وافي طيب
2017-12-02, 07:13
💢💢💢
*الاحْتفالُ بالمـَولِدِ النَّبوي بين حكمِ الشَّرع ، وأصلِ الوَضع* ..
" الحمدُ لله الذي أرسلَ رسولَه بالهدى ودِين الحقِّ ليُظهرهُ على الدِّين كلِّه ، وكفى بالله شهيدًا ، وأشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ وحده لا شريكَ له ، إقرارًا به وتوحيدًا ، وأشهدُ أنَّ مُحمدًا عبده ورسوله ، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه ، وسلَّم تسليمًا مزيدًا "... أما بعدُ :
فإنَّ من تحقيق شهادةِ أنَّ مُحمدًا رسولُ الله : اتباعَ شريعته ، والتقيُّدَ بسنته ، والإعراضَ عما زِيد فيها ، مما أحدَثَه المحدِثون ؛ فإنه لا خيرَ في عبادةٍ لم يَعلمها رسول الله ﷺ.
ولما وُجد مَن يُزِّينُ للناس ما لم يأذن به الله ، من الابتداع في دينه ما ليس منه ، وجبَ - على المـُستطيع - الذبُّ عن دين الإسلام ، محبةً لله ورسوله ﷺ ، ونصيحةً للمسلمين .. وكلٌّ بحسَبه .
ودونكَ – أيها القارئ الكريم - إشاراتٍ من كلام أعلام الإسلام ، تدلُّك وتُنبِّهك على عدم مشروعية الاحتفال المعروف بـ : يوم المـَولِد ! وذلك من خلال فنون الشريعة .
💢 فعند أهل الاعتقاد 💢
لو كان المولد خيرًا ؛ لَسَبقنا إليه مَن هم خير مِنَّا :
🔹 قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ‹ إنَّا نَقتدي ، ولا نَبتدي , ونتَّبع ، ولا نبتدع ، ولن نَضلَّ ما تمسَّكنا بالأثر ›
[ أصول الاعتقاد لللالكائي (106) ]
🔹 وقال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : ‹ كلُّ عبادةٍ لم يتعبَّدها أصحابُ رسول الله ﷺ ؛ فلا تعبَّدوها ؛ فإن الأوَّل : لم يدَعْ للآخرِ مَقالا ›
[ الحوادث والبدع للطرطوشي (149) ]
🔹 وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه : ‹ إياكَ والبدعَ ، والتبدُّعَ ، والتنطعَ .. وعليك بالأمر العتيق ›
[ ذم الكلام للهروي (537) ]
🔹 قال شيخ الإسلام رحمه الله عن الاحتفال بالمولد : ‹ ولو كان هذا خيرًا مَحضًا ، أو راجحًا ؛ لكان السَّلَف -رضي الله عنهم- أحقَّ به منَّا ؛ فإنَّهم كانوا أشدَّ محبةً لرسول الله ﷺ ، وتعظيمًا له مِنَّا ، وهم على الخير أحرص ›
[ اقتضاء الصراط المستقيم (2/123) ]
🔹 وقال العلامة الألباني رحمه الله : ‹ أصلان ، لا بدَّ لكلِّ مسلمٍ أن يَدينَ اللهَ بهما :
1) الأصل الأول : ألا يَعبدَ إلا اللهَ .
2) والأصل الثاني : ألا يَعبدَهُ إلا بما شرعَ الله .
لم ؟ لأنَّ الدينَ قد أكملهُ اللهُ تبارك وتعالى ، هذه الحقيقة - مع الأسف - غائبة عن أذهان كثيرٍ من المسلمين ! ›
[ سلسلة الهدى والنور ، شريط : (710) ]
💢 وعند أهل التفسير 💢
🔹 قال الله سبحانه وتعالى : { قل إن كنتم تحبون الله فاتَّبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم }
🔹 قال الحسن البصري رحمه : قال قوم على عهد النبي ﷺ : يا محمد ! إنا نحب ربنا ؛ فأنزل الله : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم }
✊🏻 فجعل اتباع نبيه ﷺ عَلَما لحُبه .
[ تفسير الطبري (6/322) ]
🔹 وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله : ‹ هذه الآيةُ الكريمة حاكمةٌ على كلِّ مَن ادَّعى محبَّة الله ، وليس هو على الطريقة المحمَّدية ؛ فإنه كاذبٌ في دَعواه في نفس الأمر ، حتى يَتَّبعَ الشرعَ المحمديَّ ، والدِّين النبوي ، في جميع أقواله وأحواله ›
[ تفسير ابن كثير (2/32) ]
💢 وعند أهل الفقه 💢
لا يَخلو الاحتفال بالمولد من أن يكونَ عادة ، أو عبادة .
▪ فإن كان عادة : فقبَّحَ اللهُ مَن جعلَ فَرَحهُ بولادة خير خَلْق الله ﷺ عادةً يَعتادها !
▪ وإن كان عبادةً : فليس يُصدِّقها دليلٌ صحيح من الكتاب ، أو السنة ، أو إجماعٌ ، أو قولُ صحابي ، أو تابعي ، أو أحدٍ من الأئمة الأربعة المتبوعين ... فإذا خلا من كل هذا ؛ فلتعلم أنه مِن أحبِّ العبادات إلى الشيطان !
💡 ومن الفقه أن يقال إن النبيَّ ﷺ كانَ يَصومُ يومَ مَولده ، ويقول : « *ذاكَ يومٌ وُلدتُ فيه* »
[ صحيح مسلم (1162) ]
🔹 وقد قال الحافظ ابن جرير رحمه الله : ‹ الإجماع مُنعَقدٌ على تحريم صَوم يوم العيد ›
[ فتح الباري (4/234) ]
✊🏻 فكيفَ يكونُ يومٌ جاء الأمرُ بصيامه في الشرع عِيدًا للمسلمين ؟!
ويُقال لمن استدلَّ باحتفال جمهور المسلمين في القرون المتأخرة بالمولد ، وذكر بعض الفتاوى في ذلك :
🔹 قال شيخ الإسلام رحمه الله : ‹ ومَن اعتقد أنَّ أكثرَ هذه العادات المخالفة للسنن مُجمَعٌ عليها ، بناءً على أنَّ الأمة أقرَّتها ، ولم تُنكرها ؛ فهو مخطئٌ في هذا الاعتقاد .
فإنه لم يزلْ ، ولا يزالُ في كلِّ وقتٍ مَن يَنهى عن عامَّة العادات المحدَثة المخالفةِ للسُّنة ، وما يَجوز دعوى الإجماع بعملِ بلدٍ -أو بلادٍ- من بلاد المسلمين ›
[ اقتضاء الصراط المستقيم (2/89) ]
▪ وكم ذُكرَت الكَثرة في القرآن ، وأُريدَ بها الذمُّ ؟
▪ وُذكرت القِلَّة ، وأُريدَ بها الثناء ؟!
ثم إنَّ العبرةَ بالدليل الشرعي ؛ المبني على الكتاب والسنة .. وأما أهلُ العلم ؛ فيُستدَلُّ لأقوالهم ، ولا يُستدَلُّ بها !
🔹 قال علي رضي الله عنه : ‹ إنَّ الحقَّ لا يُعرَفُ بالرِّجال ؛ اعرِفِ الحقَّ ، تعرفْ أهلَه ›
[ الذريعة للراغب الأصفهاني (171) ]
❗ وإن تعجَبْ : فعجبٌ استدلالُ بعضهم على جوازِ المولدِ بأبي لهب !
وهي قولهم : إن دليل الاحتفال بالمولد : قصة أبي لهب ، عندما أعتق جاريته ‹ ثُويبة › فرحًا بمولد النبي ﷺ ؛ فرآه بعض أهله في المنام أنه خُفِّف عنه في الآخرة ! وهذه القصة ذكرها البخاري رحمه الله في صحيحه عن عروة [ التابعي ] بدون إسناد ، وقد جاء في السير ما يؤكد عدم صحتها ، فأن أبا لهب لم يُعتق ثويبة ؛ إلا بعدَ هجرة النبي ﷺ إلى المدينة .
(ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في كتابه الإصابة (8/60) )
وعلى فرض صِحتها ؛ فليست إلا منام لبعض أهل أبي لهب ، لا يثبت به حكم الأصل ، حتى يُقاس عليه !
🔹 قال أبو عمرو بن العلاء رحمه الله : ‹ لا يزالُ الناسُ بخيرٍ ، ما تُعُجِّبَ من العجب ›
[ المورد في عمل المولد للفاكهاني (13) ]
💢 وعند أهل أصول الفقه 💢
قال العلامة تاج الدين الفاكهاني رحمه الله عن المولد : ‹ إمَّا أن يكون واجبًا ، أو مندوبًا ، أو مباحًا ، أو مكروهًا ، أو محرَّمًا ، وهو ليس بواجبٍ إجماعًا ،ولا مندوب ؛ لأن حقيقة المندوب : ما طلبهُ الشرعُ من غير ذمٍّ على تركهِ ، وهذا : لم يأذَن فيه الشرع ، ولا فعلَهُ الصحابة ، ولا التابعون ، ولا العلماء المتديِّنون ( فيما علمتُ )
وهذا جوابي عنه بين يدي الله تعالى ؛ إنْ عنهُ سُئلتُ .
ولا جائز أن يكون مُباحًا ؛ لأنَّ الابتداع في الدين ليس مُباحًا بإجماع المسلمين ؛ فلم يبقَ إلَّا أن يكونَ مكروهًا أو حرامًا ! ›
[ المورد في عمل المولد (10) ]
💢 وعند أهل مصطلح الحديث 💢
فإن السُّنة هي : ما جاء عن النبي ﷺ من قَولٍ ، أو عملٍ ، أو تقرير ، أو صِفة خَلْقية ، أو خُلُقية .
والاحتفالُ بالمولد : ليس واحدًا من هذه الخمسة ؛ فدلَّ على أنه ليس منها ! بل لقد تكاثرت نصوصُ السنة على التحذير من مثلِ هذا الاحتفال المخترع .
🔹 قال رسول الله ﷺ : « *وشرَّ الأمور : مُحدثاتها* »
[ صحيح البخاري (7277) ]
🔹 وقال ﷺ : « *مَن أحدثَ في أمرِنا هذا ما ليسَ فيه فهو ردٌّ* »
[ متفق عليه (2697) (1718) ]
🔹 وقال ﷺ : « *فعليكم بسنَّتي ، وسنَّةِ الخلفاء الراشدين المهديين ؛ عَضُّوا عليها بالنواجذ ، وإياكم والأمور المحدثات ؛ فإنَّ كلَّ بدعةٍ ضلالة* »
[ صحيح سنن ابن ماجه (42) ]
💢 وعند أهل التاريخ والسير 💢
لقد اتفق أهل السير على أنَّ مولدَ النبي ﷺ كان يوم الاثنين ؛ وقد سئل النبي ﷺ عن صومِ يوم الاثنين ؟ فقال : « *ذاك يوم وُلِدتُ فيه ، ويوم بعثت*ُ (أو) *أُنزلَ عليَّ فيه* »
[ صحيح مسلم (1162) ]
واتفقوا على عام الوفاة وشهرِه** .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : ‹ وكانت الوفاة النبوية في شهر ربيع الأول ، سنة إحدى عشرة ، باتفاق ›
[ فتح الباري (9/448) ]
[ ** وأما يوم الوفاة فهي على الصحيح في يوم الاثنين الثاني من شهر ربيع الأول . انظر تفسير ابن كثير (7/120) ]
واختلفوا في الشهر واليوم الذي وُلد فيه ﷺ .
فقِيل في شهر صفر ، وقيل في ربيع الأول ، وقيل في ربيع الآخر ، وقيل في رجب ، وقيل في رمضان ...
وقيل في شهر ربيع الأول يوم 2 أو 8 أو 10 أو 12 أو 17 ...
وليس لأحدِ هذه الآراء ما يُرجِّحه على الآراءِ الأخرى .
[ انظر سيرة ابن هشام (1/158) والبداية والنهاية لابن كثير (2/320) وعيون الأثر لابن سيد الناس (1/33-34) ]
✊🏻 فكيف يَفرحُ المسلمُ ، ويَحتفلُ في الشهر الذي انطفأ فيه نورُ الوحي ، وانقطع بالمسلمين الأمان من العذاب ؛ الذي جعله اللهُ في الأرض ؛ فقال تعالى : { وما كان اللهُ ليعذِّبهم وأنت فيهم } ؟!
🔹 قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : ‹ أمانان كانا في الأرض : فرُفِعَ أحدُهما ، وبقيَ الآخر ›
[ مستدرك الحاكم (1989) ]
بل كيف يفرحُ المسلمُ في شهرٍ وَقعتْ فيه مُصيبة تَهونُ دونها كلُّ مصيبة ؟!
🔹 قال رسول الله ﷺ : « *إذا أصابَ أحدَكم مصيبةٌ ؛ فليذكُرْ مصيبتهُ بي ؛ فإنها من أعظمِ المصائب* »
[ صحيح الجامع (347) ]
🔹 وقال أنس بن مالك رضي الله عنه : ‹ وما رأيتُ يومًا كان أقبحَ ، ولا أظلمَ ، من يومٍ ماتَ فيه رسول الله ﷺ ›
[ شرح السنة للبغوي (3834) ]
🔹 وقال العلامة الفاكهاني رحمه الله : ‹ الشهر الذي وُلِدَ فيه ﷺ ، وهو ربيع الأول : هو بعينه الشهرُ الذي تُوفي فيه ؛.
💡 فليسَ الفرحُ فيه بأولى من الحزنِ فيه ! ›
[ نقله السيوطي في : الحاوي للفتاوي (1/224) ]
ولكن هذا الفعل من مكرِ الروافضِ والقرامطةِ العُبيديين - الذين سَمَّوا أنفسهم زورًا بــ : الفاطميين - ومِن استدراجهم للمُسلمين ؛ فإنَّهم أوَّلُ مَن ابتدعَ هذا الاحتفال !
🔹 قال العلامة المقريزي رحمه الله : ‹ وكان للخلفاء ( الفاطميين ) في طولِ السنة أعيادٌ ومواسمُ ... ›
ثم عدَّها ؛ ومنها المولد النبوي !
[ انظر المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار للمقريزي (1/490) ]
🔹 وقال مفتي مصر -سابقًا - محمد بن بخيت المطيعي رحمه الله عن بدعة الاحتفال بالمولد : ‹ إنَّ أولَ مَن أحدَثها بالقاهرة : الخلفاء ( الفاطميون ) وأوَّلهم :( المعز لدين الله ) ›
[ أحسن الكلام فيما يتعلق بالسنةِ والبدعة من الأحكام (44) ]
🔹 وقال علي محفوظ رحمه الله : « أوَّلُ مَن أحدَثها بالقاهرة الخلفاء ( الفاطميون ) في القرن الرابع ›
[ الإبداع في مضار الابتداع (126) ]
ولمن لا يعرف العـُبيدين :
🔹 قال القاضي عياض رحمه الله عنهم : ‹ إنَّ حالَ بني عبيد : حالُ المرتدِّين والزنادقة ›
[ ترتيب المدارك (4/720) ]
فهذا التقليد الأعمى لأهل الشركِ والزندقة ، مصداقُ قولِ النبي ﷺ : « *لا تقومُ الساعة ، حتى تأخذَ أمتي بأخذِ القرونِ قبلَها ، شبرًا بشبرٍ ، وذراعًا بذراع* »
[ صحيح البخاري (7319) ]
💢 وعند الشعراء 💢
🔸 ألا قلْ لهمْ قولَ عبدٍ نصوحٍ
وحقُّ النَّصـيحةِ أن تُستمَعْ
🔸 متى عَلِمَ الناسُ في دِيننا
بأنَّ الغِنا سُنَّة تُتَّبعْ ؟!
🔸 وأن يأكلَ المرءُ أكلَ الحمارِ
ويَرقصَ في الجمعِ حتى يقعْ
🔸 وقالوا : سَكِرْنا بحبِّ الإله
ِ وما أسكرَ الـقومَ إلا القِصَعْ
🔸 كذاكَ البهائمُ إنْ أُشبعَت
ْ يُرقِّصُها ريُّها والشِّبعْ
🔸 ويُسْكِرهُ النايُ ثمَّ الغِنا
وياسـينُ لو تُليَتْ ما انصَدَعْ
🔸 فيا للعقولِ ويا للنُّهى
ألا مُنكِرٌ منكُمُ للبدَعْ ؟
🔸 تُهانُ مساجدُنا بالسـماعِ
وتُكرَمُ عن مِثْلِ ذاكَ البِيَع !
👈🏻 فاحرص أيُّها الأخُ المسلم ، المحبُّ لدِينه ولنبيِّه .. أن لا يَستدرجك الشيطان ؛ فتقع في حبائله ، وإياك إياك وهذا الاحتفال الذي ابتدعه أعداء الإسلام ؛ فإن حبَّ النبي ﷺ لا يكونُ بمخالفة أمره وهَديه ..
وصلِّ اللهمَّ وسلِّم على سيِّدنا وحبيبنا ، نبيِّنا مُحمدٍ ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، والحمدُ لله
*الاحْتفالُ بالمـَولِدِ النَّبوي بين حكمِ الشَّرع ، وأصلِ الوَضع* ..
" الحمدُ لله الذي أرسلَ رسولَه بالهدى ودِين الحقِّ ليُظهرهُ على الدِّين كلِّه ، وكفى بالله شهيدًا ، وأشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ وحده لا شريكَ له ، إقرارًا به وتوحيدًا ، وأشهدُ أنَّ مُحمدًا عبده ورسوله ، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه ، وسلَّم تسليمًا مزيدًا "... أما بعدُ :
فإنَّ من تحقيق شهادةِ أنَّ مُحمدًا رسولُ الله : اتباعَ شريعته ، والتقيُّدَ بسنته ، والإعراضَ عما زِيد فيها ، مما أحدَثَه المحدِثون ؛ فإنه لا خيرَ في عبادةٍ لم يَعلمها رسول الله ﷺ.
ولما وُجد مَن يُزِّينُ للناس ما لم يأذن به الله ، من الابتداع في دينه ما ليس منه ، وجبَ - على المـُستطيع - الذبُّ عن دين الإسلام ، محبةً لله ورسوله ﷺ ، ونصيحةً للمسلمين .. وكلٌّ بحسَبه .
ودونكَ – أيها القارئ الكريم - إشاراتٍ من كلام أعلام الإسلام ، تدلُّك وتُنبِّهك على عدم مشروعية الاحتفال المعروف بـ : يوم المـَولِد ! وذلك من خلال فنون الشريعة .
💢 فعند أهل الاعتقاد 💢
لو كان المولد خيرًا ؛ لَسَبقنا إليه مَن هم خير مِنَّا :
🔹 قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ‹ إنَّا نَقتدي ، ولا نَبتدي , ونتَّبع ، ولا نبتدع ، ولن نَضلَّ ما تمسَّكنا بالأثر ›
[ أصول الاعتقاد لللالكائي (106) ]
🔹 وقال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : ‹ كلُّ عبادةٍ لم يتعبَّدها أصحابُ رسول الله ﷺ ؛ فلا تعبَّدوها ؛ فإن الأوَّل : لم يدَعْ للآخرِ مَقالا ›
[ الحوادث والبدع للطرطوشي (149) ]
🔹 وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه : ‹ إياكَ والبدعَ ، والتبدُّعَ ، والتنطعَ .. وعليك بالأمر العتيق ›
[ ذم الكلام للهروي (537) ]
🔹 قال شيخ الإسلام رحمه الله عن الاحتفال بالمولد : ‹ ولو كان هذا خيرًا مَحضًا ، أو راجحًا ؛ لكان السَّلَف -رضي الله عنهم- أحقَّ به منَّا ؛ فإنَّهم كانوا أشدَّ محبةً لرسول الله ﷺ ، وتعظيمًا له مِنَّا ، وهم على الخير أحرص ›
[ اقتضاء الصراط المستقيم (2/123) ]
🔹 وقال العلامة الألباني رحمه الله : ‹ أصلان ، لا بدَّ لكلِّ مسلمٍ أن يَدينَ اللهَ بهما :
1) الأصل الأول : ألا يَعبدَ إلا اللهَ .
2) والأصل الثاني : ألا يَعبدَهُ إلا بما شرعَ الله .
لم ؟ لأنَّ الدينَ قد أكملهُ اللهُ تبارك وتعالى ، هذه الحقيقة - مع الأسف - غائبة عن أذهان كثيرٍ من المسلمين ! ›
[ سلسلة الهدى والنور ، شريط : (710) ]
💢 وعند أهل التفسير 💢
🔹 قال الله سبحانه وتعالى : { قل إن كنتم تحبون الله فاتَّبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم }
🔹 قال الحسن البصري رحمه : قال قوم على عهد النبي ﷺ : يا محمد ! إنا نحب ربنا ؛ فأنزل الله : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم }
✊🏻 فجعل اتباع نبيه ﷺ عَلَما لحُبه .
[ تفسير الطبري (6/322) ]
🔹 وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله : ‹ هذه الآيةُ الكريمة حاكمةٌ على كلِّ مَن ادَّعى محبَّة الله ، وليس هو على الطريقة المحمَّدية ؛ فإنه كاذبٌ في دَعواه في نفس الأمر ، حتى يَتَّبعَ الشرعَ المحمديَّ ، والدِّين النبوي ، في جميع أقواله وأحواله ›
[ تفسير ابن كثير (2/32) ]
💢 وعند أهل الفقه 💢
لا يَخلو الاحتفال بالمولد من أن يكونَ عادة ، أو عبادة .
▪ فإن كان عادة : فقبَّحَ اللهُ مَن جعلَ فَرَحهُ بولادة خير خَلْق الله ﷺ عادةً يَعتادها !
▪ وإن كان عبادةً : فليس يُصدِّقها دليلٌ صحيح من الكتاب ، أو السنة ، أو إجماعٌ ، أو قولُ صحابي ، أو تابعي ، أو أحدٍ من الأئمة الأربعة المتبوعين ... فإذا خلا من كل هذا ؛ فلتعلم أنه مِن أحبِّ العبادات إلى الشيطان !
💡 ومن الفقه أن يقال إن النبيَّ ﷺ كانَ يَصومُ يومَ مَولده ، ويقول : « *ذاكَ يومٌ وُلدتُ فيه* »
[ صحيح مسلم (1162) ]
🔹 وقد قال الحافظ ابن جرير رحمه الله : ‹ الإجماع مُنعَقدٌ على تحريم صَوم يوم العيد ›
[ فتح الباري (4/234) ]
✊🏻 فكيفَ يكونُ يومٌ جاء الأمرُ بصيامه في الشرع عِيدًا للمسلمين ؟!
ويُقال لمن استدلَّ باحتفال جمهور المسلمين في القرون المتأخرة بالمولد ، وذكر بعض الفتاوى في ذلك :
🔹 قال شيخ الإسلام رحمه الله : ‹ ومَن اعتقد أنَّ أكثرَ هذه العادات المخالفة للسنن مُجمَعٌ عليها ، بناءً على أنَّ الأمة أقرَّتها ، ولم تُنكرها ؛ فهو مخطئٌ في هذا الاعتقاد .
فإنه لم يزلْ ، ولا يزالُ في كلِّ وقتٍ مَن يَنهى عن عامَّة العادات المحدَثة المخالفةِ للسُّنة ، وما يَجوز دعوى الإجماع بعملِ بلدٍ -أو بلادٍ- من بلاد المسلمين ›
[ اقتضاء الصراط المستقيم (2/89) ]
▪ وكم ذُكرَت الكَثرة في القرآن ، وأُريدَ بها الذمُّ ؟
▪ وُذكرت القِلَّة ، وأُريدَ بها الثناء ؟!
ثم إنَّ العبرةَ بالدليل الشرعي ؛ المبني على الكتاب والسنة .. وأما أهلُ العلم ؛ فيُستدَلُّ لأقوالهم ، ولا يُستدَلُّ بها !
🔹 قال علي رضي الله عنه : ‹ إنَّ الحقَّ لا يُعرَفُ بالرِّجال ؛ اعرِفِ الحقَّ ، تعرفْ أهلَه ›
[ الذريعة للراغب الأصفهاني (171) ]
❗ وإن تعجَبْ : فعجبٌ استدلالُ بعضهم على جوازِ المولدِ بأبي لهب !
وهي قولهم : إن دليل الاحتفال بالمولد : قصة أبي لهب ، عندما أعتق جاريته ‹ ثُويبة › فرحًا بمولد النبي ﷺ ؛ فرآه بعض أهله في المنام أنه خُفِّف عنه في الآخرة ! وهذه القصة ذكرها البخاري رحمه الله في صحيحه عن عروة [ التابعي ] بدون إسناد ، وقد جاء في السير ما يؤكد عدم صحتها ، فأن أبا لهب لم يُعتق ثويبة ؛ إلا بعدَ هجرة النبي ﷺ إلى المدينة .
(ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في كتابه الإصابة (8/60) )
وعلى فرض صِحتها ؛ فليست إلا منام لبعض أهل أبي لهب ، لا يثبت به حكم الأصل ، حتى يُقاس عليه !
🔹 قال أبو عمرو بن العلاء رحمه الله : ‹ لا يزالُ الناسُ بخيرٍ ، ما تُعُجِّبَ من العجب ›
[ المورد في عمل المولد للفاكهاني (13) ]
💢 وعند أهل أصول الفقه 💢
قال العلامة تاج الدين الفاكهاني رحمه الله عن المولد : ‹ إمَّا أن يكون واجبًا ، أو مندوبًا ، أو مباحًا ، أو مكروهًا ، أو محرَّمًا ، وهو ليس بواجبٍ إجماعًا ،ولا مندوب ؛ لأن حقيقة المندوب : ما طلبهُ الشرعُ من غير ذمٍّ على تركهِ ، وهذا : لم يأذَن فيه الشرع ، ولا فعلَهُ الصحابة ، ولا التابعون ، ولا العلماء المتديِّنون ( فيما علمتُ )
وهذا جوابي عنه بين يدي الله تعالى ؛ إنْ عنهُ سُئلتُ .
ولا جائز أن يكون مُباحًا ؛ لأنَّ الابتداع في الدين ليس مُباحًا بإجماع المسلمين ؛ فلم يبقَ إلَّا أن يكونَ مكروهًا أو حرامًا ! ›
[ المورد في عمل المولد (10) ]
💢 وعند أهل مصطلح الحديث 💢
فإن السُّنة هي : ما جاء عن النبي ﷺ من قَولٍ ، أو عملٍ ، أو تقرير ، أو صِفة خَلْقية ، أو خُلُقية .
والاحتفالُ بالمولد : ليس واحدًا من هذه الخمسة ؛ فدلَّ على أنه ليس منها ! بل لقد تكاثرت نصوصُ السنة على التحذير من مثلِ هذا الاحتفال المخترع .
🔹 قال رسول الله ﷺ : « *وشرَّ الأمور : مُحدثاتها* »
[ صحيح البخاري (7277) ]
🔹 وقال ﷺ : « *مَن أحدثَ في أمرِنا هذا ما ليسَ فيه فهو ردٌّ* »
[ متفق عليه (2697) (1718) ]
🔹 وقال ﷺ : « *فعليكم بسنَّتي ، وسنَّةِ الخلفاء الراشدين المهديين ؛ عَضُّوا عليها بالنواجذ ، وإياكم والأمور المحدثات ؛ فإنَّ كلَّ بدعةٍ ضلالة* »
[ صحيح سنن ابن ماجه (42) ]
💢 وعند أهل التاريخ والسير 💢
لقد اتفق أهل السير على أنَّ مولدَ النبي ﷺ كان يوم الاثنين ؛ وقد سئل النبي ﷺ عن صومِ يوم الاثنين ؟ فقال : « *ذاك يوم وُلِدتُ فيه ، ويوم بعثت*ُ (أو) *أُنزلَ عليَّ فيه* »
[ صحيح مسلم (1162) ]
واتفقوا على عام الوفاة وشهرِه** .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : ‹ وكانت الوفاة النبوية في شهر ربيع الأول ، سنة إحدى عشرة ، باتفاق ›
[ فتح الباري (9/448) ]
[ ** وأما يوم الوفاة فهي على الصحيح في يوم الاثنين الثاني من شهر ربيع الأول . انظر تفسير ابن كثير (7/120) ]
واختلفوا في الشهر واليوم الذي وُلد فيه ﷺ .
فقِيل في شهر صفر ، وقيل في ربيع الأول ، وقيل في ربيع الآخر ، وقيل في رجب ، وقيل في رمضان ...
وقيل في شهر ربيع الأول يوم 2 أو 8 أو 10 أو 12 أو 17 ...
وليس لأحدِ هذه الآراء ما يُرجِّحه على الآراءِ الأخرى .
[ انظر سيرة ابن هشام (1/158) والبداية والنهاية لابن كثير (2/320) وعيون الأثر لابن سيد الناس (1/33-34) ]
✊🏻 فكيف يَفرحُ المسلمُ ، ويَحتفلُ في الشهر الذي انطفأ فيه نورُ الوحي ، وانقطع بالمسلمين الأمان من العذاب ؛ الذي جعله اللهُ في الأرض ؛ فقال تعالى : { وما كان اللهُ ليعذِّبهم وأنت فيهم } ؟!
🔹 قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : ‹ أمانان كانا في الأرض : فرُفِعَ أحدُهما ، وبقيَ الآخر ›
[ مستدرك الحاكم (1989) ]
بل كيف يفرحُ المسلمُ في شهرٍ وَقعتْ فيه مُصيبة تَهونُ دونها كلُّ مصيبة ؟!
🔹 قال رسول الله ﷺ : « *إذا أصابَ أحدَكم مصيبةٌ ؛ فليذكُرْ مصيبتهُ بي ؛ فإنها من أعظمِ المصائب* »
[ صحيح الجامع (347) ]
🔹 وقال أنس بن مالك رضي الله عنه : ‹ وما رأيتُ يومًا كان أقبحَ ، ولا أظلمَ ، من يومٍ ماتَ فيه رسول الله ﷺ ›
[ شرح السنة للبغوي (3834) ]
🔹 وقال العلامة الفاكهاني رحمه الله : ‹ الشهر الذي وُلِدَ فيه ﷺ ، وهو ربيع الأول : هو بعينه الشهرُ الذي تُوفي فيه ؛.
💡 فليسَ الفرحُ فيه بأولى من الحزنِ فيه ! ›
[ نقله السيوطي في : الحاوي للفتاوي (1/224) ]
ولكن هذا الفعل من مكرِ الروافضِ والقرامطةِ العُبيديين - الذين سَمَّوا أنفسهم زورًا بــ : الفاطميين - ومِن استدراجهم للمُسلمين ؛ فإنَّهم أوَّلُ مَن ابتدعَ هذا الاحتفال !
🔹 قال العلامة المقريزي رحمه الله : ‹ وكان للخلفاء ( الفاطميين ) في طولِ السنة أعيادٌ ومواسمُ ... ›
ثم عدَّها ؛ ومنها المولد النبوي !
[ انظر المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار للمقريزي (1/490) ]
🔹 وقال مفتي مصر -سابقًا - محمد بن بخيت المطيعي رحمه الله عن بدعة الاحتفال بالمولد : ‹ إنَّ أولَ مَن أحدَثها بالقاهرة : الخلفاء ( الفاطميون ) وأوَّلهم :( المعز لدين الله ) ›
[ أحسن الكلام فيما يتعلق بالسنةِ والبدعة من الأحكام (44) ]
🔹 وقال علي محفوظ رحمه الله : « أوَّلُ مَن أحدَثها بالقاهرة الخلفاء ( الفاطميون ) في القرن الرابع ›
[ الإبداع في مضار الابتداع (126) ]
ولمن لا يعرف العـُبيدين :
🔹 قال القاضي عياض رحمه الله عنهم : ‹ إنَّ حالَ بني عبيد : حالُ المرتدِّين والزنادقة ›
[ ترتيب المدارك (4/720) ]
فهذا التقليد الأعمى لأهل الشركِ والزندقة ، مصداقُ قولِ النبي ﷺ : « *لا تقومُ الساعة ، حتى تأخذَ أمتي بأخذِ القرونِ قبلَها ، شبرًا بشبرٍ ، وذراعًا بذراع* »
[ صحيح البخاري (7319) ]
💢 وعند الشعراء 💢
🔸 ألا قلْ لهمْ قولَ عبدٍ نصوحٍ
وحقُّ النَّصـيحةِ أن تُستمَعْ
🔸 متى عَلِمَ الناسُ في دِيننا
بأنَّ الغِنا سُنَّة تُتَّبعْ ؟!
🔸 وأن يأكلَ المرءُ أكلَ الحمارِ
ويَرقصَ في الجمعِ حتى يقعْ
🔸 وقالوا : سَكِرْنا بحبِّ الإله
ِ وما أسكرَ الـقومَ إلا القِصَعْ
🔸 كذاكَ البهائمُ إنْ أُشبعَت
ْ يُرقِّصُها ريُّها والشِّبعْ
🔸 ويُسْكِرهُ النايُ ثمَّ الغِنا
وياسـينُ لو تُليَتْ ما انصَدَعْ
🔸 فيا للعقولِ ويا للنُّهى
ألا مُنكِرٌ منكُمُ للبدَعْ ؟
🔸 تُهانُ مساجدُنا بالسـماعِ
وتُكرَمُ عن مِثْلِ ذاكَ البِيَع !
👈🏻 فاحرص أيُّها الأخُ المسلم ، المحبُّ لدِينه ولنبيِّه .. أن لا يَستدرجك الشيطان ؛ فتقع في حبائله ، وإياك إياك وهذا الاحتفال الذي ابتدعه أعداء الإسلام ؛ فإن حبَّ النبي ﷺ لا يكونُ بمخالفة أمره وهَديه ..
وصلِّ اللهمَّ وسلِّم على سيِّدنا وحبيبنا ، نبيِّنا مُحمدٍ ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، والحمدُ لله