أبو أنس ياسين
2017-03-16, 15:48
الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله وسلم على المبعوث رحمةً للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد :
فيقول الله جلا وعلاّ في مُحكَمِ تنزيله:
"وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا " سورة النساء (115).
قال العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله :
أي: ومن يخالف الرسول صلى الله عليه وسلم ويعانده فيما جاء به { مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى } بالدلائل القرآنية والبراهين النبوية.
{ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ } وسبيلهم هو طريقهم في عقائدهم وأعمالهم { نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى } أي: نتركه وما اختاره لنفسه، ونخذله فلا نوفقه للخير، لكونه رأى الحق وعلمه وتركه، فجزاؤه من الله عدلا أن يبقيه في ضلاله حائرا ويزداد ضلالا إلى ضلاله.
كما قال تعالى: { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ } وقال تعالى: { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } .
ويدل مفهومها على أن من لم يشاقق الرسول، ويتبع سبيل المؤمنين، بأن كان قصده وجه الله واتباع رسوله ولزوم جماعة المسلمين، ثم صدر منه من الذنوب أو الهّم بها ما هو من مقتضيات النفوس، وغلبات الطباع، فإن الله لا يوليه نفسه وشيطانه بل يتداركه بلطفه، ويمن عليه بحفظه ويعصمه من السوء، كما قال تعالى عن يوسف عليه السلام: { كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ } أي: بسبب إخلاصه صرفنا عنه السوء، وكذلك كل مخلص، كما يدل عليه عموم التعليل.
وقوله: { وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ } أي: نعذبه فيها عذابا عظيما. { وَسَاءَتْ مَصِيرًا } أي: مرجعا له ومآلا. اه,
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
وقوله: { وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى } أي: ومن سلك غير طريق الشريعة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم، فصار في شق والشرع في شق، وذلك عن عَمْد منه بعدما ظهر له الحق وتبين له واتضح له. وقوله: { وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ } هذا ملازم للصفة الأولى، ولكن قد تكون المخالفة لنص الشارع، وقد تكون لما أجمعت عليه الأمة المحمدية، فيما علم اتفاقهم عليه تحقيقًا، فإنه قد ضُمِنت لهم العصمة في اجتماعهم من الخطأ، تشريفًا لهم وتعظيما لنبيهم صلى الله عليه وسلم. وقد وردت في ذلك أحاديث صحيحة كثيرة، قد ذكرنا منها طرفًا صالحًا في كتاب "أحاديث الأصول"، ومن العلماء من ادعى تواتر معناها، والذي عول عليه الشافعي، رحمه الله، في الاحتجاج على كون الإجماع حجة تَحْرُم مخالفته هذه الآية الكريمة، بعد التروي والفكر الطويل. وهو من أحسن الاستنباطات وأقواها، وإن كان بعضهم قد استشكل ذلك واستبعد الدلالة منها على ذلك.
ولهذا توعد تعالى على ذلك بقوله: { نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا } أي: إذا سلك هذه الطريق جازيناه على ذلك، بأن نحسنها في صدره ونزينها له -استدراجًا له -كما قال تعالى: { فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ } [القلم: 44]. وقال تعالى: { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ } [الصف :5]. وقوله { وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } [الأنعام: 110].
وجعل النار مصيره في الآخرة، لأن من خرج عن الهدى لم يكن له طريق إلا إلى النار يوم القيامة، كما قال تعالى: { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ [وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ. مِنْ دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ] (3) } [الصافات: 22، 23]. وقال: { وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا } [ الكهف:53] . اه.
فيقول الله جلا وعلاّ في مُحكَمِ تنزيله:
"وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا " سورة النساء (115).
قال العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله :
أي: ومن يخالف الرسول صلى الله عليه وسلم ويعانده فيما جاء به { مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى } بالدلائل القرآنية والبراهين النبوية.
{ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ } وسبيلهم هو طريقهم في عقائدهم وأعمالهم { نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى } أي: نتركه وما اختاره لنفسه، ونخذله فلا نوفقه للخير، لكونه رأى الحق وعلمه وتركه، فجزاؤه من الله عدلا أن يبقيه في ضلاله حائرا ويزداد ضلالا إلى ضلاله.
كما قال تعالى: { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ } وقال تعالى: { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } .
ويدل مفهومها على أن من لم يشاقق الرسول، ويتبع سبيل المؤمنين، بأن كان قصده وجه الله واتباع رسوله ولزوم جماعة المسلمين، ثم صدر منه من الذنوب أو الهّم بها ما هو من مقتضيات النفوس، وغلبات الطباع، فإن الله لا يوليه نفسه وشيطانه بل يتداركه بلطفه، ويمن عليه بحفظه ويعصمه من السوء، كما قال تعالى عن يوسف عليه السلام: { كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ } أي: بسبب إخلاصه صرفنا عنه السوء، وكذلك كل مخلص، كما يدل عليه عموم التعليل.
وقوله: { وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ } أي: نعذبه فيها عذابا عظيما. { وَسَاءَتْ مَصِيرًا } أي: مرجعا له ومآلا. اه,
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
وقوله: { وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى } أي: ومن سلك غير طريق الشريعة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم، فصار في شق والشرع في شق، وذلك عن عَمْد منه بعدما ظهر له الحق وتبين له واتضح له. وقوله: { وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ } هذا ملازم للصفة الأولى، ولكن قد تكون المخالفة لنص الشارع، وقد تكون لما أجمعت عليه الأمة المحمدية، فيما علم اتفاقهم عليه تحقيقًا، فإنه قد ضُمِنت لهم العصمة في اجتماعهم من الخطأ، تشريفًا لهم وتعظيما لنبيهم صلى الله عليه وسلم. وقد وردت في ذلك أحاديث صحيحة كثيرة، قد ذكرنا منها طرفًا صالحًا في كتاب "أحاديث الأصول"، ومن العلماء من ادعى تواتر معناها، والذي عول عليه الشافعي، رحمه الله، في الاحتجاج على كون الإجماع حجة تَحْرُم مخالفته هذه الآية الكريمة، بعد التروي والفكر الطويل. وهو من أحسن الاستنباطات وأقواها، وإن كان بعضهم قد استشكل ذلك واستبعد الدلالة منها على ذلك.
ولهذا توعد تعالى على ذلك بقوله: { نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا } أي: إذا سلك هذه الطريق جازيناه على ذلك، بأن نحسنها في صدره ونزينها له -استدراجًا له -كما قال تعالى: { فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ } [القلم: 44]. وقال تعالى: { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ } [الصف :5]. وقوله { وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } [الأنعام: 110].
وجعل النار مصيره في الآخرة، لأن من خرج عن الهدى لم يكن له طريق إلا إلى النار يوم القيامة، كما قال تعالى: { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ [وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ. مِنْ دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ] (3) } [الصافات: 22، 23]. وقال: { وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا } [ الكهف:53] . اه.