العضوالجزائري
2017-02-06, 16:19
بسم الله الرحمن الرحيم
وسطية أهل السنة في التعامل مع نصوص الوعيد
قال تعالى « وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا » (البقرة:143).
أهل السنة والجماعة وسط في نصوص الوعد والوعيد وأصحاب الكبائر بين المرجئة من جهة وبين الخوارج والمعتزلة من جهة أخرى، فالمرجئة يأخذون بنصوص الوعد ويتركون نصوص الوعيد، ويقولون: لا يضر مع الإيمان معصية، فالمعاصي عندهم أمرها هين وسهل ما دام العبد يؤمن بربه يقولون: لا تضره المعاصي أخذًا بنصوص الوعد التي فيها: إن الله غفور رحيم، وإن الله تواب، وإن الله رءوف بعباده، فيأخذون بهذه النصوص وينسون أن الله سبحانه وتعالى شديد العقاب، وينسون أن الله سبحانه وتعالى يغضب على من عصاه فهم يأخذون بطرف من الأدلة ويتركون الطرف الآخر، والله جمعهما في آية واحدة، كقوله: « غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ » (غافر:3).
*
فهو مع كونه غافر الذنب وقابل التوب، فهو أيضًا شديد العقاب لمن عصاه، لكن المرجئة أخذوا بالطرف الأول غافر الذنب وقابل التوب وتركوا شديد العقاب وقالوا: ما دام الإنسان مؤمنًا فمهما عمل من المعاصي والكبائر فإنه كامل الإيمان ولا تضره المعصية، أما الخوارج والمعتزلة فهم على النقيض من المرجئة أخذوا بنصوص الوعيد وتركوا نصوص الوعد فأخذوا بقوله تعالى: «شديد العقاب»، وقوله: «? إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا » (الجن:23).
*
فأخذوا نصوص الوعيد وقالوا: إن مرتكب الكبيرة كافر خالد مخلد في النار بدليل قوله: «شديد العقاب»، ودليل قوله: « إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا » (الجن:23).
*
فهذا فيه أن جميع العصاة في نار جهنم خالدين فيها أبدًا، ونسوا أن الله جل وعلا يغفر لمن يشاء من أهل الإيمان، كما قال تعالى: « إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا » (النساء:48)، فالمؤمن السالم من الشرك والكفر إذا فعل كبيرة من كبائر الذنوب فهو تحت المشيئة إن شاء الله غفر له، وإن شاء عذبه، خلافًا للوعيدية الذين يقولون: إن الله لا يغفر له، و« شَدِيدُ الْعِقَابِ » (البقرة:196) رد على المرجئة؛ لأن مرتكب الكبيرة معرّض للعقوبة، لكن إن شاء الله عاقبه، وإن شاء غفر له، وإذا عاقبه فإنه لا يخلد في النار؛ لأنه لا يخلد في النار إلا الكافر، أما المؤمن فإنه إن دخل النار بذنوبه فإنه يخرج منها ولا يخلد فيها بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله جل وعلا يوم القيامة يقول: أخرجوا من النار من كان في قلبه أدنى مثقال حبة من خردل من إيمان». ((أخرجه البخاري: 1/11).
*
فالمؤمن الذي يرتكب الكبيرة معرّض للعقوبة، وإن شاء الله غفر له ولم يعاقبه وإن شاء عاقبه، ولكنه لا يخلد في النار، بل هو موعود أن يخرج من النار ولا يخلد فيها إلا أهل الكفر، هذا مذهب أهل السنة والجماعة الوسط في أن مرتكب الكبائر من المؤمنين لا يكفر خلافًا للخوارج، وأنه عرضة للعقاب خلافًا للمرجئة فهم جمعوا بين النصوص وعملوا بها كلها فبذلك صاروا وسطًا في هذا الباب بين الوعيدية وبين المرجئة.
كتبه معاوية محمد هيكل
و صلى الله و سلم على سيدنا محمد
وسطية أهل السنة في التعامل مع نصوص الوعيد
قال تعالى « وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا » (البقرة:143).
أهل السنة والجماعة وسط في نصوص الوعد والوعيد وأصحاب الكبائر بين المرجئة من جهة وبين الخوارج والمعتزلة من جهة أخرى، فالمرجئة يأخذون بنصوص الوعد ويتركون نصوص الوعيد، ويقولون: لا يضر مع الإيمان معصية، فالمعاصي عندهم أمرها هين وسهل ما دام العبد يؤمن بربه يقولون: لا تضره المعاصي أخذًا بنصوص الوعد التي فيها: إن الله غفور رحيم، وإن الله تواب، وإن الله رءوف بعباده، فيأخذون بهذه النصوص وينسون أن الله سبحانه وتعالى شديد العقاب، وينسون أن الله سبحانه وتعالى يغضب على من عصاه فهم يأخذون بطرف من الأدلة ويتركون الطرف الآخر، والله جمعهما في آية واحدة، كقوله: « غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ » (غافر:3).
*
فهو مع كونه غافر الذنب وقابل التوب، فهو أيضًا شديد العقاب لمن عصاه، لكن المرجئة أخذوا بالطرف الأول غافر الذنب وقابل التوب وتركوا شديد العقاب وقالوا: ما دام الإنسان مؤمنًا فمهما عمل من المعاصي والكبائر فإنه كامل الإيمان ولا تضره المعصية، أما الخوارج والمعتزلة فهم على النقيض من المرجئة أخذوا بنصوص الوعيد وتركوا نصوص الوعد فأخذوا بقوله تعالى: «شديد العقاب»، وقوله: «? إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا » (الجن:23).
*
فأخذوا نصوص الوعيد وقالوا: إن مرتكب الكبيرة كافر خالد مخلد في النار بدليل قوله: «شديد العقاب»، ودليل قوله: « إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا » (الجن:23).
*
فهذا فيه أن جميع العصاة في نار جهنم خالدين فيها أبدًا، ونسوا أن الله جل وعلا يغفر لمن يشاء من أهل الإيمان، كما قال تعالى: « إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا » (النساء:48)، فالمؤمن السالم من الشرك والكفر إذا فعل كبيرة من كبائر الذنوب فهو تحت المشيئة إن شاء الله غفر له، وإن شاء عذبه، خلافًا للوعيدية الذين يقولون: إن الله لا يغفر له، و« شَدِيدُ الْعِقَابِ » (البقرة:196) رد على المرجئة؛ لأن مرتكب الكبيرة معرّض للعقوبة، لكن إن شاء الله عاقبه، وإن شاء غفر له، وإذا عاقبه فإنه لا يخلد في النار؛ لأنه لا يخلد في النار إلا الكافر، أما المؤمن فإنه إن دخل النار بذنوبه فإنه يخرج منها ولا يخلد فيها بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله جل وعلا يوم القيامة يقول: أخرجوا من النار من كان في قلبه أدنى مثقال حبة من خردل من إيمان». ((أخرجه البخاري: 1/11).
*
فالمؤمن الذي يرتكب الكبيرة معرّض للعقوبة، وإن شاء الله غفر له ولم يعاقبه وإن شاء عاقبه، ولكنه لا يخلد في النار، بل هو موعود أن يخرج من النار ولا يخلد فيها إلا أهل الكفر، هذا مذهب أهل السنة والجماعة الوسط في أن مرتكب الكبائر من المؤمنين لا يكفر خلافًا للخوارج، وأنه عرضة للعقاب خلافًا للمرجئة فهم جمعوا بين النصوص وعملوا بها كلها فبذلك صاروا وسطًا في هذا الباب بين الوعيدية وبين المرجئة.
كتبه معاوية محمد هيكل
و صلى الله و سلم على سيدنا محمد