أبو عاصم مصطفى السُّلمي
2017-03-29, 14:55
لامية العجم للطغرائي
يقول مؤيد الدين أبو إسماعيل الحسين بن علي الطغرائي رحمه الله :
أصالةُ الرأي صانتْنِي عن الخَطَلِ **** وحِليةُ الفضلِ زانتني لدَى العَطَلِ
مجدي أخيراً ومجدِي أوّلاً شَرَعٌ **** والشمسُ رأْدَ الضُحَى كالشمسِ في الطَفَلِ
فيمَ الإقامُة بالزوراءِ لا سَكَني **** بها ولا ناقتي فيها ولا جَملي
نَاءٍ عن الأهلِ صِفْرُ الكفِّ منفردٌ **** كالسيفِ عُرِّيَ متناهُ عن الخِللِ
فلا صديقَ إليه مشتكَى حزَنِي **** ولا أنيسَ إليه منتَهى جذلي
طالَ اغترابيَ حتى حنَّ راحلتي **** ورحُلها وقرَى العَسَّالةِ الذُّبلِ
وضَجَّ من لَغَبٍ نضوي وعجَّ لما **** يلقَى رِكابي ولجَّ الركبُ في عَذَلي
أُريدُ بسطةَ كَفٍ أستعينُ بها **** على قضاءِ حُقوقٍ للعُلَى قِبَلي
والدهرُ يعكِسُ آمالِي ويُقْنعُني **** من الغنيمةِ بعد الكَدِّ بالقَفَلِ
وذِي شِطاطٍ كصدرِ الرُّمْحِ معتقلٍ **** لمثلهِ غيرَ هيَّابٍ ولا وَكِلِ
حلوُ الفُكاهِةِ مُرُّ الجِدِّ قد مُزِجتْ **** بقسوةِ البأسِ فيه رِقَّةُ الغَزَلِ
طردتُ سرحَ الكرى عن وِرْدِ مُقْلتِه **** والليلُ أغرَى سوامَ النومِ بالمُقَلِ
والركبُ مِيلٌ على الأكوارِ من طَرِبٍ **** صاحٍ وآخرَ من خمر الهوى ثَمِلِ
فقلتُ أدعوكَ للجُلَّى لتنصُرَنِي **** وأنت تخذِلُني في الحادثِ الجَلَلِ
تنام عيني وعينُ النجمِ ساهرةٌ **** وتستحيلُ وصِبغُ الليلِ لم يَحُلِ
فهل تُعِيُن على غَيٍّ هممتُ بهِ **** والغيُّ يزجُرُ أحياناً عن الفَشَلِ
اني أُريدُ طروقَ الحَيِّ من إضَمٍ **** وقد رَماهُ رُماةٌ من بني ثُعَلِ
يحمونَ بالبِيض والسُّمْرِ اللدانِ بهمْ **** سودَ الغدائرِ حُمْرَ الحَلْي والحُلَلِ
فسِرْ بنا في ذِمامِ الليلِ مُهتدياً **** بنفحةِ الطِيب تَهدِينَا إِلى الحِلَلِ
فالحبُّ حيثُ العِدَى والأُسدُ رابضَةٌ **** نِصالُها بمياه الغَنْجِ والكَحَلِ
قد زادَ طيبَ أحاديثِ الكرامِ بها **** ما بالكرائمِ من جُبنٍ ومن بُخُلِ
تبيتُ نارُ الهَوى منهنَّ في كَبِدٍ **** حرَّى ونار القِرى منهم على القُلَلِ
يقتُلنَ أنضاءَ حبٍّ لا حَراكَ بها **** وينحرونَ كرامَ الخيلِ والإِبِلِ
يُشفَى لديغُ الغوانِي في بُيوتهِمُ **** بنهلةٍ من لذيذِ الخَمْرِ والعَسَلِ
لعلَّ إِلمامةً بالجِزعِ ثانيةً **** يدِبُّ فيها نسيمُ البُرْءِ في عللِ
لا أكرهُ الطعنةَ النجلاءَ قد شُفِعَتْ **** برشقةٍ من نِبالِ الأعيُنِ النُّجُلِ
ولا أهابُ صِفاح البِيض تُسعِدُني **** باللمحِ من صفحاتِ البِيضِ في الكِلَلِ
ولا أخِلُّ بغِزلان أغازِلُها **** ولو دهتني أسودُ الغِيل بالغيَلِ
حبُّ السلامةِ يُثْني همَّ صاحِبه **** عن المعالي ويُغرِي المرءَ بالكَسلِ
فإن جنحتَ إليه فاتَّخِذْ نَفَقاً **** في الأرضِ أو سلَّماً في الجوِّ فاعتزلِ
ودَعْ غمارَ العُلى للمقدمين على **** ركوبِها واقتنِعْ منهن بالبَلَلِ
رضَى الذليلِ بخفضِ العيشِ يخفضُه **** والعِزُّ عندَ رسيمِ الأينُقِ الذُلُلِ
فادرأْ بها في نحورِ البِيد جافلةً **** معارضاتٍ مثانى اللُّجمِ بالجُدَلِ
إن العُلَى حدَّثتِني وهي صادقةٌ **** في ما تُحدِّثُ أنَّ العزَّ في النُقَلِ
لو أنَّ في شرفِ المأوى بلوغَ مُنَىً **** لم تبرحِ الشمسُ يوماً دارةَ الحَمَلِ
أهبتُ بالحظِ لو ناديتُ مستمِعاً **** والحظُّ عنِّيَ بالجُهَّالِ في شُغُلِ
لعلَّهُ إنْ بَدا فضلي ونقصُهُمُ **** لعينهِ نامَ عنهمْ أو تنبَّهَ لي
أعلِّلُ النفس بالآمالِ أرقُبُها **** ما أضيقَ العيشَ لولا فسحةُ الأمَلِ
لم أرتضِ العيشَ والأيامُ مقبلةٌ **** فكيف أرضَى وقد ولَّتْ على عَجَلِ
غالى بنفسيَ عِرفاني بقيمتِها **** فصُنْتُها عن رخيصِ القَدْرِ مبتَذَلِ
وعادةُ النصلِ أن يُزْهَى بجوهرِه **** وليس يعملُ إلّا في يدَيْ بَطَلِ
ما كنتُ أُوثِرُ أن يمتدَّ بي زمني **** حتى أرى دولةَ الأوغادِ والسّفَلِ
تقدَّمتني أناسٌ كان شَوطُهُمُ **** وراءَ خطويَ إذ أمشي على مَهَلِ
هذا جَزاءُ امرئٍ أقرانُه درَجُوا **** من قَبْلهِ فتمنَّى فُسحةَ الأجلِ
وإنْ عَلانِيَ مَنْ دُونِي فلا عَجَبٌ **** لي أُسوةٌ بانحطاطِ الشمس عن زُحَلِ
فاصبرْ لها غيرَ محتالٍ ولا ضَجِرٍ **** في حادثِ الدهرِ ما يُغني عن الحِيَلِ
أعدى عدوِّكَ أدنى من وَثِقْتَ به **** فحاذرِ الناسَ واصحبهمْ على دَخَلِ
وإنّما رجلُ الدُّنيا وواحِدُها **** من لا يعوِّلُ في الدُّنيا على رَجُلِ
وحسنُ ظَنِّكَ بالأيام مَعْجَزَةٌ **** فظُنَّ شَرّاً وكنْ منها على وَجَلِ
غاضَ الوفاءُ وفاضَ الغدرُ وانفرجتْ **** مسافةُ الخُلْفِ بين القولِ والعَمَلِ
وشانَ صدقَك عند الناس كِذبُهمُ **** وهل يُطابَقُ معوَجٌّ بمعتَدِلِ
إن كان ينجعُ شيءٌ في ثباتِهم **** على العُهودِ فسبَقُ السيفِ للعَذَلِ
يا وارداً سؤْرَ عيشٍ كلُّه كَدَرٌ **** أنفقتَ عُمرَكَ في أيامِكَ الأُوَلِ
فيمَ اعتراضُكَ لُجَّ البحرِ تركَبُهُ **** وأنتَ تكفيك منه مصّةُ الوَشَلِ
مُلْكُ القناعةِ لا يُخْشَى عليه ولا **** يُحتاجُ فيه إِلى الأنصار والخَوَلِ
ترجو البَقاءَ بدارِ لا ثَباتَ لها **** فهل سَمِعْتَ بظلٍّ غيرِ منتقلِ
ويا خبيراً على الأسرار مُطّلِعاً **** اصْمُتْ ففي الصَّمْتِ مَنْجاةٌ من الزَّلَلِ
قد رشَّحوك لأمرٍ إنْ فطِنتَ لهُ **** فاربأْ بنفسكَ أن ترعى مع الهَمَلِ
يقول مؤيد الدين أبو إسماعيل الحسين بن علي الطغرائي رحمه الله :
أصالةُ الرأي صانتْنِي عن الخَطَلِ **** وحِليةُ الفضلِ زانتني لدَى العَطَلِ
مجدي أخيراً ومجدِي أوّلاً شَرَعٌ **** والشمسُ رأْدَ الضُحَى كالشمسِ في الطَفَلِ
فيمَ الإقامُة بالزوراءِ لا سَكَني **** بها ولا ناقتي فيها ولا جَملي
نَاءٍ عن الأهلِ صِفْرُ الكفِّ منفردٌ **** كالسيفِ عُرِّيَ متناهُ عن الخِللِ
فلا صديقَ إليه مشتكَى حزَنِي **** ولا أنيسَ إليه منتَهى جذلي
طالَ اغترابيَ حتى حنَّ راحلتي **** ورحُلها وقرَى العَسَّالةِ الذُّبلِ
وضَجَّ من لَغَبٍ نضوي وعجَّ لما **** يلقَى رِكابي ولجَّ الركبُ في عَذَلي
أُريدُ بسطةَ كَفٍ أستعينُ بها **** على قضاءِ حُقوقٍ للعُلَى قِبَلي
والدهرُ يعكِسُ آمالِي ويُقْنعُني **** من الغنيمةِ بعد الكَدِّ بالقَفَلِ
وذِي شِطاطٍ كصدرِ الرُّمْحِ معتقلٍ **** لمثلهِ غيرَ هيَّابٍ ولا وَكِلِ
حلوُ الفُكاهِةِ مُرُّ الجِدِّ قد مُزِجتْ **** بقسوةِ البأسِ فيه رِقَّةُ الغَزَلِ
طردتُ سرحَ الكرى عن وِرْدِ مُقْلتِه **** والليلُ أغرَى سوامَ النومِ بالمُقَلِ
والركبُ مِيلٌ على الأكوارِ من طَرِبٍ **** صاحٍ وآخرَ من خمر الهوى ثَمِلِ
فقلتُ أدعوكَ للجُلَّى لتنصُرَنِي **** وأنت تخذِلُني في الحادثِ الجَلَلِ
تنام عيني وعينُ النجمِ ساهرةٌ **** وتستحيلُ وصِبغُ الليلِ لم يَحُلِ
فهل تُعِيُن على غَيٍّ هممتُ بهِ **** والغيُّ يزجُرُ أحياناً عن الفَشَلِ
اني أُريدُ طروقَ الحَيِّ من إضَمٍ **** وقد رَماهُ رُماةٌ من بني ثُعَلِ
يحمونَ بالبِيض والسُّمْرِ اللدانِ بهمْ **** سودَ الغدائرِ حُمْرَ الحَلْي والحُلَلِ
فسِرْ بنا في ذِمامِ الليلِ مُهتدياً **** بنفحةِ الطِيب تَهدِينَا إِلى الحِلَلِ
فالحبُّ حيثُ العِدَى والأُسدُ رابضَةٌ **** نِصالُها بمياه الغَنْجِ والكَحَلِ
قد زادَ طيبَ أحاديثِ الكرامِ بها **** ما بالكرائمِ من جُبنٍ ومن بُخُلِ
تبيتُ نارُ الهَوى منهنَّ في كَبِدٍ **** حرَّى ونار القِرى منهم على القُلَلِ
يقتُلنَ أنضاءَ حبٍّ لا حَراكَ بها **** وينحرونَ كرامَ الخيلِ والإِبِلِ
يُشفَى لديغُ الغوانِي في بُيوتهِمُ **** بنهلةٍ من لذيذِ الخَمْرِ والعَسَلِ
لعلَّ إِلمامةً بالجِزعِ ثانيةً **** يدِبُّ فيها نسيمُ البُرْءِ في عللِ
لا أكرهُ الطعنةَ النجلاءَ قد شُفِعَتْ **** برشقةٍ من نِبالِ الأعيُنِ النُّجُلِ
ولا أهابُ صِفاح البِيض تُسعِدُني **** باللمحِ من صفحاتِ البِيضِ في الكِلَلِ
ولا أخِلُّ بغِزلان أغازِلُها **** ولو دهتني أسودُ الغِيل بالغيَلِ
حبُّ السلامةِ يُثْني همَّ صاحِبه **** عن المعالي ويُغرِي المرءَ بالكَسلِ
فإن جنحتَ إليه فاتَّخِذْ نَفَقاً **** في الأرضِ أو سلَّماً في الجوِّ فاعتزلِ
ودَعْ غمارَ العُلى للمقدمين على **** ركوبِها واقتنِعْ منهن بالبَلَلِ
رضَى الذليلِ بخفضِ العيشِ يخفضُه **** والعِزُّ عندَ رسيمِ الأينُقِ الذُلُلِ
فادرأْ بها في نحورِ البِيد جافلةً **** معارضاتٍ مثانى اللُّجمِ بالجُدَلِ
إن العُلَى حدَّثتِني وهي صادقةٌ **** في ما تُحدِّثُ أنَّ العزَّ في النُقَلِ
لو أنَّ في شرفِ المأوى بلوغَ مُنَىً **** لم تبرحِ الشمسُ يوماً دارةَ الحَمَلِ
أهبتُ بالحظِ لو ناديتُ مستمِعاً **** والحظُّ عنِّيَ بالجُهَّالِ في شُغُلِ
لعلَّهُ إنْ بَدا فضلي ونقصُهُمُ **** لعينهِ نامَ عنهمْ أو تنبَّهَ لي
أعلِّلُ النفس بالآمالِ أرقُبُها **** ما أضيقَ العيشَ لولا فسحةُ الأمَلِ
لم أرتضِ العيشَ والأيامُ مقبلةٌ **** فكيف أرضَى وقد ولَّتْ على عَجَلِ
غالى بنفسيَ عِرفاني بقيمتِها **** فصُنْتُها عن رخيصِ القَدْرِ مبتَذَلِ
وعادةُ النصلِ أن يُزْهَى بجوهرِه **** وليس يعملُ إلّا في يدَيْ بَطَلِ
ما كنتُ أُوثِرُ أن يمتدَّ بي زمني **** حتى أرى دولةَ الأوغادِ والسّفَلِ
تقدَّمتني أناسٌ كان شَوطُهُمُ **** وراءَ خطويَ إذ أمشي على مَهَلِ
هذا جَزاءُ امرئٍ أقرانُه درَجُوا **** من قَبْلهِ فتمنَّى فُسحةَ الأجلِ
وإنْ عَلانِيَ مَنْ دُونِي فلا عَجَبٌ **** لي أُسوةٌ بانحطاطِ الشمس عن زُحَلِ
فاصبرْ لها غيرَ محتالٍ ولا ضَجِرٍ **** في حادثِ الدهرِ ما يُغني عن الحِيَلِ
أعدى عدوِّكَ أدنى من وَثِقْتَ به **** فحاذرِ الناسَ واصحبهمْ على دَخَلِ
وإنّما رجلُ الدُّنيا وواحِدُها **** من لا يعوِّلُ في الدُّنيا على رَجُلِ
وحسنُ ظَنِّكَ بالأيام مَعْجَزَةٌ **** فظُنَّ شَرّاً وكنْ منها على وَجَلِ
غاضَ الوفاءُ وفاضَ الغدرُ وانفرجتْ **** مسافةُ الخُلْفِ بين القولِ والعَمَلِ
وشانَ صدقَك عند الناس كِذبُهمُ **** وهل يُطابَقُ معوَجٌّ بمعتَدِلِ
إن كان ينجعُ شيءٌ في ثباتِهم **** على العُهودِ فسبَقُ السيفِ للعَذَلِ
يا وارداً سؤْرَ عيشٍ كلُّه كَدَرٌ **** أنفقتَ عُمرَكَ في أيامِكَ الأُوَلِ
فيمَ اعتراضُكَ لُجَّ البحرِ تركَبُهُ **** وأنتَ تكفيك منه مصّةُ الوَشَلِ
مُلْكُ القناعةِ لا يُخْشَى عليه ولا **** يُحتاجُ فيه إِلى الأنصار والخَوَلِ
ترجو البَقاءَ بدارِ لا ثَباتَ لها **** فهل سَمِعْتَ بظلٍّ غيرِ منتقلِ
ويا خبيراً على الأسرار مُطّلِعاً **** اصْمُتْ ففي الصَّمْتِ مَنْجاةٌ من الزَّلَلِ
قد رشَّحوك لأمرٍ إنْ فطِنتَ لهُ **** فاربأْ بنفسكَ أن ترعى مع الهَمَلِ