تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : خواطر وأفكار.


الهادي عبادلية
2017-06-26, 00:43
السّلام عليكم ورجمة الله ،
..قالت احداهنّ!:
"..أعرف أنّك لست لي!"، أنت لأولئك الذين تكتب لهم ،
تكتب عنهم ،
فهمست أخرى لابنته"..ما أسعد أمّك بأنّها زوجة كاتب!؟،
..أستأنس لمّا تخرج أفكاري،
وخواطري بالرّفق ،
فقراءتي..
لم تشفع لها رفوف الكتب ،
ولا نصائح الخلق !،
ووجهتي في هذا الكون الفسيح.. بسمــــة !،
أشطّ بها..
لأنطلق ،
حيث الدّعة ،
حيث الهدوء ،
وحيث البدايات الجميلة ،
ألتمس الصّلح مع نفسي ،
أميل رويدا معها ..للصّدق ،
تحرّك كلماتي وجداني ،
بما يموج في صدري من..
مشاعر صدق ،
وأدرك ما أعانيه ،
ايمانا منّي..
بأنّ الفرج أقرب من..الضّيق ،
او ايذانا بميلاد آخر،
من رحم الأحداث الممزّق ،
قبل أن تتكاثر ،
قبل أن تصبح..
أعمق!،
..ومهما يكن،
فقد قيل:
" فمن البكتيريا ما نفع" ،
لمّا في أمعائنا..
تنقع!!؟،
وصلّى الله على نبيّ الرّحمة محمّد.

Boulebda
2017-06-26, 01:21
جميل .بارك الله فيك

ssira
2017-06-26, 05:16
المقامة الوفاقية - السّطايفية
بقلم : البشير بوكثير
إهداء:
إلى أرواح الكبار: علي لاياص- مختار لعريبي- عبد الحميد كرمالي رحمهم الله.
إلى هرم الصحافة الرياضية بمدينة سطيف: سمير بشير.
إلى كلّ أنصار الكحلة والبيضاء في ربوع جزائرنا الحبيبة.
أرفع شبه مقامة لتكون للوفاق شارة وعلامة ..
ـــــــــــــــــ


حدّثنا السيحمدي الهلالي ، عن مآثر سطيف العالي قال:
أنختُ ناقتي العجفاء بمضارب "سطيف" ، موطن الرُّجْلة والنّيف، والمحتد الأصيل الشريف، والجوّ المنعش اللطيف، ومهد الأحياء العتيقة ، واللوحة الفنيّة العريقة التي تختزل شمائل جزائرنا العميقة التي حاول طمسها خفافيش غرباء يخشون نورالحقيقة. وبعد أن شربت قلوصي الشهباء مابقي في قربة الماء استظليت بشجرة غَــنّاء وأسلمتُ مقلتاي للسهاد بعد طول سفر وسهر وبعاد ، وماهي إلا غفوة أو غفوتين حتى جلس بقربي شيخٌ وضّاء الجبين رحّب بي بكلام فصيح مبين : حللت أهلا ونزلت سهلا أيها الفتى الأمين. أجبته : على ثرى ترابكم الزّين أخذنا شمائل المؤمنين ورضعنا لبان الصالحين .
قلت : هلاّ حدّثتني عن هذا المكان الذي يعبق بأمجاد النشامى الفرسان وإنّي لأظنّني أعرفه من زمان لولا تغيّر الحيطان ؟ قال : صدقت يافرّاسة هذا الزمان.. أنت الآن في " فيلاج النيقرو" الذي احتضن بقايا الأهل والخلان ممّن هجّرهم المستدمر الجبان بعدما قضى على ثورة المقراني والحَدّاد في سنوات القهر والبطش والحِداد .
بكيتُ بحرقة متبوعة بشهقة : آه .. تذكرت فيلاج النيقرو فَـلِي فيه ذكريات مع بيع الحمص والسيطرو في ذلك الزّمن الجميل حين كنتُ شغوفا بكتب الورّاقين عند شيخي الأمين الذي كنت أقصده بين الحين والحين.
وتداعت الأفكار وكأنّها شلاّل أنهار أو سَلسال أمطار بعدما دغدغتني ذكرياتٌ وأحوال حول فيلم الكحلة والبيضاء الذي رسخ في البال لأنّه خلّد صوْلة وفُحولة الطفل " الربيع" الذي أحال بشطارته الصقيع إلى ربيع ورسم البسمة على شفاه الشيخ والرضيع في ذلك الـسيناريو البديع للمخرج المخضرم الطموح عبد الرحمن بوقرموح .
عليك أيها الفتى الربيع سحائب الرحمات والغفران ماغرّدت البلابل على الأفنان وماناحت الحمائم على الأيك والأغصان. فقد كنتَ صورة مستنسخة منّي حين كنتُ أكدح صغيرا وأصدح في الطرقات كي أحقق نزرا من الأمنيات.
ودّعتُ الشيخ الأمين ثمّ أمسكت بخطام ناقتي المتين وقلبي يكاد يتمزق منه الوتين على تلك السنين .. ثمّ تاقت نفسي الأمّارة التي تأبى أن تفرح وتنتشي إلى أن أجول وأمشي في حيّ "بومرشي" الذي شيّده اليهود في بداية العشرينيات ليكون مقرا للمعمرين واللوبيات ممّن استنزفوا الخيرات واحتكروا جميع الثّروات ، بينما كان نصيب السطايفية باقي الشتات في الأكواخ الطينية والمحاشر الجماعية التي لاتزال بعض أطلالها تروي أفظع الممارسات والحكايات على التهميش والحقرة ضدّ قوم أباة يعيشون إلى اليوم في سباسب الفلوات.
وبعد مسير ساعة بلا رفيق جفّ فيها الرّيق وصلت إلى حي طنجة العتيق حيث فاح منه أريج ورحيق وهزّتني مآثر الأطهار، من الشهداء الأبرار، الذين سطّروا ملاحم الانتصار، على جحافل الاستدمار، لكن عزائي أنّ حيّ طنجة خرج من ثراه الطاهر ساحرُ المتعة والفُــرجة الفتى " ممّوش" قاهر الجرمان ومحطّم العروش في مونديال البرازيل الذّي فنّد أكذوبة منتخبنا الهزيل.
وبعد أن تناولتُ بعض الرطب استلقيت على ظهري ورحت أقلّب عيناي في السّحب وإذا بي أسمع نقرات أحجار الدّومينو فأدركتُ أنّي في حيّ "الشيمينو" . هذا الحيّ العريق الذي شيّده الفرنسيس وبالغوا في تنميقه أكثر ممّا نمّق رمسيس، فأقاموا به حدائق ومنازل تضاهي حدائق بابل.
وعند منتصف النهار أمسكتُ بخطام النّاقة ويمّمت غرب المسار متوجها إلى حيّ " لانقار" الذي ذكّرني بابن سطيف البار سي عريبي المختار الذي نقش اسمه بأحرف من نور ونار، فهو مهندس الملاحم الكروية وقائد كلّ انتصار، ويكفيه شرفا أنّه المجاهد المغوار الذي ترك الفرنك الفرنسي والدولار ليؤسّس مع إخوانه الأبرار فريق الجبهة والتحرير والانتصار.
ومع جفاف الرّيق أسرعت أحثّ الخُــطا وكأنّ في أحشائي حريق، إلى أنْ لمحتْ عيناي نبعَ ماء زلال يترقرق ماؤه كأنّه اللجين في معصم حسناء ذات غنج ودلال، وما إن وصلتُ إليه بأمان حتّى صدمني تمثال امرأة عارية مكشوفة السّيقان وقد برز منها النّهدان، فاستحييت واستعذتُ بالله من الشيطان ، ورجعت القهقرى كأنّي لم أرَ .. فناداني شيخ ذو عمامة طويل القامة رفيع الهامة أنْ ادنُ منّي ولاتخيّب فيك ظنّي. قلت: مَن تكون هذه البغيّ العارية ؟ ردّ وهو يتحسّر : هي تمثال من مرمر أتى بها العسكر في ذلك الزمن الأغبر ليصرفوا الشيخ والشّاب والصّديق عن الصّلاة في الجامع العتيق ..
قلتُ: هلاّ ستروها بإزار أو تفنّنوا في تغطيتها عن الأنظار حتى لاتخدش الحياء وتكشف الأستار؟
ردّ عليّ شابّ أمرد كان بالقرب ينصت ويتنهّد ، ثمّ بدأ يرغي ويزبد بل يهدّد ويتوعّد : هذا التمثال نحتَه سيّد الرّجال " سانت فيدال" ، ولن نقبل بطمس هويته مهما صادفنا من أهوال ، فهو يرمز للحضارة والتحرّر يابني مَـجْبر ..
وماشعرتُ إلاّ والعصا تهوي علي رأسه الأجوف الصغير بعد تطاوله الحقير.. ولولا جموع الناس لحطمتُ بعصاي ذلك الراس ..
وإذْ أنا على هذه الحال دنتْ منّي عمرية ذات خلخال تنعَّــم في الديباج والحنّاء خاطبتني في حياء: لاتأبه لأمثال هؤلاء .. قلت لها : أخبريني بربّك ماسرّ توافد النساء على نبع الماء ؟ أجابت بحياء : هذه عين الفوارة المزنة المدرارة نقصدها للبركة ونبخّرها بالجاوي والبخور والعطور لتطرد عنّا الشرور وتـبتسم لنا الحياة فنُرزق بالزّوج والدّثور ونحيا في سعادة وحبور ..
قلتُ لها : المُعطي والرّازق هو ربّ السماء ياسليلة الشّرفاء .. فـهل لي بشربة ماء من تلك الجرّة علّي أطفئ هذه الجمرة ؟
قالت: اشرب هنيئا مريئا ياأخا العرب .. على السّعة والرّحب ..ولايأخذك العجب .. ستعود ولاريب .. لأنّ كلّ من شرب من عين الفوّارة عاد ولو محمولا على الأعواد.
وبعد أن شربت من مائها الزلال فككت عن قلوصي العقال ويمّمت جهة الشمال ..
وبعد أن نويتُ التّعريج على شيخي ابن سُريج ، سمعتُ التصفيق والأهازيج فحسبتني قد بلغتُ سوق المربد أو عكاظ ، فألفيتُ هذا الميدان يئنّ من الاكتظاظ ويعجّ بكلّ متحمّس ومغتاظ . فشمّرتُ جُبّتي وربطتُ ناقتي عند مدخل الباب فلمحني فتى غضّ الإهاب وأجلسني في صدارة القوم وقد أسلمتُ جفنيّ للنّوم وبدأ يروي لي ملحمة الوفاق الذي طبقت شهرته الآفاق :
هذا ملعب النار والانتصار، وميدان النّشامى الأخيار، وقلعة السّطايفية الأحرار، الذين دفعوا ضريبة الدّم والنّار من أجل دحر علوج الاستعمار التي مارست الإبادة والبطش العنيف في قالمة وخراطة وسطيف، بيدَ أنّ إرادة الأحرار انتصرت على بطش الاستدمار.. وهاهو الميدان يخلّد ذكرى هؤلاء المغاوير الفرسان.
فرسان لايعرفون الخسارة شغلوا الورى وتركوا الناسَ حيارى .. لمّا أسّسوا في خضمّ المعامع وعلى هدي المنابر والجوامع فريق الوفاق ، النسر المُحلق في الآفاق، إليه القلوب دوما تشتاق، وترنو إليه الأبصار والأحداق، وينتظره الأنصار والرّفاق، على أحرّ من تباريح العُشّاق.
أسّسه رجال يناطحون قمم الجبال، تشهد لهم ساحات النِّزال ، ولايزال التاريخ يروي مآثرهم للأجيال.
وضعَ الركيزة والأساس، "علي لاياص" الذي أقام دعائمه على المحبة والروح الرياضية والإخلاص، وعضّده في التّاسيس صحبٌ كرام يقودهم لونيس ماتام مستنيرين بفكر حصيف سديد للضّرغاميْن "عزّة عبد الحميد" و" فلاحي بوزيد" ، مع غــرسٍ مثمر ينتظر القِطاف على يد " لخضر قطّاف" وبذور شقّت طريقها للإنتاش على يد الفنّان " أحمد نقّاش" وبقيّة صالحة أنسانيها طول الزّمان ومخالطة الأوباش.
لقد صلح الغِراس فتعهّده بالريّ الأنصارُ والناس، واستوى المولود على سوقه فعشقته البطولة وتزوجتْه الكاس، وأضحى في زمن قصير العنوان والشعار والنبراس، وتقطعت لمناصرته النياط وهتفت له الحناجر والأنفاس بعدما صار حديث الجُلاّس، بل العام والخاص، فأكرم بفريق لاتخش عليه عواتي الاندثار والإفلاس، لأنّ صرحه متين وعموده ركين، وحصنه حصين مهما تكالب عليه أبناء الشّياطين!
في سطيف العالي، سطع نجم "عبدالحميد كرمالي" الذي جلب للجزائر أوّل وآخر كاس يفتخر بها النّاس ، وتغنّى الركبان في الفيافي والقفار بما فعله فارس لانقار عريبي مختار طيلة سنوات التتويجات والانتصار والفخار. ولن يفيَ القول مآثر صخرة الدفاع " أحمد بولكفول "، الذي رضع حليب "الفوتبول"، فسبَى بفنياته العقول.
وفي طليعة نجوم الفريق ، يظهر اللاعب الأنيق، والنجم الوسيم "مسعود كوسيم"، بفنيات جعلت الحليم حيران، والحكيم سكران، والعبوس القمطرير جذلان.
وعند اكتمال بدر التمام، يحلّ طيف "لونيس ماتام"، ابن الكرام، وفارس المعامع الكرويّة الجِسام الذي كان يقف على الكرة دون أن يتزعزع أو يُضام.
وإذا نطقت الروح الرياضية ، وباحت الشمائل الوطنية بعفوية وأريحيّة، فستبوح لك بصولات البطل الصنديد، "صالحي عبد الحميد"، الذي رسّم معالم النصر الأكيد، ورسم البسمة على شفاه الشيخ والشاب والوليد.
ذاك جيل من ذهب، عريق المحتد والنّسب، ولله ماوهب ، جعلَ الوفاق فريق الروح و القلب ، لتتواصل صولة الفرسان ، مع جيل "مليك زرقان"، اللاعب الفنّان، الذي عانقَ الكرة واحتضنَ الميدان، وعزف باليمنى أعذبَ الألحان ، وعضّده "نصير عجيسة" ، الذي ينقضّ على الكرة انقضاض الضرغام على الفريسة.
ولاتنسَ ياعاشق " ذي الرّمّة" حراسة المرمى، حين ينتصب "عنتر عصماني"، مثل صَمْصامٍ يماني، يحقق المبتغى والأماني، بارتماءات يعجز عن وصفها بديع الزمان الهمذاني.
أمّا " مصطفى غريب " ، صاحب المقصّ العجيب، فذاك نجمٌ تحدّث عنه البعيد كما القريب، بعدما أذاق الفراعنة السمّ الزّعاف والنّحيب.
وتتواصل عطاءات الأجيال لتنقش في سفر الخلود تتويجات راسخة في الذاكرة والبال خاتمتها رابطة الأبطال بقيادة شابّ وسيم، متواضعٌ مستقيم، نشأَ على الخُلُقِ القويم، هو "ماضوي خير الدّين"، سليلُ الرّجال الصّالحين، والنّشامى الميامين، بهِمّتِه رفعَ التّحدّي، في زمن الحُقرة والتّردّي، فقرّر التّألّق وإعادةَ البريق، رغم مغادرة ركائزِ الفريق، فكان له التّتويج والانتصار، ولخصومه البوار والانكسار.
قادَ فِتيانا في مثلِ سنّ الزّهور، يداعبون الكرةَ في حبور، وهم يُحلّقونَ في سماء النّجوميّة مثلما النّسور، ويعشقون تدوينَ أروعِ الملاحم والسّطور، لإسعاد هذا الجمهور، الذّي كان لهم السّاعد والعضد، والمُؤازرَ والسّنَد، والوالدَ والولد، في أحلك الظّروف، حين تدلهمّ الخطوبُ وتُحيط بهم الحُتوف ، أبدا لم يتخلّ عن صفاتِ المُناصرالوفيّ الشّغوف.
وإنْ كنتُ أنسى يا شُطّار، فلن أنسى الرئيس المخلصَ البارّ، " حسان حمّار"، الذّي دوّن اسمه في سجلّ الفخار، بأحرف من نور ونار.
ولما استيقظتُ من سباتي العميق رأيت الشماريخ ومعها بقايا حريق تضيء الميدان وترسم أجمل صورة رأيتها في هذا الزّمان، ونظرتُ حولي لعلّي أعثر على الفتى " الأمين" الذي روى لي ملحمة هؤلاء الميامين، لكن وجدتني وحيدا أنفض الغبار متأهبا لمواصلة المشوار نحو الدّيار.
وعلى الفور أخذتُ بخطام ناقتي وقفلتُ راجعا إلى الديار، تاركا مضارب الأخيار، ومدينة العلماء الأطهار، والشهداء الأبرار، غير أنّي سمعتُ هاتفا يهتف لي من خلف الأسوار:
يابشير الخير بلّغ رسالة الشهداء الأبرار، إلى " حسان حمّار" ، و"حكيم سرّار" اللذيْن أشاعا الفرحة والإبهار،على شفاه الكبار والصّغار، فصدحتْ حناجرُ الجماهير مثل الأطيار، في ملعب النّار والانتصار، حيث حلّقا بالوفاق في الآفاق، وحقّقَا الألقاب للأنصاروللعُشّاق . فكيف لاتفخر بهما سطيف بعدما أوصلا صِيت الفريق إلى بلاد " الواق واق" ؟
ولْتَضَعِ ياسرّار اليد في اليد ، ولْترسمْ قُبلة على الخدّ، مع أخيك "حسان حمّار"، ليعود للوفاق بريق الانتصار، ويُغنّي معنا اليوم الكبار والصّغار، "ياسيّدي الخيّر عامرْ لحْرار".

الهادي عبادلية
2017-06-26, 20:54
جميل .بارك الله فيك

.. وفيك بارك الله ،
والأجمل اطلالتك،
عيدك مبارك وسعيد.

الهادي عبادلية
2017-06-26, 21:04
المقامة الوفاقية - السّطايفية
بقلم : البشير بوكثير
إهداء:
إلى أرواح الكبار: علي لاياص- مختار لعريبي- عبد الحميد كرمالي رحمهم الله.
إلى هرم الصحافة الرياضية بمدينة سطيف: سمير بشير.
إلى كلّ أنصار الكحلة والبيضاء في ربوع جزائرنا الحبيبة.
أرفع شبه مقامة لتكون للوفاق شارة وعلامة ..
ـــــــــــــــــ


حدّثنا السيحمدي الهلالي ، عن مآثر سطيف العالي قال:
أنختُ ناقتي العجفاء بمضارب "سطيف" ، موطن الرُّجْلة والنّيف، والمحتد الأصيل الشريف، والجوّ المنعش اللطيف، ومهد الأحياء العتيقة ، واللوحة الفنيّة العريقة التي تختزل شمائل جزائرنا العميقة التي حاول طمسها خفافيش غرباء يخشون نورالحقيقة. وبعد أن شربت قلوصي الشهباء مابقي في قربة الماء استظليت بشجرة غَــنّاء وأسلمتُ مقلتاي للسهاد بعد طول سفر وسهر وبعاد ، وماهي إلا غفوة أو غفوتين حتى جلس بقربي شيخٌ وضّاء الجبين رحّب بي بكلام فصيح مبين : حللت أهلا ونزلت سهلا أيها الفتى الأمين. أجبته : على ثرى ترابكم الزّين أخذنا شمائل المؤمنين ورضعنا لبان الصالحين .
قلت : هلاّ حدّثتني عن هذا المكان الذي يعبق بأمجاد النشامى الفرسان وإنّي لأظنّني أعرفه من زمان لولا تغيّر الحيطان ؟ قال : صدقت يافرّاسة هذا الزمان.. أنت الآن في " فيلاج النيقرو" الذي احتضن بقايا الأهل والخلان ممّن هجّرهم المستدمر الجبان بعدما قضى على ثورة المقراني والحَدّاد في سنوات القهر والبطش والحِداد .
بكيتُ بحرقة متبوعة بشهقة : آه .. تذكرت فيلاج النيقرو فَـلِي فيه ذكريات مع بيع الحمص والسيطرو في ذلك الزّمن الجميل حين كنتُ شغوفا بكتب الورّاقين عند شيخي الأمين الذي كنت أقصده بين الحين والحين.
وتداعت الأفكار وكأنّها شلاّل أنهار أو سَلسال أمطار بعدما دغدغتني ذكرياتٌ وأحوال حول فيلم الكحلة والبيضاء الذي رسخ في البال لأنّه خلّد صوْلة وفُحولة الطفل " الربيع" الذي أحال بشطارته الصقيع إلى ربيع ورسم البسمة على شفاه الشيخ والرضيع في ذلك الـسيناريو البديع للمخرج المخضرم الطموح عبد الرحمن بوقرموح .
عليك أيها الفتى الربيع سحائب الرحمات والغفران ماغرّدت البلابل على الأفنان وماناحت الحمائم على الأيك والأغصان. فقد كنتَ صورة مستنسخة منّي حين كنتُ أكدح صغيرا وأصدح في الطرقات كي أحقق نزرا من الأمنيات.
ودّعتُ الشيخ الأمين ثمّ أمسكت بخطام ناقتي المتين وقلبي يكاد يتمزق منه الوتين على تلك السنين .. ثمّ تاقت نفسي الأمّارة التي تأبى أن تفرح وتنتشي إلى أن أجول وأمشي في حيّ "بومرشي" الذي شيّده اليهود في بداية العشرينيات ليكون مقرا للمعمرين واللوبيات ممّن استنزفوا الخيرات واحتكروا جميع الثّروات ، بينما كان نصيب السطايفية باقي الشتات في الأكواخ الطينية والمحاشر الجماعية التي لاتزال بعض أطلالها تروي أفظع الممارسات والحكايات على التهميش والحقرة ضدّ قوم أباة يعيشون إلى اليوم في سباسب الفلوات.
وبعد مسير ساعة بلا رفيق جفّ فيها الرّيق وصلت إلى حي طنجة العتيق حيث فاح منه أريج ورحيق وهزّتني مآثر الأطهار، من الشهداء الأبرار، الذين سطّروا ملاحم الانتصار، على جحافل الاستدمار، لكن عزائي أنّ حيّ طنجة خرج من ثراه الطاهر ساحرُ المتعة والفُــرجة الفتى " ممّوش" قاهر الجرمان ومحطّم العروش في مونديال البرازيل الذّي فنّد أكذوبة منتخبنا الهزيل.
وبعد أن تناولتُ بعض الرطب استلقيت على ظهري ورحت أقلّب عيناي في السّحب وإذا بي أسمع نقرات أحجار الدّومينو فأدركتُ أنّي في حيّ "الشيمينو" . هذا الحيّ العريق الذي شيّده الفرنسيس وبالغوا في تنميقه أكثر ممّا نمّق رمسيس، فأقاموا به حدائق ومنازل تضاهي حدائق بابل.
وعند منتصف النهار أمسكتُ بخطام النّاقة ويمّمت غرب المسار متوجها إلى حيّ " لانقار" الذي ذكّرني بابن سطيف البار سي عريبي المختار الذي نقش اسمه بأحرف من نور ونار، فهو مهندس الملاحم الكروية وقائد كلّ انتصار، ويكفيه شرفا أنّه المجاهد المغوار الذي ترك الفرنك الفرنسي والدولار ليؤسّس مع إخوانه الأبرار فريق الجبهة والتحرير والانتصار.
ومع جفاف الرّيق أسرعت أحثّ الخُــطا وكأنّ في أحشائي حريق، إلى أنْ لمحتْ عيناي نبعَ ماء زلال يترقرق ماؤه كأنّه اللجين في معصم حسناء ذات غنج ودلال، وما إن وصلتُ إليه بأمان حتّى صدمني تمثال امرأة عارية مكشوفة السّيقان وقد برز منها النّهدان، فاستحييت واستعذتُ بالله من الشيطان ، ورجعت القهقرى كأنّي لم أرَ .. فناداني شيخ ذو عمامة طويل القامة رفيع الهامة أنْ ادنُ منّي ولاتخيّب فيك ظنّي. قلت: مَن تكون هذه البغيّ العارية ؟ ردّ وهو يتحسّر : هي تمثال من مرمر أتى بها العسكر في ذلك الزمن الأغبر ليصرفوا الشيخ والشّاب والصّديق عن الصّلاة في الجامع العتيق ..
قلتُ: هلاّ ستروها بإزار أو تفنّنوا في تغطيتها عن الأنظار حتى لاتخدش الحياء وتكشف الأستار؟
ردّ عليّ شابّ أمرد كان بالقرب ينصت ويتنهّد ، ثمّ بدأ يرغي ويزبد بل يهدّد ويتوعّد : هذا التمثال نحتَه سيّد الرّجال " سانت فيدال" ، ولن نقبل بطمس هويته مهما صادفنا من أهوال ، فهو يرمز للحضارة والتحرّر يابني مَـجْبر ..
وماشعرتُ إلاّ والعصا تهوي علي رأسه الأجوف الصغير بعد تطاوله الحقير.. ولولا جموع الناس لحطمتُ بعصاي ذلك الراس ..
وإذْ أنا على هذه الحال دنتْ منّي عمرية ذات خلخال تنعَّــم في الديباج والحنّاء خاطبتني في حياء: لاتأبه لأمثال هؤلاء .. قلت لها : أخبريني بربّك ماسرّ توافد النساء على نبع الماء ؟ أجابت بحياء : هذه عين الفوارة المزنة المدرارة نقصدها للبركة ونبخّرها بالجاوي والبخور والعطور لتطرد عنّا الشرور وتـبتسم لنا الحياة فنُرزق بالزّوج والدّثور ونحيا في سعادة وحبور ..
قلتُ لها : المُعطي والرّازق هو ربّ السماء ياسليلة الشّرفاء .. فـهل لي بشربة ماء من تلك الجرّة علّي أطفئ هذه الجمرة ؟
قالت: اشرب هنيئا مريئا ياأخا العرب .. على السّعة والرّحب ..ولايأخذك العجب .. ستعود ولاريب .. لأنّ كلّ من شرب من عين الفوّارة عاد ولو محمولا على الأعواد.
وبعد أن شربت من مائها الزلال فككت عن قلوصي العقال ويمّمت جهة الشمال ..
وبعد أن نويتُ التّعريج على شيخي ابن سُريج ، سمعتُ التصفيق والأهازيج فحسبتني قد بلغتُ سوق المربد أو عكاظ ، فألفيتُ هذا الميدان يئنّ من الاكتظاظ ويعجّ بكلّ متحمّس ومغتاظ . فشمّرتُ جُبّتي وربطتُ ناقتي عند مدخل الباب فلمحني فتى غضّ الإهاب وأجلسني في صدارة القوم وقد أسلمتُ جفنيّ للنّوم وبدأ يروي لي ملحمة الوفاق الذي طبقت شهرته الآفاق :
هذا ملعب النار والانتصار، وميدان النّشامى الأخيار، وقلعة السّطايفية الأحرار، الذين دفعوا ضريبة الدّم والنّار من أجل دحر علوج الاستعمار التي مارست الإبادة والبطش العنيف في قالمة وخراطة وسطيف، بيدَ أنّ إرادة الأحرار انتصرت على بطش الاستدمار.. وهاهو الميدان يخلّد ذكرى هؤلاء المغاوير الفرسان.
فرسان لايعرفون الخسارة شغلوا الورى وتركوا الناسَ حيارى .. لمّا أسّسوا في خضمّ المعامع وعلى هدي المنابر والجوامع فريق الوفاق ، النسر المُحلق في الآفاق، إليه القلوب دوما تشتاق، وترنو إليه الأبصار والأحداق، وينتظره الأنصار والرّفاق، على أحرّ من تباريح العُشّاق.
أسّسه رجال يناطحون قمم الجبال، تشهد لهم ساحات النِّزال ، ولايزال التاريخ يروي مآثرهم للأجيال.
وضعَ الركيزة والأساس، "علي لاياص" الذي أقام دعائمه على المحبة والروح الرياضية والإخلاص، وعضّده في التّاسيس صحبٌ كرام يقودهم لونيس ماتام مستنيرين بفكر حصيف سديد للضّرغاميْن "عزّة عبد الحميد" و" فلاحي بوزيد" ، مع غــرسٍ مثمر ينتظر القِطاف على يد " لخضر قطّاف" وبذور شقّت طريقها للإنتاش على يد الفنّان " أحمد نقّاش" وبقيّة صالحة أنسانيها طول الزّمان ومخالطة الأوباش.
لقد صلح الغِراس فتعهّده بالريّ الأنصارُ والناس، واستوى المولود على سوقه فعشقته البطولة وتزوجتْه الكاس، وأضحى في زمن قصير العنوان والشعار والنبراس، وتقطعت لمناصرته النياط وهتفت له الحناجر والأنفاس بعدما صار حديث الجُلاّس، بل العام والخاص، فأكرم بفريق لاتخش عليه عواتي الاندثار والإفلاس، لأنّ صرحه متين وعموده ركين، وحصنه حصين مهما تكالب عليه أبناء الشّياطين!
في سطيف العالي، سطع نجم "عبدالحميد كرمالي" الذي جلب للجزائر أوّل وآخر كاس يفتخر بها النّاس ، وتغنّى الركبان في الفيافي والقفار بما فعله فارس لانقار عريبي مختار طيلة سنوات التتويجات والانتصار والفخار. ولن يفيَ القول مآثر صخرة الدفاع " أحمد بولكفول "، الذي رضع حليب "الفوتبول"، فسبَى بفنياته العقول.
وفي طليعة نجوم الفريق ، يظهر اللاعب الأنيق، والنجم الوسيم "مسعود كوسيم"، بفنيات جعلت الحليم حيران، والحكيم سكران، والعبوس القمطرير جذلان.
وعند اكتمال بدر التمام، يحلّ طيف "لونيس ماتام"، ابن الكرام، وفارس المعامع الكرويّة الجِسام الذي كان يقف على الكرة دون أن يتزعزع أو يُضام.
وإذا نطقت الروح الرياضية ، وباحت الشمائل الوطنية بعفوية وأريحيّة، فستبوح لك بصولات البطل الصنديد، "صالحي عبد الحميد"، الذي رسّم معالم النصر الأكيد، ورسم البسمة على شفاه الشيخ والشاب والوليد.
ذاك جيل من ذهب، عريق المحتد والنّسب، ولله ماوهب ، جعلَ الوفاق فريق الروح و القلب ، لتتواصل صولة الفرسان ، مع جيل "مليك زرقان"، اللاعب الفنّان، الذي عانقَ الكرة واحتضنَ الميدان، وعزف باليمنى أعذبَ الألحان ، وعضّده "نصير عجيسة" ، الذي ينقضّ على الكرة انقضاض الضرغام على الفريسة.
ولاتنسَ ياعاشق " ذي الرّمّة" حراسة المرمى، حين ينتصب "عنتر عصماني"، مثل صَمْصامٍ يماني، يحقق المبتغى والأماني، بارتماءات يعجز عن وصفها بديع الزمان الهمذاني.
أمّا " مصطفى غريب " ، صاحب المقصّ العجيب، فذاك نجمٌ تحدّث عنه البعيد كما القريب، بعدما أذاق الفراعنة السمّ الزّعاف والنّحيب.
وتتواصل عطاءات الأجيال لتنقش في سفر الخلود تتويجات راسخة في الذاكرة والبال خاتمتها رابطة الأبطال بقيادة شابّ وسيم، متواضعٌ مستقيم، نشأَ على الخُلُقِ القويم، هو "ماضوي خير الدّين"، سليلُ الرّجال الصّالحين، والنّشامى الميامين، بهِمّتِه رفعَ التّحدّي، في زمن الحُقرة والتّردّي، فقرّر التّألّق وإعادةَ البريق، رغم مغادرة ركائزِ الفريق، فكان له التّتويج والانتصار، ولخصومه البوار والانكسار.
قادَ فِتيانا في مثلِ سنّ الزّهور، يداعبون الكرةَ في حبور، وهم يُحلّقونَ في سماء النّجوميّة مثلما النّسور، ويعشقون تدوينَ أروعِ الملاحم والسّطور، لإسعاد هذا الجمهور، الذّي كان لهم السّاعد والعضد، والمُؤازرَ والسّنَد، والوالدَ والولد، في أحلك الظّروف، حين تدلهمّ الخطوبُ وتُحيط بهم الحُتوف ، أبدا لم يتخلّ عن صفاتِ المُناصرالوفيّ الشّغوف.
وإنْ كنتُ أنسى يا شُطّار، فلن أنسى الرئيس المخلصَ البارّ، " حسان حمّار"، الذّي دوّن اسمه في سجلّ الفخار، بأحرف من نور ونار.
ولما استيقظتُ من سباتي العميق رأيت الشماريخ ومعها بقايا حريق تضيء الميدان وترسم أجمل صورة رأيتها في هذا الزّمان، ونظرتُ حولي لعلّي أعثر على الفتى " الأمين" الذي روى لي ملحمة هؤلاء الميامين، لكن وجدتني وحيدا أنفض الغبار متأهبا لمواصلة المشوار نحو الدّيار.
وعلى الفور أخذتُ بخطام ناقتي وقفلتُ راجعا إلى الديار، تاركا مضارب الأخيار، ومدينة العلماء الأطهار، والشهداء الأبرار، غير أنّي سمعتُ هاتفا يهتف لي من خلف الأسوار:
يابشير الخير بلّغ رسالة الشهداء الأبرار، إلى " حسان حمّار" ، و"حكيم سرّار" اللذيْن أشاعا الفرحة والإبهار،على شفاه الكبار والصّغار، فصدحتْ حناجرُ الجماهير مثل الأطيار، في ملعب النّار والانتصار، حيث حلّقا بالوفاق في الآفاق، وحقّقَا الألقاب للأنصاروللعُشّاق . فكيف لاتفخر بهما سطيف بعدما أوصلا صِيت الفريق إلى بلاد " الواق واق" ؟
ولْتَضَعِ ياسرّار اليد في اليد ، ولْترسمْ قُبلة على الخدّ، مع أخيك "حسان حمّار"، ليعود للوفاق بريق الانتصار، ويُغنّي معنا اليوم الكبار والصّغار، "ياسيّدي الخيّر عامرْ لحْرار".
.. أمّا الشّطر الثاني الذي يخص الوفاق ،
فحقّا لا ننكر فضل هذا الفريق العريق وبأبنائه ،
سواء منهم اللاعبون أو المدرّبون أو المسّرون أو الجماهير ،
فالفرحة عادت ما تدخل قلوبنا من باب الكحلة والبيضاء ،
ولحدّ الآن لا زال الوفاق السطايفي من يلعب في بطولتنا ويقدّم الكرة الجميلة التي تتناسب وذوق كلّ الريّاضيين وعشّاق الكرة المستديرة ،
فلكل من ساهم في كلّ انجازاته التي هي طبعا تشريف لنا كلّا كجزائريين وعرب ، له منّي كامل الاحترام والتقدير ،
أمّا الشّطر الأول فليس لي رأي فيه ولا تعليق، كلّ ما في الأمر أن أسأل الله أن يحفظنا ويحفظ بلادنا من أيادي العداء ، والسّلام عليكم ورحمة الله.