تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مقدمة علمية هامة في علم الحديث / للشيخ العلامة الألباني رحمه الله


rachidh
2009-10-31, 17:24
مقدمة علمية هامة في علم الحديث / للشيخ العلامة الألباني رحمه الله





القاعدة الأولى

رد الحديث الشاذ






اعلم أن من شروط الحديث الصحيح أن لا يكون شاذا , فإن تعريف الحديث الصحيح عند المحدثين : " هو الحديث المسند الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه , ولا يكون شاذا ولا معللا , ففي هذه الأوصاف احتراز عن المرسل والمنقطع والشاذ ,

وما فيه علة قادحة مما في روايته نوع جرح "( 1 )
والحديث الشاذ ما رواه الثقة المقبول مخالفا لمن هو أولى منه , على ما هو المعتمد عند المحدثين(2)وأوضح ذلك ابن الصلاح في " المقدمة "
فقال ص ( 86 ) : " إذا انفرد الراوي بشيء نظر فيه فإن كان مما انفرد به مخالفا لما رواه من هو أولى منه بالحفظ أو أضبط , كان ما انفرد به شاذا مردودا , وإن لم تكن فيه مخالفة لما رواه غيره وإنما رواه هو ولم يروه غيره , فينظر في هذا الراوي المنفرد , فإن كان عدلا حافظا موثوقا بإتقانه وضبطه , قبل ما انفرد به , ولم يقدح الانفراد به , وإن لم يكن ممن يوثق بحفظه وإتقانه لذلك الذي انفرد به , كان انفراده خارما له مزحزحا له عن حيز الصحيح , ثم هو بعد ذلك دائر بين مراتب متفاوتة بحسب الحال , فإن كان المنفرد به غير بعيد من درجة الحافظ الضابط المقبول تفرده , استحسنا حديثه ذلك ولم نحطه إلى قبيل الحديث الضعيف , وإن كان بعيدا من ذلك رددنا ما انفرد به وكان من قبيل الشاذ المنكر .."
والشذوذ يكون في السند ويكون في المتن ولكل منهما أمثلة كثيرة سيأتي التنبيه على بعضها في مواطنها إن شاء الله تعالى .






(1) " مقدمة ابن الصلاح " ( ص 8 )
(2) " شرح النخبة " لابن حجر ( ص 13 - 14 )









القاعدة الثانية

رد الحديث المضطرب




علم مما سبق آنفا أن من شروط الحديث الصحيح أن لا يكون معللا , فاعلم أن من علل الحديث الاضطراب , وقد قالوا في وصف الحديث المضطرب :

" هو الذي تختلف الرواية فيه , فيرويه بعضهم على وجه , وبعضهم على وجه آخر مخالف له , وإنما نسميه مضطربا إذا تساوت الروايتان , أما إذا ترجحت إحداهما بحيث لا تقاومها الأخرى , بأن يكون راويها أحفظ أو أكثر صحبة للمروي عنه , أو غير ذلك من وجوه الترجيحات المعتمدة , فالحكم للراجحة , ولا يطلق عليه حينئذ وصف المضطرب , ولا له حكمه .
ثم قد يقع الاضطراب في متن الحديث وقد يقع في الإسناد وقد يقع ذلك في راو واحد , وقد يقع من رواة له جماعة , والاضطراب موجب ضعف الحديث , لإشعاره بأنه لم يضبط " (3) ثم ضرب على ذلك مثلا حديث الخط الذي قواه المؤلف , وسيأتي الرد عليه بإذنه تعالى في فصل السترة
(3) " المقدمة " ( ص 103 - 104 )








القاعدة الثالثة

ردّ الحديث المدلّس




التدليس ثلاثة أقسام :

1 -تدليس الإسناد , وهو أن يروي عمن لقيه ما لم يسمعه منه موهما أنه سمعه , وقد يكون بينها واحد أو أكثر , ومن شأنه أنه لا يقول في ذلك :
أخبرنا فلان , ولا : حدثنا , وما أشبهها , وإنما يقول : قال فلان أو : عن فلان . . ونحو ذلك من الصيغ الموهمة للسماع .
2 -تدليس الشيوخ , وهو أن يروي عن شيخ حديثا سمعه منه فيسميه أو يكنيه أو ينسبه أو يصفه بما لا يعرف به كي لا يعرف .
3 -تدليس التسوية , وهو أن يجئ المدلس إلى حديث سمعه من شيخ ثقة , وقد سمعه ذلك الشيخ الثقة من شيخ ضعيف , وذلك الشيخ الضعيف يرويه عن شيخ ثقة .
فيعمد المدلس الذي سمع الحديث من الثقة الأول فيسقط منه شيخ شيخه الضعيف ويجعله من رواية شيخه الثقة عن الثقة الثاني بلفظ محتمل , كالعنعنة ونحوها , فيصير الإسناد كله ثقات ويصرح هو بالاتصال بينه وبين شيخه لأنه قد سمعه منه فلا يظهر حينئذ في الإسناد ما يقتضي عدم قبوله إلا لأهل النقد والمعرفة بالعلل ولذلك كان شر أقسام التدليس , ويتلوه الأول ثم الثاني (4)وحكم من ثبت عنه التدليس إذا كان عدلا أن لا يقبل منه إلا ما صرح فيه بالتحديث , وبعضهم لا يقبل حديثه مطلقا , والأصح الأول كما قال الحافظ ابن حجر(5)على تفصيل لهم في ذلك فليراجع من شاء كتب " المصطلح " .




(4) انظر " المقدمة " وشرحها للحافظ العراقي ( ص 78 - 82 )
(5) شرح النخبة ( ص 18 )






القاعدة الرابعة

رد حديث المجهول





قال الخطيب في " الكفاية " ( ص 88 ) :

" المجهول عند أصحاب الحديث هو كل من لم يشتهر بطلب العلم في نفسه ولا عرفه العلماء به , ومن لم يعرف حديثه إلا من جهة راو واحد " .
وأقل ما ترتفع به الجهالة أن يروي عن الرجل اثنان فصاعدا من المشهورين بالعلم كذلك .
قلت : إلا أنه لا يثبت له حكم العدالة بروايتهما عنه , وقد زعم قوم أن عدالته تثبت بذلك .
ثم ذكر فساد قولهم في باب خاص عقب هذا فليراجعه من شاء .
قلت : والمجهول الذي لم يرو عنه إلا واحد هو المعروف بمجهول العين , وهذه هي الجهالة التي ترتفع برواية اثنين عنه فأكثر, وهو المجهول الحال والمستور , وقد قَبل روايته جماعة بغير قيد , وردها الجمهور كما في " شرح النخبة " ( ص 24 ) قال : " والتحقيق أن رواية المستور ونحوه مما فيه الاحتمال لا يطلق القول بردها ولا بقبولها, بل يقال : هي موقوفة إلى استبانة حاله , كما جزم به إمام الحرمين "
قلت : وإنما يمكن أن يتبين لنا حاله بأن يوثقه إمام معتمد في توثيقه , وكأن الحافظ , أشار إلى هذا بقوله : إن مجهول الحال هو الذي روى عنه اثنان فصاعدا ولم يوثق " , وإنما قلت : " معتمد في توثيقه " لأن هناك بعض المحدثين لا يعتمد عليهم في ذلك , لأنهم شذوا عن الجمهور فوثقوا المجهول , منهم ابن حبّان , وهذا ما بينته في القاعدة التالية .
نعم يمكن أن تقبل روايته إذا روى عنه جمع من الثقات , ولم يتبين في حديثه ما ينكر عليه , وعلى هذا عمل المتأخرين من الحفاظ كابن كثير والعراقي والعسقلاني وغيرهم .
( وانظر بعض الأمثلة فيما يأتي 204 - 207 ) .







القاعدة الخامسة

عدم الاعتماد على توثيق ابن حبان




قد علمت مما سبق آنفا أن المجهول بقسميه لا يقبل حديثه عند جمهور العلماء , وقد شذ عنهم ابن حبان فقبل حديثه , واحتج به وأوردهفي " صحيحه " ,
قال الحافظ ابن حجر في " لسان الميزان " : " قال ابن حبان : من كان منكر الحديث على قِلَّته لا يجوز تعديله إلا بعد السبر , ولو كان ممن يروي المناكير , ووافق الثقات في الأخبار , لكان عدلا مقبول الرواية , إذ الناس أقوالهم على الصلاح والعدالة حتى يتبين منهم ما يوجب القدح [ فيجرح بماظهر منه من الجرح ] , هذا حكم المشاهير من الرواة , فأما المجاهيل
الذين لم يرو عنهم إلا الضعفاء فهم متروكونعلى الأحوال كلها " " الضعفاء " ( 2 / 192 - 193 ) والزيادة من ترجمة عائذ اللهالمجاشعي . ثم قال الحافظ : "
قلت : وهذا الذي ذهب إليه ابن حبان منأن الرجل إذا انتفت جهالة عينه كان على العدالة حتى يتبين جرحه مذهب عجيب , والجمهور على خلافه , وهذا مسلك ابن حبان في " كتاب الثقات " الذي ألفه , فإنه يذكرخلقا نص عليهم أبو حاتم وغيره على أنهم مجهولون , وكأن عند ابن حبان أن جهالة العينترتفع برواية واحد مشهور , وهو مذهب شيخه ابن خزيمة , ولكن جهالة حاله باقية عندغيره " هذا كله كلام الحافظ .
ومن عجيب أمر ابن حبان أنه يورد في الكتاب المذكور بناء على هذه القاعدة المرجوحة جماعة يصرح في ترجمتهمبأنه " لا يعرفهم ولا آباءهم " ! فقال في الطبقة الثالثة : " سهل يروي عن شداد بنالهاد روى عنه أبو يعفور , ولست أعرفه , ولا أدري من أبوه " ومن شاء الزيادة في الأمثلة فليراجع " الصارم المنكي " ( ص 92 - 93 ) وقد قال بعد أن ساقها : " وقد ذكر ابن حبان في هذا الكتاب خلقا كثيرا من هذاالنمط , وطريقته فيه أنه يذكر من لم يعرفه بجرح وإن كان مجهولا لم يعرف حاله , وينبغي أن ينتبه لهذا ويعرف أن توثيق ابن حبان للرجل بمجرد ذكره في هذا
يتبع

rachidh
2009-10-31, 17:28
الكتاب من أدنى درجات التوثيق "
ولهذا نجد المحققين من المحدثين كالذهبي والعسقلاني وغيرهما لا يوثقون من تفرد بتوثيقه ابن حبان , وستأتي أمثلة كثيرة على ذلك عند الكلام على الأحاديث الضعيفة التي وثق المؤلف - أو من نقل عنه - رجالها مع أن فيها من تفرد ابن حبان بتوثيقهم من المجهولين
ومما ينبغي التنبه له أن قول ابن عبد الهادي : " وإن كان مجهولا لم يعرف حاله " ليس دقيقا: لأنه يعطي بمفهوم المخالفة أن طريقة ابن حبان في " ثقاته " أن لا يذكر فيه من كان مجهول العين ! وليس كذلك , بدليل قوله المتقدم في " سهل " : " لست أعرفه ولا أدري من أبوه " ومثله ما يأتي قريبا .
وكذلك قول الحافظ :" برواية واحد مشهور " يوهم أن ابن حبان لا يوثق إلا من روى عنه واحد مشهور , لأنه إن كان يعني مشهورا بالثقة كما هو الظاهر , فهو مخالف للواقع في كثير من ثقاته , وإن كان يعني غير ذلك فهو مما لا قيمة له , لأنه إما ضعيف أو مجهول , ولكل منهما رواة في " كتاب الثقات " وإليك بعض الأمثلة من طبقة التابعين عنده :


1- إبراهيم بن عبد الرحمن العذري قال ( 4 / 10 ) :
" يروي المراسيل , روى عنه معان بن رفاعة " ثم ذكر له بإسناده عنه مرسلا : " يرث هذا العلم من كل خلف عدوله . . " الحديث .
قلت : ومعان هذا قال الحافظ نفسه فيه : " لين الحديث "
وقال الذهبي : " ليس بعمدة , ولا سيما أتى بواحد لا يدرى من هو ! "
يعني إبراهيم هذا , فهو مجهول العين , وأشار ابن حبان إلى هذا فقال في ترجمة معان من " الضعفاء " ( 3 / 36 ) : " منكر الحديث , يروي مراسيل كثيرة , ويحدث عن أقوام مجاهيل , لا يشبه حديثه حديث الإثبات "

2 - إبراهيم بن إسماعيل قال ( 4 / 14 - 15 ) :
" يروي عن أبي هريرة روى عنه الحجاج بن يسار "
قلت :الحجاج هذا - ويقال فيه : ابن عبيد - قال الحافظ فيه : فقال : " مجهول
وكذا قال قبله أبو حاتم وغيره كما في " ميزان " الذهبي , وبين وجه ذلك فقال : " روى عنه ليث بن أبي سُليم وحده " وليث هذا ضعيف مختلط كما هو معروف حتى عند ابن حبان ( 2 / 231 ) .


3 -إبراهيم الأنصاري قال ابن حبان ( 4 / 15 ) :
" يروي عن مسلمة بن مخلد . . روى عنه ابنه إسماعيل بن إبراهيم " .
قلت : وإسماعيل هذا مجهول كما قال الحافظ ومن قبله أبو حاتم .
فتبين من هذا التحقيق أن ابن حبان ترتفع جهالة العين عنده برواية واحد ولو كان ضعيفا أو مجهولا , خلافا لظاهر كلام الحافظ المتقدم , وإن كان لم يجزم به , فإنه قال : " وكأن ابن حبان . . " وهو أخذه من قول ابن حبان الذي نقله عنه آنفا : " هذا حكم المشاهير من الرواة , فأما المجاهيل . . " الخ , فهو منقوض بالمثال الثاني كما هو ظاهر . وبالجملة , فالجهالة العينية وحدها ليست جرحا عند ابن حبان , وقد ازددت يقينا بذلك بعد أن درست تراجم كتابه " الضعفاء " وقد بلغ عددهم قرابة ألف وأربعمائة راوٍ , فلم أر فيهم من طعن فيه بالجهالة , اللهم إلا أربعة منهم , لكنه طعن فيهم بروايتهم المناكير وليس بالجهالة , وهاك أسماءهم وكلامه فيهم :


1 - حميد بن علي بن هارون القيسي
ذكر له ( 1 / 263 - 264 ) بعض المناكير ثم قال :
" فلا يجوز الاحتجاج به بعد روايته مثل هذه الأشياء عن هؤلاء الثقات . . وهذا شيخ ليس يعرفه كثير أحد " .


2 -عبد الله بن أبي ليلى الأنصاري قال ( 2 / 5 ) :
" هذا رجل مجهول , ما أعلم له شيئا يرويه غير هذا الحرف المنكر الذي يشهد إجماع المسلمين قاطبة ببطلانه " .


3 -عبد الله بن زياد بن سُليم قال ( 2 / 7 ) : " شيخ مجهول , روى عنه بقية بن الوليد , لست أحفظ له راويا غير بقية , وبقية قد ذكرنا ضعفه في أول الكتاب فلا يتهيأ لي القدح فيه , على أن ما رواه يجب تركه على الأحوال " .

4 -أبو زيد : قال ( 3 / 158 ) :
" أبو زيد يروي عن ابن مسعود ما لم يتابع عليه , ليس يدرى من هو ؟ لا يعرف أبوه ولا بلده , والإنسان إذاكان بهذا النعت ثم لم يرو إلا خبرا واحدا خالف فيه الكتاب والسنة والإجماع والقياس والنظر والرأي يستحق مجانبته فيه ولا يحتج به " . ومن هنا قال ابن عبد الهادي فيما تقدم : " وطريقته فيه أنه يذكر من لم يعرفه بجرح , وإن كان مجهولا لم يعرف حاله " .
لكن الصواب أن يقال عنه : " لم يعرف عينه " للأمثلة المتقدمة والله أعلم .
والخلاصة أن توثيق ابن حبان يجب أن يتلقى بكثير من التحفظ والحذر لمخالفته العلماء في توثيقه للمجهولين . لكن ليس ذلك على إطلاقه كما بينه العلامة المُعَلِّمي في " التنكيل " ( 1 / 437 - 438 ) مع تعليقي عليه . وراجع لهذا البحث ردي على الشيخ الحبشي فإنه كثير الاعتماد على من وثقه ابن حبان من المجهولين ( ص 18 - 21 ) . وإن مما يجب التنبيه عليه أيضا , أنه ينبغي أن يضم إلى ما ذكره المعلمي أمر آخر هام , عرفته بالممارسة لهذا العلم , قلَّ من نبه عليه , وغفل عنه جماهير الطلاب , وهو أن من وثقه ابن حبان , وقد روى عنه جمع من الثقات , ولم يأت بما ينكر عليه , فهو صدوق يحتج به . وبناء على ذلك قويت بعض الأحاديث التي هي من هذا القبيل , كحديث العجن في الصلاة , فتوهم بعض الناشئين في هذا العلم أننى ناقضت نفسي , وجاريت ابن حبان في شذوذه , وضعَّف هو حديث العجن , وسيأتي الرد عليه مفصلا إن شاء الله , مع ذكر عشرة أمثلة من الرواة الذين وثقهم ابن حبان فقط , وتبعه الحافظان الذهبي والعسقلاني , فاطلب ذلك في بحث " كيفية الرفع من السجود " ( ص 197 - 207 ) .


القاعدة السادسة
قولهم: رجاله رجال الصحيح , ليس تصحيحاً للحديث
علمت من القاعدة الأولى تعريف الحديث الصحيح , وأن من شروطه أن يسلم من العلل التي بعضها الشذوذ والاضطراب والتدليس كما تقدم بيانه , وعليه فقول بعض المحدثين في حديث ما : " رجاله رجال الصحيح " أو : " رجاله ثقات " أو نحو ذلك لا يساوي قوله : " إسناده صحيح " ؛ فإن هذا يثبت وجود جميع شروط الصحة التي منها السلامة من العلل, بخلاف القول الأول ؛ فإنه لا يثبتها , وإنما يثبت شرطا واحدا فقط وهو عدالة الرجال وثقتهم وبهذا لا تثبت الصحة كما لا يخفى . وثمة ملاحظة أخرى , وهي : أنه قد يسلم الحديث المقول فيه ذلك القول من تلك العلل ومع ذلك فلا يكون صحيحا , لأنه قد يكون في السند رجل من رجال الصحيح ولكن لم يحتج به , وإنما أخرج له استشهادا أو مقرونا بغيره لضعف في حفظه , أو يكون ممن تفرد بتوثيقه ابن حبان , وكثيرا ما يشير بعض المحققين إلى ذلك بقوله : " ورجاله موثقون " إشارة إلى أن في توثيق بعضهم لينا , فهذا كله يمنع من أن تفهم الصحة من قولهم الذي ذكرنا . والمؤلف كأنه لم ينتبه لهذا كله , فجرى في كثير من الأحاديث على تصحيحها لمجرد قول البعض فيها ذلك القول ؛ وسنرى في تضاعيف التعليق التنبيه على ذلك . ثم زدت هذه القاعدة بيانا في مقدمة كتابي " صحيح الترغيب والترهيب ( ص 39 - 46 ) فراجعه فإنه مهم .




القاعدة السابعة
عدم الاعتماد على سكوت أبي داود اشتهر عن أبي داود أنه قال في حق

rachidh
2009-10-31, 17:38
القاعدة الثالثة عشرة
لا يقال في الحديث الضعيف : قالr، أو : ورد عنه ، ونحو ذلك .





قال النووي في " المجموع شرحالمهذب "( 1 / 63 ) : " قال العلماء المحققون من أهل الحديثوغيرهم : إذا كان الحديث ضعيفاً لا يقال فيه : قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " أو : فعل أو : أمر أو : نهى أو : حكم وما أشبه ذلك من صيغ الجزم ، وكذا لا يقالفيه : روى أبو هريرة أو : قال أو : ذكر . . وما أشبهه، وكذا لا يقال ذلك فيالتابعين ومن بعدهم فيما كان ضعيفا، فلا يقال في شيء من ذلك بصيغة الجزم، وإنمايقال في هذا كله: روي عنه، أو: نقل عنه، أو : حكي عنه . .، أو : يذكر ، أو : يحكى . . ، أو : يروى ، وما أشبه ذلك من صيغ التمريض وليست من صيغ الجزم ،قالوا : فصيغ الجزم موضوعة للصحيح أو الحسن، وصيغ التمريض لما سواهما . و ذلك أن صيغة الجزم تقتضي صحته عنالمضاف إليه ، فلا ينبغي أن يطلق إلا فيما صح ، وإلا فيكون الإنسان في معنى الكاذبعليه ، وهذا الأدب أخل به المصنف (10) وجماهير الفقهاء من أصحابنا وغيرهم ، بل جماهير أصحابالعلوم مطلقا ما عدا حذاق المحدثين،وذلك تساهل قبيح منهم ، فإنهم يقولون كثيرا في الصحيح : " روي عنه " وفي الضعيف : " قال " أو : روى فلان ، وهذا حيد عن الصواب " .
قلت :ومؤلفنا - جزاه الله خيرًا - وإن كان قد حاد عن الصواب مع من حاد عنه من الجماهير - كما سيأتيبيان ذلك في مواضعه من التعليق عليه -
فإن لي رأيا خاصاًفيما حكاه النووي عن العلماء لا بد لي من الإدلاء به بهذه المناسبة , فأقول : إذاكان من المسلم به شرعاً أنه ينبغي مخاطبة الناس بما يفهمون ما أمكن , وكان الاصطلاحالمذكور عن المحققين لا يعرفه أكثر الناس فهم لا يفرقون بين قول القائل : " قالرسولالله صلى الله عليه وسلم " , وقوله : "روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " لقلةالمشتغلين بعلم السنة , فإني أرى أنه لا بد من التصريح بصحة الحديث أو ضعفه دفعاًللإيهام كما يشير إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
بقوله : " دع ما يريبك إلى مالا يريبك " .
رواه النسائي والترمذي وهو مخرج في " إرواءالغليل " ( 2074 ) وغيره .

( 10 )أي : الشيرازي صاحب " المهذب " .





القاعدة الرابعة عشرة
وجوب العمل بالحديث الصحيح وإن لم يعمل بهأحد




قال الإمام الشافعي رضي اللهعنهفي " رسالته " الشهيرة : " إن عمر بن الخطاب رضي اللهعنه قضى في الإبهام بخمس عشرة فلما وجد كتاب آل عمرو بن حزم وفيه أن رسول الله صلىالله عليه وسلم قال : " وفي كل إصبع مما هنالك عشر من الإبل " صاروا إليه , قال : ولم يقبلوا كتاب آل عمرو بن حزم - والله أعلم - حتى يثبت لهم أنه كتاب رسول اللهصلى الله عليه وسلم .
وفي هذا الحديث دلالتان : إحداهماقبول الخبر , والأخرى قبول الخبر في الوقت الذي يثبت فيه , وإن لم يمض عمل أحد منالأئمة بمثل الخبر الذي قبلوا , ودلالة على أنه لو مضى أيضا عمل من أحد من الأئمةثم وجد عن النبي صلى الله عليه وسلم خبراً يخالف عمله لترك عمله لخبر رسول الله , ودلالة على أن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يثبت بنفسه لا بعمل غيره بعده " ( 11 ) .

( 11 ) " الرسالة " ( ص 422 ) تحقيق أحمد شاكر





القاعدة الخامسة عشرة
أمر الشارع للواحد أمر لجميع أفراد الأمة .




إذا خاطب الشارع الحكيم فرداً من الأمة أوحكم عليه بحكم , فهل يكون هذا الحكم عاماً في الأمة إلا إذا قام دليل التخصيص ؟ أويكون خاصاً بذلك المخاطب ؟ .
اختلف في ذلك علماء الأصول , والحقالأول وهو الذي رجحه الشوكاني وغيره من المحققين (12) قال ابن حزم في " أصول الأحكام " ( 3 / 88 - 89 ) : " وقد أيقنا أنه صلى الله عليه وسلم بعث إلى كل من كان حياً فيعصره في معمور الأرض من إنس أو جن , وإلى من يولد بعده إلى يوم القيامة , وليحكم فيكل عين وعرض يخلقها الله إلى يوم القيامة , فلما صح ذلك بإجماع الأمة المتيقنالمقطوع به المبلغ به إلى النبي صلى الله عليه وسلم , وبالنصوص الثابتة بما ذكرنامن بقاء الدين إلى يوم القيامة ولزومه الإنس والجن , وعلمنا بضرورة الحس أنه لاسبيل لمشاهدته عليه السلام من يأتي بعده , كان أمره صلى الله عليهوسلملواحد من النوع وفي واحد - من النوع أمراً في النوع كله , وللنوع كله , وبين هذا أن ما كان من الشريعة خاصاً لواحد ولقوم فقد بينه عليه السلام نصاًوأعلمه أنه خصوص , كفعله في الجذعة بأبي بردة بن نيار , وأخبره عليه السلام أنه لاتجزئ عن أحد بعده , وكان أمره عليه السلام للمستحاضة أمراً لكل مستحاضة , وإقامةابن عباس وجابر عن يمينه في الصلاة حكم على كل مسلم ومسلمة يصلي وحده مع إمامه . ولا خلاف بين أحد في أن أمره لأصحابه رضي الله عنهم وهمحاضرون , أمر لكل من يأتي إلى يوم القيامة .
ثم شرع في الرد على منخالف في ذلك تأصيلاً أو تفريعاً فراجعه .
وهذا آخر ما اقتضتالمصلحة إيراده الآن من القواعد الحديثية والفقهية , ومن المؤسف أن مؤلف " فقهالسنة " لم يتقيد بها , أو - على الأقل - لم يرعها حق رعايتها مع وثيق اتصالهابموضوع الكتاب كما رأيت .
وسيأتي بيان هذا كله في مواضعه منهذا التعليق المفيد إن شاء الله تعالى , أسأله تعالى أن يجعل الصواب حليفه , وينفع بهإخواني المسلمين في سائر الأقطار إنه سميع مجيب الدعاء . المؤلف دمشق 3 شوال 1373 هـ





نقلاً من كتاب ( تمام المنة في التعليق على فقه السنة للشيخالعلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله
/ ص 15 - 42\
( 12 )راجع أصول الفقه للشيخ محمدالخضرى ( ص 208 - 209 ) .

يتبع

rezki23
2009-11-16, 16:20
شكــــراااااااا

rezki23
2009-11-16, 16:41
شكـــــرا
بارك الله فيكم

rachidh
2009-11-19, 11:27
شكــــراااااااا
جزاك الله خيرا اخي الفاضل

جزائرــــية
2009-11-19, 11:54
جزاكم الله خيرا

sphn_2009
2009-11-21, 21:07
بارك الله فيك

rachidh
2009-11-22, 15:16
جزاكم الله خيرا
السلام عليكم جزاك الله خيرااااااااااااااااااا

rachidh
2009-11-22, 15:17
بارك الله فيك
وفيك بركم اخي