التكلف و جنايته على اللغة العربية.

[أحمد محمدي الجزائري]

إن الاستعمال الوحشي من الألفاظ مما ينافي سنن كلام العرب ، و هو قدح بين في فصاحة صاحبه و دليل على عيه ، فالعربي قديما إذا خاطب العربي مثله لا يحتاج أن يزيل إبهام كل لفظة يتكلم بها ، لتحققه بمعنى البلاغة ، بخلاف ما نشأ عليه بعض المحدثين حيث يتصيد المفردات النافرة و العصية الفهم ما يحوجك أن تحمل معك دائما معجما لغويا ضخما! !
وليت هذا المتشدق يتكلم على سجيته و سليقته الأصيلة بل إذا أراد أن يلفق مقالا يعمد إلى القاموس المحيط أو لسان العرب فينتقي ما يراه مستعصي الفهم فيحشو من بين يدي المفردة و من خلفها كلاما لا زمام له و لا خطام، فيظهر للناظر الغر كأنه سيبويه زمانه !!
و إني -والله -لأنظر في كلام ابن قتيبة و الجاحظ فأعي عنهم ما تطمئن إليه النفس، و أنظر في كلام الإبراهيمي و الرافعي و المنفلوطي فأطرب و آنس ،و أنظر في كلام هؤلاء فيكاد يتميز قلبي من الغيظ!!
ومنهم من يغمض في أسلوبه حتى لتأتي على جميع مقاله و ما استوعبت منه شيء يذكر، و هذا كله تنطع يهوي بصاحبه إلى الهاوية فقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم "هلك المتنطعون" .
ليكن مرمى اللبيب من كلامه إفهام السامع أو القارئ ابتداءا ،فلا يعدل عن ذلك طرفة عين و إلا أفسد هذا التكلف جوهر اللغة الذي يعبر عنه بالتواصل ، و لا يعني هذا أن يهمل الكاتب الجانب الإبداعي في الأسلوب و ليكن عفويا دون تكلف..
و قد قلت يوما:"كن أنت و دع التكلف".