hamoud505
2009-11-05, 13:39
الإنفعال و أثره على السلوك
ينتقل الإنسان من حالة الهدوء النفسي والجسمي إلى حالة
الإضطراب التي نسميها إنفعال والذي يأتينا عادة في صورة مفاجئة,فالإنفعال هو سلوك يشمل الفرد كله ينشأ عن إدراك طارئ لمِؤثرات خارجية أو داخلية وهو مصدر اللذة و الألم والهيجان والعواطف والأهواء وهي ذاتية وشخصية, فإن كان الإنفعال سلوكا مضطربا يعم النفس والبدن معا وإذا كان مفهوم الإضطراب في حد ذاته مفهوما سلبيا,وإذا كان الشخص المنفعل قد يقوم بأعمال يندم عليها لاحقا فهل هذا يعني أن الإنفعال سلوك سلبي.؟ وفي هذه الحالة كيف نفسر إبداع الإنسان حين يشعر بحالة إنفعالية حادة.؟ مما سبق يمكن طرح الإشكال التالي هل الإنفعال سلوك سلبي أم إيجابي ؟
ـ أول الغضب ثورة وأخره ندم: يرى بيارجاني وأصحاب النزعة اللاتوافقية بأن الإنفعال يؤدي وظيفة سلبية في حياة الإنسان وبأنه سلوك مشوش لا يتحقق معه التكيف,إضافتا إلى إضعافه للقدرات العقلية للكائن الحي وهو في نظرهم إضطراب في السلوك وتعبير عن الفشل وإختلال في توازن الفرد مع محيطه.تظهر آثاره التشويشية على النفس والجسم معا.
فمن الناحية النفسية يضطرب التفكير وتضعف الإرادة,فيصعب على الشخص مراقبة أفعاله وأقواله وكثيرا ما نصرح بذلك عند زوال الإنفعال.وذلك بسبب غياب أساليب التربية ومظاهر الحياة الراقية لتحل محلها أساليب حيوانية بدائية.فالإنفعال حسب جاني يعود بصاحبه إلى الحركات الآلية الفطرية والمكتسبة ويسجنه الإندفاع الحيواني حيث لا يعرف سوى الضرب والشتم والصراخ كما أن الإنفعال عنده تعبير عن الفشل لأن المرء يعجز عن التكيف مع الأوضاع والتوازن مع المحيط.وهذا ما يراه إقريسبوس حيث يرى أن الإنسان الفاضل لا ينفعل لأن إنفعالاته تهدد أخلاقه.
أما من الناحية الجسمية فحدوث تغيرات فيزيولوجية قد تضر بصحة البدن كإزدياد نبضات القلب التي قد تؤدي في حالة بلوغها درجة قصوى إلى سكتة قلبية أو إصابة صاحبها بداء إرتفاع ضغط الدم,كما أن حدوث تغيرات في أنشطة المعدة وذلك بإزدياد درجة الحموضة فيها أثناء الإنفعال قد يعرض صاحبها إلى إحتمال إصابته بالقرحة المعدية.هذا التغير الذي يصيب وظائف الأعضاء الداخلية ينعكس على المظاهر الخارجية كإصفرار الوجه وإرتعاش اليدين وفشل القدمين مما يضعف المقاومة والنشاط ويجعل سلوك الفرد أقرب للإخفاق منه إلى التوفيق.وهذا ما رآه لرقي دي بانسيل حيث يرى بأن الإنفعال كثيرا ما يكون عقيما بشكل كلي لأن المثير الخارجي يبدد قوانا فتظهر سلوكاتنا بمظهر غريزي غير موفق.
إذا قلنا أن الإنفعال سلوك منحرف وجب التخلص منه فكيف يمكن للإنسان أن يعيش بدونه خاصتا وأنه تعبير عن اللذة والألم اللذان يربطانه بالعالم الخارجي فالإنفعال يدفع إلى الحماسة أحياننا وإلا كيف يفسر إندفاع الجندي في ميدان المعركة نحو عدوه رغم علمه بأنه مقدم على الموت.
ـ الإنسان كائن حي لأنه ينفعل:يرى أصحاب النزعة الحيوية بأن الإنفعالات عظيمة الأهمية في حياة الإنسان فهي التي تكسب الحياة لذتها وتشعرنا بأهميتها حيث يرى برغسون بأن الإنفعال قوة خلاقة تنشط الفكر وتبعث الحماس في النفس وتؤدي لخلق قيم جديدة فيتولد الإلهام والإبداع حيث ينتقل الإنسان من حالة الخمول إلى حالة الإلهام فتفيض المعاني والصور التي تتجلى في ميادين العلم والفن والأدب.أما داروين و كانون فيريان في الإنفعال ظاهرة طبيعية تخدم غرضا حيويا يتمثل في تنشيط الكيان العضوي للكائن الحي,فداروين يرى أنه عامل فوز كثير من الكائنات في صراعها من أجل البقاء ذلك أن التغيرات في الملامح الخارجية تخيف العدو.في الحين ركز كانون على الوظائف الباطنية كإزدياد إنتاج مادة الأدرينالين في الدم وزيادة مقدار السكر ينشط العضلات لمقاومة التعب ويكسب الجسم المناعة كما يرى بأن الإنفعال يؤدي إلى الشفاء من بعض الأمراض الهستيرية.أما فالون فينظر إلى الدور الإجتماعي للإنفعال الذي يراه عاملا في تقوية الروابط الإجتماعية وتجديدها.أما روسو فيرجع فضل ظهور اللغات الأولى إلى الإنفعال هذه اللغات تعتبر المنعرج الأول الذي أخذه الإنسان في مسار حياته لينفصل عن الحيوان ويتميز عنه.أما برادين يرى بأن الإنفعال ينشط الذكاء والتخيل مما يكسبه مكانة مهمة في الحياة الفكرية للإنسان.
كثيرا ما تبوء محاولات التكيف بالوسط بالفشل,فكثيرا ما يصيب الإغماء من يحاول الهرب وكثيرا ما ينشأ عن إزدياد نسبة الأدرينالين في الدم إضطراب في الحركات لا تفيد المنفعل بل تسيء إليه وذلك بسبب تلاشي التوجيه الإرادي للتفكير فيكون السلوك أقرب إلى الإخفاق منه إلى التكيف فالإندفاع والعنف لا يعبر عن السلوك الإنساني الراقي فإن أراد الإنسان الترفع عن المستوى الحيواني عليه أن يواجه الحياة بالحكمة والتعقل وليس بالإندفاع والتهور.
لقد ركز بيارجاني على الجوانب السلبية للإنفعال في الحين ركز برغسون على جوانبه الإيجابية غير أن الإنفعال كسلوك ليس كله منحرفا وليس كله متكيفا يرجع ذلك إلى إختلاف درجة المثير وإختلاف الأشخاص المستجابين للموافق والمثيرات فكل شخص يستجيب حسب أساليب التربية والقيم الأخلاقية التي تلقاها فالمسلم الصائم المتشبع بالإيمان والذي يعرف معنى الصيام وأهدافه إذا شتمه أحد قال ((آللهم إني صائم)) بترويض النفس وتدريبها على القيم الأخلاقية السامية وعلى الصبر وتحمل الشدائد.زد على هذا أنه لا يمكن تصور إنسان لا يغضب ولا يفرح ولا يحزن ولا يتألم ولكن بالأخلاق نتحكم في إنفعلاتنا وبالتربية نكسب عادات حسنة للتعبير عنها لكي لا ننزل إلى المستوى الحيواني الأدنى.وقد عبر نيتشه عن هذا الموقف حين رأى أن الكنيسة قد أخطأت لما أرادت إقتلاع الإنفعالات من نفسية الإنسان لما تراه فيها من ضرر,وعملها هذا عنده هو المضر بالحياة جميعها ورغبتها في إقتلاع جذور الإنفعالات هو إقتلاع لجذور الحياة.
من كل ما سبق فإننا لا ننفي الجانب السلبي للإنفعال ولكن
بالتربية الحسنة و الإرادة القوية يمكن أن نقلل من الأثر السلبي له وأن نوجهه إلى طريق التكيف الملائم.
ينتقل الإنسان من حالة الهدوء النفسي والجسمي إلى حالة
الإضطراب التي نسميها إنفعال والذي يأتينا عادة في صورة مفاجئة,فالإنفعال هو سلوك يشمل الفرد كله ينشأ عن إدراك طارئ لمِؤثرات خارجية أو داخلية وهو مصدر اللذة و الألم والهيجان والعواطف والأهواء وهي ذاتية وشخصية, فإن كان الإنفعال سلوكا مضطربا يعم النفس والبدن معا وإذا كان مفهوم الإضطراب في حد ذاته مفهوما سلبيا,وإذا كان الشخص المنفعل قد يقوم بأعمال يندم عليها لاحقا فهل هذا يعني أن الإنفعال سلوك سلبي.؟ وفي هذه الحالة كيف نفسر إبداع الإنسان حين يشعر بحالة إنفعالية حادة.؟ مما سبق يمكن طرح الإشكال التالي هل الإنفعال سلوك سلبي أم إيجابي ؟
ـ أول الغضب ثورة وأخره ندم: يرى بيارجاني وأصحاب النزعة اللاتوافقية بأن الإنفعال يؤدي وظيفة سلبية في حياة الإنسان وبأنه سلوك مشوش لا يتحقق معه التكيف,إضافتا إلى إضعافه للقدرات العقلية للكائن الحي وهو في نظرهم إضطراب في السلوك وتعبير عن الفشل وإختلال في توازن الفرد مع محيطه.تظهر آثاره التشويشية على النفس والجسم معا.
فمن الناحية النفسية يضطرب التفكير وتضعف الإرادة,فيصعب على الشخص مراقبة أفعاله وأقواله وكثيرا ما نصرح بذلك عند زوال الإنفعال.وذلك بسبب غياب أساليب التربية ومظاهر الحياة الراقية لتحل محلها أساليب حيوانية بدائية.فالإنفعال حسب جاني يعود بصاحبه إلى الحركات الآلية الفطرية والمكتسبة ويسجنه الإندفاع الحيواني حيث لا يعرف سوى الضرب والشتم والصراخ كما أن الإنفعال عنده تعبير عن الفشل لأن المرء يعجز عن التكيف مع الأوضاع والتوازن مع المحيط.وهذا ما يراه إقريسبوس حيث يرى أن الإنسان الفاضل لا ينفعل لأن إنفعالاته تهدد أخلاقه.
أما من الناحية الجسمية فحدوث تغيرات فيزيولوجية قد تضر بصحة البدن كإزدياد نبضات القلب التي قد تؤدي في حالة بلوغها درجة قصوى إلى سكتة قلبية أو إصابة صاحبها بداء إرتفاع ضغط الدم,كما أن حدوث تغيرات في أنشطة المعدة وذلك بإزدياد درجة الحموضة فيها أثناء الإنفعال قد يعرض صاحبها إلى إحتمال إصابته بالقرحة المعدية.هذا التغير الذي يصيب وظائف الأعضاء الداخلية ينعكس على المظاهر الخارجية كإصفرار الوجه وإرتعاش اليدين وفشل القدمين مما يضعف المقاومة والنشاط ويجعل سلوك الفرد أقرب للإخفاق منه إلى التوفيق.وهذا ما رآه لرقي دي بانسيل حيث يرى بأن الإنفعال كثيرا ما يكون عقيما بشكل كلي لأن المثير الخارجي يبدد قوانا فتظهر سلوكاتنا بمظهر غريزي غير موفق.
إذا قلنا أن الإنفعال سلوك منحرف وجب التخلص منه فكيف يمكن للإنسان أن يعيش بدونه خاصتا وأنه تعبير عن اللذة والألم اللذان يربطانه بالعالم الخارجي فالإنفعال يدفع إلى الحماسة أحياننا وإلا كيف يفسر إندفاع الجندي في ميدان المعركة نحو عدوه رغم علمه بأنه مقدم على الموت.
ـ الإنسان كائن حي لأنه ينفعل:يرى أصحاب النزعة الحيوية بأن الإنفعالات عظيمة الأهمية في حياة الإنسان فهي التي تكسب الحياة لذتها وتشعرنا بأهميتها حيث يرى برغسون بأن الإنفعال قوة خلاقة تنشط الفكر وتبعث الحماس في النفس وتؤدي لخلق قيم جديدة فيتولد الإلهام والإبداع حيث ينتقل الإنسان من حالة الخمول إلى حالة الإلهام فتفيض المعاني والصور التي تتجلى في ميادين العلم والفن والأدب.أما داروين و كانون فيريان في الإنفعال ظاهرة طبيعية تخدم غرضا حيويا يتمثل في تنشيط الكيان العضوي للكائن الحي,فداروين يرى أنه عامل فوز كثير من الكائنات في صراعها من أجل البقاء ذلك أن التغيرات في الملامح الخارجية تخيف العدو.في الحين ركز كانون على الوظائف الباطنية كإزدياد إنتاج مادة الأدرينالين في الدم وزيادة مقدار السكر ينشط العضلات لمقاومة التعب ويكسب الجسم المناعة كما يرى بأن الإنفعال يؤدي إلى الشفاء من بعض الأمراض الهستيرية.أما فالون فينظر إلى الدور الإجتماعي للإنفعال الذي يراه عاملا في تقوية الروابط الإجتماعية وتجديدها.أما روسو فيرجع فضل ظهور اللغات الأولى إلى الإنفعال هذه اللغات تعتبر المنعرج الأول الذي أخذه الإنسان في مسار حياته لينفصل عن الحيوان ويتميز عنه.أما برادين يرى بأن الإنفعال ينشط الذكاء والتخيل مما يكسبه مكانة مهمة في الحياة الفكرية للإنسان.
كثيرا ما تبوء محاولات التكيف بالوسط بالفشل,فكثيرا ما يصيب الإغماء من يحاول الهرب وكثيرا ما ينشأ عن إزدياد نسبة الأدرينالين في الدم إضطراب في الحركات لا تفيد المنفعل بل تسيء إليه وذلك بسبب تلاشي التوجيه الإرادي للتفكير فيكون السلوك أقرب إلى الإخفاق منه إلى التكيف فالإندفاع والعنف لا يعبر عن السلوك الإنساني الراقي فإن أراد الإنسان الترفع عن المستوى الحيواني عليه أن يواجه الحياة بالحكمة والتعقل وليس بالإندفاع والتهور.
لقد ركز بيارجاني على الجوانب السلبية للإنفعال في الحين ركز برغسون على جوانبه الإيجابية غير أن الإنفعال كسلوك ليس كله منحرفا وليس كله متكيفا يرجع ذلك إلى إختلاف درجة المثير وإختلاف الأشخاص المستجابين للموافق والمثيرات فكل شخص يستجيب حسب أساليب التربية والقيم الأخلاقية التي تلقاها فالمسلم الصائم المتشبع بالإيمان والذي يعرف معنى الصيام وأهدافه إذا شتمه أحد قال ((آللهم إني صائم)) بترويض النفس وتدريبها على القيم الأخلاقية السامية وعلى الصبر وتحمل الشدائد.زد على هذا أنه لا يمكن تصور إنسان لا يغضب ولا يفرح ولا يحزن ولا يتألم ولكن بالأخلاق نتحكم في إنفعلاتنا وبالتربية نكسب عادات حسنة للتعبير عنها لكي لا ننزل إلى المستوى الحيواني الأدنى.وقد عبر نيتشه عن هذا الموقف حين رأى أن الكنيسة قد أخطأت لما أرادت إقتلاع الإنفعالات من نفسية الإنسان لما تراه فيها من ضرر,وعملها هذا عنده هو المضر بالحياة جميعها ورغبتها في إقتلاع جذور الإنفعالات هو إقتلاع لجذور الحياة.
من كل ما سبق فإننا لا ننفي الجانب السلبي للإنفعال ولكن
بالتربية الحسنة و الإرادة القوية يمكن أن نقلل من الأثر السلبي له وأن نوجهه إلى طريق التكيف الملائم.