المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موضوع مميز أيُستصعبُ الذّلول، ويُركبُ الشّرود؟!!


أبو عاصم مصطفى السُّلمي
2017-12-25, 13:51
بـــسم الله الرحمن الرحيـــم

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن تبعه. وبعد:
اجتنابُ الصّعبِ، وطروقُ السّهلِ، سنّةٌ ماضيةٌ، جُبلت عليها فطرُ العقلاء. ولا يُستصعبُ الذّلولُ، إلا كانت عاقبة ركوبهِ أصعب. ولا يُستسهلُ الصعبُ، إلا إذا كانت مغبّةُ استصعابه أوخمُ عاقبةً وأسوء غائلة. وهذا معلوم لذوي البصائر وأولي الألباب. ولذا فإن نواميس الفطرة تدلّ أن استصعاب السهل، واستسهال الشّديد، لإدراك العاقبة الحميدة، وتفويتِ غوائلِ ركوبِ الأولِ واجتنابِ الآخَرِ، هي عينُ الصوابِ، ومكمنُ السّدادِ. لذلك فإنّ الشّرود يُركب إذا كان سابقا عند قصد النّجاة وخوفِ الدّرَك. ويُجتنب الهيّن الذّليل لذلك.
أما إذا كانت الغوائل والعواقب الوخيمة، في امتطاء الصعب، والزّهد في الميسور. فإنّ اجتباب مثل هذا، لا يخفى - في الغالب - حتى على ذوي الأبصار الخُفش، والبصائر العُمش. والواقع فيه لا يكاد يُقبل له عذرٌ ولا اعتذار عند عموم النّاس، والتوبة تجب ما قبلها – كائنا ما كان – ولله الحمد.
إذا فهمتَ هذا فهمَ المُوفّق، فاعلم أنّ من أُخِذَ عليه، في سبيلٍ طرقَه واستيسره. ونصحه النّاصحون والأدلاء الخراريتُ، وحذّروه سوء المنتهى، وغبَّ النهاية. ومضى ولم يُعقِّب، وخاض ولم يُجنِّب. فهو ممن تنكّب التحاكم إلى قوانين الفِطر، وطرائق العقلاء. ويكون بهذا قد ارتكب جناية أشدّ، وصعد صارما أحدّ. إذ أنّه بعد أن استسهلَ الشّديد وسلكه، استعسر اليسير وحاد عنه. فإن الرجوع إلى قول الهادي الخرّيت، وعدم امتطاء سجيحة الرأس، من أيسر ما يكون وآمن عاقبة. فلو اجتنب الأول ولم يركبه، وركب الثاني ولم يزهد فيه. لأراح واستراح، بل لأنجح وأفلح.
هذا وقد أذكرني صنيع من يركب الصّعب ويستصعب السّهل ولو كان فيه هلاكه، قصة ذاك المثل العربي القديم «أي فتى قتله الدّخان». وأصله كما [قَال ابن الأعرابي: هو رجل كان يطبخ قِدْراً، فغشيه الدخان، فلم يتحول حتى قتله فجعلت ابنته تبكيه وتقول: يا أبَتاه، وأي فتىً قتل الدخان، فلما أكثرت قَال لها قائل: "لو كان ذا حيلة تَحَوَّل" وهذا أيضاً مثل، ولقوله "تحول" وجهان: أحدهما التنقل، والآخَر طَلَبُ الحيلَة.] اهـ (مجمع الأمثال ص:436 / ط بولاق سنة 1284). فتحمل الدخان وخَنقتَه وهو شديد، وزهد في التّحول وهو يسير. فتحوله – لو كان تحوّل – كانت فيه نجاته بأيسر كلفة وأقل عناء. ولكنّ لخفافيش الأبصار وعُشاة البصائر، نواميسا أُخر، أدهى وأمر.
ومن تفكّر في حوادث الظرف الحاضر، علم أنّ كثيرا من إخواننا – هداهم الله – ركبوا الشّرود واستسهلوه، واجتنبوا الذّليل واستصعبوه، وأبوا النُّقلة والتّحول، ولو كانوا ذووا حيلة لتحوّلوا.
ولكأني بهم غفلوا – أو تغافلوا – عن أن الْتِكَادَ مَحَلِّ النِّحْرِيرِ الضَّلِيعِ مِنْ أَهْلِ السُّنِّةِ، والإِبَاءَةَ فِي بَلَدِهِ، وَالاسْتِجْنَانَ بِعِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ، أَمَنَةٌ ـ بَعْدَ فَضْلِ اللهِ عَزَّ وَ جَلَّ ـ مِنَ الفِتَنِ وَالدَّوَاهِي، وَأَرْجَى فِي إِدْرَاكِ بَوَاعِثِ الرُّسُوخِ وَالنَّبَاهَةِ وَالإِفَادَةِ. ولَأَنْ يُطْعَنَ المَرْءُ بِرِمَاحِ النَّصِيحَةِ وَيُجْلَدَ بِسِيَاطِ الأَمْرِ بِالمِعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يُتَوَّجَ بِتَاجٍ مِنْ سَرَابٍ وَيُرْفَعَ عَلَى عَرْشٍ صَنَعَتْهُ حَنَاجِرِ المَادِحِينَ وَمَقَالَاتُ المُدَاهِنِينَ.
وما كان أيسر على أحدهم، سَطر كتاب يُعلن فيه رجعته، ويُظهر فيه توبته، ويسلم زمام الأمور إلى من يُحسنها، ويُعط القوس باريها. وللعلم أربابٌ، به يُعرَفون، وله يَعرِفون. وهو من السّهولة بمكان، ومن أمرإ ما يكون.
ولذلك جلّل العَجبُ العقلاء، وألقى إلى أفئدتهم، الاستفهام القائل: أيُستصعبُ الذّلول، ويُركبُ الشّرود؟!!
وخير الكلام، قليل دلّ على جليل.

والحمد لله على كل حال.((فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً))[النساء:19].


أبو عاصم مصطفى بن محمد
السُّـــلمي
تبلـــبالة يوم الأحد 05 ربيع الثاني 1439 هـ

أثر
2017-12-25, 19:22
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كلما أناخ بي الركب هنا

وقرأت مقتطفاتك الا وتربّع امام ناظري كتاب الحكمااء كليلة ودمنة

ومازالت عندي نسخته لليوم

لله دره قلمك ما أجمله


ولَأَنْ يُطْعَنَ المَرْءُ بِرِمَاحِ النَّصِيحَةِ وَيُجْلَدَ بِسِيَاطِ الأَمْرِ بِالمِعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يُتَوَّجَ بِتَاجٍ مِنْ سَرَابٍ وَيُرْفَعَ عَلَى عَرْشٍ صَنَعَتْهُ حَنَاجِرِ المَادِحِينَ وَمَقَالَاتُ المُدَاهِنِينَ.

أبو عاصم مصطفى السُّلمي
2018-01-04, 13:31
جزاكم الله خيرا

أمير جزائري حر
2018-01-07, 18:26
بـــسم الله الرحمن الرحيـــم

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن تبعه. وبعد:
اجتنابُ الصّعبِ، وطروقُ السّهلِ، سنّةٌ ماضيةٌ، جُبلت عليها فطرُ العقلاء. ولا يُستصعبُ الذّلولُ، إلا كانت عاقبة ركوبهِ أصعب. ولا يُستسهلُ الصعبُ، إلا إذا كانت مغبّةُ استصعابه أوخمُ عاقبةً وأسوء غائلة. وهذا معلوم لذوي البصائر وأولي الألباب. ولذا فإن نواميس الفطرة تدلّ أن استصعاب السهل، واستسهال الشّديد، لإدراك العاقبة الحميدة، وتفويتِ غوائلِ ركوبِ الأولِ واجتنابِ الآخَرِ، هي عينُ الصوابِ، ومكمنُ السّدادِ. لذلك فإنّ الشّرود يُركب إذا كان سابقا عند قصد النّجاة وخوفِ الدّرَك. ويُجتنب الهيّن الذّليل لذلك.
أما إذا كانت الغوائل والعواقب الوخيمة، في امتطاء الصعب، والزّهد في الميسور. فإنّ اجتباب مثل هذا، لا يخفى - في الغالب - حتى على ذوي الأبصار الخُفش، والبصائر العُمش. والواقع فيه لا يكاد يُقبل له عذرٌ ولا اعتذار عند عموم النّاس، والتوبة تجب ما قبلها – كائنا ما كان – ولله الحمد.
إذا فهمتَ هذا فهمَ المُوفّق، فاعلم أنّ من أُخِذَ عليه، في سبيلٍ طرقَه واستيسره. ونصحه النّاصحون والأدلاء الخراريتُ، وحذّروه سوء المنتهى، وغبَّ النهاية. ومضى ولم يُعقِّب، وخاض ولم يُجنِّب. فهو ممن تنكّب التحاكم إلى قوانين الفِطر، وطرائق العقلاء. ويكون بهذا قد ارتكب جناية أشدّ، وصعد صارما أحدّ. إذ أنّه بعد أن استسهلَ الشّديد وسلكه، استعسر اليسير وحاد عنه. فإن الرجوع إلى قول الهادي الخرّيت، وعدم امتطاء سجيحة الرأس، من أيسر ما يكون وآمن عاقبة. فلو اجتنب الأول ولم يركبه، وركب الثاني ولم يزهد فيه. لأراح واستراح، بل لأنجح وأفلح.
هذا وقد أذكرني صنيع من يركب الصّعب ويستصعب السّهل ولو كان فيه هلاكه، قصة ذاك المثل العربي القديم «أي فتى قتله الدّخان». وأصله كما [قَال ابن الأعرابي: هو رجل كان يطبخ قِدْراً، فغشيه الدخان، فلم يتحول حتى قتله فجعلت ابنته تبكيه وتقول: يا أبَتاه، وأي فتىً قتل الدخان، فلما أكثرت قَال لها قائل: "لو كان ذا حيلة تَحَوَّل" وهذا أيضاً مثل، ولقوله "تحول" وجهان: أحدهما التنقل، والآخَر طَلَبُ الحيلَة.] اهـ (مجمع الأمثال ص:436 / ط بولاق سنة 1284). فتحمل الدخان وخَنقتَه وهو شديد، وزهد في التّحول وهو يسير. فتحوله – لو كان تحوّل – كانت فيه نجاته بأيسر كلفة وأقل عناء. ولكنّ لخفافيش الأبصار وعُشاة البصائر، نواميسا أُخر، أدهى وأمر.
ومن تفكّر في حوادث الظرف الحاضر، علم أنّ كثيرا من إخواننا – هداهم الله – ركبوا الشّرود واستسهلوه، واجتنبوا الذّليل واستصعبوه، وأبوا النُّقلة والتّحول، ولو كانوا ذووا حيلة لتحوّلوا.
ولكأني بهم غفلوا – أو تغافلوا – عن أن الْتِكَادَ مَحَلِّ النِّحْرِيرِ الضَّلِيعِ مِنْ أَهْلِ السُّنِّةِ، والإِبَاءَةَ فِي بَلَدِهِ، وَالاسْتِجْنَانَ بِعِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ، أَمَنَةٌ ـ بَعْدَ فَضْلِ اللهِ عَزَّ وَ جَلَّ ـ مِنَ الفِتَنِ وَالدَّوَاهِي، وَأَرْجَى فِي إِدْرَاكِ بَوَاعِثِ الرُّسُوخِ وَالنَّبَاهَةِ وَالإِفَادَةِ. ولَأَنْ يُطْعَنَ المَرْءُ بِرِمَاحِ النَّصِيحَةِ وَيُجْلَدَ بِسِيَاطِ الأَمْرِ بِالمِعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يُتَوَّجَ بِتَاجٍ مِنْ سَرَابٍ وَيُرْفَعَ عَلَى عَرْشٍ صَنَعَتْهُ حَنَاجِرِ المَادِحِينَ وَمَقَالَاتُ المُدَاهِنِينَ.
وما كان أيسر على أحدهم، سَطر كتاب يُعلن فيه رجعته، ويُظهر فيه توبته، ويسلم زمام الأمور إلى من يُحسنها، ويُعط القوس باريها. وللعلم أربابٌ، به يُعرَفون، وله يَعرِفون. وهو من السّهولة بمكان، ومن أمرإ ما يكون.
ولذلك جلّل العَجبُ العقلاء، وألقى إلى أفئدتهم، الاستفهام القائل: أيُستصعبُ الذّلول، ويُركبُ الشّرود؟!!
وخير الكلام، قليل دلّ على جليل.

والحمد لله على كل حال.
((فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً))[النساء:19].



أبو عاصم مصطفى بن محمد
السُّـــلمي
تبلـــبالة يوم الأحد 05 ربيع الثاني 1439 هـ


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


سيتمحور مقالي حول قولك :


وخير الكلام، قليل دلّ على جليل.


...


أخي صاحب الموضوع، ألا ترى أنك بانتقائك لتلك الألفاظ الملونة بالأحمر أعلاه تترك المألوف المطروق وتتحرى الغريب المتروك ؟ وعلى حد قولك تركب الصعب الشّرود وتترك الذّلول ؟؟



باعتبارالهدف من الموضوع إيصال فكرة وإفادة القارئ ؟ ألم يكن الأولى الارتكاز على مقالتك الملونة بالأخضر = قليل دل على كثير = وتجنب غريب لفظ اللغة



أليس من المعلوم أن نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين كان يتحرى ما يفقهه السامع دون تقعر أو تنطع ، وققد بلغنا أن السامع كما قيل: لو أراد أن يُحصي كلامه - صلى الله عليه وسلم - لأحصاه = عدّا ، وفهما أيضا .
وآتاه الله جوامع الكلم . وما كل ذاك إلا لتصل الرسالة بأقل جهد وأيسر لفظ

ذلك هديه صلى الله عليه وسلم.

وقد قرأت في حياتي ولله الحمد الكثير من كتب الحديث ولم أجد فيها هذا الحرص على حشو الكلام بالألفاظ الشاذة .


مجرد رأي من ظل زائل

=================

أبو عاصم مصطفى السُّلمي
2018-01-09, 21:03
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلا وسهلا ومرحبا بك وبمداخلتك الطيبة
وبعد: فإن استعمال القوي والفصيح من اللغة قد لا يكون بالضرورة وحشيا أو غريبا، ومثله ما لونته بالأحمر فلا أظن أنه من غرائب اللغة على محبيها
وفي العموم لو أن الأدباء والكتاب وأصحاب الأقلام، تجنبوا ذكر الغريب والفصيح لضاعت اللغة العربية وانقرضت منذ قرون
واستعمالها وتوظيفها اليوم محاولة لبعثها وإحياءها
وبخصوص الحديث النبوي، فلا أظن أنه يعزب عن ذهنك استفسار الصحابة عن كثير من الألفاظ التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي فصيحة ومنه قولهم ... وما خضراء الدمن يارسول الله وغير ذلك
، بل قد ألف في غريب الحديث والأثر مجلدات كبار فنتبه
ولا أبعد النجعة فهذه كتب مشايخ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وكانوا فرسان بيان فاقرأ إن شئت للإبراهيمي و بن باديس والزاهري والتبسي وغيرهم
وحسبي أنني محب للغة قومي وديني وأريد أن أرفع بها رأسا
وهذا دفاعي عن نفسي
وجزاك الله خيرا