوله تعالى : ( وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ) ، وقوله : ( قل هو الله أحد ) ، ونحو ذلك مما لا يحتمل إلا معنى واحداً ، وعند ذلك يزول اللبس عمن أراد الحقّ ، وكلّ صيغ الجمع التي ذكر الله بها نفسه مبنية على ما يستحقه من العظمة ولكثرة أسمائه وصفاته وكثرة جنوده وملائكته .
يُراجع كتاب العقيدة التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية ص 109 .
والله تعالى أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
و اخيرا ً
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-02-23, 05:09
اخوة الاسلام
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
السؤال :
هل الأحد من أسماء الله؟ وهل يجوز لي تسمية ابني "عبدالأحد"؟.
الجواب :
الحمد لله
نعم الأحد من أسماء الله التي ُنصَّ عليها في القرآن في قوله تعالى : ( قل هو الله أحد * الله الصمد ) وعلى هذا يجوز أن تسمي ابنك عبد الأحد كما تسميه عبد الصمد . فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك .
ومعنى الأحد :
هو الفرد الذي لم يزل وحده ولم يكن معه آخر ( النهاية 1/35 )
وهو المنفرد بوحدانيته في ذاته وصفاته ، وقد فرق بعضهم بين الواحد والأحد : أن الواحد يفيد وحدة الذات فقط والأحد يفيده بالذات والمعاني ( تفسير أسماء الله للزجاج ص58 ) . فقيل : الواحد منفرد بالذات في عدم المثل والنظير ،والأحد بني على الانفراد فالوحدة بين الأصحاب ، فالواحد منفرد بالذات ، والأحد بالمعنى ، والأحد من صفات الله عز وجل التي استخلصها لنفسه ، ولا يشركه فيها شيء ( اللسان - أحد - 1/35 ، وحد 8/4779 - 4783 ) ، فالله عز وجل الواحد الأحد الذي لا ثاني له ، ولا شريك له ولا مثل ولا نظير ، وهو سبحانه الواحد الذي يعتمده عباده ، ويقصدونه ، ولا يتكلون إلا عليه عز وجل ( اشتقاق أسماء الله 90-93 ) ، وهو سبحانه الواحد الذي ليس كمثله شيء ، وكل شيء سواه يدعى واحد من جهة غير واحد من جهات ( شأن الدعاء 82 - 83 ) .
وقد اختار ابن جرير أن معنى وحدانية الله نفي الأشباه والأمثال عنه ، فالله لا مثل له ولا نظير ، وهو سبحانه معبود واحد ورب واحد لا يستحق الطاعة غيره ولا يستوجب العبادة سواه ( تفسير ابن جرير 3/265-266 ) .
وقد قال تعالى : " وإلهكم إله واحد " البقرة : 163 .
فالله سبحانه هو الذي توحد بجميع الكمالات بحيث لا يشاركه فيها مشارك ويجب على العبيد توحيده عقدا وقولا وعملا بأن يعترفوا بكماله المطلق وتفرده بالوحدانية ويفردوه بأنواع العبادة . ( تيسير الكريم الرحمن 5/485 )
شرح أسماء الله تعالى الحسنى وصفاته الواردة في الكتب الستة ص 47.
*عبدالرحمن*
2018-02-23, 05:10
السؤال :
ما معنى اسم الله عز وجل الوكيل ؟.
الجواب :
الحمد لله
الوكيل : الحفيظ المحيط ، وقيل : الشهيد .
وهو المقيم الكفيل بأرزاق العباد القائم عليهم بمصالحهم ، وحقيقته أنه يستقل بالأمر الموكول إليه ، فالخلق والأمر كله له لا يملك أحد من دونه شيئاً ، وقيل : الحافظ ، الذي توكل بالقيام بجميع ما خلق .
وقيل : الكفيل ونعم الكفيل بأرزاقنا .
وقيل : الكافي ونعم الكافي .
وقوله تعالى : ( وقالوا حسينا الله ونعم الوكيل ) آل عمران/173 . أي كفانا الله ، ونعم المولى وليه وكفله ، والوكيل في كلام العرب هو المسند إليه القيام بأمر من أسند إليه القيام بأمره ، ولما كان المؤمنون المذكورون في هذه الآية قد فوضوا أمرهم إلى الله ووثقوا به ، وأسندوا ذلك إليه ، وصف نفسه بقيامه بذلك ، وتفويضهم أمرهم إليه بالوكالة فقال : ونعم الوكيل تعالى لهم . وتوكيل العبد ربه تسليم لربوبيته وقيام بعبوديته ، والله له الوكالة التامة وهي التي تجمع علم الوكيل بما هو وكيل عليه ، وإحاطته بتفاصيله وقدرته التامة عليه ليتمكن من التصرف فيه وحفظ ما هو وكيل عليه مع حكمته ومعرفة بوجوه التصرفات ليصرفها ويدبرها على ما هو الأليق .
والله سبحانه هو المنزه عن كل نقص في أي صفة من صفاته ، وهو على كل شيء وكيل ، وهذا يدل على إحاطة علمه بكل شيء ، وكمال قدرته على التدبير ، وكمال تدبيره ، وكمال حكمته ، فهو نعم الوكيل .
كتاب شرح أسماء الله تعالى الحسنى للدكتورة حصة الصغير ص 276.
*عبدالرحمن*
2018-02-23, 05:12
السؤال :
لما خُلق البشر ؟.
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
من عظيم صفات الله تعالى " الحكمة " ، ومن أعظم أسمائه تعالى " الحكيم " ، وينبغي أن يُعلم أنه ما خلق شيئاً عبثاً ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ، وإنما يخلق لِحِكَمٍ بالغة عظيمة ، ومصالح راجحة عميمة ، عَلِمَها من عَلِمها ، وجَهِلها من جهلها ، وقد ذكر الله تعالى ذلك في كتابه الكريم ، فبيَّن أنه لم يخلق البشر عبثاً ، ولم يخلق السموات والأرض عبثاً ، فقال تعالى : ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ . فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ) المؤمنون/115،116 ، وقال سبحانه وتعالى : ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ ) الأنبياء/16 ، وقال عز وجل : ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) الدخان/38 ، 39 ، ويقول سبحانه وتعالى : ( حم . تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ . مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمّىً وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ ) الأحقاف/1 – 3 .
وكما أن ثبوت الحكمة في خلق البشر ثابت من ناحية الشرع , فهو ثابت – أيضاً - من ناحية العقل ، فلا يمكن لعاقل إلا أن يسلِّم أنه قد خلقت الأشياء لحكَمٍ ، والإنسان العاقل ينزه نفسه عن فعل أشياء في حياته دون حكمة ، فكيف بالله تعالى أحكم الحاكمين ؟!
ولذا أثبت المؤمنون العقلاء الحكمة لله تعالى في خلقه ، ونفاها الكفار ، قال تعالى : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآَيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ . الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) آل عمران/190 ، 191 ، وقال تعالى – في بيان موقف الكفار من حكمة خلقه - : ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ) ص/27 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :
" يخبر تعالى عن تمام حكمته في خلقه السموات والأرض ، وأنه لم يخلقهما باطلاً ، أي : عبثاً ولعباً ، من غير فائدة ولا مصلحة .
( ذلك ظن الذين كفروا ) بربهم ، حيث ظنوا ما لا يليق بجلاله .
( فويل للذين كفروا من النار ) فإنها التي تأخذ الحق منهم ، وتبلغ منهم كل مبلغ ، وإنما خلق الله السموات والأرض بالحق وللحق ، فخلقهما ليعلم العباد كمال علمه وقدرته ، وسعة سلطانه ، وأنه تعالى وحده المعبود ، دون من لم يخلق مثقال ذرة من السموات والأرض ، وأن البعث حق ، وسيفصل الله بين أهل الخير والشر ، ولا يظن الجاهل بحكمة الله ، أن يسوي الله بينهما في حكمه ، ولهذا قال : ( أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار ) هذا غير لائق بحِكمَتنا وحُكْمنا " انتهى .
" تفسير السعدي " ( ص 712 ) .
ثانياً :
ولم يخلق الله تعالى الإنسان ليأكل ويشرب ويتكاثر ، فيكون بذلك كالبهائم ، وقد كرَّم الله تعالى الإنسان ، وفضَّله على كثيرٍ ممن خلق تفضيلاً ، ولكن أبى أكثر الناس إلا كفوراً فجهلوا أو جحدوا الحكمة الحقيقية من خلقهم ، وصار كل هَمِّهِم التمتع بشهوات الدنيا , وحياة هؤلاء كحياة البهائم , بل هم أضل ، قال تعالى : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ ) محمد/12 ، وقال تعالى : ( ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) الحجر/3 , وقال تعالى : ( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) الأعراف/179 .
ومن المعلوم عند عقلاء الناس أن الذي يصنع الشيء هو أدرى بالحكمة منه من غيره ، ولله المثل الأعلى فإنه هو الذي خلق البشر ، وهو أعلم بالحكمة من خلقه للناس ، وهذا لا يجادل فيه أحد في أمور الدنيا ، ثم إن الناس كلهم يجزمون أن أعضاءهم خُلقت لحكمة ، فهذه العين للنظر ، وهذه الأذن للسمع ، وهكذا ، أفيُعقل أن تكون أعضاؤه مخلوقةً لحكمة ، ويكون هو بذاته مخلوقاً عبثاً ؟! أو أنه لا يرضى أن يستجيب لمن خلقه عندما يخبره بالحكمة من خلقه ؟!
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-23, 05:13
ثالثاً :
وقد بيَّن الله تعالى أنه خلق السموات والأرض ، والحياة والموت للابتلاء والاختبار ، ليبتلي الناس , مَنْ يطيعه ليثيبه ، ومَنْ يعصيه ليعاقبه ، قال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ ) هود/ 7 ، وقال عز وجل : ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ) الملك/ 2 .
وبهذا الابتلاء تظهر آثار أسماء الله تعالى وصفاته ، مثل اسم الله تعالى " الرحمن " ، و " الغفور " و " الحكيم " و " التوَّاب " و " الرحيم " وغيرها من أسمائه الحسنى .
ومن أعظم الأوامر التي خلق الله البشر من أجلها – وهو من أعظم الابتلاءات - : الأمر بتوحيده عز وجل وعبادته وحده لا شريك له ، وقد نصَّ الله تعالى على هذه الحكمة في خلق البشر فقال تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات/56 .
قال ابن كثير رحمه الله :
" أي : إنما خلقتهم لآمرهم بعبادتي ، لا لاحتياجي إليهم ، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : إلا ليعبدون ، أي : إلا ليقروا بعبادتي طوعاً أو كرهاً ، وهذا اختيار ابن جرير ، وقال ابن جريج : إلا ليعرفون ، وقال الربيع بن أنس : إلا ليعبدون ، أي : إلا للعبادة " انتهى .
" تفسير ابن كثير " ( 4 / 239 ) .
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :
" فالله تعالى خلق الخلق لعبادته ، ومعرفته بأسمائه وصفاته ، وأمرهم بذلك ، فمن انقاد ، وأدى ما أمر به ، فهو من المفلحين ، ومن أعرض عن ذلك ، فأولئك هم الخاسرون ، ولا بد أن يجمعهم في دار ، يجازيهم فيها على ما أمرهم به ونهاهم ، ولهذا ذكر الله تكذيب المشركين بالجزاء ، فقال : ( ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين ) أي : ولئن قلتَ لهؤلاء ، وأخبرتهم بالبعث بعد الموت ، لم يصدقوك ، بل كذبوك أشد التكذيب ، وقدحوا فيما جئت به ، وقالوا : ( إن هذا إلا سحر مبين ) ألا وهو الحق المبين " انتهى .
" تفسير السعدي " ( ص 333 ) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-23, 05:14
السؤال :
هل يجوز العلاج بأسماء الله الحسنى ، بأن يقول على المريض في عينه : " يا بصير " وهكذا ؟.
الجواب :
الحمد لله
انتشر بين الناس العلاج بأسماء الله تعالى ، وقد وزعت أوراق فيها ذكر الاسم وبجانبه المرض الذي يعالجه الاسم .
والذي زعم أنه أكتشف هذا النوع من العلاج هو الدكتور إبراهيم كريم ، وهو مبتكر علم " البايوجيومترئ " وقد زعم أن أسماء الله الحسنى لها طاقة شفائية لعدد ضخم من الأمراض ، وبواسطة أساليب القياس الدقيقة المختلفة في قياس الطاقة داخل جسم الإنسان ، واكتشف أن لكل اسم من أسماء الله الحسنى طاقة تحفز جهاز المناعة للعمل بكفاءة عظمى في عضو معين بجسم الإنسان ، وزعم أنه استطاع بواسطة تطبيق " قانون الرنين " أن يكتشف أن مجرد ذكر اسم من أسماء الله الحسنى يؤدي إلى تحسين في مسارات الطاقة الحيوية داخل جسم الإنسان ، وبعد أبحاث استمرت 3 سنوات أخرج للناس اختراعه في جدول يبين فيه المرض وما يقابله من الاسم الذي ينفع في علاجه .
ومن أمثلته :
" السميع " : لإعادة توازن الطاقة ، " الرزاق " : يعالج المعدة ، " الجبار " : يعالج العمود الفقري ، " الرؤوف " : يعالج القولون ، " النافع " ! يعالج العظم ، " الحي " يعالج الكلية ، " البديع " ! : يعالج الشعر ، " جل جلاله " ! : قشر الشعر ، " النور " و " البصير " و " الوهاب " : تعالج العيون ...
وطريقة العلاج : أن يكرر الاسم على العضو المناسب أو عدة أسماء لمدة عشر دقائق .
وقد زعم أنه اكتشف أن طاقة الشفاء تتضاعف عند تلاوة آيات الشفاء بعد ذكر التسبيح بأسماء الله الحسنى ، وهذه الآيات هي : { ويشف صدور قوم مؤمنين } ، { وشفاء لما في الصدور } ، { فيه شفاء للناس } ، { وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة } ، { وإذا مرضت فهو يشفين } ، { قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء } .
والرد على هذا :
1. أن العلاج إما أن يكون بأسباب حسيَّة وإما بأسباب شرعية ، فما كان بالأسباب الحسية المادية فمرجعه إلى التجربة ، وما كان بالأسباب الشرعية فمرجعه إلى الشرع في بيان ما يعالج به وكيفيته وذكر الله بالأسماء الحسنى من الأمور الشرعية ، ولم يأتِ هذا الباحث لكلامه بمستندٍ شرعي واحد يدل على هذا التعيين للأسماء وهذه الكيفية في العلاج وما تعالجه ، فبطل كونها سبباً شرعياً للعلاج ، ولا يجوز التجربة بالأدلة الشرعية وامتهانها بمثل هذه الطريقة .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-23, 05:16
قال الشيخ ابن عثيمين :
اعلم أن الدواء سبب للشفاء والمسبب هو الله تعالى فلا سبب إلا ما جعله الله تعالى سبباً والأشياء التي جعلها الله تعالى أسباباً نوعان :
النوع الأول : أسباب شرعية ، كالقرآن الكريم ، والدعاء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في سورة الفاتحة : " وما يدريك أنها رقية " ، وكما كان النبي صلى الله عليه وسلم يرقي المرضى بالدعاء لهم فيشفي الله تعالى بدعائه من أراد شفاءه به .
النوع الثاني : أسباب حسية ، كالأدوية المادية المعلومة عن طريق الشرع كالعسل ، أو عن طريق التجارب مثل كثير من الأدوية ، وهذا النوع لا بد أن يكون تأثيره عن طريق المباشرة لا عن طريق الوهم والخيال ، فإذا ثبت تأثيره بطريق مباشر محسوس صح أن يتخذ دواء يحصل به الشفاء بإذن الله تعالى ، أما إذا كان مجرد أوهام وخيالات يتوهمها المريض فتحصل له الراحة النفسية بناء على ذلك الوهم والخيال ويهون عليه المرض وربما ينبسط السرور النفسي على المرض فيزول : فهذا لا يجوز الاعتماد عليه ، ولا إثبات كونه دواء ، لئلا ينساب الإنسان وراء الأوهام والخيالات ، ولهذا نُهي عن لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع المرض أو دفعه ؛ لأن ذلك ليس سبباً شرعيّاً ولا حسيّاً ، وما لم يثبت كونه سبباً شرعيّاً ولا حسيّاً : لم يجز أن يجعل سبباً ؛ فإن جعله سبباً نوع من منازعة الله تعالى في ملكه وإشراك به حيث شارك الله تعالى في وضع الأسباب لمسبباتها ، وقد ترجم الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لهذه المسألة في كتاب التوحيد بقوله : " باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لدفع البلاء أو رفعه " .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 1 / السؤال رقم 49 ) .
2. أنه ذكر أسماء لله تعالى زاعماً أنه سمى بها نفسه ، وليس الأمر كذلك ، مثل " جلَّ جلاله " و " الرشيد " و " البديع " و " النافع " وغيرها ، وهو يدل على جهل هذا المدعي ، ويدل على بطلان تلك الطاقة المزعومة ، إذ هي مولَّدة – على حسب زعمه – من أسماء غير أسماء الله تعالى الثابتة بالأدلة الصحيحة .
3- أن تعيين كيفية التداوي وتحديد اسم لكل مرض .
وبما صحَّ أنه من أسماء الله تعالى يدخل في باب القول على الله بغير علم ، وقد حرم الله القول عليه بلا علم فقال سبحانه وتعالى : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/33 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله- في تفسيرها :
( وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) : في أسمائه وصفاته وأفعاله وشرعه .
" تفسير السعدي " ( ص 250 ) .
4. وقد رد علماء اللجنة الدائمة على هذا الزاعم وزعمه حينما سئلوا عن هذه المسألة فقالوا :
بعد دراسة اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء للاستفتاء أجابت بما يلي :
قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) ، وقال النبي صلى الله علية و سلم : " إن لله تسعة و تسعون اسما من أحصاها دخل الجنة " ، ومنها اسم الله الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب وإذا سُئل به أعطي ، فأسماء الله جل وعلا لا يعلم عددها إلا هو سبحانه وتعالى ، و كُلها حُسنى ، ويجب إثباتها وإثبات ما تدل عليه من كمال الله وجلاله وعظمته ، ويحرم الإلحاد فيها بنفيها أو نفي شيء منها عن الله أو نفي ما تدل عليه من الكمال ، أو نفي ما تتضمنه من صفات الله العظيمة .
ومن الإلحاد في أسماء الله ما زعمه المدعي " كريم سيد " وتلميذه وابنه في ورقة يوزعونها على الناس من أن أسماء الله الحسنى لها طاقة شفائية لعدد ضخم من الأمراض ، وأنه بواسطة أساليب القياس الدقيقة المختلفة في قياس الطاقة داخل جسم الإنسان اكتشف أن لكل اسم من أسماء الله الحسنى طاقة تحفز جهاز المناعة للعمل بكفاءة مثلى في عضو معين في جسم الإنسان ، وإن الدكتور " إبراهيم كريم " استطاع بواسطة تطبيق قانون الرنين أن يكتشف أن مجرد ذكر اسم من أسماء الله الحسنى يؤدي إلى تحسين في مسارات الطاقة الحيوية في جسم الإنسان ، وقال : والمعروف أن الفراعنة أول من درس ووضع قياسات لمسارات الطاقة الحيوية بجسم الإنسان بواسطة البندول الفرعوني ، ثم ذكر جملة من أسماء الله الحسنى في جدول وزعم أن لكل اسم منها فائدة للجسم أو علاج لنوع من أمراض الجسم ، ووضح ذلك برسم لجسم الإنسان ، ووضع على كل عضو منها اسما من أسماء الله .
وهذا العمل باطل لأنه من الإلحاد في أسماء الله ، وفيه امتهان لها ؛ لأن المشروع في أسماء الله دعاؤه بها كما قال تعالى : ( فادعوه بها ) ، وكذلك إثبات ما تتضمنه من الصفات العظيمة لله ؛ لأن كل اسم منها يتضمن صفة لله جل جلاله : لا يجوز أن تُستعمل في شيء من الأشياء غير الدعاء بها ، إلا بدليل من الشرع .
ومن يزعم بأنها تُفيد كـذا و كـذا أو تُعالج كـذا و كـذا بدون دليل من الشرع : فإنه قول على الله بلا علم ، وقد قال تعالى : ) قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله مالا تعلمون ) .
فالواجب إتلاف هذه الورقة ، والواجب على المذكورين وغيرهم التوبة إلى الله من هذا العمل ، وعدم العودة إلى شيءٍ منه مما يتعلق بالعقيدة والأحكام الشرعية .
وبالله التوفيق .
والله أعلم .
و اخيرا ً
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-02-25, 00:54
اخوة الاسلام
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
السؤال :
ما معنى اسم الله عز وجل الواسع ؟.
الجواب :
الحمد لله
الله سبحانه وتعالى واسع يسع خلقه كلهم بالكافية والإفضال والجود والتدبير ، فالله هو الغني الذي وسع رزقه جميع خلقه ، فلا تجد أحداً إلا هو يأكل من رزقه ، ولا يقدر أن يأكل من غير ما رزقه ، ووسعت رحمته كل شيء وغناه كل فقر ، وهو الكثير العطاء الذي يسع لما يُسأل ، وهو المحيط بكل شيء كما في قوله تعالى : ( وسع كل شيء علماً ) طه /98 .
فالواسع قد يتضمن من المعنى ما لا يتضمنه الغني حيث يقال : واسع الفضل وواسع الرحمة ، وقد عمت رحمته كل شيء ، وأحاط علمه بكل شيء ، قال تعالى : ( ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً ) غافر/7
ويفضي هذا الاسم الاعتراف بأنه لا يعجزه شيء ، ولا يخفى عليه ، فهو الكثير مقدوراته ومعلوماته سبحانه .
والله الواسع الصفات والنعوت ومتعلقاتها ، بحيث لا يحصي أحد ثناء عليه ، بل هو كما أثنى على نفسه ، وهو واسع العظمة والسلطان والملك ، واسع الفضل والإحسان ، عظيم الجود والكرم .
كتاب شرح أسماء الله تعالى الحسنى
للدكتورة حصة الصغير ص 268
*عبدالرحمن*
2018-02-25, 00:55
السؤال :
هل صحيح أنه يوجد آية في القرآن تقول إن الله لا يزال يقوم بعملية الخلق ؟.
الجواب :
الحمد لله
من أسماء الله تعالى " الخالق " و " الخلاَّق " ، قال الله عز وجل : { هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } الحشر / 24 ، وقال تعالى : { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ } الحجر / 86 ، وقال تعالى : { اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } الزمر / 62 . ومن صفاته تعالى " الخلق " ، قال تعالى : { أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } الأعراف / 54 . ومن أفعاله تعالى أنه " يخلق " ، قال الله عز وجل : { وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } الذريات / 49 ، وقال عز وجل : { إِنَّا خَلَقْنَا الأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً } الإنسان / 2 .
وقال تعالى : ( وربك يخلق ما يشاء ويختار ) القصص / 68
ومما لا شك فيه أن الله تعالى يخلق في كل لحظة ما يشاء من البشر والحيوانات والجمادات ، ومن ذلك الأطفال المواليد وصغار البهائم ، وكل آية في القرآن فيها بيان خلق الله للبشر فهي دالة على المراد في السؤال .
قال ابن حزم :
لم ينف الله عز وجل أن يخلق شيئاً بعد الستة الأيام بل قد قال عز وجل : { يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ } الزمر / 6 ، وقال تعالى : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ . ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ . ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ } المؤمنون / 12 - 14 . وكان هذا كله في غير تلك الستة الأيام ، فإذ قد جاء النص بأن الله تعالى يخلق بعد تلك الأيام أبداً ولا يزال يخلق بعد ناشئة الدنيا ثم لا يزال يخلق نعيم أهل الجنة وعذاب أهل النار أبداً بلا نهاية ..." الفِصَل في الملل والنِّحَل " ( 3 / 34 ) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-25, 00:56
السؤال :
قرأت استشهاد الكنيسة بآيات من القرآن الكريم بأن عيسى عليه السلام ابن الله ، ودليلهم على ذلك قالوا : لما كان الله وحده قال تعالى : ( إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا ) ، بصفة المفرد ، ولما خلق عيسى عليه السلام تغير أسلوب بعض الآيات إلى صيغة الجمع وضربوا مثلاً بالآية الشريفة : ) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ ) و : ( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ ) وقالوا : الله تعالى تكلّم بصفة الجمع ، أي بمعنى ( الله وعيسى عليه السلام والروح القدس ) .
الجواب :
الحمد لله
"ليس في تنوع الأسلوب القرآني وإخبار الله تعالى عن نفسه مرّة بصيغة الإفراد ، وأخرى بصيغة قد تستعمل في الجمع أحياناً ، وفي المفرد أحياناً على وجه التعظيم ليس في ذلك دليل على بنوّة عيسى عليه السلام لله ، ولا على إلهيّته ، وذلك لوجوه :
الوجه الأول :
أن تنوع الأسلوب في القرآن بالجمع والإفراد كان قبل أن يخلق الله عبده عيسى عليه السلام وأمه مريم بآلاف السنين وحين خلقهما وبعد أن خلقهما ، فلا أثر لوجودهما في تنوع الأسلوب ، بل ذلك لأمر آخر يتبين مما يأتي :
قال الله تعالى : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الأِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ * وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ) وقال : ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ )
فجاء الأسلوب متنوعاً قبل أن يكون عيسى وأمه عليهما السلام ، وقال تعالى : ( إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ ) إلى أن قال : ( فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ* وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْس ِ) إلى أن قال : ) وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الأِنْجِيلَ ) إلى أن قال : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ) . وقال : ( إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ ) وقال في خليله إبراهيم عليه السلام : ) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلّاً جَعَلْنَا نَبِيّاً
وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً ) وقال في كليمه موسى عليه السلام : ( وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً * وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً) وقال : ( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ) الآية ، وقال : ( وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ ) وقال : ( إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ ) الآيات ، وأمثالها من الآيات تُنَوِّع في الأسلوب إفراداً وجمعاً في خلق عيسى ومخاطبته وقبل خلقه ، ومن هذا يتبيّن أن الأسلوب لم تغيّر بعد خلق عيسى عليه السلام ليكون دليلاً على بنوّته لله أو إلهيّته بل لأمر آخر يعرف من الوجه الثاني .
https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)
*عبدالرحمن*
2018-02-25, 00:57
الوجه الثاني :
أن كل من عرف لغة العرب وأسلوبهم في التعبير يعلم أن ضمير التكلّم مثل كلمة (أنا) ، وتاء المتكلم يستعملها الفرد في الحديث عن نفسه ، أما ضمير المتكلم (نحن) و (نا) فيستعملها الاثنان فأكثر ، وقد يستعلمها الفرد العظيم أو المتعاظم إشعاراً بعظمته ، وسياق الكلام ومقتضى الحال وما احتف بالحديث من القرائن هو الذي يرشد القارئ والسامع إلى المراد ويعين المقصود ، ومن خالف في ذلك فهو إما جاهل عميت عليه الأنباء ، وإما معاند يريد التلبيس وتحريف الكلم عن مواضعه ، إتباعاً للهوى ، ويأبى الله إلا أن يحق الحق بكلماته ولو كره المجرمون ، يكشف ذلك الوجه الثالث .
الوجه الثالث :
أن القرآن كتاب أحكمت آياته ، ثم فصلت من لدن حكيم خبير ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ، يفسر بعضه بعضاً ويصدق بعضه بعضاً ، وقد قال تعالى فيه : ( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا *أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ) وقال : ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) وقال : ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) فوجب على من آمن به أن يجمع بين آياته ، ولزم من استدل بنصوصه أن ينصفه من نفسه ، فلا يستدل ببعضه ويعرض عن بعض ، وألا يلبس الحق بالباطل ليضرب بعضه ببعض بغياً وعدواناً ترويجاً للباطل كما فعل أسلافهم اليهود بالتوراة ، فأنكر الله عليهم ذلك بقوله : ( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) الآيات .
وعلى هذا لزم من استدل بالقرآن أن يستدل به على نفي بنوّة عيسى عليه السلام لله وإلهيّته مع الله ، ويثبت وحدانية الله تعالى ، لما ذكر من الآيات ، ولقوله تعالى : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ * لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ ) الآيات . وأمثال ذلك في القرآن كثير ، وإلا فليكفوا عن هذا التلاعب حتى لا يلزمهم العار ، ويضحكوا العقلاء من أنفسهم ويحق فيهم المثل القائل : " ليس هذا بعشك فادرجي" اهـ
من فتاوى اللجنة الدائمة (3/216-218).
*عبدالرحمن*
2018-02-25, 00:58
السؤال :
ما معنى اسم الله عز وجل المقيت ؟.
الجواب :
الحمد لله
ذكر ابن جرير في معناه أقوالاً : المقيت هو الحفيظ ، والشهيد ، والحسب ، والقائم على كل شيء بالتدبير ، وصوّب المعنى الأخير .
والله المقيت أي الحافظ الشاهد القادر على كل شيء .
فالمقيت : الحفيظ ، والمقتدر ، الشاهد للشيء ، وهو الذي يُنزل الأقوات للخلق ويقسم أرزاقهم .
والمقيت : الممد فهو سبحانه دبر الحيوانات بأن جبلها على أن يحلل منها على ممر الأوقات شيئاً بعد شيء ، ويعوض ما يتحلل غيره فهو يمدها في كل وقت بما جعله قواماً لها إلى أن يريد إبطال شيء منها فيحبس عنه ما جعله مادة لبقائه فيهلك .
وجاء في بعض الروايات بلفظ المغيث بدل المقيت ، وفُسِّر المغيث بأنه المدرك عباده في الشدائد إذا دعَوه ، ومجيبهم ومخلصهم ، وهو في معنى المجيب والمستجيب إلا أن الإغاثة أحق بالأفعال ، والاستجابة أحق بالأقوال ، وقد يقع كل منهما موقع الآخر .
قال ابن القيم :
وهو المغيث لكل مخلوقاته وكذا يجيب إغاثة اللهفان
كتاب شرح أسماء الله تعالى الحسنى
للدكتورة حصة الصغير ص 246
*عبدالرحمن*
2018-02-25, 01:00
السؤال :
عندما قال رسول الله " وخلق الله آدم على صورته أو هيئته " إلى من تعود كلمة صورته أو هيئته، وكيف نفسر هذا ؟.
الجواب :
الحمد لله
روى البخاري (6227) ومسلم (2841) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنْ الْمَلائِكَةِ جُلُوسٌ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ فَقَالَ السَّلامُ عَلَيْكُمْ فَقَالُوا السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حَتَّى الآن".
وروى مسلم (2612) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَجْتَنِبْ الْوَجْهَ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ ".
وروى ابن أبي عاصم في السنة (517) عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقبحوا الوجوه فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن" . قال الشيخ عبد الله الغنيمان حفظه الله : ( هذا حديث صحيح صححه الأئمة ، الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية وليس لمن ضعفه دليل إلا قول ابن خزيمة ، وقد خالفه من هو أجل منه ).
وروى ابن أبي عاصم (516) أيضا عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا قاتل أحدكم فليجتب الوجه فإن الله تعالى خلق آدم على صورة وجهه" وقال الشيخ الألباني : إسناده صحيح .
وهذان الحديثان يدلان على أن الضمير في قوله " على صورته " راجع إلى الله تعالى .
وروى الترمذي (3234) عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أتاني ربي في أحسن صورة فقال يا محمد قلت لبيك ربي وسعديك قال فيم يختصم الملأ الأعلى..." الحديث ، صححه الألباني في صحيح الترمذي .
وفي حديث الشفاعة الطويل : " فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة" رواه البخاري (7440) ومسلم (182).
ومن هذه الأحاديث يعلم أن الصورة ثابتة لله تعالى ، على ما يليق به جل وعلا ، فصورته صفة من صفاته لا تشبه صفات المخلوقين ، كما أن ذاته لا تشبه ذواتهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
( لفظ الصورة في الحديث كسائر ما ورد من الأسماء والصفات ، التي قد يسمى المخلوق بها ، على وجه التقييد ، وإذا أطلقت على الله اختصت به ، مثل العليم والقدير والرحيم والسميع والبصير ، ومثل خلقه بيديه ، واستواءه على العرش ، ونحو ذلك) نقض التأسيس 3/396
والصورة في اللغة :
الشكل والهيئة والحقيقة والصفة. فكل موجود لابد أن يكون له صورة .
*عبدالرحمن*
2018-02-25, 01:00
قال شيخ الإسلام :
( وكما أنه لابد لكل موجود من صفات تقوم به ، فلابد لكل قائم بنفسه من صورة يكون عليها ، ويمتنع أن يكون في الوجود قائم بنفسه ليس له صورة يكون عليها ).
وقال : ( لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير في الحديث عائد إلى الله تعالى ، فإنه مستفيض من طرق متعددة ، عن عدد من الصحابة ، وسياق الأحاديث كلها تدل على ذلك ... ولكن لما انتشرت الجهمية في المائة الثالثة جعل طائفة الضمير فيه عائدا إلى غير الله تعالى ، حتى نقل ذلك عن طائفة من العلماء المعروفين بالعلم والسنة في عامة أمورهم ، كأبي ثور وابن خزيمة وأبي الشيخ الأصفهاني وغيرهم ، ولذلك أنكر عليهم أئمة الدين وغيرهم من علماء السنة ) نقض التأسيس 3/202
وقال ابن قتيبة رحمه الله :
( الصورة ليست بأعجب من اليدين والأصابع والعين ، وإنما وقع الإلف لتلك لمجيئها في القرآن ، ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأت في القرآن ، ونحن نؤمن بالجميع ، ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حد) تأويل مختلف الحديث ص 221
قال الشيخ الغنيمان :
( وبهذا يتبين أن الصورة كالصفات الأخرى ، فأي صفة ثبتت لله تعالى بالوحي وجب إثباتها والإيمان بها ) شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري 2/41
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : ورد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ينهى فيه عن تقبيح الوجه ، وأن الله سبحانه خلق آدم على صورته . فما الاعتقاد السليم نحو هذا الحديث ؟
فأجاب رحمه الله :
الحديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه فإن الله خلق آدم على صورته" وفي لفظ آخر : " على صورة الرحمن " وهذا لا يستلزم التشبيه والتمثيل .
والمعنى عند أهل العلم أن الله خلق آدم سميعا بصيرا ، متكلما إذا شاء ، وهذا وصف الله فإنه سميع بصير متكلم إذا شاء ، وله وجه جل وعلا .
وليس المعنى التشبيه والتمثيل ، بل الصورة التي لله غير الصورة التي للمخلوق، وإنما المعنى أنه سميع بصير متكلم إذا شاء ومتى شاء ، وهكذا خلق الله آدم سميعا بصيرا ذا وجه وذا يد وذا قدم ، لكن ليس السمع كالسمع وليس البصر كالبصر ، وليس المتكلم كالمتكلم ، بل لله صفاته جل وعلا التي تليق بجلاله وعظمته ، وللعبد صفاته التي تليق به ، صفات يعتريها الفناء والنقص ، وصفات الله سبحانه كاملة لا يعتريها نقص ولا زوال ولا فناء ، ولهذا قال عز وجل : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الشورى / 11 ، وقال سبحانه : ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ) الإخلاص / 4 ، فلا يجوز ضرب الوجه ولا تقبيح الوجه ) انتهى من مجموع فتاوى الشيخ 4/ 226
ومما يبين معنى هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ) رواه البخاري ( 3245 ) ومسلم ( 2834 ) ، فمراده صلى الله عليه وسلم أن أول زمرة هم على صورة البشر ، ولكنهم في الوضاءة والحسن والجمال واستدارة الوجه ، وما أشبه ذلك على صورة القمر ، فصورتهم فيها شبه بالقمر ، لكن بدون ممائلة ... فتبين أنه لا يلزم من كون الشيء على صورة الشيء أن يكون مماثلاً له من كل وجه .
فقوله صلى الله عليه وسلم : ( خلق آدم على صورته ) أي أن الله عز وجل خلق آدم على صورته سبحانه ، فهو سبحانه له وجه وعين وله يد ورجل سبحانه وتعالى ، وآدم له وجه وله عين وله يد وله رجل ... ، لكن لا يلزم من أن تكون هذه الأشياء مماثلة للإنسان فهناك شيء من الشبه ، لكنه ليس على سبيل المماثلة ، كما أن الزمرة الأولى من أهل الجنة فيها شبه من القمر ، لكن بدون مماثلة ، وبهذا يصدق ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة من أنّ جميع صفات الله سبحانه وتعالى ليس مماثلة لصفات المخلوقين ، من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل .
انظر شرح العقيدة الواسطية للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله ( 1 / 107 ، 293 )
وللمزيد ينظر :
شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للشيخ الغنيمان 2/33-98 وفيه نقل مطول عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يبطل تأويلات أهل الكلام ومن وافقهم لهذا الحديث .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-25, 01:02
السؤال :
ما الفرق بين الرحمن والرحيم ؟.
الجواب :
الحمد لله
الرحمن والرحيم اسمان من أسماء الله تعالى ، يدلان على اتصاف الله تعالى بالرحمة .
والرحمن يدل على سعة رحمة الله ، والرحيم يدل على إيصالها لخلقه ، فالرحمن : ذو الرحمة الواسعة ، والرحيم : ذو الرحمة الواصلة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( الرحمن : هو ذو الرحمة الواسعة ؛ لأن فَعْلان في اللغة العربية تدل على السعة والامتلاء ، كما يقال : رجل غضبان ، إذا امتلأ غضبا .
الرحيم : اسم يدل على الفعل ؛ لأنه فعيل بمعنى فاعل ، فهو دال على الفعل ، فيجتمع من ( الرحمن الرحيم ) أن رحمة الله واسعة ، وتؤخذ من ( الرحمن ) ، وأنها واصلة إلى الخلق ، وتؤخذ من ( الرحيم ) ، وهذا ما رمى إليه بعضهم بقوله : ( الرحمن ) رحمة عامة ، و( الرحيم ) رحمة خاصة بالمؤمنين . ولكن ما ذكرناه أولى ) .
انتهى من شرح العقيدة الواسطية 1/22
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-25, 01:03
السؤال :
هل يمكن أن تشرح لنا معنى اسم الله عز وجل ( الباطن ) ومعنى ( الظاهر ) ؟.
الجواب :
الحمد لله
فسر معنى الاسمين حديث أبو هريرة رضي الله عنه وفيه قوله صلى الله عليه وسلم : ( وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ) رواه مسلم .
فالظاهر فسره بالظهور بمعنى العلو ، والله تعالى عال على كل شيء ، وفسره بعضهم بالظهور ، بمعنى البروز : فهو الذي ظهر للعقول بحججه وبراهين وجوده وأدلة وحدانيته فهو الظاهر بالدلائل الدالة عليه ، وأفعاله المؤدية إلى العلم به ومعرفته فهو ظاهر مدرك بالعقول والدلائل ، وباطن لأنه غير مشاهد كسائر الأشياء المشاهدة في الدنيا عز وجل عن ذلك وتعالى علواً كبيراً .
والله سبحانه هو الظاهر بحكمته وخلقه وصنائعه وجميع نعمه التي أنعم بها فلا يرى غيره ، والباطن هو المحتجب عن ذوي الألباب كنه ذاته وكيفية صفاته عز وجل .
ونسب إلى بعض العلماء تفسير الباطن بالقريب حيث قال : الباطن : أقرب من كل شيء بعلمه وقدرته وهو فوق عرشه .
وفسر الباطن بالعالم ببواطن الأمور ، فهو ذو الباطن ، وكذا هو عالم بظواهرها . قال البخاري : قال يحيى - وهو الفرّاء - "هو الظاهر على كل شيء علما ، والباطن على كل شيء علما " .
وفسر بعضهم : بأنه غير مدرَك بالحواس كالأشياء المخلوقة التي تدرك بالحواس .
وقيل : هو المحتجب عن أبصار الخلائق وأوهامهم فلا يدركه بصر ولا يحيط به وهم .
ومع أن هذه المعاني كلها صحيحة إلا أن الأولى الالتزام بالتفسير النبوي وهو خير ما يفسر به لأنه صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بالله تعالى . وقد قال ابن جرير : " الظاهر على كل شيء دونه ، وهو العالي فوق كل شيء فلا شيء أعلى منه ، وهو الباطن جميع الأشياء فلا شيء أقرب إلى شيء منه " .
وذكر ابن القيم أن من جحد فوقيته فقد جحد لوازم اسمه " الظاهر " ولا يصح أن يكون الظاهر من له فوقية القَدْر فقط كما يقال الذهب فوق الفضة ؛ لأن هذه الفوقية تتعلق بالظهور بل قد يكون المفوق أظهر من الفائق فيها ، ولا يصح أن يكون القهر والغلبة فقط وإن كان سبحانه ظاهرا بالقهر والغلبة ، فله سبحانه العلو المطلق من كل وجه وهو علو الذات ، وعلو القدر ، وعلو القهر .
واسمه سبحانه الباطن : لا يقتضي السفول ، والسفول نقص هو منزه عنه ، فإنه سبحانه العلي الأعلى لا يكون قط إلا عاليا .
وقد ربط الظاهر بالباطن ، والظهور يقارنه العلو فكلما كان الشيء أعلى كان أظهر ، وكل من العلو والظهور يتضمن المعنى الآخر ولذا قال صلى الله عليه وسلم : " فليس فوقك شيء " ولم يقل : " ليس أظهر منك شيء " ؛ لأن الظهور يتضمن العلو والفوقية .
وفيه أيضا إحاطة الله تعالى بالعالم وعظمته سبحانه واضمحلال كل شيء عند عظمته ، هو الباطن سبحانه يدل على اطلاعه على السرائر والضمائر والخبايا ودقائق الأشياء .
من كتاب شرح أسماء الله تعالى الحسنى
إعداد الدكتورة حصة الصغير ص 61
*عبدالرحمن*
2018-02-25, 01:04
السؤال :
هل صحيح أنه يوجد آية في القرآن تقول إن الله لا يزال يقوم بعملية الخلق ؟.
الجواب :
الحمد لله
من أسماء الله تعالى " الخالق " و " الخلاَّق " ، قال الله عز وجل : { هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } الحشر / 24 ، وقال تعالى : { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ } الحجر / 86 ، وقال تعالى : { اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } الزمر / 62 . ومن صفاته تعالى " الخلق " ، قال تعالى : { أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } الأعراف / 54 . ومن أفعاله تعالى أنه " يخلق " ، قال الله عز وجل : { وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } الذريات / 49 ، وقال عز وجل : { إِنَّا خَلَقْنَا الأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً } الإنسان / 2 .
وقال تعالى : ( وربك يخلق ما يشاء ويختار ) القصص / 68
ومما لا شك فيه أن الله تعالى يخلق في كل لحظة ما يشاء من البشر والحيوانات والجمادات ، ومن ذلك الأطفال المواليد وصغار البهائم ، وكل آية في القرآن فيها بيان خلق الله للبشر فهي دالة على المراد في السؤال .
قال ابن حزم :
لم ينف الله عز وجل أن يخلق شيئاً بعد الستة الأيام بل قد قال عز وجل : { يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ } الزمر / 6 ، وقال تعالى : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ . ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ . ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ } المؤمنون / 12 - 14 . وكان هذا كله في غير تلك الستة الأيام ، فإذ قد جاء النص بأن الله تعالى يخلق بعد تلك الأيام أبداً ولا يزال يخلق بعد ناشئة الدنيا ثم لا يزال يخلق نعيم أهل الجنة وعذاب أهل النار أبداً بلا نهاية ..." الفِصَل في الملل والنِّحَل " ( 3 / 34 ) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-25, 01:05
السؤال :
قال لي بعض الناس إذا قلت كذا وكذا وبعدد معين من المرات فسوف تحصل على كذا وكذا من الأجر أو إذا قرأت أسماء الله الحسنى بترتيب معين فستحصل على كذا وكذا . فأرجو أن تنصحني .
الجواب:
الحمد لله
أجاب الشيخ عبد الله بن قعود بما يلي :
لا يجوز ذلك ولو اعتقده يكون بدعة . انتهى . وكلّ ذكْر يقيّد بعدد معيّن أو مكان معيّن أو زمان معيّن أو كيفيّة معيّنة لم ترد في الشريعة يكون بدعة . وأما بالنسبة للأسماء الحسنى التعبّد بها يكون بدعاء الله بها كما قال عزّ وجلّ : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) وليس مجرد قراءتها بترتيب معيّن عبادة مشروعة ،
والله أعلم .
الشيخ عبد الله بن قعود
و اخيرا ً
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-02-25, 14:31
اخوة الاسلام
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
السؤال :
ما معنى اسم الله عز وجل ( الحسيب ) ؟.
الجواب :
الحمد لله
الحسيب : الكافي فهو كافي المتوكلين وهو الكافي عن الشهود .
( إن الله كان على كل شيء حسيباً ) النساء/86
وفسر بالحفيظ يحفظ الأعمال ثم يجازيهم عليها ، فالله عز وجل حسيب عباده أي محاسبهم على أعمالهم ومجازيهم عليها بحسب حكمته وعلمه بدقائق أعمالهم وجليلها ، فحسابهم على الخير والشر يقع بمثاقيل الذر .
وهو المحسوب عطاياه وفواضله ، وهو المدرك للأجزاء والمقادير التي يعلم العباد أمثالها بالحساب من غير أن يحسب لأن الحاسب يدرك الأشياء فشيئاً ويعلم الجملة عند انتهاء حسابه ، والله سبحانه لا يتوقف علمه على أمر يكون وحال يحدث .
وهو الكافي وكفايته سبحانه وتعالى عامة وخاصة :
فالعامة : كفايته سبحانه للعباد جميع ما أهمهم من أمر دينهم ودنياه من حصول المنافع ودفع المضار .
والخاصة : كفايته لعبده التقي المتوكل عليه كفاية يصلح بها دينه ودنياه ومن ذلك قوله تعالى : ( يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ) الأنفال/64
أي كافيك وكافي أتباعك ، ويحسب ما يقوم به العبد من متابعة للرسول صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً وقيامه بعبودية الله تعالى تكون الكفاية والعزة والنصرة ، فإن الله سبحانه وحده كافي عباده فإن الحسب والكفاية لله وحده كالتوكل والتقوى والعبادة كما قال تعالى : ( أليس الله بكافٍ عبده ) الزمر/36 .
والله سبحانه وتعالى هو أسرع الحاسبين فحين يرد إليه العباد فيحاسبهم لا يشق عليه ذلك فهو سبحانه يعلم عددهم وأعمالهم وآجالهم وجميع أمورهم ، وقد أحصاها وعلم مقاديرها ومبالغها وهو لا يحسب بعقد يد ولكنه يعلم ذلك ولا يخفى عليه خافية ولا يعزب عنه مثقال ذرة ولا أصغر منها ولا أكبر إلا في كتاب مبين .
قال ابن القيم :
وهو الحسيب كفاية وحماية والله كافي العبد كل أوان
من كتاب شرح أسماء الله تعالى الحسنى
للدكتورة حصة الصغير ص 93
*عبدالرحمن*
2018-02-25, 14:33
السؤال :
أسأل عن الفهم الصحيح لحديث (خلق آدم على صورة الرحمن ) ؟.
الجواب :
الحمد لله
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ ..) رواه البخاري (6227) ومسلم (2841)
أما حديث : ( لا تقبِّحوا الوجه ، فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن )
فقد ضعّفه الألباني في السلسلة الضعيفة رقم (1176) .
ولعل السائل أشكل عليه فهم هذا الحديث مع قول الله تعالى : ( ليس كمثله شيء ) الشورى /25 .
وقد أجاب العلماء عن هذا الإشكال بجوابين :
الأول : جواب مجمل . الثاني : جواب مفصل .
أما الجواب المجمل : فهو أنه لا يمكن أن يناقض هذا الحديث قوله تعالى : ( ليس كمثله شيء ) الشورى/11 ، فإن يسّر الله لنا التوفيق بينهما ، وإلا فإننا نقول : (ءَامَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الأَلْبَابِ ) آل عمران / 7 ، وعقيدتنا أن الله لا مثيل له ، وبهذا نسلم أمام الله عز وجل . وهذا كلام الله , وهذا كلام رسوله والكل حقّ ولا يمكن أن يكذِّب بعضه بعضاً . فنقول الآية فيها نفي مماثلة الخلق لله تعالى ، والحديث فيه إثبات الصورة لله عز وجل ، والكل حق نؤمن به ، ونقول كل من عند ربنا ، ونسكت ، وهذا غاية ما نستطيع .
انظر شرح الواسطية لابن عثيمين .
وأما الجواب المفصل :
فهذا الحديث يثبت أن الله تعالى له صورة ، وأن آدم عليه السلام خلقه الله تعالى على صورته .
ولكن ليس في هذا الحديث ما يدل على أن صورة آدم عليه السلام مماثلة لصورة الله تعالى ، بل هذا المعنى باطل قطعاً ، ولم يرده الرسول صلى الله عليه وسلم ، لأن الله تعالى يقول : ( ليس كمثله شيء ) ولا يلزم من تشبيه شيء بشيء أن يكون مثله مطابقاً له من كلِّ وجه ، بل تحصل المشابهة بالاشتراك في بعض الصفات ولا يشترط تطابق كل الصفات وتماثلها .
ودليل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ " رواه البخاري (3327) ومسلم (2834)
فليس معنى هذا الحديث أنهم دخلوا الجنة وصورتهم مطابقة لصورة القمر من كلّ وجه ، وإلا لزم من ذلك أنهم دخلوا الجنة وليس لهم أعين ولا أفواه ، وإن شئنا قلنا : دخلوا وهم أحجار !!
وإنما معنى الحديث أنهم على صورة القمر في الحسن والوضاءة والجمال واستنارة الوجه ، وما أشبه ذلك .
فإذا قلت : ما هي الصورة التي تكون لله عز وجل ويكون آدم عليها ؟
قلنا : إن الله عز وجل له وجه وله عين وله يد وله رجل عز وجل ، لكن لا يلزم من أن تكون هذه الأشياء مماثلة للإنسان فهناك شيء من الشبه ، لكن ليس على سبيل المماثلة ، كما أن الزمرة الأولى من أهل الجنة فيها شبه بالقمر ، لكن بدون مماثلة . وبهذا يصدق ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة ، من أن جميع صفات الله سبحانه وتعالى ليست مماثلة لصفات المخلوقين من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل .
انظر شرح العقيدة الواسطية
للشيخ محمد بن صالح العثيمين
ج/1 ص/107-110.
*عبدالرحمن*
2018-02-25, 14:35
السؤال :
قرأت حديثا أن الله تعالى يكون أمام المصلي ؟
فما معنى ذلك ؟
وهل هذا يعارض أن الله تعالى في السماء ؟.
الجواب :
الحمد لله
سبق في سؤال ذكر الأدلة على أن الله تعالى مستوٍ على عرشه ، وعالٍ على خلقه .
وورد في الحديث الذي رواه البخاري (406) ومسلم (547) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى بُصَاقًا فِي جِدَارِ الْقِبْلَةِ ، فَحَكَّهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ : ( إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَبْصُقُ قِبَلَ وَجْهِهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى ) .
ولا تعارض بين هذا وبين علو الله تعالى على خلقه .
قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (5/101) :
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم : ( إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ فَلا يَبْصُقْ قِبَلَ وَجْهِهِ ) حَقٌّ عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ وَهُوَ قِبَلَ وَجْهِ الْمُصَلِّي ; بَلْ هَذَا الْوَصْفُ يَثْبُتُ لِلْمَخْلُوقَاتِ . فَإِنَّ الإِنْسَانَ لَوْ أَنَّهُ يُنَاجِي السَّمَاءَ أَوْ يُنَاجِي الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَكَانَتْ السَّمَاءُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ فَوْقَهُ وَكَانَتْ أَيْضًا قِبَلَ وَجْهِهِ اهـ .
وقال أيضاً (5/672) :
وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ تَوَجَّهَ إلَى الْقَمَرِ وَخَاطَبَهُ - إذَا قُدِّرَ أَنْ يُخَاطِبَهُ - لا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِ إلا بِوَجْهِهِ مَعَ كَوْنِهِ فَوْقَهُ ، فَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ لَهُ بِوَجْهِهِ مَعَ كَوْنِهِ فَوْقَهُ . . . فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ إذَا قَامَ إلَى الصَّلاةِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ رَبَّهُ وَهُوَ فَوْقَهُ ، فَيَدْعُوهُ مِنْ تِلْقَائِهِ لا مِنْ يَمِينِهِ وَلا مِنْ شِمَالِهِ ، وَيَدْعُوهُ مِنْ الْعُلُوِّ لا مِنْ السُّفْلِ اهـ
وقال الشيخ ابن عثيمين :
الدليل على أن الله قبل وجه المصلي :
قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يبصق قبل وجهه فإن الله قبل وجهه ) .
وهذه المقابلة ثابتة لله حقيقة على الوجه اللائق به ولا تنافي علوه والجمع بينهما من وجهين :
1- أن الاجتماع بينهما ممكن في حق المخلوق كما لو كانت الشمس عند طلوعها فإنها قبل وجه من استقبل المشرق وهي في السماء فإذا جاز اجتماعهما في المخلوق فالخالق أولى .
2- أنه لو لم يمكن اجتماعهما في حق المخلوق فلا يلزم أن يمتنع في حق الخالق لأن الله ليس كمثله شئ . اهـ
"فتاوى ابن عثيمين" (4/287) .
*عبدالرحمن*
2018-02-25, 14:39
السؤال :
هل أسماء الله تعالى الحسنى تسعة وتسعون اسماً فقط ؟
أم أنها أكثر من ذلك .
الجواب :
الحمد لله
روى البخاري (2736) ومسلم (2677) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) .
استدل بعض العلماء (كابن حزم رحمه الله) بهذا الحديث على أن أسماء الله تعالى محصورة في هذا العدد .
انظر : "المحلى" (1/51) .
وهذا الذي قاله ابن حزم رحمه الله لم يوافقه عليه عامة أهل العلم ، بل نقل بعضهم (كالنووي) اتفاق العلماء على أن أسماء الله تعالى ليست محصورة في هذا العدد . وكأنهم اعتبروا قول ابن حزم شذوذاً لا يلتفت إليه .
واستدلوا على عدم حصر أسماء الله تعالى الحسنى في هذا العدد بما رواه أحمد (3704) عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلا حَزَنٌ فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ ، وَابْنُ عَبْدِكَ ، وَابْنُ أَمَتِكَ ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي ، وَنُورَ صَدْرِي ، وَجِلَاءَ حُزْنِي ، وَذَهَابَ هَمِّي إِلا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا . فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلا نَتَعَلَّمُهَا ؟ فَقَالَ : بَلَى ، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا . صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (199) .
فقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ) دليل على أن من أسماء الله تعالى الحسنى ما استأثر به في علم الغيب عنده ، فلم يطلع عليه أحداً من خلقه ، وهذا يدل على أنها أكثر من تسعة وتسعين .
قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (6/374) عن هذا الحديث :
فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلَّهِ أَسْمَاءً فَوْقَ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ اهـ .
وقال أيضاً (22/482) :
قَالَ الخطابي وَغَيْرُهُ : فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ أَسْمَاءً اسْتَأْثَرَ بِهَا وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ : ( إنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) أَنَّ فِي أَسْمَائِهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ، كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ : إنَّ لِي أَلْفَ دِرْهَمٍ أَعْدَدْتهَا لِلصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانَ مَالُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ . وَاَللَّهُ فِي الْقُرْآنِ قَالَ : ( وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ) فَأَمَرَ أَنْ يُدْعَى بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى مُطْلَقًا ، وَلَمْ يَقُلْ : لَيْسَتْ أَسْمَاؤُهُ الْحُسْنَى إلا تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا اهـ .
ونقل النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم اتفاق العلماء على ذلك ، فقال :
اتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيث لَيْسَ فِيهِ حَصْر لأَسْمَائِهِ سُبْحَانه وَتَعَالَى , فَلَيْسَ مَعْنَاهُ : أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَسْمَاء غَيْر هَذِهِ التِّسْعَة وَالتِّسْعِينَ , وَإِنَّمَا مَقْصُود الْحَدِيث أَنَّ هَذِهِ التِّسْعَة وَالتِّسْعِينَ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّة , فَالْمُرَاد الإِخْبَار عَنْ دُخُول الْجَنَّة بِإِحْصَائِهَا لا الإِخْبَار بِحَصْرِ الأَسْمَاء اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن ذلك فقال :
" أسماء الله ليست محصورة بعدد معين ، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك . . إلى أن قال : أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ) .
وما استأثر الله به في علم الغيب لا يمكن أن يُعلم به، وما ليس معلوماً ليس محصوراً .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) .
فليس معناه أنه ليس له إلا هذه الأسماء ، لكن معناه أن من أحصى من أسمائه هذه التسعة والتسعين فإنه يدخل الجنة ، فقوله (مَنْ أَحْصَاهَا) تكميل للجملة الأولى وليست استئنافية منفصلة ، ونظير هذا قول العرب : عندي مائة فرس أعددتها للجهاد في سبيل الله . فليس معناه أنه ليس عنده إلا هذه المائة ؛ بل هذه المائة معدة لهذا الشيء" اهـ .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (1/122) .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-02-26, 12:22
اخوة الاسلام
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
السؤال :
هل يوصف الله تعالى بالمكر والخداع والخيانة ، كما في قوله تعالى : (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ) وقوله : ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ ) ؟.
الجواب :
الحمد لله
صفات الله تعالى كلها صفات كمال ، دالة على أحسن المعاني وأكملها ، قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) النحل/60 . وقال تعالى : (وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) الروم/27 .
ومعنى المثل الأعلى أي الوصف الأكمل .
قال السعدي في تفسيره (ص 718، 1065) :
"المثل الأعلى" هو كل صفة كمال اهـ .
والصفات ثلاثة أنواع :
الأول : صفات كمال ، لا نقص فيه بوجه من الوجوه . فهذه يوصف الله تعالى بها وصفاً مطلقاً ولا يقيد بشيء ، مثال ذلك : العلم ، والقدرة ، والسمع ، والبصر ، والرحمة . . . إلخ .
الثاني : صفات نقص ، لا كمال فيها ، فهذه لا يوصف الله تعالى بها أبداً ، كالنوم ، والعجز ، والظلم ، والخيانة . . إلخ .
الثالث : صفات يمكن أن تكون كمالاً ، ويمكن أن تكون نقصاً ، على حسب الحال التي تُذكر فيها .
فهذه لا يوصف الله تعالى بها على سبيل الإطلاق ، ولا تنفى عن الله تعالى على سبيل الإطلاق ، بل يجب التفصيل ، ففي الحال التي تكون كمالاً يوصف الله تعالى بها ، وفي الحال التي تكون نقصاً لا يوصف الله تعالى بها. ومثال هذا : المكر ، والخديعة ، والاستهزاء .
فالمكر والخديعة والاستهزاء بالعدو صفة كمال ، لأن ذلك يدل على كمال العلم والقدرة والسلطان . . ونحو ذلك .
أما المكر بالمؤمنين الصادقين فهو صفة نقص .
ولذلك لم يرد وصف الله تعالى بهذه الصفات على سبيل الإطلاق ، وإنما ورد مقيداً بما يجعله كمالاً .
قال الله تعالى : (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ) النساء /142 . فهذا خداع بالمنافقين .
وقال : ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) الأنفال/30 . وهذا مكر بأعداء الله الذين كانوا يمكرون برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وقال عن المنافقين : ( وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) البقرة /14-15 . وهذا استهزاء بالمنافقين .
فهذه الصفات تعتبر كمالاً في هذا السياق الذي وردت فيه . ولهذا يقال : الله تعالى يستهزئ بالمنافقين ، ويخادعهم ، ويمكر بأعدائه . . . ونحو ذلك . ولا يجوز أن يوصف الله تعالى بالمكر والخادع وصفاً مطلقاً . لأنه حينئذٍ لا يكون كمالاً .
*عبدالرحمن*
2018-02-26, 12:22
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يوصف الله بالمكر؟ وهل يسمى به ؟
فأجاب :
" لا يوصف الله تعالى بالمكر إلا مقيداً ، فلا يوصف الله تعالى به وصفاً مطلقاً ، قال الله تعالى : ( أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) الأعراف/99 . ففي هذه الآية دليل على أن لله مكراً ، والمكر هو التوصل إلى إيقاع الخصم من حيث لا يشعر. ومنه جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري ( الحرب خدعة ) .
فإن قيل : كيف يوصف الله بالمكر مع أن ظاهره أنه مذموم ؟
قيل : إن المكر في محله محمود يدل على قوة الماكر، وأنه غالب على خصمه ولذلك لا يوصف الله به على الإطلاق ، فلا يجوز أن تقول : "إن الله ماكر" وإنما تذكر هذه الصفة في مقام يكون مدحاً ، مثل قوله تعالى : ( وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ) الأنفال /30 ، وقوله : ( وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) النمل /50 .
ولا تنفى هذه الصفة عن الله على سبيل الإطلاق ، بل إنها في المقام الذي تكون مدحاً يوصف بها ، وفي المقام الذي لا تكون فيه مدحاً لا يوصف بها. وكذلك لا يسمى الله به فلا يقال : إن من أسماء الله الماكر ، والمكر من الصفات الفعلية لأنها تتعلق بمشيئة الله سبحانه" اهـ . "فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (1/170).
وسئل أيضاً : هل يوصف الله بالخيانة ؟ والخداع كما قال الله تعالى: ( يخادعون الله وهو خادعهم ) ؟
فأجاب :
" أما الخيانة فلا يوصف الله بها أبداً ، لأنها ذم بكل حال ، إذ إنها مكر في موضع الائتمان ، وهو مذموم ، قال الله تعالى : ( وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) الأنفال /71 ، ولم يقل : فخانهم .
وأما الخداع فهو كالمكر يوصف الله تعالى به حين يكون مدحاً ، ولا يوصف به على سبيل الإطلاق قال الله تعالى: ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ ) النساء /142 اهـ .
"فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (1/171) .
والله أعلم .
*عبدالرحمن*
2018-02-26, 12:23
السؤال :
هل يمكن أن تشرح لي معنى اسم الله الحليم ؟.
الجواب :
الحمد لله
ورد اسم الله الحليم في عدة مواضع من القرآن الكريم , منها قوله تعالى : ( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) البقرة/235 ، وقوله تعالى : ( قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذىً وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ) البقرة / 263 .
قال ابن جرير في "تفسيره" (4/144) : ( يعني : أنه ذو أناة , لا يعجل على من عصاه وخالف أمره بالنقمة ) ا.هـ
وقال الخطابي في "شأن الدعاء" (63) : ( هو ذو الصفح والأناة , الذي لا يستفزه غضب ، ولا يستخفه جهل جاهل ولا عصيان عاص .
ولا يستحق الصافح مع العجز اسم الحلم , إنما الحليم هو الصفوح مع القدرة , والمتأني الذي لا يعجل بالعقوبة ) ا.هـ
وقال قِوام السنة الأصبهاني في "الحجة في بيان المحجة" (1/144) : ( حليم عمن عصاه , لأنه لو أراد أخذه في وقته أخذه , فهو يحلم عنه ويؤخره إلى أجله , وهذا الاسم وإن كان مشتركا يوصف به المخلوق , فحلم المخلوق حلم لم يكن في الصغر , ثم كان في الكبر , وقد يتغير بالمرض والغضب والأسباب الحادثة , ويفنى حلمه بفنائه , وحلم الله عز وجل لم يزل ولا يزول , والمخلوق يحلم عن شيء ولا يحلم عن غيره , ويحلم عمن لا يقدر عليه , والله تعالى حليم مع القدرة ) ا.هـ
وقال ابن القيم في "نونيته" (3278) :
( وهو الحليم فلا يعاجل عبده بعقوبة ليتوب من عصيان )
وقال السعدي في "تفسيره" (19) : ( الحليم الذي يدر على خلقه النعم الظاهرة والباطنة , مع معاصيهم وكثرة زلاتهم , فيحلم عن مقابلة العاصين بعصيانهم ، ويستعتبهم كي يتوبوا , ويمهلهم كي ينيبوا ) ا.هـ .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-02-26, 12:24
السؤال :
هل يمكن أن تشرح لي معنى اسم الله الخافض ؟.
الجواب :
الحمد لله
قبل شرح معنى هذا الاسم لابد من العلم ببعض المسائل المهمة المتعلقة بأسماء الله تعالى :
أولاً : ( الأدلة التي تثبت بها أسماء الله تعالى وصفاته هي كتاب الله تعالى , وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , فلا تثبت أسماء الله وصفاته بغيرهما .
وعلى هذا فما ورد إثباته لله تعالى من ذلك في الكتاب والسنة وجب إثباته .
وما ورد نفيه فيهما وجب نفيه مع إثبات كمال ضده .
وما لم يرد إثباته ولا نفيه فيهما وجب التوقف في لفظه فلا يثبت ولا ينفى , لعدم ورود الإثبات والنفي فيه .
وأما معنى اسم الخافض فيُفصل فيه : فإن أريد به حق يليق بالله تعالى فهو مقبول , وإن أريد به معنى لا يليق بالله عز وجل وجب رده ) ا.هـ من "القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى" لابن عثيمين .
ثانياً : ( الفعل أوسع من الاسم , ولهذا أطلق الله على نفسه أفعالا لم يتسم منها بأسماء الفاعل , كأراد وشاء وأحدث , ولم يسم بـ " المريد" و"الشائي" و"المحدث" كما لم يسم نفسه بـ "الصانع" و"الفاعل" و"المتقن" وغير ذلك من الأسماء التي أطلق على نفسه , فباب الأفعال أوسع من باب الأسماء .
وقد أخطأ خطأً كبيراً من اشتق له من كل فعل اسما , وبلغ بأسمائه زيادة على الألف , فسماه "الماكر , والمخادع , والفاتن , والكائد " ونحو ذلك .
وكذلك باب الإخبار عنه بالاسم أوسع من تسميته به , فإنه يخبر عنه بأنه "شيء وموجود ومذكور , ومعلوم , ومراد " ولا يسمى بذلك .
فأما " الواجد " فلم تجىء تسميته به إلا في حديث تعداد الأسماء الحسنى , والصحيح أنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم , ومعناه صحيح , فإنه ذو الوجد والغنى , فهو أولى بأن يسمى به من "الموجود" ومن " الموجد " أما " الموجود " فإنه منقسم إلى كامل وناقص , وخير وشر ( ففيه يكون الشيء كاملاً أو ناقصاً ) , وما كان مسماه منقسما لم يدخل اسمه في الأسماء الحسنى , كالشيء والمعلوم , ولذلك لم يسم بـ " المريد" و"المتكلم" وأما "الموجد" فقد سمى نفسه بأكمل أنواعه , وهو "الخالق , البارئ , المصور " فـ "الموجد" كـ "المحدث ، والفاعل ، والصانع " , وهذا من دقيق فقه الأسماء الحسنى , فتأمله , وبالله التوفيق ) ا.هـ
من "مدارج السالكين" لابن القيم (3/383_385) .
*عبدالرحمن*
2018-02-26, 12:25
ثالثاً : ( أن ما يطلق على الله في باب الأسماء والصفات توقيفي , وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفيا , كالقديم والشيء والموجود والقائم بنفسه , فهذا فصل الخطاب في مسألة أسمائه هل هي توقيفية أو يجوز أن يطلق عليه منها بعض ما لم يرد به السمع ) ا.هـ
من "بدائع الفوائد" لابن القيم (1/162) .
رابعاً : ( أن من أسماء الله عز وجل ما لا يطلق عليه إلا مقترنا بمقابله , فإذا أطلق وحده أوهم نقصا تعالى الله عن ذلك , فمنها المعطي المانع , والضار النافع , والقابض الباسط , والمعز المذل , والخافض الرافع , فلا يطلق على الله عز وجل المانع الضار القابض المذل الخافض كلا على انفراده , بل لا بد من ازدواجها بمقابلاتها , إذ لم تطلق في الوحي إلا كذلك ) ا.هـ
من "معارج القبول" للحكمي (1/64) .
إذا تبين ما سبق فاسم الخافض , لا يعرف أنه ورد إلا في حديث تعداد الأسماء الحسنى , والصحيح أنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم , كما سبق في كلام ابن القيم , وهو ما قرره غير واحد من أهل العلم كالإمام ابن تيمية _ كما في "الفتاوى" (6/379_380 ، 8/96 ، 22/482) _ والحافظ ابن كثير في "تفسيره" (3/515) والحافظ ابن حجر في "الفتح" (11/221) و"البلوغ" (1395) وغيرهم .
ولكن معنى الاسم صحيح بشرط أن يقرن باسم الرافع , وثبت في "صحيح مسلم" (179) من حديث أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام ، يخفض القسط ويرفعه , يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار ، وعمل النهار قبل الليل ... " الحديث , وجاء في ذلك بعض الآثار عن السلف , ومن ذلك ما علقه البخاري في "صحيحه" (فتح _ 8/487) مجزوما به عن أبي الدرداء أنه قال في تفسير قوله تعالى : ( كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) الرحمن / 29 قال : " يغفر ذنبا , ويكشف كربا , ويرفع قوما , ويضع آخرين " . وروي عنه مرفوعا .
إذا تبين هذا فلأهل العلم كلام في معنى الخافض , ومن ذلك ما يلي :
1_ قال الخطابي في "شأن الدعاء" (58) : ( الخافض الرافع : وكذلك القول في هذين الاسمين يستحسن أن يوصل أحدهما في الذكر بالآخر , فالخافض : هو الذي يخفض الجبارين ويذل الفراعنة المتكبرين , والرافع : هو الذي رفع أولياءه بالطاعة فيعلي مراتبهم وينصرهم على أعدائه ويجعل العاقبة لهم , لا يعلو إلا من رفعه الله , ولا يتضع إلا من وضعه وخفضه ) ا.هـ .
2_ وقال الحليمي _ كما في "الأسماء والصفات" للبيهقي (1/193) _ : ( ولا ينبغي أن يفرد الخافض عن الرافع في الدعاء , فالخافض : هو الواضع من الأقدار , والرافع : المعلي للأقدار ) ا.هـ .
3_ وقال قِوام السنة الأصبهاني في "الحجة في بيان المحجة" (1/140) : ( ومن أسمائه : الخافض الرافع , قيل : الخافض هو الذي يخفض الجبارين , ويذل الفراعنة , والرافع هو الذي يرفع أولياءه وينصرهم على أعدائهم , يخفض من يشاء من عباده فيضع قدره ويخمل ذكره ويرفع من يشاء فيعلي مكانه ويرفع شأنه , لا يعلو إلا من رفعه ولا يتضع إلا من وضعه . وقيل : يخفض القسط ويرفعه ) .
ثم أورد حديث أبي موسى عند مسلم (293) : " إن الله تعالى لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه , يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار ، وعمل النهار قبل الليل " .
ثم قال : ( قال أهل العلم : ... ومعنى يخفض القسط ويرفعه , يخفض العدل بتسليط ذا الجور ، ويرفع العدل بإظهاره العدل , يخفض القسط بأهل الجور , ويرفع العدل بأئمة العدل , وهو في خفضه العدل مرة ورفعه أخرى يبتلي عباده لينظر كيف صبرهم على ما يسؤهم , وشكرهم على ما يسرهم ) ا.هـ
4_ وقال الشيخ ابن سعدي في "الحق الواضح المبين" (258) : ( وهو الرافع لأقوام قائمين بالعلم والإيمان , الخافض لأعدائه ) ا.هـ
وقال في "توضيح الكافية الشافيه" (390) : ( واعلم أن صفات الأفعال ... كلها متعلقة وصادرة عن هذه الصفات الثلاث : القدرة الكاملة , والمشيئة النافذة , والحكمة الشاملة التامة , وهي كلها قائمة بالله , والله متصف بها , وآثارها ومقتضياتها جميع ما يصدر عنها في الكون كله من التقديم والتأخير والنفع والضر والعطاء والحرمان والخفض والرفع , لا فرق بين محسوسها ومعقولها , ولا بين دينيها ودنيويها ) ا.هـ
5_ وقال الشيخ محمد خليل هراس في "شرح القصيدة النونية" (2/114) : ( وهو سبحانه الخافض الرافع , يخفض الكفار بالإشقاء والإبعاد , ويرفع أولياءه بالتقرب والإسعاد , ويداول الأيام بين عباده , فيخفض أقواما , يخمل شأنهم , ويذهب عزهم , ويرفع آخرين فيورثهم ملكهم وديارهم ) ا.هـ
وكل هذه الأقوال حق , وهي داخلة في معنى اسمي : الخافض الرافع .
والله تعالى أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-02-26, 12:26
السؤال :
هل يمكن أن تشرح لي معني اسم الله الحافظ ؟.
الجواب :
الحمد لله
ورد اسم الحافظ في قوله تعالى : ( قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) يوسف/64 .
وسمى الله عز وجل نفسه في مواضع من كتابه بـ " الحفيظ " أيضا ، قال تعالى : ( إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ) هود/57 .
قال الخطابي في " شأن الدعاء " (67_68) : ( الحفيظ : هو الحافظ , فعيل بمعنى فاعل , كالقدير والعليم , يحفظ السموات والأرض وما فيهما لتبقى مدة بقائها فلا تزول ولا تدثر , كقوله تعالى : ( وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا ) البقرة/255 ، وقال : ( وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ ) الصافات/7 .
وهو الذي يحفظ عبده من المهالك والمعاطب ويقيه مصارع السوء , كقوله سبحانه : ( لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ) الرعد/11 أي : بأمره .
ويحفظ على الخلق أعمالهم , ويحصي عليهم أقوالهم ويعلم نياتهم وما تكن صدورهم , ولا تغيب عنه غائبة , ولا تخفى عليه خافية .
ويحفظ أولياءه فيعصمهم عن مواقعة الذنوب , ويحرسهم عن مكايدة الشيطان , ليسلموا من شره وفتنته ) ا.هـ
وقال السعدي في " تفسيره " (18) : ( الحفيظ الذي حفظ ما خلقه , وأحاط علمه بما أوجده , وحفظ أولياءه من وقوعهم في الذنوب والهلكات , ولطف بهم في الحركات والسكنات , وأحصى على العباد أعمالهم وجزاءها ) ا.هـ .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-02-26, 12:28
السؤال :
ورد في الحديث : ( ينزل الله سبحانه وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل ) الحديث ، متى يبدأ الثلث الأخير ومتى ينتهي ، وكيف يكون النزول الإلهي في البلدان المختلفة ؟.
الجواب :
الحمد لله
قد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بإثبات النزول وهو قوله صلى الله عليه وسلم : ( ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له .. ) .
وقد أجمع أهل السنة والجماعة على إثبات صفة النزول على الوجه الذي يليق بالله سبحانه لا يشابه خلقه في شيء من صفاته كما قال سبحانه : ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، اللَّهُ الصَّمَدُ ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) وقال عز وجل : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) فالواجب عند أهل السنة والجماعة إمرار آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل مع الإيمان بها واعتقاد أن ما دلت عليه حق ليس في شيء منها تشبيه لله بخلقه ولا تكييف لصفته بل القول عندهم في الصفات كالقول في الذات ، فيما يثبت أهل السنة والجماعة ذاته سبحانه بلا كيف ولا تمثيل فهكذا صفاته يجب إثباتها بلا كيف ولا تمثيل ، والنزول في كل بلاد بحسبها لأن نزول الله سبحانه لا يشبه نزول خلقه وهو سبحانه يوصف بالنزول في الثلث الأخير من الليل في جميع أنحاء العالم على الوجه الذي يليق بجلاله سبحانه ولا يعلم كيفية نزوله إلا هو كما لا يعلم كيفية ذاته إلا هو عز وجل : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) وقال عز وجل : ( فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) .
وأول الثلث وآخره يعرف في كل زمان بحسبه فإذا كان الليل تسع ساعات كان أول وقت النزول أول الساعة السابعة إلى طلوع الفجر ، وإذا كان الليل اثنتي عشرة ساعة كان أول الثلث الأخير أول الساعة التاسعة إلى طلوع الفجر وهكذا بحسب طول الليل وقصره في كل مكان .
والله ولي التوفيق .
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة
لسماحة الشيخ
العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز يرحمه الله
م/4 ، ص/420
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
*عبدالرحمن*
2018-02-27, 14:42
اخوة الاسلام
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
السؤال :
هل يوصف الله تعالى بالنسيان ؟.
الجواب :
الحمد لله
" للنسيان معنيان :
أحدهما : الذهول عن شيء معلوم مثل قوله تعالى : ( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) البقرة /286 . ومثل قوله تعالى : ( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ) طـه/115. على أحد القولين .
ومثل قوله صلى الله عليه وسلم : ( إنما أنا بشر أنسى كما تنسون ، فإذا نسيت فذكروني ) . وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ) . وهذا المعنى للنسيان منتف عن الله عز وجل بالدليلين السمعي ، والعقلي .
أما السمعي : فقوله تعالى عن موسى : ( قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى ) طـه /52.
وأما العقلي : فإن النسيان نقص ، والله تعالى منزه عن النقص ، موصوف بالكمال ، كما قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) النحل /60 . وعلى هذا فلا يجوز وصف الله بالنسيان بهذا المعنى على كل حال .
والمعنى الثاني للنسيان : الترك عن علم وعمد ، مثل قوله تعالى: ( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْء ) الأنعام /44 . ومثل قوله تعالى: ( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ) طـه /115 . على القول الثاني في تفسيرها . ومثل قوله صلى الله عليه وسلم في أقسام أهل الخيل : ( ورجل ربطها تغنياً وتعففاً ، ولم ينس حق الله في رقابها وظهورها فهي له كذلك ستر ) . وهذا المعنى من النسيان ثابت لله تعالى عز وجل قال الله تعالى : ( فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ ) السجدة /14. وقال تعالى في المنافقين : ( نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) التوبة/67. وفي صحيح مسلم في كتاب الزهد والرقائق عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قالوا : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟
فذكر الحديث ، وفيه " أن الله تعالى يلقى العبد فيقول : أفظننت أنك ملاقي ؟ فيقول : لا. فيقول : فإني أنساك كما نسيتني ".
وتركه سبحانه للشيء صفة من صفاته الفعلية الواقعة بمشيئته التابعة لحكمته، قال الله تعالى: ( وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ ) البقرة /17 . وقال تعالى : ( وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ) الكهف /99 . وقال : ( وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً ) العنكبوت/35 . والنصوص في ثبوت الترك وغيره من أفعاله المتعلقة بمشيئته كثيرة معلومة ، وهي دالة على كمال قدرته وسلطانه. وقيام هذه الأفعال به سبحانه لا يماثل قيامها بالمخلوقين ، وإن شاركه في أصل المعنى ، كما هو معلوم عند أهل السنة " اهـ .
"فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (1/172-174) .
*عبدالرحمن*
2018-02-27, 14:44
السؤال :
تعلمتُ حتى الآن 33 اسماً من أسماء الله -عز و جلّ- من أصل الـ 99 اسماً، و لا أعرف الباقي. أين يمكن أن أجد قائمة بأسماء الله -سبحانه- على الإنترنت؟ أو ربما أنت تعرفها.
الجواب:
الحمد لله
أسماء الله تعالى كثيرة دالّة كلّها على عظمته وكماله وجلاله سبحانه وتعالى منها ما أخبرنا عنه في كتابه وفي سنّة رسوله صلى الله عليه وسلم ومنها ما لا يعلمه إلا هو
كما دلّ على ذلك حديث عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجِلاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي إِلاّ أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا قَالَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا نَتَعَلَّمُهَا فَقَالَ بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا . "
رواه الإمام أحمد وهو حديث صحيح .
وأسماؤه سبحانه المذكورة في القرآن والسنّة تتجاوز المائة كما جمع ذلك عدد من أهل العلم ( يُنظر كتاب القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين ) ولكن يوجد من بينها تسعة وتسعون اسما من علمها وعمل بها فله أجر عظيم كما دلّ عل ذلك حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلاّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ . "
رواه البخاري فتح رقم 2736
والإحصاء المذكور في الحديث يتضمّن ما يلي :
1- حفظها
2- معرفة معناها
3- العمل بمقتضاها : فإذا علم أنّه الأحد فلا يُشرك معه غيره ، وإذا علم أنّه الرزّاق فلا يطلب الرّزق من غيره ، وإذا علم أنّه الرحيم فلا ييأس من رحمته وهكذا .
4- دعاؤه بها كما قال عزّ وجلّ : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) . وذلك كأن يقول يا رحمن ارحمني ، يا غفور اغفر لي ، يا توّاب تُبْ عليّ ونحو ذلك .
ويمكنكِ أيتها الأخت السائلة أن تتمعني في نهايات آيات القرآن الكريم لتجدي في كثير منها أسماء مذكورة لله عزّ وجلّ .
والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*عبدالرحمن*
2018-02-27, 14:50
و اخيرا ً
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و اكمل غدا
في الجزء الرابع
بعنوان
التوحيد من ابواب اخري
ان قدر لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
الأصيــل
2018-03-30, 10:18
ما شاء الله ... بارك الله فيك على هذا المجهود الذي تبذله
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir