تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الكتابة صيد


عبد الباسط آل القاضي
2017-03-19, 10:49
أحيانا تمرُّ بكَ الفكرةُ ؛ والنكتةُ ؛ فتتقاعس على تقيّدها ؛ويغريك التسويفُ ؛ حتى إذا توارتِ بالحجابِ ؛ أرسلت وراءها جريّا أو جريين ؛ وهيهات أن ترد عليك إلا أن يشاء الله تبارك وتعالى .
وقيل في الزمن الأول : العلم صيدٌ والكتابة قيد .
والعبد يجمع بين ضبط الصدرِ ، وضبطِ الكتابِ ؛ والكتابُ لا يضلُّ مكنونه ، ولا يحرَّف رسمهُ ؛ ولا يفتر عند النظر إليه ؛ وما يعرضُ للكتابِ أهون ما يعرضُ للنفس من تحوّل وتبدل ، كذا ما يعرض للذاكرة من آفاتِ الإهمالِ كالنسيان والتحريف والتخريف . ولقد كان جمع من السلف لا يقبلون الروايةَ إلا من أصلٍ شاهد حاضر ، ومنهم من كان لا يحدثُّ إلا من كتابهِ .
وفضائلُ تقييد العلم كثيرة ؛ فمن الكتبِ من صنفت على مراحل ، يزاد فيها ويحذف ، ويصوّب فيها ويستدرك الفوائت ، إذ أن الكتاب يمرُّ عبر مراحل كثيرة ؛ فلا يزال يتعهده مصنفهُ حتى تطيب نفسه بنشره ؛ حتى إذا رضى فأخرجه للناس نَدمَ على ذلك القرارِِ ؛ وتمنى لو تريّث ولم يتعجل ؛ وأوجز ولم يطنب ، وفصّل ولم يجمل ، إلى غير ذلك مما يختلج النفوس اللاوامة ؛ وما أتعب الذي همتهُ الهمة وحرثهُ ضعيفٌ واهن .

أبو عاصم مصطفى السُّلمي
2017-03-19, 11:06
صدقت و الله ، و إنّها لشكوى قديمة للعقلاء و المتفكرين
و لقد ترامى إلى الخاطر ، البيتان المنسوبان إلى الشافعي رحمه الله تعالى :
العِلمُ صَيدٌ والكِتابةُ قَيدُهُ -- قَيِّدْ صيودكَ بالحِبالِ الواثِقَة
فَمِن الحَماقَةِ أَنْ تَصيدَ غَزالَةً -- وتَترُكها بَينَ الخَلائقِ طالِقةَ
و قد قال ابن جُماعة ـ رحمه الله ـ فيما ينبغي لطالب العلم :
" إذا شرح محفوظات ، وضبط ما فيها من الإشكالات والفوائد المهمات ، انتقل إلى بحث المبسوطات ، مع المطالعة الدائمة ، وتعليق ما يمر به أو يسمعه من الفوائد النفيسة والمسائل الدقيقة والفروع الغريبة ، وحل المشكلات والفروق بين أحكام المتشابهات من جميع أنواع العلوم ، ولا يستقل بفائدة يسمعها ، أو يتهاون بقاعدة يضبطها ، بل يبادر إلى تعليقها وحفظها " .
جزاك الله خيرا و أحسن إليك و بارك فيك