تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عندما يحلق الشاعر في سماء الإبداع اسمع وسيدهشك


bmlsy
2009-11-02, 20:50
القصيدة للشاعر العباسي أبي الحسن علي بن زريق البغدادي , وكانت له ابنة عم أحبها حبًا عميقًا صادقًا , ولكن أصابته الفاقة وضيق العيش , فأراد أن يغادر بغداد إلى الأندلس طلبًا للغنى , وذلك بمدح أمرائها وعظمائها، ولكن صاحبته تشبثتْ به , ودعته إلى البقاء حبًا له , وخوفًا عليه من الأخطار , فلم ينصت لها , ونفَّذ ما عَزم عليه ، وقصد الأمير أبا الخيبر عبد الرحمن الأندلسي في الأندلس , ومدحه بقصيدةٍ بليغة جدًا , فأعطاه عطاءً قليلاً ، فقال ابن زريق - والحزن يحرقه -: " إنا لله وإنا إليه راجعون , سلكت القفار والبحار إلى هذا الرجل, فأعطاني هذا العطاء القليل؟ !".


ثم تذكَّر ما اقترفه في حق بنت عمه من تركها , وما تحمَّله من مشاقٍ ومتاعب , مع لزوم الفقر, وضيقِ ذات اليد، فاعتلَّ غمًّا ومات .


وقال بعض مَن كتب عنه : إنَّ عبد الرحمن الأندلسي أراد أن يختبره بهذا العطاء القليل ليعرف هل هو من المتعففين أم الطامعين الجشعين , فلما تبيَّنت له الأولى سأل عنه ليجزل له العطاء , فتفقدوه في الخان الذي نزل به , فوجدوه ميتًا , وعند رأسه رقعة مكتوب فيها هذه العينية ، فبكاه عبدالرحمن الاندلسي بكاءً حاراً.


القصيدة :





لا تَعذَلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ


قَد قَلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ


جاوَزتِ فِي نصحه حَداًأَضَرَّبِهِ


مِن حَيثَ قَدرتِ أَنَّ النصح يَنفَعُهُ


فَاستَعمِلِي الرِفق فِي تَأِنِيبِهِ بَدَلاً


مِن عَذلِهِ فَهُوَ مُضنىالقَلبِ مُوجعُهُ


قَد كانَ مُضطَلَعاً بِالخَطبِ يَحمِلُهُ


فَضُيَّقَت بِخُطُوبِ الدهرِأَضلُعُهُ


يَكفِيهِ مِن لَوعَةِالتَشتِيتِ أَنَّ لَهُ


مِنَ النَوى كُلَّ يَومٍ مايُروعُهُ


ما آبَ مِن سَفَرٍ إِلّاوَأَزعَجَهُ


رَأيُ إِلى سَفَرٍ بِالعَزمِ يَزمَعُهُ


كَأَنَّما هُوَ فِي حِلِّ وَمُرتحلٍ


مُوَكَّلٍ بِفَضاءِ اللَهِ يَذرَعُهُ


إِذا الزَمانَ أَراهُ في الرَحِيلِ غِنىً


وَلَو إِلى السَندّ أَضحىوَهُوَ يُزمَعُهُ


تأبى المطامعُ إلا أن تُجَشّمه


للرزق كداً وكم ممن يودعُهُ


وَما مُجاهَدَةُ الإِنسانِ تَوصِلُهُ


رزقَاً وَلادَعَةُ الإِنسانِ تَقطَعُهُ


قَد وَزَّع اللَهُ بَينَالخَلقِ رزقَهُمُ


لَم يَخلُق اللَهُ مِن خَلقٍ يُضَيِّعُهُ


لَكِنَّهُم كُلِّفُوا حِرصاًفلَستَ تَرى


مُستَرزِقاً وَسِوى الغاياتِ تُقنُعُهُ


وَالحِرصُ في الرِزقِ وَالأَرزاقِ قَد قُسِمَت


بَغِيُ أَلّا إِنَّ بَغيَ المَرءِ يَصرَعُهُ


وَالدهرُ يُعطِي الفَتى مِن حَيثُ يَمنَعُه


إِرثاً وَيَمنَعُهُ مِن حَيثِ يُطمِعُهُ


اِستَودِعُ اللَهَ فِي بَغدادَ لِي قَمَراً


بِالكَرخِ مِن فَلَكِ الأَزرارَ مَطلَعُهُ


وَدَّعتُهُ وَبوُدّي لَويُوَدِّعُنِي


صَفوَ الحَياةِ وَأَنّي لاأَودعُهُ


وَكَم تَشبَّثَ بي يَومَ الرَحيلِ ضُحَىً


وَأَدمُعِي مُستَهِلّا تٍوَ أَدمُعُهُ


لا أَكُذبُ اللَهَ ثوبُالصَبرِ مُنخَرقٌ


عَنّي بِفُرقَتِهِ لَكِن أَرَقِّعُهُ


إِنّي أَوَسِّعُ عُذري فِيجَن ايَتِهِ


بِالبينِ عِنهُ وَجُرمي لايُوَسِّعُهُ


رُزِقتُ مُلكاً فَلَم أَحسِن سِياسَتَهُ


وَكُلُّ مَن لا يُسُوسُ المُلكَ يَخلَعُهُ


وَمَن غَدا لابِساً ثَوبَالنَعِيم بِلا


شَكرٍ عَلَيهِ فَإِنَّ اللَهَ يَنزَعُهُ


اِعتَضتُ مِن وَجهِ خِلّي بَعدَ فُرقَتِهِ


كَأساً أَجَرَّعُ مِنها ماأَجَرَّعُهُ


كَم قائِلٍ لِي ذُقتُ البَينَ قُلتُ لَهُ


الذَنبُ وَاللَهِ ذَنبي لَستُ أَدفَعُهُ


أَلا أَقمتَ فَكانَ الرُشدُأَجمَعُهُ


لَو أَنَّنِي يَومَ بانَ الرُشدُ اتبَعُهُ


إِنّي لَأَقطَعُ أيّامِي وَأنفقُها


بِحَسرَةٍ مِنهُ فِي قَلبِي تُقَطِّعُهُ


بِمَن إِذا هَجَعَ النُوّامُ بِتُّ لَهُ


بِلَوعَةٍ مِنهُ لَيلى لَستُ أَهجَعُهُ


لا يَطمِئنُّ لِجَنبي مَضجَعُ وَكَذا


لا يَطمَئِنُّ لَهُ مُذ بِنتُ مَضجَعُهُ


ما كُنتُ أَحسَبُ أَنَّ الدهرَيَفجَعُنِي


بِهِ وَلا أَنَّ بِي الأَيّامَ تَفجعُهُ


حَتّى جَرى البَينُ فِيمابَينَنا بِيَدٍ


عَسراءَ تَمنَعُنِي حَظّي وَتَمنَعُهُ


قَد كُنتُ مِن رَيبِ دهرِي جازِعاً فَرِقاً


فَلَم أَوقَّ الَّذي قَد كُنتُ أَجزَعُهُ


بِاللَهِ يا مَنزِلَ العَيشِ الَّذي دَرَست


آثارُهُ وَعَفَت مُذ بِنتُ أَربُعُهُ


هَل الزَمانُ مَعِيدُ فِيكَ لَذَّتُنا


أَم اللَيالِي الَّتي أَمضَتهُ تُرجِعُهُ


فِي ذِمَّةِ اللَهِ مِن أَصبَحَت مَنزلَهُ


وَجادَ غَيثٌ عَلى مَغناكَ يُمرِعُهُ


مَن عِندَهُ لِي عَهدُ لايُضيّعُهُ


كَما لَهُ عَهدُ صِدقٍ لاأُضَيِّعُهُ


وَمَن يُصَدِّعُ قَلبي ذِكرَهُوَإِذا


جَرى عَلى قَلبِهِ ذِكري يُصَدِّعُهُ


لَأَصبِرَنَّ على دهر لايُمَتِّعُنِي


بِهِ وَلا بِيَ فِي حالٍ يُمَتِّعُهُ


عِلماً بِأَنَّ اِصطِباري مُعقِبُ فَرَجاً


فَأَضيَقُ الأَمرِ إِنفَكَّرتَ أَوسَعُهُ


عَسى اللَيالي الَّتي أَضنَت بِفُرقَتَنا


جِسمي سَتَجمَعُنِي يَوماًوَتَجمَعُهُ


وَإِن تُغِلُّ أَحَدَاً مِنّامَنيَّتَهُ


فَما الَّذي بِقَضاءِ اللَهِ يَصنَعُهُ

randa_alger
2009-11-02, 21:24
يسلمووووو و تقبل مروري

bmlsy
2009-11-03, 12:37
يسلمووووو و تقبل مروري
تسلمي مرورك فوق المقبول 100000000000مرة
تحياتنا وتشكراتنا

bmlsy
2009-11-11, 15:33
بارك الله في كل من فرا القصيدة

شدى الصباح
2009-11-12, 20:20
أحييك على الموضوع الرائع

bmlsy
2010-01-04, 23:16
شكرا لكل من مر على الموضوع

zbegri
2010-01-07, 09:19
قصيدة رائعة جدا... شكرا لك..