المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأخوة الإسلامية


*عبدالرحمن*
2018-02-10, 07:34
اخوة الاسلام

السلام عليكم و رحمه الله و بركاتة

اهلا و مرحبا بكم في سلسلة جديدة

فكره نشر سلسله الاداب الاسلاميه

عرض كل جذء يشمل علي سؤال وجواب
الغرض منه ان يستوفي الموضوع جميع جوانبه
فا يعرف المرء المسلم جميع حقوقه ووجباته تجاه الاخرين
كما اراد الله ذلك من الكتاب والسنه

الأسرة في الإسلام

لقد اعتنى الإسلام بالآداب منذ بدء تكوينها فوضع الأسس والقواعد التي يعتلي عليها البناء الشامخ القوي الذي لا يهتز أمام رياح المشاكل وعواصف الأزمات .

هناك آداب يلتزم بها المسلم مع الله
-سبحانه- ومنها:

عدم الإشراك بالله

فالمسلم يعبد الله -سبحانه- ولا يشرك به أحدًا، فالله-سبحانه- هو الخالق المستحق للعبادة بلا شريك، يقول تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا} [النساء: 36].

إخلاص العبادة لله:

فالإخلاص شرط أساسي لقبول الأعمال، والله -سبحانه- لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصًا لوجهه، بعيدًا عن الرياء، يقول تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحًا ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا}
[الكهف: 110].

مراقبة الله:

فالله -سبحانه- مُطَّلع على جميع خلقه، يرانا ويسمعنا ويعلم ما في أنفسنا، ولذا يحرص المسلم على طاعة ربه في السر والعلانية، ويبتعد عمَّا نهى عنه، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإحسان، فقال: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك) _[متفق عليه].

الاستعانة بالله:

المسلم يستعين بالله وحده، ويوقن بأن الله هو القادر على العطاء والمنع، فيسأله سبحانه ويتوجه إليه بطلب العون والنصرة، يقول تعالى: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنـزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير } [آل عمران: 26]

ويقول صلى الله عليه وسلم: (إذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعن بالله) [الترمذي].

محبة الله:

المسلم يحب ربه ولا يعصيه، يقول تعالى: {والذين آمنوا أشد حبًّا لله} [البقرة: 165].

تعظيم شعائره:

المسلم يعظم أوامر الله، فيسارع إلى تنفيذها، وكذلك يعظم حرمات الله، فيجتنبها، ولا يتكاسل أو يتهاون في أداء العبادات، وإنما يعظم شعائر الله؛ لأنه يعلم أن ذلك يزيد من التقوى، قال تعالى: {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} [الحج: 32].

الغضب إذا انتُُهكت حرمات الله: فالمسلم إذا رأى من يفعل ذنبًا أو يُصر على معصية، فإنه يغضب لله، ويُغيِّر ما رأى من منكر ومعصية، ومن أعظم الذنوب التي تهلك الإنسان، وتسبب غضب الله، هو سب دين الله، أو سب كتابه، أو رسوله صلى الله عليه وسلم، والمسلم يغضب لذلك

وينهى من يفعل ذلك ويحذِّره من عذاب الله -عز وجل-.

التوكل على الله:

المسلم يتوكل على الله في كل أموره، يقول الله -تعالى-: {وتوكل على الحي الذي لا يموت} [الفرقان: 58] ويقول تعالى: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرًا} [الطلاق:3]

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو أنكم توكَّلون على الله حق توكَّله، لرُزِقْتُم كما يُرْزَق الطير تغدو خِمَاصًا (جائعة) وتعود بطانًا (شَبْعَي)) _[الترمذي].

الرضا بقضاء الله:

المسلم يرضى بما قضاه الله؛ لأن ذلك من علامات إيمانه بالله وهو يصبر على ما أصابه ولا يقول كما يقول بعض الناس: لماذا تفعل بي ذلك يا رب؟

فهو لا يعترض على قَدَر الله، بل يقول ما يرضي ربه، يقول تعالى: {وليبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر
الصابرين .

الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون . أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} [البقرة: 155-157].

الحلف بالله:

المسلم لا يحلف بغير الله، ولا يحلف بالله إلا صادقًا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت) [متفق عليه].

شكر الله:

الله -سبحانه- أنعم علينا بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى؛ فيجب على المؤمن أن يداوم على شكر الله بقلبه وجوارحه، يقول تعالى: {لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إني عذابي لشديد} [إبراهيم: 7].

التوبة إلى الله:

قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحًا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار }
[التحريم: 8].


ويقول تعالى: {وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} [النور:13].

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يأيها الناس توبوا إلى الله، فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة) [مسلم].

وهكذا يكون أدب المسلم مع ربه؛ فيشكره على نعمه، ويستحي منه
سبحانه، ويصدق في التوبة إليه، ويحسن التوكل عليه، ويرجو رحمته، ويخاف عذابه، ويرضى بقضائه، ويصبر على بلائه، ولا يدعو سواه، ولا يقف لسانه عن ذكر الله، ولا يحلف إلا بالله، ولا يستعين إلا بالله، ودائمًا يراقب ربه، ويخلص له في السر والعلانية.


و ادعوكم لمعرفه المزيد من
الآداب الاسلامية

الآداب الاسلامية بوجه عام

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2127558

بر الوالدين

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2127753

صلة الرحم

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2127903

حق الجار

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2128036

,,,,,,,,,,,,

بسم الله الرحمن الرحيم

*عبدالرحمن*
2018-02-10, 07:37
السؤال :

ما هي صفات الصديق الصالح ؟

الجواب :

الحمد لله

الصديق الصالح هو العبد الصالح ، المطيع لربه ، الملتزم بأوامر دينه ، الحريص على مرضاة الله

المسارع بالإيمان إلى كل خير ، المنصرف بالتقوى عن كل شر ، المحب للسنة وأهلها ، الموالي في الله ، المعادي في الله ، المبغض للعصيان وأهله ، التقي النقي ، البر الخفي ، الذي لا غل في قلبه ولا حسد .

الصديق الصالح هو الذي يذكرك بربك متى غفلت عن ذكره ، ويعينك ويشاركك : إذا كنت في ذكر لربك . قال النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا ) - وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ . متفق عليه .

قال النووي رحمه الله :

" صَرِيح فِي تَعْظِيم حُقُوق الْمُسْلِمِينَ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض , وَحَثّهمْ عَلَى التَّرَاحُم وَالْمُلَاطَفَة وَالتَّعَاضُد فِي غَيْر إِثْم وَلَا مَكْرُوه "

الصديق الصالح هو الذي لا يطلب عثرات إخوانه ولا يتتبعهم ، وإنما يطلب ما يقيلهم .

قال ابن مازن : " المؤمن يطلب معاذير إخوانه ، والمنافق يطلب عثراتهم " .

وقال الفضيل بن عياض :

" الفتوة الصفح عن عثرات الإخوان "

"آداب العشرة" (ص 1-3)

الصديق الصالح من سلم المسلمون من لسانه ويده ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في وصف المسلم .

وقد قال أبو الفيض بن إبراهيم المصري :

" عليك بصحبة من تسلم منه في ظاهرك ، وتعينك رؤيته على الخير ، ويذكرك مولاك " .

"آداب العشرة" (ص 3)

ومنها أن يحمدهم بحسن الثناء عليهم ، وإن لم يساعدهم باليد .

وقد روى أحمد (12709) وأبو داود (4812) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَتْ الْمُهَاجِرُونَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِثْلَ قَوْمٍ قَدِمْنَا عَلَيْهِمْ أَحْسَنَ بَذْلًا مِنْ كَثِيرٍ وَلَا أَحْسَنَ مُوَاسَاةً فِي قَلِيلٍ ، قَدْ كَفَوْنَا الْمَئُونَةَ وَأَشْرَكُونَا فِي الْمَهْنَإِ ، فَقَدْ خَشِينَا أَنْ يَذْهَبُوا بِالْأَجْرِ كُلِّهِ .

فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (كَلَّا ؛ مَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِمْ بِهِ ، وَدَعَوْتُمْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ ) صححه الألباني في "صحيح أبي داود" .

ومن صفاته بشاشة الوجه ، ولطف اللسان ، وسعة القلب ، وبسط اليد ، وكظم الغيظ ، وترك الكبر ، وملازمة الحرمة ، وإظهار الفرح بما رزق من عشرتهم وأخوتهم .

ومنها :

سلامة القلب وإسداء النصحية لإخوانه ، وقبولها منهم .

ومنها :

موافقة إخوانه وعدم مخالفتهم في المعروف ، وحبس النفس على ملامتهم .

قال أبو زائدة :

" كتب الأحنف إلى صديق له : أما بعد ، فإذا قدم أخ لك موافق ، فليكن منك بمنزلة السمع والبصر ؛ فإن الأخ الموافق أفضل من الولد المخالف . ألم تسمع قول الله عز وجل لنوح عليه السلام في ابنه : ( إِنَهُ لَيسَ مِن أَهلِكَ إِنَهُ عَمَلٌ غَيرَ صَالِحٍ ) " .

"آداب العشرة" (ص 7) .



https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)

*عبدالرحمن*
2018-02-10, 07:38
ومنها :

حب التزاور والتلاقي والتباذل ، والبشاشة عند اللقاء ، والمصافحة بود وإخاء .

وقد روى مسلم (2567) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا ، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ أَيْنَ تُرِيدُ ؟ قَالَ أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ .

قَالَ هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا ؟ قَالَ لَا غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .

قَالَ فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ ) .

وروى أحمد (21525) عن مُعَاذ بْن جَبَلٍ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ ) . صححه الألباني في "صحيح الترغيب" .

وقد كان يقال :

" لا تصحب إلا من إن صحبته زانك ، وإن حملت مؤونة أعانك ، وإن رأى منك ثلمة سدها ، وإن رأى منك حسنة عدها ، وإن سألته أعطاك ، وإن تعففت عنه ابتداك ، وإن عاتبك لم يحرمك ، وإن تباعدت عنه لم يرفضك " .

"تاريخ دمشق" (68/ 236) .

وقال أبو عبد الرحمن السلمي :

" الصحبة مع الإخوان بدوام البشر وبذل المعروف ونشر المحاسن وستر القبائح واستكثار قليل برهم واستصغار ما منك إليهم وتعهدهم بالنفس والمال ومجانبة الحقد والحسد والبغى والأذى وما يكرهون من جميع الوجوه ، وترك ما يعتذر منه " انتهى .

"آداب الصحبة" (ص 120)

ومنها : أن لا يحسد إخوانه على ما يرى عليهم من آثار نعم الله ، بل يفرح بذلك ويحمد الله على ما يرى من النعمة عليهم كما يحمده على نفسه . قال الله تعالى : ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) النساء / 54]

ومنها : المعاشرة بالمعروف بصدق وإخلاص .
قال أبو صالح :" المؤمن يعاشرك بالمعروف ويدلك على صلاح دينك ودنياك ، والمنافق يعاشرك بالممادحة ، ويدلك على ما تشتهيه ، والمعصوم من فرق بين الحالين " .

"آداب الصحبة" (ص 55)

ومنها :

القيام بأعذار الإخوان والأصحاب والذب عنهم والانتصار لهم .

ومنها :

أن يشارك إخوانه في المكروه كما يشاركهم في المحبوب ، لا يتلون عليهم في الحالين جميعا .

ومنها :

أن لا يمن بمعروفه على من يحسن إليه ويستصغره ، ويعظم عنده معروف إخوانه ويستكثره .

ومنها :

أن يجتهد في ستر عورة إخوانه وإظهار مناقبهم وكتمان قبائحهم .

ومنها :

التودد إلى إخوانه باصطناع المعروف إليهم ، والصفح عما بدر منهم ، والتماس الأعذار لهم .
وعن محمد بن المنكدر قال : " لم يبق من لذة الدنيا إلا قضاء حوائج الإخوان " .

"تاريخ دمشق" (56/ 53)

وبالجملة :

فالصديق الصالح هو الخليل المعين على كل خير ، ذو الخلق الحسن ، الآمر بالمعروف

الناهي عن المنكر ، المحافظ على حق الصحبة في الغيب والشهادة

مراعيها حق رعايتها بالقول والفعل

والذي لا يفعل ذلك إلا لله

يرجو به عقبى الله .

*عبدالرحمن*
2018-02-10, 07:39
السؤال :

هل يجوز الاحتفاء بشهادة مسلمة ودخولها في الإسلام وذلك بالاجتماع في بيت إحدى الأخوات المسلمات والترحيب بها في الإسلام وإهداءها بعض الهدايا وما إلى ذلك؟

أم أن هذا يدخل ضمن البدعة؟

الجواب :

الحمد لله

إن مؤازرة المسلم - أو المسلمة - حديث العهد بالإسلام ، وتهنئته على الهداية ، وإظهار الفرح والبشر والسرور بذلك ، ووفود الناس عليه بالتهنئة والدعاء ، وإهداءه الهدايا ، كل ذلك من أمارات الأخوة الإسلامية ، وعلامات المحبة في الله .

وهو مما يقوي قلبه ، ويستشعر به حب الناس له ، والتفافهم حوله ، ويؤنسه في عهده الجديد ويذهب وحشته .

ولا بأس أن يجتمع إخوانه لذلك ، وأن يهدوا له الهدايا ، ويحسنوا الثناء عليه ، ويكثروا من الدعاء له ، فهي نعمة ، وأي نعمة ، تستحق الشكر لله ، وتهنئة من وُفِّق إليها .

وفي حديث كعب بن مالك رضي الله عنه لما كان من أمره ما كان في التخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في الغزو ، وحصل لهم من الغم والكرب العظيم ما حصل ، ثم تاب الله عليه وعلى صاحبيه .

قال :

" فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الْحَالِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ ، قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي ، وَضَاقَتْ عَلَيَّ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ، سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ بِأَعْلَى صَوْتِهِ : يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ أَبْشِرْ!! قَالَ : فَخَرَرْتُ سَاجِدًا ، وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ ، وَآذَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلَاةَ الْفَجْرِ ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا وَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشِّرُونَ ، وَرَكَضَ إِلَيَّ رَجُلٌ فَرَسًا ، وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ ، فَأَوْفَى عَلَى الْجَبَلِ ، وَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنْ الْفَرَسِ ، فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَيَّ فَكَسَوْتُهُ إِيَّاهُمَا بِبُشْرَاهُ ، وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ ، وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا ، وَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَيَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا يُهَنُّونِي بِالتَّوْبَةِ يَقُولُونَ لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ .

قَالَ كَعْبٌ :

حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ ، فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّانِي ، وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرَهُ ، وَلَا أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ .

قَالَ كَعْبٌ :

فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنْ السُّرُورِ : أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ !! ".

متفق عليه .

فتأمل ما وقع في هذه القصة العظيمة ، من فرح الصحابة رضوان الله عليهم بتوبة الله على كعب بن مالك وصاحبيه ، وإسراع من أسرع منهم إلى إبلاغه بالبشرى ، وتهنئته على ذلك ، وكيف أنه جعل ذلك جميلا

وأحسانا عظيما ، لا ينساه لمن سارع إليه ، وكيف أن الناس تلقوه أفواجا ، يهنئونه بذلك ، ولا ريب أن التوبة من الكفر ، والدخول في الإسلام هو من أجل النعم التي يهنئ الرجل أخاه عليها .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ذكره لفوائد هذا الحديث :

" ... وتهنئة من تجددت له نعمة " .

"فتح الباري" (8/124) .

وقال ابن مفلح رحمه الله :

" فَأَمَّا التَّهْنِئَةُ بِنِعَمٍ دِينِيَّةٍ تَجَدَّدَتْ : فَتُسْتَحَبُّ ، لِقِصَّةِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ .

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ لَمَّا أُنْزِلَ { إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا } قَالَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَنِيئًا مَرِيئًا " انتهى .

"الآداب الشرعية" (3/380) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-02-10, 07:41
السؤال :

أنا ولد وأشتاق إلى أحد أصدقائي. فهل يجوز أن أقول إني أشتاق له حتى لو كان ولداً أم أن هذا اللفظ لا يستخدم إلا مع النساء أو الأقارب ؟

الجواب :

الحمد لله

الشوق درجة عالية من درجات المحبة .

وقد ورد في السنة ، وفي كلام السلف ، وفي لسان العرب إطلاقه على مختلف الأشياء التي تتطلع إليها النفوس ، وتحنّ إليها القلوب .

فروى النسائي (1305) عن عَمَّار بْن يَاسِرٍ رضي الله عنه أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا ، فكان من دعائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ) وصححه الألباني في "صحيح النسائي" .

فأطيب شيء في الدنيا هو الشوق إلى لقاء الله سبحانه ، وأطيب شيء في الآخرة هو النَّظر إلى وجهه الكريم .

قال ابن القيم :

" محبة الله سبحانه والأنس به والشوق إلى لقائه والرضا به وعنه : أصل الدين وأصل أعماله وإراداته " انتهى .

"إغاثة اللهفان" (2/ 195) .

وروى أحمد (3450) بسند صحيح – وأصله في الصحيحين - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ :

خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى مَرَّ بِغَدِيرٍ فِي الطَّرِيقِ وَذَلِكَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ ، فَعَطِشَ النَّاسُ وَجَعَلُوا يَمُدُّونَ أَعْنَاقَهُمْ وَتَتُوقُ أَنْفُسُهُمْ إِلَيْهِ ، قَالَ :

فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ فَأَمْسَكَهُ عَلَى يَدِهِ حَتَّى رَآهُ النَّاسُ ، ثُمَّ شَرِبَ فَشَرِبَ النَّاسُ .

تتوق : تشتاق .

"تاقَت نفْسي إلى الشيء أي : اشتاقت ... ونفْس توَّاقةٌ مُشْتاقةٌ "
"لسان العرب" (10/33) مادة : " توق " .

وروى ابن المبارك في "الزهد" (1302) بسند صحيح عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال:

" ما دخل وقت صلاة قط حتى أشتاق إليها " .

وأنشد أحمد بن علي المقرئ في الإمام أحمد ، في أثناء قصيدة له :

فقلت في الحال ذاك ابنُ حنبلٍ إمامٌ تقيٌ زاهدٌ متـــورعُ

وإني لمشـــتاقٌ إليه فدلّني ففي النفس حاجاتٌ إليه تسرعُ

"ذيل طبقات الحنابلة" - (ص /18)

وجاء بعض رسل الخليفة المتوكل بعد انفراج محنة خلق القرآن يقول للإمام أحمد :

" أمير المؤمنين مشتاق إليك ... إلخ" .

"سير أعلام النبلاء" (11/276)

وقال سامة بن لؤيٍ :

بلغَا عامراً وكعباً رسولاً أنَّ نفسي إليهما مشتاقة
"أمالي الزجاجي" (ص / 12)

فليس معنى الاشتياق مقصورا على الشوق إلى النساء .

فلا بأس أن تقول عن صاحبك :

إنك مشتاق إليه ، بمعنى أنك تحبه حباً شديداً وتتطلع إلى رؤياه ، على أن لا يتضمن ذلك معنى فاسدا من المعاني المستهجنة التي قد توجد في النفوس المريضة ، نفوس أصحاب الشهوات والغي والفساد .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-02-10, 07:42
السؤال :

الرسائل المبالغ فيها التي نرسلها لمجرد الإرسال وللرد على رسائلهن برسائل شعرية وتكون فيها مبالغة في الكلام هل يعد من النفاق ؟

وهل إذا أكثرت من الرسائل وصرف رصيد جوالي لدرجة ينقضي شحن الجوال بسبب الرسائل يعد إسرافاً ؟

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

دين الله عز وجل دين وسط ، لا إفراط فيه ولا تفريط ، والاعتدال في كل شيء خير .

وقد وصف الله تعالى عباده بقوله :

(وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) الفرقان/67 ، وقال تعالى : (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا) الإسراء/29 .

فتجاوز الحد في الرسائل هو من الإسراف المذموم المنهي عنه ، ومن تأمل كثيراً من الرسائل المتداولة لوجدها لا فائدة منها ، وكثير من المرسل إليهم لا يقرؤونها ، بل يحذفونها بمجرد أن تقع أعينهم عليها .

ثانياً :

أما رسائل المدح المبالغ فيها ، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن مدح الشخص ، وذم المداحين ، فكيف بالمبالغة في مدحه !

وسبب هذا النهي :

أنه قد يكون سبباً في إعجاب الممدوح بنفسه ، أو تكبره ، فيهلك بسبب ذلك .

روى مسلم (3002) عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ رَجُلًا جَعَلَ يَمْدَحُ عُثْمَانَ ، فَعَمِدَ الْمِقْدَادُ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَكَانَ رَجُلًا ضَخْمًا فَجَعَلَ يَحْثُو فِي وَجْهِهِ الْحَصْبَاءَ ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ : مَا شَأْنُكَ ؟ فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا رَأَيْتُمْ الْمَدَّاحِينَ فَاحْثُوا فِي وُجُوهِهِمْ التُّرَابَ ) .

وروى البخاري (6061) ومسلم (3000) عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَجُلٌ خَيْرًا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَيْحَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ - يَقُولُهُ مِرَارًا - إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ مَادِحًا لَا مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ : أَحْسِبُ كَذَا وَكَذَا إِنْ كَانَ يُرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ وَحَسِيبُهُ اللَّهُ ، وَلَا يُزَكِّي عَلَى اللَّهِ أَحَدًا ) .

قال الحافظ :

" قَالَ اِبْن بَطَّال : حَاصِل النَّهْي : أَنَّ مَنْ أَفْرَطَ فِي مَدْح آخَر بِمَا لَيْسَ فِيهِ لَمْ يَأْمَن عَلَى الْمَمْدُوح الْعُجْب لِظَنِّهِ أَنَّهُ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَة , فَرُبَّمَا ضَيَّعَ الْعَمَل وَالِازْدِيَاد مِنْ الْخَيْر اِتِّكَالًا عَلَى مَا وُصِفَ بِهِ
وَقَالَ الْغَزَالِيّ فِي " الْإِحْيَاء " : آفَة الْمَدْح فِي الْمَادِح أَنَّهُ قَدْ يَكْذِب ، وَقَدْ يُرَائِي الْمَمْدُوح بِمَدْحِهِ ، وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ فَاسِقًا أَوْ ظَالِمًا " انتهى .

وروى الإمام أحمد (16395) وابن ماجه (3743) عن مُعَاوِيَة رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( َإِيَّاكُمْ وَالتَّمَادُحَ فَإِنَّهُ الذَّبْحُ ) وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة .

قال المناوي :

" لما فيه من الآفة في دين المادح والممدوح ، وسماه ذبحا لأنه يميت القلب فيخرج من دينه ، وفيه ذبح للممدوح فإنه يغره بأحواله ويغريه بالعجب والكبر ويرى نفسه أهلا للمدحة سيما إذا كان من أبناء الدنيا أصحاب النفوس وعبيد الهوى ، وفي رواية : ( فإنه من الذبح ) وذلك لأن المذبوح هو الذي يفتر عن العمل والمدح يوجب الفتور

أو لأن المدح يورث العجب والكبر وهو مهلك كالذبح ، فلذلك شبه به . قال الغزالي رحمه الله : فمن صنع بك معروفا فإن كان ممن يحب الشكر والثناء فلا تمدحه ؛ لأن قضاء حقه أن لا تقره على الظلم ، وطلبه للشكر ظلم ، وإلا فأظهر شكره ليزداد رغبة في الخير " انتهى .

"فيض القدير" (3/129) .

أما قولك : هل يعد ذلك من النفاق ؟

فالجواب :

إذا كان المدح فيه شيء من الكذب فهو من صفات المنافقين ، لقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ) متفق عليه .

وروى الترمذي (2027) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الْبَذَاءُ وَالْبَيَانُ شُعْبَتَانِ مِنْ النِّفَاقِ ) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .

قال المناوي :

" البيان : فصاحة اللسان ، والمراد :

ما فيه إثم منها كهجو أو مدح بغير حق .

( شعبتان من النفاق ) أي :

هما خصلتان منشؤهما النفاق أو مؤديان إليه . وأراد بالبيان هنا كثرة الكلام والتكلف للناس بكثرة التملُّق والثناء عليهم وإظهار التفصُّح ، وذلك ليس من شأن أهل الإيمان . وقد يتملق الإنسان إلى حد يخرجه إلى صريح النفاق وحقيقته " انتهى .

"التيسير بشرح الجامع الصغير" (1/ 1036) .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-02-10, 07:44
السؤال :

منذ عام سألت إحدى صديقاتي سؤالاً ، ما كان يتوجب علي أن أسألها ؛

لأنه على ما يبدو أنه جرحها ، ومنذ ذلك الحين هجرتني ولم تعد تكلمني ، وعندما هدأت الأمور بعض الشيء سألتها عن سبب هجرانها لي ، فقالت :

إن هناك حديثًا من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فيما معناه أن الشخص إذا جرح مشاعرك فاهجره مائة مرة .

فهل هذا صحيح ، وهل هناك حديث يتعلق بمثل هذا ؟

الجواب:

الحمد لله

لم نقف على حديث يتضمن هذا المعنى ، ولا نرى ذلك صحيحا ولا مقبولا ، فقد صحت الأحاديث الكثيرة في التحذير من هجر المسلم لأخيه المسلم ، كما جاءت الآيات والأحاديث الكثيرة في الحث على العفو عن الزلات ، وتجاوز العثرات ، ومسامحة الإخوان والأصدقاء عند صدور أي خطأ منهم ، فكيف يصح حديث بالحث على هجر المسلم من غير سبب شرعي صحيح .

قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه :

" لا يحل لامرئ مسلم سمع من أخيه كلمة ، أن يظن بها سوءا ، وهو يجد لها في شيء من الخير مصدرا " . التمهيد ، لابن عبد البر (18/20) .

وقال الأحنف بن قيس:

حق الصديق أن تحتمل منه ثلاثا : ظلم الغضب ، وظلم الدالة ، (يعني : الدلال) وظلم الهفوة . وقال آخر : ما شتمت أحدا قط ؛ لأنه إن شتمني كريم : فأنا أحق مَن غَفَرَها له ، أو لئيم : فلا أجعل عرضي له غرضا . ثم تمثل وقال :

وأَغفِرُ عوراءَ الكريم ادِّخَاره ... وأُعرِضُ عن شتم اللئيم تكرما

وقد قيل :

خذ من خليلك ما صفا ... ودع الذي فيه الكدر
فالعمر أقصر مِنْ مُعا ... تَبةِ الخليلِ على الغِيَر
ينظر : " إحياء علوم الدين " (2/183-186) .

واعلمي ـ أيتها السائلة الكريمة ـ أن من أعظم مقاصد الشيطان الخبيث ، وأشد حيله : أن يوقع البغضاء والعداوة بين المسلمين .

عَنْ جَابِر بن عبد الله رضي الله عنهما قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ ؛ وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ ) .

ولهذا حرم الله تعالى كل ما من شأنه أن يوقع العداوة والبغضاء بين المسلمين .

قال الله تعالى :
( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) المائدة /91 .

ويمكن الاطلاع على الأحاديث الواردة في ذم التهاجر في كتاب الإمام المنذري ، واسمه : " الترغيب والترهيب " (3/304)

فقد عقد فيه بابا بعنوان :

" الترهيب من التهاجر والتشاحن والتدابر "، جمع فيه أكثر ما ورد في السنة في هذا الموضوع .


والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-02-10, 07:45
السؤال :

ما صحة الحديث :

( امش ميلا عد مريضا ، امش ميلين أصلح بين اثنين ، امش ثلاثة أميال زر أخا في الله ) ؟

الجواب :

الحمد لله

هذا الحديث جاء من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ولكن بإسناد ضعيف ، وجاء من كلام بعض التابعين بأسانيد صحيحة .

أما عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد روي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( امش ميلا عد مريضا ، امش ميلين أصلح بين اثنين ، امش ثلاثة زر أخا في الله ) رواه ابن عدي في "الكامل في الضعفاء" (5/179) قال : حدثنا محمد بن بشر القزاز ، قال حدثنا هشام بن عمار ، قال ثنا عمرو بن واقد ، عن علي بن يزيد الألهاني ، عن القاسم عن أبي أمامة به.

وهذا إسناد ضعيف جدا ، بسبب عمرو بن واقد :
قال فيه البخاري : منكر الحديث . وقال ابن حبان : استحق الترك . وقال النسائي والدارقطني : متروك . انظر "تهذيب التهذيب" (8/116) .

وكذلك علي بن يزيد الألهاني اتفق أهل العلم على ضعفه . انظر "تهذيب التهذيب" (7/397) .

والحديث : ضعفه الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة (2936) .

أما ما صحَّ عن التابعين ، فقد ورد عن ثلاثة منهم :

1- عن مكحول رحمه الله قال : ( امش ميلا عُد مريضا ، امش ميلين أصلح بين اثنين ، امش ثلاثة زر في الله ) رواه ابن وهب في "الجامع" (رقم/174) قال : وأخبرني مسلمة بن علي ، عن زيد بن واقد ، وهشام بن الغازي ، عن مكحول .

وهذا إسناد ضعيف جدا بسبب مسلمة بن علي : متروك . انظر "تهذيب التهذيب" (10/147) ، وانظر "السلسلة الضعيفة" (رقم/2936) .

ورواه ابن أبي الدنيا في "الإخوان" (ص/152) قال : حدثنا عمار بن نصر المروزي حدثنا شعيب أبو حرب عن أبي عتبة العنسي عن يحيى عن مكحول .

وهذا إسناد حسن إن كان شعيب هو ابن حرب ، وإلا فلم أقف على ترجمة شعيب أبي حرب .

والله أعلم .

2- عن عطاء الخراساني رحمه الله .

رواه ابن وهب في "الجامع" (رقم/174) قال :

أخبرني يونس بن يزيد عن عطاء الخراساني .

وهذا إسناد صحيح .

3- وجاء أيضا من كلام حسان بن عطية رحمه الله .

رواه هناد بن السري في "الزهد" (1/227) قال :

حدثنا عيسى بن يونس ، عن الأوزاعي ، عن حسان بن عطية قال : فذكره .

وهذا إسناد صحيح .

يقول المناوي رحمه الله :

" ( امش ميلا ) هو ثلاثة فراسخ ، ( عُد ) ندبا ( مريضا ) مسلما .

( امش ) ندبا ( ميلين أصلح بين اثنين ) إنسانين أو فئتين ، أي : حافظ على ذلك وإن كان عليك فيه مشقة ، كأن تمشي إلى محل بعيد .

( امش ) ندبا ( ثلاثة أميال زر أخا في الله تعالى ) وإن لم يكن أخاك من النسب .

ومقصوده أن الثالث أفضل وآكد وأهم من الثاني ، والثاني من الأوّل " انتهى .

"التيسير شرح الجامع الصغير" (1/484) .

*عبدالرحمن*
2018-02-10, 07:47
السؤال :

ما صحة الحديث :

( من كان في قلبه مودة لأخيه ثم لم يُطلعه عليها فقد خانه ) ؟

الجواب :

الحمد لله

هذا الحديث رواه ابن أبي الدنيا في "الإخوان" (ص/124) ، ومن طريقه ابن قدامة في "المتحابين في الله" (ص/66، رقم/78) عن زياد بن أيوب ، حدثنا عبد الحميد بن عبد الرحمن ، حدثنا أبو كعب الشامي ، عن مكحول قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( من كان في قلبه مودة لأخيه لم يُطلعه عليها فقد خانه ) .

يقول الشيخ الألباني رحمه الله :

" هذا إسناد ضعيف لإرساله .

وأبو كعب الشامي لم أعرفه . وعبد الحميد بن عبد الرحمن : هو الحماني ؛ وفيه ضعف " انتهى .

"السلسلة الضعيفة" (رقم/4639) .

ويغني عن هذا الحديث الضعيف ، قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح :

( إِذَا أَحَبَّ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَلْيُخْبِرْهُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ ) رواه أبو داود (رقم/5124) وصححه ابن دقيق العيد في "الاقتراح" (ص/128) ، والشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (417) .

ويغني عنه أيضا ما جاء عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه : ( أَنَّ رَجُلًا كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ !

إِنِّي لَأُحِبُّ هَذَا ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَعْلَمْتَهُ ؟ قَالَ : لَا .

قَالَ : أَعْلِمْهُ . قَالَ : فَلَحِقَهُ فَقَالَ : إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ . فَقَالَ : أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي لَهُ ) رواه أبو داود (رقم/5125) ، وصححه النووي في "رياض الصالحين" (183)، والألباني في "صحيح أبي داود".

قَالَ الْخَطَّابِيُّ رحمه الله : مَعْنَاهُ الْحَثّ عَلَى التَّوَدُّد وَالتَّأَلُّف ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ يُحِبّهُ اِسْتَمَالَ بِذَلِكَ قَلْبه وَاجْتَلَبَ بِهِ وُدّه ، وَفِيهِ أَنَّهُ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ مُحِبّ لَهُ وَوَادّ لَهُ قَبِلَ نَصِيحَته وَلَمْ يَرُدّ عَلَيْهِ قَوْله فِي عَيْب إِنْ أَخْبَرَهُ بِهِ عَنْ نَفْسه ، أَوْ سَقْطَة إِنْ كَانَتْ مِنْهُ ، وَإِذَا لَمْ يَعْلَم ذَلِكَ مِنْهُ لَمْ يُؤْمَن أَنْ يَسُوء ظَنّه فِيهِ فَلَا يَقْبَل مِنْهُ قَوْله ، وَيُحْمَل ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى الْعَدَاوَة وَالشَّنَآن " اِنْتَهَى .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-02-10, 07:48
السؤال :

إذا أحب أحد الإخوة المسلمين أخا مسلما آخر

فهل يجب أن يقول لهذا الأخ :

" إني أحبك في الله " ؟

الجواب :

الحمد لله

المصارحة بمحبة الإخوان والأصحاب من آداب الصحبة الصالحة ، ومن كريم الأخلاق ومحاسن الشيم .

والمصارحة بالمحبة مما يزيد أواصر المحبة ، والترابط بين المسلمين .

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه : ( أَنَّ رَجُلًا كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! إِنِّي لَأُحِبُّ هَذَا . فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَعْلَمْتَهُ ؟ قَالَ : لَا .

قَالَ : أَعْلِمْهُ . قَالَ : فَلَحِقَهُ فَقَالَ : إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ . فَقَالَ : أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي لَهُ) رواه أبو داود (رقم/5125) ، وصححه النووي في "رياض الصالحين" (183)، وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود". وفي بعض روايات الحديث: ( أعلمه فإنه أثبت للمودة بينكما ) رواه ابن أبي الدنيا في "الإخوان" (69) .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" وذلك لما في هذه الكلمة من إلقاء المحبة في قلبه ؛ لأن الإنسان إذا علم أنك تحبه أحبك ، مع أن القلوب لها تعارف وتآلف وإن لم تنطق الألسن ، وكما قال النبي عليه الصلاة والسلام :

( الأرواح جنود مجندة ، ما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف ) ، لكن إذا قال الإنسان بلسانه فإن هذا يزيده محبة في القلب ، فتقول : إني أحبك في الله " انتهى.

"شرح رياض الصالحين" .

وعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رضي الله عنه قال :

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُعْلِمْهُ إِيَّاهُ ) رواه الترمذي (2392) .

وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (417) .

وعن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا أحب أحدكم أخاه في الله فليبين له ، فإنه خير في الألفة ، وأبقى في المودة ) قال الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1199) :
" رواه وكيع في " الزهد " ( 2 / 67 / 2 ) بسند صحيح عن علي بن الحسين مرفوعا .

قلت (الألباني) : وعلي بن الحسين هو ابن علي بن أبي طالب : ثقة جليل من رجال الشيخين ، فهو مرسل صحيح الإسناد .

وله شاهد من حديث مجاهد مرسلا أيضا .

رواه ابن أبي الدنيا في " كتاب الإخوان " كما في " الفتح الكبير " ( 1 / 67 ) .

و له شاهد آخر عن يزيد بن نعامة الضبي خرجته في الكتاب الآخر ( 1726 ) ، فالحديث بمجموع الطرق حسن إن شاء الله تعالى " انتهى.

والمقصود من هذا :

الاستحباب ، وليس الإلزام والوجوب .

قال المناوي رحمه الله :

"(فليخبره أنه يحبه لله)

فليخبره بمحبته له ندبا ، بأن يقول له إني أحبك لله . أي : لا لغيره من إحسان أو غيره ، فإنه أبقى للألفة ، وأثبت للمودة ، وبه يتزايد الحب ويتضاعف ، وتجتمع الكلمة ، وينتظم الشمل بين المسلمين ، وتزول المفاسد والضغائن . وهذا من محاسن الشريعة" انتهى .

"فيض القدير" (1/319) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-02-10, 07:51
السؤال :

ما صحة حديث :

( من اعتذر إليه أخوه المسلم فلم يقبل عذره ، فعليه مثل صاحب مكس ) ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

ورد في عظم إثم من يرد اعتذار أخيه المسلم خمسة أحاديث ، ولكنها كلها ضعيفة لا تصح :

الحديث الأول :

عَنْ جُودَانَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ اعْتَذَرَ إِلَى أَخِيهِ بِمَعْذِرَةٍ ، فَلَمْ يَقْبَلْهَا كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ خَطِيئَةِ صَاحِبِ مَكْسٍ ) .

رواه أبو داود في "المراسيل" (رقم/521) ، وابن ماجه في "السنن" (رقم/3718) ، وابن حبان في "روضة العقلاء" (ص/182) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (2/275) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (6/321) ، وغيرهم . رووه جميعا من طريق وكيع ، حدثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن ابن ميناء – وهو العباس بن عبد الرحمن بن ميناء - عن جودان به .

يقول الشيخ الألباني في "السلسلة
الضعيفة" (رقم/1907) :

" العباس بن عبد الرحمن بن مينا ليس بالمشهور ، ولم يوثقه غير ابن حبان ، ولذلك قال الحافظ في "التقريب" : " مقبول " .

وجودان : لم تثبت له صحبة ، وقال أبو حاتم : " جودان مجهول ، وليست له صحبة " .

وفي "التقريب" : " مختلف في صحبته ، و ذكره ابن حبان في ثقات التابعين " انتهى .

الحديث الثاني :

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما بنحو الحديث السابق .

من طريق أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه ، وقد ورد عن أبي الزبير من طريقين اثنين:

1- من طريق الليث حدثني إبراهيم بن أعين ، عن أبي عمرو العبدي ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (8/283) والبيهقي في "شعب الإيمان" (6/321) ، وقال الطبراني: " لم يرو هذا الحديث عن أبي الزبير إلا أبو عمرو العبدي ، ولا عن أبي عمرو إلا إبراهيم بن أعين ، تفرد به الليث " انتهى .

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (8/155) :

" فيه إبراهيم بن أعين وهو ضعيف " انتهى .

وضعفه العراقي رحمه الله في "تخريج أحاديث الإحياء" (2/138) .

2- من طريق الحسن بن عمارة عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه .

رواه الحارث في المسند – كما في "بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث" (1/269) – قال : حدثنا حفص بن حمزة ، ثنا سيف بن محمد الثوري ، عن الحسن بن عمارة .

ورواه ابن حبان في "الثقات" (8/388) ثنا أبو بدر ، ثنا عمي الوليد بن عبد الملك بن عبيد الله بن مسرح ، ثنا أبي عن الحسن بن عمارة عن أبي الزبير ، عن جابر رضي الله عنه .

وهذا إسناد ضعيف جدا بسبب الحسن بن عمارة ، فقد اتفق العلماء على تركه وضعفه .

انظر : "تهذيب التهذيب" (2/307) .

الحديث الثالث :

عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( عفوا تعف نساؤكم ، وبروا آباءكم يبركم أبناؤكم ، ومن اعتذر إلى أخيه المسلم من شيء بلغه عنه فلم يقبل عذره لم يَرِدْ عَلَيَّ الحوض ) .

رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (6/241) وقال : " لم يرو هذا الحديث عن عامر بن عبد الله بن الزبير إلا عبد الملك بن يحيى بن الزبير ، تفرد به خالد بن يزيد العمري " انتهى .

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (8/81) :

" فيه خالد بن زيد العمري وهو كذاب " انتهى .

الحديث الرابع :

حديث أنس بن مالك بنحو حديث عائشة السابق .
أخرجه ابن عساكر في سباعياته -كما قال السيوطي في اللآلئ المصنوعة (2/190)- من طريق أبي هدبة الفارسي ، عن أنس بن مالك .

وأبو هدبة الفارسي هو إبراهيم بن هدبة :

وهو كذاب ، قال ابن حبان في المجروحين (1/114) : " إبراهيم بن هدبة ، أبو هدبة ، شيخ يروي عن أنس بن مالك : دجال من الدجاجلة ، وكان رقاصا بالبصرة ، يُدعَى إلى الأعراس فيرقص فيها ، فلما كبر جعل يروي عن أنس ويضع عليه " انتهى .
وقال الشيخ الألباني في "ضعيف الترغيب" (2/119) : " موضوع " انتهى .

وكذا في "السلسلة الضعيفة" (رقم/2043) .

الحديث الخامس :

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( عفوا عن نساء الناس تعف نساؤكم ، وبروا آباءكم تبركم أبناؤكم ، ومن أتاه أخوه متنصلا فليقبل ذلك منه ، محقا كان أو مبطلا ، فإن لم يفعل لم يَرِدْ عليَّ الحوض ) .

رواه الحاكم في "المستدرك" (4/154) وقال :

" هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه " ، وتعقبه الذهبي بقوله : " بل سويد ضعيف " انتهى .

وقال المنذري في "الترغيب والترهيب" (3/218) : " سويد عن قتادة ، هو ابن عبد العزيز : واهٍ " انتهى .

وقال الشيخ الألباني في "السلسلة
الضعيفة" (رقم/2043) :

" ضعيف الإسناد " انتهى .

والحاصل : أن جميع الروايات الواردة في هذا الباب ضعيفة لا تصح .

ثانيا :

إن ضعف الأحاديث الواردة في الوعيد على من لم يقبل عذر أخيه ، لا يعني أن ذلك غير مطلوب ، بل قبول معذرة المعتذر من مكارم الأخلاق ، وأسباب المحبة والمودة .

قال ابن حبان رحمه الله في " روضة العقلاء ونزهة الفضلاء" (1/183) :

" فالواجب على العاقل إذا اعتذر إليه أخوه لجرم مضى ، أو لتقصير سبق ، أن يقبل عذره ويجعله كمن لم يذنب ؛ لأن من تنصل إليه فلم يقبل أخاف أن لا يرد الحوض على المصطفى صلى الله عليه وسلم .

ومن فرط منه تقصير في سبب من الأسباب يجب عليه الاعتذار في تقصيره إلى أخيه .

ولقد أنشدني محمد بن عبد الله بن زنجي البغدادي ...

إذا اعتذر الصديق إليك يوما ... من التقصير عذر أخ مقر

فصنه عن جفائك واعف عنه ... فإن الصفح شيمة كل حر " انتهى .

وقال الإمام الغزالي رحمه الله :

" أما زلته في حقه – يعني زلة الأخ في حق أخيه - بما يوجب إيحاشه :

فلا خلاف في أن الأَوْلى العفو والاحتمال ، بل كل ما يحتمل تنزيله على وجه حسن ، ويتصور تمهيد عذر فيه ، قريب أو بعيد ، فهو واجب بحق الإخوة " انتهى .

"إحياء علوم الدين" (2/185-186) .

والله أعلم .

و اخيرا ً

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-02-10, 17:27
اخوة الاسلام

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

السؤال :

عرفت أهمية الحفاظ على الأخوَّة في الله سبحانه وتعالى ، الآن تغيرت الأمور

والناس يتمايزون في علاقاتهم ، وصداقاتهم لعدة أسباب

منها : الافتخار بالذات ، والغرور ، والحالة المادية واجهتها عدة مرات ، عندما ترى الآخرين - وحتى في المسجد - يتجاهلونك ، ولا يأبهون بك .

سؤالي هو :

كيف أتعامل مع هذه المشكلة ؟

أفهم تماماً أن عليَّ أن أقوم بواجبي لله تعالى ، وسأحافظ على سيرتي الحسنة مع الآخرين لله

إلا أنني أصاب بخيبة أمل عندما ألاحظ معاملة الناس لي هكذا

آمل أن تسلطوا الضوء على هذه القضايا الاجتماعية المهمَّة جدّاً في هذا الوقت .

جزاكم الله خيراً .

الجواب :

الحمد لله

أولاً:

الأخوَّة في الله ، والحب في الله ، من أعظم شعائر الدين ، وأوثق عرى الإيمان

وقد جاء في كتاب الله تعالى ، وفي سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم ، ما يبين ذلك ويوضحه بأجلى صورة ، وأحلى عبارة ، ويكفينا في ذلك بعض الآيات والأحاديث ، ومنها :

قوله تعالى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) الحجرات/ من الآية 10 .

وقوله : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) آل عمران/ 103 .

وعَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ) .

رواه البخاري ( 16 ) ومسلم ( 43 ) .

قال ابن رجب الحنبلي – رحمه الله - :

الخصلة الثانية :

أن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، والحب في الله من أصول الإيمان ، وأعلى درجاته ، ... وإنما كانت هذه الخصلة تالية لما قبلها ؛ لأن مَن كان الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما : فقد صار حبُّه كله له ، ويلزم من ذلك أن يكون بغضه لله ، وموالاته له ، ومعاداته له

وأن لا تبقى له بقية من نفسه وهواه ، وذلك يستلزم محبة ما يحبه الله من الأقوال ، والأعمال ، وكراهة ما يكرهه من ذلك ، وكذلك من الأشخاص .

" فتح الباري " لابن رجب ( 1 / 49 – 51 ) باختصار .







https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)

*عبدالرحمن*
2018-02-10, 17:31
ثانياً:

لو كان حبُّ المسلم لأخيه حبا لله تعالى :

لما اشتكى مشتكٍ من أفعال بعض من لم يذق حلاوة الإيمان ، ومن جعل ميزان حبَِّه للآخرين :

اللغة ، أو اللون ، أو البلد ، أو الحزب والجماعة ، أو المال ، أو حسن الصورة : فقد خاب وخسر ، واستعمل ميزانَ ظلم ، وليس بمستنكر بعدها ما يصدر منه من تصرفات تجاه إخوانه ، وأما إن كان ميزانه في الحب في الله : الاستقامة ، والخلُق :

فليبشر بثواب جزيل ، وفضل عميم ، من ربه الكريم .

عَن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ ؟ قَالَ : هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ ، وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا ، فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ ، وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ ، لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ ، وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ، وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ( أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ).

رواه أبو داود ( 3527 ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .

قال الملا علي القاري في " مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح " :

ولما كانت الأغراض الفاسدة في المحبة منحصرة في أنها إما أن تكون للقرابة - على ما هو مركوز في الطبائع - ، أو للمال - من حيث إنه مطمح الأطماع - : اقتصر عليهما ، والمقصود : تحسين النية ، وتزيين الطوية .
انتهى

ثالثاً:

لتعلم أخي السائل حقيقة الأمر ، وواقع الأخوَّة ، وحتى لا تجد الأوهامُ مجالاً رحباً في نفسك : اعلم أن الظفر بأخ في الله يتصف بمشاعر النبل ، والصدق ، والأمانة ، وغيرها من الصفات الحسنة :

عملة نادرة ، فلا تتعب نفسك بالبحث عن أخ يمتلك الصفات الجميلة كاملة ، فارض بما هو موجود مما يشوبه كدر ، ويعتريه نقص ، ولستَ أنت الكامل لتبحث عن مثلك ، فما منَّا إلا وفيه نقص ، وعيوب ، يستحيي أن تظهر لأحد ، فضلاً أن يطلب كمالها في غيره .

إِذا كُنتَ في كُلِّ الذُنوبِ مُعاتِباً صَديقَكَ لَم تَلقَ الَّذي لا تُعاتِبُه

فَعِش واحِداً أَو صِل أَخاكَ فَإِنَّهُ مُفارِقُ ذَنبٍ مَرَّةً وَمُجانِبُه

إِذا أَنتَ لَم تَشرَب مِراراً عَلى القَذى ظَمِئتَ وَأَيُّ الناسِ تَصفو مَشارِبُه

قال ابن حزم الأندلسي – رحمه الله - :

ومن الأسباب المتمناة في الحب :

أن يهب الله عز وجلَّ للإنسان صديقاً مخلصاً ، لطيف القول ، بسيط الطَّوْل ، حسَن المأخذ ، دقيق المنفذ ، متمكن البيان ، مرهف اللسان ، جليل الحِلم ، واسع العلم ، قليل المخالفة ، عظيم المساعفة ، شديد الاحتمال ، صابراً على الإدلال ، جم الموافقة ، جميل المخالفة ، محمود الخلائق ، مكفوف البوائق ، محتوم المساعدة

كارهاً للمباعدة ، نبيل الشمائل ، مصروف الغوائل ، غامض المعاني ، عارفاً بالأماني ، طيب الأخلاق ، سري الأعراق ، مكتوم السر ، كثير البر ، صحيح الأمانة ، مأمون الخيانة ، كريم النفس ، صحيح الحدس ، مضمون العون ، كامل الصون ، مشهور الوفاء ، ظاهر الغناء

ثابت القريحة ، مبذول النصيحة ، مستيقن الوداد ، سهل الانقياد، حسن الاعتقاد ، صادق اللهجة ، خفيف المهجة ، عفيف الطباع ، رحب الذراع ، واسع الصدر ، متخلقاً بالصبر ، يألف الإمحاض [أي : إخلاص الود] ، ولا يعرف الإعراض ، يستريح إليه ببلابله ، ويشاركه في خلوة فكره ، ويفاوضه في مكتوماته ، وإن فيه للمحب لأعظمَ الراحات .

وأين هذا ؟!

فإن ظَفِرَتْ به يداك : فشدهما عليه شد الضنين ، وأمسك بهما إمساك البخيل ، وصنه بطارفك وتالدك ، فمعه يكمل الأنس ، وتنجلي الأحزان ، ويقصر الزمان ، وتطيب النفس ، ولن يفقد الإنسان من صاحب هذه الصفة عوناً جميلا ، ورأياً حسناً .

" طوق الحمامة " ( ص 164 ) .

https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)

*عبدالرحمن*
2018-02-10, 17:32
هذه هي الصفات المتمناة في الأخ المحبوب في الله ، وقبل أن أطلبها في غيري أسأل نفسي : هل هي محقَّقَة فيَّ ؟

وإذا كنَّا نفتقد أخاً مثل الصحابي سعد بن الربيع الذي يعرض على أخيه عبد الرحمن بن عوف شطر ماله وشطر نسائه : فإننا نفتقد أكثر لمثل عبد الرحمن بن عوف الذي تعفف عن مال أخيه وذهب ليعمل بكد يديه .

فلتعش واقعك أخي السائل ، واقعا يقول لك : إن ثمة خللا في الأخوة في الله ، وفي الحب في الله ، وذاك له أساب كثيرة متشابكة ، من ضعف الإيمان ، وانتشار الحزبية ، والعصبية ، والجهل ، وحب الذات ، والتعلق بالدنيا ، ونقص الثقة في الآخرين .. ، قال الله تعالى – واصفاً حال الإنسان - : ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) الأحزاب/ 72 .

سألتُ الناسَ عن خلٍ وفيٍ فقالوا ما إلى هذا سبيل

تمسكْ إن ظفِرت بذيل حُر فإن الحرَّ في الدنيا قليل
ولا يعني هذا أن تيأس من أن تجد أخاً صادقاً صدوقاً ، حبيباً محبّاً ، لكننا نتكلم عن واقع مرير ، وأخوَّة اعتراها نقص شديد

وليست الشكوى من قلة الإخوان فقط في هذا الزمان ، بل هي كذلك في القرون الأولى ، فعليك أن تعيش مع هذا ، وأن تعلم أن الناس لا يخلون من عيوب ، وكما قيل " من طلب أخاً بلا عيب : بقي بلا أخ " !

وَمَن لا يُغَمِّض عَينَه عَن صَديقِهِ وَعَن بَعضِ ما فيهِ يَمُت وَهوَ عَاتِبُ

وَمَن يَتَتَبَّع جاهِداً كُلَّ عَثرَةٍ يَجِدها وَلا يَسلَم له الَّهرَ صَاحِبُ

فاحرص أن تكون أنت الأنموذج الجميل للإخوَّة الصادقة ، في دينك ، وخلقك ، واعلم أنك ستجد - إن شاء الله - من يكون أخاً لك على مثل ما أنت عليه .

واعلم أنه إذا كانت الأخوَّة في الله الحقيقية قليلة في هذا الزمان : فإن الباحث عنها أقل من القليل .

واستمع لشكوى من إمام في العلم مثل شكواك ، وانظر كيف عالجها ، في كلام يشبه ما ذكرناه آنفاً من واقع الحال ، مع التنبيه أن هذا الإمام كان يعيش في القرن السادس ! .

قال ابن الجوزي – رحمه الله - :

كان لنا أصدقاء ، وإخوان ، أعتد بهم ، فرأيت منهم من الجفاء ، وترك شروط الصداقة ، والأخوَّة : عجائب ، فأخذت أعتب .

ثم انتبهت لنفسي ، فقلت : وما ينفع العتاب ، فإنهم إن صلحوا : فللعتاب ، لا للصفاء .

فهممت بمقاطعتهم ، ثم تفكرتُ فرأيت الناس بي معارف ، وأصدقاء في الظاهر ، وإخوة مباطنين ، فقلت : لا تصلح مقاطعتهم .

إنما ينبغي أن تنقلهم من " ديوان الأخوة " إلى " ديوان الصداقة الظاهرة " .

فإن لم يصلحوا لها : نقلتَهم إلى " جملة المعارف " ، وعاملتهم معاملة المعارف ، ومن الغلط أن تعاتبهم .

فقد قال يحيى بن معاذ :

بئس الأخ أخ تحتاج أن تقول له اذكرني في دعائك .

وجمهور الناس اليوم معارف ، ويندر فيهم صديق في الظاهر ، فأما الأخوَّة والمصافاة :

فذاك شيء نُسخ ، فلا يُطمع فيه .

وما رأى الإنسان تصفو له أخوَّة من النسب ، ولا ولده ، ولا زوجته .

فدع الطمع في الصفا ، وخذ عن الكل جانباً ، وعاملهم معاملة الغرباء .

وإياك أن تنخدع بمن يظهر لك الود ؛ فإنه مع الزمان يبين لك الحال فيما أظهره ، وربما أظهر لك ذلك لسبب يناله منك .

وقد قال الفضيل بن عياض :

إذا أردت أن تصادق صديقاً : فأغضبه ، فإن رأيته كما ينبغي : فصادقه .

وهذا اليوم مخاطرة ؛ لأنك إذا أغضبت أحداً : صار عدواً في الحال .

والسبب في نسخ حكم الصفا :

أن السلف كان همتهم الآخرة وحدها ، فصفت نياتهم في الأخوة ، والمخالطة ، فكانت دِيناً لا دنيا .

والآن : فقد استولى حب الدنيا على القلوب ، فإن رأيت متملقاً في باب الدين : فاخبُرهُ : تَقْلَهُ – أي : إن اختبرته : تبين لك منه ما يبعدك عنه - .

" صيد الخاطر " ( ص 391 ، 392 ) .

والله الموفق

*عبدالرحمن*
2018-02-10, 17:33
السؤال :

إذا أحب أحد الإخوة المسلمين أخا مسلما آخر

فهل يجب أن يقول لهذا الأخ :

" إني أحبك في الله " ؟

الجواب :

الحمد لله

المصارحة بمحبة الإخوان والأصحاب من آداب الصحبة الصالحة ، ومن كريم الأخلاق ومحاسن الشيم .

والمصارحة بالمحبة مما يزيد أواصر المحبة ، والترابط بين المسلمين .

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه : ( أَنَّ رَجُلًا كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! إِنِّي لَأُحِبُّ هَذَا .

فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَعْلَمْتَهُ ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : أَعْلِمْهُ . قَالَ : فَلَحِقَهُ فَقَالَ : إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ . فَقَالَ : أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي لَهُ) رواه أبو داود (رقم/5125) ، وصححه النووي في "رياض الصالحين" (183)، وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود".

وفي بعض روايات الحديث: ( أعلمه فإنه أثبت للمودة بينكما ) رواه ابن أبي الدنيا في "الإخوان" (69) .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" وذلك لما في هذه الكلمة من إلقاء المحبة في قلبه ؛ لأن الإنسان إذا علم أنك تحبه أحبك ، مع أن القلوب لها تعارف وتآلف وإن لم تنطق الألسن ، وكما قال النبي عليه الصلاة والسلام :

( الأرواح جنود مجندة ، ما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف ) ، لكن إذا قال الإنسان بلسانه فإن هذا يزيده محبة في القلب ، فتقول : إني أحبك في الله " انتهى.

"شرح رياض الصالحين" .

وعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُعْلِمْهُ إِيَّاهُ ) رواه الترمذي (2392) .

وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (417) .

وعن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا أحب أحدكم أخاه في الله فليبين له ، فإنه خير في الألفة ، وأبقى في المودة ) قال الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1199) :

" رواه وكيع في " الزهد " ( 2 / 67 / 2 ) بسند صحيح عن علي بن الحسين مرفوعا .

قلت (الألباني) :

وعلي بن الحسين هو ابن علي بن أبي طالب : ثقة جليل من رجال الشيخين ، فهو مرسل صحيح الإسناد .

وله شاهد من حديث مجاهد مرسلا أيضا . رواه ابن أبي الدنيا في " كتاب الإخوان " كما في " الفتح الكبير " ( 1 / 67 ) .

و له شاهد آخر عن يزيد بن نعامة الضبي خرجته في الكتاب الآخر ( 1726 ) ، فالحديث بمجموع الطرق حسن إن شاء الله تعالى " انتهى.

والمقصود من هذا : الاستحباب ، وليس الإلزام والوجوب .

قال المناوي رحمه الله :

"(فليخبره أنه يحبه لله)

فليخبره بمحبته له ندبا ، بأن يقول له إني أحبك لله . أي : لا لغيره من إحسان أو غيره ، فإنه أبقى للألفة ، وأثبت للمودة ، وبه يتزايد الحب ويتضاعف ، وتجتمع الكلمة ، وينتظم الشمل بين المسلمين ، وتزول المفاسد والضغائن . وهذا من محاسن الشريعة" انتهى .

"فيض القدير" (1/319) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-02-10, 17:35
السؤال :

ما هو السبب الذى يجعل المسلم يُكِنُّ مشاعر الحب لقليل من المسلمين دون غيرهم ؟

الجواب :

الحمد لله

للمسلم على المسلم حقوق كثيرة ، منها :

حق الأخوة الذي ذكره الله عز وجل في كتابه ، فقال : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) الحجرات/10

وله حق الولاية والنصرة المذكور في قوله سبحانه وتعالى : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) التوبة/71

كما للمسلم على المسلم حق حب الخير له ، وإرادة السعادة والتوفيق من غير بغض ولا حسد ولا حقد .

عَنْ أَنَس بن مالك رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ) رواه البخاري (13) ومسلم (45)

وبقدر هذه الحقوق ينشأ في القلب قدر من المحبة لجميع المسلمين ، عربيهم وعجميهم ، قريبهم وبعيدهم ، أبيضهم وأسودهم ، يبعث عليه عقيدة التوحيد المشتركة بينهم ، وهي محبة تابعة لحب الله تعالى المغروس في قلب كل مسلم ، لأن من أحب شيئا أحب من أحبه أيضا .

ومع ذلك فتفاوت قدر محبة المسلم للمسلم ليس بمستغرب ولا مستنكر ، ولا حرج فيه شرعا ولا طبعا ، وذلك لسببين مهمين :

السبب الأول :

تفاوت المسلمين في الصلاح والتقوى ، وتفاضلهم في مراتب الخُلُق والأدبِ والمروءات ، ولما كانت المحبة ناشئة أصلا بسبب التزام المسلم بأوامر الله ، تفاوتت هذه المحبة بحسب تفاوت الاستقامة من مسلم لآخر .

وهذا أمر مقرر معلوم ، ألا ترى أنه يجب على المسلم أن يحب جميع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويجب عليه مع ذلك أن يخص العشرة المبشرين بالجنة بمزيد محبة وإجلال وتقدير ، وما ذلك إلا لتفاوت قدرهم عند الله تعالى .

السبب الثاني :

قيام أسباب المحبة الأخرى في بعض المسلمين دون الآخرين ، فالمحبة ليست مقصورة على سبب واحد ، وهو الاستقامة على طاعة الله ، بل لها أسباب أخرى كثيرة : منها المناسبة بين قلب المحبوبين ، والمشاكلة الروحية بينهما ، والإحسان والمعروف من أهم أسباب قيام المحبة أيضا ، كما أن جمال الروح والصورة من أهم بواعث المحبة .

فإذا اجتمعت هذه الأسباب أو بعضها في أحد الناس عظمت محبته ، وقويت مودته ، وكان إلى القلوب أقرب من غيره .

ونحن ننقل هنا كلاما مفيدا للعلامة ابن قيم الجوزية رحمه الله ، يشرح فيه دواعي المحبة وأسبابها ، وكيف تتفاوتت هذه الدواعي بين الناس ، فيقول رحمه الله :

" التناسب الذي بين الأرواح من أقوى أسباب المحبة ، فكل امرىء يصبو إلى ما يناسبه ، وهذه المناسبة نوعان :

أصلية من أصل الخلقة . وعارضة بسبب المجاورة أو الاشتراك في أمر من الأمور .

فإن من ناسب قصدُك قصدَه حصل التوافق بين روحك وروحه ، فإذا اختلف القصد زال التوافق .

فأما التناسب الأصلي فهو اتفاق أخلاق ، وتشاكل أرواح ، وشوق كل نفس إلى مشاكلها ، فإن شبه الشيء ينجذب إليه بالطبع ، فتكون الروحان متشاكلتين في أصل الخلقة ، فتنجذب إليه بالطبع .

وهذا الذي حمل بعض الناس على أن قال : إن العشق لا يقف على الحسن والجمال ، ولا يلزم من عدمه عدمه ، وإنما هو تشاكل النفوس وتمازجها في الطباع المخلوقة ، كما قيل :

وما الحب من حسن ولا من ملاحة ... ولكنه شيء به الروح تكلف

فحقيقته أنه مرآة يبصر فيها المحب طباعه ورقته في صورة محبوبة ، ففي الحقيقة لم يحب إلا نفسه وطباعه ومُشاكله .

ولهذا كانت النفوس الشريفة الزكية العلوية تعشق صفات الكمال بالذات ، فأحب شيء إليها العلم والشجاعة والعفة والجود والإحسان والصبر والثبات لمناسبة هذه الأوصاف لجوهرها ، بخلاف النفوس اللئيمة الدنية ، فإنها بمعزل عن محبة هذه الصفات ، وكثير من الناس يحمله على الجود والإحسان فرط عشقه ومحبته له ، واللذة التي يجدها في بذله ، كما قال المأمون : لقد حُبِّب إلي العفو حتى خشيت أن لا أؤجر عليه .

وقيل للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى : تعلمت هذا العلم لله ؟

فقال : أما لله فعزيز ، ولكن شيء حبب إلي ففعلته . وقال آخر: إني لأفرح بالعطاء وألتذ به أكثر وأعظم مما يفرح الآخذ بما يأخذه مني .

وأما عشاق العلم فأعظم شغفا به وعشقا له من كل عاشق بمعشوقه ، وكثير منهم لا يشغله عنه أجمل صورة من البشر .

وحدثني شيخنا – يعني ابن تيمية - قال : ابتدأني مرض ، فقال لي الطبيب : إن مطالعتك وكلامك في العلم يزيد المرض . فقلت له : لا أصبر على ذلك ، وأنا أحاكمك إلى علمك ، أليست النفس إذا فرحت وسرت قويت الطبيعة فدفعت المرض ؟ فقال :
بلى .

فقلت له : فإن نفسي تسر بالعلم فتقوى به الطبيعة فأجد راحة . فقال : هذا خارج عن علاجنا أو كما قال .

فإذا كانت المحبة بالمشاكلة والمناسبة ثبتت وتمكنت ، ولم يُزِلها إلا مانع أقوى من السبب .

وإذا لم تكن بالمشاكلة فإنما هي محبة لغرض من الأغراض ، تزول عند انقضائه وتضمحل . وقد ذكر الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى في مسنده من حديث عائشة رضي الله عنها : أن امرأة كانت تدخل على قريش فتضحكهم ، فقدمت المدينة ، فنزلت على امرأة تضحك الناس ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : على مَن نزلت فلانة ؟ قالت : على فلانة المضحكة. فقال : الأرواح جنود مجندة ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف. وأصل الحديث في الصحيح .

وأنت إذا تأملت الوجود لا تكاد تجد اثنين يتحابان إلا وبينهما مشاكلة أو اتفاق في فعل أو حال أو مقصد ، فإذا تباينت المقاصد والأوصاف والأفعال والطرائق لم يكن هناك إلا النفرة والبعد بين القلوب ، ويكفي في هذا الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ) " انتهى باختصار.

"روضة المحبين" (66-74)

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-02-10, 17:39
السؤال :

1. أود معرفة الخط الفاصل بين النفاق والمجاملة ؛

ذلك أني ألمس في الكثير من الأحيان ازدواجية في سلوك الناس وتصرفاتهم تبعا للمصلحة والأهواء

ويقال : إن الأمر مجرد مجاملة فهل هذا صحيح ؟

2. وهل يمكن أن يشوب الصداقة الحقة بعض النفاق ؛ ذلك أن لي صديقة لم تحمل لي من الود ما كنت اعتقده ، كانت لها مكانة في قلبي لا ينازعها عليها أحد

واكتشفت أخيرا أن مكانتي لديها لا تساوي شيئا مطلقا ، وسلوكها معي لسنوات تحكمه الأقنعة الزائفة ، كنت أعتقد

وكان الكل يجزم قطعا ، أن الصداقة بيننا قوية ، وإلى الآن لست أدري كيف لي أن أتبرأ من هذه الصداقة بعد أن علمت بحقيقتها .

3. فهل سلوك هذه الصديقة يعد نفاقا ؟

4. وما جزاء نفاق الأصدقاء ؟

الجواب :

الحمد لله

كثيراً ما يخلط بعض الناس بين مفاهيم النفاق والمداراة والمداهنة ، وسبب ذلك غياب معاني الأخوة والصحبة الصادقة في الذهن والواقع ، فلم تعد قلوبهم تفرق بين الحق والباطل ، وبين الإحسان والإساءة .

أولاً :

إذا أُطلق لفظ النفاق فإنه يستوحي معانيَ الشر كلها ، ولم يكن النفاق يوما محمودا ولو من وجه ما ، ويعرِّفُه علماء السلوك بأنه إظهار الخير للتوصل إلى الشر المضمر .

فالمنافق لا يبتغي الخير أبدا ، وإنما يسعى للإضرار بالناس وخيانتهم وجلب الشر لهم ، ويتوصل إلى ذلك بإظهار الخير والصلاح ، ويلبَسُ لَبوس الحب والمودة .

يقول سبحانه وتعالى في التحذير من صحبة المنافقين :

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ . هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) آل عمران/118-119 .

وهكذا كل من يصاحب الناس فيظهرُ لهم الخير والمودة ، وفي حقيقة أمره إنما يسعى في أذاهم ، ويتمنى النيل منهم ، ويطلبُ الشرَّ لهم .


https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)

*عبدالرحمن*
2018-02-10, 17:41
ثانياً :

أما المُدَارِي ( وهو المُجَامِلُ أيضا ) فلا يُضمِرُ الشر لأحد ، ولا يسعى في أذية أحد في ظاهر ولا في باطن ، ولكنه قد يظهر المحبة والمودة والبِشر وحسن المعاملة ليتألف قلب صاحب الخلق السيء ، أو ليدفع أذاه عنه وعن غيره من الناس ، ولكن دون أن يوافقه على باطله ، أو يعاونَه عليه بالقول أو بالفعل .

قال ابن مفلح الحنبلي – رحمه الله - :

وقيل لابن عقيل في فنونه :

أسمع وصية الله عز وجل ( ادْفَعْ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) ، وأسمع الناس يعدون من يظهر خلاف ما يبطن منافقا , فكيف لي بطاعة الله تعالى والتخلص من النفاق ؟ .

فقال ابن عقيل : " النفاق هو : إظهار الجميل , وإبطان القبيح , وإضمار الشر مع إظهار الخير لإيقاع الشر, والذي تضمنتْه الآية : إظهار الحسن في مقابلة القبيح لاستدعاء الحسن " .

فخرج من هذه الجملة أن النفاق إبطان الشر وإظهار الخير لإيقاع الشر المضمر ، ومن أظهر الجميل والحسن في مقابلة القبيح ليزول الشر :

فليس بمنافق ، لكنه يستصلح ، ألا تسمع إلى قوله سبحانه وتعالى ( فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) ، فهذا اكتساب استمالة , ودفع عداوة , وإطفاء لنيران الحقائد , واستنماء الود ، وإصلاح العقائد , فهذا طب المودات ، واكتساب الرجال .

" الآداب الشرعية " ( 1 / 50 ، 51 ) .

ولذلك كانت المداراة من الأخلاق الحسنة الفاضلة ، وذكر العلماء فيها من الآثار والأقوال الشيء الكثير .

قال ابن بطال رحمه الله :

المداراة من أخلاق المؤمنين ، وهي خفض الجناح للناس ، ولين الكلمة ، وترك الإغلاظ لهم في القول ، وذلك من أقوى أسباب الألفة . "

فتح الباري " ( 10 / 528 )

وقد أنشأ البخاري رحمه الله في صحيحه بابا بعنوان : ( باب المداراة مع الناس ) وقال فيه :
" ويُذكَرُ عن أبي الدرداء : إِنَّا لنُكَشِّرُ في وجوهِ أقوامٍ وإنَّ قُلوبَنا لَتَلعَنُهُم " .

ومعنى " لنكشر " : من الكشر ، وهو ظهور الأسنان ، وأكثر ما يكون عند الضحك ، وهو المراد هنا .

وأسند في هذا الباب حديث عائشة رضي الله عنها :

( أَنَّهُ استَأذَنَ عَلَى النّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ : ائذَنُوا لَهُ فَبِئسَ ابنُ العَشِيرَةِ أَو بِئسَ أَخُو العَشِيرَةِ . فَلَمَّا دَخَلَ أَلَانَ لَهُ الكَلَامَ . فَقُلتُ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! قُلتَ مَا قُلتَ ثُمَّ أَلَنتَ لَهُ فِي القَولِ ؟ فَقَالَ : أَيْ عَائِشَةُ ! إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنزِلَةً عِندَ اللَّهِ مَن تَرَكَهُ أَو وَدَعَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحشِهِ)

قال ابن مفلح الحنبلي – رحمه الله - :

وقول أبي الدرداء هذا ليس فيه موافقة على محرَّم ، ولا في كلام , وإنما فيه طلاقة الوجه خاصة للمصلحة وهو معنى ما في الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها : يَا عَائِشَةُ إنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ وَدَعَهُ النَّاسُ أَوْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ .

قَالَ فِي " شَرْحِ مُسْلِمٍ " وَغَيْرِهِ :

" فيه مداراة من يتقى فحشه ، ولم يمدحه النبي صلى الله عليه وسلم ولا أثنى عليه في وجهه ، ولا في قفاه ، إنما تألفه بشيء من الدنيا مع لين الكلام " .

وقد ذكر ابن عبد البر كلام أبي الدرداء في فضل حسن الخلق .

" الآداب الشرعية " ( 1 / 50 ) .

وقد كتب أهل العلم فصولا في " المداراة " حتى أفرد ابن أبي الدنيا جزءً بعنوان " مداراة الناس " ، وكان مما أسنده فيه في ( ص / 48 و 50 ) :
عن حميد بن هلال قال : أدركتُ الناس يَعُدُّون المداراة صدقة تُخرج فيما بينهم .

وعن الحسن قال : التودد إلى الناس نصف العقل " . انتهى .

وقال حنبل إنه سمع أبا عبد الله – أي : أحمد بن حنبل - يقول :

والناس يحتاجون إلى مداراة ورفق ، وأمر بمعروف بلا غلظة ، إلا رجل معلن بالفسق فقد وجب عليك نهيه وإعلامه .

" الآداب الشرعية " ( 1 / 191 ) .

وسئل الشيخ ابن باز - رحمه الله - :

في بعض الظروف تقتضي المجاملة بأن لا نقول الحقيقة ، فهل يعتبر هذا نوعا من الكذب ؟

فأجاب :

هذا فيه تفصيل :

فإن كانت المجاملة يترتب عليها جحد حق أو إثبات باطل : لم تجز هذه المجاملة ، أما إن كانت المجاملة لا يترتب عليها شيء من الباطل ، إنما هي كلمات طيبة فيها إجمال ، ولا تتضمن شهادة بغير حق لأحد ، ولا إسقاط حق لأحد : فلا أعلم حرجاً في ذلك .

" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 5 / 280 ) .

https://c.top4top.net/p_770amx871.gif (https://up.top4top.net/)

*عبدالرحمن*
2018-02-10, 17:42
ثالثاً :

ومن المهم أيضا التفريق بين المداراة المحمودة ، وبين المداهنة المذمومة ، فقد يخلط الناس بينهما في حمأة اختلاط المفاهيم والأخلاق في هذه الأزمان .

قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - :

وظن بعضهم أن المداراة هي المداهنة فغَلِطَ ؛ لأن المداراة مندوبٌ إليها ، والمداهنةَ محرَّمة ، والفرق أن المداهنة من الدهان وهو الذي يظهر على الشيء ويستر باطنه ، وفسرها العلماء بأنها :

معاشرة الفاسق وإظهار الرضا بما هو فيه من غير إنكار عليه

والمداراة :

هي الرفق بالجاهل في التعليم ، وبالفاسق في النهي عن فعله ، وتركُ الإغلاظِ عليه حيث لا يُظهِر ما هو فيه ، والإنكار عليه بلطف القول والفعل ، ولا سيما إذا احتيج إلى تألفه ونحو ذلك .

" فتح الباري " ( 10 / 528 ) .

رابعاً :

كثير من الأصحاب والأصدقاء – ويكثر ذلك في معشر النساء - يخطؤون في فهم الوجه الصحيح لصحبتهم ، فينحون نحو المغالاة الظاهرة التي تدفعهم إلى التعلق الشديد ، في حين يكون الطرف المقابل لا يرى كل تلك المعاني المبالغة

بل يقصد صحبة طيبة متزنة اقتضاها الحال والمقام ، وحينئذ يصدم من كان يُعَلِّقُ على تلك الصحبة آمالا لا تكاد تحملها الجبال ، فنحن بحاجة إلى ترشيد المودة التي قد تأسر قلوبنا تجاه أناس نحبهم ، كي لا نُفاجأ يوما ، فنظن قصورا من المعاني هدمت ، وهي لم تكن مبنيةً يوما .

يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه :

" لا يكن حُبُّكَ كَلَفًا ولا بغضك تَلَفًا " .

وفي المقابل نحن بحاجة إلى تعميق معاني الأخوة ، الأخوة التي تقتضي الوفاء والصدق والإخلاص ، وترفع التكلف والمجاملة والمداراة . وقديما قالوا : " إِذَا صَحَّتِ المَوَدَّةُ سَقَطَ التَّكَلُّفُ "
جاء في " لسان العرب " ( 11 / 123 ) :

" وجامَل الرجلَ مُجامَلةً : لم يُصْفِهِ الإِخاءَ ، وماسَحَه بالجَمِيل " انتهى .

ولا شك أن مثل هذه المجاملة مذمومة ، إذ ليس لها محل في سياق الأخوة والصحبة الصالحة ، وإن وقعت المجاملة أحيانا بين الأصحاب فإنما تكون بحسب المقام فقط ، درءا لفتنة أو حفظا لمودة ، أما أن تكون المجاملة شعار تلك الصداقة ، فذلك تشويه لجميع معاني الأخوة الصادقة.

قال علي رضي الله عنه :

شر الأصدقاء من تكلف لك ، ومن أحوجك إلى مداراة ، وألجأك إلى اعتذار .

وقيل لبعضهم : من نصحب ؟

قال : من يرفع عنك ثقل التكلف ، وتسقط بينك وبينه مؤنة التحفظ .

وكان جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنهما يقول : أثقل إخواني علي من يتكلف لي وأتحفظ منه .

" إحياء علوم الدين " ( 2 / 181 ) .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-02-10, 17:45
السؤال :

أقاربي قاموا بعمل رابطة تعاونية ، وقد شارك فيها كل أبناء العائلة

ويقوم مبدأ هذه الرابطة على التعاون فيما بينهم ، بحيث لو حصلت أي مشكلة لأحد أبناء العائلة مع عائلة أخرى

فإنهم يقومون بحل هذه المشكلة ، والإصلاح بين الطرفين ، كما أن لهم اجتماعاً شهريّاً في بيت أحد الأعضاء ( على الدور ) يلتقون ويسلمون على بعض ويسمعون أخبار بعض وهكذا

ويتم أخذ مبلغ من المال من كل من يشارك في هذه الرابطة شهريّاً إذا كان المشارك يعمل ، ويكون المال بحوزة أمين الصندوق ، وتكون مصارف هذا المال على الأوجه التالية :

1. إقراض المحتاج من أبناء العائلة وتقسيط المبلغ عليه .

2. المساعدة في دفع الدية أو تعويض لأي إنسان من عائلة أخرى يتم دهسه من قبل أحد أبناء العائلة أو تعرضه لمكروه من قبل أحد أبناء العائلة .

3. إخراج الزكاة من هذا المال على المحتاجين من أبناء العائلة .

4. تقوم الرابطة بعمل غداء بعد دفن أي ميت من أبناء العائلة ودعوة من كان على المقبرة للأكل منه بحجة أن فيهم القادم من بعيد وغير ذلك.

وسؤالي هو :

ما حكم المشاركة في مثل هذه الرابطة ، وهل تعتبر من التعاون على البر والتقوى ؟

وما حكم صنع الطعام لأهل الميت ؟

وهل تنصحونا بالمشاركة فيها إذا تبين أن صنع الطعام لأهل الميت بهذه الطريقة حرام ولم يقبلوا نصيحتي بترك هذا الفعل - علماً بأن أقاربي أصبحوا ينظرون إلي نظرة خاصة لأني انسحبت منها حتى يتبين الحكم الشرعي - ؟

وإذا كانت مثل هذه الرابطة لا تجوز فماذا تنصحون ليتكاتف أبناء العائلة ويتحدوا ولا يتفرقوا ؟.

الجواب

الحمد لله

أولاً :

الروابط التي تجمع أفراد القبيلة أو الأسرة أمرٌ مشروع في أصله ، ويُرجى أن يكون فيه خير إذا خلا من المحاذير الشرعية .

وقد أمر الله تعالى بالتعاون على البر والتقوى ، قال عز وجل : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/2 .

وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على " الأشعريين " - وهم قوم من اليمن - كانوا إذا قلَّ طعامهم سفراً أو حضراً اجتمعوا فجاء كل واحدٍ منهم بما يملك ثم تقاسموا ما يجمعونه بينهم .

فعن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية ، فهم مني وأنا منهم ) رواه البخاري ( 2384 ) ومسلم ( 2500 ) .

قال النووي :

" وفي هذا الحديث فضيلة الأشعريين , وفضيلة الإيثار والمواساة , وفضيلة خلط الأزواد في السفر , وفضيلة جمعها في شيء عند قلتها في الحضر , ثم يقسم " انتهى .

" شرح مسلم " ( 16 / 62 ) .

والصناديق التعاونية التي تقيمها القبائل والأسر ويتم جمع اشتراكات من أفرادها ، ثم الصرف على المحتاجين حسب الشروط التي يحددونها أمر مشروع وهو يشبه فعل الأشعريين ، لكنه استباق لأمر المصيبة قبل وقوعها ؛ ليتم التعاون على حلها ، فيخف مصاب صاحبها .

ويجب على المشتركين فيها أن يكون قصدهم التعاون فيما بينهم لا الاستفادة والربح , فقد سئل الشيخ ابن عثيمين عن إحدى هذه الجمعيات

فأجاب :

" اطلعت على بنود الجمعية فلم أر فيها ما يمنع إنشاءها إذا كان مقصود المشترك التعاون دون التعويض والاستفادة من الصندوق , لأنها بنية التعاون تكون من باب الإحسان , وبنية التعويض والاستفادة من الميسر المحرم " انتهى .

"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/183) .

ومن المحاذير التي يمكن أن يقع فيها أهل تلك الروابط ما يكون بينهم من العصبية الجاهلية لنسبهم أو لغتهم ، وما يكون في اجتماعاتهم من محرمات كشرب الدخان وسماع الغناء – مثلاً – وما يكون من إعانة صاحب المعصية على معصيته ، أو الوقوف بجانب الظالم لمجرد أنه منتسب إليهم ، وكذا ما يكون من استثمار للأموال المجموعة في مشاريع محرمة أو في بنوك ربوية .

وأما الوقوف بجانب المظلوم أو صاحب الحاجة أو المتضرر من حادث أو مرض أو المساهمة في دفع دية الخطأ أو شبه العمد أو إعانة العزاب على الزواج وأمثال ذلك من أعمال البر والطاعة فهو أمر يشكرون عليه ويستحقون الدعم والمؤازرة .

ثانياً :

وأما صنع الطعام في الجنائز , فإن المشروع أن يصنع أقارب أهل الميت وجيرانهم الطعام لأهل الميت ، لأنهم جاءهم ما يشغلهم عن إعداد الطعام لأنفسهم .

فعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال : لما جاء نعي جعفر قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اصنعوا لأهل جعفر طعاماً فإنه قد جاءهم ما يشغلهم ) رواه أبو داود ( 3132 ) والترمذي ( 998 ) وابن ماجه ( 1610 ) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود .

قال المباركفوري :

"والمعنى : جاءهم ما يمنعهم من الحزن عن تهيئة الطعام لأنفسهم فيحصل الهم والضرر وهم لا يشعرون ، قال الطيبي : دلَّ على أنه يستحب للأقارب والجيران تهيئة طعام لأهل الميت انتهى ، قال ابن العربي في " العارضة " : والحديث أصل في المشاركات عند الحاجة " انتهى .

" تحفة الأحوذي " ( 4 / 67 ) .

والمحذور هو صنع أهل الميت العام للمعزين ، لقول جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه : ( كُنَّا نَعُدُّ الاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنِيعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ مِنْ النِّيَاحَةِ ) رواه أحمد (6866) صححه الألباني في "أحكام الجنائز" .

لكن إذا دعت الحاجة إلى ذلك ، كما لو جاء للتعزية أناس من بعيد فلا حرج من صنع الطعام لهم ، على أن يكون ذلك على قدر الحاجة ، ولا يكون فيه إسراف ولا مباهاة ، ويكون للمسافرين فقط ، ولا يُدعى إليه كل من حضر الجنازة كما يفعل البعض .

قال ابن قدامة في "المغني" (3/496) :

" فأما صنع أهل الميت طعاما للناس , فمكروه ; لأن فيه زيادة على مصيبتهم , وشغلا لهم إلى شغلهم , وتشبها بصنع أهل الجاهلية . . .

وإن دعت الحاجة إلى ذلك جاز ; فإنه ربما جاءهم من يحضر ميتهم من القرى والأماكن البعيدة , ويبيت عندهم , ولا يمكنهم إلا أن يضيفوه " انتهى .

وقال الشيخ ابن باز :

" أما أهل الميت فليس لهم صنع الطعام للناس ؛ أما إذا صنعوا ذلك لأنفسهم أو لضيوف نزلوا بهم فلا بأس " انتهى .

"مجموع فتاوى ابن باز" (13/392) .

ثالثاً :

وقد ذكرت في سؤالك أن المال المجموع تخرج زكاته إلى المحتاجين من أبناء العائلة , وهذا المال لا زكاة فيه ، فقد سئل الشيخ محمد بن العثيمين رحمه الله عن مثل هذه الجمعية وإخراج الزكاة من صندوقها فأجاب :

" أموال هذا الصندوق ليس فيها زكاة , لأنها خارجة عن ملك المشتركين فليس لها مالك معين , ولا زكاة فيما ليس له مالك معين " انتهى .

"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/184) .

وعلى أهل العلم والاستقامة أن يشاركوا في هذه الروابط لنصحهم وتوجيههم ، وتحذيرهم من الوقوع في المعاصي والآثام ، وإعانتهم على البر والتقوى .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-02-10, 17:49
السؤال :

لدينا في الفصل زميلتان متخاصمتان في رمضان ، ومنذ فترة طويلة وهم على ذلك الحال

والعلاقة بيني وبينهم ليست قوية

أريد أن أصلح بينهما لأحصل على أجر الإصلاح بين الناس ، وأريد رسالة أكتبها إليهما

ولكني أخشى المواجهة

أرجو أن تنال رسالتي اهتمامكم .

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

إن ما تحرصين عليه أيتها الأخت لهو من مكارم الأخلاق .

قال تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) الأنفال/1 .

وقال تعالى : ( لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ) النساء/114 .

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الإصلاح بين الناس أفضل من تطوع الصيام والصلاة والصدقة .

عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاةِ وَالصَّدَقَةِ ؟ قَالُوا : بَلَى . قَالَ :

صَلاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ ) قَالَ الترمذي : وَيُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَنَّهُ قَالَ : ( هِيَ الْحَالِقَةُ .

لا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ ) .

رواه أبو داود ( 4273 ) والترمذي ( 2433 ) .

وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .

وقد أجاز الشرع المطهر الكذب من أجل هذا الأمر العظيم ، فيجوز لكِ أن تنقلي لكلا الطرفين المتخاصمين مدح الطرف الآخر وثناءه عليه ، رغبةً في الإصلاح ، وليس هذا من الكذب المحرم .

عن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : ( لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا ) .

رواه البخاري ( 2495 ) .

ثانياً :

الهجر بين المسلمين من المحرمات ، ويمكنك تذكير الطرفين بالنصوص الدالة على هذا

ومنها :

من القرآن الكريم :

أ. قال تعالى : ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) الأنفال/46 .

ب. وقال تعالى : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) آل عمران/103 .

ومن السنة النبوية :

أ. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تَبَاغَضُوا ، وَلا تَحَاسَدُوا ، وَلا تَدَابَرُوا ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا ، وَلا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ) رواه البخاري (6065) ومسلم (2559) .

ب. عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا ، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلامِ ) . رواه البخاري (5727) ومسلم (2560) .

ج. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلا رَجُلا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ ، فَيُقَالُ : أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ) . رواه مسلم ( 2565 ) .

قال النووي :

" ( أَنْظِرُوا هَذَيْنِ ) أي : أَخِّرُوهُمَا حَتَّى يَرْجِعَا إِلَى الصُّلْح وَالْمَوَدَّة " . انتهى .

د. عن أبي خراش السلمي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ ) .

رواه أبو داود ( 4915 ) .

وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" ( 2762 ) .

فهذه النصوص تدل على تحريم هجر المسلم لأخيه ، بترك السلام عليه والإعراض عنه أكثر من ثلاثة أيام ، ما لم يكن الهجر بسبب شرعي ويترتب عليه مصلحة فإنه يجوز أكثر من ثلاثة أيام .

فعليك أن تذكري المتخاصمتين بهذه الآيات والأحاديث ، وتحاولي التقريب بين وجهات النظر ، والحث على نبذ الفرقة والخلاف ، ويمكنك مخاطبة كل واحدة منهما مباشرة كما يمكنك كتابة هذه النصوص في ورقة ودفعها لهما لقراءتها .

ونسال الله أن يوفقك لما فيه الخير .

والله أعلم .

و اخيرا ً

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-02-11, 05:44
اخوة الاسلام

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

السؤال :

إذا قال شخص ما لصديقه أنت خليلي

أو فلان خليلي

فما الحكم في ذلك . ؟.

الجواب :

الحمد لله

لا مانع أن يقول الإنسان لمن يحبه في الله " أنت خليلي " ، وقد قال بعض الصحابة تلك الكلمة في حق النبي صلى الله عليه وسلم ، والخُلَّة هي أعلى درجات المحبة .

وأما النبي صلى الله عليه وسلم فإنه ليس له خليل ؛ لأن الله تعالى قد اتخذه خليلاً ، وهذا لا ينافي ما ذكره الصحابة من اتخاذهم له خليلاً ؛ إذ لا يشترط في الخلة أن تكون من الطرفين .

عن أبي ذر قال : سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل ؛ فإن الله تعالى قد اتَّخذني خليلاً كما اتَّخذ إبراهيم خليلاً ، ولو كنتُ متَّخذاً من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلاً ، ألا وإن مَن كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك .

رواه مسلم ( 532 ) .

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت : صوم ثلاثة أيام من كل شهر ، وصلاة الضحى ، ونوم على وتر .

رواه البخاري ( 1124 ) ومسلم ( 721 ) .

قال الحافظ ابن حجر :

الخليل : الصديق الخالص ، الذي تخللت محبتُه القلبَ فصارت في خلاله أي : في باطنه , واختلف هل الخلة أرفع من المحبة أو العكس ؟

وقول أبى هريرة هذا لا يعارضه ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم " لو كنتُ متخذاً خليلاً لاتخذتُ أبا بكر " ؛ لأن الممتنع أن يتخذ هو صلى الله عليه وسلم غيره خليلاً لا العكس , ولا يقال إن المخاللة لا تتم حتى تكون من الجانبين لأنا نقول : إنما نظر الصحابي إلى أحد الجانبين فأطلق ذلك , أو لعله أراد مجرد الصحبة أو المحبة .

" فتح الباري " ( 3 / 57 ) .

وقد تكررت العبارة من أبي هريرة – رضي الله عنه – أكثر من مرة .

وقالها الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري في حقه صلى الله عليه وسلم ، كما رواه البخاري ( 1342 ) ومسلم ( 992 ) ، وفي حديث آخر عند مسلم ( 648 ) .

وتحسن الإشارة هنا إلى أنه ينبغي على الإنسان النظر قبل إطلاق هذه العبارة التي تدل على زيادة المحبة وخلوص الصداقة إلى مبنى هذه العلاقة ومقصودها وأن تكون بعيدة عن التعلقات المحرمة أو التي ليست فيما يرضى الله ، حتى لا تكون حسرة وندامة يوم القيامة و( الإخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) الزخرف / 67

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-02-11, 05:45
السؤال :

لدي شبه حول الإسلام فهل يمكن
أن توضحها لي ؟

هل يجوز للمسلم أن يكون صديقاً مخلصاً لشخص غير مسلم ؟.

الجواب :

الحمد لله

لا يجوز للمسلم أن يصادق المشرك أو أن يتخذه خليلاً ، لأن الإسلام يدعو إلى هجر الكافرين والتبرؤ منهم لأنهم عبدوا غير الله تعالى

قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوماً غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور ) الممتحنة/13 .


وأرشد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ذلك :

1- فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي ) " رواه الترمذي/2395 ، وأبو داوود/4832 قال أبو عيسى الترمذي : هذا حديث حسن وحسنه الألباني في صحيح الترمذي/2519 "

قال أبو عيسى الخطابي :

وإنما حذر من صحبة من ليس بتقي وزجر عن مخالطته ومؤاكلته ، لأن المطاعم توقع الألف والمودة في القلوب .

يقول : لا تؤالف من ليس من أهل التقوى والورع ، ولا تتخذه جليساً تطاعمه وتنادمه .

" معالم السنن / هامش مختصر سنن أبي داوود ( 7/185 ، 186 ) .

2- وعن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم فمن ساكنهم أو جامعهم فليس منا )

رواه البيهقي (9/142) والحاكم (2/154) وقال صحيح على شرط البخاري ، والحديث صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2/229) بشواهده .

ولكن تجوز معاملتهم بالحسنى من أجل يسلموا .

عن أنس رضي الله عنه قال :

كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه فقال له : أسلم ، فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له : أطع أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم – فأسلم ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : ( الحمد لله الذي أنقذه من النار )

رواه البخاري/1290 .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-02-11, 05:47
السؤال :

ما هو واجبنا تجاه إخواننا المسلمين الذين أُصيبوا بالمصائب والنكبات في أنحاء العالم.

الجواب :

الحمد لله

قال الله تعالى : ( إنما المؤمنون إخوة )

وقال يصفهم : ( أشداء على الكفار رحماء بينهم )
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ الْمُؤْمِنَ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنْ الْجَسَدِ يَأْلَمُ الْمُؤْمِنُ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ كَمَا يَأْلَمُ الْجَسَدُ لِمَا فِي الرَّأْسِ ) رواه الإمام أحمد

وقد لخّص ابن القيم رحمه الله أنواع مواساة المؤمن لأخيه المؤمن تلخيصا جيدا فقال :

المواساة للمؤمن أنواع : مواساة بالمال ومواساة بالجاه ومواساة بالبدن والخدمة ومواساة بالنصيحة والإرشاد ومواساة بالدعاء والاستغفار لهم ومواساة بالتوجّع لهم ، وعلى قدر الإيمان تكون هذه المواساة فكلما ضعف الإيمان ضعفت المواساة وكلما قوي قويت وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم الناس مواساة لأصحابه بذلك كله فلأتباعه من المواساة بحسب اتباعهم له الفوائد 1/171

كان الخليل بن أحمد يمشي مع صاحب له فانقطعت نعل صاحبه فحملها ومشى حافيا فخلع الخليل نعليه فحملهما ومشى حافيا فسأله صاحبه عن فعله ذلك ؟ فقال : أواسيك في الحفاء .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-02-11, 05:48
السؤال :

لقد بدأت مشروعاً تجارياً صغيراً وأعطيت أخاً مسلماً بعضاً من البضائع ليبيعها وكان هذا من عام.

وقال إنه باع هذه البضائع وطلبت منه الثمن لكنه لم يعطني بدعوى أنه مشغول جداً

ولكن عنده وقت ليتجول مع الكفار رغم كونه مشغولاً.

ماذا أفعل كي أسترد أموالي؟

لقد فكرت أن أقيم ضده دعوى في المحكمة فهل هذا حلال وهل يمكن أن أدعو عليه؟

ما نصيحتكم؟.

الجواب :

الحمد لله

بإمكانك أن تقيم عليه دعوى قضائية في المحكمة ، فإن كانت هناك محكمة شرعية فالحمد لله وإلا فأقم الدعوى عليه في محكمة البلد الذي تعيشان فيه ، لكن بعد أن تستنفد كافة الطرق التي يمكن أن تسترد من خلالها مالك ، كتوسيط أناس في الموضوع .

وأما الدعاء عليه :

فإن تبين لك بشكل واضح أنه يريد أخذ مالك ظلما فلك أن تدعو عليه .

الشيخ سعد الحميد .

*عبدالرحمن*
2018-02-11, 05:50
السؤال :

يا شيخنا الحبيب ليس عندي أي سؤال ولكني أريد أن أقول لك إني أحبك في الله وأسأل الله أن يوفقك في الدنيا والآخرة.

الجواب :

الحمد لله

جزاك الله خيرا يا أخي على تطبيق السنّة ، فقد روى الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم : إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُعْلِمْهُ إِيَّاهُ رواه الترمذي وقال حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .

وعن أَنَس بْن مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ مَرَّ رَجُلٌ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّ هَذَا الرَّجُلَ ، قَالَ : هَلْ أَعْلَمْتَهُ ذَلِكَ ، قَالَ : لا فَقَالَ قُمْ فَأَعْلِمْهُ ، قَالَ فَقَامَ إِلَيْهِ فَقَالَ : يَا هَذَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ فِي اللَّهِ ، قَالَ : أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي لَهُ *رواه الإمام أحمد وأبو داود وهو حديث صحيح .

وأنا أقول لك :

أحبّك الله الذي أحببتني فيه .

الشيخ محمد صالح المنجد



و اخيرا ً

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

مع جزء جديد من سلسلة
الآداب الإسلامية

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين