تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : بر الوالدين .. الاداب الاسلاميه


*عبدالرحمن*
2018-02-07, 07:09
اخوة الاسلام

السلام عليكم و رحمه الله و بركاتة

اهلا و مرحبا بكم في الجذء الثاني من سلسه الاداب الاسلاميه

الجذء الاول الاداب الاسلاميه بوجه عام

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2127558

*عبدالرحمن*
2018-02-07, 07:12
السؤال:

أمي مريضة مرضا مزمنا يجعل حركتها بطيئة جدا

بحيث تحتاج إلى رعاية خاصة

ولي ثلاثة إخوة ذكور ، أحدهما أعزب مقيم مع أمي ، والاثنان المتزوجان مقيمان بالبيت ، وحاليا مسافران بالخارج ، وزوجة أحدهما مع أمي ، ومعها أولادها الصغار

والأخرى بأولادها عند أمها في غياب زوجها المسافر . فهل خدمة أمي واجبةٌ عليَّ ، وأن أترك بيتي وأقيم مع أمي لخدمتها

علما بأنني صحيا لا أستطيع التوفيق بين متطلبات منزل الزوجية وخدمة أمي ، خاصة وأني موظفة ، أم أصل رحم أمي فقط بما أستطيع لها من خدمة بقدر المستطاع فقط

وأكون غير مذنبة ؟

الجواب :

الحمد لله

حق الوالدين من الحقوق العظيمة في الإسلام ، قرنه الله عز وجل بحقه في كتابه الكريم ، وما زال نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يوصي به وصية خير وكرامة .

ولذلك نص العلماء رحمهم الله على وجوب رعاية الوالدين ، ووجوب خدمتهما في كل حال ، خاصة في حال الضعف والكبر والمرض .

جاء في " الفتاوى الهندية " (5/348) (حنفي) :

"إذا كان لرجل أو لامرأة والدان كافران : عليه نفقتهما ، وبرهما ، وخدمتهما ، وزيارتهما ، فإن خاف أن يجلباه إلى الكفر إن زارهما جاز أن لا يزورهما" انتهى .

وقال السفاريني رحمه الله :

"من حقوقهما : خدمتهما إذا احتاجا أو أحدهما إلى خدمة" انتهى .

"غذاء الألباب" (1/390) .

وقال النفراوي المالكي رحمه الله :

"وكما يلزم الولدَ الموسر نفقةُ أبويه الفقيرين يلزمه نفقة خادمهما ، وظاهره وإن كانا غير محتاجين إليه ، نعم ، يظهر أنه يلزمه اتخاذ خادم لهما إن احتاجا إليه ، وكذا يلزم الولد نفقة خادم زوجة أبيه" انتهى .

"الفواكه الدواني" (2/69) .

غير أن ذلك لا يوجب على المرأة المتزوجة أن تترك بيتها وزوجها لتعيش مع والدتها المحتاجة إلى خدمتها ، فالزوجة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها .

وقد ذكرت أن أخاك وزوجة أخيك يسكنان مع والدتك فإن كانا يقومان بخدمتها فقد حصل المقصود .

وإن كانت خدمتهما لا تكفي ، فالواجب عليكم استئجار خادمة لتقوم على رعايتها وخدمتها، ولا يلزمك أن تقومي بذلك بنفسك ، لا سيما وقد ذكرت أنك لا تستطيعين ذلك .

وعلى كل حال .. ينبغي أن تسعي بخدمتها بنفسك بقدر الاستطاعة ، فحق الأم عظيم ، وبرها والإحسان إليها من أعظم الواجبات .

وينبغي لزوجك أن يقدر ذلك ويتغاضى عن بعض التقصير الذي سيقع منك في بيتك بسبب رعايتك لأمك ، فمثل هذه الظروف الطارئة ينبغي للجميع أن يشتركوا في تحملها ، محتسبين الأجر والثواب عند الله تعالى .

ولا يدري الإنسان ، فلعله يصل إلى مثل هذه الحال فيحتاج من يقوم على خدمته .

ونسأل الله تعالى لكم التوفيق والسداد

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-02-07, 07:13
السؤال :

هل من وسيلة أخرى لدخول الجنة عن غير طريق أقدام الأمهات؟

لأنني لم أرى والدتي منذ سنتين، وهي لا تريد أن تراني أيضا.

بل إنها قد تزوجت وتحولت للسكن في مكان أخر ولها حياتها الخاصة بعيدة عني.

فما العمل؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ السَّلَمِيِّ ، أَنَّ جَاهِمَةَ رضي الله عنه جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَدْتُ أَنْ أَغْزُوَ وَقَدْ جِئْتُ أَسْتَشِيرُكَ . فَقَالَ : هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ ؟ قَالَ نَعَمْ .

قَالَ: ( فَالْزَمْهَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْهَا ) رواه النسائي (3104) ، وحسنه الألباني .

وأما اللفظ المشهور في ذلك : ( الجنة تحت أقدام الأمهات ) فلا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بل حكم بعض أهل العلم بأنه موضوع .

ثانيا :

من المهم أن تعلم أخي السائل أن بر الوالدين لا يسقط عنك بحال ، مهما كان أمرهما ، ومهما كان حالهما من الدين ، بل حتى ولو كانا مشركين بالله ؛ فالواجب عليك أن تبرهما ، كما قال الله تعالى : ( وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) العنكبوت/8 .

ثالثا :

اعلم أن صلة الرحم ، ومن باب أولى بر الوالدين ، لا يعني أن من زارك تزوره أنت أيضا ، ومن وصلك تصله ، فإن هذا نوع من المكافأة الواجبة لكل أحد ، ولكن صلة الرحم الحقيقية : أن تصل من قطعك ، وأن تعطي من حرمك .

روى البخاري (5991) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ ؛ وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا ) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

قَوْله : ( لَيْسَ الْوَاصِل بِالْمُكَافِئِ ) أَيْ الَّذِي يُعْطِي لِغَيْرِهِ نَظِير مَا أَعْطَاهُ ذَلِكَ الْغَيْر , وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ عُمَر مَوْقُوفًا " لَيْسَ الْوَصْل أَنْ تَصِل مَنْ وَصَلَك , ذَلِكَ الْقَصَاص , وَلَكِنَّ الْوَصْل أَنْ تَصِل مَنْ قَطَعَك " ....

قَالَ الطِّيبِيُّ :

الْمَعْنَى لَيْسَتْ حَقِيقَة الْوَاصِل وَمَنْ يُعْتَدّ بِصِلَتِهِ مَنْ يُكَافِئ صَاحِبه بِمِثْلِ فِعْله , وَلَكِنَّهُ مَنْ يَتَفَضَّل عَلَى صَاحِبه " انتهى من "فتح الباري" .

فالواجب عليك أن تصل أمك ، ولو قطعتك ، وأن تبرها ، على قدر استطاعتك ، ولو جفتك هي وقطعتك ، وأن تعطيها ، ولو حرمتك ، والبر والصلة في كل موضع ، ومع كل أحد بحسبه ؛ فقد تكون في حاجة إلى مال فتعطيها ، وقد يكفيها منك الزيارة ، كلما أمكنك ، والسؤال عنها ، ولو بالهاتف إذا شق عليك الانتقال إلى بلدها بعض الوقت .

رابعا :

اعلم أن الجنة ليس لها باب واحد ، وهذا من فضل الله على عباده ، ورحمته بهم ، أن جعل لها ثمانية أبواب ؛ لكل صنف من أصناف العمل والطاعة باب يدخل منه أهله ، فمن كان ميسرا للصلاة ، دخل من باب الصلاة ، ومن كان ميسرا للجهاد دخل من باب الجهاد ، ومن كان ميسرا للصدقة دخل من باب الصدقة .

قال الله تعالى : ( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) الزمر/73 .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ : يَا عَبْدَ اللَّهِ ، هَذَا خَيْرٌ ؛ فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ ) .

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا ؟
قَالَ : ( نَعَمْ ؛ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ ) . رواه البخاري (1897) ومسلم (1027) .

وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( فِي الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ لَا يَدْخُلُهُ إِلَّا الصَّائِمُونَ ) . رواه البخاري (3257) ومسلم (1152) .

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ ـ أَوْ : فَيُسْبِغُ ـ الْوَضُوءَ ، ثُمَّ يَقُولُ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ؛ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ ) .

رواه مسلم (234) .

وينظر : كتاب " الجنة والنار " لفضيلة الدكتور عمر سليمان الأشقر ، حفظه الله (150-153) .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-02-07, 07:15
السؤال :

لدي بعض الأسئلة عن الوالدين

1- ما هو حق الأم علي ؟

2- ما هو حقي على أمي ؟

3- ما هي الأشياء التي يمكن أن أعملها (المباحة طبعاً) دون أن يكون لأمي الحق من منعي ؟

4- متى يكون للأب القرار الأخير في الموضوع ؟

أنا أحب أمي جدا جدا وهي تريد حمايتي حتى أنني أشعر بعض الأحيان بأنني مقيد

أعلم بأنها تفعل هذا من فرط حبها لي فكيف أخبرها بأنني أريد بعض الحرية في اختياراتي في الحياة ؟.

الجواب :

الحمد لله

أولاً : حق الأم على ولدها :


للأم على ولدها حقوق كثيرة وكبيرة لا يحصيها المحصي ولكن نذكر منها :

أ - حبها وتوقيرها في النفس والقلب ما استطاع لأنها أحق الناس بحسن صحبته .

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : أمك ، قال ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : ثم أبوك " . رواه البخاري ( 5626 ) ومسلم ( 2548 ) .

فهي التي جعلت بطنها لك وعاءاً وثديها لك سقاءاً ، فحبها لازم ولا بد ، والفطرة تدعو إليه ، بل إن حب الأولاد لأمهاتهم وحب الأمهات لأولادها فطر الله عليه البهائم والدواب ، فبنو البشر أولى بذلك والمسلمون أولى بذلك كله .

ب - الرعاية والقيام على شؤونها إن احتاجت إلى ذلك بل إن هذا ديْن في عنق ولدها . أليست قد رعته طفلاً صغيراً وسهرت عليه وكانت تصبر على أذاه .

قال تعالى { ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً } ( الأحقاف / 15 ) .

بل إن ذلك قد يقدّم على الجهاد إن تعارض معه .

عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحيٌّ والداك ؟ قال : نعم، قال : ففيهما فجاهد . رواه البخاري ( 2842 ) ومسلم ( 2549 ) .

ت -عدم الأذية وإسماعها ما تكره من القول أو الفعل .

قال تعالى : { فلا تقل لهما أفٍ } ( الإسراء / 23 ) .
فإذا كان الله تعالى حرَّم قول " أف " للوالدين : فكيف بمن يضربهما ؟!! .

ث - النفقة عليها إن أعوزت ولم يكن لها زوج ينفق عليها أو كان زوجها معسراً بل إن النفقة عليها وإطعامها عند الصالحين أحب إليهم من أن يطعموا أبناءهم .

عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خرج ثلاثة يمشون فأصابهم المطر فدخلوا في غار في جبل فانحطت عليهم صخرة قال فقال بعضهم لبعض ادعوا الله بأفضل عمل عملتموه فقال أحدهم اللهم إني كان لي أبوان شيخان كبيران فكنت أخرج فأرعى ثم أجيء فأحلب فأجيء بالحلاب فآتي به أبوي فيشربان

ثم أسقي الصبية وأهلي وامرأتي فاحتبست ليلة فجئت فإذا هما نائمان قال فكرهت أن أوقظهما والصبية يتضاغون عند رجلي فلم يزل ذلك دأبي ودأبهما حتى طلع الفجر اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا فرجة نرى منها السماء قال ففرج عنهم …. " . رواه البخاري ( 2102 ) ومسلم ( 2743 ).

يتضاغون : يبكون بصوت عالِ .

ج - الطاعة والائتمار بأمرها إن أمرت بمعروف ، أما إن أمرت بشرٍّ كالشرك : فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .

قال تعالى :{ وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً } ( لقمان / 15 ) .

ح - أما بعد موتها فيسن قضاء ما عليها من كفارات والتصدق عنها والحج أو الاعتمار عنها.

عن ابن عباس رضي الله عنهما :" أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها ؟ قال : نعم حجي عنها ، أرأيتِ لو كان على أمك ديْن أكنتِ قاضيته ، اقضوا الله فالله أحق بالوفاء". رواه البخاري ( 1754 ) .

... يتبع ...

*عبدالرحمن*
2018-02-07, 07:16
خ - وكذلك بعد موتها يسنّ برها بصلة من كانت تصله وتحترمه كأقاربها وأصدقائها .

عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إِنَّ مِنْ أَبَرِّ الْبِرِّ صِلَةَ الرَّجُلِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ ". رواه مسلم ( 2552 ) .

ثانياً : حقوقك على أمك :

أ - القيام على شأنك وأنت طفل وإرضاعك وحضانتك وهذا معلوم من فطرة الناس وهو متواتر عنهم من بدء الخليقة .

قال تعالى { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ….. } (البقرة / 233 ) .

ب - أن تربيك تربيةً صالحةً وهي مسؤولة عنك يوم القيامة أمام الله لأنك من رعيتها وهي راعيتك .

عن عبد الله بن عمر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته الإمام راع ومسؤول عن رعيته والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته قال وحسبت أن قد قال والرجل راع في مال أبيه ومسؤول عن رعيته وكلكم راع ومسؤول عن رعيته". رواه البخاري ( 853 ) ومسلم ( 1829 ) .

ثالثاً :

أما ما يحل لك أن تصنعه دون أن تتدخل أمك في شؤونك من المباحات :

فليس لها الحق في اختيار ما تحب من المباحات التي لا سلطة لها عليك بها كالطعام والشراب والملبس والمركب ونحو ذلك .

وأما التدخل في شؤونك من جهة خروجك ودخولك المنزل أو السهر في الليل مع الرفقة الذين تصحبهم :

فيجب على الوالدين كليهما أن يراقبا أولادهما في ذلك ليضبطوا الأمر ولا يضيع الأولاد مع رفقة السوء ، فإن أكثر ما سبّب للشباب الفساد رفقة السوء ، وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " .

رواه الترمذي ( 2387 ) وأبو داود ( 4833 ) .

والحديث حسَّنه الترمذي وصححه النووي كما في " تحفة الأحوذي " ( 7 / 42 ) .

وكذلك يراقبان ولدهما في وقت رجوعه إلى البيت وإلى أين يخرج لأنه لا يجوز لهما أن يتركا الحبل على غاربه للولد خصوصا إذا لم يكن صاحب استقامة .

وينبغي عليك أن تراعي منزلتهما وتوقيرهما وأخذهما بالصحبة الحسنة حتى وإن ضيقا عليك فيما أباح الله لك ، فإنه أمرنا أن نصحب آباءنا بالصحبة الحسنة حتى ولو كانوا كفاراً يدعوننا إلى الشرك فكيف وهما لا يدعوننا إلا إلى شيء يظنان كل الظن أن الخير لنا فيه وإن كان في بعض ما يأمران به تضييق عليك في بعض ما يباح لك .

فالأحسن أن تطيعهما وأن تصنع ما يريدان وتنزل عند رغبتها وإن كان لا يجب عليك ولكن من باب التضحية والإيثار فإنهما أحق من يحسن إليهما وقد جعل الله تعالى طاعة الوالدين بعد عبادته مباشرة كما ذكر في كتابه وذلك بيانا لمنزلة بر الوالدين .

رابعاً :

يكون للأب القرار الأخير في كل ما هو داخل في مسئوليته تجاهك فهو الذي يقرر مثلا في أيّ مدرسة يدرس ولده الذي تحت نفقته وكذلك يكون للأب القرار في كل تصرّف يتعلّق بملكه مثل استعمالك لسيارته وأخذك من ماله وهكذا .

وأما الولد الكبير المستقل بنفسه ونفقته فإنّه يقرر لنفسه ما يريد مما أباحه الله ويُشرع له إرضاء أبيه ما لم يتعارض ذلك مع طاعة الله وعلى الولد أن يستمر في توقير أبيه مهما بلغ الولد من العمر وذلك من باب البر وحسن العشرة ، فقد روي عن ابن عمر أنه قال : " ما رقيت سطح منزل أبي تحته " .

وكذلك إذا أمر الأب ولده بمعروف أو بترك المباح فيُطاع ما لم يكن ضرر على الولد .

خامساً :

أما كيف تخبر أمك برغبتك في مزيد من الحرية فإنّ ذلك يكون بالقول والعمل .

أ - أما العمل :

فيكون بعد أن تثبت عملا وواقعا لأمك بأنك لم تعد الصبي الذي تعهد وأنك أصبحت رجلاً قادراً على تحمل المسئولية وتتصرف أمامها تصرف الرجال في مواقفك فإن هي رأت منك ذلك مرارا فستثق بك وسيستقيم أمرك عندها ويكبر مقامك في نفس أمك .

ب - أما القول :

فيكون بالحجة الواضحة والمناقشة الهادئة والقول اللين وضرب الأمثلة على مواقفك السليمة الصحيحة ، ولعل الله تعالى أن يشرح صدرها لتعاملك معاملة الرجل البالغ العاقل الراشد السوي ما دمت كذلك .

ونسأل الله لنا ولك ولوالديك أن يهدينا سبيل الرشاد وصلى الله على نبينا محمد .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-02-07, 07:18
السؤال:

سؤالي يتعلق بأحد الشباب الصغار من المسلمين .

هو ما شاء الله شاب جاد مخلص وعلى علم ملتزم بتعاليم الإسلام وبسنة النبي صلى الله عليه وسلم ويحاول بكل جهده اتباع العقيدة الصحيحة .

إنه يعيش بمفرده مع أمه المطلقة والتي لا تتبع الإسلام بالكلية وتنهمك في الكثير من الأعمال التي لا تتفق مع الإسلام في شيء …

أنا على صلة بالشاب وأمه وهما على تراحم وتواد لكني أرى أن الشاب أحيانا يضيق بتصرفات أمه التي تضعه في مواقف حرجة وأنا لا أستطيع تقديم النصح له بصورة صحيحة .

وفيما يلي بعض الأمثلة لهذه المواقف مثل خروج الأم من المنزل لمدة قصيرة فيشعر الابن بالخزي من ذلك لكنه يسير معها خوفا عليها من أن يبادرها أحدا بالكلام ، ….

الأم كثيرة التعرف على الرجال من الجنس الآخر على الطريقة الغربية ، وهي كثيرة الذهاب إلى دعوات العشاء وتجلس على الطاولة التي غالبا ما تكون ممتلئة بالخمر الذي يحتسيه رفاقها وصديقاتها لكنها لا تشرب الخمر على الإطلاق وهناك العديد والعديد من الموضوعات التي يمارسها أصدقاء الأم مثل البدع ويحاول الابن باستمرار دعوة الأم وتوضيح الأمور لها لكنها دائما ما تتهمه بالتعصب والمغالاة أو أنه من العصر الحجري .

أرجو تقديم النصيحة لصديقي الذي لم يصاحب أحدا غيري فهو يشعر انه ديوث ويود أن يعرف هل بقاءه مع والدته وهي على هذا النحو من السلوكيات يعد أمرا صحيحا وهو يخشى عليها من أن يتحرش بها أحد من الغرباء نظرا لأنها ترتدي الملابس القصيرة غير الإسلامية وهو لم يخبرني بهذه الأشياء كما أنه لم يفش أسرار الأسرة لكن الأمر بات واضحا لي ولمن حوله .

الرجاء المساعدة جزاك الله تعالى خير الجزاء .

الجواب:

الحمد لله

لا شكّ أنّ القصّة المذكورة مؤلمة ومؤثّرة وخصوصا عندما يُصاب الإنسان بمصيبة الدّين في أقرب النّاس إليه ويُؤذى أيضا ،

ولكن حسبنا الله ونعم الوكيل وإنا لله وإنا إليه راجعون ولْيعلم هذا الأخ أنّ بر الوالدين من أوجب الواجبات التي تجب للبشر على البشر

لقول الله تعالى { ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا }

فأمر بمصاحبة هذين الوالدين المشركين اللذين يبذلان الجهد في أمر ولدهما بالشرك ومع ذلك أمر الله أن يصاحبهما في الدنيا معروفا

وإذا كان كذلك فالواجب عليك نحو والدتك أن تنصحها بالكفّ عن هذه المعاصي وأن تبيّن لها ما في فعلها من الإثم والعقاب
فإن استجابت فالحمد لله

وإلا فاهجرها هجراً جميلاً ولا تخالطها مخالطةً تضرك في دينك ولا تؤذيها بل صاحبها في الدنيا بالمعروف وتابع نصيحتها بين الحين والأخر ، وهجرك إياها لا يضرك لأنك إنما فعلته غيرةً لله وإنكاراً للمنكر .

أنظر إجابة الشيخ محمد بن عثيمين في فتاوى إسلامية (4/196) واللجنة الدائمة في فتاوى إسلامية (4/204) والشيخ عبد الله بن جبرين في فتاوى المرأة المسلمة (2/957)

وخلاصة القول

في مسألة مساكنتك لها أنّه إذا سُكناك معها سيُفيدها في زيادة دين أو إيمان أو التزام بواجب أو بُعد عن محرّم أو التّخفيف منه على الأقل من خلال شعورها بشيء من الرّقابة مثلا أو ردّ أهل السوء عنها وصرفهم

ولم يكن في هذه المخالطة ضرر عليك

فابق معها محتسبا الأجر في كلّ ما تقدّم والله يُثيبك على صبرك

وإن كنت قد أعيتك المحاولة ولم تجد فائدة في إحراز أيّ تقدّم في أيّ مجال مما تقدّم ذكره وكانت المُخالطة لها تسبب ضررا عليك في دينك أو سُمعتك فلا عليك من حرج في هجرها كما تقدّم مع الاستمرار في تفقّدها وقضاء حاجاتها ونصحها بين الفَينة والأخرى

ونسأل الله أن يرزقك الصّبر ويأجرك على جهدك وهو نِعم المولى ونِعم النّصير .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-02-07, 07:20
السؤال :

لدي 6 أخوات و 5 إخوان و توفي والدنا و ترك لنا إرثا مكونا من عمارة مؤجرة

وعند طلبنا لحقنا في الإيجارات غضب أخونا الكبير ورفض إعطاءنا إياها فقمنا برفع دعوى في المحكمة وبدورها أقرت لنا حصتنا في الإيجارات

وعندها امتنع عن الصرف على أمنا بحجة غضبه من فعلتنا وأننا لا يحق لنا أخذ حصتنا وأنه يتوجب علينا الصرف على أمنا علما بأننا متزوجات ولا نعمل حتى إنها دخلت المستشفى ورفض دفع مصاريف علاجها فأرجو توضيح ما يلي :

على من تجب النفقة على الوالدين؟

هل يحق له منعنا من أخذ حصتنا في الإيجارات بحجة الإنفاق على الوالدة؟ هل يحق له الامتناع عن الإنفاق عليها مع مقدرته؟

علما بأنها بحاجة للإنفاق؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

يجب قسمة الميراث كما أمر الله تعالى ، والحذر من التعدي في ذلك ، وقد قال تعالى بعد ذكر المواريث : (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ . وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) النساء/13 ، 14 .

فليس لأخيكم الاستئثار بإيجار العمارة وحرمان بقية الورثة من ذلك .

ثانيا :

تجب نفقة الوالدين الفقراء على أولادهما ذكورا أو إناثا إذا كانوا أغنياء لهم ما يفضل عن نفقتهم ونفقة من يعولون ؛ لقوله تعالى : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) الإسراء/23.

ومن الإحسان :

الإنفاق عليهما عند حاجتهما .

وسأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم : (مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي ؟ قَالَ : أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ .

قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أَبُوكَ) رواه البخاري (5971) ومسلم (2548) .

وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ ، وَوَلَدُهُ مِنْ كَسْبِهِ) رواه أبو داود (3528) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.

وقال ابن المنذر رحمه الله :

" أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد "

انتهى نقلا من "المغني" (8/ 169).

وعليه ؛ فإن نفقة والدتك تكون من نصيبها من الإيجار وهو الثمن ، ولها أن تبيع نصيبها على أحد الورثة أو على غيرهم ، وتنفق على من نفسها منه .

فإن لم يكف ذلك لنفقتها وجب إكمال نفقتها من مال أولادها الأغنياء ذكورا أو إناثا ، فلو كانت المرأة المتزوجة تستغني بنفقة زوجها ، وعندها فاضل من مال - ولو من إيجار العمارة - لزمها أن تنفق على أمها .

قال الشيخ ابن جبرين رحمه الله :

" وإذا افتقر الوالدان وعند البنت مال زائد عن حاجتها فيلزمها أن تنفق على والديها قدر حاجتهما دون أن تنقص من حاجاتها " انتهى.

وتكون النفقة على قدر الإرث لعموم قوله تعالى : ( وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ ) البقرة/ 233 ، فيؤخذ من الذكر مثل حظ الأنثيين .

وليس لأخيكم حبس الإيجار بحجة النفقة ، بل يعطي كل وارث نصيبه ، ويتفق الجميع على إخراج قدر من المال يكفي لنفقة والدتهم ، وهذا مهما بلغ لا يساوي شيئاً من حقها عليكم .

وقد روى البخاري في "الأدب المفرد" (18) عن أبي بردة أن ابن عمر رضي الله عنهما شهد رجلا يمانيا يطوف بالبيت ، حمل أمه وراء ظهره ، يقول : إني لها بعيرها المذلل ، أترانى جزيتها ؟ قال ابن عمر : لا ، ولا بزفرة واحدة " وصححه الألباني في "صحيح الأدب المفرد".

والزفرة : تردد النفس ، وهو مما يعرض للمرأة عند الولادة .

فاتقوا الله تعالى وأصلحوا ذات بينكم ، وراقبوا الله تعالى في والدتكم التي هي أحق الناس بصحبتكم ورعايتكم .

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-02-07, 07:22
السؤال :

أنا شاب ، متدين ، ومحافظ على ديني وصلاتي ، ولا أزكي نفسي على الله ، وبار بوالدتي

وأحب لها الخير ، وأدعو لها ، وأتصدق عنها ، وأزورها يوميا ، وأعيِّد عليها قبل ابنيها ، وأعطيها من راتبي كل شهر ، لكن المشكلة :

أنها تنسى هذا كله ، وكأنني لم أفعل شيئاً ، وسبب هذا :

أنها تطيع ابنها الأكبر ، وتسمع كلامه ولو كان كذباً أو خطأً ، وهي تعرف أنه كذاب لكن لا تستطيع أن تقول له أنت مخطئ ، وعمره 55 سنة ، ولا يصلي !

وبيته أمام المسجد ، ورجل فاسد ، لكن أمي تحبه حبّاً جنونيّاً لدرجة أنها تعادي من يعاديه ، وتحب من يحبه ، وبعد أن نصحتها أن هذا تفريق بين أولادك لا يجوز ولا بد أن تعدلي بينهم

وأن فعلها سوف يبني الحقد والبغض بينهم :

لا تلتفت لهذا الكلام ، وكان ابنها الأكبر قد أكل ورث إخوته وحقوقهم النقدية ، وكان يضغط عليهم - بمساعدة أمي -

أن يتنازلوا له عن الأراضي ، وحين رفضتُ أنا غضبت أمي عليَّ وعادتني ، وكانت تقول :

هذا الورث من حقه ، وأنتم ليس لكم شيء !

ونصحتها أن عملها هذا حرام ، فغضبت مني ، وصبرتُ عليها ، وتحملتُ ، وقلت :

حقي من ورث والدي لن أتنازل عنه ، فأصبحت تعاديني ، وتقف مع ابنها الأكبر ، وتحقيري أمام الناس ، وإحراجي في المناسبات

ورفضهم أن أُحضرها ، مما جعلني في همٍّ وغمٍّ من تحقيرهم لي أمام الناس ، وبعد أن عرفتُ أن والدتي لن يتغير طبعها معي وترك ظلمي وأنها مصرة على الوقوف مع ابنها الأكبر

وخوفاً على ديني ، وأن تفلت أعصابي ، أو يوسوس لي الشيطان وأخطئ في حق والدتي :

تركتها ، وتركت زيارتها ، وسافرت لمنطقة بعيدة ؛ كي أنساهم ، لكن - والله العظيم - يا شيخ - إني أتصدق عنها

وأدعو لها في كل صلاتي أن الله يهديها وتترك الظلم وترجع لي الحق وتترك ابنها الذي يوسوس لها مثل الشيطان .

يا شيخ : هل فعلي هذا عقوق ؟ .

( ياشيخ كثير من الشباب عقوا والديهم بسبب التفريق بينهم ) .

الجواب :

الحمد لله

أولاً:

ما تفعله من بر والدتك ، والإحسان إليها : هو من الأعمال الجليلة ، والواجب فعلها من كل ولد تجاه أبويه ، وخاصة والدته .

ثانياً:

وما تقوله من أن التفريق في معاملة الوالدين تجاه أولادهم يؤدي إلى الفرقة ، والتباغض ، والتحاسد :

صحيح ، ولذلك منعت الشريعة المطهرة الآباء والأمهات أن يهبوا لأحد أولادهم ما لا يفعلونه مع باقيهم ، ومن شأن من خالف هذا أن يسبب بغضاً وتنافراً في الأسرة الواحدة ، سواء تجاه من أعطى منهما ، أو من أخذ من إخوانه ، وقد يكون البغض لكليهما .

ثالثاً:

ما يطلبه شقيقك وأمك منك أن تتنازل عن نصيبك في ميراث والدك :

ليس من العدل في شيء ، بل هو من الظلم ، ومن أكل الأموال بغير حق ، ولا يلزمك طاعة أمك فيه ، بل عليهما أن يتقيا الله في طلبهما ذلك منك ؛ فإنه لا يحل لهم ، وعلى أخيك أن يتقي الله تعالى فيعطي كل ذي حق – من إخوته – حقَّه ، وما أخذه من نصيبهم من الميراث فهو سحت يأكله

ومالٌ حرام يطعمه ، ونأسف أن نقول إن والدتك شريكة في هذا الإثم ؛ حيث أعانته على ذلك ، بل وتطلب منك بقوة أن تتنازل عن حصتك من أجله .

رابعاً:

ما فعلتْه أمك معك من الإساءة والتحقير ، وما تطلبه منك من إعطاء حصتك في الميراث لأخيك :

لا يبيح لك - بحال - أن تعاديها ، ولا أن تعقها ، ولا أن تترك برَّها والإحسان إليها ، نعم ، لا يلزمك طاعتها فيما تطلبه منك من التنازل عن حصتك في الميراث ، لكن الله تعالى قد أمرك بالإحسان إليها وبِرِّها حتى لو كانت تجاهدك لتكفر بالله تعالى !

فكيف وهي تجاهدك للتنازل عن شيء من لعاع الدنيا ؟!

وابتعادك عن البيت قد تكون معذوراً فيه ، لا سيما إن كانت في معيشتك معهم ضرر عليه ، أو أذى يلحق بك ، وشق عليك أن تصبر على أذاهم ، لكن هذا لا يعفيك من استمرار الاتصال بأمك والسؤال عنها ، والإحسان إليها قدر طاقتك

ولعل من الخير أن تخبر والدتك بسبب ابتعادك عنهم ، وأنك مع ذلك تدعو لها في صلاتك ، وأنك تتصدق عنها ، فلعلَّ ذلك الإخبار أن يكون سبباً في تغيير موقفها تجاهك .

خامساً:

من الضروري نصح أخيك بالصلاة ، وبيان خطر تركها عليه ، وكذا تنصح أمك بأن تنقذ ولدها من النار بدلاً من الحرص على دنياه وتجميع المال بين يديه ! وقد ثبت كفر تارك الصلاة في القرآن والسنَّة وإجماع الصحابة رضي الله عنهم ، فليس الأمر بالهين ، ولا باليسير ، وماذا ينفعه أن يعيش في الكفر والظلم ؟ وما هي السعادة التي ينعم بها ؟ إن الحياة أقصر من أن يأمل البقاء فيها ، وإن الدنيا أحقر من أن يعيش من أجلها ، فليسارع إلى طاعة ربه بإقامة الصلاة .

أن تارك الصلاة لا يقبل منه عمل ، لا زكاة ، ولا صيام ، ولا حج ولا شيء .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-02-07, 07:23
السؤال:

أبي رجل مسلم ، وأمي امرأة من " السيخ " ، ولكنها أسلمت عندما تزوجت والدي

بعد أن أسلمت كانت تحافظ على الصلوات ، وحضور المسجد والدروس ، بشكل مستمر ، ثم بعد ما يقارب 13 عاماً :

لا أدري ما الذي حدث بينهما ، فطلقها ، فارتدت عن الإسلام ، وعادت لديانتها السابقة – وللأسف - . حاولت معها جاهدة أن تعود إلى الإسلام لعلمي بالعقاب الأليم لمن يرتد عن الإسلام

ولكن دون جدوى ، ولا أدري الآن كيف أتعامل معها ، لأنها أمي ، ولها عليَّ حقوق يجب مراعاتها

ولكن كيف السبيل إلى الموازنة
في العلاقة معها ؟

وما هي النصيحة التي يمكن أن تسدوها لي ؟ .

الجواب :

الحمد لله

أولاً:

نسأل الله تعالى أن يردَّ أمك إلى الإسلام ، وأن يُحسن لها خاتمتها .

ثانياً:

قولكِ " ، ولها عليَّ حقوق يجب مراعاتها " : غير صحيح !

ولو أنها كانت كافرة أصلية :

لكان لها عليك حقوق ، ولكن بما أنها صارت مرتدَّة عن دين الله تعالى : فقد سقطت حقوقها الشرعية عليكِ وعلى أولادها المسلمين .

قال الشافعي - رحمه الله - :

ومَن انتقل عن الشرك إلى الإيمان ، ثم انتقل عن الإيمان إلى الشرك ، مِن بالغي الرجال والنساء : استتيب ، فإن تاب قُبل منه ، وإن لم يتب : قُتل ، قال الله عز وجل : ( ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ) إلى ( هم فيها خالدون ) .

" الأم " ( 1 / 257 ) .

والمرتد ليس له حرمة في الشرع ؛

لأنه لا يقرُّ على ردته ، فإما أن يرجع إلى الإسلام فتكون له أحكام المسلمين ، أو يصرَّ على كفره فيُقتل ، ولذا لا تحل ذبيحته ، ولا يجوز التزوج من مرتدة ، وليس للمرتد حق الصلة والبر والإحسان ؛ بل يُهجر ويقاطَع ، إلا من أجل الدعوة والنصيحة .

سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين :

ما حكم الشرع في نظركم في ترك أهلي ومقاطعتهم بسبب معاصيهم وتركهم للصلاة وللواجبات ؟.

فأجاب:

لا شك أن الأهل والأقارب لهم حق على الإنسان ، حتى وإن كانوا كافرين ؛ لقول الله تعالى ( وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ) ، ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ) ، ولكن هؤلاء الأهل الذين لا يصلُّون يعتبرون مرتدين عن الإسلام ؛ لأن مَن لا يصلي :

كافر ، كما دل على ذلك كتاب الله ، وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأقوال الصحابة رضي الله عنهم ، بل حكاه بعض العلماء إجماعاً ، فإذا كانوا تاركين للصلاة :

فهم مرتدون عن دين الإسلام ، ولا يجوز للإنسان أن يخالطهم ، اللهم إلا على سبيل النصيحة ، أن يذهب إليهم وينصحهم ويبيِّن لهم ما في هذه الردة من الخزي والعار في الدنيا والآخرة لعلهم يرجعون ، فإن أصروا على ذلك :

فلا حقَّ لهم ، ويجب هجرهم ، ومقاطعتهم ، ولكني أسأل الله عز وجل أن يرد هؤلاء ، وغيرهم ، ممن ابتلوا بهذه البلية العظيمة أن يردَّهم إلى الإسلام حتى يقوموا بما أوجب الله عليهم من الصلوات وغيرها .

وليُعلم أن المرتد أعظم جُرماً وإثماً من الكافر الأصلي ؛

لأن الكافر الأصلي يقرُّ على دينه الذي هو عليه وإن كان باطلاً ، أما المرتد : فإنه لا يقر على دينه ، بل يؤمر بالرجوع إلى الإسلام ، والقيام بما تركُه كفر ، فإن لم يفعل فإنه يجب أن يُقتل ... .

فتاوى نور على الدرب ( شريط 161 ، وجه ب ) .

والوصية لك :

بعدم اليأس من هداية والدتك

والاستمرار في دعوتها ، بالحسنى ، مع مداومة الدعاء لها ، واختيار الأوقات الفاضلة كثلث الليل الآخر ، والأحوال الفاضلة كالسجود في الصلاة ، واعلمي أنه لا حقَّ لها عليكِ ما دامت مرتدة .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-02-07, 07:25
السؤال:

هل بر الوالدين يعتبر هو رضاهما بشكل عام

أم له ضوابط ثابتة لا تتغير ؛

فالناس تختلف أطباعهم وأساليبهم ، فيوجد أناس تعودوا من أولادهم على الكلام بشكل حاد ، حيث إن الوالدين لا يغضبون من ذلك الأسلوب

وهم عادي عندهم ، وراضون عن ولدهم ، وهم كذلك أسلوبهم في التعامل منذ الصغر ؛

فهل في ذلك إثم على الولد ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

جاءت الوصايا المؤكدة ببر الوالدين في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، كما جاء التحذير الشديد والترهيب من عقوقهما .

قال الله عز وجل : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) الإسراء/23، 24

قال الشيخ ابن عاشور رحمه الله :

" وليس المقصود من النهي عن أن يقول لهما { أُفٍّ } خاصة ، وإنما المقصود النهي عن الأذى ، الذي أقله الأذى باللسان بأوجز كلمة ، وبأنها غير دالة على أكثر من حصول الضجر لقائلها ، دون شتم أو ذم ، فيفهم منه النهي مما هو أشد أذى بطريق فحوى الخطاب بالأولى .

ثم عطف عليه النهي عن نهرهما ، لئلا يحسب أن ذلك تأديب لصلاحهما وليس بالأذى . والنهر: الزجر ، يقال : نهره وانتهره .

ثم أمر بإكرام القول لهما ، والكريم من كل شيء : الرفيع في نوعه ... ؛ وبهذا الأمر انقطع العذر ، بحيث إذا رأى الولد أن ينصح لأحد أبويه ، أو أن يحذره مما قد يضر به : أدى إليه ذلك بقول لين حسن الوقع . " انتهى .

"التحرير والتنوير" (14/57) .

ثانيا :

لا شك أن بر الوالدين له ضوابط ثابتة لابد من مراعاتها ، كما أن هناك ضوابط غير ثابتة ، قد تختلف باختلاف الزمان والمكان وأجناس الناس .

فمن جملة الضوابط الثابتة :

- أن يكون برهما في المعروف ؛ لعموم قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ ) رواه البخاري (7257) ومسلم (1840) .

- أن يكون برهما بالمعروف ، وهو انتهاج مسلك الأدب والتوقير والاحترام حال الطاعة ، فلا يتبرم الولد أو يتسخط إذا أمراه ، وإن ائتمر بأمرهما وأطاعهما .

فيتقيد حال البر بالأخلاق الحسنة من خفض الجناح لهما ، وخفض الصوت عند الكلام بحضرتهما ، وانتخاب أطيب الألفاظ ، والتماس أرق المعاني .

ويتنزه عن الأخلاق الردية ، من رفع الصوت ، والتلويح باليد ، والإعراض ، وتقطيب الوجه وعبوسه .

كما يتنزه عن الألفاظ البذيئة ، ومخارج الكلام النابية ، والأسلوب الموحش المنفر ، ونحو ذلك.

- أن يلتمس ببرهما طاعة الله ، لا مجرد طاعتهما ، وهذا مما يتأكد به ضرورة التماس الأدب الشرعي وأخلاق الإسلام عند مخاطبتهما ومعاملتهما ، فمعاملتهما يتعلق بها حقان :

حق الله تعالى ، وحق الوالدين ، فلا بد من مراعاة ما يدعو إليه الإسلام من كريم الأخلاق وجميل الصفات عند التعامل معهما ، ولا يقال : إنهما راضيان عن الولد وإن أعرض بجانبه ، وأشاح بيده ، واخشوشن في التعامل ، وتكلم معهما بشكل حاد ؛ فإن ذلك ليس من أخلاق الإسلام مع الغريب أو البعيد ، فكيف بالوالدين ؟

ومن كانت عادته التعامل بشكل حاد مع الآخرين فلا بد أن يغير من عادته ؛ فإنما العلم بالتعلم ، والحلم بالتحلم .

ثالثا :

هناك أمور وتصرفات وأقوال ، لم يرد في الشرع حكم بخصوصها ؛ لكن يتفق الناس عليها ، في مكان ما ، أو زمان ما : أنها من سوء الأدب والعشرة ، فهذه يجب التنزه عنها مع الوالدين ، وترك مواجهتهما بها ؛ حتى وإن لم يظهرا غضبا ، لأن الوالدين كثيرا ما يغضبان ، لكنهما يكتمان ذلك ، أو يصبران على الأذى إيثارا لابنهما ، ورحمة به : فهذا لا يعني أن ذلك جائز ، بل يحرم أيضا مواجهتهما بمثل ذلك .

وهناك أمور أخرى :

اعتادها الناس في ذلك المكان ، أو ذلك الزمان ، ولا يعدون ذلك من سوء الأدب ، أو الإيحاش في الخطاب : فهذا لا بأس في مواجهة الوالدين به في ذلك الزمان أو المكان ، وإن كان في بلد آخر ، أو زمان آخر قد يعده الناس جفاء وغلظة وسوء أدب ؛ فمثل هذه الأمور يرجع في تقديرها إلى ما تعارفه الناس واعتادوه .

وما تردد بين هذين ، واضطرب فيه عرف الناس :

بحيث يعده بعض الناس جفاء وغلظة ، ولا يعده آخرون كذلك ، فمقتضى الأدب مع الوالدين التنزه عنه ؛ لا سيما وقد تقدم أمر الشرع بالتنزه عن أدنى التضجر والشدة في القول بأن يقول : ( أف ) ؛ فهذه تنبيه على وجوب الاحتراز في معاملتهما ، والمبالغة في رعاية الأدب معهما .

والله تعالى أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-02-07, 07:29
السؤال:

أنا شخص متزوج منذ أربع سنوات ومشكلتي مع زوجتي و الوالدة في بداية الأمر عندما أخذ إجازة لمدة أسبوعين كانت زوجتي لا تقول شيء عندما أقول له سنصطحب معنا والدتي

(كانت تقول أشيله في عيوني )

مع العلم أن إجازتي محدودة بعد فترة طويلة أصبحت تقول أريد أن أخذ راحتي معك يا زوجي فسافرت أسبوع مع زوجتي والوالدة

وسافرت الأسبوع الثاني مع زوجتي وتركت الوالدة مع العلم ليس أنا الوحيد لها يوجد لدي ثلاث أخوان فغضبت مني أمي كيف تسافر وتركنا محبوسين

وذكرت الكلام لزوجتي فقالت أمك تقول لأختك عندما تسافرين لا تقولي لأحد من أهلك زوجك كي لا يذهبوا معك فتعجبت من كلام زوجتي فضنت منها ظن السوء أنها تحاول أن تتحجج إلي بأي طريقة حتى أني غضبت منها ولكن بعد فترة تأكدت من كلام زوجتي بنفسي في حديث دار بيني وبين والداتي وأختي ..

فماذا أفعل ؟؟

سؤالي : هل أنا أعتبر غير بار بأمي عندما اخذ أنا و زوجتي أسبوع بمفردنا ؟؟

ومن حق أمي تعرف أين نذهب في هذا اليوم أو نخرج (مثل السوق نزهة مطعم) مع أننا في بيت مستقل بنا ؟؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

سبق معنا في أجوبة عديدة التأكيد على حق الوالدين ، وخاصة الأم ، وبيان أنه من الواجبات الشرعية المقررة المعلومة بالضرورة من دين الله .

وقد روى مسلم (2551) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( رَغِمَ أَنْفُهُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ ) قِيلَ مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : ( مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا ثُمَّ لَمْ يَدْخُلْ الْجَنَّةَ ) .

والأحاديث في الباب كثيرة معلومة .

ثانيا :

إن تأكد حق الوالدة على ولدها : لا يعني أنه ليس للآخرين حقوق عليه ، ولا يعني : أنه يهدر حقوق الآخرين ، لأجل حق الوالدة .

وفي حديث سلمان المعروف مع أبي الدرداء : ( ... فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ) .

فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( صَدَقَ سَلْمَانُ ) . رواه البخاري (1968) .

فكما لأمك عليك حق أكيد عظيم ، فكذلك لزوجتك عليك حق : فأعط كل ذي حق حقه .

وهذه الموازنة بين الحقوق تتطلب منك قدرا من الحكمة والتعقل عند معالجة أمورك ؛ فأرض زوجك ، ولا تغضب أمك . وبر أمك ، ولا تجفُ أهلك . وهكذا فليكن أمرك معهما .

ثالثا :

ليس من الواجب عليك أن تعلم أمك بكل ما تحضره لزوجتك ، أو تفعله معها من إحسان العشرة ، والرفق بها ، والإلطاف إليها .

وليس واجبا عليك أن تخرج بأمك ، أو تسافر بها ، كلما فعلت ذلك مع زوجتك ، وإنما الواجب عليك ألا توحش أمك ، ولا توغر صدرها عليك ؛

وهذا كما قلنا يحتاج إلى حكمة وحسن تقدير للموقف ؛ فبإمكانك مثلا أن تجعل خروجك بأهلك في وقت تنشغل أمك فيه بغيرك من إخوانك ، إما أنهم يأتون إليها ، أو تذهب هي إليهم .

وبإمكانك أن تجلب لها ـ إذا علمت بسفرك ـ من الهدايا : ما يزيل وحشتها ، أو يخففها .

وإذا أمكنك أن تتعاون أنت وإخوانك في هذا الأمر :

لكان أرفق بالجميع ؛ فيكون على كل واحد منكم أن يخرج بأمه مرة ، أو يسافر بها مرة .. ، وهكذا سوف تجد نفسها تخرج ، أو تسافر ، أو تنال من اللطف والترويح ، من مجموع أولادها ، ما لا تناله زوجة كل واحد منهم.

فاجتهد في الموازنة في أداء الحقوق ، والبر وحسن العشرة مع الجميع .

واستعن بدعاء ربك أن يوفقك في ذلك ، وأن يصلح لك أمك وزجك ، ويعينك على الإحسان إليهما .

والله الموفق .

و اخيرا ً

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

ولنا عوده ان قدر الله لنا البقاء واللقاء

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-02-07, 16:53
اخوة الاسلام

السلام عليكم و رمة الله و بركاته

السؤال :

مشكلتي تكمن باعتمادي على والدي منذ الصغر

فكان هو من يصرف عليَّ

وهو من كان يتكفل بكل شيء – ولم أوفق في إكمال تعليمي فقد توقفت عن التعليم بالصف الثاني متوسط

وبعد هذا كله أصر عليَّ والدي بالعمل معه بالتجارة ، فوافقت

رغم عدم رغبتي بالعمل معه

إلا أني مع الوقت اعتدت على العمل

وأحببته بنسبة 60 %

وعملت معه بما يقارب ( 16 ) سنة متواصلة ،
دون انقطاع

وأيضاً :

دون تطور واضح ، أو أني أشعر أني أبليت بلاء حسناً ، فكان والدي - جزاه الله خيراً - يصرف عليَّ كما يقال " بالقطارة "

وكنت أعمل في السنوات الأولى بلا راتب محدد ، فقد كان يعطيني ما يكفي لمدة أسبوع ، أو كي أكون منصفاً وصادقاً : ما يكفي ( لشهر )

ولكن هذا العطية لا تمكنِّي من التوفير أبداً . مرَّت الأيام ، وقررت الزواج ، وجزاه الله خيراً - والدي - تكفل بالزواج ، وأسكنني في شقة في منزله

وهذا لا أنكره أبداً

ثم حدد لي مرتباً شهريّاً مقداره ( 2000 ) ريال , وبعد سنوات رفعه لي إلى 3000 ريال ، ولكن كنت أشعر بعدم الرضا بعملي

وذلك بأن المرتب لا يفي بمتطلباتي الشخصية ، والعائلية ، وبعد مرور 3 سنوات بدأت أشعر بالإحباط ؛ وذلك جرَّاء الإهانات من والدي

تصل في بعض الأحيان إلى الشتم ، وتفضيل الغير عليَّ ، وأن فلاناً أفضل منِّي

و : انظر إلى فلان أفضل منك ... الخ

أيضاً :

الشعور بالإحباط بأن أرى أبي يهتم بالآخرين ، ويحرص على إرضائهم ، أما أنا : فلا تغيير واضح بالتعامل ، غير ذلك يقوم والدي بتكليفي بمهمة في العمل ، ويعدني بمكافأة إلا أنه يتراجع بقراره

ولا يفي لي بوعد ، ويتحجج بعدم تذكره بهذا الوعد ، أو يقول : إني كنت مقصراً بعملي ، ويختلق الحجج ... الخ

وبعد هذا كله :

قام بتخفيض مرتبي الشهري من 3000 إلى 2000 ريال ، رغم أني رجل أبلغ من العمر الآن 37 سنة ، ومتزوج ، ولدي أبناء ، ولدي مسؤوليات

وأنتم - بلا شك - تعلمون جيِّداً غلاء المعيشة في هذا الوقت ، وكيف أن 2000 ريال شهريّاً لا تؤمِّن متطلبات شهر واحد

فكيف ستؤمِّن مستقبلاً واعداً ؟ وكيف ستؤمن مستقبل الأبناء بالحاضر والمستقبل ؟ .

تراودني أفكار بالبحث عن عمل آخر ، ولكن كلما أتذكر والدي أحزن عليه ، وأخاف عليه أن يبقى وحده ، حتى هو أشعر بتأثره

وأيضاً أشعر بغضبه حينما يعلم أني سوف أبحث عن عمل ، فهو معتمد عليَّ بكل شيء ، سواء بالعمل ، أو بالمنزل ، أو بما يتعلق بالعائلة

فأنا - كما يقول كل من يعرفنا - المحور الرئيسي بهذه العائلة ، ويعتقدون أني أجني من وراء عملي هذا الخير الوفير ، إلا أن الواقع غير ذلك

بل أشعر أن الخير الوفير فيه أني أُحسن - بإذن الله - لوالدي بما أستطيع ، وأبره ، ورغم كل ذلك لا أجني ما يجني إخوتي

فجميع إخوتي الذكور - وهم أصغر مني ، وأنا الأكبر - بوظائف طيبة ، وأقل مرتب فيهم 5000 ريال شهريّاً ، وغير متزوجين

أما أنا فراتبي : 2000 ريال . أعلم أن هذا مقدر لي ، وأن الله سبحانه وتعالى قدر أرزاق العباد ، وأن لكل إنسان رزقه ، وقدره ، وأجله ... الخ

والله يشهد عليَّ أني مؤمن بذلك ، وقابل ، وراض بما كتب الله لي ، ولا يكتب الله للإنسان إلا كل خير ، والحمد الله على كل حال ، ولكن الإنسان بطبعه ضعيف ، وينحني

أو يميل في بعض الأحيان إلى أمور الدنيا ، بحيث ينظر إلى الصديق ، أو القريب ، أو جميع من حوله ، ويقول : لماذا لا أكون بمثل صفاتهم : يلبسون أحسن الثياب ، ويركبون أفضل السيارات ، ويجلبون لأبنائهم كل ما يرغبون ... الخ إلا أنا ؟!

فأنا اشعر في بعض اللحظات أني استسلمت للأمر الواقع ، فليس لديَّ وظيفة مرموقة ، وليس لدي شهادة دراسية تؤهلني للعمل بمرتب طيب أعيل به أسرتي على أكمل وجه ، ولا مال - أو سيولة = أبدأ به مشروعاً طيِّباً .

الخلاصة :

الآن وقد زاد الأمر سوءً ، ومتطلبات عائلتي زادت ، وأشعر بأن الدنيا فوق رأسي ، لا أكاد أتحمل وزنها ، وأصبح الهمُّ رفيقي ، والقلق ، والاكتئاب ، والإحباط يتناوبون عليَّ

ويتناوبون على زيادة همي ، ومع هذا كله قررت أن أعمل بعمل آخر ، وأن أبحث عن عمل يغيِّر واقع هذا الزمان : فإني أشعر بأي لحظة قد أفقد زوجتي فهيَ دائماً تحثني على العمل

والبحث عن العمل وهي موظفة ، وتجني راتباً طيباً يعادل مرتبي 3 مرات ، وتساعدني بأمور المنزل ، بل تصرف على المنزل أكثر مما أصرف أنا فيه ، ولكن لا بد أن يكون للرجل كرامته ،

وعزته بنفسه ، أعلم بأنه لا مانع من مساعدة الزوجة زوجها بأمور هذه الدنيا ، ولكن الأمر يختلف إن كنت أنا مَن يعيل الأسرة ، ويلبي حاجاتها ، وبعد فترة من الزمن ذهبتْ زوجتي إلى بيت أسرتها هرباً من فقر زوجها

ولعدم رضاها بهذا الواقع ، وأشعر بداخلي أنها على حق ، وهي كذلك ، وكيف لا تذهب لبيت أسرتها ؟

وهي ترى جميع أخواتها الفتيات المتزوجات ، ويسكنون بمنزل ملك ، ويركبون أفضل السيارات ، ويقتنون أفضل الوسائل للراحة ، وهي لا تملك ذلك . المهم في الاستشارة :

كلما أردت - أو عزمت - على البحث عن عمل أشعر بخوف ، ورهبة ، من المستقبل ، وخوف من الإخفاق ، وعدم التوفيق ، وذلك - كما ذكرت سابقاً - أني أعتمد منذ السابق على والدي ،

ولم يسبق لي العمل باستقلالية ، بل إن والدي جعلني أعتمد عليه بكل شي ، واستخدم هذه النقطة - والله أعلم - لصالحه ، والآن وجدت مشروعاً طيِّباً ، وبعد السؤال عن هذا المشروع وجدت فيه خيراً كثيراً ، ولله الحمد ، ولكن أشعر برهبة قوية بداخل أعماقي ، وقمت بالاستخارة

واستخرت الله سبحانه علام الغيوب بأمري ، وشعرت بالراحة له بنسبة 50 % ، والباقي أجد الهم ، والحيرة ، والخوف ، والرهبة من الإخفاق ، وكي أوضح لكم الصورة هي أن العمل هو : سيارة نقل ، بأن أنقل البضائع ، أو السيارات

وكل ما يُحمل ، وأوصله إلى المناطق المجاورة ، أو لمناطق بعيدة ، فالبعض - حتى إخوتي - يعايروني بهذا المهنة ، حتى والدي كان من أوائل قائمة المستهزئين بي لهذا العمل

ويقولون : كيف تعمل بمهنة لا يعمل
بها إلا العمالة الوافدة ؟

إلا أني أجدها مهنه شريفة ، أكسب منها رزقي ، وأعيل بها أسرتي ، وأسأل الله بها التوفيق والسداد ، فما رأيكم بها كمهنة ؟

وما هو الحل من وجهة نظركم بحالي ووضعي ؟

وماذا أفعل وكيف أتصرف ؟

وهل أكون عاقّاً لوالدي إذا عملت بعمل آخر بعيداً عنه ؟

فإني أخاف الله من ذلك بان أكون عاقّاً له

وأسأل الله أن أكون خير من يبر بوالديه ؟ .

*عبدالرحمن*
2018-02-07, 16:54
الجواب:

الحمد لله

أولاً:

مِن كمال الإيمان :

أن يرضى المسلم بما قسم الله له من أمر دنيوي ، كرزق ، وعمل ، ووظيفة , ، ومن تمام شكر النعمة : أن لا ينظر المسلم إلى من فوقه ، ومن فضِّل عليه في أمر الدنيا ، حتى لا يزدري نعمة الله عليه .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( إِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ إِلَى مَنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ فِى الْمَالِ وَالْخَلْقِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ ) .

رواه البخاري ( 6125 ) ومسلم ( 2963 ) .

وفي لفظ :

( انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ) .

رواه البخاري ( 6490 ) ومسلم ( 2963 )

ولا يعني ذلك أن يستسلم لأمره الواقع إن كان لا يرضاه ، أو يمكنه تحصيل ما هو خير منه لدينه ودنياه ، بل عليه أن يدفع قدر الله بقدر الله ، فيبحث عن وسائل سعة الرزق ، ويدفع الفقر بأسباب الغنى ، من عمل ، وتجارة ، ووظيفة .

ثانياً:

برُّ الوالدين حسنة عظيمة , وقربة جليلة ، ينال بها العبد رضى الله ، وتوفيقه في الدنيا والآخرة , ويصرف الله بها عن العبد من البلاء ، والشرور ، والرزايا ، والبلايا ، ما الله به عليم , ولذلك عظم الله حق الوالد ، ففي الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( لاَ يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدًا إِلاَّ أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ ) .
رواه مسلم ( 1510 ) .

قال النووي – رحمه الله - :

أي : لا يكافئه ، بإحسانه ، وقضاء حقه ، إلا أن يعتقه .

" شرح مسلم " ( 10 / 153 ) .

وليس من العقوق أن تخرج من العمل من عند والدك لتبحث عن عمل أفضل ، ووظيفة أحسن ؛ ما دمت تحسن إلى والدك ، ولا تقصر تجاهه , خاصة إذا كانت أسرتك بحاجة إلى ذلك ، وكان العمل الآخر أصلح لك وأنفع . ولعل بحثك عن وظيفة يغير من اتجاه الوالد نحوك ؛ فيشعر بحاجته إليك ، فيزيد في راتبك ، ويحسِّن من وضعك المعيشي .


>>> يتبع

*عبدالرحمن*
2018-02-07, 16:55
ثالثاً:

الخوف من المستقبل :

من علامة ضعف التوكل على الله تعالى , والمؤمن قوي الإيمان لا يعطي من عمره وقتاً ليحمل هموم ما يأتي في غد ، وليس يعني هذا عدم الأخذ بالأسباب لبناء مستقبل مريح ، فقد كان النبي صلى الله عليه يدَّخر أحياناً قوت سنَة لأهله ، وإنما أردنا أن يتحلى المؤمن بقوى الإيمان ليدفع عن نفسه وقلبه الخوف ، والقلق ، مما يأتيه في المستقبل .

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِى كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيءٌ فَلاَ تَقُلْ لَوْ أَنِّى فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا. وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ ) .

رواه مسلم ( 2664 ) .

فالمؤمن قوي بتوكله ، وقوي باستعانته بالله تعالى خالقه , وما يشعر به المسلم من ضعف ، أو خوف : إنما هو من وسوسة الشيطان ، وتثبيطه له , والواجب على المؤمن دفع هذه الوسوسة بدعائه ، واستعانته بالله ، وحسن توكله عليه .

فاستخر الله تعالى في العمل الذي ترغب بالالتحاق به , فإن انشرح صدرك ، وتيسر أمر ذلك العمل : فأقدم ، ولا تتردد ، واستعن بالله تعالى .

رابعاً:

العمل كسائق في نقل البضائع ليس من المهن الدنيئة , وليس عيباً على الرجل العمل بها , وإن اختص بها الوافدون في بلدكم ؛ فالرعي يستنكف عنها كثير من الناس , وقد عمل بها الأنبياء والمرسلون ، ففي الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلاَّ رَعَى الْغَنَمَ ) ، فَقَالَ أَصْحَابُهُ : وَأَنْتَ ؟ فَقَالَ : ( نَعَمْ ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لأَهْلِ مَكَّةَ ) .

رواه البخاري ( 2143 ) .

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – أيضاً - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( كَانَ زَكَرِيَّاءُ نَجَّاراً ).

رواه مسلم ( 2379 ) .

وقد أخبر الله تعالى عن داود عليه السلام أنه كان يعمل في صنع الدروع للمحاربين ، وأن هذا من تعليم الله له ، قال تعالى : ( وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ ) الأنبياء/ 80 .

بل لعل ما تنوي العمل به أن يكون من أفضل المكاسب ؛ لأنها كسب من عمل يدك , وفي الحديث عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنِ الْمِقْدَامِ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَاماً قَطُّ خَيْراً مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ) .

رواه البخاري ( 1966 ) .

فالنصيحة لك أخي الفاضل :

أ. أن تحاول أن تكلِّم والدك بالحسنى ، والكلمة الطيبة ، أن يرفع راتبك , وأن يحسن وضعك ، ما دمت تؤدي الذي عليك ، ولا تقصر فيه , وأن تلجأ إلى الله تعالى أن يشرح صدره ويهديه لذلك ،
فإن لم يستجب لذلك ، ووجدت أن ما تتقاضاه لا يكفيك : فلا بأس أن تعمل بأي عمل آخر ، كسائق ، أو غير ذلك ؛ لتحسين وضعك المعيشي ، وليس هذا من العقوق , ولا تستنكف عن العمل كسائق ما دام العمل لا يدخل فيه حرام ، أو شبهة , فأكل المرء من عمل يده من أطيب الكسب ، وأفضله ، وإن وجدت عملاً أنسب لك ،

ويوافق عليه والدك وإخوتك :

فنرى أن تلتحق به ، وأن يكون هو اختيارك ؛ لتجمع بين العمل ، ورضى أهلك عنك ، فمن الممكن أن يسبب لك العمل سائقاً إحراجاً بين أولادك ، وأقربائك ، وقد لا تستطيع دفعه ، فتتعقد أمورك النفسية ، أما من حيث الجواز الشرعي : فهو جائز ، وهو ليس معيباً بحد ذاته ، ولا هو بمهنة دنيئة ، لكن نرى أن مراعاة رضى أهلك ، وعرف المكان الذي تعيش فيه أمرا مهما ، وأنت لا تريد مخالفتهم ، بل تريد عملاً تقتات منه ، ويحسِّن من وضعك ، فابحث عن عمل يتناسب مع بيئتك ، ولك أن تتملك سيارات نقل – لا سيارة واحدة – وتستأجر أجراء ليقوموا عليها ، ويكون دخلها محسِّناً لوضعك ، دون الحاجة لأن تباشر سياقتها بنفسك .

وإن أمكنك أن تستفيد من خبرتك في العمل مع والدك ، وأن تعمل بالتجارة : فلعل هذا أن يكون أنسب لك .

ب. ادفع خوفك من المستقبل بحسن توكلك ، وإقبالك على الله تعالى ، وأكثر من التضرع ، والالتجاء إليه ، فهو حسبك ، وكافيك .

ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يعافيك وأن يوسع لك في الرزق , ويصرف عنك الخوف , وأن يوفقك لما يحبه ويرضاه , وأن يشرح صدر والدك لتحسين وضعك .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-02-07, 16:57
السؤال :

هل عدم زيارة قبر الوالدين يعتبر من العقوق؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

زيارة القبور سنة مشروعة في حق الرجال ، بقصد الاتعاظ والاعتبار والدعاء لموتى المسلمين ؛ لما رواه مسلم (977) عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ ، فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ ) .

قال النووي رحمه الله :

" أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ زِيَارَتهَا سُنَّة للرِّجَال " انتهى .

وقال الشيخ الفوزان حفظه الله :

" زيارة القبور مشروعة في حق الرجال دون النساء بقصد الدعاء للأموات والاستغفار لهم والترحم عليهم إذا كانوا مسلمين ، وبقصد الاتعاظ والاعتبار وتليين القلوب بمشاهدة القبور وأحوال الموتى " انتهى .

"المنتقى من فتاوى الفوزان" (41 / 15)

وقال ابن عثيمين رحمه الله :

إذا زار الإنسان القبور فليزرها متعظاً لا عاطفة ، فبعض الناس يزور قبر أبيه أو قبر أمه عاطفة وحناناً ومحبة ، وهذا وإن كان من طبيعة البشر ، لكن الأولى أن تزورها للعلة التي ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام ، وهي تذكر الآخرة وتذكر الموت ، هؤلاء الذين في القبور الآن هم كانوا بالأمس مثلك على ظهر الأرض ، والآن أصبحوا ببطنها مرتهنين بأعمالهم ، لا يملكون زيادة حسنة ولا إزالة سيئة ، فتذكر " انتهى .

"دروس وفتاوى الحرم المدني" (ص51)

ويشترط لجواز زيارة القبور :

ألا يسافر إليها ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى ) متفق عليه .

قال علماء اللجنة الدائمة :

"تشرع زيارة القبور للرجال دون النساء إذا كانت في البلد – أي : بدون شد رحل - للعبرة والدعاء لهم إذا كانوا مسلمين ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، فإنها تذكركم الآخرة ) " انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (1 / 434)

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

"لا يجوز للإنسان أن يشد الرحل لزيارة قبر من القبور أياً كان صاحب هذا القبر" انتهى .

"فتاوى نور على الدرب" (7/ 196) .

ثانياً :

بر الوالدين يستمر بعد موتهما وذلك بالدعاء لهما ، وصلة قرابتهما ، وإنفاذ وصيتهما ، وإكرام صديقهما ، والصدقة عنهما ، والحج والعمرة إن كانا لم يحجا ولم يعتمرا ، وقضاء الدين عنهما ، وإيفاء الحقوق التي عليهما لأصحابها .

قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

"دلت السنة على مشروعية بر الوالدين بعد وفاتهما ؛ بالدعاء لهما وتنفيذ وصيتهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما " انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (25 / 182) .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

"من بر الوالدين : الصدقة عنهما ، والدعاء لهما ، والحج والعمرة عنهما" انتهى .

"مجموع فتاوى ابن باز" (8 / 344) .

وقال رحمه الله :

" خمسة أشياء : (الصلاة عليهما) : الدعاء ، ومن ذلك صلاة الجنازة .

والصلاة عليهما :

الترحم عليهما أحق الحق ، ومن أعظم البر في الحياة والموت .

وهكذا الاستغفار لهما ، وسؤال الله أن يغفر لهما سيئاتهما ، هذا أعظم برهما حيين وميتين . وإنفاذ عهدهما من بعدهما ، الوصية التي يوصيان بها ، فالواجب على الولد ذكرا كان أو أنثى إنفاذها إذا كانت موافقة للشرع المطهر .

والخصلة الرابعة (إكرام صديقهما) إذا كان لأبيك أو لأمك أصدقاء وأحباب وأقارب فتحسن إليهم ، وتقدر لهم صحبة وصداقة والديك ، ولا تنس ذلك ، بالكلام الطيب ، والإحسان إذا كانا في حاجة إلى الإحسان ، وجميع أنواع الخير الذي تستطيعه ، فهذا برهما بعد وفاتهما .

... يتبع

*عبدالرحمن*
2018-02-07, 16:58
والخصلة الخامسة :

( صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما ) وذلك بالإحسان إلى أعمامك وأقارب أبيك ، وإلى أخوالك وخالاتك من أقارب أمك ، هذا من الإحسان بالوالدين ، وبر الوالدين أن تحسن إلى أقارب والديك الأعمام والعمات وأولادهم ، والأخوال والخالات وأولادهم . الإحسان إليهم وصلتهم كل ذلك من صلة الأبوين ومن إكرام الوالدين " انتهى .

"مجموع فتاوى ابن باز" (25 / 368-369) .

أما زيارة القبر فليست شرطا في بر الوالدين ، فبإمكان الولد أن يبر والديه بالدعاء وغيره وهو بعيد عنهما .

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

والدي متوفى منذ فترة طويلة وهو بعيدٌ عني ولا أستطيع أن أقوم بزيارته إلا بعد السنتين أو الثلاثة ، فهل باستطاعتي أن أبره بشيء وأنا بعيدٌ عنه ؟

فأجاب :

" المقصود بزيارة الموتى هو الدعاء لهم ، والدعاء لهم واصلٌ في أي مكانٍ كان الداعي فيه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علمٌ ينتفع به ، أو ولدٌ صالحٌ يدعو له ) فأنت ادع الله لوالدك في أي مكانٍ : بعيداً كنت أم قريباً ، ولا حاجة إلى زيارة قبره .

نعم ، لو كنت في نفس البلد جئت لحاجة وذهبت تزور أباك فلا بأس به ، أما أن تشد الرحل إلى قبره لتزوره فهذا منهيٌ عنه " انتهى .

"نور على الدرب" (7/196)

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-02-07, 17:00
السؤال :

مَن الذي يجب عليَّ مؤازرته في حالة وجود خلاف عائلي ، أبي أم أمي ؟

أم هل ينبغي البحث عن الحقائق ومعرفة من المخطئ ومن المصيب ؟

هل لأبي عليَّ حقوق أكثر من أمي أم العكس ؟

الجواب:

الحمد لله

أولاً:

طاعة الوالدين ، وبرهما ، والإحسان إليهما : فريضة أمر الله بها , قال تعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ ألا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) الإسراء/ 23 ، وهي من أعظم الأعمال التي يتقرب بها الإنسان إلى الله .
عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ : سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ قَالَ : ( الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا ) ، قَالَ : ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ : ( ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ ) ، قَالَ : ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ : ( الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) .

رواه البخاري ( 504 ) ومسلم ( 85 ) .

ومن البر بالوالديْن : أن تسعى في تقليل الخلاف الواقع بينهما ، وذلك بالنصح ، والتذكير قدر الاستطاعة ، والاعتذار للمظلوم منهما ، وتطييب خاطره , وترضيته بالقول ، والفعل .

ثانياً:

الخلاف بين الوالدين :

لا يكاد يخلو منه بيت من البيوت , وهذا بيت أكرم الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لم يخلُ منه , فقد طلَّق النبي صلى الله عليه وسلم حفصة ، ثم راجعها , و آلى من نسائه شهراً - أي : حلف أن لا يقربهن شهراً – واعتزلهن خارج بيوتهن , وعلى المسلم في علاج مثل هذه الخلافات : أن يحكِّم الشرع ، لا العاطفة ، ليصل في نهاية المطاف إلى الظالم فيذكره بالتوبة ، وإرجاع الحق ، وليصل إلى المظلوم فيعطيه حقه ، وينصفه ممن ظلمه ، وهذا ما يجب أن يفعله كل حكَم بين متخاصميْن ، فإذا كانت الخصومة بين والديه : كان أدعى لأن يسارع برأب الصدع ، وتذكير الظالم ، ونصحه ، حتى لا يتصدع بناء الأسرة بتلك الخلافات ، مع ضرورة التأدب في الخطاب ، واللين في الكلام مع والديه ، فلا يعنِّف ، ولا يجرح ، ولا يواجه بغلظ الكلام .

ومن المهم أن يُقضى على أسباب الخلاف بين والديك ، حتى لا تتكرر الخلافات مرة أخرى ، ومعرفة المخطئ ، حتى لا يعيد المخطئ خطأه مرَّة أخرى ، وحتى يذهب ما في قلب المظلوم من حزن ، وأسى .

ولتعلم – أخي السائل – أن نجاحك في الإصلاح بين والديك : يعني بقاء الأسرة متماسكة ، متلاحمة ، قوية ، مع ما يشيع فيها من المودة ، والرحمة بين أطرافها جميعهم ، وقد جعل الله تعالى الإصلاحَ بين الناس عموماً من أهم أسباب حصول الرحمة بينهم، فكيف بالإصلاح بين الوالدين ؟! قال تعالى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون ) الحجرات/ 10 .

وفي الإصلاح بين والديك :

قطع الطريق على الشيطان في تحقيق أعظم إنجازاته ! وهو التفريق بين الزوجين .

عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً ، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ : فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا ، فَيَقُولُ : مَا صَنَعْتَ شَيْئًا ، قَالَ : ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ : مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ ، قَالَ فَيُدْنِيهِ مِنْهُ - وَيَلْتَزِمُهُ - وَيَقُولُ : نِعْمَ أَنْتَ ) .

رواه مسلم ( 2813 ) .

ثالثاً:

مما لا شك فيه أن حق الأم أعظم من حق الأب ، كما جاء في الحديث عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ صَحَابَتِي ؟ قَالَ : ( أُمُّكَ ) ، قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ( أُمُّكَ ) ، قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ( أُمُّكَ ) ، قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ( ثُمَّ أَبُوكَ ) .

رواه البخاري ( 5626 ) ومسلم ( 2548 ) .

قال النووي - رحمه الله - :

وفيه الحث على برِّ الأقارب ، وأن الأم أحقهم بذلك ، ثم بعدها الأب ، ثم الأقرب فالأقرب .

" شرح النووي " ( 16 / 103 ) – وانظر تتمة شرح الحديث في جواب السؤال رقم : ( 75408 ) - .

لكن لا يعني هذا أن تقف مع والدتك إذا كان الخطأ والتقصير منها ، بل الواجب عليك حين التحكيم بينهما : أن تعدل ، وتنصف , وتقول الحق ، ولو على أمك صاحبة الحق الأعظم عليك ، كما قال تعالى : ( وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ) الأنعام/ من الآية 152 ، وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ) النساء/ من الآية 135 .

فالذي عليك فعله :

أن تبحث عن أسباب الخلاف بين والديك , وأن تحاول الإصلاح ما استطعت إلى ذلك سبيلاً , بالرفق ، واللين ، والكلمة الطيبة , وتطييب خاطر المظلوم , وترضيته بالقول ، والفعل , والنصح للمخطئ , وإرشاده بالرفق , والدعاء له بالهداية .
والله نسأله أن يوفِّق بين والديك ، ويؤلف بينهم , وأن يعينك على برِّهما , والقيام بحقهما .

على أننا ننبهك إلى أن دورك الحقيقي هو دو المصلح ، الذي يكتم السوء والخطأ ، ويستر العورة ، ويسعى في استصلاح النفوس ، وتطييب القلوب ، وليس دور الحكم .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-02-07, 17:01
السؤال:

ما هو الحكم اذا تعارضت يمين أمي مع يمين أبي ؟

هل أبر بيمين أمي أم بيمين أبي ؟

وشكرا جزيلا لكم .

الجواب :

الحمد لله

يجب بر الوالدين وطاعتهما في المعروف ؛ للأدلة الآمرة بذلك ، كقوله تعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) الإسراء/23، 24

وقوله تعالى : ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) النساء/36

فإذا تعارض بر الأب مع بر الأم ، فالجمهور على أن الأم مقدمة في البر ، وحكي ذلك إجماعا .

والأصل في ذلك :

ما وروى البخاري (5971) ومسلم (2548) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي ؟

قَالَ : أُمُّكَ . قَالَ ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أَبُوكَ ) ؛ فجعل للأم ثلاثة أمثال ما للأب .

قال الصنعاني رحمه الله :

" وأما إذا تعارض حق الأب وحق الأم : فحق الأم مقدم ؛ لحديث البخاري : قال رجل يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحبتي قال أمك ثلاث مرات ثم قال أبوك ؛ فإنه دل على تقديم رضا الأم على رضا الأب .

قال ابن بطال : مقتضاه أن يكون للأم ثلاثة أمثال ما للأب , قال : وكأن ذلك لصعوبة الحمل ثم الوضع ثم الرضاع .

قلت : وإليه الإشارة بقوله تعالى : ( ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها ) ومثلها ( حملته أمه وهنا على وهن ) .

قال القاضي عياض : ذهب الجمهور إلى أن الأم تفضل على الأب في البر ، ونقل الحارث المحاسبي الإجماع على هذا " انتهى . من "سبل السلام" (2/632) .

وفي "الموسوعة الفقهية" (8/ 68) : " فإن تعارضا فيه , بأن كان في طاعة أحدهما معصية الآخر . فإنه ينظر :

إن كان أحدهما يأمر بطاعة والآخر يأمر بمعصية , فإن عليه أن يطيع الآمر بالطاعة منهما دون الآمر بالمعصية , فيما أمر به من معصية . لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) ، وعليه أن يصاحبه بالمعروف للأمر بذلك في قوله تعالى : ( وصاحبهما في الدنيا معروفا ) ، وهي وإن كانت نزلت في الأبوين الكافرين , إلا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .

أما إن تعارض برهما في غير معصية , وحيث لا يمكن إيصال البر إليهما دفعة واحدة , فقد قال الجمهور : طاعة الأم مقدمة ; لأنها تفضل الأب في البر .

وقيل : هما في البر سواء , فقد روي أن رجلا قال لمالك : والدي في السودان , كتب إلي أن أقدم عليه , وأمي تمنعني من ذلك , فقال له مالك : أطع أباك ولا تعص أمك ! يعني أنه يبالغ في رضى أمه بسفره لوالده , ولو بأخذها معه , ليتمكن من طاعة أبيه وعدم عصيان أمه .

وروي أن الليث حين سئل عن المسألة بعينها قال : أطع أمك , فإن لها ثلثي البر ... ونقل المحاسبي الإجماع على أن الأم مقدمة في البر على الأب " انتهى .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-02-07, 17:03
السؤال:

تعاني زوجتي من أذية والدتي لها كلاميا بالكلام الجارح والتصرفات الغير لائقة بغير وجه حق وبالظلم وبالظن السوء إلى أن تعدى هذا الأذى إلى أهل زوجتي.

فصارت والدتي توجه لزوجتي اتهامات غير لائقة وغير حقيقية لأهل زوجتي فقامت زوجتي بقطع علاقتها بوالدتي مع العلم أن زوجتي كانت صابرة على أذية والدتي لها عدة سنيين إلى أن فاض الكيل بتطاول والدتي على أهل زوجتي.

مع العلم أنني أصل والدتي بالزيارة والتليفون وأقوم ببرها بعد ذلك لم تتوقع والدتي بقطع هذه العلاقة فقامت بإلقاء اللوم علي بأنني سمحت لزوجتي بقطع هذه العلاقة وأدخلت رضاها برجوع زوجتي لها وأنها لن ترضى عني إلى يوم الدين إذا لم أجعل زوجتي تعود بالزيارة مع أنني لا أحب أن أضغط على زوجتي تاركا لها الخيار وصارت أمي تدعو علي بدون ذنب اقترفته.

وسؤالي هو :

هل هناك حرمانية في قطع زوجتي لأمي أو ما الحكم في ذلك؟

السؤال الثاني هل لوالدتي الحق في إدخال رضاها عني برجوع زوجتي لها بالزيارة مع العلم أني لازلت أدعو لها في الصلاة وأتصدق عنها؟

السؤال الثالث في حال أصرت زوجتي على رأيها في القطيعة هل يترتب علي ذنب من غضب أمي علي؟

أرجو منكم إفادتي ولكم الأجر والمثوبة من الله

الجواب :

الحمد لله

أولا:

لاشك – أيها الأخ الكريم – أن أمثال هذه المشاكل العائلية ، وتلك التنغيصات الأسرية ، مما يكدر العيش ، ويشغل البال ، ولكن بنوع من الحكمة ، مع حسن التصرف ، وبمزيد من التعقل ، والاستقامة على طريق العدل ، والصبر الجميل في سبيل إرضاء من لها أعظم الحق عليك – وهي الأم – وإرضاء سكنك وموضع مودتك وسرك وأم ولدك– وهي الزوجة – يمكننا احتواء المشكلة ، والتعامل معها بأحسن الذي يمكننا أن نتعامل به مع مشاكلنا .

ثانيا :

يلزمنا – أصلحنا الله وإياكم – تعريف كل طرف بحق الآخر ، فتعرف الأم الكريمة أن لزوجة ابنها حقا فرضه الله ، وأوصى به رسول الله ، وتعرف الزوجة الفاضلة أن للأم حقا فرضه الله ، وأكد عليه رسول الله .

ثم لتعرف كل منهما أن الله إذ أوجب الحقوق لأصحابها ، منع من الظلم والعدوان ، ومن تعدي حدود الله التي حدها لعباده ، والواجب الوقوف عند حدود الحق ، فلا يتعدي ذو حق حده ليعتدي على حق غيره .

.... يتبع

*عبدالرحمن*
2018-02-07, 17:04
ثالثا :

التماس البيان والتوضيح بميزان القسط الذي بينه الشرع ، من كون العبد لا يكمل إيمانه الصحيح حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، وحتى يكره لأخيه ما يكره لنفسه .

فأنت - يا أمي – هل ترضين لأحد – كائنا من يكون – أن يوجه إليك الكلام الجارح ؟ أو يسيء إليك بالتصرفات غير اللائقة ؟ أو يذكر أهلك بسوء ؟ ونحو ذلك ؟

وأنت – أيتها الزوجة العزيزة – أيرضاك أن تسخط عليّ أمي فلا ترضى ، وتدعو عليّ بدلا من أن تدعو لي ؟ وهل ترضين لنفسك هذا الحظ الوكس ، مهما كانت الأسباب ؟

ونحو ذلك التدبير الذي تستطيع به أن تلج إلى قلبين أهمك أمرهما ، وشغلك غضبهما .

دون أن تتعرض للمسيء – وخاصة الأم – بالتصريح بالظلم والعدوان ، وتقبيح الحال المفضي إلى التعدي ونحو ذلك مما يعقد الأمور ويفسد القضية .

ولكن .. الحكمة والموعظة الحسنة .

ثم تهمس بأذن الزوجة قائلا لها بلسان المحرض على العفو والمسامحة :

قد قال الله تعالى : ( وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت:34) .

وقال رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا ) رواه مسلم (2588) .

وفي حديث آخر : ( وَلَا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً فَصَبَرَ عَلَيْهَا إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا )
رواه الترمذي (2325) وصححه الألباني .

وتبين لها أن العفو أحب إلى الله وأرضى ، وأنك إنما تعفين عن أحب الناس إليّ ، وهي أمي ، وأن ذلك لا يزيدك عندي إلا كرامة .

رابعا :

لا يجوز لزوجتك أن تقطع علاقتها بأمك بالهجر والخصام ؛ فإنه لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال ، كما هو معلوم ، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :

( مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ ) رواه أبو داود (4915) وصححه الألباني .

وقال أيضا : ( لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ مُسْلِمًا فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ ، فَإِنَّهُمَا نَاكِبَانِ عَنْ الْحَقِّ مَا دَامَا عَلَى صُرَامِهِمَا ، وَأَوَّلُهُمَا فَيْئًا يَكُونُ سَبْقُهُ بِالْفَيْءِ كَفَّارَةً لَهُ ، وَإِنْ سَلَّمَ فَلَمْ يَقْبَلْ وَرَدَّ عَلَيْهِ سَلَامَهُ رَدَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ وَرَدَّ عَلَى الْآخَرِ الشَّيْطَانُ ، وَإِنْ مَاتَا عَلَى صُرَامِهِمَا لَمْ يَدْخُلَا الْجَنَّةَ جَمِيعًا أَبَدًا ) رواه أحمد (15824) وصححه الألباني في الصحيحة (1246) .

ولكن إذا كانت المخالطة بينهما تؤدي دائما إلى إيذاء الزوجة ، والوقيعة بأهلها ، فإن هذا مما لا يجوز حدوثه من قبل الأم ، كما لا يجوز السكوت عنه من قبلك ، فإن حقوق الناس محترمة ، ومن آذى مسلما بغير حق انتُصٍف منه يوم القيامة .

ومعلوم خبر المفلس الذي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا ، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ .

فلا بد أن تنبَّه الوالدة إلى هذا الخطر العظيم ، وأن توعظ في هذا الأمر بالعبارة الرقيقة الممزوجة بالتخويف من الله .

وعلى ذلك :

فإذا أصرت الأم على هذه الحال مع الزوجة ، فإن الصواب عدم تمكينها من ذلك ، بمنع الزوجة من الذهاب إليها والدخول عليها ، ولا حرج على الزوجة ـ حينئذ ـ في ترك مخالطتها وزيارتها والذهاب إليها ؛ فإن هذا غير واجب عليها من حيث الأصل ، وإنما الواجب ترك الهجر من غير سبب شرعي يبيحه .
ونحن لو قدرنا تجاوز الزوجة وعفوها ، وتنازلها عن حقها ، فكيف بحق أهلها ؟

وما ذنبهم أن يعابوا ويهانوا ويذكروا بالمكروه بالغيب دون جريرة فعلوها أو إثم ارتكبوه ؟

لكن إذا قدر أنهما اجتمعا في مكان ـ الزوجة والأم ـ فعلى الزوجة أن تسلم عليها إذا لقيتها ؛ فخيرهما الذي يبدأ بالسلام ، وإذا كلمتها أو سلمت عليها الأم : وجب عليها أن ترد سلامها وتحيتها .

- ولا يضرك – حينئذ – تهديد الوالدة بالدعاء عليك ، وعدم الرضا عنك ؛ فإن الله حرم الظلم على نفسه ، وجعله بين الناس محرما ، وأخبر أنه لا يحب الظالمين ، وقد قال تعالى :

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) المائدة/8

والمعنى :

قوموا لله بالعدل في أقوالكم وأفعالكم ، وقوموا بذلك على القريب والبعيد ، والصديق والعدو.
ولا يحملنكم بغض قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا ، بل كما تشهدون لوليكم ، فاشهدوا عليه ، وكما تشهدون على عدوكم فاشهدوا له ، ولو كان كافرا أو مبتدعا ، فإنه يجب العدل فيه .

راجع : "تفسير السعدي" (ص 224)

وأيضا :

فكما لا يجوز أن يحملكم بغض قوم على ترك العدل ، فكذا لا يحملكم حب آخرين على تركه ، ولكن اعدلوا في كل حال .

ولا شيء عليك في ذلك كله ، إذا كنت قد اجتهدت في الإصلاح ما استطعت ، ثم عجزت عنه ، ولو تهددتك الوالدة بالدعاء عليك ونحو ذلك ، فإن الله تعالى لا يجيب من دعا بإثم أو قطيعة رحم .

ولكن لا بد من مراعاة تمام البر لها ، والصبر على ما يقع منها من مكروه ، واحتمالها على كل حال .
والله الهادي إلى سواء السبيل.

تنبيه :

قول السائل : ( أني لازلت أدعو لها في الصلاة وأتصدق عنها ) : أما الدعاء فحسن جميل ، وهو من البر بها ، ولكن الصدقة عنها في حياتها شيء لا يعرف عن السلف ، وإنما المعروف التصدق عن الميت ، كما روى البخاري (2760) ومسلم (1004) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا (ماتت فجأة) وَأُرَاهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ تَصَدَّقْ عَنْهَا .

قال النووي :

" وَفِي هَذَا الْحَدِيث : أَنَّ الصَّدَقَة عَنْ الْمَيِّت تَنْفَع الْمَيِّت وَيصله ثَوَابهَا , وَهُوَ كَذَلِكَ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاء " انتهى .

فالانشغال بخدمتها ، والدعاء لها بالغيب ، ووصلها بالمال والطعام ونحوه هو المشروع ، دون التصدق عنها ، فإنه لا دليل على مشروعيته – فيما نعلم - .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-02-07, 17:07
السؤال:

ما حكم هجري لأبي لأنه لا يصلي

وإذا صلى يصلي بالبيت

ويتعاطى الحبوب، والمسكر ، بالرغم من نصحي له باستمرار ، ولا يقدِّر أني شاب ملتزم ؟

وهل عليَّ إثم في عدم إعطائه
فلوساً عندما يطلبني

لأني أعلم أنه سوف يصرفها فيما يغضب الله ؟ .

الجواب:

الحمد لله

نسأل الله تعالى أن يهدي والدك للحق ، وفعل الصواب ، وأن يخلصه من المنكرات والآثام ، ونسأله تعالى أن يُعظم لك الأجر على صبرك ، وتحملك ، وعلى غيرتك على الشرع .

واعلم – أخي السائل – أن ما تحكيه عن والدك أمر جلل ، وتركه للصلاة كفر يخرج به من الملة ، وليس الأمر كذلك لو أنه صلى في البيت ؛ فإن ترك صلاة الجماعة في المسجد أمر يترتب عليه الإثم العظيم ، ويجعل صاحبه تحت الوعيد .

ولا يشك مسلم في حرمة الخمر ، وسوء أثرها على البدن ، والعقل ، وخطر آثارها على البيت والمجتمع ، والأمر أشد – حكماً ، وأثراً – إذا كان يتناول معها الحبوب المخدرة ، كما ذكرت عن والدك ، فقد جمع أنواع الخبائث في المسكر ، هداه الله ، ورده إلى طاعته .

وبسبب هذه الحال التي وصل لها والدك :

فإن عليك أن تفكر مليّاً بدعوته ، وهدايته ، وأن تعوِّد نفسك على الصبر على ذلك ، ومزيد من التحمل ؛ وذلك لأسباب :

1. أنه من حق والدك عليك : أن تدعوه للاستقامة ، وأن تبذل ما في وسعك لئلا يموت على تلك الحال السيئة .

2. كما أن من حق أهلك عليك : أن تنقذهم من خطر والدك ، وأن تنتشلهم من براثن معاصيه ومنكراته ، ولا يمكن أن يكون – غالباً – مثل هذا في بيت فيه زوجة وأولاد : إلا وينتقل من شره وسوء تصرفاته وقبح أفعاله لهم ، وقد يفتن بمنكراته تلك بعض من في البيت من أهلك ، فلهذا صار من حقهم عليك أن تجعل بينهم وبين الفتنة بوالدهم حاجزاً منيعاً .

واعلم – أخي السائل – أنه ليس بالهجر تُحل مثل تلك المشكلات ؛ لأن مثل ذلك الهجر الذي تذكره في سؤالك هو إراحة لك ، وتخلصٌ من حملٍ ثقيل ، وهمٍّ وغمٍّ عظيمين عليك ، وليس في الهجر مصلحة للمهجور ليرتدع ، ويرعوي عن أفعاله ، ومنكراته ، فكن على علم بهذا ، وإياك أن تفعل ما ترتاح به ليشقى أهلك بسببه .

ولو كنَّا نرى خطراً عليك بمنكرات والدك ، وأنك قد تفتن بتلك المعاصي لكان للهجر لتلك البيئة التي يعيش فيها وجه من الصواب ، لكن يظهر لنا من التأمل في سؤالك أنه ليس ثمة خطر عليك من منكرات والدك وأفعاله السيئة .

نعم ، يمكنك ترك الإنفاق عليه ، والامتناع عن إعطائه المال ؛ لئلا يستعمله في شراء المحرَّمات ، بل يحرم عليك بذل شيء من المال وأنت تعلم أنه يستعمله في المحرَّمات ، والله تعالى أمرنا بالتعاون على البر والتقوى ، ونهانا عن التعاون على الإثم والعدوان فقال : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/من الآية2 ، ولا شك أن إعطاء والدك من المال ما يشتري به تلك المحرمات يعد من التعاون على الإثم والعدوان ، وفي الوقت نفسه لا تعاقب أهلك بترك الإنفاق عليهم ، بل تعاهدهم بالنفقة ، كما تتعاهدهم بالنصح ، والتوجيه ، والإرشاد .

وابذل ما تستطيعه من وسائل شرعية مباحة في دعوة والدك وهدايته ، ومن ذلك :

1. انظر من يمكنه التأثير عليه من أقربائه ، أو جيرانه ، أو أصدقائه ، العقلاء ، الأمناء ، واجعلهم يسعون معك في ثنيه عن تصرفاته المنكرة ، وكف نفسه عن ارتكاب الموبقات .

2. ولك أن تفصل أهلك – والدتك وأشقاءك – عنه ، فتجعلهم في بيت خاص مستقل ، فلعلَّ ذلك أن يؤثر فيه ، فيترك ما يغضب ربه ، ويوجب له الوعيد .

3. وعليك أن تقف موقفاً شديداً من قرناء السوء الذين يحثون والدك ويشجعونه على ارتكاب تلك المنكرات ، ولو كان بالشكوى عليهم ، أو تهديدهم بها ، مع الغلظة بالقول والفعل .

4. كما ننصحك بالتعاون مع الإخوة في " هيئة الأمر بالمعروف " في منطقتك ؛ فإن لهم خبرات واسعة في هذا الباب ، ولديهم طرق شتى في تخليص أصحاب المعاصي والمنكرات من أفعالهم ومعاصيهم .

5. واحرص – أنت ووالدتك وأشقاؤك – على الدعاء له بالهداية ، والتوفيق لما يحب ربنا ويرضى ، وأن يعجل في تركه للحرام ، ولا تغفلوا عن هذا السلاح العظيم ؛ فإن القلوب بين يدي الله تعالى يقلبها كيف يشاء ، وقد يرى الله تعالى منكم صدقاً ، وإخلاصاً ، في الدعاء ، فيعجل بهداية والدكم ، ويقر أعينكم برؤيته على أحسن حال .

والنظر إلى والدك يكون بعينين : بعين القدَر فترحمه ، وتشفق عليه ؛ لارتكابه للمنكرات ، وبعين الشرع فتبغض أفعاله وموبقاته .

قال ابن القيم – رحمه الله - :

في ذَا الخَلْقِ نَاظِرَتَانِ
فانظُرْ بِعينِ الحُكمِ وَارحَمهُم بِهَا *** إذْ لا تُرَدُّ مَشِيئةُ الدَّيَّانِ
وانظُرْ بِعَيْنِ الأمرِ واحْمِلْهُمْ عَلَى *** أحْكَامِهِ فَهُمَا إذاً نَظَرانِ
وَاجْعَلْ لِوجْهكَ مُقْلَتَينِ كِلاَهُما *** مِنْ خَشْيِةِ الرَّحمنِ بَاكيَتَانِ
لَوْ شَاءَ رَبُّك كُنْتَ أيضاً مِثْلَهُمْ *** فَالقَلْبُ بَيْنَ أصَابِعِ الرَّحْمَنِ
" الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية " ( ص 19 ، 20 ) .

وقد سبق في موقعنا الجواب عن مشكلات تشبه مشكلة والدك ، وكتبنا فيها ما يمكن أن تستفيد منه ، بالإضافة لما سبق من الجواب أعلاه .


والله الموفق

و اخيرا ً

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

oussama11
2018-02-07, 17:11
بسم الله الرحمن الرحيم
صحيح
موضوع مهم
جزاك الله خيرا

*عبدالرحمن*
2018-02-08, 03:21
بسم الله الرحمن الرحيم
صحيح
موضوع مهم
جزاك الله خيرا

بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيك
وجزاك الله عنا كل خير

*عبدالرحمن*
2018-02-08, 03:25
اخوة الاسلام

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

السؤال :

إذا رأيتُ أبي يعامل زوجته – وهي لست أمي - بصورة جارحة ,

فهل يجب عليَّ أن أنكر عليه هذا الفعل ؟

فهو يضربها ، ويؤذيها ، ودائماً ما يقوم بالصراخ في وجهها , فتفكر بالطلاق لما تلاقيه من الأذى .

ثم إنها – أيضاً – ليست مواطنة أمريكية ، ذلك لأن أبي لم يقدم لها طلب الجنسية حتى الآن ويقول إنه لا ينوي أن يقوم بهذا , وإذا أصرَّ أبي على هذا الفعل فسوف يعرض نفسه ، وزوجته ، وأطفالهما للخطر ؛ لأن الحكومة سوف تسأل كلاًّ منهما :

" لماذا زوجتك هنا في هذه الدولة ما دامت تقيم إقامة غير قانونية وذلك لمدة أربع سنوات ؟

" فهل يجوز لي أن أتكلم مع أبي ، وأن أعارضة فيما يفعل ، لأن لي تجربة سابقة معه ، لكنه لم يستمع لي ؟ .

سؤال آخر :

من أحق بالصحبة ، أو الطاعة : أمي الكافرة ، أم أبي المسلم ؟

لأنهما مطلَّقان ، وهناك الكثير من الخلافات ، والنزاعات فيما بينهما ، فهل أبقى مع أمي الكافرة التي تعيش وحدها , أم أعيش مع والدي المسلم الذي هو الآن يعيش مع أسرته الجديدة ؟

وهل علي أن أطيع أمي في الأمور الدنيوية ، فقط لأنها أمي أو عليَّ أن أطيع أبي ؟!

الجواب:

الحمد لله

أولاً:

ما يفعله والدك مع زوجته لا شك أنه منكر في الأفعال ، وقبح في الأقوال ، وإنكارك عليه واجب شرعي ، ليس لك أن ترى الظلم فلا تنكره ، ولا الخطأ فلا تصوبه ، وكل ذلك – كما يظهر لنا – في استطاعتك فعله ، فلا تتردد في الإنكار على والدك ظلمه لزوجته ، وإهانته لها حتى ولو لم تكن هي أمك ، فالواجب عليه أن يتقي الله تعالى فيما جعله الله تحت يده من زوجة ، وأولاد .

ثانياً:

نحن لا نرى للمسلم أن يقيم في ديار الكفر ، فضلاً أن يتجنس بجنسيتها ، والذي يفتي به علماؤنا الثقات هو عدم جواز التجنس لتحقيق مصالح دنيوية من هذه الجنسية ؛ لما في استخراجها من تولِّي الكفار ظاهراً ، وما يلزم بسببها من النطق ظاهراً بما لا يجوز اعتقاده ولا التزامه ، كالرضا بالكفر أو بالقانون ؛ ولأن استخراجها ذريعة إلى الإقامة الدائمة في بلاد الكفار ، وهو أمر غير جائز .

ثالثاً:

أوجب الله تعالى على الأولاد برَّ والديهم ، والإحسان إليهم ، بالقول ، والعمل ، ولم يجعل الله تعالى للمسلم منهما الحق في ذلك دون الكافر ، بل لكليهما ذلك الحق حتى لو كانا يدعوان ولدهما للكفر ، وليس فقط يعتقدانه ، قال تعالى : ( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ) العنكبوت / 8 ، وقال تعالى : (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ . وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ) لقمان/ 14 ، 15 .

وعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قَالَتْ : قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ ، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي ، وَهِيَ رَاغِبَةٌ ، أَفَأَصِلُ أُمِّي ؟ قَالَ : ( نَعَمْ ، صِلِي أُمَّكِ ) .

رواه البخاري ( 2620 ) ومسلم ( 1003 ) .

ومعنى راغبة : أي : تطلب بر ابنتها لها .

قال الخطابي رحمه الله :

" فيه أن الرحم الكافرة توصل من المال ونحوه ، كما توصل المسلمة .


ويستنبط منه : وجوب نفقة الأب الكافر ، والأم الكافرة ، وإن كان الولد مسلماً " انتهى .

فالأم تقدم على الأب ، ولو كانت كافرة ، وهو مسلم ، لا من حيث تقديم الكفر على الإسلام ، بل من حيث تقديم الأم على الأب ، في البر والطاعة ، وقد جعل الله تعالى للأم ثلاثة حقوق مقابل الأب ، وهذا كله إذا كانت الطاعة في غير معصية .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ ؟ قَالَ : ( أُمُّكَ ثُمَّ أُمُّكَ ثُمَّ أُمُّكَ ثُمَّ أَبُوكَ ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ ) .

رواه مسلم ( 2548 ) .

وهذا الأمر الذي ذكرناه لك من تقديم الأم في البر والطاعة على الأب : لا يعني أنك تختار العيش معها ضرورة ، بل الواجب عليك أن تختار المكان الذي تستطيع إظهار شعائر دينك ، وما تأمن فيه على دينك ، ودين زوجتك وأولادك ، مع ضرورة عدم اختيار بلاد الكفر ؛ لما فيها من تضييع للأمانة التي استرعاك الله عليها .

فإن استوى المكانان في ذلك ، فاختر العيش مع أحوجهما إلى قربك .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-02-08, 03:27
السؤال :

أبي قاطع والدتي عن الكلام والتعامل

حتى إنه لا يكلمها البتة ، ولا يتعامل معها ، ولا يرد السلام عليها ، حتى إنه أيضاً ينام في غرفة مجاورة منذ ما يقارب الشهر ونصف ، لغاية الآن ، علماً أن والدي يبلغ من العمر قرابة 58 عاماً ، وهو من المدخنين

وقد قال لنا : إنه لا يريدها ، وأنا وأخي نعرف أن والدتنا لا تكذب علينا ، وأنه لا يوجد سبب لتعامله معها هكذا ، حتى إنه أصبح لا يأكل معنا ، ولا يجلس معنا

فهل حرام عليَّ أن أقاطعه ؟

وماذا عليَّ فعله لإصلاح البيت ؟ .


الجواب:

الحمد لله


أولاً:

نشكر لك حرصك على إصلاح أحوال بيتك ، والسؤال عن طريقة التوفيق بين والديك ، فنسأل الله تعالى أن ييسر أمر الإصلاح بينهما ، وأن يكتب الأجر لك على ذلك ، ونسأله تعالى أن يهدي والديك لما يحب ويرضى .

ثانياً:

لا شك أن الإصلاح بين المتخاصمِين من الأعمال الجليلة في الإسلام ، حتى إن الله تعالى قد نصَّ على هذا العمل أنه من الأعمال الجليلة فقال تعالى : ( لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ) النساء/ 114 ، كما نصَّ عليه تبارك وتعالى فيمن امتنع عنه بسبب يمين حلفه ، فقال : ( وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) البقرة/ 224 ، كما أنه تعالى قد أمر به في قوله ( فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ ) الأنفال/ 1 .

وإذا كان الأمر كذلك في الإصلاح بين المتخاصمين من الناس الأباعد : فإن الإصلاح بين الأقارب أجل وأعظم ، وأكثر أجراً ، وأعظم منه وأجل : الإصلاح بين الزوجين ؛ لما يترتب على الإصلاح بينهما من عمار بيتهما ، وحسن تربية أولادهما ، ولما في القطيعة بينهما من آثار سيئة على أولادهما .

ثالثاً:

من الخطأ البيِّن أن تقطع علاقتك بوالدك ، فهو عملٌ محرَّم من جهة ، ومن جهة أخرى فإنه يزيد في القطيعة بين والدك ووالدتك ، ويفتح باباً آخر فيها ، والمراد منك ومن أخيك إغلاق باب القطيعة والمخاصمة ، لا فتح أبواب أخرى عليكم .

والذي ننصحك به لتفعله :

1. دعاء الله تعالى بصدق وإخلاص في أن يوفق الله بين والديك .

فالدعاء سلاح المؤمن ، وعليك تحري أفضل الأوقات له ، وهو ثلث الليل الآخر ، واحرص على أفضل الهيئات ، وهو السجود .

2. انتداب حكَمين صالحين ، عاقلين ، من أهل والدك ، ومن أهل والدتك ، ليحكم بينهما فيما فيه يختلفون ، ويُرجى أن يصلح الله بين والديك إن أحسنت اختيار الحكَّام ، قال تعالى : ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً ) النساء/ 35 .

قال الشيخ طاهر بن عاشور – رحمه الله - :

وقوله تعالى : ( إن يريدا إصلاحاً ) الظاهر أنّه عائد إلى الحكَمين ؛ لأنّهما المسوق لهما الكلام ، واقتصر على إرادة الإصلاح لأنّها التي يجب أن تكون المقصد لولاة الأمور ، والحكَمين ، فواجبُ الحكَمين أن ينظرا في أمر الزوجين نظراً منبعثاً عن نية الإصلاح ، فإن تيسّر الإصلاح فذلك ، وإلاّ صارا إلى التفريق ، وقد وعدهما الله بأن يوفّق بينهما إذا نويا الإصلاح ، ومعنى التوفيق بينهما : إرشادهما إلى مصادفة الحقّ ، والواقعِ ، فإنّ الاتّفاق أطمَن لهما في حكمهما ، بخلاف الاختلاف .

" التحرير والتنوير " ( 5 / 47 ) .

3. تذكير والدك بفضل العفو ، والصفح ، وأثر الصلح مع والدتك على أجواء البيت ، وعلى أولاده ؛ فإن من شأن حسن التذكير أن يساهم في الإصلاح ، وإليك ما يمكن تذكيره به :
قال تعالى : ( وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ) البقرة/ 237 .

وقال تعالى: ( والْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) آل عمران/ 134.

قال تعالى : ( وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ) النور/ 22 .

4. تذكيره بحرمة الهجر من غير عذر ، وبحرمة ترك السلام على والدتك .

5. ولا مانع من أن تكذب على الطرفين من أجل الإصلاح ، فتنقل لوالدتك حب والدك لها ، ومعزتها عنده ، وتنقل لوالدك شوق والدتك له ، ومحبتها له ، وعودة الأمور لأحسن مما كانت عليه .

عن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : ( لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا ) .
رواه البخاري ( 2495 ) .

ونسأل الله أن يصلح حال والديك ، وأن يهديهما ويوفقهما لما يحب ويرضى .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-02-08, 03:29
السؤال:

أنا شاب مسلم ، ومتدين ، والحمد الله ، ولي أب ظالم , منذ أن ولدت على هذه الدنيا ووالدي يظلمني ، أنا ، وأمي ، وإخوتي

مستحيل أن يمر يوم واحد دون أن يختلق المشاكل لنا ، ويضرب أمي فيه , حتى في العيدين , والله لا أذكر عيداً واحداً دون أن يختلق مشاكل ، ومصادمات فيه , مع العلم أنه كان يتقصد فعل ذلك من دون أن نفهم السبب

كل الناس تسمع ذكر الله ، وتصلي في العيد , ونحن في البيت نسمع سخطه ، وسبه ، وإهاناته , والله أصبح الناس يكرهون مخالطتنا منه

ومن سوء معاملته معهم , لقد تدين أموالاً كثيرة من الناس ، دون أن يسددها , وما زالت الديون تتكاثر حتى الآن , وظلمه يزداد يوماً بعد يوم , تارة يتهمني بأشياء لا صلة لي بها

وتارة يغضب عليَّ بعدد الشجر ، والحجر ، دون أن أعرف السبب ، حتى غضبه نكون جالسين في الصالة ، وكل شيء عادي , وبعدها لا تراه إلا يسب ، ويشتم ، ويضرب ، من دون سبب ، عندما كنت صغيراً :

كان أقاربي يعطوني العيدية , كنت أفرح بها كثيراً , لكن عندما ينتهي العيد يأتي ويأخذها مني ليفعل بها ما يريد , كرهت هذا الأب ، ولطالما فكرتُ أن أخرج من البيت ، وأن لا أعود إليه أبداً , لكن ما يحز بخاطري هي أمي

لا أريد أن أتركها وحيدة معه , أنا أحب أمي كثيراً ، وأحاول أن أفعل أي شيء حتى ترضى , لكن هو لا أطيق حتى أن أنظر إليه , لذلك أريد أن أسأل :

كيف تكون المعاملة مع هذا الوالد ؟ .

الجواب :

الحمد لله

أولاً:

خلق الله الخلق وجعل فيهم الرحمة والعطف ، وهذه فطرة الله التي فطر الناس عليها ، وأقوى ما تكون هذه الرحمة ، وأعظم ما يكون هذا العطف :

هو ما يكون من الوالدين تجاه أولادهم ، فإذا رأيت من لا يتصف بهذا من عموم الخلق ، أو من خصوص الآباء والأمهات : فهو منتكس الفطرة ، نُزعت الرحمة من قلبه ، فصارت الحجارة خيراً منه ، قال تعالى : ( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) البقرة/ 74 .

وإن أعظم ما يسبب هذه القسوة – وبخاصة من الآباء – هو : الدين ، والبيئة ، ولذا رأينا المشركين يقتلون أولادهم بسبب الرزق ! وخشية العار ! وتقرباً لآلهتهم ! فأي قسوة أعظم من هذه ، أن يقدم الأب ويحفر لابنته حفرة ، ثم يدفنها حيَّة ؟!

قال تعالى :
( وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ) الأنعام/ 137 .

وللبيئة البيتية ، أو المكانية تأثيرها على القلوب في قسوتها ، حتى إن بعض ساكني البيئات الجافة ، والمنتكسة ليحن على حيوانه الأليف ، أو على دابته أكثر من حنوه على أولاده .

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ ؟ فَمَا نُقَبِّلُهُمْ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَوَأَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ ) .
رواه البخاري ( 5652 ) ومسلم ( 2317 ) .

ثانياً:

مع قسوة الأب ، وغلظته ، بل ولو كان معهما كفر بالله تعالى : فإن الله تعالى قد أمر ببرِّه ، والتلطف في معاملته ، ولا يستثنى من ذلك إلا الطاعة في المعصية ؛ فإنها تحرم على الأولاد أن يفعلوها .

قال تعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً ) الإسراء/ 23 .

وقال تعالى : ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) لقمان/ 15 .

ثالثاً:

كيف يقابل الأولاد قسوة والدهم ؟

إن أسهل الطرق للتخلص من هذه القسوة ، وسوء المعاملة – أخي السائل – هي الخروج من البيت !

لكنه ليس حلاًّ ؛ لأن مقتضى الرحمة بالوالد تقتضي البقاء لدعوته ، والإحسان إليه ، ولسبب آخر : أن أمك ، وأشقاءك أحوج ما يكونون إليه مع تلك المعاملة القاسية من والدك للجميع



يتبع ....

*عبدالرحمن*
2018-02-08, 03:30
لذا فإننا ننصحك بما يلي :


1. الصبر .

2. الإحسان إليه ، وعدم رد الإساءة بمثلها .

3. الابتعاد بالكلية عن كل ما يغضبه ، ويسبب له الاحتقان ، من أفعال ، وأقوال منكم .

4. الحرص على هدايته ، وتعليمه ، ووعظه ، ونصحه ، بالطرق المناسبة له ، كإسماعه شريطاً ، أو إهدائه كتاباً ، أو التنسيق مع دعاة لزيارتكم ، والتعرف عليه ، أو غير ذلك مما يناسب حاله ، وبيئتكم .

4. الدعاء له بالهداية ، والتوفيق .

سئل الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله - :

نحن عشرة إخوة ، تتدرج أعمارنا إلى تسع عشرة سنة ، ونعيش مع والدنا ، ووالدتنا في مسكن واحد ، ونحن - والحمد لله - متمسكون بالدين الحنيف ، فنصلي فروضاً ، ونوافل ، ونصوم فرضاً ، وتطوعاً ، ولكن مشكلتنا : والدنا ، الذي يسيء معاملتنا في البيت ، فهي أشبه بمعاملة البهائم ، إن لم تكن أسوأ ! بالرغم من أننا نوقره كل التوقير ، ونحترمه جل الاحترام ، ونهيئ له كل وسائل الراحة والهدوء ، ولكنه مع ذلك يعاملنا ووالدتنا أسوأ معاملة ، فلا ينادينا إلا بأسوأ الحيوانات

ودائما يدعو علينا وينتقدنا في كثرة تمسكنا بالدين ، وإلى جانب ذلك كثيراً ما يغتاب الناس ، ويسعى بالنميمة بينهم ، ويفعل هذه الأفعال مع صلاته وصيامه ، فهو محافظ على الصلوات المفروضة في المساجد ، ولكنه لم يقلع عن هذه العادة السيئة ، حتى سبَّب لنا ولوالدتنا الضجر ، والضيق ، فقد سئمنا صبراً ، وأصبحنا لا نطيق العيش معه على هذه الحالة ، فما هي نصيحتكم له ؟

ونحن ماذا يجب علينا نحوه ؟ جزاكم الله خيراً .

أولاً :

يجب على الوالد أن يحسن إلى أولاده ، ويستعمل معهم اللين في وقته ، والشدة في وقتها ، فلا يكون شديداً دائماً ، ولا يكون ليِّناً دائماً ، بل يستعمل لكل وقت ما يناسبه ؛ لأنه مربٍّ ، ووالد ، فيجب عليه أن يستعمل مع أولاده الأصلح ، دائماً ، وأبداً ، إذا رأى منهم الإحسان : لا يشتد عليهم ، وإذا رأى منهم الإساءة :

يشتد عليهم ، بنسبة تردعهم عن هذه الإساءة ، ويكون حكيماً مع أولاده .

هذا هو الواجب عليه ، فلا يقسو عليهم بما ينفرهم ، ولا يشتد عليهم من غير موجب ، ومن غير مبرر ، بل يحسن أخلاقه معهم ؛ لأنهم أولى الناس بإحسانه ، وعطفه ، وحتى ينشئوا على الدين ، والخلق ، والعادات السليمة .

أما إذا نفرهم بقسوته ، وغلظته المستمرة :

فإن ذلك مدعاة لأن ينفروا منه ، وأن ينشئوا نشأة سيئة ، فالواجب على الأب أن يلاحظ هذا مع أولاده ؛ لأنهم أمانة عنده ، وهو مسئول عنهم ، وكلكم راع ، وكلكم مسئول عن رعيته .

أما واجبكم نحوه :

الإحسان ، والصبر على ما يصدر عنه ، هو والدكم ، وله الحق الكبير عليكم ، وأنتم أولاده ، الواجب : أن تحسنوا إليه ، وأن تصبروا على ما يصدر منه من قسوة ؛ فإن ذلك مدعاة لأن يتراجع ، وأن يعرف خطأه ، والله تعالى أعلم .
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 5 / 382 ، 383 ) .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-02-08, 03:32
السؤال:

لي أم ، منذ صغري وأنا أراها تخون والدي ، ونجد أعمالاً سحرية في غرفة نومهم ، الخيانة مع أشخاص متعددين

والله إني أخاف عقاب الله وأنا أكتب ، ولكن طفح الكيل ؛ لأنه تبقى واحد من الأنجاس لا يزال على علاقة ببيتنا ، وأبي قد توفي ، الله يرحمه

الآن أصغر إخواني يذهب يتنزه مع هذا الرجل وأولاده ، ربما يحاول يكفر عن خطيئته ، ولكني لا أحتمل وجوده ، ورؤيته ، ولا أستطيع أن أواجه أمي بحقيقته . المهم : نشب نزاع بيني وبين أمي حول أخي الصغير ، وخروجه معهم ، والآن أنا مقاطع بيت أهلي ؛ من أمي ، وتصرفاتها المخزية ، وتعلقها بالدنيا ، فهي شخصية متسلطة جدّاً

والكذب ، والخداع ، والمراوغة لا تكلفها أي مجهود ، أو تفكير ، أنا تعبت من التفكير ، كما أن لدي أختا سألت أحد المشايخ

فأجابها : بأنه ليس لها ما لباقي الأمهات ، ومخالفتها لا يعد عقوقاً .

الجواب:

الحمد لله

أولاً:

إن صحَّ ما تقول عن والدتك من إقامتها علاقات غير شرعية مع رجال أجانب : فإنها تكون قد عرَّضت نفسها لسخط الله ، وعذابه ، فإن كانت وقعت في الزنا : فإن وعيدها أعظم ، وخاصة وأنها محصنة ، وحدُّ الزانية المحصنة :

الرجم بالحجارة حتى الموت ، والإحصان يحصل بالدخول الشرعي على متزوجة ، ولو مرة واحدة ، ولذا فإن هذا حكمها سواء كان والدك على قيد الحياة ، أم فعلت ذلك بعد وفاته .

والسحر الذي رأيتَه في غرفة نومها : إن كان بفعلها ، أو عن طريقها : فهي على خطر عظيم ؛ لما للسحر من شر في ذاته ، ومن شدةٍ في حكمه ، سواء فعله الساحر بنفسه ، أم قصد مسلمٌ ساحراً ليسحر له أحداً من الناس .

لذا يجب على أمك أن تتوب توبة صادقة ، وعليك أن تعينها على هذه التوبة ، وتحثها عليه ، وترغِّبها إن هي تابت ، وترهِّبها إن هي أصرت على فعلها ، ومنكراتها .

ثانياً:

فد أخطأتَ بخروجك من البيت خطأً كبيراً ، بل كان الواجب عليك : البقاء في البيت لتحمي أمك ، وأخاك الصغير ، وأختك ، من ذلك الذئب الجائع ، ونعجب منك كيف فهمت أن علاقة ذلك الرجل بأخيك إنما هي لتكفير خطيئته بعلاقته المحرمة مع والدتك ! فمثل هذا لا يُحسَّن به الظن ، بل ينبغي أن يحترس منه بسوء الظن ، ولعل الأقرب أنه يتخذه قنطرة لقضاء مأربه ، وتسهيل دخوله إلى المنزل .

فنرى أنك أخطأتَ خطأً عظيماً بهجرك للبيت ، وأن الواجب عليك الآن الرجوع إليه ، وأن تكون حامياً له ، ولأفراد أسرتك ، من طمع الطامعين ، وكيد الكائدين ، وبقاؤك مع تحملك لتصرفات أمك خير بكثير من هجرك للبيت لتنفس عن نفسك ، فاتق الله تعالى ربك ، وأنت الآن صاحب مسئولية ، فلا تقدِّم هوى نفسك بتخليك عن تلك المسئوليات ، وكن خير حامٍ لأسرتك ، فهم أحوج ما يكونون لك .

فإن أمكنك الانتقال بأسرتك عن البلد التي يعيش فيها هذا الخبيث ، ويتيسر اتصاله ببيتكم فيها ، فافعل ، حتى وإن كان فيه قدر من التعب ، أو نوع من الخسارة المادية ، فهو أيسر مما أنتم فيه ، وأبعد لكم عن السوء والعار ، عافانا الله وإياكم .
وبخصوص ذلك الخبيث : فليس لك إلا مواجهته ، وطرده من بيتكم ، والطلب منه عدم زيارتكم ، والقدوم إليكم ، وليكن منك إقناع بذلك لأخيك ، حتى يعلم أنه غير مرغوب فيه ، فتُقطع رجله عن القدم إليكم

ولا ينبغي لك التهاون في هذا ، وبحسب ما جاء في بياناتك أن عمرك ( 31 ) وهو عمر رجل يستطيع فرض سيطرته على بيته ، فافعل ذلك ولا تتردد .

ثالثاً:

مع ما تقوله من تصرفات والدتك :

فإن حقها يبقى عليك في البرِّ ، والتلطف في الكلام ، وهذا هو الطريق المناسب لقلبها ، وهدايتها ، دون القسوة ، والغلظة ، ونرى أن من قال لك بسقوط حقها في البر والصلة أنه أخطأ ، نعم ، لا تعان على معصية ، لكن يبقى برُّها على أولادها .

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن امرأة مزوَّجة ، ولها أولاد فتعلقت بشخصٍ أقامت معه على الفجور ، فلما ظهر أمرها :

سعَت في مفارقة الزوج ، فهل بقيَ لها حق على أولادها بعد هذا الفعل ؟

وهل عليهم إثم في قطعها ؟

وهل يجوز لمن تحقق ذلك منها قتلها سرّاً ؟

وإن فعل ذلك غيره يأثم ؟ .

فأجاب:

الواجب على أولادها وعصبتها :

أن يمنعوها من المحرمات ، فإن لم تمتنع إلا بالحبس :

حبسوها ، وإن احتاجت إلى القيد :

قيَّدوها ، وما ينبغي للولد أن يضرب أمََّه ، وأمَّا برُّها : فليس لهم أن يمنعوها برَّها ، ولا يجوز لهم مقاطعتها بحيث تتمكن بذلك من السوء ، بل يمنعوها بحسب قدرتهم ، وإن احتاجت إلى رزق وكسوة رزقوها وكسوها ، ولا يجوز لهم إقامة الحد عليها بقتلٍ ولا غيره ، وعليهم الإثم في ذلك .

" مجموع الفتاوى " ( 34 / 177 ، 178 ) .


يتبع ....

*عبدالرحمن*
2018-02-08, 03:35
فالمطلوب منك أخي السائل :

1. الرجوع دون تردد إلى بيت أهلك .

2. القيام على أمك وأختك وأخيك بالعناية ، والرعاية ، والدعوة بالحسنى .

3. طرد ذلك الرجل الخبيث من بيتكم ، ومن حياتكم .

4. منع أمك من لقاء أحد من الأجانب ، أو استضافتهم في بيتها ، ولو أدى ذلك إلى تقييدها ، وحبسها في البيت ، على أن تدرس عواقب ذلك ، واحتمال وقوع ضرر عليك جراء فعله .

5. لا تمتنع من برها ، ويحرم عليك عقوقها ، فأحسن إليها ، وتلطف معها ، وأخرجها من بيئتها التي تعيش بها ، وعرِّفها على أهل الفضل والعفاف ، واذهب بها للعمرة ، لعلها تغسل ذنبها ، وتستغفر ربها ، وتغيِّر حياتها للأفضل .

6. داوم على دعاء الله تعالى لأسرته بالهداية ، ولك بالتوفيق والإعانة .

والله أعلم

*عبدالرحمن*
2018-02-08, 03:37
السؤال :

أخي الأكبر ووالدي استهما على شراء منزل وكان لأخي النصيب الأكبر من هذا المنزل

واشتريا هذا المنزل بغاية أن يكون منزلاً لوالدي ووالدتي وأخي الأصغر الذي عمره الآن 30 عاماً

والآن يريد والدي أن يزوج أخي الأصغر ويسكنه وزوجته في نفس المنزل

هنا اعترض أخي الأكبر على ذلك وطالب أبي بأن عليه أولاً طلب إذنه بإسكان أخي الأصغر وزوجته في هذا المنزل

بينما أبي لا يرى أي حق لأخي الكبير في هذا الطلب على اعتبار قول النبي عليه الصلاة والسلام : ( أنت ومالك لأبيك )

وأن العائلة تساند بعضها ، وأن أخي الأصغر سيكن معهم أيضاً لأجل رعايتهم ( والدي 77 عاماً ووالدتي 71 عاماً)

وليس عند أخي الأصغر سعة من المال ليسكن وحده

وعلى أثر هذه المشكلة لا يريد أبي أن يكلم أخي الأكبر والذي بدوره لا يريد ذلك أيضاً حتى يقر والدي بأن له الحق في طلبه .

مع العلم أن أخي الأكبر له منزل غير هذا المنزل .

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

ما قام به أخوك من مشاركة والده في شراء منزل يسكن فيه والداه ، عمل صالح ، يرجى له به الأجر والثواب عند الله

وهو يحتمل أمرين :

الأول :

أن يكون فعل ذلك على سبيل الهبة والتبرع لوالده ، فيكون البيت حينئذ ملكاً للوالد يتصرف فيه كما يشاء ، وله أن يسكن أحد أبنائه فيه إذا كان محتاجاً لذلك .

الثاني :

أن يكون فعل ذلك محتفظاً بنصيبه – أي : لم يهبه ولم يتبرع به لوالده - ، فيبقى ملكاً له ، لا يجوز لأحد أن يتصرف فيه إلا بإذنه ، باستثناء ما للوالد من حق في ذلك كما سيأتي .

ثانياً :

للأب أن يأخذ من مال ولده ما يحتاج إليه ؛ لحديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّ رَجُلا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ لِي مَالا وَوَلَدًا ، وَإِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي ، فَقَالَ : ( أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ ) رواه ابن ماجه ( 2291 ) ، وابن حبان في صحيحه ( 2 / 142 ) ، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .

وروى الإمام أحمد في مسنده برقم (6863) عن عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ : أَتَى أَعْرَابِيٌّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي ، قَالَ : ( أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ ، إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ ، وَإِنَّ أَمْوَالَ أَوْلَادِكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ ، فَكُلُوهُ هَنِيئًا ) .

وله طرق وشواهد يصح بها .

انظر : " فتح الباري " ( 5 / 211 ) ، و " نصب الراية " ( 3 / 337 ) .

ولكن هذا الأخذ مقيد بشروط بَيَّنها أهل العلم :

أحدهما :

أن لا يجحف بالابن , ولا يضر به , ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته .

الثاني :

أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر .

الثالث :

أن يكون الأب محتاجاً للمال ، فلا يجوز له أن يأخذ ما لا يحتاجه عند جمهور الفقهاء ؛ لما روى الحاكم ( 2 / 284 ) ، والبيهقي ( 7 / 480 ) عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أولادكم هبة الله لكم ( يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور) فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها ) . والحديث صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 2564 ) .



... يتبع ....

*عبدالرحمن*
2018-02-08, 03:37
قال ابن قدامة رحمه الله :

" ولأبٍ أن يأخذ من مال ولده ما شاء , ويتملكه , مع حاجة الأب إلى ما يأخذه , ومع عدمها , صغيراً كان الولد أو كبيراً

بشرطين :

أحدهما :

أن لا يجحف بالابن , ولا يضر به , ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته .

الثاني :

أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر . نص عليه أحمد ؛ وذلك لأنه ممنوع من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه , فلأن يمنع من تخصيصه بما أخذ من مال ولده الآخر أولى ...

وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي :

ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام , كحرمة يومكم هذا , في شهركم هذا ) متفق عليه .

وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه ) رواه الدارقطني ؛ ولأن ملك الابن تام على مال نفسه , فلم يجز انتزاعه منه , كالذي تعلقت به حاجته "

انتهى من "المغني" (5/395) .

وعلى هذا ؛ فليس لوالدك أن يعطي شيئا من نصيب أخيك الأكبر لأخيك الأصغر ، ولا أن يسكنه في البيت إلا بإذنه ، وينبغي لأخيك أن يأذن بذلك ويرضى ، لما في ذلك من مصلحة الوالدين ، وصلة رحم أخيه وإحسانه إليه ، والإذن بالسكنى ليس تمليكاً ، بل هو إباحة للانتفاع ، ويبقى ملك البيت مشتركاً بين الوالد والأخ الأكبر بقدر ما دفعا فيه من مال .

ثالثاً :

لا يجوز للأب أن يفاضل بين أبنائه في العطية ، إلا بإذنهم ، لكن إن كان أحدهم محتاجاً ، جاز له أن يعطيه من باب النفقة لا العطية ، كما لو احتاج أحدهم للسكن ، فله أن يسكنه معه ، أو يدفع له أجرة السكن .

قال ابن قدامة في "المغني" (5/388) :

" فإن خصّ بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه , مثل اختصاصه بحاجة , أو زمانة , أو عمى , أو كثرة عائلة , أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل , أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه , أو بدعته , أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله , أو ينفقه فيها , فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك " انتهى .

وعليه ؛ فلا حرج على والدك أن يخص أخاك الأصغر بأجرة السكن ، أو بإسكانه معه في ملكه الخاص ، ما دام لا يستطيع توفير السكن المناسب له ، أو في ملكه المشترك بإذن أخيه الأكبر .

وينبغي أن تسعوا للتوفيق بين الوالد وأخيكم ، ودعوتهما لما فيه الإحسان والبر والصلة .

ونسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-02-08, 03:39
السؤال :

هل يجوز للولد أن يعصي والده الذي يمنعه من الزواج بحجة الدراسة ؟

وهل يجوز دفع زكاة الوالد للولد لأجل الزواج ؟

الجواب :

الحمد لله

"يجوز للولد أن يعصي والده فيما إذا طلب الولد الزواج وأبى الوالد ، لأن هذه من المسائل الخاصة التي تتعلق بالإنسان نفسه

وممانعة الوالد له لا وجه لها إطلاقاً

ولا يحل للوالد أن يمانع في تزويجه ابنه

بل الواجب على الوالد أن يزوج ابنه من ماله إذا لم يكن عند الابن مال

فإذا كان هذا الابن طالباً وليس بيده مال واحتاج للزواج وقال لأبيه :

زوجني ، فيلزم أباه تزويجُه

وإذا زوجه واحدة ولم تكفه وقال :

أريد ثانية فيلزم أيضاً

وكذلك لو طلب ثالثة ، ورابعة .

على كل حال ، يجب على الأب إذا كان غنياً أن يعف ولده بأن يزوجه بما يحصل به العفاف وجوباً

حتى لو امتنع فإنه يجبر على ذلك .

فإذا كان هذا هو الحكم الشرعي

فكيف يجوز للأب أن يمنع ابنه من التزويج بحجة أنه لم يكمل الدراسة ؟

وحسب تتبعي أن الزواج لا يمنع من الدراسة

لا سيما إذا وُفِّق الإنسان بامرأة تكون
معينة له في دراسته

بأن تكون على مستواه

فيتساعد الزوجان على دراستهما ، ويحصل النفع لكلا الطرفين .

وأما دفع زكاة الوالد للولد لأجل الزواج
فإن هذا لا يجوز

لأن الوالد ملزم بتزويجه من ماله الخاص

وأما الزكاة فلها أهلها" انتهى .

فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله .

"فتاوى المرأة المسلمة" (2/708)
جمع أشرف بن عبد المقصود .

*عبدالرحمن*
2018-02-08, 03:42
السؤال :

أرجو حقّاً أن تقدم لي المشورة والرأي السديد في أمرٍ سأعرضه عليك

ولا يخفى ما لرأيك ومشورتك من جميل الأثر ، وعظيم النفع بإذن الله .

أنا يا شيخ من جدة ، طالبة بالتربية العلمية ، قسم الفيزياء ، عمري 20 سنة ، وأرجو أن تكون هذه السنوات في طاعة الله

في العادة – يا شيخ - إذا استعصى عليَّ أمر ولم أجد حلاًّ له بنفسي

أستشير والدي وهو أكثر من صديق مقرب إلى قلبي حفظه الله وحفظك

لكن في هذا الأمر بالذات لم يكن هذا وارداً ، ولا جزءً من خياراتي .

المشكلة باختصار في رضى والدي الاثنين

أستطيع أن أقول إن رضى أبي هو هدفي في الحياة ، بعد عبادة الله ، لكن ماذا أفعل – يا شيخ - إذا كان أكثر ما يجعله عني راضياً هو مقاطعة والدتي تماماً ؟ !

وماذا أفعل إذا كانت والدتي تحلم باليوم الذي نقاطع فيه أبانا ؟! .

إلى الآن اخترت أنا والدي ، والتزمت الصمت ، أخوتي حاولوا الجمع بين برِّهما ، ووصلهما ، لكن لا أبي راضٍ ، ولا أمي راضية . الموضوع – يا شيخ - أن والدايَّ انفصلا منذ كنت في الرابعة من عمري ، ومن يومها ما رأيت أمي قط

ولا حدثتها ، وفي بداية هذه السنة حدث تواصل بينها وبين أخوتي ، وبدأت دخول حياتهم شيئاً فشيئاً ، عندما اكتشف والدي الأمر أحس بصدمة ، وشعر بخيانة

طيلة هذه السنين لم يتزوج ، ولم يخرج يوماً مع رفاق ، أو أصدقاء ، ربَّانا أنا وأخوتي الثلاثة وحده ، لا عمتي وقفت بجانبه ولا خالة

والله كانت تمر علينا السنة والسنتان والثلاث وما يسأل عنا من أهلنا أحد .

والآن : أقولها بالعامية ( يا كثر المشاكل اللي صارت بين إخواني وأبوي ) أحس فعلا ما عاد يطيق وجودهم ، وإلى الآن أمي لم تحاول رؤيتي في الجامعة

أو لم تحاول حتى محادثتي على جوالي ، أستغرب هذا الشيء ، لكن ربما سهلت عليَّ الاختيار ، حاجتي لأمي لا تخفى على أي عاقل ، هذا شي مفروغ منه

لكنِّي حقّاً كبرت ، وتمَّت تربيتي بأحسن أسلوب ، وما أشعر أني بحاجة لوجودها

فلماذا أجعلها تؤثر على علاقتي بوالدي ؟

أعطني رأيك ياشيخ .

الجواب:

الحمد لله

أولاً:

بر الوالدين من الواجبات المحتمات على الأولاد ، وعقوقهما من المحرَّمات القطعيات ، والمؤمن يبحث عن رضا ربه تعالى بأداء ما أوجب الله تعالى عليه ، وبالانتهاء عما نهاه عنه ، فهو يرجو ثواب ربه ، ويخاف عقابه .

ومن علامات بر الوالدين :

طاعتهما ، والإحسان إليهما بالقول والفعل ، وعدم الإساء إليهما ، ولو بقول " أف " ، ولكن هذا لا يعني أنهما يطاعان بكل ما يأمران به ، بل إن ذلك مقيَّد بكون أمرهما موافقاً للشرع ، ولا يشتمل على محرَّم يغضب الله تعالى ، فهنا لا طاعة لهما ، ولو أدَّى ذلك لتنغصهما ، فالمؤمن عبدٌ لربه تعالى يأتمر بأمره ، وينتهي عن نهيه ، وكل مطاعٍ فطاعته مقيدة بشرع الله تعالى غير مستقلة عنه .

قال الله تبارك وتعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا . رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا ) الإسراء/ 23 – 25 .

قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله :

" حكم ربك يا محمد بأمره إياكم ألا تعبدوا إلا الله ، فإنه لا ينبغي أن يُعبد غيره ، وأمركم بالوالدين إحساناً ، أن تحسنوا إليهما ، وتبرّوهما " انتهى .

"تفسير الطبري" (17/413 ، 414) .

وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله :

" أمر جل وعلا في هذه الآية الكريمة بإخلاص العبادة له وحده ، وقرن بذلك الأمر بالإحسان إلى الوالدين ، وجعْلُه برَّ الوالدين مقروناً بعبادته وحده جل وعلا المذكور هنا :

ذَكَرَه في آيات أخر ، كقوله في سورة " النساء " :

( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ) ، وقوله في البقرة ( وإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ) ، وقوله في سورة لقمان : ( أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ) ، وبيَّن في موضوع آخر أن برَّهما لازم ولو كانا مشركين داعيين إلى شركهما ، كقوله في " لقمان " : ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا ، وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ) ، وقوله في " العنكبوت " : ( وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُم ) الآية .
وذِكْرُه جل وعلا في هذه الآيات برَّ الوالدين مقروناً بتوحيده جل وعلا في عبادته : يدل على شدة تأكد وجوب بر الوالدين " انتهى .

"أضواء البيان" ( 3 / 85 ) .

ولذا فإن الواجب عليك بر والديْكِ ، ويحرم عليك عقوقهما ، وأمر والدك بمقاطعة والدتك : مخالف للشرع ، يحرم عليك الاستجابة له ، ومثله لو أمرتك والدتك بمقاطعة والدك .

وإذا كان للأب حق واحد :

فللأم ثلاثة أضعاف ذلك الحق .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي قَالَ : ( أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أَبُوكَ ) رواه البخاري ( 5626 ) ومسلم ( 2548 ) .

قال النووي رحمه الله :

" وفيه الحث على بر الأقارب ، وأن الأم أحقهم بذلك ، ثم بعدها الأب ثم الأقرب ، فالأقرب ، قال العلماء : وسبب تقديم الأم : كثرة تعبها عليه ، وشفقتها ، وخدمتها ، ومعاناة المشاق في حمله ، ثم وضعه ، ثم إرضاعه ، ثم تربيته ، وخدمته وتمريضه ، وغير ذلك " انتهى .

"شرح مسلم" (16/102) .

ثانياً:

بإمكانك – أختي الفاضلة – بر أمك دون أن تذكري ذلك لوالدك ، ودون الحاجة لأن يعرف أنك تفعلينه ، وهو لا يحل له ابتداءً أن يأمرك بالابتعاد عنها ، وعدم الحديث معها ، ويستطيع الأولاد بحكمة أن يجمعوا بين البرَّيْن والصلتين دون الحاجة لتفضيل جانب على آخر ، ودون الحاجة لإلغاء طرف على حسب طرف آخر .

سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :

أنا شاب أبلغ من العمر 18 عاماً ، أؤدي الصلاة ، وأعمل لنيل رضا والدي وطاعته ، ولكن منذ ولادتي وحتى الآن لم أر والدتي ، ولكني أعلم أين تقيم الآن ، وهي بعيدة عني ، والحقيقة بيَّنها لي والدي ، حيث أنه طلقها ، وأنا أريد رؤيتها ؛ لأنها أمي ، وسيحاسبني الله عليها إن لم أزرها ، مع العلم بأني لم أذكر لأبي بأنني أريد أن أراها ، أخاف أن أبيِّن له هذا ويغضب عليَّ ، خاصة وأنه متزوج من امرأة ثانية ، ولديه منها عدة أطفال ، فما حكم الشرع في حالتي هذه ؟

فأجاب :

" الذي نرى : أنه يجب عليك أن تزور أمك ، وأن تصحبها بالمعروف ، وأن تبرها بما يجب عليك برها به ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل مَن أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : أمك ، قيل ثم مَن ؟ قال : أمك ، قيل ثم من ؟ قال : أمك ، قيل ثم من ؟ قال : أبوك .

فلا يحل لك أن تقاطع أمك هذه المقاطعة ، بل صلها ، وزرها ، ولك في هذه الحال أن تداري والدك ، بحيث لا يعلم بزيارتك لأمك ، ومواصلتك إياها ، وبرك بها ، فتكون بذلك قائماً بحق الأم ، متلافياً غضب والدك " انتهى .

"فتاوى إسلامية" (4/213) .

ِوسئل الشيخ العثيمين رحمه الله - أيضاً - :

شاب يبلغ الخامسة والعشرين من العمر ، والدي ووالدتي في خصام مستمر طول أيامهما ، إن بررت بالأول : غضب ، ونفر الثاني ، إن بررت الثاني : غضب الأول ، واتهمني بالعقوق ، ماذا أفعل يا فضيلة الشيخ لكي أبرهما ؟

وهل أعتبر عاقّاً بالنسبة لأمي بمجرد أنني بررت بأبي أو العكس ؟

فأجاب :

" الإجابة على هذا أن نقول : إن بر الوالدين من أوجب الواجبات التي تجب للبشر على البشر ؛ لقول الله تعالى ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ) ، وقوله تعالى ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ) ، وقوله تعالى ( إن اشكر لي ولوالديك إلى المصير ) ، والأحاديث في هذا كثيرة جدّاً ، والواجب على المرء أن يبر والديه كليهما : الأم والأب ، يبرهما بالمال ، والبدن ، والجاه ، وبكل ما يستطيع من البر حتى أن الله تعالى قال : ( ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير . وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً )

فأمر بمصاحبة هذين الوالدين المشركين اللذين يبذلان الجهد .. في أمر ولدهما بالشرك ومع ذلك أمر الله أن يصاحبهما في الدنيا معروفاً ، وإذا كان ذلك كذلك : فالواجب عليك نحو والديك اللذين ذكرت أنهما في خصام دائم ، وأن كل واحد منهما يغضب عليك إذا بررت الآخر ، الواجب عليك أمران :

الأول :

بالنسبة للخصام الواقع بينهما :

أن تحاول الإصلاح بينهما ما استطعت ، حتى يزول ما بينهما من الخصام والعداوة والبغضاء ؛ لأن كل واحد من الزوجين يجب عليه للآخر حقوق لابد أن يقوم بها ، ومن بر والديك أن تحاول إزالة هذه الخصومات حتى يبقى الجو صافياً ، وتكون الحياة سعيدة .

وأما الأمر الثاني :

فالواجب عليك نحوهما أن تقوم ببر كل واحد منهما ، وبإمكانك أن تتلافى غضب الآخر إذا بررت صاحبه بإخفاء البر عنه ، وتبر أمك بأمر لا يطلع عليه والدك ، وتبر والدك بأمر لا تطلع عليه أمك ، وبهذا يحصل المطلوب ، ولا ينبغي أن ترضى ببقاء والديك على هذا النزاع ، وهذه الخصومة ، ولا على هذا الغضب إذا بررتَ الآخر ، والواجب عليك أن تبين لكل واحد منهما أن بر صاحبه لا يعنى قطيعته ، أي : قطيعة الآخر بل كل واحد منهما له من البر ما أمر الله به " انتهى .

"فتاوى إسلامية" (4/196 ، 197) .

على أننا ننبهك ـ أيتها السائلة الكريمة ـ إلى أن تتدرجي في تنفيذ ما نصحناك به ، وأن تراعي مشاعر والدك ورضاه قدر الإمكان ؛ لأن أمك غائبة عنك بطبيعة الحال ، ولن تتأثر بأمرك تأثر والدك به ، والتي غابت عنك ، أو غبت عنها نحوا من ستة عشر عاما ، لن تتأثر كثيرا ، بغياب يوم أو يومين ، وشهر أو شهرين ، ريثما تمهدي لما أنت مقدمة عليه

وتتمكني من بر إمك وإرضائها ، من غير أن تغضبي أباك أو تسيئي إليه ، وتذكري أن أباك ـ وفقه الله وهداه ، لما يحبه ويرضاه ـ قد قام نحوكم بالدورين :

دور الأب ، ودور الأم ؛ فحقه مضاعف ، ورضاه مؤكد ، والواجبات الشرعية جميعا إنما تجب على الإنسان بقدر استطاعته ، ومن يتق الله يجعل له مخرجا ، ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا ، فاستعيني بالله أن يفتح لك أبواب الطاعة والبر ، وأن يشرح صدر أباكِ .

والله أعلم

و اخيرا ً

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

الطيب الشريف
2018-02-08, 06:58
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

*عبدالرحمن*
2018-02-08, 17:03
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين



اللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا وحبيبنا
محمد صصلي لالله عليه وسلم وعلي اهله وصحبه اجمعين

انارت يا اخي واكثر

*عبدالرحمن*
2018-02-08, 17:05
اخوة الاسلام

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

السؤال :

أمي تبكي مني أحيانا وتتضايق مني فقط لأنني لا أملك رخصة قيادة السيارة ولا أعمل ومتهاون في ذلك بعكس الآخرين يملكون هذه الأشياء

فهل أنا عاق لوالدتي بهذا ؟

علما أنني أحبها وتحبني وأبرها وأدعو لها .

الجواب :

الحمد لله

أولا :

بر الوالدين من أعظم القربات ، وآكد الفرائض ، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل بعد الإيمان ، لاسيما البر بالأم ، لعظم حقها ، وجميل معروفها ، وسبْق إحسانها ، ولهذا جاءت الوصية بها ، والتأكيد على إحسان صحبتها

كما روى البخاري (5971) ومسلم (2548) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي ؟ قَالَ : ( أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ .

قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أَبُوكَ )
وروى أحمد (15577) والنسائي (3104) وابن ماجه (2781) أن مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَدْتُ الْغَزْوَ وَجِئْتُكَ أَسْتَشِيرُكَ فَقَالَ هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ الْزَمْهَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ عِنْدَ رِجْلِهَا ثُمَّ الثَّانِيَةَ ثُمَّ الثَّالِثَةَ فِي مَقَاعِدَ شَتَّى كَمِثْلِ هَذَا الْقَوْلِ ) قال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن .

ثانيا :

من أظهر معاني البر بالوالدين :

السعي في مرضاتهما ، وتحقيق الأنس والسعادة لهما ، وإزالة ما من شأنه التنغيص عليهما ، والتكدير لخواطرهما .

وإذا كان الأمر كذلك ، فما أعظم ما ذكرت ، من كونك تتسبب في بكاء أمك وإدخال الحزن عليها ، فأي بر هذا ؟!

فاتق الله أيها الأخ الكريم ، واحذر أن تكون في عداد العاقين وأنت لا تشعر .

أما علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم رد رجلا هاجر إليه حين علم أنه ترك والديه يبكيان؟

روى أبو داود (2528) والنسائي (4163) وابن ماجه (2782) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ جِئْتُ أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَتَرَكْتُ أَبَوَيَّ يَبْكِيَانِ فَقَالَ ارْجِعْ عَلَيْهِمَا فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتَهُمَا ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

ولا يخفى شأن الهجرة في ذلك الزمن .

ثالثا :

إن والدتك الكريمة إنما تدعوك لأمر فيه مصلحة وخير لك ، وهو أن تعمل كما يعمل غيرك ، وأن تجدّ كما يجدون ، بدلا من عيش الكسل والبطالة ، وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على من يعمل ، ويأكل من عمل يده ، فقال : ( مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ) رواه البخاري (2072).

وقال : ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلا فَيَسْأَلَهُ أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ ) رواه البخاري (1470) ومسلم (1042) ولفظه : ( لأَنْ يَحْتَزِمَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً مِنْ حَطَبٍ فَيَحْمِلَهَا عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ رَجُلا يُعْطِيهِ أَوْ يَمْنَعُهُ) .

فبادر أيها الأخ الكريم بالسعي لأخذ رخصة القيادة ، والعمل والاجتهاد ، لتقر عين والدتك بك ، ويذهب عنها حزنها وألمها ، فتكون من الفائزين بإذن الله .
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-02-08, 17:07
السؤال :

أرجو أن تشرح لي مسألة إغضاب الوالدين

حيث يحرم أن أقول لهما مجرد كلمة أف ، السبب في سؤالي هذا هو أنني متزوج منذ عدة سنوات ولدي طفلان

ولكن والدتي تشكو دائما من زوجتي ، ولا يوجد بينهما تفاهم ، وهي تتصل بي وتخبرني أن زوجتي شريرة ، وتقول إن زوجتي لا تحترمها

في حين أن زوجتي ليست كذلك ، وتقول أيضا إن زوجتي تفعل كذا وتقول كذا وهو ما تنكره زوجتي ، وهي لم تعد تقيم معنا

ومع ذلك ما زالت تقول إن زوجتي لا تحترمها ، ولا أعتقد أن زوجتي قد أخطأت في شيء في الحقيقة

ولكني متكدر جدا لأنهما لا تستطيعان التفاهم معا ، وزوجتي تبتعد عن عائلتي لأنها تخشى أن يتهموها بشيء لم تفعله ، وهذا يزيد من غضب أمي ؛ لأنها تقول إن زوجتي لا تهتم بها ، فماذا أفعل في هذا الموقف بحيث لا أغضب والديّ

ولكن في نفس الوقت لم ترتكب زوجتي شيئا ، وتقول لي إنه حرام علي أن لا أقول شيئا عندما يتهمونها بشيء لم تفعله

فهل هذا صحيح ؟

أرجو نصحي ، ماذا أفعل في هذا الموقف ؟

وهل حرام على أمي أن تخبرني بأن أختار بينهما ؟

الجواب :

الحمد للَّه

مشكلتك أيها الأخ الكريم ، هي إحدى المعضلات في الحياة الزوجية ، وهي مشكلة قديمة معقدة ، حتى صارت عند العرب مضرب المثل لمن بينهم من المعاملة والأخذ والإعطاء ما لا غنى بهم عنه ، ثم لا تزال المشارة والعداوة بينهم ؛ فيقولون : ( إن الحماة أولعت بالكَنَّة ، وأولعت كنتها بالظِّنة ) ؛ فالحماة أخت الزوج وأمه، والكنة امرأة الرجل .

والمعنى : أن الكنة إذا سمعت أدنى كلمة قالت: هذا عمل حماتي !! [ انظر : المستقصى في الأمثال ، للزمخشري 1/77 ] ؛ فهناك ، في واقع الأمر ، تربص متبادل من الطرفين ، كل بالآخر !!

وفي مثل هذه العلاقات تشتبك كثير من العوامل والمؤثرات التي ينبغي مراعاتها وتفهمها ، ثم التدرب على كيفية التعاطي معها للخروج بأفضل النتائج .

ولعلك تدرك أخي الكريم أن الغيرة – التي فطر الله سبحانه وتعالى البشر عليها - هي من أهم تلك العوامل ، وخاصة بين الأم والزوجة ، فإن الأم التي صحبتك تلك السنوات الطوال

تحفظك وترعاك وتعتني بك ، سوف تشعر بأنك لم تعد ملكا خالصا لها ، بل سوف تشعر أيضا أن نصيبها منك لم يعد وافيا بحقها عليك ، وأن القسمة بينها وبين زوجتك لم تكن عادلة ؛ فللزوجة الحب والحنان والتدليل والرعاية ، وللأم الصبر على متاعبها على مضض ، وإعطاؤها ما تحتاجه ، على كره وتأفف ، هذا إن كان سيعطيها ، فكيف إذا كان عاقا ، ومنعها حقوقها ؟!! وحينئذ تخلق المشاكل .

والغيرة نار تعمي وتصم ، لا تلبث أن تأكل كل سعادة واطمئنان تعيشها الأسرة ، وهي أقوى ما تكون إذا أسأنا التعامل معها ، ولم نحاول تهذيبها وتخفيف لهيبها .

أقول ذلك ابتداء كي تتفهم معي أمرين اثنين مهمين :

الأمر الأول :

كي تدرك حقيقة السبب الذي يدفع والدتك لمثل هذه التصرفات تجاه زوجتك ، وتدرك حقيقة عذرها في ذلك ، وأنها قد لا تكون تملك من أمرها شيئا ، فالمرأة ضعيفة جدا أمام هذا الشعور ، ولا تستطيع إخفاءه رغم سعيها الشديد للظهور بمظهر الرضا والقبول ، فإذا أدْرَكتَ حقيقة عذر الوالدة ، اطمأن قلبك نحوها ، وسكنت مشاعرك تجاهها

وأيقنت أن برها وطاعتها وحبها فرض لازم في حقك نحوها ، لا ينبغي أن تشك في ذلك لحظة واحدة ، مهما بلغ حد المشاكل التي تجرها عليكم نار الغيرة .

أما الأمر الثاني :

فهو أن تعلم أنك بالحب وحده يمكنك تغيير الحال الذي بين والدتك وزوجتك ، فالوالدة بحاجة إلى اطمئنان زائد بمحبة ابنها لها ، وأنه على ما عَهِدَتهُ فيه من مودةٍ واحترام وبر وإحسان

بل ينبغي عليك السعي إلى مضاعفة تلك المشاعر ، بتكرار الزيارات والهدايا والحرص على إسعادها بالكلمة وتلبية الرغبات ، وحينئذ ستبدأ نفسها بالسكون ، وغيرتها بالهدوء ، وتختفي تدريجيا تلك المشاكل التي كانت تصنعها .

وإذا كانت الوالدة ، من خلال ما يبدو لنا من رسالتك ، سريعة في التجني على زوجتك وأم أولادك ، فإننا سوف نحاول أن نبدأ العلاج منك ومن زوجتك ؛ لأن هذا في واقع الأمر هو الطرف الأسهل والأقرب في المعادلة ، ونقول للزوجة الكريمة ، قال الله تعالى : ( وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت:34) .

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ ) رواه مسلم (2588) .

وفي حديث آخر : ( وَلَا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً فَصَبَرَ عَلَيْهَا إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا )
رواه الترمذي (2325) وصححه الألباني .

فكم من المشاكل ستزول حين تجاهد الزوجة الكريمة نفسها على ذلك الأدب ، ابتغاء مرضاة ، وإصلاحا لحال زوجها ، ومحافظة على عيشه وبيته !!

ولتحاول أن تنزل أم زوجها مكان أمها ، في احتمال غضبها ، وغفران إساءتها ، لا سيما والمسكن منفصل ، وهذا يقلل إلى حد كبير من حدوث المشاكل والمصادمات .

وكم ستخف تلك المشكلات ، إلى أن تنتهي بإذن الله ، إذا استطاعت الزوجة الكريمة أن تتحين الفرص المناسبة لهدية لطيفة تهديها لأمك ، حتى وإن كان في النفوس ما فيها . قال صلى الله عليه وسلم : ( تهادوا تحابوا ) رواه أبو يعلى ، وحسنه الألباني .

وأما أنت ، أيها الأخ الكريم ، فيجب أن يتسع قلبك لبر الوالدة وحبها الكبير ، مع حب الزوجة والسكون إليها ، ونجاحك في ذلك بداية العلاج ، وفشلك فيه يعني استمرار المعاناة أو زيادتها ، والأمر يحتاج منك إلى شيء من التصبر والتعلم ، فإن الإنسان قابل لتعلم بذل مشاعر الود والمحبة كما يتعلم أي صناعة في هذه الدنيا .

وأنت خلال ذلك كله لا بد أن تقف عند الخطوط التي رسمتها لك الشريعة الإسلامية ، وذلك في قوله سبحانه وتعالى :

( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً ) الإسراء/23

وقوله سبحانه :
( وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) لقمان/15

فتأمل كيف أن شرك الوالدين أو كفرهما – وهي أعظم الذنوب – لا ينبغي أن تحجب الابن عن صحبة والديه بالمعروف ، فكيف ببعض المشاكل مع الزوجة ؟

وأهم هذه الخطوط التي رسمتها الشريعة أيضا ، حفظ حق الزوجة ، واحترام مشاعرها ورغباتها ، وعدم الجور عليها أو ظلمها لإيفاء حق الوالدة ، فلا ينبغي لك أن تطيع والدتك إذا أمرتك بفراق زوجتك ، ولا يجوز أن تصدقها فيما تتهم به زوجتك زورا وبهتانا ، خاصة إذا كانت الزوجة ذات خلق ودين ، فهي أمانة مستودعة في ذمتك ، فيجب عليك أن تحفظ هذه الأمانة .

وإذا كان لنا من همسة في أذن الوالدة الكريمة ، فنقول لها :

أيتها الأم الكريمة التي حملت ووضعت ، وربت وتعبت ، وآثرت على نفسها وبذلت ، لا تكدري إحسانك لابنك بتنغيص عيشه ، وأنزلي هذه الزوجة التي اختارها ابنك لنفسه ، وجعل الله له منها الولد ، أنزليها منزلة ابنتك ، وانظري : كيف تحبين أن تعيش ابنتك مع زوجها وأهلها ، فعامليها به ، وجاهدي نفسك على الإحسان ، كما أمرنا الرب الجليل : ( وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) البقرة/195 .

فإذا عجزت عن الإحسان فاعدلي . قال الله تعالى : ( وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الحجرات/9 .
وحذار ، أيتها الوالدة ، من الظلم ؛ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) متفق عليه .

نسأل الله أن يصلح بالكم ، وأن يصلح ذات بينكم ، وأن يرزقنا وإياكم الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-02-08, 17:09
السؤال :

ما حكم المال الذي يتم ربحه من المقهى ، وأود هنا أن أشرح لكم بعض الأمور وهي :

1- استخدام الدش ولا يستخدم إلا في مشاهدة أغاني الفيديو كليب ومباريات الكرة

2-ألعاب الدومينو- النرد ويلعبها الزبائن على أن يدفع الخاسر ثمن المشروبات كلها وحده أو يدفع نقود للفائز ، ويكون للمقهى جزء من هذه النقود .

3- شرب الشيشة بشكل كبير .

4- جلوس الشباب لينظروا للنساء في الطريق اللائي معظمهن متبرجات .

5- المزاح القبيح بين الجالسين على المقهى مع بعضهم باستخدام ألفاظ قذرة .

والسؤال الآن :

هل المال العائد من المقهى من الأموال المختلطة ؟ وهل لي أن آكل من هذا المال ؟

وأنا لا أجد عملاً ، مع العلم أن المقهى ملك لأبي وهو الذي يديره .

الجواب :

الحمد لله

أولا :

استعمال الدش على الوجه المذكور ، وشرب الشيشة ولعب القمار ، وتبادل الألفاظ القذرة والنظر إلى النساء المتبرجات ، كل ذلك من المحرمات الظاهرة ، والإثم على من اقترفها أو أعان عليها ، أو أقرها ولم ينكرها

ولا شك أن فتح المقهى الذي تمارس فيه هذه الرذائل محرم ، وما يأتي من المال في مقابل هذه الأعمال أو التمكين منها محرم أيضا ؛ لقوله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2 .
وقوله تعالى : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً ) النساء/140.

قال القرطبي رحمه الله :

" قوله تعالى: ( فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره ) أي غير الكفر . ( إنكم إذا مثلهم ) : فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر ؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم ، والرضا بالكفر كفر . قال الله عز وجل : ( إنكم إذا مثلهم ) فكل من جلس في مجلس معصية ، ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء .

وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية " انتهى .

وقوله صلى الله عليه وسلم : ( وإن الله عز وجل إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه ) رواه أحمد وأبو داود (3026 ) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (5107)

وكون الخاسر في هذه الألعاب يدفع نقوداً للفائز أو ثمن المشروبات هو من القمار ولا شك

ثانيا :

إذا كان لوالدك مورد ماليٌّ آخر ، أو كان في المقهى ما يباح بيعه ، كالشاي والقهوة ونحو ذلك ، فمال أبيك مختلط ، اختلط فيه الحلال بالحرام ، ولا حرج عليك في الأكل من هذا المال ما دمت محتاجا ، والورع ترك ذلك .

جاء في "حاشية الدسوقي" (3/277) :

" اعلم أن من أكثر ماله حلال وأقله حرام : المعتمد جواز معاملته ومداينته والأكل من ماله ... وأما من أكثر ماله حرام والقليل منه حلال : فالمعتمد كراهة معاملته ومداينته والأكل من ماله .

وأما من كان كل ماله حراماً وهو المراد بمستغرق الذمة ، فهذا تمنع معاملته ومداينته ويمنع من التصرف المالي وغيره " انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" إذا كان مكسب الوالد حراماً ، فإن الواجب نصحه ، فإما أن تقوموا بنصحه بأنفسكم إن استطعتم إلى ذلك سبيلاً ، أو تستعينوا بأهل العلم ممن يمكنهم إقناعه أو بأصحابه لعلهم يقنعونه حتى يتجنب هذا الكسب الحرام ، فإذا لم يتيسر ذلك فلكم أن تأكلوا بقدر الحاجة ولا إثم عليكم في هذه الحالة ، لكن لا ينبغي أن تأخذوا أكثر من حاجتكم للشبهة في جواز الأكل ممن كسبه حرام " انتهى من "فتاوى إسلامية" (3/452 ) .

نسأل الله تعالى أن يهدي والدك ، ويصلح حاله ، وأن يرزقك رزقا حلالا مباركا فيه .

والله أعلم .

*عبدالرحمن*
2018-02-08, 17:11
السؤال :

سؤالي يتعلق بأحد الشباب الصغار من المسلمين .

هو ما شاء الله شاب جاد مخلص وعلى علم ملتزم بتعاليم الإسلام وبسنة النبي صلى الله عليه وسلم ويحاول بكل جهده اتباع العقيدة الصحيحة .

إنه يعيش بمفرده مع أمه المطلقة والتي لا تتبع الإسلام بالكلية وتنهمك في الكثير من الأعمال التي لا تتفق مع الإسلام في شيء …

أنا على صلة بالشاب وأمه وهما على تراحم وتواد لكني أرى أن الشاب أحيانا يضيق بتصرفات أمه التي تضعه في مواقف حرجة وأنا لا أستطيع تقديم النصح له بصورة صحيحة .

وفيما يلي بعض الأمثلة لهذه المواقف مثل خروج الأم من المنزل لمدة قصيرة فيشعر الابن بالخزي من ذلك لكنه يسير معها خوفا عليها من أن يبادرها أحدا بالكلام ، ….

الأم كثيرة التعرف على الرجال من الجنس الآخر على الطريقة الغربية ، وهي كثيرة الذهاب إلى دعوات العشاء وتجلس على الطاولة التي غالبا ما تكون ممتلئة بالخمر الذي يحتسيه رفاقها وصديقاتها لكنها لا تشرب الخمر على الإطلاق وهناك العديد والعديد من الموضوعات التي يمارسها أصدقاء الأم مثل البدع ويحاول الابن باستمرار دعوة الأم وتوضيح الأمور لها لكنها دائما ما تتهمه بالتعصب والمغالاة أو أنه من العصر الحجري .

أرجو تقديم النصيحة لصديقي الذي لم يصاحب أحدا غيري فهو يشعر انه ديوث ويود أن يعرف هل بقاءه مع والدته وهي على هذا النحو من السلوكيات يعد أمرا صحيحا وهو يخشى عليها من أن يتحرش بها أحد من الغرباء نظرا لأنها ترتدي الملابس القصيرة غير الإسلامية وهو لم يخبرني بهذه الأشياء كما أنه لم يفش أسرار الأسرة لكن الأمر بات واضحا لي ولمن حوله .

الرجاء المساعدة جزاك الله تعالى خير الجزاء .

الجواب:

الحمد لله

لا شكّ أنّ القصّة المذكورة مؤلمة ومؤثّرة وخصوصا عندما يُصاب الإنسان بمصيبة الدّين في أقرب النّاس إليه ويُؤذى أيضا ، ولكن حسبنا الله ونعم الوكيل وإنا لله وإنا إليه راجعون ولْيعلم هذا الأخ أنّ بر الوالدين من أوجب الواجبات التي تجب للبشر على البشر لقول الله تعالى { ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا }

فأمر بمصاحبة هذين الوالدين المشركين اللذين يبذلان الجهد في أمر ولدهما بالشرك ومع ذلك أمر الله أن يصاحبهما في الدنيا معروفا ، وإذا كان كذلك فالواجب عليك نحو والدتك أن تنصحها بالكفّ عن هذه المعاصي وأن تبيّن لها ما في فعلها من الإثم والعقاب فإن استجابت فالحمد لله

وإلا فاهجرها هجراً جميلاً ولا تخالطها مخالطةً تضرك في دينك ولا تؤذيها بل صاحبها في الدنيا بالمعروف وتابع نصيحتها بين الحين والأخر ، وهجرك إياها لا يضرك لأنك إنما فعلته غيرةً لله وإنكاراً للمنكر .

أنظر إجابة الشيخ محمد بن عثيمين في فتاوى إسلامية (4/196) واللجنة الدائمة في فتاوى إسلامية (4/204) والشيخ عبد الله بن جبرين في فتاوى المرأة المسلمة (2/957)

وخلاصة القول في مسألة مساكنتك لها أنّه إذا سُكناك معها سيُفيدها في زيادة دين أو إيمان أو التزام بواجب أو بُعد عن محرّم أو التّخفيف منه على الأقل من خلال شعورها بشيء من الرّقابة مثلا أو ردّ أهل السوء عنها وصرفهم

ولم يكن في هذه المخالطة ضرر عليك ، فابق معها محتسبا الأجر في كلّ ما تقدّم والله يُثيبك على صبرك ، وإن كنت قد أعيتك المحاولة ولم تجد فائدة في إحراز أيّ تقدّم في أيّ مجال مما تقدّم ذكره وكانت المُخالطة لها تسبب ضررا عليك في دينك أو سُمعتك فلا عليك من حرج في هجرها كما تقدّم مع الاستمرار في تفقّدها وقضاء حاجاتها ونصحها بين الفَينة والأخرى

ونسأل الله أن يرزقك الصّبر ويأجرك على جهدك وهو نِعم المولى ونِعم النّصير .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-02-08, 17:14
السؤال :

أبي يقتبس حديث "أنت ومالك لأبيك" أو "ما يملك الابن ملك للأب" فهل هذا صحيح؟

وهل هذا يعني أنه يحق للأب أن يأخذ ما يشاء حتى لو كان ضد رغبة الابن؟

أعلم أنه واجب على الأبناء مراعاة الآباء .

الجواب :

الحمد لله

1. الحديث : عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي مَالا وَوَلَدًا وَإِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي فَقَالَ أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ رواه ابن ماجه ( 2291 ) وابن حبان في صحيحه ( 2 / 142 ) من حديث جابر ، و ( 2292 ) وأحمد ( 6902 ) من حديث عبد الله بن عمرو .

ورواية أحمد عن عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ أَتَى أَعْرَابِيٌّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي قَالَ أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ وَإِنَّ أَمْوَالَ أَوْلَادِكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ فَكُلُوهُ هَنِيئًا .

وله طرق وشواهد يصح بها .

انظر : " فتح الباري " ( 5 / 211 ) ، و " نصب الراية " ( 3 / 337 ) .

2. اللام في الحديث : ليست للملك بل للإباحة .

قال ابن القيم :

واللام في الحديث ليست للملك قطعا .. ومن يقول هي للإباحة أسعد بالحديث وإلا تعطلت فائدته ودلالته .

" إعلام الموقعين " ( 1 / 116 ) .

3. ومما يدل على أنها ليست للملك أن الابن يرثه أولاده وزوجته وأمه ، فلو كان ماله ملكاً لوالده : لم يأخذ المال غير الأب .

وقال الشافعي :

لأنه لم يثبت فإن الله لما فرض للأب ميراثه من ابنه فجعله كوارث غيره وقد يكون أنقص حظا من كثير من الورثة دل ذلك على أن ابنه مالك للمال دونه .

" الرسالة " ( ص 468 ) .

4. وليست الإباحة على إطلاقها ، بل هي بشروط أربعة :

قال الشيخ ابن عثيمين حفظه الله :

هذا الحديث ليس بضعيف لشواهده ، ومعنى ذلك : أن الإنسان إذا كان له مال : فإنَّ لأبيه أن يتبسَّط بهذا المال ، وأن يأخذ من هذا المال ما يشاء لكن بشرط بل بشروط :

الشرط الأول :

ألا يكون في أخذه ضرر على الابن ، فإن كان في أخذه ضرر كما لو أخذ غطاءه الذي يتغطى به من البرد ، أو أخذ طعامه الذي يدفع به جوعه : فإن ذلك لا يجوز للأب.

الشرط الثاني :

أن لا تتعلق به حاجة للابن ، فلو كان عند الابن أمَة يتسراها : فإنه لا يجوز للأب أن يأخذها لتعلق حاجة الابن بها ، وكذلك لو كان للابن سيارة يحتاجها في ذهابه وإيابه وليس لديه من الدراهم ما يمكنه أن يشتري بدلها : فليس له أن يأخذها بأي حال .

الشرط الثالث :

أن لا يأخذ المال مِن أحد أبنائه ليعطيه لابنٍ آخر ؛ لأن ذلك إلقاء للعداوة بين الأبناء ، ولأن فيه تفصيلاً لبعض الأبناء على بعض إذا لم يكن الثاني محتاجاً ، فإن كان محتاجاً : فإن إعطاء الأبناء لحاجة دون إخوته الذين لا يحتاجون : ليس فيه تفضيل بل هو واجب عليه .

وعلى كل حال :

هذا الحديث حجة أخذ به العلماء واحتجوا به ، ولكنه مشروط بما ذكرنا ، فإن الأب ليس له أن يأخذ من مال ولده ليعطي ولداً آخر .

والله أعلم .

" فتاوى إسلامية " ( 4 / 108 ، 109 ) .

وهناك شرط رابع مهم وهو أن تكون عند الأب حاجة للمال الذي يأخذه من ولده ، وقد جاء مصرَّحاً بهذا الشرط في بعض الأحاديث .

عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أولادكم هبة الله لكم { يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور } فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها .

رواه الحاكم ( 2 / 284 ) والبيهقي ( 7 / 480 ) .

والحديث صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 2564 ) ، وقال :

وفي الحديث فائدة فقهيَّة هامَّة وهي أنه يبيِّن أن الحديث المشهور " أنت ومالك لأبيك " ( الإرواء 838 ) ليس على إطلاقه بحيث أن الأب يأخذ من مال ابنه ما يشاء ، كلا ، وإنما يأخذ ما هو بحاجة إليه .

والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-02-08, 17:16
السؤال :

لدي بعض الأسئلة عن الوالدين

1- ما هو حق الأم علي ؟

2- ما هو حقي على أمي ؟

3- ما هي الأشياء التي يمكن أن أعملها (المباحة طبعاً) دون أن يكون لأمي الحق من منعي ؟

4- متى يكون للأب القرار الأخير في الموضوع ؟

أنا أحب أمي جدا جدا وهي تريد حمايتي حتى أنني أشعر بعض الأحيان بأنني مقيد

أعلم بأنها تفعل هذا من فرط حبها لي فكيف أخبرها بأنني أريد بعض الحرية
في اختياراتي في الحياة ؟.

الجواب :

الحمد لله

أولاً : حق الأم على ولدها :


للأم على ولدها حقوق كثيرة وكبيرة لا يحصيها المحصي ولكن نذكر منها :

أ - حبها وتوقيرها في النفس والقلب ما استطاع لأنها أحق الناس بحسن صحبته .

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : أمك ، قال ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : ثم أبوك " .

رواه البخاري ( 5626 ) ومسلم ( 2548 ) .

فهي التي جعلت بطنها لك وعاءاً وثديها لك سقاءاً ، فحبها لازم ولا بد ، والفطرة تدعو إليه ، بل إن حب الأولاد لأمهاتهم وحب الأمهات لأولادها فطر الله عليه البهائم والدواب ، فبنو البشر أولى بذلك والمسلمون أولى بذلك كله .

ب - الرعاية والقيام على شؤونها إن احتاجت إلى ذلك بل إن هذا ديْن في عنق ولدها . أليست قد رعته طفلاً صغيراً وسهرت عليه وكانت تصبر على أذاه .

قال تعالى { ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً } ( الأحقاف / 15 ) .

بل إن ذلك قد يقدّم على الجهاد إن تعارض معه .

عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحيٌّ والداك ؟ قال : نعم، قال : ففيهما فجاهد . رواه البخاري ( 2842 ) ومسلم ( 2549 ) .


يتبع ...

*عبدالرحمن*
2018-02-08, 17:17
ت -عدم الأذية وإسماعها ما تكره من القول أو الفعل .

قال تعالى : { فلا تقل لهما أفٍ } ( الإسراء / 23 ) .

فإذا كان الله تعالى حرَّم قول " أف " للوالدين : فكيف بمن يضربهما ؟!! .

ث - النفقة عليها إن أعوزت ولم يكن لها زوج ينفق عليها أو كان زوجها معسراً بل إن النفقة عليها وإطعامها عند الصالحين أحب إليهم من أن يطعموا أبناءهم .

عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

" خرج ثلاثة يمشون فأصابهم المطر فدخلوا في غار في جبل فانحطت عليهم صخرة قال فقال بعضهم لبعض ادعوا الله بأفضل عمل عملتموه فقال أحدهم اللهم إني كان لي أبوان شيخان كبيران فكنت أخرج فأرعى ثم أجيء فأحلب فأجيء بالحلاب فآتي به أبوي فيشربان ثم أسقي الصبية وأهلي وامرأتي فاحتبست ليلة فجئت فإذا هما نائمان قال فكرهت أن أوقظهما والصبية يتضاغون عند رجلي فلم يزل ذلك دأبي ودأبهما حتى طلع الفجر اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا فرجة نرى منها السماء قال ففرج عنهم …. " .

رواه البخاري ( 2102 ) ومسلم ( 2743 ).

يتضاغون : يبكون بصوت عالِ .

ج - الطاعة والائتمار بأمرها إن أمرت بمعروف ، أما إن أمرت بشرٍّ كالشرك : فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .

قال تعالى :{ وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً } ( لقمان / 15 ) .

ح - أما بعد موتها فيسن قضاء ما عليها من كفارات والتصدق عنها والحج أو الاعتمار عنها.

عن ابن عباس رضي الله عنهما :

" أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها ؟ قال : نعم حجي عنها ، أرأيتِ لو كان على أمك ديْن أكنتِ قاضيته ، اقضوا الله فالله أحق بالوفاء". رواه البخاري ( 1754 ) .


يتبع ....

*عبدالرحمن*
2018-02-08, 17:19
خ - وكذلك بعد موتها يسنّ برها بصلة من كانت تصله وتحترمه كأقاربها وأصدقائها .

عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إِنَّ مِنْ أَبَرِّ الْبِرِّ صِلَةَ الرَّجُلِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ ". رواه مسلم ( 2552 ) .

ثانياً : حقوقك على أمك :

أ - القيام على شأنك وأنت طفل وإرضاعك وحضانتك وهذا معلوم من فطرة الناس وهو متواتر عنهم من بدء الخليقة .

قال تعالى { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ….. } (البقرة / 233 ) .

ب - أن تربيك تربيةً صالحةً وهي مسؤولة عنك يوم القيامة أمام الله لأنك من رعيتها وهي راعيتك .

عن عبد الله بن عمر يقول :

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته الإمام راع ومسؤول عن رعيته والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته قال وحسبت أن قد قال والرجل راع في مال أبيه ومسؤول عن رعيته وكلكم راع ومسؤول عن رعيته".

رواه البخاري ( 853 ) ومسلم ( 1829 ) .

ثالثاً :

أما ما يحل لك أن تصنعه دون أن تتدخل أمك في شؤونك من المباحات : فليس لها الحق في اختيار ما تحب من المباحات التي لا سلطة لها عليك بها كالطعام والشراب والملبس والمركب ونحو ذلك .

وأما التدخل في شؤونك من جهة خروجك ودخولك المنزل أو السهر في الليل مع الرفقة الذين تصحبهم : فيجب على الوالدين كليهما أن يراقبا أولادهما في ذلك ليضبطوا الأمر ولا يضيع الأولاد مع رفقة السوء ، فإن أكثر ما سبّب للشباب الفساد رفقة السوء ، وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " . رواه الترمذي ( 2387 ) وأبو داود ( 4833 ) .

والحديث حسَّنه الترمذي وصححه النووي كما في " تحفة الأحوذي " ( 7 / 42 ) .

وكذلك يراقبان ولدهما في وقت رجوعه إلى البيت وإلى أين يخرج لأنه لا يجوز لهما أن يتركا الحبل على غاربه للولد خصوصا إذا لم يكن صاحب استقامة .

وينبغي عليك أن تراعي منزلتهما وتوقيرهما وأخذهما بالصحبة الحسنة حتى وإن ضيقا عليك فيما أباح الله لك ، فإنه أمرنا أن نصحب آباءنا بالصحبة الحسنة حتى ولو كانوا كفاراً يدعوننا إلى الشرك فكيف وهما لا يدعوننا إلا إلى شيء يظنان كل الظن أن الخير لنا فيه وإن كان في بعض ما يأمران به تضييق عليك في بعض ما يباح لك .

فالأحسن أن تطيعهما وأن تصنع ما يريدان وتنزل عند رغبتها وإن كان لا يجب عليك ولكن من باب التضحية والإيثار فإنهما أحق من يحسن إليهما وقد جعل الله تعالى طاعة الوالدين بعد عبادته مباشرة كما ذكر في كتابه وذلك بيانا لمنزلة بر الوالدين .

يتبع ....

*عبدالرحمن*
2018-02-08, 17:20
رابعاً :

يكون للأب القرار الأخير في كل ما هو داخل في مسئوليته تجاهك فهو الذي يقرر مثلا في أيّ مدرسة يدرس ولده الذي تحت نفقته وكذلك يكون للأب القرار في كل تصرّف يتعلّق بملكه مثل استعمالك لسيارته وأخذك من ماله وهكذا .

وأما الولد الكبير المستقل بنفسه ونفقته فإنّه يقرر لنفسه ما يريد مما أباحه الله ويُشرع له إرضاء أبيه ما لم يتعارض ذلك مع طاعة الله وعلى الولد أن يستمر في توقير أبيه مهما بلغ الولد من العمر وذلك من باب البر وحسن العشرة

فقد روي عن ابن عمر أنه قال : " ما رقيت سطح منزل أبي تحته " .

وكذلك إذا أمر الأب ولده بمعروف أو بترك المباح فيُطاع ما لم يكن ضرر على الولد .

خامساً :

أما كيف تخبر أمك برغبتك في مزيد من الحرية فإنّ ذلك يكون بالقول والعمل .

أ - أما العمل :

فيكون بعد أن تثبت عملا وواقعا لأمك بأنك لم تعد الصبي الذي تعهد وأنك أصبحت رجلاً قادراً على تحمل المسئولية وتتصرف أمامها تصرف الرجال في مواقفك فإن هي رأت منك ذلك مرارا فستثق بك وسيستقيم أمرك عندها ويكبر مقامك في نفس أمك .

ب - أما القول :

فيكون بالحجة الواضحة والمناقشة الهادئة والقول اللين وضرب الأمثلة على مواقفك السليمة الصحيحة ، ولعل الله تعالى أن يشرح صدرها لتعاملك معاملة الرجل البالغ العاقل الراشد السوي ما دمت كذلك .

ونسأل الله لنا ولك ولوالديك أن يهدينا سبيل الرشاد وصلى الله على نبينا محمد .

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-02-08, 17:21
السؤال :

أقوم أحياناً بالطواف لأحد أقاربي أو والدي أو أجدادي المتوفين ما حكم ذلك ؟

وأيضاً ما حكم ختم القرآن لهم ؟.

الجواب :

الحمد لله

الأفضل ترك ذلك ؛ لعدم الدليل عليه

لكن يشرع لك الصدقة عمن أحببت من أقاربك وغيرهم إذا كانوا مسلمين ، والدعاء لهم ، والحج والعمرة عنهم ، أما الصلاة عنهم والطواف عنهم والقراءة لهم ، فالأفضل تركه ؛ لعدم الدليل عليه .

وقد أجاز ذلك بعض أهل العلم قياساً على الصدقة والدعاء ، والأحوط ترك ذلك .

وبالله التوفيق .

كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله .م/8 ص/345.

*عبدالرحمن*
2018-02-08, 17:22
السؤال :

أنا مسلمة والحمد لله وأعمل كل ما يرضي الله وملتزمة بالحجاب الشرعي ولكن والدتي سامحها الله لا تريد مني أن ألتزم بالحجاب وتأمرني أن أشاهد السينما والفيديو .. إلخ

وتقول لي : إذا لم تتمتعي وتنشرحي تكونين عجوزاً ويبيض شعرك ؟.

الجواب :

الحمد لله

الواجب عليك أن ترفقي بالوالدة وأن تحسني إليها وأن تخاطبينها بالتي هي أحسن ؛ لأن الوالدة حقها عظيم ، ولكن ليس لك طاعتها في غير المعروف ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما الطاعة في المعروف ) ، وقوله عليه الصلاة والسلام ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) وهكذا الأب والزوج وغيرهما لا يطاعون في معاصي الله للحديث المذكور ، ولكن ينبغي للزوجة والولد ونحوهما أن يستعملوا الرفق والأسلوب الحسن في حل المشاكل وذلك ببيان الأدلة الشرعية ووجوب طاعة الله ورسوله والحذر من معصية الله ورسوله مع الثبات على الحق وعدم طاعة من أمر بمخالفته من زوج أو أب أو أم أو غيرهم .

ولا مانع من مشاهدة ما لا منكر فيه من التلفاز والفيديو وسماع الندوات العلمية والدروس المفيدة والحذر من مشاهدة ما يعرض فيهما من المنكر ، كما لا يجوز مشاهدة السينما لما فيها من أنواع الباطل . انتهى .

ولا ينصح بوضع التلفيزيون في البيت أبداً لكثرة ما فيه من الباطل والحرام وقول والدتك لك إذا لم تتمتعي تكونين عجوزاً ويبيض شعرك كلام ساقط وهراء وتشبه بالتخاريف التي يخرف بها الأطفال فلا تلتفتي إلى هذا الكلام والمتعة إذا كانت مباحة كالذهاب إلى الأنهار ورؤية الأشجار والصيد المباح لا بأس بها ، أما المتعة المحرمة فيجب تركها مهما كانت .

كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/9 ص/314.

*عبدالرحمن*
2018-02-08, 17:23
السؤال :

هل يمكن للمسلم أن يدعو لأمه غير المسلمة التي توفيت ؟.

الجواب :

الحمد لله

قال الله عز وجل في كتابه (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم } التوبة - 116

قال القرطبي في الأحكام (8/173) هذه الآية تضمنت قطع موالاة الكفار حيهم وميتهم فإن الله لم يجعل للمؤمنين أن يستغفروا للمشركين فطلب الغفران للمشرك مما لا يجوز ) وقد روى مسلم في صحيحه (916) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي واستأذنته أن زور قبرها فأذن لي .

فهذا الحديث يبين أن الله عز وجل لم يأذن لنبيه وهو أشرف خلقه بالاستغفار لأمه بعد موتها وهذا هو الذي نهى الله عنه في الآية السابقة وهذا الحديث نص في هذه المسألة وقال الشوكاني في فتح القدير (2/410) وهذه الآية متضمنة لقطع الموالاة للكفار وتحريم الاستغفار لهم والدعاء بما لا يجوز لمن كان كافراً انتهى .

فلو قال قائل إن إبراهيم عليه السلام قال لأبيه الكافر : قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا(47) سورة مريم

فالجواب ما ذكره الله بقوله : وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ(114) سورة التوبة

قال ابن عباس رضي الله عنه : لما مات تبيّن له أنّه عدو لله : تفسير ابن كثير

والله أعلم.

الشيخ محمد صالح المنجد

*عبدالرحمن*
2018-02-08, 17:25
السؤال :

لي والدة لا تقرأ وأحب أن أبرها وكثيرا ما أقرأ القرآن وأجعل ثوابه لها ، ولما سمعت أنه لا يجوز عدلت عن ذلك وأخذت أتصدق عنها بدراهم ، وهي الآن حية على قيد الحياة ، فهل يصل ثواب الصدقة من مال وغيره إليها سواء كانت حية أو ميتة ، أم لا يصل إلا الدعاء ، حيث لم يرد إلا ذلك كما في الحديث : ( إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث وذكر : ولد صالح يدعو له ) ، وهل الإنسان إذا كان كثير الدعاء لوالديه في الصلاة وغيرها قائما وقاعدا يشهد له الحديث في بأنه صالح ويرجى له خير عند الله ؟ أرجو الإفادة ولكم من الله الثواب الجزيل.

الجواب :

الحمد لله

أما قراءة القرآن فقد اختلف العلماء في وصول ثوابها إلى الميت على قولين لأهل العلم

والأرجح أنها لا تصل لعدم الدليل .

لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعلها لأمواته من المسلمين كبناته اللاتي

متن في حياته عليه الصلاة والسلام ، ولم يفعلها الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم فيما علمنا

فالأولى للمؤمن أن يترك ذلك ولا يقرأ للموتى ولا للأحياء ولا يصلي لهم ، وهكذا التطوع بالصوم عنهم .

لأن ذلك كله لا دليل عليه

والأصل في العبادات التوقيف إلا ما ثبت عن الله سبحانه أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم شرعيته .

أما الصدقة فتنفع الحي والميت بإجماع المسلمين ، وهكذا الدعاء ينفع الحي والميت بإجماع المسلمين ، وإنما جاء الحديث بما يتعلق بالميت .

لأنه هو محل الإشكال :

هل يلحقه أم لا يلحقه فلهذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) لما كان من المعلوم أن الموت تنقطع به الأعمال بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن هذا لا ينقطع ، وأما الحي فلا شك أنه ينتفع بالصدقة منه ومن غيره وينتفع بالدعاء ، فالذي يدعو لوالديه وهم أحياء ينتفعون بدعائه ، وهكذا الصدقة عنهم وهم أحياء تنفعهم .

وهكذا الحج عنهم إذا كانوا عاجزين لكبر أو مرض لا يرجى برؤه فإنه ينفعهم ذلك ، ولهذا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم : أن امرأة قالت يا رسول الله : إن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة ، أفأحج عنه . قال : ( حجي عنه ) .

وجاءه رجل آخر فقال : يا رسول الله : إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا الظعن أفأحج عنه وأعتمر ؟ ، قال : ( حج عن أبيك واعتمر ) ، فهذا يدل على أن الحج عن الميت أو الحي العاجز لكبر سنه أو المرأة العاجزة لكبر سنها جائز ، فالصدقة والدعاء والحج عن الميت أو العمرة عنه وكذلك عن العاجز كل هذا ينفعه عند جميع أهل العلم .

وهكذا الصوم عن الميت إذا كان عليه صوم واجب سواء كان عن نذر أو كفارة أو عن صوم رمضان لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : ( من مات وعليه صيام صام عنه وليه ) متفق على صحته ، ولأحاديث أخرى في المعنى ، لكن من تأخر في صوم رمضان بعذر شرعي كمرض أو سفر ثم مات قبل أن يتمكن من القضاء فلا قضاء عنه ولا إطعام لكونه معذورا .

وأنت أيها السائل على خير إن شاء الله في إحسانك إلى والديك بالصدقة عنهما والدعاء لهما ، ولا سيما إذا كان الولد صالحا ، فهو أقرب إلى إجابة الدعاء ، لذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أو ولد صالح يدعو له ) لأن الولد الصالح أقرب إلى أن يجاب من الولد الفاجر ، وإن كان الدعاء مطلوبا من الجميع للوالدين ، ولكن إذا كان الولد صالحا صار أقرب في إجابة دعوته لوالديه .

كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز يرحمه الله ، م/4 ، ص/348

*عبدالرحمن*
2018-02-08, 17:27
السؤال :

ما هي أهمية احترام الوالدين على ضوء الكتاب والسنة ؟

الجواب :

الحمد لله

أهمية احترام الوالدين :

أولاً :

أنها طاعة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى : ( ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً ) ، وقال تعالى : ( وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيراً )

وفي الصحيحين عن ابن مسعود قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل افضل قال إيمان بالله ورسوله ثم بر الوالدين .. الحديث .

وغيرها من الآيات والأحاديث المتواترة في ذلك .

ثانياً :

إن طاعة الوالدين واحترامهما سبب لدخول الجنة كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَغِمَ أَنْفُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ قِيلَ مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا فَلَمْ يَدْخُلْ الْجَنَّةَ . صحيح مسلم 4627

ثالثاً :

أن احترامهما وطاعتهما سبب للألفة والمحبة .

رابعاً :

أن احترامهما وطاعتهما شكر لهما لأنهما سبب وجودك في هذه الدنيا وأيضاً شكر لها على تربيتك ورعايتك في صغرك ، قال الله تعالى : ( وأن اشكر لي ولوالديك .. ) .

خامساً : أن بر الولد لوالديه سببُ لأن يبره أولاده ، قال الله تعالى : ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) .

والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد


و اخيرا ً

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

مع جزء جديد من سلسلة
الآداب الاسلامية

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

kaderr09
2018-02-08, 18:17
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

kaderr09
2018-02-08, 18:18
بارك الله فيك

*عبدالرحمن*
2018-02-09, 01:16
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

عليكم السلام ورحمه الله وبركاته

انارت يا اخي واكثر

*عبدالرحمن*
2018-02-09, 01:18
بارك الله فيك

و بارك الله فيك
وجزاك الله عني كل خير

... وفي انتظار رائيك دائما اخي الكريم

missoum29
2018-02-20, 11:34
شكرا لك أخي الكريم على المجهود الذين تبذلونه

*عبدالرحمن*
2019-09-01, 15:54
شكرا لك أخي الكريم على المجهود الذين تبذلونه

الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات

اسعدني حضورك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير

Ali Harmal
2019-09-01, 18:01
بارك الله فيك اخي عبد الرحمن وجزاك الله خيرا عنا وعن ديننا وكل المسلمين في الكون وجعل ما تقدمة في ميزان حسناتك .ƒ .

Ahmad Osman
2019-09-02, 00:11
جزاك الله تعالى خيرا

*عبدالرحمن*
2019-09-18, 17:50
بارك الله فيك اخي عبد الرحمن وجزاك الله خيرا عنا وعن ديننا وكل المسلمين في الكون وجعل ما تقدمة في ميزان حسناتك .ƒ .

الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات

اسعدني حضورك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير

nooor.32
2019-09-22, 00:23
اعاننا الله على بر والدينا وجعلنا من عبادة الصالحين

*عبدالرحمن*
2020-06-22, 16:06
جزاك الله تعالى خيرا

الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات

اسعدني حضورك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير

اميرة الامواج
2020-06-23, 15:30
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا