كامل محمد محمد محمد
2018-01-08, 21:19
سلسلة
منهاج الوصول
إلى استخراج أحكام الشريعة من القرآن ومن صحيح سنن الرسول عليه السلام
أدلة الأصحاب لاستخراج الأحكام
تأليف
دكتور كامل محمد محمد عامر
الطبعة الأولى
1436 ه ــــــ 2015 م
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الذى أنعم علينا بحفظ الذكر فقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [الحجر: 9] وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله ربنا جلَّ وعلا ليبين للناس ما أنزله الله إلينا فقال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] وقال تعالى {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [النحل: 64] وصلى وسلّم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين .
أما بعد
فيقول الله سبحانه وتعالى: { بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء : 195] ويقول تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ } [إبراهيم : 4] وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ" [البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا]
إن لسان العرب كما يقول الشاطبى يعدم فيه النص أو يندر، وما ليس بنص فالإحتمالات قائمة به(64)؛فإن أخذنا بالمفهوم العربى فسوف نختلف اختلافاً كثيراً، ولذلك يجب علينا البحث عن بيان الرسول عليه السلام لنصوص القرآن والسنة {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ}.
إن الخلافات الواقعة بين الأئمة رحمهم الله إنما تمتد جذورها إلى الصحابة رضى الله عنهم فنرى من الصحابة من أخذ بالقياس(65) ومنهم من أخذ بدليل الخطاب(44،45) ومنهم من حمَّل النص بأكثر مما فيه(66) وهم يستندون فى هذا إلى مطلق الفهم العربى؛ ومن أخذ بمفهوم اللغة التى نزل بها القرآن فلا عُتب عليه؛ ولكن بيان الرسول عليه السلام مقدم على هذا الفهم.
نعم... لقد أخذ الصحابة بمفهوم كلام العرب لكن الرسول عليه السلام لم يُقِّرهم على هذا وبين لهم كيفية فهم الآيات والأحاديث.
فكيف فهم الصحابة رضى الله عنهم نصوص الشريعة؟
وكيف بين لهم رسولنا عليه السلام ما اختلفوا فيه بسبب مطلق الفهم العربى؟
هذا ما أردتُه من هذا البحث.
إننا إن اتبعنا هدى رسولنا عليه السلام فيما تنازعنا فيه، وإن اقتدينا بصحابة الرسول عليه السلام فيما استندوا إليه فى استخراج الأحكام، نكون قد أعذرنا لربنا جلَّ وعلا وأطعناه سبحانه وتعالى فى أمره لنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النساء : 59]
هذا والله من وراء القصد وهو الهادى لسواء السبيل.
وقد قسمتُ كتابي هذا إلى ثلاثة أبواب:
الباب الأول: تحدثت عن فضائل الصحابة رضى الله عنهم.
الباب الثانى: ذكرت عدة مقدمات لابد من العلم بها قبل البدء فيما قصدتُ إليه.
الباب الثالث: ذكرتُ عدداً من القواعد التى استندَ إليها الصحابةُ فى معرفة الأحكام.
هذا وقد أخذت عهداً على نفسى أن لا استشهد إلا بمنطوق آية محكمة أو بمنطوق حديث صحيح من كتابىّ البخارى ومسلم رحمهما الله سبحانه وتعالى أو مما صححه الألبانى رحمه الله.
اللهم إن كان هذا صواباً فمنك سبحانك وأحمدك ربى على ما هديتنى إليه، إن كان من خطأ فمنى واستغفرك ربى منه.
دكتور كامل محمد محمد
القاهرة: الألف مسكن
1436 ه ــــــ 2015 م
البـــــــــــــــــــاب الأول
مناقب الصحــــــــــــــــــــابة
"عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ" [ البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
" عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ"[البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا قَالَهُ أَبُو سَعِيدٍ]
" عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ وَقَالَ إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ ذَلِكَ الْعَبْدُ مَا عِنْدَ اللَّهِ قَالَ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ فَعَجِبْنَا لِبُكَائِهِ أَنْ يُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَبْدٍ خُيِّرَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمُخَيَّرَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا غَيْرَ رَبِّي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ" [ البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُدُّوا الْأَبْوَابَ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ]
"عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كُنَّا نُخَيِّرُ بَيْنَ النَّاسِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُخَيِّرُ أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ثُمَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ"[البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
" عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْتُنِي دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَإِذَا أَنَا بِالرُّمَيْصَاءِ امْرَأَةِ أَبِي طَلْحَةَ وَسَمِعْتُ خَشَفَةً فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ هَذَا بِلَالٌ وَرَأَيْتُ قَصْرًا بِفِنَائِهِ جَارِيَةٌ فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا فَقَالَ لِعُمَرَ فَأَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَهُ فَأَنْظُرَ إِلَيْهِ فَذَكَرْتُ غَيْرَتَكَ فَقَالَ عُمَرُ بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَلَيْكَ أَغَارُ" [البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ]
"عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي حَمْزَةُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ شَرِبْتُ يَعْنِي اللَّبَنَ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَى الرِّيِّ يَجْرِي فِي ظُفُرِي أَوْ فِي أَظْفَارِي ثُمَّ نَاوَلْتُ عُمَرَ فَقَالُوا فَمَا أَوَّلْتَهُ قَالَ الْعِلْمَ" [ البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ]
" عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُرِيتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَنْزِعُ بِدَلْوِ بَكْرَةٍ عَلَى قَلِيبٍ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ نَزْعًا ضَعِيفًا وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا يَفْرِي فَرِيَّهُ حَتَّى رَوِيَ النَّاسُ وَضَرَبُوا بِعَطَنٍ"[ البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ]
" عَنْ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ مَازِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ" [ البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ]
"عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ وُضِعَ عُمَرُ عَلَى سَرِيرِهِ فَتَكَنَّفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ وَيُصَلُّونَ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ وَأَنَا فِيهِمْ فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا رَجُلٌ آخِذٌ مَنْكِبِي فَإِذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ وَقَالَ مَا خَلَّفْتَ أَحَدًا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ وَحَسِبْتُ إِنِّي كُنْتُ كَثِيرًا أَسْمَعُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ" [ البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ]
" عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُحُدٍ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ قَالَ اثْبُتْ أُحُدُ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدَانِ"[ البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ]
صحيح البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَبِي عَمْرٍو الْقُرَشِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَحْفِرْ بِئْرَ رُومَةَ فَلَهُ الْجَنَّةُ فَحَفَرَهَا عُثْمَانُ وَقَالَ مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ فَلَهُ الْجَنَّةُ فَجَهَّزَهُ عُثْمَانُ.
"عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ حَائِطًا وَأَمَرَنِي بِحِفْظِ بَابِ الْحَائِطِ فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ يَسْتَأْذِنُ فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَإِذَا عُمَرُ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ يَسْتَأْذِنُ فَسَكَتَ هُنَيْهَةً ثُمَّ قَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى سَتُصِيبُهُ فَإِذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ
قَالَ حَمَّادٌ وَحَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ وَعَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ سَمِعَا أَبَا عُثْمَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُوسَى بِنَحْوِهِ وَزَادَ فِيهِ عَاصِمٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَاعِدًا فِي مَكَانٍ فِيهِ مَاءٌ قَدْ انْكَشَفَ عَنْ رُكْبَتَيْهِ أَوْ رُكْبَتِهِ فَلَمَّا دَخَلَ عُثْمَانُ غَطَّاهَا" [البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ]
" عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كُنَّا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَعْدِلُ بِأَبِي بَكْرٍ أَحَدًا ثُمَّ عُمَرَ ثُمَّ عُثْمَانَ ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ" [البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ]
" عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُمْ قَالَ صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُحُدًا وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ وَقَالَ اسْكُنْ أُحُدُ أَظُنُّهُ ضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ فَلَيْسَ عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ" [البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ]
صحيح البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْقُرَشِيِّ الْهَاشِمِيِّ أَبِي الْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ وَقَالَ عُمَرُ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُ رَاضٍ.
"عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ قَالَ فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا فَقَالَ أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالُوا يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ فَأْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَ بَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ فَقَالَ عَلِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا فَقَالَ انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ" [البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]
" عَنْ سَلَمَةَ قَالَ كَانَ عَلِيٌّ قَدْ تَخَلَّفَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَيْبَرَ وَكَانَ بِهِ رَمَدٌ فَقَالَ أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ عَلِيٌّ فَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ اللَّيْلَةِ الَّتِي فَتَحَهَا اللَّهُ فِي صَبَاحِهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ أَوْ لَيَأْخُذَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَوْ قَالَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَإِذَا نَحْنُ بِعَلِيٍّ وَمَا نَرْجُوهُ فَقَالُوا هَذَا عَلِيٌّ فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّايَةَ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ"[البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]
" عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ أُخْتِهِ حَفْصَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ" [البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا]
"عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ضَمَّنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى صَدْرِهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ وَقَالَ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ خَالِدٍ مِثْلَهُ وَالْحِكْمَةُ الْإِصَابَةُ فِي غَيْرِ النُّبُوَّةِ"[البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب ذِكْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا]
" عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ إِنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا يَا عَائِشَ هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلَامَ فَقُلْتُ وَعَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ تَرَى مَا لَا أَرَى تُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" [صحيح البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب فَضْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا]
" عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنْ النِّسَاءِ إِلَّا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ" [صحيح البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب فَضْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا]
"..... حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ قُلْتُ لِأَنَسٍ أَرَأَيْتَ اسْمَ الْأَنْصَارِ كُنْتُمْ تُسَمَّوْنَ بِهِ أَمْ سَمَّاكُمْ اللَّهُ قَالَ بَلْ سَمَّانَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كُنَّا نَدْخُلُ عَلَى أَنَسٍ فَيُحَدِّثُنَا بِمَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ وَمَشَاهِدِهِمْ وَيُقْبِلُ عَلَيَّ أَوْ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْأَزْدِ فَيَقُولُ فَعَلَ قَوْمُكَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا" [البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ]
" عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ يَوْمُ بُعَاثَ يَوْمًا قَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ افْتَرَقَ مَلَؤُهُمْ وَقُتِلَتْ سَرَوَاتُهُمْ وَجُرِّحُوا فَقَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دُخُولِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ" [البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ]
" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أَنَّ الْأَنْصَارَ سَلَكُوا وَادِيًا أَوْ شِعْبًا لَسَلَكْتُ فِي وَادِي الْأَنْصَارِ وَلَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ مَا ظَلَمَ بِأَبِي وَأُمِّي آوَوْهُ وَنَصَرُوهُ أَوْ كَلِمَةً أُخْرَى" [البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ]
البـــــــــــــــــــاب الثانى
مقدمات لابد من العلم بها قبل البدء فى قواعد الأصحاب
المقدمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــة الأولى
الصحابة رضي الله عنهم لم يبلغهم كثير من السنن فأحكام الاسلام قد تغيب عن الأكثر ويعلمها الأقل.
الصحابة رضى الله عنهم كانوا في ضنك شديد من العيش ، فإذا وجد أحدهم فسحة من الوقت حضر وسمع من رسول الله عليه السلام فلم يكن يحضر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أي وقت إلا طائفة قليلة وقد ذكر ذلك أبو هريرة رضى الله عنه فقال : «إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَلَوْلَا آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُ حَدِيثًا ثُمَّ يَتْلُو: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } [البقرة: 159، 160] إِنَّ إِخْوَانَنَا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمْ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ وَإِنَّ إِخْوَانَنَا مِنْ الْأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ الْعَمَلُ فِي أَمْوَالِهِمْ وَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِبَعِ بَطْنِهِ وَيَحْضُرُ مَا لَا يَحْضُرُونَ وَيَحْفَظُ مَا لَا يَحْفَظُونَ» [البخاري:كِتَاب الْعِلْمِ؛ بَاب حِفْظِ الْعِلْمِ].
فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم وفتحت الأمصار وتفرق الصحابة ، فكانت القضية تنزل في المدينة أو في غيرها من البلاد، فإن كان عند الصحابة الحاضرين لها في ذلك عن النبي عليه السلام أثر، حكم به، وإلا اجتهد أمير تلك المدينة في ذلك، وقد يكون في تلك القضية حكم عن النبي عليه السلام موجود عند صاحب آخر، في بلد آخر.
وقد ذكر البخارى ذلك فى صحيحه فى كِتَاب الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ بَاب الْحُجَّةِ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ أَحْكَامَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ ظَاهِرَةً وَمَا كَانَ يَغِيبُ بَعْضُهُمْ مِنْ مَشَاهِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمُورِ الْإِسْلَامِ، وعَلَّقَ ابن حجر فى الفتح فقال: قَوْله ( بَاب الْحُجَّة عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ أَحْكَام النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ ظَاهِرَة ) أَيْ لِلنَّاسِ لَا تَخْفَى إِلَّا عَلَى النَّادِر........ وَهَذِهِ التَّرْجَمَة مَعْقُودَة لِبَيَانِ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَكَابِر مِنْ الصَّحَابَة كَانَ يَغِيب عَنْ بَعْض مَا يَقُولهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ يَفْعَلهُ مِنْ الْأَعْمَال التَّكْلِيفِيَّة ، فَيَسْتَمِرّ عَلَى مَا كَانَ اِطَّلَعَ عَلَيْهِ هُوَ إِمَّا عَلَى الْمَنْسُوخ لِعَدَمِ اِطِّلَاعه عَلَى نَاسِخه، وَإِمَّا عَلَى الْبَرَاءَة الْأَصْلِيَّة أ.ه.
وقد ذكر البخارى فى كتاب البيوع باب قال فيه:بَاب مَا ذُكِرَ فِي الْأَسْوَاقِ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ قُلْتُ هَلْ مِنْ سُوقٍ فِيهِ تِجَارَةٌ قَالَ سُوقُ قَيْنُقَاعَ وَقَالَ أَنَسٌ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ وَقَالَ عُمَرُ أَلْهَانِي الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ أ.ه.
فأبو بكر رضى الله عنه خفى عليه أمر ميراث الجده وعرفه محمد بن مسلمة، والمغيرة بن شعبة(1) وقد سأل عائشة رضى الله عنهما في كم كفن رسول الله عليه الصلاة والسلام(2)
وعمر رضي الله عنه يقول في حديث الاستئذان "..... أَخَفِيَ عَلَيَّ هَذَا مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْهَانِي السَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ"(3)، وقد جهل أيضاً أمر إملاص المرأة وعرفه غيره(4)، وغضب على عيينة بن حصن حتى ذكره الحر بن قيس بن حصن بقوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}[الأعراف: 199](5)، وخفي على عمر أيضاً أمره بترك الإقدام على الوباء، وعرف ذلك عبد الرحمن بن عوف(6)، وخفي على عمر رضي الله عنه أمر جزية المجوس(7)، ونسي الأمر بأن يتيمم الجنب فقال: لا يتيمم أبداً ولا يصلي ما لم يجد الماء، وذَكَّرَهُ بذلك عمَّار(8)وأراد قسمة مال الكعبة حتى احتج عليه أبيّ بن كعب بأن النبي لم يفعل ذلك فأمسك(9) وَخَفِيَ عَلَيْهِ جَوَازُ التَّسَمِّي بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ فَنَهَى عَنْهُ حَتَّى أَخْبَرَهُ بِهِ طَلْحَةُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَنَّاهُ أَبَا مُحَمَّدٍ فَأَمْسَكَ وَلَمْ يَتَمَادَ عَلَى النَّهْيِ، هَذَا وَأَبُو مُوسَى وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَأَبُو أَيُّوبَ مِنْ أَشْهَرِ الصَّحَابَةِ، وَلَكِنْ لَمْ يَمُرَّ بِبَالِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَمْرٌ هُوَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى نَهَى عَنْهُ(10)، ونسي عمر رضى الله عنه أيضا قوله تعالى: { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ } حين موت النبي عليه السلام فقال: وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(11)، وسأل عمر أبا واقد الليثي عما كان يقرأ به رسول الله في صلاتي الفطر والأضحى وقد صلاهما رسول الله عليه السلام أعواماً كثيرة(12)
وعثمان رضي الله عنه بعث إلى الفريعة أخت أبي سعيد الخدري يسألها عما أفتاها به رسول الله في أمر عدتها، وأنه أخذ بذلك(13)
وعائشة رضي الله عنها خفي عليها المسح على الخفين، وعلمه جرير ولم يسلم إلا قبل موت النبي عليه السلام بأشهر، وأقرت عائشة أنها لا علم لها به، وأمرت بسؤال علي رضي الله عنه(14)
وابن عباسيُلَيِّنُ فِي مُتْعَةِ النِّسَاءِ فيقول له على رضى الله عنه مَهْلًا يَا ابْنَ عَبَّاسٍ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ(15)، وقد أفتى فى امْرَأَةٍ وَلَدَتْ بَعْدَ زَوْجِهَا بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً بأن تعتد آخِرُ الْأَجَلَيْنِ(16)، وكان يبيع الدرهم بالدرهمين فقال له أبو سعيد الخدرى أخبرني عن هذا الذي تقول في الصرف أشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أم شيء وجدته في كتاب الله فقال ما وجدته في كتاب الله ولا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن أخبرني أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما الربا في النسيئة(17)
وابن عمر خفي عليه الإقامة حتى يدفن الميت، حتى أخبره بذلك أبو هريرة وعائشة فقال: لقد فرطنا في قراريط كثيرة(18)، وتوقع أن يكون حَدَثَ نَهْيٌ من النبي عن كراء الأرض بعد أزيد من أربعين سنة من موت النبي عليه السلام، فأمسك عنها وأقر أنهم كانوا يكرونها على عهد أبي بكر وعمر وعثمان، ولم يقل إنه لا يمكن أن يخفى على هؤلاء ما يعرف رافع(19)
وابن مسعودقد غاب عنه نسخ التطبق في الركوع(20)
وكان زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يقول لا تنفر الحائض إذا أفاضت حتى يكون آخر عهدها بالبيت(21)
وعندما حدث مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ بقَولَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِأَنْكَرَ ذلك أَبُو أَيُّوبَ قَالَ وَاللَّهِ مَا أَظُنُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا قُلْتَ قَطُّ(22)
والأنصار نسوا قوله عليه السلام : «الأَئمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ»(23)
المقدمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة الثانية
ليس قول أحد من الصحابة ولا سكوته حجة
أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ خِلَافَةِ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ تَرَكَهُمَا فَلَمَّا تُوُفِّيَ عُمَرُ رَكَعَهُمَا(24)
وقد رُوي عن ابن عباس أنه هم أن يسأل عمر بن الخطاب عن المرأتين اللتين تظاهرتا على رسول الله فبقي سنة كاملة لا يقدم على أن يسأله عن ذلك هيبة له(25)، وعنما قال رأيه فى مسألة العول فى الفرائض قيل له ما منعك أن تشير بهذا الرأى على عمر؟ فقال: هبته والله(26)
المقدمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة الثالثة
الصحابى قد ينسى الحديث
أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ بحديث لَا عَدْوَى ثم ينسى ذلك الحديث(27)
وفى حديث أبى موسى لَو أَن رجلا أجنب فَلم يجد المَاء شهرا لم يقنع عمر بقول عمار، لكونه أخبره أنه كان معه في تلك الحال، وحضر معه تلك القصة، ولم يتذكر ذلك عمر أصلاً، ولذ قال: اتق الله يا عمار(28)
وقد نسي عمر رضى الله عنه أيضا قوله تعالى: { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ } حين موت النبي عليه السلام فقال: وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(11)
المقدمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــة الرابعة
كان الصحابة رضى الله عنهم يقولون بآرائهم في عصر الرسول عليه السلام ، فيبلغه ذلك فيصوب المصيب ويخطىء المخطىء فمن ذلك تخطئته عليه السلام أبا بكر في تفسيره للرؤيا(29) وعمر في قوله لأهل هجرة الحبشة: نحن أحق برسول الله منكمفكذبه النبي في ذلك(30)وتأول عمر أنه أخطأ إذ قبَّل وهو صائم، فخطأه في تأويله ذلك، وأخبر أنه لا شيء عليه فيه(31)، وقد قالت طائفة من الصحابة: حبط عمل عامر بن الأكوع، إذ ضرب نفسه بسيفه في الحرب، فأكذب النبي عليه السلام ذلك(32)، وفتوى أبي السنابل لسُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الْأَسْلَمِيَّةِ(33)، واسامة عندما قتل الرجل بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ(34)، وعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فى تأويله للْخَيْطُ الْأَبْيَضُ والْخَيْطِ الْأَسْوَدِ(35)، وعمر فى قوله: دعني أضرب عنق حاطب فقد نافق(36) وقد باع بعض الصحابة بريرة واشترط الولاء، فأنكر النبي ذلك، ولام عليه(37)وكان علي يغتسل من المذي والنبي حي، فأنكر ذلك النبي عليه السلام(38)وقال خالد: رُبَّ مصلٍ يقول بلسانه ما ليس في قلبه، فأنكر ذلك رسول الله عليه السلام(39) وكان سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ يَأْمُرُ النِّسَاءَ بقضاء صَلَاةَ الْمَحِيضِ(40)
المقدمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة الخامسة
إذا قال الصحابي: السنة كذا، وأمرنا بكذا فلا يقطع على أنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعبد الله بن عمر كان ينكر الاشتراط في الحج، واعتبر هذا هو السنه (41)
البــــــــــــــــــــــــــــاب الثالث
قواعد استخراج الأحكام فى عصر الصحابة بعد وفاة الرسول عليه السلام
القاعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــدة الأولى:
الرد إلى الله ورسوله عند التنازع{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}
عندما تنازع أبو سلمة وابن عباس فى عدة الحامل المتوفى عنها زوجها ردوا الأمر إلى الله وسوله وأرسل ابن عباس إلى أم سلمة رضى الله عنها يسألها(42).
مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ يخبر عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ بأنه يجب الوضوء من مس الذكر فيقول عروة: مَا عَلِمْتُ هَذَا فيذكر له مروان حديث الرسول عليه السلام "إِذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأ"(43)
القاعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــدة الثانية:
عدم استنباط أحكام بدون منطوق النص
ابن عباس رضى الله عنه سمع أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ يحدث بقول رسول الله عليى السلام "أَلَا إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ"، فكان يفتى بأن ربا الفضل حلال فكأنه أخذ بدليل الخطاب أو ما يسمونه مفهوم المخالفه وابن عباس رضى الله عنه عربى يعرف أساليب العرب فاستخدمها ولكن الصحابة لم يوافقوه على ذلك الفهم والتزموا بمنطوق النصِّ فى ربا الفضل(44). وقد رجع ابن عباس رضى الله عنه عن قوله ولم يجادل عن مفهوم المخالفة فى النص الذى أخبره به أسامة بن زيد(45).
وعندما حرَّق علياً قوماً ارتدوا وبلغه رواية ابن عباس فى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ" قال على صَدَقَ ابْنُ عَبَّاسٍ(46).
عمر رضى الله عنه سمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ" فأراد أن يقيد مطلق الزمان بعام الحديبية فيقول له رسول الله "فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأْتِيهِ الْعَامَ"(47).
القاعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــدة الثالثة:
التثبت وعدم قبول الرأى بدون دليل مهما كان القائل
عندما سمع ابن عمر أن ابن عباس يكره لمن أحرم بالحج؛ قال ابن عمر فَسُنَّةُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَقُّ أَنْ تَتَّبِعَ مِنْ سُنَّةِ فُلَانٍ(48).
عمر بن الخطاب يقول "إِذَا جِئْتُمْ مِنًى فَمَنْ رَمَى الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَهُ مَا حَرُمَ عَلَى الْحَاجِّ إِلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ" وعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تقول: كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ" فيقول سالم: وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع(49).
وعندما يقول رجل لابن عمر إِنَّ أَبَاكَ قَدْ نَهَى عن التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فقال له ابن عمر أَأَمْرَ أَبِي نَتَّبِعُ أَمْ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(50).
القاعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــدة الرابعة:
قبل الاجتهاد يجب البحث والسؤال أولا عن سنن الرسول عليه السلام
فعندما جَاءَتْ الْجَدَّةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا فَقَالَ لَهَا َارْجِعِي حَتَّى أَسْأَلَ النَّاسَ(51)
القاعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــدة الخامسة:
الإلتزام بمنطوق الحديث بدون تأويل
لَمَّا اسْتَوَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ اجْلِسُوا فَسَمِعَ ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَجَلَسَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ(52)
مُعَاذَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ تلميذة عائشة رضى الله عنها تسأل عن الحكمة فى قضاء الحائض الصوم دون الصلاة لم تُقِرَّها أم المؤمنين عليها وضوان الله على سؤالها ولم تجبها وتقول لها كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ(53)
وأبو هريرة يقول لابن عباس: إِذَا سَمِعْتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا فَلَا تَضْرِبْ لَهُ الْأَمْثَالَ(54)
وعندما قال ربيعةُ لسعيد بن المسيب: "حِينَ عَظُمَ جُرْحُهَا وَاشْتَدَّتْ مُصِيبَتُهَا نَقَصَ عَقْلُهَا" قال سعيدُ: هِيَ السُّنَّةُ يَا ابْنَ أَخِي(55)
القاعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــدة السادسة:
عند الاجتهاد يجب التصريح بأن هذا رأى
فلقد صح عن الصحابة رضى الله عنهم أنهم قالوا بآرائهم بعد موت الرسول عليه السلام وكان الصحابى يقول أَقُولُ بِرَأْيِي فَإِنْ كَانَ صَوَابًا فَمِنَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَمِنْ قِبَلِي(56)
القاعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــدة السابعة:
الصحابى لا ينكر على من يخالفه في فتياه
فجميعهم رضي الله عنهم لا ينكر أحدهم على من يخالفه في فتياه، وينكر على من خالف روايته عن النبي عليه السلام أشد الإنكار.
لم ينكر أبو هريرة على من خالفه في إفطار من أصبح جنباً(57)
القاعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــدة الثامنة:
الصحابة ينكرون أشد الإنكار على من يخالف السنن
فهذا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ لا يكلم من لم يلتزم بنهى الرسول عليه السلام(58)
وهذا عبد الله بن عمر يسُبَّ ابنه بلال سَبًّا سَيِّئًا عندما قال ابن عمر "لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ الْمَسَاجِدَ" فَقَالَ بِلَالُ "وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ"(59)
وهذا أبو هريرة يقول لابن عباس إِذَا سَمِعْتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا فَلَا تَضْرِبْ لَهُ الْأَمْثَالَ(60).
وقد بَلَغَ اِبْن مَسْعُود أَنَّ عَلِيًّا يَقُول تَعْتَدّ آخِر الْأَجَلَيْنِ ، فَقَالَ : مَنْ شَاءَ لَاعَنْته أَنَّ الَّتِي فِي النِّسَاء الْقُصْرَى أُنْزِلَتْ بَعْد سُورَة الْبَقَرَة(61).
وقد نهى عثمان عن القران فى الحج، فلبى عليّ بهما معاً قاصداً معلناً بخلافه، فلما قال له في ذلك، قال له علي: ما كنت لأترك سنة النبي عليه السلام لقول أحد(62).
أَبو ذَرّ كَانَ لَا يَرَى بِطَاعَةِ الْإِمَام إِذَا نَهَاهُ عَنْ الْفُتْيَا ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّ ذَلِكَ وَاجِب عَلَيْهِ لِأَمْرِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّبْلِيغِ عَنْهُ(63)
منهاج الوصول
إلى استخراج أحكام الشريعة من القرآن ومن صحيح سنن الرسول عليه السلام
أدلة الأصحاب لاستخراج الأحكام
تأليف
دكتور كامل محمد محمد عامر
الطبعة الأولى
1436 ه ــــــ 2015 م
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الذى أنعم علينا بحفظ الذكر فقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [الحجر: 9] وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله ربنا جلَّ وعلا ليبين للناس ما أنزله الله إلينا فقال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] وقال تعالى {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [النحل: 64] وصلى وسلّم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين .
أما بعد
فيقول الله سبحانه وتعالى: { بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء : 195] ويقول تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ } [إبراهيم : 4] وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ" [البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا]
إن لسان العرب كما يقول الشاطبى يعدم فيه النص أو يندر، وما ليس بنص فالإحتمالات قائمة به(64)؛فإن أخذنا بالمفهوم العربى فسوف نختلف اختلافاً كثيراً، ولذلك يجب علينا البحث عن بيان الرسول عليه السلام لنصوص القرآن والسنة {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ}.
إن الخلافات الواقعة بين الأئمة رحمهم الله إنما تمتد جذورها إلى الصحابة رضى الله عنهم فنرى من الصحابة من أخذ بالقياس(65) ومنهم من أخذ بدليل الخطاب(44،45) ومنهم من حمَّل النص بأكثر مما فيه(66) وهم يستندون فى هذا إلى مطلق الفهم العربى؛ ومن أخذ بمفهوم اللغة التى نزل بها القرآن فلا عُتب عليه؛ ولكن بيان الرسول عليه السلام مقدم على هذا الفهم.
نعم... لقد أخذ الصحابة بمفهوم كلام العرب لكن الرسول عليه السلام لم يُقِّرهم على هذا وبين لهم كيفية فهم الآيات والأحاديث.
فكيف فهم الصحابة رضى الله عنهم نصوص الشريعة؟
وكيف بين لهم رسولنا عليه السلام ما اختلفوا فيه بسبب مطلق الفهم العربى؟
هذا ما أردتُه من هذا البحث.
إننا إن اتبعنا هدى رسولنا عليه السلام فيما تنازعنا فيه، وإن اقتدينا بصحابة الرسول عليه السلام فيما استندوا إليه فى استخراج الأحكام، نكون قد أعذرنا لربنا جلَّ وعلا وأطعناه سبحانه وتعالى فى أمره لنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النساء : 59]
هذا والله من وراء القصد وهو الهادى لسواء السبيل.
وقد قسمتُ كتابي هذا إلى ثلاثة أبواب:
الباب الأول: تحدثت عن فضائل الصحابة رضى الله عنهم.
الباب الثانى: ذكرت عدة مقدمات لابد من العلم بها قبل البدء فيما قصدتُ إليه.
الباب الثالث: ذكرتُ عدداً من القواعد التى استندَ إليها الصحابةُ فى معرفة الأحكام.
هذا وقد أخذت عهداً على نفسى أن لا استشهد إلا بمنطوق آية محكمة أو بمنطوق حديث صحيح من كتابىّ البخارى ومسلم رحمهما الله سبحانه وتعالى أو مما صححه الألبانى رحمه الله.
اللهم إن كان هذا صواباً فمنك سبحانك وأحمدك ربى على ما هديتنى إليه، إن كان من خطأ فمنى واستغفرك ربى منه.
دكتور كامل محمد محمد
القاهرة: الألف مسكن
1436 ه ــــــ 2015 م
البـــــــــــــــــــاب الأول
مناقب الصحــــــــــــــــــــابة
"عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ" [ البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
" عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ"[البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا قَالَهُ أَبُو سَعِيدٍ]
" عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ وَقَالَ إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ ذَلِكَ الْعَبْدُ مَا عِنْدَ اللَّهِ قَالَ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ فَعَجِبْنَا لِبُكَائِهِ أَنْ يُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَبْدٍ خُيِّرَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمُخَيَّرَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا غَيْرَ رَبِّي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ" [ البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُدُّوا الْأَبْوَابَ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ]
"عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كُنَّا نُخَيِّرُ بَيْنَ النَّاسِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُخَيِّرُ أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ثُمَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ"[البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
" عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْتُنِي دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَإِذَا أَنَا بِالرُّمَيْصَاءِ امْرَأَةِ أَبِي طَلْحَةَ وَسَمِعْتُ خَشَفَةً فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ هَذَا بِلَالٌ وَرَأَيْتُ قَصْرًا بِفِنَائِهِ جَارِيَةٌ فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا فَقَالَ لِعُمَرَ فَأَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَهُ فَأَنْظُرَ إِلَيْهِ فَذَكَرْتُ غَيْرَتَكَ فَقَالَ عُمَرُ بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَلَيْكَ أَغَارُ" [البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ]
"عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي حَمْزَةُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ شَرِبْتُ يَعْنِي اللَّبَنَ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَى الرِّيِّ يَجْرِي فِي ظُفُرِي أَوْ فِي أَظْفَارِي ثُمَّ نَاوَلْتُ عُمَرَ فَقَالُوا فَمَا أَوَّلْتَهُ قَالَ الْعِلْمَ" [ البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ]
" عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُرِيتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَنْزِعُ بِدَلْوِ بَكْرَةٍ عَلَى قَلِيبٍ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ نَزْعًا ضَعِيفًا وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا يَفْرِي فَرِيَّهُ حَتَّى رَوِيَ النَّاسُ وَضَرَبُوا بِعَطَنٍ"[ البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ]
" عَنْ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ مَازِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ" [ البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ]
"عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ وُضِعَ عُمَرُ عَلَى سَرِيرِهِ فَتَكَنَّفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ وَيُصَلُّونَ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ وَأَنَا فِيهِمْ فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا رَجُلٌ آخِذٌ مَنْكِبِي فَإِذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ وَقَالَ مَا خَلَّفْتَ أَحَدًا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ وَحَسِبْتُ إِنِّي كُنْتُ كَثِيرًا أَسْمَعُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ" [ البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ]
" عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُحُدٍ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ قَالَ اثْبُتْ أُحُدُ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدَانِ"[ البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ]
صحيح البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَبِي عَمْرٍو الْقُرَشِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَحْفِرْ بِئْرَ رُومَةَ فَلَهُ الْجَنَّةُ فَحَفَرَهَا عُثْمَانُ وَقَالَ مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ فَلَهُ الْجَنَّةُ فَجَهَّزَهُ عُثْمَانُ.
"عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ حَائِطًا وَأَمَرَنِي بِحِفْظِ بَابِ الْحَائِطِ فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ يَسْتَأْذِنُ فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَإِذَا عُمَرُ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ يَسْتَأْذِنُ فَسَكَتَ هُنَيْهَةً ثُمَّ قَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى سَتُصِيبُهُ فَإِذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ
قَالَ حَمَّادٌ وَحَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ وَعَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ سَمِعَا أَبَا عُثْمَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُوسَى بِنَحْوِهِ وَزَادَ فِيهِ عَاصِمٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَاعِدًا فِي مَكَانٍ فِيهِ مَاءٌ قَدْ انْكَشَفَ عَنْ رُكْبَتَيْهِ أَوْ رُكْبَتِهِ فَلَمَّا دَخَلَ عُثْمَانُ غَطَّاهَا" [البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ]
" عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كُنَّا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَعْدِلُ بِأَبِي بَكْرٍ أَحَدًا ثُمَّ عُمَرَ ثُمَّ عُثْمَانَ ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ" [البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ]
" عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُمْ قَالَ صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُحُدًا وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ وَقَالَ اسْكُنْ أُحُدُ أَظُنُّهُ ضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ فَلَيْسَ عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ" [البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ]
صحيح البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْقُرَشِيِّ الْهَاشِمِيِّ أَبِي الْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ وَقَالَ عُمَرُ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُ رَاضٍ.
"عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ قَالَ فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا فَقَالَ أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالُوا يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ فَأْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَ بَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ فَقَالَ عَلِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا فَقَالَ انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ" [البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]
" عَنْ سَلَمَةَ قَالَ كَانَ عَلِيٌّ قَدْ تَخَلَّفَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَيْبَرَ وَكَانَ بِهِ رَمَدٌ فَقَالَ أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ عَلِيٌّ فَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ اللَّيْلَةِ الَّتِي فَتَحَهَا اللَّهُ فِي صَبَاحِهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ أَوْ لَيَأْخُذَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَوْ قَالَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَإِذَا نَحْنُ بِعَلِيٍّ وَمَا نَرْجُوهُ فَقَالُوا هَذَا عَلِيٌّ فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّايَةَ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ"[البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]
" عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ أُخْتِهِ حَفْصَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ" [البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا]
"عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ضَمَّنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى صَدْرِهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ وَقَالَ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ خَالِدٍ مِثْلَهُ وَالْحِكْمَةُ الْإِصَابَةُ فِي غَيْرِ النُّبُوَّةِ"[البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب ذِكْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا]
" عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ إِنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا يَا عَائِشَ هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلَامَ فَقُلْتُ وَعَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ تَرَى مَا لَا أَرَى تُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" [صحيح البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب فَضْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا]
" عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنْ النِّسَاءِ إِلَّا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ" [صحيح البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب فَضْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا]
"..... حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ قُلْتُ لِأَنَسٍ أَرَأَيْتَ اسْمَ الْأَنْصَارِ كُنْتُمْ تُسَمَّوْنَ بِهِ أَمْ سَمَّاكُمْ اللَّهُ قَالَ بَلْ سَمَّانَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كُنَّا نَدْخُلُ عَلَى أَنَسٍ فَيُحَدِّثُنَا بِمَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ وَمَشَاهِدِهِمْ وَيُقْبِلُ عَلَيَّ أَوْ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْأَزْدِ فَيَقُولُ فَعَلَ قَوْمُكَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا" [البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ]
" عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ يَوْمُ بُعَاثَ يَوْمًا قَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ افْتَرَقَ مَلَؤُهُمْ وَقُتِلَتْ سَرَوَاتُهُمْ وَجُرِّحُوا فَقَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دُخُولِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ" [البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ]
" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أَنَّ الْأَنْصَارَ سَلَكُوا وَادِيًا أَوْ شِعْبًا لَسَلَكْتُ فِي وَادِي الْأَنْصَارِ وَلَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ مَا ظَلَمَ بِأَبِي وَأُمِّي آوَوْهُ وَنَصَرُوهُ أَوْ كَلِمَةً أُخْرَى" [البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ]
البـــــــــــــــــــاب الثانى
مقدمات لابد من العلم بها قبل البدء فى قواعد الأصحاب
المقدمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــة الأولى
الصحابة رضي الله عنهم لم يبلغهم كثير من السنن فأحكام الاسلام قد تغيب عن الأكثر ويعلمها الأقل.
الصحابة رضى الله عنهم كانوا في ضنك شديد من العيش ، فإذا وجد أحدهم فسحة من الوقت حضر وسمع من رسول الله عليه السلام فلم يكن يحضر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أي وقت إلا طائفة قليلة وقد ذكر ذلك أبو هريرة رضى الله عنه فقال : «إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَلَوْلَا آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُ حَدِيثًا ثُمَّ يَتْلُو: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } [البقرة: 159، 160] إِنَّ إِخْوَانَنَا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمْ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ وَإِنَّ إِخْوَانَنَا مِنْ الْأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ الْعَمَلُ فِي أَمْوَالِهِمْ وَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِبَعِ بَطْنِهِ وَيَحْضُرُ مَا لَا يَحْضُرُونَ وَيَحْفَظُ مَا لَا يَحْفَظُونَ» [البخاري:كِتَاب الْعِلْمِ؛ بَاب حِفْظِ الْعِلْمِ].
فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم وفتحت الأمصار وتفرق الصحابة ، فكانت القضية تنزل في المدينة أو في غيرها من البلاد، فإن كان عند الصحابة الحاضرين لها في ذلك عن النبي عليه السلام أثر، حكم به، وإلا اجتهد أمير تلك المدينة في ذلك، وقد يكون في تلك القضية حكم عن النبي عليه السلام موجود عند صاحب آخر، في بلد آخر.
وقد ذكر البخارى ذلك فى صحيحه فى كِتَاب الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ بَاب الْحُجَّةِ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ أَحْكَامَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ ظَاهِرَةً وَمَا كَانَ يَغِيبُ بَعْضُهُمْ مِنْ مَشَاهِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمُورِ الْإِسْلَامِ، وعَلَّقَ ابن حجر فى الفتح فقال: قَوْله ( بَاب الْحُجَّة عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ أَحْكَام النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ ظَاهِرَة ) أَيْ لِلنَّاسِ لَا تَخْفَى إِلَّا عَلَى النَّادِر........ وَهَذِهِ التَّرْجَمَة مَعْقُودَة لِبَيَانِ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَكَابِر مِنْ الصَّحَابَة كَانَ يَغِيب عَنْ بَعْض مَا يَقُولهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ يَفْعَلهُ مِنْ الْأَعْمَال التَّكْلِيفِيَّة ، فَيَسْتَمِرّ عَلَى مَا كَانَ اِطَّلَعَ عَلَيْهِ هُوَ إِمَّا عَلَى الْمَنْسُوخ لِعَدَمِ اِطِّلَاعه عَلَى نَاسِخه، وَإِمَّا عَلَى الْبَرَاءَة الْأَصْلِيَّة أ.ه.
وقد ذكر البخارى فى كتاب البيوع باب قال فيه:بَاب مَا ذُكِرَ فِي الْأَسْوَاقِ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ قُلْتُ هَلْ مِنْ سُوقٍ فِيهِ تِجَارَةٌ قَالَ سُوقُ قَيْنُقَاعَ وَقَالَ أَنَسٌ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ وَقَالَ عُمَرُ أَلْهَانِي الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ أ.ه.
فأبو بكر رضى الله عنه خفى عليه أمر ميراث الجده وعرفه محمد بن مسلمة، والمغيرة بن شعبة(1) وقد سأل عائشة رضى الله عنهما في كم كفن رسول الله عليه الصلاة والسلام(2)
وعمر رضي الله عنه يقول في حديث الاستئذان "..... أَخَفِيَ عَلَيَّ هَذَا مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْهَانِي السَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ"(3)، وقد جهل أيضاً أمر إملاص المرأة وعرفه غيره(4)، وغضب على عيينة بن حصن حتى ذكره الحر بن قيس بن حصن بقوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}[الأعراف: 199](5)، وخفي على عمر أيضاً أمره بترك الإقدام على الوباء، وعرف ذلك عبد الرحمن بن عوف(6)، وخفي على عمر رضي الله عنه أمر جزية المجوس(7)، ونسي الأمر بأن يتيمم الجنب فقال: لا يتيمم أبداً ولا يصلي ما لم يجد الماء، وذَكَّرَهُ بذلك عمَّار(8)وأراد قسمة مال الكعبة حتى احتج عليه أبيّ بن كعب بأن النبي لم يفعل ذلك فأمسك(9) وَخَفِيَ عَلَيْهِ جَوَازُ التَّسَمِّي بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ فَنَهَى عَنْهُ حَتَّى أَخْبَرَهُ بِهِ طَلْحَةُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَنَّاهُ أَبَا مُحَمَّدٍ فَأَمْسَكَ وَلَمْ يَتَمَادَ عَلَى النَّهْيِ، هَذَا وَأَبُو مُوسَى وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَأَبُو أَيُّوبَ مِنْ أَشْهَرِ الصَّحَابَةِ، وَلَكِنْ لَمْ يَمُرَّ بِبَالِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَمْرٌ هُوَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى نَهَى عَنْهُ(10)، ونسي عمر رضى الله عنه أيضا قوله تعالى: { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ } حين موت النبي عليه السلام فقال: وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(11)، وسأل عمر أبا واقد الليثي عما كان يقرأ به رسول الله في صلاتي الفطر والأضحى وقد صلاهما رسول الله عليه السلام أعواماً كثيرة(12)
وعثمان رضي الله عنه بعث إلى الفريعة أخت أبي سعيد الخدري يسألها عما أفتاها به رسول الله في أمر عدتها، وأنه أخذ بذلك(13)
وعائشة رضي الله عنها خفي عليها المسح على الخفين، وعلمه جرير ولم يسلم إلا قبل موت النبي عليه السلام بأشهر، وأقرت عائشة أنها لا علم لها به، وأمرت بسؤال علي رضي الله عنه(14)
وابن عباسيُلَيِّنُ فِي مُتْعَةِ النِّسَاءِ فيقول له على رضى الله عنه مَهْلًا يَا ابْنَ عَبَّاسٍ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ(15)، وقد أفتى فى امْرَأَةٍ وَلَدَتْ بَعْدَ زَوْجِهَا بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً بأن تعتد آخِرُ الْأَجَلَيْنِ(16)، وكان يبيع الدرهم بالدرهمين فقال له أبو سعيد الخدرى أخبرني عن هذا الذي تقول في الصرف أشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أم شيء وجدته في كتاب الله فقال ما وجدته في كتاب الله ولا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن أخبرني أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما الربا في النسيئة(17)
وابن عمر خفي عليه الإقامة حتى يدفن الميت، حتى أخبره بذلك أبو هريرة وعائشة فقال: لقد فرطنا في قراريط كثيرة(18)، وتوقع أن يكون حَدَثَ نَهْيٌ من النبي عن كراء الأرض بعد أزيد من أربعين سنة من موت النبي عليه السلام، فأمسك عنها وأقر أنهم كانوا يكرونها على عهد أبي بكر وعمر وعثمان، ولم يقل إنه لا يمكن أن يخفى على هؤلاء ما يعرف رافع(19)
وابن مسعودقد غاب عنه نسخ التطبق في الركوع(20)
وكان زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يقول لا تنفر الحائض إذا أفاضت حتى يكون آخر عهدها بالبيت(21)
وعندما حدث مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ بقَولَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِأَنْكَرَ ذلك أَبُو أَيُّوبَ قَالَ وَاللَّهِ مَا أَظُنُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا قُلْتَ قَطُّ(22)
والأنصار نسوا قوله عليه السلام : «الأَئمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ»(23)
المقدمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة الثانية
ليس قول أحد من الصحابة ولا سكوته حجة
أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ خِلَافَةِ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ تَرَكَهُمَا فَلَمَّا تُوُفِّيَ عُمَرُ رَكَعَهُمَا(24)
وقد رُوي عن ابن عباس أنه هم أن يسأل عمر بن الخطاب عن المرأتين اللتين تظاهرتا على رسول الله فبقي سنة كاملة لا يقدم على أن يسأله عن ذلك هيبة له(25)، وعنما قال رأيه فى مسألة العول فى الفرائض قيل له ما منعك أن تشير بهذا الرأى على عمر؟ فقال: هبته والله(26)
المقدمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة الثالثة
الصحابى قد ينسى الحديث
أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ بحديث لَا عَدْوَى ثم ينسى ذلك الحديث(27)
وفى حديث أبى موسى لَو أَن رجلا أجنب فَلم يجد المَاء شهرا لم يقنع عمر بقول عمار، لكونه أخبره أنه كان معه في تلك الحال، وحضر معه تلك القصة، ولم يتذكر ذلك عمر أصلاً، ولذ قال: اتق الله يا عمار(28)
وقد نسي عمر رضى الله عنه أيضا قوله تعالى: { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ } حين موت النبي عليه السلام فقال: وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(11)
المقدمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــة الرابعة
كان الصحابة رضى الله عنهم يقولون بآرائهم في عصر الرسول عليه السلام ، فيبلغه ذلك فيصوب المصيب ويخطىء المخطىء فمن ذلك تخطئته عليه السلام أبا بكر في تفسيره للرؤيا(29) وعمر في قوله لأهل هجرة الحبشة: نحن أحق برسول الله منكمفكذبه النبي في ذلك(30)وتأول عمر أنه أخطأ إذ قبَّل وهو صائم، فخطأه في تأويله ذلك، وأخبر أنه لا شيء عليه فيه(31)، وقد قالت طائفة من الصحابة: حبط عمل عامر بن الأكوع، إذ ضرب نفسه بسيفه في الحرب، فأكذب النبي عليه السلام ذلك(32)، وفتوى أبي السنابل لسُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الْأَسْلَمِيَّةِ(33)، واسامة عندما قتل الرجل بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ(34)، وعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فى تأويله للْخَيْطُ الْأَبْيَضُ والْخَيْطِ الْأَسْوَدِ(35)، وعمر فى قوله: دعني أضرب عنق حاطب فقد نافق(36) وقد باع بعض الصحابة بريرة واشترط الولاء، فأنكر النبي ذلك، ولام عليه(37)وكان علي يغتسل من المذي والنبي حي، فأنكر ذلك النبي عليه السلام(38)وقال خالد: رُبَّ مصلٍ يقول بلسانه ما ليس في قلبه، فأنكر ذلك رسول الله عليه السلام(39) وكان سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ يَأْمُرُ النِّسَاءَ بقضاء صَلَاةَ الْمَحِيضِ(40)
المقدمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة الخامسة
إذا قال الصحابي: السنة كذا، وأمرنا بكذا فلا يقطع على أنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعبد الله بن عمر كان ينكر الاشتراط في الحج، واعتبر هذا هو السنه (41)
البــــــــــــــــــــــــــــاب الثالث
قواعد استخراج الأحكام فى عصر الصحابة بعد وفاة الرسول عليه السلام
القاعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــدة الأولى:
الرد إلى الله ورسوله عند التنازع{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}
عندما تنازع أبو سلمة وابن عباس فى عدة الحامل المتوفى عنها زوجها ردوا الأمر إلى الله وسوله وأرسل ابن عباس إلى أم سلمة رضى الله عنها يسألها(42).
مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ يخبر عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ بأنه يجب الوضوء من مس الذكر فيقول عروة: مَا عَلِمْتُ هَذَا فيذكر له مروان حديث الرسول عليه السلام "إِذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأ"(43)
القاعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــدة الثانية:
عدم استنباط أحكام بدون منطوق النص
ابن عباس رضى الله عنه سمع أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ يحدث بقول رسول الله عليى السلام "أَلَا إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ"، فكان يفتى بأن ربا الفضل حلال فكأنه أخذ بدليل الخطاب أو ما يسمونه مفهوم المخالفه وابن عباس رضى الله عنه عربى يعرف أساليب العرب فاستخدمها ولكن الصحابة لم يوافقوه على ذلك الفهم والتزموا بمنطوق النصِّ فى ربا الفضل(44). وقد رجع ابن عباس رضى الله عنه عن قوله ولم يجادل عن مفهوم المخالفة فى النص الذى أخبره به أسامة بن زيد(45).
وعندما حرَّق علياً قوماً ارتدوا وبلغه رواية ابن عباس فى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ" قال على صَدَقَ ابْنُ عَبَّاسٍ(46).
عمر رضى الله عنه سمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ" فأراد أن يقيد مطلق الزمان بعام الحديبية فيقول له رسول الله "فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأْتِيهِ الْعَامَ"(47).
القاعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــدة الثالثة:
التثبت وعدم قبول الرأى بدون دليل مهما كان القائل
عندما سمع ابن عمر أن ابن عباس يكره لمن أحرم بالحج؛ قال ابن عمر فَسُنَّةُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَقُّ أَنْ تَتَّبِعَ مِنْ سُنَّةِ فُلَانٍ(48).
عمر بن الخطاب يقول "إِذَا جِئْتُمْ مِنًى فَمَنْ رَمَى الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَهُ مَا حَرُمَ عَلَى الْحَاجِّ إِلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ" وعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تقول: كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ" فيقول سالم: وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع(49).
وعندما يقول رجل لابن عمر إِنَّ أَبَاكَ قَدْ نَهَى عن التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فقال له ابن عمر أَأَمْرَ أَبِي نَتَّبِعُ أَمْ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(50).
القاعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــدة الرابعة:
قبل الاجتهاد يجب البحث والسؤال أولا عن سنن الرسول عليه السلام
فعندما جَاءَتْ الْجَدَّةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا فَقَالَ لَهَا َارْجِعِي حَتَّى أَسْأَلَ النَّاسَ(51)
القاعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــدة الخامسة:
الإلتزام بمنطوق الحديث بدون تأويل
لَمَّا اسْتَوَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ اجْلِسُوا فَسَمِعَ ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَجَلَسَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ(52)
مُعَاذَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ تلميذة عائشة رضى الله عنها تسأل عن الحكمة فى قضاء الحائض الصوم دون الصلاة لم تُقِرَّها أم المؤمنين عليها وضوان الله على سؤالها ولم تجبها وتقول لها كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ(53)
وأبو هريرة يقول لابن عباس: إِذَا سَمِعْتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا فَلَا تَضْرِبْ لَهُ الْأَمْثَالَ(54)
وعندما قال ربيعةُ لسعيد بن المسيب: "حِينَ عَظُمَ جُرْحُهَا وَاشْتَدَّتْ مُصِيبَتُهَا نَقَصَ عَقْلُهَا" قال سعيدُ: هِيَ السُّنَّةُ يَا ابْنَ أَخِي(55)
القاعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــدة السادسة:
عند الاجتهاد يجب التصريح بأن هذا رأى
فلقد صح عن الصحابة رضى الله عنهم أنهم قالوا بآرائهم بعد موت الرسول عليه السلام وكان الصحابى يقول أَقُولُ بِرَأْيِي فَإِنْ كَانَ صَوَابًا فَمِنَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَمِنْ قِبَلِي(56)
القاعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــدة السابعة:
الصحابى لا ينكر على من يخالفه في فتياه
فجميعهم رضي الله عنهم لا ينكر أحدهم على من يخالفه في فتياه، وينكر على من خالف روايته عن النبي عليه السلام أشد الإنكار.
لم ينكر أبو هريرة على من خالفه في إفطار من أصبح جنباً(57)
القاعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــدة الثامنة:
الصحابة ينكرون أشد الإنكار على من يخالف السنن
فهذا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ لا يكلم من لم يلتزم بنهى الرسول عليه السلام(58)
وهذا عبد الله بن عمر يسُبَّ ابنه بلال سَبًّا سَيِّئًا عندما قال ابن عمر "لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ الْمَسَاجِدَ" فَقَالَ بِلَالُ "وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ"(59)
وهذا أبو هريرة يقول لابن عباس إِذَا سَمِعْتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا فَلَا تَضْرِبْ لَهُ الْأَمْثَالَ(60).
وقد بَلَغَ اِبْن مَسْعُود أَنَّ عَلِيًّا يَقُول تَعْتَدّ آخِر الْأَجَلَيْنِ ، فَقَالَ : مَنْ شَاءَ لَاعَنْته أَنَّ الَّتِي فِي النِّسَاء الْقُصْرَى أُنْزِلَتْ بَعْد سُورَة الْبَقَرَة(61).
وقد نهى عثمان عن القران فى الحج، فلبى عليّ بهما معاً قاصداً معلناً بخلافه، فلما قال له في ذلك، قال له علي: ما كنت لأترك سنة النبي عليه السلام لقول أحد(62).
أَبو ذَرّ كَانَ لَا يَرَى بِطَاعَةِ الْإِمَام إِذَا نَهَاهُ عَنْ الْفُتْيَا ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّ ذَلِكَ وَاجِب عَلَيْهِ لِأَمْرِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّبْلِيغِ عَنْهُ(63)