تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تقدموا لي بعض المراجع


DASOUSI88
2009-10-29, 22:24
السلام عليكم اريد منكم اخواتي ان تقدموا لي بعض المراجع فيما يخص بحثي قي القانون الجنائي العام *مبدأ الشرعية في الجزائر و مدى تطبيقه في القانون الجنائي*

أمينة87
2009-10-29, 23:37
بسم الله الرحمن الرحيم


مبدأ شرعيةالجرائم و العقوبات



الخطة
الفصـلالأول : مدلول و تاريخ المبدأ
1-المطلب الأول : مدلول مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات.
2-المطلبالثاني : تاريخ مبدأ شرعية الجرائم و العقوبات.
الفصـل الثاني: أهميــةالمبـــدأ
1-المطلب الأول : الأهمية الدوليـــة.
2-المطلب الثاني : الأهمية الدستوريـة.
3-المطلب الثالث : الأهمية الإقليميــة .
4-المطلب الرابع : الأهمية العمليـــة.
الفصــل الثالث : دعائم المبدأ والنقد الموجه لهذاالمبدأ
الفصــل الرابع : مصادرمبدأ شرعية الجرائم و العقوبات
1-القوانين . 2- المراسيم التشريعية .
3-الأنظمة . 4- العرف .
الفصــــل الخامس: الواجبات على عاتق ( المشرع ، القاضي ،السلطة التنفيذية(.
الفصــــل السادس : نتائج مبدأ شرعية الجرائم و العقوبات .
الفصـــل السابـع : تفسير النصـــوص الجزائيــــة .
1-المطلب الأول : أنـواع التفسير .
2-المطلب الثاني : مراحل التفسير .
3-المطلب الثالث : قيـود التفسير .
الخاتمة .
الفصل الأول : مدلول وتاريخ مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات
المطلب الأول : مدلول مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات .
يعني هذا المبدأ أنه لاجريمة ولا عقوبة إلا بنص قانونيأي مصدر الصفة غير المشروعة للفعل هو نص القانون ويقال لهذا النص " نصالتجريم " وهو في نظر القانون الجزائي يشمل قانون العقوبات والقوانين المكملة لهوالقوانين الجزائية الخاصة .
وبالتالي يحدد في كل نص الشروط التي يتطلبها في الفعل كي يخضع لهذاالنص ويستمد منه الصفة غير المشروعة ويحدد العقوبة المقررة لهذا الفعل وبالتالي فانالقاضي لا يستطيع أن يعتبر فعلاً معنياً جريمة إلا إذا وجد نصاً يجرم هذا الفعلفإذا لم يجد مثل هذا النص فلا سبيل إلى اعتبار الفعل جريمة ولو اقتنع بأنه مناقضللعدالة أو الأخلاق أو الدين .
و أساس هذا المبدأ هو حماية الفرد و ضمان حقوقه و حريته و ذلك بمنعالسلطات العامة من اتخاذ أي إجراء بحقه ما لم يكن قد ارتكب فعلا ينص القانون عليه وفرض على مرتكبيه عقوبة جزائية.
المطلب الثاني : تاريخ مبدأ شرعية الجرائموالعقوبات
في العصورالقديمة لم تكن هذه القاعدة معروفة حيث كانت العقوبات تحكمية وكان في وسع القضاة أنيجرم أفعال لم ينص القانون عليها ويفرضوا العقوبة التي يرونها كما كانوا يرجعون إلىالعرف لتجريم بعض الأفعال وتقرير العقوبة لها .
وإن كان هناك بعض مؤرخي القانون الجزائي يقولون بأن مبدأشرعية الجرائم و العقوبات عرفت لأول مرة في القانون الروماني في العهد الجمهوريبدليل وجوده عند فقيهي الرومان ( أولبيانوس ) و ( بولس ) أما العهد الإمبراطوري فلمتكن هذه القاعدة معروفة لأن القانون الروماني في هذا العهد كان يعطي للقاضي سلطةتقديرية واسعة في التجريم و العقاب .
وهذه القاعدة ترجع بذورها الأولى إلى الشريعة الإسلامية أي ترجع إلىمدة تزيد على أربعة عشر قرناً فمن القواعد الأصولية في الشريعة الإسلامية أنه :
" لا حكم لأفعال العقلاءقبل ورد النص " أي أن أفعال المكلف المسؤول لا يمكن وصفها بأنها محرمة مادام لم يردنص بتحريمها ولا حرج على المكلف أن يفعلها أو يتركها حتى ينص على تحريمها ونفهم منذلك بأنه لا يمكن اعتبار فعل أو ترك جريمة إلا بنص صريح يحرم الفعل أو الترك فإذالم يرد نص يحرم الفعل أو الترك فلا مسؤولية ولا عقاب على فاعل أو تارك . والمعنىالذي يستخلص من هذا الكلام هو أن قواعد الشريعة الإسلامية تقضي بأنه لا جريمة ولاعقوبة إلا بنص وهذه القاعدة في الشريعة لا تتنافى مع العقل والمنطق و تستند مباشرةعلى نصوص صريحة في هذا المعنى ومنها :قوله تعالى : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً) وقوله تعالى : ( وما كانربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلوى عليهمآياته) و قوله تعالى : ( وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) .
وغيرها من النصوص قاطعة بأنه لا جريمة إلا بعد بيان ولا عقوبة إلا بعدإنذار ، وطبقوا هذه القاعدة على الجرائم ولكنهم لم يطبقونه تطبقا واحدا في كلالجرائم حيث طبقوه تطبيقا دقيقا في جرائم الحدود و القصاص بخلاف جرائم التعازير فلميطبقونه بتلك الصورة والسبب في ذلك أن المصلحة العامة وطبيعة التعازير تقتضي ذلك . وبهذا تمتاز الشريعة على القوانين الوضعية التي لم تعرف هذه القاعدة إلا في عام 1216 في إنكلترا و إن كان هذا المبدأ غير معمول به في انكلترا بالمفهوم المعروف بهفي الحقوق اللاتينية . ففي انكلترا لا يوجد دستور مكتوب ولا قانون عقوبات مكتوبوبإمكان القاضي أن يعتبر أي سلوك لا اجتماعي جريمة و لكن المشرع بدأ منذ أوائل هذاالقرن بسن قوانين جزائية خاصة مثل ( قانون القتل –قانون السرقة ) و بالتالي حد منسلطة القاضي في خلق جرائم جديدة.
إلا أن النشأة الحقيقة لهذا المبدأ في القوانين الوضعية كان في القرنالثامن عشر حيث ظهر نتيجة للانتقادات الشديدة من قبل الفلاسفة والفقهاء لتسلطالقضاة وتحكمهم في الأحكام حيث كان القضاة متأثرين بالنواحي الخلقية والدينية فكانأحكامهم يخلط بين الجريمة الجنائية والمعصية الدينية والرذيلة الخلقية فظهر هذاالمبدأ بصورة واضحة في الولايات المتحدة الأمريكية وظهر في إعلان الحقوق عام 1774وقد عرف هذا المبدأ في قانون العقوبات النمساوي الصادر عام 1787 إلا أنه أعلن لأولمرة بعد قيام الثورة الفرنسية في شرعية حقوق الإنسان عام 1789 ثم نص عليه القانونالفرنسي عام 1810 ثم انتقلت هذه القاعدة إلى غيره من التشريعات الوضعية ثم أخذت بهالدساتير و القوانين في العالم ثم أخذت به الأمم المتحدة في البيان العالمي لحقوقالإنسان الصادر في 10 كانون الأول 1948 كما جاء في المادة السادسة من قانونالعقوبات اللبناني :(لايقضي بأي عقوبة لم ينص القانون عليها حين اقتران الجرم) .
أما في التشريع المصريلم تكن هذه القاعدة معروفة قبل سنة 1883 وفي هذا العام نص المشرع عليها ضمناً فيالمادة 18 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية وفي المادة 19 من قانون العقوبات الصادرسنة 1883 ولما صدر الدستور في عام 1923 قرر هذه القاعدة "في المادة ( 6 ) منه : ((لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لصدورالقانون الذي ينص عليها)) وبالتالي لا يشترط صدورها بقانون وإنما يكفي أن يصدر بناء على قانونليشمل حالات التي يفوض الشارع فيها السلطة التنفيذية في تحديد الجرائم وتقريرالعقوبات .
أما المشرعالسوري فقد تبناها في القوانين المتعاقبة و جاء في المادة العاشرة من دستور عام 1950 و المادة الثامنة من الدستور المؤقت لجمهورية العربية المتحدة الصادر في 15آذار 1958 في عام 1969 جاء في الدستور السوري المؤقت في المادتين 27-38 و كرس أخيرافي دستور الجمهورية العربية السورية المعلن في 12 آذار عام 1973 فنصت المادة 29 منهعلى أنه( ( لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني)) كما جاء في المادة الأولى منه : ( ( لا تفرض عقوبة ولاتدبير احترازي أو إصلاحي من أجل فعل لم يكن القانون قد نص عيه حين اقترافه)).
و نظمت المواد من (1-5)من العقوبات قواعد قانونية الجرائم والمواد ( 6-11 ) قانونية العقوبات و المواد (12-14 ) قواعد قانونية التدابير الاحترازية و التدابير الصلاحية.
الفصـل الثــاني : أهميـــة مبــــدأ شرعية الجرائم والعقوبات
لهذا المبدأ أهمية كبيرة سواء على الصعيد الدولي أوالدستوري أو الإقليمي أوالعملي
المطلب الأول : الأهمية الدوليـــة :
نرى أن هناك كثير منالاتفاقيات و البروتوكولات أكدت على أهمية هذا المبدأ،
كما جاء في المادةالثانية الفقرة الثالثة في البروتوكول رقم 4 لاتفاقية حقوق الإنسان الصادر في 16تشرين الثاني عام 1963:((لا يجوز وضع قيود على ممارسة هذه الحقوق غير تلك التي تطابق القانون و تقضيهاالضرورة في مجتمع ديمقراطي لمصلحة الأمن القومي أو الأمن العام , للمحافظة علىالنظام العام أو منع الجريمة أو حماية الصحة و الأخلاق أو حماية حقوق و حرياتالآخرين)).
كما جاء فيإعلان حقوق الإنسان و المواطن الصادر عام 1789 الذي أصدرته الجمعية التأسيسية : ((لا يجوز اتهام أحد أو توقيفه إلا في الأحوال المنصوص عليها في القانون و بحسبالمراسيم المحددة فيه)) .
المطلب الثاني : الأهميةالدستــورية.
لهذا المبدأقيمة كبيرة حيث أن الدول تعتبره من المبادئ الأساسية و تنص عليه في دساتيرها . فيسوريا تبنى المشروع السوري هذا المبدأ في دساتيرها المتعاقبة التي مرت على القطرالعربي السوري , حيث ورد في المادة العاشرة في دستور عام 1950, و المادة الثامنة منالدستور المؤقت للجمهورية العربية المتحدة الصادر 15 آذار 1958 و المادتين 27و 38من الدستور السوري المؤقت لعام 1969 و كرس أخيرا في الدستور الصادر عام 1973 فنصتالمادة 29 منه على أنه : ( لا جريمـة ولا عقـوبة بلا نص قانـوني).
أما في مصر عندما صدرالدستور في عام 1923 قرر هذه القاعدة صراحة في المادة السادسة منه ( لا جريمة ولاعقوبة غلا بناء على قانون ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لصدور القانون الذي ينصعليه ) . كما جاء في المادة الثامنة من الدستور اللبناني :(لا يمكن تحديد الجرائمأو تعيين عقوبة إلا بمقتضى قانون)
المطلب الثالث الأهمية الإقليمية :
نرى أن هناك كثير من الاتفاقيات و البروتوكولات أكدت علىأهمية هذا المبدأ , فقد جاء في المادة الثانية في الفقرة الأولى من الاتفاقيةالأوربية لحقوق الإنسان :(حق كل إنسان في الحياة يحميه القانون ولا يجوز إعدام أي إنسان عمداإلا تنفيذا حكم قضائي بإدانته في جريمة يقضي فيها القانون بتوقيع هذه العقوبة).
و قد جاء في المادةالسابعة الفقرة الأولى منه :(لا يجوز إدانة أي شخص بسبب ارتكابه فعلا أو الامتناع عن فعل لم يكنيعتبر وقت وقوع الفعل أو الامتناع جريمة في القانون الوطني أو القانون الدولي ولايجوز توقيع عقوبات أشد من تلك المقررة وقت ارتكاب الجريمة).
و قد جاء في الفقرةالثانية : ( لا تخل هذه المادة بمحاكمة أو عقوبة أي شخص بسبب ارتكابه فعلا أوامتناعه عن فعل يعتبر وقت فعله أو الامتناع عن فعله جريمة وفقا للمبادئ العامةلقانون في الأمم المتحضرة) .
المطلب الرابع الأهمية العملية :
لهذا المبدأ أهمية كبيرة من الناحية العملية للأسبابالتالية :
1-يعد من أسسالحرية الفردية أي صمام الأمان للحريات الفردية ويضمن حقوق الأفراد بحيث يحددالجرائم ويحدد العقوبات المقررة لها بشكل واضح حتى لا يترك ثغرات في القانون ويكونوسيلة تسلط بيد القضاة وبالتالي القاضي لا يستطيع الحكم بالإدانة إلا إذا وجد فيالقانون سنداً على الجريمة والعقوبة فهو لا يملك أن ينشئ جريمة من أمر لم يرد نصقانوني بتجريمه مهما رأى فيه من الخطورة على حقوق الأفراد أو مصالح الجماعة فهويرسم حداً فاصلاً بين المشروع وغير المشروع بحيث يكون الأفراد أحراراً في إتيانالأفعال المشروعة وإن كانت ضارة وبالتالي السلطات العامة لا تستطيع ملاحقة هذاالشخص لأنه غير مسؤول جزائياً .
2-يعطي العقوبة أساس قانوني بحيث يجعلها مقبولة من قبل الرأي العامكونه توضع في سبيل المصلحة العامة بحيث يطبق على جميع الأشخاص الذين تتوافر فيهمالشروط المنصوص عليه في هذا النص دون التميز بينهم .
3-الدور الوقائي للقانون وهذا الدور يتمثل بأن يكونالفرد على علم بالأفعال التي تعد جريمة والأفعال الغير مجرمة بحيث يمكن أن نعتبرالقانون بمثابة إنذار مسبق للأفراد بعدم اقتراف الأفعال المنصوص عليه وهذا يجعلالأفراد أقرب إلى الامتثال من العصيان
4-يحمي جميع الأفراد في المجتمع المجرمين وغير المجرمين بحيث يحميالمجرم من نفسه بأن لا يقترف جريمة عقوبتها أشد من الجريمة المرتكبة وتحمي غيرالمجرمين من الأفعال التي قد يرتكبها المجرم .
قبل أن ندخل في مصادر التجريم والعقاب لابد لنا منالتساؤل: هل تدخل التدابيرالاحترازية في نطاق مبدأ الشرعية؟.
على الرغم من أن المشرع يستهدف من التدابير الاحترازية الوقايةالاجتماعية لا الجزاء وهو مجرد إجراء علاجي يستفيد منه المحكوم عليه ، فلا يمكنتجريد التدابير الاحترازية من الإيلام وإن كان غير مقصود ، فبعض التدابيرالاحترازية تصل إلى حد سلب الحرية ولذلك يجب على الشارع أن يحدد التدابير ويحددماهية كل منها حتى لا يكون وسيلة استغلال بيد القضاة ، ولكن التدابير لا يطبقبالصورة الجامدة التي عرفناها في نصوص التجريم والعقاب ، وذلك لأن المشرع ينص علىالتدابير الاحترازية دون أن يقرر تدبير محدد لكل جريمة وإنما يترك للقاضي الحرية فيأن يختار من بين التدابير التي نص عليها الشارع ما يكون مناسباً للجرم .
ونقول بأن التدابيرالاحترازية تدخل في مبدأ الشرعية بحيث لا يستطيع القاضي أن يحكم بغير التدابيرالمنصوص عليه في القانون .
لهذا المبدأ دعائم يستند عليها هذا المبدأ وهذه الدعائم هي :
أولا : نظرية فصلالسلطات :
نتيجة لتسلطالقضاة في الأحكام في القرن الثامن عشر ظهر مبدأ فصل السلطات التي نادى بهامونتسيكو و مقتضى هذا المبدأ أنه :يوجد سلطات ثلاثة في الدولة السلطة التشريعية- التنفيذية- القضائية , وكل سلطة لها اختصاصات محددة لا يجوز لها تجاوزها فالسلطة التشريعية مختصة بسنالقوانين و منها النصوص الجزائية التي تجرم الأفعال و تحدد العقوبة له أما السلطةالقضائية تعهد بتطبيق هذه القوانين و بالتالي القاضي لا يستطيع أن يجرم فعل غيرمنصوص عليه و لو اقتنع بأن الفعل منافي لعدالة لأن ذلك يعتبر تدخلا في اختصاصالسلطة التشريعية وهذا لا يجوز طبقا لمبدأ فصل السلطات .
ثانيا : الدعامةالمنطقية :
ترجع إلى تنديدالفقهاء والفلاسفة بتحكم القضاة وقناعتهم الأكيدة بأنه لا يمكن تقيد السلطة المطلقةللقضاة إلا بوضع نصوص مكتوبة محددة في القانون تنص على الأفعال المجرمة والعقوباتالمقررة لها . وبالتالي السماح للأفراد بإتيان الأفعال التي لم ينص القانون علىتجريمها ، والامتناع عن الأفعال المجرمة بنص القانون وهذا ما نادى به المحاميالإيطالي " بيكاريا " في كتابه المشهور " الجرائم والعقوبات " ونادى بيكاريا بحرمانالقاضي من تفسير هذه النصوص ووجوب تطبيقها حرفياً بحيث لا يستطيع القاضي التشديد أوالتخفيض أي تجريد القاضي من أية سلطة تقديرية .

أمينة87
2009-10-29, 23:41
ثالثا : الدعامة السياسية :
ترجع إلى نظرية العقد الاجتماعي الذي نادى به الفيلسوف " جان جاك روسو " والتي مقتضاها أنه يوجد عقد ضمني بين الدولة والأفراد حيث يتنازلالأفراد بموجب هذا العقد عن جزء من الحرية الممنوحة لهم لصالح الدولة مقابل أن تقومالدولة بتوفير الحماية لهم واعتمدت هذه النظرية على العقد الاجتماعي كأساس لتحديدحق الدولة في العقاب فقالوا بأن العقوبة هي جماع حقوق الأفراد في الدفاع عن أشخاصهموأموالهم التي نزلوا عنها للمجتمع وبالتالي المساواة بين الناس في العقاب لأن كلفرد نزل للمجتمع عن قدر من الحقوق معادل ومساوي لما نزل عنه غيره وهذه المساواةتقتضي وجود قانون يحدد الأفعال المجرمة ويحدد العقوبة المقررة لهذه الأفعال بحيثيكون للعقوبة أساس قانوني ويجعله مقبولة من قبل جميع الأفراد كونها ثمرة اتفاقجماعي وتوقع في سبيل المصلحة العامة والعليا للمجتمع وبالتالي يضمن للعقوبة خصائصهالتكون عادلة وعامة التطبيق على جميع الناس ومجردة من القسوة .
النقد :
على الرغم من أهمية هذاالمبدأ والقيمة الحقيقية له إلا أنه لم يسلم من النقد :
1)-ذهب البعض بأنهاقاعدة جامدة ورجعية أما الجامدة لأنه لا يستطيع مواكبة التطورات والمستجدات التيتطرأ على المجتمع بحيث تظهر أفعال جديدة مخلة بأمن ونظام المجتمع ولم ينص القانونعلى تجريمه , و يزداد هذا الأمر صعوبة في العصر الحديث حيث خلفت الحضارة الإنسانيةالمتشعبة و الحياة الاجتماعية المتشابكة أنواعا مختلفة من أنماط السلوك البشريسريعة التغيير و التجدد بحيث لا يمكن مواجهته بجمود النصوص و ثباته ولكن يمكنناالرد عليهم بأن المشكلة ليست من النص القانوني و إنما المشكلة من السلطة التشريعيةالتي تنص القوانين بحيث تتقاعس احيانا عن صدور القوانين لمواجهة المستجدات إلا أننانستطيع التغلب على هذه المشكلة بوجود سلطة تشريعية يقظة و تزويده بجميع الوسائلالتي تتمكن من خلاله من ملاحقة الصور الإجرامية المستحدثة .
أما القول بأنها رجعيةلأنه يفرض الجريمة ككيان قانوني متجراً من شخص المجرم بحيث يحدد العقوبة في كلجريمة حسب الأضرار المادية المترتبة عليه لا وفق الخطورة الكامنة في شخص المجرممثلاً في جريمة السرقة يفرض العقوبة بنفس القدر دون أن يراعي الظروف المحيطةبالمجرم ( فالشخص الذي يقدم على السرقة بدافع الفقر هو أقل خطورة عن الشخص الذييقدم عليه بدافع حسب المال والجشع) .
لذلك نادو بضرورة تقسيم المجرمين بدلاً من تقسيم الجرائم فليس المهم هيالجريمة كواقعة مادية وإنما المهم هو المتهم الذي هو محور الدعوى الجنائية ولذلكنجد أن المشرع رجعت عن نظام العقوبات المحددة إلى نظام تفريد العقوبة حيث أعطىالقاضي سلطة تقديرية واسعة نوعاً ما في هذا الشأن بحيث حدد في بعض الجرائم حدينللعقوبة ( حد أدنى – حد أعلى ) وترك للقاضي سلطة اختيار العقوبة الملائمة ضمن هذينالحدين حسب شخصية المتهم والظروف المحيطة بالجريمة كما حدد لبعض الجرائم عدة عقوباتوترك الحرية للقاضي باختيار العقوبة المناسبة لشخص كل مجرم .
ولكن سلطة القاضي في هذاالشأن ليست مطلقة لأن القانون هو الذي يحدد حدود الملائمة ويجب على القاضي مراعاةهذه الحدود وبالتالي لا يوجد تعارض بين تفريد العقاب ومبدأ الشرعية . كما يمكن الردعليهم بأن السلطة الواسعة قاضي صحيح تجعله قادرا على فهم شخصية المجرم و علاجها إلاأن هذه السلطة قد تساء استخدامها ومن المستحسن أن ينوع المشرع العقوبات و التدابيرلكل جرعة و أن يمنح القاضي سلطة تقديرية لكي يختار من بينها ما يلاءم شخصية المجرم .
2)-وذهب الآخرون إلى أنهذا المبدأ لا يوفر الحماية الكاملة للأفراد ضد الأفعال الجديرة في ذاتها بالتجريمكونها قاصرة عن الإحاطة بجميع الأفعال المخلة بالأمن والاستقرار في المجتمع ، ونزعأية سلطة تقديرية للقاضي في معاقبة العابثين بالأمن والنظام بحجة عدم وجود نص يجرمهذا الفعل سواء تعلق بالسلوك الفردي أو بالسلوك الجماعي .
فيما يتعلق بالسلوكالفردي فكثيراً ما تقع من الأفراد أفعال مخلة بالنظام ومنافية للأخلاق لا تجرمهاالكثير من القوانين فمن يتناول طعاماً في مكان خاص كالمطاعم والمقاهي ثم يمتنع عندفع ثمن الطعام ففعله هذا لا يقل خطورة عن السرقة ومع ذلك فإن الكثير من القوانينلا تنص على تجريمها .
أمافيما يتعلق بالسلوك الاجتماعي : فالمشرع ليس في وسعه حصر جميع الأفعال الضارةوالمخلة بالنظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي للدولة .
الرد : إن المشرع يستطيعأن يستعمل في نصوص التجريم والعقاب عبارات بحيث يحقق التوازن بين مصلحة المجتمعوحقوق الأفراد فلا تكون هذه العبارات ضيقة بحيث يطبقه القاضي حرفياً ولا واسعاًبحيث يستغل القاضي هذه النقطة ويجرم أفعال لم ينص عليه القانون وبالتالي إهدار حقوقالأفراد ، كما يمكننا القول بأن الاستقرار القانوني يعلو على حماية المصالحالمشتركة ، فإذا تبين للمشرع أن فعلاً ما منافي للنظام السياسي أو الاقتصادي أوالاجتماعي بادر إلى تجريمه بنص .
الفصل الرابع : مصادر مبدأ شرعية الجرائموالعقوبات
أولاً : القــا نو ن :
والقانون هومجموعة القواعد القانونية الصادرة عن السلطة التشريعية المختصة في نصوص مكتوبةووفقاً للدستور فالتشريع يجب أن يتضمن إذاً قواعد قانونية ومن صفات القاعدةالقانونية العموم والتجريد أي يجب أن يتناول جميع الأشخاص الذين يتوافر فيهم شروطالتجريم دون تمييز .
إنالأصل أن القانون الجنائي الوضعي يستمد نصوصه من القوانين التي تصدر عن السلطةالتشريعية طبقاً للأوضاع الدستورية فهذه القوانين هي عنوان إرادة المجتمع التيتتجلى باشتراك العناصر التشريعية في وضعها وإصدارها طبقاً لأحكام الدستور .
وبما أن اختصاص السلطةالتشريعية بالتشريع هو اختصاص أصلي فتستطيع أن تجرم من الأفعال ما تشاء وأن تفرضالعقوبة التي تراها مناسبة .
ثانياً : المراسيم التشريعية :
هناك ظروف استثنائية تمنح رئيس الجمهورية سلطة التشريعوذلك عن طريق المراسيم التشريعية.
والمرسوم التشريعي بالتعريف:هو تشريع يسنه رئيس الجمهورية في بعض الأحوال التي يتولىفيها سلطة التشريع .
ورئيس الجمهورية لا يصدر المراسيم التشريعية بصفته رئيساً للسلطة التنفيذية ، بلباعتباره يمارس أيضاً وفي بعض الأحوال الاستثنائية التي نص عليها الدستور مهامالسلطة التشريعية ولذلك لا تعتبر المراسيم التشريعية عملاً تنفيذياً وإنما هو عملتشريعي بحت ، وهذه المراسيم لا تختلف عن التشريع في شيء إلا في صدوره عن رئيسالجمهورية حين يمارس السلطة التشريعية بدلاً عن مجلس الشعب وهو يعتبر في منزلةالتشريع الصادر عن مجلس الشعب ومرتبته فيمكن أن تنظم به الأمور التي لا يجوزتنظيمها أصلاً إلا بالتشريع وبالتالي يكون المراسيم التشريعية مصدراًللتجريم والعقاب ويستطيعأن يجرم الأفعال ويفرض العقوبة لهذه الأفعال وضمن حدود المرسومة له .ويتولى رئيسالجمهورية سلطة التشريع بحسب دستورنا الحالي في الحالات الثلاث التالية :
1)في المدة الفاصلة بينولايتي مجلسين أي خلال الفترة الواقعة بين انتهاء ولاية مجلس الشعب السابق وبدءولاية مجلس الشعب الجديد .
2)خارج دورات انعقاد مجلس الشعب أي خلال الفترات التي يكون فيها مجلسالشعب موجوداً ولكنه غير منعقد .
3)في أثناء انعقاد دورات مجلس الشعب إذا وجد الضرورة القصوى المتعلقةبمصالح البلاد القومية أو بمقتضيات الأمن القومي .
ونرى بأن تولي رئيس الجمهورية سلطة التشريع في هذهالحالات أمر طبيعي تقره معظم الدساتير في العالم ففي الحالتين الأولى والثانية مجلسالشعب لا يمارس مهمة التشريع لذلك لابد أن يعهد بهذا الأمر إلى رئيس الجمهورية حتىلا تتوقف حركة التشريع في البلاد أما الحالة الثالثة فيكون مجلس الشعب موجوداًومنعقداً ولكن هناك ظروف استثنائية بالغة الأهمية وهذه الظروف قد تستدعي اتخاذتدابير تشريعية عاجلة وإلى إحاطة هذه التدابير بشيء من السرية لذلك يكون من الأفضلأن يعهد به إلى رئيس الجمهورية .
ثالثا : الأنظــــــمة :
الأنظمة هي : عبارة عن نصوص تصدر عن السلطة التنفيذيةمتضمنة القواعد التي تفصل أحكام التشريعات وتوضحها وتبين كيفية تنفيذها وتطبيقهاوهذه الأنظمة إما أن تصدر عن رئيس الجمهورية أو الوزراء المختصين أو الإداراتالعامة والمجالس البلدية
إن القول بأن القانون هو المصدر الوحيد للتجريم والعقاب لا يؤخذ علىإطلاقه بل يستثنى منه أمران :
1-من واجب السلطة التنفيذية وضع اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين وهيلا تستطيع القيام بهذه المهمة إلا إذا اتخذت ما يلزم لضمان تنفيذ اللوائح بتقريرجزاءات جنائية .
2-أنهفضلاً عن العلاقات الاجتماعية التي لها صفة دائمة وثابتة توجد علاقات أخرى متعددةتختص جهات معينة وتتغير بتغير الزمان والظروف وبالتالي يجب على المشرع أن يتحركتنظيمها وتدعيمها بالجزاءات إلى السلطة الإدارية .
وبذلك نقول بأن اللوائح والقرارات التي تصدر عن السلطةالتنفيذية يمكن أن تكون مصدراً للتجريم والعقاب , بل تذهب بعض القوانين على وضعالعقاب على مخالفة أحكام اللوائح و القرارات ففي غالب الأحيان عندما يفرض القانونوزيرا أو مديرا عاما أو مجلس بلديا في إصدار لائحة ينص في الوقت نفسه على العقوبةالتي تطبق في حالة مخالفة أحكام هذه اللائحة فقد جاء في المادة 756 من قانونالعقوبات:
(يعاقب بالحبسالتكديري و بالغرامة حتى مئة ليرة أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يخالف الأنظمة أوالقرارات التي تصدرها السلطات الإدارية أو البلدية وفاقا للقوانين).
رغم أن هناك كثير منالانتقادات وجهت إلى منح السلطة التنفيذية سلطة التشريع واعتبره مخالفاً لمبدأالشرعية ولكن يمكن الرد عليهم بأن الدستور هو الذي منحه هذا الحق ( الدستور : هومجموعة القواعد القانونية الصادرة عن سلطة خاصة تسمى السلطة التأسيسية والتي تتضمنالنظام الأساسي للدولة والمبادئ العامة التي يقوم عليها أسلوب الحكم فيها ) وطالماأن الدستور منحه هذا الحق فهو لا يخالف مبدأ الشرعية وإنما يمارس حقه في وضعالقواعد التفصيلية اللازمة لتنفيذ القوانين في الدولة ولكن يجب الإشارة إلا أنالسلطة التنفيذية يمارس سلطة التشريع على سبيل الاستثناء وبالتالي لا يجوز لها أنتجرم غير أفعال تدخل في المجال الذي تباشر فيه اختصاصها بالتشريع المحدود .


هل يجوز للقاضي مراقبةالقانون والنظام؟
بالنسبةللقانون هناك عدة اتجاهات :
أصحاب الرأي الأول : يرون بأنه لا حق للقضاء في مناقشة مسألة دستوريةالتشريع بل عليه أن يطبق التشريع كما هو إذا كان مستوفياً لشرائطه الشكلية ولو خالففي أحكامه مبادئ الدستور وحجة أصحاب هذا الرأي هي أن السماع للقضاء بمراقبة دستوريةالتشريع من شأنه أن يؤدي إلى تدخل السلطة القضائية في أعمال السلطة التشريعية وهذاما يتعارض مع مبدأ فصل السلطات .
أما أصحاب الرأي الثاني:فيرون بأن للقضاء الحق في مراقبة دستورية التشريع فإذا وجد القاضي أنالقانون غير دستوري امتنع عن تطبيقه وحجة هذا الرأي أن مراقبة القضاء لدستوريةالتشريع أمر تحتمه الضرورة والمنطق وإن مراقبة القضاء لدستورية التشريع أمر يدخل فيحدود اختصاصه لأن القضاء ملزم باحترام نصوص الدستور والتشريع معاً وإن هذه الرقابةلا يخالف مبدأ فصل السلطات لأن السلطتين ملزمتان على السواء باحترام الدستور .
إلا أن القضاء في سوريالا تعترف لنفسها بصورة عامة الحق في رقابة دستورية القوانين وقد ذهب القضاءاللبناني بالنسبة لرقابة القضاء للقانون من ناحية الموضوع إلى عدم إعطاء القضاء هذاالحق .
أما بالنسبة للنظام :فيستطيع القاضي مراقبتهالنظام من الناحية الشكلية والموضوعية فإذا وجد بأن النظام غير مستوف الشروطالشكلية لا يعتد القاضي بهذا النص لأن النظام في هذه الحالة يفقد الوجود القانونيوبالتالي القيمة القانونية لأنه يعلق على الشروط الشكلية فإذا لم يتوفر أحد هذهالشروط يفقد الوجود القانوني .
كما يستطيع مراقبته من ناحية الموضوع لأن النظام يجب أن يحترم الدستوروالقانون فإذا تبين للقاضي بأن النظام خالف الدستور أو القانون امتنع القاضي عنتطبيقه .
- وأخيراً نقوليجب على القاضي إذا وجد بأن النص غير دستوري أو غير قانوني أن يحكم بالبراءة كونالبراءة هو الأصل واستناداً لى مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات لأن النص يفقد وجودهالقانوني وبالتالي الفعل لا يدخل في نطاق التجريم .
رابعا: دور العرف في نطاق التجريم والعقاب :
العرف : هو القواعد التيدرج الناس على إتباعها في أمورهم ومعاملاتهم والتي يعتبرونه بأنه ملزمة لهم منالوجه القانونية ، وبالتالي للعرف عنصران مادي ومعنوي :
العنصر المادي : وجودعادة أو تعامل بين الناس على وجه مخصوص .
العنصر المعنوي : شعور الناس بأن هذه العادة أصبحت ملزمةلهم من الوجهة
القانونية .
والآن : نتساءل عن دورهذه المصادرفي التجريم والعقاب .
من حيث المبدأ : لا يجوز اعتبار مصادر القانون ( الشريعة الإسلامية والعرف ) مصدرا للتجريم و العقاب و السبب في ذلك يعود إلى أن العودة إلى هذه المصادريهدم مبدأ الشرعية و يؤدي إلى خلق جرائم و عقوبات لم ينص عليه القانون .
و لكن يرد على هذهالقاعدة استثناءات ثلاثة :
الاستثناء الأول : عندما يعود القاضي إلى قانون غير جزائي لحل قضيةجزائية , فله أن يعود إلى مصادر هذا القانون .مثل جريمة الزنا يعود القاضي إلىقانون الأحوال الشخصية للتثبت من صحة عقد الزواج وله أن يعود إلى العرف و الشريعةالاسلامية إذا احتاج لذلك.
وكذلك في جريمة السرقة يعود القاضي إلى القانون المدني في مسألة تحديدملكية الشيء المسروق وله أن يعود إلى مصادر القانون المدني .
الاستثناء الثاني : إذاكان القاضي أمام مسألة لا سبيل لحلها بغير الرجوع إلى العرف .
مثل التعرض للآداب والأخلاق العامة : حيث تحديد ركن هذه الجريمة لا يتم بغير الرجوع إلى العرف .وكذلكبعض العبارات الغامضة التي وردت في قانون العقوبات بحيث يتعذر معرفة معناها بغيرالرجوع إلى العرف ومنها عبارة ( الفعل المنافي للحشمة ) الواردة في المواد 494و496وعبارتي ( العمل المنافي للحياء ) و ( الكلام المنافي للحشمة) الواردة في المادة 506 و غيرها من العبارات الغامضة التي يتعذر معرفة معناها بغير الرجوع إلى العرف .

أمينة87
2009-10-29, 23:45
الفصل الخامس: الواجبات الملقاة على عاتق القاضي والمشرع والسلطةالتنفيذية
أولا ً :الواجبات الملقاة على عاتق المشرع :
1)-يجب على المشرع عندما يضع النص التشريعي أن يضعه بصورة واضحة ودقيقةلا لبس فيه ولا غموض .
2)-ويجب أن يكون النص محدداً أي يحدد الفعل ويحدد العقوبة المقررة لهذا الفعل بشكلواضح ودقيق حتى لا يجد القاضي في الغموض وعدم التحديد منفذاً لتجريم ما هو مباح كمالو حدد المشرع جريمة دون أن يحدد العقوبة أو حدد العقوبة دون أن يبين الفعل المجرم .
مثال حدد القاضيالجريمة دون أن يحدد العقوبة . المادة 26 من قانون أصول المحاكمات الجزائية السوري(من شاهد اعتداء على الأمن العام أو على حياة أحد الناس أو على ماله يلزمه أن يعلمبذلك النائب العام المختص).
فهنا حدد المشرع الجريمة دون أن يحدد العقوبة فالقاضي لا يستطيع أنيبدع عقوبة من عنده و يفرضه من امتنع عن الإخبار ففي هذه الحالات القاضي لا يستطيعتطبيق هذه النصوص إلا بالخروج على مبدأ الشرعية.
3)-ويجب أن يصدر هذه النصوص بأثر مباشر أي فوري أي أنحكام هذا النص لا يسري إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يترتب عليها أثر فيماوقع قبلها لأن الأصل للقانون الطبيعي هو احترام الحقوق المكتسبة وهذا ما جاء فيقانون العقوبات " لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ولا توقع عقوبة إلا بحكمقضائي ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون " .
4)-ويجب علىالمشرع أن يحترم قاعدة عدم رجعية القوانين وعدم الرجعية يعني أن نص التجريم لا يسريإلا على الأفعال المرتكبة بعد لحظة نفاذه وبالتالي فهو لا يسري على الأفعالالمرتكبة قبل هذه اللحظة وتستند هذه القاعدة على نصوص صريحة في قانون العقوبات.
لا تفرض عقوبة ولا تدبيراحترازي أو صلاحي من أجل جرم لم يكن القانون قد نص عليه حين اقترانه " .
وهذه القاعدة هي نتيجةطبيعية لقاعدة قانونية الجرائم و العقوبات لأن تطبيق القانون على الوقائع المرتكبةقبل نفاذه قضاء على هذه القاعدة لأن مبدأ الشرعية يضمن حقوق الأفراد وحرياتهموبالتالي انعدام الأثر الرجعي يعتبر من الأصول الجوهرية في النظام القانوني التييجب على المشرع مراعاتها وبالتالي لا يجوز المخالفة لا بصورة صريحة ولا ضمنية ،ولكن يوجد استثناء على هذه القاعدة وهو القانون الأصلح للمتهم حيث جاءت في الفقرةالثانية في المادة السادسة من قانون العقوبات
" ومع ذلك إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائياًقانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره "
ولهذا الاستثناء ما يبرره لأن المشرع عندما يلغي عقوبة أويقرر عقوبة أخف لأنه وجد في العقوبة السابقة ما لا يتمشى مع العدالة ولا يحقق مصلحةالأفراد ومصلحة المجتمع فيلجأ إلى تخفيفها أو إعفائها لأن المقصود من العقوبة ليسالانتقام وإنما إصلاح المجرم
5)-يجب على المشرع عندما تسن القوانين مراعاة قانونية الجرائموالعقوبات سواء في تعيين العناصر التي تكون هذه الجريمة أو في تعيين العقوبات التيتترتب عليها أو في تحديد القواعد التي تنفذ هذه العقوبات بمقتضاها .
ثانيا ً : الواجبات الملقاة على عاتق القاضي :
إن واجبات القاضي ينحصر في تطبيق القانون و تفسيره و تقيد بمبدأ عدمالرجعية.
تطبيق القانون : يجب على القاضي أن يلتزم بتطبيق القانون كما وضعه السلطة التشريعية و يترتب على ذلكعدة نتائج :
1-لا يجوزللقاضي اعتبار فعل من الأفعال جريمة إلا إذا نص القانون عليه فهو لا يستطيع أنيعتبر الربا جريمة استنادا إلى الشريعة الإسلامية طالما أن المشرع لم ينص عليه .
2-لا يجوز للقاضي الحكمبعقوبة لم ينص عليه القانون كما هو الحال في المادة 26 من قانون أصول المحاكماتالجزائية
3-ولا يجوزللقاضي أن يستبدل العقوبة المنصوص عليها في القانون بعقوبة أخرى لم ينص القانونعليها كأن يستبدل عقوبة الغرامة بالحبس والاعتقال بالإشغال الشاقة
تفسير النصوص :فالقاضيحينما يحاكم المدعى عليه في جرم جزائي ويريد تطبيق نص قانوني عليه .
4- ثم يجد أن هذاالنص غامض فإنه يجتهد في تفسيره ضمن حدود ألفاظه ومعانيه للوصول إلى إرادة المشرعالحقيقية .
5-عدم رجعيةالقوانين : يجب على القاضي أن يلتزم بهذه القاعدة بالتالي لا يطبق نص التجريم إلاعلى الأفعال المرتكبة بعد صدور هذا النص و قاعدة عدم الرجعية هي نتيجة لقاعدة مبدأالشرعية لأننا إذا طبق النص الجديد على أفعال مرتكبة قبل صدوره نكون قد خرقنا مبدأشرعية الجرائم و طبقنا القانون الجديد على فترة زمنية لم يكن فيها .
ثالثاً : الواجبات الملقاة على عاتق السلطة التنفيذية :
يجب على السلطة التنفيذية أن لا تلجأ إلى التشريع إلا فيالحالات المحددة له وفقاً للدستور لأن اختصاصها في مجال التشريع مقيد واستثنائيولذلك لا يجوز لها إصدار النظام في غير المجال المحدود لاختصاصها أي لا يجوز للسلطةالتنفيذية أن تجرم غير أفعال تدخل في المجال التي تباشر فيه اختصاصها التشريعيالمحدود .
هلتدخل التدابير الاحترازية في نطاق مبدأ الشرعية :
على الرغم من أن المشرع يستهدف من التدابير الاحترازيةالوقاية الاجتماعية لا الجزاء وهو مجرد إجراء علاجي يستفيد منه المحكوم عليه ، فلايمكن تجريد التدابير الاحترازية من الإيلام وإن كان غير مقصود ، فبعض التدابيرالاحترازية تصل إلى حد سلب الحرية ولذلك يجب على الشارع أن يحدد التدابير ويحددماهية كل منها حتى لا يكون وسيلة استغلال بيد القضاة ، ولكن التدابير لا يطبقبالصورة الجامدة التي عرفناها في نصوص التجريم والعقاب ، وذلك لأن المشرع ينص علىالتدابير الاحترازية دون أن يقرر تدبير محدد لكل جريمة وإنما يترك للقاضي الحرية فيأن يختار من بين التدابير التي نص عليها الشارع ما يكون مناسباً للجرم .
ونقول بأن التدابيرالاحترازية تدخل في مبدأ الشرعية بحيث لا يستطيع القاضي أن يحكم بغير التدابيرالمنصوص عليه في القانون.
الفصل السادس : نتائج مبدأ شرعية الجرائموالعقوبات
تترتب على مبدأشرعية الجرائم والعقوبات نتيجتان :
1 - الأولى تتعلق بتحديد مصادر التجريم والعقاب
2 - والثانية تتصل بتفسيرالنصوص الجزائية .
النتيجةالأولى : هنا نقول يترتب على مبدأ شرعية الجرائم و العقوبات النتائج التالية :
أولا : لا يسوغ للقاضياعتبار فعل .جرما إلا إذا نص القانون صراحة على ذلك و معنى هذا ؟أنه لا يجوز للقاضيأن يستند في الإدانة على القواعد الاجتماعية أو القواعد الأخلاقية أو القواعدالدينية .
ويجب عليه أيضاأن يلتزم بجميع عناصر التجريم و شروطه الواردة في النص فلا يستطع أن يهمل عنصرا أوشرطا بحجة أنه قليل الأهمية أو لا أهمية له إطلاقا أو أن عدم الأخذ به يحقق العدالةأو المصلحة العامة أو مصلحة المتضرر .
ثانيا : لا يسوغ للقاضي الحكم بعقوبة لم ينص القانون عليها فمثلاالمادة 26 من قانون أصول المحاكمات الجزائية السوري ( من شاهد الاعتداء على الأمنالعام أو على حياة احد الناس أو على ماله يلزمه أن يعلم بذلك النائب العام المختص ) هنا المشرع حدد الجريمة دون أن يحدد العقوبة فالقاضي لا يجوز له أن يبتدع عقوبة منعنده و يفرضه على من يمتنع عن الإخبار طالما المشرع لم ينص على هذه العقوبة .
ثالثا : لا يسوغ للقاضيأن يستبدل بالعقوبة المنصوص عليها في القانون عقوبة أخرى لم ينص عليها القانونللجريمة المعينة.كأن يستبدل الاعتقال بالأشغال الشاقة أو الغرامة بالحبس كما لايجوز له أن يخفف العقوبة أو يرفعها إلا ضمن الحدود التي نص عليها القانون .
الفصل السابع : تفسير النصــوص الجزائيـــة
أولاً : أنواع التفسير : من حيث المصدر
1-التفسيرالتشريعي:
ويكون ذلك عندمايصدر عن المشرع الذي سن التشريع الأصلي تشريعاً آخر لتفسيره ويسمى " القانونالتفسيري " حين يرى بأن الضرورة تدعو لذلك.
و التفسير التشريعي قد يرافق النص نفسه حين يرى المشرعضرورة وضع التعريفات أو تفسير بعض العبارات أ المصطلحات القانونية مثل : تعريفالمؤامرة في المادة 260من قانون العقوبات السوري و والتسول في المادة 596 , والتشرد في المادة 600.
وقديأتي التفسير لاحقا لقانون عندما يكون التطبيق قد كشف غموضه و يرى المشرع أن منواجبه التدخل لإزالة هذا الغموض . ويعتبر هذا القانون التفسيري بمنزلة التشريع نفسهالذي يراد تفسيره وجزءً منه ولذلك التفسير التشريعي هو أكثر أنواع التفسير أهميةوقوة من الوجه القانونية وإن كان أسلوب نادر في القانون الجنائي ومتى صدر قانونتفسيري فهو ملزم للقاضي كالتزامه بأي قانون آخر . و من هنا يأتي الفرق بين القانونالتفسير الذي يأتي لإزالة غموض النص وبين القانون التكميلي الذي يسنه الشارع يقصدإكمال نص كشف التطبيق عن التطبيق عن قصوره فالنص التفسيري يعتبر جزءا لا يتجزأ منالنص المفسر و يخضع لجميع أحكامه أما النص التكميلي فهو نص مستقل تطبيق عليهالقواعد القانونية العامة .
2-التفسير القضائي :
هو أكثر أنواع التفسير شيوعاً وأشدها أهمية من الوجهة العملية وإن يكنمن الوجهة القانونية أدنى مرتبة من التفسير التشريعي ، وهذا التفسير هو الذي يصدرعن القضاء في معرض تطبيقهم للقواعد التشريعية أي في معرض القضية المعروضة أمامالقضاء من أجل هذه القضية فقط حيث أن التفسير القضائي ليس له الصفة الإلزامية إلابالنسبة للقضية التي صدر من أجلها . أي أن التفسير الذي صدره محكمة من المحاكم غيرملزم إلا في القضية التي فصل فيها ومن الجائز مخالفته وتبني تفسير معاكس له فيالقضايا المماثلة سواء من قبل المحاكم الأخرى أو من قبل المحكمة نفسها التي أصدرتالتفسير الأول هذا هو الأصل إلا أن في الواقع تكون مقيداً برأي المحاكم العليا وعلىالمخصوص محكمة النقض .
وهذا ما نجده في سوريا و بعض الدول العربية الأخرى حيث أن الأحكاممحكمة النقض والنص و الاجتهادات الصادرة عنها أهمية كبيرة في تفسير و تطبيقه و خاصةإذا تواترت و تأكدت حيث أن الكثيرة من القضاة يتجهون إلى تبني آراء محكمة النقضمدفوعة بالتزام أدبي لا ينكر أثره في حين تذهب بعض الدول كما في انكلترا إلى أنقرارات بعض المحاكم لها قوة ملزمة في القضايا المماثلة و هي قد تنشىء قواعد لها قوةالقانون المحاكم .
3-التفسير الفقهي :
هو الذييصدر عن الفقهاء وذوي الاختصاص في القانون المطروحة في كتبهم و مباحثهم المنشورة , بغية تحليل النصوص القانونية و شرحها ضمن إطار النظرات العامة و المبادئ الأساسيةالتي قررها المشرع .
ولقدلعب فقهاء القانون دورا أساسيا في تفسير الشرائع الوضعية و إيضاح غموضها و رفعالالتباس عنها كما لعبوا دورا أساسيا في تطوير التشريع في البلاد و كثيرا ما دفعواالمشرع لإصدار المشرع قوانين جديدة , تزيل غموض النصوص القانونية القديمة و عيوبهاأو تضيف جرائم أو عقوبات جديدة أو تعدل من عناصر التجريم والعقاب .
إلا أن الفقه في أغلبالشرائع الوضعية و منها القانون السوري ليس له قوة ملزمة من قبل المحاكم .
متى يجوز التفسير؟ :
التفسير يكون في حالةغموض النص أو نقصه فالنص إما أن يكون غامضاً وإما أن يكون ناقصاً .
1-النص الغامـــض :
ويعتبر النص مشوباًبالغموض أو الإبهام فيما إذا كان عباراته غير واضحة كل الوضوح بحيث يحتمل التأويلوالتفسير وبحيث يمكن أن يستنتج منها أكثر من معنى واحد وبالتالي يجب على القاضيالجنائي أن يؤوله ويبحث عن معناه الحقيقي الذي قصده الشارع مثله مثل القاضي المدنيتماماً ويستطيع أن يستعين بكل طرق التفسير المنطقية واللغوية بحيث يستطيع أن يرجعإلى الأعمال التحضيرية والمذكرات الإيضاحية للقانون إلى النصوص السابقة وللقاضيالمصري فوق ذلك يستطيع أن يسترشد بمقارنة النص العربي بالنص الفرنسي لأن كل منهمايكمل الآخر .
2-النقصوالسكوت :
ويعتبر أن هنالكنقصاً في النص فيما إذا جاءت عباراته خالية من بعض الألفاظ التي لا يستقيم الحكمإلا بها أو إذا أغفل التعرض لبعض الحالات التي كان يفترض أن ينص عليها في هذهالحالات يجب على القاضي الجزائي أن يحكم بالبراءة لأنه لا يستطيع أن يمتنع عن الفصلفي الدعوى بحكم ينهي الخصومة المعروفة أمامه لأن امتناعه عن الحكم يوقعه تحت طائلةالعقاب وكذلك لا يستطيع أن يعتبر المتهم جانياً استناداً إلى مبدأ لا جريمة ولاعقوبة إلا بنص القانون . وبذلك يختلف القاضي الجزائي عن القاضي المدني .
فالقاضي المدني يجب عليهأن يفصل لمصلحة المدعي أو المدعي عليه ولا يجوز له أن يمتنع عن الفصل فيها بحجةسكوت المشرع بل يجب عليه أن يلجأ إلى التفسير بطريق القياس أو إلى تطبيق المصادرالأخرى العرف قواعد الشريعة الإسلامية .
ثانياً : أنواع التفسير من حيث النتيجة :
قد يكون مقرراً أو مقيداًأو مفسحاً :
1-يكونمقرراً : إذا كانت عبارات النص واضحة بحيث يفهم معناه منه ويؤدي إلى استظهار غرضالشارع .
2-يكون مقيداًأو مفسحاً : عندما تقصر ألفاظ النص لدلالة على غرض الشارع قد تفيد هذه الألفاظ أكثرمما أراده الشارع عندئذ يجب أن يكون التفسير مقيداً وعلى العكس قد تنطوي الألفاظ فيالظاهر على أقل مما أراده الشارع في هذه الحالة يجب أن يكون التفسير مفسحاً فيحيطبجميع أغراض الشارع مثل : م (98 ) من قانون العقوبات " يعاقب بالحبس كل من علمبوجود مشروع لارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المواد 78 – 89 و 90 و 91 و 92 و 93 و 94 من هذا القانون ولم يبلغه إلى السلطات العامة " .
فظاهر هذا النص يدل علىأن كل شخص علم بأن هناك مشروع لارتكاب جريمة من هذه الجرائم يجب أن يبلغ السلطاتالعامة بغض النظر عن الوسيلة التي علم بها سواء كان عن طريق الصحافة أو عن طريقالتلفاز ولكن هذا معنى غير مقصود عقلاً .
في هذه الحالة لابد أن نضيف من تفسير النص ليتفق غرضالشارع لأن الأخبار عن مشروع ارتكاب جريمة ليس له الأهمية إلا إذا كانت خافية عنعامة الناس .

أمينة87
2009-10-29, 23:47
أما التفسيرالمفسح :
إن نصوص القتل العمد يدل في ظاهرها على أن القتل لا ترتكب إلا بوسيلة إيجابية فالأم التي تمتنع عن إرضاع طفلها بقصد قتله فهي لا تعاقب بجريمة قتل العمد ولكن ليس هذا الغرض أراده الشارع حيث أن الشارع يحمي حق الإنسان في الحياة سواء تم ذلك بنشاط إيجابي أو بنشاط سلبي .
ولا يقف تفسير المفسح عند هذا الحد مثال فإذا كان القانون يشترط لعدم مساءلة السكران أن يكون قد أخذه قهراً أو دون إرادته فمعنى ذلك إذا أخذا باختياره لا يعفيه من المسؤولية . أي أن النص قد يتضمن حكماً لحالة معينة في الظاهر ويكون قصره على هذه الحالة غير مقصود .
مراحل التفسير :لتفسير النصوص الجزائية مرحلتين هما : تحليل ألفاظها وتحديد علتها :
1-تحليل ألفاظ النص :
النص يتكون من الألفاظ ولذلك لابد للمفسر أن يعلم بمدلول كل لفظ ولذلك تكون أولى خطوات التفسير هي الكشف عن مدلول كل لفظ على حدى ، في هذه الحالة يلجأ المفسر إلى اللغة ليبحث عن المعنى الذي أعطاه اللغة لهذا اللفظ وقد يكون هذا المعنى هو الذي أراده الشارع وقد لا يكون المعنى الذي أراده الشارع لأن المشرع أحياناً يريد من بعض الألفاظ مدلولاً اصطلاحياً خاصاً ، في هذه الحالة يجب على المفسر أن يبحث في اللغة القانون بحيث يستطيع أن يبحث في تاريخ النص ويحدد مصدره التاريخي ويسترشد بالظروف التي أوجدت النص ويستطيع أن يقارن هذا النص بالنصوص الأخرى المتصلة به أو يقارنه مع التشريعات الأجنبية ولاسيما إذا كان مصدراً له .
2-تحديد علة النص :
يستهدف الشارع من النص غرضاً معيناً هو كفالة التنظيم القانوني لموضوع معين ويحدد هذا الغرض الأحكام التي يتضمنها النص .
فالقانون يهدف إلى حماية حقوق معينة يرى المشرع بأنها جديرة بالحماية الجزئية وبالتالي إذا حدد المفسر هذا الحق بدقة يستطيع أن يحدد أركان الجريمة التي بالعقاب عليها يحمي هذا الحق
مثال:ففي جريمة القتل يحمي المشرع حق الإنسان في الحياة وبالتالي إذا استطاع المفسر أن يحدد هذا الحق بدقة " حق الحياة " يستطيع أن يحدد أركان هذه الجريمة ويستطيع معرفة بأن كل فعل يؤثر على هذا الحق سواء كان بنشاط إيجابي أو سلبي يعد جريمة قتل .
في هذه الحالة يجب على المفسر أن يهتدي بالعلة العامة للنظام القانوني وأن يحدد للنص وظيفته الاجتماعية في نطاق التنظيم القانوني العام لأن كل نص هو جزء من النظام القانوني للدولة وأن له وظيفة التي يساهم بها في الوظيفية العامة للتنظيم القانوني لأن هذا التفسير الذي يصل إليه المفسر قد يتعارض مع نص آخر في هذا القانون .
* فيما يخص التفسير يمكننا أن نتساءل هل يخضع تفسير النصوص الجزائية لقواعد خاصة :لقد تعددت الاتجاهات في هذا الشأن :
فذهب الرأي الأول : إلى أن تفسير النصوص الجزائية يجب أن يكون ضيقاً ( أي يجب على القضاة أن لا يتوسعوا في تفسيره ) وهذا الرأي يستند على مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات لأن القاضي كلما توسع في نطاق تفسير النصوص الجزائية أدى ذلك إلى امتداد نطاق التجريم والعقاب على الأفعال الذي لم يجرمها القانون ولم يقرر من أجلها عقاباً .
بينما ذهب الرأي الثاني: إلى أن التفسير يجب أن يكون في حدوده الضيقة ضد مصلحة المدعى عليه وواسعاً لمصلحته وحجتهم في ذلك بأنه لا يخالف مبدأ الشرعية .
ولكن هذا الكلام غير صحيح فعندما نطلب أن يكون التفسير ضيقاً فمعنى ذلك أن يكون حرفياً وبالتالي وضع قيود على النشاط الذهني للمفسر وبالتالي يكون تفسيره ترديداً لعبارات الشارع في صيغ مختلفة كما أن النص في هذه الحالة لا يستطيع مواكبة المستجدات على الساحة الواقعية والاجتماعية .
أما القول بأن التفسير يجب أن يكون واسعاً في مصلحة المدعى عليه يمكن الرد عليه بأننا جعلنا من التفسير هدفاً في ذاته في الوقت الذي يجب أن يكون التفسير حسب ظروف الجريمة وشخصية المدعى عليه كما أنه يؤدي في بعض إلى إعفاءه من العقاب وهو شخص خطر على المجتمع .
قيـــــــــود التفســير
يقيد التفسير في القانون الجزائي قاعدتان : قاعدة التفسير لبضيق للنصوص الجزائية و قاعدة حظر القياس في النصوص الجزائية .
القاعدة الأولى : التفسير الضيق للنصوص الجزائية :
إن القاضي الجزائي مقيد بقاعدة التفسير الضيق للنصوص الجزائية و ذلك بخلاف القاضي المدني حيث يتمتع القاضي بحرية واسعة في تفسير النصوص المدنية فهو يلجا إلى القياس و مفهوم المخالفة و قواعد اعرف لكي يصل مقصد الشارع من النص أما القاضي الجزائي يجب أن يتقيد بالنص فلا يتوسع في تفسيره فيخلق جرائم و عقوبات غير منصوص عليها ولا يجوز له مراعاة العرف إلا في الحالات الاستثنائية التي أشرنا إليها كما أنه لا يجوز إطلاقا تطبيق مبادىء القانون الطبيعي و قاعد العدالة .
القاعدة الثانية : خطر القياس في النصوص الجزائية :
القياس هو إلحاق ما لا نص فيه بما فيه نص في الحكم المنصوص عليه لاشتراكهما في علة الحكم فالقياس إذا وسيلة للتوسع في تطبيق النص على حالات مماثلة لم ينص المشرع صراحة عليها و هذا معناها خلق جرائم جديدة لم ينص القانون عليها وبالتالي الخروج على مبدأ شرعية الجرائم و العقوبات و لهذا فقد اتجهت أكث التشريعات الحديثة إلى عدم الأخذ بالقياس في القضايا الجزائية و هذا ما نجده في سورية ,حيث الاتجاه السائد في القانون والقضاء و الفقه هو رفض القياس كليا سواء أكان لصالح المتهم أو في غير مصلحته .
ولذلك جاء في المادة الأولى من قانون العقوبات ( أنه لا تفرض عقوبة من أجل جرم لم يكن القانون قد نص عليه حين اقترافه ) وقررت محكمة النقض السورية ( فإنه لا مساغ للقياس في الأمور الجزائية ) . وقررت محكمة التمييز الفرنسية ( لا يجوز لقاضي أن يسعى عن طريق القياس إلى إكمال نقص القانون و توقيع العقاب في غير الحالات التي نص عليها الشارع .
و أخيرا نقول بأن القياس يجب ألا يصل إلى حد خلق جرائم وعقوبات و يجب على المفسر أن يقف في بحثه عمد الحد الذي يتبين له فيه بأن تفسيره قد يجرم الأفعال غير المنصوص عليها في القانون و يؤدي التسليم بهذا القيد إلى حظر القياس على من يفسر نص التجريم و بالتالي القاضي لا يستطيع أن يقيس فعل غير منصوص عليه على فعل منصوص عليه مهما كان هناك تشابه بين خصائص الفعلين , فالقاضي لا يستطيع أن يقيس على وسائل لاحتيال التي نص عليها الشارع في المادة 655 من قانون العقوبات وسيلة لم ينص القانون عليها , ولكن يجب الانتباه إلى أن حظر القياس يكون فقط في نطاق التجريم و العقاب لأن حظر القياس يستند على مبدأ الشرعية و بالتالي يمكن اللجوء إلى القياس في تفسير نصوص الإعفاء و أسباب التبرير و التخفيف .
مثال : نص الفقرة (أ) من المادة 185 من قانون العقوبات المتعلقة بإباحة تأديب الأولاد من قبل آباءهم حيث لا يوجد ما يمنع من تطبيق هذا النص بطريق القياس على الأم و الوصي .
ونص المادة 320 من قانون العقوبات الذي يعفي من العقاب من كان في حالة جنون حيث يمكن تطبيقه بطريق القياس على المصاب بالصرع أو بمرض اليقظة في النوم أو المنوم مغناطيسيا إذا ارتكب أحد هؤلاء جريمة أثناء فقده كامل وعيه و حرية اختياره
هل يفسر الشك لمصلحة المدعى عليه : قلنا إذا كان النص غامضاً فيجب على القاضي الجنائي أن يؤوله ويبحث عن معناه الحقيقي الذي قصده الشارع وله أن يستعين في ذلك بكل طرق التفسير المنطقية واللغوية . ولكن أحياناً يكون الوصول إلى قصد الشارع مستحيلاً في هذه الحالة " الشك يفسر لمصلحة المدعى عليه " والمجال الرئيسي لتطبيق هذه القاعدة هو الإثبات فإذا تعادلت أدلة الإدانة مع أدلة البراءة فيجب على القاضي أن يحكم بالبراءة لأن البراءة هو الأصل والبراءة قائمة على اليقين والإدانة قائمة على الشك واليقين يتقدم على الشك .
خــــــــــــــــــــــــاتمـة: على الرغم من الانتقادات الموجهة لمبدأ الشرعية إلا أنه مازال صامداً إلى وقتنا الحالي ويجد تطبيقاً له في كثير من الدول بل اعتبره بعض الدول من المبادئ الدستورية ونص عليه في دساتيرها .
نظراً للأهمية العملية لهذا المبدأ سواء بالنسبة للأفراد أو للقضاء فأما بالنسبة للأفراد تمثل هذا المبدأ إنذار مسبق للعلم بالأفعال المجرمة والعقوبة المقررة لها وبالتالي ترك الحرية للأفراد بإتيان الأفعال الغير منصوصة عليه . أما بالنسبة للقضاء فإنهم يجدون في مبدأ الشرعية الأساس القانوني لتجريم الأفعال وتحديد العقوبات . فضلاً على أنه أفضل حل لمنع تسلط القضاة في الأحكام .
المراجع :
1-قانون العقوبات - القسم العام – ( د. عبود السراج ) .
2-شرح قانون العقوبات اللبناني ( د. محمود نجيب حسين) .
3-قانون العقوباتالعام المصري ( د. محمود محمود مصطفى ) .
4-الموسوعة الجنائية – الجزء الخامس – جندي عبد الملك .
5-الموسوعة الجنائية- الجزء الخامس – ( د. جندي عبد الملك) .
6-مجلس أوربا – المعاهدات الأوربية لحماية حقوق الإنسان(دار العلم للملايين ) .
7-حقوق الإنسان في الوطن العربي ( حسن جميل) .
8-الأنترنت (http://www.qanon.net/) .

أمينة87
2009-10-29, 23:49
و سأحاول أختي الكريمة أن أوفر لك بعض الكتب في الموضوع إن أستطعت

souha1
2009-10-30, 13:00
السلام عليكم

لقد جلبت لك مجموعة من المحاضرات و الكتب في القانون الجنائي العام
http://www.mlfnt.com/download.php?id=64986
http://www.mlfnt.com/download.php?id=64987
http://www.mlfnt.com/download.php?id=64988
http://www.mlfnt.com/download.php?id=64989

منشورة في المكتبة القانونية
امل ان تستفيدي معنا

DASOUSI88
2009-11-01, 11:49
جزاكم الله خيرا