المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفسير سورة ألم نشرح وهي مكية


brahimdca
2017-09-30, 19:52
بسم الله الرحمن الرحيم
(ألم نشرح لك صدرك( 1 )ووضعنا عنك وزرك( 2 )الذي أنقض ظهرك( 3 )ورفعنا لك ذكرك( 4 )فإن مع العسر يسرا( 5 )إن مع العسر يسرا( 6 )فإذا فرغت فانصب( 7 )وإلى ربك فارغب( 8 ) )
يقول تعالى : (ألم نشرح لك صدرك) يعني : أما شرحنا لك صدرك ، أي : نورناه وجعلناه فسيحا رحيبا واسعا كقوله : (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام) [ الأنعام : 125 ] ، وكما شرح الله صدره كذلك جعل شرعه فسيحا واسعا سمحا سهلا لا حرج فيه ولا إصر ولا ضيق.
وقيل : المراد بقوله : (ألم نشرح لك صدرك) شرح صدره ليلة الإسراء ، كما تقدم من روايةمالك بن صعصعة، وقد أوردهالترمذيهاهنا . وهذا وإن كان واقعا ، ولكن لا منافاة ، فإن من جملة شرح صدره الذي فعل بصدره ليلة الإسراء ، وما نشأ عنه من الشرح المعنوي أيضا ، والله أعلم.
قالعبد الله بن الإمام أحمد: حدثنيمحمد بن عبد الرحيم أبو يحيى البزاز، حدثنايونس بن محمد، حدثنامعاذ بن محمد بن معاذ بن محمد بن أبي بن كعب، حدثنيأبي محمد بن معاذ، عنمعاذ، عنمحمد، عنأبي بن كعب: أنأبا هريرةكان جريا على أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء لا يسأله عنها غيره ، فقال :يا رسول الله ، ما أول ما رأيت من أمر النبوة ؟ فاستوى رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا وقال : " لقد سألت ياأبا هريرة، إني لفي الصحراء ابن عشر سنين وأشهر ، وإذا بكلام فوق رأسي ، وإذا رجل يقول لرجل : أهو هو ؟ [ قال : نعم ] فاستقبلاني بوجوه لم أرها [ لخلق ] قط ، وأرواح لم أجدها من خلق قط ، وثياب لم أرها على أحد قط . فأقبلا إلي يمشيان ، حتى أخذ كل واحد منهما بعضدي ، لا أجد لأحدهما مسا ، فقال أحدهما لصاحبه : أضجعه . فأضجعاني بلا قصر ولا هصر . فقال أحدهما لصاحبه : افلق صدره . فهوى أحدهما إلى صدري ففلقه فيما أرى بلا دم ولا وجع ، فقال له : أخرج الغل والحسد ، فأخرج شيئا كهيئة العلقة ثم نبذها فطرحها ، فقال له : أدخل الرأفة والرحمة ، فإذا مثل الذي أخرج ، شبه الفضة ، ثم هز[ص:430 ]إبهام رجلي اليمنى فقال : اغد واسلم . فرجعت بها أغدو ، رقة على الصغير ، ورحمة للكبير".
وقوله : (ووضعنا عنك وزرك) بمعنى : (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) [ الفتح : 2 ] (الذي أنقض ظهرك) الإنقاض : الصوت . وقال غير واحد من السلف في قوله : (الذي أنقض ظهرك) أي : أثقلك حمله .
وقوله : (ورفعنا لك ذكرك) قالمجاهد: لا أذكر إلا ذكرت معي : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أنمحمدارسول الله .
وقالقتادة: رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة ، فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ينادي بها : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنمحمدارسول الله .
قالابن جرير: حدثنييونس، أخبرناابن وهب، أخبرناعمرو بن الحارث، عندراج، عنأبي الهيثم، عنأبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :" أتانيجبريلفقال : إن ربي وربك يقول : كيف رفعت ذكرك ؟ قال : الله أعلم . قال : إذا ذكرت ذكرت معي "، وكذا رواهابن أبي حاتم، عنيونس بن عبد الأعلىبه ، ورواهأبو يعلىمن طريقابن لهيعة، عندراج.
وقالابن أبي حاتم: حدثناأبو زرعة، حدثناأبو عمر الحوضي، حدثناحماد بن زيد، حدثناعطاء بن السائب، عنسعيد بن جبير، عنابن عباسقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" سألت ربي مسألة وددت أني لم أكن سألته ، قلت : قد كانت قبلي أنبياء ، منهم من سخرت له الريح ومنهم من يحيي الموتى . قال : يامحمدألم أجدك يتيما فآويتك ؟ قلت : بلى يا رب . قال : ألم أجدك ضالا فهديتك ؟ قلت : بلى يا رب . قال : ألم أجدك عائلا فأغنيتك ؟ قال : قلت : بلى يا رب . قال : ألم أشرح لك صدرك ؟ ألم أرفع لك ذكرك ؟ قلت : بلى يا رب".
وقالأبو نعيمفي " دلائل النبوة " : حدثناأبو أحمد الغطريفي، حدثناموسى بن سهل الجوني، حدثناأحمد بن القاسم بن بهرام الهيتي، حدثنانصر بن حماد، عنعثمان بن عطاء، عنالزهري، عنأنسقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لما فرغت مما أمرني الله به من أمر السموات والأرض قلت : يا رب ، إنه لم يكن نبي قبلي إلا وقد كرمته ، جعلتإبراهيمخليلاوموسىكليما ، وسخرتلداودالجبالولسليمانالريح والشياطين ، وأحييتلعيسىالموتى ، فما جعلت لي ؟ قال : أوليس قد أعطيتك أفضل من ذلك كله ، أني لا أذكر إلا ذكرت معي ، وجعلت صدور أمتك أناجيل يقرءون القرآن ظاهرا ، ولم أعطها أمة ، وأعطيتك كنزا من كنوز عرشي : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ".
[ص:431]
وحكىالبغوي، عنابن عباسومجاهد: أن المراد بذلك : الأذان . يعني : ذكره فيه ، وأورد من شعرحسان بن ثابت:
أغر عليه للنبوة خاتم من الله من نور يلوح ويشهد وضم الإله اسم النبي إلى اسمه
إذا قال في الخمس المؤذن : أشهد وشق له من اسمه ليجله
فذو العرش محمود وهذا محمد
وقال آخرون : رفع الله ذكره في الأولين والآخرين ، ونوه به ، حين أخذ الميثاق على جميع النبيين أن يؤمنوا به ، وأن يأمروا أممهم بالإيمان به ، ثم شهر ذكره في أمته فلا يذكر الله إلا ذكر معه.
وما أحسن ما قالالصرصريرحمه الله :
لا يصح الأذان في الفرض إلا باسمه العذب في الفم المرضي
وقال أيضا:
[ ألم تر أنا لا يصح أذاننا ولا فرضنا إن لم نكرره فيهما ]
وقوله : (فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا) أخبر تعالى أن مع العسر يوجد اليسر ، ثم أكد هذا الخبر.
قالابن أبي حاتم: حدثناأبو زرعة، حدثنامحمود بن غيلان، حدثناحميد بن حماد بن خوار أبو الجهم، حدثناعائذ بن شريحقال : سمعتأنس بن مالكيقول :كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا وحياله جحر ، فقال : " لو جاء العسر فدخل هذا الجحر لجاء اليسر حتى يدخل عليه فيخرجه " ، فأنزل الله عز وجل : (فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا).
ورواهأبو بكر البزارفي مسنده عنمحمد بن معمر، عنحميد بن حمادبه ، ولفظه :" لو جاء العسر حتى يدخل هذا الجحر لجاء اليسر حتى يخرجه " ثم قال : (فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا)ثم قالالبزار: لا نعلم رواه عنأنسإلاعائذ بن شريح.
قلت : وقد قال فيهأبو حاتم الرازي: في حديثه ضعف ، ولكن رواهشعبة، عنمعاوية بن قرة، عن رجل ، عنعبد الله بن مسعودموقوفا .
[ص:432]

وقالابن أبي حاتم: حدثناالحسن بن محمد بن الصباح، حدثناأبو قطن، حدثناالمبارك بن فضالةعنالحسنقال : كانوا يقولون : لا يغلب عسر واحد يسرين اثنين.
وقالابن جرير: حدثناابن عبد الأعلى، حدثناابن ثور، عنمعمر، عنالحسنقال :خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوما مسرورا فرحا وهو يضحك ، وهو يقول : " لن يغلب عسر يسرين ، لن يغلب عسر يسرين ، فإن مع العسر يسرا ، إن مع العسر يسرا".
وكذا رواه من حديثعوف الأعرابيويونس بن عبيد، عنالحسنمرسلا.
وقالسعيد، عنقتادة:ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر أصحابه بهذه الآية فقال : " لن يغلب عسر يسرين ".
ومعنى هذا : أن العسر معرف في الحالين ، فهو مفرد ، واليسر منكر فتعدد ; ولهذا قال : " لن يغلب عسر يسرين " ، يعني قوله : (فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا) فالعسر الأول عين الثاني واليسر تعدد .
وقالالحسن بن سفيان: حدثنايزيد بن صالح، حدثناخارجة، عنعباد بن كثير، عنأبي الزناد، عنأبي صالح، عنأبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" نزل المعونة من السماء على قدر المؤونة ، ونزل الصبر على قدر المصيبة ".
ومما يروى عنالشافعيرضي الله عنه ، أنه قال :
صبرا جميلا ما أقرب الفرجا من راقب الله في الأمور نجا
من صدق الله لم ينله أذى ومن رجاه يكون حيث رجا
وقالابن دريد: أنشدنيأبو حاتم السجستاني:
إذا اشتملت على اليأس القلوب وضاق لما به الصدر الرحيب
وأوطأت المكاره واطمأنت وأرست في أماكنها الخطوب
ولم تر لانكشاف الضر وجها ولا أغنى بحيلته الأريب
[ص:433 ]أتاك على قنوط منك غوث يمن به اللطيف المستجيب
وكل الحادثات إذا تناهت فموصول بها الفرج القريب
وقال آخر:
ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعا وعند الله منها المخرج
كملت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكان يظنها لا تفرج
وقوله : (فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب) أي : إذا فرغت من أمور الدنيا وأشغالها وقطعت علائقها ، فانصب في العبادة ، وقم إليها نشيطا فارغ البال ، وأخلص لربك النية والرغبة . ومن هذا القبيل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته :" لا صلاة بحضرة طعام ، ولا وهو يدافعه الأخبثان "وقوله صلى الله عليه وسلم :" إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء ، فابدءوا بالعشاء ".
قالمجاهدفي هذه الآية : إذا فرغت من أمر الدنيا فقمت إلى الصلاة ، فانصب لربك . وفي رواية عنه : إذا قمت إلى الصلاة فانصب في حاجتك ، وعنابن مسعود: إذا فرغت من الفرائض فانصب في قيام الليل . وعنابن عياضنحوه . وفي رواية عنابن مسعود: (فانصب وإلى ربك فارغب) بعد فراغك من الصلاة وأنت جالس .
وقالعلي بن أبي طلحةعنابن عباس: (فإذا فرغت فانصب) يعني : في الدعاء.
وقالزيد بن أسلموالضحاك: (فإذا فرغت) أي : من الجهاد (فانصب) أي : في العبادة . (وإلى ربك فارغب) قالالثوري: اجعل نيتك ورغبتك إلى الله عز وجل.
آخر تفسير سورة " ألم نشرح " ولله الحمد .
تفسير القرآن العظيم - تفسير سورة ألم نشرح-

الوفاء وفاء
2017-09-30, 21:52
جزاك الله خيرا وأحسن اليك ...بارك الله فيك ونفع بك

SAMIRMIDOU
2017-10-01, 20:22
لك حسنة كبيرة في ميزان حسناتك