محمد البوخاري
2009-10-24, 12:10
تاتي هذه المساهمة المتواضعة متاخرة نوعا ما بالمقارنة مع تاريخ نشر القصة التي احاول سبر بعض اغوارها ورموزها.ومن الضروري الاشارة الى ان هذه المتابعة قد ولدت بعدما قدم لي الروائي مشكورا رواية "سرادق الحلم والفجيعة "وبتواضع وهو لا يعرف طبيعة تكويني ولم يكن يعرفني اصلا وقدمت له على اني باحث في التراث و الانساب .وحيث بدى لغيره ان لاضرورة لان يقدم لي اعماله او ما كتب .فان المعيار بالنسبة لهم ان يقدموا اعمالهم لمن يتوقعون ان يكتب عنهم قراءة ونقدا .الا انهم لم يدركوا ان طبيعة تكويني الاكاديمي والاول ادبي خالص وان مساهماتي الادبية بدأت مع جريدة المساء منذ سنة 1998 التي نشرت على صفحاتها الادبية عدة متابعات واعمال . فبدات في قراءة الرواية وبعد صفحات معدودة رايت ميل الروائي لاستخدام الاسطورة والرموز بكثافة فارتايت تتبع ذلك بمحاولة انجاز دراسة ولو مختصرة او مقتضبة .ولا انكر اني اعرف الكاتب من خلال الانترنيت فانا متابع لما ينشره وينشرعنه باستمرار ويوميا وقرات بعض قصصه و القصة التي ارجح انها الاقرب الى اسلوب هذه الرواية من حيث الميل الى استغلال طاقة الاسطورة وفاعليتها الايحائية هي قصته الموسومة "ندرييف ودب الجليد" .
اثبت القاص عز الدين جلاوجي في هذه القصة قدرات كبيرة على تخصيب قصته بعدة ابعاد مستغلا امكانات اللغة الدلالية حيث كسر قيود اللغة المعيارية وعلاقاتها العادية و استطاع التسلل خارج سطوة اللغة ونظامها المعجمي وهيمنة الشكل الخارجي فجعل اللغة تتحرك منفلتة بعيدا عن المعقولية والتعليل او تقديم المسوغات والتبريرات. وقد سار في هذا المنحى باستغلال تقنيات التناص في بعض مستوياته(تناص امتصاص في اغلبه) والانزياح في الكثير من الحالات .
ويأتي ميله لاستنطاق او استدعاء الاسطورة سيزيف والغول وجنة شداد وبعض الرموز التاريخية نردييف الشاعر ورمزية قصته نظرا لقيمة الوظيفة الدلالية والجمالية التي تحققها رمزية (الاسطورة-التاريخ-الطبيعة) في سياق القصة او اي خطاب ادبي بصفة عامة.وكونه حاول الكشف عن رؤى انسانية وتجارب خالدة-ندرييف- (في محاولة لاسطرة العنوان كشفرة او مفتاح تأويلي
نردييف ودب الجليد
من يكون نردييف وما قصته وما علاقته بدب الجليد
ومحاولات اخرى لاسطرة البطل والافعال او الاحداث)
- بناتُك السَّبعُ نَدْرَايِيف.. لايقْدِرنَ على حمْلِ السِّلاح
لايقدِرنَ على خَوضِ الكِفاح
وأنا وأنتَ سارَ بِنا القِطار على سكَّة الحَياة إلى آخرِ العُمر.
فقد اظطر الى تكثيف وشحن يبدو مبالغ فيه –من حيث الكم والكيف- بالاساطيروالتجارب التاريخية الا انه لم يكن منحى عبثيا ، ربما قصده للتشديد على إلحاح الموقف او المطلوب المفروض على الراوي(البطل) وشقيقته والذين يبدوان -اي رجل واي امراة- عايشا فترة التدمير والقضاء على الجنس الانساني –الحرب الوحشية- في كل حرب وعبر كل العصور تتشابه التجارب الانسانية والذي يعتبر مسوغ منطقي يفرض استخدام الاسطورة واستغلال وحدة الرؤى الانسانية للاشياء المتشابهة فيها.
تصرخُ في مَسمعَيكَ..
- مَن يُعوِّض الشُّهداء ؟
مَن يَبذرُ الحياةَ في هذي الدِّماء ؟
حينَ يحصِدُ الدِّببةُ مِن حقْلنا آلافَ السَّنابل
حينَ يحرقونَ أزهارنَا بالقنابِل
مِن أرحامِنا نبذرُ ملايينَ الأسُود
ملايينَ السُّدود
ملايينَ الوُرود
كيْ يبقى حقلُنا منيعاً أخضرا
يتحدَّى الصرَّ والقرَّ.. يتحدَّى الدَّهرَ والأعصرَ.
وهو الامر الذي دفعه الى اعادة تشكيل تلك الاساطير بتفاعل استطاع استغلال دلالتها الموحية وتحريك ابعادها الدرامية لصالح القصة واستحداث خيالها المفترض الذي ينبغي ان يتحرك فيه ويتفاعل معه المتلقى لتعميق الاتصال مع التجربة الانسانية وتمثل خلاصتها (المجد للرشاش وليس للقلم).وهو ما يعكس رؤية القاص للاسطورة باعتبارها تتحرك في الزمان والمكان كما يتحرك الحلم ومدى امكانية استثمارها في خلق السياق الخاص لطبيعة الرؤية التي تقدمها هذه القصة على المستوى الفكري والجمالي.
ولا يخفى على اي قارئ كيف استطاع القاص عز الدين جلاوجي اجراء تعديل على الاسطورة الاصلية - انزياح – حتى توافق فكرته ونظرته .والانزياح هنا لايشمل تغيير الادوات او الزمان والمكان والشخوص فقط بل شمل حتى الافكار والرؤى سواء الرؤى الفنية والجمالية او الرؤى والمواقف من الحياة والطبيعة والاشياء.انها محاولة لنسج روح العصر في قوالب جديدة بامكانيات قديمة (اساطير متنوعة كثيفة الدلالة) او لنقل قديمة قابلة لكل تجديد.وقد خرج القاص من مجرد التعامل مع خلفيات او رموز الاساطير الى استغلال منطق الاسطورة الداخلي لخلق العمق المطلوب من اجل حمل المعارف الضرورية والتي تنقل التجربة من المحدود الى المفتوح على كل الازمنة والشخوص.وكان تواتر الانزياح سببا في خلق بلاغة خاصة تفوق البلاغة العادية تاثيرا عن طريق أسطرة اللغة عبر الانزياح وتمثل ابعاد الاسطورة الدلالية والتخييلية والجمالية ثم تحويلها الى بؤرة اشعاعات ايحائية تثري القصة شكلا ومضمونا.
معاشو بووشمة/سيدي بلعباس
اثبت القاص عز الدين جلاوجي في هذه القصة قدرات كبيرة على تخصيب قصته بعدة ابعاد مستغلا امكانات اللغة الدلالية حيث كسر قيود اللغة المعيارية وعلاقاتها العادية و استطاع التسلل خارج سطوة اللغة ونظامها المعجمي وهيمنة الشكل الخارجي فجعل اللغة تتحرك منفلتة بعيدا عن المعقولية والتعليل او تقديم المسوغات والتبريرات. وقد سار في هذا المنحى باستغلال تقنيات التناص في بعض مستوياته(تناص امتصاص في اغلبه) والانزياح في الكثير من الحالات .
ويأتي ميله لاستنطاق او استدعاء الاسطورة سيزيف والغول وجنة شداد وبعض الرموز التاريخية نردييف الشاعر ورمزية قصته نظرا لقيمة الوظيفة الدلالية والجمالية التي تحققها رمزية (الاسطورة-التاريخ-الطبيعة) في سياق القصة او اي خطاب ادبي بصفة عامة.وكونه حاول الكشف عن رؤى انسانية وتجارب خالدة-ندرييف- (في محاولة لاسطرة العنوان كشفرة او مفتاح تأويلي
نردييف ودب الجليد
من يكون نردييف وما قصته وما علاقته بدب الجليد
ومحاولات اخرى لاسطرة البطل والافعال او الاحداث)
- بناتُك السَّبعُ نَدْرَايِيف.. لايقْدِرنَ على حمْلِ السِّلاح
لايقدِرنَ على خَوضِ الكِفاح
وأنا وأنتَ سارَ بِنا القِطار على سكَّة الحَياة إلى آخرِ العُمر.
فقد اظطر الى تكثيف وشحن يبدو مبالغ فيه –من حيث الكم والكيف- بالاساطيروالتجارب التاريخية الا انه لم يكن منحى عبثيا ، ربما قصده للتشديد على إلحاح الموقف او المطلوب المفروض على الراوي(البطل) وشقيقته والذين يبدوان -اي رجل واي امراة- عايشا فترة التدمير والقضاء على الجنس الانساني –الحرب الوحشية- في كل حرب وعبر كل العصور تتشابه التجارب الانسانية والذي يعتبر مسوغ منطقي يفرض استخدام الاسطورة واستغلال وحدة الرؤى الانسانية للاشياء المتشابهة فيها.
تصرخُ في مَسمعَيكَ..
- مَن يُعوِّض الشُّهداء ؟
مَن يَبذرُ الحياةَ في هذي الدِّماء ؟
حينَ يحصِدُ الدِّببةُ مِن حقْلنا آلافَ السَّنابل
حينَ يحرقونَ أزهارنَا بالقنابِل
مِن أرحامِنا نبذرُ ملايينَ الأسُود
ملايينَ السُّدود
ملايينَ الوُرود
كيْ يبقى حقلُنا منيعاً أخضرا
يتحدَّى الصرَّ والقرَّ.. يتحدَّى الدَّهرَ والأعصرَ.
وهو الامر الذي دفعه الى اعادة تشكيل تلك الاساطير بتفاعل استطاع استغلال دلالتها الموحية وتحريك ابعادها الدرامية لصالح القصة واستحداث خيالها المفترض الذي ينبغي ان يتحرك فيه ويتفاعل معه المتلقى لتعميق الاتصال مع التجربة الانسانية وتمثل خلاصتها (المجد للرشاش وليس للقلم).وهو ما يعكس رؤية القاص للاسطورة باعتبارها تتحرك في الزمان والمكان كما يتحرك الحلم ومدى امكانية استثمارها في خلق السياق الخاص لطبيعة الرؤية التي تقدمها هذه القصة على المستوى الفكري والجمالي.
ولا يخفى على اي قارئ كيف استطاع القاص عز الدين جلاوجي اجراء تعديل على الاسطورة الاصلية - انزياح – حتى توافق فكرته ونظرته .والانزياح هنا لايشمل تغيير الادوات او الزمان والمكان والشخوص فقط بل شمل حتى الافكار والرؤى سواء الرؤى الفنية والجمالية او الرؤى والمواقف من الحياة والطبيعة والاشياء.انها محاولة لنسج روح العصر في قوالب جديدة بامكانيات قديمة (اساطير متنوعة كثيفة الدلالة) او لنقل قديمة قابلة لكل تجديد.وقد خرج القاص من مجرد التعامل مع خلفيات او رموز الاساطير الى استغلال منطق الاسطورة الداخلي لخلق العمق المطلوب من اجل حمل المعارف الضرورية والتي تنقل التجربة من المحدود الى المفتوح على كل الازمنة والشخوص.وكان تواتر الانزياح سببا في خلق بلاغة خاصة تفوق البلاغة العادية تاثيرا عن طريق أسطرة اللغة عبر الانزياح وتمثل ابعاد الاسطورة الدلالية والتخييلية والجمالية ثم تحويلها الى بؤرة اشعاعات ايحائية تثري القصة شكلا ومضمونا.
معاشو بووشمة/سيدي بلعباس